المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[من شروط الصلاة طهارة النجس في الثوب والبدن والمكان] - نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج - جـ ٢

[الرملي، شمس الدين]

فهرس الكتاب

- ‌[بَابٌ يَشْتَمِلُ عَلَى شُرُوطِ الصَّلَاةِ وَمَوَانِعِهَا]

- ‌[مِنْ شُرُوط الصَّلَاة سَتْرُ الْعَوْرَةِ]

- ‌عَوْرَةُ الرَّجُلِ)

- ‌[عَوْرَةُ الْحُرَّةِ]

- ‌[مِنْ شُرُوطِ الصَّلَاة الطَّهَارَةُ مِنْ الْحَدَثِ الْأَصْغَرِ]

- ‌[مِنْ شُرُوطُ الصَّلَاةِ طَهَارَةُ النَّجَسِ فِي الثَّوْبِ وَالْبَدَنِ وَالْمَكَانِ]

- ‌(تَبْطُلُ) الصَّلَاةُ (بِالنُّطْقِ) عَمْدًا بِكَلَامِ مَخْلُوقٍ

- ‌[فَصْلٌ فِي مُبْطِلَاتِ الصَّلَاةِ وَسُنَنِهَا وَمَكْرُوهَاتِهَا] [

- ‌لَا تَبْطُلُ) الصَّلَاةُ (بِالذِّكْرِ وَالدُّعَاءِ)

- ‌[رَدُّ السَّلَامِ فِي الصَّلَاة]

- ‌[لَا تَجِبُ إجَابَةُ الْأَبَوَيْنِ فِي الصَّلَاةِ]

- ‌[بُطْلَانُ الصَّلَاة بِالْوَثْبَةِ الْفَاحِشَةِ]

- ‌[بُطْلَانُ الصَّلَاة بِقَلِيلِ الْأَكْلِ]

- ‌[الِالْتِفَاتُ فِي الصَّلَاةِ]

- ‌[الصَّلَاةُ حَاقِنًا بِالْبَوْلِ أَوْ حَاقِبًا بِالْغَائِطِ أَوْ حَازِقًا لِلرِّيحِ]

- ‌[كَرَاهَة البصق فِي الصَّلَاةِ أَوْ خَارِجَهَا قِبَلَ وَجْهِهِ أَوْ عَنْ يَمِينِهِ]

- ‌[الْفَرْقَعَةُ فِي الصَّلَاة أَوْ تَشْبِيكُ الْأَصَابِع]

- ‌[الصَّلَاةُ فِي الْكَنِيسَةِ وَالْبِيعَةِ]

- ‌[الصَّلَاةُ فِي مَعَاطِنِ الْإِبِلِ]

- ‌[الصَّلَاةُ فِي الْحَمَّامِ]

- ‌[الصَّلَاةُ فِي الْمَقْبَرَةِ الطَّاهِرَةِ]

- ‌[بَابٌ فِي بَيَانِ سَبَبِ سُجُودِ السَّهْوِ وَأَحْكَامِهِ]

- ‌[كَيْفِيَّةُ سَجْدَتَيْ السَّهْوِ كَسُجُودِ الصَّلَاةِ]

- ‌(بَابٌ فِي سُجُودِ التِّلَاوَةِ

- ‌[سَجَدَاتُ التِّلَاوَةِ فِي الْقُرْآنِ أَرْبَعَ عَشْرَةَ سَجْدَةً]

- ‌سَجْدَةُ الشُّكْرِ

- ‌[بَابٌ فِي صَلَاةِ النَّفْلِ وَهِيَ قِسْمَانِ] [

- ‌قِسْمٌ لَا يُسَنُّ فِيهِ النَّفَلُ جَمَاعَةً]

- ‌ مِنْ الْقِسْمِ الَّذِي لَا يُسَنُّ جَمَاعَةً (الْوِتْرُ)

- ‌مِنْ الْقِسْمِ الَّذِي لَا تُسَنُّ لَهُ جَمَاعَةٌ (الضُّحَى)

- ‌[مِنْ الْقِسْمِ الَّذِي لَا تُسَنُّ لَهُ جَمَاعَةٌ تَحِيَّةُ الْمَسْجِد]

- ‌[مِنْ الْقِسْمِ الَّذِي لَا تُسَنُّ لَهُ جَمَاعَةٌ رَكْعَتَانِ عِنْدَ السَّفَر]

- ‌قِسْمٌ) مِنْ النَّفْلِ (يُسَنُّ جَمَاعَةً)

- ‌[حُكْمُ التَّهَجُّد]

- ‌(كِتَابُ صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ) وَأَحْكَامِهَا

- ‌ الْجَمَاعَةُ (فِي الْمَسْجِدِ لِغَيْرِ الْمَرْأَةِ) وَالْخُنْثَى (أَفْضَلُ)

- ‌أَفْضَلُ الْجَمَاعَةِ بَعْدَ الْجُمُعَةِ

- ‌[أَعْذَارُ تَرْكُ صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ]

- ‌فَصْلٌ فِي صِفَةِ الْأَئِمَّةِ وَمُتَعَلِّقَاتِهَا

- ‌فَصْلٌ فِي بَعْضِ شُرُوطِ الْقُدْوَةِ وَكَثِيرٍ مِنْ آدَابِهَا وَبَعْضِ مَكْرُوهَاتِهَا

- ‌فَصْلٌ فِي بَعْضِ شُرُوطِ الْقُدْوَةِ أَيْضًا

- ‌فَصْلٌ فِي بَعْضِ شُرُوطِ الْقُدْوَةِ أَيْضًا

- ‌[فَصْلٌ فِي زَوَالِ الْقُدْوَةِ وَإِيجَادِهَا وَإِدْرَاكِ الْمَسْبُوقِ الرَّكْعَةَ وَمَا يَتْبَعُ ذَلِكَ]

- ‌(بَابُ) كَيْفِيَّةِ (صَلَاةِ الْمُسَافِرِ)

- ‌فَصْلٌ فِي شُرُوطِ الْقَصْرِ وَتَوَابِعِهَا

- ‌(فَصْلٌ) فِي الْجَمْعِ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ

- ‌[شُرُوطُ جَمْعِ التَّقْدِيمِ]

- ‌[شُرُوطُ التَّقْدِيمِ فِي صَلَاةِ الْجَمْعِ عِنْدَ الْمَطَرِ]

- ‌بَابُ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ

- ‌[شُرُوطُ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ]

- ‌[الْجَمْعِ لِعُذْرِ الْمَطَرِ]

- ‌[شُرُوطُ صِحَّةِ الْجُمُعَةِ]

- ‌[أَرْكَانُ خُطْبَةِ الْجُمُعَةِ]

- ‌[شُرُوطُ الْخُطْبَتَيْنِ فِي الْجُمُعَة]

- ‌فَصْلٌ فِي الْأَغْسَالِ الْمُسْتَحَبَّةِ فِي الْجُمُعَةِ وَغَيْرِهَا وَمَا يُذْكَرُ مَعَهَا

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيَانِ مَا يَحْصُلُ بِهِ إدْرَاكُ الْجُمُعَةِ وَمَا لَا تُدْرَكُ بِهِ]

- ‌[الْقِسْمِ الْأَوَّلِ إدْرَاكُ رُكُوعَ الثَّانِيَةِ مِنْ الْجُمُعَةِ مَعَ الْإِمَامِ]

- ‌[الْقِسْمِ الثَّانِي حُكْمُ اسْتِخْلَافِ الْإِمَامِ وَشُرُوطُهُ]

- ‌[بَابٌ كَيْفِيَّةُ صَلَاةِ الْخَوْفِ]

- ‌[النَّوْعُ الْأَوَّلِ كَوْنُ الْعَدُوِّ فِي جِهَةِ الْقِبْلَةِ]

- ‌[الثَّانِي مِنْ الْأَنْوَاعِ كَوْنُ الْعَدُوُّ فِي غَيْرِ الْقِبْلَةِ]

- ‌[النَّوْعُ الثَّالِثُ أَنْ تَقِفَ فِرْقَةٌ فِي وَجْهِ الْعَدُوِّ وَتَحْرُسُ وَهُوَ فِي غَيْرِ جِهَةِ الْقِبْلَةِ]

- ‌[النَّوْعُ الرَّابِعِ أَنْ يَلْتَحِمَ الْقِتَالُ بَيْنَ الْقَوْمِ وَلَمْ يَتَمَكَّنُوا مِنْ تَرْكِهِ]

- ‌فَصْلٌ فِيمَا يَجُوزُ لُبْسُهُ إنْ ذَكَرَ وَمَا لَا يَجُوزُ

- ‌بَابٌ صَلَاةُ الْعِيدَيْنِ

- ‌[حُكْمُ صَلَاةِ الْعِيدَيْنِ وَكَيْفِيَّتَهَا]

- ‌[وَقْتُ صَلَاةِ الْعِيدَيْنِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي التَّكْبِيرِ الْمُرْسَلِ وَالْمُقَيَّدِ]

- ‌[وَقْتُ تَكْبِير الْعِيد]

- ‌بَابُ صَلَاةِ الْكُسُوفَيْنِ

- ‌[التَّهْنِئَةُ بِالْعِيدِ]

- ‌بَابُ صَلَاةِ الِاسْتِسْقَاءِ

- ‌(بَابٌ) فِي حُكْمِ تَارِكِ الصَّلَاةِ الْمَفْرُوضَةِ عَلَى الْأَعْيَانِ

- ‌ كِتَابُ الْجَنَائِزِ

- ‌[آدَابِ الْمُحْتَضَرِ]

- ‌ بَيَانِ الْغَاسِلِ

- ‌فَصْلٌ فِي تَكْفِينِ الْمَيِّتِ وَحَمْلِهِ وَتَوَابِعِهِمَا

- ‌ كَيْفِيَّةِ حَمْلِ الْمَيِّتِ

- ‌فَصْلٌ فِي الصَّلَاةِ عَلَى الْمَيِّتِ الْمُسْلِمِ غَيْرِ الشَّهِيدِ

- ‌[شُرُوطُ صَلَاةِ الْجِنَازَةِ]

- ‌ الصَّلَاةِ عَلَى الْغَائِبِ

- ‌[تَقْدِيمُ الصَّلَاةِ عَلَى الدَّفْنِ وَتَأْخِيرُهَا عَنْ الْغُسْلِ أَوْ التَّيَمُّمِ]

- ‌[فَرْعٌ فِي بَيَانِ الْأَوْلَى بِصَلَاةِ الْجِنَازَةِ]

- ‌ الصَّلَاةُ (عَلَى الْكَافِرِ)

- ‌[حُكْم الصَّلَاة عَلَى السقط]

- ‌ الْمَيِّتُ إمَّا شَهِيدٌ أَوْ غَيْرُهُ

الفصل: ‌[من شروط الصلاة طهارة النجس في الثوب والبدن والمكان]

مُحْدِثٌ عَلَى أَنَّهُ لَوْ وَضَعَ فِي الْمَاءِ رِجْلَيْهِ قَبْلَ فَرَاغِهَا وَاسْتَمَرَّ إلَى انْقِضَائِهَا لَمْ تَصِحَّ صَلَاتُهُ؛ لِأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ حَدَثٍ ثُمَّ يَرْتَفِعُ، وَأَيْضًا لَا بُدَّ مِنْ تَجْدِيدِ نِيَّةٍ؛ لِأَنَّهُ حَدَثٌ لَمْ تَشْمَلْهُ نِيَّةُ وُضُوئِهِ الْأَوَّلِ، وَهَذَا ظَاهِرٌ حَيْثُ دَخَلَ فِيهَا ظَانًّا الْبَقَاءَ، فَإِنْ قَطَعَ بِانْقِضَاءِ الْمُدَّةِ فِيهَا اُتُّجِهَ كَمَا قَالَهُ السُّبْكِيُّ عَدَمُ انْعِقَادِهَا، وَفَارَقَ مَا تَقَدَّمَ فِيمَا لَوْ كَانَتْ عَوْرَتُهُ تَنْكَشِفُ فِي رُكُوعِهِ حَيْثُ حُكِمَ بِانْعِقَادِهَا عَلَى الصَّحِيحِ بِعَدَمِ قَطْعِهِ ثَمَّ بِالْبُطْلَانِ، بَلْ صِحَّتُهَا مُمْكِنَةٌ بِأَنْ يَسْتُرَهَا بِشَيْءٍ عِنْدَ رُكُوعِهِ، بِخِلَافِهِ هُنَا إذْ كَيْفَ يُقَالُ بِانْعِقَادِهَا مَعَ الْقَطْعِ بِعَدَمِ اسْتِمْرَارِ صِحَّتِهَا وَكَيْفَ يَتَحَقَّقُ نِيَّتُهَا. نَعَمْ إنْ كَانَ فِي نَفْلٍ مُطْلَقٍ يُدْرِكُ مِنْهُ رَكْعَةً فَأَكْثَرَ انْعَقَدَتْ، وَلَوْ اُفْتُصِدَ مَثَلًا فَخَرَجَ دَمُهُ، وَلَمْ يُلَوِّثْ بَشَرَتَهُ أَوْ لَوَّثَهَا قَلِيلًا لَمْ تَبْطُلْ.

وَيُسْتَحَبُّ لِمَنْ أَحْدَثَ فِي صَلَاتِهِ أَنْ يَأْخُذَ بِأَنْفِهِ ثُمَّ يَنْصَرِفَ مُوهِمًا أَنَّهُ رَعَفَ سَتْرًا عَلَى نَفْسِهِ لِئَلَّا يَخُوضَ النَّاسُ فِيهِ فَيَأْثَمُوا وَيَلْحَقُ بِهِ مَنْ أَحْدَثَ، وَهُوَ مُنْتَظِرٌ إقَامَتَهَا لَا سِيَّمَا مَعَ قُرْبِ الزَّمَانِ لِذَلِكَ، وَمِنْهُ يُؤْخَذُ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ لِكُلِّ مَنْ ارْتَكَبَ مَا يَدْعُو النَّاسَ إلَى الْوَقِيعَةِ فِيهِ أَنْ يَسْتُرَهُ لِذَلِكَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ ابْنُ الْعِمَادِ لِحَدِيثٍ فِيهِ.

(وَ) خَامِسُهَا (طَهَارَةُ النَّجَسِ) الَّذِي لَا يُعْفَى عَنْهُ (فِي الثَّوْبِ وَالْبَدَنِ) وَلَوْ دَاخِلَ فَمِهِ أَوْ أَنْفِهِ أَوْ عَيْنِهِ أَوْ أُذُنِهِ (وَالْمَكَانِ) أَيْ الَّذِي يُصَلِّي فِيهِ فَلَا تَصِحُّ صَلَاتُهُ مَعَ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ جَاهِلًا بِوُجُودِهِ أَوْ بِبُطْلَانِهَا بِهِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ} [المدثر: 4] وَلِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «إذَا أَقْبَلَتْ الْحَيْضَةُ فَدَعِي الصَّلَاةَ، وَإِذَا أَدْبَرَتْ فَاغْسِلِي عَنْك الدَّمَ وَصَلِّي» ثَبَتَ الْأَمْرُ بِاجْتِنَابِ النَّجَسِ، وَهُوَ لَا يَجِبُ فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ فَيَجِبُ فِيهَا، وَالْأَمْرُ بِالشَّيْءِ نَهْيٌ عَنْ ضِدِّهِ، وَالنَّهْيُ فِي الْعِبَادَاتِ يَقْتَضِي فَسَادَهَا. نَعَمْ يَحْرُمُ التَّضَمُّخُ بِهِ خَارِجَهَا فِي الْبَدَنِ بِلَا حَاجَةٍ، وَكَذَا الثَّوْبُ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا، وَمَا فِي التَّحْقِيقِ مِنْ تَحْرِيمِهِ فِي الْبَدَنِ فَقَطْ مُرَادُهُ بِهِ مَا يَعُمُّ مَلَابِسَهُ لِيُوَافِقَ مَا قَبْلَهُ، وَلَوْ رَأَيْنَا فِي ثَوْبِ مَنْ يُرِيدُ الصَّلَاةَ نَجَاسَةً لَا يَعْلَمُ بِهَا وَجَبَ عَلَيْنَا إعْلَامُهُ بِهَا؛ لِأَنَّ الْأَمْرَ بِالْمَعْرُوفِ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى الْعِصْيَانِ، قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَبِهِ أَفْتَى الْحَنَّاطِيُّ، كَمَا لَوْ رَأَيْنَا

ــ

[حاشية الشبراملسي]

الْغَسْلَ لَمْ يَرْفَعْ الْحَدَثَ (قَوْلُهُ: عَدَمُ انْعِقَادِهَا) مُعْتَمَدٌ خِلَافًا لحج حَيْثُ قَالَ بَعْدَ كَلَامٍ ذَكَرَهُ: يَقْتَضِي عَدَمَ الِانْعِقَادِ وَاَلَّذِي يُتَّجَهُ انْعِقَادُهَا حَتَّى تَصِحَّ الْقُدْوَةُ بِهِ، وَفِي الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ مَا يُوَافِقُهُ (قَوْلُهُ: انْعَقَدَتْ) أَيْ وَيَقْتَصِرُ عَلَى مَا أَمْكَنَهُ فِعْلُهُ مِنْهُ (قَوْلُهُ: أَوْ لَوَّثَهَا قَلِيلًا) أَفْهَمَ أَنَّهُ إنْ لَوَّثَهَا كَثِيرًا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ، وَلَعَلَّ وَجْهَهُ أَنَّ الْكَثِيرَ إذَا كَانَ بِفِعْلِهِ لَا يُعْفَى عَنْهُ وَاقْتِصَادُهُ مِنْ فِعْلِهِ، وَقِيَاسُهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ فِيهِ دُمَّلٌ فَفَتَحَهُ فَخَرَجَ مِنْهُ دَمٌ كَثِيرٌ لَا يُعْفَى عَنْهُ، وَيَنْبَغِي أَنَّ مَحَلَّ عَدَمِ الْعَفْوِ عِنْدَ فَتْحِهِ إذَا خَرَجَ الدَّمُ مُتَّصِلًا بِالْفَتْحِ، فَلَوْ لَمْ يَخْرُجْ عَقِبَ الْفَتْحِ لَكِنَّهُ تَحَلَّلَ وَخَرَجَ بَعْدَهُ بِمُدَّةٍ بِحَيْثُ لَا يُنْسَبُ خُرُوجُهُ لِلْفَتْحِ لَمْ يَضُرَّ.

(قَوْلُهُ: مَنْ ارْتَكَبَ مَا يَدْعُو النَّاسَ) أَيْ وَمَعَ ذَلِكَ عُقُوبَةُ الذَّنْبِ بَاقِيَةٌ فَيَسْتَحِقُّ بِهَا مَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ فِي الْآخِرَةِ وَقَدْ يَعْفُو سبحانه وتعالى عَنْهُ (قَوْلُهُ: أَنْ يَسْتُرَهُ لِذَلِكَ) أَيْ لِئَلَّا يَخُوضَ النَّاسُ فِيهِ. .

[مِنْ شُرُوطُ الصَّلَاةِ طَهَارَةُ النَّجَسِ فِي الثَّوْبِ وَالْبَدَنِ وَالْمَكَانِ]

(قَوْلُهُ: وَالْأَمْرُ بِالشَّيْءِ نَهْيٌ عَنْ ضِدِّهِ) أَيْ يُفِيدُ النَّهْيَ عَنْ ضِدِّهِ، وَإِلَّا فَلَيْسَ الْأَمْرُ بِالشَّيْءِ عَيْنَ النَّهْيِ وَلَا يَسْتَلْزِمُهُ عَلَى الصَّحِيحِ (قَوْلُهُ: لِيُوَافِقَ مَا قَبْلَهُ) قَضِيَّةُ هَذَا الْحَمْلِ عَدَمُ حُرْمَةِ تَنْجِيسِ ثَوْبٍ غَيْرِ مَلْبُوسٍ لَهُ، وَلَعَلَّ هَذِهِ الْقَضِيَّةَ غَيْرُ مُرَادَةٍ بَلْ الْمُرَادُ مَا مِنْ شَأْنِهِ أَنْ يُلَابِسَهُ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ لِيُوَافِقَ مَا قَبْلَهُ (قَوْلُهُ: وَجَبَ عَلَيْنَا إعْلَامُهُ بِهَا) أَيْ وَيَنْبَغِي أَنَّ مَحِلَّ ذَلِكَ حَيْثُ كَانَتْ تَمْنَعُ مِنْ صِحَّةِ الصَّلَاةِ عِنْدَهُ وَعَلِمْنَا بِذَلِكَ، وَإِلَّا فَلَا لِجَوَازِ كَوْنِهِ صَلَّى مَعَ عِلْمِهِ بِذَلِكَ لِعَدَمِ اعْتِقَادِهِ الْبُطْلَانَ مَعَهُ (قَوْلُهُ: وَبِهِ أَفْتَى الْحَنَّاطِيُّ) قَدْ يُشْعِرُ هَذَا بِأَنَّ الْحَنَّاطِيَّ كَانَ مُتَأَخِّرًا عَنْ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ فَأَفْتَى بِمَا قَالَهُ،

ــ

[حاشية الرشيدي]

(قَوْلُهُ: نَعَمْ إنْ كَانَ فِي نَفْلٍ مُطْلَقٍ) أَيْ وَلَمْ يَنْوِ عَدَدًا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ

(قَوْلُهُ: ثَبَتَ الْأَمْرُ بِاجْتِنَابِ النَّجَسِ إلَخْ) هَذَا لَا يَظْهَرُ تَرَتُّبُهُ عَلَى الْآيَةِ وَالْخَبَرِ الْمَذْكُورَيْنِ؛ لِأَنَّ الْأَمْرَ فِيهِمَا إنَّمَا هُوَ بِالتَّطْهِيرِ وَالْغُسْلِ لَا بِاجْتِنَابِ النَّجَسِ وَإِنْ اُسْتُفِيدَ مِنْهُمَا بِاللَّازِمِ عَلَى أَنَّ الْأَمْرَ فِي الْخَبَرِ مُقَيَّدٌ بِالصَّلَاةِ فَلَا يَتَأَتَّى قَوْلُهُ: وَهُوَ لَا يَجِبُ فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ إلَخْ، وَالشِّهَابُ حَجّ

ص: 16

صَبِيًّا يَزْنِي بِصَبِيَّةٍ فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْنَا الْمَنْعُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عِصْيَانٌ، وَيُسْتَثْنَى مِنْ الْمَكَانِ مَا لَوْ كَثُرَ ذَرْقُ الطُّيُورِ فَإِنَّهُ يُعْفَى عَنْهُ فِي الْأَرْضِ، وَكَذَا الْفُرُشُ فِيمَا يَظْهَرُ لِمَشَقَّةِ الِاحْتِرَازِ عَنْهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَسْجِدًا فِيمَا يَظْهَرُ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَتَعَمَّدَ الْمَشْيَ عَلَيْهِ كَمَا قَيَّدَ الْعَفْوَ فِي ذَلِكَ فِي الْمَطْلَبِ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَهُوَ قَيْدٌ مُتَعَيَّنٌ، وَأَنْ لَا يَكُونَ رَطْبًا أَوْ رِجْلُهُ مُبْتَلَّةٌ كَمَا أَفَادَهُ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَمَعَ ذَلِكَ لَا يُكَلَّفُ تَحَرِّيَ غَيْرِ مَحَلِّهِ.

وَلَوْ تَنَجَّسَ ثَوْبُهُ بِغَيْرِ مَعْفُوٍّ عَنْهُ وَلَمْ يَجِدْ مَا يُطَهِّرُهُ بِهِ وَجَبَ قَطْعُ مَحَلِّهِ إنْ لَمْ تَنْقُصْ قِيمَتُهُ بِالْقَطْعِ فَوْقَ أُجْرَةِ سُتْرَةٍ يُصَلِّي بِهَا لَوْ اكْتَرَاهَا كَمَا قَالَاهُ تَبَعًا لِلْمُتَوَلِّي، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَإِنْ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ إنَّ الصَّوَابَ اعْتِبَارُ أَكْثَرِ الْأَمْرَيْنِ مِنْ ذَلِكَ وَمِنْ ثَمَنِ الْمَاءِ لَوْ اشْتَرَاهُ مَعَ أُجْرَةِ غَسْلِهِ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا لَوْ انْفَرَدَ وَجَبَ تَحْصِيلُهُ، وَأَنْكَرَ الشَّاشِيُّ كَلَامَ الْمُتَوَلِّي وَقَالَ: الْوَجْهُ أَنْ يَعْتَبِرَ ثَمَنَ الثَّوْبِ لَا أُجْرَتَهُ؛ لِأَنَّهُ يَلْزَمُهُ شِرَاؤُهُ بِثَمَنِ الْمِثْلِ، وَقَيَّدَا وُجُوبَ الْقَطْعِ أَيْضًا بِحُصُولِ سَتْرِ الْعَوْرَةِ بِالطَّاهِرِ، وَلَمْ يَذْكُرْهُ الْمُتَوَلِّي، وَالظَّاهِرُ كَمَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ أَنَّهُ لَيْسَ بِقَيْدٍ بِنَاءٍ عَلَى أَنَّ مَنْ وَجَدَ مَا يَسْتُرُ بِهِ بَعْضَ الْعَوْرَةِ يَلْزَمُهُ ذَلِكَ، وَهُوَ الصَّحِيحُ.

(وَلَوْ)(اشْتَبَهَ) عَلَيْهِ (طَاهِرٌ وَنَجِسٌ) مِنْ ثَوْبَيْنِ أَوْ بَيْتَيْنِ (اجْتَهَدَ) فِيهِمَا لِلصَّلَاةِ قَالَ فِي الْمُحَرَّرِ كَمَا فِي الْأَوَانِي وَتَقَدَّمَ عَلَيْهِ الْكَلَامُ ثَمَّ،

ــ

[حاشية الشبراملسي]

وَلَيْسَ مُرَادًا بَلْ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ مُتَأَخِّرٌ عَنْهُ، وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُ الْإِسْنَوِيِّ فِي طَبَقَاتِهِ فِي تَرْجَمَةِ الْحَنَّاطِيِّ: قَدِمَ بَغْدَادَ فِي أَيَّامِ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ، وَقَالَ فِي تَرْجَمَةِ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ: إنَّهُ مَاتَ سَنَةَ اثْنَيْنِ وَثَمَانِينَ وَأَرْبَعِمِائَةٍ، وَقَالَ فِي تَرْجَمَةِ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ: إنَّهُ مَاتَ سَنَةَ سِتِّينَ وَسِتِّمِائَةٍ، فَقَوْلُهُ هُنَا وَبِهِ أَفْتَى الْحَنَّاطِيُّ: مَعْنَاهُ أَنَّ ابْنَ عَبْدِ السَّلَامِ قَالَهُ تَبَعًا لِلْحَنَّاطِيِّ، أَوْ قَالَهُ فَوَافَقَهُ قَوْلُ الْحَنَّاطِيِّ، وَقَوْلُهُ: الْحَنَّاطِيُّ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ فِي طَبَقَاتِهِ: هُوَ الْحُسَيْنُ بْنُ أَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدٌ الطَّبَرِيُّ، وَهُوَ بِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَالنُّونِ: مَعْنَاهُ الْحَنَّاطُ كَالْخَبَّازِ وَالْبَقَّالِ، وَلَكِنَّ الْعَجَمَ يَزِيدُونَ عَلَيْهِ يَاءَ النَّسَبِ أَيْضًا فَيُعَبِّرُونَ مَثَلًا عَنْ الَّذِي يُقَصِّرُ الثِّيَابَ بِالْقَصَّارِ مَرَّةً وَبِالْقَصَّارِي أُخْرَى. قَالَ ابْنُ السَّمْعَانِيِّ: لَعَلَّ أَنَّ بَعْضَ أَجْدَادِهِ كَانَ يَبِيعُ الْحِنْطَةَ. اهـ بِاخْتِصَارٍ.

(قَوْلُهُ: وَأَنْ لَا يَكُونَ رَطْبًا) أَيْ فَمَعَ الرُّطُوبَةِ مِنْ أَحَدِ الْجَانِبَيْنِ لَا يُعْفَى عَنْهُ، وَظَاهِرُهُ، وَإِنْ تَعَذَّرَ الْمَشْيُ فِي غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ مَوْضِعِ طَهَارَتِهِ كَأَنْ تَوَضَّأَ مِنْ مَطْهَرَةٍ عَمَّ ذَرْقُ الطَّيْرِ الْمَذْكُورِ سَائِرَ أَجْزَاءِ الْمَحَلِّ الْمُتَّصِلِ بِهَا، وَنُقِلَ عَنْ ابْنِ عَبْدِ الْحَقِّ الْعَفْوُ. أَقُولُ: وَهُوَ قَرِيبٌ لِلْمَشَقَّةِ (قَوْلُهُ: وَمَعَ ذَلِكَ) أَيْ مَعَ اجْتِمَاعِ الشُّرُوطِ الْمَذْكُورَةِ (قَوْلُهُ: لَا يُكَلَّفُ تَحَرِّي غَيْرِ مَحَلِّهِ) أَيْ فَحَيْثُ كَثُرَ فِي الْمَسْجِدِ أَوْ غَيْرِهِ بِحَيْثُ يَشُقُّ الِاحْتِرَازُ عَنْهُ لَا يُكَلَّفُ غَيْرَهُ حَتَّى لَوْ كَانَ بَعْضُ أَجْزَاءِ الْمَسْجِدِ خَالِيًا مِنْهُ وَيُمْكِنُهُ الصَّلَاةُ فِيهِ لَا يُكَلَّفُهُ بَلْ يُصَلِّي كَيْفَ اتَّفَقَ، وَإِنْ صَادَفَ مَحَلَّ ذَرْقِ الطَّيْرِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ حَيْثُ عَمَّ الذَّرْقُ الْمَحَلَّ، فَلَوْ اشْتَمَلَ الْمَسْجِدُ مَثَلًا عَلَى جِهَتَيْنِ إحْدَاهُمَا خَالِيَةٌ مِنْ الذَّرْقِ وَالْأُخْرَى مُشْتَمِلَةٌ عَلَيْهِ وَجَبَ قَصْدُ الْخَالِيَةِ لِيُصَلِّيَ فِيهَا إذْ لَا مَشَقَّةَ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا ذَكَرَهُ فِي الِاسْتِقْبَالِ فَلْيُرَاجَعْ.

(قَوْلُهُ: ثَمَنَ الثَّوْبِ) لَعَلَّ الْمُرَادَ ثَمَنُ ثَوْبٍ يَشْتَرِيهِ مِمَّا يُمْكِنُ الِاسْتِتَارُ بِهِ، فَإِذَا فُرِضَ أَنَّ الثَّوْبَ الْمُتَنَجِّسَ إذَا قُطِعَ

ــ

[حاشية الرشيدي]

رَتَّبَ هَذَا عَلَى خَبَرِ «تَنَزَّهُوا مِنْ الْبَوْلِ» وَهُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: بِشَرْطِ أَنْ لَا يَتَعَمَّدَ الْمَشْيَ عَلَيْهِ) لَا يَخْفَى أَنَّ الْكَلَامَ فِي الصَّلَاةِ؛ لِأَنَّ هَذَا اسْتِثْنَاءٌ مِنْ اشْتِرَاطِ طَهَارَةِ مَكَانِهَا، وَأَيْضًا اشْتِرَاطُ عَدَمِ تَعَمُّدِ الْمَشْيِ عَلَيْهَا مَعَ الْجَفَافِ لَا مَعْنَى لَهُ إلَّا فِيهَا، وَحِينَئِذٍ لَا وَجْهَ لِلتَّعْبِيرِ بِالْمَشْيِ هُنَا إذْ لَا مَشْيَ فِي الصَّلَاةِ، وَلَا يَصِحُّ إرَادَةُ الْمَشْيِ إلَى مَحَلِّ الصَّلَاةِ؛ لِأَنَّ النَّجَاسَةَ إنْ كَانَتْ رَطْبَةً فَالْكَلَامُ عَلَيْهَا سَيَأْتِي، وَإِنْ كَانَتْ جَافَّةً فَإِنْ عَلِقَتْ بِرِجْلِهِ خَرَجَ عَنْ فَرْضِ الْمَسْأَلَةِ مِنْ نَجَاسَةِ الْمَحَلِّ إلَى نَجَاسَةِ الْبَدَنِ وَإِنْ لَمْ تَعْلَقْ بِرِجْلِهِ فَلَا تَضُرُّهُ فِي صَلَاةٍ وَإِنْ كَانَتْ غَيْرَ مَعْفُوٍّ عَنْهَا. وَاعْلَمْ أَنَّ الشَّارِحَ ذَكَرَ هَذِهِ الْعِبَارَةَ بِعَيْنِهَا فِي شَرْحِهِ لِإِيضَاحِ الْمُصَنِّفِ فِي الْمَنَاسِكِ بِالنِّسْبَةِ لِلطَّوَافِ، فَلَعَلَّهُ نَقَلَ الْعِبَارَةَ بِرُمَّتِهَا إلَى هُنَا، وَلَمْ يُغَيِّرْ لَفْظَ الْمَشْيِ لِسَبْقِ الْقَلَمِ أَوْ نَحْوِهِ، وَسَتَأْتِي لَهُ هَذِهِ الْعِبَارَةُ أَيْضًا فِي كِتَابِ الْحَجِّ مِنْ هَذَا الشَّرْحِ فِي الْكَلَامِ عَلَى

ص: 17

وَلَوْ صَلَّى فِيمَا ظَنَّهُ طَاهِرًا مِمَّا ذُكِرَ بِالِاجْتِهَادِ ثُمَّ حَضَرَتْ صَلَاةٌ أُخْرَى لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ تَجْدِيدُ الِاجْتِهَادِ، بِخِلَافِ مَا مَرَّ فِي الْمِيَاهِ حَيْثُ يُجَدِّدُهُ فِيهَا لِكُلِّ فَرْضٍ، إذْ بَقَاءُ الثَّوْبِ وَالْمَكَانِ بِمَنْزِلَةِ بَقَائِهِ مُتَطَهِّرًا، فَلَوْ اجْتَهَدَ فَتَغَيَّرَ ظَنُّهُ عَمِلَ بِالثَّانِي فَيُصَلِّي فِي الْآخَرِ مِنْ غَيْرِ إعَادَةٍ كَمَا لَا تَجِبُ إعَادَةُ الْأُولَى، إذْ لَا يَلْزَمُ مِنْ ذَلِكَ نَقْضُ اجْتِهَادٍ بِاجْتِهَادٍ بِخِلَافِ الْمِيَاهِ.

وَلَوْ غَسَلَ أَحَدَ ثَوْبَيْنِ بِاجْتِهَادٍ صَحَّتْ صَلَاتُهُ فِيهِمَا وَلَوْ مَعَ جَمْعِهِمَا عَلَيْهِ، وَلَوْ اجْتَهَدَ فِي الثَّوْبَيْنِ وَنَحْوِهِمَا فَلَمْ يَظْهَرْ لَهُ شَيْءٌ صَلَّى عَارِيًّا وَفِي أَحَدِ الْبَيْتَيْنِ لِحُرْمَةِ الْوَقْتِ وَلَزِمَتْهُ الْإِعَادَةُ؛ لِكَوْنِهِ مُقَصِّرًا بِعَدَمِ إدْرَاكِ الْعَلَامَةِ؛ وَلِأَنَّ مَعَهُ ثَوْبًا وَمَكَانًا طَاهِرًا بِيَقِينٍ. وَلَوْ اشْتَبَهَ عَلَيْهِ اثْنَانِ تَنَجَّسَ بَدَنُ أَحَدِهِمَا وَأَرَادَ أَنْ يَقْتَدِيَ بِأَحَدِهِمَا اجْتَهَدَ بَيْنَهُمَا وَعَمِلَ بِمَا ظَهَرَ لَهُ، فَإِنْ صَلَّى خَلْفَ أَحَدِهِمَا ثُمَّ تَغَيَّرَ ظَنُّهُ إلَى الْآخَرِ جَازَ لَهُ الِاقْتِدَاءُ بِالْآخَرِ مِنْ غَيْرِ إعَادَةٍ، كَمَا لَوْ صَلَّى لِلْقِبْلَةِ بِاجْتِهَادٍ ثُمَّ تَغَيَّرَ اجْتِهَادُهُ لِجِهَةٍ أُخْرَى فَإِنْ تَحَيَّرَ صَلَّى مُنْفَرِدًا.

(وَلَوْ)(نَجِسَ) بِفَتْحِ الْجِيمِ وَكَسْرِهَا (بَعْضُ ثَوْبٍ أَوْ) بَعْضُ (بَدَنٍ) أَوْ مَكَان ضَيِّقٍ (وَجَهِلَ) ذَلِكَ الْبَعْضَ فِي جَمِيعِ مَا ذُكِرَ (وَجَبَ غَسْلُ كُلِّهِ) لِتَصِحَّ صَلَاتُهُ فِيهِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ النَّجَاسَةِ مَا بَقِيَ جُزْءٌ مِنْهُ مِنْ غَيْرِ غَسْلٍ، هَذَا إذَا لَمْ يَعْلَمْ انْحِصَارَهَا فِي وَاحِدٍ مِنْ مُنْحَصِرَيْنِ كَأَحَدِ كُمَّيْهِ أَوْ مَوْضِعٍ مِنْ مُقَدَّمِ الثَّوْبِ أَوْ مُؤَخَّرِهِ، فَإِنْ عَلِمَ ذَلِكَ لَمْ يَجِبْ غَسْلُ سِوَى مَا أَشْكَلَ، وَلَوْ أَصَابَ شَيْءٌ رَطْبٌ طَرَفًا مِنْ هَذَا الثَّوْبِ أَوْ الْبَدَنَ لَمْ يُحْكَمُ بِنَجَاسَتِهِ؛ لِأَنَّا لَا نَتَيَقَّنُ نَجَاسَةَ مَوْضِعِ الْإِصَابَةِ، وَلَوْ شَقَّ الثَّوْبَ الْمَذْكُورَ نِصْفَيْنِ لَمْ يَجُزْ الِاجْتِهَادُ بَيْنَهُمَا؛ لِأَنَّهُ رُبَّمَا يَكُونُ الشَّقُّ فِي مَحَلِّ النَّجَاسَةِ فَيَكُونَانِ نَجِسَيْنِ، أَمَّا إذَا كَانَ الْمَكَانُ وَاسِعًا فَإِنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ الِاجْتِهَادُ، وَإِنَّمَا هُوَ سُنَّةٌ فَلَهُ أَنْ يُصَلِّيَ بِلَا اجْتِهَادٍ فِيهِ، وَالْأَحْسَنُ فِي ضَبْطِ الْوَاسِعِ وَالضَّيِّقِ بِالْعُرْفِ، وَإِنْ ادَّعَى ابْنُ الْعِمَادِ أَنَّ الْمُتَّجَهَ فِي ذَلِكَ أَنْ يُقَالَ: إنْ بَلَغَتْ بِقَاعَ الْمَوْضِعِ لَوْ فُرِّقَتْ حَدَّ الْعَدَدِ غَيْرِ الْمُنْحَصِرِ فَوَاسِعٌ، وَإِلَّا فَضَيِّقٌ، وَتُقَدَّرُ كُلُّ بُقْعَةٍ بِمَا يَسَعُ الْمُصَلِّي. انْتَهَى.

وَفِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الْمُتَوَلِّي: إذَا جَوَّزْنَا الصَّلَاةَ فِي الْمُتَّسَعِ فَلَهُ أَنْ يُصَلِّيَ فِيهِ إلَى أَنْ يَبْقَى

ــ

[حاشية الشبراملسي]

الْمُتَنَجِّسُ مِنْهُ نَقَصَتْ قِيمَتُهُ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ مَثَلًا وَزَادَتْ تِلْكَ الدَّرَاهِمُ عَلَى أُجْرَةِ السُّتْرَةِ وَعَلَى ثَمَنِ الْمَاءِ وَعَلَى أُجْرَةِ مَنْ يَغْسِلُ مِنْهَا لَمْ تَزِدْ عَلَى ثَمَنِ مَا يَسْتَتِرُ بِهِ وَجَبَ قَطْعُهُ، وَيُحْتَمَلُ، وَهُوَ الظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ نَفْسُ الثَّوْبِ الَّذِي مَعَهُ، فَإِنْ نَقَصَ بِقَطْعِهِ فَوْقَ أُجْرَةِ الثَّوْبِ الَّذِي يُصَلِّي فِيهِ، وَثَمَنِ الْمَاءِ الَّذِي يَغْسِلُهُ بِهِ، وَأُجْرَةِ مَنْ يَغْسِلُهُ لَمْ يَجِبْ قَطْعُهُ، وَإِلَّا وَجَبَ.

(قَوْلُهُ: وَلَوْ غَسَلَ أَحَدٌ ثَوْبَيْنِ بِاجْتِهَادٍ) خَرَجَ بِقَوْلِهِ بِاجْتِهَادٍ مَا لَوْ هَجَمَ وَغَسَلَ أَحَدُهُمَا فَلَيْسَ لَهُ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا؛ لِأَنَّ الْوَاجِبَ عَلَيْهِ الِاجْتِهَادُ وَلَمْ يَفْعَلْهُ (قَوْلُهُ: ثُمَّ تَغَيَّرَ ظَنُّهُ) أَيْ وَلَوْ فِي الصَّلَاةِ (قَوْلُهُ: جَازَ لَهُ الِاقْتِدَاءُ بِالْآخَرِ) أَيْ بِأَنْ يُدْخِلَ نَفْسَهُ فِي الْقُدْوَةِ بِهِ فِي أَثْنَاءِ الصَّلَاةِ مَعَ بَقَائِهَا عَلَى الصِّحَّةِ؛ لِأَنَّهُ بِتَغَيُّرِ ظَنِّهِ صَارَ مُنْفَرِدًا بِاعْتِقَادِهِ بُطْلَانَ صَلَاةِ إمَامِهِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ تَحَيَّرَ صَلَّى مُنْفَرِدًا) أَيْ سَوَاءٌ حَصَلَ التَّحَيُّرُ ابْتِدَاءً أَوْ بَعْدَ حُصُولِ الْقُدْوَةِ بِأَحَدِهِمَا بِالِاجْتِهَادِ، ثُمَّ طَرَأَ التَّحَيُّرُ بِأَنْ شَكَّ فِي إمَامِهِ وَلَمْ يَظْهَرْ لَهُ طَهَارَةُ الثَّانِي وَحِينَئِذٍ يُكْمِلُ صَلَاتَهُ مُنْفَرِدًا.

(قَوْلُهُ: وَكَسْرِهَا) اقْتَصَرَ عَلَيْهِ فِي الْمُخْتَارِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّا لَا نَتَيَقَّنُ نَجَاسَةَ مَوْضِعِ الْإِصَابَةِ) مِنْهُ يُؤْخَذُ أَنَّهُ لَوْ تَعَلَّقَ بِهِ صَبِيٌّ أَوْ هِرَّةٌ لَمْ يَعْلَمْ نَجَاسَةَ مَنْفَذِهِمَا لَا تَبْطُلُ صَلَاتُهُ؛ لِأَنَّ هَذَا مِمَّا تَعَارَضَ فِيهِ الْأَصْلُ وَالْغَالِبُ إذْ الْأَصْلُ الطَّهَارَةُ وَالْغَالِبُ النَّجَاسَةُ، وَخَرَجَ بِقَوْلِنَا لَمْ يَعْلَمْ نَجَاسَةَ مَنْفَذِهِمَا مَا لَوْ عَلِمَهُ ثُمَّ غَابَتْ الْهِرَّةُ وَالطِّفْلُ زَمَنًا يُمْكِنُ فِيهِ غَسْلُ مَنْفَذِهِمَا فَهُوَ بَاقٍ عَلَى نَجَاسَتِهِ فَتَبْطُلُ الصَّلَاةُ بِتَعَلُّقِهِمَا بِالْمُصَلِّي وَلَا نَحْكُمُ بِنَجَاسَةِ مَا أَصَابَ مَنْفَذَهُمَا كَالْهِرَّةِ إذَا أَكَلَتْ فَأْرَةً ثُمَّ غَابَتْ غَيْبَةً يُمْكِنُ طُهْرُ فَمِهَا فِيهَا (قَوْلُهُ: أَمَّا إذَا كَانَ الْمَكَانُ وَاسِعًا) مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ: أَوْ مَكَان ضَيِّقٍ (قَوْلُهُ: وَالضِّيقُ بِالْعُرْفِ) أَيْ ضَبَطَهُ بِالْعُرْفِ وَفِي نُسْخَةٍ أَنْ يُضْبَطَ بِالْعُرْفِ (قَوْلُهُ: إذَا جَوَّزْنَا الصَّلَاةَ) يُشْعِرُ بِأَنَّ فِي جَوَازِ الصَّلَاةِ فِيهِ خِلَافًا وَلَمْ يَتَقَدَّمْ لَهُ ذِكْرٌ،

ــ

[حاشية الرشيدي]

الطَّوَافِ، وَعِبَارَةُ الشِّهَابِ حَجّ هُنَا: وَلَمْ يَتَعَمَّدْ مُلَامَسَتَهُ

(قَوْلُهُ: وَفِي أَحَدِ الْبَيْتَيْنِ) أَيْ؛ لِأَنَّ الصُّورَةَ أَنَّهُ لَيْسَ عِنْدَهُ غَيْرُهُمَا بِأَنْ كَانَ مَحْبُوسًا.

(قَوْلُهُ: أَوْ مَكَانٌ ضَيِّقٌ) أَيْ بِأَنْ يَكُونَ بِمِقْدَارِ مَا يَسَعُ الصَّلَاةَ فَقَطْ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ.

ص: 18

مَوْضِعٌ قَدْرَ النَّجَاسَةِ (فَلَوْ ظَنَّ) بِالِاجْتِهَادِ (طَرَفًا) مِنْ مَوْضِعَيْنِ مُتَمَيِّزَيْنِ فَأَكْثَرُ أَحَدِ طَرَفَيْ ثَوْبِهِ أَوْ كُمَّيْهِ أَوْ يَدَيْهِ أَوْ أَصَابِعِهِ (لَمْ يَكْفِ غَسْلُهُ عَلَى الصَّحِيحِ) إذْ الِاجْتِهَادُ إنَّمَا يَكُونُ فِي مُتَعَدِّدٍ وَمَا هُنَا كَالشَّيْءِ الْوَاحِدِ، فَلَوْ فَصَلَ أَحَدَ كُمَّيْهِ ثُمَّ اجْتَهَدَ جَازَ لِلتَّعَدُّدِ حِينَئِذٍ، وَإِذَا ظَنَّ نَجَاسَةَ أَحَدِهِمَا وَغَسَلَهُ جَازَ لَهُ أَنْ يُصَلِّيَ فِيهِمَا وَلَهُ جَمْعُهُمَا كَالثَّوْبَيْنِ.

(وَلَوْ)(غَسَلَ) بَعْضَ شَيْءٍ مُتَنَجِّسٍ كَأَنْ غَسَلَ (نِصْفَ) ثَوْبٍ (نَجِسٍ ثُمَّ) غَسَلَ (بَاقِيه)(فَالْأَصَحُّ أَنَّهُ إنْ غَسَلَ مَعَ بَاقِيهِ مُجَاوِرَهُ) مِمَّا غَسَلَ أَوَّلًا (طَهُرَ كُلُّهُ، وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يَغْسِلْ مَعَهُ مُجَاوِرَهُ (فَغَيْرُ الْمُنْتَصَفِ) بِفَتْحِ الصَّادِ يَطْهُرُ فَقَطْ، وَهُوَ طَرَفَاهُ وَيَبْقَى الْمُنْتَصَفُ نَجِسًا حَيْثُ كَانَتْ النَّجَاسَةُ مُحَقَّقَةً فَيَغْسِلُهُ وَحْدَهُ؛ لِأَنَّهُ رَطْبٌ لَاقَى نَجَسًا، وَلَوْ تَنَجَّسَ بَعْضُ ثَوْبِهِ وَجَهِلَ مَحَلَّ النَّجَاسَةِ اجْتَنَبَهُ؛ لِأَنَّا تَيَقَّنَّا نَجَاسَتَهُ وَلَمْ نَتَيَقَّنْ طَهَارَتَهُ. وَلَا يَرُدُّ عَلَيْهِ أَنَّهُ لَوْ لَاقَى بَعْضُهُ رَطْبًا لَا يُنَجِّسُهُ عَمَلًا بِالْأَصْلِ إذْ لَا تَنَجُّسَ بِالشَّكِّ، وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ لَا يَطْهُرُ مُطْلَقًا حَتَّى يَغْسِلَهُ دَفْعَةً وَاحِدَةً؛ لِأَنَّ الرُّطُوبَةَ تَسْرِي. وَرُدَّ بِأَنَّ نَجَاسَةَ الْمُجَاوِرِ لَا تَتَعَدَّى لِمَا بَعْدَهُ كَالسَّمْنِ الْجَامِدِ يُنَجِّسُ مَا حَوْلَ النَّجَاسَةِ فَقَطْ، ثُمَّ مَحَلُّ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ هُنَا كَمَا فِي الرَّوْضَةِ وَالتَّحْقِيقِ حَيْثُ غَسَلَهُ بِالصَّبِّ عَلَيْهِ فِي غَيْرِ إنَاءٍ، فَإِنْ غَسَلَهُ فِي إنَاءٍ مِنْ نَحْوِ جَفْنَةٍ بِأَنْ وَضَعَ نِصْفَهُ ثُمَّ صَبَّ عَلَيْهِ مَا يَغْمُرُهُ لَمْ يَطْهُرْ حَتَّى يَغْسِلَ دَفْعَةً كَمَا هُوَ الْأَصَحُّ فِي الْمَجْمُوعِ، إذْ كَلَامُهُ مُقَيِّدٌ لِلْأَوَّلِ؛ لِأَنَّ مَا فِي نَحْوِ الْجَفْنَةِ مُلَاقٍ لَهُ الثَّوْبَ الْمُتَنَجِّسَ، وَهُوَ وَارِدٌ عَلَى مَاءٍ قَلِيلٍ فَيُنَجِّسُهُ وَحَيْثُ تَنَجَّسَ الْمَاءُ لَمْ يَطْهُرْ الثَّوْبُ، وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ الْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ خِلَافًا لِلشَّيْخِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -.

(وَلَا تَصِحُّ)(صَلَاةُ مُلَاقٍ بَعْضَ لِبَاسِهِ) أَوْ بَدَنِهِ أَوْ مَحْمُولِهِ (نَجَاسَةً) فِي جُزْءٍ مِنْ صَلَاتِهِ (وَإِنْ لَمْ يَتَحَرَّكْ بِحَرَكَتِهِ) كَطَرَفِ ذَيْلِهِ أَوْ كُمِّهِ أَوْ عِمَامَتِهِ الطَّوِيلِ، وَكَذَا لَوْ فَرَشَ ثَوْبًا

ــ

[حاشية الشبراملسي]

وَلَعَلَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ إذَا جَوَّزْنَا بِأَنْ حُكِمَ بِاتِّسَاعِهِ إمَّا عُرْفًا أَوْ عَلَى مَا قَالَهُ ابْنُ الْعِمَادِ، وَقَوْلُهُ إذَا جَوَّزْنَا مُعْتَمَدٌ.

(قَوْلُهُ: حَيْثُ كَانَتْ النَّجَاسَةُ مُحَقَّقَةً) أَفْهَمَ أَنَّهُ لَوْ تَنَجَّسَ بَعْضُ الثَّوْبِ وَاشْتَبَهَ فَغَسَلَ نِصْفَهُ ثُمَّ بَاقِيهِ طَهُرَ كُلُّهُ، وَإِنْ لَمْ يَغْسِلْ الْمُنْتَصَفَ لِعَدَمِ تَحَقُّقِ نَجَاسَةِ مُجَاوِرِ الْمَغْسُولِ (قَوْلُهُ: إذْ لَا نُنَجِّسُ بِالشَّكِّ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ بَعْدَ مَا ذَكَرَ: وَيُفَارِقُ مَا لَوْ صَلَّى عَلَيْهِ حَيْثُ لَا تَصِحُّ صَلَاتُهُ، وَإِنْ احْتَمَلَ أَنَّ الْمَحَلَّ الَّذِي صَلَّى عَلَيْهِ طَاهِرٌ بِأَنَّ الشَّكَّ فِي النَّجَاسَةِ مُبْطِلٌ الصَّلَاةَ دُونَ الطَّهَارَةِ انْتَهَى. أَقُولُ: وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ وَقَفَ عَلَيْهِ فِي أَثْنَاءِ الصَّلَاةِ أَوْ مَسَّهُ فِيهَا بَطَلَتْ أَيْضًا. وَقَدْ يُوَجَّهُ بِأَنَّهُ لَمَّا أُعْطَى حُكْمَ الْمُتَنَجِّسِ جَمِيعُهُ وَجَبَ اجْتِنَابُهُ فِي الصَّلَاةِ، وَإِنْ لَمْ يَتَنَجَّسْ مَا مَسَّهُ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ الِاجْتِنَابِ التَّنَجُّسُ كَمَا فِي النَّجَسِ الْجَافِّ، إلَّا أَنَّ ذَلِكَ مُشْكِلٌ بِصِحَّةِ الصَّلَاةِ بَعْدَ مَسِّهِ كَمَا هُوَ قَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَا يُنَجِّسُ مَا مَسَّهُ، وَحِينَئِذٍ فَيَنْبَغِي أَنْ يُفَرَّقَ بِأَنَّ الشَّكَّ فِي الصَّلَاةِ عَلَيْهِ أَقْوَى مِنْهُ فِي الصَّلَاةِ مَعَ مَسِّهِ قَبْلَهَا أَوْ فِي أَثْنَائِهَا مَعَ مُفَارَقَتِهِ وَفِيهِ مَا فِيهِ. وَأَمَّا الْوُقُوفُ عَلَيْهِ فِي أَثْنَائِهَا مَعَ الِاسْتِمْرَارِ فَمَوْضِعُ نَظَرٍ، وَالْمُتَّجَهُ مَعْنًى أَنَّهُ حَيْثُ أَحْرَمَ خَارِجَهُ ثُمَّ مَسَّهُ أَوْ أَكْمَلَ الصَّلَاةَ عَلَيْهِ صِحَّتُهَا لِلشَّكِّ فِي الْمُبْطِلِ بَعْدَ الِانْعِقَادِ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ مَا فِي نَحْوِ الْجَفْنَةِ) يُؤْخَذُ مِنْ هَذَا التَّعْلِيلِ أَنَّهُ لَوْ صَبَّ الْمَاءَ عَلَى مَوْضِعٍ مِنْ الثَّوْبِ مُرْتَفِعٍ عَنْ الْإِنَاءِ وَانْحَدَرَ عَنْهُ الْمَاءُ حَتَّى اجْتَمَعَ فِي الْجَفْنَةِ، وَلَمْ يَصِلْ الْمَاءُ إلَى مَا فَوْقَ الْمَغْسُولِ مِنْ الثَّوْبِ طَهُرَ، وَقَدْ نَقَلَ ذَلِكَ سم عَنْ الشَّارِحِ فِي حَاشِيَةِ شَرْحِ الْمَنْهَجِ (قَوْلُهُ: خِلَافًا لِلشَّيْخِ) أَيْ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ حَيْثُ قَالَ بَعْدَ قَوْلِ الْمَتْنِ: وَلَوْ غَسَلَ نِصْفَهُ أَوْ نِصْفَ ثَوْبٍ نَجِسٍ ثُمَّ النِّصْفُ الثَّانِي بِمَا جَاوَرَهُ طَهُرَ مَا نَصُّهُ سَوَاءٌ غَسَلَهُ بِصَبِّ الْمَاءِ عَلَيْهِ فِي غَيْرِ جَفْنَةٍ أَمْ فِيهَا. وَمَا وَقَعَ فِي الْمَجْمُوعِ مِنْ تَقْيِيدِهِ بِالْأَوَّلِ مَرْدُودٌ كَمَا بَيَّنْتُهُ فِي

ــ

[حاشية الرشيدي]

(قَوْلُهُ: حَيْثُ كَانَتْ النَّجَاسَةُ مُحَقَّقَةً) أَيْ فِي مَحَلِّ الْمُنْتَصَفِ، وَخَرَجَ بِهِ مَا إذَا جُهِلَتْ فَلَا يَكُونُ الْمُنْتَصَفُ نَجِسًا لَكِنَّهُ يُجْتَنَبُ.

وَعِبَارَةُ الرَّوْضَةِ: وَإِنْ اقْتَصَرَ عَلَى النِّصْفَيْنِ فَقَطْ طَهُرَ الطَّرَفَانِ وَبَقِيَ الْمُنْتَصَفُ نَجِسًا فِي صُورَةِ الْيَقِينِ وَمُجْتَنَبًا فِي الصُّورَةِ الْأُولَى: يَعْنِي صُورَةَ الِاشْتِبَاهِ، فَمَا فِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ مِمَّا يُخَالِفُ هَذَا لَيْسَ فِي مَحَلِّهِ.

ص: 19

مُهَلْهَلًا عَلَيْهِ وَمَاسَّهُ مِنْ الْفَرْجِ، وَمِنْ ثَمَّ لَوْ فَرَشَهُ عَلَى حَرِيرٍ اُتُّجِهَ بَقَاءُ التَّحْرِيمِ وَفَارَقَ صِحَّةَ سُجُودِهِ عَلَى مَا لَمْ يَتَحَرَّكْ بِحَرَكَتِهِ بِأَنَّ اجْتِنَابَ النَّجَاسَةِ فِيهَا شَرْعٌ لِلتَّعْظِيمِ، وَهَذَا يُنَافِيهِ، وَالْمَطْلُوبُ فِي السُّجُودِ الِاسْتِقْرَارُ عَلَى غَيْرِهِ وَالْمَقْصُودُ حَاصِلٌ بِذَلِكَ (وَلَا) تَصِحُّ صَلَاةُ نَحْوِ (قَابِضٍ طَرَفَ شَيْءٍ) كَحَبْلٍ طَرَفُهُ الْآخَرُ نَجِسٌ أَوْ مَوْضُوعٌ (عَلَى نَجِسٍ إنْ تَحَرَّكَ) ذَلِكَ (بِحَرَكَتِهِ وَكَذَا إنْ لَمْ يَتَحَرَّكْ) بِهَا لِحَمْلِهِ مَا هُوَ مُتَّصِلٌ بِهَا (فِي الْأَصَحِّ) فَكَأَنَّهُ حَامِلٌ لَهَا، وَمِثْلُهُ قَابِضٌ عَلَى حَبْلٍ مُتَّصِلٍ بِمَيْتَةٍ أَوْ مَشْدُودٍ بِكَلْبٍ وَلَوْ بِسَاجُورِهِ أَوْ مَشْدُودٍ بِدَابَّةٍ أَوْ سَفِينَةٍ صَغِيرَةٍ بِحَيْثُ تَنْجَرُّ بِجَرِّهِ. وَالثَّانِي تَصِحُّ؛ لِأَنَّ الطَّرَفَ الْمُلَاقِيَ لِلنَّجَاسَةِ غَيْرُ مَحْمُولٍ لَهُ، بِخِلَافِ السَّفِينَةِ الْكَبِيرَةِ الَّتِي لَا تَنْجَرُّ بِجَرِّهِ فَإِنَّهَا كَالدَّارِ سَوَاءٌ أَكَانَتْ فِي الْبَرِّ أَمْ فِي الْبَحْرِ كَمَا أَفَادَهُ الشَّيْخُ خِلَافًا لِلْإِسْنَوِيِّ.

وَلَوْ كَانَ الْحَبْلُ عَلَى مَوْضِعٍ طَاهِرٍ مِنْ نَحْوِ حِمَارٍ وَعَلَيْهِ نَجَاسَةٌ فِي مَحَلٍّ آخَرَ فَعَلَى الْخِلَافِ فِي السَّاجُورِ (فَلَوْ جَعَلَهُ) أَيْ طَرَفَ مَا تَنَجَّسَ طَرَفَهُ الْآخَرَ أَوْ الْكَائِنَ عَلَى نَجِسٍ (تَحْتَ رِجْلِهِ) مَثَلًا (صَحَّتْ) صَلَاتُهُ (مُطْلَقًا) ، وَإِنْ تَحَرَّكَ بِحَرَكَتِهِ لِعَدَمِ كَوْنِهِ لَابِسًا أَوْ حَامِلًا لَهُ فَأَشْبَهَ مَنْ صَلَّى عَلَى نَحْوِ بِسَاطٍ طَرَفُهُ نَجِسٌ أَوْ مَفْرُوشٌ عَلَى نَجِسٍ أَوْ عَلَى سَرِيرٍ تَحْتَ قَوَائِمِهِ أَوْ بِهَا نَجَسٌ، وَلَوْ حُبِسَ بِمَحَلٍّ نَجِسٍ صَلَّى وَتَجَافَى عَنْ النَّجَسِ قَدْرَ مَا يُمْكِنُهُ، وَلَا يَجُوزُ لَهُ وَضْعُ جَبْهَتِهِ بِالْأَرْضِ بَلْ يَنْحَنِي لِلسُّجُودِ إلَى قَدْرٍ لَوْ زَادَ عَلَيْهِ لَاقَى النَّجَسَ ثُمَّ يُعِيدُ، قَالَهُ فِي الْمَجْمُوعِ كَمَا مَرَّ.

(وَلَا يَضُرُّ) فِي صِحَّةِ صَلَاتِهِ (نَجَسٌ يُحَاذِي صَدْرَهُ) مَثَلًا (فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ) أَوْ غَيْرِهِمَا (عَلَى الصَّحِيحِ) ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ حَامِلٍ وَلَا مُلَاقٍ لِذَلِكَ. نَعَمْ تُكْرَهُ الصَّلَاةُ مَعَ مُحَاذَاتِهِ كَاسْتِقْبَالِ مُتَنَجِّسٍ أَوْ نَجِسٍ. وَالثَّانِي يَضُرُّ؛ لِأَنَّهُ مَنْسُوبٌ لَهُ، وَشَمِلَ كَلَامُهُ مَا لَوْ صَلَّى مَاشِيًا وَبَيْنَ خُطُوَاتِهِ نَجَاسَةٌ.

قَالَ بَعْضُهُمْ:

ــ

[حاشية الشبراملسي]

شَرْحِ الْبَهْجَةِ.

(قَوْلُهُ: وَمِثْلُهُ قَابِضٌ عَلَى حَبْلٍ مُتَّصِلٍ بِمَيْتَةٍ) حُكْمُ هَذِهِ وَمَا بَعْدَهَا عُلِمَ مِنْ قَوْلِهِ قَبْلُ وَلَا قَابِضِ طَرَفِ شَيْءٍ عَلَى نَجِسٍ إلَخْ، نَعَمْ مَسْأَلَةُ السَّاجُورِ لَمْ يُعْلَمْ حُكْمُهَا (قَوْلُهُ: وَلَوْ بِسَاجُورِهِ) ، وَهُوَ مَا يُجْعَلُ فِي رَقَبَةِ الْكَلْبِ مِنْ خَشَبَةٍ أَوْ غَيْرِهَا (قَوْلُهُ: أَوْ مَشْدُودٌ بِدَابَّةٍ) أَيْ بَعْضُ بَدَنِهَا مُتَنَجِّسٌ وَلَوْ الْمَنْفَذَ (قَوْلُهُ: فَعَلَى الْخِلَافِ فِي السَّاجُورِ) وَالرَّاجِحُ مِنْهُ أَنَّهُ إنْ شَدَّ بِهِ ضَرَّ، وَإِلَّا فَلَا (قَوْلُهُ: وَلَوْ حُبِسَ بِمَحَلٍّ نَجِسٍ صَلَّى) أَيْ الْفَرْضَ فَقَطْ (قَوْلُهُ: لَوْ زَادَ عَلَيْهِ لَاقَى النَّجِسَ) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَا يَضَعُ رُكْبَتَيْهِ بِالْأَرْضِ وَلَا كَفَّيْهِ وَنُقِلَ بِالدَّرْسِ عَنْ فَتَاوَى الشَّارِحِ التَّصْرِيحُ بِذَلِكَ فَلْيُرَاجَعْ.

(قَوْلُهُ: كَاسْتِقْبَالِ)

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: وَمِثْلُهُ قَابِضٌ عَلَى حَبْلٍ مُتَّصِلٍ بِمَيْتَةٍ إلَخْ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ وَمِنْهُ بَدَلَ وَمِثْلُهُ؛ لِأَنَّ الْمَذْكُورَاتِ مِنْ أَفْرَادِ مَا ذَكَرَهُ قَبْلُ نَعَمْ مَسْأَلَةُ السَّاجُورِ لَيْسَتْ مِنْهَا (قَوْلُهُ: وَلَوْ بِسَاجُورِهِ) اُنْظُرْ هَلْ السَّاجُورُ قَيْدٌ أَوْ لَا فَيَكُونُ مِثْلَهُ مَا لَوْ كَانَ مَشْدُودًا بِحَبْلٍ مَوْضُوعٍ عَلَى الْكَلْبِ وَالظَّاهِرُ الثَّانِي؛ لِأَنَّ غَايَتَهُ حِينَئِذٍ أَنَّهُ قَابِضٌ عَلَى حَبْلٍ مَوْصُولٍ مَوْضُوعٍ عَلَى الْكَلْبِ إذْ لَا يُشْتَرَطُ كَوْنُ الْحَبْلِ الْمَوْضُوعِ عَلَى النَّجَاسَةِ الَّذِي هُوَ قَابِضٌ لَهُ أَنْ يَكُونَ قِطْعَةً وَاحِدَةً كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ فَهُوَ مِنْ أَفْرَادِ قَوْلِهِ السَّابِقِ أَوْ مَوْضُوعٌ عَلَى نَجِسٍ. وَاعْلَمْ أَنَّ عِبَارَةَ الشَّارِحِ هُنَا هِيَ عِبَارَةُ الرَّوْضِ. قَالَ شَارِحُهُ عَقِبَهُ: وَلَا حَاجَةَ لِقَوْلِهِ مَشْدُودٌ بَلْ يُوهِمُ خِلَافَ الْمُرَادِ. اهـ. وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ وَضَعَ حَبْلًا عَلَى سَاجُورِ الْكَلْبِ أَنَّهَا تَبْطُلُ صَلَاتُهُ وَإِنْ لَمْ يَشُدَّهُ بِهِ، لَكِنْ فِي شَرْحِ الشِّهَابِ حَجّ التَّصْرِيحُ بِخِلَافِهِ، وَلَعَلَّ الشَّارِحَ قَيَّدَ بِالشَّدِّ مَعَ اطِّلَاعِهِ عَلَى كَلَامِ شَيْخِ الْإِسْلَامِ لِعَدَمِ اعْتِمَادِهِ (قَوْلُهُ: أَوْ مَشْدُودٌ بِدَابَّةٍ أَوْ سَفِينَةٍ صَغِيرَةٍ) أَيْ يَحْمِلَانِ نَجِسًا، قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: أَوْ مُتَّصِلًا بِهِ اهـ. وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ عَلَى السَّفِينَةِ أَوْ الدَّابَّةِ طَرَفُ حَبْلٍ طَاهِرٍ وَطَرَفُهُ الْآخَرُ مَوْضُوعٌ عَلَى نَجَاسَةٍ بِالْأَرْضِ مَثَلًا وَقَبَضَ الْمُصَلِّ حَبْلًا آخَرَ طَاهِرًا مَشْدُودًا بِهَا بَلْ أَوْ مَوْضُوعًا عَلَيْهَا مِنْ غَيْرِ شَدٍّ عَلَى مَا قَدَّمْنَاهُ عَنْهُ أَنَّهُ تَبْطُلُ صَلَاتُهُ فَلْيُرَاجَعْ

ص: 20

وَعُمُومُ كَلَامِهِمْ يَتَنَاوَلُ السَّقْفَ وَلَا قَائِلَ بِهِ. وَيُرَدُّ بِأَنَّهُ تَارَةً يَقْرَبُ مِنْهُ بِحَيْثُ يُعَدُّ مُحَاذِيًا لَهُ عُرْفًا وَالْكَرَاهَةُ حِينَئِذٍ ظَاهِرَةٌ وَتَارَةً لَا فَلَا كَرَاهَةَ، وَعُلِمَ مِنْ ذَلِكَ كَرَاهَةُ صَلَاتِهِ بِإِزَاءِ مُتَنَجِّسٍ فِي إحْدَى جِهَاتِهِ إنْ قَرُبَ مِنْهُ بِحَيْثُ يُنْسَبُ إلَيْهِ لَا مُطْلَقًا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ.

(وَلَوْ)(وَصَلَ عَظْمَهُ) أَيْ عِنْدَ احْتِيَاجِهِ لَهُ لِكَسْرٍ وَنَحْوِهِ (بِنَجِسٍ) مِنْ الْعَظْمِ وَلَوْ مُغَلَّظًا، وَمِثْلُ ذَلِكَ بِالْأَوْلَى دَهْنُهُ بِمُغَلَّظٍ أَوْ رَبْطُهُ بِهِ (لِفَقْدِ الطَّاهِرِ) الصَّالِحِ لِذَلِكَ (فَمَعْذُورٌ) فِيهِ فَتَصِحُّ صَلَاتُهُ مَعَهُ لِلضَّرُورَةِ وَلَا يَلْزَمُهُ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ نَزْعُهُ إذَا وَجَدَ الطَّاهِرَ: أَيْ، وَإِنْ لَمْ يَخَفْ مِنْ نَزْعِهِ ضَرَرًا خِلَافًا لِبَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ، وَلَوْ قَالَ أَهْلُ الْخِبْرَةِ: إنَّ لَحْمَ الْآدَمِيِّ لَا يَنْجَبِرُ سَرِيعًا إلَّا بِعَظْمِ نَحْوِ كَلْبٍ، قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: فَيُتَّجَهُ أَنَّهُ عُذْرٌ، وَهُوَ قِيَاسُ مَا ذَكَرُوهُ فِي التَّيَمُّمِ فِي بُطْءِ الْبُرْءِ انْتَهَى. وَمَا تَفَقَّهَهُ مَرْدُودٌ. وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا ظَاهِرٌ، وَعَظْمُ غَيْرِهِ مِنْ الْآدَمِيِّينَ فِي تَحْرِيمِ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

أَيْ حَيْثُ عُدَّ مُسْتَقْبِلًا لَهُ عُرْفًا أَخْذًا مِمَّا ذَكَرَهُ فِي السَّقْفِ وَمِنْ قَوْلِهِ وَعُلِمَ مِنْ إلَخْ (قَوْلُهُ: يَتَنَاوَلُ السَّقْفَ) أَيْ فَتُكْرَهُ الصَّلَاةُ تَحْتَهُ إذَا كَانَ مُتَنَجِّسًا (قَوْلُهُ: وَيُرَدُّ) أَيْ قَوْلُهُ: وَلَا قَائِلَ بِهِ.

(قَوْلُهُ: وَلَوْ وَصَلَ عَظْمَهُ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ الْوَاصِلُ غَيْرَ مَعْصُومٍ لَكِنْ قَيَّدَهُ حَجّ بِالْمَعْصُومِ، وَلَعَلَّ عَدَمَ تَقْيِيدِ الشَّارِحِ بِالْمَعْصُومِ جَرَى عَلَى مَا قَدَّمَهُ فِي التَّيَمُّمِ مِنْ أَنَّ الزَّانِيَ الْمُحْصَنَ وَنَحْوَهُ مَعْصُومٌ عَلَى نَفْسِهِ، وَتَقْيِيدُ حَجّ جَرْيٌ عَلَى مَا قَدَّمَهُ ثَمَّ مِنْ أَنَّهُ مُقَدَّرٌ (قَوْلُهُ: أَيْ عِنْدَ احْتِيَاجِهِ) أَيْ بِأَنْ خَشِيَ مُبِيحَ تَيَمُّمٍ لَوْ لَمْ يَصِلْ بِهِ انْتَهَى حَجّ. وَمِنْهُ يُؤْخَذُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ النَّجَسُ صَالِحًا وَالظَّاهِرُ كَذَلِكَ، إلَّا أَنَّ الْأَوَّلَ صَلَاحُهُ يُعِيدُ الْعُضْوَ كَمَا كَانَ عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِ شَيْنٍ فَاحِشٍ، وَالثَّانِي صَلَاحُهُ بِمَا ذُكِرَ فَيَنْبَغِي تَقْدِيمُ الْأَوَّلِ إنْ كَانَ الشَّيْنُ الْفَاحِشُ يُبِيحُ التَّيَمُّمَ، وَإِلَّا فَلَا. وَقَوْلُ حَجّ: بِأَنْ خَشِيَ مُبِيحَ تَيَمُّمٍ وَمِنْهُ كَمَا تَقَدَّمَ فِي التَّيَمُّمِ مَا يُخَافُ مِنْهُ شَيْنٌ فَاحِشٌ فِي عُضْوٍ ظَاهِرٍ. وَالشَّيْنُ: الْأَثَرُ الْمُسْتَكْرَهُ مِنْ تَغَيُّرِ لَوْنٍ أَوْ نُحُولٍ وَاسْتِحْشَافٍ وَثَغْرَةِ تَبْقَى وَلَحْمَةٍ تَزِيدُ، وَمُقْتَضَى هَذَا أَنَّهُ إذَا خَشِيَ الشَّيْنَ فِي الْعُضْوِ الْبَاطِنِ كَأَنْ انْكَسَرَ ضِلْعُهُ مَثَلًا وَاحْتَاجَ لِوَصْلِهِ بِالنَّجِسِ أَوْ حَصَلَ لَهُ كِبَرٌ فِي الْأُنْثَيَيْنِ مَثَلًا وَاحْتَاجَ لِدَهْنِهِمَا بِالنَّجِسِ لَا يَجُوزُ لَهُ الْوَصْلُ فِي الْأَوَّلِ وَلَا الدَّهْنُ فِي الثَّانِي، وَلَوْ قِيلَ بِالْجَوَازِ فِيهِمَا لَمْ يَبْعُدْ بَلْ يَقْتَضِيهِ إطْلَاقُهُ فِيمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ: فَإِنْ خَافَ ذَلِكَ وَلَوْ نَحْوَ شَيْنٍ أَوْ بُطْءِ بُرْءٍ إلَخْ (قَوْلُهُ: مِنْ الْعَظْمِ) وَلَوْ وَجَدَ عَظْمَ مَيْتَةٍ لَا يُؤْكَلُ لَحْمُهَا وَعَظْمَ مُغَلَّظٍ وَكُلٌّ مِنْهُمَا صَالِحٌ وَجَبَ تَقْدِيمُ الْأَوَّلِ، وَلَوْ وَجَدَ عَظْمَ مَيْتَةِ مَا يُؤْكَلُ وَعَظْمَ مَيْتَةِ مَا لَا يُؤْكَلُ مِنْ غَيْرِ مُغَلِّظٍ، وَكُلٌّ مِنْهُمَا صَالِحٌ تَخَيَّرَ فِي التَّقْدِيمِ؛ لِأَنَّهُمَا مُسْتَوِيَانِ فِي النَّجَاسَةِ فِيمَا يَظْهَرُ فِيهِمَا، وَكَذَا يَنْبَغِي تَقْدِيمُ عَظْمِ الْخِنْزِيرِ عَلَى الْكَلْبِ لِلْخِلَافِ عِنْدَنَا فِي الْخِنْزِيرِ دُونَ الْكَلْبِ (قَوْلُهُ: وَمِثْلُ ذَلِكَ بِالْأَوْلَى) لَعَلَّ وَجْهَهَا أَنَّ الْعَظْمَ يَدُومُ وَمَعَ ذَلِكَ عُفِيَ عَنْهُ وَالدُّهْنُ وَنَحْوُهُ مِمَّا لَا يَدُومُ فَهُوَ أَوْلَى بِالْعَفْوِ.

(قَوْلُهُ: لِفَقْدِ الطَّاهِرِ) أَيْ بِمَحِلٍّ يَصِلُ إلَيْهِ قَبْلَ تَلَفِ الْعُضْوِ أَوْ زِيَادَةِ ضَرَرِهِ أَخْذًا مِمَّا تَقَدَّمَ فِيمَنْ عَجَزَ عَنْ تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ وَنَحْوِهَا حَيْثُ قَالُوا: يَجِبُ عَلَيْهِ السَّفَرُ لِلتَّعَلُّمِ، وَإِنْ طَالَ، وَفَرَّقُوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا يُطْلَبُ مِنْهُ الْمَاءُ قَبْلَ التَّيَمُّمِ بِمَشَقَّةِ تَكْرَارِ الطَّلَبِ لِلْمَاءِ بِخِلَافِهِ هُنَا. وَعِبَارَةُ سم عَلَى حَجّ قَوْلُهُ: لِفَقْدِ الطَّاهِرِ، لَمْ يُبَيِّنْ ضَابِطَ الْفَقْدِ وَلَا يَبْعُدُ ضَبْطُهُ بِعَدَمِ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ بِلَا مَشَقَّةٍ لَا تُحْتَمَلُ عَادَةً. وَيَنْبَغِي وُجُوبُ الطَّلَبِ عِنْدَ احْتِمَالِ وُجُودِهِ لَكِنْ أَيُّ حَدٍّ يَجِبُ الطَّلَبُ مِنْهُ انْتَهَى. أَقُولُ: وَلَا نَظَرَ لِهَذَا التَّوَقُّفِ (قَوْلُهُ: فَتَصِحُّ صَلَاتُهُ مَعَهُ) أَيْ، وَإِنْ لَمْ يَكْتَسِ لَحْمًا. وَعِبَارَةُ سم عَلَى مَنْهَجٍ: اُنْظُرْ قَبْلَ اسْتِتَارِهِ بِاللَّحْمِ لَوْ صَبَّ عَلَيْهِ مَاءً لِغَسْلِهِ فَجَرَى لِلْمَحَلِّ الطَّاهِرِ هَلْ يُطَهِّرُهُ وَيُغْتَفَرُ أَوْ لَا؟ الْوَجْهُ الِاغْتِفَارُ انْتَهَى. وَمِثْلُهُ غَيْرُهُ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِ الشَّارِحِ الْآتِي وَعُفِيَ عَنْهُ بِالنِّسْبَةِ لَهُ وَلِغَيْرِهِ. (قَوْلُهُ: إذَا وَجَدَ الطَّاهِرَ) قَالَ حَجّ: وَيَنْبَغِي حَمْلُهُ عَلَى مَا إذَا كَانَ فِيهِ مَشَقَّةٌ لَا تُحْتَمَلُ عَادَةً، وَإِنْ لَمْ تُبِحْ التَّيَمُّمَ. اهـ أَيْ وَلَا تَبْطُلُ الصَّلَاةُ بِحَمْلِهِ (قَوْلُهُ: خِلَافًا لِبَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ) هُوَ السُّبْكِيُّ تَبَعًا لِلْإِمَامِ وَغَيْرِهِ. اهـ مَنْهَجٌ، وَنَقَلَهُ الْمَحَلِّيُّ عَنْ قَضِيَّةِ كَلَامِ التَّتِمَّةِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ قِيَاسُ مَا ذَكَرُوهُ) جَرَى عَلَيْهِ حَجّ (قَوْلُهُ: وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا ظَاهِرٌ) لَعَلَّهُ غِلَظُ أَمْرِ النَّجَاسَةِ. (قَوْلُهُ: وَعَظْمُ غَيْرِهِ) أَيْ

ــ

[حاشية الرشيدي]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ص: 21

الْوَصْلِ بِهِ وَوُجُوبِ نَزْعِهِ كَالْعَظْمِ النَّجِسِ، وَلَا فَرْقَ فِي الْآدَمِيِّ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ مُحْتَرَمًا أَوْ لَا كَمُرْتَدٍّ وَحَرْبِيٍّ خِلَافًا لِبَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ، فَقَدْ نَصَّ فِي الْمُخْتَصَرِ بِقَوْلِهِ: وَلَا يَصِلُ إلَى مَا انْكَسَرَ مِنْ عَظْمِهِ إلَّا بِعَظْمِ مَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ ذَكِيًّا، وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الْجَبْرُ بِعَظْمِ الْآدَمِيِّ مُطْلَقًا، فَلَوْ وَجَدَ نَجِسًا يَصْلُحُ وَعَظْمَ آدَمِيٍّ كَذَلِكَ وَجَبَ تَقْدِيمُ الْأَوَّلِ، وَخِيَاطَةُ الْجُرْحِ وَمُدَاوَاتُهُ بِالنَّجِسِ كَالْجَبْرِ فِي تَفْصِيلِهِ الْمَذْكُورِ.

وَكَذَا الْوَشْمُ، وَهُوَ غَرْزُ الْجِلْدِ بِالْإِبْرَةِ حَتَّى يَخْرُجَ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

غَيْرُ الْوَاصِلِ مِنْ الْآدَمِيِّينَ إلَخْ، وَمَفْهُومُهُ أَنَّ عَظْمَ نَفْسِهِ لَا يَمْتَنِعُ وَصْلُهُ بِهِ، وَإِنْ كَانَ مِنْ غَيْرِ مَحَلِّ الْوَصْلِ كَأَنْ وَصَلَ عَظْمَ يَدِهِ بِشَيْءٍ مِنْ عَظْمِ رِجْلِهِ مَثَلًا، وَنُقِلَ عَنْ حَجّ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ جَوَازُ ذَلِكَ نَقْلًا عَنْ الْبُلْقِينِيِّ وَغَيْرِهِ. وَعِبَارَةُ ابْنِ عَبْدِ الْحَقِّ: وَعَظْمُ الْآدَمِيِّ وَلَوْ مِنْ نَفْسِهِ فِي تَحْرِيمِ الْوَصْلِ بِهِ وَوُجُوبِ نَزْعِهِ كَالنَّجَسِ انْتَهَى. وَيَنْبَغِي أَنَّ مَحَلَّ الِامْتِنَاعِ بِعَظْمِ نَفْسِهِ إذَا أَرَادَ نَقْلَهُ إلَى غَيْرِ مَحَلِّهِ، أَمَّا إذَا وَصَلَ عَظْمَ يَدِهِ بِيَدِهِ مَثَلًا فِي الْمَحَلِّ الَّذِي أُبِينَ مِنْهُ فَالظَّاهِرُ الْجَوَازُ؛ لِأَنَّهُ إصْلَاحٌ لِلْمُنْفَصِلِ مِنْهُ وَلِمَحَلِّهِ، وَيَكُونُ هَذَا مِثْلَ رَدِّ عَيْنِ قَتَادَةَ فِي أَنَّهُ قَصَدَ بِهِ إصْلَاحَ مَا خَرَجَ مِنْ عَيْنِ قَتَادَةَ بِرَدِّهِ إلَى مَحَلِّهِ، وَبِهَذَا فَارَقَ مَا لَوْ نَقَلَهُ إلَى غَيْرِ مَوْضِعِهِ، فَإِنَّهُ بِانْفِصَالِهِ حَصَلَ لَهُ احْتِرَامُ وَطَلَبُ مُوَارَاتِهِ، ثُمَّ ظَاهِرُ إطْلَاقِ جَوَازِ الْوَصْلِ لِعَظْمِ الْآدَمِيِّ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ كَوْنِهِ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى، فَيَجُوزُ لِلرَّجُلِ الْوَصْلُ بِعَظْمِ الْأُنْثَى وَعَكْسُهُ، ثُمَّ يَنْبَغِي إذَا مَسَّهُ هُوَ أَوْ غَيْرُهُ، فَإِنْ اكْتَسَى لَحْمًا وَحَلَّتْهُ الْحَيَاةُ صَارَ حُكْمُهُ حُكْمَ بَقِيَّةِ أَجْزَاءِ الرَّجُلِ فَلَا يُنْتَقَضُ وُضُوءُهُ وَلَا وُضُوءُ غَيْرِهِ مِنْ الرِّجَالِ بِمَسِّهِ، وَإِنْ كَانَ ظَاهِرًا مَكْشُوفًا وَلَمْ تَحِلَّهُ الْحَيَاةُ فَهُوَ بَاقٍ عَلَى نِسْبَتِهِ لِلْأُنْثَى، وَمَعَ ذَلِكَ لَا يُنْتَقَضُ وُضُوءُهُ وَوُضُوءُ غَيْرِهِ بِمَسِّهِ؛ لِأَنَّ الْعُضْوَ الْمُبَانَ لَا يُنْتَقَضُ الْوُضُوءُ بِمَسِّهِ إلَّا إذَا كَانَ مِنْ الْفَرْجِ وَأَطْلَقَ اسْمَهُ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: خِلَافًا لِبَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ) مُرَادُهُ حَجّ (قَوْلُهُ: وَلَا يَصِلُ إلَى مَا انْكَسَرَ إلَخْ) ضَمَّنَهُ مَعْنَى يَضُمُّ فَعَدَاهُ بِإِلَى، وَفِي نُسْخَةٍ: أَيْ مَا انْكَسَرَ، وَهِيَ ظَاهِرَةٌ (قَوْلُهُ: وَيُؤْخَذُ مِنْهُ إلَخْ) وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَيْضًا أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الْوَصْلُ بِعَظْمِ مَا لَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ، وَلَعَلَّهُ مَنَعَ مِنْ الْعَمَلِ بِمُقْتَضَاهُ دَلِيلٌ آخَرُ (قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) أَيْ حَيْثُ وَجَدَ مَا يَصْلُحُ لِلْجَبْرِ وَلَوْ نَجِسًا فَلَا يُنَافِي قَوْلَهُ بَعْدُ فَلَوْ وَجَدَ نَجِسًا إلَخْ (قَوْلُهُ: فَلَوْ وَجَدَ نَجِسًا) وَلَوْ مُغَلَّظًا (قَوْلُهُ: وَجَبَ تَقْدِيمُ الْأَوَّلِ) أَيْ، وَإِنْ كَانَ حَيًّا فَيَجُوزُ قَطْعُ عُضْوِهِ مَثَلًا لِيَصِلَ بِعَظْمِهِ وَلَا يَجُوزُ لَهُ الْعُدُولُ عَنْهُ إلَى عَظْمِ الْآدَمِيِّ الْمَيِّتِ لِحُرْمَتِهِ، وَيَنْبَغِي أَنَّهُ إنَّمَا يَقْطَعُهُ بَعْدَ إزْهَاقِ رُوحِهِ حَيْثُ كَانَ فِي قَطْعِ الْعُضْوِ زِيَادَةُ تَعْذِيبٍ.

وَلَا يُشْكِلُ عَلَيْهِ مَا قَالُوهُ فِي السِّيَرِ مِنْ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ قَتْلُ مَا لَا يُؤْكَلُ لِاِتِّخَاذِ جِلْدِهِ سِقَاءً، وَإِنْ احْتَاجَ إلَيْهِ لِإِمْكَانِ حَمْلِ ذَاكَ عَلَى مُجَرَّدِ الْحَاجَةِ وَمَا هُنَا ضَرُورَةٌ، ثُمَّ قَوْلُهُ: وَجَبَ تَقْدِيمُ الْأَوَّلِ يُفْهِمُ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَجِدْ إلَّا عَظْمَ آدَمِيٍّ وَصَلَ بِهِ،، وَهُوَ ظَاهِرٌ كَمَا لَوْ وَجَدَ الْمُضْطَرُّ لَحْمَ آدَمِيٍّ، وَيَنْبَغِي تَقَدُّمُ عَظْمِ الْكَافِرِ عَلَى غَيْرِهِ، وَأَنَّ الْعَالِمَ وَغَيْرَهُ سَوَاءٌ وَأَنَّ ذَلِكَ فِي غَيْرِ النَّبِيِّ (قَوْلُهُ: وَمُدَاوَاتُهُ) وَمِنْهَا دَهْنُهُ وَرَبْطُهُ كَمَا تَقَدَّمَ.

(قَوْلُهُ: وَكَذَا الْوَشْمُ) أَيْ حُكْمُهُ حُكْمُ الْجَبْرِ بِالنَّجِسِ فِي تَفْصِيلِهِ الْمَذْكُورِ. قَالَ فِي الذَّخَائِرِ فِي الْعَظْمِ: قَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا: هَذَا الْكَلَامُ فِيهِ إذَا فَعَلَهُ بِنَفْسِهِ أَوْ فُعِلَ بِهِ بِاخْتِيَارِهِ، فَإِنْ فُعِلَ بِهِ مُكْرَهًا لَمْ تَلْزَمْهُ إزَالَتُهُ قَوْلًا وَاحِدًا. قُلْت: وَفِي مَعْنَاهُ الصَّبِيُّ إذَا وَشَمَتْهُ أُمُّهُ بِغَيْرِ اخْتِيَارِهِ فَبَلَغَ. وَأَمَّا الْكَافِرُ إذَا وَشَمَ

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الْجَبْرُ بِعَظْمِ الْآدَمِيِّ مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ الْمُحْتَرَمُ وَغَيْرُهُ، وَأَمَّا مَا اقْتَضَاهُ مِنْ عَدَمِ الْجَوَازِ وَإِنْ تَعَيَّنَ فَلَيْسَ مُرَادًا بَلْ حُكْمُهُ حُكْمُ الْعَظْمِ النَّجِسِ كَمَا قَدَّمَهُ الشَّارِحُ، كَمَا أَنَّ مَا اقْتَضَاهُ أَيْضًا مِنْ مَنْعِ الْجَبْرِ بِغَيْرِ عَظْمِ الْمُزَكَّى لَيْسَ مُرَادًا أَيْضًا. وَفِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ أَنَّهُ لَوْ وَصَلَ عَظْمَهُ بِعَظْمِ أُنْثَى يُنْتَقَضُ وُضُوءُهُ وَوُضُوءُ غَيْرِهِ بِمَسِّهِ مَا دَامَ لَمْ تَحُلَّهُ الْحَيَاةُ وَلَمْ يَكْتَسِ بِاللَّحْمِ، وَهُوَ سَهْوٌ لِمَا مَرَّ فِي بَابِ الْحَدَثِ مِنْ أَنَّ الْعُضْوَ الْمَفْصُولَ لَا يَنْقُضُ مَسُّهُ وَلَوْ سَلَّمْنَاهُ، فَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَقُولَ: لَا يَصِحُّ لَهُ وُضُوءٌ مَا دَامَ الْعَظْمُ الْمَذْكُورُ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ مَاسٌّ لَهُ دَائِمًا.

ص: 22

الدَّمُ ثُمَّ يَذْرُ نَحْوَ نِيلَةٍ لِيَزْرَقَّ بِهِ أَوْ يَخْضَرَّ فَفِيهِ تَفْصِيلُ الْجَبْرِ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ: إنَّ بَابَهُ أَوْسَعُ، فَعُلِمَ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ مَنْ فَعَلَ الْوَشْمَ بِرِضَاهُ فِي حَالَةِ تَكْلِيفِهِ وَلَمْ يَخَفْ مِنْ إزَالَتِهِ ضَرَرًا يُبِيحُ التَّيَمُّمَ مَنَعَ ارْتِفَاعَ الْحَدَثِ عَنْ مَحَلِّهِ لِتَنَجُّسِهِ، وَإِلَّا عُذِرَ فِي بَقَائِهِ وَعُفِيَ عَنْهُ بِالنِّسْبَةِ لَهُ وَلِغَيْرِهِ وَصَحَّتْ طَهَارَتُهُ، وَإِمَامَتُهُ وَحَيْثُ لَمْ يُعْذَرْ فِيهِ وَلَا فِي مَاءٍ قَلِيلًا أَوْ مَائِعًا أَوْ رَطْبًا نَجَّسَهُ كَذَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - (وَإِلَّا) أَيْ بِأَنْ وَصَلَهُ بِهِ مَعَ وُجُودِ صَالِحٍ طَاهِرٍ أَوْ مَعَ عَدَمِ الْحَاجَةِ أَصْلًا حَرُمَ عَلَيْهِ لِلتَّعَدِّي وَ (وَجَبَ) عَلَيْهِ (نَزْعُهُ) وَيُجْبَرُ عَلَى ذَلِكَ (إنْ لَمْ يَخَفْ ضَرَرًا ظَاهِرًا) يُبِيحُ التَّيَمُّمَ، وَإِنْ اكْتَسَى لَحْمًا كَمَا لَوْ حَمَلَ نَجَاسَةً تَعَدَّى بِحَمْلِهَا مَعَ تَمَكُّنِهِ مِنْ إزَالَتِهَا، وَكَوَصْلِ الْمَرْأَةِ شَعْرَهَا بِشَعْرٍ نَجِسٍ، فَإِنْ امْتَنَعَ لَزِمَ الْحَاكِمَ نَزْعُهُ لِدُخُولِ النِّيَابَةِ فِيهِ كَرَدِّ الْمَغْصُوبِ، وَلَا اعْتِبَارَ بِأَلَمِهِ حَالًا إنْ أَمِنَ مَآلًا، وَلَا تَصِحُّ صَلَاتُهُ حِينَئِذٍ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

نَفْسَهُ فِي الشِّرْكِ ثُمَّ أَسْلَمَ فَالْمُتَّجَهُ وُجُوبُ الْكَشْطِ عَلَيْهِ بَعْدَ الْإِسْلَامِ لِتَعَدِّيهِ؛ وَلِأَنَّهُ كَانَ عَاصِيًا بِالْفِعْلِ بِخِلَافِ الْمُكْرَهِ وَالصَّبِيِّ، وَلَوْ وُشِمَ بِاخْتِيَارِهِ، وَهُوَ كَافِرٌ ثُمَّ أَسْلَمَ فَالظَّاهِرُ وُجُوبُهُ لِتَعَدِّيهِ إذْ هُوَ مُكَلَّفٌ انْتَهَى فَلْيُحَرَّرْ سم عَلَى مَنْهَجٍ.

[حَادِثَةٌ] وَقَعَ السُّؤَالُ عَنْهَا بِمَا صُورَتُهُ: مَا قَوْلُكُمْ فِي كَيٍّ يَتَعَاطَوْنَهُ بِدِمَشْقَ الشَّامِ يُسَمُّونَهُ بِكَيِّ الْحِمَّصَةِ. وَكَيْفِيَّتُهُ أَنْ يُكْوَى مَوْضِعُ الْأَلَمِ ثُمَّ يُعَفَّنُ مُدَّةً بِمُخِّ الْغَنَمِ ثُمَّ يُجْعَلُ فِيهِ حِمَّصَةٌ تُوضَعُ فِيهِ يَوْمًا وَلَيْلَةً ثُمَّ تُلْقَى مِنْهُ وَقَدْ عَظُمَتْ الْبَلِيَّةُ بِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ، فَإِذًا حُكْمُ الصَّلَاةِ فِيهَا هَلْ تَكُونُ كَاللُّصُوقِ وَالْمَرْهَمِ فَلَا تَجِبُ الْإِعَادَةُ لِلصَّلَاةِ زَمَنَ مُكْثِهَا فِي الْمَحَلِّ الْمَكْوِيِّ أَوْ لَا؟ أَفِيدُوا الْجَوَابَ. وَأَقُولُ: يُجَابُ عَنْهُ قِيَاسًا عَلَى مَا صَرَّحُوا بِهِ مِنْ أَنَّ خِيَاطَةَ الْجُرْحِ وَمُدَاوَاتَهُ بِالنَّجَاسَةِ كَالْجَبْرِ: أَيْ فِي أَنَّهُ إنْ لَمْ يَقُمْ غَيْرُ مَا دَهَنَهُ بِهِ مِنْ النَّجَسِ مَقَامَهُ عُفِيَ عَنْهُ وَلَا يُنَجَّسُ مَا أَصَابَهُ وَتَصِحُّ الصَّلَاةُ مَعَهُ، إنَّ مَا ذُكِرَ فِي الْحِمَّصَةِ مِثْلُهُ فَإِنْ قَامَ غَيْرُهَا مَقَامَهَا فِي مُدَاوَاةِ الْجُرْحِ لَمْ يُعْفَ عَنْهَا فَلَا تَصِحُّ الصَّلَاةُ مَعَ حَمْلِهَا، وَإِنْ لَمْ يَقُمْ غَيْرُهَا مَقَامَهَا صَحَّتْ الصَّلَاةُ وَلَا يَضُرُّ انْتِفَاخُهَا وَعِظَمُهَا فِي الْمَحَلِّ مَا دَامَتْ الْحَاجَةُ قَائِمَةً، وَبَعْدَ انْتِهَاءِ الْحَاجَةِ يَجِبُ نَزْعُهَا، فَإِنَّ تَرْكَهُ بِلَا عُذْرٍ ضُرٌّ وَلَا تَصِحُّ صَلَاتُهُ، فَقَدْ صَرَّحَ الشَّارِحُ هُنَا بِأَنَّهُ حَيْثُ عُذِرَ فِي الْوَشْمِ لَا يَضُرُّ فِي صِحَّةِ صَلَاتِهِ، وَلَا فِي غَيْرِهَا وُجُودُ النَّجَاسَةِ مَعَ حُصُولِهَا بِفِعْلِهِ لَا فِي حَقِّهِ وَلَا فِي حَقِّ غَيْرِهِ مَعَ أَنَّ أَثَرَ الْوَشْمِ يَدُومُ أَوْ تَطُولُ مُدَّتُهُ إلَى حَدٍّ يَزِيدُ عَلَى مَا يَحْصُلُ لِمَنْ يَفْعَلُ الْحِمَّصَةَ الْمَذْكُورَةَ وَلَا يَضُرُّ إخْرَاجُهَا وَعَوْدُ بَدَلِهَا كَمَا لَا يَضُرُّ تَغْيِيرُ اللُّصُوقِ الْمُحْتَاجِ إلَيْهِ، وَإِنْ بَقِيَ أَثَرُ النَّجَاسَةِ مِنْ الْأَوَّلِ. (قَوْلُهُ: خِلَافًا لِمَنْ قَالَ إنَّ بَابَهُ) أَيْ الْوَشْمِ (قَوْلُهُ: فِي حَالَةِ تَكْلِيفِهِ) أَيْ بِلَا حَاجَةٍ لَهُ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا عُذِرَ فِي بَقَائِهِ) أَيْ بِأَنْ فُعِلَ بِهِ قَبْلَ تَكْلِيفِهِ أَوْ فَعَلَهُ بَعْدَهُ وَخَافَ مِنْ إزَالَتِهِ ضَرَرًا يُبِيحُ إلَخْ، أَوْ فُعِلَ بِهِ بَعْدَ تَكْلِيفِهِ بِغَيْرِ رِضًا مِنْهُ.

هَذَا وَفِي حَجّ مَا نَصُّهُ: عَطْفًا عَلَى مَا يُكَلَّفُ إزَالَتَهُ وَفِي الْوَشْمِ، وَإِنْ فَعَلَ بِهِ صَغِيرًا عَلَى الْأَوْجَهِ وَتُوُهِّمَ فَرْقٌ إنَّمَا يَتَأَتَّى مِنْ حَيْثُ الْإِثْمُ وَعَدَمُهُ، فَمَتَى أَمْكَنَهُ إزَالَتُهُ مِنْ غَيْرِ مَشَقَّةٍ فِيمَا لَمْ يَتَعَدَّ بِهِ، وَخَوْفُ مُبِيحِ تَيَمُّمٍ فِيمَا تَعَدَّى بِهِ نَظِيرُ مَا مَرَّ فِي الْوَصْلِ لَزِمَتْهُ وَلَمْ تَصِحَّ صَلَاتُهُ، وَتَقَدَّمَ أَيْضًا عَنْ سم عَلَى مَنْهَجٍ قَرِيبًا خِلَافُهُ.

(قَوْلُهُ: وَعُفِيَ عَنْهُ) وَهَلْ مِنْ الْوَشْمِ الَّذِي لَا تَعَدِّيَ بِهِ مَا لَوْ جَهِلَ تَحْرِيمَهُ، وَكَانَ مِمَّنْ يَخْفَى عَلَيْهِ ذَلِكَ؟ لَا يَبْعُدُ نَعَمْ وِفَاقًا لَمْ ر، وَمَشَى أَيْضًا عَلَى أَنَّهُ لَوْ جُبِّرَ بِعَظْمٍ نَجِسٍ حَيْثُ يَجُوزُ وَلَمْ يَسْتَتِرْ بِاللَّحْمِ لَا تَلْزَمُهُ الْإِعَادَةُ وَلَا يُنَجَّسُ مَاءُ طَهَارَتِهِ وَنَحْوُهَا إذَا مَرَّ عَلَيْهِ قَبْلَ اسْتِتَارِهِ بِاللَّحْمِ وَلَا الرَّطْبُ إذَا لَاقَاهُ انْتَهَى سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: مَعَ وُجُودِ صَالِحٍ) أَيْ أَوْ بِمُغَلَّظٍ مَعَ وُجُودِ نَجَسٍ صَالِحٍ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ: إنْ لَمْ يَخَفْ ضَرَرًا ظَاهِرًا) يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مَوْضِعُهُ إذَا كَانَ الْمَقْلُوعُ مِنْهُ مِمَّنْ يَجِبُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ، فَإِنْ كَانَ مِمَّنْ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ كَمَا لَوْ وَصَلَهُ ثُمَّ جُنَّ فَلَا يُجْبَرُ عَلَى قَلْعِهِ إلَّا إذَا أَفَاقَ أَوْ حَاضَتْ لَمْ يُجْبَرْ إلَّا بَعْدَ الطُّهْرِ، وَيَشْهَدُ لِذَلِكَ مَا سَيَأْتِي فِي عَدَمِ النَّزْعِ إذَا مَاتَ لِعَدَمِ تَكْلِيفِهِ انْتَهَى حَاشِيَةُ الرَّمْلِيِّ عَلَى شَرْحِ الرَّوْضِ أَيْ وَمَعَ ذَلِكَ فَيَنْبَغِي أَنَّهُ إذَا لَاقَى مَانِعًا أَوْ مَاءً قَلِيلًا نَجَّسَهُ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا سَقَطَ وُجُوبُ النَّزْعِ لِعَدَمِ مُخَاطَبَتِهِ بِالصَّلَاةِ.

هَذَا وَلَوْ قِيلَ بِوُجُوبِ النَّزْعِ عَلَى وَلِيِّهِ لَمْ يَكُنْ بَعِيدًا؛ لِأَنَّهُ مُنَزَّلٌ مَنْزِلَتَهُ فَيَجِبُ عَلَيْهِ مُرَاعَاةُ الْأَصْلَحِ فِي حَقِّهِ،

ــ

[حاشية الرشيدي]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ص: 23

لِحَمْلِهِ نَجَاسَةً فِي غَيْرِ مَعْدِنِهَا مَعَ تَمَكُّنِهِ مِنْ إزَالَتِهَا، بِخِلَافِ مَا لَوْ شَرِبَ خَمْرًا وَطَهَّرَ فَمَهُ حَيْثُ صَحَّتْ صَلَاتُهُ، وَإِنْ لَمْ يَتَقَيَّأْ مَا شَرِبَهُ مُتَعَدِّيًا لِحُصُولِهِ فِي مَعِدَتِهَا، فَإِنْ خَافَ ذَلِكَ وَلَوْ نَحْوَ شَيْنٍ أَوْ بُطْءِ بُرْءٍ لَمْ يَلْزَمْهُ نَزْعُهُ لِعُذْرِهِ بَلْ يَحْرُمُ كَمَا فِي الْأَنْوَارِ وَتَصِحُّ صَلَاتُهُ مَعَهُ بِلَا إعَادَةٍ (قِيلَ) يَجِبُ نَزْعُهُ أَيْضًا (وَإِنْ خَافَ) ضَرَرًا ظَاهِرًا لِتَعَدِّيهِ، إذْ لَوْ لَمْ يَنْزِعْهُ لَكَانَ مُصَلِّيًا فِي عُمُرِهِ كُلِّهِ بِنَجَاسَةٍ فَرَّطَ بِحَمْلِهَا وَنَحْنُ نَقْتُلُهُ بِصَلَاةٍ وَاحِدَةٍ وَالْأَصَحُّ لَا (فَإِنْ مَاتَ) مَنْ وَجَبَ عَلَيْهِ النَّزْعُ قَبْلَهُ (لَمْ يُنْزَعْ عَلَى الصَّحِيحِ) لِهَتْكِ حُرْمَتِهِ وَلِسُقُوطِ التَّعَبُّدِ عَنْهُ، وَيَحْرُمُ نَزْعُهُ كَمَا فِي الْبَيَانِ عَنْ عَامَّةِ الْأَصْحَابِ، وَصَرَّحَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ مَعَ التَّعْلِيلِ بِالْعِلَّةِ الثَّانِيَةِ، وَالثَّانِي يُنْزَعُ لِئَلَّا يَلْقَى اللَّهَ تَعَالَى حَامِلًا نَجَاسَةً تَعَدَّى بِحَمْلِهَا، وَلَا يَرُدُّ عَلَيْهِ مَا صَرَّحَ بِهِ أَهْلُ السُّنَّةِ مِنْ أَنَّ الْمُعَادَ لِلْمَيِّتِ أَجْزَاؤُهُ الْأَصْلِيَّةُ كَمَا كَانَتْ، وَإِنْ احْتَرَقَتْ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِلِقَائِهِ نُزُولُهُ الْقَبْرَ فَإِنَّهُ فِي مَعْنَى لِقَاءِ اللَّهِ إذْ هُوَ أَوَّلُ مَنْزِلٍ مِنْ الْآخِرَةِ، وَقِيلَ إنَّ الْمُعَادَ مِنْ أَجْزَائِهِ مَا مَاتَ عَلَيْهَا، وَالْأَوْلَى تَعْلِيلُهُ بِوُجُوبِ غُسْلِ الْمَيِّتِ طَلَبًا لِلطَّهَارَةِ لِئَلَّا يَبْقَى عَلَيْهِ نَجَاسَةٌ، وَهَذَا نَجِسٌ فَتَجِبُ إزَالَتُهُ.

وَيَحْرُمُ عَلَى الْمَرْأَةِ وَصْلُ شَعْرِهَا

ــ

[حاشية الشبراملسي]

وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا لَوْ مَاتَ بِأَنَّ فِي نَزْعِهِ مِنْ الْمَيِّتِ هَتْكًا لِحُرْمَتِهِ، بِخِلَافِ الْمَجْنُونِ فَإِنَّ فِيهِ مَصْلَحَةً لَهُ، وَهِيَ دَفْعُ النَّجَاسَةِ عَنْهُ وَعَنْ غَيْرِهِ، وَقَدْ يَتَوَقَّفُ أَيْضًا فِي عَدَمِ وُجُوبِ النَّزْعِ عَنْ الْحَائِضِ؛ لِأَنَّ الْعِلَّةَ فِي وُجُوبِ النَّزْعِ حَمْلُهُ لِنَجَاسَةٍ تَعَدَّى بِهَا، وَإِنْ لَمْ تَصِحَّ مِنْهُ الصَّلَاةُ لِمَانِعٍ مِنْ وُجُوبِهَا قَامَ بِهِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَتَقَيَّأْ) فِي الْمُخْتَارِ قَاءَ مِنْ بَابِ بَاعَ وَاسْتَقَاءَ بِالْمَدِّ وَتَقَيَّأَ: تَكَلَّفَ الْقَيْءَ انْتَهَى.

وَمِثْلُهُ فِي الْقَامُوسِ وَالْمِصْبَاحِ، وَلَيْسَ فِي وَاحِدٍ مِنْ الثَّلَاثَةِ تَقَيَّأَ بِهَذَا اللَّفْظِ الَّذِي ذَكَرَهُ الشَّارِحُ. قَالَ الشَّيْخُ عَمِيرَةُ: وَلَوْ وَصَلَ جَوْفَهُ مُحَرَّمٌ نَجِسٌ أَوْ غَيْرُهُ وَلَوْ مُكْرَهًا وَجَبَ عَلَيْهِ أَنْ يَتَقَيَّأَهُ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ خَافَ ذَلِكَ) أَيْ ضَرَرًا ظَاهِرًا (قَوْلُهُ: وَلَوْ نَحْوَ شَيْنٍ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ فِي عُضْوٍ بَاطِنٍ (قَوْلُهُ: لَمْ يَلْزَمْهُ نَزْعُهُ) وَقَدْ يُفَرَّقُ بَيْنَ هَذَا وَمَا مَرَّ مِنْ عَدَمِ جَوَازِ اسْتِعْمَالِ النَّجَسِ حَيْثُ كَانَ أَسْرَعَ انْجِبَارًا بِأَنَّ مَا هُنَا دَوَامُ وَيُغْتَفَرُ فِيهِ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي الِابْتِدَاءِ، وَهَلْ يَتَعَدَّى حُكْمُهُ إلَى غَيْرِهِ فَلَا يُحْكَمُ بِنَجَاسَةِ يَدِ مَنْ مَسَّهُ مَعَ الرُّطُوبَةِ. قَالَ سم عَلَى حَجّ: فِيهِ نَظَرٌ. وَقَدْ يُؤَيِّدُ عَدَمَ تَعَدِّيهِ أَنَّ مِنْ الظَّاهِرِ أَنَّهُ لَوْ مَسَّ مَعَ الرُّطُوبَةِ نَجَاسَةً مَعْفُوَّةً عَلَى غَيْرِهِ تَنَجَّسَ. وَقَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ الِاحْتِيَاجَ إلَى الْبَقَاءِ هُنَا أَتَمُّ، بَلْ هُنَا قَدْ تَتَعَذَّرُ الْإِزَالَةُ أَوْ تَمْتَنِعُ فَلْيُتَأَمَّلْ انْتَهَى.

وَقَضِيَّةُ قَوْلِ الشَّارِحِ فِيمَا مَرَّ وَعُفِيَ عَنْهُ بِالنِّسْبَةِ لَهُ وَلِغَيْرِهِ أَنَّ غَيْرَهُ مِثْلُهُ (قَوْلُهُ: وَالْأَصَحُّ لَا) مُقَابِلَ قَوْلِهِ قَبْلُ، وَإِنْ خَافَ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا قَاسَ عَلَيْهِ أَنَّهُ يُعَدُّ مُتَهَاوِنًا بِالدِّينِ حَيْثُ تَرَكَ الصَّلَاةَ بِلَا عُذْرٍ، بِخِلَافِهِ هُنَا حَيْثُ كَانَ بَقَاؤُهُ لِمَحْذُورِ التَّيَمُّمِ (قَوْلُهُ: عَنْ عَامَّةِ الْأَصْحَابِ) وَقَضِيَّةُ عَدَمِ الْوُجُوبِ صِحَّةُ غَسْلِهِ، وَإِنْ لَمْ يَسْتَتِرَ الْعَظْمُ النَّجِسُ بِاللَّحْمِ، مَعَ أَنَّهُ فِي حَالِ الْحَيَاةِ لَا يَصِحُّ غَسْلُهُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ لِعَدَمِ صِحَّةِ الْغَسْلِ مَعَ قِيَامِ النَّجَاسَةِ فَكَأَنَّهُمْ اغْتَفَرُوا ذَلِكَ لِضَرُورَةِ هَتْكِ حُرْمَتِهِ. انْتَهَى سم عَلَى مَنْهَجٍ. (قَوْلُهُ: بِالْعِلَّةِ الثَّانِيَةِ) هِيَ قَوْلُهُ: وَلِسُقُوطِ إلَخْ (قَوْلُهُ: لِئَلَّا يَلْقَى اللَّهَ) أَيْ مَلَائِكَتَهُ فِي الْقَبْرِ (قَوْلُهُ: وَلَا يَرُدُّ عَلَيْهِ) أَيْ الثَّانِي (قَوْلُهُ: وَالْأَوْلَى تَعْلِيلُهُ) أَيْ الْقَوْلِ الثَّانِي.

(قَوْلُهُ: وَيَحْرُمُ عَلَى الْمَرْأَةِ) خَرَجَ بِالْمَرْأَةِ غَيْرُهَا مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى صَغِيرَيْنِ فَيَجُوزُ حَيْثُ كَانَ مِنْ طَاهِرٍ غَيْرِ آدَمِيٍّ، أَمَّا إذَا كَانَ مِنْ نَجِسٍ أَوْ آدَمِيٍّ فَيَحْرُمُ مُطْلَقًا (قَوْلُهُ: وَصْلُ شَعْرِهَا إلَخْ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ شَعْرَ نَفْسِهَا الَّذِي انْفَصَلَ مِنْهَا أَوَّلًا، وَلَيْسَ بَعِيدًا؛ لِأَنَّهُ بِانْفِصَالِهِ عَنْهَا صَارَ مُحْتَرَمًا وَيُوَافِقُهُ مَا ذَكَرْنَاهُ عَنْ م ر. [فَرْعٌ] وَقَعَ السُّؤَالُ عَمَّنْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً وَقَدْ أُزِيلَ بَعْضُ شَعْرِ رَأْسِهَا قَبْلَ تَزَوُّجِهِ بِهَا هَلْ يَجُوزُ لَهُ النَّظَرُ إلَيْهِ الْآنَ، وَهَلْ إذَا انْفَصَلَ مِنْهَا شَعْرٌ، وَهِيَ فِي نِكَاحِهِ ثُمَّ طَلَّقَهَا هَلْ يَجُوزُ النَّظَرُ إلَيْهِ بَعْدَ الطَّلَاقِ لِانْفِصَالِهِ فِي وَقْتٍ كَانَ يَجُوزُ لَهُ النَّظَرُ إلَيْهِ فِيهِ وَأُجِيبَ عَنْهُ بِأَنَّ الظَّاهِرَ الْحُرْمَةُ فِي كُلٍّ مِنْ الصُّورَتَيْنِ، أَمَّا فِي الْأُولَى فَلِأَنَّ الْعَقْدَ إنَّمَا يَشْمَلُ الْأَجْزَاءَ

ــ

[حاشية الرشيدي]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ص: 24

بِشَعْرٍ طَاهِرٍ مِنْ غَيْرِ آدَمِيٍّ، وَلَمْ يَأْذَنْهَا فِيهِ زَوْجٌ أَوْ سَيِّدٌ، وَيَجُوزُ رَبْطُ الشَّعْرِ بِخُيُوطِ الْحَرِيرِ الْمُلَوَّنَةِ وَنَحْوِهَا مِمَّا لَا يُشْبِهُ الشَّعْرَ. وَيَحْرُمُ أَيْضًا تَجْعِيدُ شَعْرِهَا، وَوَشْرُ أَسْنَانِهَا، وَهُوَ تَحْدِيدُهَا وَتَرْقِيقُهَا، وَالْخِضَابُ بِالسَّوَادِ وَتَحْمِيرُ الْوَجْنَةِ بِالْحِنَّاءِ وَنَحْوُهُ، وَتَطْرِيفُ الْأَصَابِعِ مَعَ السَّوَادِ، وَالتَّنْمِيصُ، وَهُوَ الْأَخْذُ مِنْ شَعْرِ الْوَجْهِ وَالْحَاجِبِ الْمُحَسِّنِ، فَإِنْ أَذِنَ لَهَا زَوْجُهَا أَوْ سَيِّدُهَا فِي ذَلِكَ جَازَ؛ لِأَنَّ لَهُ غَرَضًا فِي تَزْيِينِهَا لَهُ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ، وَأَصْلِهَا، وَهُوَ الْأَوْجَهُ، وَإِنْ جَرَى فِي التَّحْقِيقِ عَلَى خِلَافِ ذَلِكَ فِي الْوَصْلِ وَالْوَشْرِ فَأَلْحَقَهُمَا بِالْوَشْمِ فِي الْمَنْعِ مُطْلَقًا.

وَيُكْرَهُ أَنْ يُنْتَفَ الشَّيْبُ مِنْ الْمَحَلِّ الَّذِي لَا يُطْلَبُ مِنْهُ إزَالَةُ شَعْرِهِ، وَيُسَنُّ خَضْبُهُ بِالْحِنَّاءِ وَنَحْوِهِ. وَيُسَنُّ لِلْمَرْأَةِ الْمُزَوَّجَةِ أَوْ الْمَمْلُوكَةِ خَضْبُ كَفِّهَا وَقَدَمِهَا بِذَلِكَ تَعْمِيمًا؛ لِأَنَّهُ زِينَةٌ، وَهِيَ مَطْلُوبَةٌ مِنْهَا لِحَلِيلِهَا، أَمَّا النَّقْشُ وَالتَّطْرِيفُ فَلَا، وَخَرَجَ بِالْمُزَوَّجَةِ وَالْمَمْلُوكَةِ غَيْرُهُمَا فَيُكْرَهُ لَهُ، وَبِالْمَرْأَةِ الرَّجُلُ وَالْخُنْثَى فَيَحْرُمُ الْخِضَابُ عَلَيْهِمَا إلَّا لِعُذْرٍ.

(وَيُعْفَى عَنْ) أَثَرِ (مَحَلِّ اسْتِجْمَارِهِ) لِجَوَازِ اقْتِصَارِهِ عَلَى الْحَجَرِ، وَإِنْ عَرِقَ مَحَلُّ الْأَثَرِ، وَتَلَوَّثَ بِالْأَثَرِ غَيْرُهُ لِعُسْرِ تَجَنُّبِهِ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

الْمَوْجُودَةَ وَقْتَهُ، وَأَمَّا فِي الثَّانِيَةِ فَلِأَنَّهَا صَارَتْ أَجْنَبِيَّةً عَنْهُ فَلَا نَظَرَ لِانْفِصَالِهِ فِي وَقْتٍ كَانَ يَجُوزُ لَهُ فِيهِ النَّظَرُ (قَوْلُهُ: مِنْ غَيْرِ آدَمِيٍّ) أَيْ أَمَّا الْآدَمِيُّ فَيَحْرُمُ مُطْلَقًا أَذِنَ أَوْ لَا؛ لِأَنَّهُ يَحْرُمُ الِانْتِفَاعُ بِشَيْءٍ مِنْهُ لِكَرَامَتِهِ، وَنُقِلَ بِالدَّرْسِ عَنْ م ر أَنَّهُ يَحْرُمُ ذَلِكَ عَلَى الْآدَمِيِّ وَلَوْ مِنْ نَفْسِهِ لِنَفْسِهِ. أَقُولُ: وَلَعَلَّ وَجْهَهُ أَنَّهُ صَارَ مُحْتَرَمًا، وَتُطْلَبُ مُوَارَاتُهُ بِانْفِصَالِهِ أَوَّلًا، وَعَلَيْهِ فَلَا يَصِحُّ بَيْعُهُ كَبَقِيَّةِ شُعُورِ الْبَدَنِ لِلْعِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ. (قَوْلُهُ: أَوْ سَيِّدٌ) أَيْ أَوْ دَلَّتْ قَرِينَةٌ عَلَى الْإِذْنِ (قَوْلُهُ: رَبْطُ الشَّعْرِ بِالْخُيُوطِ الْحَرِيرِ) ظَاهِرُهُ، وَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ الزَّوْجُ أَوْ السَّيِّدُ (قَوْلُهُ: مِمَّا لَا يُشْبِهُ الشَّعْرَ) مَفْهُومُهُ أَنَّهُ إذَا أَشْبَهَ الشَّعْرَ لَا يَجُوزُ إلَّا بِإِذْنِ الزَّوْجِ (قَوْلُهُ: مَعَ السَّوَادِ) ظَاهِرُهُ أَنَّ التَّطْرِيفَ بِنَحْوِ الْحِنَّاءِ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى الْإِذْنِ (قَوْلُهُ: فِي ذَلِكَ) أَيْ مَا تَقَدَّمَ مِنْ قَوْلِهِ: وَيَحْرُمُ تَجْعِيدُ شَعْرِهَا وَوَشْرُ إلَخْ (قَوْلُهُ: لَا يُطْلَبُ مِنْهُ إزَالَةُ شَعْرِهِ) كَاللِّحْيَةِ وَالرَّأْسِ لِخَبَرِ «لَا تَنْتِفُوا الشَّيْبَ فَإِنَّهُ نُورُ الْمُسْلِمِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» وَرَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ. قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ: وَلَوْ قِيلَ بِتَحْرِيمِهِ لَمْ يَبْعُدْ.

وَنَقَلَ ابْنُ الرِّفْعَةِ تَحْرِيمَهُ عَنْ نَصِّ الْأُمِّ: وَالنَّتْفُ لِلِحْيَةِ الْمَرْأَةِ وَشَارِبِهَا مُسْتَحَبٌّ: أَيْ وَلَوْ خَلِيَّةً؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مُثْلَةٌ فِي حَقِّهَا اهـ شَرْحُ رَوْضِ (قَوْلُهُ: وَيُسَنُّ خَضْبُهُ) أَيْ الشَّيْبِ (قَوْلُهُ: وَيُسَنُّ لِلْمَرْأَةِ الْمُزَوَّجَةِ) أَيْ وَلَوْ بِغَيْرِ إذْنِ الزَّوْجِ وَالسَّيِّدِ (قَوْلُهُ: وَأَمَّا النَّقْشُ وَالتَّطْرِيفُ فَلَا) أَيْ فَلَا يُسَنُّ بَلْ يَحْرُمُ بِدُونِ الْإِذْنِ إنْ كَانَ بِسَوَادٍ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ: فَيُكْرَهُ لَهُ) أَيْ خَضْبُ كَفِّهَا وَقَدَمِهَا بِذَلِكَ، وَبَقِيَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ الْوَصْلِ وَالتَّجْعِيدِ وَغَيْرِهِمَا يُكْرَهُ فِي غَيْرِ الْمُزَوَّجَةِ أَوْ يَحْرُمُ؟ فِيهِ نَظَرٌ.

وَقَضِيَّةُ قَوْلِ الشَّارِحِ فَإِنْ أَذِنَ لَهَا زَوْجُهَا أَوْ سَيِّدُهَا فِي ذَلِكَ جَازَ الثَّانِي لِتَخْصِيصِ الْجَوَازِ بِحَالَةِ الْإِذْنِ، وَهُوَ مُنْتَفٍ هُنَا وَلِأَنَّهَا تَجُرُّ بِهِ الرِّيبَةُ إلَى نَفْسِهَا (قَوْلُهُ: وَبِالْمَرْأَةِ الرَّجُلُ) أَيْ الْبَالِغُ، أَمَّا الصَّبِيُّ وَلَوْ مُرَاهِقًا فَلَا يَحْرُمُ عَلَى وَلِيِّهِ فِعْلُ ذَلِكَ بِهِ وَلَا تَمْكِينُهُ مِنْهُ، كَمَا لَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ إلْبَاسُهُ الْحَرِيرَ، نَعَمْ إنْ خِيفَ مِنْ ذَلِكَ رِيبَةٌ فِي حَقِّ الصَّبِيِّ فَلَا تَبْعُدُ الْحُرْمَةُ عَلَى الْوَلِيِّ (قَوْلُهُ: الرَّجُلُ وَالْخُنْثَى فَيَحْرُمُ الْخِضَابُ عَلَيْهِمَا) أَيْ: الْحِنَّاءُ تَعْمِيمًا (قَوْلُهُ: إلَّا) أَيْ بِأَنْ لَا يَقُومَ غَيْرُهُ فِي مُدَاوَاةِ جُرْحِهِ مَثَلًا مَقَامَهُ (قَوْلُهُ: لِعُذْرٍ) أَيْ، وَإِنْ لَمْ يُبَحْ التَّيَمُّمُ.

(قَوْلُهُ: وَيُعْفَى عَنْ مَحَلِّ اسْتِجْمَارِهِ) أَيْ وَلَوْ كَانَ اسْتِنْجَاؤُهُ مَعَ كَوْنِهِ بِشَاطِئِ الْبَحْرِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ عَرِقَ) قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ: عَرِقَ عَرَقًا مِنْ بَابِ تَعِبَ فَهُوَ عَرْقَانُ. قَالَ ابْنُ فَارِسٍ: وَلَمْ يُسْمَعْ لِلْعَرَقِ جَمْعٌ انْتَهَى. وَفِي الْقَامُوسِ: الْعَرَقُ مُحَرَّكَةٌ وَسَخُ جِلْدِ الْحَيَوَانِ وَيُسْتَعَارُ لِغَيْرِهِ: أَيْ مَجَازًا عَلَاقَتُهُ الْمُشَابَهَةُ (قَوْلُهُ: غَيْرُهُ) أَيْ الْمَحَلِّ (قَوْلُهُ: لِعُسْرِ تَجَنُّبِهِ) قَضِيَّةُ التَّعْلِيلِ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَعْسُرْ تَجَنُّبُهُ كَالْكُمِّ وَالذَّيْلِ

ــ

[حاشية الرشيدي]

(قَوْلُهُ: بِشَعْرٍ طَاهِرٍ مِنْ غَيْرِ آدَمِيٍّ) أَيْ أَمَّا مِنْ الْآدَمِيِّ فَيَحْرُمُ مُطْلَقًا سَوَاءٌ أَذِنَ فِيهِ الزَّوْجُ وَالسَّيِّدُ أَمْ لَا وَلَوْ مِنْ شَعْرِهَا كَمَا نَقَلَهُ الشِّهَابُ سم عَنْ الشَّارِحِ.

(قَوْلُهُ: وَتَلَوَّثَ بِالْأَثَرِ) إنَّمَا لَمْ يُضْمِرْ وَإِنْ كَانَ الظَّاهِرُ أَنَّ الْمَقَامَ لِلْإِضْمَارِ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ رُجُوعُ الضَّمِيرِ إلَى الْعِرْقِ الْمَفْهُومِ مِنْ عِرْقٍ، وَهُوَ لَا يُفِيدُ صَرِيحًا أَنَّ التَّلَوُّثَ بِالْأَثَرِ الْمُحَقَّقِ لَا يَضُرُّ بِخِلَافِ مَا ذَكَرَهُ

ص: 25

وَالْمَجْمُوعِ هُنَا، وَقَالَ فِيهِ وَفِي غَيْرِهِ فِي بَابِ الِاسْتِنْجَاءِ: إذَا اسْتَنْجَى بِالْأَحْجَارِ وَعَرِقَ مَحَلُّهُ وَسَالَ الْعَرَقُ مِنْهُ وَجَاوَزَهُ وَجَبَ غَسْلُ مَا سَالَ إلَيْهِ وَلَا تَنَافِيَ بَيْنَهُمَا، إذْ الْأَوَّلُ فِيمَا لَمْ يُجَاوِزْ الصَّفْحَةَ وَالْحَشَفَةَ.

وَالثَّانِي فِيمَا جَاوَزَهُمَا ثُمَّ مَحَلُّ الْعَفْوِ فِي حَقِّ نَفْسِهِ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ (وَلَوْ)(حَمَلَ) فِي صَلَاتِهِ (مُسْتَجْمِرًا) أَوْ مَنْ عَلَيْهِ نَجَاسَةٌ مَعْفُوٌّ عَنْهَا كَثَوْبٍ بِهِ دَمُ بَرَاغِيثَ عَلَى مَا سَيَأْتِي، أَوْ حَيَوَانًا تَنَجَّسَ مَنْفَذُهُ بِخُرُوجِ الْخَارِجِ مِنْهُ (بَطَلَتْ) صَلَاتُهُ (فِي الْأَصَحِّ) إذْ الْعَفْوُ لِلْحَاجَةِ وَلَا حَاجَةَ إلَى حَمْلِهِ فِيهَا، بِخِلَافِ حَمْلِ طَاهِرِ الْمَنْفَذِ، وَلَوْ مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ وَلَا نَظَرٍ لِلْخَبَثِ بِبَاطِنِهِ؛ لِأَنَّهُ فِي مَعْدِنِهِ الْخِلْقِيِّ مَعَ وُجُودِ الْحَيَاةِ الْمُؤَثِّرَةِ فِي دَفْعِهِ كَمَا فِي جَوْفِ الْمُصَلِّي لِحَمْلِهِ صلى الله عليه وسلم أُمَامَةَ فِي صَلَاتِهِ،

ــ

[حاشية الشبراملسي]

مَثَلًا لَا يُعْفَى عَمَّا لَاقَاهُ مِنْ ذَلِكَ، وَهُوَ كَذَلِكَ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ.

(قَوْلُهُ: وَلَوْ حَمَلَ فِي صَلَاتِهِ مُسْتَجْمَرًا) وَمِثْلُ الْحَمْلِ مَا لَوْ تَعَلَّقَ الْمُسْتَجْمِرُ بِالْمُصَلِّي أَوْ الْمُصَلِّي بِالْمُسْتَجْمِرِ فَإِنَّهُ تَبْطُلُ صَلَاتُهُ، وَسَيَأْتِي ذَلِكَ فِي قَوْلِهِ وَيُؤْخَذُ مِمَّا مَرَّ إلَخْ، وَوَجْهُ الْبُطْلَانِ فِيهِمَا اتِّصَالُ الْمُصَلِّي بِمَا هُوَ مُتَّصِلٌ بِالنَّجَاسَةِ. وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ الْمُسْتَنْجِي بِالْمَاءِ إذَا أَمْسَكَ مُصَلِّيًا مُسْتَجْمِرًا بَطَلَتْ صَلَاةُ الْمُسْتَجْمِرِ؛ لِأَنَّ بَعْضَ بَدَنِهِ مُتَّصِلٌ بِيَدِ الْمُسْتَنْجِي بِالْمَاءِ، وَيَدُهُ مُتَّصِلَةٌ بِبَدَنِ الْمُصَلِّي الْمُسْتَجْمِرِ بِالْحَجَرِ فَصَدَقَ عَلَيْهِ أَنَّهُ مُتَّصِلٌ بِمُتَّصِلٍ يُنَجِّسُ، وَهُوَ نَفْسُهُ لَا ضَرُورَةَ لِاتِّصَالِهِ بِهِ.

وَفِي حَجّ: لَوْ غَرَزَ إبْرَةً مَثَلًا بِبَدَنِهِ أَوْ انْغَرَزَتْ فَغَابَتْ أَوْ وَصَلَتْ لِدَمٍ قَلِيلٍ لَمْ يَضُرَّ، أَوْ لِدَمٍ كَثِيرٍ أَوْ لِجَوْفٍ لَمْ تَصِحَّ الصَّلَاةُ لِاتِّصَالِهَا بِنَجِسٍ انْتَهَى. وَقَالَ سم عَلَيْهِ: وَمَحَلُّ عَدَمِ الصِّحَّةِ حَيْثُ كَانَ طَرَفُهَا بَائِنًا ظَاهِرًا انْتَهَى.

أَقُولُ: وَمَا قَيَّدَ بِهِ قَدْ يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ فَغَابَتْ. أَمَّا إذَا غَرَزَهَا عَبَثًا فَتَبْطُلُ؛ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ التَّضَمُّخِ بِالنَّجَاسَةِ عَمْدًا، وَهُوَ يَضُرُّ (قَوْلُهُ: بِهِ دَمُ بَرَاغِيثَ) وَقَدْ يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ حَمْلَ مَنْ جُبِّرَ عَظْمُهُ بِنَجِسٍ حَيْثُ لَمْ يَجِبْ نَزْعُهُ وَلَمْ يَسْتَتِرْ بِلَحْمٍ وَجِلْدٍ طَاهِرٍ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ نَجَسٌ مَعْفُوٌّ عَنْهُ كَذَلِكَ، إلَّا أَنْ يُفَرِّقَ بِأَنَّ هَذَا صَارَ فِي حُكْمِ الْجُزْءِ فَلَا يَضُرُّ الْحَمْلُ مَعَهُ. انْتَهَى سم عَلَى حَجّ.

(قَوْلُهُ: تَنَجَّسَ مَنْفَذُهُ) أَيْ مَثَلًا (قَوْلُهُ: إذْ الْعَفْوُ لِلْحَاجَةِ) قَالَ حَجّ: وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ مَا يَتَخَلَّلُ خِيَاطَةَ الثَّوْبِ مِنْ نَحْوِ الصِّئْبَانِ، وَهُوَ بَيْضُ الْقَمْلِ يُعْفَى عَنْهُ، وَإِنْ فُرِضَتْ حَيَاتُهُ ثُمَّ مَوْتُهُ، وَهُوَ ظَاهِرٌ لِعُمُومِ الِابْتِلَاءِ بِهِ مَعَ مَشَقَّةِ فَتْقِ الْخِيَاطَةِ لِإِخْرَاجِهِ انْتَهَى (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ فِي مَعْدِنِهِ الْخِلْقِيِّ) أَيْ وَمَا دَامَ كَذَلِكَ لَا يُحْكَمُ بِنَجَاسَتِهِ، وَإِنْ كَانَ نَجِسًا فِي ذَاتِهِ (قَوْلُهُ: كَمَا فِي جَوْفِ الْمُصَلِّي) قَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ مَا فِي جَوْفِ الْمُصَلِّي حَمْلُهُ ضَرُورِيٌّ لَهُ، وَلَا كَذَلِكَ حَمْلُ مَا فِي بَاطِنِ غَيْرِهِ، وَإِنْ كَانَ حَيًّا (قَوْلُهُ: لِحَمْلِهِ صلى الله عليه وسلم أُمَامَةَ فِي صَلَاتِهِ) قَالَ حَجّ فِي شَرْحِ الشَّمَائِلِ فِي آخِرِ بَابِ بُكَائِهِ: وَكَانَتْ صَلَاةَ الصُّبْحِ وَعِبَارَتُهُ نَصُّهَا: وَأُمَامَةُ هِيَ الَّتِي حَمَلَهَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فِي صَلَاةِ الصُّبْحِ عَلَى عَاتِقِهِ، وَكَانَ إذَا رَكَعَ وَضَعَهَا، وَإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنْ السُّجُودِ أَعَادَهَا انْتَهَى.

وَسَيَأْتِي لحج نَفْسِهِ فِي الْفَصْلِ الْآتِي بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ، وَإِلَّا فَتَبْطُلُ بِكَثِيرِهِ لَا قَلِيلِهِ مَا نَصُّهُ: لِلْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ فِي ذَلِكَ كَحَمْلِهِ صلى الله عليه وسلم أُمَامَةَ بِنْتِ زَيْنَبَ رضي الله عنها عِنْدَ قِيَامِهِ وَوَضْعِهَا عِنْدَ سُجُودِهِ انْتَهَى. وَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَا ذَكَرَهُ فِي شَرْحِ الشَّمَائِلِ، إلَّا أَنْ يُقَالَ: هُمَا رِوَايَتَانِ، وَأَنَّ الْوَاقِعَةَ مُتَعَدِّدَةٌ، فَوَضَعَهَا تَارَةً عِنْدَ إرَادَةِ الرُّكُوعِ وَتَارَةً عِنْدَ إرَادَةِ السُّجُودِ، عَلَى أَنَّ الرُّكُوعَ لَمْ يُشْرَعْ إلَّا بَعْدَ تَحْوِيلِ الْقِبْلَةِ، فَيَجُوزُ أَنَّهُ كَانَ قَبْلَ مَشْرُوعِيَّةِ الرُّكُوعِ يَضَعُهَا عِنْدَ إرَادَةِ السُّجُودِ وَبَعْدَ مَشْرُوعِيَّةِ الرُّكُوعِ صَارَ يَضَعُهَا عِنْدَ

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: فِيمَا لَمْ يُجَاوِزْ الصَّفْحَةَ وَالْحَشَفَةَ) الْمُرَادُ أَنَّ الَّذِي لَمْ يُجَاوِزْ الصَّفْحَةَ وَالْحَشَفَةَ يُعْفَى عَمَّا لَاقَى الثَّوْبَ وَالْبَدَنَ مِنْهُ، بِخِلَافِ مَا جَاوَزَهُمَا لِعَدَمِ إجْزَاءِ الْحَجَرِ فِيهِ.

ص: 26

وَلِهَذَا فَارَقَ حَمْلُ الْمَذْبُوحِ وَالْمَيِّتِ الطَّاهِرِ الَّذِي لَمْ يَطْهُرْ بَاطِنُهُ وَلَوْ سَمَكًا أَوْ جَرَادًا، وَالثَّانِي لَا تَبْطُلُ فِي حَقِّهِ كَالْمَحْمُولِ لِلْعَفْوِ عَنْ مَحَلِّ الِاسْتِجْمَارِ، وَيَلْحَقُ بِحَمْلِ مَا ذُكِرَ حَمْلُ حَامِلِهِ فِيمَا يَظْهَرُ، وَالْقِيَاسُ بُطْلَانُهَا أَيْضًا بِحَمْلِهِ مَاءً قَلِيلًا أَوْ مَائِعًا فِيهِ مَيْتَةٌ لَا نَفْسَ لَهَا سَائِلَةً، وَقُلْنَا لَا يُنَجَّسُ كَمَا هُوَ الْأَصَحُّ، وَإِنْ لَمْ يُصَرِّحُوا بِهِ. وَلَوْ حَمَلَ الْمُصَلِّي بَيْضَةً اسْتَحَالَتْ دَمًا وَحُكِمَ بِنَجَاسَتِهَا أَوْ عُنْقُودًا اسْتَحَالَ خَمْرًا أَوْ قَارُورَةً مُصَمَّمَةَ الرَّأْسِ بِرَصَاصٍ وَنَحْوِهِ فِيهَا نَجَسٌ بَطَلَتْ. وَيُؤْخَذُ مِمَّا مَرَّ فِي قَبْضِ طَرَفِ شَيْءٍ مُتَنَجِّسٍ فِيهَا أَنَّهُ لَوْ أَمْسَكَ الْمُصَلِّي بَدَنَ مُسْتَجْمِرٍ أَوْ ثَوْبَهُ أَوْ أَمْسَكَ الْمُسْتَجْمِرُ الْمُصَلِّي أَوْ مَلْبُوسَهُ أَنَّهُ يَضُرُّ، وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَلَوْ سَقَطَ طَائِرٌ عَلَى مَنْفَذِهِ نَجَاسَةٌ فِي نَحْوِ مَائِعٍ لَمْ يُنَجِّسْهُ لِعُسْرِ صَوْنِهِ عَنْهُ، بِخِلَافِ نَحْوِ الْمُسْتَجْمَعِ فَإِنَّهُ يُنَجِّسُهُ وَيَحْرُمُ عَلَيْهِ ذَلِكَ لِتَضَمُّخِهِ بِالنَّجَاسَةِ، وَيُؤْخَذُ مِنْهُ حُرْمَةُ مُجَامَعَةِ زَوْجَتِهِ قَبْلَ اسْتِنْجَائِهِ بِالْمَاءِ، وَأَنَّهُ لَا يَلْزَمُهَا حِينَئِذٍ تَمْكِينُهُ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -.

(وَطِينُ الشَّارِعِ) أَيْ مَحَلُّ الْمُرُورِ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

إرَادَتِهِ. (قَوْلُهُ: وَالْمَيِّتُ) قَضِيَّةُ التَّعْبِيرِ بِالْمَيِّتِ أَنَّ السَّمَكَ إذَا كَانَ حَيًّا لَا تَبْطُلُ الصَّلَاةُ بِحَمْلِهِ، وَهُوَ مُشْكِلٌ بِأَنَّ حَرَكَتَهُ حَرَكَةُ مَذْبُوحٍ وَذَلِكَ يُلْحِقُهُ بِالْمَيْتَةِ، إلَّا أَنْ يُقَالَ: مَحَلُّ إلْحَاقِ مَا ذُكِرَ إذَا كَانَ وُصُولُهُ لِتِلْكَ الْحَالَةِ بِجِنَايَةٍ، أَوْ أَنَّهُ لَمَّا لَمْ يُقْطَعْ بِمَوْتِهِ لِإِمْكَانِ عَوْدِهِ لِلْمَاءِ فَتَدُومُ حَيَاتُهُ لَمْ يُلْحِقُوهُ بِالْمَيْتَةِ لِذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَيُلْحَقُ بِحَمْلِ مَا ذُكِرَ) هَلْ يُلْحَقُ بِذَلِكَ مَنْ وَصَلَ عَظْمَهُ بِنَجِسٍ مَعْذُورٌ فِيهِ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ عَدَمُ الضَّرَرِ. انْتَهَى سم عَلَى حَجّ.

(قَوْلُهُ: وَحُكِمَ بِنَجَاسَتِهَا) أَيْ بِأَنْ فَسَدَتْ وَأَيِسَ مِنْ مَجِيءِ فَرْخٍ مِنْهَا. اهـ حَجّ. (قَوْلُهُ: بَطَلَتْ) أَيْ حَالًا فِي الصُّوَرِ الْمَذْكُورَةِ (قَوْلُهُ: أَوْ أَمْسَكَ الْمُسْتَجْمِرُ الْمُصَلِّي) أَيْ وَلَمْ يُتَّجَهْ حَالًا (قَوْلُهُ: وَلَوْ سَقَطَ طَائِرٌ) أَيْ أَوْ غَيْرُهُ مِنْ الْحَيَوَانَاتِ (قَوْلُهُ: عَلَى مَنْفَذِهِ نَجَاسَةٌ مُحَقَّقَةٌ) أَيْ أَوْ مِنْقَارِهِ أَوْ رِجْلِهِ أَخْذًا مِنْ الْعِلَّةِ (قَوْلُهُ: قَبْلَ اسْتِنْجَائِهِ) أَيْ أَوْ اسْتِنْجَائِهَا (قَوْلُهُ: وَأَنَّهُ لَا يَلْزَمُهَا حِينَئِذٍ تَمْكِينُهُ) أَيْ بَلْ يَحْرُمُ عَلَيْهَا ذَلِكَ، وَظَاهِرٌ أَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ مَا لَمْ يَخْشَ الزِّنَا، وَإِلَّا فَيَجُوزُ كَمَا فِي وَطْءِ الْحَائِضِ عِنْدَ خَوْفِ مَا ذُكِرَ.

(قَوْلُهُ: وَطِينُ الشَّارِعِ) خَرَجَ بِهِ عَيْنُ النَّجَاسَةِ كَالْبَوْلِ الَّذِي بِالشَّوَارِعِ فَلَا يُعْفَى عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ، وَمِثْلُهُ مَا لَوْ نَزَلَ كَلْبٌ فِي حَوْضٍ مَثَلًا ثُمَّ خَرَجَ مِنْهُ وَانْتَفَضَ وَأَصَابَ الْمَارِّينَ شَيْءٌ مِنْهُ فَلَا يُعْفَى عَنْهُ، وَيُحْتَمَلُ الْعَفْوُ إلْحَاقًا لَهُ بِطِينِ الشَّوَارِعِ لِمَشَقَّةِ الِاحْتِرَازِ عَنْ ذَلِكَ، إلَّا أَنْ يُقَالَ: الِابْتِلَاءُ بِمِثْلِ هَذَا لَيْسَ كَالِابْتِلَاءِ بِطِينِ الشَّوَارِعِ.

وَنُقِلَ بِالدَّرْسِ عَنْ شَيْخِنَا الشَّيْخِ سَالِمٍ الشَّبْشِيرِيِّ الْعَفْوُ عَمَّا تَطَايَرَ مِنْ طِينِ الشَّوَارِعِ عَنْ ظَهْرِ الْكَلْبِ لِمَشَقَّةِ الِاحْتِرَازِ

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: أَنَّهُ لَوْ أَمْسَكَ الْمُصَلِّي بَدَنَ مُسْتَجْمِرٍ أَوْ ثَوْبَهُ أَوْ أَمْسَكَ الْمُسْتَجْمِرُ الْمُصَلِّيَ إلَخْ) فِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ أَنَّ مِثْلَهُ مَا لَوْ أَمْسَكَ الْمُسْتَنْجِي بِالْمَاءِ مُصَلِّيًا مُسْتَجْمِرًا بِالْأَحْجَارِ فَتَبْطُلُ صَلَاةُ الْمُصَلِّي الْمُسْتَجْمِرِ بِالْأَحْجَارِ أَخْذًا مِمَّا مَرَّ أَنَّ مَنْ اتَّصَلَ بِطَاهِرٍ مُتَّصِلٍ بِنَجِسٍ غَيْرِ مَعْفُوٍّ عَنْهُ تَبْطُلُ صَلَاتُهُ: أَيْ وَقَدْ صَدَقَ عَلَى هَذَا الْمُسْتَنْجِي بِالْمَاءِ الْمُمْسِكِ لِلْمُصَلِّي الْمَذْكُورِ أَنَّهُ طَاهِرٌ مُتَّصِلٌ بِنَجِسٍ غَيْرِ مَعْفُوٍّ عَنْهُ وَهُوَ بَدَنُ الْمُصَلِّي الْمَذْكُورِ،؛ لِأَنَّ الْعَفْوَ إنَّمَا هُوَ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِ، وَقَدْ اتَّصَلَ بِالْمُصَلِّي وَهُوَ فِي غَايَةِ السُّقُوطِ كَمَا لَا يَخْفَى إذْ هُوَ مُغَالَطَةٌ، إذْ لَا خَفَاءَ أَنَّ مَعْنَى كَوْنِ الطَّاهِرِ الْمُتَّصِلِ بِالْمُصَلِّي مُتَّصِلًا بِنَجِسٍ غَيْرِ مَعْفُوٍّ عَنْهُ أَنَّهُ غَيْرُ مَعْفُوٍّ عَنْهُ بِالنِّسْبَةِ لِلْمُصَلِّي، وَهَذَا النَّجِسُ مَعْفُوٌّ عَنْهُ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِ فَلَا نَظَرَ لِكَوْنِهِ غَيْرَ مَعْفُوٍّ عَنْهُ بِالنِّسْبَةِ لِلْمُمْسِكِ الَّذِي هُوَ مَنْشَأُ التَّوَهُّمِ، وَلِأَنَّا إذَا عَفَوْنَا عَنْ مَحَلِّ الِاسْتِجْمَارِ بِالنِّسْبَةِ لِهَذَا الْمُصَلِّي فَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَتَّصِلَ بِهِ بِالْوَاسِطَةِ أَوْ بِغَيْرِ الْوَاسِطَةِ، وَعَدَمُ الْعَفْوِ إنَّمَا هُوَ بِالنِّسْبَةِ لِخُصُوصِ الْغَيْرِ بَلْ هُوَ بِالْوَاسِطَةِ أَوْلَى بِالْعَفْوِ مِنْهُ بِعَدَمِهَا الَّذِي هُوَ مَحَلُّ وِفَاقٍ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، وَيَلْزَمُ عَلَى مَا قَالَهُ أَنْ تَبْطُلَ صَلَاتُهُ بِحَمْلِهِ لِثِيَابِهِ الَّتِي لَا يَحْتَاجُ إلَى حَمْلِهَا لِصِدْقِ مَا مَرَّ عَلَيْهَا وَلَا أَحْسَبُ أَحَدًا يُوَافِقُ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ سَقَطَ طَائِرٌ) أَيْ مَثَلًا وَقَدْ مَرَّ فِي الطَّهَارَةِ.

(قَوْلُهُ: أَيْ مَحَلِّ الْمُرُورِ) أَيْ الْمُعَدِّ لِذَلِكَ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ

ص: 27

وَإِنْ لَمْ يَكُنْ شَارِعًا (الْمُتَيَقِّنُ نَجَاسَتَهُ) وَلَوْ بِإِخْبَارِ عَدْلٍ رِوَايَةً فِيمَا يَظْهَرُ، فَالْمُرَادُ بِالْيَقِينِ مَا يُفِيدُ ثُبُوتَ النَّجَاسَةِ (يُعْفَى مِنْهُ عَمَّا يَتَعَذَّرُ) أَيْ يَتَعَسَّرُ (الِاحْتِرَازُ عَنْهُ غَالِبًا) ، وَإِنْ اخْتَلَطَ بِمُغَلَّظٍ كَمَا رَجَّحَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ، وَفَارَقَ دَمُهُ بِالْمَشَقَّةِ أَوْ كَثْرَتِهَا فِي هَذَا دُونَ ذَاكَ، وَلِأَنَّهُ لَا بُدَّ لِلنَّاسِ مِنْ الِانْتِشَارِ فِي حَوَائِجِهِمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ لَا يَجِدُ إلَّا ثَوْبًا وَاحِدًا، فَلَوْ أُمِرُوا بِالْغُسْلِ كُلَّمَا أَصَابَهُمْ ذَلِكَ لَعَظُمَتْ الْمَشَقَّةُ، وَاحْتَرَزَ بِالْمُتَيَقِّنِ النَّجَاسَةَ عَمَّا يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ اخْتِلَاطُهُ بِهَا كَغَالِبِ الشَّوَارِعِ فَفِيهِ قَوْلَا الْأَصْلِ وَالْغَالِبِ وَقَدْ مَرَّ.

وَمِنْ ذَلِكَ مَاءُ الْمَيَازِيبِ الْمَشْكُوكِ فِيهَا، بَلْ اخْتَارَ الْمُصَنِّفُ الْجَزْمَ بِطَهَارَتِهِ، وَأَفْتَى ابْنُ الصَّلَاحِ بِطَهَارَةِ الْأَوْرَاقِ الَّتِي تُعْمَلُ وَتُبْسَطُ، وَهِيَ رَطْبَةٌ عَلَى الْحِيطَانِ الْمَعْمُولَةِ بِرَمَادٍ نَجِسٍ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

عَنْهُ وَفِيهِ وَقْفَةٌ، وَمِثْلُهُ فِي عَدَمِ الْعَفْوِ مَا يَتَطَايَرُ مِنْهُ فِي زَمَنِ الْأَمْطَارِ؛ لِأَنَّهُ جَرَتْ الْعَادَةُ بِالتَّحَفُّظِ مِنْهُ، وَمِثْلُهُ أَيْضًا مَا جَرَتْ عَادَةُ الْكِلَابِ بِهِ مِنْ طُلُوعِهِمْ عَلَى الْأَسْبِلَةِ وَرُقَادِهِمْ فِي مَحَلِّ وَضْعِ الْكِيزَانِ، وَهُنَاكَ رُطُوبَةٌ مِنْ أَحَدِ الْجَانِبَيْنِ فَلَا يُعْفَى عَنْهُ.

وَمِمَّا شَمِلَهُ أَيْضًا طِينُ الشَّارِعِ بِالْمَعْنَى الَّذِي ذَكَرَ لَهُ مَا يَقَعُ كَثِيرًا مِنْ أَنَّهُ يَحْصُلُ مَطَرٌ بِحَيْثُ يَعُمُّ الطُّرُقَاتِ، وَمَا يَقَعُ مِنْ الرَّشِّ فِي الشَّوَارِعِ وَتَمُرُّ فِيهِ الْكِلَابُ وَتَرْقُدُ فِيهِ بِحَيْثُ تُتَيَقَّنُ نَجَاسَتُهُ، بَلْ وَكَذَا لَوْ بَالَتْ فِيهِ وَاخْتَلَطَ بَوْلُهَا بِطِينِهِ أَوْ مَائِهِ بِحَيْثُ لَمْ يَبْقَ لِلنَّجَاسَةِ عَيْنٌ مُتَمَيِّزَةٌ فَيُعْفَى مِنْهُ عَمَّا يَعْسُرُ الِاحْتِرَازُ عَنْهُ فَلَا يُكَلَّفُ غَسْلَ رِجْلَيْهِ مِنْهُ خِلَافًا لِمَا تَوَهَّمَهُ بَعْضُ ضَعَفَةِ الطَّلَبَةِ.

وَيَنْبَغِي أَنَّ مِثْلَ ذَلِكَ فِي الْعَفْوِ عَنْهُ مَا وَقَعَ السُّؤَالُ عَنْهُ فِي الدَّرْسِ عَنْ مَمْشَاةٍ لِمَسْجِدٍ بِرَشِيدَ مُتَّصِلَةٍ بِالْبَحْرِ وَبِالْمَسْجِدِ وَطُولُهَا نَحْوُ مِائَةِ ذِرَاعٍ، ثُمَّ إنَّ الْكِلَابَ تَرْقُدُ، وَهِيَ رَطْبَةٌ لِمَشَقَّةِ الِاحْتِرَازِ عَنْ ذَلِكَ، وَيُحْتَمَلُ عَدَمُ الْعَفْوِ فِيمَا لَوْ مَشَى عَلَى مَحَلٍّ تَيَقَّنَ نَجَاسَتَهُ، وَهُوَ الْأَقْرَبُ، وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ طِينِ الشَّارِعِ بِعُمُومِ الْبَلْوَى فِي طِينِ الشَّارِعِ دُونَ هَذَا إذْ يُمْكِنُ الِاحْتِرَازُ عَنْ الْمَشْيِ عَلَيْهَا دُونَ الشَّارِعِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَكُنْ شَارِعًا) أَيْ الْمَحَلُّ الَّذِي عَمَّتْ الْبَلْوَى بِاخْتِلَاطِهِ بِالنَّجَاسَةِ كَدِهْلِيزِ الْحَمَّامِ وَحَوْلَ الْفَسَاقِي مِمَّا لَا يُعْتَادُ تَطْهِيرُهُ إذَا تَنَجَّسَ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ عَمَّا يَتَعَذَّرُ الِاحْتِرَازُ عَنْهُ غَالِبًا. أَمَّا مَا جَرَتْ الْعَادَةُ بِحِفْظِهِ وَتَطْهِيرِهِ إذَا أَصَابَتْهُ نَجَاسَةٌ فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مُرَادًا مِنْ هَذِهِ الْعِبَارَةِ، بَلْ مَتَى تُيُقِّنَتْ نَجَاسَتُهُ وَجَبَ الِاحْتِرَازُ عَنْهُ وَلَا يُعْفَى عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ، وَمِنْهُ مَمْشَاةُ الْفَسَاقِي فَتَنَبَّهْ لَهُ وَلَا تَغْتَرَّ بِمَا يُخَالِفُهُ.

(قَوْلُهُ: يُعْفَى مِنْهُ عَمَّا يَتَعَذَّرُ) أَيْ فَإِنْ صَلَّى فِي الشَّارِعِ الْمَذْكُورِ لَمْ تَصِحَّ صَلَاتُهُ حَيْثُ لَا حَائِلَ لِمُلَاقَاتِهِ النَّجَسَ وَلَا ضَرُورَةَ لِلصَّلَاةِ فِيهِ حَتَّى يُعْذَرَ، بِخِلَافِ مَا يُصِيبُ بَدَنَهُ أَوْ ثَوْبَهُ فَيُعْفَى عَنْهُ لِمَشَقَّةِ الِاحْتِرَازِ عَنْهُ (قَوْلُهُ: أَيْ يَتَعَسَّرُ الِاحْتِرَازُ عَنْهُ) أَيْ وَلَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ أَنْ يَسْتَعْمِلَ لِبَاسَ الشِّتَاءِ فِي زَمَنِهِ أَوْ زَمَنِ الصَّيْفِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُكَلَّفُ غَسْلَهُ (قَوْلُهُ: وَإِنْ اخْتَلَطَ بِمُغَلَّظٍ) أَيْ وَلَوْ دَمَ كَلْبٍ، وَإِنْ لَمْ يُعْفَ عَنْ الْمَحْضِ مِنْهُ، وَإِنْ قَلَّ (قَوْلُهُ: وَفَارَقَ دَمُهُ) أَيْ حَيْثُ لَا يُعْفَى عَنْ قَلِيلِهِ عَلَى مَا اعْتَمَدَهُ (قَوْلُهُ: فِي هَذَا) أَيْ طِينِ الشَّارِعِ (قَوْلُهُ: دُونَ ذَاكَ) أَيْ دَمِ الْكَلْبِ الْغَيْرِ الْمُخْتَلِطِ (قَوْلُهُ: وَقَدْ مَرَّ) أَيْ أَنَّ الْأَصْلَ الطَّهَارَةُ وَيَحْتَمِلُ النَّجَاسَةَ إلَّا أَنَّا نُقَدِّمُ الْأَصْلَ عَلَى غَيْرِهِ (قَوْلُهُ: الْمَعْمُولَةِ) أَيْ

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: وَلَوْ بِإِخْبَارِ عَدْلٍ) إنَّمَا احْتَاجَ إلَى هَذَا بِالنِّسْبَةِ لِمَفْهُومِ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ يُعْفَى مِنْهُ عَمَّا تَعَذَّرَ إلَخْ لَا لِمَنْطُوقِهِ،؛ لِأَنَّهُ إذَا عُفِيَ عَنْ الْمُتَيَقَّنِ النَّجَاسَةِ فِي ذَلِكَ فَمَظْنُونُهَا أَوْلَى (قَوْلُهُ: وَفَارَقَ دَمُهُ) أَيْ الَّذِي أَصَابَهُ مِنْ غَيْرِ الشَّارِعِ (قَوْلُهُ: وَلِأَنَّهُ لَا بُدَّ لِلنَّاسِ إلَخْ) الْأَوْلَى حَذْفُ الْوَاوِ؛ لِأَنَّهُ عِلَّةٌ لِأَصْلِ الْمَتْنِ (قَوْلُهُ: الْجَزْمُ بِطَهَارَتِهِ) أَيْ وَلَيْسَ فِيهِ قَوْلَا الْأَصْلُ وَالْغَالِبُ (قَوْلُهُ: بِطَهَارَةِ الْأَوْرَاقِ) أَيْ إذَا لَمْ تَتَحَقَّقْ نَجَاسَةُ الرَّمَادِ، وَلَكِنَّ الْغَالِبَ فِيهِ النَّجَاسَةُ أَخْذًا مِمَّا عَلَّلَ بِهِ، أَمَّا إذَا تَحَقَّقَتْ فِيهِ النَّجَاسَةُ فَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَيْسَ بِطَاهِرٍ لَكِنْ يُعْفَى عَنْ الْأَوْرَاقِ الْمَوْضُوعَةِ عَلَيْهِ. قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ فِي مَعْفُوَّاتِهِ:

وَالنَّسْخُ فِي وَرَقٍ آجُرَّهُ عَجَنُوا

بِهِ النَّجَاسَةَ عَفْوٌ حَالَ كَتْبَتِهِ

مَا نَجَّسُوا قَلَمًا مِنْهُ وَمَا مَنَعُوا

مِنْ كَاتِبٍ مُصْحَفًا مِنْ حِبْرِ لِيقَتِهِ

ص: 28

عَمَلًا بِالْأَصْلِ. نَعَمْ إنْ وُجِدَ سَبَبٌ يُحَالُ عَلَيْهِ كَمَسْأَلَةِ بَوْلِ الظَّبْيَةِ عُمِلَ بِالظَّنِّ كَمَا تَقَدَّمَ (وَيَخْتَلِفُ) الْمَعْفُوُّ عَنْهُ (بِالْوَقْتِ وَمَوْضِعِهِ مِنْ الثَّوْبِ وَالْبَدَنِ) فَيُعْفَى فِي الذَّيْلِ وَالرِّجْلِ عَمَّا لَا يُعْفَى عَنْهُ فِي الْكُمِّ وَالْيَدِ، وَبَحْثُ الزَّرْكَشِيّ وَغَيْرِهِ الْعَفْوُ عَنْ قَلِيلٍ مِنْهُ تَعَلَّقَ بِالْخُفِّ، وَإِنْ مَشَى فِيهِ بِلَا نَعْلٍ، وَخَرَجَ بِالطِّينِ عَيْنُ النَّجَاسَةِ إذَا بَقِيَتْ فِي الطَّرِيقِ فَلَا يُعْفَى عَنْهَا.

نَعَمْ إنْ عَمَّتْهَا فَلِلزَّرْكَشِيِّ احْتِمَالٌ بِالْعَفْوِ، وَمَيْلُ كَلَامِهِ إلَى اعْتِمَادِهِ كَمَا لَوْ عَمَّ الْجَرَادُ أَرْضَ الْحَرَمِ، وَخَرَجَ بِالْقَلِيلِ الْكَثِيرُ فَلَا يُعْفَى عَنْهُ لِعَدَمِ عُسْرِ اجْتِنَابِهِ، وَضَابِطُ الْقَلِيلِ هُنَا مَا لَا يُنْسَبُ صَاحِبُهُ لِسَقْطَةٍ عَلَى شَيْءٍ أَوْ كَبْوَةٍ عَلَى وَجْهِهِ أَوْ قِلَّةِ تَحَفُّظٍ، وَتَضْعِيفُ الزَّرْكَشِيّ لَهُ بِأَنَّ الْمَدَارَ عَلَى الْعُرْفِ غَيْرُ صَحِيحٍ؛ لِأَنَّ هَذَا ضَبْطُ الْعُرْفِ الْمُطَّرِدِ.

(وَيُعْفَى) فِي الثَّوْبِ وَالْبَدَنِ (عَنْ قَلِيلِ دَمِ الْبَرَاغِيثِ) وَالْقَمْلِ وَالْبَقِّ (وَوَنِيمِ الذُّبَابِ) وَكُلِّ مَا لَا نَفْسَ لَهُ سَائِلَةً وَعَنْ قَلِيلِ بَوْلِ الْخُفَّاشِ. وَالْقِيَاسُ أَنَّ رَوَثَهُ وَبَوْلَ الذُّبَابِ كَذَلِكَ كَمَا أَفَادَهُ الشَّيْخُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، إذْ كُلُّ ذَلِكَ مِمَّا تَعُمُّ بِهِ الْبَلْوَى وَيَعْسُرُ الِاحْتِرَازُ عَنْهُ. وَالْبَقُّ هُوَ الْبَعُوضُ قَالَهُ فِي الصِّحَاحِ، وَالظَّاهِرُ كَمَا قَالَهُ الشَّيْخُ شُمُولُهُ لِلْبَقِّ الْمَعْرُوفِ بِبِلَادِنَا (وَالْأَصَحُّ) أَنَّهُ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

الَّتِي جَرَتْ الْعَادَةُ أَنْ تُعْمَلَ بِالرَّمَادِ.

أَمَّا مَا شُوهِدَ بِنَاؤُهُ بِالرَّمَادِ النَّجِسِ فَإِنَّهُ يُنَجِّسُ مَا أَصَابَهُ إذْ لَا أَصْلَ لِلطَّهَارَةِ يُعْتَمَدُ عَلَيْهِ حِينَئِذٍ (قَوْلُهُ: عَمَلًا بِالْأَصْلِ) وَعَلَيْهِ فَلَا تُنَجَّسُ الثِّيَابُ الرَّطْبَةُ الَّتِي تُنْشَرُ عَلَى الْحِيطَانِ الْمَعْمُولَةِ بِالرَّمَادِ عَادَةً لِهَذِهِ الْعِلَّةِ، وَكَذَا الْيَدُ الرَّطْبَةُ إذَا مَسَّ بِهَا الْحِيطَانَ الْمَذْكُورَةَ (قَوْلُهُ: نَعَمْ إنْ وُجِدَ سَبَبٌ) اسْتِدْرَاكٌ عَلَى قَوْلِهِ عَمَّا يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ اخْتِلَاطُهُ (قَوْلُهُ: الْعَفْوُ عَنْ قَلِيلٍ مِنْهُ) أَيْ طِينِ الشَّارِعِ، وَعِبَارَةُ حَجّ: وَإِنْ كَثُرَ كَمَا اقْتَضَاهُ قَوْلُ الشَّارِحِ الصَّغِيرِ لَا يَبْعُدُ أَنْ يُعَدَّ الْمُلَوَّثُ فِي جَمِيعِ أَسْفَلِ الْخُفِّ وَأَطْرَافِهِ قَلِيلًا خِلَافَ مِثْلِهِ فِي الثَّوْبِ وَالْبَدَنِ انْتَهَى: أَيْ أَنَّ زِيَادَةَ الْمَشَقَّةِ تُوجِبُ عَدَّ ذَلِكَ قَلِيلًا، وَإِنْ كَثُرَ عُرْفًا، فَمَا زَادَ عَلَى الْحَاجَةِ هُنَا هُوَ الضَّارُّ وَمَا لَا فَلَا مِنْ غَيْرِ نَظَرٍ لِكَثْرَةٍ وَلَا قِلَّةٍ، وَإِلَّا لَعَظُمَتْ الْمَشَقَّةُ جِدًّا، فَمَنْ عَبَّرَ بِالْقَلِيلِ كَالرَّوْضَةِ أَرَادَ مَا ذَكَرْنَاهُ انْتَهَى. وَعَلَيْهِ فَلَا مُخَالَفَةَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ قَوْلِ الشَّارِحِ عَنْ قَلِيلٍ إلَخْ لِمَا ذَكَرَهُ مِنْ أَنَّ مُرَادَهُمْ بِالْقَلِيلِ مَا فِي تَجَنُّبِهِ زِيَادَةُ الْمَشَقَّةِ.

(قَوْلُهُ: بِلَا نَعْلٍ) وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ مِثْلُ ذَلِكَ فِي الْمَشْيِ حَافِيًا ثُمَّ رَأَيْته فِي سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: عَيْنُ النَّجَاسَةِ) وَمِنْهُ تُرَابُ الْمَقَابِرِ الْمَنْبُوشَةِ (قَوْلُهُ: نَعَمْ إنْ عَمَّتْهَا) أَيْ بِحَيْثُ يَشُقُّ الِاحْتِرَازُ عَلَى الْمَشْيِ فِي غَيْرِ مَحَلِّهَا (قَوْلُهُ: بِالْعَفْوِ) أَيْ عَمَّا يَتَعَذَّرُ الِاحْتِرَازُ عَنْهُ غَالِبًا (قَوْلُهُ: وَمَيْلُ كَلَامِهِ إلَى اعْتِمَادِهِ) مُعْتَمَدٌ. وَعِبَارَتُهُ عَلَى الْعُبَابِ: أَمَّا لَوْ عَمَّتْ جَمِيعَ الطَّرِيقِ فَالْأَوْجَهُ الْعَفْوُ عَنْهَا، وَقَدْ خَالَفَ فِيهِ حَجّ (قَوْلُهُ: لِسَقْطَةٍ) أَيْ وَلَوْ بِسُقُوطِ مَرْكُوبِهِ وَقَوْلُهُ عَلَى شَيْءٍ فِي نُسْخَةٍ: عَلَى شِقِّهِ، وَمَا فِي الْأَصْلِ أَوْلَى.

(قَوْلُهُ: وَوَنِيمِ الذُّبَابِ) أَيْ رَوَثُهُ. انْتَهَى مَنْهَجٌ. [فَرْعٌ] قَرَّرَ م ر أَنَّهُ لَوْ غَسَلَ ثَوْبًا فِيهِ دَمُ بَرَاغِيثَ لِأَجْلِ تَنْظِيفِهِ مِنْ الْأَوْسَاخِ: أَيْ وَلَوْ نَجَّسَهُ لَمْ يَضُرَّ بَقَاءُ الدَّمِ فِيهِ وَيُعْفَى عَنْ إصَابَةِ هَذَا الْمَاءِ لَهَا فَلْيُتَأَمَّلْ. انْتَهَى سم عَلَى مَنْهَجٍ. أَيْ أَمَّا إنْ قَصَدَ غَسْلَ النَّجَاسَةِ الَّتِي هِيَ دَمُ الْبَرَاغِيثِ فَلَا بُدَّ مِنْ إزَالَةِ أَثَرِ الدَّمِ مَا لَمْ يَعْسُرْ فَيُعْفَى عَنْ اللَّوْنِ عَلَى مَا مَرَّ (قَوْلُهُ: كَذَلِكَ) رَطْبًا كَانَ أَوْ يَابِسًا فِي الثَّوْبِ وَالْبَدَنِ وَالْمَكَانِ عَلَى الْأَوْجَهِ، خِلَافًا لِمَنْ خَصَّ الْمَكَانَ بِالْجَافِّ وَعَمَّمَ فِي الْأَوَّلَيْنِ اهـ حَجّ (قَوْلُهُ: مِمَّا تَعُمُّ بِهِ الْبَلْوَى وَيَعْسُرُ الِاحْتِرَازُ عَنْهُ) بَلْ بَحْثُ الْعَفْوِ عَنْ وَنِيمٍ بِرَأْسِ كُوزٍ يَمُرُّ عَلَيْهِ مَاءٌ قَلِيلٌ فَلَا يَتَنَجَّسُ بِهِ، وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ كُلَّهُ مِمَّا تَعُمُّ بِهِ الْبَلْوَى. اهـ حَجّ.

وَسُئِلَ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ عَمَّا يَعْتَادُهُ النَّاسُ كَثِيرًا مِنْ تَسْخِينِ الْخُبْزِ فِي الرَّمَادِ النَّجِسِ ثُمَّ إنَّهُمْ يَفُتُّونَهُ فِي اللَّبَنِ وَنَحْوِهِ،

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: فَيُعْفَى فِي الذَّيْلِ وَالرِّجْلِ) هَذَا تَصْوِيرٌ لِلْمَوْضِعِ وَسَكَتَ عَنْ تَصْوِيرِ الْوَقْتِ. قَالَ غَيْرُهُ: وَيُعْفَى فِي زَمَنِ الشِّتَاءِ مَا لَا يُعْفَى عَنْهُ فِي غَيْرِهِ (قَوْلُهُ: وَخَرَجَ بِالْقَلِيلِ الْكَثِيرُ) لَمْ يَتَقَدَّمْ فِي كَلَامِهِ وَلَا كَلَامِ الْمُصَنِّفِ ذِكْرُ الْقَلِيلِ حَتَّى يَأْخُذَ هَذَا مُحْتَرَزَهُ (قَوْلُهُ: عَلَى شَيْءٍ) يَعْنِي مِنْ بَدَنِهِ، وَعِبَارَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ: عَلَى أَيِّ شَيْءٍ مِنْ بَدَنِهِ.

ص: 29

(لَا يُعْفَى عَنْ كَثِيرِهِ) لِنُدْرَتِهِ وَعَدَمِ مَشَقَّةِ الِاحْتِرَازِ عَنْهُ (وَلَا) عَنْ (قَلِيلٍ انْتَشَرَ بِعَرَقٍ) لِمُجَاوَزَتِهِ مَحَلَّهُ.

(وَتُعْرَفُ الْكَثْرَةُ) وَضِدُّهَا (بِالْعَادَةِ الْغَالِبَةِ) فَمَا يَغْلِبُ عَادَةً التَّلَطُّخُ بِهِ، وَيَعْسُرُ الِاحْتِرَازُ عَنْهُ عَادَةً قَلِيلٌ، وَمَا زَادَ عَلَيْهِ كَثِيرٌ، وَيَخْتَلِفُ ذَلِكَ بِاخْتِلَافِ الْأَوْقَاتِ وَالْبِلَادِ، وَلَا يَبْعُدُ جَرَيَانُ ضَابِطِ طِينِ الشَّارِعِ هُنَا، وَلَوْ شَكَّ فِي شَيْءٍ أَقَلِيلٌ هُوَ أَمْ كَثِيرٌ فَلَهُ حُكْمُ الْقَلِيلِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي هَذِهِ النَّجَاسَاتِ الْآتِيَةِ الْعَفْوُ إلَّا إذَا تَيَقَّنَّا الْكَثْرَةَ، وَالثَّانِي الْعَفْوُ عَنْهُمَا؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ فِي هَذَا الْجِنْسِ عُسْرُ الِاحْتِرَازِ فَيَلْحَقُ غَيْرُ الْغَالِبِ مِنْهُ بِالْغَالِبِ، كَالْمُسَافِرِ يَتَرَخَّصُ، وَإِنْ لَمْ تَنَلْهُ مَشَقَّةٌ لَا سِيَّمَا وَالتَّمْيِيزُ بَيْنَ الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ كَمَا يُوجِبُ الْمَشَقَّةَ لِكَثْرَةِ الْبَلْوَى بِهِ وَلِهَذَا رَجَّحَهُ فَقَالَ (قُلْت: الْأَصَحُّ عِنْدَ الْمُحَقِّقِينَ الْعَفْوُ مُطْلَقًا، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) قَلِيلًا أَمْ كَثِيرًا انْتَشَرَ بِعَرَقٍ أَمْ لَا تَفَاحَشَ، وَغَلَبَ عَلَى الثَّوْبِ أَمْ لَا خِلَافًا لِلْأَذْرَعِيِّ. وَسَوَاءٌ أَقَصُرَ كُمَّهُ أَمْ زَادَ عَلَى الْأَصَابِعِ خِلَافًا لِلْإِسْنَوِيِّ.

وَالْأَوْجَهُ أَنَّ دَمَ الْبَرَاغِيثِ الْحَاصِلَ عَلَى حُصْرِ نَحْوِ الْمَسْجِدِ مِمَّنْ يُنَامُ عَلَيْهَا كَذَرْقِ الطُّيُورِ خِلَافًا لِابْنِ الْعِمَادِ، وَمَحَلُّ ذَلِكَ فِي ثَوْبٍ مَلْبُوسٍ أَصَابَهُ الدَّمُ مِنْ غَيْرِ تَعَدٍّ، فَلَوْ كَانَتْ الْإِصَابَةُ بِفِعْلِهِ قَصْدًا كَأَنْ قَتَلَهَا فِي ثَوْبِهِ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

فَأَجَابَ بِأَنَّهُ يُعْفَى عَنْهُ حَتَّى مَعَ قُدْرَتِهِ عَلَى تَسْخِينِهِ فِي الطَّاهِرِ، وَلَوْ أَصَابَهُ شَيْءٌ مِنْ نَحْوِ ذَلِكَ اللَّبَنِ لَا يَجِبُ غَسْلُهُ انْتَهَى. كَذَا بِهَامِشٍ، وَهُوَ وَجِيهٌ مَرْضِيٌّ، بَلْ يُعْفَى عَنْ ذَلِكَ، وَإِنْ تَعَلَّقَ بِهِ شَيْءٌ مِنْ الرَّمَادِ، وَصَارَ مُشَاهَدًا سَوَاءٌ ظَاهِرُهُ وَبَاطِنُهُ بِأَنْ انْفَتَحَ بَعْضُهُ وَدَخَلَ فِيهِ ذَلِكَ كَدُودِ الْفَاكِهَةِ وَالْجُبْنِ، وَمِثْلُهُ الْفَطِيرُ الَّذِي يُدْفَنُ فِي النَّارِ الْمَأْخُوذَةِ مِنْ النَّجِسِ (قَوْلُهُ: قَلِيلًا أَمْ كَثِيرًا إلَخْ) هَلْ هَذَا خَاصٌّ بِمَا ذَكَرَهُ الْمَتْنُ مِنْ دَمِ الْبَرَاغِيثِ وَنَحْوِهِ أَوْ عَامٌّ فِيهِ وَفِيمَا ذَكَرَهُ مِنْ بَوْلِ الْخُفَّاشِ وَرَوَثِهِ، وَعَلَيْهِ فَيَكُونُ تَقْيِيدُ الشَّارِحِ لَهُ بِالْقَلِيلِ بِنَاءً عَلَى كَلَامِ الرَّافِعِيِّ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي، وَيُوَجَّهُ بِعُمُومِ الِابْتِلَاءِ بِهِ، وَقَدْ يُسْتَفَادُ ذَلِكَ مِنْ قَوْلِ الْمَنْهَجِ وَوَنِيمِ ذُبَابٍ بِجَعْلِ الْمَعْنَى فِيهِ وَنَحْوِ وَنِيمِ ذُبَابٍ مِمَّا عَمَّتْ بِهِ الْبَلْوَى. وَفِي سم عَلَيْهِ فَرْعٌ: وَقَعَ مِنْ م ر أَنَّهُ وَافَقَ بَعْضَ السَّائِلِينَ عَلَى أَنَّ مِنْ جُمْلَةِ الْعَفْوِ مَعَ الِاخْتِلَاطِ بِمَاءِ الْأَكْلِ أَنْ تَكُونَ بِأَصَابِعِهِ أَوْ كَفِّهِ نَجَاسَةٌ مَعْفُوٌّ عَنْهَا فَيَأْكُلُ بِأَصَابِعِهِ أَوْ كَفِّهِ مِنْ إنَاءٍ فِيهِ مَائِعٌ فَلْيُتَأَمَّلْ فَإِنَّهُ مُشْكِلٌ، وَلَمْ يُوَافِقْ عَلَى جَوَازِ وَضْعِ يَدِهِ فِي نَحْوِ إنَاءٍ لِإِخْرَاجِ مَا فِيهِ مِنْ الْمَأْكُولِ لِيُؤْكَلَ خَارِجَهُ كَإِخْرَاجِ الْإِدَامِ مِنْ إنَائِهِ فِي إنَاءٍ آخَرَ ثُمَّ أَكْلِهِ فَلْيُحْرَرْ. انْتَهَى.

وَكَتَبَ عَلَى حَجّ مَا نَصُّهُ: قَوْلُهُ: لَمْ يَحْتَجْ لِمُمَاسَّتِهِ لَهُ إلَخْ أَخْرَجَ الْمُحْتَاجَ لِمُمَاسَّتِهِ، فَيُفِيدُ أَنَّهُ لَوْ أَدْخَلَ يَدَهُ فِي إنَاءٍ فِيهِ مَاءٌ قَلِيلٌ أَوْ مَائِعٌ أَوْ رَطْبٌ لِإِخْرَاجِ مَا يَحْتَاجُ لِإِخْرَاجِهِ لَمْ يُنَجَّسْ انْتَهَى. وَمِنْ ذَلِكَ مَاءُ الْمَرَاحِيضِ، وَإِخْرَاجُ الْمَاءِ مِنْ زِيرِ الْمَاءِ مَثَلًا فَتَنَبَّهْ لَهُ (قَوْلُهُ: وَغَابَ عَلَى الثَّوْبِ) أَيْ بِأَنْ عَمَّهُ (قَوْلُهُ: خِلَافًا لِلْأَذْرَعِيِّ) أَيْ حَيْثُ قَيَّدَ بِمَاءٍ لَمْ يَعُمَّ الثَّوْبَ (قَوْلُهُ: كَذَرْقِ الطُّيُورِ) أَيْ فَيُعْفَى عَنْهُ حَيْثُ لَمْ يَتَعَمَّدْ الْمَشْيَ عَلَيْهِ وَلَمْ يَكُنْ ثَمَّ رُطُوبَةٌ لَهُ أَوْ لِمَا يُلَاقِيهِ، وَعَمَّ الْمَحَلِّ كَمَا تَقَدَّمَ (قَوْلُهُ: وَمَحَلُّ ذَلِكَ) أَيْ الْعَفْوِ عَنْ الْكَثِيرِ (قَوْلُهُ: فِي ثَوْبٍ مَلْبُوسٍ) أَيْ وَلَوْ لَبِسَهُ لِلتَّجَمُّلِ وَلَوْ كَانَ عِنْدَهُ غَيْرُهُ خَالِيًا مِنْ ذَلِكَ لَا يُكَلَّفُ لُبْسَهُ؛ لِأَنَّ الشَّارِعَ لَمَّا عَفَا عَمَّا فِيهِ مِنْ الدَّمِ صَارَ كَالطَّاهِرِ (قَوْلُهُ: كَأَنْ قَتَلَهَا فِي ثَوْبِهِ) ظَاهِرُهُ، وَإِنْ تَكَرَّرَ ذَلِكَ مِنْهُ كَأَنْ قَتَلَ مَرَّةً بَعْدَ مَرَّةٍ وَاجْتَمَعَ مِنْ جُمْلَةِ ذَلِكَ دَمٌ فِي أَظْفَارِهِ فَيُعْفَى عَنْ الْقَلِيلِ، لَكِنْ سَيَأْتِي بَعْدُ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَلَوْ فَعَلَ فِي صَلَاتِهِ غَيْرَهَا بَطَلَتْ إلَخْ أَنَّهُ لَا يَضُرُّ قَتْلُهُ لِنَحْوِ قَمْلَةٍ فِي الصَّلَاةِ لَمْ يَحْمِلْ جِلْدَهَا وَلَا مَسَّهُ، وَهِيَ مَيِّتَةٌ، وَإِنْ أَصَابَهُ قَلِيلٌ مِنْ دَمِهَا فَيَتَقَيَّدُ مَا هُنَا بِذَلِكَ فَيُقَالُ مَحَلُّ الْعَفْوِ عَنْ قَلِيلِ دَمِ نَحْوِ الْبَرَاغِيثِ مَا لَمْ يَمَسَّ جِلْدَهَا، وَهِيَ مَيِّتَةٌ: يَعْنِي مَعَ الرُّطُوبَةِ مِنْ أَحَدِ الْجَانِبَيْنِ، وَمِنْ الرُّطُوبَةِ مَا يَعْلَقُ مِنْ دَمِهَا بِأُصْبُعِهِ مَثَلًا، وَمِنْ هُنَا يَتَعَذَّرُ الْعَفْوُ عَنْ الْقَلِيلِ الْحَاصِلِ بِقَتْلِهِ، إذْ لَا يُمْكِنُ عَادَةً قَتْلُ قَمْلَةٍ بِيَدِهِ مِنْ غَيْرِ مُمَاسَّةٍ لِجِلْدِهَا.

وَفِي حَجّ: وَلَوْ حَمَلَ مَيْتَةً لَا دَمَ لَهَا سَائِلَ فِي بَدَنِهِ أَوْ ثَوْبِهِ، وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ كَقَمْلٍ قَتَلَهُ فَتَعَلَّقَ جِلْدُهُ بِظُفُرِهِ أَوْ ثَوْبِهِ، فَمَنْ أَطْلَقَ أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِقَتْلِهِ فِي الصَّلَاةِ يَتَعَيَّنُ أَنَّ مُرَادَهُ مَا لَمْ يَحْمِلْ جِلْدَهُ. انْتَهَى. وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ مُجَرَّدَ مَسِّهِ فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ لَا يَضُرُّ فِي الْعَفْوِ عَنْ دَمِهِ، وَهُوَ قَرِيبٌ؛ لِأَنَّ مَنْشَأَ الْعَفْوِ الْمَشَقَّةُ، وَهِيَ حَاصِلَةٌ فِيمَا لَوْ اشْتَرَطَ فِي الْعَفْوِ عَنْ الدَّمِ

ــ

[حاشية الرشيدي]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ص: 30

أَوْ بَدَنِهِ أَوْ حَمَلَ ثَوْبٌ نَحْوَ بَرَاغِيثَ وَصَلَّى فِيهِ أَوْ فَرَشَهُ وَصَلَّى عَلَيْهِ أَوْ كَانَ زَائِدًا عَلَى مَلْبُوسِهِ لَا لِغَرَضٍ مِنْ تَجَمُّلٍ وَنَحْوِهِ لَمْ يُعْفَ إلَّا عَنْ الْقَلِيلِ كَمَا فِي التَّحْقِيقِ وَالْمَجْمُوعِ وَغَيْرِهِمَا. وَلَوْ نَامَ فِي ثَوْبِهِ فَكَثُرَ فِيهِ دَمُ الْبَرَاغِيثِ الْتَحَقَ بِمَا يَقْتُلُهُ مِنْهَا عَمْدًا لِمُخَالَفَتِهِ السُّنَّةَ مِنْ الْعُرْيِ عِنْدَ النَّوْمِ، ذَكَرَهُ ابْنُ الْعِمَادِ بَحْثًا، وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى عَدَمِ احْتِيَاجِهِ لِلنَّوْمِ فِيهِ، وَإِلَّا عُفِيَ عَنْهُ، ثُمَّ مَحَلُّ الْعَفْوِ هُنَا، وَفِي نَظَائِرِهِ الْآتِيَةِ بِالنِّسْبَةِ لِلصَّلَاةِ.

فَلَوْ وَقَعَ الْمُتَلَوِّثُ بِذَلِكَ فِي مَاءٍ قَلِيلٍ نَجَّسَهُ، وَلَا فَرْقَ فِي الْعَفْوِ بَيْنَ الْبَدَنِ الْجَافِّ وَالرَّطْبِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ بِالنِّسْبَةِ لِلرُّطُوبَةِ الْحَاصِلَةِ مِنْ عَرَقٍ وَنَحْوِ مَاءِ وُضُوءٍ وَغَسْلٍ وَحَلْقٍ أَوْ مَا يَتَسَاقَطُ مِنْ الْمَاءِ حَالَ شُرْبِهِ أَوْ مِنْ الطَّعَامِ حَالَ أَكْلِهِ أَوْ بُصَاقٍ فِي ثَوْبِهِ أَوْ مُمَاسِّ آلَةٍ نَحْوِ فَصَادٍ مِنْ رِيقٍ أَوْ دُهْنٍ وَسَائِرِ مَا اُحْتِيجَ إلَيْهِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا لَا يَشُقُّ الِاحْتِرَازُ عَنْهُ، وَلَا يُكَلَّفُ تَنْشِيفَ الْبَدَنِ لِعُسْرِهِ خِلَافًا لِابْنِ الْعِمَادِ (وَدَمُ الْبَثَرَاتِ) بِالْمُثَلَّثَةِ خُرَّاجٌ صَغِيرٌ (كَالْبَرَاغِيثِ) فَيُعْفَى عَنْ قَلِيلِهِ وَكَثِيرِهِ، وَإِنْ كَثُرَ وَانْتَشَرَ؛ لِأَنَّهُ مِنْ جِنْسِ مَا يَتَعَذَّرُ الِاحْتِرَازُ عَنْهُ فَأُلْحِقَ نَادِرُهُ بِغَالِبِهِ كَمَا مَرَّ مَا لَمْ يَكُنْ بِفِعْلِهِ، وَإِلَّا فَالْعَفْوُ خَاصٌّ حِينَئِذٍ بِالْقَلِيلِ (وَقِيلَ إنْ عَصَرَهُ فَلَا يُعْفَى عَنْهُ) لِلِاسْتِغْنَاءِ عَنْهُ وَحُصُولِهِ بِفِعْلِهِ، وَظَاهِرُ عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ أَنَّ الْأَصَحَّ الْعَفْوُ عَنْهُ مَعَ الْعَصْرِ وَلَوْ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

الْقَلِيلِ عَدَمَ الْمَسِّ بَلْ مَعَهُ لَا تَكَادُ تُوجَدُ صُورَةٌ لِلْعَفْوِ. وَفِي فَتَاوَى الشَّارِحِ مَا نَصُّهُ: سُئِلَ رضي الله عنه عَنْ رَجُلٍ يَقْصَعُ الْقَمْلَ عَلَى ظُفُرِهِ بِفِعْلِهِ فَهَلْ وَالْحَالَةُ هَذِهِ يُعْفَى عَنْ دَمِهِ لَوْ كَثُرَ كَخَمْسَةٍ إلَى عِشْرِينَ وَالْحَالُ إذَا خَالَطَ الدَّمُ مَعَ الْجِلْدِ وَلَوْ كَانَ قَلِيلًا هَلْ يُعْفَى عَنْهُ؟ فَأَجَابَ يُعْفَى عَنْ قَلِيلِ دَمٍ فِي الْحَالَةِ الْمَذْكُورَةِ لَا كَثِيرِهِ لِكَوْنِهِ بِفِعْلِهِ وَمُمَاسَّةِ الدَّمِ لِلْجِلْدِ لَا تُؤَثِّرُ. انْتَهَى. وَيَبْقَى الْكَلَامُ فِيمَا إذَا مَرَّتْ الْقَمْلَةُ بَيْنَ أَصَابِعِهِ هَلْ يُعْفَى عَنْهُ أَوْ لَا؟ وَالْأَقْرَبُ عَدَمُ الْعَفْوِ؛ لِكَثْرَةِ مُخَالَطَةِ الدَّمِ لِلْجِلْدِ (قَوْلُهُ: أَوْ حَمَلَ نَحْوَ بَرَاغِيثَ) أَيْ لَيْسَ مِنْ لِبَاسِهِ وَلَوْ لِلتَّجَمُّلِ، وَإِنْ كَانَ حَمْلُهُ لِغَرَضٍ كَالْخَوْفِ عَلَيْهِ.

(قَوْلُهُ: وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى عَدَمِ احْتِيَاجِهِ) وَمِنْ الْحَاجَةِ أَنْ يَخْشَى عَلَى نَفْسِهِ الضَّرَرَ إذَا نَامَ عُرْيَانًا وَلَا يُكَلَّفُ إعْدَادَ ثَوْبٍ لِيَنَامَ فِيهِ لِمَا فِيهِ مِنْ الْحَرَجِ (قَوْلُهُ: فِي مَاءٍ قَلِيلٍ نَجَّسَهُ) أَيْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَجْ لِذَلِكَ، فَلَوْ أَدْخَلَ يَدَهُ لِإِخْرَاجِ مَا فِي الْإِنَاءِ أَوْ الْأَكْلِ مِنْهُ، وَهِيَ مُتَلَوِّثَةٌ بِدَمِ الْبَرَاغِيثِ لَمْ يَضُرَّ كَمَا ذَكَرْنَاهُ عَنْ سم (قَوْلُهُ: وَغَسْلٍ) وَلَوْ لِلتَّبَرُّدِ (قَوْلُهُ: وَحَلْقٍ) أَيْ وَمَاءِ حَلْقٍ وَلَا يَضُرُّ لُبْسُهُ لِلثَّوْبِ الَّذِي فِيهِ دَمُ بَرَاغِيثَ بَعْدَ غُسْلِ التَّبَرُّدِ (قَوْلُهُ: وَسَائِرِ مَا اُحْتِيجَ إلَيْهِ) مِنْهُ مَا ذَكَرْنَاهُ عَنْ سم عَلَى حَجّ. وَمِنْهُ أَيْضًا مَا لَوْ مَسَحَ وَجْهَهُ الْمُبْتَلَّ بِطَرَفِ ثَوْبِهِ وَلَوْ كَانَ مَعَهُ غَيْرُهُ، وَلَيْسَ مِنْهُ فِيمَا يَظْهَرُ مَاءُ الْوَرْدِ، وَمَاءُ الزَّهْرِ فَلَا يُعْفَى عَنْهُ إذَا رَشَّ عَلَى ثِيَابِهِ قَلِيلًا كَانَ أَوْ كَثِيرًا؛ لِأَنَّهُ لَمْ تَدْعُ إلَيْهِ حَاجَةٌ، وَاَلَّذِي يَرُشُّ عَلَيْهِ ذَلِكَ بِسَبِيلِ مَنْ مَنَعَ مَنْ يُرِيدُ الرَّشَّ مِنْهُ عَلَيْهِ فَتَنَبَّهْ لَهُ فَإِنَّهُ دَقِيقٌ، وَمَحَلُّ ذَلِكَ لَمْ يَحْتَجْ إلَيْهِ لِمُدَاوَاةِ عَيْنِهِ مَثَلًا (قَوْلُهُ: وَلَا يُكَلَّفُ تَنْشِيفَ الْبَدَنِ) أَيْ وَلَوْ مِنْ غُسْلٍ قَصَدَ بِهِ مُجَرَّدَ التَّبَرُّدِ أَوْ التَّنَظُّفِ وَمِنْ ذَلِكَ مَا لَوْ عَرِقَ بَدَنُهُ فَمَسَحَهُ بِيَدِهِ الْمُبْتَلَّةِ (قَوْلُهُ: خَرَاجٌ) بِالتَّخْفِيفِ (قَوْلُهُ: وَقِيلَ إنْ عَصَرَهُ فَلَا) وَكَالْعَصْرِ مَا لَوْ بِجَرِّهِ أَوْ وَضَعَ عَلَيْهِ لُصُوقًا؛ لِيُخْرِجَ مَا فِيهِ مِنْ

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: لَمْ يُعْفَ إلَّا عَنْ الْقَلِيلِ) أَيْ وَإِنْ كَانَ قَدْ حَصَلَ مِنْهُ مَسٌّ لِجِلْدِ الْقَمْلَةِ عِنْدَ قَتْلِهَا فِي مَسْأَلَتِهَا كَمَا يَصْدُقُ بِهِ كَلَامُهُ، وَهُوَ ظَاهِرٌ لَا يُنَافِيهِ مَا يَأْتِي لَهُ عَقِبَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ، وَلَوْ فَعَلَ فِي صَلَاتِهِ غَيْرَهَا إنْ كَانَ مِنْ جِنْسِهَا بَطَلَتْ مِنْ قَوْلِهِ وَلَا قَتَلَهُ لِنَحْوِ قَمْلَةٍ لَمْ يَحْمِلْ جِلْدَهَا وَلَا مَسَّهُ وَهِيَ مَيِّتَةٌ وَإِنْ أَصَابَهُ قَلِيلٌ مِنْ دَمِهَا، إذْ الْكَلَامُ ثَمَّ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ إنَّمَا هُوَ فِي بُطْلَانِ الصَّلَاةِ وَعَدَمِهِ لَا فِي الْعَفْوِ وَعَدَمِهِ، وَالْمَلْحَظُ فِي الْبُطْلَانِ مُمَاسَّةُ النَّجَاسَةِ الَّتِي لَا يُعْفَى عَنْهَا فِي الصَّلَاةِ، وَمِنْهُ جِلْدُ الْقَمْلَةِ خِلَافًا لِمَا وَقَعَ فِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ (قَوْلُهُ: وَنَحْوُ مَاءِ وُضُوءٍ إلَخْ) مِنْهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ مَاءُ الطِّيبِ كَمَاءِ الْوَرْدِ؛ لِأَنَّ الطِّيبَ مَقْصُودٌ شَرْعًا خُصُوصًا فِي الْأَوْقَاتِ الَّتِي هُوَ مَطْلُوبٌ فِيهَا كَالْعِيدَيْنِ وَالْجُمُعَةِ، بَلْ هُوَ أَوْلَى بِالْعَفْوِ مِنْ كَثِيرٍ مِمَّا ذَكَرُوهُ هُنَا خِلَافًا لِمَا فِي الْحَاشِيَةِ (قَوْلُهُ: وَحَلْقٌ) صُورَتُهُ أَنَّ بَلَلَ الرَّأْسِ نَزَلَ عَلَى دَمِ الْبَرَاغِيثِ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ السِّيَاقُ، فَلَا يُنَافِي مَا يَأْتِي مِنْ عَدَمِ الْعَفْوِ فِي اخْتِلَاطِ دَمِ جُرْحِ الرَّأْسِ بِبَلَلِ الْحَلْقِ

ص: 31

كَانَ كَثِيرًا، وَهُوَ مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الرَّوْضَةِ وَأَصْلُهَا وَلَيْسَ كَذَلِكَ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا مَرَّ.

(وَالدَّمَامِيلُ وَالْقُرُوحُ وَمَوْضِعُ الْفَصْدِ وَالْحِجَامَةِ قِيلَ كَالْبَثَرَاتِ) فَيُعْفَى عَنْ دَمِهَا، وَإِنْ كَثُرَ عَلَى مَا مَرَّ؛ لِأَنَّهَا، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ غَالِبَةً لَيْسَتْ نَادِرَةً (وَالْأَصَحُّ) عِنْدَ الرَّافِعِيِّ أَنَّهَا لَيْسَتْ مِثْلَهَا؛ لِأَنَّهَا لَا تَكْثُرُ كَثْرَتَهَا بَلْ يُقَالُ فِي جُزْئِيَّاتِ دَمِهَا (إنْ كَانَ مِثْلُهُ يَدُومُ غَالِبًا فَكَالِاسْتِحَاضَةِ) أَيْ كَدَمِهَا فَيَلْزَمُهُ الِاحْتِيَاطُ حَسَبِ الْإِمْكَانِ بِأَنْ يُزِيلَ مَا أَصَابَهُ مِنْهُ وَيَعْصِبَ مَحَلَّ خُرُوجِهِ عِنْدَ إرَادَتِهِ الصَّلَاةَ كَمَا مَرَّ نَظِيرُهُ فِي الْمُسْتَحَاضَةِ، وَيُعْفَى بَعْدَ الِاحْتِيَاطِ عَمَّا يَشُقُّ الِاحْتِرَازُ عَنْهُ وَلَوْ مِنْ دَمِ اسْتِحَاضَةٍ، وَإِنْ لَمْ يُعْفَ عَنْ شَيْءٍ مِنْ دَمِ الْمَنَافِذِ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - (وَإِلَّا) بِأَنْ كَانَ مِثْلُهُ لَا يَدُومُ غَالِبًا (فَكَدَمِ الْأَجْنَبِيِّ) يُصِيبُهُ (فَلَا يُعْفَى) عَنْهُ أَيْ عَنْ شَيْءٍ مِنْ الْمُشَبَّهِ وَالْمُشَبَّهِ بِهِ، وَجَعَلَهُ بَعْضُ الشُّرُوحِ رَاجِعًا لِلْأَوَّلِ وَحْدَهُ وَبَعْضُهُمْ لِلثَّانِي وَحْدَهُ وَمَا قُلْنَاهُ أَفْيَدُ.

(وَقِيلَ يُعْفَى عَنْ قَلِيلِهِ) كَمَا قِيلَ بِهِ فِي دَمِ الْأَجْنَبِيِّ (قُلْت: الْأَصَحُّ أَنَّهَا) أَيْ دَمُ الدَّمَامِيلِ وَالْقُرُوحِ وَمَوْضِعِ الْفَصْدِ وَالْحَجَّامَةِ (كَالْبَثَرَاتِ) فَعُفِيَ عَنْ قَلِيلِهَا وَكَثِيرِهَا مَا لَمْ يَكُنْ بِفِعْلٍ أَوْ يُجَاوِزُ مَحَلَّهُ. وَحَاصِلُ مَا فِي الدِّمَاءِ أَنَّهُ يُعْفَى عَنْ قَلِيلِهَا وَلَوْ مِنْ أَجْنَبِيٍّ غَيْرِ نَحْوِ كَلْبٍ، وَكَثِيرِهَا مِنْ نَفْسِهِ مَا لَمْ يَكُنْ بِفِعْلِهِ أَوْ يُجَاوِزُ مَحَلَّهُ فَيُعْفَى حِينَئِذٍ عَنْ قَلِيلِهَا فَقَطْ. وَمَا وَقَعَ فِي التَّحْقِيقِ وَالْمَجْمُوعِ فِي دَمِ الْبَثَرَاتِ وَنَحْوِهَا مِنْ كَوْنِهِ كَدَمِ الْأَجْنَبِيِّ مَحْمُولٌ عَلَى مَا حَصَلَ بِفِعْلِهِ أَوْ انْتَقَلَ عَنْ مَحَلِّهِ.

وَقَضِيَّةُ قَوْلِ الرَّوْضَةِ لَوْ خَرَجَ مِنْ جُرْحِهِ دَمٌ مُتَدَفِّقٌ، وَلَمْ يُلَوِّثْ بَشَرَتَهُ لَمْ تَبْطُلْ صَلَاتُهُ أَنَّهُ إذَا لَوَّثَ أَبْطَلَ: أَيْ إنْ كَثُرَ كَمَا أَفْهَمَهُ كَلَامُ الْمُتَوَلِّي: أَيْ وَجَاوَزَ مَحَلَّهُ أَخْذًا مِمَّا مَرَّ (وَالْأَظْهَرُ الْعَفْوُ عَنْ قَلِيلِ) دَمِ (الْأَجْنَبِيِّ)

ــ

[حاشية الشبراملسي]

الْمِدَّةِ وَانْفَتَحَ بِذَلِكَ.

(قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَكَدَمِ الْأَجْنَبِيِّ فَلَا يُعْفَى إلَخْ) قَالَ سم عَلَى حَجّ: اعْلَمْ أَنَّهُ، وَإِنْ كَانَ الْمُتَبَادَرُ أَنَّ نَائِبَ فَاعِلِ يُعْفَى ضَمِيرُ الْمُشَبَّهِ؛ لِأَنَّهُ الْمُوَافِقُ لِكَوْنِ الْمَقْصُودِ بِالتَّشْبِيهِ بَيَانَ حُكْمِ الْمُشَبَّهِ لِكَوْنِهِ مَجْهُولًا، وَكَوْنُ حُكْمِ الْمُشَبَّهِ بِهِ مَعْلُومًا مُسْتَقِرًّا، إلَّا إنْ كَانَ فِي عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ مَانِعٌ مِنْ ذَلِكَ، وَهُوَ أَنَّ هَذَا الْخِلَافَ الْمَذْكُورَ فِي قَوْلِهِ فَلَا يُعْفَى. وَقِيلَ يُعْفَى عَنْ قَلِيلٍ إنَّمَا هُوَ فِي كَلَامِ الْأَصْحَابِ أَصَالَةً فِي دَمِ الْأَجْنَبِيِّ الَّذِي هُوَ الْمُشَبَّهُ بِهِ، وَيُصَرِّحُ بِذَلِكَ اسْتِدْرَاكُ الْمُصَنِّفِ عَلَى تَرْجِيحِ الْمُحَرَّرِ أَنَّهُ لَا يُعْفَى بِقَوْلِهِ وَالْأَظْهَرُ الْعَفْوُ عَنْ قَلِيلِ الْأَجْنَبِيِّ، فَإِنَّ هَذَا رَدٌّ عَلَى قَوْلِ الْمُحَرَّرِ لَا يُعْفَى، فَهُوَ مُصَرِّحٌ بِأَنَّ الْخِلَافَ إنَّمَا هُوَ فِي دَمِ الْأَجْنَبِيِّ فَتَعَيَّنَ أَنَّ الضَّمِيرَ فِي يُعْفَى لِلْمُشَبَّهِ بِهِ، وَهُوَ دَمُ الْأَجْنَبِيِّ وَامْتَنَعَ كَوْنُهُ لِلْمُشَبِّهِ أَوْ لَهُمَا. فَإِنْ قُلْت: التَّشْبِيهُ لَا يَتَفَرَّعُ عَلَيْهِ بَيَانُ حُكْمِ الْمُشَبَّهِ بِهِ. قُلْت: الْفَاءُ لِمُجَرَّدِ الْعَطْفِ لَا لِلتَّفْرِيعِ وَكَأَنَّ الْمُصَنِّفَ قَالَ: وَإِلَّا فَكَدَمِ الْأَجْنَبِيِّ وَدَمُ الْأَجْنَبِيِّ لَا يُعْفَى عَنْهُ. وَقِيلَ يُعْفَى عَنْ قَلِيلِهِ فَيَجْرِي ذَلِكَ فِيمَا ذَكَرُوا. إذَا عَلِمْت ذَلِكَ عَلِمْت أَنَّ الصَّوَابَ رُجُوعُ الضَّمِيرِ لِلْمُشَبَّهِ بِهِ كَمَا فَعَلَهُ بِهِ الْمُحَقِّقُ الْمَحَلِّيُّ فَلِلَّهِ دَرُّهُ، وَأَنَّ الشَّارِحَ لَمْ يُصِبْ فِيمَا فَعَلَ وَلَا فِي قَوْلِهِ، وَهَذَا أَوْلَى إلَخْ، وَأَنَّ ذَلِكَ نَشَأَ عَنْ عَدَمِ تَأَمُّلِ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَسِيَاقِهِ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: مِنْ الْمُشَبَّهِ) هُوَ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَالدَّمَامِيلُ وَالْقُرُوحُ إلَخْ، وَقَوْلُهُ وَالْمُشَبَّهُ بِهِ هُوَ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ فَكَدَمِ الْأَجْنَبِيِّ.

(قَوْلُهُ: غَيْرَ نَحْوِ كَلْبٍ) أَيْ مَا لَمْ يَخْتَلِطْ بِأَجْنَبِيٍّ لَمْ تَمَسَّ الْحَاجَةُ إلَيْهِ عَلَى مَا مَرَّ (قَوْلُهُ: مَا لَمْ يَكُنْ بِفِعْلِهِ) وَمِنْهُ مَا يَقَعُ مِنْ وَضْعِ لَصُوقٍ عَلَى الدُّمَّلِ لِيَكُونَ سَبَبًا فِي فَتْحِهِ، وَإِخْرَاجِ مَا فِيهِ فَيُعْفَى عَنْ قَلِيلِهِ دُونَ كَثِيرِهِ، وَأَمَّا مَا يَقَعُ كَثِيرًا مِنْ أَنَّ الْإِنْسَانَ قَدْ يَفْتَحُ رَأْسَ الدُّمَّلِ بِآلَةٍ قَبْلَ انْتِهَاءِ الْمِدَّةِ فِيهِ مَعَ صَلَابَةِ الْمَحَلِّ ثُمَّ تَنْتَهِي مِدَّتُهُ بَعْدُ فَيَخْرُجُ مِنْ الْمَحَلِّ الْمُنْفَتِحِ دَمٌ كَثِيرٌ، أَوْ نَحْوُ قَيْحٍ فَهَلْ يُعْفَى عَنْ ذَلِكَ، وَلَا يَكُونُ بِفِعْلِهِ لِتَأَخُّرِ خُرُوجِهِ عَنْ وَقْتِ الْفَتْحِ أَوْ لَا؛ لِأَنَّ خُرُوجَهُ مُتَرَتِّبٌ عَلَى الْفَتْحِ السَّابِقِ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي لِمَا ذُكِرَ.

(قَوْلُهُ: أَيْ إنْ كَثُرَ) يُتَأَمَّلُ هَذَا مَعَ قَوْلِهِ قَبْلُ وَكَثِيرُهَا مِنْ نَفْسِهِ، إلَّا أَنْ يُقَالَ: مَا هُنَا مَفْرُوضٌ فِيمَا

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: أَيْ إنْ كَثُرَ) أَيْ بِقَيْدِهِ الْآتِي عَلَى الْأَثَرِ فَهُوَ مُوَافِقٌ لِمَا مَرَّ قَرِيبًا لَا مُخَالِفٌ لَهُ وَإِنْ أَشَارَ الشَّيْخُ فِي الْحَاشِيَةِ إلَى الْمُخَالَفَةِ

ص: 32

مِنْ غَيْرِ نَحْوِ كَلْبٍ وَلَوْ مِنْ نَفْسِهِ بِأَنْ عَادَ إلَيْهِ بَعْدَ انْفِصَالِهِ عَنْهُ كَمَا أَفَادَهُ الْأَذْرَعِيُّ (وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) لِوُقُوعِ الْقَلِيلِ فِي مَحَلِّ الْمُسَامَحَةِ إذْ جِنْسُ الدَّمِ مِمَّا يَتَطَرَّقُ لَهُ الْعَفْوُ، وَالْقَلِيلُ كَمَا فِي الْأُمِّ مَا تَعَافَاهُ النَّاسُ: أَيْ عَدُّوهُ عَفْوًا.

وَالثَّانِي لَا يُعْفَى عَنْهُ مُطْلَقًا لِسُهُولَةِ التَّحَرُّزِ عَنْهُ، وَشَمِلَ قَوْلُهُ: قَلِيلُ دَمِ الْأَجْنَبِيِّ مَا لَوْ كَانَ الْقَلِيلُ مُتَفَرِّقًا وَلَوْ جُمِعَ لَكَثُرَ، وَهُوَ الرَّاجِحُ: أَمَّا دَمُ الْمُغَلَّظِ مِنْ نَحْوِ كَلْبٍ فَلَا يُعْفَى عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ لِغِلَظِهِ كَمَا نَقَلَهُ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الْبَيَانِ وَأَقَرَّهُ، بَلْ نُقِلَ عَنْ نَصِّ الْإِمَامِ أَيْضًا وَلَوْ لَطَّخَ نَفْسَهُ بِدَمِ أَجْنَبِيٍّ عَبَثًا لَمْ يُعْفَ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ لِارْتِكَابِهِ مُحَرَّمًا فَلَا يُنَاسِبُهُ الْعَفْوُ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -.

(وَالْقَيْحُ وَالصَّدِيدُ) وَتَقَدَّمَ فِي النَّجَاسَةِ الْكَلَامُ عَلَيْهِمَا (كَالدَّمِ) فِيمَا ذُكِرَ لِكَوْنِهِمَا دَمًا مُسْتَحِيلًا إلَى نَتِنٍ وَفَسَادٍ (وَكَذَا مَاءُ الْقُرُوحِ وَالْمُتَنَفِّطِ الَّذِي لَهُ رِيحٌ) وَتَغَيَّرَ لَوْنُهُ قِيَاسًا عَلَى الْقَيْحِ وَالصَّدِيدِ (وَكَذَا بِلَا رِيحٍ) وَلَا تَغَيُّرِ لَوْنٍ (فِي الْأَظْهَرِ) قِيَاسًا عَلَى الصَّدِيدِ الَّذِي لَا رَائِحَةَ لَهُ، وَالثَّانِي أَنَّهُ طَاهِرٌ كَالْعَرَقِ، وَأَشَارَ الْمُصَنِّفُ إلَى تَرْجِيحِهِ بِقَوْلِهِ (قُلْت: الْمَذْهَبُ طَهَارَتُهُ) قَطْعًا (وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) لِمَا مَرَّ ثُمَّ مَحَلُّ الْعَفْوِ عَنْ سَائِرِ مَا تَقَدَّمَ مِمَّا يُعْفَى عَنْهُ مَا لَمْ يَخْتَلِطْ بِأَجْنَبِيٍّ. فَإِنْ اخْتَلَطَ بِهِ وَلَوْ دَمَ نَفْسِهِ كَالْخَارِجِ مِنْ عَيْنِهِ أَوْ لِثَتِهِ أَوْ أَنْفِهِ أَوْ قُبُلِهِ أَوْ دُبُرِهِ لَمْ يُعْفَ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ. وَيَلْحَقُ بِذَلِكَ مَا لَوْ حَلَقَ رَأْسَهُ فَجُرِحَ حَالَ حَلْقِهِ وَاخْتَلَطَ دَمُهُ بِبَلِّ الشَّعْرِ أَوْ حَكَّ نَحْوَ دُمَّلٍ حَتَّى أَدْمَاهُ لِيَسْتَمْسِكَ عَلَيْهِ الدَّوَاءَ ثُمَّ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

لَوْ كَانَ تَدَفُّقُهُ بِفِعْلِهِ بِأَنْ فَتَحَ الدُّمَّلَ فَخَرَجَ مِنْهُ (قَوْلُهُ: وَلَوْ جُمِعَ لَكَثُرَ) لَا يُقَالُ هَذَا مُخَالِفٌ لِمَا مَرَّ: أَيْ بَعْدَ ذِكْرِ الْقُلَّتَيْنِ بَعْدَ قَوْلِ الْمَتْنِ: وَكَذَا فِي قَوْلٍ نَجِسٌ لَا يُدْرِكُهُ طَرْفٌ فِيمَا لَا يُدْرِكُهُ الطَّرْفُ مِنْ أَنَّهُ إذَا وَقَعَ فِي مَوَاضِعَ مُتَفَرِّقَةٍ وَكَانَ بِحَيْثُ لَوْ جُمِعَ أَدْرَكَهُ الطَّرْفُ عُفِيَ عَنْهُ إنْ كَانَ يَسِيرًا عُرْفًا، بِخِلَافِ مَا لَوْ كَثُرَ لِإِمْكَانِ مَحَلِّ مَا سَبَقَ عَلَى غَيْرِ الدَّمِ، وَالْفَرْقُ أَنَّ جِنْسَ الدَّمِ مَعْفُوٌّ عَنْهُ فِي الْجُمْلَةِ بِلَا ضَرُورَةٍ، وَلَا كَذَلِكَ نَحْوُ الْبَوْلِ: أَيْ فَإِنَّهُ لَا يُعْفَى عَنْهُ قَلِيلًا كَانَ أَوْ كَثِيرًا، بِخِلَافِ الدَّمِ فَإِنَّهُ يُعْفَى عَنْ قَلِيلِهِ، وَلَوْ كَانَ إذَا جُمِعَ كَثُرَ كَمَا هُوَ مُقَرَّرٌ (قَوْلُهُ: وَهُوَ الرَّاجِحُ) أَيْ فَيُعْفَى عَنْهُ.

(قَوْلُهُ: فَلَا يُعْفَى عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ لِغِلَظِهِ) أَيْ مَا لَمْ يَتَنَاهَ فِي الْقِلَّةِ إلَى حَدٍّ لَا يُدْرِكُهُ الْبَصَرُ الْمُعْتَدِلُ بِنَاءً عَلَى مَا اعْتَمَدَهُ الشَّارِحُ فِيمَا مَرَّ مِنْ أَنَّ مَا لَا يُدْرِكُهُ الطَّرْفُ لَا يُنَجَّسُ، وَإِنْ كَانَ مِنْ مُغَلَّظٍ (قَوْلُهُ: وَلَوْ لَطَّخَ نَفْسَهُ) بِأَنْ مَسَّ شَيْئًا مِنْ بَدَنِهِ بِذَلِكَ. وَفِي الْمِصْبَاحِ: لَطَّخَ ثَوْبَهُ بِالْمِدَادِ وَغَيْرِهِ لَطْخًا مِنْ بَابِ نَفَعَ وَالتَّشْدِيدُ مُبَالَغَةٌ. انْتَهَى.

(قَوْلُهُ: وَالصَّدِيدُ) قَالَ فِي مُخْتَارِ الصِّحَاحِ: صَدِيدُ الْجُرْحِ: مَاؤُهُ الرَّقِيقُ الْمُخْتَلِطُ بِالدَّمِ قَبْلَ أَنْ تَغْلُظَ الْمِدَّةُ. انْتَهَى. وَالْمِدَّةُ بِكَسْرِ الْمِيمِ (قَوْلُهُ: كَالدَّمِ) أَيْ الْخَارِجِ مِنْ الدَّمَامِيلِ وَالْقُرُوحِ وَالْبَثَرَاتِ (قَوْلُهُ: مَا لَمْ يَخْتَلِطْ بِأَجْنَبِيٍّ) خِلَافًا لحج: أَيْ غَيْرُ ضَرُورِيِّ الْحُصُولِ؛ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ مَاءَ الْوُضُوءِ وَنَحْوَهُ لَا يَضُرُّ (قَوْلُهُ: وَيَلْحَقُ بِذَلِكَ) أَيْ فِي عَدَمِ الْعَفْوِ (قَوْلُهُ: مَا لَوْ حَلَقَ رَأْسَهُ) هَذَا مُخَالِفٌ لِمَا مَرَّ مِنْ الْعَفْوِ عَنْهُ فِي قَوْلِهِ وَنَحْوِ مَاءِ وُضُوءٍ وَغَسْلٍ وَحَلْقٍ، وَمِنْهُ ثُمَّ وُجِدَ فِي بَعْضِ النُّسَخِ أَنَّهُ ضَرْبٌ عَلَى قَوْلِهِ فِيمَا مَرَّ وَحَلْقٍ، وَعَلَى تَقْدِيرِ ثُبُوتِهَا فَقَدْ يُحْمَلُ مَا مَرَّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ يَنْفِيَ عَنْ مَاءِ الْحَلْقِ إذَا أَصَابَ مَا فِي بَدَنِهِ أَوْ ثَوْبِهِ أَوْ رَأْسِهِ مِنْ دَمِ الْبَرَاغِيثِ وَنَحْوِهَا قَبْلَ الْحَلْقِ، وَمَا هُنَا مَفْرُوضٌ فِي دَمِ الْجِرَاحَةِ الْحَاصِلَةِ بِسَبَبِ الْحَلْقِ فَلَا تَخَالُفَ، وَالْأَقْرَبُ الْعَفْوُ مُطْلَقًا سَوَاءٌ كَانَ الدَّمُ مِنْ الْجُرْحِ أَوْ الْبَرَاغِيثِ لِمَشَقَّةِ الِاحْتِرَازِ عَنْهُ، بَلْ الْعَفْوُ عَنْ هَذَا أَوْلَى مِنْ الْعَفْوِ عَنْ الْبُصَاقِ فِي كُمِّهِ الَّذِي فِيهِ دَمُ الْبَرَاغِيثِ (قَوْلُهُ: حَتَّى أَدْمَاهُ) خَرَجَ بِهِ مَا لَوْ وَضَعَ عَلَيْهِ لُصُوقًا مِنْ غَيْرِ حَكٍّ

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: كَمَا أَفَادَهُ الْأَذْرَعِيُّ) عِبَارَتُهُ وَمَا انْفَصَلَ مِنْ بَدَنِهِ ثُمَّ أَصَابَهُ فَأَجْنَبِيٌّ (قَوْلُهُ: وَالثَّانِي لَا يُعْفَى عَنْهُ مُطْلَقًا) لَا حَاجَةَ إلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ الَّذِي تَقَدَّمَ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ تَبَعًا لِلرَّافِعِيِّ فَكَدَمَ الْأَجْنَبِيَّ، فَلَا يُعْفَى بِنَاءً عَلَى مَا سَلَكَهُ هُوَ فِي تَقْرِيرِهِ مِنْ جَعْلِهِ قَوْلَهُ فَلَا يُعْفَى رَاجِعًا إلَى الْمُشَبَّهِ وَالْمُشَبَّهِ بِهِ جَمِيعًا، وَكَذَا إنْ جَعَلْنَاهُ رَاجِعًا لِلْمُشَبَّهِ بِهِ كَمَا سَلَكَهُ الْجَلَالُ، وَإِنَّمَا يُحْتَاجُ إلَيْهِ إنْ جَعَلْنَاهُ رَاجِعًا لِلْمُشَبَّهِ فَقَطْ.

(قَوْلُهُ: وَأَشَارَ الْمُصَنِّفُ إلَى تَرْجِيحِهِ) فِيهِ مُسَامَحَةٌ؛ لِأَنَّ الَّذِي رَجَّحَهُ الْمُصَنِّفُ إنَّمَا هُوَ طَرِيقَةُ الْقَطْعِ كَمَا أَشَارَ هُوَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ قَطْعًا وَإِنْ كَانَتْ مُوَافَقَةً لِلْقَوْلِ الْمَذْكُورِ (قَوْلُهُ: مَا لَمْ يَخْتَلِطْ بِأَجْنَبِيٍّ) أَيْ

ص: 33

ذَرَّهُ عَلَيْهِ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -.

(وَلَوْ)(صَلَّى بِنَجَسٍ) غَيْرِ مَعْفُوٍّ عَنْهُ فِي ثَوْبِهِ أَوْ بَدَنِهِ أَوْ مَكَانِهِ (لَمْ يَعْلَمْهُ) حَالَ ابْتِدَائِهِ لَهَا ثُمَّ عَلِمَ كَوْنَهُ فِيهَا (وَجَبَ الْقَضَاءُ فِي الْجَدِيدِ) ؛ لِأَنَّهَا طَهَارَةٌ وَاجِبَةٌ فَلَا تَسْقُطُ بِالْجَهْلِ كَطَهَارَةِ الْحَدَثِ وَالْقَدِيمُ أَنَّهُ لَا يَجِبُ، وَاخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ لِمَا رَوَاهُ أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ «بَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي بِأَصْحَابِهِ إذْ خَلَعَ نَعْلَيْهِ فَوَضَعَهُمَا عَنْ يَسَارِهِ، فَلَمَّا رَأَى الْقَوْمُ ذَلِكَ أَلْقَوْا نِعَالَهُمْ، فَلَمَّا قَضَى صَلَاتَهُ قَالَ: مَا حَمَلَكُمْ عَلَى إلْقَاءِ نِعَالِكُمْ؟ قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ رَأَيْنَاك أَلْقَيْت نَعْلَيْك فَأَلْقَيْنَا نِعَالَنَا، فَقَالَ صلى الله عليه وسلم: إنَّ جِبْرِيلَ أَتَانِي فَأَخْبَرَنِي أَنَّ فِيهِمَا قَذَرًا» . وَفِي رِوَايَةٍ: خَبَثًا، وَفِي أُخْرَى: قَذَرًا وَأَذًى، وَفِي أُخْرَى: دَمَ حَلَمَةٍ " وَجْهُ الدَّلَالَةِ عَدَمُ اسْتِئْنَافِهِ لِلصَّلَاةِ، وَأَجَابُوا بِأَنَّ الْقَذَرَ هُوَ الشَّيْءُ الْمُسْتَقْذَرُ نَجِسًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ كَالْمُخَاطِ وَالْبُصَاقِ، وَأَيْضًا فَقَدْ يَكُونُ الدَّمُ يَسِيرًا، وَإِنَّمَا فَعَلَهُ تَنْزِيهًا. وَقِيلَ إنَّ اجْتِنَابَ النَّجَاسَةِ لَمْ يَكُنْ وَاجِبًا أَوَّلَ الْإِسْلَامِ وَمِنْ حِينَئِذٍ وَجَبَ، وَيَدُلُّ لَهُ حَدِيثُ «سَلَا الْجَزُورِ عَلَى ظَهْرِهِ صلى الله عليه وسلم، وَهُوَ يُصَلِّي بِمَكَّةَ وَلَمْ يَقْطَعْهَا» (وَإِنْ عَلِمَ) بِالنَّجَسِ قَبْلَ الشُّرُوعِ فِيهَا (ثُمَّ نَسِيَ) فَصَلَّى ثُمَّ تَذَكَّرَ فِي وَقْتِهَا أَعَادَهَا فِيهِ أَوْ بَعْدَهُ (وَجَبَ الْقَضَاءُ عَلَى الْمَذْهَبِ) بِتَفْرِيطِهِ بِتَرْكِهَا لَمَّا عَلِمَ بِهَا. وَالطَّرِيقُ الثَّانِي فِي وُجُوبِهِ الْقَوْلَانِ لِعُذْرِهِ بِالنِّسْيَانِ وَحَيْثُ لَزِمَهُ الْإِعَادَةُ أَعَادَ حَتْمًا كُلَّ صَلَاةٍ تَيَقَّنَ فِعْلَهَا مَعَ النَّجَاسَةِ، فَإِنْ احْتَمَلَ وُجُودَهَا بَعْدَ الصَّلَاةِ فَلَا إذْ الْأَصْلُ فِي كُلِّ حَادِثٍ تَقْدِيرُهُ بِأَقْرَبِ زَمَنٍ وَالْأَصْلُ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

فَاخْتَلَطَ مَا عَلَى اللُّصُوقِ بِمَا يَخْرُجُ مِنْ الدُّمَّلِ وَنَحْوِهِ، وَيَنْبَغِي أَنَّهُ لَا يَضُرُّ؛ لِأَنَّ اخْتِلَاطَهُ ضَرُورِيٌّ لِلْعِلَاجِ.

(قَوْلُهُ: ثُمَّ عَلِمَ كَوْنَهُ) أَيْ وُجُودَهُ (قَوْلُهُ: وَجَبَ الْقَضَاءُ) قَالَ الْمَحَلِّيُّ: وَالْمُرَادُ بِالْقَضَاءِ الْإِعَادَةُ فِي الْوَقْتِ أَوْ بَعْدَهُ انْتَهَى. أَقُولُ: فِي إطْلَاقِ الْإِعَادَةِ عَلَى مَا بَعْدَ الْوَقْتِ تَغْلِيبٌ، إذْ الْإِعَادَةُ فِعْلُ الْعِبَادَةِ ثَانِيًا فِي الْوَقْتِ وَمِنْ ثَمَّ قَالَ حَجّ: الْمُرَادُ بِالْقَضَاءِ مَا يَشْمَلُ الْإِعَادَةَ فِي الْوَقْتِ. وَقَالَ سم عَلَيْهِ: وَظَاهِرٌ أَنَّ الْقَضَاءَ فِي الصُّورَتَيْنِ يَعْنِي هَذِهِ، وَمَا بَعْدَهَا عَلَى التَّرَاخِي انْتَهَى. وَيُؤَيِّدُهُ مَا قَالُوهُ فِي الصَّوْمِ مِنْ أَنَّ مَنْ نَسِيَ النِّيَّةَ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْقَضَاءُ فَوْرًا. وَعَلَيْهِ فَيُمْكِنُ الْفَرْقُ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ مَا لَوْ لَمْ يَرَ الْهِلَالَ أَوَّلَ لَيْلَةٍ مِنْ الشَّهْرِ فَإِنَّهُ يَجِبُ فِيهِ الْقَضَاءُ عَلَى الْفَوْرِ بِأَنَّهُ فِي تِلْكَ يَجِبُ عَلَيْهِ التَّحَرِّي إمَّا بِإِمْعَانِ النَّظَرِ أَوْ بِالْبَحْثِ عَنْهُ، فَإِذَا لَمْ يَرَهُ وَلَا أُخْبِرَ بِهِ ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهُ مِنْ الشَّهْرِ نُسِبَ إلَى تَقْصِيرٍ فِي الْجُمْلَةِ، وَفِيمَا نَحْنُ فِيهِ لَمْ يُنْسَبْ إلَى تَقْصِيرٍ؛ لِأَنَّهُ مَعَ النِّسْيَانِ وَعَدَمِ الْعِلْمِ بِالنَّجَاسَةِ مَعْذُورٌ، إذْ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ الْبَحْثُ عَنْ ثِيَابِهِ قَبْلَ الصَّلَاةِ فِيهَا بَلْ يُعْمَلُ بِمَا هُوَ الْأَصْلُ فِيهَا مِنْ الطَّهَارَةِ (قَوْلُهُ: حَدِيثُ سَلَا إلَخْ) أَيْ حَدِيثُ وَضْعِ سَلَا الْجَزُورِ عَلَى ظَهْرِهِ إلَخْ، وَهُوَ اسْمٌ لِمَا فِي الْكَرِشِ مِنْ الْقَذَرِ، لَكِنْ فِي الصِّحَاحِ: السَّلَا بِالْفَتْحِ مَقْصُورًا: الْجِلْدَةُ الرَّقِيقَةُ الَّتِي يَكُونُ فِيهَا الْوَلَدُ مِنْ الْمَوَاشِي (قَوْلُهُ: كُلُّ صَلَاةٍ تَيَقَّنَ فِعْلَهَا مَعَ النَّجَاسَةِ) أَيْ فَلَوْ فَتَّشَ عِمَامَتَهُ فَوَجَدَ فِيهَا قِشْرُ قَمْلٍ وَجَبَ عَلَيْهِ إعَادَةُ مَا تَيَقَّنَ إصَابَتَهُ فِيهَا. اهـ. شَيْخُنَا زِيَادِيُّ بِهَامِشٍ.

وَنُقِلَ عَنْ ابْنِ الْعِمَادِ الْعَفْوُ؛ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ لَا يُؤْمَرُ بِتَفْتِيشِهَا. أَقُولُ: وَالْأَقْرَبُ مَا قَالَهُ ابْنُ الْعِمَادِ لِمَا صَرَّحُوا بِهِ مِنْ الْعَفْوِ عَنْ قَلِيلِ النَّجَاسَةِ الَّذِي يَشُقُّ الِاحْتِرَازُ عَنْهُ كَيَسِيرِ دُخَانِ النَّجَاسَةِ وَغُبَارِ السِّرْجِينِ وَشَعْرِ نَحْوِ الْحِمَارِ فَقِيَاسُ ذَلِكَ الْعَفْوُ عَنْهُ وَلَوْ فِي الصَّلَاةِ الَّتِي عُلِمَ وُجُودُهُ فِيهَا، بَلْ الِاحْتِرَازُ فِي هَذَا

ــ

[حاشية الرشيدي]

غَيْرِ مَا مَرَّ اسْتِثْنَاؤُهُ، أَوْ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْأَجْنَبِيِّ غَيْرُ الْمُحْتَاجِ إلَيْهِ فَمَا مَرَّ غَيْرُ أَجْنَبِيٍّ.

(قَوْلُهُ: حَالَ ابْتِدَائِهِ) لَمْ يَظْهَرْ لِي وَجْهُ التَّقْيِيدِ بِالِابْتِدَاءِ وَهَلَّا أَبْدَلَهُ بِقَوْلِهِ فِيهَا أَوْ نَحْوِهِ لِيَصْدُقَ بِمَا إذَا عَلِمَ فِي الْأَثْنَاءِ (قَوْلُهُ: فِي وَقْتِهَا أَوْ قَبْلَهُ) اُنْظُرْ مَا الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ أَوْ قَبْلَهُ وَمَا صُورَتُهُ

ص: 34