المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

فهرس الكتاب

- ‌خطْبَة الْكتاب

- ‌بَاب الصَّلَاة

- ‌فصل فِي مسَائِل منثورة

- ‌فرع وَكره كَرَاهَة تَحْرِيم صَلَاة

- ‌فصل فِي كَيْفيَّة الصَّلَاة الْمُتَعَلّقَة بِوَاجِب

- ‌فرع من سنَن الهيئات

- ‌فَائِدَة السكتات الْمَطْلُوبَة فِي الصَّلَاة سِتّ

- ‌فَائِدَة الْأَحْوَال الَّتِي يجْهر فِيهَا الْمَأْمُوم خلف الإِمَام

- ‌فرع (سنّ دُخُول صَلَاة بنشاط)

- ‌فصل فِي سُجُود السَّهْو

- ‌فرع تسن سَجدَات التِّلَاوَة

- ‌فصل فِي مفسدات الصَّلَاة

- ‌فصل فِي سنَن الصَّلَاة

- ‌فصل فِي صَلَاة النَّفْل

- ‌فصل فِي الْجَمَاعَة فِي الصَّلَاة

- ‌فصل فِي صَلَاة الْجُمُعَة

- ‌فصل فِي الْجَنَائِز

- ‌بَاب مَا يحرم اسْتِعْمَاله من اللبَاس والحلي

- ‌بَاب الزَّكَاة

- ‌فصل فِي أَدَاء الزَّكَاة

- ‌بَاب الصَّوْم

- ‌فصل فِي صَوْم التَّطَوُّع

- ‌بَاب الِاعْتِكَاف

- ‌بَاب الْحَج وَالْعمْرَة

- ‌فصل فِي مَحْظُورَات النّسك

- ‌فرع فِي أَحْكَام النذور

- ‌بَاب البيع

- ‌فصل فِي الْخِيَار

- ‌فصل فِي حكم الْمَبِيع

- ‌فصل فِي بيع الأَرْض وَالشَّجر وَالثِّمَار

- ‌فصل فِي اخْتِلَاف الْعَاقِدين وَفِي التَّحَالُف

- ‌فصل فِي الْقَرْض وَالرَّهْن

- ‌فرع لَو ادّعى كل من اثْنَيْنِ على آخر

- ‌فصل فِي الْحجر

- ‌فصل فِي الْحِوَالَة

- ‌بَاب فِي الْوكَالَة والقراض

- ‌فصل فِي الشُّفْعَة

- ‌بَاب فِي الْإِجَارَة

- ‌فرع لَو أعْطى الْمَالِك للخياط ثوبا

- ‌فرع لَا تصح المخابرة

- ‌بَاب فِي الْعَارِية

- ‌فصل فِي الْغَصْب

- ‌بَاب فِي مُطلق الْهِبَة

- ‌فرع لَو بعث هَدِيَّة فِي ظرف

- ‌بَاب فِي الْوَقْف

- ‌بَاب فِي الْإِقْرَار

- ‌بَاب فِي الْوَصِيَّة

- ‌بَاب الْفَرَائِض

- ‌فصل فِي أصُول الْمسَائِل

- ‌فرع إِذا مَاتَ إِنْسَان ثمَّ مَاتَ وَارِث

- ‌فصل فِي الْوَدِيعَة

- ‌فرع سُئِلَ الزيَادي عَن رجل خطب امْرَأَة وَعقد

- ‌فرع لَو اخْتلطت محرم بِنسَب

- ‌فرع يُزَوّج عتيقه امْرَأَة حَيَّة)

- ‌فصل فِي الْكَفَاءَة

- ‌فصل فِي نِكَاح من فِيهَا رق

- ‌فصل فِي الصَدَاق

- ‌فصل فِي الْقسم والنشوز وَعشرَة النِّسَاء

- ‌فصل فِي الْخلْع

- ‌فصل فِي الطَّلَاق

- ‌فرع لحر طلقات ثَلَاث وَلمن فِيهِ رق

- ‌فصل فِي الرّجْعَة

- ‌فصل فِي الْعدة

- ‌فصل فِي النَّفَقَة وَالْكِسْوَة والإسكان

- ‌فرع فِي فسخ النِّكَاح

- ‌فروع مثل الزِّنَا اللواط

- ‌فصل فِي التَّعْزِير

- ‌فصل فِي الصيال

- ‌فرع يَقع كثيرا فِي الْقرى إِكْرَاه الشاد

- ‌فصل فِي جَوَاب الدَّعْوَى

- ‌فصل فِي بَيَان قدر النّصاب

الفصل: ‌باب في الوصية

على الإِمَام يخرج خَمْسَة عشر وَذَلِكَ جملَة مَا لكل مِنْهُمَا

وحسابها بالجبر والمقابلة أَن تَقول قدر الْمَعْطُوف على عشرَة كل مِنْهُمَا مَجْهُول فتفرضه شَيْئا فجملة الْمقر بِهِ كل مِنْهُمَا عشرَة وَشَيْء فثلث ذَلِك وَهُوَ ثَلَاثَة وَثلث وَثلث شَيْء يعدل الشَّيْء الْمَفْرُوض فاطرح الْمُشْتَرك يبْق ثَلَاثَة وَثلث تعدل ثُلثي شَيْء فاقسم مَبْسُوط الثَّلَاثَة وَالثلث وَهُوَ عشرَة على مَبْسُوط الثُّلثَيْنِ وَهُوَ اثْنَان يخرج خَمْسَة وَهُوَ قدر الْمَعْطُوف على الْعشْرَة فَيكون لكل مِنْهُمَا خَمْسَة عشر

وحسابها بطرِيق الخطأين أَن تفرض لزيد مَا شِئْت فَكَأَنَّهُ ثَمَانِيَة عشر فَيكون لبكر ثلثهَا على عشرته فَيكون جملَة مَاله سِتَّة عشر وَيجب أَن يكون لزيد مثل ثلثهَا فيجتمع لَهُ خَمْسَة عشر وَثلث وَكُنَّا فَرضنَا لَهُ ثَمَانِيَة عشر فالخطأ بِاثْنَيْنِ وثلثين وَهُوَ بِالنُّقْصَانِ فاحفظه ثمَّ افْرِضْ لَهُ عددا آخر فَكَأَنَّهُ أحد وَعِشْرُونَ فَإِذا حملت ثلثهَا على عشرَة بكر ثمَّ ثلث الْمُجْتَمع وَهُوَ خَمْسَة وَثُلُثَانِ على عشرَة زيد كَانَ لَهُ خَمْسَة عشر وَثُلُثَانِ وَكُنَّا فَرضنَا لَهُ أحدا وَعشْرين فالخطأ بِخَمْسَة وَثلث وَهُوَ أَيْضا بِالنُّقْصَانِ فَاضْرب الْمَفْرُوض الأول فِي الْخَطَأ الثَّانِي والمفروض الثَّانِي فِي الْخَطَأ الأول واقسم الْفضل بَين الحاصلين وَهُوَ أَرْبَعُونَ على الْفضل بَين الخطأين وَهُوَ اثْنَان وَثُلُثَانِ يخرج الْمَطْلُوب

‌بَاب فِي الْوَصِيَّة

وَهِي لُغَة الإيصال لِأَن الْمُوصي وصل خير عقباه أَي انتفاعه بالثواب الْحَاصِل بِالْوَصِيَّةِ بِالْمَالِ بِخَير دُنْيَاهُ أَي نَفعه فِي دُنْيَاهُ بِالْمَالِ وَلِأَنَّهُ وصل الْقرْبَة الْوَاقِعَة بعد الْمَوْت بالقربات المنجزة فِي حَيَاته

وَشرعا تبرع بِحَق مَنْسُوب اسْتِحْقَاقه وَأَخذه لما بعد الْمَوْت لَيْسَ بتدبير وَلَا تَعْلِيق عتق بِصفة غير موت السَّيِّد يُوجد مَعَ الْمَوْت سَوَاء كَانَ نسبته لما بعد الْمَوْت حَقِيقَة كَقَوْلِه أوصيت لزيد بِكَذَا بعد موتِي أَو تَقْديرا كَقَوْلِه أوصيت لَهُ بِكَذَا فَإِنَّهُ بِمَنْزِلَة لَهُ بعد موتِي كَذَا

وَالْأَصْل فيهمَا الْكتاب وَالسّنة وَالْإِجْمَاع قَالَ تَعَالَى فِي أَرْبَعَة مَوَاضِع من الْقُرْآن {من بعد وَصِيَّة يُوصي بهَا} 4 النِّسَاء الْآيَة 11 وَقَالَ صلى الله عليه وسلم المحروم من حرم الْوَصِيَّة من مَاتَ على وَصِيَّة مَاتَ على سَبِيل وَسنة وتقى وَشَهَادَة وَمَات مغفورا لَهُ

وَالْوَصِيَّة سنة مُؤَكدَة فِيمَا دون الثُّلُث لغير الْوَارِث وَتكره فِي الزَّائِد وَقت الْوَصِيَّة لَا وَقت الْمَوْت إِذْ لَا نعلم حَال المَال وَقت الْمَوْت ويتوقف تنفيذه على إجَازَة الْوَرَثَة بعد الْمَوْت

أما للْوَارِث فمباحة فِي الثُّلُث أَو غَيره ويتوقف على الْإِجَازَة مُطلقًا روى الإِمَام أَحْمد وَالدَّارَقُطْنِيّ أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ إِن الرجل ليعْمَل بِعَمَل أهل الْجنَّة فَإِذا جَار فِي وَصيته فيختم لَهُ بِسوء عمله فَيدْخل النَّار وَإِن الرجل ليعْمَل بِعَمَل أهل النَّار سبعين سنة فيعدل فِي وَصيته فيختم لَهُ بِخَير عمله فَيدْخل الْجنَّة

وَاعْلَم أَن صَدَقَة الشَّخْص صَحِيحا ثمَّ حَيا أفضل من صدقته مَرِيضا وَبعد الْمَوْت وَيَنْبَغِي أَن لَا

ص: 277

يغْفل عَن الْوَصِيَّة سَاعَة

قَالَ الْعَلامَة الحفني وَالَّذِي لم يوص من أبخل البخلاء لِأَنَّهُ بخل بِشَيْء يكون بعد مَوته

وأركان الْوَصِيَّة أَرْبَعَة موص وموصى لَهُ وموصى بِهِ وَصِيغَة وَشرط فِي الْمُوصي تَكْلِيف وحرية وَاخْتِيَار وَلَو كَانَ كَافِرًا حَرْبِيّا أَو غَيره وَإِن اسْترق بعد الْوَصِيَّة حَيْثُ عتق قبل مَوته أَو مَحْجُور سفه كَمَا يَقع من الْوَصِيَّة من الْمَرْأَة للغاسلة بِخَاتم أَو نَحوه أَو فلس كَمَا قَالَ (تصح وَصِيَّة مُكَلّف حر) مُخْتَار وَلَا بُد من وجود هَذِه الْأَوْصَاف عِنْد الْوَصِيَّة وَذَلِكَ لصِحَّة عبارتهم واحتياجهم للثَّواب الشَّامِل للتَّخْفِيف من عَذَاب غير الْكفْر فِي حق الْكَافِر والسكران كالمكلف وَإِن لم يكن تَمْيِيز فَلَا تصح الْوَصِيَّة من صبي وَمَجْنُون ومغمى عَلَيْهِ ورقيق وَلَو مكَاتبا ومكره كَسَائِر الْعُقُود لعدم ملك الرَّقِيق أَو ضعفه وَشرط فِي الْمُوصى لَهُ عدم الْمعْصِيَة وَعدم الْكَرَاهَة فِي الْوَصِيَّة لَهُ بِأَن تكون الْوَصِيَّة (لجِهَة حل) سَوَاء كَانَ الْمُوصى لَهُ جِهَة عَامَّة أَو غَيرهَا فَلَا تصح الْوَصِيَّة لكَافِر بِعَبْد مُسلم ومرتد ومصحف وَكتب علم فِيهَا آثَار السّلف لكَونهَا مَعْصِيّة إِذا بَقِي الْمُوصى لَهُ على الْكفْر إِلَى موت الْمُوصي

ثمَّ إِن كَانَت الْوَصِيَّة على غير جِهَة اشْترط فِي الْمُوصى لَهُ أَيْضا كَونه مَوْجُودا مَعْلُوما أَهلا للْملك فَلَا تصح الْوَصِيَّة لحمل سيحدث وَإِن حدث قبل موت الْمُوصي لِأَنَّهَا تمْلِيك وتمليك الْمَعْدُوم مُمْتَنع وَلَا تصح لأحد هذَيْن الرجلَيْن لِأَن الْملك لَا يتَصَوَّر للمبهم مَا دَامَ على إبهامه وَلذَلِك صَحَّ أَن يَقُول أعْطوا هَذَا لأحد هذَيْن لِأَنَّهُ تَفْوِيض لغيره وَهُوَ إِنَّمَا يعْطى معينا كَمَا صَحَّ قَوْله لوَكِيله بِعْهُ لأَحَدهمَا وَلَا تصح لمَيت لِأَنَّهُ لَيْسَ أَهلا للْملك وَلَا لدابة غير مَوْقُوفَة لذَلِك إِلَّا إِن فسر الْوَصِيَّة لَهَا بِالصرْفِ فِي عَلفهَا فَتَصِح لِأَن عَلفهَا على مَالِكهَا فَهُوَ الْمَقْصُود بِالْوَصِيَّةِ فَيشْتَرط قبُوله وَيتَعَيَّن الصّرْف إِلَى جِهَة الدَّابَّة رِعَايَة لغَرَض الْمُوصي وَلَا يسلم عَلفهَا للْمَالِك بل يصرفهُ الْوَصِيّ الَّذِي أَقَامَهُ الْمُوصي فَإِن لم يكن فَالْقَاضِي وَلَو بنائبه وَشَمل قَوْله لجِهَة حل الْقرْبَة كعمارة الْمَسَاجِد وَلَو من كَافِر وَعمارَة نَحْو قبَّة على قُبُور الْأَنْبِيَاء وَالْعُلَمَاء وَالصَّالِحِينَ لما فِي ذَلِك من إحْيَاء الزِّيَارَة والتبرك بهَا وَذَلِكَ إِذا كَانَ الدّفن فِي مَوَاضِع مَمْلُوكَة لَهُم أَو لمن دفنهم فِيهَا لأبناء الْقُبُور نَفسهَا للنَّهْي عَنهُ وَلَا فعل ذَلِك فِي الْمَقَابِر المسبلة فَإِن فِيهِ تضييقا على الْمُسلمين والمباحة كفك أُسَارَى كفار منا وَإِن كَانَ الْمُوصي ذِمِّيا وَأَعْطَاهُ غَنِي وَكَافِر وَلَو حَرْبِيّا ومرتدا إِذا لم يمت على ردته وَبِنَاء رِبَاط لنزول أهل الذِّمَّة أَو سكناهم بِهِ مَا لم يَأْتِ بِمَا يدل على أَنه للتعبد وَحده أَو مَعَ نزُول الْمَارَّة فَلَا تصح الْوَصِيَّة حِينَئِذٍ وكما لَو أوصى بِأَن يدْفن فِي بَيته فَتَصِح لِأَن الدّفن فِيهِ مُبَاح لَيْسَ بمكروه وَتَصِح الْوَصِيَّة لقَاتل بِأَن يُوصي لشخص فيقتله هُوَ أَو سَيّده وَلَو عمدا لِأَنَّهَا تمْلِيك بِعقد فَأَشْبَهت الْهِبَة لَا الْإِرْث

أما لَو أوصى لمن يقْتله أَو يقتل غَيره عُدْوانًا فَلَا تصح لِأَنَّهَا مَعْصِيّة

(و) تصح (لحمل) حرا كَانَ أَو رَقِيقا من زوج أَو شُبْهَة أَو زنا إِن انْفَصل حَيا حَيَاة مُسْتَقِرَّة وَإِلَّا لم يسْتَحق شَيْئا وَوجد حَال الْوَصِيَّة يَقِينا أَو ظنا (و) تصح (لوَارث) من وَرَثَة متعددين (مَعَ إجَازَة) بَاقِي (ورثته) المطلقين التَّصَرُّف سَوَاء أزاد على الثُّلُث أم لَا وَالْعبْرَة بإرثهم وَقت الْمَوْت وبردهم وإجازتهم بعده وَالْحِيلَة فِي أَخذ الْوَارِث

ص: 278

من غير توقف على إجَازَة من بَقِيَّة الْوَرَثَة أَن يُوصي لفُلَان بِأَلف أَي وَهُوَ ثلث فَأَقل إِن تبرع لولد الْمُوصي بِخَمْسِمِائَة أَو بِأَلفَيْنِ فَإِذا قبل وَأدّى للِابْن مَا شَرط عَلَيْهِ أَخذ الْوَصِيَّة وَلم يُشَارك بَقِيَّة الْوَرَثَة الابْن فِيمَا حصل لَهُ وَشرط فِي الْمُوصى بِهِ كَونه مُبَاحا يقبل النَّقْل من شخص إِلَى آخر فَتَصِح بِحمْل مَوْجُود إِن انْفَصل حَيا أَو مَيتا مَضْمُونا بِأَن كَانَ ولد أمة وجنى عَلَيْهِ بِخِلَاف ولد الْبَهِيمَة إِن انْفَصل مَيتا بِجِنَايَة فَإِن الْوَصِيَّة تبطل وَمَا يغرمه الْجَانِي حِينَئِذٍ مِمَّا نقص من قيمَة أمه يكون للْوَارِث وبثمر وَحمل وَلَو معدومين وبمبهم فَيرجع فِي تَفْسِيره للْوَارِث إِن لم يُبينهُ الْمُوصي وبمعجوز عَن تَسْلِيمه وتسلمه وبنجس يقتنى ككلب قَابل للتعليم وزبل وخمر مُحْتَرمَة وميتة لإطعام الْجَوَارِح وَلَو ميتَة كلب أَو خِنْزِير وَشرط فِي الصِّيغَة لفظ إِيجَاب يشْعر بِالْوَصِيَّةِ وصريحه حَاصِل (بأعطوه كَذَا أَو هُوَ لَهُ بعد موتِي) فِي الِاثْنَيْنِ (وبأوصيت لَهُ) بِكَذَا وَلَو لم يقل بعد موتِي لوضعها شرعا لذَلِك فَإِن اقْتصر على نَحْو وهبته لَهُ فهبة ناجزة أَو اقْتصر على نَحْو ادفعوا لَهُ كَذَا من مَالِي فتوكيل يرْتَفع بِمَوْتِهِ فَكل من هذَيْن لَا يكون كِنَايَة وَصِيَّة أَو اقْتصر على قَوْله جعلته لَهُ احْتمل الْهِبَة وَالْوَصِيَّة فَإِن علمت نِيَّته لأَحَدهمَا صَحَّ وَإِلَّا بَطل أَو اقْتصر على قَوْله ثلث مَالِي للْفُقَرَاء لم يكن إِقْرَارا بل كِنَايَة وَصِيَّة على الرَّاجِح وَمَعْلُوم أَن الْكِنَايَة تفْتَقر إِلَى نِيَّة

أما قَوْله هُوَ لَهُ فَقَط فإقرار لِأَنَّهُ من صرائحه وَوجد نفاذا فِي مَوْضُوعه فَلَا يَجْعَل كِنَايَة فِي غَيره وَهُوَ الْوَصِيَّة وَكَذَا لَو اقْتصر على قَوْله هُوَ صَدَقَة أَو وقف على كَذَا فينجز من حِينَئِذٍ وَإِن وَقع جَوَابا مِمَّن قيل لَهُ أوص لِأَن وُقُوعه جَوَابا لَا يُفِيد فِي صرفه عَن كَونه صَدَقَة أَو وَقفا وكنايته كِتَابَة وَلَو من نَاطِق فتنعقد الْوَصِيَّة بهَا مَعَ النِّيَّة وَقَوله هُوَ لَهُ من مَالِي وعينت لَهُ هَذَا أَو عَبدِي هَذَا لَهُ ويكتفي هُنَا فِي النِّيَّة باقترانها بِجُزْء من اللَّفْظ بِخِلَاف مَا فِي البيع فَلَا بُد من اقترانها بِجَمِيعِ اللَّفْظ وَتلْزم الْوَصِيَّة بِمَوْت لَكِن (مَعَ قبُول) موصى لَهُ (معِين) مَحْصُور (بعد موت موص) وَلَو بتراخ فَلَا يَصح الْقبُول قبل الْمَوْت وَذَلِكَ إِن تأهل الْمُوصى لَهُ للقبول وَإِلَّا فَيشْتَرط الْقبُول من وليه أَو سَيّده أَو نَاظر الْمَسْجِد بِخِلَاف نَحْو الْخَيل المسبلة بالثغور لَا تحْتَاج لقبُول لِأَنَّهَا تشبه الْجِهَة الْعَامَّة وَلَو كَانَ الْمُوصى بِهِ إعتاقا كَأَن قَالَ أعتقوا عني فلَانا بعد موتِي فَلَا حَاجَة إِلَى الْقبُول بِخِلَاف مَا إِذا أوصى للرقيق بِرَقَبَتِهِ فَلَا بُد مِنْهُ

وَلَا يشْتَرط الْقبُول فِي غير مَحْصُور وَغير معِين كالفقراء والعلوية بل تلْزم الْوَصِيَّة بِمَوْت الْمُوصي لتعذر الْقبُول مِنْهُم وَلَو ردوا لم ترتد بردهمْ وَيجوز الِاقْتِصَار على ثَلَاثَة مِنْهُم وَلَا تجب التَّسْوِيَة بَينهم بِخِلَاف المحصورين فَيجب قبولهم واستيعابهم والتسوية بَينهم وَالْوَصِيَّة بِالثُّلثِ وَقت الْوَصِيَّة خلاف الأولى وَيَنْبَغِي أَن لَا يُوصي بزائد على الثُّلُث سَوَاء كَانَ ورثته فُقَرَاء أَو أَغْنِيَاء وَلذَلِك (لَا) تصح الْوَصِيَّة (فِي زَائِد على ثلث فِي مرض مخوف) أَي يخَاف مِنْهُ

ص: 279

الْمَوْت وَيَمُوت فِيهِ لِأَن الْمَرِيض مَحْجُور عَلَيْهِ فِي الزَّائِد بِخِلَاف مَا إِذا شفي مِنْهُ فَإِنَّهُ ينفذ لتبين عدم الْحجر وَذَلِكَ (إِن رده) أَي الزَّائِد (وَارِث) خَاص مُطلق التَّصَرُّف لِأَنَّهُ حَقه فَإِن كَانَ الْوَارِث عَاما بطلت الْوَصِيَّة فِي الزَّائِد ابْتِدَاء من غير رد لِأَن الْحق للْمُسلمين فَلَا مجيز

أما إِذا كَانَ الْوَارِث الْخَاص غير مُطلق التَّصَرُّف فَلَا يَصح رده وَلَا إِجَازَته بل توقف إِلَى كَمَاله إِن رجى وَإِلَّا كجنون مستحكم أيس من برئه بطلت الْوَصِيَّة ظَاهرا وَإِلَّا فَلَا وعَلى كل من الْيَأْس من برئه وَعَدَمه فَمَتَى برأَ وَأَجَازَ بَان نفوذها وَإِن أجَاز الْوَارِث الْخَاص الْمُطلق التَّصَرُّف فإجازته إِمْضَاء لتصرف الْمُوصي بِالزِّيَادَةِ على الثُّلُث لصِحَّته وَحقّ الْوَارِث إِنَّمَا يثبت فِي ثَانِي الْحَال وَهُوَ بعد الْإِجَازَة لَا وَقت الْمَوْت فَأشبه عَفْو الشَّفِيع من حَيْثُ كَونه بعد البيع لَا قبله وَيعْتَبر المَال ليعلم قدر الثُّلُث مِنْهُ وَقت الْمَوْت لَا وَقت الْوَصِيَّة وبالموت تلْزم من جِهَة الْمُوصي

فَلَو قتل فَوَجَبت دِيَته بِنَفس الْقَتْل بِأَن كَانَ خطأ أَو شبه عمد ضمت لمَاله حَتَّى لَو أوصى بِثُلثِهِ أَخذ الْمُوصى لَهُ ثلث الدِّيَة

أما لَو كَانَ الْقَتْل عمدا يُوجب الْقصاص إِذا عُفيَ عَنهُ على مَال بعد مَوته فَلَا يضم إِلَى التَّرِكَة لِأَنَّهُ لم يكن مَال الْمُوصي وَقت الْمَوْت وَلَو أوصى برقيق وَلَا رَقِيق لَهُ ثمَّ ملك عِنْد الْمَوْت رَقِيقا تعلّقت الْوَصِيَّة بِهِ وَلَو زَاد مَاله تعلّقت الْوَصِيَّة بذلك الزَّائِد (وَيعْتَبر مِنْهُ) أَي الثُّلُث الَّذِي يُوصي بِهِ (عتق علق بِالْمَوْتِ) فِي الصِّحَّة أَو الْمَرَض وَلَو مَعَ غَيره كَمَا لَو قَالَ إِن مت وَدخلت الدَّار فَأَنت حر

نعم لَو قَالَ صَحِيح لرقيقه أَنْت حر قبل مرض موتِي بِيَوْم ثمَّ مَاتَ من مرض بعد التَّعْلِيق بِأَكْثَرَ من يَوْم أَو قبل موتِي بِشَهْر ثمَّ مرض دونه وَمَات بعد أَكثر من شهر عتق من رَأس المَال فِي الصُّورَتَيْنِ لِأَن عتقه وَقع فِي الصِّحَّة (ووقف) وعارية عين سنة مثلا وتأجيل ثمن مَبِيع كَذَلِك فَيعْتَبر من الثُّلُث أُجْرَة الْعَارِية وَثمن الْمَبِيع وَإِن بَاعه بأضعاف ثمن مثله لِأَن تَفْوِيت يدهم كتفويت ملكهم (وَهبة) منجزة فِي مرض الْمَوْت وَعتق لغير مستولدته إِذْ هُوَ لَهَا فِيهِ من رَأس المَال وإبراء وَهبة فِي صِحَة وإقباض فِي مرض حَيْثُ اتّفق الْمُتَّهب وَالْوَارِث على أَن الْقَبْض وَقع فِي الْمَرَض وَإِلَّا حلف الْمُتَّهب أَن الْقَبْض وَقع فِي الصِّحَّة فَيكون الِاعْتِبَار من رَأس المَال

وَاعْلَم أَنه إِذا ثَبت الْمَرَض مخوفا عندنَا فِي زمن الْمَرَض وَمَات بِهِ حكم عِنْد الْمَوْت بِعَدَمِ نُفُوذ التَّبَرُّع الزَّائِد على الثُّلُث حِينَئِذٍ فَإِن برأَ نفذ وَإِن ثَبت عندنَا فِي زمن الْمَرَض أَنه غير مخوف فَمَاتَ فَإِن حمل على الْفجأَة حكمنَا بعد الْمَوْت بنفوذه وَإِلَّا فَلَا وَلَو تصرف فِي مرض غير مخوف ثمَّ عقبه مرض مخوف وَمَات بِهِ فَإِن كَانَ الْمَرَض الأول مِمَّا لَا يتَوَلَّد عَنهُ الثَّانِي عَادَة نفذ التَّصَرُّف فِيهِ وَإِن كَانَ مِمَّا يتَوَلَّد عَنهُ الثَّانِي عَادَة لم ينفذ لِأَن الْمَوْت مَنْسُوب إِلَيْهِ وَلَو بِوَاسِطَة كَمَا قَالَه عمر الْبَصْرِيّ

ثمَّ الْوَصِيَّة إِن كَانَ مَطْلُوبَة حِين فعلهَا إِذا عرض للْمُوصى لَهُ مَا يَقْتَضِي أَنه يصرفهَا فِي محرم وَجب الرُّجُوع أَو فِي مَكْرُوه ندب الرُّجُوع أَو فِي طَاعَة كره الرُّجُوع

(وَتبطل) أَي الْوَصِيَّة (بِرُجُوع)

ص: 280

عَن الْوَصِيَّة وَعَن بَعْضهَا وَيحصل الرُّجُوع (بِنَحْوِ نقضت) الْوَصِيَّة كأبطلتها وَرجعت فِيهَا ورفعتها ورددتها وأزلتها وفسختها وَكلهَا صرائح كَهُوَ حرَام على الْمُوصى لَهُ (و) بقوله (هَذَا) أَي الْمُوصى بِهِ (لوارثي) أَو مِيرَاث عني وَإِن لم يقل بعد موتِي لِأَنَّهُ لَا يكون كَذَلِك إِلَّا وَقد أبطل الْوَصِيَّة فِيهِ فَصَارَ كَقَوْلِه رَددتهَا (وب) نَحْو (بيع رهن) وَلَو بِلَا قبُول لظُهُور صرفه بذلك عَن جِهَة الْوَصِيَّة (وَعرض عَلَيْهِ) وتوكيل فِي البيع وَفِي الْعرض (وغرس) وَبِنَاء فِي أَرض سَوَاء أَكَانَ ذَلِك بِفِعْلِهِ أم بِفعل مأذونه بِخِلَاف زرعه فِيهَا (وَتَنْفَع مَيتا صَدَقَة) لأَجله من وَارِث وَغَيره

وَمِنْهَا وقف الْمُصحف وَغَيره وحفر بِئْر وغرس شجر روى مُسلم عَن عَائِشَة رضي الله عنها أَن رجلا أَتَى النَّبِي صلى الله عليه وسلم فَقَالَ يَا رَسُول الله إِن أُمِّي انفلتت نَفسهَا وَلم توص وأظنها لَو تَكَلَّمت تَصَدَّقت أفلها أجر إِن تَصَدَّقت عَنْهَا قَالَ نعم اه

وَالتَّصَدُّق عَن الْمَيِّت بِوَجْه شَرْعِي مَطْلُوب وَلَا يتَقَيَّد بِكَوْنِهِ فِي سَبْعَة أَيَّام أَو أَكثر أَو أقل وتقييده بِبَعْض الْأَيَّام من العوائد فَقَط كَمَا أفتى بذلك السَّيِّد أَحْمد دحلان وَقد جرت عَادَة النَّاس بالتصدق عَن الْمَيِّت فِي ثَالِث من مَوته وَفِي سَابِع وَفِي تَمام الْعشْرين وَفِي الْأَرْبَعين وَفِي الْمِائَة وَبعد ذَلِك يفعل كل سنة حولا فِي يَوْم الْمَوْت كَمَا أَفَادَهُ شَيخنَا يُوسُف السنبلاويني

أما الطَّعَام الَّذِي يجْتَمع عَلَيْهِ النَّاس لَيْلَة دفن الْمَيِّت الْمُسَمّى بالوحشة فَهُوَ مَكْرُوه مَا لم يكن من مَال الْأَيْتَام وَإِلَّا فَيحرم كَذَا فِي كشف اللثام

(وَدُعَاء) قَالَ النَّوَوِيّ فِي الْأَذْكَار أجمع الْعلمَاء على أَن الدُّعَاء للأموات يَنْفَعهُمْ ويصلهم ثَوَابه اه

رُوِيَ عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم أَنه قَالَ مَا الْمَيِّت فِي قَبره إِلَّا كالغريق المغوث بِفَتْح الْوَاو الْمُشَدّدَة أَي الطَّالِب لِأَن يغاث ينْتَظر دَعْوَة تلْحقهُ من ابْنه أَو أَخِيه أَو صديق لَهُ فَإِذا لحقته كَانَت أحب إِلَيْهِ من الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا وَأَن هَدَايَا الْأَحْيَاء للأموات الدُّعَاء وَالِاسْتِغْفَار

وقالحسين الْمحلي فِي كشف اللثام يحصل ثَوَاب الْقِرَاءَة للْمَيت بِمُجَرَّد قَصده بهَا وَهُوَ مَذْهَب الْأَئِمَّة الثَّلَاثَة وَكَذَا الْقِرَاءَة بِحَضْرَة الْمَيِّت أَو بنية القارىء ثَوَاب قِرَاءَته لَهُ أَو بدعائه لَهُ عقب الْقِرَاءَة

وَمِنْه اللَّهُمَّ أوصل ثَوَاب مَا قرأناه إِلَى فلَان وَلَو قَالَ بعده ثمَّ إِلَى أموات الْمُسلمين اه

وَقَالَ مُحَمَّد أَبُو خضير فِي نِهَايَة الأمل وَالَّذِي اسْتَقر عَلَيْهِ الْحَال من خلاف كَبِير أَن الْمَيِّت يَنْفَعهُ مَا يفعل لَهُ من الْخيرَات بعد مَوته لَكِن لَا بُد أَن يقْصد الْفَاعِل ثَوَاب ذَلِك للْمَيت أَو يَدْعُو لَهُ عقب الْفِعْل بِحُصُول الثَّوَاب لَهُ أَو يكون عِنْد قَبره وَيحصل لفاعل ذَلِك ثَوَاب أَيْضا وَلَو سقط ثَوَاب الْفَاعِل لمسقط كَأَن غلب الْبَاعِث الدنيوي كَأَن كَانَ بِأُجْرَة فَيَنْبَغِي أَن لَا يسْقط مثله بِالنِّسْبَةِ للْمَيت

وَقَالَ فِي مَوضِع آخر يجب اعْتِقَاد أَن الدُّعَاء ينفع الْأَحْيَاء والأموات إِن دَعَا لَهُم غَيرهم ويضرهم إِن دَعَا عَلَيْهِم بِحَق

وروى الْحَاكِم أَنه صلى الله عليه وسلم قَالَ لَا يُغني حذر من قدر وَالدُّعَاء ينفع مِمَّا نزل وَمِمَّا لم ينزل وَإِن الْبلَاء لينزل ويتلقاه الدُّعَاء فيتعالجان إِلَى يَوْم الْقِيَامَة

وَأجْمع على نَفعه السّلف وَالْخلف من أهل السّنة

وَاعْلَم أَن للدُّعَاء شُرُوطًا وآدابا فَمن شُرُوطه أكل الْحَلَال وَأَن يَدْعُو وَهُوَ

ص: 281