المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[باب في بيان سبب سجود السهو وأحكامه] - نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج - جـ ٢

[الرملي، شمس الدين]

فهرس الكتاب

- ‌[بَابٌ يَشْتَمِلُ عَلَى شُرُوطِ الصَّلَاةِ وَمَوَانِعِهَا]

- ‌[مِنْ شُرُوط الصَّلَاة سَتْرُ الْعَوْرَةِ]

- ‌عَوْرَةُ الرَّجُلِ)

- ‌[عَوْرَةُ الْحُرَّةِ]

- ‌[مِنْ شُرُوطِ الصَّلَاة الطَّهَارَةُ مِنْ الْحَدَثِ الْأَصْغَرِ]

- ‌[مِنْ شُرُوطُ الصَّلَاةِ طَهَارَةُ النَّجَسِ فِي الثَّوْبِ وَالْبَدَنِ وَالْمَكَانِ]

- ‌(تَبْطُلُ) الصَّلَاةُ (بِالنُّطْقِ) عَمْدًا بِكَلَامِ مَخْلُوقٍ

- ‌[فَصْلٌ فِي مُبْطِلَاتِ الصَّلَاةِ وَسُنَنِهَا وَمَكْرُوهَاتِهَا] [

- ‌لَا تَبْطُلُ) الصَّلَاةُ (بِالذِّكْرِ وَالدُّعَاءِ)

- ‌[رَدُّ السَّلَامِ فِي الصَّلَاة]

- ‌[لَا تَجِبُ إجَابَةُ الْأَبَوَيْنِ فِي الصَّلَاةِ]

- ‌[بُطْلَانُ الصَّلَاة بِالْوَثْبَةِ الْفَاحِشَةِ]

- ‌[بُطْلَانُ الصَّلَاة بِقَلِيلِ الْأَكْلِ]

- ‌[الِالْتِفَاتُ فِي الصَّلَاةِ]

- ‌[الصَّلَاةُ حَاقِنًا بِالْبَوْلِ أَوْ حَاقِبًا بِالْغَائِطِ أَوْ حَازِقًا لِلرِّيحِ]

- ‌[كَرَاهَة البصق فِي الصَّلَاةِ أَوْ خَارِجَهَا قِبَلَ وَجْهِهِ أَوْ عَنْ يَمِينِهِ]

- ‌[الْفَرْقَعَةُ فِي الصَّلَاة أَوْ تَشْبِيكُ الْأَصَابِع]

- ‌[الصَّلَاةُ فِي الْكَنِيسَةِ وَالْبِيعَةِ]

- ‌[الصَّلَاةُ فِي مَعَاطِنِ الْإِبِلِ]

- ‌[الصَّلَاةُ فِي الْحَمَّامِ]

- ‌[الصَّلَاةُ فِي الْمَقْبَرَةِ الطَّاهِرَةِ]

- ‌[بَابٌ فِي بَيَانِ سَبَبِ سُجُودِ السَّهْوِ وَأَحْكَامِهِ]

- ‌[كَيْفِيَّةُ سَجْدَتَيْ السَّهْوِ كَسُجُودِ الصَّلَاةِ]

- ‌(بَابٌ فِي سُجُودِ التِّلَاوَةِ

- ‌[سَجَدَاتُ التِّلَاوَةِ فِي الْقُرْآنِ أَرْبَعَ عَشْرَةَ سَجْدَةً]

- ‌سَجْدَةُ الشُّكْرِ

- ‌[بَابٌ فِي صَلَاةِ النَّفْلِ وَهِيَ قِسْمَانِ] [

- ‌قِسْمٌ لَا يُسَنُّ فِيهِ النَّفَلُ جَمَاعَةً]

- ‌ مِنْ الْقِسْمِ الَّذِي لَا يُسَنُّ جَمَاعَةً (الْوِتْرُ)

- ‌مِنْ الْقِسْمِ الَّذِي لَا تُسَنُّ لَهُ جَمَاعَةٌ (الضُّحَى)

- ‌[مِنْ الْقِسْمِ الَّذِي لَا تُسَنُّ لَهُ جَمَاعَةٌ تَحِيَّةُ الْمَسْجِد]

- ‌[مِنْ الْقِسْمِ الَّذِي لَا تُسَنُّ لَهُ جَمَاعَةٌ رَكْعَتَانِ عِنْدَ السَّفَر]

- ‌قِسْمٌ) مِنْ النَّفْلِ (يُسَنُّ جَمَاعَةً)

- ‌[حُكْمُ التَّهَجُّد]

- ‌(كِتَابُ صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ) وَأَحْكَامِهَا

- ‌ الْجَمَاعَةُ (فِي الْمَسْجِدِ لِغَيْرِ الْمَرْأَةِ) وَالْخُنْثَى (أَفْضَلُ)

- ‌أَفْضَلُ الْجَمَاعَةِ بَعْدَ الْجُمُعَةِ

- ‌[أَعْذَارُ تَرْكُ صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ]

- ‌فَصْلٌ فِي صِفَةِ الْأَئِمَّةِ وَمُتَعَلِّقَاتِهَا

- ‌فَصْلٌ فِي بَعْضِ شُرُوطِ الْقُدْوَةِ وَكَثِيرٍ مِنْ آدَابِهَا وَبَعْضِ مَكْرُوهَاتِهَا

- ‌فَصْلٌ فِي بَعْضِ شُرُوطِ الْقُدْوَةِ أَيْضًا

- ‌فَصْلٌ فِي بَعْضِ شُرُوطِ الْقُدْوَةِ أَيْضًا

- ‌[فَصْلٌ فِي زَوَالِ الْقُدْوَةِ وَإِيجَادِهَا وَإِدْرَاكِ الْمَسْبُوقِ الرَّكْعَةَ وَمَا يَتْبَعُ ذَلِكَ]

- ‌(بَابُ) كَيْفِيَّةِ (صَلَاةِ الْمُسَافِرِ)

- ‌فَصْلٌ فِي شُرُوطِ الْقَصْرِ وَتَوَابِعِهَا

- ‌(فَصْلٌ) فِي الْجَمْعِ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ

- ‌[شُرُوطُ جَمْعِ التَّقْدِيمِ]

- ‌[شُرُوطُ التَّقْدِيمِ فِي صَلَاةِ الْجَمْعِ عِنْدَ الْمَطَرِ]

- ‌بَابُ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ

- ‌[شُرُوطُ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ]

- ‌[الْجَمْعِ لِعُذْرِ الْمَطَرِ]

- ‌[شُرُوطُ صِحَّةِ الْجُمُعَةِ]

- ‌[أَرْكَانُ خُطْبَةِ الْجُمُعَةِ]

- ‌[شُرُوطُ الْخُطْبَتَيْنِ فِي الْجُمُعَة]

- ‌فَصْلٌ فِي الْأَغْسَالِ الْمُسْتَحَبَّةِ فِي الْجُمُعَةِ وَغَيْرِهَا وَمَا يُذْكَرُ مَعَهَا

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيَانِ مَا يَحْصُلُ بِهِ إدْرَاكُ الْجُمُعَةِ وَمَا لَا تُدْرَكُ بِهِ]

- ‌[الْقِسْمِ الْأَوَّلِ إدْرَاكُ رُكُوعَ الثَّانِيَةِ مِنْ الْجُمُعَةِ مَعَ الْإِمَامِ]

- ‌[الْقِسْمِ الثَّانِي حُكْمُ اسْتِخْلَافِ الْإِمَامِ وَشُرُوطُهُ]

- ‌[بَابٌ كَيْفِيَّةُ صَلَاةِ الْخَوْفِ]

- ‌[النَّوْعُ الْأَوَّلِ كَوْنُ الْعَدُوِّ فِي جِهَةِ الْقِبْلَةِ]

- ‌[الثَّانِي مِنْ الْأَنْوَاعِ كَوْنُ الْعَدُوُّ فِي غَيْرِ الْقِبْلَةِ]

- ‌[النَّوْعُ الثَّالِثُ أَنْ تَقِفَ فِرْقَةٌ فِي وَجْهِ الْعَدُوِّ وَتَحْرُسُ وَهُوَ فِي غَيْرِ جِهَةِ الْقِبْلَةِ]

- ‌[النَّوْعُ الرَّابِعِ أَنْ يَلْتَحِمَ الْقِتَالُ بَيْنَ الْقَوْمِ وَلَمْ يَتَمَكَّنُوا مِنْ تَرْكِهِ]

- ‌فَصْلٌ فِيمَا يَجُوزُ لُبْسُهُ إنْ ذَكَرَ وَمَا لَا يَجُوزُ

- ‌بَابٌ صَلَاةُ الْعِيدَيْنِ

- ‌[حُكْمُ صَلَاةِ الْعِيدَيْنِ وَكَيْفِيَّتَهَا]

- ‌[وَقْتُ صَلَاةِ الْعِيدَيْنِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي التَّكْبِيرِ الْمُرْسَلِ وَالْمُقَيَّدِ]

- ‌[وَقْتُ تَكْبِير الْعِيد]

- ‌بَابُ صَلَاةِ الْكُسُوفَيْنِ

- ‌[التَّهْنِئَةُ بِالْعِيدِ]

- ‌بَابُ صَلَاةِ الِاسْتِسْقَاءِ

- ‌(بَابٌ) فِي حُكْمِ تَارِكِ الصَّلَاةِ الْمَفْرُوضَةِ عَلَى الْأَعْيَانِ

- ‌ كِتَابُ الْجَنَائِزِ

- ‌[آدَابِ الْمُحْتَضَرِ]

- ‌ بَيَانِ الْغَاسِلِ

- ‌فَصْلٌ فِي تَكْفِينِ الْمَيِّتِ وَحَمْلِهِ وَتَوَابِعِهِمَا

- ‌ كَيْفِيَّةِ حَمْلِ الْمَيِّتِ

- ‌فَصْلٌ فِي الصَّلَاةِ عَلَى الْمَيِّتِ الْمُسْلِمِ غَيْرِ الشَّهِيدِ

- ‌[شُرُوطُ صَلَاةِ الْجِنَازَةِ]

- ‌ الصَّلَاةِ عَلَى الْغَائِبِ

- ‌[تَقْدِيمُ الصَّلَاةِ عَلَى الدَّفْنِ وَتَأْخِيرُهَا عَنْ الْغُسْلِ أَوْ التَّيَمُّمِ]

- ‌[فَرْعٌ فِي بَيَانِ الْأَوْلَى بِصَلَاةِ الْجِنَازَةِ]

- ‌ الصَّلَاةُ (عَلَى الْكَافِرِ)

- ‌[حُكْم الصَّلَاة عَلَى السقط]

- ‌ الْمَيِّتُ إمَّا شَهِيدٌ أَوْ غَيْرُهُ

الفصل: ‌[باب في بيان سبب سجود السهو وأحكامه]

مُنْتَفٍ عَنْ الْأَنْبِيَاءِ، وَالْأَوَّلُ يَقْتَضِي الْحُرْمَةَ بِالْقَيْدِ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ لِإِفْضَائِهِ إلَى الشِّرْكِ، وَتُكْرَهُ عَلَى ظَهْرِ الْكَعْبَةِ؛ لِبُعْدِهِ عَنْ الْأَدَبِ، وَفِي الْوَادِي الَّذِي نَامَ فِيهِ صلى الله عليه وسلم؛ لِأَنَّ فِيهِ شَيْطَانًا، بِخِلَافِ بَقِيَّةِ الْأَوْدِيَةِ، وَمَحَلُّ الْكَرَاهَةِ فِي جَمِيعِ مَا مَرَّ مَا لَمْ يُعَارِضْهَا خَشْيَةَ خُرُوجِ وَقْتٍ، وَإِنَّمَا لَمْ يَقْتَضِ النَّهْيُ هُنَا الْفَسَادَ عِنْدَنَا، بِخِلَافِ كَرَاهَةِ الزَّمَانِ؛ لِأَنَّ تَعَلُّقَ الصَّلَاةِ بِالْأَوْقَاتِ أَشَدُّ؛ لِأَنَّ الشَّارِعَ جَعَلَ لَهَا أَوْقَاتًا مَخْصُوصَةً لَا تَصِحُّ فِي غَيْرِهَا فَكَانَ الْخَلَلُ فِيهَا أَشَدَّ، بِخِلَافِ الْأَمْكِنَةِ تَصِحُّ فِي كُلِّهَا وَلَوْ كَانَ الْمَحَلُّ مَغْصُوبًا؛ لِأَنَّ النَّهْيَ فِيهِ كَالْحَرِيرِ لِأَمْرٍ خَارِجٍ مُنْفَكٍّ عَنْ الْعِبَادَةِ فَلَمْ يَقْتَضِ فَسَادَهَا، وَاحْتَرَزَ الْمُصَنِّفُ بِالطَّاهِرَةِ عَنْ النَّجِسَةِ فَلَا تَصِحُّ الصَّلَاةُ فِيهَا كَمَا مَرَّ.

(بَابٌ) بِالتَّنْوِينِ فِي بَيَانِ سَبَبِ سُجُودِ السَّهْوِ وَأَحْكَامِهِ وَقَدَّمَهُ عَلَى مَا بَعْدَهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يُفْعَلُ إلَّا فِي الصَّلَاةِ، بِخِلَافِ سَجْدَةِ التِّلَاوَةِ لِأَنَّهَا تَكُونُ فِيهَا وَخَارِجَهَا، وَأَخَّرَ الْكَلَامَ عَلَى سَجْدَةِ الشُّكْرِ؛ لِأَنَّهَا لَا تَكُونُ إلَّا خَارِجَهَا. وَشُرِعَ سُجُودُ السَّهْوِ لِجَبْرِ السَّهْوِ تَارَةً وَإِرْغَامًا لِلشَّيْطَانِ أُخْرَى: أَيْ يَكُونُ الْقَصْدُ بِهِ أَحَدَ هَذَيْنِ بِالذَّاتِ، وَإِنْ لَزِمَهُ الْآخَرُ، وَعَلَى هَذَا يُحْمَلُ إطْلَاقُ مَنْ أَطْلَقَ أَنَّهُ لِلْأَوَّلِ، وَإِطْلَاقُ مَنْ أَطْلَقَ أَنَّهُ لِلثَّانِي

ــ

[حاشية الشبراملسي]

الْمَعْرَكَةِ (قَوْلُهُ: بِالْقَيْدِ) أَيْ، وَهُوَ اسْتِقْبَالُهَا لِلتَّبَرُّكِ وَنَحْوِهِ (قَوْلُهُ: خَشْيَةَ خُرُوجِ وَقْتٍ) أَيْ أَوْ فَوْتِ جَمَاعَةٍ. اهـ حَجّ. وَلَعَلَّ الْمُرَادَ فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ حَاقِبًا أَوْ نَحْوَهُ لِمَا مَرَّ مِنْ كَرَاهَةِ ذَلِكَ، وَإِنْ خَافَ فَوْتَ الْجَمَاعَةِ (قَوْلُهُ: فَلَا تَصِحُّ الصَّلَاةُ فِيهَا) أَيْ إلَّا بِحَائِلٍ كَمَا مَرَّ.

بَابُ سُجُودِ السَّهْوِ (قَوْلُهُ: سُجُودُ السَّهْوِ) الْمُرَادُ بِسُجُودِ السَّهْوِ مَا يُفْعَلُ لِجَبْرِ الْخَلَلِ وَإِنْ تَعَمَّدَ سَبَبَهُ كَتَرْكِ التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ أَوْ الْقُنُوتِ عَمْدًا، وَالْمُرَادُ بِأَحْكَامِهِ مَا يَتَعَلَّقُ بِهِ إثْبَاتًا أَوْ نَفْيًا (قَوْلُهُ: لِجَبْرِ السَّهْوِ تَارَةً) كَأَنْ سَهَا بِتَرْكِ التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ أَوْ نَحْوِهِ، وَإِرْغَامًا كَانَ تَرَكَ التَّشَهُّدَ الْأَوَّلَ مَثَلًا عَمْدًا (قَوْلُهُ: وَعَلَى هَذَا يُحْمَلُ إطْلَاقُ مَنْ أَطْلَقَ أَنَّهُ لِلثَّانِي) فِيهِ أَنَّ إرْغَامَ الشَّيْطَانِ قَدْ يَكُونُ لِتَرْكِ بَعْضٍ عَمْدًا فَلَا يَلْزَمُ مِنْهُ جَبْرُ السَّهْوِ دَائِمًا إلَّا أَنْ يُقَالَ أَرَادَ بِالسَّهْوِ الْخَلَلَ، وَلَوْ بِفِعْلِ مَا يَنْقُصُ ثَوَابُهُ

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ (بِالْقَيْدِ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ) أَيّ قَصْدُ اسْتِقْبَالَهَا لِتَبَرُّكِ أَوْ نَحْوُهُ.

[بَابٌ فِي بَيَانِ سَبَبِ سُجُودِ السَّهْوِ وَأَحْكَامِهِ]

بَابُ سُجُودِ السَّهْوِ سُنَّة (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ لَا يُفْعَلُ إلَّا فِي الصَّلَاةِ) أَيْ أَوْ مَا فِي حُكْمِهَا وَهُوَ سُجُودُ التِّلَاوَةِ أَوْ الشُّكْرِ كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: أَيْ يَكُونُ الْقَصْدُ بِهِ أَحَدَ هَذَيْنِ إلَخْ) أَيْ مِنْ الشَّارِعِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ قَبْلُ وَشُرِعَ وَبِقَرِينَةِ مَا بَعْدَهُ أَيْضًا وَبِهَذَا يَلْتَئِمُ الْكَلَامُ، وَإِنَّمَا قَالَ لِجَبْرِ السَّهْوِ فَقَيَّدَ بِالسَّهْوِ مَعَ أَنَّهُ يَكُونُ فِي التَّرْكِ عَمْدًا أَيْضًا كَمَا يَأْتِي؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي الْمَشْرُوعِيَّةِ، وَهُوَ إنَّمَا شُرِعَ لِلسَّهْوِ، وَنَدْبُهُ فِي الْعَمْدِ إنَّمَا هُوَ بِطَرِيقِ الْقِيَاسِ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي، وَبِهِ يَنْدَفِعُ قَوْلُ الشَّيْخِ فِي الْحَاشِيَةِ فِيهِ: إنَّ إرْغَامَ الشَّيْطَانِ قَدْ يَكُونُ لِتَرْكِ بَعْضٍ عَمْدًا فَلَا يَلْزَمُ مِنْهُ جَبْرُ السَّهْوِ دَائِمًا إلَى آخِرِ مَا ذَكَرَهُ، وَكَذَا تَصْوِيرُهُ السُّجُودَ لِإِرْغَامِ الشَّيْطَانِ بِمَا إذَا تَرَكَ بَعْضًا عَمْدًا، وَكَأَنَّهُ فَهِمَ أَنَّ مَعْنَى قَوْلِ الشَّارِحِ: أَيْ يَكُونُ الْقَصْدُ بِهِ إلَخْ: أَيْ مِنْ الْمُصَلِّي وَقَدْ

ص: 65

وَالسَّهْوُ لُغَةً: نِسْيَانُ الشَّيْءِ وَالْغَفْلَةُ عَنْهُ، وَالْمُرَادُ هُنَا الْغَفْلَةُ عَنْ شَيْءٍ مِنْ الصَّلَاةِ (سُجُودُ السَّهْوِ) الْآتِي (سُنَّةٌ) مُؤَكَّدَةٌ، وَلَوْ فِي نَافِلَةٍ سِوَى صَلَاةِ الْجِنَازَةِ، وَشَمِلَ ذَلِكَ مَا لَوْ سَهَا فِي سَجْدَةِ التِّلَاوَةِ خَارِجَ الصَّلَاةِ فَيَسْجُدُ لِلسَّهْوِ، وَلَا مَانِعَ مِنْ جُبْرَانِ الشَّيْءِ بِأَكْثَرَ مِنْهُ خِلَافًا لِبَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ، وَمِثْلُهَا سَجْدَةُ الشُّكْرِ، وَإِنَّمَا لَمْ يَجِبْ؛ لِأَنَّهُ يَنُوبُ عَنْ الْمَسْنُونِ دُونَ الْمَفْرُوضِ، وَالْبَدَلُ إمَّا كَمُبْدَلِهِ أَوْ أَخَفَّ مِنْهُ، وَأَمَّا قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم «وَلْيَسْجُدْ سَجْدَتَيْنِ» فَمَصْرُوفٌ عَنْ الْوُجُوبِ لِظَاهِرِ الْخَبَرِ الْآتِي، وَإِنَّمَا وَجَبَ جُبْرَانُ الْحَجِّ؛ لِأَنَّهُ بَدَلٌ عَنْ وَاجِبٍ فَكَانَ وَاجِبًا، وَإِنَّمَا يُسَنُّ (عِنْدَ تَرْكِ مَأْمُورٍ بِهِ) مِنْ الصَّلَاةِ، وَلَوْ احْتِمَالًا كَأَنْ شَكَّ هَلْ فَعَلَهُ أَمْ لَا (أَوْ فِعْلٍ مَنْهِيٍّ عَنْهُ) فِيهَا وَلَوْ بِالشَّكِّ كَمَا سَيَأْتِي.

وَلَا يَرِدُ عَلَيْهِ خِلَافًا لِمَنْ زَعَمَهُ مَا لَوْ شَكَّ أَصَلَّى ثَلَاثًا أَمْ أَرْبَعًا، فَإِنَّ سُجُودَهُ بِفَرْضِ عَدَمِ الزِّيَادَةِ لِتَرْكِهِ التَّحَفُّظَ الْمَأْمُورَ بِهِ، وَبِفَرْضِهَا لِفِعْلِهِ الْمَنْهِيَّ عَنْهُ فِيهَا فَهُوَ لَمْ يَخْرُجْ عَنْهُمَا (فَالْأَوَّلُ) مِنْهُمَا وَهُوَ الْمَأْمُورُ بِهِ الْمَتْرُوكُ (إنْ كَانَ رُكْنًا وَجَبَ تَدَارُكُهُ) بِفِعْلِهِ، وَلَا يُغْنِي عَنْهُ سُجُودُ السَّهْوِ لِتَوَقُّفِ وُجُودِ الْمَاهِيَّةِ عَلَيْهِ (وَقَدْ يُشْرَعُ)(السُّجُودُ) لِلسَّهْوِ مَعَ تَدَارُكِهِ (كَزِيَادَةٍ) بِالْكَافِ (حَصَلَتْ بِتَدَارُكِ رُكْنٍ كَمَا سَبَقَ) بَيَانُ ذَلِكَ (فِي) رُكْنِ (التَّرْتِيبِ) وَقَدْ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

قَوْلُهُ: عَنْ شَيْءٍ مِنْ الصَّلَاةِ) أَيْ عَلَى التَّفْصِيلِ الْآتِي (قَوْلُهُ: سُجُودُ السَّهْوِ) قَالَ سم عَلَى حَجّ: هُوَ أَعْنِي السَّهْوَ جَائِزٌ عَلَى الْأَنْبِيَاءِ، بِخِلَافِ النِّسْيَانِ لِأَنَّهُ نَقْصٌ، وَمَا فِي الْأَخْبَارِ مِنْ نِسْبَةِ النِّسْيَانِ إلَيْهِ عَلَيْهِ أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ فَالْمُرَادُ بِالنِّسْيَانِ فِيهِ السَّهْوُ.

وَفِي شَرْحِ الْمَوَاقِفِ الْفَرْقُ بَيْنَ السَّهْوِ وَالنِّسْيَانِ: بِأَنَّ الْأَوَّلَ زَوَالُ الصُّورَةِ عَنْ الْمُدْرِكَةِ مَعَ بَقَائِهَا فِي الْحَافِظَةِ. وَالنِّسْيَانُ زَوَالُهَا عَنْهُمَا مَعًا فَيَحْتَاجُ فِي حُصُولِهَا إلَى سَبَبٍ جَدِيدٍ. اهـ. (قَوْلُهُ: سِوَى صَلَاةِ الْجِنَازَةِ) فَإِنَّهُ لَا يُسَنُّ فِيهَا بَلْ إنْ فَعَلَهُ فِيهَا عَامِدًا عَالِمًا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ (قَوْلُهُ: وَشَمَلَ ذَلِكَ مَا لَوْ سَهَا إلَخْ) فِي دَعْوَى الشُّمُولِ مُسَامَحَةً؛ لِأَنَّ سُجُودَ التِّلَاوَةِ لَيْسَ مِنْ الصَّلَاةِ لَكِنَّهُ مُلْحَقٌ بِهَا (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا لَمْ يَجِبْ) أَيْ سُجُودُ السَّهْوِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ يَنُوبُ عَنْ الْمَسْنُونِ) أَيْ قَدْ يَنُوبُ إلَخْ وَقَدْ لَا يَنُوبُ كَأَذْكَارِ الرُّكُوعِ (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا وَجَبَ) هَذَا عِلْمٌ مِنْ قَوْلِهِ أَوَّلًا وَالْبَدَلُ إمَّا كَمُبْدَلِهِ إلَخْ (قَوْلُهُ: عِنْدَ تَرْكِ مَأْمُورٍ بِهِ) أَيْ سَوَاءٌ تَرَكَهُ عَمْدًا لِيَسْجُدَ أَمْ لَا كَمَا شَمَلَهُ كَلَامُهُمْ. اهـ شَيْخُنَا زِيَادِيٌّ.

وَنُقِلَ عَنْ إفْتَاءِ الشَّارِحِ أَنَّهُ إذَا تَرَكَهُ بِقَصْدِ السُّجُودِ ثُمَّ سَجَدَ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ، كَمَا لَوْ قَرَأَ آيَةَ سَجْدَةٍ بِقَصْدِ السُّجُودِ فَإِنَّ صَلَاتَهُ تَبْطُلُ بِسُجُودِهِ. أَقُولُ: وَقَدْ يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا بِأَنَّهُ بِتَرْكِ التَّشَهُّدِ حَصَلَ خَلَلٌ فِي صَلَاتِهِ يَقْتَضِي الْجَبْرَ. وَبِقِرَاءَةِ الْآيَةِ لَمْ يَحْصُلْ مَا يَقْتَضِي السُّجُودَ إلَّا نَفْسَ الْقِرَاءَةِ وَهِيَ مَنْهِيٌّ عَنْهَا، وَتَرْكُ التَّشَهُّدِ، وَإِنْ كَانَ مَنْهِيًّا عَنْهَا لَكِنْ حَصَلَ بِهِ خَلَلٌ بَاقٍ يَحْتَاجُ إلَى الْجَبْرِ (قَوْلُهُ: مِنْ الصَّلَاةِ) خَرَجَ بِهِ قُنُوتُ النَّازِلَةِ كَمَا سَيَأْتِي فِي كَلَامِ الشَّارِحِ، وَالْمُرَادُ بِقَوْلِهِ وَلَوْ احْتِمَالًا الْإِشَارَةُ إلَى أَنَّهُ لَوْ نَسِيَ بَعْضًا مُعَيَّنًا سَجَدَ، بِخِلَافِ غَيْرِهِ عَلَى مَا يَأْتِي

(قَوْلُهُ: فَإِنَّ سُجُودَهُ) الْفَاءُ فِيهِ لِلتَّعْلِيلِ (قَوْلُهُ: بِالْكَافِ) اُحْتُرِزَ عَمَّا لَوْ قَرَأَ بِاللَّامِ، فَإِنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّ الزِّيَادَةَ تَارَةً يُشْرَعُ مَعَهَا السُّجُودُ وَتَارَةً لَا، مَعَ أَنَّهُ لَيْسَ مُرَادًا

ــ

[حاشية الرشيدي]

عَلِمْت مَا فِيهِ (قَوْلُهُ: وَالسَّهْوُ لُغَةً: نِسْيَانُ الشَّيْءِ إلَخْ) أَيْ بِخِلَافِهِ فِي عُرْفِ الْأُصُولِيِّينَ، فَإِنَّ السَّهْوَ الْغَفْلَةُ عَنْ الشَّيْءِ مَعَ بَقَائِهِ فِي الْحَافِظَةِ فَيُتَنَبَّهُ لَهُ بِأَدْنَى تَنْبِيهٍ.

وَالنِّسْيَانُ زَوَالُ الشَّيْءِ عَنْ الْحَافِظَةِ فَيَحْتَاجُ إلَى تَجْدِيدِ تَحْصِيلٍ (قَوْلُهُ: وَالْمُرَادُ هُنَا الْغَفْلَةُ عَنْ شَيْءٍ مِنْ الصَّلَاةِ) أَيْ أَوْ مَا فِي حُكْمِهَا (قَوْلُهُ: وَشَمِلَ ذَلِكَ) أَيْ مَا فِي الْمَتْنِ مَعَ مَا أَعْقَبَهُ بِهِ حَيْثُ لَمْ يُقَيِّدْهُ بِالصَّلَاةِ وَبِهِ يَنْدَفِعُ مَا فِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ يَنُوبُ عَنْ الْمَسْنُونِ) فِيهِ قُصُورٌ، وَعِبَارَةُ التُّحْفَةِ: وَلَمْ يَجِبْ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَنُبْ عَنْ وَاجِبٍ بِخِلَافِ الْحَجِّ (قَوْلُهُ: وَلَوْ بِالشَّكِّ كَمَا سَيَأْتِي) أَيْ الْمَذْكُورُ فِي قَوْلِهِ عَقِبَهُ، وَلَا يَرِدُ خِلَافًا لِمَنْ زَعَمَهُ مَا لَوْ شَكَّ إلَخْ، وَإِذَا كَانَ الْمُرَادُ بِفِعْلِ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ مَا ذُكِرَ فَهُوَ كَافٍ فِي دَفْعِ هَذَا الْإِيرَادِ فَلَا حَاجَةَ إلَى جَوَابٍ آخَرَ غَيْرِهِ، عَلَى أَنَّ قَوْلَهُ فِي جَوَابِهِ الْآتِي فَإِنَّ سُجُودَهُ بِفَرْضِ عَدَمِ الزِّيَادَةِ لِتَرْكِهِ التَّحَفُّظَ الْمَأْمُورَ بِهِ يُقَالُ عَلَيْهِ إنَّ

ص: 66

لَا يُشْرَعُ كَمَا لَوْ كَانَ الْمَتْرُوكُ السَّلَامَ، فَإِذَا ذَكَرَهُ أَوْ شَكَّ فِيهِ، وَلَمْ يَأْتِ بِمُبْطِلٍ أَتَى بِهِ وَلَوْ بَعْدَ طُولِ الْفَصْلِ وَلَا يَسْجُدُ أَوْ النِّيَّةِ أَوْ التَّحَرُّمِ، فَإِذَا ذَكَرَهُ أَوْ شَكَّ فِيهِ اسْتَأْنَفَ الصَّلَاةَ، وَمَا قِيلَ مِنْ أَنَّ قَوْلَهُ كَزِيَادَةٍ إلَى آخِرِهِ غَيْرُ مُحْتَاجٍ إلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ مَعْلُومٌ مِنْ قَوْلِهِ أَوْ فِعْلٍ مَنْهِيٍّ عَنْهُ رُدَّ بِأَنَّ الْمُرَادَ الْمَنْهِيُّ عَنْهُ مَا لَيْسَ مِنْ أَفْعَالِ الصَّلَاةِ، وَهَذِهِ الزِّيَادَةُ مِنْ أَفْعَالِهَا لَكِنْ لَا يُعْتَدُّ بِهَا لِعَدَمِ التَّرْتِيبِ، وَقَدْ يُنَازَعُ فِي الرَّدِّ لِمَا مَرَّ مِنْ شُمُولِ كَلَامِهِ لِمَسْأَلَةِ الشَّكِّ فَيَكُونُ ذِكْرُهُ إيضَاحًا (أَوْ) كَانَ الْمَتْرُوكُ (بَعْضًا) فَيَسْجُدُ بِتَرْكِ وَاحِدٍ مِمَّا يَأْتِي إذْ الْأَبْعَاضُ مِنْ الشَّعَائِرِ الظَّاهِرَةِ الْمُخْتَصِّ طَلَبُهَا بِالصَّلَاةِ (وَهُوَ الْقُنُوتُ) الرَّاتِبُ وَهُوَ قُنُوتُ الصُّبْحِ وَالْوِتْرِ فِي نِصْفِ رَمَضَانَ الثَّانِي دُونَ قُنُوتِ النَّازِلَةِ؛ لِأَنَّهُ سُنَّةٌ عَارِضَةٌ فِي الصَّلَاةِ يَزُولُ بِزَوَالِهَا فَلَمْ يَتَأَكَّدْ شَأْنُهُ بِالْجَبْرِ، وَتَرْكِ بَعْضِ الْقُنُوتِ، وَلَوْ كَلِمَةً كَكُلِّهِ، وَإِنْ قُلْنَا بِعَدَمِ تَعَيُّنِ كَلِمَاتِهِ؛ لِأَنَّهُ بِشُرُوعِهِ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

بَلْ الزِّيَادَةُ مُقْتَضِيَةٌ لِلسُّجُودِ أَبَدًا (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَأْتِ بِمُبْطِلٍ) أَيْ أَمَّا لَوْ أَتَى بِهِ فَإِنْ كَانَ مِمَّا يُبْطِلُ عَمْدُهُ وَسَهْوُهُ كَالْفِعْلِ الْكَثِيرِ وَالْكَلَامِ الْكَثِيرِ اسْتَأْنَفَ الصَّلَاةَ، وَإِنْ كَانَ مِمَّا يُبْطِلُ عَمْدُهُ دُونَ سَهْوِهِ كَكَلَامٍ قَلِيلٍ أَتَى بِهِ لِظَنِّ خُرُوجِهِ مِنْ الصَّلَاةِ سَجَدَ لِلسَّهْوِ ثُمَّ سَلَّمَ، وَسُجُودُهُ لَيْسَ لِلتَّدَارُكِ بَلْ لِفِعْلِ مَا يُبْطِلُ عَمْدُهُ (قَوْلُهُ: أَوْ شَكَّ فِيهِ) أَيْ وَطَالَ تَرَدُّدُهُ بِقَدْرِ مُضِيِّ رُكْنٍ عَلَى مَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: إذْ الْأَبْعَاضُ إلَخْ) عَدَلَ إلَى هَذَا التَّعْلِيلِ عَنْ تَعْلِيلِ الْمَحَلِّيِّ بِأَنَّهُ ذِكْرٌ مَقْصُودٌ فِي مَحَلٍّ مَخْصُوصٍ لَمَّا أَوْرَدَ عَلَيْهِ مِنْ شُمُولِهِ لِأَذْكَارِ الرُّكُوعِ وَنَحْوِهِ.

وَيُمْكِنُ أَنْ يُجَابَ عَنْ الْمَحَلِّيِّ بِأَنَّهُ أَرَادَ بِالْمَقْصُودِ مَا لَا يَقُومُ غَيْرُهُ مَقَامَهُ، وَبِالْمَحَلِّ الْمَخْصُوصِ أَنَّهُ لَا يُشْرَعُ فِي غَيْرِ مَوْضِعِهِ فَيَخْرُجُ بِالْمَقْصُودِ السُّورَةُ، فَإِنَّ الْمَطْلُوبَ فِيهَا لَيْسَ مُعَيَّنًا فِي سُورَةٍ دُونَ غَيْرِهَا وَلَا تُشْرَعُ فِي غَيْرِ الْقِيَامِ وَالتَّسْبِيحَاتُ لَيْسَتْ مَخْصُوصَةً بِلَفْظٍ لَا يَقُومُ غَيْرُهُ مَقَامَهُ وَلَكِنَّهَا تُفْعَلُ فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ، بِخِلَافِ الْقُنُوتِ فَإِنَّهُ لَا يُشْرَعُ فِي غَيْرِ الِاعْتِدَالِ وَالتَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ، وَإِنْ تَكَرَّرَ بِفِعْلِ الْأَخِيرِ لَكِنْ لَا يَقُومُ غَيْرُهُ مَقَامَهُ (قَوْلُهُ: وَلَوْ كَلِمَةً) أَيْ وَمِنْهَا الْفَاءُ فَإِنَّك تَقْضِي، وَالْوَاوُ فِي وَإِنَّهُ، وَقَوْلُهُ وَتَرَكَ: أَيْ وَإِنْ أَتَى بَدَلُ الْمَتْرُوكِ بِمَا يُرَادِفُهُ كَمَعَ بَدَلِ فِيمَنْ هَدَيْت.

وَالْقِيَاسُ أَنَّ مِثْلَ ذَلِكَ مَا لَوْ تَرَكَ قَوْلَهُ: فَلَكَ الْحَمْدُ عَلَى مَا قَضَيْتَ أَسْتَغْفِرُك وَأَتُوبُ إلَيْك أَوْ شَيْئًا مِنْهُمَا لِمَا مَرَّ عَنْ الرَّوْضَةِ مِنْ اسْتِحْبَابِ ذَلِكَ فِي الْقُنُوتِ وَيُحْتَمَلُ عَدَمُ السُّجُودِ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ الِاسْتِحْبَابِ الْوُرُودُ، وَقَوْلُهُ مِنْ اسْتِحْبَابِ ذَلِكَ إلَخْ عِبَارَةُ ابْنِ حَجَرٍ قَبْلُ فِي الْقُنُوتِ بَعْدَ قَوْلِ الْمَتْنِ، وَهُوَ: اللَّهُمَّ اهْدِنِي فِيمَنْ هَدَيْت إلَخْ نَصُّهَا: وَزَادَ الْعُلَمَاءُ فِيهِ بَعْدَ وَالَيْت: وَلَا يَعِزُّ مَنْ عَادَيْت، وَإِنْكَارُهُ مَرْدُودٌ لِوُرُودِهِ فِي رِوَايَةِ الْبَيْهَقِيّ وَبِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَإِنَّ اللَّهَ عَدُوٌّ لِلْكَافِرِينَ} [البقرة: 98] وَبَعْدَ تَعَالَيْت: فَلَكَ الْحَمْدُ عَلَى مَا قَضَيْت أَسْتَغْفِرُك وَأَتُوبُ إلَيْك.

وَلَا بَأْسَ بِهَذِهِ الزِّيَادَةِ بَلْ قَالَ جَمْعٌ: إنَّهَا مُسْتَحَبَّةٌ لِوُرُودِهَا فِي رِوَايَةِ الْبَيْهَقِيّ، وَذَكَرَ نَحْوَهُ م ر فِي شَرْحِهِ (قَوْلُهُ: كَكُلِّهِ) أَيْ مَا لَمْ يَقْطَعْهُ وَيَعْدِلُ إلَى آيَةٍ تَتَضَمَّنُ ثَنَاءً وَدُعَاءً فَلَا سُجُودَ مِنْ جِهَةِ تَرْكِ الْقُنُوتِ، بِخِلَافِ مَا إذَا قَطَعَهُ وَاقْتَصَرَ عَلَى مَا أَتَى بِهِ مِنْهُ، وَلَوْ اقْتَصَرَ ابْتِدَاءً عَلَى قُنُوتِ عُمَرَ فَلَا سُجُودَ لِإِتْيَانِهِ بِقُنُوتٍ كَامِلٍ، أَوْ أَتَى بِبَعْضِهِ وَبَعْضِ الْقُنُوتِ الْآخَرِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَسْجُدَ لِعَدَمِ إتْيَانِهِ بِوَاحِدٍ كَامِلٍ مِنْهُمَا. اهـ سم عَلَى حَجّ.

أَقُولُ: وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ أَتَى بِبَعْضِ أَحَدِهِمَا مَعَ كَمَالِ الْآخَرِ لَا يَسْجُدُ، وَفِي حَاشِيَتِهِ عَلَى مَنْهَجٍ فَرْعٍ جَمْعٌ بَيْنَ قُنُوتِ الصُّبْحِ وَقُنُوتِ سَيِّدِنَا عُمَرَ فِيهِ فَتَرْكُ بَعْضِ قُنُوتِ عُمَرَ قَدْ يَتَّجِهُ السُّجُودُ.

لَا يُقَالُ: بَلْ عَدَمُ السُّجُودِ؛ لِأَنَّ تَرْكَ بَعْضِ قُنُوتِ عُمَرَ لَا يَزِيدُ عَلَى تَرْكِهِ بِجُمْلَتِهِ، وَهُوَ حِينَئِذٍ لَا سُجُودَ لَهُ. لِأَنَّا نَقُولُ: لَوْ صَحَّ هَذَا التَّمَسُّكُ لَزِمَ عَدَمُ السُّجُودِ بِتَرْكِ بَعْضِ قُنُوتِ

ــ

[حاشية الرشيدي]

الْآتِيَ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ إنَّمَا هُوَ فِي تَرْكِ فِعْلٍ حَقِيقِيٍّ وَهُوَ تَرْكُ الرُّكْنِ عَلَى مَا يَأْتِي فِيهِ وَتَرْكُ بَعْضٍ

(قَوْلُهُ: فَإِذَا ذَكَرَهُ أَوْ شَكَّ فِيهِ اسْتَأْنَفَ الصَّلَاةَ) أَيْ وَقَدْ صَدَقَ أَنَّهُ لَا سُجُودَ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ مَعْلُومٌ مِنْ قَوْلِهِ أَوْ فِعْلٍ مَنْهِيٍّ عَنْهُ) أَيْ فَهُوَ مِنْ الْقِسْمِ الثَّانِي لَا الْأَوَّلِ، وَحِينَئِذٍ فَكَانَ اللَّائِقُ فِي الْإِيرَادِ أَنْ يُقَالَ: السُّجُودُ فِي هَذِهِ لَيْسَ لِتَرْكِ الْمَأْمُورِ بَلْ لِفِعْلِ الْمَنْهِيِّ،

ص: 67

فِيهِ يَتَعَيَّنُ لِأَدَاءِ السُّنَّةِ مَا لَمْ يَعْدِلْ إلَى بَدَلِهِ؛ وَلِأَنَّ ذِكْرَ الْوَارِدِ عَلَى نَوْعٍ مِنْ الْخَلَلِ يَحْتَاجُ إلَى الْجَبْرِ، بِخِلَافِ مَا يَأْتِي بِهِ مِنْ قِبَلِ نَفْسِهِ فَإِنَّ قَلِيلَهُ كَكَثِيرِهِ.

وَالْمُرَادُ بِالْقُنُوتِ مَا لَا بُدَّ مِنْهُ فِي حُصُولِهِ، بِخِلَافِ تَرْكِ أَحَدِ الْقُنُوتَيْنِ كَأَنْ تَرَكَ قُنُوتَ سَيِّدِنَا عُمَرَ رضي الله عنه؛ لِأَنَّهُ أَتَى بِقُنُوتٍ تَامٍّ، وَكَذَا لَوْ وَقَفَ وَقْفَةً لَا تَسَعُ الْقُنُوتَ إذَا كَانَ لَا يُحْسِنُهُ لِإِتْيَانِهِ بِأَصْلِ الْقِيَامِ عَلَى مَا نُقِلَ عَنْ الْوَالِدِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -. نَعَمْ يُمْكِنُ حَمْلُ ذَلِكَ عَلَى مَا إذَا كَانَتْ الْوَقْفَةُ لَا تَسَعُ الْقُنُوتَ الْمَعْهُودَ وَتَسَعُ قُنُوتًا مَا مُجْزِئًا أَمَّا لَوْ كَانَتْ لَا تَسَعُ قُنُوتًا مُجْزِئًا أَصْلًا فَالْأَوْجَهُ السُّجُودُ (أَوْ قِيَامُهُ) أَيْ الْقُنُوتُ الرَّاتِبُ، وَإِنْ اسْتَلْزَمَ تَرْكُهُ تَرْكَ الْقُنُوتِ بِأَنْ لَمْ يُحْسِنْهُ فَإِنَّهُ يُسَنُّ لَهُ الْقِيَامُ بِقَدْرِهِ زِيَادَةً عَلَى ذِكْرِ الِاعْتِدَالِ.

فَإِذَا تَرَكَهُ سَجَدَ لَهُ، وَبِمَا تَقَرَّرَ انْدَفَعَ مَا قِيلَ إنَّ قِيَامَهُ مَشْرُوعٌ لِغَيْرِهِ، وَهُوَ ذِكْرُ الِاعْتِدَالِ فَكَيْفَ يَسْجُدُ لِتَرْكِهِ، وَلَوْ تَرَكَهُ تَبَعًا لِإِمَامِهِ الْحَنَفِيِّ سَجَدَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الرَّوْضَةِ، وَقَوْلُ الْقَفَّالِ لَا يَسْجُدُ مَبْنِيٌّ عَلَى مَرْجُوحٍ، وَهُوَ أَنَّ الْعِبْرَةَ بِعَقِيدَةِ الْإِمَامِ، وَلَوْ اقْتَدَى فِي الصُّبْحِ بِمُصَلِّي سُنَّتِهَا سَجَدَ فِيمَا يَظْهَرُ إنْ لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ الْقُنُوتِ خَلْفَهُ، فَإِنْ فَعَلَهُ فَلَا، وَيُحْمَلُ عَلَيْهِ مَا ذَكَرَهُ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

الصُّبْحِ الْمَخْصُوصِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ تَرَكَهُ بِجُمْلَتِهِ وَعَدَلَ إلَى دُعَاءٍ آخَرَ لَمْ يَسْجُدْ فَتَأَمَّلْ ثُمَّ وَافَقَ م ر عَلَى مَا قُلْنَاهُ اهـ.

أَقُولُ: وَلَعَلَّ الْفَرْقَ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ مَا لَوْ عَدَلَ إلَى آيَةٍ تَتَضَمَّنُ دُعَاءً وَثَنَاءً أَنَّ الْآيَةَ لَمَّا لَمْ تَطْلُبْ بِخُصُوصِهَا كَانَتْ قُنُوتًا مُسْتَقِلًّا فَأَسْقَطَ الْعُدُولُ إلَيْهَا حُكْمَ الْقُنُوتِ الَّذِي شَرَعَ فِيهِ، بِخِلَافِ كُلٍّ مِنْ قُنُوتِ عُمَرَ وَقُنُوتِ الصُّبْحِ فَإِنَّهُ وَرَدَ بِخُصُوصِهِ فَكَانَا كَقُنُوتٍ وَاحِدٍ، وَالْقُنُوتُ الْوَاحِدُ يُسْجَدُ لِتَرْكِ بَعْضِهِ وَلَوْ كَلِمَةً عَلَى مَا مَرَّ، وَبَقِيَ مَا لَوْ عَزَمَ عَلَى الْإِتْيَانِ بِهِمَا ثُمَّ تَرَكَ أَحَدَهُمَا هَلْ يَسْجُدُ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي؛ لِأَنَّ السُّنَنَ لَا تَلْزَمُ إلَّا بِالشُّرُوعِ فِيهَا (قَوْلُهُ: مَا لَمْ يَعْدِلْ) أَيْ بِخِلَافِ مَا إذَا عَدَلَ (قَوْلُهُ: وَكَذَا لَوْ وَقَفَ) أَيْ فَلَا يَسْجُدُ (قَوْلُهُ: يُمْكِنُ حَمْلُ ذَلِكَ) أَيْ لِيُوَافِقَ مَا يَأْتِي مِنْ أَنَّ قِيَامَ الْقُنُوتِ مِنْ الْأَبْعَاضِ (قَوْلُهُ: عَلَى ذِكْرِ الِاعْتِدَالِ) وَعَلَيْهِ فَلَوْ وَقَفَ وَقْفَةً تَسَعُ الْقُنُوتَ وَقَدْ تَرَكَ ذِكْرَ الِاعْتِدَالِ فَالظَّاهِرُ صَرْفُ تِلْكَ الْوَقْفَةِ لِلْقُنُوتِ، فَإِنَّ تَرْكَهُ ذِكْرَ الِاعْتِدَالِ قَرِينَةٌ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يُرِدْهُ فَلَا تَكُونُ الْوَقْفَةُ عِنْدَ عَدَمِ ذِكْرِ الِاعْتِدَالِ إلَّا لِلْقُنُوتِ (قَوْلُهُ: فَإِذَا تَرَكَهُ) أَيْ بِأَنْ لَمْ يَأْتِ بِقِيَامٍ يَسَعُ قُنُوتًا مُجْزِئًا لِيُوَافِقَ مَا مَرَّ لَهُ (قَوْلُهُ: وَبِمَا تَقَرَّرَ) أَيْ مِنْ أَنَّ الْقِيَامَ بَعْضٌ مُسْتَقِلٌّ (قَوْلُهُ: كَمَا صَرَّحَ بِهِ) أَيْ وَلَوْ أَتَى بِهِ الْمَأْمُومُ مُؤَلَّفٌ، وَعِبَارَةُ حَجّ: وَلَوْ اقْتَدَى شَافِعِيٌّ بِحَنَفِيٍّ فِي الصُّبْحِ وَأَمْكَنَهُ أَنْ يَأْتِيَ بِهِ وَيَلْحَقُهُ فِي السَّجْدَةِ الْأُولَى فَعَلَ وَإِلَّا فَلَا، وَعَلَى كُلٍّ يَسْجُدُ لِلسَّهْوِ، وَعَلَى الْمَنْقُولِ الْمُعْتَمَدِ بَعْدَ سَلَامِ إمَامِهِ؛ لِأَنَّهُ بِتَرْكِهِ لَهُ لَحِقَهُ سَهْوُهُ فِي اعْتِقَادِهِ، بِخِلَافِهِ فِي نَحْوِ سُنَّةِ الصُّبْحِ إذْ لَا قُنُوتَ يَتَوَجَّهُ عَلَى الْإِمَامِ فِي اعْتِقَادِ الْمَأْمُومِ فَلَمْ يَحْصُلْ مِنْهُ مَا يُنَزَّلُ مَنْزِلَةَ السَّهْوِ. اهـ. أَيْ فَلَا يُطْلَبُ مِنْ الْمَأْمُومِ سُجُودٌ لِتَرْكِ إمَامِهِ الْقُنُوتَ لِعَدَمِ طَلَبِهِ مِنْ الْإِمَامِ بَلْ هُوَ مَنْهِيٌّ عَنْهُ، وَمَحَلُّ السُّجُودِ أَيْضًا مَا لَمْ يَأْتِ بِهِ إمَامُهُ الْحَنَفِيُّ، فَإِنْ أَتَى بِهِ فَلَا سُجُودَ؛ لِأَنَّ الْعِبْرَةَ بِعَقِيدَةِ الْمَأْمُومِ، وَيُصَرِّحُ بِذَلِكَ مَا قَالُوهُ فِيمَا لَوْ اقْتَصَدَ إمَامُهُ الْحَنَفِيُّ وَصَلَّى خَلْفَهُ حَيْثُ قَالُوا بِصِحَّةِ صَلَاتِهِ خَلْفَهُ اعْتِبَارًا بِعَقِيدَةِ الْمَأْمُومِ لَا بِعَقِيدَةِ الْإِمَامِ.

وَبَقِيَ مَا لَوْ وَقَفَ إمَامُهُ الْحَنَفِيُّ وَقْفَةً تَسَعُ ذَلِكَ وَلَمْ يَجْهَرْ بِهِ هَلْ يَسْجُدُ الْمَأْمُومُ حَمْلًا لَهُ عَلَى عَدَمِ الْإِتْيَانِ بِهِ أَوْ لَا قِيَاسًا عَلَى مَا لَوْ سَكَتَ سَكْتَةً تَسَعُ الْبَسْمَلَةَ مِنْ أَنَّا نَحْمِلُهُ عَلَى الْكَمَالِ مِنْ الْإِتْيَانِ بِهَا حَتَّى لَا يَلْزَمُ الشَّافِعِيَّ نِيَّةُ الْمُفَارَقَةِ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ، وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ الْبَسْمَلَةَ لَمَّا كَانَتْ مَطْلُوبَةً مِنْهُ حُمِلَ عَلَى الْكَمَالِ بِخِلَافِ الْقُنُوتِ (قَوْلُهُ: بِمُصَلِّي سُنَّتِهَا) وَمِثْلُهَا كُلُّ صَلَاةٍ لَا قُنُوتَ فِيهَا عَلَى الرَّاجِحِ.

ــ

[حاشية الرشيدي]

فَذَكَرَهُ فِي الْأَوَّلِ فِي غَيْرِ مَحَلِّهِ (قَوْلُهُ: مَا لَمْ يَعْدِلْ إلَى بَدَلِهِ) صَادِقٌ بِمَا إذَا كَانَ الْبَدَلُ وَارِدًا وَبِمَا إذَا كَانَ مِنْ غَيْرِ الْوَارِدِ، وَهُوَ مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الشِّهَابِ سم فِي حَوَاشِي التُّحْفَةِ لَكِنْ صَرَّحَ بِخِلَافِهِ فِي حَوَاشِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ، وَذَكَرَ أَنَّ الشَّارِحَ وَافَقَهُ عَلَيْهِ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: وَلَوْ تَرَكَهُ تَبَعًا إلَخْ) وَكَذَا لَوْ أَتَى بِهِ خَلْفَهُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الشِّهَابُ حَجّ

ص: 68

الزَّرْكَشِيُّ فِي خَادِمِهِ تَبَعًا لِلْقَمُولِيِّ.

(أَوْ التَّشَهُّدُ الْأَوَّلُ) وَالْمُرَادُ بِهِ هُنَا الْوَاجِبُ فِي التَّشَهُّدِ الْأَخِيرِ أَوْ بَعْضِهِ؛ لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم تَرَكَهُ نَاسِيًا وَسَجَدَ لِلسَّهْوِ قَبْلَ أَنْ يُسَلِّمَ. وَيُسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ مَا لَوْ نَوَى أَرْبَعًا وَأَطْلَقَ، أَوْ قَصَدَ أَنْ يَأْتِيَ بِتَشَهُّدَيْنِ فَلَا يَسْجُدُ لِتَرْكِ أَوَّلِهِمَا عَلَى مَا قَالَهُ جَمْعٌ مُتَأَخِّرُونَ، وَعَزْمُهُ عَلَى الْإِتْيَانِ بِهِ لَا يُلْحِقْهُ بِتَشَهُّدِ الظُّهْرِ؛ لِأَنَّهُ مَعَ ذَلِكَ مُخَيَّرٌ بَيْنَ تَشَهُّدَيْنِ وَثَلَاثٍ وَتَشَهُّدٍ وَاحِدٍ، فَهُوَ غَيْرُ سُنَّةٍ مَطْلُوبَةٍ لِذَاتِهِ فِي مَحَلٍّ مَخْصُوصٍ، لَكِنَّ الَّذِي قَالَهُ الْقَاضِي وَالْبَغَوِيُّ أَنَّهُ يَسْجُدُ فِي صُورَةِ الْقَصْدِ إنْ تَرَكَهُ سَهْوًا: أَيْ أَوْ عَمْدًا: وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ (أَوْ قُعُودُهُ) قِيَاسًا عَلَيْهِ، وَإِنْ اسْتَلْزَمَ تَرْكُهُ تَرْكَ التَّشَهُّدِ؛ لِأَنَّ السُّجُودَ إذَا شُرِعَ لِتَرْكِ التَّشَهُّدِ شُرِعَ لِتَرْكِ جُلُوسِهِ؛ لِأَنَّهُ مَقْصُودٌ لَهُ.

وَصُورَةُ تَرْكِهِ وَحْدَهُ أَنْ لَا يُحْسِنَهُ فَإِنَّهُ يُسَنُّ لَهُ حِينَئِذٍ الْجُلُوسُ بِقَدْرِهِ كَمَا مَرَّ نَظِيرُهُ فِي الْقُنُوتِ (وَكَذَا الصَّلَاةُ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِيهِ) أَيْ بَعْدَهُ (فِي الْأَظْهَرِ) وَالْمُرَادُ الْوَاجِبُ مِنْهَا فِي التَّشَهُّدِ الْأَخِيرِ أَخْذًا مِمَّا مَرَّ؛ لِأَنَّهُ ذِكْرٌ يَجِبُ الْإِتْيَانُ بِهِ فِي الْأَخِيرِ فَيَسْجُدُ لِتَرْكِهِ فِي الْأَوَّلِ، وَقِيسَ بِهِ الْقُنُوتُ فَيَسْجُدُ لِتَرْكِ الصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِيهِ كَمَا جَزَمَ بِهِ ابْنُ الْفِرْكَاحِ، وَاعْتَمَدَهُ جَمْعٌ مُتَأَخِّرُونَ، وَالْجُلُوسُ لَهَا فِي الْأَوَّلِ، وَالْقِيَامُ لَهَا فِي الثَّانِي كَالْقُعُودِ لِلتَّشَهُّدِ وَالْقِيَامِ لِلْقُنُوتِ فَيَكُونَانِ مِنْ الْأَبْعَاضِ، وَعَلَى ذَلِكَ فَالْأَبْعَاضُ اثْنَا عَشْرَ، وَقَوْلُهُ:(سَجَدَ) رَاجِعٌ لِلصُّوَرِ كُلِّهَا، وَيَصِحُّ عَوْدٌ فِيهِ لِكُلِّ مَا ذُكِرَ، وَالْقُنُوتُ وَقَصْرُ رُجُوعِهِ عَلَى التَّشَهُّدِ وَزَعْمُ فَرْقٍ بَيْنَهُمَا غَيْرُ حَسَنٍ؛ لِأَنَّ الْعَطْفَ بِأَوْ فَإِفْرَادُهُ لِذَلِكَ لَا لِاخْتِصَاصِهِ بِالتَّشَهُّدِ، وَوُجُوبُهَا فِي التَّشَهُّدِ فِي الْجُمْلَةِ لَا يَصْلُحُ مَانِعًا لِإِلْحَاقِهَا مِنْ الْقُنُوتِ بِهَا مِنْ التَّشَهُّدِ؛ لِأَنَّ الْمُقْتَضِيَ لِلسُّجُودِ لَيْسَ هُوَ الْوُجُوبُ فِي الْجُمْلَةِ لِقُصُورِهِ وَلِئَلَّا يَلْزَمَ عَلَيْهِ إخْرَاجُ الْقُنُوتِ مِنْ أَصْلِهِ، بَلْ كَوْنُ الْمَتْرُوكِ مِنْ الشِّعَارِ الظَّاهِرَةِ الْمَخْصُوصَةِ بِمَحَلٍّ مِنْهَا اسْتِقْلَالًا تَبَعًا كَمَا يَأْتِي مَعَ اسْتِوَائِهِمَا فِي ذَلِكَ.

وَالثَّانِي لَا يَسْجُدُ لِتَرْكِ الصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِنَاءً عَلَى عَدَمِ اسْتِحْبَابِهِ فِيهِ، وَسَوَاءٌ أَتَرَكَ مَا مَرَّ عَمْدًا أَمْ سَهْوًا بِجَامِعِ الْخَلَلِ بَلْ خَلَلُ الْعَمْدِ أَكْثَرُ فَكَانَ لِلْجَبْرِ أَحْوَجَ (وَقِيلَ إنْ تَرَكَ عَمْدًا فَلَا) يَسْجُدُ لِتَرْكِهِ لِكَوْنِهِ مُقَصِّرًا بِتَفْوِيتِ السُّنَّةِ عَلَى نَفْسِهِ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

قَوْلُهُ: أَوْ بَعْضِهِ) وَمِنْهُ الْوَاوُ فِي وَأَشْهَدُ (قَوْلُهُ: مَا لَوْ نَوَى أَرْبَعًا) أَيْ مِنْ النَّفْلِ رَاتِبًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ (قَوْلُهُ: أَنَّهُ يَسْجُدُ) قَالَ سم عَلَى مَنْهَجٍ بَعْدَ نَقْلِهِ الْأَوَّلَ عَنْ حَجّ: وَالثَّانِي عَنْ م ر. وَأَقُولُ: إنْ الْتَزَمَ اسْتِحْبَابَ تَشَهُّدٍ أَوَّلٍ لِمَنْ أَرَادَ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ تَطَوُّعًا لَمْ يُتَّجَهْ إلَّا السُّجُودُ حَتَّى وَإِنْ أُطْلِقَ، وَلَمْ يُوجَدْ مِنْهُ عَزْمٌ عَلَى الْإِتْيَانِ بِالِاثْنَيْنِ، وَإِنْ الْتَزَمَ عَدَمَ اسْتِحْبَابِهِ فَالْوَجْهُ عَدَمُ السُّجُودِ وَإِنْ عَزَمَ؛ لِأَنَّ غَايَةَ الْأَمْرِ أَنَّهُ قَصَدَ الْإِتْيَانَ بِشَيْءٍ لَا يُسْتَحَبُّ الْإِتْيَانُ بِهِ وَذَلِكَ لَا يَقْتَضِي السُّجُودَ بِتَرْكِهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَتْرُكْ أَمْرًا مُسْتَحَبًّا وَلَمْ يُوجَدْ فِي الصَّلَاةِ ذَلِكَ فَلْيُحْرَرْ الِاسْتِحْبَابُ وَعَدَمُهُ.

أَقُولُ: وَقَدْ يُقَالُ لَمَّا قَصَدَ الْإِتْيَانَ بِالتَّشَهُّدَيْنِ الْتَحَقَ مِنْ حَيْثُ الْفِعْلُ الْمَنْوِيُّ بِالرُّبَاعِيَّةِ فَصَارَ التَّشَهُّدُ الْأَوَّلُ مَطْلُوبًا فَجُبِرَ تَرْكُهُ بِالسُّجُودِ. (قَوْلُهُ: فَالْأَبْعَاضُ اثْنَا عَشَرَ) أَيْ بِزِيَادَةِ الصَّلَاةِ عَلَى الْآلِ فِي التَّشَهُّدِ الْأَخِيرِ وَالْقُنُوتِ عَلَى مَا سَنَذْكُرُهُ (قَوْلُهُ: مِنْ الْقُنُوتِ) حَالٌ، وَقَوْلُهُ مِنْ التَّشَهُّدِ حَالٌ أَيْضًا: أَيْ بَعْدَهُ (قَوْلُهُ: بِنَاءً عَلَى عَدَمِ اسْتِحْبَابِهِ) أَيْ هَذَا الذِّكْرِ، وَهُوَ الصَّلَاةُ عَلَى

ــ

[حاشية الرشيدي]

؛ لِأَنَّهُ بِتَرْكِ الْإِمَامِ لَهُ لَحِقَهُ سَهْوُهُ فِي اعْتِقَادِهِ (قَوْلُهُ: لَمْ يَسْجُدْ لِتَحَمُّلِ الْإِمَامِ ذَلِكَ) اعْتَمَدَهُ الزِّيَادِيُّ، وَفِي بَعْضِ نُسَخِ الشَّارِحِ أَنَّهُ يَسْجُدُ.

(قَوْلُهُ: اثْنَا عَشَرَ) أَيْ بِمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: وَيَصِحُّ عَوْدٌ فِيهِ لِكُلٍّ مِمَّا ذُكِرَ إلَخْ) يَمْنَعُ مِنْهُ أَنَّ الْخِلَافَ الْمَذْكُورَ هُنَا مَبْنِيٌّ عَلَى الْخِلَافِ فِي سَنِّ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ صلى الله عليه وسلم فِي التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ، وَهُوَ أَقْوَالٌ كَمَا مَرَّ فِي صِفَةِ الصَّلَاةِ، وَصَرَّحَ بِهِ الْجَلَالُ الْمَحَلِّيُّ هُنَا.

وَأَمَّا الْخِلَافُ فِي سَنِّهِ فِي الْقُنُوتِ فَهُوَ أَوْجَهُ كَمَا مَرَّ ثَمَّ، أَيْضًا وَلَا يَتَأَتَّى تَرْتِيبُ الْأَقْوَالِ عَلَى الْأَوْجَهِ فَتَعَيَّنَ رُجُوعُ الضَّمِيرِ إلَى التَّشَهُّدِ فَقَطْ (قَوْلُهُ: وَزُعِمَ فَرْقٌ بَيْنَهُمَا) أَيْ بَيْنَ التَّشَهُّدِ وَالْقُنُوتِ (قَوْلُهُ: مَعَ اسْتِوَائِهِمَا) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ: وَهُمَا مُسْتَوِيَانِ فِي ذَلِكَ.

ص: 69

وَرُدَّ بِمَا مَرَّ (قُلْت: وَكَذَا الصَّلَاةُ عَلَى الْآلِ حَيْثُ سَنَنَّاهَا، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) وَذَلِكَ بَعْدَ التَّشَهُّدِ الْأَخِيرِ عَلَى الْأَصَحِّ، وَبَعْدَ الْأَوَّلِ عَلَى وَجْهٍ، وَالْجُلُوسُ كَالْقِيَامِ لَهَا فِي الْقُنُوتِ قِيَاسًا عَلَى الصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِيمَا مَرَّ.

وَصُورَةُ السُّجُودِ لِتَرْكِ الْآلِ أَنْ يَتَيَقَّنَ تَرْكَ إمَامِهِ لَهَا بَعْدَ سَلَامِ إمَامِهِ وَقَبْلَ أَنْ يُسَلِّمَ هُوَ أَوْ بَعْدَهُ إنْ سَلَّمَ وَقَصَرَ الْفَصْلُ، فَانْدَفَعَ اسْتِشْكَالُهُ بِأَنَّهُ إنْ عَلِمَ تَرْكَهَا قَبْلَ سَلَامِهِ أَتَى بِهَا أَوْ بَعْدَهُ فَاتَ مَحَلُّ السُّجُودِ، وَسُمِّيَتْ هَذِهِ السُّنَنُ أَبْعَاضًا لِتَأَكُّدِ شَأْنِهَا بِالْجَبْرِ تَشْبِيهًا بِالْبَعْضِ حَقِيقَةً.

(وَلَا تُجْبَرُ سَائِرُ السُّنَنِ) أَيْ بَاقِيهَا بِالسُّجُودِ كَأَذْكَارِ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ عَلَى الْأَصْلِ؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ فِي مَعْنَى الْوَارِدِ، فَإِنْ سَجَدَ لِشَيْءٍ مِنْهَا عَامِدًا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ، إلَّا أَنْ يُعْذَرَ لِجَهْلِهِ. وَمَا اُسْتُشْكِلَ بِهِ مِنْ أَنَّ الْجَاهِلَ لَا يَعْرِفُ مَشْرُوعِيَّةَ سُجُودِ السَّهْوِ، وَمَنْ عَرَفَهُ عَرَفَ مَحَلَّهُ رُدَّ بِمَنْعِ هَذَا التَّلَازُمِ؛ لِأَنَّ الْجَاهِلَ قَدْ يَسْمَعُ مَشْرُوعِيَّةَ سُجُودِ السَّهْوِ قَبْلَ السَّلَامِ لَا غَيْرُ فَيَظُنُّ عُمُومَهُ لِكُلِّ سُنَّةٍ، وَعَدَمُ اخْتِصَاصِهِ بِمَحِلِّهِ الْمَشْرُوعِ. (وَالثَّانِي) أَيْ فَعَلَ الْمَنْهِيَّ عَنْهُ (إنْ لَمْ يُبْطِلْ عَمْدُهُ) الصَّلَاةَ (كَالِالْتِفَاتِ وَالْخُطْوَتَيْنِ لَمْ يَسْجُدْ لِسَهْوِهِ) كَعَمْدِهِ غَالِبًا لِمَا يَأْتِي فِي الْمُسْتَثْنَيَاتِ لِعَدَمِ وُرُودِ السُّجُودِ لَهُ؛ وَلِأَنَّهُ إذَا كَانَ عَمْدُهُ فِي مَحَلِّ الْعَفْوِ فَسَهْوُهُ أَوْلَى (وَإِلَّا) بِأَنْ أَبْطَلَ عَمْدُهُ كَرَكْعَةٍ زَائِدَةٍ أَوْ رُكُوعٍ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم (قَوْلُهُ: وَرُدَّ بِمَا مَرَّ) أَيْ مِنْ قَوْلِهِ فَكَانَ لِلْجَبْرِ أَحْوَجُ (قَوْلُهُ: بَعْدَ التَّشَهُّدِ الْأَخِيرِ عَلَى الْأَصَحِّ) أَيْ وَبَعْدَ الْقُنُوتِ شَرْحُ الْمَنْهَجِ، وَعِبَارَةُ حَجّ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ: وَذَلِكَ فِي الْقُنُوتِ وَمِثْلُهَا قِيَامُهَا، وَفِي التَّشَهُّدِ الْأَخِيرِ إلَخْ اهـ.

وَبِهِ يَتَّضِحُ عَدُّهُ السَّابِقَ لِلْأَبْعَاضِ اثْنَا عَشَرَ (قَوْلُهُ: وَصُورَةُ السُّجُودِ لِتَرْكِ الْآلِ) وَجْهُ تَصْوِيرِهِ بِذَلِكَ كَمَا وَافَقَ عَلَيْهِ م ر أَنَّهُ إنْ تَرَكَهُ هُوَ، فَإِنْ كَانَ عَمْدًا أَتَى بِهِ وَلَا سُجُودَ، أَوْ سَهْوًا فَإِنْ تَذَكَّرَهُ قَبْلَ السَّلَامِ فَكَذَلِكَ، وَإِنْ سَلَّمَ قَبْلَ تَذَكُّرِهِ فَلَا جَائِزَ أَنْ يَعُودَ إلَيْهِ.

لِأَنَّا لَمْ نَرَهُمْ جَوَّزُوا الْعَوْدَ لِسُنَّةٍ غَيْرِ سُجُودِ السَّهْوِ، وَلَا أَنْ يَعُودَ إلَى سُجُودِ السَّهْوِ عَنْهُ؛ لِأَنَّهُ إذَا عَادَ صَارَ فِي الصَّلَاةِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَأْتِيَ بِالْمَتْرُوكِ وَلَا يَتَأَتَّى السُّجُودُ لِتَرْكِهِ فَلْيُتَأَمَّلْ. اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ. (قَوْلُهُ: تَشْبِيهًا بِالْبَعْضِ) أَيْ حَيْثُ تَأَكَّدَ شَأْنُهُ بِحَيْثُ تَبْطُلُ الصَّلَاةُ بِتَرْكِهِ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّ كُلًّا يُجْبَرُ بِالسُّجُودِ، فَإِنَّهُ لَوْ تَرَكَ رُكْنًا سَهْوًا يَجِبُ فِعْلُهُ، وَالسُّجُودُ إنَّمَا هُوَ لِلزِّيَادَةِ الْحَاصِلَةِ بِتَدَارُكِهِ إنْ وُجِدَتْ.

(قَوْلُهُ: كَأَذْكَارِ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ) أَيْ وَدُعَاءِ الِافْتِتَاحِ وَالسُّورَةِ، وَيُمْكِنُ الْفَرْقُ بَيْنَ هَذِهِ وَبَيْنَ الْقُنُوتِ وَالصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَوْ الْآلِ بِأَنَّ الِاعْتِدَالَ عَلَى صُورَةٍ الْقِيَامِ الْمُعْتَادِ فَطُلِبَ فِيهِ ذِكْرٌ يُمَيِّزُهُ عَنْهُ فَكَانَ مَقْصُودًا بِالطَّلَبِ لَا تَابِعًا، وَالرُّكُوعُ وَالسُّجُودُ لَمَّا كَانَ كُلٌّ مِنْهُمَا لَيْسَ عَلَى صُورَةِ الْفِعْلِ الْمُعْتَادِ كَانَا عَادَتَيْنِ مُسْتَقِلَّتَيْنِ وَالذِّكْرُ فِيهِمَا تَابِعٌ لِلْمَحَلِّ فَضَعُفَتْ رُتْبَتُهُ عَنْ الْقُنُوتِ فَلَمْ يُطْلَبْ لَهُ السُّجُودُ. (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يُعْذَرَ لِجَهْلِهِ) أَيْ أَوْ سَهْوِهِ اهـ حَجّ. وَقَضِيَّةُ إطْلَاقِ الْجَهْلِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ قَرِيبِ الْعَهْدِ بِالْإِسْلَامِ وَغَيْرِهِ، وَقَيَّدَهُ الشَّوْبَرِيُّ نَقْلًا عَنْ الْبَغَوِيّ بِقَرِيبِ الْعَهْدِ بِالْإِسْلَامِ وَعَبَّرَ بِهِ فِي الْعُبَابِ أَيْضًا، لَكِنْ لَمْ يَنْقُلْهُ عَنْ أَحَدٍ، وَلَعَلَّ الْأَقْرَبَ مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الشَّارِحِ فَإِنَّ مِثْلَ هَذَا مِمَّا يَخْفَى فَلَا يُفَرَّقُ فِيهِ بَيْنَ قَرِيبِ الْعَهْدِ بِالْإِسْلَامِ وَغَيْرِهِ، وَيُؤَيِّدُهُ مَا يَأْتِي لِلشَّارِحِ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ أَوْ عَادَ لَهُ: أَيْ لِلتَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ جَاهِلًا، فَكَذَا مِنْ قَوْلِهِ وَإِنْ كَانَ مُخَالِطًا لَنَا؛ لِأَنَّ هَذَا مِمَّا يَخْفَى عَلَى الْعَوَامّ (قَوْلُهُ: عَرَفَ مَحَلَّهُ) أَيْ مُقْتَضِيَهُ اهـ حَجّ. ثُمَّ قَالَ: وَأَوَّلْت مَحَلَّهُ بِمَا ذُكِرَ؛ لِأَنَّهُ الَّذِي نَحْنُ فِيهِ وَإِلَّا لَمْ يَبْقَ لِلْإِشْكَالِ وَجْهٌ أَصْلًا، ثُمَّ رَأَيْت

ــ

[حاشية الرشيدي]

(قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يُعْذَرَ لِجَهْلِهِ) أَيْ بِأَنْ كَانَ قَرِيبَ الْعَهْدِ بِالْإِسْلَامِ أَوْ نَشَأَ بِبَادِيَةٍ بَعِيدَةٍ عَنْ الْعُلَمَاءِ،؛ لِأَنَّ هَذَا هُوَ مُرَادُهُمْ بِالْجَاهِلِ الْمَعْذُورِ خِلَافًا لِمَا وَقَعَ فِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ (قَوْلُهُ: عُرِفَ مَحَلُّهُ) أَيْ مُقْتَضِيهِ كَمَا قَالَهُ الشِّهَابُ حَجّ، قَالَ: وَأَوَّلْت مَحَلَّهُ بِمَا ذُكِرَ؛ لِأَنَّهُ الَّذِي نَحْنُ فِيهِ وَإِلَّا لَمْ يَبْقَ لِلْإِشْكَالِ وَجْهٌ أَصْلًا، ثُمَّ قَالَ: ثُمَّ رَأَيْت شَارِحًا فَهِمَهُ عَلَى ظَاهِرِهِ وَأَجَابَ عَنْهُ بِمَا لَا يُلَاقِي مَا نَحْنُ فِيهِ، إذْ الْكَلَامُ لَيْسَ فِي سُجُودِهِ فِي غَيْرِ مَحَلِّهِ وَهُوَ قُبَيْلَ السَّلَامِ بَلْ فِي سُجُودِهِ فِي مَحَلِّهِ، لَكِنْ لِنَحْوِ تَسْبِيحِ

ص: 70

أَوْ سُجُودٍ (سَجَدَ) لِسَهْوِهِ «؛ لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم صَلَّى الظُّهْرَ خَمْسًا وَسَجَدَ لِلسَّهْوِ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، هَذَا (إنْ لَمْ تَبْطُلْ) الصَّلَاةُ (بِسَهْوِهِ) فَإِنْ بَطَلَتْ بِسَهْوِهِ (كَكَلَامٍ كَثِيرٍ) فَإِنَّهُ يُبْطِلُهَا (فِي الْأَصَحِّ) كَمَا مَرَّ فَلَا يَسْجُدُ لِعَدَمِ كَوْنِهِ فِي صَلَاةٍ فَفِي الْأَصَحِّ رَاجِعٌ لِلْمِثَالِ، وَهُوَ الْكَلَامُ الْكَثِيرُ لَا الْحُكْمُ، وَهُوَ قَوْلُهُ سَجَدَ، فَلَوْ سَكَتَ عَنْ الْمِثَالِ لَكَانَ أَخْصَرَ وَأَبْعَدَ عَنْ الْإِيهَامِ إذْ لَا سُجُودَ مَعَ الْحُكْمِ بِالْبُطْلَانِ.

وَاسْتُثْنِيَ مِنْ هَذِهِ الْقَاعِدَةِ مَا لَوْ سَجَدَ لِلسَّهْوِ ثُمَّ سَهَا قَبْلَ سَلَامِهِ فَإِنَّهُ لَا يَسْجُدُ فِي الْأَصَحِّ، فَلَوْ سَجَدَ عَمْدًا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ أَوْ سَهْوًا فَلَا، وَمَا لَوْ حَوَّلَ الْمُتَنَفِّلُ دَابَّتَهُ عَنْ صَوْبِ مَقْصِدِهِ سَهْوًا ثُمَّ عَادَ فَوْرًا فَإِنَّهُ لَا يَسْجُدُ لِلسَّهْوِ عَلَى مَا صَحَّحَهُ الْمُصَنِّفُ فِي الْمَجْمُوعِ وَغَيْرِهِ. وَالْمُعْتَمَدُ كَمَا مَرَّ فِي فَصْلِ الِاسْتِقْبَالِ أَنَّهُ يَسْجُدُ لَهُ، وَصَحَّحَهُ الرَّافِعِيُّ فِي شَرْحِهِ الصَّغِيرِ وَجَزَمَ بِهِ ابْنُ الْمُقْرِي فِي رَوْضِهِ. وَقَالَ الْإِسْنَوِيُّ: إنَّهُ الْقِيَاسُ، وَأَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -.

(وَتَطْوِيلُ الرُّكْنِ الْقَصِيرِ) عَمْدًا بِسُكُوتٍ أَوْ ذِكْرٍ أَوْ قُرْآنٍ لَمْ يُشْرَعْ فِيهِ (يُبْطِلُ عَمْدُهُ) الصَّلَاةَ (فِي الْأَصَحِّ) ؛ لِأَنَّ تَطْوِيلَهُ تَغْيِيرٌ لِمَوْضُوعِهِ كَمَا لَوْ قَصَرَ الطَّوِيلَ بِعَدَمِ إتْمَامِ الْوَاجِبِ؛ وَلِأَنَّ تَطْوِيلَهُ يُخِلُّ بِالْمُوَالَاةِ كَمَا قَالَهُ الْإِمَامُ (فَيَسْجُدُ لِسَهْوِهِ) وَالثَّانِي لَا يُبْطِلُ عَمْدُهُ لِحَدِيثٍ وَرَدَ فِيهِ يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ وَمِقْدَارُ التَّطْوِيلِ الْمُبْطِلِ كَمَا نَقَلَهُ الْخُوَارِزْمِيَّ عَنْ الْأَصْحَابِ. وَكَلَامُ الشَّيْخَيْنِ قَدْ يَدُلُّ عَلَيْهِ أَنْ يُلْحَقَ الِاعْتِدَالُ بِالْقِيَامِ، وَالْجُلُوسُ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ بِالْجُلُوسِ لِلتَّشَهُّدِ، وَمُرَادُهُ كَمَا قَالَهُ جَمْعٌ قِرَاءَةُ الْوَاجِبِ وَهُوَ الْفَاتِحَةُ، وَأَقَلُّ التَّشَهُّدِ: أَيْ بَعْدَ مُضِيِّ قَدِّ ذِكْرِ كُلِّ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

شَارِحًا فَهِمَهُ عَلَى ظَاهِرِهِ، وَأَجَابَ عَنْهُ بِمَا لَا يُلَاقِي مَا نَحْنُ فِيهِ اهـ. (قَوْلُهُ: سَجَدَ) أَيْ غَالِبًا أَيْضًا لِمَا يَأْتِي فِيمَا لَوْ سَهَا فِي سُجُودِ السَّهْوِ أَوْ نَفْلِ السَّفَرِ (قَوْلُهُ: وَاسْتَثْنَى مِنْ هَذِهِ الْقَاعِدَةِ) وَهِيَ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَالثَّانِي إنْ لَمْ يَبْطُلْ إلَخْ (قَوْلُهُ: ثُمَّ سَهَا) أَيْ بِأَنْ تَكَلَّمَ نَاسِيًا مَثَلًا (قَوْلُهُ: قَبْلَ سَلَامِهِ) أَيْ أَوْ فِي السُّجُودِ نَفْسِهِ (قَوْلُهُ: وَالْمُعْتَمَدُ كَمَا مَرَّ فِي فَصْلِ الِاسْتِقْبَالِ) خِلَافًا لحج حَيْثُ قَالَ: وَاسْتَثْنَى مِنْ هَذِهِ الْقَاعِدَةِ مَا لَوْ حَوَّلَ الْمُتَنَفِّلُ دَابَّتَهُ عَنْ صَوْبِ مَقْصِدِهِ سَهْوًا ثُمَّ عَادَ فَوْرًا فَإِنَّهُ لَا يَسْجُدُ لِسَهْوِهِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ مَعَ أَنَّ عَمْدَهُ مُبْطِلٌ، وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ سُجُودِهِ لِجُمُوحِهَا وَعَوْدِهَا فَوْرًا بِأَنَّهُ هُنَا مُقَصِّرٌ لِرُكُوبِهِ الْجَمُوحَ أَوْ بِعَدَمِ ضَبْطِهَا، بِخِلَافِ النَّاسِي فَخَفَّفَ عَنْهُ مَشَقَّةَ السَّفَرِ، وَإِنْ قَصَرَ انْتَهَى.

وَقَضِيَّةُ تَخْصِيصِ الْخِلَافِ بِهَذِهِ الصُّورَةِ وَأَنَّ السُّجُودَ لِجِمَاحِ الدَّابَّةِ لَا خِلَافَ فِيهِ وَهُوَ مُنَافٍ لِقَوْلِ الْبَهْجَةِ:

أَوْ بِانْحِرَافٍ لَا إلَيْهَا نَاسِيًا

أَوْ خَطَأً أَوْ لِجِمَاحِهَا سَجَدْ

سَهْوًا عَلَى الْأَصَحِّ إنْ قَلَّ الْأَمَدْ

اهـ. وَقَرَّرَهُ شَارِحُهُ بِمَا يُفِيدُ جَرَيَانَ الْخِلَافِ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا، وَمِنْهُ قَوْلُهُ: وَصَحَّحَهُ الشَّيْخَانِ فِي الْجِمَاحِ، لَكِنَّهُ قَالَ بَعْدُ: وَقَالَ الْبَغَوِيّ: يَسْجُدُ فِي النِّسْيَانِ وَالْخَطَأِ دُونَ الْجِمَاحِ. اهـ. فَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ حَجّ أَوْ عَلَى هَذَا الْأَخِيرِ.

(قَوْلُهُ: لَمْ يَشْرَعْ فِيهِ) قَيَّدَ فِي الذِّكْرِ فَقَطْ، فَلَوْ قَدَّمَ قَوْلَهُ: لَمْ يَشْرَعْ عَلَى قَوْلِهِ أَوْ قُرْآنٍ أَوْ أَخَّرَ الذِّكْرَ عَنْهُ كَانَ أَوْلَى، وَلَكِنَّهُ أَخَّرَهُ لِمَا يَأْتِي مِنْ أَنَّ تَطْوِيلَ الْقِيَامِ الثَّانِي مِنْ صَلَاةِ الْكُسُوفِ لَا يَضُرُّ لِكَوْنِ الْقِرَاءَةِ مَشْرُوعَةً فِيهِ. وَيَرُدُّ عَلَيْهِ أَنَّ الْقِيَامَ الثَّانِيَ فِي صَلَاةِ الْكُسُوفِ لَيْسَ اعْتِدَالًا بَلْ هُوَ سُنَّةٌ فِيهَا مُسْتَقِلَّةٌ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: قِرَاءَةِ الْوَاجِبِ) أَيْ فِيهِمَا

ــ

[حاشية الرشيدي]

الرُّكُوعِ فَتَعَيَّنَ مَا ذَكَرْته. اهـ. (قَوْلُهُ: وَاسْتُثْنِيَ مِنْ هَذِهِ الْقَاعِدَةِ) يَعْنِي قَوْلَ الْمُصَنِّفِ وَإِلَّا سَجَدَ فَهُوَ اسْتِثْنَاءٌ مِنْ الْمَفْهُومِ وَأَمَّا مَا يُسْتَثْنَى مِنْ الْمَنْطُوقِ وَهُوَ قَوْلُهُ: إنْ لَمْ يُبْطِلْ عَمْدُهُ لَمْ يَسْجُدْ لِسَهْوِهِ فَسَيَأْتِي فِي الْمَتْنِ مَعَ مَا زَادَهُ الشَّارِحُ عَلَيْهِ.

(قَوْلُهُ: لَمْ يَشْرَعْ فِيهِ) رَاجِعٌ لِلذِّكْرِ وَالْقُرْآنِ كَمَا سَيَأْتِي مُحْتَرَزُهُ فِي قَوْلِهِ وَخَرَجَ بِقَوْلِنَا لَمْ يَشْرَعْ إلَخْ، خِلَافًا لِمَا وَقَعَ فِي حَاشِيَةِ

ص: 71

الْمَشْرُوعِ كَالْقُنُوتِ فِي مَحَلِّهِ بِالْقِرَاءَةِ الْمُعْتَدِلَةِ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُعْتَبَرَ أَقَلُّ زَمَنٍ يَسَعُ ذَلِكَ لَا قِرَاءَتَهُ مَعَ الْمَنْدُوبِ، وَجَرَى عَلَيْهِ بَعْضُهُمْ، وَقَوْلُ الزَّرْكَشِيّ الْقِيَاسُ اتِّبَاعُ الْعُرْفِ، يُرَدُّ بِأَنَّ هَذَا بَيَانٌ لِلْعُرْفِ هُنَا.

وَالْأَوْجَهُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالزِّيَادَةِ عَلَى قَدْرِ الذِّكْرِ الْمَشْرُوعِ فِيهِ فِي تِلْكَ الصَّلَاةِ بِالنِّسْبَةِ لِلْوَسَطِ الْمُعْتَدِلِ لَهَا لَا لِحَالِ الْمُصَلِّي، وَقَوْلُنَا فِي تِلْكَ الصَّلَاةِ يُحْتَمَلُ أَنْ يُرَادَ بِهِ مِنْ حَيْثُ ذَاتُهَا أَوْ مِنْ حَيْثُ الْحَالَةُ الرَّاهِنَةُ، فَلَوْ كَانَ إمَامًا لَا تُسَنُّ لَهُ الْأَذْكَارُ الْمَسْنُونَةُ لِلْمُنْفَرِدِ اُعْتُبِرَ التَّطْوِيلُ فِي حَقِّهِ بِتَقْدِيرِ كَوْنِهِ مُنْفَرِدًا عَلَى الْأَوَّلِ، وَبِالنَّظَرِ لِمَا يُشْرَعُ لَهُ الْآنَ مِنْ الذِّكْرِ عَلَى الثَّانِي وَهُوَ الْأَقْرَبُ لِكَلَامِهِمْ، وَخَرَجَ بِقَوْلِنَا لَمْ يُشْرَعْ تَطْوِيلُهُ مَا شُرِعَ تَطْوِيلُهُ بِقَدْرِ الْقُنُوتِ فِي مَحَلِّهِ أَوْ التَّسْبِيحِ فِي صَلَاتِهِ أَوْ الْقِرَاءَةِ فِي الْكُسُوفِ فَلَا يُؤَثِّرُ، وَاخْتَارَ الْمُصَنِّفُ دَلِيلَا جَوَازِ تَطْوِيلِ الِاعْتِدَالِ وَالْجُلُوسِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ لِوُرُودِ أَحَادِيثَ صَحِيحَةٍ فِيهِ، وَلِهَذَا جَرَى عَلَيْهِ الْأَكْثَرُونَ، وَصَحَّحَهُ فِي مَوْضِعٍ مِنْ التَّحْقِيقِ.

وَقَدْ يُمْنَعُ الِاسْتِدْلَال بِمَا وَرَدَ مِنْ الْأَخْبَارِ بِأَنَّهَا وَقَائِعُ فِعْلِيَّةٌ طُرُقُهَا الِاحْتِمَالُ (فَالِاعْتِدَالُ قَصِيرٌ) ؛ لِأَنَّهُ لِلْفَصْلِ بَيْنَ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ (وَكَذَا الْجُلُوسُ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ) قَصِيرٌ (فِي الْأَصَحِّ) ؛ لِأَنَّهُ لِلْفَصْلِ بَيْنَهُمَا فَهُوَ كَالِاعْتِدَالِ، بَلْ أَوْلَى؛ لِأَنَّ الذِّكْرَ الْمَشْرُوعَ فِيهِ أَقْصَرُ مِمَّا شُرِعَ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

قَوْلُهُ: كَالْقُنُوتِ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ زَادَ عَلَى قَدْرِ الْقُنُوتِ مَا يَسَعُ قِرَاءَةَ الْفَاتِحَةِ فِي ثَانِيَةِ الصُّبْحِ بَطَلَتْ، وَقَدْ تَقَدَّمَ لَهُ خِلَافٌ مَعَ تَوْجِيهِهِ بِأَنَّهُ مَشْرُوعٌ لَهُ فِي الْجُمْلَةِ (قَوْلُهُ: بِالنِّسْبَةِ لِلْوَسَطِ) خَبَرُ أَنَّ: أَيْ أَنَّ الْمُرَادَ اعْتِبَارُهَا بِالنِّسْبَةِ إلَخْ (قَوْلُهُ: بِتَقْدِيرِ كَوْنِهِ مُنْفَرِدًا عَلَى الْأَوَّلِ) أَيْ قَوْلُهُ: يُحْتَمَلُ أَنْ يُرَادَ بِهِ مِنْ حَيْثُ إلَخْ، وَقَوْلُهُ عَلَى الثَّانِي: أَيْ قَوْلُهُ: أَوْ مِنْ حَيْثُ الْحَالَةِ الرَّاهِنَةِ إلَخْ (قَوْلُهُ: لَمْ يُشْرَعْ تَطْوِيلُهُ) فِي نُسْخَةٍ تَطْوِيلُهُ مَرَّتَيْنِ، وَمَا فِي الْأَصْلِ هُوَ الْمُوَافِقُ لِمَا قَدَّمَهُ مِنْ عَدَمِ ذِكْرِهِ تَطْوِيلَهُ. (قَوْلُهُ: فِي مَحَلِّهِ) أَيْ وَهُوَ اعْتِدَالُ الرَّكْعَةِ الْأَخِيرَةِ فِي الصُّبْحِ أَوْ الْوِتْرِ فِي رَمَضَانَ، أَمَّا الِاعْتِدَالُ فِي غَيْرِهِمَا فَيَضُرُّ تَطْوِيلُهُ، وَلَوْ مِنْ الرَّكْعَةِ الْأَخِيرَةِ إلَّا إذَا طَوَّلَهُ بِالْقُنُوتِ لِلنَّازِلَةِ.

وَأَفْتَى ابْنُ حَجَرٍ بِأَنَّ تَطْوِيلَ الِاعْتِدَالِ مِنْ الرَّكْعَةِ الْأَخِيرَةِ لَا يَضُرُّ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّهُ عُهِدَ تَطْوِيلُهُ فِي الْجُمْلَةِ، وَنُقِلَ عَنْ الزِّيَادِيِّ اعْتِمَادُ هَذَا (قَوْلُهُ: لِوُرُودِ أَحَادِيثَ صَحِيحَةٍ فِيهِ) أَيْ الْجُلُوسِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ دُونَ الِاعْتِدَالِ فَإِنَّهُ لَمْ يَرِدْ فِيهِ ذَلِكَ، وَيُحْتَمَلُ رُجُوعُ الضَّمِيرِ لِلتَّطْوِيلِ، وَفِيهِ كَلَامٌ فِي سم عَلَى مَنْهَجٍ. وَمِنْهُ أَنَّ حَدِيثَ أَنَسٍ وَرَدَ فِي مُسْلِمٍ بِتَطْوِيلِ الْجُلُوسِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ أَيْضًا أَيْ كَمَا وَرَدَ تَطْوِيلُ الِاعْتِدَالِ فَكَانَ يَنْبَغِي لَهُ اخْتِيَارُهُ وَلَعَلَّهُ لَمْ يَسْتَحْضِرْهُ. اهـ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ لِلْفَصْلِ) قَالَ الشَّيْخُ عَمِيرَةُ أَوْرَدَ أَنَّ اشْتِرَاطَ الطُّمَأْنِينَةِ يُنَافِي ذَلِكَ، وَأُجِيبَ بِأَنَّهَا اُشْتُرِطَتْ؛ لِيَتَأَتَّى الْخُشُوعُ، وَيَكُونَ عَلَى سَكِينَةٍ انْتَهَى سم عَلَى مَنْهَجٍ

ــ

[حاشية الرشيدي]

الشَّيْخِ (قَوْلُهُ: كَالْقُنُوتِ) أَيْ الْمَشْرُوعِ بِقَرِينَةِ قَوْلِهِ قَبْلَهُ: قَدْرِ ذِكْرِ كُلِّ الْمَشْرُوعِ فِيهِ، وَلَعَلَّ الْمُرَادَ الْقُنُوتُ مَعَ مَا تَقَدَّمَ عَلَيْهِ مِنْ الْأَذْكَارِ الْمَشْرُوعَةِ فَلْيُرَاجَعْ، ثُمَّ إنَّ قَضِيَّةَ مَا ذُكِرَ أَنَّهُ لَوْ زَادَ عَلَى قَدْرِ الْمَشْرُوعِ بِقَدْرِ الْفَاتِحَةِ تَبْطُلُ صَلَاتُهُ وَلَا يُنَافِيهِ خِلَافًا لِمَا فِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ مَا قَدَّمَهُ فِي رُكْنِ الِاعْتِدَالِ مِنْ عَدَمِ الْبُطْلَانِ؛ لِأَنَّ ذَاكَ فِيمَا إذَا كَانَ التَّطْوِيلُ بِنَفْسِ الْقُنُوتِ كَمَا يُعْلَمُ بِمُرَاجَعَتِهِ بِخِلَافِ مَا هُنَا (قَوْلُهُ: فِي مَحَلِّهِ) أَيْ الْمَشْرُوعِ هُوَ فِيهِ بِالْأَصَالَةِ وَهُوَ ثَانِيَةُ الصُّبْحِ وَأَخِيرَةُ الْوِتْرِ فِي النِّصْفِ الثَّانِي مِنْ رَمَضَانَ وَأَخِيرَةُ سَائِرِ الْمَكْتُوبَاتِ فِي النَّازِلَةِ كَمَا فِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ، وَيَدُلُّ لَهُ قَوْلُ الشَّارِحِ عَقِبَ الِاسْتِثْنَاءِ الْآتِي فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ عَقِبَ كَلَامِ الرَّافِعِيِّ الْآتِي.

وَيُمْكِنُ حَمْلُهُ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَطُلْ بِهِ الِاعْتِدَالُ وَإِلَّا بَطَلَتْ، فَالشَّارِحُ مُخَالِفٌ لِمَا أَفْتَى بِهِ الشِّهَابُ حَجّ مِنْ أَنَّ الْمُرَادَ بِمَحَلِّهِ اعْتِدَالُ أَخِيرَةِ سَائِرِ الْمَكْتُوبَاتِ قَالَ؛ لِأَنَّهَا مَحَلُّهُ فِي الْجُمْلَةِ (قَوْلُهُ: وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُعْتَبَرَ أَقَلُّ زَمَنٍ يَسَعُ ذَلِكَ) أَيْ الْوَاجِبَ، وَقَوْلُهُ: لَا قِرَاءَتُهُ مَعَ الْمَنْدُوبِ مُقَابِلٌ لِقَوْلِهِ وَمُرَادُهُ كَمَا قَالَ جَمْعٌ قِرَاءَةُ الْوَاجِبِ (قَوْلُهُ: وَاخْتَارَ الْمُصَنِّفُ إلَخْ) كَانَ يَنْبَغِي تَأْخِيرُهُ عَنْ الْمَتْنِ بَعْدَهُ.

ص: 72

فِي الِاعْتِدَالِ. وَالثَّانِي أَنَّهُ طَوِيلٌ لِمَا مَرَّ.

(وَلَوْ)(نَقَلَ رُكْنًا قَوْلِيًّا) غَيْرَ مُبْطِلٍ فَخَرَجَ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَتَكْبِيرَةُ الْإِحْرَامِ بِأَنْ كَبَّرَ بِقَصْدِهِ (كَفَاتِحَةٍ فِي رُكُوعٍ أَوْ) جُلُوسِ (تَشَهُّدٍ) آخَرَ أَوْ أَوَّلَ، وَقَوْلُ بَعْضِ الشُّرَّاحِ أَوْ تَشَهُّدٍ آخَرَ لَيْسَ بِقَيْدٍ، أَوْ نَقْلِ تَشَهُّدٍ أَوْ بَعْضِ ذَلِكَ إلَى غَيْرِ مَحَلِّهِ، أَوْ نَقْلِ قِرَاءَةٍ مَنْدُوبَةٍ كَسُورَةٍ إلَى غَيْرِ مَحَلِّهَا (لَمْ تَبْطُلْ بِعَمْدِهِ فِي الْأَصَحِّ) ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُخِلٍّ بِصُورَتِهَا بِخِلَافِ الْفِعْلِيِّ (وَ) عَلَى الْأَصَحِّ (يَسْجُدُ لِسَهْوِهِ) وَلِعَمْدِهِ أَيْضًا (فِي الْأَصَحِّ) لِتَرْكِهِ التَّحَفُّظَ الْمَأْمُورَ بِهِ فِي الصَّلَاةِ فَرْضِهَا وَنَفْلِهَا أَمْرًا مُؤَكَّدًا كَتَأَكُّدِ التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ.

نَعَمْ لَوْ قَرَأَ السُّورَةَ قَبْلَ الْفَاتِحَةِ لَمْ يَسْجُدْ كَمَا قَالَهُ ابْنُ الصَّبَّاغِ؛ لِأَنَّ الْقِيَامَ مَحَلُّهَا فِي الْجُمْلَةِ، وَقِيَاسُهُ أَنَّهُ لَوْ صَلَّى عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَبْلَ التَّشَهُّدِ لَمْ يَسْجُدْ؛ لِأَنَّ الْقُعُودَ مَحَلُّهَا فِي الْجُمْلَةِ.

قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَقِيَاسُهُ السُّجُودُ لِلتَّسْبِيحِ فِي الْقِيَامِ، وَهُوَ مُقْتَضَى مَا فِي شَرَائِطِ الْأَحْكَامِ لِابْنِ عَبْدَانَ. اهـ. وَالْمُعْتَمَدُ كَمَا أَفَادَهُ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَدَمُ السُّجُودِ، وَالثَّانِي لَا كَغَيْرِهِ مِمَّا لَا يُبْطِلُ عَمْدُهُ (وَعَلَى هَذَا) أَيْ الْأَصَحِّ (تُسْتَثْنَى هَذِهِ الصُّورَةُ مِنْ قَوْلِنَا) الْمُتَقَدِّمِ (مَا لَا يُبْطِلُ عَمْدُهُ لَا سُجُودَ لِسَهْوِهِ) وَاسْتُثْنِيَ مَعَهَا أَيْضًا مَا لَوْ أَتَى بِالْقُنُوتِ أَوْ بِكَلِمَةٍ مِنْهُ بِنِيَّتِهِ قَبْلَ الرُّكُوعِ أَوْ بَعْدَهُ. فِي الْوِتْرِ فِي غَيْرِ نِصْفِ رَمَضَانَ الثَّانِي فَإِنَّهُ يَسْجُدُ وَلَوْ تَعَمَّدَهُ لَمْ تَبْطُلْ صَلَاتُهُ لَكِنَّهُ مَكْرُوهٌ، ذَكَرَ الرَّافِعِيُّ فِي صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ، وَيُمْكِنُ حَمْلُهُ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَطُلْ بِهِ الِاعْتِدَالُ وَإِلَّا بَطَلَتْ أَخْذًا مِمَّا مَرَّ.

وَمَا لَوْ قَرَأَ غَيْرَ الْفَاتِحَةِ فِي غَيْرِ الْقِيَامِ، وَمَا لَوْ فَرَّقَهُمْ فِي الْخَوْفِ أَرْبَعَ فِرَقٍ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

قَوْلُهُ: لِمَا مَرَّ) أَيْ فِي قَوْلِهِ لِوُرُودِ أَحَادِيثَ صَحِيحَةٍ فِيهِ إلَخْ.

(قَوْلُهُ: وَلَوْ نَقَلَ رُكْنًا قَوْلِيًّا) قَضِيَّةُ مَا ذَكَرَ أَنَّهُ لَا يَسْجُدُ لِتَكْرِيرِ الْفَاتِحَةِ أَوْ التَّشَهُّدِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَنْقُلْهُ إلَى غَيْرِ مَحَلِّهِ، لَكِنَّ عِبَارَةَ حَجّ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ وَيُضَمُّ إلَى هَذِهِ: أَيْ نَقْلِ الرُّكْنِ الْقَوْلِيِّ الْقُنُوتُ فِي وِتْرٍ لَا يُشْرَعُ فِيهِ، وَتَكْرِيرُ الْفَاتِحَةِ خِلَافًا لِبَعْضِهِمْ اهـ. وَخَرَجَ بِتَكْرِيرِ الْفَاتِحَةِ تَكْرِيرُ السُّورَةِ فَلَا يَسْجُدُ لَهُ؛ لِأَنَّهُ كُلُّهُ يَصْدُقُ عَلَيْهِ أَنَّهُ قُرْآنٌ مَطْلُوبٌ، وَقِيَاسُ مَا ذَكَرَهُ فِي تَكْرِيرِ الْفَاتِحَةِ أَنَّهُ يَسْجُدُ بِتَكْرِيرِ التَّشَهُّدِ إلَّا أَنَّ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ مِنْ أَنَّهُ لَوْ قَدَّمَ الصَّلَاةَ عَلَى النَّبِيِّ لَا يَسْجُدُ؛ لِأَنَّ الْقُعُودَ مَحَلُّهَا فِي الْجُمْلَةِ يَقْتَضِي عَدَمَ السُّجُودِ بِتَكْرِيرِ الرُّكْنِ الْقَوْلِيِّ، إلَّا أَنْ يُقَالَ: التَّكْرِيرُ عِبَادَةٌ عَنْ ذِكْرِهِ بَعْدَ الْإِتْيَانِ بِهِ، وَمُجَرَّدُ تَقْدِيمِهِ لَيْسَ فِيهِ ذَلِكَ، وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّ الْقَوْلَ بِإِبْطَالِ تَكْرِيرِهِ إنَّمَا يَكُونُ بَعْدَ الْإِتْيَانِ بِهِ عَلَى وَجْهٍ يُعْتَدُّ بِهِ (قَوْلُهُ: فَخَرَجَ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْهُ لِمَا فِيهِ مِنْ الْخِطَابِ (قَوْلُهُ: بِأَنْ كَبَّرَ بِقَصْدِهِ) أَيْ الْإِحْرَامَ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْفِعْلِيِّ) أَشَارَ بِهِ إلَى رَدِّ تَوْجِيهِ مُقَابِلِ الْأَصَحِّ الَّذِي عَبَّرَ عَنْهُ الْمَحَلِّيُّ بِقَوْلِهِ: وَالثَّانِي تَبْطُلُ كَنَقْلِ الرُّكْنِ الْفِعْلِيِّ. اهـ.

وَكَانَ يَنْبَغِي لِلشَّارِحِ ذِكْرُ الْمُقَابِلِ وَفَاءً بِشَرْحِ الْمَتْنِ (قَوْلُهُ: عَدَمُ السُّجُودِ) أَيْ يَنْقُلُ التَّسْبِيحَ إلَى الْقِيَامِ (قَوْلُهُ: وَعَلَى هَذَا تُسْتَثْنَى هَذِهِ الصُّورَةُ) أَيْ وَهِيَ قَوْلُهُ: وَلَوْ نَقَلَ رُكْنًا قَوْلِيًّا، وَقَوْلُهُ عَنْ قَوْلِنَا مُتَعَلِّقٌ بِيُسْتَثْنَى وَعَدَّاهُ بِعَنْ دُونَ مِنْ لِتَضْمِينِهِ مَعْنَى تَمَيَّزَ (قَوْلُهُ: قَبْلَ الرُّكُوعِ) وَمِثْلُ ذَلِكَ مَا لَوْ فَعَلَهُ إمَامُهُ الْحَنَفِيُّ قَبْلَ الرُّكُوعِ؛ لِأَنَّ فِعْلَهُ عَنْ اعْتِقَادٍ يُنَزَّلُ عِنْدَنَا مَنْزِلَةَ السَّهْوِ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا بَطَلَتْ) هَذَا يُخَالِفُ مِنْ حَيْثُ شُمُولُهُ لِلرَّكْعَةِ الْأَخِيرَةِ عَلَى مَا أَفْتَى بِهِ حَجّ مِنْ عَدَمِ الْبُطْلَانِ بِتَطْوِيلِ اعْتِدَالِ الرَّكْعَةِ الْأَخِيرَةِ كَمَا تَقَدَّمَ نَقْلُهُ عَنْهُ (قَوْلُهُ: أَخْذًا مِمَّا مَرَّ) أَيْ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَتَطْوِيلِ الرُّكْنِ الْقَصِيرِ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَمَا لَوْ قَرَأَ) هَذَا عُلِمَ مِنْ قَوْلِهِ قَبْلُ أَوْ نَقَلَ قِرَاءَةً مَنْدُوبَةً إلَخْ، فَلَعَلَّهُ ذَكَرَهُ لِلتَّصْرِيحِ بِالِاسْتِثْنَاءِ، وَإِنَّمَا قَيَّدَ بِغَيْرِ الْفَاتِحَةِ؛ لِيَكُونَ مِثَالًا لِنَقْلِ غَيْرِ الرُّكْنِ وَإِلَّا فَنَقْلُ الْفَاتِحَةِ عُلِمَ مِنْ قَوْلِ الْمَتْنِ وَلَوْ نَقَلَ رُكْنًا قَوْلِيًّا (قَوْلُهُ: غَيْرَ الْفَاتِحَةِ) أَيْ شَيْئًا مِنْ الْقُرْآنِ غَيْرَ إلَخْ، وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ إذَا قَرَأَ فِي غَيْرِ الْقِيَامِ لَا يُشْتَرَطُ لِلسُّجُودِ نِيَّةُ الْقِرَاءَةِ وَعَلَيْهِ فَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْقُنُوتِ بِأَنَّ الْقُنُوتَ دُعَاءٌ وَهُوَ مَشْرُوعٌ فِي الصَّلَاةِ مُطْلَقًا فَاشْتُرِطَ فِيهِ نِيَّةُ الْقُنُوتِ؛ لِيَتَحَقَّقَ كَوْنُهُ مِنْ الْأَبْعَاضِ، وَالْقِرَاءَةُ صُورَتُهَا لَيْسَ لَهَا حَالَتَانِ فَكَانَ مُجَرَّدُ نَقْلِهَا مُقْتَضِيًا لِتَحَقُّقِ نَقْلِ الْمَطْلُوبِ، لَكِنَّ فِي حَاشِيَةِ شَيْخِنَا الزِّيَادِيِّ خِلَافَهُ حَيْثُ قَالَ

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: فِي الْوِتْرِ فِي غَيْرِ نِصْفِ رَمَضَانَ) أَيْ مَثَلًا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: وَمَا لَوْ قَرَأَ غَيْرَ الْفَاتِحَةِ) هَذَا مُكَرَّرٌ مَعَ قَوْلِهِ السَّابِقِ أَوْ نَقْلُ

ص: 73

وَصَلَّى بِكُلٍّ رَكْعَةً أَوْ فِرْقَتَيْنِ وَصَلَّى بِوَاحِدَةٍ ثَلَاثًا فَإِنَّهُ يَسْجُدُ لِمُخَالَفَتِهِ بِالِانْتِظَارِ فِي غَيْرِ مَحَلِّهِ الْوَارِدِ فِيهِ، وَلَيْسَ مِنْهَا زِيَادَةُ الْقَاصِرِ أَوْ مُصَلٍّ نَفْلًا مُطْلَقًا مِنْ غَيْرِ نِيَّةِ سَهْوٍ؛ لِأَنَّ عَمْدَ ذَلِكَ مُبْطِلٌ فَهُوَ مِنْ الْقَاعِدَةِ، وَلَوْ صَلَّى عَلَى الْآلِ فِي التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ أَوْ بَسْمَلَ أَوَّلَ تَشَهُّدِهِ لَمْ يُسَنَّ لَهُ سُجُودُ السَّهْوِ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْأَصْحَابِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ عَمَلًا بِقَاعِدَتِهِمْ مَا لَا يُبْطِلُ عَمْدُهُ لَا سُجُودَ لِسَهْوِهِ إلَّا مَا اُسْتُثْنِيَ مِنْهَا، وَالِاسْتِثْنَاءُ: مِعْيَارُ الْعُمُومِ بَلْ قِيلَ إنَّ الصَّلَاةَ عَلَى الْآلِ فِي الْأَوَّلِ سُنَّةٌ، وَكَذَا الْإِتْيَانُ بِبِسْمِ اللَّهِ قَبْلَ التَّشَهُّدِ.

وَأَمَّا مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الشَّيْخِ فِي شَرْحِ مَنْهَجِهِ وَأَفْتَى بِهِ مِنْ السُّجُودِ لَهُ فَإِنَّمَا يُتَّجَهُ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهَا رُكْنٌ فِي التَّشَهُّدِ الْأَخِيرِ، كَذَا أَفَادَهُ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي فَتَاوِيهِ وَدَعْوَى صِحَّتِهِ بَعِيدَةٌ (وَلَوْ)(نَسِيَ) الْإِمَامُ أَوْ الْمُنْفَرِدُ (التَّشَهُّدَ الْأَوَّلَ) وَحْدَهُ أَوْ مَعَهَا قُعُودَهُ (فَذَكَرَهُ بَعْدَ انْتِصَابِهِ) أَيْ وُصُولِهِ لِحَدٍّ يُجْزِئُهُ فِي قِيَامِهِ (لَمْ يَعُدْ لَهُ) أَيْ يَحْرُمُ عَلَيْهِ الْعَوْدُ؛ لِمَا صَحَّ مِنْ الْأَخْبَارِ؛ وَلِتَلَبُّسِهِ بِفَرْضٍ فِعْلِيٍّ فَلَا يَقْطَعُهُ لِسُنَّةٍ (فَإِنْ عَادَ) عَامِدًا (عَالِمًا بِتَحْرِيمِهِ بَطَلَتْ) صَلَاتُهُ؛ لِأَنَّهُ زَادَ قُعُودًا مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ، وَهُوَ مُخِلٌّ بِهَيْئَةِ الصَّلَاةِ، بِخِلَافِ قَطْعِ الْقَوْلِيِّ لِنَفْلٍ كَالْفَاتِحَةِ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

قَوْلُهُ: وَقُنُوتٌ بِنِيَّتِهِ، وَكَذَلِكَ التَّشَهُّدُ وَالْقِرَاءَةُ لَا بُدَّ مِنْ نِيَّتِهِمَا قِيَاسًا عَلَى الْقُنُوتِ. اهـ.

وَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الشَّارِحِ مِنْ أَنَّ التَّشَهُّدَ وَالْقِرَاءَةَ لَا يُشْتَرَطُ لَهُمَا نِيَّةٌ فِي اقْتِضَاءِ السُّجُودِ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّ الْقِرَاءَةَ وَأَلْفَاظَ التَّشَهُّدِ كِلَاهُمَا مُتَعَيَّنٌ مَطْلُوبٌ فِي مَحَلٍّ مَخْصُوصٍ، بِخِلَافِ الْقُنُوتِ فَإِنَّ أَلْفَاظَهُ تُسْتَعْمَلُ لِلدُّعَاءِ فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ، وَيَقُومُ غَيْرُهَا فِي الصَّلَاةِ مِنْ كُلِّ مَا تَضَمَّنَ دُعَاءً وَثَنَاءً مَقَامَهَا فَاحْتِيجَ فِي اقْتِضَائِهَا السُّجُودَ لِلنِّيَّةِ (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يَسْجُدُ لِمُخَالَفَتِهِ) يَنْبَغِي أَنَّ غَيْرَ الْفِرْقَةِ الْأُولَى مِثْلُهُ لِاقْتِدَائِهِمْ بِمَنْ حَصَلَ مِنْهُ مُقْتَضَى السُّجُودِ فَلْيُتَأَمَّلْ. اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ. (قَوْلُهُ: فِي غَيْرِ مَحَلِّهِ) أَيْ وَهُوَ انْتِظَارُهُ فِي قِيَامِ الثَّانِيَةِ وَالرَّابِعَةِ (قَوْلُهُ: أَوْ بَسْمَلَ أَوَّلَ تَشَهُّدِهِ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يَسْجُدُ، وَإِنْ قَصَدَ أَنَّهَا مِنْ الْفَاتِحَةِ، لَكِنَّ عِبَارَةَ حَجّ: وَأَنَّهُ لَوْ بَسْمَلَ أَوَّلَ التَّشَهُّدِ أَوْ صَلَّى عَلَى الْآلِ بِنِيَّةِ أَنَّهُ ذَكَرَ التَّشَهُّدَ الْأَخِيرَ سَجَدَ إلَخْ.

أَقُولُ: وَالْأَقْرَبُ ظَاهِرُ إطْلَاقِ الشَّارِحِ هُنَا لَمَّا عَلَّلَ بِهِ مِنْ أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ مِعْيَارُ الْعُمُومِ سِيَّمَا وَالتَّشَهُّدُ مَحَلُّ الصَّلَاةِ عَلَى الْآلِ فِي الْجُمْلَةِ، لَكِنْ مَا عَلَّلَ بِهِ عَدَمَ السُّجُودِ لِقِرَاءَةِ الْبَسْمَلَةِ أَوَّلَ التَّشَهُّدِ يَرُدُّ عَلَيْهِ أَنَّ هَذَا مَطْلُوبٌ قَوْلِيٌّ نَقَلَهُ إلَى غَيْرِ مَحَلِّهِ (قَوْلُهُ: فِي شَرْحِ مَنْهَجِهِ) أَيْ مِنْ أَنَّهُ مَتَى نَقَلَ مَطْلُوبًا قَوْلِيًّا سَجَدَ لِلسَّهْوِ فَإِنَّهُ صُدِّقَ عَلَى مَا ذَكَرَ (قَوْلُهُ: أَوْ مَعَ قُعُودِهِ) أَيْ أَوْ قُعُودِهِ وَحْدَهُ بِأَنْ لَمْ يُحْسِنْهُ (قَوْلُهُ: لِحَدٍّ يُجْزِئُهُ فِي قِيَامِهِ) .

أَيْ بِأَنْ صَارَ إلَى الْقِيَامِ أَقْرَبَ مِنْهُ إلَى الرُّكُوعِ أَوْ إلَيْهِمَا عَلَى السَّوَاءِ (قَوْلُهُ: لَمْ يَعُدْ لَهُ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ نَذَرَهُ كُلٌّ مِنْ الْإِمَامِ وَالْمُنْفَرِدِ، وَيُوَجَّهُ بِأَنَّ الْكَلَامَ فِي الْفَرْضِ الْأَصْلِيِّ وَهَذَا فَرْضِيَّتُهُ عَارِضَةٌ، وَلِهَذَا لَوْ تَرَكَهُ عَمْدًا بَعْدَ نَذْرِهِ لَمْ تَبْطُلْ صَلَاتُهُ. (قَوْلُهُ: وَلِتَلَبُّسِهِ بِفَرْضٍ فِعْلِيٍّ) أَيْ أَمَّا الْقَوْلِيُّ فَسَيَأْتِي (قَوْلُهُ: عَالِمًا بِتَحْرِيمِهِ بَطَلَتْ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ الْفَرْضِ وَالنَّفَلِ، كَأَنْ أَحْرَمَ بِأَرْبَعِ رَكَعَاتٍ نَفْلًا بِتَشَهُّدَيْنِ وَتَرَكَ التَّشَهُّدَ الْأَوَّلَ وَتَلَبَّسَ بِالْقِيَامِ فَلَا يَجُوزُ لَهُ الْعَوْدُ، وَهُوَ ظَاهِرٌ لِتَلَبُّسِهِ بِالْقِيَامِ الَّذِي هُوَ فَرْضٌ.

لَا يُقَالُ: إنَّ لَهُ تَرْكَ الْقِيَامِ وَالْجُلُوسَ لِلْقِرَاءَةِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ: الْجُلُوسُ الَّذِي يَأْتِي بِهِ لِلْقِرَاءَةِ وَلَوْ بَعْدَ تَلَبُّسِهِ بِالْقِرَاءَةِ رُكْنٌ فَعَوْدُهُ عَنْهُ إلَى التَّشَهُّدِ يَصْدُقُ عَلَيْهِ أَنَّهُ قَطَعَ الْفَرْضَ لِلنَّفْلِ، وَأَمَّا إذَا تَذَكَّرَ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ قَبْلَ تَلَبُّسِهِ بِالْفَرْضِ فَهَلْ يَعُودُ؛ لِأَنَّهُ بِقَصْدِ الْإِتْيَانِ بِهِ صَارَ بَعْضًا أَوَّلًا؛ لِأَنَّ النَّفَلَ لَمْ يُشْرَعْ فِيهِ تَشَهُّدٌ أَوَّلٌ فِي حَدِّ ذَاتِهِ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ أَنَّهُ يَنْبَنِي عَلَى أَنَّهُ إذَا قَصَدَ الْإِتْيَانَ بِهِ ثُمَّ

ــ

[حاشية الرشيدي]

قِرَاءَةٍ مَنْدُوبَةٍ كَسُورَةٍ إلَى غَيْرِ مَحَلِّهَا (قَوْلُهُ: فَإِنَّمَا يَتَّجِهُ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهَا رُكْنٌ) يُقَالُ عَلَيْهِ الشَّيْخُ جَارٍ فِي ذَلِكَ عَلَى طَرِيقَتِهِ مِنْ أَنَّ نَقْلَ الْمَطْلُوبِ الْقَوْلِيِّ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ رُكْنًا يُنْدَبُ لَهُ السُّجُودُ فَلَا يَحْتَاجُ إلَى الْحَمْلِ الْمَذْكُورِ (قَوْلُهُ: بِأَنَّهَا) أَيْ الصَّلَاةَ عَلَى الْآلِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ مُخِلٌّ بِهَيْئَةِ الصَّلَاةِ) يَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ هَذِهِ الْجُمْلَةُ حَالِيَّةً لِتَكُونَ قَيْدًا فِيمَا قَبْلَهَا: أَيْ هَذَا الْقُعُودُ الْخَاصُّ مُخِلٌّ بِهَيْئَةِ الصَّلَاةِ، وَإِلَّا فَالْقُعُودُ لَيْسَ مُخِلًّا بِهَيْئَةِ الصَّلَاةِ عَلَى الْإِطْلَاقِ بِدَلِيلِ مَا قَدَّمَهُ فِيمَا لَوْ زَادَ

ص: 74

لِلتَّعَوُّذِ أَوْ الِافْتِتَاحِ فَلَا يَحْرُمُ (أَوْ) عَادَ لَهُ (نَاسِيًا) كَوْنُهُ فِي صَلَاةٍ أَوْ حُرْمَةِ عَوْدِهِ (فَلَا) تَبْطُلُ لِعُذْرِهِ؛ وَرَفْعِ الْقَلَمِ عَنْهُ.

نَعَمْ يَجِبُ عَلَيْهِ عِنْدَ تَذَكُّرِهِ النُّهُوضُ فَوْرًا وَلَا يُنَافِي مَا تَقَرَّرَ هُنَا مِنْ عَدَمِ بُطْلَانِهَا بِعَوْدِهِ نَاسِيًا حُرْمَتَهُ مَا مَرَّ مِنْ أَنَّهُ لَوْ تَكَلَّمَ بِكَلَامٍ يَسِيرٍ نَاسِيًا حُرْمَةَ الْكَلَامِ ضَرَّ؛ لِأَنَّ الْعَوْدَ مِنْ جِنْسِ الصَّلَاةِ فَكَانَ بَابُهُ أَوْسَعَ، بِخِلَافِ الْكَلَامِ فَإِنَّهُ لَيْسَ مِنْ جِنْسِهَا وَلَا مِنْهَا (وَيَسْجُدُ لِلسَّهْوِ) لِإِبْطَالِ تَعَمُّدِ ذَلِكَ (أَوْ) عَادَ لَهُ (جَاهِلًا) تَحْرِيمَهُ، وَإِنْ كَانَ مُخَالِطًا لَنَا؛ لِأَنَّ هَذَا مِمَّا لَا يَخْفَى عَلَى الْعَوَامّ (فَكَذَا) لَا تَبْطُلُ صَلَاتُهُ (فِي الْأَصَحِّ) لِمَا ذُكِرَ، وَيَقُومُ فَوْرًا عِنْدَ تَعَلُّمِهِ وَيَسْجُدُ لِلسَّهْوِ. وَالثَّانِي تَبْطُلُ لِتَقْصِيرِهِ بِتَرْكِ التَّعَلُّمِ، أَمَّا الْمَأْمُومُ فَيَمْتَنِعُ عَلَيْهِ التَّخَلُّفُ عَنْ إمَامِهِ لِلتَّشَهُّدِ، فَإِنْ تَخَلَّفَ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ لِفُحْشِ الْمُخَالَفَةِ.

لَا يُقَالُ: صَرَّحُوا بِأَنَّهُ لَوْ تَرَكَ إمَامُهُ الْقُنُوتَ فَلَهُ أَنْ يَتَخَلَّفَ لِيَقْنُتَ إذَا لَحِقَهُ فِي السَّجْدَةِ الْأُولَى.

لِأَنَّا نَقُولُ: لَمْ يُحْدِثْ فِي تَخَلُّفِهِ فِي تِلْكَ وُقُوفًا وَهُنَا أَحْدَثَ فِيهِ جُلُوسَ تَشَهُّدِهِ، فَقَوْلُ بَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ: لَوْ جَلَسَ إمَامُهُ لِلِاسْتِرَاحَةِ فَالْأَوْجَهُ أَنَّ لَهُ التَّخَلُّفَ؛ لِيَتَشَهَّدَ إذَا لَحِقَهُ فِي قِيَامِهِ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ لَمْ يُحْدِثْ جُلُوسًا، فَمَحَلُّ بُطْلَانِهَا إذَا لَمْ يَجْلِسْ إمَامُهُ مَمْنُوعٌ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذْ جُلُوسُهُ لِلِاسْتِرَاحَةِ هُنَا لَيْسَ بِمَطْلُوبٍ، وَلَوْ انْتَصَبَ مَعَهُ فَعَادَ لَهُ لَمْ يَعُدْ إذْ هُوَ إمَّا مُتَعَمِّدٌ فَصَلَاتُهُ غَيْرُ صَحِيحَةٍ أَوْ سَاهٍ أَوْ جَاهِلٌ فَلَا يُوَافِقُهُ فِي ذَلِكَ بَلْ يَنْتَظِرُهُ قَائِمًا حَمْلًا لَهُ عَلَى أَنَّهُ عَادَ سَاهِيًا أَوْ يَنْوِي مُفَارَقَتَهُ، وَهُوَ الْأَوْلَى، وَلَوْ قَعَدَ فَانْتَصَبَ إمَامُهُ ثُمَّ عَادَ لَزِمَ الْمَأْمُومَ الْقِيَامُ فَوْرًا؛ لِأَنَّهُ تَوَجَّهَ عَلَيْهِ بِانْتِصَابِ إمَامِهِ وَفِرَاقُهُ هُنَا أَوْلَى أَيْضًا (وَلِلْمَأْمُومِ) إذَا انْتَصَبَ وَحْدَهُ نَاسِيًا (الْعَوْدُ لِمُتَابَعَةِ إمَامِهِ فِي الْأَصَحِّ)

ــ

[حاشية الشبراملسي]

تَرَكَهُ هَلْ يَسْجُدُ أَوْ لَا؟ .

إنْ قُلْنَا بِمَا قَالَهُ الْقَاضِي وَالْبَغَوِيُّ مِنْ السُّجُودِ وَاعْتَمَدَهُ الشَّارِحُ عَادَ لَهُ؛ لِأَنَّهُ صَارَ حُكْمَ الْبَعْضِ بِقَصْدِهِ، وَإِنْ قُلْنَا بِكَلَامِ غَيْرِهِمَا مِنْ عَدَمِ السُّجُودِ لَمْ يُعِدْ (قَوْلُهُ: أَوْ الِافْتِتَاحِ فَلَا يَحْرُمُ) نَعَمْ لَا يَبْعُدُ كَرَاهَتُهُ. اهـ حَجّ. (قَوْلُهُ: أَوْ حُرْمَةِ عَوْدِهِ) أَيْ أَوْ نَاسِيًا حُرْمَةَ عَوْدِهِ (قَوْلُهُ: وَلَا يُنَافِي مَا تَقَرَّرَ إلَخْ) هُوَ قَوْلُهُ: أَوْ حُرْمَةِ عَوْدِهِ إلَخْ (قَوْلُهُ: أَوْ عَادَ لَهُ جَاهِلًا) قَالَ فِي الْخَادِمِ: أَمَّا إذَا عَلِمَ أَنَّ الْقُعُودَ غَيْرُ جَائِزٍ، وَلَكِنْ جَهِلَ أَنَّهُ يُبْطِلُ فَقِيَاسُ مَا سَبَقَ فِي الْكَلَامِ وَنَظَائِرِ الْبُطْلَانِ لِعَوْدِهِ مَعَ عِلْمِهِ بِتَحْرِيمِهِ وَبِهِ صَرَّحَ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ فِي الْفُرُوقِ. اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ. (قَوْلُهُ: أَمَّا الْمَأْمُومُ فَيَمْتَنِعُ عَلَيْهِ التَّخَلُّفُ) لَمْ يَتَقَدَّمْ مَا يَصْلُحُ كَوْنَ هَذَا مُحْتَرَزًا لَهُ فَلَعَلَّ الْمُرَادَ مِنْ ذِكْرِهِ مُجَرَّدُ إفَادَةِ الْحُكْمِ، وَقَدْ يُقَالُ هُوَ مُحْتَرَزُ مَا جَعَلَهُ مَرْجِعًا لِلضَّمِيرِ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ: وَلَوْ نَسِيَ مِنْ قَوْلِهِ الْإِمَامِ أَوْ الْمُنْفَرِدِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ تَخَلَّفَ) أَيْ عَامِدًا عَالِمًا (قَوْلُهُ: بَطَلَتْ صَلَاتُهُ) أَيْ وَإِنْ قَلَّ التَّخَلُّفُ حَيْثُ قَصَدَهُ (قَوْلُهُ: إذَا لَحِقَهُ فِي السَّجْدَةِ الْأُولَى) أَيْ فَإِنْ ظَنَّ أَنَّهُ لَا يُدْرِكُهُ فِي الْأُولَى لَا يُسَنُّ لَهُ الْقُنُوتُ، وَمَعَ ذَلِكَ إنْ تَخَلَّفَ لِيَقْنُتَ لَا تَبْطُلُ صَلَاتُهُ إلَّا إنْ سَبَقَهُ بِرُكْنَيْنِ فِعْلِيَّيْنِ بِأَنْ هَوَى الْإِمَامُ لِلسَّجْدَةِ الثَّانِيَةِ وَالْمَأْمُومُ فِي الْقِيَامِ لِلِاعْتِدَالِ كَمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ نَعَمْ يَجُوزُ لِلْمَأْمُومِ إلَخْ (قَوْلُهُ: فَقَوْلُ بَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ) هُوَ ابْنُ حَجَرٍ رحمه الله (قَوْلُهُ: إذْ جُلُوسُهُ) أَيْ الْإِمَامِ (قَوْلُهُ: لَيْسَ بِمَطْلُوبٍ) هَلْ الْمُرَادُ لَيْسَ بِمَطْلُوبٍ بِطَرِيقِ الْأَصَالَةِ، وَإِلَّا فَجُلُوسُ الِاسْتِرَاحَةِ سُنَّةٌ فِي حَقِّهِ إذَا قَصَدَ: تَرْكَ التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ انْتَصَبَ) أَيْ الْمَأْمُومُ مَعَهُ: أَيْ مَعَ إمَامِهِ (قَوْلُهُ: وَفِرَاقُهُ هُنَا أَوْلَى) أَيْ فَهُوَ مُخَيَّرٌ بَيْنَ الِانْتِظَارِ فِي الْقِيَامِ وَالْمُفَارَقَةِ، وَهِيَ أَوْلَى كَاَلَّتِي قَبْلَهَا

ــ

[حاشية الرشيدي]

قُعُودًا عَقِبَ سُجُودِ التِّلَاوَةِ أَوْ عَقِبَ الْهَوِيِّ لِلسُّجُودِ (قَوْلُهُ: كَوْنُهُ فِي صَلَاةٍ) قَدْ لَا يُتَصَوَّرُ عَوْدُهُ لِأَجْلِ التَّشَهُّدِ مَعَ نِسْيَانِهِ أَنَّهُ فِي صَلَاةٍ إذْ التَّشَهُّدُ لَيْسَ إلَّا فِيهَا، فَلَعَلَّ اللَّامَ فِي لَهُ بِمَعْنَى إلَى أَيْ عَادَ إلَى التَّشَهُّدِ بِمَعْنَى مَحَلِّهِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْعَوْدَ مِنْ جِنْسِ الصَّلَاةِ) يَعْنِي مَا عَادَ إلَيْهِ وَإِلَّا فَنَفْسُ الْعَوْدِ لَيْسَ مِنْ جِنْسِ الصَّلَاةِ، وَفَرَّقَ الشِّهَابُ حَجّ بِأَنَّ حُرْمَةَ الْكَلَامِ أَشْهَرُ فَنِسْيَانُهَا نَادِرٌ فَأُبْطِلَ كَالْإِكْرَاهِ عَلَيْهِ وَلَا كَذَلِكَ هَذَا (قَوْلُهُ: أَمَّا الْمَأْمُومُ) لَا وَجْهَ لِلتَّعْبِيرِ هُنَا بِأَمَّا (قَوْلُهُ: كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ) يَعْنِي بِمَا اقْتَضَاهُ الْمَنْعُ مِنْ الْبُطْلَانِ (قَوْلُهُ: إذْ جُلُوسُهُ لِلِاسْتِرَاحَةِ هُنَا لَيْسَ بِمَطْلُوبٍ) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ

ص: 75

لِعُذْرِهِ إذْ الْمُتَابَعَةُ فَرْضٌ فَرُجُوعُهُ إلَى فَرْضٍ لَا إلَى سُنَّةٍ.

وَالثَّانِي لَيْسَ لَهُ الْعَوْدُ بَلْ يَنْتَظِرُ إمَامَهُ قَائِمًا لِتَلَبُّسِهِ بِفَرْضٍ وَلَيْسَ فِيمَا فَعَلَهُ إلَّا التَّقَدُّمُ عَلَى الْإِمَامِ بِرُكْنٍ (قُلْت: الْأَصَحُّ وُجُوبُهُ) أَيْ الْعَوْدِ (وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) ؛ لِأَنَّ مُتَابَعَةَ الْإِمَامِ وَاجِبَةٌ وَهِيَ آكَدُ مِمَّا ذَكَرُوهُ مِنْ تَلَبُّسِهِ بِفَرْضٍ، فَإِنْ لَمْ يَعُدْ، وَلَمْ يَنْوِ الْمُفَارَقَةَ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ، وَمَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ التَّفْصِيلِ بَيْنَ الْعَمْدِ وَالسَّهْوِ يَجْرِي فِيمَا لَوْ سَبَقَ إمَامَهُ إلَى السُّجُودِ وَتَرَكَ الْقُنُوتَ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَقَدْ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا وَتَرْكُ الْقُنُوتِ يُقَاسُ بِمَا ذَكَرْنَاهُ فِي التَّشَهُّدِ، وَفِي التَّحْقِيقِ وَالْأَنْوَارِ وَالْجَوَاهِرِ نَحْوُهُ. وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ الْمَأْمُومَ إنْ تَرَكَ الْقُنُوتَ نَاسِيًا وَجَبَ عَلَيْهِ الْعَوْدُ لِمُتَابَعَةِ إمَامِهِ أَوْ عَامِدًا نُدِبَ.

وَلَا يُرَدُّ عَلَيْهِ مَا لَوْ ظَنَّ الْمَسْبُوقُ سَلَامَ إمَامِهِ فَقَامَ حَيْثُ لَزِمَ الْعَوْدُ، وَامْتَنَعَ عَلَيْهِ نِيَّةُ الْمُفَارَقَةِ؛ لِأَنَّ الْمَأْمُومَ هُنَا فَعَلَ فِعْلًا لِلْإِمَامِ أَنْ يَفْعَلَهُ، وَلَا كَذَلِكَ فِي الصُّورَةِ الْمَذْكُورَةِ؛ لِأَنَّهُ بَعْدَ فَرَاغِ الصَّلَاةِ فَجَازَ لَهُ الْمُفَارَقَةُ هُنَا لِذَلِكَ، أَمَّا إذَا تَعَمَّدَ التَّرْكَ فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْعَوْدُ بَلْ يُسَنُّ لَهُ كَمَا لَوْ رَكَعَ مَثَلًا قَبْلَ إمَامِهِ؛ لِأَنَّ لَهُ قَصْدًا صَحِيحًا بِانْتِقَالِهِ مِنْ وَاجِبٍ لِمِثْلِهِ فَاعْتُدَّ بِفِعْلِهِ، وَخُيِّرَ بَيْنَهُمَا، بِخِلَافِ السَّاهِي فَكَأَنَّهُ لَمْ يَفْعَلْ شَيْئًا وَلَزِمَهُ الْعَوْدُ لِيَعْظُمَ أَمْرُهُ.

وَالْعَامِدُ كَالْمُفَوِّتِ عَلَى نَفْسِهِ تِلْكَ السُّنَّةَ بِتَعَمُّدِهِ فَلَا يَلْزَمُهُ الْعَوْدُ إلَيْهَا، وَإِنَّمَا تَخَيَّرَ مَنْ رَكَعَ مَثَلًا قَبْلَ إمَامِهِ سَهْوًا لِعَدَمِ فُحْشِ الْمُخَالَفَةِ فِيهِ بِخِلَافِهِ هُنَا، وَلَوْ لَمْ يَعْلَمْ السَّاهِي

ــ

[حاشية الشبراملسي]

(قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يُعِدْ) أَيْ فَوْرًا (قَوْلُهُ: وَمَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ التَّفْصِيلِ بَيْنَ الْعَمْدِ) كَانَ الْأَوْلَى تَأْخِيرَهُ عَنْ قَوْلِهِ الْآتِي: أَمَّا إذَا تَعَمَّدَ التَّرْكَ إلَخْ (قَوْلُهُ: كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ) أَيْ فَيَجِبُ عَلَيْهِ الْعَوْدُ لِإِمَامِهِ إنْ سَجَدَ قَبْلَهُ نَاسِيًا، فَإِنْ لَمْ يُعِدْ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ إنْ كَانَ عَامِدًا عَالِمًا، وَعَلَيْهِ فَلَا حَاجَةَ لِقَوْلِهِ الْآتِي: وَيُؤْخَذُ مِنْهُ إلَخْ إلَّا أَنْ يُقَالَ: مُرَادُهُ أَنَّهُ مَأْخُوذٌ مِنْ كَلَامِ الْأَنْوَارِ وَالْجَوَاهِرِ فَكَأَنَّهُ بَيَانٌ لِسَنَدِ وَالِدِهِ (قَوْلُهُ: وَجَبَ عَلَيْهِ الْعَوْدُ) مَا أَفَادَهُ هَذَا الْكَلَامُ مِنْ وُجُوبِ الْعَوْدِ إذَا تَرَكَ الْإِمَامُ فِي الْقُنُوتِ وَخَرَّ سَاجِدًا سَهْوًا لَا يَتَقَيَّدُ بِذَلِكَ، بَلْ يَجْرِي فِيمَا إذَا تَرَكَهُ فِي اعْتِدَالٍ لَا قُنُوتَ فِيهِ وَخَرَّ سَاجِدًا سَهْوًا كَمَا وَافَقَ عَلَى ذَلِكَ طب وم ر وَهُوَ ظَاهِرٌ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ.

أَقُولُ: وَقَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّهُ فِيمَا لَوْ تَرَكَهُ فِي الْقُنُوتِ، وَالْإِمَامُ مَشْغُولٌ بِسُنَّةٍ تُطْلَبُ مُوَافَقَتُهُ فِيهَا، بِخِلَافِ الِاعْتِدَالِ الَّذِي لَا قُنُوتَ فِيهِ فَإِنَّ الْإِمَامَ لَيْسَ مَشْغُولًا فِيهِ بِمَا ذُكِرَ وَزَمَنُهُ قَصِيرٌ، فَسُجُودُ الْمَأْمُومِ قَبْلَهُ لَيْسَ فِيهِ فُحْشٌ كَسَبْقِهِ، وَهُوَ فِي الْقُنُوتِ غَايَتُهُ أَنَّهُ سَبَقَهُ بِبَعْضِ رُكْنٍ سَهْوًا. وَفِي حَجّ الْجَزْمُ بِمَا اسْتَظْهَرَهُ سم قَالَ: وَيَخُصُّ قَوْلُهُمْ السَّبْقَ بِرُكْنٍ سَهْوًا لَا يَضُرُّ بِالرُّكُوعِ اهـ. أَيْ بِخِلَافِ السُّجُودِ سَهْوًا فَيَجِبُ فِيهِ الْعَوْدُ (قَوْلُهُ: وَامْتَنَعَ عَلَيْهِ نِيَّةُ الْمُفَارَقَةِ) أَيْ مَعَ اسْتِمْرَارِهِ فِي الْقِيَامِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ نَوَى الْمُفَارَقَةَ وَعَادَ لِلْقُعُودِ فَإِنَّهُ لَا يَمْتَنِعُ.

وَعِبَارَةُ حَجّ: لَوْ قَامَ لَزِمَهُ الْجُلُوسُ لِيَقُومَ مِنْهُ وَلَا يَسْقُطُ عَنْهُ نِيَّةُ الْمُفَارَقَةِ، وَإِنْ جَازَتْ. اهـ. (قَوْلُهُ: وَلَا كَذَلِكَ فِي الصُّورَةِ الْمَذْكُورَةِ) وَهِيَ مَا لَوْ ظَنَّ الْمَسْبُوقُ سَلَامَ إمَامِهِ إلَخْ (قَوْلُهُ: فَجَازَ لَهُ الْمُفَارَقَةُ هُنَا لِذَلِكَ) وَقَدْ يُقَالُ ظَنُّهُ سَلَامَ إمَامِهِ يُنَزِّلُ فِعْلَهُ مَنْزِلَةَ فِعْلِ السَّاهِي وَالْعَوْدُ وَاجِبٌ عَلَيْهِ، فَالْمَسْأَلَتَانِ عَلَى حَدٍّ سَوَاءٍ إلَّا فِي نِيَّةِ الْمُفَارَقَةِ مَعَ اسْتِمْرَارِهِ فِي الْقِيَامِ عَلَى مَا مَرَّ (قَوْلُهُ: كَمَا لَوْ رَكَعَ) أَيْ عَامِدًا أَوْ سَاهِيًا لِعَدَمِ فُحْشِ الْمُخَالَفَةِ (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا تَخَيَّرَ)

ــ

[حاشية الرشيدي]

لَوْ جَلَسَ لِلتَّشَهُّدِ فَعَنَّ لَهُ الْقِيَامُ أَنَّ لِلْمَأْمُومِ أَنْ يَجْلِسَ وَيَأْتِيَ بِالتَّشَهُّدِ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: إذْ الْمُتَابَعَةُ فَرْضٌ) أَيْ فِي حَدِّ ذَاتِهَا وَإِلَّا فَالْمُتَابَعَةُ فِيمَا نَحْنُ فِيهِ لَيْسَتْ بِفَرْضٍ عَلَى طَرِيقَةِ الرَّافِعِيِّ الَّتِي الْكَلَامُ فِي تَقْرِيرِهَا (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَنْوِ الْمُفَارَقَةَ) قَضِيَّتُهُ أَنَّ لَهُ نِيَّةَ الْمُفَارَقَةِ وَعَدَمِ الْعَوْدِ وَسَيَأْتِي مَا يُصَرِّحُ بِهِ (قَوْلُهُ: وَمَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ التَّفْصِيلِ) يَعْنِي مَا أَشَرْنَا إلَيْهِ بِقَوْلِنَا نَاسِيًا، وَإِلَّا فَاَلَّذِي ذَكَرَهُ إنَّمَا هُوَ أَحَدُ شِقَّيْ التَّفْصِيلِ وَشِقُّهُ الْآخَرُ سَيَأْتِي (قَوْلُهُ: وَيُؤْخَذُ مِنْهُ) فِي التَّعْبِيرِ بِهِ مُسَاهَلَةٌ، إذْ الْمَأْخُوذُ هُوَ مُفَادُ التَّشْبِيهِ قَبْلَهُ عَلَى أَنَّهُ سَيَأْتِي لَهُ قَرِيبًا فِي الْكَلَامِ عَلَى الْقُنُوتِ الْآتِي فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ مَا يُغْنِي عَنْ هَذَا وَذِكْرُهُ هُنَاكَ أَنْسَبُ (قَوْلُهُ: وَلَا يَرِدُ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى مَا ذُكِرَ فِي الْقُنُوتِ الْمُشَبَّهِ بِالتَّشَهُّدِ فَهُوَ مِثْلُهُ فِي الْحُكْمِ.

(قَوْلُهُ: فَجَازَ لَهُ الْمُفَارَقَةُ) أَيْ هُنَا

ص: 76

حَتَّى قَامَ إمَامُهُ لَمْ يُعِدْ وَلَمْ يَحْسِبْ مَا قَرَأَهُ قَبْلَ قِيَامِهِ كَمَا لَوْ ظَنَّ مَسْبُوقٌ سَلَامَهُ فَقَامَ لِمَا عَلَيْهِ فَإِنَّهُ يَلْغُو مَا فَعَلَهُ قَبْلَ سَلَامِهِ وَلَوْ ظَنَّ مُصَلٍّ قَاعِدًا أَنَّهُ تَشَهَّدَ التَّشَهُّدَ الْأَوَّلَ فَافْتَتَحَ الْقِرَاءَةَ لِلثَّالِثَةِ امْتَنَعَ عَوْدُهُ إلَى قِرَاءَةِ التَّشَهُّدِ، وَإِنْ سَبَقَهُ لِسَانُهُ بِالْقِرَاءَةِ، وَهُوَ ذَاكِرٌ أَنَّهُ لَمْ يَتَشَهَّدْ جَازَ لَهُ الْعَوْدُ إلَى قِرَاءَةِ التَّشَهُّدِ؛ لِأَنَّ تَعَمُّدَ الْقِرَاءَةِ كَتَعَمُّدِ الْقِيَامِ، وَسَبْقُ اللِّسَانِ إلَيْهَا غَيْرُ مُعْتَدٍّ بِهِ.

(وَلَوْ)(تَذَكَّرَ) الْمُصَلِّي إمَامًا أَوْ مُنْفَرِدًا التَّشَهُّدَ الْأَوَّلَ (قَبْلَ انْتِصَابِهِ) أَيْ قَبْلَ اسْتِوَائِهِ مُعْتَدِلًا (عَادَ) نَدْبًا (لِلتَّشَهُّدِ) الَّذِي نَسِيَهُ؛ لِعَدَمِ تَلَبُّسِهِ بِفَرْضٍ (وَيَسْجُدُ) لِلسَّهْوِ (إنْ كَانَ صَارَ إلَى الْقِيَامِ أَقْرَبَ) مِنْهُ إلَى الْقُعُودِ؛ لِأَنَّهُ فَعَلَ فِعْلًا تَبْطُلُ بِعَمْدِهِ وَعُلِمَ تَحْرِيمُهُ، بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ إلَى الْقُعُودِ أَقْرَبَ أَوْ عَلَى السَّوَاءِ فَلَا يَسْجُدُ لِسَهْوِهِ لِقِلَّةِ مَا فَعَلَهُ حِينَئِذٍ، كَمَا صَحَّحَ ذَلِكَ فِي الشَّرْحَيْنِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَإِنْ صَحَّحَ فِي التَّحْقِيقِ عَدَمَ السُّجُودِ مُطْلَقًا، وَقَالَ فِي الْمَجْمُوعِ: إنَّهُ الْأَصَحُّ عِنْدَ الْجُمْهُورِ، وَأَطْلَقَ فِي صَحِيحِ التَّنْبِيهِ تَصْحِيحَهُ، قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَبِهِ الْفَتْوَى، وَعَلَى الْأَوَّلِ السُّجُودُ لِلنُّهُوضِ مَعَ الْعَوْدِ؛ لِأَنَّ تَعَمُّدَهُمَا مُبْطِلٌ لَا لِلنُّهُوضِ فَقَطْ خِلَافًا لِلْإِسْنَوِيِّ حَيْثُ ذَهَبَ إلَى أَنَّهُ لِلنُّهُوضِ لَا لِلْعَوْدِ؛ لِأَنَّهُ مَأْمُورٌ بِهِ.

لَا يُقَالُ: لَوْ قَامَ إمَامُهُ إلَى خَامِسَةٍ نَاسِيًا فَفَارَقَهُ الْمَأْمُومُ بَعْدَ بُلُوغِهِ حَدَّ الرَّاكِعِينَ سَجَدَ مَعَ أَنَّ هَذَا قِيَامٌ لَا عَوْدَ فِيهِ. لِأَنَّا نَقُولُ: عَمْدُ هَذَا الْقِيَامِ وَحْدَهُ غَيْرُ مُبْطِلٍ بِخِلَافِ مَا قَالَاهُ فَإِنَّهُ وَحْدَهُ مُبْطِلٌ (وَلَوْ نَهَضَ) مَنْ ذُكِرَ عَنْ التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ (عَمْدًا) أَيْ بِقَصْدِ تَرْكِهِ، وَهَذَا قَسِيمُ قَوْلِهِ أَوَّلًا: وَلَوْ نَسِيَ التَّشَهُّدَ الْأَوَّلَ (فَعَادَ) لَهُ عَمْدًا

ــ

[حاشية الشبراملسي]

أَيْ بَيْنَ الْعَوْدِ وَالِانْتِظَارِ (قَوْلُهُ: حَتَّى قَامَ إمَامُهُ) أَيْ أَوْ سَجَدَ مِنْ الْقُنُوتِ، وَيَنْبَغِي أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَعْلَمْ حَتَّى سَجَدَ إمَامُهُ لَا يُعْتَدُّ بِطُمَأْنِينَتِهِ قَبْلَ سُجُودِ الْإِمَامِ كَمَا لَا يُعْتَدُّ بِقِرَاءَتِهِ، وَيُحْتَمَلُ الْفَرْقُ بِأَنَّ السُّجُودَ شَيْءٌ وَاحِدٌ، وَالطُّمَأْنِينَةُ هَيْئَةٌ لَهُ بِخِلَافِ الْقِرَاءَةِ فَإِنَّهَا رُكْنٌ.

(قَوْلُهُ: وَلَوْ ظَنَّ مُصَلٍّ قَاعِدًا) أَيْ أَوْ مُضْطَجِعًا (قَوْلُهُ: فَافْتَتَحَ الْقِرَاءَةَ) أَيْ وَإِنْ قُلْت كَأَنْ نَطَقَ بِبِسْمٍ مِنْ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ؛ لِأَنَّ افْتِتَاحَ الْقِرَاءَةِ يُنَزَّلُ مَنْزِلَةَ الْقِيَامِ، وَمَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَوْ أَتَى بِالتَّعَوُّذِ مُرِيدًا الْقِرَاءَةَ لَا يَمْتَنِعُ عَلَيْهِ الْعَوْدُ (قَوْلُهُ: جَازَ لَهُ الْعَوْدُ) أَيْ وَجَازَ عَدَمُهُ، وَعَلَيْهِ فَيَنْبَغِي إعَادَةُ مَا قَرَأَهُ لِسَبْقِ اللِّسَانِ عَلَى مَا يُفِيدُهُ قَوْلُهُ: وَسَبَقَ إلَخْ وَأَنَّهُ لَا يُطْلَبُ مِنْهُ سُجُودُ السَّهْوِ.

(قَوْلُهُ: قَبْلَ اسْتِوَائِهِ مُعْتَدِلًا) أَيْ بِأَنْ لَمْ يَصِلْ لِحَدٍّ تُجْزِئُهُ فِيهِ الْقِرَاءَةُ عَلَى مَا مَرَّ (قَوْلُهُ: كَمَا صَحَّحَ ذَلِكَ فِي الشَّرْحَيْنِ) أَيْ ذَلِكَ التَّفْصِيلَ بَيْنَ أَنْ يَصِيرَ إلَى الْقِيَامِ أَقْرَبَ وَبَيْنَ خِلَافِهِ. [فَرْعٌ] نَوَى رَكْعَتَيْنِ تَطَوُّعًا، أَوْ أَطْلَقَ فِي نِيَّةِ التَّطَوُّعِ فَصَلَّى رَكْعَةً ثُمَّ قَامَ إلَى الثَّانِيَةِ، فَلَمَّا صَارَ إلَى الْقِيَامِ أَقْرَبَ نَوَى الِاقْتِصَارَ عَلَى رَكْعَةٍ فَرَجَعَ إلَى الْقُعُودِ وَتَشَهَّدَ هَلْ يُسَنُّ لَهُ سُجُودُ السَّهْوِ؛ لِأَجْلِ هَذِهِ الزِّيَادَةِ؟ الْوَجْهُ أَنَّهُ يُسَنُّ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الزِّيَادَةَ لَوْ تَعَمَّدَهَا بِأَنْ أَرَادَ زِيَادَتَهَا فَقَطْ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ.

وَقَالَ م ر بِالذِّهْنِ عَلَى الْبَدِيهَةِ جَوَابًا لِسَائِلِهِ عَنْ ذَلِكَ: لَا سُجُودَ فَلْيُتَأَمَّلْ. اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ.

أَقُولُ: وَالْأَقْرَبُ مَا قَالَهُ م ر. وَوَجْهُهُ أَنَّ الزِّيَادَةَ حِينَ فَعَلَهَا كَانَتْ مَطْلُوبَةً مِنْهُ، وَالتَّرْكُ إنَّمَا عَرَضَ لَهُ بَعْدَ نِيَّةِ الِاقْتِصَارِ عَلَى رَكْعَةٍ، وَيَشْهَدُ لَهُ مَا يَأْتِي لِلشَّارِحِ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَسُجُودِ السَّهْوِ إلَخْ مِنْ أَنَّهُ لَوْ نَوَى السُّجُودَ ثُمَّ عَنَّ لَهُ الِاقْتِصَارُ عَلَى سَجْدَةٍ جَازَ وَلَا تَضُرُّهُ تِلْكَ السَّجْدَةُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَعَمَّدْهَا: يَعْنِي بَلْ كَانَتْ مَطْلُوبَةً مِنْهُ (قَوْلُهُ: إنَّهُ لِلنُّهُوضِ) وَفَائِدَتُهُ أَنَّهُ لَوْ قَصَدَ النُّهُوضَ وَحْدَهُ مِنْ غَيْرِ عَوْدِ الْبُطْلَانِ عَلَى مَا قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ (قَوْلُهُ: أَيْ بِقَصْدِ تَرْكِهِ) خَرَجَ مَا لَوْ نَهَضَ لَا بِقَصْدِ ذَلِكَ بَلْ لِيَنْهَضَ قَلِيلًا وَيَعُودَ فَإِنَّهُ تَبْطُلُ صَلَاتُهُ لِزِيَادَتِهِ

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: لِأَنَّ تَعَمُّدَ الْقِرَاءَةِ إلَخْ) رَاجِعٌ إلَى قَوْلِهِ امْتَنَعَ عَوْدُهُ، وَقَوْلُهُ: وَسَبْقُ اللِّسَانِ إلَى غَيْرِهَا غَيْرُ مُعْتَدٍّ بِهِ رَاجِعٌ إلَى قَوْلِهِ وَإِنْ سَبَقَهُ لِسَانُهُ إلَخْ، فَفِي كَلَامِهِ لَفٌّ وَنَشْرٌ مُرَتَّبٌ، وَالْعِبَارَةُ لِلرَّوْضِ وَشَرْحِهِ.

(قَوْلُهُ: لِأَنَّا نَقُولُ عَمْدُ هَذَا الْقِيَامِ إلَخْ) هَذَا يَقْتَضِي نَقِيضَ الْمَطْلُوبِ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: بِقَصْدِ تَرْكِهِ) احْتَرَزَ بِهِ عَمَّا إذَا تَعَمَّدَ زِيَادَةَ النُّهُوضِ لَا لِمَعْنًى فَإِنَّهَا لَا تَبْطُلُ صَلَاتُهُ بِمُجَرَّدِ انْفِصَالِهِ عَنْ اسْمِ الْقُعُودِ لِشُرُوعِهِ فِي مُبْطِلٍ

ص: 77

(بَطَلَتْ) صَلَاتُهُ بِتَعَمُّدِهِ ذَلِكَ كَمَا (إنْ كَانَ إلَى الْقِيَامِ أَقْرَبَ) مِنْ الْقُعُودِ لِزِيَادَتِهِ مَا غَيَّرَ نَظْمَهَا، بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ إلَى الْقُعُودِ أَقْرَبَ أَوْ إلَيْهِمَا عَلَى السَّوَاءِ، وَهَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى مَا قَبْلَهُ فَعَلَى مُقَابِلِهِ الْمَذْكُورِ عَنْ الْأَكْثَرِينَ لَا بُطْلَانَ مُطْلَقًا، وَتَقَدَّمَ أَنَّ الْمُعْتَمَدَ خِلَافُهُ (وَلَوْ)(نَسِيَ) إمَامٌ أَوْ مُنْفَرِدٌ (قُنُوتًا فَذَكَرَهُ فِي سُجُودِهِ)(لَمْ يَعُدْ لَهُ) لِتَلَبُّسِهِ بِفَرْضٍ، فَإِنْ عَادَ لَهُ عَامِدًا عَالِمًا بِتَحْرِيمِهِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ (أَوْ) ذَكَرَهُ (قَبْلَهُ) أَيْ قَبْلَ تَمَامِ سُجُودِهِ بِأَنْ لَمْ يُكْمِلْ وَضْعَ أَعْضَائِهِ السَّبْعَةِ (عَادَ) أَيْ جَازَ لَهُ الْعَوْدُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَلَبَّسْ بِفَرْضٍ وَإِنْ دَلَّ ظَاهِرُ عِبَارَةِ الرَّوْضِ عَلَى امْتِنَاعِ الْعَوْدِ بَعْدَ وَضْعِ الْجَبْهَةِ فَقَطْ (وَيَسْجُدُ لِلسَّهْوِ إنْ بَلَغَ) هَوِيُّهُ (حَدَّ الرَّاكِعِ) أَيْ أَقَلَّهُ لِتَغْيِيرِهِ نَظْمَهَا بِزِيَادَةِ رُكُوعٍ سَهْوًا تَبْطُلُ بِتَعَمُّدِهِ، بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَبْلُغْهُ نَظِيرُ مَا مَرَّ فِي التَّشَهُّدِ، وَيَجْرِي فِي الْمَأْمُومِ هُنَا جَمِيعُ مَا مَرَّ فِيهِ ثُمَّ بِتَفْصِيلِهِ حَرْفًا بِحَرْفٍ، وَكَذَا فِي غَيْرِهِ الْجَاهِلُ أَوْ النَّاسِي مَا مَرَّ ثُمَّ أَيْضًا. نَعَمْ يَجُوزُ لِلْمَأْمُومِ التَّخَلُّفُ هُنَا لِلْقُنُوتِ إنْ لَمْ يَسْبِقْ بِرَكْعَتَيْنِ فِعْلِيَّيْنِ كَمَا سَيَأْتِي فِي فَصْلِ مُتَابَعَةِ الْإِمَامِ؛ لِأَنَّهُ أَدَامَ مَا كَانَ فِيهِ فَلَمْ تَحْصُلْ مُخَالَفَةٌ فَاحِشَةٌ. وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ إنْ بَلَغَ قَيْدٌ فِي السُّجُودِ لِلسَّهْوِ خَاصَّةً لَا فِي الْعَوْدِ، وَإِنْ كَانَتْ عِبَارَتُهُ قَدْ تُفْهِمُ عَوْدَهُ لَهَا (وَلَوْ شَكَّ) مُصَلٍّ (فِي تَرْكِ بَعْضٍ) مِنْ الْأَبْعَاضِ السَّابِقَةِ مُعَيَّنِ الْقُنُوتِ (سَجَدَ) إذْ الْأَصْلُ عَدَمُ فِعْلِهِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ شَكَّ فِي تَرْكِ بَعْضٍ مُبْهَمٍ أَوْ فِي أَنَّهُ سَهَا أَمْ لَا أَوْ عَلِمَ تَرْكَ مَسْنُونٍ، وَاحْتُمِلَ كَوْنُهُ بَعْضًا لِعَدَمِ تَيَقُّنِ مُقْتَضِيهِ مَعَ ضَعْفِ الْمُبْهَمِ بِالْإِبْهَامِ، وَبِمَا تَقَرَّرَ عُلِمَ أَنَّ لِلتَّقْيِيدِ بِالْمُعَيَّنِ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

مَا لَيْسَ مِنْ أَفْعَالِهَا (قَوْلُهُ: أَوْ إلَيْهِمَا عَلَى السَّوَاءِ) وَيَكْفِي فِي ذَلِكَ غَلَبَةُ الظَّنِّ وَلَا سُجُودَ عَلَيْهِ لِقِلَّةِ مَا فَعَلَهُ (قَوْلُهُ: وَعَلَى مُقَابِلِهِ الْمَذْكُورِ عَنْ الْآخَرِينَ) هُوَ قَوْلُهُ: وَقَالَ فِي الْمَجْمُوعِ إلَخْ (قَوْلُهُ: أَوْ قَبْلَهُ عَادَ) أَيْ سَوَاءٌ بَلَغَ حَدَّ الرَّاكِعِ أَوْ لَا كَمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَقَوْلِ إلَخْ (قَوْلُهُ: لَمْ يُكْمِلْ وَضْعَ أَعْضَائِهِ) شَمَلَ مَا لَوْ وَضَعَ جَبْهَتَهُ دُونَ يَدَيْهِ مَثَلًا فَيَعُودُ خِلَافًا لِمَا يَأْتِي عَنْ ظَاهِرِ عِبَارَةِ الرَّوْضِ (قَوْلُهُ: أَيْ جَازَ لَهُ الْعَوْدُ) قَضِيَّةُ التَّعْبِيرِ بِالْجَوَازِ عَدَمُ اسْتِحْبَابِهِ، وَقِيَاسُ مَا مَرَّ مِنْ اسْتِحْبَابِ الْعَوْدِ لِلتَّشَهُّدِ حَيْثُ ذَكَرَهُ قَبْلَ انْتِصَابِهِ اسْتِحْبَابُهُ هُنَا بِجَامِعِ أَنَّ كُلًّا لَمْ يَتَلَبَّسْ بِفَرْضٍ.

(قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَبْلُغْهُ) إلَخْ أَيْ بِأَنْ انْحَنَى إلَى حَدٍّ لَا تَنَالُ رَاحَتَاهُ رُكْبَتَيْهِ وَإِنْ كَانَ إلَى الرُّكُوعِ أَقْرَبَ مِنْهُ إلَى الْقِيَامِ فَلَا يَسْجُدُ لِقِلَّةِ مَا فَعَلَهُ، وَإِنْ خَرَجَ بِهِ عَنْ مُسَمَّى الْقِيَامِ الَّذِي تُجْزِئُهُ فِيهِ الْقِرَاءَةُ (قَوْلُهُ: قَدْ تُفْهِمُ عَوْدَهُ) أَيْ التَّقْيِيدِ (قَوْلُهُ: مُعَيَّنٍ كَقُنُوتٍ) ظَاهِرُهُ أَنَّ الشَّكَّ فِي بَعْضِهِ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْهُ لَا يَضُرُّ، وَهُوَ ظَاهِرٌ قِيَاسًا عَلَى مَا تَقَدَّمَ فِي قِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ شَكَّ فِيهَا وَجَبَ إعَادَتُهَا أَوْ فِي بَعْضِهَا بَعْدَ فَرَاغِهَا لَمْ تَجِبْ لِكَثْرَةِ كَلِمَاتِهَا، وَهَذَا مَوْجُودٌ بِعَيْنِهِ فِي الْقُنُوتِ، وَيُؤَيِّدُ مَا ذُكِرَ أَنَّهُ فِي عَدِّ تَرْكِ الْمَأْمُورَاتِ ذَكَرَ أَنَّ تَرْكَ بَعْضِ الْقُنُوتِ وَلَوْ كَلِمَةً كَكُلِّهِ، وَاقْتَصَرَ هُنَا عَلَى الشَّكِّ فِي الْقُنُوتِ وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لِلشَّكِّ فِي بَعْضِهِ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَا لَوْ شَكَّ فِي تَرْكِ بَعْضٍ مُبْهَمٍ) إنْ أَرَادَ بِالشَّكِّ فِي تَرْكِ بَعْضٍ مُبْهَمٍ أَنَّهُ تَرَدَّدَ هَلْ تَرَكَ بَعْضًا أَوْ مَنْدُوبًا فِي الْجُمْلَةِ فَعَدَمُ السُّجُودِ مُسَلَّمٌ، وَإِنْ أَرَادَ بِذَلِكَ أَنَّهُ تَرَدَّدَ هَلْ الْمَتْرُوكُ الصَّلَاةُ عَلَى النَّبِيِّ أَوْ عَلَى الْآلِ فِي الْقُنُوتِ مَثَلًا فَالْوَجْهُ السُّجُودُ وَسَيَأْتِي، وَكَذَا إنْ أَرَادَ أَنَّهُ تَرَدَّدَ أَتَرَكَ شَيْئًا مِنْ الْأَبْعَاضِ أَوْ لَا بَلْ

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: وَهَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى مَا قَبْلَهُ) بِمَعْنَى أَنَّهُ مَأْخُوذٌ مِنْهُ وَمُسْتَخْرَجٌ مِنْ حُكْمِهِ، وَإِلَّا فَفِي الْحَقِيقَةِ أَنَّ ذَاكَ يَنْبَنِي عَلَى هَذَا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ وَإِنَّمَا قُلْنَا إنَّ الْمُرَادَ هُنَا بِالْبِنَاءِ مَا مَرَّ؛ لِأَنَّ حُكْمَ السُّجُودِ وَعَدَمِهِ الْمَذْكُورَ فِي الْمَتْنِ طَرِيقَةُ الْقَفَّالِ وَأَتْبَاعِهِ تَوَسُّطًا بَيْنَ وَجْهَيْنِ مُطْلَقَيْنِ أَحَدُهُمَا مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ عَقِبَهُ، وَلَمْ يَتَعَرَّضْ الْقَفَّالُ لِحُكْمِ الْعَمْدِ عَلَى طَرِيقَتِهِ فَأَخَذَهُ تِلْمِيذُ تِلْمِيذِهِ الْبَغَوِيّ مِنْ كَلَامِهِ عَمَلًا بِقَاعِدَةِ أَنَّ مَا أَبْطَلَ عَمْدُهُ يُسْجَدُ لِسَهْوِهِ (قَوْلُهُ: الْمَذْكُورُ عَنْ الْأَكْثَرِينَ) أَيْ الَّذِينَ عَبَّرَ هُوَ عَنْهُمْ فِيمَا مَرَّ بِالْجُمْهُورِ، وَعُلِمَ مِمَّا قَدَّمْنَاهُ أَنَّ هُنَاكَ وَجْهًا بِالسُّجُودِ مُطْلَقًا فَيَنْبَنِي عَلَيْهِ هُنَا الْبُطْلَانُ مُطْلَقًا وَقَدْ صَرَّحَ بِذَلِكَ بَعْضُ الْأَئِمَّةِ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَا لَوْ شَكَّ فِي تَرْكِ بَعْضٍ مُبْهَمٍ) كَأَنْ شَكَّ هَلْ تَرَكَ وَاحِدًا مِنْ الْأَبْعَاضِ أَوْ أَتَى بِجَمِيعِهَا

ص: 78

مَعْنًى خِلَافًا لِمَنْ زَعَمَ خِلَافَهُ كَالزَّرْكَشِيِّ وَالْأَذْرَعِيِّ فَجَعَلَ الْمُبْهَمَ كَالْمُعَيَّنِ (أَوْ) فِي (ارْتِكَابِ نَهْيٍ) أَيْ مَنْهِيٍّ عَنْهُ يُجْبَرُ بِالسُّجُودِ (فَلَا) يَسْجُدُ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ ارْتِكَابِهِ، وَلَوْ عَلِمَ سَهْوًا وَشَكَّ أَنَّهُ بِالْأَوَّلِ أَوْ بِالثَّانِي سَجَدَ كَمَا لَوْ عَلِمَهُ وَشَكَّ أَمَتْرُوكُهُ الْقُنُوتُ أَمْ التَّشَهُّدُ.

(وَلَوْ)(سَهَا) بِمَا يَقْتَضِي سُجُودَهُ (وَشَكَّ) أَيْ تَرَدَّدَ (هَلْ سَجَدَ) لِلسَّهْوِ أَوْ لَا أَوْ هَلْ سَجَدَ سَجْدَتَيْنِ أَوْ وَاحِدَةً (فَلْيَسْجُدْ) ثِنْتَيْنِ فِي الْأُولَى وَوَاحِدَةً فِي الثَّانِيَةِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ سُجُودِهِ، وَجَرْيًا عَلَى الْقَاعِدَةِ الْمَشْهُورَةِ أَنَّ الْمَشْكُوكَ فِيهِ كَالْمَعْدُومِ (وَلَوْ شَكَّ) أَيْ تَرَدَّدَ فِي رُبَاعِيَّةٍ (أَصَلَّى ثَلَاثًا أَمْ أَرْبَعًا)(أَتَى بِرَكْعَةٍ) ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ إتْيَانِهِ بِهَا وَلَا يَرْجِعُ لِظَنِّهِ وَلَا لِقَوْلِ غَيْرِهِ أَوْ فِعْلِهِ، وَإِنْ كَانَ جَمْعًا كَثِيرًا، وَأَمَّا مُرَاجَعَتُهُ صلى الله عليه وسلم الصَّحَابَةَ وَعَوْدُهُ لِلصَّلَاةِ فِي خَبَرِ ذِي الْيَدَيْنِ فَلَيْسَ مِنْ بَابِ الرُّجُوعِ إلَى قَوْلِ غَيْرِهِ، وَإِنَّمَا هُوَ مَحْمُولٌ عَلَى تَذَكُّرِهِ بَعْدَ مُرَاجَعَتِهِ أَوْ أَنَّهُمْ بَلَغُوا عَدَدَ التَّوَاتُرِ بِقَرِينَةِ مَا يَأْتِي، إذْ مَحَلُّ عَدَمِ الرُّجُوعِ إلَى قَوْلِ غَيْرِهِ مَا لَمْ يَبْلُغُوا عَدَدَ التَّوَاتُرِ، فَإِنْ بَلَغُوا عَدَدَهُ بِحَيْثُ يَحْصُلُ عِلْمُ الضَّرُورِيِّ بِأَنَّهُ فَعَلَهَا رَجَعَ لِقَوْلِهِمْ لِحُصُولِ الْيَقِينِ لَهُ؛ لِأَنَّ الْعَمَلَ بِخِلَافِ هَذَا الْعِلْمِ تَلَاعُبٌ كَمَا

ــ

[حاشية الشبراملسي]

أَتَى بِجَمِيعِهَا فَالْوَجْهُ الَّذِي لَا يُتَّجَهُ غَيْرُهُ هُوَ السُّجُودُ، وَكَلَامُ الرَّوْضَةِ وَغَيْرِهَا ظَاهِرٌ فِيهِ كَمَا بَيَّنَّاهُ فِي مَحَلٍّ آخَرَ.

فَالْوَجْهُ حَمْلُ كَلَامِهِ عَلَى الْأَوَّلِ لَكِنَّهُ حِينَئِذٍ رُبَّمَا يَتَّحِدُ مَعَ قَوْلِهِ بِخِلَافِ الشَّكِّ فِي تَرْكِ مَنْدُوبٍ فِي الْجُمْلَةِ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ. لَكِنْ نُقِلَ عَنْ الشَّارِحِ عَدَمُ السُّجُودِ فِيمَا لَوْ شَكَّ هَلْ أَتَى بِجَمِيعِ الْأَبْعَاضِ أَوْ تَرَكَ مِنْهَا شَيْئًا، وَعِبَارَتُهُ قَوْلُهُ: فِي تَرْكِ بَعْضٍ مُبْهَمٍ إلَخْ كَأَنْ شَكَّ هَلْ أَتَى بِجَمِيعِ الْأَبْعَاضِ أَوْ لَا، بِخِلَافِ مَا لَوْ عَلِمَ تَرْكَ بَعْضٍ وَشَكَّ هَلْ هُوَ قُنُوتٌ مَثَلًا أَوْ تَشَهُّدٌ أَوَّلُ فَإِنَّهُ يَسْجُدُ؛ لِأَنَّهُ حُكْمُ الْمُعَيَّنِ. اهـ.

وَلَوْ مَعْنَى مَا سَيَأْتِي عَنْ سم فِي قَوْلِهِ صُورَةُ هَذَا أَنَّهُ إنْ تَحَقَّقَ إلَخْ، وَعَلَيْهِ فَالتَّقْيِيدُ بِالْمُعَيَّنِ فِي مَحَلِّهِ (قَوْلُهُ: خِلَافًا لِمَنْ زَعَمَ خِلَافَهُ) هَذَا الزَّعْمُ هُوَ الْحَقُّ لِمَنْ أَحْسَنَ التَّأَمُّلَ وَرَاجَعَ فَلْيُتَأَمَّلْ وَلْيُرَاجَعْ. اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ.

وَجْهُهُ مَا ذَكَرَهُ قَبْلُ مِنْ أَنَّهُ لَوْ شَكَّ فِي أَنَّهُ هَلْ أَتَى بِجَمِيعِ الْأَبْعَاضِ أَوْ تَرَكَ مِنْهَا شَيْئًا سَجَدَ، وَأَنَّهُ لَوْ عَلِمَ أَنَّهُ تَرَكَ بَعْضًا وَشَكَّ فِي أَنَّهُ قُنُوتٌ أَوْ غَيْرُهُ سَجَدَ (قَوْلُهُ: أَمَتْرُوكُهُ الْقُنُوتُ أَوْ التَّشَهُّدُ) صُورَةُ هَذَا أَنَّهُ تَحَقَّقَ تَرْكَهُ أَحَدَ الْأَمْرَيْنِ الْقُنُوتَ وَالتَّشَهُّدَ، وَلَا يَدْرِي عَيْنَ الْمَتْرُوكِ مِنْهُمَا، وَصُورَةُ مَا سَبَقَ فِي تَرْكِ الْبَعْضِ الْمُبْهَمِ أَنَّهُ لَمْ يَتَحَقَّقْ التَّرْكُ، وَإِنَّمَا شَكَّ هَلْ أَتَى بِجَمِيعِ الْأَبْعَاضِ أَوْ تَرَكَ وَاحِدًا مُبْهَمًا، وَالْفَرْقُ بَيْنَ الصُّورَتَيْنِ وَاضِحٌ لَكِنَّهُ قَدْ يُشْتَبَهُ. اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ.

أَقُولُ: وَأَقْرَبُ تَصَاوِيرِ صَلَاةٍ بِهَا قُنُوتٌ وَتَشَهُّدٌ أَنْ يُصَوَّرَ بِمَا لَوْ أَحْرَمَ بِالْوِتْرِ ثَلَاثَ رَكَعَاتٍ عَلَى نِيَّةِ أَنْ يَأْتِيَ بِتَشَهُّدَيْنِ ثُمَّ شَكَّ فِي آخِرِ الصَّلَاةِ هَلْ مَتْرُوكُهُ الْقُنُوتُ أَوْ التَّشَهُّدُ الْأَوَّلُ. وَيُمْكِنُ تَصْوِيرُهُ أَيْضًا بِمَا إذَا صَلَّى الصُّبْحَ خَلْفَ مُصَلِّي الظُّهْرِ وَأَدْرَكَ مَعَهُ رَكْعَةً ثُمَّ فِي آخِرِ صَلَاتِهِ عَلِمَ أَنَّ عَلَيْهِ مُقْتَضَى السُّجُودِ، وَشَكَّ فِي هَلْ أَنَّهُ تَرَكَ الْقُنُوتَ فِي آخِرِ صَلَاتِهِ أَوْ أَنَّ إمَامَهُ تَرَكَ التَّشَهُّدَ الْأَوَّلَ مِنْ صَلَاةِ نَفْسِهِ.

(قَوْلُهُ: أَيْ تَرَدَّدَ فِي رُبَاعِيَّةٍ) قَالَ الشَّيْخُ عَمِيرَةُ: قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: يَنْبَغِي أَنْ يُلْحَقَ بِذَلِكَ مَا لَوْ أَحْرَمَ بِأَرْبَعٍ نَفْلًا ثُمَّ شَكَّ، وَإِطْلَاقُ الْحَدِيثِ وَالْمِنْهَاجِ يَدُلَّانِ عَلَى ذَلِكَ. اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ. وَيُمْكِنُ شُمُولُ الْمَتْنِ لَهُ بِأَنْ يُرَادَ بِالرُّبَاعِيَّةِ صَلَاةٌ هِيَ أَرْبَعُ رَكَعَاتٍ فَرْضًا كَانَتْ أَوْ نَفْلًا. (قَوْلُهُ: عَدَدَ التَّوَاتُرِ) يَرُدُّ عَلَيْهِ أَنَّ الَّذِي قَدَّمَهُ أَنَّ الْمُجِيبَ لَهُ سَيِّدُنَا أَبُو بَكْرٍ وَسَيِّدُنَا عُمَرَ وَهُمَا اثْنَانِ فَقَطْ، وَأَقَلُّ مَا قِيلَ فِيهِ أَنْ يَزِيدَ عَلَى الْأَرْبَعِ، اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ: لَمَّا سَكَتَ بَقِيَّةُ الصَّحَابَةِ عَلَى ذَلِكَ نُسِبَ إلَيْهِمْ كُلِّهِمْ (قَوْلُهُ: رَجَعَ لِقَوْلِهِمْ)

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: وَالْأَذْرَعِيُّ) فِي نِسْبَةِ هَذَا إلَى الْأَذْرَعِيِّ نَظَرٌ، فَإِنَّهُ إنَّمَا حَكَاهُ عَنْ غَيْرِهِ بِقَوْلِهِ قِيلَ الصَّرِيحُ فِي ضَعْفِهِ عِنْدَهُ، وَعِبَارَتُهُ فِي قَوْلِهِ مَعَ الْمَتْنِ، وَلَوْ شَكَّ فِي تَرْكِ بَعْضٍ أَيْ مُعَيَّنٍ سَجَدَ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ فِعْلِهِ، قَالَهُ الْبَغَوِيّ وَتَبِعَاهُ، قِيلَ وَلَا تَظْهَرُ لَهُ فَائِدَةٌ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَشَكَّ أَمَتْرُوكُهُ الْقُنُوتُ إلَخْ) كَأَنْ نَوَى قُنُوتَ النِّصْفِ الثَّانِي مِنْ رَمَضَانَ بِتَشَهُّدَيْنِ فَشَكَّ هَلْ تَرَكَ أَحَدَهُمَا أَوْ الْقُنُوتَ، وَمَا فِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ مِنْ تَصْوِيرِهِ أَيْضًا بِخِلَافٍ، هَذَا لَا يَتَأَتَّى

ص: 79

ذَكَرَ ذَلِكَ الزَّرْكَشِيُّ وَأَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -.

وَيُلْحَقُ بِمَا ذُكِرَ مَا لَوْ صَلَّى فِي جَمَاعَةٍ وَصَلُوا إلَى هَذَا الْحَدِّ فَيُكْتَفَى بِفِعْلِهِمْ فِيمَا يَظْهَرُ، لَكِنْ أَفْتَى الْوَالِدُ رحمه الله بِخِلَافِهِ، وَوَجْهُهُ أَنَّ الْفِعْلَ لَا يَدُلُّ بِوَضْعِهِ (وَسَجَدَ) لِلسَّهْوِ لِخَبَرِ مُسْلِمٍ «إذَا شَكَّ أَحَدُكُمْ فِي صَلَاتِهِ فَلَمْ يَدْرِ أَصَلَّى ثَلَاثًا أَمْ أَرْبَعًا فَلْيَطْرَحْ الشَّكَّ وَلْيَبْنِ عَلَى مَا اسْتَيْقَنَ، ثُمَّ يَسْجُدُ سَجْدَتَيْنِ قَبْلَ أَنْ يُسَلِّمَ، فَإِنْ كَانَ صَلَّى خَمْسًا شَفَعْنَ لَهُ صَلَاتَهُ، وَإِنْ كَانَ صَلَّى إتْمَامًا لِأَرْبَعٍ كَانَتَا تَرْغِيمًا لِلشَّيْطَانِ» . وَمَعْنَى شَفَعْنَ لَهُ صَلَاتَهُ رَدَّتْهَا السَّجْدَتَيْنِ مَعَ الْجُلُوسِ بَيْنَهُمَا لِأَرْبَعٍ لِجَبْرِهِمَا خَلَلَ الزِّيَادَةِ كَالنَّقْصِ لَا أَنَّهُمَا صَيَّرَاهَا سِتًّا، وَقَدْ أَشَارَ فِي الْخَبَرِ إلَى أَنَّ سَبَبَ السُّجُودِ هُنَا التَّرَدُّدُ فِي الزِّيَادَةِ؛ لِأَنَّهَا إنْ كَانَتْ وَاقِعَةً فَظَاهِرٌ، وَإِلَّا فَوُجُودُ التَّرَدُّدِ يُضْعِفُ النِّيَّةَ وَيُحْوِجُ لِلْجَبْرِ وَلِهَذَا يَسْجُدُ وَإِنْ زَالَ تَرَدُّدُهُ قَبْلَ سَلَامِهِ كَمَا قَالَ (وَالْأَصَحُّ أَنْ يَسْجُدَ، وَإِنْ زَالَ شَكُّهُ قَبْلَ سَلَامِهِ) بِأَنْ تَذَكَّرَ أَنَّهَا رَابِعَةٌ لِفِعْلِهَا مَعَ التَّرَدُّدِ.

وَالثَّانِي لَا يَسْجُدُ إذْ لَا عِبْرَةَ بِالتَّرَدُّدِ بَعْدَ زَوَالِهِ (وَكَذَا حُكْمُ مَا يُصَلِّيهِ مُتَرَدِّدًا وَاحْتَمَلَ كَوْنُهُ زَائِدًا) فَيَسْجُدُ؛ لِتَرَدُّدِهِ فِي زِيَادَتِهِ، وَإِنْ زَالَ شَكُّهُ قَبْلَ سَلَامِهِ.

(وَلَا يَسْجُدُ لِمَا يَجِبُ بِكُلِّ حَالٍ إذَا زَالَ شَكُّهُ، مِثَالُهُ)(شَكَّ) فِي رُبَاعِيَّةٍ (فِي) الرَّكْعَةِ (الثَّالِثَةِ) فِي نَفْسِ الْأَمْرِ إذْ الْفَرْضُ أَنَّهُ عِنْدَ الشَّكِّ جَاهِلٌ بِالثَّالِثَةِ (أَثَالِثَةٌ هِيَ أَمْ رَابِعَةٌ فَتَذَكَّرَ فِيهَا) أَيْ الثَّالِثَةِ قَبْلَ قِيَامِهِ لِلرَّابِعَةِ أَنَّهَا ثَالِثَةٌ (لَمْ يَسْجُدْ) ؛ لِأَنَّ مَا أَتَى بِهِ مَعَ الشَّكِّ لَازِمٌ بِكُلِّ تَقْدِيرٍ، وَبِمَا تَقَرَّرَ انْدَفَعَ قَوْلُ الْقَائِلِ بِأَنَّهُ كَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَقُولَ وَلَوْ شَكَّ فِي رَكْعَةٍ أَثَالِثَةٌ هِيَ وَإِلَّا فَقَدْ فَرَضَهَا ثَالِثَةً فَكَيْفَ يَشُكُّ أَثَالِثَةٌ هِيَ أَمْ رَابِعَةٌ، وَقَدْ أَشَارَ الشَّارِحُ لِرَدِّ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ فِي الْوَاقِعِ فَمُؤَدَّى الْعِبَارَتَيْنِ شَيْءٌ وَاحِدٌ (أَوْ) تَذَكَّرَ (فِي) الرَّكْعَةِ (الرَّابِعَةِ) فِي نَفْسِ الْأَمْرِ الْمَأْتِيِّ بِهَا أَنَّ مَا قَبْلَهَا ثَالِثَةٌ مَعَ احْتِمَالِ أَنَّهَا خَامِسَةٌ ثُمَّ زَالَ تَرَدُّدُهُ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

أَيْ وُجُوبًا (قَوْلُهُ: فَيُكْتَفَى بِفِعْلِهِمْ فِيمَا يَظْهَرُ) جَزَمَ بِهِ حَجّ فِي شَرْحِهِ وَاعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ وَنَقَلَهُ سم عَلَى مَنْهَجٍ عَنْ الشَّارِحِ.

وَمَا نَقَلَهُ عَنْ وَالِدِهِ لَا يُنَافِي اعْتِمَادَهُ لِتَقْدِيمِهِ وَاسْتِظْهَارَهُ لَهُ (قَوْلُهُ: تَرْغِيمًا لِلشَّيْطَانِ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ يُقَالُ فِي فِعْلِهِ رُغِّمَ بِالتَّشْدِيدِ،

وَفِي الْمِصْبَاحِ رَغَمَ أَنْفُهُ رَغْمًا مِنْ بَابِ قَتَلَ، وَرَغِمَ مِنْ بَابِ تَعِبَ لُغَةً كِنَايَةٌ عَنْ الذُّلِّ كَأَنَّهُ لَصِقَ بِالرَّغَامِ هَوَانًا، وَيَتَعَدَّى بِالْأَلِفِ فَيُقَالُ أَرْغَمَ اللَّهُ أَنْفَهُ، ثُمَّ قَالَ: وَهَذَا تَرْغِيمٌ لَهُ: أَيْ إذْلَالٌ. اهـ. فَلَمْ يَذْكُرْ صِيغَةً مِنْ الْفِعْلِ الْمُضَاعَفِ مَعَ ذِكْرِهِ مَصْدَرَهُ، لَكِنْ فِي الْقَامُوسِ رَغَّمَهُ تَرْغِيمًا قَالَ لَهُ رُغْمًا. اهـ.

وَعَلَيْهِ فَيُحْمَلُ مَا فِي الْحَدِيثِ عَلَى أَنَّهُ لِمُخَالَفَتِهِ كَأَنَّهُ قَالَ رُغْمًا رُغْمًا (قَوْلُهُ: وَمَعْنَى شَفَعْنَ لَهُ صَلَاتُهُ) مِثْلُهُ فِي حَجّ وَأَشَارَا بِهِ إلَى دَفْعِ سُؤَالٍ تَقْدِيرُهُ كَانَ الظَّاهِرُ أَنْ يُقَالَ شَفَعْنَا لَهُ صَلَاتَهُ؛ لِأَنَّ الْمُحَدَّثَ عَنْهُ السَّجْدَتَانِ، وَحَاصِلُ الْجَوَابِ أَنَّ الضَّمِيرَ لِلسَّجْدَتَيْنِ وَالْجُلُوسِ بَيْنَهُمَا وَهِيَ جَمْعٌ.

(قَوْلُهُ: قَبْلَ قِيَامِهِ لِلرَّابِعَةِ) شَمَلَ ذَلِكَ مَا لَوْ نَهَضَ عَنْ الْجُلُوسِ وَلَمْ يَصِلْ لِحَدٍّ تُجْزِئُ فِيهِ الْقِرَاءَةُ ثُمَّ تَذَكَّرَ فَإِنَّهُ لَا يَسْجُدُ، وَهُوَ مُشْكِلٌ؛ لِأَنَّهُ لَوْ عَلِمَ أَنَّ هَذِهِ رَابِعَةٌ وَفَعَلَ ذَلِكَ عَمْدًا بَطَلَتْ بِهِ صَلَاتُهُ، وَقَدْ يُقَالُ مُرَادُهُ بِقَبْلِ الْقِيَامِ مَا قَبْلَ شُرُوعِهِ فِيهِ بِأَنْ تَذَكَّرَ فِي السُّجُودِ أَوْ بَعْدَ رَفْعِهِ مِنْهُ وَقِيلَ النُّهُوضُ عَنْ الْجُلُوسِ، ثُمَّ رَأَيْت قَوْلَهُ الْآتِي وَمُقْتَضَى تَعْبِيرِهِمْ إلَخْ وَفِيهِ مِنْ الْإِشْكَالِ مَا عَلِمْت (قَوْلُهُ: وَبِمَا تَقَرَّرَ) أَيْ مِنْ قَوْلِهِ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ. (قَوْلُهُ: فَمُؤَدَّى الْعِبَارَتَيْنِ شَيْءٌ وَاحِدٌ) هُمَا قَوْلُ الْمُصَنِّفِ مِثَالُهُ شَكَّ فِي الثَّالِثَةِ إلَخْ، وَقَوْلُ الْمُعْتَرِضِ وَلَوْ شَكَّ

ــ

[حاشية الرشيدي]

مَعَ الضَّمِيرِ فِي مَتْرُوكِهِ.

(قَوْلُهُ: وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُلْحَقَ بِمَا ذَكَرَ إلَخْ) لَفْظُ يُحْتَمَلُ سَاقِطٌ فِي بَعْضِ النُّسَخِ مَعَ زِيَادَةِ لَفْظٍ فِيمَا يَظْهَرُ قَبْلَ قَوْلِهِ لَكِنْ أَفْتَى الْوَالِدُ إلَخْ، وَظَاهِرُهُ اعْتِمَادُ خِلَافِ إفْتَاءِ وَالِدِهِ، وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ الْجَمْعُ بَيْنَ يُحْتَمَلُ وَفِيمَا يَظْهَرُ وَفِيهِ تَدَافُعٌ (قَوْلُهُ: مَعَ الْجُلُوسِ بَيْنَهُمَا) أَشَارَ بِهِ إلَى مَعْنَى ضَمِيرِ الْجَمْعِ فِي قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم شَفَعْنَ.

(قَوْلُهُ: أَوْ فِي الرَّابِعَةِ) أَيْ وَالصُّورَةُ أَنَّ الشَّكَّ إنَّمَا طَرَأَ عَلَيْهِ فِي الثَّالِثَةِ كَمَا هُوَ نَصُّ الْمَتْنِ (قَوْلُهُ: مَعَ احْتِمَالِ أَنَّهَا خَامِسَةٌ إلَخْ) لَمْ يَظْهَرْ لَهُ مَعْنًى؛ لِأَنَّ الصُّورَةَ كَذَلِكَ فَلَا مَعْنَى لِهَذِهِ الْمَعِيَّةِ، وَقَوْلُهُ: ثُمَّ زَالَ تَرَدُّدُهُ فِي الرَّابِعَةِ هُوَ عَيْنُ قَوْلِ الْمَتْنِ

ص: 80

فِي الرَّابِعَةِ أَنَّهَا رَابِعَةٌ (سَجَدَ) لِتَرَدُّدِهِ حَالَ الْقِيَامِ إلَيْهَا فِي زِيَادَتِهَا الْمُحْتَمَلَةِ فَقَدْ أَتَى بِزَائِدٍ عَلَى تَقْدِيرٍ دُونَ تَقْدِيرٍ، وَإِنَّمَا كَانَ التَّرَدُّدُ فِي زِيَادَتِهَا مُقْتَضِيًا لِلسُّجُودِ؛ لِأَنَّهَا إنْ كَانَتْ زَائِدَةً فَظَاهِرٌ، وَإِلَّا فَتَرَدُّدُهُ أَضْعَفَ النِّيَّةَ وَأَحْوَجَ إلَى الْجَبْرِ.

وَلَا يُرَدُّ عَلَيْهِ مَا لَوْ شَكَّ فِي قَضَاءِ فَائِتَةٍ كَانَتْ عَلَيْهِ حَيْثُ نَأْمُرُهُ بِقَضَائِهَا، وَلَا سُجُودَ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ مُتَرَدِّدًا فِي أَنَّهَا عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ التَّرَدُّدَ ثَمَّ لَمْ يَقَعْ فِي بَاطِلٍ بِخِلَافِهِ هُنَا؛ وَلِأَنَّ السُّجُودَ إنَّمَا يَكُونُ لِلتَّرَدُّدِ الطَّارِئِ فِي الصَّلَاةِ لَا لِلسَّابِقِ عَلَيْهَا. وَمُقْتَضَى تَعْبِيرِهِمْ بِقَبْلِ الْقِيَامِ أَنَّهُ لَوْ زَالَ تَرَدُّدُهُ بَعْدَ نُهُوضِهِ وَقَبْلَ انْتِصَابِهِ لَمْ يَسْجُدْ، إذْ حَقِيقَةُ الْقِيَامِ الِانْتِصَابُ وَمَا قَبْلَهُ انْتِقَالٌ لَا قِيَامٌ.

قَالَ الشَّيْخُ: فَقَوْلُ الْإِسْنَوِيِّ: إنَّهُمْ أَهْمَلُوهُ مَرْدُودٌ، وَكَذَا قَوْلُهُ وَالْقِيَاسُ أَنَّهُ إنْ صَارَ إلَى الْقِيَامِ أَقْرَبَ سَجَدَ وَإِلَّا فَلَا؛ لِأَنَّ صَيْرُورَتَهُ إلَى مَا ذُكِرَ لَا تَقْتَضِي السُّجُودَ؛ لِأَنَّ عَمْدَهُ لَا يُبْطِلُ، وَإِنَّمَا يُبْطِلُ عَمْدُهُ مَعَ عَوْدِهِ كَمَا مَرَّ، نَبَّهَ عَلَى ذَلِكَ ابْنُ الْعِمَادِ اهـ. وَمَا ذَكَرَهُ فِي الرَّوْضَةِ مِنْ أَنَّ الْإِمَامَ لَوْ قَامَ لِخَامِسَةٍ نَاسِيًا فَفَارَقَهُ الْمَأْمُومُ بَعْدَ بُلُوغِ حَدِّ الرَّاكِعِينَ سَجَدَ لِلسَّهْوِ صَرِيحٌ أَوْ كَالصَّرِيحِ فِيمَا قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ هُنَا وَفِيمَا مَرَّ فِي الْقِيَامِ عَنْ التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ، فَلَوْ تَذَكَّرَ أَنَّهَا خَامِسَةٌ لَزِمَهُ أَنْ يَجْلِسَ حَالًا وَيَتَشَهَّدَ إنْ لَمْ يَكُنْ تَشَهَّدَ، وَإِلَّا فَلَا تَلْزَمُهُ إعَادَتُهُ ثُمَّ يَسْجُدُ لِلسَّهْوِ. وَلَوْ شَكَّ فِي تَشَهُّدِهِ أَهُوَ الْأَوَّلُ أَمْ الثَّانِي فَإِنْ زَالَ شَكُّهُ فِيهِ لَمْ يَسْجُدْ؛ لِأَنَّهُ مَطْلُوبٌ بِكُلِّ تَقْدِيرٍ وَلَا نَظَرَ لِتَرَدُّدِهِ فِي كَوْنِهِ وَاجِبًا أَوْ نَفْلًا أَوْ بَعْدَهُ وَقَدْ قَامَ سَجَدَ؛ لِأَنَّهُ فِعْلٌ زَائِدٌ بِتَقْدِيرٍ.

(وَلَوْ)(شَكَّ بَعْدَ السَّلَامِ) الَّذِي لَا يَحْصُلُ بِهِ عَوْدٌ لِلصَّلَاةِ (فِي تَرْكِ فَرْضٍ) غَيْرِ النِّيَّةِ وَتَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ (لَمْ يُؤَثِّرْ) وَإِنْ قَصَرَ الْفَصْلُ (عَلَى الْمَشْهُورِ) ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ مُضِيُّهَا عَلَى الصِّحَّةِ وَإِلَّا لَعَسُرَ عَلَى النَّاسِ خُصُوصًا عَلَى ذَوِي الْوَسْوَاسِ. وَالثَّانِي يُؤَثِّرُ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ فِعْلِهِ فَيَبْنِي عَلَى الْيَقِينِ وَيَسْجُدُ كَمَا فِي صُلْبِ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

فِي رَكْعَةٍ أَثَالِثَةٌ هِيَ. (قَوْلُهُ: لَمْ يَقَعْ فِي بَاطِلٍ) أَيْ الْمُصَلِّي بِسَبَبِهِ، وَعِبَارَةُ حَجّ فِي مُبْطِلٍ: وَلَعَلَّ الْمُرَادَ أَنَّ مَا يَأْتِي بِهِ عِنْدَ الشَّكِّ فِي الْفَائِتَةِ لَيْسَ بَاطِلًا؛ لِأَنَّهُ إنْ كَانَتْ الْفَائِتَةُ عَلَيْهِ فَظَاهِرٌ وَإِلَّا فَيَقَعُ لَهُ نَفْلًا مُطْلَقًا، وَأَيًّا مَا كَانَ فَمَا أَتَى بِهِ صَلَاةٌ صَحِيحَةٌ شَرْعًا.

(قَوْلُهُ: وَقَبْلَ انْتِصَابِهِ) أَيْ وُصُولِهِ إلَى حَدٍّ تُجْزِئُهُ فِيهِ الْقِرَاءَةُ وَإِنْ صَارَ إلَى الْقِيَامِ أَقْرَبَ مِنْهُ إلَى الْقُعُودِ وَقَوْلُهُ لَمْ يَسْجُدْ مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: وَكَذَا قَوْلُهُ:) أَيْ الْإِسْنَوِيِّ: أَيْ مَرْدُودٌ (قَوْلُهُ: بَعْدَ بُلُوغِ حَدِّ الرَّاكِعِينَ) أَيْ مِنْ الْإِمَامِ (قَوْلُهُ: فِيمَا قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ) أَيْ فَيَسْجُدُ إنْ صَارَ إلَى الْقِيَامِ أَقْرَبَ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِ اعْتِمَادُهُ، لَكِنْ تَقَدَّمَ لَهُ فِي بَعْضِ النُّسَخِ مَا قَدْ يُخَالِفُهُ (قَوْلُهُ: ثُمَّ يَسْجُدُ لِلسَّهْوِ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ الْجُلُوسِ قَبْلَ هَوِيِّهِ لِلسُّجُودِ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكْفِيَهُ نُزُولُهُ مِنْ الْقِيَامِ سَاجِدًا؛ لِأَنَّ التَّشَهُّدَ بِجُلُوسِهِ تَقَدَّمَ وَجُلُوسُهُ لِلسَّلَامِ يَأْتِي بِهِ بَعْدَ سُجُودِ السَّهْوِ فَلَا مَعْنَى لِتَعَيُّنِ جُلُوسِهِ قَبْلَ السُّجُودِ (قَوْلُهُ: أَوْ بَعْدَهُ وَقَدْ قَامَ سَجَدَ) أَيْ إنْ تَذَكَّرَ أَنَّهُ الْأَوَّلُ؛ لِأَنَّ قِيَامَهُ قَبْلَ التَّذَكُّرِ فِعْلٌ مُحْتَمِلٌ لِلزِّيَادَةِ، ثُمَّ بَعْدَ تَذَكُّرِهِ إنْ كَانَ الْأَوَّلُ وَجَبَ اسْتِمْرَارُهُ قَائِمًا، وَإِنْ كَانَ الْأَخِيرُ وَجَبَ الْجُلُوسُ فَوْرًا.

(قَوْلُهُ: وَلَوْ شَكَّ بَعْدَ السَّلَامِ) خَرَجَ مَا لَوْ شَكَّ فِي السَّلَامِ نَفْسِهِ فَيَجِبُ تَدَارُكُهُ مَا لَمْ يَأْتِ بِمُبْطِلٍ وَلَوْ بَعْدَ طُولِ الْفَصْلِ كَمَا مَرَّ فِي قَوْلِهِ وَقَدْ لَا يُشْرَعُ إلَخْ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَقَدْ يُشْرَعُ السُّجُودُ كَزِيَادَةٍ إلَخْ (قَوْلُهُ: الَّذِي لَا يَحْصُلُ بِهِ عَوْدٌ لِلصَّلَاةِ) أَيْ لَا يَحْصُلُ الْعَوْدُ مَعَهُ لِلصَّلَاةِ إنْ كَانَ عَامِدًا أَوْ نَاسِيًا وَلَمْ يَزِدْ السُّجُودَ، وَلَوْ قَالَ الَّذِي لَا يَحْصُلُ بَعْدَهُ عَوْدٌ إلَخْ كَانَ أَوْلَى، بِخِلَافِ مَا لَوْ سَلَّمَ نَاسِيًا أَنَّ عَلَيْهِ سُجُودَ السَّهْوِ فَعَادَ وَشَكَّ بَعْدَ عَوْدِهِ فَهُوَ كَمَا لَوْ شَكَّ قَبْلَ السَّلَامِ (قَوْلُهُ: وَالثَّانِي يُؤَثِّرُ) وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ

ــ

[حاشية الرشيدي]

أَوْ فِي الرَّابِعَةِ، وَقَوْلُهُ: إنَّهَا رَابِعَةٌ إنْ كَانَ مَعْمُولًا لِتَذَكُّرٍ فَهُوَ عَيْنُ قَوْلِهِ إنَّ مَا قَبْلَهَا ثَالِثَةٌ وَإِلَّا فَمَا مَوْقِعُهُ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَمُقْتَضَى تَعْبِيرِهِمْ بِقَبْلِ الْقِيَامِ) أَيْ فِيمَا لَوْ تَذَكَّرَ فِي الثَّالِثَةِ الَّذِي عَبَّرَ هُوَ عَنْهُ بِقَوْلِهِ قَبْلَ قِيَامِهِ لِلرَّابِعَةِ (قَوْلُهُ: هُنَا وَفِيمَا مَرَّ) أَمَّا كَوْنُهُ صَرِيحًا أَوْ كَالصَّرِيحِ فِيمَا ذَكَرَهُ هُنَا فَسُلِّمَ، وَأَمَّا كَوْنُهُ كَذَلِكَ فِيمَا مَرَّ فَلَا لِمَا تَقَدَّمَ فِي كَلَامِهِ فِي بَعْضِ النُّسَخِ مِنْ الْفَرْقِ بِأَنَّ عَمْدَ الْقِيَامِ هُنَا وَحْدَهُ مُبْطِلٌ بِخِلَافِهِ فِيمَا مَرَّ، وَمُرَادُهُ بِمَا مَرَّ مَا قَدَّمَهُ عَنْ الْإِسْنَوِيِّ قُبَيْلَ

ص: 81

الصَّلَاةِ إنْ لَمْ يَطُلْ الْفَصْلُ، فَإِنْ طَالَ اسْتَأْنَفَ.

أَمَّا الشَّكُّ فِي النِّيَّةِ وَتَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ فَيُؤَثِّرُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ خِلَافًا لِمَنْ أَطَالَ فِي عَدَمِ الْفَرْقِ لِشَكِّهِ فِي أَصْلِ الِانْعِقَادِ مِنْ غَيْرِ أَصْلٍ يَعْتَمِدُهُ. وَمِنْهُ مَا لَوْ شَكَّ أَنَوَى فَرْضًا أَمْ نَفْلًا لَا الشَّكُّ فِي نِيَّةِ الْقُدْوَةِ فِي غَيْرِ الْجُمُعَةِ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَإِنَّمَا لَمْ يَضُرَّ الشَّكُّ بَعْدَ فَرَاغِ الصَّوْمِ فِي نِيَّتِهِ لِمَشَقَّةِ الْإِعَادَةِ فِيهِ؛ وَلِأَنَّهُ اُغْتُفِرَ فِيهَا فِيهِ مَا لَمْ يُغْتَفَرْ فِيهَا هُنَا، وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ بَعْدَ السَّلَامِ مَا قَبْلَهُ. وَقَدْ عُلِمَ مِمَّا مَرَّ أَنَّهُ إنْ كَانَ فِي تَرْكِ رُكْنٍ أَتَى بِهِ إنْ بَقِيَ مَحَلُّهُ، وَإِلَّا فَبِرَكْعَةٍ وَسَجَدَ لِلسَّهْوِ فِيهِمَا لِاحْتِمَالِ الزِّيَادَةِ أَوْ لِضَعْفِ النِّيَّةِ بِالتَّرَدُّدِ فِي مُبْطِلٍ. وَلَوْ سَلَّمَ وَقَدْ نَسِيَ رُكْنًا فَأَحْرَمَ بِأُخْرَى فَوْرًا لَمْ تَنْعَقِدْ لِبَقَائِهِ فِي الْأُولَى، ثُمَّ إنْ ذَكَرَ قَبْلَ طُولِ الْفَصْلِ بَيْنَ السَّلَامِ وَتَيَقَّنَ التَّرْكَ بَنَى عَلَى الْأُولَى وَلَا نَظَرَ لِتَحَرُّمِهِ هُنَا بِالثَّانِيَةِ، وَإِنْ تَخَلَّلَ كَلَامٌ يَسِيرٌ أَوْ اسْتَدْبَرَ الْقِبْلَةَ أَوْ بَعْدَ طُولِهِ اسْتَأْنَفَهَا لِبُطْلَانِهَا بِهِ مَعَ السَّلَامِ بَيْنَهُمَا، وَمَتَى بَنَى لَمْ تُحْسَبْ قِرَاءَتُهُ إنْ كَانَ قَدْ شَرَعَ فِي نَفْلٍ فَإِنْ شَرَعَ فِي فَرْضٍ حُسِبَتْ لِاعْتِقَادِهِ فَرْضِيَّتَهَا قَالَهُ الْبَغَوِيّ فِي فَتَاوِيهِ؛ ثُمَّ قَالَ: وَهَذَا إذَا قُلْنَا: إنَّهُ إذَا تَذَكَّرَ لَا يَجِبُ الْقُعُودُ، وَإِلَّا فَلَا تُحْسَبُ، وَعِنْدِي لَا تُحْسَبُ. اهـ وَهُوَ الْأَوْجَهُ.

وَخَرَجَ بِ (فَوْرًا) مَا لَوْ طَالَ الْفَصْلُ بَيْنَ السَّلَامِ وَتَحَرُّمِ الثَّانِيَةِ فَيَصِحُّ التَّحَرُّمُ بِهَا، وَقَوْلُ الْقَائِلِ هُنَا بَيْنَ السَّلَامِ وَتَيَقُّنِ التَّرْكِ وَهْمٌ. وَلَا يُشْكِلُ عَلَى مَا تَقَرَّرَ أَنَّهُ لَوْ تَشَهَّدَ فِي الرَّابِعَةِ ثُمَّ قَامَ لِخَامِسَةٍ سَهْوًا كَفَاهُ بَعْدَ فَرَاغِهَا إنْ لَمْ يُسَلِّمْ، وَإِنْ طَالَ الْفَصْلُ لِكَوْنِهِ هُنَا فِي الصَّلَاةِ فَلَمْ تَضُرَّ زِيَادَةُ مَا هُوَ مِنْ أَفْعَالِهَا سَهْوًا وَثُمَّ خَرَجَ مِنْهَا بِالسَّلَامِ فِي ظَنِّهِ، فَإِذَا انْضَمَّ إلَيْهَا طُولُ الْفَصْلِ صَارَ قَاطِعًا لَهَا عَمَّا يُرِيدُ إكْمَالَهَا بِهِ خِلَافًا لِلزَّرْكَشِيِّ فِي دَعْوَاهُ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

لَا تُسَنُّ مُرَاعَاةُ هَذَا الْقَوْلِ؛ لِأَنَّهَا تُوقِعُ فِي بَاطِلٍ، وَهُوَ فِعْلُ مَا يَأْتِي بِهِ بَعْدَ السَّلَامِ بِتَقْدِيرِ كَوْنِهِ زَائِدًا أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ السَّابِقِ. وَلَا يَرُدُّ عَلَيْهِ مَا لَوْ شَكَّ فِي قَضَاءِ فَائِتَةٍ كَانَتْ عَلَيْهِ حَيْثُ نَأْمُرُهُ إلَخْ

(قَوْلُهُ: فَيُؤَثِّرُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ) أَيْ وَلَوْ كَانَ طُرُوُّ الشَّكِّ بَعْدَ طُولِ الْفَصْلِ مِنْ السَّلَامِ (قَوْلُهُ: وَمِنْهُ مَا لَوْ شَكَّ) أَيْ مِنْ الشَّكِّ فِي النِّيَّةِ، وَخَرَجَ بِهِ مَا لَوْ أَحْرَمَ بِفَرْضٍ ثُمَّ ظَنَّ أَنَّهُ فِي غَيْرِهِ فَكَمَّلَ عَلَيْهِ ثُمَّ عَلِمَ الْحَالَ لَمْ يَضُرَّ وَإِنْ ظَنَّ أَنَّ مَا أَحْرَمَ بِهِ نَفْلٌ، وَعَلَيْهِ فَهَذَا مِمَّا يُفَرَّقُ فِيهِ بَيْنَ الظَّنِّ وَالشَّكِّ. اهـ حَجّ بِالْمَعْنَى. (قَوْلُهُ: فِي غَيْرِ الْجُمُعَةِ) يَنْبَغِي أَنْ يُلْحَقَ بِهَا مَا يُشْتَرَطُ فِيهِ الْجَمَاعَةُ كَالْمُعَادَةِ وَالْمَجْمُوعَةِ جَمْعِ تَقْدِيمٍ بِالْمَطَرِ، بِخِلَافِ الْمَنْذُورِ فِعْلُهَا جَمَاعَةً؛ لِأَنَّ الْجَمَاعَةَ لَيْسَتْ شَرْطًا لِصِحَّتِهَا بَلْ وَاجِبَةٌ لِلْوَفَاءِ بِالنَّذْرِ (قَوْلُهُ: بَعْدَ فَرَاغِ الصَّوْمِ) مَفْهُومُهُ أَنَّهُ إذَا شَكَّ قَبْلَ فَرَاغِهِ ضَرَّ فَيَجِبُ الْإِمْسَاكُ وَقَضَاؤُهُ إنْ كَانَ فَرْضًا (قَوْلُهُ: لَمْ تَنْعَقِدْ) أَيْ ثَانِيَةً (قَوْلُهُ: قَبْلَ طُولِ الْفَصْلِ) أَيْ عُرْفًا (قَوْلُهُ: وَإِنْ تَخَلَّلَهُ) غَايَةٌ (قَوْلُهُ: أَوْ اسْتَدْبَرَ الْقِبْلَةَ) أَيْ أَوْ خَرَجَ مِنْ الْمَسْجِدِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ وَطِئَ نَجَاسَةً، وَيُفَارِقُ هَذِهِ الْأُمُورَ وَطْءُ النَّجَاسَةِ بِاحْتِمَالِهَا فِي الصَّلَاةِ فِي الْجُمْلَةِ. اهـ سم عَلَى حَجّ نَقْلًا عَنْ شَرْحِ الرَّوْضِ.

وَقَوْلُهُ أَوْ خَرَجَ مِنْ الْمَسْجِدِ: أَيْ بِغَيْرِ فِعْلٍ كَثِيرٍ أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي فِيمَا لَوْ سَلَّمَ نَاسِيًا ثُمَّ تَذَكَّرَ (قَوْلُهُ: وَعِنْدِي لَا تُحْسَبُ) أَيْ بَلْ يَجِبُ الْعَوْدُ لِلْقُعُودِ وَإِلْغَاءِ قِيَامِهِ (قَوْلُهُ: فَيَصِحُّ التَّحَرُّمُ بِهَا) أَيْ الثَّانِيَةِ (قَوْلُهُ: إذَا انْضَمَّ إلَيْهَا) أَيْ الزِّيَادَةِ لِلسَّلَامِ، وَعِبَارَةُ حَجّ إلَيْهِ: أَيْ الْخُرُوجِ وَهِيَ أَوْلَى (قَوْلُهُ: خِلَافًا لِلزَّرْكَشِيِّ) وَمِمَّا يُؤَيِّدُ إشْكَالَ

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَلَوْ نَهَضَ عَمْدًا إلَخْ

(قَوْلُهُ: إنْ بَقِيَ مَحَلُّهُ) يَعْنِي بِأَنْ لَمْ يَبْلُغْ مِثْلُهُ كَمَا عُلِمَ مِمَّا قَدَّمَهُ فِي صِفَةِ الصَّلَاةِ وَقَوْلُهُ: وَإِلَّا فَبِرَكْعَةٍ: أَيْ؛ لِأَنَّ نَظِيرَهُ يَقُومُ مَقَامَهُ وَيَلْغُو مَا بَيْنَهُمَا فَتَبْقَى عَلَيْهِ رَكْعَةٌ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ أَيْضًا (قَوْلُهُ: لِاحْتِمَالِ الزِّيَادَةِ) هَذَا ظَاهِرٌ فِيمَا لَوْ شَكَّ عَقِبَ الرُّكْنِ قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَ بِرُكْنٍ غَيْرِهِ وَإِلَّا فَالزِّيَادَةُ مُحَقَّقَةٌ، فَكَانَ يَنْبَغِي حَذْفُ لَفْظِ الِاحْتِمَالِ لِإِغْنَاءِ قَوْلِهِ أَوْ لِضَعْفِ النِّيَّةِ عَنْهُ وَمِثْلُهُ فِي التُّحْفَةِ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: فَأَحْرَمَ بِأُخْرَى فَوْرًا) أَيْ مِنْ غَيْرِ طُولِ فَصْلٍ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا بَعْدَهُ وَمِنْ مُحْتَرَزِهِ الْآتِي فَلَيْسَ الْمُرَادُ الْفَوْرِيَّةَ الْحَقِيقِيَّةَ (قَوْلُهُ: وَعِنْدِي لَا تُحْسَبُ) أَيْ لِوُجُوبِ الْقُعُودِ عَلَيْهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ السِّيَاقِ، وَانْظُرْ مَا وَجْهُهُ فِيمَا لَوْ كَانَ الرُّكْنُ الْمَشْكُوكُ فِيهِ مِنْ الْأَرْكَانِ الَّتِي لَا تَتَعَلَّقُ بِالْقُعُودِ كَالرُّكُوعِ مَثَلًا، وَهَلَّا كَانَ عَوْدُهُ لِلْقُعُودِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ مُبْطِلًا؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ زِيَادَةُ رُكْنٍ فِي غَيْرِ مَحَلِّهِ وَكَانَ الْمُتَبَادَرُ عَوْدَهُ إلَى مَا شَكَّ

ص: 82

الْإِشْكَالَ.

وَأَفْتَى الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِيمَنْ سَلَّمَ مِنْ رَكْعَتَيْنِ مِنْ رُبَاعِيَّةٍ نَاسِيًا وَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ نَفْلًا ثُمَّ تَذَكَّرَ بِوُجُوبِ اسْتِئْنَافهَا؛ لِأَنَّهُ إنْ أَحْرَمَ بِالنَّفْلِ قَبْلَ طُولِ الْفَصْلِ فَتَحَرُّمُهُ بِهِ لَمْ يَنْعَقِدْ، وَلَا يَنْبَنِي عَلَى الْأُولَى لِطُولِ الْفَصْلِ بِالرَّكْعَتَيْنِ أَوْ بَعْدَ طُولِهِ بَطَلَتْ وَخَرَجَ بِفَرْضٍ: أَيْ رُكْنُ الشَّرْطِ فَيُؤَثِّرُ كَمَا جَزَمَ بِهِ فِي مَوْضِعٍ فِي الْمَجْمُوعِ فِي آخِرِ بَابِ الشَّكِّ فِي نَجَاسَةِ الْمَاءِ فَارِقًا بِأَنَّ الشَّكَّ فِي الرُّكْنِ يَكْثُرُ بِخِلَافِهِ فِي الطُّهْرِ، وَبِأَنَّ الشَّكَّ فِي الرُّكْنِ حَصَلَ بَعْدَ تَيَقُّنِ الِانْعِقَادِ، وَالْأَصْلُ الِاسْتِمْرَارُ عَلَى الصِّحَّةِ، بِخِلَافِهِ فِي الطُّهْرِ فَإِنَّهُ شَكَّ فِي الِانْعِقَادِ، الْأَصْلُ عَدَمُهُ.

قَالَ: وَقَدْ صَرَّحَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَالْمَحَامِلِيُّ وَسَائِرُ الْأَصْحَابِ بِمَعْنَى مَا قُلْتُهُ. فَقَالُوا إذَا جَدَّدَ الْوُضُوءَ ثُمَّ صَلَّى ثُمَّ تَيَقَّنَ أَنَّهُ تَرَكَ مَسْحَ رَأْسِهِ مِنْ أَحَدِ الْوُضُوءَيْنِ لَزِمَهُ إعَادَةُ الصَّلَاةِ لِجَوَازِ كَوْنِهِ تَرَكَ الْمَسْحَ مِنْ الْأَوَّلِ وَلَمْ يَقُولُوا إنَّهُ شَكَّ بَعْدَ الصَّلَاةِ انْتَهَى.

قَالَ الشَّيْخُ: وَمَا فَرَّقَ بِهِ مُنْقَدِحٌ، لَكِنْ مُقْتَضَى كَلَامِ كَثِيرٍ أَنَّ الشَّرْطَ كَالرُّكْنِ؛ لِأَنَّهُ أَدَّى الْعِبَادَةَ فِي الظَّاهِرِ فَلَا يُؤَثِّرُ فِيهِ الشَّكُّ الطَّارِئُ بَعْدَ الْحُكْمِ بِالصِّحَّةِ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ. وَنَقَلَهُ فِي الْمَجْمُوعِ بِالنِّسْبَةِ لِلطُّهْرِ فِي بَابِ مَسْحِ الْخُفِّ عَنْ جَمْعٍ، وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِمَا نَقَلَهُ هُوَ عَنْ الْقَائِلِينَ بِهِ عَنْ النَّصِّ أَنَّهُ لَوْ شَكَّ بَعْدَ طَوَافِ نُسُكِهِ هَلْ طَافَ مُتَطَهِّرًا أَمْ لَا لَا تَلْزَمُهُ إعَادَةُ الطَّوَافِ.

وَقَدْ نُقِلَ عَنْ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ جَوَازُ دُخُولِ الصَّلَاةِ بِطُهْرٍ مَشْكُوكٍ فِيهِ. وَظَاهِرٌ أَنَّ صُورَتَهُ أَنْ يَتَذَكَّرَ أَنَّهُ تَطَهَّرَ قَبْلَ شَكِّهِ، وَإِلَّا فَلَا تَنْعَقِدُ، وَدَعْوَى أَنَّ الشَّكَّ فِي الشَّرْطِ يَسْتَلْزِمُ الشَّكَّ فِي الِانْعِقَادِ يَرُدُّهَا كَلَامُهُمْ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

الزَّرْكَشِيّ أَنَّ سَلَامَهُ حَيْثُ سَهَا بِهِ لَغْوٌ فَلَمْ يَخْرُجْ بِهِ مِنْ الصَّلَاةِ، وَغَايَةُ مَا فَعَلَهُ بَعْدُ حَيْثُ لَمْ يَأْتِ بِمُبْطِلٍ أَنَّهُ كَالسُّكُوتِ الطَّوِيلِ، وَهِيَ لَا تَبْطُلُ بِهِ فَتَأَمَّلْهُ (قَوْلُهُ: لِطُولِ الْفَصْلِ) قَدْ يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ الرَّكْعَتَيْنِ يَحْصُلُ بِهِمَا طُولُ الْفَصْلِ وَيَنْبَغِي أَنْ يُعْتَبَرَ ذَلِكَ بِالْوَسَطِ الْمُعْتَدِلِ؛ لِأَنَّهُ الْمَحْمُولُ عَلَيْهِ غَالِبًا عِنْدَ الْإِطْلَاقِ (قَوْلُهُ: كَمَا جَزَمَ بِهِ) ضَعِيفٌ (قَوْلُهُ: مِنْ الْأَوَّلِ) أَيْ وَالْمَسْحُ فِي الْوُضُوءِ الْمُجَدَّدِ لَا يَقُومُ مَقَامَ الْمَسْحِ فِي الْوُضُوءِ الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ: وَمَا فَرَّقَ بِهِ مُنْقَدِحٌ) أَيْ قَوِيٌّ (قَوْلُهُ: أَنَّ الشَّرْطَ كَالرُّكْنِ) وَمِنْهُ مَا لَوْ شَكَّ بَعْدَ السَّلَامِ فِي نِيَّةِ الْوُضُوءِ فَلَا تَلْزَمُهُ الْإِعَادَةُ، بِخِلَافِ شَكِّهِ فِي نِيَّةِ الطَّهَارَةِ قَبْلَ الصَّلَاةِ فَإِنَّهُ يُؤَثِّرُ خِلَافًا لِبَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ. اهـ زِيَادِيٌّ.

وَبَقِيَ مَا لَوْ شَكَّ فِي نِيَّةِ الطَّهَارَةِ فِي أَثْنَاءِ صَلَاتِهِ بَلْ أَوْ فِي الطَّهَارَةِ نَفْسِهَا، وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ بِالضَّرَرِ، فَيَجِبُ الِاسْتِئْنَافُ إنْ طَالَ تَرَدُّدُهُ، ثُمَّ رَأَيْت فِي سم عَلَى بَهْجَةٍ التَّصْرِيحَ بِذَلِكَ. وَعِبَارَتُهُ فِي أَثْنَاءِ كَلَامٍ نَصُّهَا: وَأَقُولُ الشَّكُّ فِي الشَّرْطِ فِي الصَّلَاةِ مُبْطِلٌ إنْ طَالَ اهـ (قَوْلُهُ: فَلَا يُؤَثِّرُ فِيهِ الشَّكُّ الطَّارِئُ) شَمَلَ ذَلِكَ مَا لَوْ شَكَّ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ صَلَاتِهِ فِي أَنَّ إمَامَهُ كَانَ مَأْمُومًا أَوْ إمَامًا فَلَا يَضُرُّ، وَفِي حَجّ مَا يُخَالِفُهُ.

وَيُوَجَّهُ بِأَنَّ الشَّكَّ فِي ذَلِكَ يَرْجِعُ لِلشَّكِّ فِي أَصْلِ النِّيَّةِ وَهُوَ مُوجِبٌ لِلِاسْتِئْنَافِ. وَعِبَارَةُ مَتْنِ الرَّوْضِ وَشَرْحُهُ فَمَنْ شَكَّ وَلَوْ بَعْدَ السَّلَامِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْمَجْمُوعِ أَنَّهُ إمَامٌ أَوْ مَأْمُومٌ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ لِشَكِّهِ فِي أَنَّهُ تَابِعٌ أَوْ مَتْبُوعٌ، فَلَوْ شَكَّ أَحَدُهُمَا وَظَنَّ الْآخَرُ صَحَّتْ لِلظَّانِّ أَنَّهُ إمَامٌ دُونَ الْآخَرِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ، وَهَذَا مِنْ الْمَوَاضِعِ الَّتِي فَرَّقُوا فِيهَا بَيْنَ الظَّنِّ وَالشَّكِّ. اهـ (قَوْلُهُ: وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ) أَيْ قَوْلُهُ: إنَّ الشَّرْطَ كَالرُّكْنِ إلَخْ

ــ

[حاشية الرشيدي]

فِيهِ، وَانْظُرْ مَا صُورَةُ حُسْبَانِ الْقِرَاءَةِ أَوْ عَدَمِ حُسْبَانِهَا فَإِنَّهُ لَمْ يَظْهَرْ لِي (قَوْلُهُ: الْقَائِلِينَ بِهِ) يَعْنِي بِأَنَّ الشَّرْطَ كَالرُّكْنِ (قَوْلُهُ: وَظَاهِرٌ أَنَّ صُورَتَهُ أَنْ يَتَذَكَّرَ أَنَّهُ تَطَهَّرَ قَبْلَ شَكِّهِ) يُقَالُ عَلَيْهِ إذَا كَانَتْ هَذِهِ صُورَتُهُ خَرَجَ عَنْ مَحَلِّ النِّزَاعِ فَلَمْ يَصِحَّ الِاسْتِظْهَارُ بِهِ عَلَى مَا نَحْنُ فِيهِ، وَأَيْضًا فَلَا خُصُوصِيَّةَ لِلشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ بِالْقَوْلِ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ مَنْقُولُ الْمَذْهَبِ، وَإِنَّمَا قُلْنَا إنَّهُ بِذَلِكَ يَخْرُجُ عَنْ مَحَلِّ النِّزَاعِ؛ لِأَنَّ صُورَتَهُ كَمَا حَرَّرَهُ الشِّهَابُ سم عَنْ الشَّارِحِ أَنَّهُ لَمْ يَعْلَمْ مِنْ نَفْسِهِ سَبْقَ حَدَثٍ وَلَا طَهَارَةٍ وَدَخَلَ فِي الصَّلَاةِ مِنْ غَيْرِ شَكٍّ فِي الطَّهَارَةِ مَثَلًا ثُمَّ لَمَّا فَرَغَ مِنْهَا عَرَضَ لَهُ الشَّكُّ فَلَا يَضُرُّ مَعَ أَنَّهُ فِي مِثْلِ هَذِهِ الْحَالَةِ لَيْسَ لَهُ الدُّخُولُ فِي الصَّلَاةِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَعْلَمْ وُجُودَ الطَّهَارَةِ قَبْلَ الشُّرُوعِ وَلَا هُنَاكَ طَهَارَةٌ مُسْتَصْحَبَةٌ فَكَيْفَ تَنْعَقِدُ صَلَاتُهُ، وَمَعَ أَنَّهُ إذَا عَرَضَ لَهُ الشَّكُّ دَاخِلَ الصَّلَاةِ فِي الطَّهَارَةِ مَثَلًا تَبْطُلُ صَلَاتُهُ

ص: 83

الْمَذْكُورُ؛ لِأَنَّهُمْ إذَا جَوَّزُوا لَهُ الدُّخُولَ فِيهَا مَعَ الشَّكِّ كَمَا عَلِمْت فَأَوْلَى أَنْ لَا يُؤَثِّرَ طُرُّوهُ عَلَى فَرَاغِهَا فَعُلِمَ أَنَّهُمْ لَا يَلْتَفُّونَ لِهَذَا الشَّكِّ عَمَلًا بِأَصْلِ الِاسْتِصْحَابِ، وَإِنَّمَا وَجَبَتْ الْإِعَادَةُ فِيمَا لَوْ تَوَضَّأَ ثُمَّ جَدَّدَ ثُمَّ صَلَّى ثُمَّ تَيَقَّنَ تَرْكَ مَسْحٍ مِنْ أَحَدِ الْوُضُوءَيْنِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَيَقَّنْ صِحَّةَ وُضُوئِهِ الْأَوَّلِ حَتَّى يَسْتَصْحِبَ، فَالْإِعَادَةُ هُنَا مُسْتَنِدَةٌ لِتَيَقُّنِ تَرْكٍ لَا لِشَكٍّ فَلَيْسَتْ مِمَّا نَحْنُ فِيهِ (وَسَهْوِهِ) أَيْ مُقْتَضَى سَهْوِ الْمَأْمُومِ (حَالَ قُدْوَتِهِ) وَلَوْ لِكَمِّيَّةٍ كَمَا يَأْتِي أَوَّلَ صَلَاةِ الْخَوْفِ وَكَمَا فِي الْمَزْحُومِ (يَحْمِلُهُ إمَامُهُ) الْمُتَطَهِّرُ كَمَا يَتَحَمَّلُ عِنْدَ الْفَاتِحَةِ وَغَيْرِهَا فَلَا يَحْمِلُ الْإِمَامُ الْمُحْدِثُ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ لِعَدَمِ صَلَاحِيَّتِهِ لِلتَّحَمُّلِ بِدَلِيلِ مَا لَوْ أَدْرَكَهُ رَاكِعًا فَإِنَّهُ لَا يُدْرِكُ الرَّكْعَةَ، وَإِنَّمَا أُثِيبَ الْمُصَلِّي خَلْفَهُ عَلَى الْجَمَاعَةِ؛ لِوُجُودِ صُورَتِهَا؛ لِأَنَّهُ يُغْتَفَرُ فِي الْفَضَائِلِ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي غَيْرِهَا؛ وَخَرَجَ بِحَالِ الْقُدْوَةِ بَعْدَهَا وَسَيَأْتِي وَسَهْوُهُ قَبْلَهَا كَمَا لَوْ سَهَا وَهُوَ مُنْفَرِدٌ ثُمَّ اقْتَدَى بِهِ فَلَا يَتَحَمَّلُهُ عَلَى الصَّحِيحِ. وَإِنْ اقْتَضَى كَلَامُهُمَا فِي بَابِ صَلَاةِ الْخَوْفِ تَرْجِيحَ تَحَمُّلِهِ؛ لِعَدَمِ اقْتِدَائِهِ بِهِ حَالَ سَهْوِهِ، وَإِنَّمَا لَحِقَهُ سَهْوُ إمَامِهِ قَبْلَ اقْتِدَائِهِ بِهِ؛ لِأَنَّهُ عُهِدَ تَعَدَّى الْخَلَلِ مِنْ صَلَاةِ الْإِمَامِ إلَى صَلَاةِ الْمَأْمُومِ دُونَ عَكْسِهِ.

وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم «الْإِمَامُ ضَامِنٌ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ. قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: يُرِيدُ بِالضَّمَانِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّهُ يَتَحَمَّلُ سَهْوَ الْمَأْمُومِ، وَلِأَنَّ مُعَاوِيَةَ شَمَّتَ الْعَاطِسَ خَلْفَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَلَمْ يَسْجُدْ وَلَا أَمَرَهُ صلى الله عليه وسلم بِالسُّجُودِ (فَلَوْ)(ظَنَّ سَلَامَهُ) أَيْ الْإِمَامِ (فَسَلَّمَ) الْمَأْمُومُ (فَبَانَ خِلَافُهُ) أَيْ خِلَافُ مَا ظَنَّهُ (سَلَّمَ مَعَهُ) أَيْ بَعْدَهُ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ أَنَّهُ الْأَوْلَى إذْ سَلَامُهُ قَبْلَ سَلَامِ إمَامِهِ مُمْتَنِعٌ (وَلَا سُجُودَ) لِسَهْوِهِ حَالَ الْقُدْوَةِ فَيَتَحَمَّلُهُ الْإِمَامُ (وَلَوْ ذَكَرَ) الْمَأْمُومُ (فِي تَشَهُّدِهِ) أَوْ قَبْلَهُ أَوْ بَعْدَهُ (تَرْكَ رُكْنٍ غَيْرِ) سَجْدَةٍ مِنْ الْأَخِيرَةِ كَمَا مَرَّ فِي التَّرْتِيبِ وَغَيْرِ (النِّيَّةِ وَالتَّكْبِيرَةِ) لِلتَّحَرُّمِ أَوْ شَكَّ فِيهِ امْتَنَعَ عَلَيْهِ تَدَارُكُهُ مَعَ بَقَاءِ الْقُدْوَةِ لِمَا فِيهِ مِنْ تَرْكِ الْمُتَابَعَةِ الْوَاجِبَةِ وَ (قَامَ بَعْدَ سَلَامِ إمَامِهِ إلَى رَكْعَتِهِ) الْفَائِتَةِ بِفَوَاتِ الرُّكْنِ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ (وَلَا يَسْجُدُ) فِي التَّذَكُّرِ لِوُقُوعِ السَّهْوِ حَالَ الْقُدْوَةِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ شَكَّ فِي فِعْلِهِ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْقُدْوَةِ فَيَتَدَارَكُ ذَلِكَ وَيَسْجُدُ لِلسَّهْوِ كَمَا فِي التَّحْقِيقِ؛ لِأَنَّهُ فَعَلَ زَائِدًا عَلَى تَقْدِيرٍ وَلَا يَتَحَمَّلُهُ الْإِمَامُ كَمَا مَرَّ.

وَلِهَذَا لَوْ شَكَّ فِي إدْرَاكِ رُكُوعٍ أَوْ فِي أَنَّهُ أَدْرَكَ مَعَهُ الصَّلَاةَ كَامِلَةً أَوْ نَاقِصَةً رَكْعَةً أَتَى بِرَكْعَةٍ وَسَجَدَ فِيهَا؛ لِوُجُودِ شَكِّهِ الْمُقْتَضِي لِلسُّجُودِ بَعْدَ الْقُدْوَةِ أَيْضًا.

أَمَّا النِّيَّةُ وَتَكْبِيرَةُ التَّحَرُّمِ فَتَذَكُّرُ تَرْكِ أَحَدِهِمَا أَوْ شَكُّهُ فِيهِ أَوْ فِي شَرْطٍ مِنْ شُرُوطِهِ إذَا طَالَ أَوْ مَضَى مَعَهُ رُكْنٌ يَقْتَضِي إعَادَتَهَا كَمَا مَرَّ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

قَوْلُهُ: يَحْمِلُهُ إمَامُهُ) أَيْ فَيَصِيرُ الْمَأْمُومُ كَأَنَّهُ فَعَلَهُ حَتَّى لَا يُنْقَصُ شَيْءٌ مِنْ ثَوَابِهِ (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا أُثِيبَ الْمُصَلِّي خَلْفَهُ) أَيْ خَلْفَ الْإِمَامِ الْمُحْدِثِ الَّذِي لَمْ يَعْلَمْ بِحَدَثِهِ وَقْتَ النِّيَّةِ (قَوْلُهُ: وَلِأَنَّ مُعَاوِيَةَ) أَيْ ابْنَ الْحَكَمِ كَمَا تَقَدَّمَ عَنْ شَرْحِ الرَّوْضِ (قَوْلُهُ: شَمَّتَ الْعَاطِسَ) أَيْ جَاهِلًا بِالْحُكْمِ (قَوْلُهُ: إذْ سَلَامُهُ قَبْلَ سَلَامِ إمَامِهِ مُمْتَنِعٌ) تَعْلِيلٌ لِقَوْلِهِ سَلَّمَ مَعَهُ لَا لِخُصُوصِ كَوْنِهِ بَعْدَهُ (قَوْلُهُ: فَيَتَحَمَّلُهُ الْإِمَامُ) أَيْ وَإِنْ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ بَعْدَ سَهْوِ الْمَأْمُومِ. اهـ سم عَلَى حَجّ.

(قَوْلُهُ: مَعَ بَقَاءِ الْقُدْوَةِ) احْتَرَزَ بِهِ عَمَّا لَوْ نَوَى مُفَارَقَتَهُ (قَوْلُهُ: أَتَى بِرَكْعَةٍ) أَيْ وُجُوبًا وَسَجَدَ: أَيْ نَدْبًا (قَوْلُهُ: أَوْ مَضَى مَعَهُ رُكْنٌ إلَخْ) هُوَ صَادِقٌ بِأَقَلِّ الْأَرْكَانِ نَحْوِ اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ، وَكَالرُّكْنِ بَعْضِهِ وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَبَعْضُ الرُّكْنِ صَادِقٌ بِالْقَوْلِ وَالْفِعْلِ، وَفِيهِ كَلَامٌ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَالَ: أَعْنِي الشِّهَابَ الْمَذْكُورَ: أَمَّا إذَا عَلِمَ سَبْقَ حَدَثِهِ وَلَمْ يَعْلَمْ طَهَارَةً بَعْدَهُ فَالْوَجْهُ بُطْلَانُ صَلَاتِهِ وَإِنْ عَرَضَ الشَّكُّ فِي الطَّهَارَةِ بَعْدَ السَّلَامِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ الْحَدَثِ، كَمَا أَنْ لَوْ تَيَقَّنَ طَهَارَةً لَمْ يَضُرَّ الشَّكُّ فِي الْحَدَثِ لَا قَبْلَ الصَّلَاةِ وَلَا فِيهَا وَلَا بَعْدَهَا اهـ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُمْ إذَا جَوَّزُوا لَهُ الدُّخُولَ مَعَ الشَّكِّ) فِيهِ أَنَّ هَذَا الشَّكَّ لَا عِبْرَةَ بِهِ مَعَ يَقِينِ الطَّهَارَةِ، بِخِلَافِ الشَّكِّ الَّذِي الْكَلَامُ فِيهِ كَمَا عَلِمْت فَالْأَوْلَوِيَّةُ بَلْ الْمُسَاوَاةُ مَمْنُوعَةٌ (قَوْلُهُ: فِي التَّذَكُّرِ) أَيْ بِخِلَافِهِ فِي صُورَةِ الشَّكِّ الَّتِي زَادَهَا هُوَ كَمَا يَأْتِي عَلَى الْأَثَرِ بِمَا فِيهِ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَا لَوْ شَكَّ إلَخْ) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ بِخِلَافِ الشَّكِّ لِفِعْلِهِ

ص: 84

بَعْضُ ذَلِكَ (وَسَهْوُهُ) أَيْ الْمَأْمُومِ (بَعْدَ سَلَامِهِ) أَيْ الْإِمَامِ (لَا يَحْمِلُهُ) الْإِمَامُ لِانْقِضَاءِ الْقُدْوَةِ مَسْبُوقًا كَانَ أَوْ مُوَافِقًا (فَلَوْ سَلَّمَ الْمَسْبُوقُ بِسَلَامِ إمَامِهِ) أَيْ بَعْدَهُ ثُمَّ تَذَكَّرَ (بَنَى) عَلَى صَلَاتِهِ إنْ كَانَ الْفَصْلُ قَصِيرًا (وَسَجَدَ) لِوُقُوعِ سَهْوِهِ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْقُدْوَةِ، أَمَّا لَوْ سَلَّمَ مَعَهُ فَلَا سُجُودَ عَلَى أَحَدِ احْتِمَالَيْنِ ذَكَرَهُمَا ابْنُ الْأُسْتَاذِ وَاعْتَمَدَهُ الْأَذْرَعِيُّ، وَأَوْجَهُهُمَا السُّجُودُ لِضَعْفِ الْقُدْوَةِ بِالشُّرُوعِ فِيهِ وَإِنْ لَمْ تَنْقَطِعْ حَقِيقَتُهَا إلَّا بِتَمَامِ السَّلَامِ، وَيُؤَيِّدُ ذَلِكَ مَا سَيَأْتِي أَنَّهُ لَوْ اقْتَدَى بِهِ بَعْدَ شُرُوعِهِ فِي السَّلَامِ وَقَبْلَ عَلَيْكُمْ لَمْ تَصِحَّ الْقُدْوَةُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ. وَلَوْ نَطَقَ بِالسَّلَامِ فَقَطْ وَلَمْ يَنْوِ بِهِ الْخُرُوجَ مِنْ الصَّلَاةِ وَلَمْ يَقُلْ عَلَيْكُمْ فَلَا سُجُودَ لِعَدَمِ الْخِطَابِ وَالنِّيَّةِ، وَالسَّلَامُ مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى فَإِنْ نَوَى بِهِ الْخُرُوجَ مِنْ الصَّلَاةِ وَلَوْ لَمْ يَقُلْ عَلَيْكُمْ سَجَدَ كَمَا قَالَ الْإِسْنَوِيُّ إنَّهُ الْقِيَاسُ، وَلَوْ ظَنَّ مَسْبُوقٌ بِرَكْعَةٍ سَلَامَ إمَامِهِ فَقَامَ وَأَتَى بِرَكْعَةٍ قَبْلَ سَلَامِ إمَامِهِ لَمْ يُعْتَدَّ بِمَا فَعَلَهُ لِوُقُوعِهِ فِي غَيْرِ مَحَلِّهِ، فَإِذَا سَلَّمَ إمَامُهُ أَعَادَهَا وَلَا يَسْجُدُ لِلسَّهْوِ لِبَقَاءِ حُكْمِ الْقُدْوَةِ، وَلَوْ عَلِمَ فِي قِيَامِهِ أَنَّ إمَامَهُ لَمْ يُسَلِّمْ لَزِمَهُ الْجُلُوسُ إذْ قِيَامُهُ غَيْرُ مُعْتَدٍّ بِهِ، فَإِذَا جَلَسَ وَوَجَدَهُ لَمْ يُسَلِّمْ فَإِنْ شَاءَ انْتَظَرَ سَلَامَهُ، وَإِنْ شَاءَ فَارَقَهُ، فَلَوْ أَتَمَّهَا جَاهِلًا بِالْحَالِ وَلَوْ بَعْدَ سَلَامِ الْإِمَامِ لَمْ يُحْسَبْ فَيُعِيدُهَا لِمَا مَرَّ وَيَسْجُدُ لِلسَّهْوِ لِلزِّيَادَةِ بَعْدَ سَلَامِ الْإِمَامِ (وَيَلْحَقُهُ) أَيْ الْمَأْمُومَ (سَهْوُ إمَامِهِ) الْمُتَطَهِّرِ دُونَ الْمُحْدِثِ حَالَ وُقُوعِ السَّهْوِ مِنْهُ، وَإِنْ أَحْدَثَ بَعْدَ ذَلِكَ لِتَطَرُّقِ الْخَلَلِ مِنْ صَلَاةِ إمَامِهِ لِصَلَاتِهِ وَلِتَحَمُّلِ الْإِمَامِ عِنْدَ السَّهْوِ (فَإِنْ سَجَدَ) إمَامُهُ (لَزِمَهُ مُتَابَعَتُهُ) وَإِنْ لَمْ يَعْرِفْ أَنَّهُ سَهَا حَمْلًا لَهُ عَلَى السَّهْوِ، حَتَّى لَوْ اقْتَصَرَ عَلَى سَجْدَةٍ وَاحِدَةٍ سَجَدَ الْمَأْمُومُ أُخْرَى لِاحْتِمَالِ تَرْكِ الْإِمَامِ لَهَا سَهْوًا،

ــ

[حاشية الشبراملسي]

لحج فَرَاجِعْهُ (قَوْلُهُ: أَيْ بَعْدَهُ) أَيْ أَوْ مَعَهُ كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: بِالشُّرُوعِ فِيهِ) أَيْ السَّلَامِ (قَوْلُهُ: لَمْ تَصِحَّ الْقُدْوَةُ) أَيْ وَتَنْعَقِدُ فُرَادَى (قَوْلُهُ: وَلَوْ نَطَقَ) أَيْ مَأْمُومٌ (قَوْلُهُ: وَلَوْ لَمْ يَقُلْ عَلَيْكُمْ سَجَدَ) أَيْ؛ لِأَنَّ نِيَّةَ الْخُرُوجِ يُبْطِلُ عَمْدُهَا فَيَسْجُدُ لِسَهْوِهَا (قَوْلُهُ: فَإِذَا سَلَّمَ إمَامُهُ أَعَادَهَا) أَيْ الرَّكْعَةَ (قَوْلُهُ: وَإِنْ شَاءَ فَارَقَهُ) قَضِيَّتُهُ امْتِنَاعُ الْمُفَارَقَةِ قَبْلَ الْجُلُوسِ وَقَدْ تَقَدَّمَ عَنْ حَجّ خِلَافُهُ (قَوْلُهُ: فَلَوْ أَتَمَّهَا) أَيْ الرَّكْعَةَ (قَوْلُهُ: وَيَلْحَقُهُ سَهْوُ إمَامِهِ) ظَاهِرُهُ لَوْ اقْتَدَى بِهِ بَعْدَ فِعْلِ الْإِمَامِ لِلسُّجُودِ، وَيُحْتَمَلُ خِلَافُهُ وَهُوَ الْأَقْرَبُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَبْقَ فِي صَلَاةِ الْإِمَامِ خَلَلٌ حِينَ اقْتَدَى بِهِ، لَكِنْ فِي فَتَاوَى الشَّارِحِ أَنَّهُ سُئِلَ عَمَّا لَوْ سَجَدَ لِلسَّهْوِ فَاقْتَدَى بِهِ شَخْصٌ قَبْلَ شُرُوعِهِ فِي السَّلَامِ مِنْ الصَّلَاةِ هَلْ يَسْجُدُ آخِرَ صَلَاةِ نَفْسِهِ لِلْخَلَلِ الْمُتَطَرِّقِ لَهُ مِنْ صَلَاةِ الْإِمَامِ أَمْ لَا؟ فَأَجَابَ أَنَّهُ يُنْدَبُ لَهُ السُّجُودُ آخِرَ صَلَاتِهِ لِتَطَرُّقِ الْخَلَلِ مِنْ صَلَاةِ إمَامِهِ اهـ.

وَيُتَأَمَّلُ قَوْلُهُ: لِتَطَرُّقِ الْخَلَلِ فَإِنَّ الْخَلَلَ انْجَبَرَ قَبْلَ اقْتِدَائِهِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ أَحْدَثَ بَعْدَ ذَلِكَ) غَايَةٌ لِقَوْلِهِ الْمُتَطَهِّرِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَعْرِفْ) غَايَةٌ (قَوْلِهِ سَجَدَ الْمَأْمُومُ أُخْرَى) أَيْ وَلَوْ قَبْلَ سَلَامِ الْإِمَامِ؛ لِأَنَّ غَايَتَهُ بِتَقْدِيرِ أَنْ يَتَذَكَّرَ الْإِمَامُ أَنَّهُ

ــ

[حاشية الرشيدي]

زَائِدًا بِتَقْدِيرٍ انْتَهَتْ، وَمُرَادُهُ بِالشَّكِّ الشَّكُّ الْمُتَقَدِّمُ فِي كَلَامِهِ كَالشَّارِحِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، وَبِهَا يُعْلَمُ مَا فِي كَلَامِ الشَّارِحِ فَإِنَّهُ يُوهِمُ أَنَّهُ غَيْرُ الشَّكِّ الَّذِي قَدَّمَهُ فِي غُضُونِ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ مَعَ أَنَّهُ هُوَ خُصُوصًا وَقَدْ زَادَ قَوْلَهُ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْقُدْوَةِ، وَحِينَئِذٍ لَا يَصِيرُ لِتَقْيِيدِهِ بِصُورَةِ التَّذَكُّرِ فَائِدَةٌ.

وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا ذَكَرَ فِي صُلْبِ الصَّلَاةِ تَرْكَ رُكْنٍ غَيْرِ مَا مَرَّ تَدَارَكَهُ بَعْدَ سَلَامِ الْإِمَامِ وَلَا سُجُودَ عَلَيْهِ لِوُقُوعِ سَبَبِهِ الَّذِي هُوَ السَّهْوُ وَزَوَالِهِ حَالَ الْقُدْوَةِ بِالتَّذَكُّرِ فَيَتَحَمَّلُهُ الْإِمَامُ، بِخِلَافِ مَا لَوْ شَكَّ فِي ذَلِكَ وَاسْتَمَرَّ شَكُّهُ إلَى انْقِطَاعِ الْقُدْوَةِ فَإِنَّهُ يَسْجُدُ بَعْدَ التَّدَارُكِ لِهَذَا الشَّكِّ الْمُسْتَمِرِّ مَعَهُ بَعْدَ الْقُدْرَةِ لِعَدَمِ تَحَمُّلِ الْإِمَامِ لَهُ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَتَحَمَّلُ الْوَاقِعَ حَالَ الْقُدْوَةِ، وَإِيضَاحُهُ أَنَّ أَوَّلَ الشَّكِّ الْوَاقِعِ حَالَ الْقُدْوَةِ تَحَمَّلَهُ الْإِمَامُ، وَالسُّجُودُ إنَّمَا هُوَ لِهَذِهِ الْحِصَّةِ الْوَاقِعَةِ مِنْهُ بَعْدَ الْقُدْوَةِ، وَإِنْ كَانَ ابْتِدَاؤُهَا وَقَعَ حَالَ الْقُدْوَةِ (قَوْلُهُ: أَيْ بَعْدَهُ) أَيْ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْهُ بِقَرِينَةِ مَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: وَلَوْ نَطَقَ) أَيْ الْمُصَلِّي لَا يُقَيِّدُ. كَوْنَهُ مَأْمُومًا (قَوْلُهُ: فَلَوْ أَتَمَّهَا جَاهِلًا بِالْحَالِ) يَعْنِي بِحَالِ الْحُكْمِ بِأَنْ جَهِلَ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ الْجُلُوسُ إذْ الصُّورَةُ أَنَّهُ عَالِمٌ بِحَالِ الْإِمَامِ. وَعِبَارَةُ الْعُبَابِ: وَلَوْ عَلِمَ فِي قِيَامِهِ أَنَّ

ص: 85

وَلَوْ تَرَكَ الْمَأْمُومُ مُتَابَعَتَهُ عَامِدًا عَالِمًا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ لِمُخَالَفَتِهِ حَالَ الْقُدْوَةِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ قَامَ الْإِمَامُ إلَى خَامِسَةٍ سَاهِيًا فَإِنَّهُ يَمْتَنِعُ عَلَى الْمَأْمُومِ مُتَابَعَتُهُ وَلَا اعْتِبَارَ بِاحْتِمَالِ كَوْنِهِ قَدْ تَرَكَ رُكْنًا مِنْ رَكْعَةٍ وَلَوْ كَانَ مَسْبُوقًا؛ لِأَنَّ قِيَامَهُ لِخَامِسَةٍ غَيْرُ مَعْهُودٍ، بِخِلَافِ سُجُودِهِ فَإِنَّهُ مَعْهُودٌ لِسَهْوِ إمَامِهِ، وَهُوَ مُخَيَّرٌ بَيْنَ مُفَارَقَتِهِ؛ لِيُسَلِّمَ وَحْدَهُ وَانْتِظَارِهِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ لِيُسَلِّمَ مَعَهُ، وَمَا وَرَدَ مِنْ مُتَابَعَةِ الصَّحَابَةِ الْمَأْمُومِينَ لَهُ صلى الله عليه وسلم فِي قِيَامِهِ لِلْخَامِسَةِ فِي صَلَاةِ الظُّهْرِ مَحْمُولٌ عَلَى عَدَمِ تَحَقُّقِ زِيَادَتِهَا؛ لِأَنَّ الزَّمَنَ كَانَ زَمَنَ وَحْيٍ يَحْتَمِلُ زِيَادَةَ الصَّلَاةِ وَنُقْصَانَهَا، وَلِهَذَا قَالُوا أَزِيدَ فِي الصَّلَاةِ يَا رَسُولَ اللَّهِ.

. وَلَا يَرُدُّ مَا سَيَأْتِي فِي الْجُمُعَةِ أَنَّ الْمَسْبُوقَ لَوْ رَأَى الْإِمَامَ يَتَشَهَّدُ نَوَى الْجُمُعَةَ لِاحْتِمَالِ نِسْيَانِهِ بَعْضَ أَرْكَانِهَا فَيَأْتِي بِرَكْعَةٍ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يُتَابِعُهُ فِيمَا يَأْتِي إذَا عَلِمَ ذَلِكَ كَمَا أَفَادَهُ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَهُنَا لَمْ يُعْلَمْ، وَمَحَلُّ لُزُومِ الْمُتَابَعَةِ فِيمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مَا لَمْ يَتَيَقَّنْ غَلَطَهُ فِي سُجُودِهِ فَإِنْ تَيَقَّنَ ذَلِكَ لَمْ يُتَابِعْهُ كَأَنْ كَتَبَ أَوْ أَشَارَ أَوْ تَكَلَّمَ قَلِيلًا جَاهِلًا وَعُذِرَ أَوْ أَسْلَمَ عَقِبَ سُجُودِهِ فَرَآهُ هَاوِيًا لِلسُّجُودِ لِبُطْءِ حَرَكَتِهِ أَوْ لَمْ يَسْجُدْ لِجَهْلِهِ بِهِ فَأَخْبَرَهُ أَنَّ سُجُودَهُ لِتَرْكِ الْجَهْرِ أَوْ السُّورَةِ فَلَا إشْكَالَ حِينَئِذٍ فِي تَصْوِيرِ ذَلِكَ.

وَمَا اُسْتُشْكِلَ بِهِ حُكْمُهُ مِنْ أَنَّ مَنْ ظَنَّ سَهْوًا فَسَجَدَ فَبَانَ عَدَمُهُ يَسْجُدُ ثَانِيًا لِسَهْوِهِ بِالسُّجُودِ فَبِفَرْضِ عَدَمِ سَهْوِ الْإِمَامِ فَسُجُودُهُ وَإِنْ لَمْ يَقْتَضِ مُوَافَقَةَ الْمَأْمُومِ يَقْتَضِي سُجُودَهُ. جَوَابُهُ أَنَّ الْكَلَامَ إنَّمَا هُوَ فِي أَنَّهُ لَا يُوَافِقُهُ فِي هَذَا السُّجُودِ؛ لِأَنَّهُ غَلَطٌ، وَأَمَّا كَوْنُهُ يَقْتَضِي سُجُودَهُ لِلسَّهْوِ بَعْدَ نِيَّةِ الْمُفَارَقَةِ أَوْ سَلَامِ الْإِمَامِ لِمُدْرَكٍ آخَرَ فَتِلْكَ مَسْأَلَةٌ أُخْرَى لَيْسَ الْكَلَامُ فِيهَا مَعَ وُضُوحِ حُكْمِهَا، وَمَا اُسْتُشْكِلَ بِهِ اسْتِثْنَاؤُهُ مِنْ أَنَّ هَذَا الْإِمَامَ لَمْ يَسْهُ فَكَيْفَ يُسْتَثْنَى مِنْ سَهْوِ الْإِمَامِ. جَوَابُهُ أَنَّهُ اسْتِثْنَاءٌ صُورَةً (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَسْجُدْ إمَامُهُ بِأَنْ تَرَكَهُ مُتَعَمِّدًا أَوْ سَاهِيًا أَوْ مُعْتَقِدًا كَوْنَهُ بَعْدَ سَلَامِهِ (فَيَسْجُدُ) الْمَأْمُومُ بَعْدَ سَلَامِ إمَامِهِ (عَلَى النَّصِّ) لِجَبْرِ الْخَلَلِ الْحَاصِلِ فِي صَلَاتِهِ مِنْ صَلَاةِ إمَامِهِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ تَرَكَ التَّشَهُّدَ الْأَوَّلَ أَوْ سَجْدَةَ التِّلَاوَةِ لَا يَأْتِي بِهِمَا الْمَأْمُومُ لِوُقُوعِهِمَا خِلَالَ الصَّلَاةِ، فَلَوْ انْفَرَدَ بِهِمَا لَخَالَفَ الْإِمَامَ، وَاخْتَلَّتْ الْمُتَابَعَةُ، وَمَا هُنَا إنَّمَا يَأْتِي بِهِ بَعْدَ سَلَامِ إمَامِهِ كَمَا تَقَرَّرَ، وَفِي قَوْلٍ مُخَرَّجٍ لَا يَسْجُدُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَسْهُ وَإِنَّمَا سَهَا الْإِمَامُ وَسُجُودُهُ مَعَهُ كَانَ لِلْمُتَابَعَةِ، فَإِذَا لَمْ يَسْجُدْ الْمَتْبُوعُ فَالتَّابِعُ أَوْلَى، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّ سُجُودَ السَّهْوِ بِفِعْلِ الْإِمَامِ لَهُ يَسْتَقِرُّ عَلَى الْمَأْمُومِ وَيَصِيرُ كَالرُّكْنِ، حَتَّى لَوْ سَلَّمَ بَعْدَ سَلَامِ إمَامِهِ سَاهِيًا عَنْهُ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

لَمْ يَسْجُدْ يَكُونُ سَبَقَهُ بِرُكْنٍ وَهُوَ لَا يَضُرُّ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ لَا يَأْتِي بِالثَّانِيَةِ إلَّا بَعْدَ سَلَامِ الْإِمَامِ وَإِنْ أَدَّى إلَى تَطْوِيلِ الْجُلُوسِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ حَمْلًا لِلْإِمَامِ أَنَّهُ قَطَعَ سُجُودَ السَّهْوِ وَهُوَ بِتَقْدِيرِ ذَلِكَ يَكُونُ سُجُودُ الْمَأْمُومِ بَعْدَ سَلَامِ الْإِمَامِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ تَرَكَ الْمَأْمُومُ مُتَابَعَتَهُ) أَيْ بِأَنْ اسْتَمَرَّ فِي جُلُوسِهِ حَتَّى هَوَى الْإِمَامُ لِلسَّجْدَةِ الثَّانِيَةِ. اهـ حَجّ بِالْمَعْنَى. وَمَحَلُّ ذَلِكَ حَيْثُ لَمْ يَقْصِدْ ابْتِدَاءَ عَدَمِ السُّجُودِ أَصْلًا وَإِلَّا فَتَبْطُلُ بِمُجَرَّدِ هَوِيِّ الْإِمَامِ لِلسُّجُودِ لِشُرُوعِ الْمَأْمُومِ فِي الْمُبْطِلِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ قِيَامَهُ) أَيْ الْمَأْمُومِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ مُخَيَّرٌ بَيْنَ مُفَارَقَتِهِ لِيُسَلِّمَ وَحْدَهُ) وَهِيَ أَوْلَى قِيَاسًا عَلَى مَا مَرَّ فِيمَا لَوْ عَادَ الْإِمَامُ لِلْقُعُودِ بَعْدَ انْتِصَابِهِ.

(قَوْلُهُ: مَا لَمْ يَتَيَقَّنْ) أَيْ الْمَأْمُومُ غَلَطَهُ: أَيْ الْإِمَامِ (قَوْلُهُ: كَأَنْ كَتَبَ) أَيْ الْإِمَامُ (قَوْلُهُ: فَلَا إشْكَالَ حِينَئِذٍ فِي تَصْوِيرِ ذَلِكَ) أَيْ تَيَقَّنَ غَلَطَ الْإِمَامِ (قَوْلُهُ: مَعَ وُضُوحِ حُكْمِهَا) مِنْ أَنَّهُ يَسْجُدُ لِسُجُودِ الْإِمَامِ؛ لِأَنَّهُ فَعَلَ مَا يُبْطِلُ عَمْدُهُ (قَوْلُهُ: أَوْ مُعْتَقِدًا كَوْنَهُ بَعْدَ سَلَامِهِ) بِأَنْ كَانَ مُخَالِفًا (قَوْلُهُ: مَا لَوْ تَرَكَ) أَيْ الْإِمَامُ (قَوْلُهُ: فَلَوْ انْفَرَدَ) أَيْ الْمَأْمُومُ (قَوْلُهُ: يَسْتَقِرُّ عَلَى الْمَأْمُومِ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ مَسْبُوقًا.

وَعِبَارَةُ حَجّ تَنْبِيهٌ: قَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ أَنَّ سُجُودَ السَّهْوِ بِفِعْلِ الْإِمَامِ لَهُ يَسْتَقِرُّ عَلَى الْمَأْمُومِ وَيَصِيرُ كَالرُّكْنِ حَتَّى لَوْ سَلَّمَ بَعْدَ سَلَامِ إمَامِهِ سَاهِيًا عَنْهُ لَزِمَهُ أَنْ يَعُودَ

ــ

[حاشية الرشيدي]

إمَامَهُ لَمْ يُسَلِّمْ أَوْ سَلَّمَ فِي قِيَامِهِ لَزِمَهُ الْجُلُوسُ لِيَقُومَ مِنْهُ، وَلَا يَسْقُطُ بِنِيَّةِ الْمُفَارَقَةِ وَإِنْ جَازَتْ وَلَوْ لَمْ يَجْلِسْ وَأَتَمَّ جَاهِلًا لَهَا فَيُعِيدُ وَيَسْجُدُ (قَوْلُهُ: سَاهِيًا) الْأَصْوَبُ حَذْفُهُ إذْ لَا يُلَائِمُهُ مَا بَعْدَهُ (قَوْلُهُ: وَهُوَ) أَيْ مَنْ قَامَ إمَامُهُ لِخَامِسَةٍ.

ص: 86

لَزِمَهُ أَنْ يَعُودَ إلَيْهِ إنْ قَرُبَ الْفَصْلُ، وَإِلَّا أَعَادَ صَلَاتَهُ كَمَا لَوْ تَرَكَ رُكْنًا مِنْهَا، وَلَوْ سَجَدَ الْإِمَامُ بَعْدَ فَرَاغِ الْمَأْمُومِ الْمُوَافِقِ أَقَلَّ التَّشَهُّدِ لَزِمَ الْمَأْمُومَ مُوَافَقَتُهُ فِي السُّجُودِ.

وَيُنْدَبُ لَهُ مُوَافَقَتُهُ فِي السَّلَامِ فِيمَا يَظْهَرُ، وَإِنْ اقْتَضَى كَلَامُ بَعْضِهِمْ لُزُومَهُ فِيهِ أَيْضًا؛ لِأَنَّ لِلْمَأْمُومِ التَّخَلُّفَ بَعْدَ سَلَامِ الْإِمَامِ أَوْ قَبْلَ أَقَلِّهِ تَابَعَهُ حَتْمًا عَلَى مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْخَادِمِ كَالْبَحْرِ ثُمَّ يُتِمُّ تَشَهُّدَهُ كَمَا لَوْ سَجَدَ لِلتِّلَاوَةِ وَهُوَ فِي الْفَاتِحَةِ، وَعَلَيْهِ فَهَلْ يُعِيدُ السُّجُودَ؟ فِيهِ احْتِمَالَانِ، وَمُقْتَضَى كَلَامِ الزَّرْكَشِيّ فِي خَادِمِهِ إعَادَتُهُ.

وَيُوَجَّهُ بِأَنَّهُ قِيَاسُ مَا تَقَرَّرَ فِي الْمَسْبُوقِ، وَقَدْ يُوَجَّهُ الْقَوْلُ بِعَدَمِ إعَادَتِهِ. وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَسْبُوقِ بِأَنَّ الْجُلُوسَ الْأَخِيرَ مَحَلُّ سُجُودِ السَّهْوِ فِي الْجُمْلَةِ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ فِي السُّورَةِ قَبْلَ الْفَاتِحَةِ أَنْ لَا يَسْجُدَ لِنَقْلِهَا؛ لِأَنَّ الْقِيَامَ مَحَلُّهَا فِي الْجُمْلَةِ. هَذَا وَاَلَّذِي أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ إتْمَامُ كَلِمَاتِ التَّشَهُّدِ الْوَاجِبَةِ ثُمَّ يَسْجُدُ لِلسَّهْوِ. وَلَوْ تَخَلَّفَ الْمَأْمُومُ بَعْدَ سَلَامِ إمَامِهِ لِيَسْجُدَ فَعَادَ الْإِمَامُ لِلسُّجُودِ لَمْ يُتَابِعْهُ سَوَاءٌ أَسَجَدَ قَبْلَ عَوْدِ إمَامِهِ أَمْ لَا لِقَطْعِهِ الْقُدْوَةَ بِسُجُودِهِ فِي الْأُولَى وَبِاسْتِمْرَارِهِ فِي الصَّلَاةِ بَعْدَ سَلَامِ إمَامِهِ فِي الثَّانِيَةِ بَلْ يَسْجُدُ فِيهِمَا مُنْفَرِدًا، بِخِلَافِ مَا لَوْ قَامَ الْمَسْبُوقُ لِيَأْتِيَ بِمَا عَلَيْهِ فَالْقِيَاسُ كَمَا قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ لُزُومُ الْعَوْدِ لِلْمُتَابَعَةِ، وَالْفَرْقُ أَنَّ قِيَامَهُ لِذَلِكَ وَاجِبٌ وَتَخَلُّفُهُ لِيَسْجُدَ مُخَيَّرٌ فِيهِ وَقَدْ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

إلَيْهِ إنْ قَرُبَ الْفَصْلُ، وَإِلَّا أَعَادَ صَلَاتَهُ كَمَا لَوْ تَرَكَ مِنْهَا رُكْنًا، وَلَا يُنَافِي ذَلِكَ مَا يَأْتِي أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَعْلَمْ بِسُجُودِ إمَامِهِ لِلتِّلَاوَةِ إلَّا وَقَدْ فَرَغَ مِنْهُ لَمْ يُتَابِعْهُ؛ لِأَنَّهُ ثَمَّ فَاتَ مَحَلُّهُ بِخِلَافِهِ هُنَا اهـ.

أَقُولُ: قَضِيَّةُ هَذَا الْفَرْقِ أَنَّ الْمَسْبُوقَ لَا يَسْتَقِرُّ عَلَيْهِ سُجُودُ السَّهْوِ بِفِعْلِ الْإِمَامِ؛ لِأَنَّهُ مَاتَ مَحَلُّهُ بِفَرَاغِ الْإِمَامِ مِنْهُ لِفَوَاتِ الْمُتَابَعَةِ كَمَا فِي سُجُودِ التِّلَاوَةِ، ثُمَّ رَأَيْت سم عَلَى حَجّ صَرَّحَ بِهِ، وَقَوْلُهُ بِفِعْلِ الْإِمَامِ لَهُ يَسْتَقِرُّ عَلَى الْمَأْمُومِ هُوَ مَفْرُوضٌ فِيمَا إذَا سَجَدَ الْإِمَامُ قَبْلَ السَّلَامِ، فَلَوْ كَانَ حَنَفِيًّا مَثَلًا يَرَى السُّجُودَ بَعْدَ السَّلَامِ فَسَلَّمَ عَامِدًا ثُمَّ سَجَدَ هَلْ يَسْتَقِرُّ عَلَى الْمَأْمُومِ بِفِعْلِ الْإِمَامِ لَهُ أَوْ لَا لِانْقِطَاعِ الْقُدْوَةِ بِالسَّلَامِ فَيَصِيرُ كَمَا لَوْ سَلَّمَ الْإِمَامُ وَلَمْ يَسْجُدْ فَيَسْجُدُ الْمَأْمُومُ نَدْبًا لِجَبْرِ الْخَلَلِ الْوَاقِعِ فِي صَلَاتِهِ.

قَالَ سم عَلَى حَجّ: الْأَقْرَبُ الثَّانِي، وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَيُعَلَّلُ بِمَا تَقَدَّمَتْ الْإِشَارَةُ إلَيْهِ بِأَنَّهُ بِسَلَامِ الْإِمَامِ انْقَطَعَتْ الْقُدْوَةُ وَصَارَ الْمَأْمُومُ مُنْفَرِدًا فَلَمْ يَبْقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْإِمَامِ ارْتِبَاطٌ حَتَّى يَسْتَقِرَّ عَلَيْهِ بِفِعْلِهِ، وَكَتَبَ عَلَى سم شَيْخُنَا الْعَلَّامَةُ الشَّوْبَرِيُّ: لَا وَجْهَ لِهَذَا التَّرَدُّدِ؛ لِأَنَّهُ بِسَلَامِ الْإِمَامِ انْقَطَعَتْ الْقُدْوَةُ فَهُوَ بَاقٍ عَلَى سُنِّيَّتِهِ وَلَا يَسْتَقِرُّ عَلَيْهِ بِسُجُودِ الْإِمَامِ.

[فَائِدَةٌ] لَوْ أَخَّرَ الْإِمَامُ السَّلَامَ بَعْدَ سُجُودِهِ وَقَدْ سَهَا الْمَأْمُومُ عَنْ سُجُودِهِ ثُمَّ تَذَكَّرَهُ قَبْلَ سَلَامِ الْإِمَامِ فَيَظْهَرُ أَنَّهُ يَسْجُدُ وَلَا يَنْتَظِرُ سَلَامَ الْإِمَامِ كَمَا لَوْ سَبَقَهُ الْإِمَامُ بِأَقَلَّ مِنْ ثَلَاثَةِ أَرْكَانٍ طَوِيلَةٍ لِسَهْوِهِ عَنْ مُتَابَعَتِهِ فَإِنَّهُ يَمْشِي عَلَى نَظْمِ صَلَاةِ نَفْسِهِ. اهـ سم عَلَى حَجّ. (قَوْلُهُ: لَزِمَهُ أَنْ يَعُودَ إلَيْهِ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ لِلْمَأْمُومِ التَّخَلُّفَ بَعْدَ سَلَامِ الْإِمَامِ) أَيْ فَلَا يَكُونُ سُجُودُهُ مَعَ الْإِمَامِ مَانِعًا لَهُ مِنْ الْأَذْكَارِ الْمَأْثُورَةِ أَوْ غَيْرِهَا (قَوْلُهُ: وَعَلَيْهِ فَهَلْ يُعِيدُ) أَيْ الْمَأْمُومُ (قَوْلُهُ: أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ إلَخْ) أَيْ فَلَا يُتَابِعُ الْإِمَامَ فِي السُّجُودِ (قَوْلُهُ: ثُمَّ يَسْجُدُ لِلسَّهْوِ) خِلَافًا لحج.

أَقُولُ: وَالْأَقْرَبُ مَا قَالَهُ حَجّ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ وُجُوبُ مُتَابَعَةِ الْإِمَامِ فِي فِعْلِهِ فَلَا يَتْرُكُهَا إلَّا لِعَارِضٍ. اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّ هَذَا كَبُطْءِ الْقِرَاءَةِ فَيُعْذَرُ فِي تَخَلُّفِهِ لِإِتْمَامِهِ كَمَا يُعْذَرُ ذَلِكَ فِي إتْمَامِ الْفَاتِحَةِ (قَوْلُهُ: بَعْدَ سَلَامِ إمَامِهِ) أَيْ نَاسِيًا أَنَّ عَلَيْهِ مَا يَقْتَضِي السُّجُودَ (قَوْلُهُ: بَلْ يَسْجُدُ فِيهِمَا مُنْفَرِدًا) أَيْ الْمَأْمُومُ وَهُوَ ظَاهِرٌ فِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ. أَمَّا فِي الْأُولَى فَلَعَلَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ يُعْتَدُّ بِسُجُودِهِ مُنْفَرِدًا

ــ

[حاشية الرشيدي]

(قَوْلُهُ: لِأَنَّ لِلْمَأْمُومِ التَّخَلُّفَ بَعْدَ سَلَامِ الْإِمَامِ) وَظَاهِرٌ أَنَّهُ حِينَئِذٍ لَا يَأْتِي بِشَيْءٍ مِنْ أَذْكَارِ التَّشَهُّدِ وَلَا أَدْعِيَتِهِ؛ لِأَنَّ سُجُودَهُ وَقَعَ فِي مَحَلِّهِ وَلَيْسَ لِمَحْضِ الْمُتَابَعَةِ، وَسُجُودُ السَّهْوِ الْمَحْسُوبُ لَا يَعْقُبُهُ إلَّا السَّلَامُ كَمَا سَيَأْتِي مَا يُصَرِّحُ بِهِ، غَايَةُ الْأَمْرِ أَنَّهُ اُغْتُفِرَ لَهُ التَّخَلُّفُ فَلَا تَبْطُلُ بِهِ صَلَاتُهُ خِلَافًا لِمَا وَقَعَ فِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ (قَوْلُهُ: إنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ إتْمَامُ كَلِمَاتِ التَّشَهُّدِ) أَيْ بِلَا مُتَابَعَةٍ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ السِّيَاقِ فَلْيُرَاجَعْ

ص: 87