المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌فائدة الأحوال التي يجهر فيها المأموم خلف الإمام - نهاية الزين

[نووي الجاوي]

فهرس الكتاب

- ‌خطْبَة الْكتاب

- ‌بَاب الصَّلَاة

- ‌فصل فِي مسَائِل منثورة

- ‌فرع وَكره كَرَاهَة تَحْرِيم صَلَاة

- ‌فصل فِي كَيْفيَّة الصَّلَاة الْمُتَعَلّقَة بِوَاجِب

- ‌فرع من سنَن الهيئات

- ‌فَائِدَة السكتات الْمَطْلُوبَة فِي الصَّلَاة سِتّ

- ‌فَائِدَة الْأَحْوَال الَّتِي يجْهر فِيهَا الْمَأْمُوم خلف الإِمَام

- ‌فرع (سنّ دُخُول صَلَاة بنشاط)

- ‌فصل فِي سُجُود السَّهْو

- ‌فرع تسن سَجدَات التِّلَاوَة

- ‌فصل فِي مفسدات الصَّلَاة

- ‌فصل فِي سنَن الصَّلَاة

- ‌فصل فِي صَلَاة النَّفْل

- ‌فصل فِي الْجَمَاعَة فِي الصَّلَاة

- ‌فصل فِي صَلَاة الْجُمُعَة

- ‌فصل فِي الْجَنَائِز

- ‌بَاب مَا يحرم اسْتِعْمَاله من اللبَاس والحلي

- ‌بَاب الزَّكَاة

- ‌فصل فِي أَدَاء الزَّكَاة

- ‌بَاب الصَّوْم

- ‌فصل فِي صَوْم التَّطَوُّع

- ‌بَاب الِاعْتِكَاف

- ‌بَاب الْحَج وَالْعمْرَة

- ‌فصل فِي مَحْظُورَات النّسك

- ‌فرع فِي أَحْكَام النذور

- ‌بَاب البيع

- ‌فصل فِي الْخِيَار

- ‌فصل فِي حكم الْمَبِيع

- ‌فصل فِي بيع الأَرْض وَالشَّجر وَالثِّمَار

- ‌فصل فِي اخْتِلَاف الْعَاقِدين وَفِي التَّحَالُف

- ‌فصل فِي الْقَرْض وَالرَّهْن

- ‌فرع لَو ادّعى كل من اثْنَيْنِ على آخر

- ‌فصل فِي الْحجر

- ‌فصل فِي الْحِوَالَة

- ‌بَاب فِي الْوكَالَة والقراض

- ‌فصل فِي الشُّفْعَة

- ‌بَاب فِي الْإِجَارَة

- ‌فرع لَو أعْطى الْمَالِك للخياط ثوبا

- ‌فرع لَا تصح المخابرة

- ‌بَاب فِي الْعَارِية

- ‌فصل فِي الْغَصْب

- ‌بَاب فِي مُطلق الْهِبَة

- ‌فرع لَو بعث هَدِيَّة فِي ظرف

- ‌بَاب فِي الْوَقْف

- ‌بَاب فِي الْإِقْرَار

- ‌بَاب فِي الْوَصِيَّة

- ‌بَاب الْفَرَائِض

- ‌فصل فِي أصُول الْمسَائِل

- ‌فرع إِذا مَاتَ إِنْسَان ثمَّ مَاتَ وَارِث

- ‌فصل فِي الْوَدِيعَة

- ‌فرع سُئِلَ الزيَادي عَن رجل خطب امْرَأَة وَعقد

- ‌فرع لَو اخْتلطت محرم بِنسَب

- ‌فرع يُزَوّج عتيقه امْرَأَة حَيَّة)

- ‌فصل فِي الْكَفَاءَة

- ‌فصل فِي نِكَاح من فِيهَا رق

- ‌فصل فِي الصَدَاق

- ‌فصل فِي الْقسم والنشوز وَعشرَة النِّسَاء

- ‌فصل فِي الْخلْع

- ‌فصل فِي الطَّلَاق

- ‌فرع لحر طلقات ثَلَاث وَلمن فِيهِ رق

- ‌فصل فِي الرّجْعَة

- ‌فصل فِي الْعدة

- ‌فصل فِي النَّفَقَة وَالْكِسْوَة والإسكان

- ‌فرع فِي فسخ النِّكَاح

- ‌فروع مثل الزِّنَا اللواط

- ‌فصل فِي التَّعْزِير

- ‌فصل فِي الصيال

- ‌فرع يَقع كثيرا فِي الْقرى إِكْرَاه الشاد

- ‌فصل فِي جَوَاب الدَّعْوَى

- ‌فصل فِي بَيَان قدر النّصاب

الفصل: ‌فائدة الأحوال التي يجهر فيها المأموم خلف الإمام

إِلَّا سكُوت الإِمَام بَين آمين وَالسورَة فَإِنَّهُ بِقدر قِرَاءَة الْمَأْمُوم الْفَاتِحَة وَالْأولَى للْإِمَام أَن يشْتَغل حِينَئِذٍ بِدُعَاء أَو قِرَاءَة سرا فالقراءة أولى وَحِينَئِذٍ يكون تَسْمِيَة ذَلِك سكُوتًا بِحَسب الظَّاهِر فَقَط

والتأمين تَابع للفاتحة سرا وجهرا

(و) يسن للْمَأْمُوم أَن يُؤمن فِي الجهرية (مَعَ إِمَامه إِن سمع) قِرَاءَة الإِمَام وَإِلَّا فَلَا يُؤمن فَخرج مَا لَو كَانَ خَارج الصَّلَاة فَسمع قِرَاءَة غَيره من إِمَام ومنفرد فَلَا يسن لَهُ التَّأْمِين وَلَيْسَ فِي الصَّلَاة مَا تسن مُقَارنَة الإِمَام فِيهِ إِلَّا هَذَا فَإِن لم تتفق لَهُ مقارنته أَمن عقبه وَلَو تَأَخّر الإِمَام عَن الزَّمن الْمسنون فِيهِ التَّأْمِين أَمن الْمَأْمُوم وَلَو قَرَأَ الْمَأْمُوم مَعَ الإِمَام وفرغا مَعًا كَفاهُ تَأْمِين وَاحِد وَإِن فرغ الْمَأْمُوم قبل الإِمَام أَمن لنَفسِهِ ثمَّ يُؤمن للمتابعة وَلَا ينتظره على الْمُعْتَمد وَإِن فرغ الإِمَام قبله أَمن مَعَه للمتابعة ثمَّ يُؤمن لنَفسِهِ عقب قِرَاءَته

‌فَائِدَة الْأَحْوَال الَّتِي يجْهر فِيهَا الْمَأْمُوم خلف الإِمَام

خَمْسَة حَالَة تأمينه مَعَ إِمَامه وَحَالَة دُعَاء الإِمَام فِي قنوت الصُّبْح

وَفِي قنوت الْوتر فِي النّصْف الْأَخير من رَمَضَان

وَفِي قنوت النَّازِلَة فِي الصَّلَوَات الْخمس وَحَالَة فَتحه على إِمَامه

وَمَا عدا ذَلِك يسر فِيهِ

(و) سنّ قِرَاءَة شَيْء من الْقُرْآن وَهُوَ (آيَة) فَأكْثر والأكمل ثَلَاث وَالْأَوْجه حُصُول أصل السّنة بِمَا دون آيَة إِن أَفَادَ كَمَا قَالَ الرَّمْلِيّ وَابْن حجر (بعْدهَا) أَي الْفَاتِحَة فِي صَلَاة فرض أَو نفل (و) ذَلِك (فِي الْأَوليين) لَا فِي ثَالِثَة الرّبَاعِيّة ورابعتها وَلَا فِي ثَالِثَة الْمغرب

وَيسن تَطْوِيل قِرَاءَة الأولى على الثَّانِيَة وَأَن يكون على تَرْتِيب الْمُصحف وَالسورَة أفضل من بعض سُورَة إِن كَانَ قدرهَا أَو أقل فَإِن كَانَ أَكثر فَهُوَ أفضل مِنْهَا على الْمُعْتَمد وَمحل أَفضَلِيَّة السُّورَة على الْبَعْض فِي غير الْمَوَاضِع الَّتِي ورد فِيهَا الْبَعْض كالتروايح فَإِن السّنة فِيهَا الصَّلَاة بِجَمِيعِ الْقُرْآن فيجزئه على اللَّيَالِي بِحَيْثُ يكون آخر الختمة منطبقا على آخر لَيْلَة فِي الشَّهْر وكركعتي الْفجْر فَإِن السّنة فيهمَا قِرَاءَة آيتي الْبَقَرَة وَآل عمرَان وَلَو كرر سُورَة فِي الرَّكْعَتَيْنِ حصل أصل سنة الْقِرَاءَة وتكفي فواتح السُّور نَحْو الم وص وق ون (لغير مَأْمُوم سمع) وَلَا سُورَة للْمَأْمُوم فِي الجهرية بل يستمع قِرَاءَة إِمَامه فَإِن لم يسْمعهَا لصمم أَو بعد أَو غَيره قَرَأَ سُورَة فَأكْثر إِلَى أَن يرْكَع الإِمَام إِذْ سُكُوته لَا معنى لَهُ

وَأما السّريَّة فَيقْرَأ فِيهَا السُّورَة لعدم سَمَاعه قِرَاءَة إِمَامه مَا لم يكن مَسْبُوقا وَإِلَّا سَقَطت عَنهُ السُّورَة تبعا لسُقُوط الْفَاتِحَة أَو بَعْضهَا

وَيسن للصبح طوال الْمفصل وللظهر قريب مِنْهَا وللعصر وَالْعشَاء أوساطه إِن كَانَ مُقيما مُنْفَردا

ص: 64

أَو إِمَام قوم مَحْصُورين راضين بالتطويل

أما الْمُسَافِر فَإِنَّهُ يقْرَأ فِي صلَاته كلهَا بالكافرون وَالْإِخْلَاص

وَأما الْمَأْمُوم فَلَا يسن لَهُ شَيْء من ذَلِك

وَأما إِمَام غير المحصورين وَمثله إِمَام المحصورين غير الراضين بالتطويل فَيسنّ لَهُ التَّخْفِيف

وللمغرب قصاره وَابْتِدَاء الْمفصل الحجرات وطواله من الحجرات إِلَى عَم وأوساطه من عَم إِلَى الضُّحَى وقصاره من الضُّحَى إِلَى الآخر

(وَفِي جُمُعَة وعشائها الْجُمُعَة والمنافقون أَو سبح وَهل أَتَاك وصبحها) فِي الرَّكْعَة الأولى (الم تَنْزِيل) السَّجْدَة تلِي سُورَة لُقْمَان (و) فِي الثَّانِيَة (هَل أَتَى) وَهَذَا عَام فِي إِمَام المحصورين وَغَيره وَمثل ذَلِك ق واقتربت فِي الْعِيدَيْنِ

وَالْأَفْضَل أَن يقْرَأ السورتين بكمالهما وَله الِاقْتِصَار على بعض مِنْهُمَا وَلَو آيَة السَّجْدَة وَلَو بِقصد السُّجُود وَإِن لم يضق الْوَقْت على الْمُعْتَمد

وَلَو قَرَأَ فِي الأولى من صبح الْجُمُعَة هَل أَتَى وَفِي الثَّانِيَة الم تَنْزِيل وَسجد صَحَّ

وَتسن الْمُحَافظَة على السَّجْدَة فِي صبح الْجُمُعَة وَلَا نظر لكَون الْعَامَّة قد تعتقد وُجُوبهَا خلافًا لمن نظر فِي ذَلِك

(و) فِي (مغْرِبهَا الْكَافِرُونَ وَالْإِخْلَاص) كَمَا تسن هَاتَانِ السورتان للْمُسَافِر فِي صبح الْجُمُعَة وصبح غَيرهَا لَكِن قَالَ الونائي والمعوذتان للْمُسَافِر فِي صبحه أولى اه

وَقَالَ المُصَنّف فِي إرشاد الْعباد وَسن قِرَاءَة للمعوذتين فِي مغرب السبت اه

وَقَالَ مُحَمَّد الْمصْرِيّ فِي شرح أبي شُجَاع وَالسّنة أَن يبْدَأ السُّورَة بالبسملة لِأَنَّهَا آيَة مِنْهَا وَأَن يَقُول قبل السُّورَة إِن كَانَت من الضُّحَى إِلَى آخر الْقُرْآن لَا إِلَه إِلَّا الله وَالله أكبر لما نقل عَن الشَّافِعِي رضي الله عنه أَنه سمع رجلا يكبر هَذَا التَّكْبِير فِي الصَّلَاة فَقَالَ لَهُ أَحْسَنت وأصبت السّنة

(و) سنّ للْمُصَلِّي (تَكْبِير فِي كل خفض وَرفع لَا) فِي الرّفْع (من رُكُوع) فَيَقُول فِيهِ سمع الله لمن حَمده (ومده) أَي التَّكْبِير من الْفِعْل الَّذِي انْتقل مِنْهُ إِلَى الْحُصُول فِي الْمُنْتَقل إِلَيْهِ

وَلَو فصل بَينهمَا بجلسة الاسْتِرَاحَة وَهَذِه يُقَال لَهَا أذكار الِانْتِقَالَات وَيسر بهَا كل من الإِمَام وَالْمَأْمُوم وَالْمُنْفَرد كأذكار الْأَركان

(و) لَكِن لَو توقف الْعلم بانتقالات الإِمَام على جهره بأذكار الِانْتِقَالَات سنّ (جهر بِهِ) أَي بالمذكور (لإِمَام وَكره) أَي الْجَهْر بذلك (لغيره) أَي الإِمَام فَإِن لم يبلغ صَوت الإِمَام جَمِيع الْمَأْمُومين سنّ لبَعْضهِم الْجَهْر بذلك لإسماع الْبَاقِي والمبلغ يجْهر بِمَا يجْهر بِهِ الإِمَام وَمِنْه سمع الله لمن حَمده لِأَنَّهُ من أذكار الِانْتِقَالَات وَيسر بِمَا يسر بِهِ الإِمَام وَمِنْه رَبنَا لَك الْحَمد فِي الِاعْتِدَال لِأَنَّهُ من أذكار الْأَركان وَمُخَالفَة ذَلِك من جهل الْأَئِمَّة والمبلغين

(و) خَامِسهَا (رُكُوع) وَأقله فِي حق الْقَائِم المعتدل الْخلقَة أَن ينحني (بانحناء) خَالص لَا انخناس فِيهِ (بِحَيْثُ تنَال راحتاه رُكْبَتَيْهِ) يَقِينا إِذا أَرَادَ وضعهما عَلَيْهِمَا وَهُوَ سنة

والراحة بطن الْكَفّ غير الْأَصَابِع فَلَا يحصل بانخناس وَلَا بِهِ مَعَ انحناء وَلَو طَالَتْ يَدَاهُ أَو قَصرنَا أَو قطع شَيْء مِنْهُمَا لم يعْتَبر ذَلِك فَإِن عجز عَن ذَلِك إِلَّا

ص: 65

بِمعين وَلَو باعتماد على شَيْء أَو انحناء على شقَّه لزمَه

(وَسن) فِي حق الْقَائِم ليَكُون رُكُوعه أكمل (تَسْوِيَة ظهر وعنق) بِحَيْثُ يصيران كالصفيحة الْوَاحِدَة وَنصب سَاقيه وفخذيه (وَأخذ رُكْبَتَيْهِ) مفرقتين بِقدر شبر (بكفيه) وتفرقة أَصَابِعه تفريقا وسطا لجِهَة الْقبْلَة لِأَنَّهَا أشرف الْجِهَات وَالْعَاجِز ينحني قدر إِمْكَانه فَإِن عجز عَن الانحناء أصلا أَوْمَأ بِرَأْسِهِ ثمَّ بطرفه

وَأما الرُّكُوع فِي حق الْقَاعِد فأقله أَن تحاذي جَبهته أَمَام رُكْبَتَيْهِ وأكمله أَن تحاذي مَحل سُجُوده وَمن عجز فعل مقدوره نَظِير مَا تقدم

(و) سنّ فِي الرُّكُوع (قَول سُبْحَانَ رَبِّي الْعَظِيم) لِلِاتِّبَاعِ وَتسن زِيَادَة (وَبِحَمْدِهِ) وَيحصل أصل السّنة بِمرَّة والأكمل أَن يَقُولهَا (ثَلَاثًا) وَتكره الزِّيَادَة عَلَيْهَا لإِمَام قوم غير مَحْصُورين أَو كَانُوا غير راضين بالتطويل فَإِن كَانَ مُنْفَردا أَو إِمَام قوم مَحْصُورين راضين بالتطويل فالأكمل أَن يَقُولهَا خمْسا وأكمل مِنْهَا سبعا وأكمل مِنْهَا تسعا وأكمل مِنْهَا إِحْدَى عشرَة وَهِي نِهَايَة الْمَطْلُوب

وَيسن لمن ذكر أَن يزِيد على ذَلِك اللَّهُمَّ لَك ركعت وَبِك آمَنت وَلَك أسلمت خشع لَك سَمْعِي وبصري ومخي وعظمي وعصبي وشعري وبشري وَمَا اسْتَقَلت بِهِ قدمي لله رب الْعَالمين

(و) سادسها (اعْتِدَال) وَلَو لنافلة وَيحصل (بِعُود لبدء) أَي لما كَانَ عَلَيْهِ قبل رُكُوعه قَائِما كَانَ أَو قَاعِدا

(وَيسن أَن يَقُول فِي رَفعه) إِلَى الِاعْتِدَال (سمع الله لمن حَمده) أَي تقبل الله مِنْهُ حَمده وَيحصل أصل السّنة بقوله من حمد الله سمع لَهُ وَلَا فرق فِي ذَلِك بَين الإِمَام وَالْمَأْمُوم وَالْمُنْفَرد

(و) يسن (بعد انتصاب) أَن يُرْسل يَدَيْهِ وَيَقُول (رَبنَا لَك الْحَمد) أَي رَبنَا استجب لنا وَلَك الْحَمد على هدايتك إيانا

وَيسن أَن يزِيد بعد ذَلِك حمدا كَبِيرا كثيرا طيبا مُبَارَكًا فِيهِ (ملْء السَّمَوَات وملء الأَرْض وملء مَا شِئْت من شَيْء بعد) أَي بعدهمَا كالعرش والكرسي وَغَيرهمَا مِمَّا لَا يُعلمهُ غَيره تَعَالَى وَيجوز فِي ملْء رَفعه على الصّفة ونصبه على الْحَال أَي مالئا لَو كَانَ الْحَمد جسما وَيزِيد مُنْفَرد وَإِمَام قوم مَحْصُورين راضين بالتطويل أهل الثَّنَاء وَالْمجد أَحَق مَا قَالَ العَبْد وكلنَا لَك عبد لَا مَانع لما أَعْطَيْت وَلَا معطي لما منعت وَلَا ينفع ذَا الْجد مِنْك الْجد وَمن بِمَعْنى عِنْد

وَالْجد بِفَتْح الْجِيم الْغنى

لَكِن لَو كَانَ الِاعْتِدَال مَحل قنوت وَأَرَادَ من ذكر أَن يقنت فَإِنَّهُ يَأْتِي بِالْقُنُوتِ بعد قَوْله وملء مَا شِئْت من شَيْء بعد وَلَا يَأْتِي بباقي الذّكر وَالْمَذْكُور

(و) سنّ (قنوت بصبح) أَي فِي اعْتِدَال ركعته الثَّانِيَة بعد إِتْيَانه بِالذكر الرَّاتِب خلافًا لِابْنِ الفركاح فَإِنَّهُ يَقُول لَا يَأْتِي بِالذكر وَالْأَصْل فِي ذَلِك مَا ثَبت عَنهُ صلى الله عليه وسلم أَنه لم يزل يقنت فِي الصُّبْح حَتَّى فَارق الدُّنْيَا

(و) فِي اعْتِدَال الرَّكْعَة الْأَخِيرَة من (وتر نصف أخير

ص: 66

من رَمَضَان و) فِي اعْتِدَال الرَّكْعَة الْأَخِيرَة من (سَائِر مَكْتُوبَة) أَي بَاقِيهَا من الْخمس (لنازلة) نزلت بِالْمُسْلِمين وَلَو وَاحِدًا تعدى نَفعه كأسر الْعَالم والشجاع وَسَوَاء فِيهَا الْخَوْف من نَحْو عَدو وَلَو مُسلمين والقحط وَالْجَرَاد والوباء والطاعون وقنوت النَّازِلَة لَيْسَ من الأبعاض لِأَنَّهُ سنة فِي الصَّلَاة لَا سنة مِنْهَا وَيحصل الْقُنُوت (بِنَحْوِ) اللَّهُمَّ اغْفِر لي يَا غَفُور وارحمني يَا رَحِيم من كل مَا يشْتَمل على دُعَاء وثناء

فالدعاء حصل باغفر وَارْحَمْ

وَالثنَاء حصل بغفور وَرَحِيم

وَمثل ذَلِك آيَة تَتَضَمَّن دُعَاء وثناء كآخر سُورَة الْبَقَرَة بِشَرْط أَن يقْصد بهَا الْقُنُوت

وَالْأَفْضَل أَن يَأْتِي بِالْقُنُوتِ الْمَشْهُور وَهُوَ (اللَّهُمَّ اهدني فِيمَن هديت الخ) أَي الْقُنُوت وتتمته وَعَافنِي فِيمَن عافيت وتولني فِيمَن توليت وَبَارك لي فِيمَا أَعْطَيْت وقني شَرّ مَا قضيت فَإنَّك تقضي وَلَا يقْضى عَلَيْك وَإنَّهُ لَا يذل من واليت وَلَا يعز من عاديت تَبَارَكت رَبنَا وَتَعَالَيْت فلك الْحَمد على مَا قضيت أستغفرك وَأَتُوب إِلَيْك

وَيسن لمنفرد وَإِمَام مَحْصُورين راضين بالتطويل أَن يزِيد على ذَلِك الْقُنُوت الْمَرْوِيّ عَن سيدنَا عمر وَهُوَ اللَّهُمَّ إِنَّا نستعينك ونستغفرك ونستهديك ونؤمن بك ونتوكل عَلَيْك ونثني عَلَيْك الْخَيْر كُله نشكرك وَلَا نكفرك ونخلع ونترك من يفجرك اللَّهُمَّ إياك نعْبد وَلَك نصلي ونسجد وَإِلَيْك نسعى ونحفد أَي نسرع نرجو رحمتك ونخشى عذابك إِن عذابك الْجد بِكَسْر الْجِيم أَي الْحق بالكفار مُلْحق بِكَسْر الْحَاء أَي لَاحق بهم اللَّهُمَّ عذب الْكَفَرَة وَالْمُشْرِكين أَعدَاء الدّين الَّذين يصدون عَن سَبِيلك ويكذبون رسلك ويقاتلون أولياءك

اللَّهُمَّ اغْفِر للْمُؤْمِنين وَالْمُؤْمِنَات وَالْمُسْلِمين وَالْمُسلمَات الْأَحْيَاء مِنْهُم والأموات اللَّهُمَّ أصلح ذَات بَينهم وَألف بَين قُلُوبهم وَاجعَل فِي قُلُوبهم الْإِيمَان وَالْحكمَة وثبتهم على مِلَّة رَسُولك وأوزعهم أَن يوفوا بعهدك الَّذِي عاهدتهم عَلَيْهِ وانصرهم على عَدوك وعدوهم إِلَه الْحق واجعلنا مِنْهُم

ثمَّ يَأْتِي بِالصَّلَاةِ وَالسَّلَام على النَّبِي صلى الله عليه وسلم وَآله وَصَحبه فَيَقُول وَصلى الله على سيدنَا مُحَمَّد وعَلى آله وَصَحبه وَسلم بِصِيغَة الْمَاضِي أَو الْأَمر فِي الْفِعْلَيْنِ وَالْأولَى أولى من البليغ الَّذِي يُرَاعِي النكات فَإِن لَفظه لفظ الْخَبَر فَكَأَن الصَّلَاة وَالسَّلَام حصلا من الله بِالْفِعْلِ وَأخْبر عَنْهُمَا

وَلَا يُقَال إِن ذَلِك يحصل بِهِ تَطْوِيل الِاعْتِدَال وَهُوَ مُبْطل لأَنا نقُول مَحَله فِي التَّطْوِيل بِغَيْر الْوَارِد على أَن ذَلِك مُقَيّد بِغَيْر الِاعْتِدَال الْأَخير من سَائِر الصَّلَوَات لِأَنَّهُ ورد تطويله فِي الْجُمْلَة

وَلَو عجز عَن الْقُنُوت وقف وَقْفَة يسيرَة تسع قنوتا وَلَو قَصِيرا وتسع مَا بعده من الصَّلَاة وَالسَّلَام على النَّبِي وَآله وَصَحبه فَإِن لم تسع ذَلِك سنّ سُجُود السَّهْو على الْأَوْجه والوارد أَن يجمع بَين القنوتين

ص: 67

الْمَذْكُورين لَكِن لَو اقْتصر على وَاحِد مِنْهُمَا فَلَا سُجُود

(وجهر بِهِ) أَي الْقُنُوت (إِمَام) اسْتِحْبَابا فِي الجهرية والسرية كَأَن قضى صبحا أَو وترا بعد طُلُوع الشَّمْس (وَأمن مَأْمُوم) للدُّعَاء جَهرا إِذا جهر إِمَامه و (سمع) أَي الْمَأْمُوم قنوت الإِمَام وَمن الدُّعَاء الصَّلَاة على رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَإِنَّمَا طلب من الإِمَام الْجَهْر بِالْقُنُوتِ فِي السّريَّة مَعَ أَنَّهَا لَيست مَحل الْجَهْر لِأَن الْمَقْصُود من الْقُنُوت الدُّعَاء وتأمين الْقَوْم عَلَيْهِ فَطلب الْجَهْر ليسمعوا فيؤمنوا وَلَا يُؤمن الْمَأْمُوم للثناء بل يسن أَن يَقُول ثَنَاء سرا وَهُوَ من فَإنَّك تقضي إِلَى آخِره أَو يستمع لَهُ لِأَنَّهُ ثَنَاء وَذكر لَا يَلِيق بِهِ التَّأْمِين والمشاركة أولى

(وَكره لإِمَام تَخْصِيص نَفسه بِدُعَاء) وَإِنَّمَا يسن لَهُ أَن يَأْتِي بضمير الْمُتَكَلّم وَمَعَهُ غَيره بِأَن يَقُول اللَّهُمَّ اهدنا إِلَى آخِره لِأَنَّهُ يَقُول عَن نَفسه وَعَن الْمَأْمُومين فَلَو خص الإِمَام نَفسه بِالْقُنُوتِ بِأَن لَا يَأْتِي بِلَفْظ الْجمع سنّ للْمَأْمُوم التَّأْمِين لِأَنَّهُ الْوَارِد لَا الْقُنُوت كَمَا قَالَه الشبراملسي

وَيسن رفع يَدَيْهِ فِي الْقُنُوت كَسَائِر الْأَدْعِيَة

وَالْأولَى عدم مسح وَجهه بهما

(و) سابعها (سُجُود مرَّتَيْنِ) فِي كل رَكْعَة

وَإِنَّمَا شرع تكْرَار السُّجُود دون غَيره لِأَنَّهُ أبلغ فِي التَّوَاضُع

وَلِأَنَّهُ لما عرج بِهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى السَّمَاء فَمن كَانَ من الْمَلَائِكَة قَائِما سلمُوا عَلَيْهِ قيَاما ثمَّ ركعوا شكرا لله تَعَالَى على رُؤْيَته صلى الله عليه وسلم

وَمن كَانَ مِنْهُم رَاكِعا رفعوا رؤوسهم من الرُّكُوع وسلموا عَلَيْهِ ثمَّ سجدوا شكرا لله تَعَالَى على رُؤْيَته

وَمن كَانَ مِنْهُم سَاجِدا رفعوا رؤوسهم من السُّجُود وسلموا عَلَيْهِ ثمَّ سجدوا ثَانِيَة شكرا لله تَعَالَى على رُؤْيَته فَلذَلِك صَار السُّجُود مثنى مثنى فَلم يرد الله أَن يكون للْمَلَائكَة حَال إِلَّا وَجعل لهَذِهِ الْأمة حَالا هُوَ مثل حَالهم وَلِأَن فِي تكْرَار السُّجُود إِشَارَة إِلَى أَنه خلق من الأَرْض وَسَيَعُودُ إِلَيْهَا

وَحَقِيقَة السُّجُود شرعا وضع الْأَعْضَاء السَّبْعَة فَوق مَا يصلى عَلَيْهِ من أَرض أَو غَيرهَا

والأعضاء السَّبْعَة هِيَ الْجَبْهَة وَالرُّكْبَتَانِ وباطن الْيَدَيْنِ وبطون أَصَابِع الرجلَيْن

وَيَكْفِي وضع بعض كل عُضْو من ذَلِك

وشروطه سِتَّة أَن لَا يقْصد بِهِ غَيره فَقَط

وَهَذَا الشَّرْط عَام فِي جَمِيع الْأَركان ويعبر عَنهُ بِعَدَمِ الصَّارِف

وَأَن تَسْتَقِر أعضاؤه السَّبْعَة كلهَا فِي آن وَاحِد فَلَو وضع بَعْضهَا ثمَّ رَفعه وَوضع الْبَعْض الآخر لم يكف

وَأَن يكون السُّجُود (على غير مَحْمُول وَإِن تحرّك) أَي ذَلِك الْغَيْر (بحركته) فَلَا يَصح السُّجُود على طرف كمه الطَّوِيل إِن تحرّك بحركته لِأَنَّهُ مَحْمُول لَهُ بِخِلَاف مَا إِذا لم يَتَحَرَّك بحركته فَإِنَّهُ كالمنفصل وَبِخِلَاف مَا لَو سجد على نَحْو سَرِير يَتَحَرَّك بحركته فَيصح لِأَنَّهُ غير مَحْمُول لَهُ وَالْمرَاد بالمحمول مُتَّصِل بِهِ يَتَحَرَّك بحركته وَخرج بذلك مَا هُوَ فِي حكم الْمُنْفَصِل عَنهُ عرفا كعود أَو منديل بِيَدِهِ فَلَا يضر السُّجُود عَلَيْهِ

ويضر السُّجُود على عمَامَته أَو عرقيته أَو نَحْوهمَا

وَلَو كَانَ بِمحل سُجُوده تُرَاب أَو ورقة أَو نَحْو ذَلِك فالتصق بجبهته وَصَارَ حَائِلا فَلَا يَصح السُّجُود الثَّانِي حَتَّى ينحيه

وَلَو صلى قَاعِدا وَسجد على مُتَّصِل بِهِ لَا يَتَحَرَّك بحركته إِلَّا إِذا صلى قَائِما لم يجزه السُّجُود عَلَيْهِ لِأَنَّهُ كالجزء مِنْهُ

كَذَا

ص: 68

قَالَه الرَّمْلِيّ تبعا لوالده خلافًا لِابْنِ حجر وَشَيخ الْإِسْلَام فِي فَتَاوِيهِ

كَذَا قَالَه الشبراملسي

وَأَن يكون السُّجُود (مَعَ تنكيس) وَهُوَ رفع أسافل الْبدن على أعاليه فَلَو انعكس أَو تَسَاويا لم يجزه قطعا فِي الانعكاس

وعَلى الْأَصَح فِي الْمُسَاوَاة

نعم لَو كَانَ فِي سفينة وَلم يتَمَكَّن من ارْتِفَاع ذَلِك لميلها أَو غَيره كزحمة صلى على حسب حَاله وَوَجَبَت عَلَيْهِ الْإِعَادَة لندرته هَذَا إِذا ضَاقَ الْوَقْت أَو لم يضق وَلَكِن لم يرج التَّمَكُّن من السُّجُود على الْوَجْه المجزىء قبل خُرُوج الْوَقْت فَإِن رجا ذَلِك وَجب التَّأْخِير إِلَى التَّمَكُّن أَو إِلَى ضيق الْوَقْت وَلَو أكب على وَجهه وَمد رجلَيْهِ لم يجز جزما كَمَا لَو ارْتَفَعت الأعالي

نعم لَو كَانَ بِهِ عِلّة لَا يُمكنهُ السُّجُود مَعهَا إِلَّا كَذَلِك بِأَن يكون فِيهِ مشقة شَدِيدَة أَجزَأَهُ وَلَا إِعَادَة عَلَيْهِ

وَإِن شفي بعد ذَلِك وَأَن يكون السُّجُود (بِوَضْع بعض جَبهته بكشف) للجبهة إِن سهل الْكَشْف بِحَيْثُ لَا يَنَالهُ بِهِ مشقة لَا تحْتَمل عَادَة فَلَو كَانَ بجبهته جرح أَو نَحوه وَعَلِيهِ عِصَابَة وشق عَلَيْهِ نَزعهَا صَحَّ السُّجُود عَلَيْهَا وَلَا تلْزمهُ الْإِعَادَة (و) أَن يكون السُّجُود مَعَ (تحامل) على الْجَبْهَة بِحَيْثُ لَو كَانَ تحتهَا قطن أَو حشيش لانكبس وَظهر أَثَره فِي الْيَد لَو فرضت تَحْتَهُ وَلَا يشْتَرط ذَلِك فِي بَقِيَّة الْأَعْضَاء السَّبْعَة

(و) كَمَا يجب السُّجُود على بعض جَبهته يجب على بعض (رُكْبَتَيْهِ و) بعض (بطن كفيه) من الرَّاحَة وبطون الْأَصَابِع دون مَا عداهما (و) بعض بطن (أَصَابِع قَدَمَيْهِ) لقَوْله صلى الله عليه وسلم أمرت أَن أَسجد على سَبْعَة أعظم على الْجَبْهَة وَالْيَدَيْنِ والركبتين وأطراف الْقَدَمَيْنِ

(وَسن وضع أنف) مكشوفا مَعَ الْجَبْهَة

وأكمل السُّجُود أَن يكبر لهويه بِلَا رفع يَدَيْهِ وَيَضَع رُكْبَتَيْهِ وقدميه ثمَّ كفيه ثمَّ جَبهته وَأَنْفه مَعًا وَيكرهُ مُخَالفَة التَّرْتِيب الْمَذْكُور وَعدم وضع الْأنف لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم قَالَ أمرت أَن أَسجد على سَبْعَة أعظم على الْجَبْهَة وَأَشَارَ بِيَدِهِ إِلَى أَنفه وَمن الهيئات أَن يفرق رُكْبَتَيْهِ قدر شبر وَيَضَع كفيه مكشوفتين حَذْو مَنْكِبَيْه ناشرا أَصَابِعه مَضْمُومَة للْقبْلَة وَأَن يفرق قَدَمَيْهِ ويبرزهما من ذيله وَأَن يُجَافِي الرجل فِي السُّجُود وَفِي الرُّكُوع بِأَن يرفع بَطْنه عَن فَخذيهِ ومرفقيه عَن جَنْبَيْهِ

وَأما الْمَرْأَة وَالْخُنْثَى فيضم كل مِنْهُمَا بعضه إِلَى بعض فيهمَا لِأَن الضَّم أستر لَهما

(و) سنّ فِي السُّجُود (قَول سُبْحَانَ رَبِّي الْأَعْلَى) وَتسن زِيَادَة (وَبِحَمْدِهِ) وَيحصل أصل السّنة بِمرَّة

والأكمل أَن يَقُولهَا (ثَلَاثًا) وَالْأَفْضَل لمنفرد وَإِمَام قوم مَحْصُورين راضين بالتطويل أَن يَقُولهَا خمْسا فسبعا فتسعا فإحدى عشرَة وَهِي غَايَة الْكَمَال كَمَا تقدم

وَيزِيد من ذكر اللَّهُمَّ لَك سجدت وَبِك آمَنت وَلَك أسلمت سجد وَجْهي للَّذي خلقه وصوره وشق سَمعه وبصره بحوله وقوته تبَارك الله أحسن الْخَالِقِينَ

وَيزِيد من ذكر أَيْضا سبوح قدوس رب الْمَلَائِكَة وَالروح

وَيَنْبَغِي الْإِكْثَار من الدُّعَاء فِي السُّجُود بعد ذَلِك لحَدِيث أقرب مَا يكون العَبْد من ربه وَهُوَ ساجد فَأَكْثرُوا الدُّعَاء أَي فِي سُجُودكُمْ

وَمن الْمَأْثُور فِي السُّجُود اللَّهُمَّ اغْفِر لي ذَنبي كُله دقه وجله أَوله وَآخره وعلانيته

ص: 69

وسره اللَّهُمَّ إِنِّي أعوذ برضاك من سخطك وبعفوك من عُقُوبَتك وَأَعُوذ بك مِنْك لَا أحصي ثَنَاء عَلَيْك أَنْت كَمَا أثنيت على نَفسك

وَمعنى أعوذ بك مِنْك أستعين بك على دفع غضبك

وَيَأْتِي الْمَأْمُوم بِمَا يُمكنهُ من غير تخلف بِقدر ركن

(و) ثامنها (جُلُوس بَينهمَا) أَي السَّجْدَتَيْنِ وَلَو فِي نفل (وَلَا يطوله) أَي ذَلِك الْجُلُوس (وَلَا اعتدالا) لِأَنَّهُمَا ركنان قصيران ليسَا مقصودين لذاتهما بل للفصل

وَهَذَا معنى الْمُوَالَاة الَّتِي جرى الْخلاف فِي كَونهَا ركنا أَو شرطا وَتَطْوِيل الِاعْتِدَال يحصل بِأَن يطوله زِيَادَة عَن الذّكر الْمَشْرُوع فِيهِ قدر الْفَاتِحَة

وَهَذَا فِي غير اعْتِدَال الرَّكْعَة الْأَخِيرَة من سَائِر الصَّلَوَات

أما هُوَ فَلَا يضر تطويله لِأَنَّهُ ورد تطويله فِي الْجُمْلَة بِالْقُنُوتِ فِيهِ فِي أَوْقَات النَّازِلَة كَمَا تقدم وَتَطْوِيل الْجُلُوس بَين السَّجْدَتَيْنِ يحصل بِأَن يطوله زِيَادَة عَن الذّكر الْمَشْرُوع فِيهِ بِقدر الْوَاجِب فِي التَّشَهُّد الْأَخير وَسَيَأْتِي بَيَانه قَرِيبا وَسَيَأْتِي بَيَان الذّكر الْمَشْرُوع فِيهِ

وَأما الذّكر الْمَشْرُوع فِي الِاعْتِدَال فقد تقدم

(وَسن فِيهِ) أَي الْجُلُوس بَين السَّجْدَتَيْنِ (و) فِي (تشهد أول) وَفِي بَاقِي الجلسات غير الْجُلُوس الْأَخير فَإِنَّهُ على تَفْصِيل يَأْتِي (افتراش) بِأَن يضع رجله الْيُسْرَى بِحَيْثُ يَلِي ظهرهَا الأَرْض وَيجْلس على كعبها وَينصب رجله الْيُمْنَى وَيجْعَل أَطْرَاف أَصَابِعه مِنْهَا للْقبْلَة (وَاضِعا كفيه) على فَخذيهِ (قَرِيبا من رُكْبَتَيْهِ) بِحَيْثُ تسامت رؤوسهما الرّكْبَة لِلِاتِّبَاعِ ناشرا أَصَابِعه مَضْمُومَة للْقبْلَة كَمَا فِي السُّجُود (قَائِلا رب اغْفِر لي إِلَى آخِره) تتمته وارحمني واجبرني وارفعني وارزقني واهدني وَعَافنِي رب هَب لي قلبا تقيا نقيا من الشّرك بريا لَا كَافِرًا وَلَا شقيا وَلم أر تَخْصِيص هَذَا الدُّعَاء بالمنفرد كَذَا فِي نِهَايَة الأمل

وَقَالَ الرَّمْلِيّ وَفِي تَحْرِير الْجِرْجَانِيّ يَقُول رب اغْفِر وَارْحَمْ وَتجَاوز عَمَّا تعلم إِنَّك أَنْت الْأَعَز الأكرم

ثمَّ قَالَ الشبراملسي هَذَا زِيَادَة على مَا تقدم وَلَا فرق بَين تَقْدِيمه على قَول رب هَب لي قلبا إِلَى آخِره وَبَين تَأْخِيره عَنهُ أَي وكل مِنْهُمَا مُؤخر عَن قَوْله

واعف عني

(و) من سنَن الهيئات (جلْسَة استراحة) بِقدر الْجُلُوس بَين السَّجْدَتَيْنِ لِلِاتِّبَاعِ

رَوَاهُ البُخَارِيّ وَالتِّرْمِذِيّ (لقِيَام) بعد سُجُود لغير تِلَاوَة وَتسن فِي مَحل التَّشَهُّد الأول عِنْد تَركه وَفِي غير الْعَاشِرَة لمن صلى عشر رَكْعَات مثلا بتشهد

وَلَا تسن للقاعد وَيكرهُ تطويلها على الْجُلُوس بَين السَّجْدَتَيْنِ وَلَا تبطل بِهِ الصَّلَاة على الْمُعْتَمد وَيَأْتِي بهَا الْمَأْمُوم ندبا وَإِن تَركهَا الإِمَام وَلَا يعد من فحش الْمُخَالفَة لِأَن الشَّأْن أَنَّهَا يسيرَة وَهِي فاصلة بَين الرَّكْعَتَيْنِ

وَيسن أَن يمد التَّكْبِير من رَفعه من السُّجُود إِلَى قِيَامه لَا أَنه يكبر تكبيرتين وَذَلِكَ بِشَرْط أَن لَا يزِيد على سبع ألفات وَإِلَّا بطلت صلَاته إِن علم وتعمد

وَمن سنَن الهيئات اعْتِمَاد على الأَرْض بِبَطن كفيه وأصابعه مبسوطة على الأَرْض عِنْد قِيَامه من جُلُوسه أَو سُجُوده وَهُوَ كَهَيئَةِ الْعَاجِز وَلَو كَانَ قَوِيا

(و) تاسعها (طمأنينة فِي كل)

ص: 70

من الْأَركان الْأَرْبَعَة الَّتِي هِيَ الرُّكُوع والاعتدال والسجودان وَالْجُلُوس بَينهمَا وَلَو فِي نفل وَهِي سُكُون الْأَعْضَاء بعد حركتها من هوي من الرُّكُوع وَالسُّجُود

وَمن نهوض إِلَى الِاعْتِدَال وَالْجُلُوس بِحَيْثُ يسْتَقرّ كل عُضْو مَحَله بِمِقْدَار التلفط بسبحان الله

(و) عَاشرهَا (تشهد أخير) وَهُوَ مَا يعقبه سَلام (وَأقله التَّحِيَّات لله إِلَى آخِره) تتمته سَلام عَلَيْك أَيهَا النَّبِي وَرَحْمَة الله وَبَرَكَاته سَلام علينا وعَلى عباد الله الصَّالِحين

أشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَأَن مُحَمَّدًا رَسُول الله

فَهَذَا الْأَقَل هُوَ الْمَعْدُود من الأبعاض فِي التَّشَهُّد الأول

والمعدود من الْأَركان فِي الْجُلُوس الَّذِي يعقبه سَلام

وَتجب مُرَاعَاة حُرُوفه فَلَو أبدل حرفا مِنْهُ بآخر لم يَصح

وَمثل ذَلِك لحن يُغير الْمَعْنى

وَتجب مُرَاعَاة تشديداته فَلَو خفف مشددا لم يَصح

نعم فِي النَّبِي لُغَتَانِ التَّشْدِيد والهمز

فَيجوز كل مِنْهُمَا وَلَو أظهر النُّون المدغمة فِي أَن لَا إِلَه إِلَّا الله أَو التَّنْوِين المدغم فِي مُحَمَّدًا رَسُول الله لم يضر على الْمُعْتَمد لِأَنَّهُ لم يسْقط حرفا وَإِنَّمَا أظهر المدغم على أَن البزي خير بَين الْإِدْغَام والإظهار فِي النُّون والتنوين مَعَ اللَّام وَالرَّاء

وَتجب موالاته بِأَن لَا يفصل بَين كَلِمَاته بغَيْرهَا وَلَو من ذكر أَو قُرْآن

نعم يغْتَفر وَحده لَا شريك لَهُ بعد إِلَّا الله لِأَنَّهَا وَردت فِي رِوَايَة

وَمثل ذَلِك الْكَلِمَات الْوَارِدَة فِي أكمل التَّشَهُّد الْآتِي بَيَانه الَّتِي تذكر فِي خلال الْوَاجِب وَلَا يضر زِيَادَة يَا الندائية قبل أَيهَا وَلَا زِيَادَة مِيم فِي عَلَيْك وَلَا يجب ترتيبه

نعم إِن كَانَ عدم التَّرْتِيب يخل بِالْمَعْنَى ضرّ وَتبطل بِهِ الصَّلَاة مَعَ الْعمد

وَالْحَاصِل أَنه يشْتَرط فِي التَّشَهُّد إسماع النَّفس وَعدم الصَّارِف والموالاة ومراعاة الْحُرُوف والكلمات والتشديدات كالفاتحة وَالتَّرْتِيب إِن حصل بِعَدَمِهِ إخلال بِالْمَعْنَى وَأَن يكون بِالْعَرَبِيَّةِ للقادر عَلَيْهَا وَلَو بالتعلم وقراءته قَاعِدا إِلَّا لعذر

وأكمل التَّشَهُّد التَّحِيَّات المباركات الصَّلَوَات الطَّيِّبَات لله السَّلَام عَلَيْك أَيهَا النَّبِي وَرَحْمَة الله وَبَرَكَاته السَّلَام علينا وعَلى عباد الله الصَّالِحين

أشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَحده لَا شريك لَهُ وَأشْهد أَن مُحَمَّدًا رَسُول الله

(و) الْحَادِي عشر (صَلَاة على النَّبِي) صلى الله عليه وسلم (بعده) أَي التَّشَهُّد فِي الْجُلُوس الَّذِي يعقبه سَلام

وَلَا تشْتَرط الْمُوَالَاة بَينهَا وَبَين التَّشَهُّد بل لَو فصل بَينهمَا بِذكر أَو دُعَاء جَازَ (وأقلها اللَّهُمَّ صل على مُحَمَّد وَسن فِي) تشهد (أخير صَلَاة على آله) صلى الله عليه وسلم وَلَا تسن فِي الأول لبنائه على التَّخْفِيف

وَسَوَاء فِي ذَلِك الْمُنْفَرد وَالْإِمَام وَلَو لمحصورين رَضوا بالتطويل خلافًا للْأَذْرَعِيّ

وَأَقل الصَّلَاة على النَّبِي وَآله اللَّهُمَّ صل على مُحَمَّد وَآله

والأكمل أَن يَقُول اللَّهُمَّ صل على مُحَمَّد وعَلى آل مُحَمَّد كَمَا صليت على إِبْرَاهِيم وعَلى آل إِبْرَاهِيم وَبَارك على مُحَمَّد وعَلى آل مُحَمَّد كَمَا باركت على إِبْرَاهِيم وعَلى آل إِبْرَاهِيم فِي الْعَالمين إِنَّك حميد مجيد

وَالْأَفْضَل الْإِتْيَان بِلَفْظ السِّيَادَة

وَآل مُحَمَّد كل مُؤمن كَمَا هُوَ أحسن فِي مقَام الدُّعَاء فقد ورد إِذا دعوتم فعمموا

وَآل إِبْرَاهِيم إِسْمَاعِيل وَإِسْحَاق وأولادهما بِلَا وَاسِطَة أَو ذريتهما الْمُؤْمِنُونَ مُطلقًا

(و) من سنَن الهيئات (دُعَاء) عقب التَّشَهُّد

ص: 71

وَمَا بعده من الصَّلَاة على النَّبِي وَآله بِمَا شَاءَ من دُعَاء دُنْيَوِيّ وأخروي والمأثور أفضل

وَمِنْه اللَّهُمَّ إِنِّي أعوذ بك من عَذَاب الْقَبْر وَمن عَذَاب النَّار وَمن فتْنَة الْمحيا وَالْمَمَات وَمن فتْنَة الْمَسِيح الدَّجَّال هَذَا متأكد وأوجبه قوم

وَيَنْبَغِي أَن يخْتم بِهِ دعاءه لقَوْله صلى الله عليه وسلم واجعلهن آخر مَا تَقول وَمِنْه اللَّهُمَّ إِنِّي أعوذ بك من المأثم والمعزم

وَمِنْه اللَّهُمَّ اغْفِر لي مَا قدمت وَمَا أخرت وَمَا أسررت وَمَا أعلنت وَمَا أسرفت وَمَا أَنْت أعلم بِهِ مني أَنْت الْمُقدم وَأَنت الْمُؤخر لَا إِلَه إِلَّا أَنْت

وَمِنْه اللَّهُمَّ إِنِّي ظلمت نَفسِي ظلما كَبِيرا كثيرا وَلَا يغْفر الذُّنُوب إِلَّا أَنْت فَاغْفِر لي مغْفرَة من عنْدك وارحمني إِنَّك أَنْت الغفور الرَّحِيم

وَالْأَفْضَل للْإِمَام أَن لَا يبلغ بِالدُّعَاءِ قدر التَّشَهُّد وَالصَّلَاة على النَّبِي صلى الله عليه وسلم أَي الْأَفْضَل لَهُ كَون الدُّعَاء أقل من قدر مَا يَأْتِي بِهِ مِنْهُمَا فَإِن أطالهما أطاله وَإِن خففهما خففه لِأَنَّهُ تبع لَهما

وَأما غَيره فيطيل مَا شَاءَ مَا لم يخف وُقُوعه فِي سَهْو قَالَ الشَّافِعِي فِي الْأُم فَإِن لم يزدْ على ذَلِك كرهته أَي إِذا اقْتصر الْمُصَلِّي على التَّشَهُّد وَالصَّلَاة على النَّبِي صلى الله عليه وسلم وَلم يَأْتِ بعدهمَا بِشَيْء كَانَ ذَلِك الِاقْتِصَار مَكْرُوها

(و) الثَّانِي عشر (قعُود لَهما) أَي التَّشَهُّد وَالصَّلَاة على النَّبِي فالتشهد وقعوده إِن عقبهما سَلام فهما ركنان وَإِلَّا فسنتان (وَسن تورك فِيهِ) أَي فِي ذَلِك الْقعُود مَا لم يطْلب مِنْهُ سُجُود السَّهْو وَمَا لم يرد الْإِتْيَان بِهِ أَو مَا لم يُطلق

أما من طلب مِنْهُ سُجُود السَّهْو بِأَن فعل مَا يَقْتَضِيهِ وَأَرَادَ السُّجُود أَو أطلق فَإِنَّهُ يفترش فَعلم أَنه يتورك عِنْد إِرَادَة تَركه فَلَو عَن لَهُ إِرَادَة السُّجُود افترش وَإِن أدّى ذَلِك إِلَى انحناء يصل بِهِ إِلَى رُكُوع الْقَاعِد لتولده من مَأْمُور بِهِ كَذَا قَالَ الشبراملسي

وَالْحَاصِل أَن جلسات الصَّلَاة سبع يفترش فِي سِتّ مِنْهَا وَهِي الْجُلُوس بَين السَّجْدَتَيْنِ وجلوس الاسْتِرَاحَة وجلوس الْمَسْبُوق وجلوس التَّشَهُّد الأول وجلوس الْمُصَلِّي قَاعِدا للْقِرَاءَة وجلوس التَّشَهُّد الْأَخير لمن أَرَادَ سُجُود السَّهْو أَو أطلق وَمثلهَا الْجُلُوس لسجود التِّلَاوَة وَالشُّكْر قبل السُّجُود ويتورك فِي وَاحِدَة وَهِي الْجُلُوس للتَّشَهُّد الْأَخير إِذا لم يطْلب مِنْهُ سُجُود السَّهْو أَو أَرَادَ تَركه وَمثله الْجُلُوس للسلام بعد سَجْدَة التِّلَاوَة أَو الشُّكْر

وَالضَّابِط أَن كل جُلُوس يعقبه حَرَكَة من سُجُود أَو قيام يسن فِيهِ الافتراش وكل جُلُوس يعقبه سَلام يسن فِيهِ التورك وَهُوَ كالافتراش لَكِن يخرج يسراه من جِهَة يمناه ويلصق ألييه بِالْأَرْضِ وَعلم من كَون الافتراش والتورك من سنَن الهيئات أَنه لَو قعد كَيفَ شَاءَ جَازَ لكنه خلاف السّنة

(و) سنّ (وضع يَدَيْهِ) أَي كفيه (فِي تشهديه) وَمَا مَعَهُمَا (على طرف رُكْبَتَيْهِ) بِحَيْثُ تسامت رؤوسهما الرّكْبَة مَعَ ضم الْأَصَابِع كلهَا حَتَّى الْإِبْهَام فَلَا يفرجها خلافًا للرافعي وَالْمَاوَرْدِيّ وَمَعَ نشرها فِي جِهَة الْقبْلَة فَلَا يقبضهَا وَهَذِه الْهَيْئَة فِي جَمِيع الجلسات غير جُلُوس التَّشَهُّد الأول والأخير

فَإِن الْمُصَلِّي يطْلب أَن يكون فيهمَا (ناشرا أَصَابِع يسراه) فَقَط

(وقابضا يمناه) بعد وَضعهَا منشورة الْأَصَابِع على فَخذه الْيُمْنَى

(إِلَّا المسبحة) فَإِنَّهُ يُشِير بهَا

ص: 72

(و) سنّ (رَفعهَا) مَعَ إمالتها لجِهَة الْقبْلَة قَلِيلا فِي حَالَة الرافع (عِنْد) قَوْله (إِلَّا الله) بِأَن يبتدىء بِالرَّفْع عِنْد همزَة إِلَّا الله

(و) سنّ (إدامته) أَي الرّفْع إِلَى الْقيام من التَّشَهُّد الأول وَإِلَى تَمام التسليمتين فِي الْأَخير كَمَا مَال إِلَيْهِ الشبراملسي ويقصد بذلك الرّفْع أَن المعبود وَاحِد فَيجمع فِي توحيده بَين اعْتِقَاده وَقَوله وَفعله

وَعلم من عد وضع الْكَفَّيْنِ على الْفَخْذ من السّنَن فِي جَمِيع جلسات الصَّلَاة أَنه لَو لم يضعهما على الفخذين فِي الْجُلُوس بَين السَّجْدَتَيْنِ بل أدام وضعهما على الأَرْض إِلَى السُّجُود الثَّانِي لَا يضر خلافًا لمن وهم فِي ذَلِك

(و) سنّ (نظر إِلَيْهَا) أَي المسبحة وَلَو مستورة ويديم النّظر إِلَيْهَا مَا دَامَت مُرْتَفعَة وَإِلَّا ندب نظر مَحل السُّجُود وَلَو قطعت سبابته لَا ينظر إِلَى موضعهَا بل إِلَى مَوضِع سُجُوده

(و) الثَّالِث عشر (تَسْلِيمَة أولى وأقلها السَّلَام عَلَيْكُم) ويجزىء عَلَيْكُم السَّلَام مَعَ الْكَرَاهَة

(وَسن ثَانِيَة) وَإِن اقْتصر إِمَامه على وَاحِدَة وَقد يحرم الثَّانِيَة مَعَ صِحَة الصَّلَاة عِنْد عرُوض منَاف للصَّلَاة عقب الأولى كحدث وتحويل صَدره عَن الْقبْلَة وَخُرُوج وَقت جُمُعَة وتخرق خف وَنِيَّة إِقَامَة وانكشاف عَورَة انكشافا مُبْطلًا للصَّلَاة وَسُقُوط نَجَاسَة غير مَعْفُو عَنْهَا عَلَيْهِ لِأَنَّهَا وَإِن لم تكن جُزْءا من الصَّلَاة هِيَ من توابعها ومكملاتها

(و) سنّ أَن يقرن كلا من التسليمتين (برحمة الله) وَلَا تسن زِيَادَة وَبَرَكَاته على الْمُعْتَمد

وشروط التسليمة أحد عشر تَعْرِيفهَا بأل وكاف الْخطاب وَمِيم الْجمع وإسماع نَفسه وتوالي كلمتيها وَعدم قصد الْإِعْلَام وَحده وَأَن تكون من قعُود وَأَن يكون مُسْتَقْبل الْقبْلَة وَأَن يَأْتِي بهَا بِالْعَرَبِيَّةِ إِذا كَانَ قَادِرًا عَلَيْهَا وَأَن لَا يزِيد فِيهَا زِيَادَة تغير الْمَعْنى كَأَن قَالَ السَّلَام وَعَلَيْكُم بِخِلَاف مَا لَو قَالَ السَّلَام التَّام عَلَيْكُم فَإِنَّهُ لَا يضر وَأَن لَا ينقص مِنْهَا مَا يُغير الْمَعْنى فَلَو اخْتَلَّ شَرط مِنْهَا كَانَت غير مُعْتَبرَة بل إِذا تحلل بِغَيْر الْوَارِد وخاطب وتعمد بطلت صلَاته

وَالْحكمَة فِي السَّلَام أَن الْمُصَلِّي كَانَ مَشْغُولًا عَن النَّاس وَقد أقبل عَلَيْهِم

(و) سنّ (الْتِفَات فيهمَا) أَي التسليمتين يلْتَفت فِي الأولى يَمِينا حَتَّى يرى خَدّه الْأَيْمن لمن وَرَاءه نَاوِيا السَّلَام على من عَن يَمِينه من مَلَائِكَة ومؤمني إنس وجن ويلتفت فِي الثَّانِيَة يسارا حَتَّى يرى خَدّه الْأَيْسَر لمن وَرَاءه نَاوِيا السَّلَام على من عَن يسَاره كَذَلِك وينويه على من خَلفه وأمامه بِأَيِّهِمَا شَاءَ وَالْأولَى أولى

وَيَنْوِي الْمَأْمُوم الِابْتِدَاء على من لم يسلم عَلَيْهِ من إِمَام ومأموم وَغَيرهمَا وَالرَّدّ على من سلم عَلَيْهِ

وَأما الإِمَام فَإِذا تَأَخّر تَسْلِيم الْمَأْمُومين عَن تسليمتيه فَإِنَّهُ يَنْوِي الِابْتِدَاء بِكُل من التسليمتين وَإِلَّا نوى الرَّد على من سلم وَيسن للْمَأْمُوم أَن لَا يسلم إِلَّا بعد فرَاغ الإِمَام من تسليمتيه وَلَو قارنه جَازَ كَبَقِيَّة الْأَركان لَكِنَّهَا مَكْرُوهَة مفوتة لثواب الْجَمَاعَة فِيمَا قَارن فِيهِ فَقَط

تَنْبِيه مُقَارنَة الْمَأْمُوم للْإِمَام إِمَّا حرَام ومبطلة وَهِي الْمُقَارنَة فِي التَّحَرُّم وَإِمَّا مَكْرُوهَة وَهِي الْمُقَارنَة فِي السَّلَام وَفِي الْأَفْعَال وَإِمَّا سنة وَهِي الْمُقَارنَة فِي التَّأْمِين وَإِمَّا وَاجِبَة وَذَلِكَ فِي قِرَاءَة الْفَاتِحَة حَيْثُ علم أَنه لَا يتَمَكَّن من قرَاءَتهَا بعد قِرَاءَة الإِمَام وَهِي مُبَاحَة فِيمَا عدا ذَلِك وَلَو سلم

ص: 73

الأولى عَن يسَاره وَالثَّانيَِة عَن يَمِينه أَو جَعلهمَا مَعًا عَن يَمِينه أَو عَن يسَاره جَازَ مَعَ الْكَرَاهَة وَلَو أَرَادَ الِاقْتِصَار على وَاحِدَة أَتَى بهَا قبل وَجهه فَلَو الْتفت فِيهَا يَمِينا أَو يسارا كَانَ خلاف الْمَطْلُوب وَحَيْثُ نوى الْمُصَلِّي بِالسَّلَامِ الِابْتِدَاء لَا يجب الرَّد على أحد وَلَو سَمِعُوهُ وَعَلمُوا بنيته

فروع الْمُوَالَاة وَهِي عدم تَطْوِيل الرُّكْن الْقصير وَعدم طول الْفَصْل بعد سَلَامه نَاسِيا وَعدم طول الْفَصْل أَو عدم مُضِيّ ركن بعد شكه فِي نِيَّة صلَاته لَا ركن على الْمُعْتَمد وَنِيَّة الْخُرُوج من الصَّلَاة سنة على الْمُعْتَمد وَلَا بُد أَن تكون مُقَارنَة للسلام الأول فَإِن تقدّمت عَلَيْهِ بطلت بهَا الصَّلَاة وَإِن تَأَخَّرت عَنهُ فَاتَت السّنيَّة وَتَعْيِين غير صلَاته لِلْخُرُوجِ عمدا مُبْطل للصَّلَاة وَسن أَن يبتدىء السَّلَام مُسْتَقْبلا للْقبْلَة بِوَجْهِهِ ثمَّ يلْتَفت كَمَا تقدم ويتمه بِتمَام الِالْتِفَات

وَالذكر إِذا نابه شَيْء فِي الصَّلَاة سبح أَي قَالَ سُبْحَانَ الله وَغَيره من امْرَأَة وَخُنْثَى إِذا نابه شَيْء فِي الصَّلَاة صفق وَالْأولَى أَن يكون بِضَرْب بطن الْيُمْنَى على ظهر الْيَسَار

(و) الرَّابِع عشر (تَرْتِيب) أَرْكَانهَا على الْوَجْه الْمُتَقَدّم الْمُشْتَمل على كَون النِّيَّة مُقَارنَة لتكبيرة الْإِحْرَام وهما مَعَ الْقِرَاءَة فِي الْقيام وَكَون التَّشَهُّد الْأَخير وَالصَّلَاة على النَّبِي صلى الله عليه وسلم والتسليمة الأولى فِي الْقعُود فالترتيب مُرَاد فِيمَا عدا ذَلِك

وَأَنت خَبِير بِأَن مَحل عدم التَّرْتِيب فِي الثَّلَاثَة الْأَخِيرَة إِنَّمَا هُوَ بِالنِّسْبَةِ لَهَا مَعَ جلوسها وَأما هِيَ نَفسهَا فالترتيب بَينهَا حَاصِل وَكَذَا مَحل عدم التَّرْتِيب فِي الْقِرَاءَة إِنَّمَا هُوَ بِالنِّسْبَةِ للْقِيَام

وَأما بِالنِّسْبَةِ للتكبير المقرون بِالنِّيَّةِ فالترتيب حَاصِل وَتَقْدِيم الانتصاب على ابْتِدَاء تَكْبِيرَة الْإِحْرَام واستحضار النِّيَّة مَعَ التَّكْبِير شَرط لَهَا لَا ركن

وَخرج بالأركان السّنَن فالترتيب فِيهَا كالفاتحة وَالسورَة وَالتَّشَهُّد وَالدُّعَاء لَيْسَ بِرُكْن فِي الصَّلَاة وَإِنَّمَا هُوَ شَرط للاعتداد بسنيتها فَإِن ترك تَرْتِيب الْأَركان عمدا كَأَن قدم ركنا فعليا كَأَن سجد قبل رُكُوعه أَو ركع قبل قِرَاءَته بطلت صلَاته لكَونه متلاعبا وَمثل ذَلِك مَا إِذا قدم ركنا قوليا يضر نَقله كسلامه قبل تشهده فَإِنَّهُ قدم ركنا قوليا غير سَلام كتشهد على سُجُود أَو قوليا على قولي كَالصَّلَاةِ على النَّبِي على التَّشَهُّد لم تبطل لَكِن لَا يعْتد بِمَا قدمه بل عَلَيْهِ إِعَادَته فِي مَحَله

(وَلَو مِنْهَا غير مَأْمُوم) أَي ترك التَّرْتِيب سَهوا (بترك ركن) فَمَا فعله بعد الْمَتْرُوك لَغْو لوُقُوعه فِي غير مَحَله فَإِن تذكر الْمَتْرُوك قبل بُلُوغ فعل مثله من رَكْعَة أُخْرَى فعله بعد تذكره فَوْرًا وجوبا فَإِن تَأَخّر بطلت صلَاته وَإِن قل التَّأَخُّر (أَو شكّ) غير مَأْمُوم فِي ركن هَل فعله أم لَا كَأَن شكّ فِي رُكُوعه هَل قَرَأَ الْفَاتِحَة أَو فِي سُجُوده هَل ركع أم لَا (أَتَى بِهِ) أَي بذلك الرُّكْن حَالا فَإِن مكث قَلِيلا ليتذكر بطلت صلَاته بِخِلَاف مَا لَو شكّ فِي قِيَامه فِي قِرَاءَة الْفَاتِحَة فَسكت ليتذكر فَلَا تبطل وَيسْتَثْنى من ذَلِك مَا لَو تذكر فِي سُجُوده أَو شكّ أَنه ترك الرُّكُوع فَإِنَّهُ يرجع إِلَى الْقيام ليركع مِنْهُ وَلَا يَكْفِيهِ أَن يقوم رَاكِعا لِأَن الانحناء غير مُعْتَد بِهِ لِأَنَّهُ قد صرف الْهَوِي للسُّجُود وَفِي هَذِه الصُّورَة زِيَادَة على الْمَتْرُوك

قَالَ الشبراملسي وَمَعَ وجوب الرُّجُوع إِلَى الْقيام لَا يجب

ص: 74

عَلَيْهِ الرُّكُوع فَوْرًا وَمثله مَا لَو قَرَأَ الْفَاتِحَة ثمَّ هوى ليسجد فَتذكر ترك الرُّكُوع فَعَاد للْقِيَام فَلَا يجب الرُّكُوع فَوْرًا لِأَنَّهُ بتذكره عَاد لما كَانَ فِيهِ وَلَو شكّ غير مَأْمُوم بعد تَمام رُكُوعه فِي الْفَاتِحَة

فَعَاد للْقِيَام ثمَّ تذكر أَنه قَرَأَ فيحسب لَهُ انتصابه عَن الِاعْتِدَال لِأَنَّهُ لم يصرف الرُّكْن لأَجْنَبِيّ عَنهُ فَإِن الْقيام وَاحِد وَإِنَّمَا ظن صفة أُخْرَى لم تُوجد فَلم ينظر لظَنّه بِخِلَافِهِ فِي مَسْأَلَة الرُّكُوع فَإِنَّهُ بِقَصْدِهِ السُّجُود لم يتَضَمَّن ذَلِك قصد الرُّكُوع لِأَن الِانْتِقَال إِلَى السُّجُود لَا يستلزمه وَبِذَلِك يعلم أَنه لَو شكّ قَائِما فِي رُكُوعه فَرَكَعَ ثمَّ بَان أَنه سَهَا عَن اعتداله لم يلْزمه الْعود للْقِيَام بل لَهُ الْهوى من رُكُوعه لِأَن هوي الرُّكُوع بعض هوى السُّجُود فَلم يقْصد أَصْلِيًّا أما الْمَأْمُوم لَو علم فِي رُكُوعه أَنه ترك الْفَاتِحَة أَو شكّ لم يعد إِلَيْهَا بل يُصَلِّي رَكْعَة بعد سَلام الإِمَام وعَلى هَذَا لَو كَانَ الشاك إِمَامًا فَعَاد بعد رُكُوع الْمَأْمُومين مَعَه أَو سجودهم فينتظرون فِي الرُّكْن الَّذِي عَاد مِنْهُ الإِمَام حملا لَهُ على أَنه عَاد سَاهِيا لَكِن يَنْبَغِي إِذا عَاد وَالْمَأْمُوم فِي الْجُلُوس بَين السَّجْدَتَيْنِ أَن يسْجد وينتظره فِي السُّجُود حذرا من تَطْوِيل الرُّكْن الْقصير وَذَلِكَ (إِن كَانَ) فِي حَال التَّذَكُّر أَو الشَّك (قبل فعل مثله) أَي الرُّكْن الْمَتْرُوك أَو الْمَشْكُوك فِيهِ

(وَإِلَّا) بِأَن لم يتَذَكَّر أَو بِأَن دَامَ الشَّك حَتَّى بلغ فعل مثله (أَجزَأَهُ) أَي قَامَ ذَلِك الْمثل مقَام ذَلِك الرُّكْن

وَلَو كَانَ الْمثل مَنْدُوبًا لوُقُوعه عَن متروكه وَلَو كَانَ الْمثل لمحض الْمُتَابَعَة كَمَا لَو أحرم مُنْفَردا وَصلى رَكْعَة وَنسي مِنْهَا سَجْدَة ثمَّ قَامَ فَوجدَ مُصَليا فِي السُّجُود أَو الِاعْتِدَال فاقتدى بِهِ وَسجد مَعَه للمتابعة فيجزئه ذَلِك وتكمل بِهِ ركعته كَمَا نقل عَن الشَّمْس الشَّوْبَرِيّ وَاعْتَمدهُ الشهَاب الرَّشِيدِيّ (وتدارك) الْبَاقِي من صلَاته لإلغاء مَا بَينهمَا نعم إِن لم يكن الْمثل من الصَّلَاة كسجود تِلَاوَة أَو سُجُود سَهْو لم يجزه لعدم شُمُول نِيَّة الصَّلَاة لذَلِك بِخِلَاف جلْسَة الاسْتِرَاحَة فَإِنَّهَا جُزْء من الصَّلَاة وَمحل إِجْزَاء الْمثل إِن عرف عين الْمَتْرُوك وَمحله وَإِلَّا أَخذ بالمتيقن فَمَا تَيَقّن فعله حسب لَهُ وَمَا لم يتيقنه فلغو وأتى بِالْبَاقِي وَيسْجد للسَّهْو فِي جَمِيع الْأَحْوَال وَمحل الْأَخْذ بالمتيقن وَالْبناء على مَا فعله مَا لم يُوجب الشَّك استئنافها فَإِن أوجبه كشكه فِي النِّيَّة أَو تَكْبِيرَة الْإِحْرَام فَلَا يَأْتِي بِالْبَاقِي لِأَنَّهُ قد بطلت صلَاته إِن طَال زمن الشَّك وَهُوَ بِقدر سُبْحَانَ الله أَو مضى ركن كَمَا اعْتَمدهُ الرَّمْلِيّ وَابْن قَاسم والشبراملسي خلافًا لِابْنِ حجر فَإِنَّهُ قَالَ بِعَدَمِ اشْتِرَاط طول وَمضى ركن وَلَو كَانَ الْمَتْرُوك أَو الْمَشْكُوك فِيهِ السَّلَام وتذكره قبل طول الْفَصْل أَتَى بِهِ وَكَذَا بعد طوله حَيْثُ لم يَأْتِ بِمَا يبطل الصَّلَاة كَفعل كثير وَإِن تذكر ذَلِك الرُّكْن الْمَتْرُوك بعد السَّلَام وَالزَّمَان قريب وَلم يطَأ نَجَاسَة وَلم يتَكَلَّم كثيرا وَلم يفعل مَا يبطل عمده وسهوه كالفعل الْكثير أَتَى بِهِ وجوبا وَبنى عَلَيْهِ بَقِيَّة الصَّلَاة وَإِن تكلم قَلِيلا واستدبر الْقبْلَة وَخرج من الْمَسْجِد بِدُونِ أَفعَال كَثِيرَة وَيسن لَهُ سُجُود السَّهْو فِي الْجَمِيع فَإِن طَال الزَّمَان أَو حصل مِنْهُ مَا لَا يعْذر فِيهِ كَوَطْء النَّجَاسَة اسْتَأْنف الصَّلَاة والمرجع فِي طول الزَّمن وقصره الْعرف

ص: 75