الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
زمن خارق للْعَادَة وَتعلم الْأَوْقَات بالساعات مثلا ويصام رَمَضَان إِذا جَاءَ وقته ويحج الْبَيْت إِذا جَاءَ وقته فتعمل فِي ذَلِك الْيَوْم أَعمال السّنة بِتَمَامِهَا
وَيُقَاس على ذَلِك اليومان بعده وَمثل ذَلِك لَيْلَة طُلُوع الشَّمْس من مغْرِبهَا فَإِنَّهَا تطول بِمِقْدَار ثَلَاث لَيَال فَيقدر لَهَا قدرهَا
فرع وَكره كَرَاهَة تَحْرِيم صَلَاة
فِي خَمْسَة أَوْقَات فِي غير حرم مَكَّة وَلَا تَنْعَقِد عِنْد اسْتِوَاء الشَّمْس حَتَّى تَزُول إِلَّا يَوْم جُمُعَة فَلَا يحرم التَّنَفُّل فِيهَا حَالَة الاسْتوَاء وَلَو لمن لم يحضرها
وَبعد صَلَاة صبح أَدَاء مغنية عَن الْقَضَاء
وَعند طُلُوع الشَّمْس سَوَاء صلى الصُّبْح أم لَا حَتَّى لَا ترْتَفع فيهمَا كرمح فِي رَأْي الْعين وَهُوَ مِقْدَار سَبْعَة أَذْرع
وَبعد صَلَاة عصر أَدَاء وَلَو مَجْمُوعَة فِي وَقت ظهر
وَعند اصفرار الشَّمْس سَوَاء صلى الْعَصْر أم لَا حَتَّى تغرب فيهمَا
ثمَّ الْمحرم فِي هَذِه الْأَوْقَات صَلَاة لَا سَبَب لَهَا كالنوافل الْمُطلقَة وَصَلَاة التَّسْبِيح أَولهَا سَبَب مُتَأَخّر عَن الصَّلَاة كإحرام واستخارة فَلَا تَنْعَقِد وَاحِدَة مِنْهُمَا لضعف السَّبَب الْمُتَأَخر لاحْتِمَال وُقُوعه وَعَدَمه
وَلَو نوى صَلَاة الاستخارة وَغَيرهَا بطلت الصَّلَاة تَغْلِيبًا للمفسد وَخرج بالمتأخر سَبَب مُقَارن للصَّلَاة فَلَا تحرم كَصَلَاة فَرِيضَة معادة فِي جمَاعَة وَسبب مُتَقَدم عَلَيْهَا فَلَا تحرم كَصَلَاة الْعِيد بِنَاء على دُخُول وَقتهَا بِطُلُوع الشَّمْس واستسقاء وجنازة إِن لم يقْصد تَأْخِير الصَّلَاة عَلَيْهَا إِلَى الْوَقْت الْمَكْرُوه من حَيْثُ كَونه مَكْرُوها بِخِلَافِهِ لنَحْو زِيَادَة الْمُصَلِّين أَو رَجَاء صَلَاة صَالح وكفائتة لم يقْصد تَأْخِيرهَا إِلَيْهَا ليقضيها فِيهَا وَسنة وضوء وَطواف وَدخُول منزل وَسجْدَة تِلَاوَة لم يقْرَأ آيتها بِقصد السُّجُود فَقَط
(وخامسها اسْتِقْبَال الْقبْلَة) أَي الْكَعْبَة وَالْوَاجِب فِي الِاسْتِقْبَال إِصَابَة عين الْقبْلَة يَقِينا مَعَ الْقرب إِمَّا بِرُؤْيَتِهِ لَهَا أَو مَسهَا بِيَدِهِ أَو نَحْو ذَلِك مِمَّا يُفِيد الْيَقِين أَو ظنا مَعَ الْبعد فَلَا يَكْفِي إِصَابَة الْجِهَة مَعَ الْخُرُوج عَن اسْتِقْبَال عينهَا فَلَو امْتَدَّ صف بِقرب الْكَعْبَة وَخرج بعض الْمُصَلِّين عَن محاذاة عينهَا لم تصح صلَاته وَأما فِي حَالَة الْبعد عَنْهَا فَلَا يضر طول الصَّفّ فَإِنَّهُم لَا يخرجُون عَن محاذاتها وَلَو طَال الصَّفّ لِأَن صَغِير الحجم كلما زَاد بعده زَاد محاذاته كغرض الرُّمَاة والاستقبال يكون بالصدر حَقِيقَة فِي حق الْقَائِم والجالس وَحكما فِي حق الرَّاكِع والساجد وَيكون بِالْوَجْهِ ومقدم الْبدن فِي حق المضطجع وَيكون بِالْوَجْهِ والأخمصين فِي حق المستلقي فَلَا بُد من رفع رَأسه عَن الأَرْض بِنَحْوِ وسَادَة ليَكُون مُسْتَقْبلا بِوَجْهِهِ وَمن وضع عَقِبَيْهِ بِالْأَرْضِ ليَكُون مُسْتَقْبلا بأخمصيه ويجتهد إِن عجز عَن الْعلم بِالنَّفسِ وَعَن إِخْبَار الثِّقَة عَن علم فَإِن عجز عَن الِاجْتِهَاد قلد رب الْمنزل حِينَئِذٍ
وَلَو اجْتهد الشَّخْص فِي الْقبْلَة وَصلى ثمَّ تَيَقّن الْخَطَأ أعَاد صلَاته وَأما إِذا لم يتَيَقَّن الْخَطَأ بل تغير اجْتِهَاده إِلَى جِهَة أُخْرَى
فَإِن كَانَ الِاجْتِهَاد الثَّانِي أرجح وَجب عَلَيْهِ الْعَمَل بِهِ سَوَاء كَانَ متلبسا بِالصَّلَاةِ أم لَا وَلَا يجب عَلَيْهِ إِعَادَة مَا صلاه بِالْأولِ لِأَن الِاجْتِهَاد
لَا ينْقض بِاجْتِهَاد آخر حَتَّى لَو صلى أَربع رَكْعَات لأَرْبَع جِهَات بِأَرْبَع اجتهادات صَحَّ
فَإِن كَانَ الِاجْتِهَاد الثَّانِي مُسَاوِيا للِاجْتِهَاد الأول تخير بَينهمَا إِن لم يكن فِي صَلَاة فَإِن كَانَ فِيهَا تعين عَلَيْهِ الْعَمَل بِالِاجْتِهَادِ الأول وَلَا يجوز لَهُ الْعَمَل بِالِاجْتِهَادِ الثَّانِي لِأَنَّهُ الْتزم بِدُخُولِهِ فِي الصَّلَاة جِهَة فَلَا يتَحَوَّل عَنْهَا إِلَّا إِلَى أرجح مِنْهَا وَمَتى ثَبت أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم اطلع على محراب وَأقرهُ كَانَ فِي مرتبَة الْعلم بِالنَّفسِ فَلَا تجوز مُخَالفَته وَلَا الِاجْتِهَاد فِيهِ لَا جِهَة وَلَا يمنة وَلَا يسرة
وَأما محاريب الْمُسلمين الموثوق بهَا فَهِيَ فِي مرتبَة إِخْبَار الثِّقَة عَن علم وَلَا يجوز الِاجْتِهَاد فِيهَا جِهَة لِاسْتِحَالَة الْخَطَأ فِي الْجِهَة
وَيجوز الِاجْتِهَاد فِيهَا يمنة أَو يسرة
والمحراب اصْطِلَاحا مقَام الإِمَام فِي الصَّلَاة وَأما الْمِحْرَاب الْمُعْتَاد الْآن وَهُوَ التجويف الَّذِي يكون فِي الْأَمْكِنَة الَّتِي بنيت للصَّلَاة فِيهَا فِي جِهَة الْقبْلَة فَلم يكن مَوْجُودا فِي زمن النَّبِي صلى الله عليه وسلم وَلَا فِي زمن أَصْحَابه بل هُوَ حَادث بعدهمْ وَلَكِن لَا بَأْس بِهِ وَالْأَعْمَى وَمن فِي ظلمَة يعْتَمد الْمِحْرَاب بالمس أَو نَحوه كَمَا يعتمده الْبَصِير الَّذِي لَيْسَ فِي ظلمَة بِالْمُشَاهَدَةِ
وَمَتى انْفَرد إِنْسَان فِي نَاحيَة وَجب عَلَيْهِ تعلم أَدِلَّة الْقبْلَة على سَبِيل فرض الْعين وَإِذا وجد غَيره مَعَه كَانَ التَّعَلُّم فرض كِفَايَة وَلَا فرق فِي ذَلِك بَين السّفر والحضر
وأدلتها كَثِيرَة مِنْهَا مَا هُوَ ليلِي كَالْقَمَرِ وَمِنْهَا مَا هُوَ نهاري كَالشَّمْسِ وَمِنْهَا مَا هُوَ أرضي كالجبال وَمِنْهَا مَا هُوَ هوائي كالرياح وَمِنْهَا مَا هُوَ سماوي كَالنُّجُومِ
وَمن جملَة النُّجُوم القطب الْمَعْرُوف وَهُوَ بَين الفرقدين وَبَنَات نعش الصُّغْرَى لَكِن مَتى عرفه يَقِينا وَعرف كَيْفيَّة الِاسْتِقْبَال بِهِ فِي الْقطر الَّذِي هُوَ فِيهِ كَانَ فِي مرتبَة الْعلم بِالنَّفسِ وَإِلَّا كَانَ من أَدِلَّة الِاجْتِهَاد كباقي النُّجُوم (إِلَّا فِي شدَّة خوف) فِي قتال جَائِز فَيصَلي كَيفَ أمكنه
نعم إِن أَمن فِي أثْنَاء الصَّلَاة امْتنع عَلَيْهِ ترك الِاسْتِقْبَال حَتَّى لَو كَانَ رَاكِبًا اشْترط أَن لَا يستدبرها فِي حَال نُزُوله فَإِن استدبرها حِينَئِذٍ بطلت صلَاته بِاتِّفَاق وَمثل شدَّة الْخَوْف فِي ذَلِك دفع الصَّائِل والفرار من سبع أَو نَار أَو عَدو أَو سيل أَو نَحْو ذَلِك مِمَّا يُبَاح الْفِرَار مِنْهُ لَكِن إِن أَمن فِي أَثْنَائِهَا وَجب عَلَيْهِ الِاسْتِقْبَال وَلَا يعود إِلَى مَكَانَهُ الأول بل يُتمهَا فِي الْمَكَان الَّذِي انْتهى سيره إِلَيْهِ
وَمثل ذَلِك من خطف مَتَاعه أَو شَردت دَابَّته وَهُوَ فِي الصَّلَاة فَلهُ السَّعْي خلف ذَلِك لتحصيله وكما يُبَاح لهَؤُلَاء ترك الِاسْتِقْبَال يغْتَفر لَهُم الْأَفْعَال الْكَثِيرَة إِذا اقتصروا على قدر الْحَاجة
(وَنفل سفر مُبَاح) وَلَو راتبة وعيدا وَفِي مَعْنَاهُ سجدتا التِّلَاوَة وَالشُّكْر المفعولتان خَارج الصَّلَاة فَيتَوَجَّه إِلَى جِهَة مقْصده لصيرورتها بَدَلا عَن الْقبْلَة وَيحرم إنحرافه عَنْهَا إِلَّا إِلَى الْقبْلَة وَذَلِكَ مَشْرُوط بِأُمُور تِسْعَة أَحدهَا أَن يكون ذَلِك فِيمَا يُسمى سفرا وَلَو قَصِيرا
ثَانِيهَا أَن يكون السّفر مُبَاحا
ثَالِثهَا أَن يقْصد قطع الْمسَافَة الْمُسَمّى قطعهَا سفرا
رَابِعهَا ترك الْأَفْعَال الْفَاحِشَة كركض وعدو بِلَا حَاجَة
خَامِسهَا دوَام السّفر فَلَو صَار مُقيما فِي أثْنَاء السّفر لزمَه الِاسْتِقْبَال إِن اسْتمرّ فِيهَا وَإِلَّا فَقطع النَّفْل جَائِز
سادسها دوَام السّير فَلَو انْقَطع سيره لم يجز لَهُ ترك الِاسْتِقْبَال حَتَّى لَو وقف لاستراحة أَو لانتظار رفْقَة لزمَه الِاسْتِقْبَال مَا دَامَ وَاقِفًا فَإِن سَار لأجل سير الْقَافِلَة أتمهَا
إِلَى جِهَة مقْصده وَإِن سَار مُخْتَارًا للسير بِلَا ضَرُورَة لم يجز أَن يسير حَتَّى تَنْتَهِي صلَاته إِن أَرَادَ الِاسْتِمْرَار فِيهَا
سابعها عدم وَطْء النَّجَاسَة عمدا مُطلقًا وَكَذَا نِسْيَانا فِي نَجَاسَة رطبَة غير مَعْفُو عَنْهَا وَلَو بَالَتْ دَابَّته أَو راثت أَو وطِئت نَجَاسَة بِنَفسِهَا أَو أَوْطَأَهَا إِيَّاهَا لم يضر لِأَنَّهُ لم يلاقها وَذَلِكَ حَيْثُ لم يكن زمامها بِيَدِهِ
ثامنها أَن يكون السّفر ميلًا فَأكْثر
تاسعها أَن يكون لغَرَض صَحِيح وَقَوْلهمْ يتَوَجَّه إِلَى جِهَة مقْصده يُفِيد أَنه لَا يجب اسْتِقْبَال عين مقْصده بل يَكْفِي التَّوَجُّه إِلَى جِهَته وَلَا ينحرف عَن جِهَة مقْصده إِلَّا إِلَى الْقبْلَة لِأَنَّهَا الأَصْل فَلَو انحرف إِلَى غَيرهَا عَامِدًا عَالما بطلت صلَاته وَلَو قصر الزَّمن أما إِذا كَانَ خطأ أَو نِسْيَانا أَو لجماح الدَّابَّة فَإِن طَال الزَّمن بطلت وَإِلَّا فَلَا لَكِن يسن أَن يسْجد للسَّهْو لِأَن عمد ذَلِك مُبْطل وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمد
(وعَلى ماش إتْمَام رُكُوع وَسُجُود واستقبال فيهمَا وَفِي تحرم)
وَالْحَاصِل أَنه يسْقط وجوب الِاسْتِقْبَال فِي صور مِنْهَا غريق على لوح لَا يُمكنهُ الِاسْتِقْبَال
وَمِنْهَا مربوط إِلَى غير الْقبْلَة
وَمِنْهَا عَاجز لم يجد من يوجهه
وَمِنْهَا خَائِف من نُزُوله عَن رَاحِلَته على نفس أَو مَال أَو انْقِطَاعًا عَن رفْقَة وَمِنْهَا من كَانَ فِي أَرض مَغْصُوبَة وَخَافَ خُرُوج الْوَقْت لَو أخر الصَّلَاة حَتَّى يخرج مِنْهَا فَلهُ أَن يحرم بِالصَّلَاةِ وَيتَوَجَّهُ لِلْخُرُوجِ من تِلْكَ الأَرْض وَيُصلي بِالْإِيمَاءِ
وَمِنْهَا من كَانَ فِي حَال شدَّة الْخَوْف فِي قتال جَائِز فيصلى كَيفَ أمكنه وَمِنْهَا النَّفْل فِي السّفر فَيتَوَجَّه إِلَى جِهَة مقْصده لَكِن على تَفْصِيل فِي ذَلِك حَاصله أَنه إِن كَانَ مَاشِيا وَجب عَلَيْهِ التَّوَجُّه للْقبْلَة فِي أَربع وَهِي تحرمه وركوعه وَسُجُوده وجلوسه بَين السَّجْدَتَيْنِ
وَيجوز أَن يتَوَجَّه إِلَى مقْصده فِي أَربع فِي قِيَامه واعتداله وتشهده وَسَلَامه
وَهَذَا معنى قَوْلهم يتَوَجَّه فِي أَربع وَيَمْشي فِي أَربع
وَإِن كَانَ رَاكِبًا فَإِن كَانَ فِي سرج أَو على مُجَرّد ظهر الدَّابَّة أَو كَانَ على ظهرهَا ثوب أَو نَحوه فَإِن سهل عَلَيْهِ التَّوَجُّه فِي جَمِيع صلَاته وإتمام جَمِيع أَرْكَانهَا أَو بَعْضهَا وَهُوَ الرُّكُوع وَالسُّجُود لزمَه ذَلِك وَإِن لم يسهل عَلَيْهِ ذَلِك لم يلْزمه إِلَّا توجه فِي تحرمه إِن سهل فَإِن لم يسهل لم يلْزم شَيْء
وَإِن كَانَ رَاكِبًا فِي مرقد أَو هودج أَو محفة أَو شقدف أَو نَحْوهَا أَو فِي سفينة وَهُوَ غير ملاح فَإِن جَمِيع من ذكر إِن أمكنهم الِاسْتِقْبَال فِي جَمِيع صلَاتهم وإتمام جَمِيع الْأَركان جَازَ لَهُم التَّنَفُّل وَإِلَّا وَجب تَركه
وَأما ملاح السَّفِينَة وَهُوَ من لَهُ دخل فِي تسييرها بِحَيْثُ يخْتل السّفر لَو اشْتغل وَإِن لم يكن من المعدين لتسييرها كَمَا لَو عاون الركاب أهل الْعَمَل فِيهَا فِي بعض أَعْمَالهم فَلهُ التَّنَفُّل إِلَى جِهَة مقْصده كالراكب على السرج وَنَحْوه مِمَّا تقدم وَيلْحق بالملاح مسير المرقد كَمَا اعْتَمدهُ الشبراملسي