الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عَدَمُ وُجُودِهِ قَبْلَ ذَلِكَ، وَلَوْ مَاتَ قَبْلَ الْقَضَاءِ فَفَضْلُ اللَّهُ تَعَالَى أَنْ لَا يُؤَاخِذَهُ مَعَ وَعْدِهِ بِرَفْعِ الْخَطَأِ وَالنِّسْيَانِ عَنْ الْأُمَّةِ، نَصَّ عَلَيْهِ الْبَغَوِيّ فِي فَتَاوِيهِ، وَفِي الْأَنْوَارِ وَنَحْوِهِ.
وَيَلْزَمُهُ تَعْلِيمُ مَنْ رَآهُ يُخِلُّ بِوَاجِبِ عِبَادَةٍ فِي رَأْيِ مُقَلِّدِهِ كِفَايَةً إنْ كَانَ ثَمَّ غَيْرُهُ، وَإِلَّا فَعَيْنًا. نَعَمْ إنْ قُوبِلَ ذَلِكَ بِأُجْرَةٍ لَمْ يَلْزَمْهُ إلَّا بِهَا فِي الْأَصَحِّ، وَلَوْ أَخْبَرَهُ عَدْلٌ رِوَايَةً بِنَحْوِ نَجَسٍ أَوْ كَشْفِ عَوْرَةٍ مُبْطِلٍ لَزِمَهُ قَبُولٌ، أَوْ بِنَحْوِ كَلَامٍ مُبْطِلٍ فَلَا كَمَا يَدُلُّ كَلَامُهُمْ عَلَيْهِ، وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ فِعْلَ نَفْسِهِ لَا مَرْجِعَ فِيهِ لِغَيْرِهِ، وَيَظْهَرُ أَنَّ مَحَلَّهُ فِيمَا لَا يُبْطِلُ سَهْوَهُ لِاحْتِمَالِ أَنَّ مَا وَقَعَ مِنْهُ سَهْوًا مَا هُوَ كَالْفِعْلِ أَوْ الْكَلَامِ الْكَثِيرِ فَيَنْبَغِي قَبُولُهُ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ كَالنَّجِسِ. وَتَقَدَّمَ أَنَّهُ لَوْ صَلَّى نَاسِيًا لِلطَّهَارَةِ أُثِيبَ عَلَى قَصْدِهِ دُونَ فِعْلِهِ وَيَجْرِي ذَلِكَ هُنَا.
فَصْلٌ فِي ذِكْرِ بَعْضِ مُبْطِلَاتِ الصَّلَاةِ وَسُنَنِهَا وَمَكْرُوهَاتِهَا
(تَبْطُلُ) الصَّلَاةُ (بِالنُّطْقِ) عَمْدًا بِكَلَامِ مَخْلُوقٍ
، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِلُغَةِ الْعَرَبِ (بِحَرْفَيْنِ) وَلَوْ مِنْ حَدِيثٍ قُدْسِيٍّ إنْ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
أَشَقُّ مِنْ الِاحْتِرَازِ عَنْ دُخَانِ النَّجَاسَةِ وَنَحْوِهَا (قَوْلُهُ: وَلَوْ مَاتَ قَبْلَ الْقَضَاءِ) أَيْ قَبْلَ الْعِلْمِ بِهِ أَوْ بَعْدَهُ، وَقُلْنَا بِأَنَّ الْقَضَاءَ عَلَى التَّرَاخِي كَمَا مَرَّ عَنْ سم (قَوْلُهُ: إنْ كَانَ ثَمَّ غَيْرُهُ) أَيْ وَلَمْ يَعْلَمْ: أَيْ الرَّائِي مِنْهُ: أَيْ مِنْ الْغَيْرِ أَنَّهُ لَا يَعْلَمُهُ وَلَا يُرْشِدُهُ لِلصَّوَابِ، وَإِلَّا فَيَصِيرُ فِي حَقِّهِ عَيْنًا؛ لِأَنَّ وُجُودَ مَنْ ذُكِرَ وَعَدَمَهُ سَوَاءٌ (قَوْلُهُ: لَزِمَهُ قَبُولُهُ) وَلَوْ تَعَارَضَ عَلَيْهِ عُدُولٌ فِي أَنَّهُ كُشِفَتْ عَوْرَتُهُ أَوْ وَقَعَتْ عَلَيْهِ نَجَاسَةٌ فَيَنْبَغِي تَقْدِيمُ الْمُخْبِرِ بِوُقُوعِ النَّجَاسَةِ أَوْ انْكِشَافِ الْعَوْرَةِ؛ لِأَنَّهُ مُثْبِتٌ، وَهُوَ مُقَدَّمٌ عَلَى النَّافِي، وَإِنْ كَثُرَ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ كَالنَّجَسِ) هَذَا لَا يُنَاسِبُ فَرْقَهُ السَّابِقَ بِأَنَّ فِعْلَ نَفْسِهِ لَا يَرْجِعُ فِيهِ لِغَيْرِهِ. وَيُشْكِلُ عَلَيْهِ أَيْضًا مَا تَقَدَّمَ لَهُ فِي أَسْبَابِ الْحَدَثِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ أَخْبَرَهُ عَدْلٌ بِخُرُوجِ شَيْءٍ مِنْهُ، وَهُوَ مُتَوَضِّئٌ لَا يُنْتَقَضُ طُهْرُهُ؛ لِأَنَّ الْيَقِينَ لَا يُرْفَعُ بِالشَّكِّ.
(فَصْلٌ) فِي ذِكْرِ بَعْضِ مُبْطِلَاتِ الصَّلَاةِ حِكْمَةُ ذِكْرِ هَذَا الْفَصْلِ فِي بَابِ شُرُوطِ الصَّلَاةِ مَعَ أَنَّهُ لَيْسَ مِنْهَا أَنَّهُ إذَا طَرَأَ عَلَيْهَا بَعْدَ اسْتِكْمَالِ الشُّرُوطِ أَبْطَلَهَا (قَوْلُهُ: وَسُنَنِهَا) أَيْ وَبَعْضِ سُنَنِهَا: أَيْ مَا يُسَنُّ فِعْلُهُ فِيهَا أَوَّلُهَا وَلَيْسَ مِنْهَا (قَوْلُهُ: وَمَكْرُوهَاتِهَا) مَعْطُوفٌ كَاَلَّذِي قَبْلَهُ عَلَى مُبْطِلَاتِ (قَوْلُهُ: بِالنُّطْقِ) أَيْ مِنْ الْجَارِحَةِ الْمَخْصُوصَةِ دُونَ غَيْرِهَا كَالْيَدِ وَالرِّجْلِ مَثَلًا، فَلَا تَبْطُلُ بِالنُّطْقِ بِوَاحِدٍ مِنْهُمَا فِيمَا يَظْهَرُ. وَنُقِلَ عَنْ بَعْضِ أَهْلِ الْعَصْرِ الْبُطْلَانُ بِذَلِكَ فَلْيُرَاجَعْ، وَيُؤَيِّدُ مَا قُلْنَاهُ قَوْلُ الشَّارِحِ مِنْ أَنْفٍ أَوْ فَمٍ.
وَنُقِلَ بِالدَّرْسِ عَنْ خَطِّ بَعْضِ الْفُضَلَاءِ عَنْ م ر أَنَّهُ إذَا خَلَقَ اللَّهُ تَعَالَى فِي بَعْضِ أَعْضَائِهِ قُوَّةَ النُّطْقِ وَصَارَ يَتَمَكَّنُ صَاحِبُهَا مِنْ النُّطْقِ بِهَا اخْتِيَارًا مَتَى أَرَادَ وَيَتْرُكُ ذَلِكَ مَتَى أَرَادَ كَانَ ذَلِكَ كَنُطْقِ اللِّسَانِ فَتَبْطُلُ الصَّلَاةُ بِنُطْقِهِ بِذَلِكَ بِحَرْفَيْنِ. انْتَهَى. وَقِيَاسُ مَا ذَكَرَهُ أَنْ يَثْبُتَ لِلْعُضْوِ الَّذِي ثَبَتَ لَهُ تِلْكَ الْقُوَّةُ جَمِيعَ أَحْكَامِ اللِّسَانِ حَتَّى لَوْ قَرَأَ بِهِ الْفَاتِحَةَ فِي الصَّلَاةِ كَفَى، وَكَذَا لَوْ تَعَاطَى بِهِ عَقْدًا أَوْ حَلًّا، عَلَى أَنَّهُ قَدْ يُقَالُ هُوَ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْعَقْدِ وَالْحَلِّ لَا يَتَقَاعَدُ عَنْ الْإِشَارَةِ الْمُفْهِمَةِ، وَهِيَ صَرِيحَةٌ مِنْ الْأَخْرَسِ إنْ فَهِمَهَا كُلُّ أَحَدٍ (قَوْلُهُ: وَلَوْ مِنْ حَدِيثٍ) إنَّمَا أَخْذُهُ غَايَةٌ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ عَدَمُ الْبُطْلَانِ بِهِ؛ لِكَوْنِهِ كَلَامَ اللَّهِ تَعَالَى لَكِنْ يَبْقَى النَّظَرُ فِي وَجْهِ دُخُولِهِ فِي كَلَامِ الْمَخْلُوقِينَ، وَلَعَلَّهُ أَنَّهُ أَرَادَ بِكَلَامِ الْمَخْلُوقِينَ مَا لَيْسَ بِقُرْآنٍ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ الْقُدْسِيُّ، وَعَلَيْهِ فَالْمُرَادُ بِكَلَامِ الْمَخْلُوقِينَ مَا شَأْنُهُ أَنْ يَتَكَلَّمَ بِهِ الْمَخْلُوقُ، وَالْقُرْآنُ لَمَّا كَانَ مُعْجِزًا خَارِجًا عَنْ طَوْقِ الْبَشَرِ خُصَّ بِكَوْنِهِ كَلَامَ اللَّهِ تَعَالَى، وَإِنْ شَارَكَهُ فِيهِ الْحَدِيثُ الْقُدْسِيُّ فِي أَنَّهُ كَلَامُ اللَّهِ.
ــ
[حاشية الرشيدي]
[فَصْلٌ فِي مُبْطِلَاتِ الصَّلَاةِ وَسُنَنِهَا وَمَكْرُوهَاتِهَا] [
تَبْطُلُ الصَّلَاةُ بِالنُّطْقِ عَمْدًا بِكَلَامِ مَخْلُوقٍ]
فَصْلٌ
تَوَالَيَا فِيمَا يَظْهَرُ قِيَاسًا عَلَى مَا يَأْتِي فِي الْأَفْعَالِ أَفْهَمَا أَوْ لَا، وَإِنْ كَانَ لِمَصْلَحَةِ الصَّلَاةِ، إذْ أَقَلُّ مَا يُبْنَى مِنْهُ الْكَلَامُ حَرْفَانِ، وَتَخْصِيصُهُ بِمُفْهِمٍ اصْطِلَاحٌ حَادِثٌ لِلنُّحَاةِ. وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ خَبَرُ مُسْلِمٍ «كُنَّا نَتَكَلَّمُ فِي الصَّلَاةِ حَتَّى نَزَلَتْ {وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ} [البقرة: 238] فَأُمِرْنَا بِالسُّكُوتِ وَنُهِينَا عَنْ الْكَلَامِ» وَرُوِيَ أَيْضًا «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم قَالَ لِمَنْ قَالَ لِعَاطِسٍ يَرْحَمُك اللَّهُ: إنَّ هَذِهِ الصَّلَاةَ لَا يَصْلُحُ فِيهَا شَيْءٌ مِنْ كَلَامِ النَّاسِ» (أَوْ حَرْفٌ مُفْهِمٌ) كَقِ مِنْ الْوِقَايَةِ، وَعِ مِنْ الْوَعْيِ، وَفِ مِنْ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
قَالَ حَجّ: وَكَالْحَدِيثِ الْقُدْسِيِّ مَا نُسِخَتْ تِلَاوَتُهُ اهـ. وَتَبْطُلُ أَيْضًا بِالتَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ، وَإِنْ عُلِمَ عَدَمُ تَبَدُّلِهِمَا كَمَا شَمِلَهُ قَوْلُهُ: م بِحَرْفَيْنِ مِنْ غَيْرِ الْقُرْآنِ وَالذِّكْرِ وَالدُّعَاءِ.
(قَوْلُهُ: أَفْهَمَا أَوْ لَا) أَيْ وَلَوْ كَانَا غَيْر مُسْتَعْمَلَيْنِ كَأَوَعَ. انْتَهَى سم عَلَى مَنْهَجٍ.
وَالْأَوْلَى التَّمْثِيلُ بِنَحْوِ رَذْ مَقْلُوبُ ذَرْ مِنْ الْمُهْمَلَاتِ، وَإِلَّا فَأَوْ مُسْتَعْمَلَةٌ فِي كَلَامِهِمْ (قَوْلُهُ: إذْ أَقَلُّ مَا يُبْنَى مِنْهُ الْكَلَامُ حَرْفَانِ) عِبَارَةُ الْمَحَلِّيِّ: وَالْكَلَامُ يَقَعُ عَلَى الْمُفْهِمِ وَغَيْرِهِ الَّذِي هُوَ حَرْفَانِ انْتَهَى. أَقُولُ: قَوْلُهُ: الَّذِي هُوَ حَرْفَانِ: أَيْ بِنَاءً عَلَى مَا اشْتَهَرَ فِي اللُّغَةِ، وَإِلَّا فَفِي الرِّضَى مَا نَصُّهُ: الْكَلَامُ مَوْضُوعٌ لِجِنْسِ مَا كُرِهْت بِهِ سَوَاءٌ كَانَ كَلِمَةً عَلَى حَرْفٍ كَوَاوِ الْعَطْفِ أَوْ عَلَى أَكْثَرَ مِنْ كَلِمَةٍ سَوَاءٌ كَانَ مُهْمَلًا أَمْ لَا، ثُمَّ قَالَ: وَاشْتَهَرَ الْكَلَامُ لُغَةً فِي الْمُرَكَّبِ مِنْ حَرْفَيْنِ فَصَاعِدًا انْتَهَى. (قَوْلُهُ: فَأُمِرْنَا بِالسُّكُوتِ) هَذَا يُفِيدُ أَنَّ مَعْنَى الْقُنُوتِ السُّكُوتُ، وَفِي الْمِصْبَاحِ مَا يُصَرِّحُ بِهِ وَعِبَارَتُهُ: الْقُنُوتُ مَصْدَرُ قَنَتَ مِنْ بَابِ قَعَدَ الدُّعَاءُ، وَيُطْلَقُ عَلَى الْقِيَامِ فِي الصَّلَاةِ وَمِنْهُ قَوْلُهُ:«أَفْضَلُ الصَّلَاةِ طُولُ الْقُنُوتِ وَدُعَاءُ الْقُنُوتِ» أَيْ دُعَاءُ الْقِيَامِ، وَيُسَمَّى السُّكُوتُ فِي الصَّلَاةِ قُنُوتًا وَمِنْهُ {وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ} [البقرة: 238] . انْتَهَى.
وَفِي الْبَيْضَاوِيِّ {وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ} [البقرة: 238] أَيْ ذَاكِرِينَ انْتَهَى. فَقَوْلُهُ فَأُمِرْنَا بِالسُّكُوتِ: أَيْ عَنْ كَلَامِ الْمَخْلُوقِينَ (قَوْلُهُ: وَرُوِيَ أَيْضًا إلَخْ) أَتَى بِهِ لِبَيَانِ الْمُرَادِ مِنْ الْكَلَامِ فِي الْحَدِيثِ الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ: لِمَنْ قَالَ لِعَاطِسٍ) وَاسْمُ الْقَائِلِ مُعَاوِيَةُ بْنُ الْحَكَمِ انْتَهَى شَرْحُ رَوْضٍ (قَوْلُهُ: أَوْ حَرْفٌ مُفْهِمٌ) ظَاهِرُهُ، وَإِنْ أُطْلِقَ فَلَمْ يُقْصَدْ الْمَعْنَى الَّذِي بِاعْتِبَارِهِ صَارَ مُفْهِمًا وَلَا غَيْرَهُ وَقَدْ يُقَالُ: قَصْدُ ذَلِكَ الْمَعْنَى لَازِمٌ لِشَرْطِ الْبُطْلَانِ، وَهُوَ التَّعَمُّدُ، وَعِلْمِ التَّحْرِيمِ انْتَهَى سم عَلَى حَجّ. وَقَضِيَّةُ قَوْلِ الشَّارِحِ مِنْ الْوِقَايَةِ عَدَمُ الضَّرَرِ حَالَةَ الْإِطْلَاقِ إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّهَا عِنْدَ الْإِطْلَاقِ تُحْمَلُ عَلَى كَوْنِهَا مِنْ الْوِقَايَةِ، وَيُوَجَّهُ بِأَنَّ الْقَافَ الْمُفْرَدَةَ وُضِعَتْ لِلطَّلَبِ، وَالْأَلْفَاظُ الْمَوْضُوعَةُ إذَا أُطْلِقَتْ حُمِلَتْ عَلَى مَعَانِيهَا وَلَا تُحْمَلُ عَلَى غَيْرِهَا إلَّا بِقَرِينَةٍ، وَالْقَافُ مِنْ الْفَلَقِ وَنَحْوِهِ جُزْءُ كَلِمَةٍ لَا مَعْنَى لَهَا، فَإِذَا نَوَاهَا عَمِلَ بِنِيَّتِهِ، وَإِذَا لَمْ يَنْوِهَا حُمِلَتْ عَلَى مَعْنَاهَا الْوَضْعِيِّ.
قَالَ حَجّ: وَأَفْتَى بَعْضُهُمْ بِإِبْطَالِ زِيَادَةِ يَا قَبْلَ أَيُّهَا النَّبِيُّ فِي التَّشَهُّدِ أَخْذًا بِظَاهِرِ كَلَامِهِمْ هُنَا، لَكِنَّهُ بَعِيدٌ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ أَجْنَبِيًّا عَنْ الذِّكْرِ بَلْ يُعَدُّ مِنْهُ، وَمِنْ ثَمَّ أَفْتَى شَيْخُنَا بِأَنَّهُ لَا بُطْلَانَ بِهِ. انْتَهَى حَجّ، وَأَقَرَّهُ سم. وَقَوْلُهُ لَا بُطْلَانَ بِهِ: أَيْ، وَإِنْ كَانَ عَامِدًا عَالِمًا (قَوْلُهُ: كَقِ مِنْ الْوِقَايَةِ) لَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ كَسْرِ الْقَافِ وَفَتْحِهَا؛ لِأَنَّ الْفَتْحَ لَحْنٌ، وَهُوَ لَا يَضُرُّ فَتَبْطُلُ الصَّلَاةُ بِكُلٍّ مِنْهُمَا مَا لَمْ يُؤَدِّ بِهِ مَا لَا يُفْهَمُ عَلَى مَا يَأْتِي، وَلَوْ قَصَدَ بِالْمُفْهِمِ مَا لَا يُفْهَمُ كَأَنْ قَصَدَ بِقَوْلِهِ: ق الْقَافَ مِنْ الْعَلَقِ أَوْ الْفَلَقِ مَثَلًا قَالَ شَيْخُنَا طب إلَّا أَنَّهُ لَا يَضُرُّ، وَهُوَ مُحْتَمَلٌ، وَمِثْلُهُ مَا لَوْ نَطَقَ بف قَاصِدًا بِهِ أَوَّلَ حَرْفٍ فِي لَفْظَةِ فِي فَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ لَا يَضُرُّ. انْتَهَى سم عَلَى حَجّ.
وَلَوْ أَتَى بِحَرْفٍ لَا يُفْهَمُ قَاصِدًا بِهِ مَعْنَى الْمُفْهِمِ هَلْ يَضُرُّ فِيهِ نَظَرٌ. اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ. أَقُولُ: وَاَلَّذِي يَنْبَغِي عَدَمُ الضَّرَرِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مَوْضُوعًا لِلْإِفْهَامِ، وَنُقِلَ فِي الدَّرْسِ بِبَعْضِ الْهَوَامِشِ عَنْ م ر مَا يُوَافِقُ ذَلِكَ فَلِلَّهِ الْحَمْدُ وَالْمِنَّةُ. وَقَدْ يُقَالُ بِالضَّرَرِ؛ لِأَنَّ قَصْدَ مَا يُفْهَمُ يَتَضَمَّنُ قَطْعَ النِّيَّةِ، وَكَأَنَّهُ لَمَّا اسْتَعْمَلَ مَا لَا يُفْهَمُ فِي مَعْنَى مَا يُفْهَمُ صَارَ كَالْكَلِمَةِ الْمَجَازِيَّةِ الْمُسْتَعْمَلَةِ فِي غَيْرِ مَا وُضِعَتْ لَهُ، وَلَعَلَّ هَذَا أَقْرَبُ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ تَضَمُّنِهِ قَطْعَ النِّيَّةِ.
ــ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: إذْ أَقَلُّ مَا يُبْنَى مِنْهُ الْكَلَامُ حَرْفَانِ) أَيْ غَالِبًا كَمَا قَالَ الشِّهَابُ حَجّ احْتِرَازًا عَمَّا وُضِعَ عَلَى حَرْفٍ وَاحِدٍ
الْوَفَاءِ، وَشِ مِنْ الْوَشْيِ (وَكَذَا مَدَّةٌ بَعْدَ حَرْفٍ فِي الْأَصَحِّ) ، وَإِنْ لَمْ يُفْهَمْ إذْ الْمَدُّ أَلِفٌ أَوْ وَاوٌ أَوْ يَاءٌ فَالْمَمْدُودُ فِي الْحَقِيقَةِ حَرْفَانِ.
وَالثَّانِي لَا تَبْطُلُ؛ لِأَنَّ الْمَدَّةَ قَدْ تَتَّفِقُ لِإِشْبَاعِ الْحَرَكَةِ وَلَا تُعَدُّ حَرْفَيْنِ، وَفِي الْأَنْوَارِ أَنَّهَا لَا تَبْطُلُ بِالْبَصْقِ إلَّا أَنْ يَتَكَرَّرَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ مُتَوَالِيَاتٍ: أَيْ مَعَ حَرَكَةِ عُضْوٍ يَبْطُلُ تَحْرِيكُهُ ثَلَاثًا كَلِحَى لَا شَفَةَ كَمَا لَا يَخْفَى (وَالْأَصَحُّ أَنَّ التَّنَحْنُحَ وَالضَّحِكَ وَالْبُكَاءَ) ، وَإِنْ كَانَ مِنْ خَوْفِ الْآخِرَةِ (وَالْأَنِينَ) وَالتَّأَوُّهَ (وَالنَّفْخَ) مِنْ أَنْفٍ أَوْ فَمٍ (إنْ ظَهَرَ بِهِ) أَيْ بِوَاحِدٍ مِنْ ذَلِكَ (حَرْفَانِ بَطَلَتْ) صَلَاتُهُ لِوُجُودِ مُنَافِيهَا (وَإِلَّا فَلَا) تَبْطُلُ لِمَا مَرَّ. وَالثَّانِي لَا تَبْطُلُ بِذَلِكَ مُطْلَقًا؛ لِكَوْنِهِ لَا يُسَمَّى فِي اللُّغَةِ كَلَامًا، وَلَا يَتَبَيَّنُ مِنْهُ حَرْفٌ مُحَقَّقٌ فَكَانَ شَبِيهًا بِالصَّوْتِ الْغُفْلِ، وَخَرَجَ بِالضَّحِكِ التَّبَسُّمُ فَلَا تَبْطُلُ بِهِ لِثُبُوتِهِ عَنْهُ صلى الله عليه وسلم فِيهَا (وَيُعْذَرُ فِي يَسِيرِ الْكَلَامِ) عُرْفًا كَمَا يَرْجِعُ إلَيْهِ فِي ضَبْطِ الْكَلِمَةِ لَا مَا ضَبَطَهَا بِهِ النُّحَاةُ وَاللُّغَوِيُّونَ.
(إنْ سَبَقَ لِسَانُهُ) إلَيْهِ لِعُذْرِهِ بَلْ هُوَ أَوْلَى مِنْ النَّاسِي لِعَدَمِ قَصْدِهِ (أَوْ نَسِيَ الصَّلَاةَ) لِعُذْرِهِ أَيْضًا، بِخِلَافِ نِسْيَانِ تَحْرِيمِهِ فِيهَا فَإِنَّهُ كَنِسْيَانِ نَجَاسَةِ نَحْوِ ثَوْبِهِ. وَلَوْ ظَنَّ بُطْلَانَ صَلَاتِهِ بِكَلَامِهِ سَاهِيًا ثُمَّ تَكَلَّمَ يَسِيرًا عَمْدًا لَمْ تَبْطُلْ. وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ خَبَرُ الصَّحِيحَيْنِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «صَلَّى بِنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم
ــ
[حاشية الشبراملسي]
[تَنْبِيهٌ] هَلْ يُضْبَطُ النُّطْقُ هُنَا بِمَا مَرَّ فِي نَحْوِ قِرَاءَةِ الْجُنُبِ وَالْقِرَاءَةِ فِي الصَّلَاةِ، أَوْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ مَا هُنَا أَضْيَقُ فَيَضُرُّ سَمَاعُ حَدِيدِ السَّمْعِ، وَإِنْ لَمْ يَسْمَعْ الْمُعْتَدِلُ كُلٌّ مُحْتَمَلٌ، وَالْأَوَّلُ أَقْرَبُ. اهـ حَجّ. أَقُولُ: الْأَقْرَبُ الثَّانِي؛ لِأَنَّ الْمَدَارَ عَلَى النُّطْقِ وَقَدْ وُجِدَ (قَوْلُهُ: وَكَذَا كَرُهَتْ بَعْدَ حَرْفٍ) أَيْ بِأَنْ أَتَى بِحَرْفٍ مَمْدُودٍ مِنْ غَيْرِ الْقُرْآنِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ زَادَ كَرُهَتْ عَلَى حَرْفٍ قُرْآنِيٍّ وَلَمْ يُغَيِّرْ الْمَعْنَى فَإِنَّهُ لَا يَضُرُّ (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يُفْهَمْ) أَيْ الْحَرْفُ (قَوْلُهُ: لَا تَبْطُلُ بِالْبَصْقِ) أَيْ حَيْثُ لَمْ يَظْهَرْ بِهِ حَرْفَانِ أَوْ حَرْفٌ مُفْهِمٌ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ. اهـ سم عَلَى حَجّ.
(قَوْلُهُ: أَيْ بِوَاحِدٍ مِنْ ذَلِكَ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَوْ ظَهَرَ بِالضَّحِكِ حَرْفٌ وَبِالْبُكَاءِ مَثَلًا حَرْفٌ آخَرُ لَا يَضُرُّ، وَلَعَلَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ بَلْ الْأَقْرَبُ الضَّرَرُ، وَإِنْ كَانَ مِنْ جِنْسَيْنِ؛ لِأَنَّ مَجْمُوعَهُمَا كَلَامٌ، وَإِنْ اخْتَلَفَ سَبَبُ التَّلَفُّظِ بِهِ كَمَا لَوْ نَطَقَ بِحَرْفَيْنِ لِغَرَضَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ، وَعَلَيْهِ فَكَانَ الْأَوْلَى فِي حَلِّ الْمَتْنِ أَنْ يَقُولَ: أَيْ بِمَا ذُكِرَ؛ لِيَشْمَلَ مَا لَوْ كَانَ الْحَرْفَانِ بِسَبَبَيْنِ (قَوْلُهُ: لِمَا مَرَّ) أَيْ مِنْ أَنَّهَا لَا تَبْطُلُ بِدُونِ حَرْفَيْنِ أَوْ حَرْفٍ مُفْهِمٍ (قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) ظَهَرَ حَرْفَانِ أَوْ لَا (قَوْلُهُ: الْغُفْلُ) هُوَ بِالْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ الْمَضْمُومَةِ وَالْفَاءِ السَّاكِنَةِ كَقُفْلٍ الْمُرَادُ بِهِ الصَّوْتُ الَّذِي لَا يُفْهَمُ مِنْهُ حُرُوفٌ كَصَوْتِ الْبَهَائِمِ وَصَوْتِ الْمِزْمَارِ (قَوْلُهُ: فَلَا تَبْطُلُ بِهِ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ لَا يَشْتَمِلُ عَلَى حُرُوفٍ (قَوْلُهُ: كَمَا يَرْجِعُ إلَيْهِ) أَيْ الْعُرْفِ (قَوْلُهُ: وَالنُّحَاةُ وَاللُّغَوِيُّونَ) مِنْ أَنَّهَا لَفْظٌ وُضِعَ لِمَعْنًى مُفْرَدٍ، وَعَلَى عَدَمِ الضَّبْطِ بِمَا ذُكِرَ يَدْخُلُ اللَّفْظُ الْمُهْمَلُ إذَا تَرَكَّبَ مِنْ حَرْفَيْنِ أَوْ كَانَ مَجْمُوعُهُمَا جُزْءَ كَلِمَةٍ.
(قَوْلُهُ: لَمْ تَبْطُلْ) ، وَهُوَ ظَاهِرٌ حَيْثُ لَمْ يَحْصُلْ مِنْ مَجْمُوعِهِمَا كَلَامٌ كَثِيرٌ مُتَوَالٍ، وَإِلَّا بَطَلَتْ؛ لِأَنَّهُ لَا يَتَقَاعَدُ عَنْ الْكَثِيرِ سَهْوًا، وَهُوَ مُبْطِلٌ، ثُمَّ عَدَمُ الْبُطْلَانِ هُنَا قَدْ يُشْكِلُ عَلَيْهِ مَا قَالُوهُ فِي الصَّوْمِ مِنْ الْبُطْلَانِ فِيمَا لَوْ أَكَلَ نَاسِيًا فَظَنَّ الْبُطْلَانَ فَأَكَلَ عَامِدًا. وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ مَنْ ظَنَّ بُطْلَانَ صَوْمِهِ قَدْ يَجِبُ عَلَيْهِ الْإِمْسَاكُ فَأَكْلُهُ بَعْدَ وُجُوبِ الْإِمْسَاكِ عَلَيْهِ لِتَحْرِيمِهِ يَدُلُّ عَلَى تَهَاوُنِهِ فَأَبْطَلَ وَلَا كَذَلِكَ الصَّلَاةُ، وَفَرْقٌ أَيْضًا بِأَنَّ جِنْسَ الْكَلَامِ الْعَمْدِ كَالْحَرْفِ الَّذِي لَا يُفْهَمُ مُغْتَفَرٌ فِي الصَّلَاةِ بِخِلَافِ الْأَكْلِ عَمْدًا فَإِنَّهُ غَيْرُ
ــ
[حاشية الرشيدي]
كَالضَّمَائِرِ (قَوْلُهُ: وَفِي الْأَنْوَارِ) عِبَارَتُهُ وَلَوْ بَصَقَ فِي الصَّلَاةِ أَوْ صَدَرَ صَوْتٌ بِلَا هِجَاءٍ لَمْ تَبْطُلْ، لَكِنْ لَوْ صَدَرَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ مُتَوَالِيَاتٍ بَطَلَتْ انْتَهَتْ. وَإِنَّمَا حَمَلَهُ الشَّارِحُ عَلَى مَا إذَا كَانَ مَعَهُ نَحْوُ حَرَكَةِ عُضْوٍ يَبْطُلُ تَحْرِيكُهُ وَإِنْ كَانَ لَا يُنَاسِبُ إلَّا بَحْثَ الْأَفْعَالِ الْآتِي لِأَجْلِ تَقْيِيدِهِ بِثَلَاثِ مَرَّاتٍ (قَوْلُ الْمُصَنِّفِ إنْ ظَهَرَ بِهِ حَرْفَانِ) أَيْ أَوْ حَرْفٌ مُفْهِمٌ أَوْ مَمْدُودٌ كَمَا يُفِيدُهُ صَنِيعُ غَيْرِهِ كَالْبَهْجَةِ (قَوْلُهُ: كَمَا يُرْجَعُ إلَيْهِ فِي ضَبْطِ الْكَلِمَةِ) فَإِنَّهَا فِيهِ تَشْمَلُ نَحْوَ ضَرَبْتُك
الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ، فَسَلَّمَ مِنْ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ أَتَى خَشَبَةً بِالْمَسْجِدِ وَاتَّكَأَ عَلَيْهَا كَأَنَّهُ غَضْبَانُ، فَقَالَ لَهُ ذُو الْيَدَيْنِ: أَقَصُرَتْ الصَّلَاةُ أَمْ نَسِيتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ فَقَالَ لِأَصْحَابِهِ: أَحَقٌّ مَا يَقُولُ ذُو الْيَدَيْنِ؟ قَالُوا نَعَمْ، فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ أُخْرَيَيْنِ ثُمَّ سَجَدَ سَجْدَتَيْنِ» .
وَجْهُ الدَّلَالَةِ أَنَّهُ تَكَلَّمَ مُعْتَقِدًا أَنَّهُ لَيْسَ فِي صَلَاةٍ، وَهُمْ تَكَلَّمُوا مُجَوِّزِينَ النَّسْخَ ثُمَّ بَنَى هُوَ، وَهُمْ فِيهَا، وَأَنَّ ذَا الْيَدَيْنِ كَانَ جَاهِلًا بِتَحْرِيمِ الْكَلَامِ، أَوْ أَنَّ كَلَامَ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ كَانَ عَلَى حُكْمِ الْغَلَبَةِ لِوُجُوبِ الْإِجَابَةِ عَلَيْهِمَا (أَوْ جَهِلَ تَحْرِيمَهُ) أَيْ الْكَلَامِ فِيهَا (إنْ قَرُبَ عَهْدُهُ بِالْإِسْلَامِ) ، وَإِنْ كَانَ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ فِيمَا يَظْهَرُ أَوْ نَشَأَ بِبَادِيَةٍ بَعِيدَةٍ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
مُغْتَفَرٍ. (قَوْلُهُ: وَالْعَصْرَ) عِبَارَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ أَوْ الْعَصْرَ. اهـ. وَعَلَيْهِ فَالْوَاوُ هُنَا بِمَعْنَى أَوْ (قَوْلُهُ: ثُمَّ أَتَى خَشَبَةً) يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ قَرِيبَةً مِنْهُ فَوَصَلَ إلَيْهَا بِمَا دُونَ الثَّلَاثِ، وَأَنْ تَكُونَ بَعِيدَةً لَكِنَّهُ لَمْ يُوَالِ بَيْنَ الْخُطُوَاتِ (قَوْلُهُ: فَقَالَ لَهُ ذُو الْيَدَيْنِ) اسْمُهُ الْخِرْبَاقُ، وَلَيْسَ هُوَ ذَا الشِّمَالَيْنِ، وَسُمِّيَ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ يَدَيْهِ كَانَ بِهِمَا طُولٌ.
وَفِي الْمِصْبَاحِ: وَذُو الْيَدَيْنِ لَقَبُ رَجُلٍ مِنْ الصَّحَابَةِ، وَاسْمُهُ الْخِرْبَاقُ بْنُ عَمْرٍو السُّلَمِيُّ بِكَسْرِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَسُكُونِ الرَّاءِ الْمُهْمَلَةِ ثُمَّ يَاءٍ مُوَحَّدَةٍ وَأَلِفٍ وَقَافٍ، لُقِّبَ بِذَلِكَ لِطُولِهِمَا.
(قَوْلُهُ: قَالُوا نَعَمْ) أَيْ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ قَوْلِهِ أَوْ أَنَّ كَلَامَ إلَخْ، وَلَعَلَّ تَعْبِيرَهُ بِالْجَمْعِ؛ لِكَوْنِ الْمَنْسُوبِ إلَى بَعْضِهِمْ كَالْمَنْسُوبِ إلَى الْكُلِّ (قَوْلُهُ: وَجْهُ الدَّلَالَةِ) قَالَ سم: وَقَدْ اشْتَمَلَتْ قِصَّةُ ذِي الْيَدَيْنِ عَلَى إتْيَانِهِ بِسِتِّ كَلِمَاتٍ فَيَضْبِطُ بِهَا الْكَلَامَ الْيَسِيرَ. اهـ. وَلَعَلَّهُ عَدَّ أَقَصُرَتْ الصَّلَاةُ كَلِمَتَيْنِ وَأَمْ نَسِيتَ كَذَلِكَ وَيَا رَسُولَ اللَّهِ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ: أَوْ جَهِلَ تَحْرِيمَهُ) أَيْ مَا أَتَى بِهِ فِيهَا، وَإِنْ عَلِمَ تَحْرِيمَ جِنْسِهِ.
وَيُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ بِالْأَوْلَى صِحَّةُ صَلَاةِ نَحْوِ الْمُبَلِّغِ وَالْفَاتِحِ بِقَصْدِ التَّبْلِيغِ أَوْ الْفَتْحِ فَقَطْ، الْجَاهِلِ بِامْتِنَاعِ ذَلِكَ، وَإِنْ عَلِمَ امْتِنَاعَ جِنْسِ الْكَلَامِ فَتَأَمَّلْ. اهـ سم عَلَى حَجّ.
وَقَوْلُهُ بِقَصْدِ التَّبْلِيغِ: أَيْ وَإِنْ لَمْ يَحْتَجْ إلَيْهِ بِأَنْ سَمِعَ الْمَأْمُومُونَ صَوْتَ الْإِمَامِ، وَلَا يُقَالُ: إنَّهُ مُسْتَغْنًى عَنْهُ حِينَئِذٍ فَيَضُرُّ، وَقَوْلُهُ نَحْوُ الْمُبَلِّغِ: أَيْ كَالْإِمَامِ الَّذِي يَرْفَعُ صَوْتَهُ بِالتَّكْبِيرِ لِإِعْلَامِ الْمَأْمُومِينَ (قَوْلُهُ: أَيْ الْكَلَامَ فِيهَا) عِبَارَةُ حَجّ: أَيْ مَا أَتَى بِهِ فِيهَا، وَإِنْ عَلِمَ تَحْرِيمَ جِنْسِهِ إلَى آخِرِ مَا ذَكَرَهُ. اهـ. وَهِيَ تُفِيدُ أَنَّ مَنْ عَلِمَ تَحْرِيمَ الْكَلَامِ دُونَ مَا أَتَى بِهِ فِيهَا لَمْ تَبْطُلْ صَلَاتُهُ، بِخِلَافِ إطْلَاقِ الشَّارِحِ. (قَوْلُهُ: أَوْ نَشَأَ بِبَادِيَةٍ بَعِيدَةٍ) وَيَظْهَرُ ضَبْطُ الْبُعْدِ بِمَا لَا يَجِدُ مُؤْنَةً يَجِبُ بَذْلُهَا فِي الْحَجِّ تُوَصِّلُهُ إلَيْهِ: أَيْ إلَى مَنْ يَعْرِفُ، وَيَحْتَمِلُ أَنَّ مَا هُنَا أَضْيَقُ؛ لِأَنَّهُ وَاجِبٌ فَوْرِيٌّ أَصَالَةً، بِخِلَافِ الْحَجِّ، وَعَلَيْهِ فَلَا يَمْنَعُ الْوُجُوبُ عَلَيْهِ إلَّا الْأَمْرَ الضَّرُورِيَّ لَا غَيْرُ فَيَلْزَمُهُ مَشْيٌ أَطَاقَهُ، وَإِنْ بَعُدَ، وَلَا يَكُونُ نَحْوُ دَيْنٍ مُؤَجَّلٍ عُذْرًا لَهُ، وَيُكَلَّفُ بِبَيْعِ نَحْوِ قِنِّهِ الَّذِي لَا يَضْطَرُّ إلَيْهِ. اهـ حَجّ.
وَكَتَبَ عَلَيْهِ سم مَا نَصُّهُ: قَوْلُهُ: وَيَظْهَرُ ضَبْطُ إلَخْ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ يُضْبَطُ بِمَا لَا حَرَجَ فِيهِ: أَيْ مَشَقَّةٌ لَا تُحْتَمَلُ عَادَةً م ر اهـ. وَيَنْبَغِي أَنَّ الْكَلَامَ فِيمَنْ عَلِمَ بِوُجُوبِ شَيْءٍ عَلَيْهِ وَأَنَّهُ يُمْكِنُ تَحْصِيلُهُ بِالسَّفَرِ. أَمَّا مَنْ نَشَأَ بِبَادِيَةٍ، وَرَأَى أَهْلَهُ عَلَى حَالَةٍ
ــ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: أَوْ أَنَّ كَلَامَ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ إلَخْ) يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُجِيبَ هُمَا فَقَطْ، وَهُوَ كَذَلِكَ فِي رِوَايَةٍ لَفْظُهَا «فَقَالَ ذُو الْيَدَيْنِ أَقَصُرَتْ الصَّلَاةُ أَمْ نَسِيت يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ فَقَالَ صلى الله عليه وسلم: كُلُّ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ وَفِي الْقَوْمِ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ، فَلَمَّا قَالَا كَمَا قَالَ ذُو الْيَدَيْنِ قَامَ وَأَتَمَّ الصَّلَاةَ وَسَجَدَ سَجْدَتَيْنِ» انْتَهَتْ، وَهَذِهِ الرِّوَايَةُ ظَاهِرُهَا أَنَّهُمَا قَالَا مِثْلَ قَوْلِ ذِي الْيَدَيْنِ: أَيْ أَقَصُرَتْ الصَّلَاةُ أَمْ نَسِيت، وَهُوَ لَا يُنَاسِبُ قَوْلَ الشَّارِحِ، وَأَنَّ كَلَامَ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ كَانَ عَلَى حُكْمِ الْغَلَبَةِ لِوُجُوبِ الْإِجَابَةِ عَلَيْهِمَا؛ لِأَنَّ ظَاهِرَهُ أَنَّهُمَا أَجَابَاهُ بِقَوْلِهِمَا نَعَمْ أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّ قَوْلَهُ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ مِثْلَ مَا قَالَ ذُو الْيَدَيْنِ مَقُولُ قَوْلِهِمَا: أَيْ إنَّهُمَا قَالَا هَذَا اللَّفْظُ: أَيْ الْأَمْرُ كَمَا قَالَ ذُو الْيَدَيْنِ فَلَا يُنَافِي جَوَابَ الشَّارِحِ الْمَذْكُورِ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: أَيْ الْكَلَامُ فِيهَا) عِبَارَةُ الشِّهَابِ حَجّ كَشَيْخِ الْإِسْلَامِ فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ: أَيْ مَا أَتَى
عَمَّنْ يَعْرِفُ ذَلِكَ فِيمَا يَظْهَرُ أَيْضًا لِلْخَبَرِ الْمَارِّ. وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ الضَّابِطَ لِذَلِكَ أَنَّ مَا عُذِرَ الشَّخْصُ لِجَهْلِهِ بِهِ وَخَفَائِهِ عَلَى غَالِبِهِمْ لَا يُؤَاخَذُ بِهِ، وَيُؤَيِّدُهُ تَصْرِيحُهُمْ بِأَنَّ الْوَاجِبَ عَلَيْنَا إنَّمَا هُوَ تَعَلُّمُ الظَّوَاهِرِ لَا غَيْرُ، وَخَرَجَ بِجَهِلَ تَحْرِيمِهِ مَا لَوْ عَلِمَهُ، وَجَهِلَ كَوْنَهُ مُبْطِلًا فَتَبْطُلُ بِهِ كَمَا لَوْ عَلِمَ تَحْرِيمَ شُرْبِ الْخَمْرِ دُونَ إيجَابِهِ الْحَدَّ فَإِنَّهُ يُحَدُّ، إذْ حَقُّهُ بَعْدَ الْعِلْمِ بِالتَّحْرِيمِ الْكَفُّ.
وَلَوْ سَلَّمَ إمَامُهُ فَسَلَّمَ مَعَهُ ثُمَّ سَلَّمَ الْإِمَامُ ثَانِيًا فَقَالَ لَهُ الْمَأْمُومُ قَدْ سَلَّمْت قَبْلَ هَذَا فَقَالَ كُنْت نَاسِيًا لَمْ تَبْطُلْ صَلَاةُ وَاحِدٍ مِنْهُمَا، وَيُسَلِّمُ الْمَأْمُومُ وَيَسْجُدُ لِلسَّهْوِ؛ لِوُجُودِ الْكَلَامِ بَعْدَ انْقِطَاعِ الْقُدْوَةِ. وَلَوْ سَلَّمَ مِنْ ثِنْتَيْنِ ظَانًّا تَمَامَ صَلَاتِهِ فَكَالْجَاهِلِ كَمَا ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ فِي كِتَابِ الصَّوْمِ (لَا) فِي (كَثِيرِهِ) فَلَا يُعْذَرُ فِيهِ فِيمَا مَرَّ (فِي الْأَصَحِّ) وَتَبْطُلُ بِهِ؛ لِأَنَّهُ يَقْطَعُ نَظْمَهَا، وَهَيْئَتَهَا؛ وَلِأَنَّ السَّبْقَ وَالنِّسْيَانَ فِي الْكَثِيرِ نَادِرٌ. وَالثَّانِي يُسَوِّي بَيْنَهُمَا فِي الْعُذْرِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ أُبْطِلَ كَثِيرُهُ لَأُبْطِلَ قَلِيلُهُ كَالْعَمْدِ وَيُرْجَعُ فِي الْقِلَّةِ وَالْكَثْرَةِ لِلْعُرْفِ.
(وَ) يُعْذَرُ (فِي) الْيَسِيرِ عُرْفًا مِنْ (التَّنَحْنُحِ وَنَحْوِهِ) مِمَّا مَرَّ كَسُعَالٍ وَعُطَاسٍ، وَإِنْ ظَهَرَ بِهِ حَرْفَانِ، وَلَوْ مِنْ كُلِّ نَحْوِ نَفْخَةٍ (لِلْغَلَبَةِ) لِعَدَمِ تَقْصِيرِهِ، وَهِيَ رَاجِعَةٌ لِلْجَمِيعِ (وَتَعَذُّرُ الْقِرَاءَةِ الْوَاجِبَةِ) وَمِثْلُهَا غَيْرُهَا مِنْ الْأَرْكَانِ الْقَوْلِيَّةِ الْوَاجِبَةِ لِلضَّرُورَةِ، وَهَذَا رَاجِعٌ لِلتَّنَحْنُحِ، فَإِنْ كَثُرَ فِي التَّنَحْنُحِ وَنَحْوِهِ لِلْغَلَبَةِ وَظَهَرَ بِهِ حَرْفَانِ فَأَكْثَرُ وَكَثُرَ عُرْفًا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ كَمَا قَالَاهُ فِي الضَّحِكِ وَالسُّعَالِ وَالْبَاقِي فِي مَعْنَاهُمَا لِقَطْعِ ذَلِكَ نَظْمَ الصَّلَاةِ، وَهَذَا مَحْمُولٌ عَلَى حَالَةٍ لَمْ يَصِرْ ذَلِكَ فِي حَقِّهِ مَرَضًا مُزْمِنًا، فَإِنْ صَارَ كَذَلِكَ بِحَيْثُ لَمْ يَخْلُ زَمَنٌ مِنْ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
ظَنَّ مِنْهَا أَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ شَيْءٌ إلَّا مَا تَعَلَّمَهُ مِنْهُمْ وَكَانَ فِي الْوَاقِعِ مَا تَعَلَّمَهُ غَيْرُ كَافٍ فَمَعْذُورٌ، وَإِنْ تَرَكَ السَّفَرَ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: لِلْخَبَرِ الْمَارِّ) أَيْ، وَهُوَ قَوْلُهُ: صَلَّى بِنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الظُّهْرَ إلَخْ، بِنَاءً عَلَى مَا مَرَّ مِنْ احْتِمَالِ أَنَّ ذَا الْيَدَيْنِ كَانَ جَاهِلًا بِالتَّحْرِيمِ (قَوْلُهُ: وَيُؤْخَذُ مِنْهُ إلَخْ) لَكِنَّ هَذَا الْمَأْخُوذَ لَا يَتَقَيَّدُ بِكَوْنِهِ نَشَأَ بَعِيدًا عَنْ الْعُلَمَاءِ، وَلَا كَوْنِهِ قَرِيبَ عَهْدٍ بِالْإِسْلَامِ كَمَا يُفِيدُهُ قَوْلُهُ: وَيُؤَيِّدُهُ إلَخْ فَلْيُتَأَمَّلْ، إلَّا أَنْ يُقَالَ: مُرَادُهُ أَنَّ هَذَا مِنْ الظَّوَاهِرِ فَلَا يُعْذَرُ بَعِيدُ الْعَهْدِ بِالْإِسْلَامِ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ بِبَادِيَةٍ بَعِيدَةٍ.
(قَوْلُهُ: وَخَرَجَ بِجَهْلِ تَحْرِيمِهِ مَا لَوْ عَلِمَهُ) وَلَا يُشْكِلُ هَذَا بِمَا مَرَّ مِنْ عَدَمِ بُطْلَانِ صَلَاةِ مَنْ تَكَلَّمَ سَاهِيًا فَظَنَّ بُطْلَانَ صَلَاتِهِ إلَخْ؛ لِأَنَّهُ حِينَ تَكَلَّمَ ثَمَّ عَامِدًا ظَنَّ أَنَّهُ لَيْسَ فِي صَلَاةٍ فَعُذِرَ بِخِلَافِهِ هُنَا فَإِنَّهُ حَيْثُ عَلِمَ تَحْرِيمَ الْكَلَامِ فَحَقُّهُ أَنْ لَا يَتَكَلَّمَ فَلَمْ يُعْذَرْ (قَوْلُهُ: كُنْت نَاسِيًا) أَيْ نَاسِيًا لِشَيْءٍ مِنْ صَلَاتِي كَبَعْضِ التَّشَهُّدِ مَثَلًا فَتَدَارَكْته وَسَلَّمْت ثَانِيًا (قَوْلُهُ: وَيُسَلِّمُ الْمَأْمُومُ) أَيْ قَبْلَ طُولِ الْفَصْلِ، وَإِلَّا فَتَبْطُلُ صَلَاتُهُ فَقَطْ (قَوْلُهُ: فَكَالْجَاهِلِ) أَيْ فَيُعْذَرُ فِي يَسِيرِهِ، لَكِنْ يَنْبَغِي أَنْ لَا يَتَقَيَّدَ ذَلِكَ بِمَنْ قَرُبَ عَهْدُهُ بِالْإِسْلَامِ أَوْ نَشَأَ بَعِيدًا عَنْ الْعُلَمَاءِ، وَيُؤَيِّدُهُ مَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ لِإِمَامِهِ قَدْ سَلَّمْت (قَوْلُهُ: فِيمَا مَرَّ) أَيْ فِيمَا لَوْ سَبَقَ لِسَانَهُ أَوْ نَسِيَ أَوْ جَهِلَهُ.
(قَوْلُهُ: وَنَحْوُهُ) قَضِيَّةُ إطْلَاقِهِ أَنَّهُ يَتَنَحْنَحُ فَوْرًا وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ انْتِظَارُ زَوَالِهِ بِنَفْسِهِ، وَإِنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّهُ إنْ صَبَرَ قَلِيلًا زَالَ عَنْهُ ذَلِكَ الْعَارِضُ بِنَفْسِهِ، وَقِيَاسُ مَا ذَكَرَهُ فِي السُّعَالِ مِنْ وُجُوبِ الِانْتِظَارِ حَيْثُ رَجَى زَوَالُهُ أَنَّهُ هُنَا كَذَلِكَ الْأَوْلَى، وَلَا تَنْقَطِعُ بِهِ الْمُوَالَاةُ (قَوْلُهُ: الْوَاجِبَةِ) الْأَوْلَى إسْقَاطُهُمَا لِلِاسْتِغْنَاءِ عَنْهَا بِقَوْلِهِ مِنْ الْأَرْكَانِ (قَوْلُهُ: مِنْ الْأَرْكَانِ الْقَوْلِيَّةِ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا يُعْذَرُ بِغَيْرِ الرُّكْنِ، وَإِنْ نَذَرَهُ، لَكِنَّ قَضِيَّةَ قَوْلِهِ بَعْدُ إذْ هُوَ سُنَّةٌ فَلَا ضَرُورَةَ إلَخْ خِلَافُهُ، اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ: الْمُرَادُ بِالْوَاجِبِ هُنَا مَا تَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ صِحَّةُ صَلَاتِهِ، وَالسُّورَةُ وَلَوْ نَذَرَهَا لَا تَتَوَقَّفُ الصِّحَّةُ عَلَيْهَا حَتَّى لَوْ تَرَكَهَا عَامِدًا مَعَ عِلْمِهِ بِهَا لَمْ تَبْطُلْ بِذَلِكَ (قَوْلُهُ: فَإِنْ كَثُرَ فِي التَّنَحْنُحِ) الْأَوْلَى حَذْفُ فِي (قَوْلُهُ: وَهُوَ) أَيْ الْبُطْلَانُ (قَوْلُهُ: مُزْمَنًا) بِصِيغَةِ اسْمِ الْمَفْعُولِ صِفَةٌ لِلْمَرَضِ: أَيْ يَدُومُ زَمَانًا طَوِيلًا. وَفِي الْمِصْبَاحِ: زَمِنَ الشَّخْصُ
ــ
[حاشية الرشيدي]
بِهِ فِيهَا وَإِنْ عَلِمَ تَحْرِيمَ جِنْسِهِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ سَلَّمَ مِنْ ثِنْتَيْنِ) أَيْ وَتَكَلَّمَ يَسِيرًا عَمْدًا كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ.
(قَوْلُهُ: فِي الْيَسِيرِ عُرْفًا) أَيْ فِي الْغَلَبَةِ بِخِلَافِ تَعَذُّرِ الْقِرَاءَةِ كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: وَكَثُرَ عُرْفًا) أَيْ مَا ظَهَرَ مِنْ الْحُرُوفِ (قَوْلُهُ: بِحَيْثُ لَمْ يَخْلُ زَمَنٌ إلَخْ) أَيْ بِأَنْ لَمْ يُعْلَمْ خُلُوُّهُ عَنْ ذَلِكَ فِي الْوَقْتِ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ التَّشْبِيهِ الْآتِي
الْوَقْتِ يَسَعُ الصَّلَاةَ بِلَا نَحْوِ سُعَالٍ مُبْطِلٍ لَمْ تَبْطُلْ كَسَلَسِ الْحَدَثِ، وَلَا إعَادَةَ عَلَيْهِ حِينَئِذٍ، وَلَوْ شُفِيَ بَعْدَ ذَلِكَ، وَيُحْمَلُ عَلَيْهِ كَلَامُ الْإِسْنَوِيِّ.
نَعَمْ التَّنَحْنُحُ لِلْقِرَاءَةِ الْوَاجِبَةِ لَا يُبْطِلُهَا، وَإِنْ كَثُرَ، وَلَوْ ظَهَرَ مِنْ إمَامِهِ حَرْفَانِ بِتَنَحْنُحٍ لَمْ يَلْزَمْهُ مُفَارَقَتُهُ حَمْلًا لَهُ عَلَى الْعُذْرِ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ تَحَرُّزُهُ عَنْ الْمُبْطِلِ. نَعَمْ قَالَ السُّبْكِيُّ: قَدْ تَدُلُّ قَرِينَةُ حَالِهِ عَلَى عَدَمِ عُذْرِهِ فَتَجِبُ مُفَارَقَتُهُ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَلَوْ لَحَنَ فِي الْفَاتِحَةِ لَحْنًا يُغَيِّرُ الْمَعْنَى وَجَبَتْ مُفَارَقَتُهُ كَمَا لَوْ تَرَكَ وَاجِبًا. اهـ. وَيُمْكِنُ حَمْلُهُ عَلَى مَا إذَا كَثُرَ مَا قَرَأَهُ عُرْفًا فَيَصِيرُ كَلَامًا أَجْنَبِيًّا مُبْطِلًا، وَإِنْ كَانَ سَاهِيًا. وَالْأَوْجَهُ: أَيْ حَيْثُ لَمْ تَبْطُلْ أَنَّهُ لَا يُفَارِقُهُ حَتَّى يَرْكَعَ بَلْ بَحْثُ بَعْضِهِمْ عَدَمُ اللُّزُومِ بَعْدَ رُكُوعِهِ أَيْضًا لِجَوَازِ سَهْوِهِ كَمَا لَوْ قَامَ لِخَامِسَةٍ أَوْ سَجَدَ قَبْلَ رُكُوعِهِ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
زَمَنًا وَزَمَانَةً فَهُوَ زَمِنٌ مِنْ بَابِ تَعِبَ، وَهُوَ مَرَضٌ يَدُومُ زَمَانًا طَوِيلًا وَالْقَوْمُ زَمْنَى، مِثْلُ مَرْضَى أَزْمَنَهُ اللَّهُ فَهُوَ مُزْمَنٌ. (قَوْلُهُ: يَسَعُ الصَّلَاةَ) هَذَا ظَاهِرٌ إنْ عَلِمَ الِانْقِطَاعَ فِي وَقْتٍ يَسَعُ الصَّلَاةَ؛ لِأَنَّهُ لَا مَشَقَّةَ عَلَيْهِ فِي انْتِظَارِهِ، وَإِلَّا فَمُرَاقَبَةُ مَا يَزُولُ الْمَانِعُ فِيهِ غَايَةٌ مِنْ الْحَرَجِ وَالْمَشَقَّةِ (قَوْلُهُ: لَمْ تَبْطُلْ) فَإِنْ خَلَا مِنْ الْوَقْتِ زَمَنًا يَسَعُهَا بَطَلَتْ بِعُرُوضِ السُّعَالِ الْكَثِيرِ فِيهَا، وَالْقِيَاسُ أَنَّهُ إنْ خَلَا مِنْ السُّعَالِ أَوَّلَ الْوَقْتِ، وَغَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ حُصُولُهُ فِي بَقِيَّتِهِ بِحَيْثُ لَا يَخْلُو مِنْهُ مَا يَسَعُ الصَّلَاةَ وَجَبَتْ الْمُبَادَرَةُ لِلْفِعْلِ، وَأَنَّهُ إنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ السَّلَامَةُ مِنْهُ فِي وَقْتٍ يَسَعُ الصَّلَاةَ قَبْلَ خُرُوجِ وَقْتِهَا وَجَبَ انْتِظَارُهُ، وَيَنْبَغِي أَنَّ مِثْلَ السُّعَالِ فِي التَّفْصِيلِ الْمَذْكُورِ مَنْ حَصَلَ لَهُ سَبَبٌ كَسُعَالٍ أَوْ نَحْوِهِ يَحْصُلُ مِنْهُ حَرَكَاتٌ مُتَوَالِيَةٌ كَارْتِعَاشِ يَدٍ أَوْ رَأْسٍ، وَلَوْ صَلَّى خَلْفَ إمَامٍ فَوَجَدَهُ يُحَرِّكُ رَأْسَهُ مَثَلًا فِي صَلَاةٍ فَيَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ إنْ لَمْ تُوجَدْ قَرِينَةٌ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ لِمَرَضٍ مُزْمِنٍ صَحَّتْ صَلَاةُ الْمَأْمُومِ حَمْلًا، عَلَى أَنَّ ذَلِكَ لِمَرَضٍ مُزْمِنٍ، وَإِلَّا بَطَلَتْ.
وَوَقَعَ السُّؤَالُ فِي الدَّرْسِ عَمَّا لَوْ كَانَ السُّعَالُ مُزْمِنًا وَلَكِنْ عُلِمَ مِنْ عَادَتِهِ أَنَّ الْحَمَّامَ يُسْكِنُ عَنْهُ السُّعَالَ مُدَّةً تَسَعُ الصَّلَاةَ هَلْ يُكَلَّفُ ذَلِكَ أَمْ لَا؟ وَأَجَبْتُ عَنْهُ بِأَنَّ الظَّاهِرَ الْأَوَّلُ أَخْذًا مِمَّا قَالُوهُ مِنْ وُجُوبِ تَسْخِينِ الْمَاءِ حَيْثُ قَدَرَ عَلَيْهِ إذَا تَوَقَّفَ الْوُضُوءُ بِهِ عَلَى تَسْخِينِهِ حَيْثُ وَجَدَ أُجْرَةَ الْحَمَّامِ فَاضِلَةً عَمَّا يُعْتَبَرُ فِي الْفِطْرَةِ، وَإِنْ تَرَتَّبَ عَلَى ذَلِكَ فَوَاتُ الْجَمَاعَةِ وَأَوَّلِ الْوَقْتِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ ظَهَرَ مِنْ إمَامِهِ) أَيْ وَلَوْ مُخَالِفًا؛ لِأَنَّهُ إمَّا نَاسٍ، وَهُوَ مِنْهُ لَا يَضُرُّ أَوْ عَامِدٌ فَكَذَلِكَ؛ لِأَنَّ فِعْلَ الْمُخَالِفِ الَّذِي لَا يُبْطِلُ فِي اعْتِقَادِهِ يَنْزِلُ مَنْزِلَةَ السَّهْوِ (قَوْلُهُ: يُغَيِّرُ الْمَعْنَى) كَضَمِّ تَاءِ أَنْعَمْت أَوْ كَسْرِهَا (قَوْلُهُ: أَيْ حَيْثُ لَمْ تَبْطُلْ) أَيْ بِأَنْ كَانَ قَلِيلًا (قَوْلُهُ: بَعْدَ رُكُوعِهِ) هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ: أَيْ وَيَنْتَظِرُهُ الْمَأْمُومُ فِي الْقِيَامِ فَإِذَا قَامَ مِنْ السُّجُودِ، وَقَرَأَ عَلَى الصَّوَابِ وَافَقَهُ وَأَتَى بِرَكْعَةٍ بَعْدَ سَلَامِ الْإِمَامِ إنْ لَمْ يَتَنَبَّهْ، وَإِنْ لَمْ يَقْرَأْ عَلَى الصَّوَابِ اسْتَمَرَّ الْمَأْمُومُ فِي الْقِيَامِ وَيَفْعَلُ ذَلِكَ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ وَلَوْ إلَى آخِرِ الصَّلَاةِ، وَسَيَأْتِي هُنَا مَا يُوَافِقُ هَذَا الْبَحْثِ فِي صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ فَهُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَلَا يُنَافِيهِ قَوْلُهُ: قَبْلُ وَالْأَوْجَهُ إلَخْ، لِجَوَازِ أَنَّهُ قَصَدَ بِهِ الرَّدَّ عَلَى مَنْ قَالَ يُفَارِقُهُ حَالًا ثُمَّ تَرَقَّى بِمَا أَوْرَدَهُ مِنْ الْبَحْثِ إلَى أَنَّهُ لَا يُفَارِقُهُ مُطْلَقًا.
هَذَا وَيُمْكِنُ أَنْ يُفَرَّقَ بَيْنَ مَنْ كَانَ مَذْهَبُهُ عَدَمَ الْبُطْلَانِ بِاللَّحْنِ الْمَذْكُورِ فَتَجِبُ مُفَارَقَتُهُ عِنْدَ الرُّكُوعِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَرَى الْعَوْدَ لِمَا فَوَّتَهُ، وَبَيْنَ مَنْ مَذْهَبُهُ الْبُطْلَانُ إذَا لَمْ يَعُدْ فَإِنَّهُ إذَا تَذَكَّرَ وَجَبَ عَلَيْهِ الْعَوْدُ. (قَوْلُهُ: أَوْ سَجَدَ قَبْلَ رُكُوعِهِ) وَيُفَرَّقُ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ مَا قِيلَ فِي الْمُخَالِفِ مِنْ أَنَّهُ إذَا أَخَلَّ بِرُكْنٍ
ــ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: كَسَلَسِ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ انْتِظَارُ الْوَقْتِ الَّذِي يَخْلُو فِيهِ مِنْ ذَلِكَ وَأَنَّهُ لَوْ أَوْقَع الصَّلَاةَ فِي غَيْرِهِ لَمْ تَصِحَّ (قَوْلُهُ: وَيُحْمَلُ عَلَيْهِ كَلَامُ الْإِسْنَوِيِّ) أَيْ الْقَائِلِ بِعَدَمِ الْبُطْلَانِ فِي الْغَلَبَةِ مُطْلَقًا، وَالضَّمِيرُ فِي عَلَيْهِ لِلْحَمْلِ الْمُتَقَدِّمِ فِي قَوْلِهِ وَهَذَا مَحْمُولٌ إلَخْ (قَوْلُهُ: قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَلَوْ لَحَنَ فِي الْفَاتِحَةِ لَحْنًا يُغَيِّرُ الْمَعْنَى وَجَبَ مُفَارَقَتُهُ كَمَا لَوْ تَرَكَ وَاجِبًا) تَتِمَّتُهُ كَمَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: لَكِنْ هَلْ يُفَارِقُهُ فِي الْحَالِ أَوْ حَتَّى يَرْكَعَ لِجَوَازِ أَنَّهُ لَحَنَ سَاهِيًا وَقَدْ يَتَذَكَّرُ فَيُعِيدُ الْفَاتِحَةَ، الْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ؛ لِأَنَّهُ لَا يُتَابِعُهُ فِي فِعْلِ السَّهْوِ انْتَهَى. وَمِنْهُ يُعْلَمُ أَنَّ الْحَمْلَ الَّذِي حَمَلَهُ عَلَيْهِ الشَّارِحُ لَا يُلَاقِيهِ (قَوْلُهُ: وَالْأَوْجَهُ أَنَّهُ لَا يُفَارِقُهُ حَتَّى يَرْكَعَ) أَيْ خِلَافًا لِمَا اسْتَقَرَّ بِهِ الزَّرْكَشِيُّ كَمَا مَرَّ: أَيْ وَالصُّورَةُ أَنَّ مَا أَتَى بِهِ لَمْ يَكْثُرْ عُرْفًا بِحَيْثُ يَصِيرُ كَلَامًا
وَلَوْ نَزَلَتْ نُخَامَةٌ مِنْ دِمَاغِهِ إلَى ظَاهِرِ الْفَمِ، وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ فَابْتَلَعَهَا بَطَلَتْ، فَلَوْ تَشَعَّبَتْ فِي حَلْقِهِ وَلَمْ يُمْكِنْهُ إخْرَاجُهَا إلَّا بِالتَّنَحْنُحِ وَظُهُورِ حَرْفَيْنِ وَمَتَى تَرَكَهَا نَزَلَتْ إلَى بَاطِنِهِ، وَجَبَ عَلَيْهِ أَنْ يَتَنَحْنَحَ وَيُخْرِجَهَا، وَإِنْ ظَهَرَ حَرْفَانِ قَالَهُ فِي رِسَالَةِ النُّورِ.
وَالْأَوْجَهُ شُمُولُ ذَلِكَ لِلصَّائِمِ أَيْضًا نَفْلًا كَانَ أَوْ فَرْضًا (لَا) تَعَذُّرَ (الْجَهْرَ) فَلَا يُعْذَرُ فِي التَّنَحْنُحِ وَلَوْ يَسِيرًا مِنْ أَجْلِهِ (فِي الْأَصَحِّ) إذْ هُوَ سُنَّةٌ فَلَا ضَرُورَةَ لِارْتِكَابِ التَّنَحْنُحِ لَهُ، وَفِي مَعْنَى الْجَهْرِ سَائِرُ السُّنَنِ كَقِرَاءَةِ سُورَةٍ وَقُنُوتٍ وَتَكْبِيرِ انْتِقَالٍ، وَلَوْ مِنْ مُبَلِّغٍ مُحْتَاجٍ لِإِسْمَاعِ الْمَأْمُومِينَ خِلَافًا لِلْإِسْنَوِيِّ، وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ أَنَّهُ عُذْرُ إقَامَةٍ لِشِعَارِ الْجَهْرِ، وَلَوْ جَهِلَ بُطْلَانَهَا بِالتَّنَحْنُحِ مَعَ عِلْمِهِ بِتَحْرِيمِ الْكَلَامِ عُذِرَ لِخَفَائِهِ عَلَى الْعَوَامّ.
(وَلَوْ)(أُكْرِهَ) الْمُصَلِّي (عَلَى الْكَلَامِ) فِي صَلَاتِهِ وَلَوْ يَسِيرًا (بَطَلَتْ فِي الْأَظْهَرِ) لِنُدْرَتِهِ كَالْإِكْرَاهِ عَلَى الْحَدَثِ. وَالثَّانِي
ــ
[حاشية الشبراملسي]
فِي اعْتِقَادِ الْمُقْتَدِي دُونَ الْإِمَامِ تَجِبُ مُفَارَقَتُهُ عِنْدَ انْتِقَالِهِ إلَى مَا بَعْدَهُ بِأَنَّ الْمُخَالِفَ الْغَالِبُ أَوْ الْمُحَقَّقُ مِنْهُ أَنَّهُ لَا يَرْجِعُ لِمَا انْتَقَلَ عَنْهُ؛ لِأَنَّهُ فَعَلَ ذَلِكَ عَنْ اعْتِقَادٍ، وَالْمُوَافِقُ مَتَى تَذَكَّرَ رَجَعَ فَجَازَ انْتِظَارُهُ، وَإِنْ طَالَ جِدًّا لِاحْتِمَالِ عَوْدِهِ بِتَقْدِيرِ تَذَكَّرَهُ احْتِمَالًا قَرِيبًا (قَوْلُهُ: وَجَبَ عَلَيْهِ التَّنَحْنُحُ) أَيْ وَلَا تَبْطُلُ صَلَاتُهُ (قَوْلُهُ: وَإِنْ ظَهَرَ حَرْفَانِ) أَيْ أَوْ أَكْثَرُ بَلْ قِيَاسُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ اغْتِفَارِ التَّنَحْنُحِ الْكَثِيرِ لِتَعَذُّرِ الْقِرَاءَةِ عَدَمُ الضَّرَرِ هُنَا مُطْلَقًا (قَوْلُهُ: قَالَهُ فِي رِسَالَةِ النُّورِ) هِيَ اسْمُ كِتَابٍ لِلشَّافِعِيِّ (قَوْلُهُ: وَالْأَوْجَهُ شُمُولُ ذَلِكَ) أَيْ وُجُوبُ التَّنَحْنُحِ وَالْإِخْرَاجِ (قَوْلُهُ: نَفْلًا كَانَ أَوْ فَرْضًا) أَيْ حَيْثُ لَمْ يُرِدْ بِبَلْعِهَا قَطْعَ النَّفْلِ مِنْ صَلَاةٍ أَوْ صَوْمٍ فَلَا يُعْذَرُ فِي التَّنَحْنُحِ.
أَيْ وَلَوْ كَانَ نَذَرَ الْقِرَاءَةَ جَهْرًا؛ لِأَنَّهَا صِفَةٌ تَابِعَةٌ، وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُ الْمَنْهَجِ وَتَعَذُّرُ رُكْنٍ قَوْلِيٍّ (قَوْلُهُ: لِإِسْمَاعِ الْمَأْمُومِينَ) أَيْ أَوْ إمَامِ جُمُعَةٍ. م ر اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ نَعَمْ إنْ تَوَقَّفَ عَلَى جَهْرِهِ سَمَاعُ الْمَأْمُومِينَ بِهِ عُذِرَ، ثُمَّ رَأَيْته قَالَ عَلَى حَجّ مَا نَصُّهُ: وَعَلَيْهِ يَنْبَغِي اسْتِثْنَاءُ الْجُمُعَةِ إذَا تَوَقَّفَتْ مُتَابَعَةُ الْأَرْبَعِينَ عَلَى الْجَهْرِ الْمَذْكُورِ، وَكَانَ ذَلِكَ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى لِتَوَقُّفِ صِحَّةِ صَلَاتِهِ عَلَى مُتَابَعَتِهِمْ الْمُتَابَعَةَ الْوَاجِبَةَ لِاشْتِرَاطِ الْجَمَاعَةِ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى لِصِحَّتِهَا، لَكِنْ لَوْ كَانَ لَوْ اسْتَمَرُّوا فِي الرُّكُوعِ إلَى أَنْ يَبْقَى مِنْ الْوَقْتِ مَا يَسَعُ الْجُمُعَةَ زَالَ الْمَانِعُ وَاسْتَغْنَى عَنْ التَّنَحْنُحِ فَهَلْ يَجِبُ ذَلِكَ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَكَذَا يَنْبَغِي اسْتِثْنَاءُ غَيْرِ الْجُمُعَةِ إذَا تَوَقَّفَ حُصُولُ فَرْضِ الْكِفَايَةِ لِهَذِهِ الْجَمَاعَةِ عَلَى ذَلِكَ اهـ. وَقَوْلُهُ يَنْبَغِي اسْتِثْنَاءُ الْجُمُعَةِ، وَيَنْبَغِي أَنْ يُلْحَقَ بِهَا إمَامُ الْمُعَادَةِ وَالْمَجْمُوعَةِ جَمْعَ تَقْدِيمٍ بِالْمَطَرِ وَالْمَنْذُورِ فِعْلُهَا جَمَاعَةً، وَيَكْفِي فِي الثَّلَاثِ إسْمَاعُ وَاحِدٍ، فَمَتَى أَمْكَنَهُ إسْمَاعُهُ وَزَادَ فِي التَّنَحْنُحِ لِأَجْلِ إسْمَاعِ غَيْرِهِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ؛ لِأَنَّهُ زِيَادَةٌ غَيْرُ مُحْتَاجٍ إلَيْهَا. وَقَوْلُهُ: فِيهِ نَظَرٌ الْأَقْرَبُ عَدَمُ وُجُوبِ الِانْتِظَارِ، بِخِلَافِ الْمُبَلِّغِ؛ لِأَنَّ صِحَّةَ صَلَاتِهِ لَا تَتَوَقَّفُ عَلَى مُشَارَكَتِهِ لِغَيْرِ الْإِمَامِ فَلَا يُعْذَرُ فِي إسْمَاعِهِمْ.
(قَوْلُهُ: وَلَوْ أُكْرِهَ الْمُصَلِّي عَلَى الْكَلَامِ) قَالَ حَجّ: عَلَى نَحْوِ الْكَلَامِ اهـ. وَوَقَعَ السُّؤَالُ فِي الدَّرْسِ عَمَّا لَوْ جَاءَ يَهُودِيٌّ أَوْ نَصْرَانِيٌّ، وَهُوَ يُصَلِّي وَطَلَبَ مِنْهُ تَلْقِينَ الشَّهَادَتَيْنِ عَلَى وَجْهٍ يُؤَدِّي إلَى بُطْلَانِ صَلَاتِهِ هَلْ يُجِيبُهُ أَوْ لَا؟ قُلْت: الظَّاهِرُ أَنْ يُقَالَ إنْ خَشِيَ فَوَاتَ إسْلَامِهِ وَجَبَ عَلَيْهِ التَّلْقِينُ وَتَبْطُلُ بِهِ صَلَاتُهُ، وَإِنْ لَمْ يَخْشَ فَوَاتَ ذَلِكَ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ وَيُغْتَفَرُ التَّأْخِيرُ لِلْعُذْرِ بِتَلَبُّسِهِ بِالْفَرْضِ فَلَا يُقَالُ فِيهِ رِضَاهُ بِالْكُفْرِ، وَعَلَى هَذَا يَخُصُّ قَوْلُ شَيْخِنَا الزِّيَادِيِّ فِي الرِّدَّةِ أَنَّ مِنْهَا مَا لَوْ قَالَ لِمَنْ طَلَبَ مِنْهُ تَلْقِينَ الْإِسْلَامِ اصْبِرْ سَاعَةً بِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ عُذْرٌ فِي التَّأْخِيرِ كَمَا هُنَا (قَوْلُهُ: لِنُدْرَتِهِ) يُؤْخَذُ مِنْ التَّعْلِيلِ
ــ
[حاشية الرشيدي]
أَجْنَبِيًّا عُرْفًا يَبْطُلُ سَهْوُهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ.
(قَوْلُهُ: وَالْأَوْجَهُ شُمُولُ ذَلِكَ لِلصَّائِمِ إلَخْ) قَدْ يُقَالُ مَا الْحَاجَةُ إلَى هَذَا، وَكَانَ اللَّائِقُ أَنْ يَقُولَ: وَالْأَوْجَهُ شُمُولُهُ لِلْمُفْطِرِ؛ لِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي يُمْكِنُ التَّوَقُّفُ فِيهِ، وَأَمَّا إذَا أَثْبَتْنَا الْوُجُوبَ فِي حَقِّ الْمُفْطِرِ فَلَا يَتَوَقَّفُ فِيهِ حَقُّ الصَّائِمِ؛ لِأَنَّهُ يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ صِحَّةُ صَلَاتِهِ وَصَوْمِهِ، وَعِبَارَةُ الْإِمْدَادِ وَالزَّرْكَشِيِّ جَوَازُهُ: أَيْ وَبَحَثَ الزَّرْكَشِيُّ جَوَازَ التَّنَحْنُحِ لِلصَّائِمِ لِإِخْرَاجِ نُخَامَةٍ تُبْطِلُ صَوْمَهُ، وَالْأَقْرَبُ جَوَازُهُ لِغَيْرِ الصَّائِمِ أَيْضًا لِإِخْرَاجِ نُخَامَةٍ تُبْطِلُ صَلَاتَهُ بِأَنْ نَزَلَتْ لِحَدِّ الظَّاهِرِ وَلَمْ يُمْكِنْهُ إخْرَاجُهَا إلَّا بِهِ انْتَهَتْ. وَالْوُجُوبُ فِي كَلَامِ الشَّارِحِ بِالنِّسْبَةِ لِلنَّفْلِ
لَا تَبْطُلُ كَالنَّاسِي. أَمَّا الْكَثِيرُ فَتَبْطُلُ بِهِ جَزْمًا وَلَيْسَ مِنْهُ غَصْبُ السُّتْرَةِ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ نَادِرٍ وَفِيهِ غَرَضٌ.
(وَلَوْ)(نَطَقَ بِنَظْمِ الْقُرْآنِ) أَوْ بِذِكْرٍ آخَرَ كَمَا شَمِلَهُ كَلَامُ كَثِيرٍ (بِقَصْدِ التَّفْهِيمِ كَ {يَا يَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ} [مريم: 12] مُفْهِمًا بِهِ مَنْ يَسْتَأْذِنُهُ فِي أَخْذِ مَا يُرِيدُ أَخْذَهُ وَكَقَوْلِهِ لِمَنْ اسْتَأْذَنَهُ فِي الدُّخُولِ عَلَيْهِ {ادْخُلُوهَا بِسَلامٍ آمِنِينَ} [الحجر: 46] أَوْ لِمَنْ يَنْهَاهُ عَنْ فِعْلِ شَيْءٍ {يُوسُفُ أَعْرِضْ عَنْ هَذَا} [يوسف: 29] (إنْ قَصَدَ مَعَهُ) أَيْ التَّفْهِيمَ (قِرَاءَةً لَمْ تَبْطُلْ) ؛ لِأَنَّهُ قُرْآنٌ فَصَارَ كَمَا لَوْ قَصَدَ بِهِ الْقُرْآنَ وَحْدَهُ (وَإِلَّا) بِأَنْ قَصَدَ التَّفْهِيمَ فَقَطْ أَوْ لَمْ يَقْصِدْ شَيْئًا (بَطَلَتْ) ؛ لِأَنَّ الْقُرْآنَ لَا يَكُونُ قُرْآنًا إلَّا بِالْقَصْدِ.
وَمَا تَقَرَّرَ فِي صُورَةِ الْإِطْلَاقِ هُنَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ؛ لِأَنَّ الْقَرِينَةَ مَتَى وُجِدَتْ صَرَفَتْهُ إلَيْهَا مَا لَمْ يَنْوِ صَرْفَهُ عَنْهَا، وَفِي حَالَةِ الْإِطْلَاقِ لَمْ يَنْوِ شَيْئًا فَأَثَّرَتْ، وَادَّعَى الْمُصَنِّفُ فِي دَقَائِقِهِ دُخُولَ هَذِهِ الصُّورَةِ فِي قَوْلِهِ، وَإِلَّا نُوزِعَ فِي الدُّخُولِ؛ لِأَنَّ مَوْرِدَ التَّقْسِيمِ وَقَعَ فِيمَا قَصَدَ بِهِ التَّفْهِيمَ فَلَا يَشْمَلُ قَصْدَ الْقِرَاءَةِ وَحْدَهَا وَلَا الْإِطْلَاقَ. وَيُجَابُ بِأَنَّهُ إذَا عَرَفَ أَنَّ قَصْدَهُ مَعَ الْقِرَاءَةِ لَا يَضُرُّ فَقَصْدُهَا وَحْدَهَا أَوْلَى، وَبِأَنَّ إلَّا تَشْمَلُ نَفْيَ كُلٍّ مِنْ الْمُقَسِّمِ وَقَيْدَ الْمُقَسِّمَ، وَلَعَلَّهُ مَلْحَظُ الْمُصَنِّفِ فِي تَصْرِيحِهِ بِشُمُولِ الْمَتْنِ لِلصُّوَرِ الْأَرْبَعِ، وَسَوَاءٌ أَكَانَ انْتَهَى فِي قِرَاءَتِهِ إلَى تِلْكَ الْآيَةِ أَمْ أَنْشَأَهَا كَمَا اقْتَضَاهُ إطْلَاقُ التَّحْقِيقِ وَغَيْرُهُ، وَهُوَ الْأَوْجَهُ؛ لِوُجُودِ الْقَرِينَةِ الصَّارِفَةِ عَنْ الْقِرَاءَةِ فِي مَحَلِّهَا، وَإِنْ بَحَثَ فِي الْمَجْمُوعِ الْفَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ قَدْ انْتَهَى فِي قِرَاءَتِهِ إلَيْهَا فَلَا يَضُرُّ، وَإِلَّا فَيَضُرُّ، وَسَوَاءٌ مَا يَصِحُّ لِلتَّخَاطُبِ وَمَا لَا يَصِحُّ لَهُ خِلَافًا لِجَمْعٍ مُتَقَدِّمِينَ.
وَشَمِلَ كَلَامُهُمْ الْفَتْحَ عَلَى الْإِمَامِ بِالْقُرْآنِ أَوْ بِالذِّكْرِ كَانَ ارْتَجَّ عَلَيْهِ كَلِمَةٌ فِي نَحْوِ التَّشَهُّدِ فَقَالَهَا الْمَأْمُومُ، وَالْجَهْرُ بِتَكْبِيرِ الِانْتِقَالَاتِ مِنْ الْإِمَامِ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
أَنَّ مِثْلَ الْكَلَامِ مَا لَوْ أُكْرِهَ عَلَى الِاسْتِدْبَارِ لِلْقِبْلَةِ أَوْ عَلَى الْأَكْلِ، وَجَعَلَهُ سم مُفَادًا لِقَوْلِ حَجّ وَلَوْ أُكْرِهَ عَلَى نَحْوِ الْكَلَامِ (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ مِنْهُ) أَيْ مِمَّا يُبْطِلُ الصَّلَاةَ (قَوْلُهُ: غَصْبُ السُّتْرَةِ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ أَنْ يَأْخُذَهَا الْغَاصِبُ بِلَا فِعْلٍ مِنْ الْمُصَلِّي كَأَنْ تَكُونَ السُّتْرَةُ مَعْقُودَةً عَلَى الْمُصَلِّي فَيَكْفِهَا الْغَاصِبُ قَهْرًا عَلَيْهِ، أَوْ يُكْرِهُهُ عَلَى أَنْ يَنْزِعَهَا وَيُسَلِّمَهَا لَهُ. وَيُوَجَّهُ بِأَنَّ الْمَدَارَ هُنَا عَلَى كَثْرَةِ وُقُوعِ الْعُذْرِ، وَقَدْ أَشَارَ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ نَادِرٍ إلَى ذَلِكَ لَكِنَّ قِيَاسَ مَا فِي الْوَدِيعَةِ مِنْ ضَمَانِ الْوَدِيعِ إذَا أَكْرَهَهُ الْغَاصِبُ حَتَّى سَلَّمَهُ الْوَدِيعَةَ الْبُطْلَانُ فِيمَا لَوْ أَكْرَهَهُ عَلَى نَزْعِ السُّتْرَةِ (قَوْلُهُ: وَفِيهِ غَرَضٌ) أَيْ لِلْغَاصِبِ
(قَوْلُهُ: أَوْ لَمْ يَقْصِدْ شَيْئًا) يَنْبَغِي أَوْ قَصَدَ وَاحِدًا لَا بِعَيْنِهِ بِأَنْ قَصَدَ أَحَدَ الْأَمْرَيْنِ مِنْ التَّفْهِيمِ وَالْقِرَاءَةِ (قَوْلُهُ: إلَّا بِالْقَصْدِ) أَيْ مَعَ وُجُودِ الصَّارِفِ كَمَا هُنَا (قَوْلُهُ: فَأَثَّرَتْ) أَيْ الْقَرِينَةُ (قَوْلُهُ: نَفْيَ كُلٍّ مِنْ الْمُقْسِمِ)، وَهُوَ قَوْلُهُ: بِقَصْدِ التَّفْهِيمِ وَقَوْلُهُ وَقَيْدِ الْمُقْسِمِ، وَهُوَ قَوْلُهُ: إنْ قَصَدَ مَعَهُ قِرَاءَةً (قَوْلُهُ: وَإِنْ بَحَثَ فِي الْمَجْمُوعِ إلَخْ) ضَعِيفٌ (قَوْلُهُ: وَسَوَاءٌ) أَيْ فِي التَّفْصِيلِ الْمَارِّ (قَوْلُهُ: خِلَافًا لِجَمْعٍ مُتَقَدِّمِينَ) أَيْ فَإِنَّهُمْ يَخُصُّونَ التَّفْصِيلَ بِمَا يَصْلُحُ لِلْمُخَاطَبَةِ كَمَا ذَكَرَهُ سم عَلَى الْعُبَابِ.
وَعِبَارَتُهُ قَوْلُهُ: وَلَوْ أَعْلَمَ بِنَظْمِ الْقُرْآنِ إلَخْ، ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ كَغَيْرِهِ لَا فَرْقَ فِي نَظْمِ الْقُرْآنِ وَغَيْرِهِ مِمَّا ذُكِرَ فِي التَّفْصِيلِ الَّذِي ذَكَرَهُ بَيْنَ مَا يَصْلُحُ لِمُخَاطَبَةِ النَّاسِ وَمَا لَا يَصْلُحُ، لَكِنْ نَقَلَ الْإِسْنَوِيُّ عَنْ جَمَاعَةٍ وَقَالَ إنَّهُ الْمُتَّجَهُ تَخْصِيصُ التَّفْضِيلِ بِمَا يَصْلُحُ لِلْمُخَاطَبَةِ، بِخِلَافِ مَا لَا يَصْلُحُ، وَإِنْ تَجَرَّدَ لِقَصْدِ الْإِفْهَامِ، وَقَدْ سَبَقَ نَظِيرُ الْمَسْأَلَةِ فِي بَابِ الْغُسْلِ. اهـ (قَوْلُهُ: أُرْتِجَ عَلَيْهِ) قَالَ فِي الْمُخْتَارِ: أُرْتِجَ عَلَى الْقَارِئِ عَلَى مَا لَمْ يُسَمَّ فَاعِلُهُ إذَا لَمْ يَقْدِرْ عَلَى الْقِرَاءَةِ، إلَى أَنْ قَالَ: وَلَا تَقُلْ ارْتَجَّ عَلَيْهِ بِالتَّشْدِيدِ (قَوْلُهُ: بِتَكْبِيرِ الِانْتِقَالَاتِ) أَيْ
ــ
[حاشية الرشيدي]
مَعْنَاهُ الْوُجُوبُ لِأَجْلِ الصِّحَّةِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ.
(قَوْلُهُ: وَفِيهِ غَرَضٌ) أَيْ لِلْغَاصِبِ.
(قَوْلُهُ: وَادَّعَى الْمُصَنِّفُ فِي دَقَائِقِهِ دُخُولَ هَذِهِ الصُّورَةِ) أَيْ كَمَا ادَّعَى دُخُولَ صُورَةِ قَصْدِ الْقِرَاءَةِ فَقَطْ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ قَوْلِ الشَّارِحِ الْآتِي وَلَعَلَّهُ مَلْحَظُ الْمُصَنِّفِ إلَخْ (قَوْلُهُ: فَلَا يَشْمَلُ قَصْدَ الْقِرَاءَةِ) حَقُّ الْعِبَارَةِ فَلَا يَشْمَلُ الْإِطْلَاقَ كَمَا لَا يَشْمَلُ قَصْدَ الْقِرَاءَةِ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَلَعَلَّهُ) أَيْ جَمِيعَ مَا ذُكِرَ لَا خُصُوصَ قَوْلِهِ وَبِأَنْ لَا إلَخْ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ مَا قَبْلَ وَإِلَّا فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ يَشْمَلُ صُورَتَيْنِ: إحْدَاهُمَا بِالْمَنْطُوقِ وَهِيَ مَا إذَا قَصَدَ التَّفْهِيمَ وَالْقِرَاءَةَ، وَالْأُخْرَى بِمَفْهُومِ الْمُوَافَقَةِ الْأَوْلَى وَهِيَ
أَوْ الْمُبَلِّغِ فَيَأْتِي فِيهِمَا التَّفْصِيلُ مِنْ الصُّوَرِ الْأَرْبَعِ الْمَذْكُورَةِ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الرَّافِعِيِّ وَغَيْرِهِ وَاعْتَمَدَهُ الْإِسْنَوِيُّ وَغَيْرُهُ وَأَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَخَرَجَ بِنَظْمِ الْقُرْآنِ مَا لَوْ غَيَّرَ نَظْمَهُ بِقَوْلِهِ يَا إبْرَاهِيمُ سَلَامٌ كُنْ فَإِنَّ صَلَاتَهُ تَبْطُلُ مُطْلَقًا. نَعَمْ إنْ قَصَدَ بِكُلِّ الْقِرَاءَةِ بِمُفْرَدِهَا لَمْ تَبْطُلْ، وَإِنْ أَتَى بِهَا مَجْمُوعَةً فِيمَا يَظْهَرُ كَمَا أَفَادَهُ الشَّيْخُ فِي الْغَرَرِ؛ وَفِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الْعَبَّادِيِّ: لَوْ قَالَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ إنْ تَعَمَّدَ، وَإِلَّا فَلَا وَيَسْجُدُ لِلسَّهْوِ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ؛ وَفِي فَتَاوَى الْقَفَّالِ: إنْ قَالَ ذَلِكَ مُتَعَمِّدًا مُعْتَقِدًا كَفَرَ.
وَيَأْتِي مِثْلُ مَا تَقَرَّرَ فِيمَا لَوْ وَقَفَ {عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا} [البقرة: 102] ثُمَّ سَكَتَ طَوِيلًا: أَيْ زَائِدًا عَلَى سَكْتَةِ تَنَفُّسٍ، وَعَيٍّ فِيمَا يَظْهَرُ، وَابْتَدَأَ بِمَا بَعْدَهَا؛ وَلَوْ قَالَ قَالَ اللَّهُ فِي غَيْرِ مَحَلِّ تِلَاوَتِهِ أَوْ النَّبِيُّ كَذَا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ كَمَا شَمِلَهُ كَلَامُهُمْ وَبِهِ صَرَّحَ الْقَاضِي، وَتَبْطُلُ بِمَا نُسِخَتْ تِلَاوَتُهُ، وَإِنْ بَقِيَ حُكْمُهُ دُونَ عَكْسِهِ.
وَلَوْ قَرَأَ الْإِمَامُ {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} [الفاتحة: 5] فَقَالَ الْمَأْمُومُ مِثْلَهُ، أَوْ اسْتَعَنَّا بِاَللَّهِ أَوْ نَسْتَعِينُ بِاَللَّهِ، فَفِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ عَنْ صَاحِبِ الْبَيَانِ: إنْ كَانَ غَيْرَ قَاصِدٍ لِلتِّلَاوَةِ بَطَلَتْ: أَيْ إنْ لَمْ يَقْصِدْ بِهِ الدُّعَاءَ كَمَا فِي التَّحْقِيقِ. وَحَاصِلُ مَا أَجَابَ بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَمَّا سُئِلَ عَنْ ذَلِكَ أَنَّهُ تَبْطُلُ صَلَاتُهُ بِذَلِكَ إنْ لَمْ يَقْصِدْ بِهِ تِلَاوَةً وَلَا دُعَاءً، وَمَا نَقَلَهُ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ عَنْ صَاحِبِ الْبَيَانِ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا لَمْ يَقْصِدْ بِهِ الدُّعَاءَ كَمَا فِي التَّحْقِيقِ وَلِهَذَا اعْتَرَضَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ إطْلَاقَ مَا نَقَلَهُ فِيهِ عَنْ صَاحِبِ الْبَيَانِ بِقَوْلِهِ: وَلَا يُوَافَقُ عَلَيْهِ، وَعِبَارَةُ شَرْحِ الْمُهَذَّبِ:
ــ
[حاشية الشبراملسي]
أَوْ التَّحَرُّمُ (قَوْلُهُ: مِنْ الصُّوَرِ) بَيَانٌ لِلتَّفْصِيلِ (قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ قَصَدَ الْقُرْآنَ أَوْ غَيْرَهُ (قَوْلُهُ: فِيمَا يَظْهَرُ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: فِي الْغَرَرِ) أَيْ شَرْحِ الْبَهْجَةِ الْكَبِيرِ (قَوْلُهُ: بَطَلَتْ صَلَاتُهُ) أَيْ حَيْثُ لَمْ يَقْصِدْ بِأُولَئِكَ إلَخْ الْقِرَاءَةَ مِنْ آيَةٍ أُخْرَى (قَوْلُهُ: وَفِي فَتَاوَى الْقَفَّالِ) أَيْ الْمَرْوَزِيِّ، وَقَوْلُهُ إلَى أَنْ قَالَ ذَلِكَ إلَخْ مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: وَيَأْتِي مِثْلُ مَا تَقَرَّرَ) هُوَ قَوْلُهُ: إنْ قَالَ ذَلِكَ إلَخْ (قَوْلُهُ: فِيمَا يَظْهَرُ) أَفْهَمَ أَنَّ قَدْرَ سَكْتَةِ التَّنَفُّسِ وَالْعَيِّ لَا يَضُرُّ مَعَهَا الِابْتِدَاءُ بِمَا بَعْدَهَا مُطْلَقًا.
وَلَعَلَّ وَجْهَ ذَلِكَ أَنَّهُ مَعَ قَصْرِ الزَّمَنِ لَا تُعَدُّ الْكَلِمَاتُ مُنْفَصِلًا بَعْضُهَا عَنْ بَعْضٍ فَأَشْبَهَ مَا لَوْ نَطَقَ بِقَوْلِهِ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ بِلَا سُكُوتٍ (قَوْلُهُ: فِي غَيْرِ مَحَلِّ تِلَاوَتِهِ) احْتَرَزَ بِهِ عَمَّا لَوْ قَالَهُ مِنْ تِلَاوَةِ قَوْله تَعَالَى {قَالَ اللَّهُ هَذَا يَوْمُ يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ} [المائدة: 119](قَوْلُهُ: وَتَبْطُلُ بِمَا نُسِخَتْ تِلَاوَتُهُ) وَمِثْلُهُ مُتَعَلِّقَاتُ الْقُرْآنِ الْمَحْذُوفَةُ: أَيْ كَقَوْلِهِ الْحَمْدُ كَائِنٌ لِلَّهِ، وَإِنْ قُلْنَا إنَّهَا مِنْهُ فَتَبْطُلُ بِالنُّطْقِ بِهَا عَمْدًا، وَإِنْ قَصَدَ أَنَّهَا مُتَعَلِّقُ اللَّفْظِ.
(قَوْلُهُ: إنْ لَمْ يَقْصِدْ بِهِ الدُّعَاءَ) أَيْ فَتَبْطُلُ مَعَ الْإِطْلَاقِ (قَوْلُهُ: إنْ لَمْ يَقْصِدْ بِهِ تِلَاوَةً وَلَا دُعَاءً) أَيْ بِأَنْ أَطْلَقَ أَوْ قَصَدَ الْإِخْبَارَ الْمُجَرَّدَ. [فَرْعٌ] لَوْ قَالَ صَدَقَ اللَّهُ الْعَظِيمُ عِنْدَ قِرَاءَةِ شَيْءٍ مِنْ الْقُرْآنِ قَالَ م ر يَنْبَغِي أَنْ لَا يَضُرَّ، وَكَذَا لَوْ قَالَ آمَنْت بِاَللَّهِ عِنْدَ قِرَاءَةِ مَا يُنَاسِبُهُ. اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ. وَبَقِيَ مَا لَوْ قَالَ اللَّهُ فَقَطْ فَهَلْ يَضُرُّ ذَلِكَ أَوْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ أَنَّهُ إنْ قَصَدَ بِهِ التَّعَجُّبَ ضَرَّ، وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ ذَلِكَ بِأَنْ قَصَدَ الثَّنَاءَ لَمْ يَضُرَّ، وَإِنْ أَطْلَقَ، فَإِنْ كَانَ ثَمَّ قَرِينَةٌ تَدُلُّ عَلَى التَّعَجُّبِ كَأَنْ سَمِعَ أَمْرًا غَرِيبًا فِي الْقُرْآنِ فَقَالَ عِنْدَ سَمَاعِهِ ذَلِكَ ضَرَّ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ قَرِينَةٌ لَمْ يَضُرَّ؛ لِأَنَّهُ اسْمٌ مِنْ أَسْمَائِهِ لَا اشْتِرَاكَ فِيهِ.
وَوَقَعَ السُّؤَالُ بِالدَّرْسِ عَنْ شَخْصٍ يُصَلِّي فَوَضَعَ آخَرُ يَدَهُ عَلَيْهِ، وَهُوَ غَافِلٌ فَانْزَعَجَ لِذَلِكَ وَقَالَ اللَّهُ. فَأَجَبْت عَنْهُ بِأَنَّ الْأَقْرَبَ فِيهِ الضَّرَرُ إذَا لَمْ يَقْصِدْ بِهِ الثَّنَاءَ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى، لَكِنْ سَيَأْتِي لَهُ أَنَّهُ لَوْ قَالَ السَّلَامُ قَاصِدًا اسْمَ اللَّهِ أَوْ الْقُرْآنَ لَمْ تَبْطُلْ. اهـ. وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ أَطْلَقَ بَطَلَتْ. وَقِيَاسُهُ أَنَّ اللَّهَ مِثْلُهُ. وَفِي سم عَلَى مَنْهَجٍ: فَرْعٌ ضَرَبَتْهُ عَقْرَبٌ فِي الصَّلَاةِ لَمْ تَبْطُلْ صَلَاتُهُ، وَإِنْ ضَرَبَتْهُ حَيَّةٌ بَطَلَتْ، وَالْفَرْقُ أَنَّ الْعَقْرَبَ تُدْخِلُ سُمَّهَا إلَى دَاخِلِ الْبَدَنِ؛ لِأَنَّهَا تَغْرِزُ إبْرَتَهَا فِي دَاخِلِ
ــ
[حاشية الرشيدي]
مَا إذَا قَصَدَ الْقِرَاءَةَ فَقَطْ، وَمَا بَعْدَ وَإِلَّا يَشْمَلُ صُورَتَيْنِ بِاعْتِبَارِ شُمُولِهَا لِنَفْيِ الْقَسَمِ وَالْمُقْسَمِ.
قَرَأَ الْإِمَامُ {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} [الفاتحة: 5] فَقَالَ الْمَأْمُومُ مِثْلَهُ أَوَاسْتَعَنَّا بِاَللَّهِ (قَوْلُهُ: إنْ كَانَ غَيْرَ قَاصِدٍ لِلتِّلَاوَةِ) هَذَا خَاصٌّ بِإِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ عِبَارَةِ الْبَيَانِ الْآتِيَةِ (قَوْلُهُ: إنْ لَمْ يَقْصِدْ بِهِ تِلَاوَةً وَلَا دُعَاءً)