الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَغَيْرُهُ، وَجَهْلُ التَّحْرِيمِ كَالسَّهْوِ.
(وَتَبْطُلُ)(بِقَلِيلِ الْأَكْلِ) أَيْ الْمَأْكُولِ عُرْفًا، وَلَا يَتَقَيَّدُ بِنَحْوِ السِّمْسِمَةِ: أَيْ بِوُصُولِهِ إلَى جَوْفِهِ، وَإِنْ كَانَ مُكْرَهًا عَلَيْهِ لِشِدَّةِ مُنَافَاتِهِ لَهَا مَعَ نُدْرَتِهِ، وَمِثْلُهُ لَوْ وَصَلَ مُفْطِرٌ جَوْفَهُ كَبَاطِنِ أُذُنٍ، وَإِنْ قَلَّ، أَمَّا الْمَضْغُ نَفْسُهُ فَلَا تَبْطُلُ بِقَلِيلِهِ كَبَقِيَّةِ الْأَفْعَالِ (قُلْت: إلَّا أَنْ يَكُونَ نَاسِيًا) لِلصَّلَاةِ (أَوْ جَاهِلًا) تَحْرِيمَهُ وَعُذِرَ مَعَهُ فَلَا تَبْطُلُ بِقَلِيلِهِ قَطْعًا (وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) وَكَذَا لَوْ جَرَى رِيقُهُ بِبَاقِي طَعَامٍ بَيْنَ أَسْنَانِهِ وَعَجَزَ عَنْ تَمْيِيزِهِ وَمَجِّهِ كَمَا فِي الصَّوْمِ، أَوْ نَزَلَتْ نُخَامَةٌ وَلَمْ يُمْكِنْهُ إمْسَاكُهَا، بِخِلَافِ كَثِيرِهِ عُرْفًا وَلَوْ نَاسِيًا أَوْ جَاهِلًا، وَإِنَّمَا لَمْ يُفْطِرْ بِهِ عِنْدَ الْمُصَنِّفِ؛ لِأَنَّ الصَّلَاةَ ذَاتُ أَفْعَالٍ مَنْظُومَةٍ، وَالْكَثِيرُ يَقْطَعُ نَظْمَهَا، وَالصَّوْمُ كَفٌّ وَلِتَلَبُّسِ الْمُصَلِّي بِهَيْئَةٍ يَبْعُدُ مَعَهَا النِّسْيَانُ بِخِلَافِ الصَّوْمِ، وَلَا يُشْتَرَطُ فِعْلٌ مَعَ وُصُولِ الْمُفْطِرِ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ (فَلَوْ)(كَانَ بِفَمِهِ سُكَّرَةٌ) فَذَابَتْ (فَبَلِعَ) بِكَسْرِ اللَّامِ وَحُكِيَ فَتْحُهَا (ذَوْبَهَا) مَعَ عَمْدِهِ وَعِلْمِهِ بِتَحْرِيمِهِ أَوْ تَقْصِيرِهِ فِي التَّعَلُّمِ (بَطَلَتْ) صَلَاتُهُ (فِي الْأَصَحِّ) لِمَا مَرَّ، وَتَعْبِيرُهُ بِبَلَعَ الْمُشْعِرُ بِقَصْدِهِ وَتَعَمُّدِهِ أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِ أَصْلِهِ بِيَسُوغُ وَيَذُوبُ: أَيْ يَنْزِلُ لِجَوْفِهِ بِلَا فِعْلٍ لِإِيهَامِهِ الْبُطْلَانَ، وَلَوْ مَعَ نَحْوِ النِّسْيَانِ، وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ لَا تَبْطُلُ لِعَدَمِ الْمَضْغِ.
(وَيُسَنُّ)(لِلْمُصَلِّي) أَنْ يَتَوَجَّهَ (إلَى جِدَارٍ أَوْ سَارِيَةٍ) أَيْ عَمُودٍ (أَوْ عَصَا مَغْرُوزَةٍ) أَوْ هُنَا لِلتَّرْتِيبِ وَفِيمَا قَبْلَهَا لِلتَّخْيِيرِ، فَيُقَدَّمُ الْجِدَارُ أَوَّلًا، وَفِي مَعْنَاهُ السَّارِيَةُ وَنَحْوُهَا ثُمَّ الْعَصَا ثُمَّ الْخَطُّ، فَلَوْ عَدَلَ إلَى مَرْتَبَةٍ، وَهُوَ قَادِرٌ عَلَى مَا قَبْلَهَا لَمْ تَحْصُلْ سُنَّةُ الِاسْتِتَارِ، وَيَظْهَرُ أَنَّ عُسْرَ مَا قَبْلَهَا عَلَيْهِ بِمَنْزِلَةِ عَجْزِهِ عَنْهَا (أَوْ بَسَطَ مُصَلِّي) عِنْدَ عَجْزِهِ عَمَّا قَبْلَهُ كَسَجَّادَةِ (أَوْ خَطَّ قُبَالَتَهُ) عِنْدَ الْعَجْزِ عَنْ الْمَرْتَبَةِ قَبْلَهَا وَيَكُونُ طُولًا كَمَا فِي الرَّوْضَةِ، وَيَحْصُلُ أَصْلُ السُّنَّةِ بِجَعْلِهِ عَرْضًا لِخَبَرِ «اسْتَتِرُوا فِي صَلَاتِكُمْ وَلَوْ بِسَهْمٍ» وَخَبَرِ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
قَوْلُهُ: كَالسَّهْوِ) أَيْ فَتَبْطُلُ بِالْكَثِيرِ مَعَهُ فِي الْأَصَحِّ وَظَاهِرُهُ، وَإِنْ كَانَ قَرِيبَ الْعَهْدِ بِالْإِسْلَامِ، وَغَيْرَ مُخَالِطٍ لِلْعُلَمَاءِ.
(قَوْلُهُ: فَلَا تَبْطُلُ بِقَلِيلِهِ قَطْعًا) قِيَاسُ مَا فِي الصَّوْمِ الَّذِي تَقَدَّمَ قَرِيبًا نَقْلُهُ عِنْدَ قَوْلِهِ أَوْ نَسِيَ الصَّلَاةَ إلَخْ بِنَاءً عَلَى مَا فَرَّقْنَا بِهِ ثَانِيًا مِنْ أَنَّهُ لَوْ أَكَلَ هُنَا نَاسِيًا ثُمَّ تَذَكَّرَ وَظَنَّ أَنَّ صَلَاتَهُ بَطَلَتْ بِمَا فَعَلَهُ فَبَلَعَ بَقِيَّةَ الْمَأْكُولِ عَامِدًا الْبُطْلَانُ، وَمُقْتَضَى مَا فَرَّقْنَا بِهِ أَوَّلًا عَدَمُهُ، وَهُوَ الظَّاهِرُ (قَوْلُهُ: وَعَجَزَ عَنْ تَمْيِيزِهِ) أَيْ أَمَّا مُجَرَّدُ الطَّعْمِ الْبَاقِي مِنْ أَثَرِ الطَّعَامِ فَلَا أَثَرَ لَهُ لِانْتِفَاءِ وُصُولِ الْعَيْنِ إلَى جَوْفِهِ، وَلَيْسَ مِثْلُ ذَلِكَ الْأَثَرِ الْبَاقِي بَعْدَ شُرْبِ الْقَهْوَةِ مِمَّا يُغَيَّرُ لَوْنُهُ أَوْ طَعْمُهُ فَيَضُرُّ ابْتِلَاعُهُ؛ لِأَنَّ تَغَيُّرَ لَوْنِهِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ بِهِ عَيْنًا، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُقَالَ بِعَدَمِ الضَّرَرِ؛ لِأَنَّ مُجَرَّدَ اللَّوْنِ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ اكْتَسَبَهُ الرِّيقُ مِنْ مُجَاوَرَتِهِ لِلْأَسْوَدِ مَثَلًا. وَهَذَا هُوَ الْأَقْرَبُ أَخْذًا مِمَّا قَالُوهُ فِي طَهَارَةِ الْمَاءِ إذَا تَغَيَّرَ بِمُجَاوِرٍ (قَوْلُهُ: أَوْ نَزَلَتْ نُخَامَةٌ وَلَمْ يُمْكِنْهُ إمْسَاكُهَا) أَيْ أَوْ أَمْكَنَهُ وَنَسِيَ كَوْنَهُ فِي صَلَاةٍ أَوْ جَهِلَ تَحْرِيمَ ابْتِلَاعِهَا.
(قَوْلُهُ: وَيُسَنُّ لِلْمُصَلِّي) أَيْ لِمُرِيدِ الصَّلَاةِ وَلَوْ صَلَاةَ جِنَازَةٍ. وَيَنْبَغِي أَنْ يُعَدَّ النَّعْشُ سَاتِرًا إنْ قَرُبَ مِنْهُ، فَإِنْ بَعُدَ مِنْهُ اُعْتُبِرَ لِحُرْمَةِ الْمُرُورِ أَمَامَهُ سُتْرَةً بِالشُّرُوطِ. وَيَنْبَغِي أَيْضًا أَنَّ فِي مَعْنَى الصَّلَاةِ سَجْدَةَ التِّلَاوَةِ وَالشُّكْرِ، وَنُقِلَ بِالدَّرْسِ عَنْ شَيْخِنَا الزِّيَادِيِّ مِثْلُ ذَلِكَ، وَأَنَّ مَرْتَبَةَ النَّعْشِ بَعْدَ الْعَصَا (قَوْلُهُ: أَوْ عَصَا) يُرْسَمُ بِالْأَلِفِ؛ لِأَنَّهُ وَاوِيٌّ. قَالَ الْفَرَّاءُ: أَوَّلُ لَحْنٍ سُمِعَ. قَالَ الْغَزِّيِّ: أَيْ بِالْعِرَاقِ هَذِهِ عَصَاتِي، وَإِنَّمَا هِيَ كَمَا قَالَ تَعَالَى عَصَايَ. اهـ عَمِيرَةُ.
(قَوْلُهُ: وَنَحْوهَا) أَيْ مِمَّا لَهُ ثَبَاتٌ وَظُهُورٌ كَظُهُورِ السَّارِيَةِ (قَوْلُهُ: ثُمَّ الْخَطُّ) أَيْ بَعْدَ السَّجَّادَةِ لِمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: كَسَجَّادَةِ) أَيْ بِفَتْحِ السِّينِ كَمَا فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ وَالْمَحَلِّيِّ
ــ
[حاشية الرشيدي]
مُسْتَغْرَبٍ أَوْ لِإِشَارَةٍ إلَى خِلَافٍ، وَالْقَلِيلُ بِالْمَعْنَى الْمَذْكُورِ لَا غَرَابَةَ فِيهِ إذْ لَا يَضُرُّ فِي صُلْبِ الصَّلَاةِ، وَأَيْضًا فَقَدْ قَرَنُوهُ فِي الْغَايَةِ مَعَ أُمُورٍ تَبْطُلُ الصَّلَاةُ بِهَا وَتُغْتَفَرُ فِيمَا مَرَّ وَهِيَ اسْتِدْبَارُ الْقِبْلَةِ وَالْكَلَامُ فَلْيُرَاجَعْ وَلْيُحَرَّرْ
[بُطْلَانُ الصَّلَاة بِقَلِيلِ الْأَكْلِ]
(قَوْلُهُ: أَنْ يَتَوَجَّهَ) أَرَادَ أَنْ يُفِيدَ بِهِ قَدْرًا زَائِدًا عَلَى مُفَادِ الْمَتْنِ وَهُوَ سَنُّ التَّوَجُّهِ إلَى مَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: ثُمَّ الْخَطُّ) أَيْ بَعْدَ الْمُصَلِّي
«إذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ فَلْيَجْعَلْ أَمَامَ وَجْهِهِ شَيْئًا فَإِنْ لَمْ يَجِدْ فَلْيَنْصِبْ عَصًا، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ عَصًا فَلْيَخُطَّ خَطًّا ثُمَّ لَا يَضُرُّهُ مَا مَرَّ أَمَامَهُ» وَقِيسَ بِالْخَطِّ الْمُصَلِّي، وَقُدِّمَ عَلَى الْخَطِّ؛ لِأَنَّهُ أَظْهَرُ فِي الْمُرَادِ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ مَا اسْتَتَرَ بِهِ مِقْدَارَ ثُلُثَيْ ذِرَاعٍ فَأَكْثَرَ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ عَرْضٌ كَسَهْمٍ، وَأَنْ لَا يَبْعُدَ عَنْ قَدَمَيْهِ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةِ أَذْرُعٍ بِذِرَاعِ الْيَدِ، وَهَلْ تُحْسَبُ الثَّلَاثَةُ مِنْ رُءُوسِ الْأَصَابِعِ أَوْ مِنْ الْعَقِبِ فِيهِ احْتِمَالٌ، وَالْأَوْجَهُ الْأَوَّلُ.
وَيُسَنُّ لَهُ أَنْ يُمِيلَ السُّتْرَةَ عَنْ وَجْهِهِ يَمْنَةً أَوْ يَسْرَةً وَلَا يَجْعَلُهَا بَيْنَ عَيْنَيْهِ، وَإِذَا صَلَّى إلَى سُتْرَةٍ عَلَى الْحُكْمِ الْمَارِّ سُنَّ لَهُ وَكَذَا لِغَيْرِهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْإِسْنَوِيُّ وَغَيْرُهُ تَفَقُّهًا.
(دَفْعُ الْمَارِّ) بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا، وَتَعْبِيرُهُمْ بِالْمُصَلِّي جَرْيٌ عَلَى الْغَالِب،
ــ
[حاشية الشبراملسي]
قَوْلُهُ: ثُمَّ لَا يَضُرُّهُ) أَيْ فِي كَمَالِ ثَوَابِهِ (قَوْلُهُ: ثُلُثَيْ ذِرَاعٍ فَأَكْثَرَ) أَيْ بِأَنْ يَكُونَ ارْتِفَاعُ الثَّلَاثَةِ الْأُوَلِ قَدْرَ ذَلِكَ، وَامْتِدَادُ الْأَخِيرَيْنِ كَذَلِكَ، لَكِنْ لَمْ يَتَعَرَّضْ حَجّ لِقَدْرِ الْمُصَلِّي وَالْخَطِّ، بَلْ قَضِيَّةُ عِبَارَتِهِ عَدَمُ اشْتِرَاطِ شَيْءٍ فِيهِمَا؛ لِأَنَّهُ قَالَ: وَكَانَ ارْتِفَاعُ أَحَدِ الثَّلَاثَةِ الْأُوَلِ ثُلُثَيْ ذِرَاعٍ بِذَلِكَ فَأَكْثَرَ. (قَوْلُهُ: وَأَنْ لَا يَبْعُدَ عَنْ قَدَمَيْهِ) أَيْ رُءُوسِ أَصَابِعِهِ كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: وَالْأَوْجَهُ الْأَوَّلُ) وَجَزَمَ حَجّ بِالثَّانِي، وَالْأَوَّلُ هُوَ الْمُصَلِّي قَائِمًا. أَمَّا الْمُصَلِّي جَالِسًا فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مِنْ الْأَلْيَتَيْنِ، وَعِبَارَةُ الزِّيَادِيِّ مُصَرِّحَةٌ بِذَلِكَ وَبِأَنَّ الْعِبْرَةَ فِي الْمُسْتَلْقِي بِرَأْسِهِ. اهـ. وَفِيهِ وَقْفَةٌ، وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ الْعِبْرَةَ فِيهِ بِبُطُونِ الْقَدَمَيْنِ. ثُمَّ رَأَيْت ابْنَ عَبْدِ الْحَقِّ صَرَّحَ بِذَلِكَ وَبِأَنَّ الْعِبْرَةَ فِي الْجَالِسِ بِالرُّكْبَتَيْنِ. وَيَنْبَغِي أَنَّ الْعِبْرَةَ فِي الْمُضْطَجِعِ بِالْجُزْءِ الَّذِي يَلِي الْقِبْلَةَ مِنْ مُقَدَّمِ بَدَنِهِ، وَلَا يُشْتَرَطُ لَهُ جُزْءٌ مُعَيَّنٌ فَيُعْتَدُّ بِوَضْعِهَا فِي مُقَابَلَةِ أَيِّ جُزْءٍ مِنْهُ.
(قَوْلُهُ: يَمْنَةً) ، وَهِيَ الْأَوْلَى، لَكِنْ نُقِلَ بِالدَّرْسِ عَنْ الْإِيعَابِ لحج أَنَّ الْأَوْلَى جَعْلُهَا يَسْرَةً، وَفِيهِ وَقْفَةٌ. وَأَقُولُ: يَنْبَغِي أَنَّ الْأَوْلَى أَنْ تَكُونَ يَمْنَةً لِشَرَفِ الْيَمِينِ (قَوْلُهُ: أَوْ يَسْرَةً) أَيْ إمَالَةً قَلِيلَةً بِحَيْثُ تَسَامَتْ بَعْضُ بَدَنِهِ. اهـ حَجّ، وَلَا يُبَالِغُ فِي الْإِمَالَةِ بِحَيْثُ يَخْرُجُ بِهَا عَنْ كَوْنِهَا سُتْرَةً لَهُ (قَوْلُهُ: وَلَا يَجْعَلُهَا بَيْنَ عَيْنَيْهِ) وَلَيْسَ مِنْ السُّتْرَةِ الشَّرْعِيَّةِ مَا لَوْ اسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ وَاسْتَنَدَ فِي وُقُوفِهِ إلَى جِدَارٍ عَنْ يَمِينِهِ أَوْ يَسَارِهِ فِيمَا يَظْهَرُ؛ لِأَنَّهُ لَا يُعَدُّ سُتْرَةً عُرْفًا (قَوْلُهُ: وَكَذَا لِغَيْرِهِ) أَيْ الَّذِي لَيْسَ فِي صَلَاةٍ. اهـ حَجّ. وَمَفْهُومُهُ أَنَّ مَنْ فِي صَلَاةٍ لَا يُسَنُّ لَهُ ذَلِكَ، لَكِنَّ قَضِيَّةَ قَوْلِ الشَّارِحِ فِي كَفِّ الشَّعْرِ وَغَيْرِهِ، وَيُسَنُّ لِمَنْ رَآهُ كَذَلِكَ وَلَوْ مُصَلِّيًا آخَرَ إلَخْ خِلَافُهُ، اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّ دَفْعَ الْمَارِّ فِيهِ حَرَكَاتٌ فَرُبَّمَا يُشَوِّشُ خُشُوعَهُ، بِخِلَافِ حَلِّ الثَّوْبِ وَنَحْوِهِ. .
(قَوْلُهُ: دَفْعُ الْمَارِّ) قَالَ م ر لَا فَرْقَ بَيْنَ الْبَهِيمَةِ وَالصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ وَغَيْرِهِمْ؛ لِأَنَّ هَذَا مِنْ بَابِ دَفْعِ الصَّائِلِ، وَالصَّائِلُ يُدْفَعُ مُطْلَقًا اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ. أَقُولُ: قَوْلُهُ: مُطْلَقًا: أَيْ وَلَوْ رَقِيقًا. وَعِبَارَةُ سم عَلَى حَجّ.
فَرْعٌ: حَيْثُ سَاغَ الدَّفْعُ فَتَلِفَ الْمَدْفُوعُ لَمْ يَضْمَنْهُ، وَإِنْ كَانَ رَقِيقًا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَدْخُلْ فِي يَدِهِ بِمُجَرَّدِ الدَّفْعِ، فَلَوْ تَوَقَّفَ دَفْعُهُ عَلَى دُخُولِهِ فِي يَدِهِ بِأَنْ لَمْ يَنْدَفِعْ إلَّا بِقَبْضِهِ عَلَيْهِ وَتَحْوِيلِهِ فِي مَكَان إلَى آخَرَ فَهَلْ لَهُ الدَّفْعُ، وَيَدْخُلُ فِي ضَمَانِهِ أَوْ لَا؟ وَالْقِيَاسُ أَنَّهُ حَيْثُ عُدَّ مُسْتَوْلِيًا عَلَيْهِ ضَمِنَهُ أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي فِي الْجَرِّ فِي صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ. اهـ. وَقَدْ يُتَوَقَّفُ فِي الضَّمَانِ حَيْثُ عُدَّ مِنْ دَفْعِ الصَّائِلِ، فَإِنَّ دَفْعَهُ يَكُونُ بِمَا يُمْكِنُهُ، وَإِنْ أَدَّى إلَى اسْتِيلَاءٍ عَلَيْهِ حَيْثُ تَعَيَّنَ طَرِيقًا فِي الدَّفْعِ. وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَسْأَلَةِ الْجَرِّ فَإِنَّ الْجَرَّ لِنَفْعِ الْجَارِّ لَا لِدَفْعِ ضَرَرِ الْمَجْرُورِ (قَوْلُهُ: جَرْيٌ عَلَى الْغَالِبِ) شَمِلَ ذَلِكَ مَا لَوْ كَانَ الدَّافِعُ مُصَلِّيًا وَأَرَادَ دَفْعَ مَنْ يَمُرُّ بَيْنَ يَدِي غَيْرِهِ؛ وَمِنْهُ مَا لَوْ اقْتَدَى شَخْصٌ بِإِمَامٍ اسْتَتَرَ بِمَا لَا يَكُونُ سُتْرَةً لِلْمَأْمُومِ كَعَصَا مَغْرُوزَةٍ بَيْنَ يَدِي الْإِمَامِ وَالْمَأْمُومُ لَا يُحَاذِي بَدَنَهُ شَيْءٌ مِنْهَا فَلَهُ دَفْعُ مَنْ أَرَادَ الْمُرُورَ بَيْنَ يَدِي إمَامِهِ، وَلَيْسَ لَهُ دَفْعُ مَنْ مَرَّ بَيْنَ يَدَيْهِ دُونَ إمَامِهِ لِكَوْنِهِ لَمْ يُصَلِّ إلَى سُتْرَةٍ، وَإِنْ كَانَ إمَامُهُ مُصَلِّيًا إلَيْهَا، وَتَقَدَّمَ
ــ
[حاشية الرشيدي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَالْمُرَادُ بِالْمُصَلِّي وَالْخَطِّ مِنْهُمَا أَعْلَاهُمَا، وَيَدْفَعُ بِالتَّدْرِيجِ كَالصَّائِلِ، وَإِنْ أَدَّى دَفْعُهُ إلَى قَتْلِهِ، وَمَحَلُّهُ إذَا لَمْ يَأْتِ بِأَفْعَالٍ كَثِيرَةٍ مُتَوَالِيَةٍ، وَإِلَّا بَطَلَتْ، وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ قَوْلُهُمْ وَلَا يَحِلُّ الْمَشْيُ إلَيْهِ لِدَفْعِهِ لِأَمْرِهِ صلى الله عليه وسلم بِذَلِكَ، وَإِنَّمَا لَمْ يَجِبْ، وَإِنْ كَانَ مِنْ بَابِ النَّهْيِ عَنْ الْمُنْكَرِ؛ لِأَنَّ الْمُرُورَ مُخْتَلَفٌ فِي تَحْرِيمِهِ وَلَا يُنْكَرُ إلَّا مَا أُجْمِعَ عَلَى تَحْرِيمِهِ، وَأَنَّهُ إنَّمَا يَجِبُ الْإِنْكَارُ حَيْثُ لَمْ يُؤَدِّ إلَى فَوَاتِ مَصْلَحَةٍ أُخْرَى، فَإِنْ أَدَّى إلَى فَوَاتِهَا أَوْ الْوُقُوعِ فِي مَفْسَدَةٍ أُخْرَى لَمْ يَجِبْ كَمَا قَرَّرُوهُ فِي مَحَلِّهِ، وَهُنَا لَوْ اشْتَغَلَ بِالدَّفْعِ لَفَاتَتْ مَصْلَحَةٌ أُخْرَى، وَهِيَ الْخُشُوعُ فِي الصَّلَاةِ وَتَرْكُ الْعَبَثِ فِيهَا، وَأَنَّهُ إنَّمَا يَجِبُ النَّهْيُ عَنْ الْمُنْكَرِ بِالْأَسْهَلِ فَالْأَسْهَلِ، وَالْأَسْهَلُ هُوَ الْكَلَامُ، وَهُوَ مَمْنُوعٌ مِنْهُ، فَلَمَّا انْتَفَى سَقَطَ وَلَمْ يَجِبْ بِالْفِعْلِ، وَأَنَّ النَّهْيَ عَنْ الْمُنْكَرِ إنَّمَا يَجِبُ عِنْدَ تَحَقُّقِ ارْتِكَابِ الْمَفْسَدَةِ لَا الْإِثْمِ، وَهَهُنَا لَمْ يَتَحَقَّقْ ذَلِكَ لِاحْتِمَالِ كَوْنِهِ سَاهِيًا أَوْ جَاهِلًا أَوْ غَافِلًا أَوْ أَعْمَى، وَلِأَنَّ إزَالَةَ الْمُنْكَرِ إنَّمَا تَجِبُ إذَا كَانَ لَا يَزُولُ إلَّا بِالنَّهْيِ، وَالْمُنْكَرُ هُنَا يَزُولُ بِانْقِضَاءِ مُرُورِهِ (وَالصَّحِيحُ تَحْرِيمُ الْمُرُورِ) بَيْنَهُ وَبَيْنَ سُتْرَتِهِ حِينَئِذٍ: أَيْ عِنْدَ سَنِّ دَفْعِهِ، وَهُوَ فِي صَلَاةٍ صَحِيحَةٍ فِي اعْتِقَادِ الْمُصَلِّي فِيمَا يَظْهَرُ فَرْضًا كَانَتْ أَوْ نَفْلًا.
ــ
[حاشية الشبراملسي]
أَنَّ حَجّ قَيَّدَ الْغَيْرَ بِغَيْرِ الْمُصَلِّي.
(قَوْلُهُ: وَالْمُرَادُ بِالْمُصَلِّي وَالْخَطِّ مِنْهُمَا أَعْلَاهُمَا) أَيْ وَعَلَى هَذَا لَوْ صَلَّى عَلَى فَرْوَةٍ مَثَلًا وَكَانَ إذَا سَجَدَ يَسْجُدُ عَلَى مَا وَرَاءَهَا مِنْ الْأَرْضِ لَا يَحْرُمُ الْمُرُورُ بَيْنَ يَدَيْهِ عَلَى الْأَرْضِ لِتَقْصِيرِهِ بِعَدَمِ تَقْدِيمِ الْفَرْوَةِ الْمَذْكُورَةِ إلَى مَوْضِعِ جَبْهَتِهِ وَيَحْرُمُ الْمُرُورُ عَلَى الْفَرْوَةِ فَقَطْ، وَقَوْلُهُ أَعْلَاهُمَا كَذَا فِي الْمَحَلِّيِّ وَغَيْرِهِ، وَقَضِيَّةُ أَنَّهُ لَوْ طَالَ الْمُصَلِّي أَوْ الْخَطُّ فَكَانَ بَيْنَ قَدَمِ الْمُصَلِّي وَأَعْلَاهُ أَكْثَرُ مِنْ ثَلَاثَةِ أَذْرُعٍ لَمْ تَكُنْ سُتْرَةً مُعْتَبَرَةً حَتَّى لَا يَحْرُمَ الْمُرُورُ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَإِنَّهُ لَا يُقَالُ يُعْتَبَرُ مِنْهَا مِقْدَارُ ثَلَاثَةِ أَذْرُعٍ إلَى قَدَمِهِ وَيَجْعَلُهُ سُتْرَةً وَيَلْغَى حُكْمُ الزَّائِدِ، وَقَدْ تَوَقَّفَ م ر فِيهِ، وَمَالَ بِالْفَهْمِ إلَى أَنَّهُ يُقَالُ مَا ذُكِرَ، لَكِنَّ ظَاهِرَ الْمُتَقَوَّلِ الْأَوَّلُ فَلْيُحْرَرْ. اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ. أَقُولُ: ثُمَّ مَا ذَكَرَهُ مِنْ التَّرَدُّدِ ظَاهِرٌ فِيمَا لَوْ بَسَطَ نَحْوَ بِسَاطٍ طَوِيلٍ لِلصَّلَاةِ عَلَيْهِ. أَمَّا مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ مِنْ الْحُصْرِ الْمَفْرُوشَةِ فِي الْمَسَاجِدِ فَيَنْبَغِي الْقَطْعُ بِأَنَّهُ لَا يُعَدُّ شَيْءٌ مِنْهَا سُتْرَةً حَتَّى لَوْ وَقَفَ فِي وَسَطِ حَصِيرٍ وَكَانَ الَّذِي أَمَامَهُ مِنْهَا ثَلَاثَةُ أَذْرُعٍ لَمْ يَكْفِ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ السُّتْرَةِ تَنْبِيهُ الْمَارِّ عَلَى احْتِرَامِ الْمَحَلِّ بِوَضْعِهَا، وَهَذِهِ لِجَرَيَانِ الْعَادَةِ بِدَوَامِ فَرْشِهَا فِي الْمَحَلِّ لَمْ يَحْصُلْ بِهَا التَّنْبِيهُ الْمَذْكُورُ (قَوْلُهُ: إلَّا مَا أُجْمِعَ عَلَى تَحْرِيمِهِ) فِيهِ نَظَرٌ لِمَا فِي السِّيَرِ مِنْ أَنَّهُ يَجِبُ إنْكَارُ مَا أُجْمِعَ عَلَى تَحْرِيمِهِ أَوْ يَرَى الْفَاعِلُ تَحْرِيمَهُ وَالْمَارُّ هُنَا يَرَى حُرْمَةَ الْمُرُورِ.
(قَوْلُهُ: يَزُولُ بِانْقِضَاءِ مُرُورِهِ) يُتَأَمَّلُ مَعْنَى هَذَا الْكَلَامِ فَإِنَّهُ قَدْ يُقَالُ: هَذَا جَارٍ فِي غَيْرِ مَا ذُكِرَ مِنْ الْمُحَرَّمَاتِ، فَإِنَّ مَنْ أَرَادَ ضَرْبَ غَيْرِهِ ضَرْبَةً تَعَدِّيًا الْمُنْكَرُ يَزُولُ بِالْفَرَاغِ مِنْ تِلْكَ الضَّرْبَةِ، كَمَا أَنَّ الْحُرْمَةَ هُنَا تَزُولُ بِانْتِهَاءِ الْمُرُورِ، وَقَدْ يُقَالُ: الضَّرْبُ وَنَحْوُهُ مِنْ الْمَعَاصِي لَا يَكْتَفِي فَاعِلُهُ بِمَرَّةٍ كَالسَّيِّدِ إذَا ضَرَبَ عَبْدَهُ عَلَى فِعْلٍ خَالَفَ غَرَضَهُ فِيهِ لَا يَكْتَفِي بِضَرْبَةٍ وَاحِدَةٍ بَلْ وَلَا ثِنْتَيْنِ وَكَذَلِكَ بَقِيَّةُ الْمَعَاصِي، بِخِلَافِ الْمَارِّ بَيْنَ يَدِي الْمُصَلِّي فَإِنَّهُ لَمْ تَجْرِ الْعَادَةُ بِأَنَّهُ يَتَكَرَّرُ مَعَهُ الْمُرُورُ وَبِالنَّظَرِ لِذَلِكَ، فَالْمَعَاصِي كُلُّهَا كَأَنَّهَا لَا تَنْقَضِي بِفَعْلَةٍ وَاحِدَةٍ.
اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّ الْمَعْصِيَةَ مِنْ شَأْنِهَا أَنَّ الْفَاعِلَ لَهَا لَا يَقْتَصِرُ عَلَى مَرَّةٍ، فَالْمُرُورُ مِنْ شَأْنِهِ أَنْ يَتَكَرَّرَ مِنْ فَاعِلِهِ، بِخِلَافِ فَاعِلِ الضَّرْبَةِ الْوَاحِدَةِ فَإِنَّهُ لَا يُكَرِّرُهَا وَقَدْ يَتَعَدَّى فَيَزِيدُ عَلَيْهَا (قَوْلُهُ: وَالصَّحِيحُ تَحْرِيمُ الْمُرُورِ) قَالَ سم عَلَى حَجّ: وَيَلْحَقُ بِالْمُرُورِ جُلُوسُهُ بَيْنَ يَدَيْهِ وَمَدُّهُ رِجْلَيْهِ وَاضْطِجَاعُهُ. اهـ بِالْمَعْنَى. وَقَوْلُهُ وَمَدُّهُ رِجْلَيْهِ وَمِثْلُهُ مَدُّ يَدِهِ لِيَأْخُذَ مِنْ خِزَانَتِهِ مَتَاعًا؛ لِأَنَّهُ يَشْغَلُهُ وَرُبَّمَا شَوَّشَ عَلَيْهِ فِي صَلَاتِهِ (قَوْلُهُ: فِي اعْتِقَادِ الْمُصَلِّي) سَيَأْتِي لَهُ فِيمَا لَوْ اخْتَلَفَ اعْتِقَادُ الْمُصَلِّي وَالْمَارِّ
ــ
[حاشية الرشيدي]
(قَوْلُهُ: وَالْمُرَادُ بِالْمُصَلِّي وَالْخَطُّ مِنْهُمَا أَعْلَاهُمَا) لَعَلَّ الْبَاءَ فِيهِ بِمَعْنَى فِي لِيَتَأَتَّى قَوْلُهُ مِنْهُمَا وَيَكُونُ فِي الْكَلَامِ مُضَافٌ مَحْذُوفٌ وَالتَّقْدِيرُ وَالْمُرَادُ فِي مَسْأَلَتَيْ الْمُصَلِّي وَالْخَطِّ إلَخْ، وَيَنْحَلُّ الْكَلَامُ إلَى قَوْلِنَا وَالْمُرَادُ مِنْ الْمُصَلِّي وَالْخَطِّ فِي مَسْأَلَتَيْهِمَا أَعْلَاهُمَا (قَوْلُهُ: فِي اعْتِقَادِ الْمُصَلِّي) هُوَ ظَاهِرٌ فِيمَا إذَا كَانَ الْمُصَلِّي غَيْرَ شَافِعِيٍّ وَالْمَارُّ شَافِعِيٌّ، كَأَنْ كَانَ الْمُصَلِّي حَنَفِيًّا مَسَّ امْرَأَةً مَثَلًا وَصَلَّى فَيَحْرُمُ عَلَى الشَّافِعِيِّ الْمُرُورُ بَيْنَ يَدَيْهِ حَيْثُ كَانَ لَهُ سُتْرَةٌ، بِخِلَافِ عَكْسِهِ كَأَنْ
وَلَوْ كَانَتْ السُّتْرَةُ آدَمِيًّا أَوْ بَهِيمَةً أَوْ امْرَأَةً وَلَمْ يَحْصُلْ لَهُ بِسَبَبِ ذَلِكَ الِاشْتِغَالِ مَا يُنَافِي خُشُوعَهُ فَقِيلَ يَكْفِي، وَإِلَّا بِأَنْ كَانَتْ الدَّابَّةُ نُفُورًا أَوْ امْرَأَةً يَشْتَغِلُ قَلْبُهُ بِهَا لَمْ يُعْتَدَّ بِتِلْكَ السُّتْرَةِ عَلَى مَا بَحَثَهُ بَعْضُهُمْ لِكَرَاهَةِ الصَّلَاةِ إلَيْهَا حِينَئِذٍ. قَالَ: وَمِثْلُ ذَلِكَ فِيمَا يَظْهَرُ أَيْضًا مَا لَوْ صَلَّى بَصِيرٌ إلَى شَاخِصٍ مُزَوَّقٍ، هَذَا وَالْأَوْجَهُ عَدَمُ الِاكْتِفَاءِ بِالسُّتْرَةِ بِالْآدَمِيِّ وَنَحْوِهِ أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي أَنَّ بَعْضَ الصُّفُوفِ لَا يَكُونُ سُتْرَةً لِبَعْضٍ آخَرَ. وَالثَّانِي لَا يَحْرُمُ بَلْ يُكْرَهُ.
وَلَوْ اسْتَتَرَ بِسُتْرَةٍ فِي مَكَان مَغْصُوبٍ لَمْ يَحْرُمْ الْمُرُورُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا وَلَمْ يُكْرَهْ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَسَوَاءٌ فِي حُرْمَةِ الْمُرُورِ مَعَ السُّتْرَةِ أَوَجَدَ الْمَارُّ سَبِيلًا غَيْرَهُ أَمْ لَا كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الرَّوْضَةِ. نَعَمْ قَدْ يُضْطَرُّ الْمَارُّ إلَى الْمُرُورِ بِحَيْثُ يَلْزَمُهُ الْمُبَادَرَةُ لِأَسْبَابٍ لَا تَخْفَى
ــ
[حاشية الشبراملسي]
فِي السُّتْرَةِ أَنَّهُ لَوْ قِيلَ بِاعْتِقَادِ الْمُصَلِّي فِي جَوَازِ الدَّفْعِ وَفِي تَحْرِيمِ الْمُرُورِ بِاعْتِقَادِ الْمَارِّ لَمْ يَكُنْ بَعِيدًا فَهَلَّا قَالَ بِمِثْلِهِ هُنَا.
(قَوْلُهُ: أَوْ امْرَأَةً) ذَكَرَهَا بَعْدَ الْآدَمِيِّ مِنْ الْخَاصِّ بَعْدَ الْعَامِّ، وَالنُّكْتَةُ فِي ذِكْرِهَا أَنَّهَا لَمَّا كَانَتْ مَظِنَّةً لِلِاشْتِغَالِ بِهَا رُبَّمَا يُتَوَهَّمُ عَدَمُ الِاكْتِفَاءِ بِهَا مُطْلَقًا عَلَى هَذَا (قَوْلُهُ: وَمِثْلُ ذَلِكَ) أَيْ فِي عَدَمِ الِاكْتِفَاءِ بِهِ (قَوْلُهُ: يَظْهَرُ أَيْضًا إلَخْ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: إلَى شَاخِصٍ مُزَوَّقٍ) ظَاهِرُهُ، وَإِنْ كَانَ الشَّاخِصُ مِنْ أَجْزَاءِ الْمَسْجِدِ وَخَلَا مِنْ أَسْفَلِ الشَّاخِصِ عَنْ التَّزْوِيقِ مَا يُسَاوِي السُّتْرَةَ وَيَزِيدُ عَلَيْهَا فَيَنْتَقِلُ عَنْهُ وَلَوْ إلَى الْخَطِّ حَيْثُ لَمْ يَجِدْ غَيْرَهُ، فَتَنَبَّهْ لَهُ فَإِنَّهُ يَقَعُ بِمِصْرِنَا فِي مَسَاجِدِهَا كَثِيرًا (قَوْلُهُ: بِالْآدَمِيِّ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي عَدَمِ الِاكْتِفَاءِ بِالْآدَمِيِّ بَيْنَ كَوْنِ ظَهْرِهِ لِلْمُصَلِّي أَوْ لَا كَمَا يُصَرِّحُ بِهِ عَدَمُ الِاكْتِفَاءِ بِالصُّفُوفِ فَإِنَّ ظُهُورَهُمْ إلَيْهِ، وَلَكِنْ قَالَ حَجّ عَطْفًا عَلَى مَا لَا يَكْفِي فِي السُّتْرَةِ: أَوْ بِرَجُلٍ اسْتَقْبَلَهُ بِوَجْهِهِ، وَإِلَّا فَهُوَ سُتْرَةٌ (قَوْلُهُ: وَنَحْوُهُ) أَيْ مَا فِي مَعْنَاهُ كَالدَّابَّةِ، وَلَيْسَ مِنْهُ مَا فِيهِ صُوَرٌ، وَإِنْ كُرِهَتْ الصَّلَاةُ لَهُ سم عَلَى مَنْهَجٍ، وَعِبَارَتُهُ: فَرْعٌ: رَضِيَ عَلَى أَنَّهُ لَوْ اسْتَتَرَ بِجِدَارٍ عَلَيْهِ تَصَاوِيرُ اُعْتُدَّ بِهِ وَحَرُمَ الْمُرُورُ وَجَازَ الدَّفْعُ وَإِنْ كُرِهَ اسْتِقْبَالُهُ لِمَعْنًى آخَرَ، وَكَذَا لَوْ اسْتَتَرَ بِآدَمِيٍّ مُسْتَقْبِلٍ لَهُ، وَإِنْ كُرِهَ لِمَعْنًى آخَرَ. اهـ. وَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَا نَقَلَهُ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ إلَى شَاخِصٍ مُزَوَّقٍ وَلِمَا اسْتَوْجَبَهُ مِنْ عَدَمِ الِاكْتِفَاءِ بِالسَّتْرِ بِالْآدَمِيِّ (قَوْلُهُ: لَا يَكُونُ سُتْرَةً) لِبَعْضٍ آخَرَ، وَخَالَفَ فِي ذَلِكَ حَجّ فَاكْتَفَى بِالصُّفُوفِ.
(قَوْلُهُ: فِي مَكَان مَغْصُوبٍ) أَيْ، وَإِنْ وَقَفَ فِي مَكَان مَمْلُوكٍ لَهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ عِبَارَتِهِ، وَلَوْ قِيلَ بِحُرْمَةِ الْمُرُورِ لَمْ يَبْعُدْ لِكَوْنِ الْمَكَانِ مُسْتَحِقًّا لِلْوَاقِفِ. وَالتَّعَدِّي إنَّمَا هُوَ بِمُجَرَّدِ وَضْعِ السُّتْرَةِ وَقَوْلُهُ فِي مَكَان مَغْصُوبٍ صِفَةٌ لِلسُّتْرَةِ؛ وَكَذَا لَوْ صَلَّى إلَى سُتْرَةٍ مَغْصُوبَةٍ. اهـ حَجّ، وَأَقَرَّهُ سم عَلَيْهِ وَبَالَغَ فِي اعْتِمَادِهِ، وَهُوَ قَرِيبٌ، وَقَوْلُ حَجّ مَغْصُوبَةٍ: أَيْ فَلَا يَحْرُمُ الْمُرُورُ لَكِنْ عِبَارَتُهُ عَلَى مَنْهَجٍ نَصُّهَا: قَوْلُهُ: وَحَرُمَ مُرُورٌ: أَيْ، وَإِنْ كَانَتْ السُّتْرَةُ مَغْصُوبَةً؛ لِأَنَّ الْحُرْمَةَ لِأَمْرٍ خَارِجٍ م ر فَحَرِّرْ الْفَرْقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الصَّلَاةِ فِي الْمَكَانِ الْمَغْصُوبِ مَعَ السُّتْرَةِ اهـ. أَقُولُ: وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ الْحَقَّ الْمُتَعَلِّقَ بِالْمَكَانِ أَقْوَى مِنْ الْحَقِّ الْمُتَعَلِّقِ بِالسُّتْرَةِ، فَإِنَّ الْمُصَلِّيَ لَا حَقَّ لَهُ فِي الْمَكَانِ الْمَغْصُوبِ حَتَّى تَكُونَ السُّتْرَةُ مَانِعَةً لِغَيْرِهِ مِنْ الْمُرُورِ فِيهِ، فَاعْتِبَارُهَا يَقْطَعُ حَقَّ الْمَالِكِ مِنْ مَكَانِهِ، بِخِلَافِ السُّتْرَةِ الْمَغْصُوبَةِ فَإِنَّ الْحَقَّ لِمَالِكِهَا إنَّمَا يَتَعَلَّقُ بِعَيْنِهَا فَأَمْكَنَ اعْتِبَارُهَا عَلَامَةً عَلَى كَوْنِ مَحَلِّهَا مُعْتَبَرًا مِنْ حَرِيمِ الْمُصَلِّي، وَبَقِيَ مَا لَوْ صَلَّى فِي مَكَان مَغْصُوبٍ
ــ
[حاشية الرشيدي]
كَانَ الْمُصَلِّي شَافِعِيًّا افْتَصَدَ فَلَا يَحْرُمُ عَلَى الْحَنَفِيِّ الْمُرُورُ بَيْنَ يَدَيْهِ إلَّا إنْ كَانَتْ الْحُرْمَةُ مَذْهَبَهُ؛ لِأَنَّا لَا نَحْكُمُ عَلَيْهِ بِحُرْمَةٍ لَمْ يَرَهَا مُقَلَّدُهُ، ثُمَّ رَأَيْت الشِّهَابَ حَجّ أَشَارَ إلَى ذَلِكَ، وَكَذَا يُقَالُ فِيمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ: وَقِيَاسُهُ أَنَّ مَنْ اسْتَتَرَ بِسُتْرَةٍ يَرَاهَا مُقَلَّدُهُ إلَخْ.
(قَوْلُهُ: عَلَى مَا بَحَثَهُ بَعْضُهُمْ) هُوَ الشِّهَابُ حَجّ فِي الْإِمْدَادِ (قَوْلُهُ: وَالْأَوْجَهُ عَدَمُ السُّتْرَةِ بِالْآدَمِيِّ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَسْتَقْبِلْهُ كَمَا شَمِلَهُ الْإِطْلَاقُ، فَإِنْ اسْتَقْبَلَهُ كَانَ مَكْرُوهًا كَمَا يَأْتِي.
(قَوْلُهُ: فِي مَكَان مَغْصُوبٍ) حَالٌ مِنْ فَاعِلِ اسْتَتَرَ كَمَا هُوَ صَرِيحُ فَتَاوَى وَالِدِهِ، خِلَافًا لِمَا فِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ مِنْ جَعْلِهِ صِفَةً لِلسُّتْرَةِ. وَعِبَارَةُ الْفَتَاوَى: سُئِلَ عَمَّنْ صَلَّى بِمَكَانٍ مَغْصُوبٍ إلَى سُتْرَةٍ هَلْ يَحْرُمُ الْمُرُورُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا أَمْ لَا؟ فَأَجَابَ بِأَنَّهُ لَا يَحْرُمُ الْمُرُورُ بَلْ وَلَا يُكْرَهُ انْتَهَتْ. وَهُوَ
كَإِنْذَارِ نَحْوِ مُشْرِفٍ عَلَى الْهَلَاكِ تَعَيَّنَ الْمُرُورُ طَرِيقًا لِإِنْقَاذِهِ؛ لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم «لَوْ يَعْلَمُ الْمَارُّ بَيْنَ يَدَيْ الْمُصَلِّي مَاذَا عَلَيْهِ مِنْ الْإِثْمِ لَكَانَ أَنْ يَقِفَ أَرْبَعِينَ خَرِيفًا خَيْرًا لَهُ مِنْ أَنْ يَمُرَّ بَيْنَ يَدَيْهِ» ، وَهُوَ مُقَيَّدٌ بِالِاسْتِتَارِ الْمَعْلُومِ مِنْ الْأَخْبَارِ السَّابِقَةِ.
وَإِنَّمَا يَحْرُمُ الْمُرُورُ مَعَ السُّتْرَةِ الْمُقَرَّرَةِ. بِخِلَافِ مَا إذَا فُقِدَتْ أَوْ كَانَتْ وَتَبَاعَدَ عَنْهَا أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةِ أَذْرُعٍ أَوْ اخْتَلَّ شَرْطٌ مِنْ شُرُوطِهَا؛ لِأَنَّ الْقَصْدَ مِنْ السُّتْرَةِ أَنْ يَظْهَرَ لِصَلَاتِهِ حَرِيمٌ يَضْطَرِبُ فِيهِ فِي حَرَكَاتِهِ وَانْتِقَالَاتِهِ فَإِذَا لَمْ يَسْتَتِرْ فَهُوَ الْمُهْدِرُ لِحُرْمَةِ نَفْسِهِ، وَكَذَا لَوْ قَصَّرَ الْمُصَلِّي بِأَنْ وَقَفَ فِي قَارِعَةِ الطَّرِيقِ أَوْ بِشَارِعٍ أَوْ دَرْبٍ ضَيِّقٍ أَوْ نَحْوِ بَابِ مَسْجِدٍ كَالْمَحَلِّ الَّذِي يَغْلِبُ مُرُورُ النَّاسِ بِهِ فِي وَقْتِ الصَّلَاةِ، وَلَوْ فِي الْمَسْجِدِ كَالْمَطَافِ وَكَأَنْ تَرَكَ فُرْجَةً فِي صَفٍّ أَمَامَهُ فَاحْتِيجَ لِلْمُرُورِ بَيْنَ يَدَيْهِ لِفُرْجَةِ قَبْلَهُ فَلَا يَحْرُمُ الْمُرُورُ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ، وَلَوْ فِي حَرِيمِ الْمُصَلِّي، وَهُوَ قَدْرُ إمْكَانِ سُجُودِهِ خِلَافًا لِلْخُوَارِزْمِيِّ، بَلْ وَلَا يُكْرَهُ عِنْدَ التَّقْصِيرِ.
وَلَا يَجُوزُ الدَّفْعُ، وَإِنْ تَعَدَّدَتْ الصُّفُوفُ، وَوَهِمَ مَنْ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
وَوَضَعَ السُّتْرَةَ فِي غَيْرِهِ وَيَنْبَغِي فِيهِ جَوَازُ الدَّفْعِ اعْتِبَارًا بِالسُّتْرَةِ (قَوْلُهُ: لِإِنْقَاذِهِ) أَيْ أَوْ خَطْفُ نَحْوِ عِمَامَتِهِ وَتَوَقُّفُ إنْقَاذِهَا مِنْ السَّارِقِ عَلَى الْمُرُورِ فَلَا يَحْرُمُ الْمُرُورُ، بَلْ يَجِبُ فِي إنْقَاذِ نَحْوِ الْمُشْرِفِ وَيَحْرُمُ عَلَى الْمُصَلِّي الدَّفْعُ إنْ عَلِمَ بِحَالِهِ.
[فَائِدَةٌ] قَالَ حَجّ: وَيُسَنُّ وَضْعُ السُّتْرَةِ عَنْ يَمِينِهِ أَوْ يَسَارِهِ وَلَا يَسْتَقْبِلُهَا بِوَجْهِهِ لِلنَّهْيِ عَنْهُ، وَمَعَ ذَلِكَ هِيَ سُتْرَةٌ مُحْتَرَمَةٌ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ؛ وَكَتَبَ عَلَيْهِ سم قَوْلَهُ: وَيُسَنُّ وَضْعُ إلَخْ لَا يَتَأَتَّى فِي الْجِدَارِ كَمَا هُوَ مَعْلُومٌ، وَقَدْ يَتَأَتَّى فِيهِ بِأَنْ يَنْفَصِلَ طَرَفُهُ عَنْ غَيْرِهِ، وَحِينَئِذٍ فَهَلْ السُّنَّةُ وُقُوفُهُ عِنْدَ طَرَفِهِ بِحَيْثُ يَكُونُ عَنْ يَمِينِهِ وَيَشْمَلُ الْمُصَلِّي فَهَلْ السُّنَّةُ وَضْعُهَا عَنْ يَمِينِهِ وَعَدَمُ الْوُقُوفِ عَلَيْهَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَيَحْتَمِلُ عَلَى هَذَا أَنْ يَكْفِيَ كَوْنُ بَعْضِهَا عَنْ يَمِينِهِ، وَإِنْ وَقَفَ عَلَيْهَا (قَوْلُهُ: وَكَذَا لَوْ قَصَّرَ الْمُصَلِّي إلَخْ) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَجِدْ مَحَلًّا يَقِفُ فِيهِ إلَّا بَابَ الْمَسْجِدِ لِكَثْرَةِ الْمُصَلِّينَ كَيَوْمِ الْجُمُعَةِ مَثَلًا حَرُمَ الْمُرُورُ سُنَّ لَهُ الدَّفْعُ، وَهُوَ مُحْتَمَلٌ، وَيُحْتَمَلُ عَدَمُ حُرْمَةِ الْمُرُورِ لِعُذْرِ كُلٍّ مِنْ الْمَارِّ وَالْمُصَلِّي.
أَمَّا الْمُصَلِّي فَلِعَدَمِ تَقْصِيرِهِ. وَأَمَّا الْمَارُّ فَلِاسْتِحْقَاقِهِ الْمُرُورَ فِي ذَلِكَ الْمَكَانِ، عَلَى أَنَّهُ قَدْ يُقَالُ بِتَقْصِيرِ الْمُصَلِّي حَيْثُ لَمْ يُبَادِرْ لِلْمَسْجِدِ بِحَيْثُ يَتَيَسَّرُ لَهُ الْجُلُوسُ فِي غَيْرِ الْمَمَرِّ وَلَعَلَّ هَذَا أَقْرَبُ (قَوْلُهُ: الَّذِي يَغْلِبُ مُرُورُ النَّاسِ بِهِ) وَلَيْسَ مِنْهُ مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ مِنْ الصَّلَاةِ بِدَاخِلِ رِوَاقِ ابْنِ الْمُعَمِّرِ بِالْجَامِعِ الْأَزْهَرِ فَإِنَّ هَذَا لَيْسَ مَحَلًّا لِلْمُرُورِ غَالِبًا. نَعَمْ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مِنْهُ مَا لَوْ وَقَفَ فِي مُقَابَلَةِ الْبَابِ (قَوْلُهُ: وَكَأَنْ تَرَكَ فُرْجَةً) يُؤْخَذُ مِنْ التَّعْبِيرِ بِالتَّرْكِ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يُوجَدْ مِنْ الْمَأْمُومِينَ تَقْصِيرٌ كَأَنْ كَمُلَتْ الصُّفُوفُ فِي ابْتِدَاءِ الصَّلَاةِ ثُمَّ بَطَلَتْ صَلَاةُ بَعْضٍ مِنْ نَحْوِ الصَّفِّ الْأَوَّلِ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ مُسْقِطًا لِحُرْمَةِ الْمُرُورِ وَلَا لِسَنِّ الدَّفْعِ.
وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ تَحَقُّقِ عُرُوضِ الْفُرْجَةِ وَالشَّكِّ فِيهِ، وَهُوَ مُحْتَمَلٌ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ تَسْوِيَةُ الصُّفُوفِ وَسَنُّ الدَّفْعِ حَتَّى يَتَحَقَّقَ مَا يَمْنَعُهُ (قَوْلُهُ: وَلَا يُكْرَهُ عِنْدَ التَّقْصِيرِ) أَيْ أَمَّا مَعَ انْتِفَاءِ
ــ
[حاشية الرشيدي]
شَامِلٌ لِمَا إذَا كَانَتْ السُّتْرَةُ فِي غَيْرِ الْمَغْصُوبِ (قَوْلُهُ: لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم) تَعْلِيلٌ لِلْمَتْنِ (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا يَحْرُمُ إلَخْ) تَقَدَّمَ مَا يُغْنِي عَنْهُ (قَوْلُهُ: أَوْ اخْتَلَّ شَرْطٌ مِنْ شُرُوطِهَا) مِنْ عَطْفِ الْعَامِّ عَلَى الْخَاصِّ (قَوْلُهُ: أَوْ نَحْوَ بَابِ مَسْجِدِ) يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مَحَلُّهُ مَا لَمْ يُضْطَرَّ إلَى الْوُقُوفِ فِيهِ بِأَنْ امْتَلَأَ الْمَسْجِدُ بِالصُّفُوفِ، ثُمَّ رَأَيْت الشَّيْخَ فِي الْحَاشِيَةِ ذَكَرَ ذَلِكَ احْتِمَالًا ثُمَّ قَالَ: وَيُحْتَمَلُ عَدَمُ حُرْمَةِ الْمُرُورِ لِعُذْرِ كُلٍّ مِنْ الْمَارِّ وَالْمُصَلِّي. أَمَّا الْمُصَلِّي فَلِعَدَمِ تَقْصِيرِهِ، وَأَمَّا الْمَارُّ فَلِاسْتِحْقَاقِهِ الْمُرُورَ فِي ذَلِكَ الْمَكَانِ، عَلَى أَنَّهُ قَدْ يُقَالُ بِتَقْصِيرِ الْمُصَلِّي حَيْثُ لَمْ يُبَادِرْ لِلْمَسْجِدِ بِحَيْثُ يَتَيَسَّرُ لَهُ الْجُلُوسُ فِي غَيْرِ الْمَمَرِّ، وَلَعَلَّ هَذَا أَقْرَبُ انْتَهَى. وَقَدْ يُقَالُ عَلَيْهِ إذَا كَانَتْ الصُّورَةُ أَنَّ الْمَسْجِدَ مُمْتَلِئٌ بِالصُّفُوفِ فَأَيْنَ يَذْهَبُ الْمَارُّ وَالْمَسْجِدُ لَيْسَ مَحَلًّا لِلْمُرُورِ، وَقَوْلُهُ: عَلَى أَنَّهُ قَدْ يُقَالُ بِتَقْصِيرِ الْمُصَلِّي إلَخْ فِيهِ أَنَّهُ حَيْثُ كَانَتْ الصُّورَةُ مَا ذَكَرَ فَلَا بُدَّ مِنْ وُقُوفِ بَعْضِ الْمُصَلِّينَ بِالْبَابِ بِالضَّرُورَةِ فَلَا تَقْصِيرَ
ظَنَّ أَنَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ كَمَسْأَلَةِ التَّخَطِّي يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَقَيَّدَهَا بِصَفَّيْنِ، وَلَوْ أُزِيلَتْ سُتْرَتُهُ حَرُمَ عَلَى مَنْ عَلِمَ بِهَا الْمُرُورُ كَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ لِعَدَمِ تَقْصِيرِهِ، وَقِيَاسُهُ أَنَّ مَنْ اسْتَتَرَ بِسُتْرَةٍ يَرَاهَا مُقَلِّدُهُ وَلَا يَرَاهَا مُقَلِّدُ الْمَارِّ تَحْرِيمُ الْمُرُورِ، وَلَوْ قِيلَ بِاعْتِقَادِ الْمُصَلِّي فِي جَوَازِ الدَّفْعِ وَفِي عَدَمِ تَحْرِيمِ الْمُرُورِ بِاعْتِقَادِ الْمَارِّ لَمْ يَبْعُدْ، وَكَذَا إنْ لَمْ يَعْلَمْ مَذْهَبَ الْمُصَلِّي، وَلَوْ عَجَزَ عَنْ سَتْرِهِ حَتَّى عَنْ الْخَطِّ لَمْ يَكُنْ لَهُ الدَّفْعُ كَمَا رَجَّحَهُ الْأَذْرَعِيُّ خِلَافًا لِلزَّرْكَشِيِّ، وَلَوْ صَلَّى بِلَا سُتْرَةٍ فَوَضَعَهَا غَيْرُهُ بِلَا إذْنِهِ اعْتَدَّ بِهَا كَمَا بَحَثَهُ ابْنُ الْأُسْتَاذِ، وَيُكْرَهُ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ أَنْ يُصَلِّيَ وَبَيْنَ يَدَيْهِ رَجُلٌ أَوْ امْرَأَةٌ يَسْتَقْبِلُهُ وَيَرَاهُ. اهـ. وَلَوْ مَرَّ بَيْنَ يَدَيْهِ شَيْءٌ كَامْرَأَةٍ وَحِمَارٍ وَكَلْبٍ لَمْ تَبْطُلْ. وَأَمَّا خَبَرُ مُسْلِمٍ «يَقْطَعُ الصَّلَاةَ الْمَرْأَةُ وَالْكَلْبُ وَالْحِمَارُ» فَالْمُرَادُ بِهِ قَطْعُ الْخُشُوعِ لِلشُّغْلِ بِهَا. وَالْأَوْجَهُ أَنَّ بَعْضَ الصُّفُوفِ لَا يَكُونُ سُتْرَةً لِبَعْضِهَا كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ.
(قُلْت: يُكْرَهُ)(الِالْتِفَاتُ) فِي الصَّلَاةِ سَوَاءٌ أَكَانَ الْمُصَلِّي ذَكَرًا أَمْ أُنْثَى فِي جُزْءٍ مِنْهَا بِوَجْهِهِ يَمِينًا أَوْ شِمَالًا؛ لِأَنَّهُ عليه الصلاة والسلام قَالَ «إنَّهُ اخْتِلَاسٌ يَخْتَلِسُهُ الشَّيْطَانُ مِنْ صَلَاةِ الْعَبْدِ» وَوَرَدَ «لَا يَزَالُ اللَّهُ مُقْبِلًا عَلَى الْعَبْدِ فِي صَلَاتِهِ مَا لَمْ يَلْتَفِتْ، فَإِذَا الْتَفَتَ انْصَرَفَ عَنْهُ» وَلَوْ حَوَّلَ صَدْرَهُ عَنْ الْقِبْلَةِ بَطَلَتْ، كَمَا لَوْ قَصَدَ بِهِ اللَّعِبَ لَا لِحَاجَةٍ فَلَا يُكْرَهُ، كَمَا لَا يُكْرَهُ مُجَرَّدُ لَمْحِ الْعَيْنِ «؛ لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم كَانَ فِي سَفَرٍ فَأَرْسَلَ فَارِسًا فِي الشِّعْبِ مِنْ أَجْلِ الْحَرَسِ، فَجَعَلَ يُصَلِّي، وَهُوَ يَلْتَفِتُ إلَى الشِّعْبِ» (وَرَفَعَ بَصَرَهُ إلَى السَّمَاءِ) لِخَبَرِ «مَا بَالُ أَقْوَامٍ يَرْفَعُونَ أَبْصَارَهُمْ إلَى السَّمَاءِ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
التَّقْصِيرِ بِأَنْ لَمْ يَقِفْ فِي مَوْضِعِ مُرُورِ النَّاسِ مَثَلًا فَخِلَافُ الْأَوْلَى. قَالَ حَجّ: وَهُوَ مُرَادُ مَنْ عَبَّرَ بِالْكَرَاهَةِ فِيهِ، وَلَعَلَّهُمْ لَمْ يَنْظُرُوا لِخِلَافِ الْخُوَارِزْمِيَّ فَيَقُولُونَ بِالْكَرَاهَةِ خُرُوجًا مِنْهُ لِشِدَّةِ ضَعْفِهِ عِنْدَهُمْ لِمُخَالَفَتِهِ لِكَلَامِ الْأَصْحَابِ. (قَوْلُهُ: حَرُمَ عَلَى مَنْ عَلِمَ بِهَا) أَيْ وَأَمَّا غَيْرُهُ فَلَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ، لَكِنْ لِلْمُصَلِّي دَفْعُهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَتَقَاعَدُ عَنْ الصَّبِيِّ وَالْبَهِيمَةِ (قَوْلُهُ: لَمْ يَبْعُدْ) ، وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ كَمَا جَزَمَ بِهِ سم عَلَى حَجّ.
وَعَلَيْهِ فَلَوْ دَفَعَ الْمُصَلِّي الْمُعْتَقِدُ تَحْرِيمَ الْمُرُورِ مَارًّا لَمْ يَعْتَقِدْهُ فَمَاتَ الْمَدْفُوعُ لَمْ يَضْمَنْهُ الدَّافِعُ لِجَوَازِ مَا فَعَلَهُ بَلْ سُنَّةٌ فِي اعْتِقَادِهِ، لَكِنْ لَوْ تَرَافَعَ الدَّافِعُ، وَوَلَّى الْمَدْفُوعَ إلَى حَاكِمٍ فَالْعِبْرَةُ بِعَقِيدَتِهِ فِيمَا يَظْهَرُ (قَوْلُهُ: بِلَا إذْنِهِ اُعْتُدَّ بِهَا) أَيْ فَيَنْبَغِي لَهُ وَضْعُهَا حَيْثُ كَانَ لِلْمُصَلِّي عُذْرٌ فِي عَدَمِ الْوَضْعِ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُسَنَّ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّ فِيهِ إعَانَةً عَلَى خَيْرٍ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ، وَهَلْ يَضْمَنُ الْمُصَلِّي السُّتْرَةَ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ إذَا تَلِفَتْ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ أَنَّهُ إنْ وَضَعَ يَدَهُ عَلَيْهَا وَدَلَّتْ قَرِينَةٌ مِنْ الْمَالِكِ، وَلَوْ بِإِشَارَةٍ مِنْهُ عَلَى وَضْعِ يَدِهِ عَلَيْهَا فَهِيَ عَارِيَّةٌ، فَإِنْ تَلِفَتْ بِالِاسْتِعْمَالِ الْمَأْذُونِ فِيهِ فَلَا ضَمَانَ، وَإِلَّا ضَمِنَ وَلَوْ بِلَا تَقْصِيرٍ مِنْهُ، وَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ فِي وَضْعِ يَدِهِ عَلَيْهَا فَلَا ضَمَانَ مَا لَمْ يُعَدَّ مُسْتَوْلِيًا عَلَيْهَا لِتَعَدِّيهِ بِوَضْعِ يَدِهِ عَلَيْهَا بِلَا إذْنٍ، وَبَقِيَ مَا لَوْ كَانَتْ السُّتْرَةُ مِلْكًا لِلْمُصَلِّي وَلَمْ يَضَعْهَا ثُمَّ أَخَذَهَا غَيْرُهُ وَوَضَعَهَا وَتَلِفَتْ هَلْ يَضْمَنُ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ لِتَعَدِّيهِ بِوَضْعِ يَدِهِ بِلَا إذْنٍ، وَإِنْ قَصَدَ بِذَلِكَ مَصْلَحَةً تَعُودُ عَلَى الْمُصَلِّي مَا لَمْ تَدُلَّ قَرِينَةٌ مِنْ الْمُصَلِّي عَلَى الرِّضَا بِذَلِكَ، وَإِلَّا فَلَا ضَمَانَ. (قَوْلُهُ: يَسْتَقْبِلُهُ وَيَرَاهُ) أَيْ وَلَوْ بِحَائِلٍ وَلَوْ كَانَ مَيِّتًا أَيْضًا وَلَا يُعَدُّ سُتْرَةً لَهُ كَمَا مَرَّ.
(قَوْلُهُ: فِي جُزْءٍ مِنْهَا) بَدَلٌ مِنْ قَوْلِهِ فِي الصَّلَاةِ (قَوْلُهُ: لَا يَزَالُ اللَّهُ مُقْبِلًا) أَيْ بِرَحْمَتِهِ وَرِضَاهُ. اهـ حَجّ (قَوْلُهُ: كَمَا لَوْ قَصَدَ بِهِ) أَيْ بِالِالْتِفَاتِ بِالْوَجْهِ (قَوْلُهُ: فِي الشِّعْبِ مِنْ أَجْلِ الْحَرَسِ) عِبَارَةُ الْمِصْبَاحِ: الشِّعْبُ بِالْكَسْرِ الطَّرِيقُ، وَقِيلَ الطَّرِيقُ فِي الْجَبَلِ اهـ (قَوْلُهُ: فَجَعَلَ) أَيْ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم (قَوْلُهُ: مَا بَالُ أَقْوَامٍ إلَخْ) أَيْ مَا حَالُهُمْ وَأَبْهَمَ الرَّافِعَ لِئَلَّا يَنْكَسِرَ خَاطِرُهُ؛ لِأَنَّ النَّصِيحَةَ عَلَى رُءُوسِ الْأَشْهَادِ فَضِيحَةٌ، وَقَوْلُهُ لَيَنْتَهُنَّ جَوَابُ قَسَمٍ مَحْذُوفٌ، وَالْأَصْلُ لَيَنْتَهُونَنَّ، وَقَوْلُهُ عَنْ ذَلِكَ أَيْ عَنْ رَفْعِ
ــ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: وَقِيَاسُهُ أَنَّ مَنْ اسْتَتَرَ إلَخْ) أَيْ بِجَامِعِ عَدَمِ التَّقْصِيرِ، إذْ مَنْ أَتَى بِالسُّتْرَةِ الَّتِي كَلَّفَهُ بِهَا مُقَلَّدُهُ لَا يُعَدُّ مُقَصِّرًا (قَوْلُهُ: يَسْتَقْبِلُهُ) الضَّمِيرُ الْمَرْفُوعُ فِيهِ لِلرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ وَالْمَنْصُوبُ لِلْمُصَلِّي كَمَا تُصَرِّحُ بِهِ عِبَارَةُ الشِّهَابِ حَجّ، وَيَظْهَرُ أَنَّ الضَّمِيرَ الْمَرْفُوعَ فِي يَرَاهُ لِلْمُصَلِّي فَلْيُرَاجَعْ.