الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(فَلَوْ)(خَرَجَ) مِنْ الْمَيِّتِ (بَعْدَهُ) أَيْ الْغُسْلِ (نَجَسٌ) وَلَوْ مِنْ الْفَرْجِ وَقَبْلَ التَّكْفِينِ، أَوْ وَقَعَ عَلَيْهِ نَجَسٌ فِي آخِرِ غُسْلِهِ، أَوْ بَعْدَهُ (وَجَبَ إزَالَتُهُ فَقَطْ) مِنْ غَيْرِ إعَادَةِ غُسْلٍ أَوْ غَيْرِهِ لِسُقُوطِ الْفَرْضِ بِمَا جَرَى وَحُصُولِ النَّظَافَةِ بِإِزَالَةِ الْخَارِجِ (وَقِيلَ) فِيمَا إذَا لَمْ يُكَفَّنْ تَجِبُ إزَالَتُهُ (مَعَ الْغُسْلِ إنْ خَرَجَ مِنْ الْفَرْجِ) لِيَخْتِمَ أَمْرَهُ بِالْأَكْمَلِ (وَقِيلَ) فِي الْخَارِجِ مِنْهُ تَجِبُ إزَالَتُهُ مَعَ (الْوُضُوءِ) بِالْجَرِّ عَلَى مَا تَقَرَّرَ وَإِنْ كَانَ قَلِيلًا إذْ جَرُّ الْمُضَافِ إلَيْهِ مَعَ حَذْفِ الْمُضَافِ قَلِيلٌ لَا الْغُسْلِ كَمَا فِي الْحَيِّ، أَمَّا بَعْدَ التَّكْفِينِ فَيُجْزَمُ بِغَسْلِ النَّجَاسَةِ فَقَطْ، وَمَا فِي الْمُهِمَّاتِ عَنْ فَتَاوَى الْبَغَوِيّ أَنَّهُ لَا يَجِبُ غَسْلُهَا أَيْضًا إذَا كَانَ بَعْدَ التَّكْفِينِ مَرْدُودٌ، وَلَا يَصِيرُ الْمَيِّتُ جُنُبًا بِوَطْءٍ، أَوْ غَيْرِهِ وَلَا مُحْدِثًا بِمَسٍّ، أَوْ غَيْرِهِ لِانْتِفَاءِ تَكْلِيفِهِ.
ثُمَّ شَرَعَ فِي
بَيَانِ الْغَاسِلِ
فَقَالَ (وَيُغَسِّلُ الرَّجُلَ الرَّجُلُ وَالْمَرْأَةَ الْمَرْأَةُ) فَكُلٌّ أَوْلَى بِصَاحِبِهِ وَسَيَأْتِي تَرْتِيبُهُمْ، قَالَ الشَّارِحُ: هَذَا هُوَ الْأَصْلُ، وَالْأَوَّلُ فِيهِمَا هُوَ الْمَنْصُوبُ، بَلْ هُوَ هَكَذَا بِخَطِّ الْمُصَنِّفِ وَذَلِكَ لِيَصِحَّ إسْنَادُ يُغَسِّلُ الْمُسْنَدِ لِلْمُذَكَّرِ لِلْمَرْأَةِ لِوُجُودِ الْفَاصِلِ بِالْمَفْعُولِ كَمَا فِي قَوْلِهِمْ أَتَى الْقَاضِي امْرَأَةً وَمَا ذَكَرَهُ لَيْسَ بِمُتَعَيِّنٍ، بَلْ يَجُوزُ رَفْعُ الْأَوَّلِ مِنْهُمَا وَيَكُونُ مِنْ عَطْفِ الْجُمَلِ، وَيُقَدَّرُ فِي الْجُمْلَةِ الْمَعْطُوفَةِ فِعْلٌ مَبْدُوءٌ بِعَلَامَةِ التَّأْنِيثِ عَلَى أَنَّهُ يَصِحُّ ذَلِكَ بِدُونِ مَا ذُكِرَ؛ لِأَنَّهُ مَعْطُوفٌ فَهُوَ تَابِعٌ، وَيُغْتَفَرُ فِيهِ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي الْمَتْبُوعِ، وَقَدْ يُقَالُ تَقْدِيمُ الْمَفْعُولِ هُنَا يُفِيدُ الْحَصْرَ وَالِاخْتِصَاصَ، وَلَوْ قَدَّمَ الْفَاعِلَ لَمْ يُسْتَفَدْ مِنْهُ حَصْرٌ وَلَا يُعْتَرَضُ بِكَوْنِ الرَّجُلِ يُغَسِّلُ الْمَرْأَةَ وَعَكْسِهِ فِي صُوَرٍ إذْ كَلَامُنَا فِي الْأَصْلِ كَمَا قَالَهُ الشَّارِحُ فَهُوَ كَالْمُسْتَثْنَى، وَالْقِيَاسُ امْتِنَاعُ غُسْلِ الرَّجُلِ لِلْأَمْرَدِ إذَا حَرَّمْنَا النَّظَرَ لَهُ إلْحَاقًا
ــ
[حاشية الشبراملسي]
قَوْلُهُ: بِالْجَرِّ عَلَى مَا تَقَرَّرَ) أَيْ فِي قَوْلِهِ تَجِبُ إزَالَتُهُ مَعَ الْوُضُوءِ وَقَرَّرَ حَجّ مَا يَقْتَضِي رَفْعَهُ حَيْثُ قَالَ: يَجِبُ مَعَ ذَلِكَ الْوُضُوءُ (قَوْلُهُ: لَا الْغُسْلِ) أَيْ فَلَا يَجِبُ.
[بَيَانِ الْغَاسِلِ]
(قَوْلُهُ: وَيُغَسِّلُ الرَّجُلَ الرَّجُلُ إلَخْ)[تَنْبِيهٌ] لَوْ صَرَفَ الْغَاسِلُ الْغُسْلَ عَنْ غُسْلِ الْمَيِّتِ بِأَنْ قَصَدَ بِهِ الْغُسْلَ عَنْ الْجَنَابَةِ مَثَلًا إذَا كَانَ جُنُبًا يَنْبَغِي وِفَاقًا لَمْ ر أَنَّهُ يَكْفِي بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ لَا يَشْتَرِطُ النِّيَّةَ وَأَنَّ الْمَقْصُودَ النَّظَافَةُ وَهُوَ حَاصِلٌ، فَإِنْ قُلْنَا بِاشْتِرَاطِ النِّيَّةِ وَكَانَ جُنُبًا فَقَصَدَ الْغَاسِلُ الْغُسْلَ عَنْ الْجَنَابَةِ يَنْبَغِي وِفَاقًا لَمْ ر أَنَّهُ يَكْفِي كَمَا لَوْ اجْتَمَعَ عَلَى الْحَيِّ غُسْلَانِ وَاجِبَانِ فَنَوَى أَحَدَهُمَا فَإِنَّهُ يَكْفِي اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ.
(قَوْلُهُ: مَبْدُوءٌ بِعَلَامَةِ التَّأْنِيثِ) كَأَنْ يُقَالَ وَتُغَسِّلُ الْمَرْأَةَ الْمَرْأَةُ (قَوْلُهُ: بِدُونِ مَا ذُكِرَ) وَلِحُصُولِ الْفَصْلِ بِالْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ وَهُوَ كَافٍ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: يُفِيدُ الْحَصْرَ وَالِاخْتِصَاصَ) قَالَ الشَّيْخُ عَمِيرَةُ بَعْدَ مَا ذَكَرَ: وَفِيهِ أَنَّ إفَادَةَ الِاخْتِصَاصِ إنَّمَا هُوَ فِي تَقْدِيمِ الْمَعْمُولِ عَلَى عَامِلِهِ، وَأَمَّا كَوْنُهَا فِي تَقْدِيمِ الْمَفْعُولِ عَلَى الْفَاعِلِ فَلَمْ أَعْلَمْهُ اهـ. أَقُولُ: وَفِيهِ أَنَّهُ قَالَ فِي التَّلْخِيصِ تَقْدِيمُ مَا حَقُّهُ التَّأْخِيرُ يُفِيدُ الْحَصْرَ، وَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَا ذَكَرَهُ الْمُحَشِّي، اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّ مَا ذَكَرَهُ الْمُحَشِّي بِحَسَبِ الْوَضْعِ وَمَا فِي التَّلْخِيصِ بِحَسَبِ الِاسْتِعْمَالِ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: وَالْقِيَاسُ امْتِنَاعُ غُسْلِ الرَّجُلِ لِلْأَمْرَدِ) خِلَافًا لحج.
[تَنْبِيهٌ] قَالَ بَعْضُهُمْ: لَوْ كَانَ الْمَيِّتُ أَمْرَدَ حَسَنَ الْوَجْهِ وَلَمْ يَحْضُرْ مَحْرَمٌ لَهُ يُمِّمَ أَيْضًا بِنَاءً عَلَى حُرْمَةِ النَّظَرِ إلَيْهِ اهـ.
وَوَافَقَهُ م ر لَكِنْ قَيَّدَهُ بِمَا إذَا خَشِيَ الْفِتْنَةَ؛ لِأَنَّهُ اعْتَمَدَ مَا صَحَّحَهُ الرَّافِعِيُّ مِنْ أَنَّهُ لَا يَحْرُمُ النَّظَرُ لِلْأَمْرَدِ إلَّا عِنْدَ خَوْفِ الْفِتْنَةِ، وَهَذَا مِمَّا يُبْتَلَى بِهِ فَإِنَّ الْغَالِبَ أَنَّ مُغَسِّلَ الْمُرْدِ الْحِسَانِ هُمْ الْأَجَانِبُ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ. وَظَاهِرُهُ وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ غَيْرُهُ وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ إنْ لَمْ يُوجَدْ إلَّا هُوَ جَازَ لَهُ وَيَكُفُّ نَفْسَهُ مَا أَمْكَنَ قِيَاسًا عَلَى مَا قَالُوهُ فِي الشَّهَادَةِ مِنْ أَنَّهُ يَجُوزُ لِلْأَجْنَبِيِّ النَّظَرُ لِلشَّهَادَةِ بَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ وَإِنْ خَافَ الْفِتْنَةَ إنْ تَعَيَّنَ وَيَكُفُّ نَفْسَهُ مَا أَمْكَنَ، إلَّا أَنْ يُفَرِّقَ بِأَنَّ الْغُسْلَ هُنَا بَدَلًا، بِخِلَافِ الشَّهَادَةِ فَإِنَّهُ رُبَّمَا يُضَيِّعُ الْحَقَّ بِالِامْتِنَاعِ وَلَا بَدَلَ لَهَا، وَلَعَلَّهُ الْأَقْرَبُ (قَوْلُهُ إذَا حَرَّمْنَا النَّظَرَ) أَيْ بِأَنْ
ــ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: وَقَدْ يُقَالُ تَقْدِيمُ الْمَفْعُولِ هُنَا يُفِيدُ الْحَصْرَ إلَخْ) أَيْ يُقَالُ فِي تَوْجِيهِ كَلَامِ الشَّارِحِ أَيْضًا
لَهُ بِالْمَرْأَةِ.
(وَيُغَسِّلُ أَمَتَهُ) أَيْ يَجُوزُ لَهُ ذَلِكَ وَلَوْ مُكَاتَبَةً، أَوْ مُدَبَّرَةً أَوْ أُمَّ وَلَدٍ وَذِمِّيَّةً؛ لِأَنَّهُنَّ مَمْلُوكَاتٌ لَهُ فَأَشْبَهْنَ الزَّوْجَةَ، بَلْ أَوْلَى لِمِلْكِهِ الرَّقَبَةَ مَعَ الْبُضْعِ، وَالْكِتَابَةُ تَرْتَفِعُ بِالْمَوْتِ مَا لَمْ تَكُنْ الْمُتَوَفَّاةُ مِنْهُنَّ مُتَزَوِّجَةً، أَوْ مُعْتَدَّةً أَوْ مُسْتَبْرَأَةً لِتَحْرِيمِ بُضْعِهِنَّ عَلَيْهِ، وَكَذَا الْمُشْتَرَكَةُ وَالْمُبَعَّضَةُ بِالْأَوْلَى، وَقَضِيَّةُ التَّعْلِيلِ أَنَّ كُلَّ أَمَةٍ تَحْرُمُ عَلَيْهِ كَوَثَنِيَّةٍ وَمَجُوسِيَّةٍ كَذَلِكَ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ كَمَا بَحَثَهُ الْبَارِزِيُّ، وَإِنْ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: مُقْتَضَى إطْلَاقِ الْمِنْهَاجِ جَوَازُ ذَلِكَ لَا يُقَالُ: الْمُسْتَبْرَأَةُ إمَّا مَمْلُوكَةٌ بِالسَّبْيِ وَالْأَصَحُّ حِلُّ التَّمَتُّعَاتِ بِهَا مَا سِوَى الْوَطْءِ فَغُسْلُهَا أَوْلَى، أَوْ بِغَيْرِهِ فَلَا تَحْرُمُ عَلَيْهِ الْخَلْوَةُ بِهَا وَلَا لَمْسُهَا وَلَا النَّظَرُ إلَيْهَا بِغَيْرِ شَهْوَةٍ فَلَا يَمْتَنِعُ عَلَيْهِ غُسْلُهَا؛ لِأَنَّا نَقُولُ: تَحْرِيمُ غُسْلِهَا لَيْسَ لِمَا ذُكِرَ بَلْ لِتَحْرِيمِ بُضْعِهَا كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْمَجْمُوعِ فَأَشْبَهَتْ الْمُعْتَدَّةَ بِجَامِعِ تَحْرِيمِ الْبُضْعِ وَتَعَلُّقِ الْحَقِّ بِأَجْنَبِيٍّ.
. (وَ) يُغَسِّلُ (زَوْجَتَهُ) وَلَوْ كِتَابِيَّةً وَإِنْ لَمْ يَرْضَ بِهِ رِجَالُ مَحَارِمِهَا مِنْ أَهْلِ مِلَّتِهَا وَشَمَلَ ذَلِكَ مَا لَوْ نَكَحَ أُخْتَهَا، أَوْ نَحْوَهَا أَوْ أَرْبَعًا سِوَاهَا؛ لِأَنَّ حُقُوقَ النِّكَاحِ لَا تَنْقَطِعُ بِالْمَوْتِ بِدَلِيلِ التَّوَارُثِ " وَصَحَّ «عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ لِعَائِشَةَ رضي الله عنها: مَا ضَرُّك لَوْ مُتِّ قَبْلِي لَغَسَّلْتُك وَكَفَّنْتُك وَصَلَّيْت عَلَيْك وَدَفَنْتُك» رَوَاهُ النَّسَائِيّ وَابْنُ حِبَّانَ قَالَ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - تَتِمَّةُ الْخَبَرِ «إذَا كُنْت تُصْبِحُ عَرُوسًا» ، وَمَعْنَى قَوْلِهِ مَا ضَرُّك إلَى آخِرِهِ: أَنَّهُ عليه الصلاة والسلام لَا يُغَسِّلُ عَائِشَةَ لِأَنَّهَا لَا تَمُوتُ قَبْلَهُ؛ لِأَنَّ لَوْ حَرْفُ امْتِنَاعٍ لِامْتِنَاعٍ (وَهِيَ) تُغَسِّلُ (زَوْجَهَا) بِالْإِجْمَاعِ وَلِمَا صَحَّ عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها أَنَّهَا قَالَتْ: لَوْ اسْتَقْبَلْت مِنْ أَمْرِي مَا اسْتَدْبَرْت مَا غَسَّلَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إلَّا نِسَاؤُهُ: أَيْ لَوْ ظَهَرَ لَهَا قَوْلُهَا الْمَذْكُورُ وَقْتَ غُسْلِهِ عليه الصلاة والسلام مَا غَسَّلَهُ إلَّا نِسَاؤُهُ لِمَصْلَحَتِهِنَّ بِالْقِيَامِ بِهَذَا الْغَرَضِ الْعَظِيمِ؛ وَلِأَنَّ جَمِيعَ بَدَنِهِ يَحِلُّ لَهُنَّ نَظَرُهُ حَالَ حَيَاتِهِ؛ وَلِأَنَّ أَبَا بَكْرٍ أَوْصَى بِأَنْ تُغَسِّلَهُ زَوْجَتُهُ أَسْمَاءُ بِنْتُ عُمَيْسٍ فَفَعَلَتْ وَلَمْ يُنْكِرْهُ أَحَدٌ، وَلَا أَثَرَ لِانْقِضَاءِ عِدَّتِهَا بِوَضْعٍ عَقِبَ مَوْتِهِ وَلَا لِنِكَاحِهَا غَيْرَهُ؛ لِأَنَّهُ حَقٌّ ثَبَتَ لَهَا فَلَا يَسْقُطُ كَالْمِيرَاثِ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
خِيفَ الْفِتْنَةُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ.
(قَوْلُهُ: وَيُغَسِّلُ أَمَتَهُ) أَيْ لَا الْعَكْسُ، فَلَا يَجُوزُ لِوَاحِدَةٍ مِنْ الْأَمَةِ وَمَا بَعْدَهَا أَنْ تُغَسِّلَ سَيِّدَهَا لِزَوَالِ مِلْكِهِ عَنْهَا؛ وَلِأَنَّ الْمُكَاتَبَةَ كَانَتْ مُحَرَّمَةً عَلَيْهِ، شَرْحُ الْبَهْجَةِ الْكَبِيرِ. وَعِبَارَةُ الْمَحَلِّيِّ أَيْضًا: بِخِلَافِ الْأَمَةِ لَا تُغَسِّلُ سَيِّدَهَا فِي الْأَصَحِّ، وَالْمُرَادُ بِأَمَتِهِ الَّتِي يَجُوزُ لَهُ وَطْؤُهَا قَبْلَ الْمَوْتِ فَيَخْرُجُ بِذَلِكَ مَا لَوْ وَطِئَ إحْدَى أُخْتَيْنِ كُلٌّ مِنْهُمَا فِي مِلْكِهِ ثُمَّ مَاتَتْ مَنْ لَمْ يَطَأْهَا قَبْلَ تَحْرِيمِ الْأُخْرَى فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُغَسِّلَهَا عَلَى مَا يَقْتَضِيهِ قَوْلُهُ الْآتِي لِتَحْرِيمِ بُضْعِهِنَّ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ أَوْ مُعْتَدَّةً) أَيْ وَلَوْ مِنْ شُبْهَةٍ وَكَمَا لَا يُغَسِّلُ زَوْجَتَهُ الْمُعْتَدَّةَ عَنْ شُبْهَةٍ لَا تُغَسِّلُهُ كَمَا سَيَأْتِي.
(قَوْلُهُ: إذَا كُنْت تُصْبِحُ عَرُوسًا) وَلَا يُقَالُ فِيهِ رِضَاهَا بِمَوْتِهِ صلى الله عليه وسلم؛ لِأَنَّهَا عَلِمَتْ بِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم لَوْ مِتّ أَنَّهَا لَا تَمُوتُ قَبْلَهُ، فَلَوْ طَلَبَتْ غَيْرَ ذَلِكَ لَكَانَ فِيهِ عَدَمُ تَصْدِيقِهِ فِيمَا أَخْبَرَ بِهِ أَوْ طَلَبُ مُسْتَحِيلٍ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَهِيَ تُغَسِّلُ زَوْجَهَا) ظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَتْ أَمَةً وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَلَا يُنَافِي هَذَا مَا يَأْتِي لَهُ مِنْ أَنَّهَا لَا حَقَّ لَهَا فِي وِلَايَةِ الْغُسْلِ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ هُنَا فِي الْجَوَازِ (قَوْلُهُ: مَا غَسَّلَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إلَّا نِسَاؤُهُ) اُنْظُرْ هَلْ يَرُدُّ أَنَّ هَذَا قَوْلُ صَحَابِيٍّ فَلَا يُسْتَدَلُّ بِهِ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ. أَقُولُ: لَعَلَّ الْمُرَادَ أَنَّ قَوْلَهَا اُشْتُهِرَ وَلَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهَا أَحَدٌ مِنْ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - (قَوْلُهُ: أَيْ لَوْ ظَهَرَ لَهَا قَوْلُهَا إلَخْ) هَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهَا ظَهَرَ لَهَا أَنَّ نِسَاءَهُ كُنَّ أَحَقَّ بِغُسْلِهِ مِنْ غَيْرِهِنَّ مِنْ الرِّجَالِ، وَهُوَ لَا يُطَابِقُ الْمَقْصُودَ مِنْ أَنَّ غُسْلَهُنَّ جَائِزٌ مَعَ كَوْنِ غَيْرِهِنَّ مِنْ الرِّجَالِ أَحَقَّ، وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ بِأَنَّهُ دَلَّ عَلَى الْجَوَازِ وَالتَّقَدُّمِ، فَصَرَفَ عَنْ التَّقَدُّمِ صَارِفٌ فَبَقِيَ أَصْلُ الْجَوَازِ، أَوْ أَنَّ الْمَعْنَى أَنَّهَا تَقُولُ: لَوْ اسْتَقْبَلْت مِنْ أَمْرِي إلَخْ
ــ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: لَا يُغَسِّلُ عَائِشَةَ؛ لِأَنَّهَا لَا تَمُوتُ قَبْلَهُ) هَذَا قَدْ يُنْتِجُ نَقِيضَ الْمَطْلُوبِ، عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ مَعْنَاهُ مَا ذُكِرَ؛ لِأَنَّ مَا ضَرَّكِ دَلِيلُ الْجَوَابِ، وَلَيْسَ الْجَوَابُ قَوْلَهُ فَغَسَّلْتُك إلَخْ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: وَلَا أَثَرَ لِانْقِضَاءِ عِدَّتِهَا) لَوْ أَخَّرَهُ عَنْ الْعِلَّةِ بَعْدَهُ
وَيُعْلَمُ مِمَّا سَيَأْتِي أَنَّ الْكَافِرَ لَا يُغَسِّلُ مُسْلِمًا أَنَّ الذِّمِّيَّةَ إنَّمَا تُغَسِّلُ زَوْجَهَا الذِّمِّيَّ لَا الرَّجْعِيَّةَ فَلَا تُغَسِّلُهُ لِحُرْمَةِ الْمَسِّ وَالنَّظَرِ عَلَيْهَا وَإِنْ كَانَتْ كَالزَّوْجَةِ فِي النَّفَقَةِ وَنَحْوِهَا، وَمِثْلُهَا بِالْأَوْلَى الْبَائِنُ بِطَلَاقٍ، أَوْ فَسْخٍ، وَأَلْحَقَ بِهَا الْأَذْرَعِيُّ الزَّوْجَةَ الْمُعْتَدَّةَ عَنْ وَطْءِ شُبْهَةٍ فَلَا تُغَسِّلُ زَوْجَهَا وَلَا عَكْسُهُ، كَمَا لَا يُغَسِّلُ أَمَتَهُ الْمُعْتَدَّةَ وَفَارَقَتْ الْمُكَاتَبَةُ وَإِنْ اسْتَوَيَا فِي جَوَازِ النَّظَرِ لِمَا عَدَا مَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ بِأَنَّ الْحَقَّ فِيهَا تَعَلَّقَ بِأَجْنَبِيٍّ، بِخِلَافِهِ فِي الْمُكَاتَبَةِ فَانْدَفَعَ رَدَّ الزَّرْكَشِيُّ لَهُ بِقِيَاسِهَا عَلَيْهَا (وَيَلُفَّانِ) أَيْ السَّيِّدُ فِي تَغْسِيلِ أَمَتِهِ وَأَحَدُ الزَّوْجَيْنِ فِي تَغْسِيلِ الْآخَرِ (خِرْقَةً) عَلَى يَدِهِمَا اسْتِحْبَابًا (وَلَا مَسَّ) وَاقِعٌ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ الْمَيِّتِ أَيْ لَا يَنْبَغِي ذَلِكَ لِئَلَّا يُنْتَقَضَ وُضُوءُ الْغَاسِلِ فَقَطْ أَمَّا وُضُوءُ الْمَغْسُولِ فَلَا لِمَا مَرَّ، لَا يُقَالُ: هَذَا مُكَرَّرٌ مَعَ مَا مَرَّ مِنْ لَفِّ الْخِرْقَةِ الشَّامِلِ لِأَحَدِ الزَّوْجَيْنِ، فَقَدْ قِيلَ ذَاكَ فِي لَفٍّ وَاجِبٍ وَهُوَ شَامِلٌ لَهُمَا وَهَذَا فِي لَفٍّ مَنْدُوبٍ وَهُوَ خَاصٌّ بِهِمَا فَلَا تَكْرَارَ، نَعَمْ الَّذِي يُتَوَهَّمُ إنَّمَا هُوَ تَكَرُّرُ هَذَا مَعَ مَنْ عَبَّرَ بِأَنَّهُ يُسَنُّ لِكُلِّ غَاسِلٍ لَفُّ خِرْقَةٍ عَلَى يَدِهِ فِي سَائِرِ غُسْلِهِ، وَمَعَ ذَلِكَ لَا تَكْرَارَ أَيْضًا؛ لِأَنَّ هَذَا بِالنَّظَرِ لِكَرَاهَةِ الْمَسِّ وَمَا هُنَا بِالنَّظَرِ لِانْتِقَاضِ الطُّهْرِ بِهِ.
(فَإِنْ لَمْ يَحْضُرْ) هَا (إلَّا أَجْنَبِيٌّ، أَوْ) لَمْ يَحْضُرْهُ إلَّا (أَجْنَبِيَّةٌ)(يُمِّمَ) أَيْ الْمَيِّتُ حَتْمًا (فِي الْأَصَحِّ) فِيهِمَا إلْحَاقًا
ــ
[حاشية الشبراملسي]
لَاسْتَرْضَيْت الَّذِينَ هُمْ أَحَقُّ بِالْغُسْلِ وَتَوَلَّيْنَا غُسْلَهُ صلى الله عليه وسلم (قَوْلُهُ: إنَّ الذِّمِّيَّةَ إنَّمَا تُغَسِّلُ زَوْجَهَا) إنْ كَانَ الْمُرَادُ أَنَّهَا لَا حَقَّ لَهَا بِحَيْثُ تُقَدَّمُ بِهِ عَلَى غَيْرِهَا فَظَاهِرٌ وَإِنْ كَانَ الْمُرَادُ أَنَّهَا لَا تُمَكَّنُ مِنْ التَّغْسِيلِ فَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِ الْأَوْلَوِيَّةِ عَدَمُ الْجَوَازِ. ثُمَّ رَأَيْت بِهَامِشٍ عَنْ شَرْحِ الرَّوْضِ وَالْبَهْجَةِ أَنَّهُ يُكْرَهُ تَغْسِيلُ الذِّمِّيَّةِ زَوْجَهَا الْمُسْلِمَ، وَأَنَّ شَيْخَنَا الزِّيَادِيَّ اعْتَمَدَهُ، وَهُوَ صَرِيحٌ فِي قَوْلِ الْمَحَلِّيِّ إلَّا أَنَّ غُسْلَ الذِّمِّيَّةِ لِزَوْجِهَا الْمُسْلِمِ مَكْرُوهٌ (قَوْلُهُ فَلَا تُغَسِّلُ زَوْجَهَا) مُعْتَمَدٌ وَذَلِكَ لِحُرْمَةِ النَّظَرِ مِنْ الْجَانِبَيْنِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الشَّارِحُ قُبَيْلَ الْخُطْبَةِ (قَوْلُهُ: أَيْ لَا يَنْبَغِي ذَلِكَ) أَيْ لَا يَحْسُنُ فَالْمَسُّ مَكْرُوهٌ فِي غَيْرِ الْعَوْرَةِ، أَمَّا فِيهَا فَحَرَامٌ لِمَا مَرَّ فِي قَوْلِهِ: وَلَفُّ الْخِرْقَةِ وَاجِبٌ لِحُرْمَةِ مَسِّ شَيْءٍ مِنْ عَوْرَتِهِ بِلَا حَائِلٍ (قَوْلُهُ: فَلَا لِمَا مَرَّ) أَيْ فَلَا يُنْتَقَضُ وَإِنْ نَقَضْنَا طُهْرَ الْمَلْمُوسِ الْحَيِّ؛ لِأَنَّ الشَّرْعَ أَذِنَ لَهُ فِيهِ لِلْحَاجَةِ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: وَهُوَ شَامِلٌ لَهُمَا) وَمِنْهُ يُعْلَمُ حُرْمَةُ مَسِّ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ عَوْرَةَ الْآخَرِ وَكَرَاهَةُ مَسِّ مَا عَدَاهَا، وَبِهِ صَرَّحَ حَجّ فِيمَا تَقَدَّمَ، وَنَقَلَ ابْنُ قَاسِمٍ عَلَى حَجّ هُنَا عَنْ الشَّارِحِ جَوَازَ مَسِّ الْعَوْرَةِ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا، وَعَلَيْهِ فَمَا ذَكَرَهُ هُنَا مِنْ النَّدْبِ مُخَصَّصٌ لِعُمُومِ قَوْلِهِ ثَمَّ وَلَفُّ الْخِرْقَةِ وَاجِبٌ، وَكَأَنَّهُ قِيلَ إلَّا فِي حَقِّ الزَّوْجَيْنِ وَهُوَ ظَاهِرُ قَوْلِهِ هُنَا وَهُوَ خَاصٌّ بِهِمَا، فَيَكُونُ الْمَسُّ وَلَوْ لِلْعَوْرَةِ عِنْدَهُ مَكْرُوهًا لَا حَرَامًا (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ هَذَا) أَيْ مَا ذُكِرَ مِنْ قَوْلِهِ بِأَنَّهُ يُسَنُّ إلَخْ.
(قَوْلُهُ: إلَّا أَجْنَبِيٌّ) قَالَ حَجّ بَعْدَ قَوْلِهِ أَجْنَبِيٌّ كَبِيرٌ وَاضِحٌ وَالْمَيِّتُ امْرَأَةٌ أَوْ أَجْنَبِيَّةٌ كَذَلِكَ وَلَمْ يَذْكُرْ مَفْهُومَهُ. قَالَ سم عَلَيْهِ: مَفْهُومُهُ أَنَّ الْخُنْثَى وَلَوْ كَبِيرًا إذَا لَمْ يُوجَدْ إلَّا هُوَ يُغَسِّلُ الرَّجُلُ وَالْمَرْأَةُ الْأَجْنَبِيَّيْنِ وَلَمْ يُصَرِّحْ بِهِ، وَقَدْ يُوَجَّهُ الْقِيَاسُ عَلَى عَكْسِهِ: أَيْ مَنْ لَهُمَا تَغْسِيلُهُ اهـ (قَوْلُهُ: يُمِّمَ) أَيْ بِحَائِلٍ كَمَا هُوَ مَعْلُومٌ، وَكَتَبَ عَلَيْهِ سم عَلَى حَجّ: هَلْ تَجِبُ النِّيَّةُ أَمْ لَا اهـ رحمه الله. أَقُولُ: الْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي الْعِبَادَةِ أَنَّهَا لَا تَصِحُّ إلَّا بِالنِّيَّةِ، لَكِنَّ عِبَارَةَ شَيْخِنَا الْعَلَّامَةِ الشَّوْبَرِيِّ عَلَى الْمَنْهَجِ نَصُّهَا: جَزَمَ حَجّ فِي الْإِيعَابِ بِعَدَمِ وُجُوبِ النِّيَّةِ كَالْغُسْلِ اهـ (قَوْلُهُ: فِي الْأَصَحِّ فِيهِمَا) وَلَوْ حَضَرَ مَنْ لَهُ غُسْلُهُمَا بَعْدَ الصَّلَاةِ وَجَبَ الْغُسْلُ كَمَا لَوْ تَيَمَّمَ لِفَقْدِ الْمَاءِ ثُمَّ وَجَدَهُ فَتَجِبُ
ــ
[حاشية الرشيدي]
كَانَ أَوْلَى (قَوْلُهُ: وَيُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي أَنَّ الْكَافِرَ لَا يُغَسِّلُ مُسْلِمًا) أَيْ إنْ كَانَ هُنَاكَ غَيْرُهُ أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي قَرِيبًا فِي قَوْلِهِ وَلَوْ حَضَرَ الْمَيِّتَ الذَّكَرَ كَافِرٌ وَمُسْلِمَةٌ غَسَّلَهُ، ثُمَّ لَك أَنْ تَقُولَ: إنْ كَانَ مُرَادُ الشَّارِحِ بِمَا يَأْتِي مَا سَيَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَشَرْطُ التَّقْدِيمِ الِاتِّحَادُ فِي الْإِسْلَامِ وَالْكُفْرِ، فَعُلِمَ هَذَا مِنْهُ مَمْنُوعٌ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِيهِ فِي التَّقْدِيمِ وَعَدَمِهِ فَلَا يُعْلَمُ مِنْهُ حُكْمُ الْجَوَازِ، وَإِنْ كَانَ مُرَادُهُ غَيْرَ هَذَا فَفِي أَيِّ مَحَلٍّ (قَوْلُهُ: عَلَى يَدِهِمَا اسْتِحْبَابًا) ظَاهِرُهُ، وَلَوْ فِي الْعَوْرَةِ، وَهُوَ مَا نَقَلَهُ عَنْهُ الشِّهَابِ سم فِي حَوَاشِي التُّحْفَةِ (قَوْلُهُ: فَقَدْ قِيلَ ذَاكَ فِي لَفٍّ وَاجِبٍ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ مَفْرُوضٌ فِي السَّوْأَتَيْنِ كَمَا مَرَّ.
لِفَقْدِ الْغَاسِلِ بِفَقْدِ الْمَاءِ، إذْ الْغُسْلُ مُتَعَذِّرٌ شَرْعًا لِتَوَقُّفِهِ عَلَى النَّظَرِ، أَوْ الْمَسِّ الْمُحَرَّمِ، وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ فِي ثِيَابٍ سَابِغَةٍ وَبِحَضْرَةِ نَهْرٍ مَثَلًا وَأَمْكَنَ غَمْسُهُ بِهِ لِيَصِلَ الْمَاءُ لِكُلِّ بَدَنِهِ مِنْ غَيْرِ مَسٍّ وَلَا نَظَرٍ وَجَبَ وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَالْأَوْجَهُ كَمَا أَفَادَهُ الشَّيْخُ أَنَّهُ يُزِيلُ النَّجَاسَةَ؛ لِأَنَّ إزَالَتَهَا لَا بُدَّ لَهَا بِخِلَافِ الْغُسْلِ، وَلِأَنَّ التَّيَمُّمَ لَا يَصِحُّ قَبْلَ إزَالَتِهَا، وَلَوْ حَضَرَ الْمَيِّتَ الذَّكَرَ كَافِرٌ وَمُسْلِمَةٌ غَسَّلَهُ؛ لِأَنَّ لَهُ النَّظَرَ إلَيْهِ دُونَهَا وَصَلَّتْ عَلَيْهِ الْمُسْلِمَةُ وَالْوَلَدُ الصَّغِيرُ الَّذِي لَا يُشْتَهَى يُغَسِّلُهُ الذَّكَرُ وَالْأُنْثَى لِحِلِّ نَظَرِهِ وَمَسِّهِ، وَالْخُنْثَى الْمُشْكِلُ الْكَبِيرُ يُغَسِّلُهُ الْمَحَارِمُ مِنْهُمَا، فَإِنْ فُقِدُوا يُمِّمَ كَمَا لَوْ لَمْ يَحْضُرْ الْمَيِّتَ إلَّا أَجْنَبِيٌّ، كَذَا جَزَمَ بِهِ ابْنُ الْمُقْرِي تَبَعًا لِظَاهِرِ كَلَامِ أَصْلِهِ، وَاَلَّذِي صَحَّحَهُ فِي الْمَجْمُوعِ وَنَقَلَهُ عَنْ اتِّفَاقِ كَلَامِ الْأَصْحَابِ، أَنَّ لِكُلٍّ مِنْ الْفَرِيقَيْنِ تَغْسِيلَهُ لِلْحَاجَةِ وَاسْتِصْحَابًا لِحُكْمِ الصِّغَرِ وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ، قَالَ: وَيُغَسَّلُ فَوْقَ ثَوْبٍ وَيَحْتَاطُ الْغَاسِلُ فِي غَضِّ الْبَصَرِ وَالْمَسِّ، وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْأَجْنَبِيِّ بِأَنَّهُ هُنَا يَحْتَمِلُ الِاتِّحَادَ فِي جِنْسِ الذُّكُورَةِ، أَوْ الْأُنُوثَةِ بِخِلَافِهِ ثَمَّ، وَيُفَارِقُ ذَلِكَ أَخْذُهُمْ فِي بِالْأَحْوَطِ فِي النَّظَرِ بِأَنَّهُ مَحَلُّ حَاجَةٍ وَبِأَنَّهُ لَا يُخَافُ مِنْهُ الْفِتْنَةُ، وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ يُغَسَّلُ الْمَيِّتُ فِي ثِيَابِهِ وَيَلُفُّ الْغَاسِلُ عَلَى يَدِهِ خِرْقَةً وَيَغُضُّ طَرْفَهُ مَا أَمْكَنَهُ، فَإِنْ اُضْطُرَّ إلَى النَّظَرِ نَظَرَ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
إعَادَةُ الصَّلَاةِ هَذَا هُوَ الْأَظْهَرُ، وَيَجْرِي الْخِلَافُ فِي الْمُصَلِّينَ عَلَى الْمَيِّتِ؛ لِأَنَّهَا خَاتِمَةُ طَهَارَتِهِ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ. أَقُولُ: خَرَجَ بِقَوْلِهِ بَعْدَ الصَّلَاةِ مَا لَوْ حَضَرَ بَعْدَ الدَّفْنِ فَلَا يُنْبَشُ لِسُقُوطِ الطَّلَبِ بِالتَّيَمُّمِ بَدَلَ الْغُسْلِ. وَلَيْسَ هَذَا كَمَا لَوْ دُفِنَ بِلَا غُسْلٍ فَإِنَّهُ يُنْبَشُ لِأَجْلِهِ وَذَلِكَ لِأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ ثَمَّ غُسْلٌ وَلَا بَدَلُهُ، وَيَنْبَغِي أَنَّ مِثْلَ الدَّفْنِ إدْلَاؤُهُ فِي الْقَبْرِ فَتَنَبَّهْ لَهُ فَإِنَّهُ دَقِيقٌ، وَنُقِلَ عَنْ بَعْضِهِمْ فِي الدَّرْسِ خِلَافُهُ فَلْيُحَرَّرْ (قَوْلُهُ: لِفَقْدِ الْغَاسِلِ بِفَقْدِ الْمَاءِ) أَيْ وَذَلِكَ بِأَنْ يَكُونَ فِي مَحَلٍّ لَا يَجِبُ طَلَبُ الْمَاءِ مِنْهُ فَيُقَالُ مِثْلُهُ فِي فَقْدِ الْغَاسِلِ، وَلَوْ قِيلَ بِتَأْخِيرِهِ إلَى وَقْتٍ لَا يُخْشَى عَلَيْهِ فِيهِ التَّغَيُّرُ لَمْ يَكُنْ بَعِيدًا (قَوْلُهُ: لِكُلِّ بَدَنِهِ مِنْ غَيْرِ مَسٍّ) : يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ كَذَلِكَ وَأَمْكَنَ الصَّبُّ عَلَيْهِ بِحَيْثُ يَصِلُ الْمَاءُ إلَى جَمِيعِ بَدَنِهِ بِلَا مَسٍّ وَلَا نَظَرٍ وَجَبَ.
(قَوْلُهُ: أَنَّهُ يُزِيلُ النَّجَاسَةَ) أَيْ الْأَجْنَبِيُّ رَجُلًا أَوْ امْرَأَةً: أَيْ وَإِنْ كَانَتْ عَلَى الْعَوْرَةِ، فَلَوْ عَمَّتْ بَدَنَهَا وَجَبَتْ إزَالَتُهَا وَيَحْصُلُ بِذَلِكَ الْغُسْلُ، وَيَنْبَغِي أَنَّ مِثْلَ ذَلِكَ التَّكْفِينِ، وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْغُسْلِ بِأَنَّ لَهُ بَدَلًا بِخِلَافِ التَّكْفِينِ، وَيُؤْخَذُ مِنْ هَذَا جَوَابُ مَا وَقَعَ السُّؤَالُ عَنْهُ أَنَّ رَجُلًا مَاتَ مَعَ زَوْجَتِهِ وَقْتَ جِمَاعِهِ لَهَا، وَهُوَ أَنَّهُ يَجُوزُ بِكُلٍّ مِنْ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ الْأَجْنَبِيَّيْنِ إزَالَةُ أَحَدِهِمَا عَنْ الْآخَرِ وَإِنْ أَدَّى إلَى رُؤْيَةِ الْعَوْرَةِ (قَوْلُهُ: وَالْوَلَدُ الصَّغِيرُ) أَيْ ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى (قَوْلُهُ يُغَسِّلُهُ الذَّكَرُ وَالْأُنْثَى) أَيْ يَجُوزُ لِكُلٍّ مِنْهُمَا تَغْسِيلُهُ لَا أَنَّهُمَا يَجْتَمِعَانِ عَلَى غُسْلِهِ (قَوْلُهُ وَالْخُنْثَى الْمُشْكِلُ) أَيْ وَكَذَا مَنْ جُهِلَ أَيْ ذَكَرٌ أَوْ أُنْثَى كَأَنْ أَكَلَ سَبُعٌ مَا بِهِ يَتَمَيَّزُ أَحَدُهُمَا عَنْ الْآخَرِ م ر اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: إنَّ لِكُلٍّ مِنْ الْفَرِيقَيْنِ تَغْسِيلُهُ) أَيْ عِنْدَ فَقْدِ الْمَحَارِمِ. وَيَنْبَغِي اقْتِصَارُهُ عَلَى الْغُسْلِ الْوَاجِبِ دُونَ الْغَسْلَةِ الثَّانِيَةِ وَالثَّالِثَةِ وَدُونَ الْوُضُوءِ وَعِبَارَةُ سم عَلَى مَنْهَجٍ: قَالَ النَّاشِرِيُّ: تَنْبِيهٌ: قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: حَيْثُ قُلْنَا إنَّ الْأَجْنَبِيَّ يُغَسِّلُ الْخُنْثَى فَيُتَّجَهُ اقْتِصَارُهُ عَلَى غَسْلَةٍ وَاحِدَةٍ؛ لِأَنَّ الضَّرُورَةَ تَنْدَفِعُ بِهَا اهـ. وَقَوْلُهُ وَيُغَسَّلُ: أَيْ الْخُنْثَى فَوْقَ ثَوْبٍ أَيْ وُجُوبًا. وَقَوْلُهُ وَيَحْتَاطُ الْغَاسِلُ زَادَ حَجّ نَدْبًا (قَوْلُهُ: وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْأَجْنَبِيِّ) أَيْ حَيْثُ حَرُمَ عَلَى الْمَرْأَةِ تَغْسِيلُهُ وَلَا يُخَالِفُ هَذَا مَا سَبَقَ مِنْ أَنَّهُ حَيْثُ تَيَسَّرَ غُسْلُهُ فِي ثَوْبٍ سَابِغٍ بِلَا نَظَرٍ وَلَا مَسٍّ وَجَبَ لِجَوَازِ تَخْصِيصِ مَا سَبَقَ كَمَا تَدُلُّ عَلَيْهِ عِبَارَتُهُ بِمَا لَوْ أَمْكَنَ إلْقَاؤُهُ فِي نَهْرٍ مِنْ غَيْرِ مَسٍّ وَلَا نَظَرٍ لِشَيْءٍ مِنْ بَدَنِهِ، وَمَا هُنَا بِمَا لَوْ غُسِّلَ فِي ثَوْبٍ
ــ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: وَلَوْ حَضَرَ الْمَيِّتَ الذَّكَرَ كَافِرٌ وَمُسْلِمَةٌ غَسَّلَهُ) أَيْ وُجُوبًا أَخْذًا مِنْ قَاعِدَةِ مَا جَازَ بَعْدَ امْتِنَاعٍ يَصْدُقُ بِالْوُجُوبِ وَبِنَاءً عَلَى مَا مَرَّ أَنَّهُ مُخَاطَبٌ بِفُرُوعِ الشَّرِيعَةِ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْأَجْنَبِيِّ) أَيْ الْوَاضِحِ.
لِلضَّرُورَةِ.
وَاعْلَمْ أَنَّ الرِّجَالَ أَوْلَى بِغُسْلِ الرِّجَالِ لِلْأَمْنِ مِنْ نَقْضِ طُهْرِ الْحَيِّ كَمَا مَرَّ فَيَتَقَدَّمُونَ فِي غُسْلِ الرَّجُلِ عَلَى الزَّوْجَةِ وَأَوْلَاهُمْ مَنْ ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ (وَأَوْلَى الرِّجَالِ بِهِ) أَيْ الرَّجُلِ إذَا اجْتَمَعَ فِي غُسْلِهِ مِنْ أَقَارِبِهِ مَنْ يَصْلُحُ لِغُسْلِهِ (أَوْلَاهُمْ بِالصَّلَاةِ) عَلَيْهِ وَهُمْ رِجَالُ الْعَصَبَاتِ مِنْ النَّسَبِ، ثُمَّ الْوَلَاءِ كَمَا سَيَأْتِي بَيَانُهُمْ فِي الْفَرْعِ الْآتِي، ثُمَّ الزَّوْجَةُ بَعْدَهُمْ فِي الْأَصَحِّ لِمَا سَيَأْتِي فِي عَكْسِهِ، وَكَلَامُهُمْ يَشْمَلُ الزَّوْجَةَ وَالْأَمَةَ، وَذَكَرَ فِيهَا ابْنُ الْأُسْتَاذِ احْتِمَالَيْنِ: أَوْجَهُهُمَا لَا حَقَّ لَهَا لِبُعْدِهَا عَنْ الْمَنَاصِبِ وَالْوِلَايَاتِ، وَيَدُلُّ لَهُ كَلَامُ ابْنِ كَجٍّ الْآتِي، نَعَمْ الْأَفْقَهُ هُنَا أَوْلَى مِنْ الْأَسَنِّ كَمَا فِي الدَّفْنِ (وَ) أَوْلَى النِّسَاءِ (بِهَا) أَيْ الْمَرْأَةِ فِي غُسْلِهَا إذَا اجْتَمَعَ مِنْ أَقَارِبِهَا مَنْ يَصْلُحُ لَهُ (قَرَابَاتُهَا) مِنْ النِّسَاءِ سَوَاءٌ الْمَحَارِمُ كَالْبَنَاتِ وَغَيْرِهِنَّ كَبِنْتِ الْعَمِّ لِأَنَّهُنَّ أَشْفَقُ مِنْ غَيْرِهِنَّ، وَقَوْلُ الْجَوْهَرِيِّ: الْقَرَابَاتُ مِنْ كَلَامِ الْعَوَامّ؛ لِأَنَّ الْمَصْدَرَ لَا يُجْمَعُ إلَّا عِنْدَ اخْتِلَافِ النَّوْعِ وَهُوَ مَفْقُودٌ هُنَا يُرَدُّ بِصِحَّةِ هَذَا الْجَمْعِ؛ لِأَنَّ الْقَرَابَاتِ أَنْوَاعٌ: مَحْرَمٌ ذَاتُ رَحِمٍ كَالْأُمِّ، وَمَحْرَمٌ ذَاتُ عُصُوبَةٍ كَالْأُخْتِ، وَغَيْرُ مَحْرَمٍ كَبِنْتِ الْعَمِّ.
(وَيُقَدَّمْنَ عَلَى زَوْجٍ فِي الْأَصَحِّ) ؛ لِأَنَّ الْأُنْثَى بِالْأُنْثَى أَلْيَقُ، وَالثَّانِي يُقَدَّمُ عَلَيْهِنَّ؛ لِأَنَّهُ يُنْظَرُ فِي حَالِ الْحَيَاةِ إلَى مَا لَا يَنْظُرْنَ إلَيْهِ مِنْهَا (وَأُولَاهُنَّ ذَاتُ مَحْرَمِيَّةٍ) وَهِيَ مَنْ لَوْ فُرِضَتْ ذَكَرًا حَرُمَ تَنَاكُحُهُمَا، فَإِنْ اسْتَوَى اثْنَتَانِ فِيهَا قُدِّمَتْ ذَاتُ الْعُصُوبَةِ لَوْ كَانَتْ ذَكَرًا كَالْعَمَّةِ عَلَى الْخَالَةِ، فَإِنْ اسْتَوَيَا قُدِّمَ بِمَا يُقَدَّمُ بِهِ فِي الصَّلَاةِ عَلَى الْمَيِّتِ، فَإِنْ اسْتَوَيَا فِي الْجَمِيعِ وَلَمْ يَتَشَاحَّا فَذَاكَ وَإِلَّا أُقْرِعَ بَيْنَهُمَا، ثُمَّ إنْ لَمْ تَكُنْ ذَاتَ مَحْرَمِيَّةٍ قُدِّمَتْ الْقُرْبَى، فَالْقُرْبَى، ثُمَّ ذَاتُ الْوَلَاءِ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ، وَإِنَّمَا جُعِلَ الْوَلَاءُ فِي الذُّكُورِ وَسَطًا وَأَخَّرُوهُ فِي الْإِنَاثِ لِأَنَّهُ فِي الذُّكُورِ مِنْ قَضَاءِ حَقِّ الْمَيِّتِ كَالتَّكْفِينِ وَالدَّفْنِ وَالصَّلَاةِ وَهُمْ أَحَقُّ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
مَعَ الِاحْتِيَاجِ إلَى الْمَسِّ أَوْ النَّظَرِ لِبَعْضِ أَجْزَائِهِ.
(قَوْلُهُ: فَيَتَقَدَّمُونَ) أَيْ وُجُوبًا فِي غُسْلِ الرِّجَالِ حَيْثُ فَوَّضَ الْجِنْسَ إلَى غَيْرِهِ وَنَدْبًا بِدُونِ تَفْوِيضٍ كَمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ: وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الشَّيْخَيْنِ إلَخْ.
[فَرْعٌ] لَوْ فَوَّضَ الْأَبُ مَثَلًا إلَى رَجُلٍ أَجْنَبِيٍّ مَعَ وُجُودِ رِجَالِ الْقَرَابَةِ وَالْوَلَاءِ أَوْ لِمَنْ هُوَ أَبْعَدُ مَعَ وُجُودِ الْمُقَدَّمِ عَلَيْهِ فَظَاهِرُ إطْلَاقِ الْإِسْنَوِيِّ الْمَذْكُورِ الْجَوَازُ وَيَكُونُ أَوْلَى، ثُمَّ رَأَيْت فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ عِنْدَ قَوْلِ ابْنِ الْوَرْدِيِّ فِي التَّقْدِيمِ فِي الصَّلَاةِ مُقَدَّمًا فِيهَا وَغَسَّلَ الرَّجُلَ الْأَبُ ثُمَّ الِابْنُ وَأَعْلَى وَأَنْزَلُ إلَخْ مَا نَصُّهُ نَقْلًا عَنْ شَرْحِ الْمُهَذَّبِ: وَيُقَدَّمُ مَفْضُولُ الدَّرَجَةِ عَلَى نَائِبِ فَاضِلِهَا فِي الْأَقْيَسِ، وَنَائِبُ الْأَقْرَبِ الْغَائِبِ عَلَى الْبَعِيدِ الْحَاضِرِ اهـ. وَقَدْ لَا يُخَالِفُهُ كَلَامُ الْإِسْنَوِيِّ بِأَنْ يَجْعَلَ الْمُرَادَ مِنْهُ أَعْنِي مِنْ كَلَامِ الْإِسْنَوِيِّ بَيَانَ الْجَوَازِ لَا غَيْرُ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: أَوْلَاهُمْ بِالصَّلَاةِ عَلَيْهِ) اُنْظُرْ هَلْ الْأَوْلَى بِالْمَيِّتِ الرَّقِيقِ قَرِيبُهُ الْحُرُّ أَوْ سَيِّدُهُ اهـ سم عَلَى حَجّ، وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي؛ لِأَنَّهُ لَمْ تَنْقَطِعْ الْعَلَقَةُ بَيْنَهُمَا بِدَلِيلِ لُزُومِ مُؤْنَةِ تَجْهِيزِهِ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: أَوْجَهُهُمَا لَا حَقَّ لَهَا) أَيْ يَقْتَضِي أَنْ تُقَدَّمَ بِهِ عَلَى غَيْرِهَا، وَهَذَا لَا يَسْتَلْزِمُ عَدَمَ جَوَازِ غُسْلِهَا، فَيَجُوزُ لَهَا ذَلِكَ كَمَا تَقَدَّمَ، لَكِنْ قَدْ يُشْكِلُ عَلَى هَذَا تَقْدِيمُ زَوْجِهَا الْعَبْدِ عَلَى رِجَالِ الْقَرَابَةِ، وَأَيُّ فَرْقٍ بَيْنَ الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى الرَّقِيقَيْنِ: حَتَّى يُقَالَ إنَّ الزَّوْجَةَ الْأَمَةَ لَا حَقَّ لَهَا لِبُعْدِهَا عَنْ الْمَنَاصِبِ وَالْوِلَايَاتِ، بِخِلَافِ الْعَبْدِ مَعَ أَنَّهُ لَا حَقَّ لَهُ فِي الْمَنَاصِبِ وَالْوِلَايَاتِ أَيْضًا، وَلَعَلَّ الْفَرْقَ أَنَّ الْعَبْدَ مِنْ جِنْسِ الرِّجَالِ فَهُوَ مِنْ أَهْلِ الْوِلَايَاتِ فِي الْجُمْلَةِ وَلَا كَذَلِكَ الْأَمَةُ.
(قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ الْقَرَابَاتِ أَنْوَاعٌ) لَكِنْ يَحْتَاجُ لِتَقْدِيرِ مُضَافٍ: أَيْ ذَوَاتُ قَرَابَاتِهَا، أَوْ تُجْعَلُ الْقَرَابَةُ بِمَعْنَى الْقَرِيبَةِ مَجَازًا لِيَصِحَّ الْحَمْلُ (قَوْلُهُ: وَلَوْ كَانَتْ ذَكَرًا كَالْعَمَّةِ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ بَعُدَتْ (قَوْلُهُ وَلَمْ يَتَشَاحَّا) بِأَنْ فَوَّضَتْ إحْدَاهُمَا إلَى الْأُخْرَى، أَوْ أَرَادَ الِاجْتِمَاعَ عَلَى الْغُسْلِ أَوْ طَلَبَتْهُ إحْدَاهُمَا فَوَافَقَتْهَا الْأُخْرَى (قَوْلُهُ: ثُمَّ ذَاتُ الْوَلَاءِ) أَيْ صَاحِبَةُ الْوَلَاءِ بِأَنْ كَانَتْ مُعْتَقَةً. أَمَّا الْعَتِيقَةُ فَلَا حَقَّ لَهَا فِي الْغُسْلِ (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا جُعِلَ الْوَلَاءُ فِي الذُّكُورِ وَسَطًا) أَيْ بَيْنَ الْأَقَارِبِ حَيْثُ قُدِّمَ عَلَى ذَوِي الْأَرْحَامِ وَأَخَّرُوهُ فِي الْإِنَاثِ إنْ
ــ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا جُعِلَ الْوَلَاءُ فِي الذُّكُورِ وَسَطًا) أَيْ بَيْنَ عَصَبَاتِ النَّسَبِ وَذِي الرَّحِمِ
بِهِ مِنْهُنَّ لِقُوَّتِهِمْ، وَلِهَذَا يَرِثُونَهُ بِالِاتِّفَاقِ وَيُؤَدُّونَ دُيُونَهُ وَيُنَفِّذُونَ وَصَايَاهُ، وَلَا شَيْءَ مِنْهَا لِذَوِي الْأَرْحَامِ مَعَ وُجُودِهِمْ، وَقُدِّمَتْ ذَوَاتُ الْأَرْحَامِ عَلَى ذَوَاتِ الْوَلَاءِ فِي غُسْلِ الْإِنَاثِ لِأَنَّهُنَّ أَشْفَقْنَ مِنْهُنَّ وَلِضَعْفِ الْوَلَاءِ فِي الْإِنَاثِ، وَلِهَذَا لَا تَرِثُ امْرَأَةٌ بِوَلَاءٍ إلَّا عَتِيقَهَا أَوْ مُنْتَمِيًا لَهُ بِنَسَبٍ، أَوْ وَلَاءٍ، ثُمَّ بَعْدَ ذَوَاتِ الْوَلَاءِ مَحَارِمُ الرَّضَاعِ، ثُمَّ مَحَارِمُ الْمُصَاهَرَةِ فِيمَا يَظْهَرُ كَمَا بَحَثَهُمَا الْأَذْرَعِيُّ وَالْبُلْقِينِيُّ، لَكِنْ لَمْ يَذْكُرَا بَيْنَهُمَا تَرْتِيبًا، قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: وَعَلَيْهِ تُقَدَّمُ بِنْتُ عَمٍّ بَعِيدَةٍ هِيَ مَحْرَمٌ مِنْ الرَّضَاعِ عَلَى بِنْتِ عَمٍّ أَقْرَبَ مِنْهَا بِلَا مَحْرَمِيَّةٍ (ثُمَّ الْأَجْنَبِيَّةُ) ؛ لِأَنَّهَا أَلْيَقُ (ثُمَّ رِجَالُ الْقَرَابَةِ) مِنْ الْأَبَوَيْنِ أَوْ أَحَدِهِمَا (كَتَرْتِيبِ صَلَاتِهِمْ) لِأَنَّهُمْ أَشْفَقُ عَلَيْهَا وَيَطَّلِعُونَ غَالِبًا عَلَى مَا يَطَّلِعُ عَلَيْهِ الْغَيْرُ.
(قُلْت: إلَّا ابْنَ الْعَمِّ وَنَحْوَهُ) مِنْ كُلِّ قَرِيبٍ لَيْسَ بِمَحْرَمٍ (فَكَالْأَجْنَبِيِّ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) أَيْ لَا حَقَّ لَهُ فِي غُسْلِهَا قَطْعًا لِحُرْمَةِ نَظَرِهِ لَهَا وَالْخَلْوَةِ بِهَا وَإِنْ كَانَ لَهُ فِي الصَّلَاةِ حَقٌّ (وَيُقَدَّمُ عَلَيْهِمْ) أَيْ رِجَالِ الْقَرَابَةِ الْمَحَارِمِ (الزَّوْجُ) حُرًّا كَانَ، أَوْ عَبْدًا (فِي الْأَصَحِّ) ؛ لِأَنَّهُ يَنْظُرُ إلَى مَا لَا يَنْظُرُونَ إلَيْهِ فِي حَالِ الْحَيَاةِ، وَالثَّانِي يُقَدَّمُونَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْقَرَابَةَ تَدُومُ وَالنِّكَاحَ يَنْتَهِي بِالْمَوْتِ، وَعُلِمَ مِنْ ذَلِكَ تَقْدِيمُ الْأَجْنَبِيَّاتِ عَلَى الزَّوْجِ، وَشَرْطُ التَّقْدِيمِ الِاتِّحَادُ فِي الْإِسْلَامِ، أَوْ الْكُفْرِ، وَأَنْ يَكُونَ حُرًّا مُكَلَّفًا، وَأَنْ لَا يَكُونَ قَاتِلًا لِلْمَيِّتِ وَلَوْ بِحَقٍّ كَمَا فِي إرْثِهِ مِنْهُ، وَكَذَا الْكَافِرُ الْبَعِيدُ أَوْلَى بِالْكَافِرِ مِنْ الْمُسْلِمِ وَالْقَاتِلِ الْقَرِيبَيْنِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْقَمُولِيُّ فِي الْأَوْلَى، قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَيَنْبَغِي أَنْ لَا تَكُونَ بَيْنَهُمَا عَدَاوَةٌ بَلْ هُوَ أَوْلَى مِنْ الْقَاتِلِ بِحَقٍّ، وَأَنْ لَا يَكُونَ فَاسِقًا، وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الشَّيْخَيْنِ بَلْ صَرِيحُهُ وُجُوبُ التَّرْتِيبِ الْمَذْكُورِ، وَهُوَ كَذَلِكَ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
قَدَّمُوا ذَوَاتِ الْأَرْحَامِ عَلَى ذَوَاتِ الْوَلَاءِ (قَوْلُهُ: وَيُؤَدُّونَ دُيُونَهُ) يُتَأَمَّلُ قَوْلُهُ وَيُؤَدُّونَ دُيُونَهُ وَيُنَفِّذُونَ وَصَايَاهُ، فَإِنَّ قَضِيَّتَهُ أَنَّ كُلًّا مِنْ هَذَيْنِ حَاصِلٌ لَهُمْ زِيَادَةٌ عَلَى الْإِرْثِ، وَفِيهِ نَظَرٌ، فَإِنَّ قَضَاءَ الدُّيُونِ وَتَنْفِيذَ الْوَصَايَا إنَّمَا وَجَبَ عَلَيْهِمْ لِكَوْنِهِمْ وَرَثَةً، وَيَأْتِي مِثْلُهُ فِي ذَوِي الْأَرْحَامِ حَيْثُ وَرِثُوا (قَوْلُهُ: لَكِنْ لَمْ يَذْكُرَا بَيْنَهُمَا تَرْتِيبًا) أَيْ وَعَلَيْهِ فَلَعَلَّهُ أَخَذَ التَّرْتِيبَ بَيْنَهُمَا لِمَعْنًى قَامَ عِنْدَهُ كَأَنْ يُقَالَ: إنَّ الْمَحْرَمِيَّةَ بِالرَّضَاعِ أَقْوَى، لِمَا وَرَدَ أَنَّ اللَّحْمَ يَتَرَبَّى مِنْ اللَّبَنِ، فَكَأَنَّهُ حَصَلَ جُزْءٌ مِنْ الْمُرْضِعَةِ فِي بَدَنِ الرَّضِيعِ وَلَا كَذَلِكَ الْمُصَاهَرَةُ (قَوْلُهُ: وَعَلَيْهِ تُقَدَّمُ بِنْتُ عَمٍّ) فِي كَلَامِ الزِّيَادِيِّ مَا يُخَالِفُهُ حَيْثُ قَالَ: قَوْلُهُ ذَاتُ مَحْرَمِيَّةٍ رُبَّمَا يُؤْخَذُ مِنْ عُمُومِهِ أَنَّ بِنْتَ الْعَمِّ الْبَعِيدَةَ إذَا كَانَتْ أُمًّا مِنْ الرَّضَاعِ أَوْ أُخْتًا تُقَدَّمُ عَلَى بِنْتِ الْعَمِّ الْقَرِيبَةِ.
وَلَكِنَّ الظَّاهِرَ كَمَا قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ أَنَّ الْمُرَادَ الْمَحْرَمِيَّةُ مِنْ حَيْثُ النِّسْبَةُ وَلِذَا لَمْ يُعَبِّرْ بِالرَّضَاعِ هُنَا بِالْكُلِّيَّةِ (قَوْلُهُ: هِيَ مَحْرَمٌ مِنْ الرَّضَاعِ) وَقِيَاسُهُ أَنَّ الْمُصَاهَرَةَ كَذَلِكَ كَبِنْتِ ابْنِ عَمٍّ هِيَ أُمُّ زَوْجَةِ حَيْثُ كَانَ الْمَيِّتُ ذَكَرًا (قَوْلُهُ: عَلَى بِنْتِ عَمٍّ) قَضِيَّةُ مَا ذُكِرَ أَنَّ الْبُلْقِينِيَّ إنَّمَا ذَكَرَهُ فِي بِنْتَيْ الْعَمِّ، وَظَاهِرُ مَا نَقَلَهُ حَجّ خِلَافُهُ، وَعَلَيْهِ فَبِنْتُ الْخَالَةِ مَعَ بِنْتِ ابْنِ الْخَالِ إذَا كَانَ لِلْبَعْدِيِّ مَحْرَمِيَّةٌ مِنْ الرَّضَاعِ تُقَدَّمُ عَلَى الْقُرْبَى (قَوْلُهُ: كَتَرْتِيبِ صَلَاتِهِمْ) قَالَ فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ الْكَبِيرِ: نَعَمْ الْأَفْقَهُ أَحَقُّ مِنْ الْأَسَنِّ هُنَا، وَتَقَدَّمَ ذَلِكَ فِي كَلَامِ الشَّارِحِ. قَالَ سم: وَقَوْلُهُ هُنَا يَتَعَلَّقُ بِقَوْلِهِ أَحَقُّ اهـ (قَوْلُهُ وَشَرْطُ التَّقْدِيمِ) أَيْ شَرْطُ كَوْنِهِ أَوْلَى بِالتَّقْدِيمِ عَلَى غَيْرِهِ مَا ذُكِرَ. وَعَلَيْهِ فَلَا يَمْتَنِعُ عَلَى الْكَافِرِ تَغْسِيلُ الْمُسْلِمِ وَلَا عَلَى الْقَاتِلِ وَنَحْوِ ذَلِكَ، لَكِنْ يَنْبَغِي كَرَاهَةُ ذَلِكَ مَعَ وُجُودِ مَنْ اجْتَمَعَتْ فِيهِ الشُّرُوطُ، وَقَدْ تَقَدَّمَ عَنْ الْمَحَلِّيِّ أَنَّهُ يُكْرَهُ لِلذِّمِّيَّةِ تَغْسِيلُ زَوْجِهَا الْمُسْلِمِ (قَوْلُهُ: وَأَنْ لَا يَكُونَ قَاتِلًا لِلْمَيِّتِ) قَالَ فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ الْكَبِيرِ بَعْدَ مَا ذَكَرَ: وَهَذَا عَدَّاهُ السُّبْكِيُّ إلَى غَيْرِ غُسْلِهِ فَقَالَ: لَيْسَ لِقَاتِلِهِ حَقٌّ فِي غُسْلِهِ وَلَا الصَّلَاةِ عَلَيْهِ وَلَا دَفْنِهِ وَهُوَ قَضِيَّةُ كَلَامِ غَيْرِهِ، وَنَقَلَهُ فِي الْكِفَايَةِ عَنْ الْأَصْحَابِ بِالنِّسْبَةِ لِلصَّلَاةِ (قَوْلُهُ: وَأَنْ لَا يَكُونَ فَاسِقًا) قَالَ حَجّ: وَأَنْ لَا يَكُونَ
ــ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: وَعُلِمَ مِنْ ذَلِكَ تَقْدِيمُ الْأَجْنَبِيَّاتِ عَلَى الزَّوْجِ) أَيْ مِنْ جَرَيَانِ الْخِلَافِ فِي تَقْدِيمِ رِجَالِ الْقَرَابَةِ عَلَيْهِ مَعَ أَنَّهُمْ مُؤَخَّرُونَ عَنْهُنَّ اتِّفَاقًا.
بِالنِّسْبَةِ لِلتَّفْوِيضِ لِغَيْرِ الْجِنْسِ لِمَا فِيهِ مِنْ إبْطَالِ حَقِّ الْمَيِّتِ، أَمَّا هُوَ بِدُونِ تَفْوِيضٍ فَمَنْدُوبٌ.
(وَلَا يُقَرَّبُ الْمُحْرِمُ طِيبًا) إذَا مَاتَ أَيْ يَحْرُمُ تَطْيِيبُهُ وَطَرْحُ الْكَافُورِ فِي مَاءِ غُسْلِهِ كَمَا يَمْتَنِعُ فِعْلُهُ فِي كَفَنِهِ كَمَا مَرَّ (وَلَا يُؤْخَذُ شَعْرُهُ وَظُفْرُهُ) أَيْ يَحْرُمُ إزَالَةُ ذَلِكَ مِنْهُ إبْقَاءً لِإِثْرِ الْإِحْرَامِ لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «أَنَّهُ يُبْعَثُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مُلَبِّيًا» وَالْقِيَاسُ أَنْ لَا فِدْيَةَ عَلَى فَاعِلِ ذَلِكَ وَإِنْ خَالَفَ فِي ذَلِكَ الْغَزِّيِّ وَذَهَبَ الْبُلْقِينِيُّ إلَى أَنَّ الَّذِي نَعْتَقِدُهُ إيجَابُهَا عَلَى الْفَاعِلِ كَمَا لَوْ حَلَقَ شَعْرَ نَائِمٍ وَفُرِّقَ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ النَّائِمَ بِصَدَدِ عَوْدِهِ إلَى الْفَهْمِ وَلِهَذَا ذَهَبَ جَمَاعَةٌ إلَى تَكْلِيفِهِ بِخِلَافِ الْمَيِّتِ، ثُمَّ مَحَلُّ مَا تَقَرَّرَ فِيمَا قَبْلَ التَّحَلُّلِ الْأَوَّلِ أَمَّا بَعْدَهُ فَهُوَ كَغَيْرِهِ كَمَا سَيَأْتِي فِي بَابِهِ وَلَا بَأْسَ بِالْبَخُورِ عِنْدَ غُسْلِهِ كَجُلُوسِ الْحَيِّ عِنْدَ الْعَطَّارِ وَلَا يَأْتِي هُنَا مَا قِيلَ مِنْ كَرَاهَةِ جُلُوسِهِ عِنْدَ الْعَطَّارِ بِقَصْدِ الرَّائِحَةِ لِلْحَاجَةِ إلَى ذَلِكَ هُنَا بِخِلَافِ مَا هُنَاكَ، وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ عَدَمُ حَلْقِ رَأْسِهِ إذَا مَاتَ وَبَقِيَ عَلَيْهِ الْحَلْقُ لِيَأْتِيَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مُحْرِمًا وَهُوَ ظَاهِرٌ لِانْقِطَاعِ تَكْلِيفِهِ فَلَا يُطْلَبُ مِنْهُ حَلْقٌ وَلَا يَقُومُ غَيْرُهُ بِهِ كَمَا لَوْ كَانَ عَلَيْهِ طَوَافٌ، أَوْ سَعْيٌ (وَتُطَيَّبُ الْمُعْتَدَّةُ) الْمُحَدَّةُ (فِي الْأَصَحِّ) أَيْ لَا يَحْرُمُ تَطْيِيبُهَا؛ لِأَنَّ تَحْرِيمَهُ عَلَيْهَا إنَّمَا كَانَ لِلِاحْتِرَازِ عَنْ الرِّجَالِ وَلِلتَّفَجُّعِ عَنْ الزَّوْجِ وَقَدْ زَالَا بِالْمَوْتِ وَالثَّانِي يَحْرُمُ قِيَاسًا عَلَى الْمُحْرِمِ وَرُدَّ بِأَنَّ التَّحْرِيمَ فِي الْمُحْرِمِ كَانَ لِحَقِّ اللَّهِ وَلَا يَزُولُ بِالْمَوْتِ.
(وَالْجَدِيدُ أَنَّهُ لَا يُكْرَهُ فِي غَيْرِ) الْمَيِّتِ (الْمُحْرِمِ أَخْذُ ظُفْرِهِ وَشَعْرِ إبْطِهِ وَعَانَتِهِ وَشَارِبِهِ) لِعَدَمِ وُرُودِ نَهْيٍ فِيهِ، قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَلَا يُسْتَحَبُّ، قَالَ فِي الرَّوْضَةِ عَنْ الْأَكْثَرِينَ إنَّهُ يُسْتَحَبُّ كَالْحَيِّ وَالْقَدِيمِ أَنَّهُ يُكْرَهُ وَرَجَّحَهُ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ (قُلْت: الْأَظْهَرُ كَرَاهَتُهُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) وَإِنْ اعْتَادَ إزَالَتَهُ حَيًّا؛ لِأَنَّ أَجْزَاءَ الْمَيِّتِ مُحْتَرَمَةٌ فَلَا تُنْتَهَكُ بِذَلِكَ وَلَمْ يَثْبُتْ فِيهِ شَيْءٌ بَلْ ثَبَتَ الْأَمْرُ بِالْإِسْرَاعِ الْمُنَافِي لِذَلِكَ؛ وَلِأَنَّ مَصِيرَهُ إلَى الْبِلَى وَصَحَّ النَّهْيُ عَنْ مُحْدَثَاتِ الْأُمُورِ، وَنَقَلَ فِي الْمَجْمُوعِ الْكَرَاهَةَ عَنْ الْأُمِّ وَالْمُخْتَصَرِ فَهُوَ جَدِيدٌ أَيْضًا وَالصَّحِيحُ فِي الرَّوْضَةِ أَنَّ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
فَاسِقًا وَلَا صَبِيًّا وَإِنْ مَيَّزَ عَلَى الْأَوْجَهِ اهـ.
وَيُسْتَفَادُ ذَلِكَ مِنْ قَوْلِ الشَّارِحِ مُكَلَّفًا إلَخْ (قَوْلُهُ: بِالنِّسْبَةِ لِلتَّفْوِيضِ لِغَيْرِ الْجِنْسِ) فَلَا يُشْكِلُ عَلَيْهِ مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ أَوْصَى أَنْ تُغَسِّلَهُ زَوْجَتَهُ فَفَعَلَتْ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ فِيهِ تَفْوِيضٌ، إذْ صُورَةُ التَّفْوِيضِ أَنْ يَمْتَنِعَ مَنْ لَهُ الْحَقُّ مِنْ الْفِعْلِ وَيُفَوِّضَهُ لِغَيْرِهِ (قَوْلُهُ أَمَّا هُوَ) أَيْ التَّرْتِيبُ إذَا لَمْ يَكُنْ فِي تَرْكِهِ تَفْوِيضٌ فَفِيهِ مُسَامَحَةٌ فَتَأَمَّلْهُ.
(قَوْلُهُ: وَلَا يُؤْخَذُ شَعْرُهُ) قَالَ فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ الْكَبِيرِ: ثُمَّ إنْ أُخِذَ مِنْ ذَلِكَ شَيْءٌ أَوْ اُنْتُتِفَ بِتَسْرِيحٍ أَوْ نَحْوِهِ صُرَّ فِي كَفَنِهِ لِيُدْفَنَ مَعَهُ اهـ. وَكَتَبَ عَلَيْهِ سم قَوْلُهُ صُرَّ إلَخْ صَرُّهُ فِي كَفَنِهِ وَدَفْنُهُ مَعَهُ سُنَّةٌ. وَأَمَّا أَصْلُ دَفْنِهِ فَوَاجِبٌ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ مَا انْفَصَلَ مِنْ الْمَيِّتِ أَوْ مِنْ حَيٍّ وَمَاتَ عَقِبَ انْفِصَالِهِ مِنْ شَعْرٍ أَوْ غَيْرِهِ وَلَوْ يَسِيرًا يَجِبُ دَفْنُهُ، لَكِنَّ الْأَفْضَلَ صَرُّهُ فِي كَفَنِهِ وَدَفْنُهُ مَعَهُ م ر اهـ. وَتَقَدَّمَتْ الْإِشَارَةُ إلَيْهِ فِي قَوْلِهِ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَيُرَدُّ الْمُنْتَتَفُ إلَيْهِ. وَأَمَّا دَفْنُهُ فَسَيَأْتِي، وَقَوْلُهُ أَوْ غَيْرُهُ مِنْهُ مَا لَوْ تَقَطَّعَتْ مَصَارِينُ الْمَيِّتِ وَنَزَلَتْ فَيَجِبُ دَفْنُهَا، وَيُسَنُّ كَوْنُهَا مَعَهُ فِي كَفَنِهِ (قَوْلُهُ: لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ) لَفْظُهُ «لَا تَمَسُّوهُ بِطِيبٍ وَلَا تُخَمِّرُوا رَأْسَهُ فَإِنَّهُ يُبْعَثُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مُلَبِّيًا» اهـ شَرْحُ الْمَنْهَجِ. وَعِبَارَةُ الْبُخَارِيِّ: «لَا تَمَسُّوهُ طِيبًا» ، وَبِلَفْظٍ:«وَلَا تَمَسُّوهُ بِطِيبٍ» اهـ. وَضَبَطَهُ الْقَسْطَلَّانِيُّ شَارِحُهُ بِفَتْحِ الْفَوْقِيَّةِ وَالْمِيمِ لِغَيْرِ أَبِي ذَرٍّ وَلَهُ بِضَمِّهَا وَكَسْرِ الْمِيمِ فِي اللَّفْظَيْنِ اهـ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْمَيِّتِ) أَيْ فَلَا تَجِبُ الْفِدْيَةُ عَلَى الْفَاعِلِ بِهِ (قَوْلُهُ: ثُمَّ مَحَلُّ مَا تَقَرَّرَ) أَيْ مِنْ حُرْمَةِ التَّطْيِيبِ إلَخْ.
(قَوْلُهُ: وَلَا بَأْسَ بِالْبَخُورِ عِنْدَ غُسْلِهِ) أَيْ بَلْ وَلَا قَبْلَهُ مِنْ حِينِ الْمَوْتِ كَمَا يُؤْخَذُ مِمَّا مَرَّ فِي قَوْلِهِ بَلْ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ بَعْضِ الْأَصْحَابِ يُسَنُّ أَنْ يُبَخَّرَ عِنْدَهُ مِنْ حِينِ الْمَوْتِ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَلَا يَقُومُ غَيْرُهُ بِهِ) هَلْ الْمُرَادُ لَا يَجُوزُ أَوْ لَا يُطْلَبُ اهـ سم عَلَى بَهْجَةٍ. وَالْمُتَبَادَرُ مِنْ الْمُفَرَّعِ عَلَيْهِ الْأَوَّلُ (قَوْلُهُ أَيْ لَا يَحْرُمُ تَطْيِيبُهَا) أَيْ وَيَنْبَغِي كَرَاهَتُهُ خُرُوجًا مِنْ الْخِلَافِ (قَوْلُهُ: وَصَحَّ النَّهْيُ عَنْ مُحْدَثَاتِ الْأُمُورِ) وَهُوَ مَا لَمْ
ــ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ عَدَمُ حَلْقِ رَأْسِهِ إلَخْ) قَضِيَّةُ تَعْلِيلِهِ بِقَوْلِهِ لِيَأْتِيَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مُحْرِمًا حُرْمَةُ الْحَلْقِ وَقَضِيَّةُ تَعْلِيلِهِ ثَانِيًا بِقَوْلِهِ لِانْقِطَاعِ تَكْلِيفِهِ فَلَا يُطْلَبُ إلَخْ أَنَّ الْمَمْنُوعَ إنَّمَا هُوَ طَلَبُ الْحَلْقِ لَا أَصْلُهُ فَلْيُرَاجَعْ ثُمَّ لَا يَخْفَى مَا فِي عِبَارَتِهِ هَذِهِ مِنْ الْحَزَازَةِ.