المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[أعذار ترك صلاة الجماعة] - نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج - جـ ٢

[الرملي، شمس الدين]

فهرس الكتاب

- ‌[بَابٌ يَشْتَمِلُ عَلَى شُرُوطِ الصَّلَاةِ وَمَوَانِعِهَا]

- ‌[مِنْ شُرُوط الصَّلَاة سَتْرُ الْعَوْرَةِ]

- ‌عَوْرَةُ الرَّجُلِ)

- ‌[عَوْرَةُ الْحُرَّةِ]

- ‌[مِنْ شُرُوطِ الصَّلَاة الطَّهَارَةُ مِنْ الْحَدَثِ الْأَصْغَرِ]

- ‌[مِنْ شُرُوطُ الصَّلَاةِ طَهَارَةُ النَّجَسِ فِي الثَّوْبِ وَالْبَدَنِ وَالْمَكَانِ]

- ‌(تَبْطُلُ) الصَّلَاةُ (بِالنُّطْقِ) عَمْدًا بِكَلَامِ مَخْلُوقٍ

- ‌[فَصْلٌ فِي مُبْطِلَاتِ الصَّلَاةِ وَسُنَنِهَا وَمَكْرُوهَاتِهَا] [

- ‌لَا تَبْطُلُ) الصَّلَاةُ (بِالذِّكْرِ وَالدُّعَاءِ)

- ‌[رَدُّ السَّلَامِ فِي الصَّلَاة]

- ‌[لَا تَجِبُ إجَابَةُ الْأَبَوَيْنِ فِي الصَّلَاةِ]

- ‌[بُطْلَانُ الصَّلَاة بِالْوَثْبَةِ الْفَاحِشَةِ]

- ‌[بُطْلَانُ الصَّلَاة بِقَلِيلِ الْأَكْلِ]

- ‌[الِالْتِفَاتُ فِي الصَّلَاةِ]

- ‌[الصَّلَاةُ حَاقِنًا بِالْبَوْلِ أَوْ حَاقِبًا بِالْغَائِطِ أَوْ حَازِقًا لِلرِّيحِ]

- ‌[كَرَاهَة البصق فِي الصَّلَاةِ أَوْ خَارِجَهَا قِبَلَ وَجْهِهِ أَوْ عَنْ يَمِينِهِ]

- ‌[الْفَرْقَعَةُ فِي الصَّلَاة أَوْ تَشْبِيكُ الْأَصَابِع]

- ‌[الصَّلَاةُ فِي الْكَنِيسَةِ وَالْبِيعَةِ]

- ‌[الصَّلَاةُ فِي مَعَاطِنِ الْإِبِلِ]

- ‌[الصَّلَاةُ فِي الْحَمَّامِ]

- ‌[الصَّلَاةُ فِي الْمَقْبَرَةِ الطَّاهِرَةِ]

- ‌[بَابٌ فِي بَيَانِ سَبَبِ سُجُودِ السَّهْوِ وَأَحْكَامِهِ]

- ‌[كَيْفِيَّةُ سَجْدَتَيْ السَّهْوِ كَسُجُودِ الصَّلَاةِ]

- ‌(بَابٌ فِي سُجُودِ التِّلَاوَةِ

- ‌[سَجَدَاتُ التِّلَاوَةِ فِي الْقُرْآنِ أَرْبَعَ عَشْرَةَ سَجْدَةً]

- ‌سَجْدَةُ الشُّكْرِ

- ‌[بَابٌ فِي صَلَاةِ النَّفْلِ وَهِيَ قِسْمَانِ] [

- ‌قِسْمٌ لَا يُسَنُّ فِيهِ النَّفَلُ جَمَاعَةً]

- ‌ مِنْ الْقِسْمِ الَّذِي لَا يُسَنُّ جَمَاعَةً (الْوِتْرُ)

- ‌مِنْ الْقِسْمِ الَّذِي لَا تُسَنُّ لَهُ جَمَاعَةٌ (الضُّحَى)

- ‌[مِنْ الْقِسْمِ الَّذِي لَا تُسَنُّ لَهُ جَمَاعَةٌ تَحِيَّةُ الْمَسْجِد]

- ‌[مِنْ الْقِسْمِ الَّذِي لَا تُسَنُّ لَهُ جَمَاعَةٌ رَكْعَتَانِ عِنْدَ السَّفَر]

- ‌قِسْمٌ) مِنْ النَّفْلِ (يُسَنُّ جَمَاعَةً)

- ‌[حُكْمُ التَّهَجُّد]

- ‌(كِتَابُ صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ) وَأَحْكَامِهَا

- ‌ الْجَمَاعَةُ (فِي الْمَسْجِدِ لِغَيْرِ الْمَرْأَةِ) وَالْخُنْثَى (أَفْضَلُ)

- ‌أَفْضَلُ الْجَمَاعَةِ بَعْدَ الْجُمُعَةِ

- ‌[أَعْذَارُ تَرْكُ صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ]

- ‌فَصْلٌ فِي صِفَةِ الْأَئِمَّةِ وَمُتَعَلِّقَاتِهَا

- ‌فَصْلٌ فِي بَعْضِ شُرُوطِ الْقُدْوَةِ وَكَثِيرٍ مِنْ آدَابِهَا وَبَعْضِ مَكْرُوهَاتِهَا

- ‌فَصْلٌ فِي بَعْضِ شُرُوطِ الْقُدْوَةِ أَيْضًا

- ‌فَصْلٌ فِي بَعْضِ شُرُوطِ الْقُدْوَةِ أَيْضًا

- ‌[فَصْلٌ فِي زَوَالِ الْقُدْوَةِ وَإِيجَادِهَا وَإِدْرَاكِ الْمَسْبُوقِ الرَّكْعَةَ وَمَا يَتْبَعُ ذَلِكَ]

- ‌(بَابُ) كَيْفِيَّةِ (صَلَاةِ الْمُسَافِرِ)

- ‌فَصْلٌ فِي شُرُوطِ الْقَصْرِ وَتَوَابِعِهَا

- ‌(فَصْلٌ) فِي الْجَمْعِ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ

- ‌[شُرُوطُ جَمْعِ التَّقْدِيمِ]

- ‌[شُرُوطُ التَّقْدِيمِ فِي صَلَاةِ الْجَمْعِ عِنْدَ الْمَطَرِ]

- ‌بَابُ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ

- ‌[شُرُوطُ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ]

- ‌[الْجَمْعِ لِعُذْرِ الْمَطَرِ]

- ‌[شُرُوطُ صِحَّةِ الْجُمُعَةِ]

- ‌[أَرْكَانُ خُطْبَةِ الْجُمُعَةِ]

- ‌[شُرُوطُ الْخُطْبَتَيْنِ فِي الْجُمُعَة]

- ‌فَصْلٌ فِي الْأَغْسَالِ الْمُسْتَحَبَّةِ فِي الْجُمُعَةِ وَغَيْرِهَا وَمَا يُذْكَرُ مَعَهَا

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيَانِ مَا يَحْصُلُ بِهِ إدْرَاكُ الْجُمُعَةِ وَمَا لَا تُدْرَكُ بِهِ]

- ‌[الْقِسْمِ الْأَوَّلِ إدْرَاكُ رُكُوعَ الثَّانِيَةِ مِنْ الْجُمُعَةِ مَعَ الْإِمَامِ]

- ‌[الْقِسْمِ الثَّانِي حُكْمُ اسْتِخْلَافِ الْإِمَامِ وَشُرُوطُهُ]

- ‌[بَابٌ كَيْفِيَّةُ صَلَاةِ الْخَوْفِ]

- ‌[النَّوْعُ الْأَوَّلِ كَوْنُ الْعَدُوِّ فِي جِهَةِ الْقِبْلَةِ]

- ‌[الثَّانِي مِنْ الْأَنْوَاعِ كَوْنُ الْعَدُوُّ فِي غَيْرِ الْقِبْلَةِ]

- ‌[النَّوْعُ الثَّالِثُ أَنْ تَقِفَ فِرْقَةٌ فِي وَجْهِ الْعَدُوِّ وَتَحْرُسُ وَهُوَ فِي غَيْرِ جِهَةِ الْقِبْلَةِ]

- ‌[النَّوْعُ الرَّابِعِ أَنْ يَلْتَحِمَ الْقِتَالُ بَيْنَ الْقَوْمِ وَلَمْ يَتَمَكَّنُوا مِنْ تَرْكِهِ]

- ‌فَصْلٌ فِيمَا يَجُوزُ لُبْسُهُ إنْ ذَكَرَ وَمَا لَا يَجُوزُ

- ‌بَابٌ صَلَاةُ الْعِيدَيْنِ

- ‌[حُكْمُ صَلَاةِ الْعِيدَيْنِ وَكَيْفِيَّتَهَا]

- ‌[وَقْتُ صَلَاةِ الْعِيدَيْنِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي التَّكْبِيرِ الْمُرْسَلِ وَالْمُقَيَّدِ]

- ‌[وَقْتُ تَكْبِير الْعِيد]

- ‌بَابُ صَلَاةِ الْكُسُوفَيْنِ

- ‌[التَّهْنِئَةُ بِالْعِيدِ]

- ‌بَابُ صَلَاةِ الِاسْتِسْقَاءِ

- ‌(بَابٌ) فِي حُكْمِ تَارِكِ الصَّلَاةِ الْمَفْرُوضَةِ عَلَى الْأَعْيَانِ

- ‌ كِتَابُ الْجَنَائِزِ

- ‌[آدَابِ الْمُحْتَضَرِ]

- ‌ بَيَانِ الْغَاسِلِ

- ‌فَصْلٌ فِي تَكْفِينِ الْمَيِّتِ وَحَمْلِهِ وَتَوَابِعِهِمَا

- ‌ كَيْفِيَّةِ حَمْلِ الْمَيِّتِ

- ‌فَصْلٌ فِي الصَّلَاةِ عَلَى الْمَيِّتِ الْمُسْلِمِ غَيْرِ الشَّهِيدِ

- ‌[شُرُوطُ صَلَاةِ الْجِنَازَةِ]

- ‌ الصَّلَاةِ عَلَى الْغَائِبِ

- ‌[تَقْدِيمُ الصَّلَاةِ عَلَى الدَّفْنِ وَتَأْخِيرُهَا عَنْ الْغُسْلِ أَوْ التَّيَمُّمِ]

- ‌[فَرْعٌ فِي بَيَانِ الْأَوْلَى بِصَلَاةِ الْجِنَازَةِ]

- ‌ الصَّلَاةُ (عَلَى الْكَافِرِ)

- ‌[حُكْم الصَّلَاة عَلَى السقط]

- ‌ الْمَيِّتُ إمَّا شَهِيدٌ أَوْ غَيْرُهُ

الفصل: ‌[أعذار ترك صلاة الجماعة]

يَنْوِيَ بِالثَّانِيَةِ الْفَرْضَ) صُورَةً حَتَّى لَا تَكُونَ نَفْلًا مُبْتَدَأً، أَوْ مَا هُوَ صُورَةُ فَرْضٍ عَلَى الْمُكَلَّفِ فِي الْجُمْلَةِ لَا عَلَيْهِ هُوَ، فَإِنَّهُ إنَّمَا طُلِبَ مِنْهُ إعَادَتُهَا لِيَحْصُلَ لَهُ ثَوَابُ الْجَمَاعَةِ فِي فَرْضِهِ وَلَا يَحْصُلُ مِنْ غَيْرِ نِيَّةِ الْفَرْضِ؛ وَلِأَنَّ حَقِيقَةَ الْإِعَادَةِ إيجَادُ الشَّيْءِ ثَانِيًا بِصِفَتِهِ الْأُولَى، وَمَا تَقَرَّرَ مِنْ وُجُوبِ نِيَّةِ الْفَرْضِيَّةِ هُوَ الْمُعْتَمَدُ. وَإِنْ رَجَّحَ فِي الرَّوْضَةِ مَا اخْتَارَهُ الْإِمَامُ مِنْ عَدَمِ وُجُوبِهَا وَأَنَّهُ تَكْفِي نِيَّةُ الظُّهْرِ مَثَلًا، عَلَى أَنَّهُ اُعْتُرِضَ بِأَنَّهُ لَيْسَ وَجْهًا فَضْلًا عَنْ كَوْنِهِ مُعْتَمَدًا. أَمَّا إذَا نَوَى حَقِيقَةَ الْفَرْضِ فَتَبْطُلُ صَلَاتُهُ لِتَلَاعُبِهِ، وَيَجِبُ فِي هَذِهِ الْمُعَادَةِ الْقِيَامُ، وَيَحْرُمُ قَطْعُهَا كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ؛ لِأَنَّهُمْ أَثْبَتُوا لَهَا أَحْكَامَ الْفَرْضِ لِكَوْنِهَا عَلَى صُورَتِهِ.

(وَلَا رُخْصَةَ فِي)(تَرْكِهَا) أَيْ الْجَمَاعَةِ (وَإِنْ قُلْنَا) إنَّهَا (سُنَّةٌ) لِتَأَكُّدِهَا (إلَّا لِعُذْرٍ) فَلَا تُرَدُّ شَهَادَةُ الْمُدَاوِمِ عَلَى تَرْكِهَا لِعُذْرٍ بِخِلَافِ الْمُدَاوِمِ عَلَيْهِ بِغَيْرِ عُذْرٍ، وَإِذَا أَمَرَ الْإِمَامُ النَّاسَ بِالْجَمَاعَةِ وَجَبَتْ إلَّا عِنْدَ قِيَامِ الرُّخْصَةِ فَلَا تَجِبُ عَلَيْهِمْ طَاعَتُهُ؛ لِقِيَامِ الْعُذْرِ، وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ خَبَرُ «مَنْ سَمِعَ النِّدَاءَ فَلَمْ يَأْتِهِ لَا صَلَاةَ لَهُ» أَيْ كَامِلَةً إلَّا مِنْ عُذْرٍ.

وَالرُّخْصَةُ بِسُكُونِ الْخَاءِ وَيَجُوزُ ضَمُّهَا لُغَةً: التَّيْسِيرُ وَالتَّسْهِيلُ، وَاصْطِلَاحًا: الْحُكْمُ الثَّابِتُ عَلَى خِلَافِ الدَّلِيلِ لِعُذْرٍ (عَامٍّ كَمَطَرٍ) وَثَلْجٍ وَبَرْدٍ يَبُلُّ كُلٌّ مِنْهَا ثَوْبَهُ، أَوْ كَانَ نَحْوَ الْبَرْدِ كِبَارًا يُؤْذِي لَيْلًا وَنَهَارًا لِمَا صَحَّ عَنْهُ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ لَمَّا مُطِرُوا فِي سَفَرٍ:«لِيُصَلِّ مَنْ شَاءَ فِي رَحْلِهِ» وَلِأَنَّ الْغَالِبَ فِيهِ النَّجَاسَةُ أَوْ الْقَذَارَةُ.

أَمَّا إذَا لَمْ يَتَأَذَّ بِذَلِكَ لِقِلَّتِهِ أَوْ كِنٍّ، وَلَمْ يَخَفْ تَقْطِيرًا مِنْ سُقُوفِهِ كَمَا نَقَلَهُ فِي الْكِفَايَةِ عَنْ الْقَاضِي؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ فِيهَا النَّجَاسَةُ فَلَا يَكُونُ عُذْرًا.

(أَوْ رِيحٍ عَاصِفٍ) أَيْ شَدِيدٍ أَوْ رِيحٍ بَارِدٍ أَوْ ظُلْمَةٍ شَدِيدَةٍ (بِاللَّيْلِ) أَوْ وَقْتِ الصُّبْحِ كَمَا بَحَثَهُ الْإِسْنَوِيُّ؛ لِأَنَّ الْمَشَقَّةَ فِيهِ أَشَدُّ مِنْهَا فِي الْمَغْرِبِ، بِخِلَافِ النَّهَارِ وَالرِّيحُ مُؤَنَّثَةٌ.

(وَكَذَا وَحَلٌ)

ــ

[حاشية الشبراملسي]

أَيْ يَقْبَلُ مَا شَاءَ إلَخْ (قَوْلُهُ: صُورَةٌ) أَيْ لَا الْحَقِيقِيُّ (قَوْلُهُ: أَمَّا إذَا نَوَى حَقِيقَةَ الْفَرْضِ) أَيْ أَوْ أَطْلَقَ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ قَبْلَ صُورَةٍ أَوْ مَا هُوَ فَرْضٌ عَلَى إلَخْ، لَكِنْ فِي سم عَلَى مَنْهَجٍ مَا نَصُّهُ: فَرْعٌ: الْمُتَّجَهُ وِفَاقًا لِشَيْخِنَا طب وَم ر أَنَّهُ إذَا أَطْلَقَ نِيَّةَ الْفَرْضِيَّةِ فِي الْمُعَادَةِ لَمْ يَضُرَّ وَإِنْ لَمْ يُلَاحِظْ كَوْنَهَا فَرْضًا عَلَى الْمُكَلَّفِ أَوْ فَرْضًا فِي الْجُمْلَةِ.

(قَوْلُهُ: فَلَا تُرَدُّ شَهَادَةُ الْمُدَاوِمِ عَلَى تَرْكِهَا) الْمُتَبَادَرُ مِنْ هَذِهِ الْعِبَارَةِ الْمُوَاظَبَةُ عَلَى تَرْكِهَا فِي جَمِيعِ الْفَرَائِضِ، فَلَا تُرَدُّ بِالْمُوَاظَبَةِ عَلَى تَرْكِهَا فِي الْبَعْضِ، وَيُحْتَمَلُ خِلَافُهُ، وَهُوَ الْأَقْرَبُ؛ لِأَنَّ فِي تَرْكِهِ لِلْبَعْضِ تَهَاوُنًا بِالْمَطْلُوبِ مِنْهُ، وَلَعَلَّ الْمُرَادَ بِعَدَمِ الْمُوَاظَبَةِ عَدَمُهَا عُرْفًا بِحَيْثُ يُعَدُّ غَيْرَ مُعْتَنٍ بِالْجَمَاعَةِ (قَوْلُهُ: لِقِيَامِ الْعُذْرِ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ عَلِمَ بِهِ وَأَمَرَهُمْ بِالْحُضُورِ مَعَهُ، وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ أَمَرَهُمْ بِالْجَمَاعَةِ أَمْرًا مُطْلَقًا ثُمَّ عَرَضَ لَهُمْ الْعُذْرُ فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِمْ الْحُضُورُ لِحَمْلِ أَمْرِهِ عَلَى غَيْرِ أَوْقَاتِ الْعُذْرِ (قَوْلُهُ: وَيَجُوزُ ضَمُّهَا) زَادَ الشَّيْخُ عَمِيرَةُ: وَأَمَّا بِالْفَتْحِ فَهُوَ الشَّخْصُ الْمُتَرَخِّصُ كَثِيرًا كَمَا فِي ضَحْكَةٍ فَإِنَّهُ الَّذِي يَضْحَكُ كَثِيرًا (قَوْلُهُ: وَالتَّسْهِيلُ) عَطْفُ تَفْسِيرٍ (قَوْلُهُ: وَاصْطِلَاحًا) وَيُعَبِّرُ عَنْهَا أَيْضًا بِأَنَّهَا هِيَ الْحُكْمُ الْمُتَغَيِّرُ إلَيْهِ السَّهْلُ لِعُذْرٍ مَعَ قِيَامِ السَّبَبِ لِلْحُكْمِ الْأَصْلِيِّ (قَوْلُهُ: عَلَى خِلَافِ الدَّلِيلِ) دَخَلَ فِيهِ مَا لَمْ يَسْبِقْ امْتِنَاعُهُ بَلْ وَرَدَ ابْتِدَاءً عَلَى خِلَافِ مَا يَقْتَضِيهِ الدَّلِيلُ كَالسَّلَمِ، فَإِنَّ مُقْتَضَى اشْتِمَالِهِ عَلَى الْغَرَرِ عَدَمُ جَوَازِهِ فَجَوَازُهُ عَلَى خِلَافِ الدَّلِيلِ (قَوْلُهُ: لَيْلًا وَنَهَارًا) رَاجِعٌ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ كَمَطَرٍ وَمَا بَعْدَهُ (قَوْلُهُ: قَالَ لَمَّا مُطِرُوا إلَخْ) فِي الِاسْتِدْلَالِ بِهِ شَيْءٌ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ الْجَمَاعَةَ لَا تَجِبُ عَلَى الْمُسَافِرِينَ لَكِنَّهَا تُسَنُّ، فَلَعَلَّ الِاسْتِدْلَالَ بِهِ عَلَى كَوْنِهِ عُذْرًا فِي الْجُمْلَةِ (قَوْلُهُ: وَلِأَنَّ الْغَالِبَ فِيهِ النَّجَاسَةُ) أَيْ إذَا كَانَ عَلَى وَجْهٍ يُؤَدِّي إلَى اخْتِلَاطِهِ بِنَجِسٍ (قَوْلُهُ: فَلَا يَكُونُ عُذْرًا) جَوَابُ أَمَّا، وَقَوْلُهُ؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ النَّجَاسَةُ عِلَّةٌ لِمَفْهُومِ قَوْلِهِ، وَلَمْ يَخَفْ تَقْطِيرًا وَكَأَنَّهُ قَالَ: أَمَّا إذَا خَافَ تَقْطِيرًا فَهُوَ عُذْرٌ.

(قَوْلُهُ: وَالرِّيحُ مُؤَنَّثَةٌ) قَضِيَّةُ تَعْبِيرِ

ــ

[حاشية الرشيدي]

[أَعْذَارُ تَرْكُ صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ]

(قَوْلُهُ: الْحُكْمُ الثَّابِتُ عَلَى خِلَافِ الدَّلِيلِ لِعُذْرٍ) يَرِدُ عَلَيْهِ أُمُورٌ لَا تَخْفَى تُعْلَمُ مِنْ عَرْضِهِ عَلَى حَدِّ الرُّخْصَةِ الْمَشْهُورِ وَهُوَ قَوْلُ جَمْعِ الْجَوَامِعِ: وَالْحُكْمُ الشَّرْعِيُّ إنْ تَغَيَّرَ لِسُهُولَةٍ لِعُذْرٍ مَعَ قِيَامِ السَّبَبِ لِلْحُكْمِ الْأَصْلِيِّ فَرُخْصَةٌ لَا نُطِيلُ بِذِكْرِهَا

ص: 155

بِفَتْحِ الْحَاءِ، وَإِسْكَانُهَا لُغَةٌ رَدِيئَةٌ (شَدِيدٌ عَلَى الصَّحِيحِ) لَيْلًا كَانَ أَوْ نَهَارًا كَالْمَطَرِ بَلْ هُوَ أَشُقُّ غَالِبًا بِخِلَافِ الْخَفِيفِ مِنْهُ. وَالثَّانِي لَا لِإِمْكَانِ الِاحْتِرَازِ عَنْهُ بِالنِّعَالِ وَنَحْوِهَا. وَالشَّدِيدُ: مَا لَا يُؤْمَنُ مَعَهُ التَّلْوِيثُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ جَمَاعَةٌ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْكِفَايَةِ، وَإِنْ يَكُنْ الْوَحَلُ مُتَفَاحِشًا كَمَا قَالَهُ الْإِمَامُ، وَقَدْ حُذِفَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ. وَالتَّحْقِيقُ: التَّقْيِيدُ بِالشَّدِيدِ وَمُقْتَضَاهُ عَدَمُ الْفَرْقِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْخَفِيفِ. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَهُوَ الصَّحِيحُ، وَالْأَحَادِيثُ دَالَّةٌ عَلَيْهِ، وَجَرَى ابْنُ الْمُقْرِي فِي رَوْضِهِ تَبَعًا لِأَصْلِهِ عَلَى التَّقْيِيدِ وَهُوَ الْأَوْجَهُ.

وَمِثْلُ الْوَحَلِ فِيمَا ذَكَرَ كَثْرَةُ وُقُوعِ الْبَرْدِ أَوْ الثَّلْجِ عَلَى الْأَرْضِ بِحَيْثُ يَشُقُّ الْمَشْيُ عَلَى ذَلِكَ كَمَشَقَّتِهِ فِي الْوَحَلِ. وَأَمَّا حَدِيثُ ابْنِ حِبَّانَ «أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَمَّا أَصَابَهُمْ مَطَرٌ لَمْ يَبُلَّ أَسْفَلَ نِعَالِهِمْ أَنْ يُنَادَى بِصَلَاتِهِمْ فِي رِحَالِهِمْ» فَمَفْرُوضٌ فِي الْمَطَرِ وَكَلَامُنَا هُنَا فِي وَحَلٍ مِنْ غَيْرِ مَطَرٍ.

(أَوْ خَاصٌّ كَمَرَضٍ) مَشَقَّتُهُ كَمَشَقَّةِ الْمَطَرِ بَلْ يُشْغِلُهُ عَنْ الْخُشُوعِ فِي الصَّلَاةِ، وَإِنْ لَمْ يَبْلُغْ حَدًّا يُسْقِطُ الْقِيَامَ فِي الْفَرْضِ لِلْحَرَجِ وَقِيَاسًا عَلَى الْمَطَرِ. أَمَّا الْخَفِيفُ كَصُدَاعٍ يَسِيرٍ وَحُمَّى خَفِيفَةٍ فَلَيْسَ بِعُذْرٍ؛ لِأَنَّهُ لَا يُسَمَّى مَرَضًا.

(وَحَرٌّ) ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ وَقْتَ الظُّهْرِ كَمَا شَمِلَهُ إطْلَاقُهُ تَبَعًا لِأَصْلِهِ وَجَرَى عَلَيْهِ فِي التَّحْقِيقِ، وَتَقْيِيدُهُ بِوَقْتِ الظُّهْرِ فِي الْمَجْمُوعِ وَالرَّوْضَةِ وَأَصْلُهَا جَرَى عَلَى الْغَالِبِ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَجِدَ ظِلًّا يَمْشِي فِيهِ أَوْ لَا، وَبِهِ فَارَقَ مَسْأَلَةَ الْإِبْرَادِ الْمُتَقَدِّمَةِ خِلَافًا

ــ

[حاشية الشبراملسي]

الْمُصَنِّفِ بِعَاصِفٍ جَوَازُ التَّذْكِيرِ أَيْضًا وَيَدُلُّ لَهُ قَوْله تَعَالَى {جَاءَتْهَا رِيحٌ عَاصِفٌ} [يونس: 22] وَعِبَارَةُ الْمَحَلِّيِّ: بَعْدَ رِيحٍ شَدِيدَةٍ قَالَ عَمِيرَةُ: أَفَادَ بِقَوْلِهِ شَدِيدَةٍ أَنَّ الرِّيحَ مُؤَنَّثَةٌ وَهُوَ كَذَلِكَ، وَإِنَّمَا قَالَ عَاصِفٌ نَظَرًا لِلَّفْظِ اهـ.

وَفِي الْمِصْبَاحِ: وَالرِّيحُ مُؤَنَّثَةٌ عَلَى الْأَكْثَرِ فَيُقَالُ هِيَ الرِّيحُ، وَقَدْ تَذَّكَّرُ عَلَى مَعْنَى الْهَوَاءِ فَيُقَالُ هُوَ الرِّيحُ وَهَبَّ الرِّيحُ نَقَلَهُ أَبُو زَيْدٍ اهـ.

(قَوْلُهُ: وَالشَّدِيدُ مَا لَا يُؤْمَنُ مَعَهُ التَّلْوِيثُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ جَمَاعَةٌ) أَيْ لِأَسْفَلِ الرِّجْلِ، بِخِلَافِ الْخَفِيفِ، وَهُوَ مَا لَا يُلَوِّثُ ذَلِكَ، وَعَلَى هَذَا فَقَلَّ أَنْ تُوجَدَ صُورَةٌ لَا يَكُونُ الْوَحْلُ فِيهَا شَدِيدًا (قَوْلُهُ: التَّقْيِيدُ) أَيْ بِالتَّشْدِيدِ.

(قَوْلُهُ: يَسْقُطُ الْقِيَامُ) تَقَدَّمَ فِي كَلَامِهِ أَنَّ مَا أَذْهَبَ الْخُشُوعَ مُسْقِطٌ لِوُجُوبِ الْقِيَامِ، إلَّا أَنْ يُقَالَ: مَا ذَكَرَهُ هُنَاكَ مَحْمُولٌ عَلَى مَشَقَّةٍ قَوِيَّةٍ لَا يَحْصُلُ مَعَهَا شَيْءٌ مِنْ الْخُشُوعِ أَصْلًا وَمَا هُنَا مَحْمُولٌ عَلَى مَا يُذْهِبُ كَمَالَ الْخُشُوعِ فَإِنَّهُ لَا يُسْقِطُ الْجَمَاعَةَ

(قَوْلُهُ: تَبَعًا لِأَصْلِهِ) أَيْ الْمُحَرَّرِ (قَوْلُهُ: وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَجِدَ ظِلًّا يَمْشِي فِيهِ أَوْ لَا) عِبَارَةُ سم عَلَى مَنْهَجٍ قَوْلُهُ: وَشِدَّةُ حَرٍّ: أَيْ وَلَمْ يَجِدْ كِنًّا يَمْشِي فِيهِ يَقِيهِ الْحَرَّ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ.

وَقَدْ يُقَالُ: لَا مُنَافَاةَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ بِحَمْلِ كَلَامِ الشَّارِحِ عَلَى ظِلٍّ لَا يَمْنَعُ مِنْ إدْرَاكِ أَثَرِ الْحَرِّ، وَكَلَامُ سم عَلَى خِلَافِهِ، وَعِبَارَتُهُ عَلَى حَجّ: قَوْلُهُ: وَإِنْ وَجَدَ

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: التَّلْوِيثُ) أَيْ لِنَحْوِ مَلْبُوسِهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ لَا لِنَحْوِ أَسْفَلِ الرِّجْلِ وَمَا فِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ مِنْ تَفْسِيرِهِ بِذَلِكَ لَا يَخْفَى بُعْدُهُ خُصُوصًا مَعَ وَصْفِهِ بِالشِّدَّةِ وَمُقَابَلَتِهِ بِالتَّفَاحُشِ، عَلَى أَنَّهُ يَلْزَمُ عَلَيْهِ أَنْ لَا يَتَحَقَّقَ خَفِيفٌ إذْ كُلُّ وَحْلٍ يُلَوِّثُ أَسْفَلَ الرِّجْلِ.

(قَوْلُهُ: مَشَقَّتُهُ كَمَشَقَّةِ الْمَطَرِ) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ مَشَقَّتُهُ كَمَشَقَّةِ الْمَشْيِ فِي الْمَطَرِ (قَوْلُهُ: بَلْ يَشْغَلُهُ عَنْ الْخُشُوعِ فِي الصَّلَاةِ) لَمْ يَتَقَدَّمْ مِثْلُهُ فِي الْمَطَرِ الْمُشَبَّهِ بِهِ حَتَّى تَتَأَتَّى هَذِهِ الْإِحَالَةُ عَلَى أَنَّ الْكَلَامَ فِي الْمَرَضِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، وَالشَّاقُّ إنَّمَا هُوَ الْمَشْيُ مَعَهُ لِمَحَلِّ الْجَمَاعَةِ كَنَظَائِرِهِ لَا فِي الصَّلَاةِ مَعَهُ إلَّا أَنْ يُقَالَ: هَذَا ضَابِطٌ لِلْمَرَضِ الَّذِي يَسْقُطُ عَنْهُ الْمَشْيُ لِمَحَلِّ الْجَمَاعَةِ بِأَنْ يَكُونَ بِحَيْثُ لَوْ صَلَّى مَعَهُ شَغَلَهُ عَنْ الْخُشُوعِ، لَكِنْ يَرِدُ عَلَيْهِ أَنَّهُ حِينَئِذٍ يُسْقِطُ الْقِيَامَ فِي الصَّلَاةِ فَلَا يَصِحُّ قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَبْلُغْ إلَخْ.

وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ الَّذِي يَشْغَلُ عَنْ الْخُشُوعِ غَيْرُ الَّذِي يُذْهِبُ الْخُشُوعَ، وَالْمُسْقِطُ لِلْقِيَامِ إنَّمَا هُوَ الثَّانِي دُونَ الْأَوَّلِ. وَقَدْ يُجَابُ عَنْ أَصْلِ الْعِبَارَةِ بِأَنَّ مُرَادَهُ أَنَّهُ يَبْقَى مَعَهُ أَثَرُ الْمَشْيِ فِي هَذَا إلَى أَنْ يَشْغَلَهُ عَنْ الْخُشُوعِ فِي الصَّلَاةِ، وَإِنْ لَمْ تَبْلُغْ إلَخْ بِالنَّظَرِ لِذَاتِهِ قَبْلَ الْمَشْيِ، وَهَذِهِ الْعِبَارَةُ الَّتِي ذَكَرَهَا الشَّارِحُ عِبَارَةُ الْإِمْدَادِ.

(قَوْلُهُ: وَبِهِ فَارَقَ مَسْأَلَةَ الْإِبْرَادِ) مُرَادُهُ أَنَّهُ عُلِمَ بِمَا ذُكِرَ أَنَّ حُكْمَ

ص: 156

لِجَمْعٍ تَوَهَّمُوا اتِّحَادَهُمَا (وَبَرْدٌ) لَيْلًا وَنَهَارًا (شَدِيدَانِ) بِخِلَافِ الْخَفِيفِ مِنْهُمَا، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَا مَأْلُوفَيْنِ فِي ذَلِكَ الْمَحَلِّ أَوْ لَا خِلَافًا لِلْأَذْرَعِيِّ، إذْ الْمَدَارُ عَلَى مَا يَحْصُلُ بِهِ التَّأَذِّي وَالْمَشَقَّةُ فَحَيْثُ وُجِدَ كَانَ عُذْرًا، وَإِلَّا فَلَا، وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ هُنَا مِنْ كَوْنِهِمَا مِنْ الْخَاصِّ تَبِعَ فِيهِ الْمُحَرَّرَ وَعَدَّهُمَا فِي الرَّوْضَةِ كَالشَّرْحِ مِنْ الْعَامِّ، وَلَا تَعَارُضَ بَيْنَهُمَا كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الشَّارِحُ، فَالْأَوَّلُ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا أَحَسَّ بِهِمَا ضَعِيفُ الْخِلْقَةِ دُونَ قَوِيِّهَا فَيَكُونَانِ مِنْ الْخَاصِّ، وَالثَّانِي عَلَى مَا إذَا أَحَسَّ بِهِمَا قَوِيُّهَا فَيَحُسُّ بِهِمَا ضَعِيفُهَا مِنْ بَابِ أَوْلَى فَيَكُونَانِ مِنْ الْعَامِّ.

(وَجُوعٌ وَعَطَشٌ ظَاهِرَانِ) أَيْ شَدِيدَانِ وَالْمَأْكُولُ وَالْمَشْرُوبُ حَاضِرَا، وَقَرُبَ حُضُورُهُ كَمَا قَالَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ تَبَعًا لِابْنِ يُونُسَ وَكَانَ تَائِقًا لِذَلِكَ، وَقَوْلُ الْإِسْنَوِيِّ فِي الْمُهِمَّاتِ: الظَّاهِرُ الِاكْتِفَاءُ بِالتَّوَقَانِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِهِ جُوعٌ وَلَا عَطَشٌ، فَإِنَّ كَثِيرًا مِنْ الْفَوَاكِهِ وَالْمَشَارِبِ اللَّذِيذَةِ تَتُوقُ النَّفْسُ إلَيْهَا عِنْدَ حُضُورِهَا بِلَا جُوعٍ وَلَا عَطَشٍ مَرْدُودٌ كَمَا قَالَهُ الشَّيْخُ بِأَنَّهُ يَبْعُدُ مُفَارَقَتُهُمَا لِلتَّوَقَانِ، إذْ التَّوَقَانُ إلَى الشَّيْءِ الِاشْتِيَاقُ لَهُ لَا الشَّوْقُ، فَشَهْوَةُ النَّفْسِ لِهَذِهِ الْمَذْكُورَاتِ بِدُونِهِمَا لَا تُسَمَّى تَوَقَانًا، وَإِنَّمَا تُسَمَّاهُ إذَا كَانَتْ بِهِمَا بَلْ لِشِدَّتِهِمَا، وَمَا قَالَهُ جَمْعٌ مُتَأَخِّرُونَ مِنْ أَنَّ شِدَّةَ أَحَدِهِمَا كَافِيَةٌ، وَإِنْ لَمْ يَحْضُرْ ذَلِكَ وَلَا قَرُبَ حُضُورُهُ رُدَّ بِأَنَّهُ مُخَالِفٌ لِلْأَخْبَارِ كَخَبَرِ «إذَا حَضَرَ الْعَشَاءُ وَأُقِيمَتْ الصَّلَاةُ فَابْدَءُوا بِالْعَشَاءِ» وَخَبَرِ «لَا صَلَاةَ بِحَضْرَةِ طَعَامٍ» وَيُمْكِنُ حَمْلُ كَلَامِ هَؤُلَاءِ عَلَى مَا إذَا اخْتَلَّ أَصْلُ خُشُوعِهِ لِشِدَّةِ جُوعِهِ أَوْ عَطَشِهِ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ شَبِيهٌ بِمُدَافَعَةِ الْحَدَثِ، بَلْ أَوْلَى مِنْ الْمَطَرِ وَنَحْوِهِ مِمَّا مَرَّ، إذْ مَشَقَّةُ هَذَا أَكْثَرُ وَلِأَنَّهَا مُلَازِمَةٌ فِي الصَّلَاةِ بِخِلَافِ ذَلِكَ.

وَحَمْلُ كَلَامِ الْأَصْحَابِ عَلَى عَدَمِ اخْتِلَالِ خُشُوعِهِ إلَّا بِحَضْرَةِ ذَلِكَ أَوْ قُرْبِ حُضُورِهِ، فَيَبْدَأُ حِينَئِذٍ بِمَا يَكْسِرُ شَهْوَتَهُ مِنْ أَكْلِ لُقَمٍ فِي الْجُوعِ، وَتَصْوِيبُ الْمُصَنِّفِ الشِّبَعَ، وَإِنْ كَانَ ظَاهِرًا مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى إلَّا أَنَّ الْأَصْحَابَ عَلَى خِلَافِهِ. نَعَمْ يُمْكِنُ حَمْلُ كَلَامِهِمْ عَلَى مَا إذَا وَثِقَ مِنْ نَفْسِهِ بِعَدَمِ التَّطَلُّعِ بَعْدَ أَكْلِ مَا ذُكِرَ، وَكَلَامُهُ عَلَى خِلَافِهِ وَيَدُلُّ لَهُ قَوْلُهُمْ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

ظِلًّا يَمْشِي فِيهِ. أَقُولُ: لَا يَخْفَى عَلَى مُتَأَمِّلٍ أَنَّ هَذَا الْكَلَامَ مِمَّا لَا وَجْهَ لَهُ، وَذَلِكَ أَنَّ مِنْ الْبَدِيهِيِّ أَنَّ الْحَرَّ إنَّمَا يَكُونُ عُذْرًا إذَا حَصَلَ بِهِ التَّأَذِّي، فَإِذَا وَجَدَ ظِلًّا يَمْشِي فِيهِ، فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ الظِّلُّ دَافِعًا لِلتَّأَذِّي بِالْحَرِّ فَلَا وَجْهَ حِينَئِذٍ لِكَوْنِ الْحَرِّ عُذْرًا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ دَافِعًا لِذَلِكَ كَانَ مُقْتَضِيًا لِلْإِبْرَادِ أَيْضًا، وَلَا يَصِحُّ الْفَرْقُ حِينَئِذٍ بَيْنَ الْبَابَيْنِ، إذْ لَيْسَ الْمَدَارُ فِيهِمَا إلَّا عَلَى حُصُولِ التَّأَذِّي بِالْحَرِّ.

وَإِنَّمَا الْوَجْهُ فِي مُفَارَقَةِ مَا هُنَا لِلْإِبْرَادِ أَنَّ مَا هُنَا مُصَوَّرٌ بِمَا إذَا تَرَكَ الْإِمَامُ الْإِبْرَادَ، وَأَقَامَ الْجَمَاعَةَ فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ فَيَعْذُرُ مَنْ تَخَلَّفَ عَنْهُ لِعُذْرِ الْحَرِّ.

فَالْحَاصِلُ أَنَّهُ يُطْلَبُ الْإِبْرَادُ بِالظُّهْرِ فِي الْحَرِّ بِشَرْطِهِ، فَإِنْ خَالَفُوا وَأَقَامُوا الْجَمَاعَةَ أَوَّلَ الْوَقْتِ عُذِرَ مَنْ تَخَلَّفَ لِعُذْرِ الْحَرِّ فَتَأَمَّلْهُ. اهـ. لَكِنْ هَذَا قَدْ يُخَالِفُهُ قَوْلُ الشَّارِحِ: وَإِنْ لَمْ يَكُنْ وَقْتُ الظُّهْرِ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَالْمَشَقَّةُ) عَطْفُ سَبَبٍ عَلَى مُسَبَّبٍ.

(قَوْلُهُ: وَالْمَشْرُوبُ حَاضِرٌ) أَيْ وَيُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ حَلَالًا، فَلَوْ كَانَ حَرَامًا حَرُمَ عَلَيْهِ تَنَاوُلُهُ، وَمَحَلُّهُ إذَا كَانَ يَتَرَقَّبُ حَلَالًا، فَلَوْ لَمْ يَتَرَقَّبْهُ كَانَ كَالْمُضْطَرِّ (قَوْلُهُ: يَبْعُدُ مُفَارَقَتُهُمَا) أَيْ الْجُوعُ وَالْعَطَشُ (قَوْلُهُ: الِاشْتِيَاقُ لَهُ لَا الشَّوْقُ) الَّذِي فِي الْمُخْتَارِ التَّسْوِيَةُ بَيْنَ الشَّوْقِ وَالِاشْتِيَاقِ. قَالَ: الشَّوْقُ وَالِاشْتِيَاقُ نِزَاعُ النَّفْسِ إلَى الشَّيْءِ. اهـ. إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّ النِّزَاعَ مَقُولٌ بِالتَّشْكِيكِ، فَهُوَ إذَا عُبِّرَ عَنْهُ بِالِاشْتِيَاقِ أَقْوَى مِنْهُ إذَا عُبِّرَ عَنْهُ بِالشَّوْقِ وَعَلَيْهِ فَالتَّسْوِيَةُ بَيْنَهُمَا بِالنَّظَرِ لِأَصْلِ الْمَعْنَى لَا الْمُرَادِ مِنْهُمَا، وَعِبَارَةُ حَجّ عَبَّرَ آخَرُونَ بِالتَّوَقَانِ إلَيْهِ، وَلَا تَنَافِيَ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِهِ شِدَّةُ الشَّوْقِ لَا أَصْلُهُ وَهُوَ مُسَاوٍ لِشِدَّةِ أَحَدِ ذَيْنِك. اهـ (قَوْلُهُ: إلَّا أَنَّ الْأَصْحَابَ عَلَى خِلَافِهِ)

ــ

[حاشية الرشيدي]

مَا هُنَا مُغَايِرٌ لِحُكْمِ الْإِبْرَادِ، إلَّا أَنَّ مَا ذُكِرَ وَجْهُ الْمُفَارَقَةِ، وَإِنْ أَوْهَمَتْهُ الْعِبَارَةُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ.

(قَوْلُهُ: وَكَانَ تَائِقًا لِذَلِكَ) كَأَنَّهُ احْتَرَزَ بِهِ عَنْ طَعَامٍ لَمْ تَتُقْ نَفْسُهُ إلَيْهِ وَإِنْ كَانَ بِهِ شِدَّةُ الْجُوعِ كَأَنْ تَكُونَ نَفْسُهُ تَنْفِرُ مِنْهُ فَلَا يُسْتَغْنَى عَنْهُ بِوَصْفِ الْجُوعِ بِالشِّدَّةِ (قَوْلُهُ: وَثِقَ مِنْ نَفْسِهِ بِعَدَمِ التَّطَلُّعِ) أَيْ الَّذِي مَعَهُ تَوَقَانٌ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ الْآتِي، وَأَفْهَمَ تَعْبِيرُهُ بِالشِّدَّةِ إلَخْ

ص: 157

تَكْرَهُ الصَّلَاةُ فِي كُلِّ حَالَةٍ تُنَافِي خُشُوعَهُ.

فَالْحَاصِلُ أَنَّهُ مَتَى لَمْ تُطْلَبْ الصَّلَاةُ فَالْجَمَاعَةُ أَوْلَى، وَيَأْتِي عَلَى الْمَشْرُوبِ كَاللَّبَنِ لِكَوْنِهِ مِمَّا يُؤْتَى عَلَيْهِ مَرَّةً وَاحِدَةً، وَأَفْهَمَ تَعْبِيرُهُ بِالشِّدَّةِ أَنَّ السُّقُوطَ بِهِمَا وَبِمَا قَبْلَهُمَا لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى زَوَالِهِ بِالْكُلِّيَّةِ بَلْ يَكْفِي أَنْ يَصْبِرَ إلَى حَالَةٍ لَا يَكُونُ ذَلِكَ عُذْرًا فِي الِابْتِدَاءِ كَأَنْ يَخِفَّ.

(وَمُدَافَعَةُ حَدَثٍ) مِنْ بَوْلٍ أَوْ غَائِطٍ أَوْ رِيحٍ لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ تَفْرِيغِ نَفْسِهِ وَالتَّطَهُّرِ قَبْلَ فَوْتِ الْجَمَاعَةِ لِكَوْنِ الصَّلَاةِ حِينَئِذٍ مَكْرُوهَةً. وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ خَبَرُ مُسْلِمٍ «لَا صَلَاةَ بِحَضْرَةِ طَعَامٍ وَلَا هُوَ يُدَافِعُهُ الْأَخْبَثَانِ» وَمَحَلُّ مَا ذَكَرَ فِي هَذِهِ الْمَذْكُورَاتِ عِنْدَ اتِّسَاعِ الْوَقْتِ، فَإِنْ خَشِيَ بِتَخَلُّفِهِ لَمَّا ذَكَرَ فَوْتَ الْوَقْتِ وَلَمْ يَخْشَ مِنْ كَتْمِ حَدَثِهِ وَنَحْوِهِ ضَرَرًا كَمَا بَحْثَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ وَهُوَ مُتَّجِهٌ صَلَّى وُجُوبًا مَعَ مُدَافَعَةِ ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ كَرَاهَةٍ مُحَافَظَةً عَلَى حُرْمَةِ الْوَقْتِ.

وَالسُّنَّةُ أَنْ يَتَخَلَّفَ عَنْ الْجَمَاعَةِ؛ لِيُفَرِّغَ نَفْسَهُ لِمَا مَرَّ مِنْ كَرَاهَةِ الصَّلَاةِ مَعَ ذَلِكَ، وَإِنْ خَافَ فَوْتَ الْجَمَاعَةِ لَوْ فَرَّغَ نَفْسَهُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ جَمَاعَةٌ. وَالْأَوْجَهُ أَنَّهُ لَوْ حَدَثَ لَهُ الْحَقْنُ فِي صَلَاتِهِ حَرُمَ عَلَيْهِ قَطْعُهَا إنْ كَانَ فَرْضًا إلَّا إنْ اشْتَدَّ الْحَالُ وَخَافَ ضَرَرًا.

(وَخَوْفُ ظَالِمٍ) مُضَافٌ لِمَفْعُولِهِ (عَلَى) مَعْصُومٍ مِنْ (نَفْسٍ) أَوْ عُضْوٍ أَوْ مَنْفَعَةٍ (أَوْ مَالٍ) أَوْ عِرْضٍ أَوْ حَقٍّ لَهُ وَلَوْ اخْتِصَاصًا فِيمَا يَظْهَرُ لَهُ أَوْ لِغَيْرِهِ، وَإِنْ لَمْ يَلْزَمْهُ الذَّبُّ عَنْهُ فِي الْأَوْجَهِ خِلَافًا لِمَنْ قُيِّدَ بِهِ وَذِكْرُ ظَالِمٍ مِثَالٌ لَا قَيْدٌ. إذْ الْخَوْفُ عَلَى نَحْوِ خُبْزِهِ فِي تَنُّورٍ عُذْرٌ أَيْضًا، وَمَحَلُّ ذَلِكَ كَمَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ مَا لَمْ يَقْصِدْ بِذَلِكَ إسْقَاطَ الْجَمَاعَةِ، وَإِلَّا فَلَا تَكُونُ عُذْرًا. نَعَمْ إنْ خَافَ تَلَفَهُ سَقَطَتْ عَنْهُ حِينَئِذٍ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ لِلنَّهْيِ عَنْ إضَاعَةِ الْمَالِ، وَكَذَا فِي أَكْلِ مَالَهُ رِيحٌ كَرِيهٌ بِقَصْدِ الْإِسْقَاطِ فَيَأْثَمُ بِعَدَمِ حُضُورِ الْجُمُعَةِ لِوُجُوبِهِ عَلَيْهِ حِينَئِذٍ وَلَوْ مَعَ رِيحِ الْمُنْتِنِ، لَكِنْ يُنْدَبُ لَهُ السَّعْيُ فِي إزَالَتِهِ عِنْدَ تَمَكُّنِهِ مِنْهَا كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَأَفْتَى أَيْضًا بِأَنَّهُ تَسْقُطُ الْجُمُعَةُ عَنْ أَهْلِ مَحَلٍّ عَمَّهُمْ عُذْرٌ كَمَطَرٍ.

أَمَّا خَوْفُ غَيْرِ ظَالِمٍ كَذِي حَقٍّ وَجَبَ عَلَيْهِ دَفْعُهُ فَوْرًا فَيَلْزَمُهُ الْحُضُورُ وَتَوْفِيَتُهُ. وَمِثْلُ خَوْفِهِ عَلَى نَحْوِ خُبْزِهِ خَوْفُهُ عَدَمَ نَبَاتِ بَذْرِهِ أَوْ ضَعْفِهِ أَوْ أَكْلِ نَحْوَ جَرَادٍ لَهُ أَوْ اشْتَغَلَ بِالْجَمَاعَةِ، وَلَوْ خَافَ مِنْ حُضُورِهَا فَوَاتَ تَحْصِيلِ تَمَلُّكِ مَالٍ فَالْأَوْجَهُ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

هَذَا مُعْتَمَدٌ سم عَلَى مَنْهَجٍ عَنْ الشَّارِحِ (قَوْلُهُ: يُنَافِي خُشُوعَهُ) وَمِنْهُ مَا لَوْ تَاقَتْ نَفْسُهُ لِلْجِمَاعِ بِحَيْثُ يَذْهَبُ خُشُوعُهُ لَوْ صَلَّى بِدُونِهِ.

(قَوْلُهُ: ضَرَرًا) أَيْ يُبِيحُ التَّيَمُّمَ (قَوْلُهُ: وَخَافَ ضَرَرًا) أَيْ يُبِيحُ التَّيَمُّمَ أَيْضًا فَلَهُ الْقَطْعُ بَلْ قَدْ يَجِبُ

(قَوْلُهُ: إذْ الْخَوْفُ إلَخْ) أَيْ سَوَاءٌ خَافَ تَلَفًا أَوْ عَيْبًا فِيهِ فَلَا يُنَافِي الِاسْتِدْرَاكَ الْآتِيَ (قَوْلُهُ: وَمَحَلُّ ذَلِكَ) أَيْ مَا ذُكِرَ فِي الْخَبْزِ وَنَحْوِهِ (قَوْلُهُ: لَكِنْ يُنْدَبُ لَهُ السَّعْيُ) ظَاهِرُهُ عَدَمُ الْوُجُوبِ وَإِنْ عَلِمَ تَأَذِّي النَّاسِ بِهِ. اهـ سم عَلَى ابْنِ حَجَرٍ، وَهُوَ قَرِيبٌ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مِمَّا اُعْتِيدَ وَمِمَّا يُحْتَمَلُ أَذَاهُ عَادَةً (قَوْلُهُ: أَوْ أَكْلِ نَحْوِ جَرَادٍ) مِنْ النَّحْوِ

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: فَالْحَاصِلُ أَنَّهُ مَتَى لَمْ تُطْلَبْ الصَّلَاةُ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ مَعْنَى عَدَمِ طَلَبِ الصَّلَاةِ لِأَجْلِ الْجُوعِ الْمَذْكُورِ أَنَّهُ يُقَدِّمُ الْأَكْلَ ثُمَّ يُصَلِّي، وَالصُّورَةُ أَنَّ الْوَقْتَ بَاقٍ فَلَا مَحْذُورَ فِي التَّأْخِيرِ هَذَا الزَّمَنِ الْقَصِيرِ، وَهَذَا بِعَيْنِهِ مَوْجُودٌ فِيمَا نَحْنُ فِيهِ مَعَ زِيَادَةِ فَوْتِ الْجَمَاعَةِ فَأَيْنَ الْأَوْلَوِيَّةُ بَلْ أَيْنَ الْمُسَاوَاةُ (قَوْلُهُ: أَنَّ السُّقُوطَ بِهِمَا وَبِمَا قَبْلَهُمَا إلَخْ) فِي الْعِبَارَةِ قَلْبٌ وَهِيَ عِبَارَةُ الْإِمْدَادِ، وَالْمَقْصُودُ مِنْهَا أَنَّ زَوَالَ الْعُذْرِ بِهِمَا وَبِمَا قَبْلَهُمَا لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى زَوَالِهِ بِالْكُلِّيَّةِ إلَخْ

(قَوْلُهُ: مِثَالٌ لَا قَيْدٌ) أَيْ وَإِنْ خَرَجَ بِهِ مَا يَأْتِي فَهُوَ مِثَالٌ بِاعْتِبَارٍ قَيْدٌ بِاعْتِبَارٍ (قَوْلُهُ: إذْ الْخَوْفُ عَلَى نَحْوِ خُبْزِهِ) أَيْ وَلَوْ نَحْوَ تَعَيُّبٍ بِقَرِينَةِ قَوْلِهِ فِيمَا يَأْتِي فِي التَّعَدِّي نَعَمْ إنْ خَافَ تَلَفَهُ إلَخْ (قَوْلُهُ: فَيَأْثَمُ بِعَدَمِ حُضُورِ الْجُمُعَةِ) أَيْ وَكَذَا الْجَمَاعَةُ وَإِنْ تَوَقَّفَتْ عَلَيْهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، وَإِنَّمَا فَرْضُهُ فِي الْجُمُعَةِ لِتَأَتِّي ذَلِكَ فِيهَا عَلَى الْإِطْلَاقِ، وَقَدْ يُسْتَفَادُ مِنْ جَعْلِهِ الْإِثْمَ بِعَدَمِ الْحُضُورِ أَنَّهُ لَا يَأْثَمُ بِالْأَكْلِ.

وَفِي حَوَاشِي الْمَنْهَجِ لِلشِّهَابِ سم نَقْلًا عَنْ الشَّارِحِ التَّصْرِيحُ بِذَلِكَ فَقَالَ: إنَّهُ يُكْرَهُ مِنْ حَيْثُ كَوْنُهُ أَكْلًا، وَإِنَّمَا يَحْرُمُ الْقَصْدُ.

وَعَنْ الشِّهَابِ حَجّ أَنَّ الْأَكْلَ حَرَامٌ (قَوْلُهُ: كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ) يَعْنِي بِنَدْبِ السَّعْيِ فِي إزَالَتِهِ، وَإِلَّا فَفَرْضُ فُتْيَاهُ فِيمَا لَوْ أَكَلَ مَا ذُكِرَ جَاهِلًا بِأَنَّهُ يَوْمُ الْجُمُعَةِ وَإِنْ كَانَ فِيهَا وَقْفَةٌ تُعْلَمُ

ص: 158

أَنَّهُ إنْ احْتَاجَ إلَيْهِ حَالًّا كَانَ عُذْرًا، وَإِلَّا فَلَا (وَ) خَوْفُ (مُلَازَمَةِ) أَوْ حَبْسِ (غَرِيمٍ مُعْسِرٍ) مَصْدَرٌ مُضَافٌ لِفَاعِلِهِ فَلَا يُنَوَّنُ غَرِيمُ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ الدَّائِنُ وَمِثْلُهُ وَكِيلُهُ، أَوْ لِمَفْعُولِهِ فَيُنَوَّنُ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ الْمَدِينُ وَمَحَلُّهُ إذَا عَسِرَ عَلَيْهِ إثْبَاتُ إعْسَارِهِ بِخِلَافِ الْمُوسِرِ بِمَا عَلَيْهِ، وَالْمُعْسِرِ الْقَادِرِ عَلَى الْإِثْبَاتِ بِبَيِّنَةٍ أَوْ يَمِينٍ، وَلَوْ كَانَ الْحَاكِمُ لَا يَسْمَعُ الْبَيِّنَةَ إلَّا بَعْدَ حَبْسِهِ فَهِيَ كَالْعَدَمِ كَمَا بَحَثَهُ الزَّرْكَشِيُّ (وَ) خَوْفُ (عُقُوبَةٍ) تَقْبَلُ الْعَفْوَ عَنْهَا كَحَدِّ قَذْفٍ وَقَوَدٍ وَتَعْذِيرٍ لِلَّهِ أَوْ لِآدَمِيٍّ، وَ (يُرْجَى تَرْكُهَا) وَلَوْ عَلَى بُعْدٍ وَلَوْ بِبَذْلِ مَالٍ (إنْ تَغَيَّبَ أَيَّامًا) يَعْنِي زَمَنًا يَسْكُنُ فِيهِ غَضَبُ الْمُسْتَحِقِّ، أَمَّا حَدُّ الزِّنَا وَالسَّرِقَةِ وَالشُّرْبِ وَنَحْوِهَا مِنْ حُدُودِ اللَّهِ تَعَالَى فَلَا يَعْذُرُ بِالْخَوْفِ مِنْهَا إذَا بَلَغَتْ الْإِمَامَ: أَيْ وَثَبَتَتْ عِنْدَهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَرْجُو الْعَفْوَ عَنْ ذَلِكَ فَلَا رُخْصَةَ بِهِ بَلْ يَحْرُمُ التَّغَيُّبُ عَنْهُ لِعَدَمِ فَائِدَتِهِ، وَلَهُ التَّغَيُّبُ عَنْ الشُّهُودِ لِئَلَّا يَرْفَعُوا أَمَرَهُ إلَى الْإِمَامِ، وَإِنَّمَا جَازَ تَغَيُّبُ مَنْ عَلَيْهِ قَوَدٌ أَنَّ مُوجِبَهُ كَبِيرَةٌ، وَالتَّخْفِيفُ يُنَافِيهِ؛ لِأَنَّ الْعَفْوَ مَنْدُوبٌ إلَيْهِ وَالتَّغَيُّبَ طَرِيقُهُ، وَعُلِمَ مِمَّا قَرَّرْنَاهُ أَنَّ مُرَادَ الْمُصَنِّفِ بِأَيَّامًا مَا دَامَ يَرْجُو الْعَفْوَ وَلَوْ عَلَى بُعْدِ أَنَّهُ لَوْ كَانَ الْقِصَاصُ لِصَبِيٍّ وَحَصَلَ رَجَاؤُهُ لِقُرْبِ بُلُوغِهِ مَثَلًا فَالْحُكْمُ كَذَلِكَ، فَقَدْ يُرْفَعُ أَمْرُهُ لِمَنْ يَرَى الِاخْتِصَاصَ لِلْوَلِيِّ أَوْ لِمَنْ يَحْبِسُهُ خَشْيَةً مِنْ هَرَبِهِ إلَى الْبُلُوغِ فَلَا يُمْكِنُهُ التَّغَيُّبُ.

(وَعُرْيٌ) بِأَنْ لَمْ يَجِدْ مَا يَلِيقُ بِهِ لُبْسُهُ، وَإِنْ وَجَدَ سَاتِرَ عَوْرَتِهِ كَفَقْدِ عِمَامَةٍ أَوْ قَبَاءٍ؛ لِأَنَّ عَلَيْهِ مَشَقَّةً فِي خُرُوجِهِ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

الْحَمَامِ وَالْعَصَافِيرِ وَنَحْوِهِمَا (قَوْلُهُ: كَحَدِّ قَذْفٍ إلَخْ) أَيْ كَأَنْ رَأَى الْإِمَامُ الْمَصْلَحَةَ فِي تَرْكِهِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ لَهُ الْعَفْوُ عَنْهُ حِينَئِذٍ. (قَوْلُهُ: لِقُرْبِ بُلُوغِهِ) اُنْظُرْ مَا ضَابِطُ الْقُرْبِ، بَلْ قَضِيَّةُ قَوْلِهِ وَلَوْ عَلَى بُعْدِ عَدَمِ اشْتِرَاطِ الْقُرْبِ.

(قَوْلُهُ: وَعَرِيٌّ) يُقَالُ فَرَسٌ عَرِيٌّ: أَيْ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَيُقَالُ أَيْضًا عَرِيَ مِنْ ثِيَابِهِ إذَا تَعَرَّى كَعَمِيَ يَعْرَى عُرِيًّا بِضَمِّ الْعَيْنِ وَكَسْرِ الرَّاءِ وَتَشْدِيدِ الْيَاءِ ذَكَرَهُ الْجَوْهَرِيُّ. قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: فَيَجُوزُ قِرَاءَةُ الْكِتَابِ بِالْوَجْهَيْنِ انْتَهَى عَمِيرَةُ

ــ

[حاشية الرشيدي]

بِالْوُقُوفِ عَلَيْهَا (قَوْلُهُ: وَالْمُعْسِرُ الْقَادِرُ) الْمُنَاسِبُ وَالْمُعْسِرُ الَّذِي لَا يَتَعَسَّرُ عَلَيْهِ الْإِثْبَاتُ (قَوْلُهُ: أَيْ وَثَبَتَتْ عِنْدَهُ) أَيْ وَطَلَبَ الْمُسْتَحِقُّ بِالنِّسْبَةِ لِلسَّرِقَةِ (قَوْلُهُ: أَنَّ مُرَادَ الْمُصَنِّفِ) بَدَلٌ مِنْ مَا وَنَائِبُ فَاعِلِ عُلِمَ قَوْلُهُ: لَوْ كَانَ الْقِصَاصُ إلَخْ، لَكِنْ فِي كَوْنِ هَذَا هُوَ الَّذِي قَرَّرَهُ نَظَرٌ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّ مَعْنَى قَوْلِهِ فِيمَا مَرَّ وَلَوْ عَلَى بُعْدٍ أَنَّ رَجَاءَ تَرْكِ الْمُسْتَحَقِّ مُسْتَبْعَدٌ لِضَنِّهِ بِهِ وَعَدَمِ سَمَاحِهِ بِهِ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِهِ الْبُعْدُ فِي الزَّمَانِ؛ لِأَنَّهُ قَدَّمَهُ عَلَيْهِ، فَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ: وَعُلِمَ مِمَّا قَرَّرْنَا بِهِ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ مِنْ أَنَّ مُرَادَهُ بِأَيَّامًا مُطْلَقُ الزَّمَانِ الصَّادِقِ بِالْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ، ثُمَّ إنَّ الَّذِي عُلِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ كَمَا عَرَفْت عَدَمُ الْفَرْقِ فِي الرَّجَاءِ بَيْنَ طَوِيلِ الزَّمَانِ وَقَصِيرِهِ، وَحِينَئِذٍ فَلَا مَعْنَى لِلتَّقْلِيدِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ بِقَوْلِهِ لِقُرْبِ بُلُوغِهِ لَا يُقَالُ: هُوَ وَإِنْ قَيَّدَ بِهِ لَكِنْ لَمْ يُرِدْ حَقِيقَةَ التَّقْيِيدِ حَيْثُ أَعْقَبَهُ بِقَوْلِهِ مَثَلًا لِيَدْخُلَ مَا إذَا لَمْ يَقْرُبْ بُلُوغُهُ؛ لِأَنَّا نَقُولُ: فَأَيُّ مَعْنًى لِذِكْرِهِ عَلَى أَنَّهُ لَا يَصِحُّ رُجُوعُهُ لِقَوْلِهِ لِقُرْبِ بُلُوغِهِ لِإِدْخَالِ مَا ذَكَرَ، إذْ لَا يُقَاسُ الْبَعِيدُ بِالْقَرِيبِ لِعَدَمِ الْجَامِعِ، وَإِنَّمَا هُوَ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ لِصَبِيٍّ لِيَدْخُلْ مَنْ فِي مَعْنَاهُ كَالْمَجْنُونِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، وَأَصْلُ ذَلِكَ أَنَّ بَعْضَهُمْ قَالَ: يُسْتَفَادُ مِنْ تَقْيِيدِ الشَّيْخَيْنِ بِأَيَّامًا أَنَّهُ لَوْ كَانَ الْقَوَدُ لِصَبِيٍّ لَمْ يَجُزْ التَّغْيِيبُ لِتَوَقُّفِ الْعَفْوِ عَلَى الْبُلُوغِ فَيُؤَدِّي إلَى تَرْكِ الْجُمُعَةِ سِنِينَ، فَزَيَّفَهُ عَلَيْهِ الشِّهَابُ حَجّ فِي إمْدَادِهِ بِأَنَّهُ لَا يُسْتَفَادُ مِنْهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ مُرَادَهُمَا أَنَّهُ يَغِيبُ مَا دَامَ يَرْجُو الْعَفْوَ وَلَوْ عَلَى بُعْدٍ: أَيْ وَلَيْسَ الْمُرَادُ ظَاهِرَ مَا اقْتَضَاهُ التَّعْبِيرُ بِأَيَّامًا، وَعِبَارَتُهُ أَعَنَى الْإِمْدَادَ.

وَقَيَّدَ الشَّيْخَانِ رَجَاءَ الْعَفْوِ بِتَغْيِيبِهِ أَيَّامًا وَلَا يُسْتَفَادُ مِنْهُ خِلَافًا لِبَعْضِهِمْ أَنَّ الْقَوَدَ لَوْ كَانَ لِصَبِيٍّ لَمْ يَجُزْ التَّغْيِيبُ لِتَوَقُّفِ الْعَفْوِ عَلَى الْبُلُوغِ فَيُؤَدِّي إلَى تَرْكِ الْجُمُعَةِ سِنِينَ، وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ يَغِيبُ مَا دَامَ يَرْجُو الْعَفْوَ وَلَوْ عَلَى بُعْدٍ، فَقَدْ يُرْفَعُ لِمَنْ يَرَى الِاخْتِصَاصَ لِلْوَلِيِّ، وَالشَّارِحُ رحمه الله تَصَرَّفَ فِيهَا بِمَا تَرَى مَعَ زِيَادَةِ قَوْلِهِ لِقُرْبِ بُلُوغِهِ إشَارَةً إلَى أَنَّ مَا اُسْتُفِيدَ مِنْ كَلَامِ الشَّيْخَيْنِ مُرَادًا لَهُمَا، لَكِنْ بِمَا لَا يُلَائِمُهُ مَا قَبْلَهُ مِنْ قَوْلِهِ إنَّ مُرَادَ الْمُصَنِّفِ بِأَيَّامًا إلَخْ، وَلَا مَا بَعْدَهُ مِنْ قَوْلِهِ فَقَدْ يُرْفَعُ إلَخْ

ص: 159

كَذَلِكَ، بِخِلَافِ مَا إذَا وَجَدَ لَائِقًا بِهِ بِأَنْ اعْتَادَهُ بِحَيْثُ لَا يَخْتَلُّ بِهِ مُرُوءَتُهُ فِيمَا يَظْهَرُ، وَالْأَوْجَهُ أَنَّ فَقْدَ مَا يَرْكَبُهُ لِمَنْ لَا يَلِيقُ بِهِ الْمَشْيُ كَالْعَجْزِ عَنْ لِبَاسٍ لَائِقٍ (وَتَأَهُّبٍ لِسَفَرٍ) مُبَاحٍ يُرِيدُهُ (مَعَ رُفْقَةٍ تَرْحَلُ) قَبْلَ الْجَمَاعَةِ، وَيَخَافُ مِنْ التَّخَلُّفِ لَهَا عَلَى نَفْسِهِ أَوْ مَالِهِ أَوْ كَانَ يَسْتَوْحِشُ فَقَطْ لِلْمَشَقَّةِ فِي تَخَلُّفِهِ عَنْهُمْ.

(وَأَكْلُ ذِي رِيحٍ كَرِيهٍ) كَبَصَلٍ أَوْ ثُومٍ أَوْ كُرَّاثٍ أَوْ فُجْلٍ نِيءٌ، وَمِثْلُهُ الْمَطْبُوخُ الْبَاقِي لَهُ رِيحٌ قُنَّا وَلَوْ قَلَّ فِيمَا يَظْهَرُ، وَإِنْ كَانَ خِلَافُ الْغَالِبِ، وَقَوْلُ الرَّافِعِيِّ: يُحْتَمَلُ الرِّيحُ الْبَاقِي بَعْدَ الطَّبْخِ مَحْمُولٌ عَلَى رِيحٍ يَسِيرٍ لَا يَحْصُلُ مِنْهُ أَذًى، وَذَلِكَ لِمَا وَرَدَّ عَنْهُ صلى الله عليه وسلم «مَنْ أَكَلَ بَصَلًا أَوْ ثُومًا أَوْ كُرَّاثًا فَلَا يَقْرَبَنَّ مَسْجِدَنَا» وَفِي رِوَايَةٍ «الْمَسَاجِدَ، فَإِنَّ الْمَلَائِكَةَ تَتَأَذَّى مِمَّا يَتَأَذَّى مِنْهُ بَنُو آدَمَ» كَمَا رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.

قَالَ جَابِرٌ: يَعْنِي مَا أَرَاهُ إلَّا نَيِّئَهُ، وَزَادَ الطَّبَرِيُّ: أَوْ فُجْلًا.

وَمِثْلُ ذَلِكَ مَنْ بِثِيَابِهِ أَوْ بَدَنِهِ رِيحٌ كَرِيهَةٌ كَدَمِ فَصْدٍ وَقَصَّابٍ وَأَرْبَابِ الْحِرَفِ الْخَبِيثَةِ وَذِي الْبَخَرِ وَالصُّنَانِ الْمُسْتَحْكَمِ وَالْجِرَاحَاتِ الْمُنْتِنَةِ وَالْمَجْذُومِ وَالْأَبْرَصِ وَمَنْ دَاوَى جُرْحَهُ بِنَحْوِ ثُومٍ؛ لِأَنَّ التَّأَذِّي بِذَلِكَ أَكْثَرُ مِنْهُ بِأَكْلِ نَحْوِ الثُّومِ، وَمِنْ ثَمَّ نَقَلَ الْقَاضِي عِيَاضٌ عَنْ الْعُلَمَاءِ مَنْعَ الْأَجْذَمِ وَالْأَبْرَصِ مِنْ الْمَسْجِدِ، وَمِنْ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ، وَمِنْ اخْتِلَاطِهِمَا بِالنَّاسِ.

وَمَحَلُّ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

قَوْلُهُ: وَالْأَوْجَهُ أَنَّ فَقْدَ مَا يَرْكَبُهُ إلَخْ) وَمِثْلُ فَقْدِهِ فَقْدُ مَا يَلِيقُ بِهِ رُكُوبُهُ وَظَاهِرُهُ وَإِنْ قَرُبَتْ الْمَسَافَةُ جِدًّا وَهُوَ ظَاهِرٌ حَيْثُ عُدَّ إزْرَاءً بِهِ (قَوْلُهُ: لِسَفَرٍ مُبَاحٍ) أَيْ وَلَوْ سَفَرَ نُزْهَةٍ سم عَلَى ابْنِ حَجَرٍ، وَنَقَلَ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ التَّوَقُّفَ فِيهِ عَنْ بَعْضِهِمْ وَاسْتَظْهَرَهُ، وَتَقَدَّمَ نَقْلُ عِبَارَتِهِ فِي أَوَّلِ الْكِتَابِ.

(قَوْلُهُ: رِيحٍ كَرِيهٍ) قَالَ حَجّ لِمَنْ يَظْهَرُ مِنْهُ رِيحُهُ (قَوْلُهُ: أَوْ فُجْلٍ) أَيْ لِمَنْ يَتَجَشَّى مِنْهُ لَا مُطْلَقًا صَرَّحَ بِذَلِكَ النَّوَوِيُّ تَبَعًا لِلْقَاضِي اهـ سم عَلَى عُبَابٍ، قَالَ الشَّيْخُ حَمْدَانُ بَعُدَ مِثْلُ مَا ذَكَرَ: وَهُوَ ظَاهِرٌ إذْ لَا كَرَاهَةَ لِرِيحِهِ إلَّا حِينَئِذٍ. اهـ (قَوْلُهُ: فَلَا يَقْرَبَنَّ مَسْجِدَنَا) ظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ مُحْتَاجًا لِأَكْلِهِ لِلْجُوعِ أَوْ غَيْرِهِ. وَفِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ مَا نَصُّهُ: بَابُ مَا جَاءَ فِي الثُّومِ النِّيءِ وَالْبَصَلِ وَالْكُرَّاثِ، وَقَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم «وَمَنْ أَكَلَ الْبَصَلَ وَالثُّومَ مِنْ الْجُوعِ أَوْ غَيْرِهِ فَلَا يَقْرَبَنَّ مَسْجِدَنَا» عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ قَالَ: حَدَّثَنِي نَافِعٌ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ فِي غَزْوَةِ خَيْبَرٍ «مَنْ أَكَلَ مِنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ: يَعْنِي الثُّومَ، فَلَا يَقْرَبَنَّ مَسْجِدَنَا» إلَى أَنْ قَالَ: زَعَمَ عَطَاءٌ أَنَّ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ زَعَمَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ «مَنْ أَكَلَ ثُومًا أَوْ بَصَلًا فَلْيَعْتَزِلْنَا» ، أَوْ قَالَ:«فَلْيَعْتَزِلْ مَسْجِدَنَا، أَوْ لِيَقْعُدْ فِي بَيْتِهِ» انْتَهَى عَمِيرَةُ.

قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: مُقْتَضَى الْحَدِيثِ التَّحْرِيمُ، وَبِهِ قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ انْتَهَى. قَالَ الدَّمِيرِيِّ: وَحُجَّةُ الْجُمْهُورِ حَدِيثُ «كُلْهُ فَإِنَّى أُنَاجِي مَنْ لَا تُنَاجِي» . اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ. (قَوْلُهُ: «فَإِنَّ الْمَلَائِكَةَ تَتَأَذَّى» إلَخْ) قَدْ يَقْتَضِي أَنَّ الْمُرَادَ بِهِمْ غَيْرُ الْكَاتِبِينَ؛ لِأَنَّهُمْ لَا يُفَارِقُونَهُ. بَقِيَ أَنَّ الْمَلَائِكَةَ مَوْجُودُونَ فِي غَيْرِ الْمَسْجِدِ أَيْضًا فَمَا وَجْهُ التَّقْيِيدِ بِالْمَسْجِدِ.

وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ الْمَنْعَ مِنْ غَيْرِ الْمَسْجِدِ تَضْيِيقٌ لَا يُحْتَمَلُ وَمَا مِنْ مَحَلٍّ إلَّا وَتُوجَدُ الْمَلَائِكَةُ فِيهِ، وَأَيْضًا يُمْكِنُ الْمَلَائِكَةُ الْبُعْدَ عَنْهُ فِي غَيْرِ الْمَسْجِدِ، بِخِلَافِ الْمَسْجِدِ فَإِنَّهُمْ يُحِبُّونَ مُلَازَمَتَهُ فَلْيُتَأَمَّلْ.

نَعَمْ مَوْضِعُ الْجَمَاعَةِ خَارِجَ الْمَسْجِدِ يَنْبَغِي أَنَّ حُكْمَهُ حُكْمُ الْمَسْجِدِ فَلْيُتَأَمَّلْ. اهـ سم عَلَى حَجّ. أَقُولُ: أَوْ لِشَرَفِ مَلَائِكَةِ الْمَسْجِدِ عَلَى غَيْرِهِمْ كَمَا قِيلَ بِهِ فِي حِكْمَةِ الْبَصْقِ عَلَى الْيَسَارِ أَنَّ ذَلِكَ تَعْظِيمُ مَلَكِ الْيَمِينِ لِكِتَابَتِهِ الْحَسَنَاتِ (قَوْلُهُ: رِيحٌ كَرِيهَةٌ إلَخْ) وَمِنْ الرِّيحِ الْكَرِيهَةِ رِيحُ الدُّخَانِ الْمَشْهُورِ الْآنَ جَعَلَ اللَّهُ عَاقِبَتَهُ كَأَنَّهُ مَا كَانَ.

(قَوْلُهُ: وَالصُّنَانِ) بِكَسْرِ الصَّادِ. وَعِبَارَةُ الْقَامُوسِ: الصِّنُ بِالْكَسْرِ بَوْلُ الْإِبِلِ وَأَوَّلُ أَيَّامِ الْعَجُوزِ وَشِبْهُ السَّلَّةِ الْمُطْبَقَةِ يُجْعَلُ فِيهَا الْخُبْزُ، وَبِهَا ذَفَرُ الْإِبْطِ كَالصُّنَانِ انْتَهَى.

وَهِيَ تَقْتَضِي أَنَّ الصُّنَانَ يَجُوزُ فِيهِ الْكَسْرُ وَهُوَ الْأَصْلُ، وَالضَّمُّ عَلَى مَا هُوَ مَضْبُوطٌ بِالْقَلَمِ بِهِ فِي الْقَامُوسِ وَالْمِصْبَاحِ وَالصِّحَاحِ وَنِهَايَةِ ابْنِ الْأَثِيرِ (قَوْلُهُ: مَنْعَ الْأَجْذَمِ) يُؤْخَذُ مِنْهُ جَوَازُ التَّعْبِيرِ بِالْأَجْذَمِ عَنْ صَاحِبِ الْمَرَضِ الْمَخْصُوصِ، وَبِهِ صَرَّحَ فِي الْقَامُوسِ، لَكِنْ فِي الصِّحَاحِ أَنَّهُ يُقَالُ لِمَنْ بِهِ الْمَرَضُ

ــ

[حاشية الرشيدي]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ص: 160

كَوْنِ أَكْلِ مَا مَرَّ عُذْرًا عِنْدَ عُسْرِ زَوَالِ رِيحِهِ بِغُسْلٍ أَوْ مُعَالَجَةٍ، بِخِلَافِ مَا إذَا سَهُلَ مِنْ غَيْرِ مَشَقَّةٍ فَلَا يَكُونُ عُذْرًا. وَلَا يُكْرَهُ لِلْمَعْذُورِ دُخُولُ الْمَسْجِدِ وَلَوْ مَعَ الرِّيحِ صَرَّحَ بِهِ ابْنُ حِبَّانَ، بِخِلَافِ غَيْرِهِ فَإِنَّهُ يُكْرَهُ فِي حَقِّهِ كَمَا فِي آخِرِ شُرُوطِ الصَّلَاةِ مِنْ الرَّوْضَةِ خِلَافًا لِمَنْ صَرَّحَ بِحُرْمَتِهِ، هَذَا وَالْأَوْجَهُ كَمَا يَقْتَضِيهِ إطْلَاقُهُمْ عَدَمُ الْفَرْقِ بَيْنَ الْمَعْذُورِ وَغَيْرِهِ؛ لِوُجُودِ الْمَعْنَى، وَهُوَ التَّأَذِّي، وَلَا فَرْقَ فِي ثُبُوتِ الْكَرَاهَةِ بَيْنَ كَوْنِ الْمَسْجِدِ خَالِيًا أَوْ لَا، وَهَلْ يُكْرَهُ أَكْلُهُ خَارِجَ الْمَسْجِدِ أَوْ لَا؟ أَفْتَى الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِكَرَاهَتِهِ نِيئًا كَمَا جَزَمَ بِهِ فِي الْأَنْوَارِ بَلْ جَعَلَهُ أَصْلًا مَقِيسًا عَلَيْهِ حَيْثُ قَالَ: وَكَرِهَ لَهُ يَعْنِي النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَكْلَ الثُّومِ وَالْبَصَلِ وَالْكُرَّاثِ، وَإِنْ كَانَ مَطْبُوخًا كَمَا كَرِهَ لَنَا نِيئًا. انْتَهَى. وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ مَنْقُولُ الْمَذْهَبِ إذْ عَادَتُهُ غَالِبًا فِي غَيْرِ ذَلِكَ عَزَوْهُ إلَى قَائِلِهِ، وَإِنْ اُعْتُمِدَ، وَعُلِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ أَنَّ شَرْطَ إسْقَاطِ الْجُمُعَةِ وَالْجَمَاعَةِ أَنْ لَا يَقْصِدَ بِأَكْلِهِ الْإِسْقَاطَ، وَإِنْ تَعَسَّرَ إزَالَتُهُ.

(وَحُضُورُ) نَحْوِ (قَرِيبٍ) وَصَدِيقٍ وَزَوْجَةٍ وَصِهْرٍ وَمَمْلُوكٍ وَأُسْتَاذٍ وَعَتِيقٍ وَمُعْتِقٍ (وَأَبٍ) أَيْ حَضَرَهُ الْمَوْتُ، وَإِنْ كَانَ لَهُ مُتَعَهِّدٌ لِمَا رُوِيَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما أَنَّهُ تَرَكَ الْجُمُعَةَ وَحَضَرَ عِنْدَ قَرِيبِهِ سَعِيدِ بْنِ زَيْدٍ أَحَدِ الْعَشَرَةِ لَمَّا أُخْبِرَ أَنَّ الْمَوْتَ نَزَلَ؛ لِأَنَّهُ يَشُقُّ عَلَيْهِ فِرَاقُهُ وَيَتَأَلَّمُ لِغَيْبَتِهِ (أَوْ) حُضُورِ (مَرِيضٍ بِلَا مُتَعَهِّدٍ) لَهُ قَرِيبًا كَانَ أَوْ أَجْنَبِيًّا لِئَلَّا يَضِيعَ حَيْثُ خَافَ عَلَيْهِ ضَرَرًا، أَوْ لَهُ مُتَعَهِّدٌ مَشْغُولٌ بِشِرَاءِ الْأَدْوِيَةِ مَثَلًا فَيَكُونُ كَمَا لَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مُتَعَهِّدٌ (أَوْ) حُضُورُ نَحْوِ قَرِيبٍ مِمَّنْ لَهُ مُتَعَهِّدٍ لَكِنَّهُ (يَأْنَسُ بِهِ) أَيْ بِالْحَاضِرِ؛ لِأَنَّ تَأْنِيسَهُ أَهَمُّ، وَأَشَارَ الْمُصَنِّفُ أَوَّلَ الْأَعْذَارِ بِالْكَافِ فِي كَمَطَرٍ إلَى عَدَمِ انْحِصَارِهَا فِيمَا ذَكَرَهُ، فَمِنْهَا أَيْضًا نَحْوُ زَلْزَلَةٍ وَغَلَبَةِ نُعَاسٍ وَسِمَنٍ مُفْرِطٍ وَسَعَى فِي اسْتِرْدَادِ مَالٍ يَرْجُو حُصُولَهُ لَهُ أَوْ لِغَيْرِهِ.

وَأَعْمَى حَيْثُ لَا يَجِدُ قَائِدًا وَلَوْ بِأُجْرَةِ مِثْلٍ قَدَرَ عَلَيْهَا فَاضِلَةٍ عَمَّا يُعْتَبَرُ فِي الْفِطْرَةِ وَلَا أَثَرَ لِإِحْسَانِهِ الْمَشْيَ بِالْعَصَا إذْ قَدْ تَحْدُثُ لَهُ وَهْدَةٌ يَقَعُ فِيهَا وَكَوْنُهُ مِنْهُمَا: أَيْ بِحَيْثُ يَمْنَعُهُ الْهَمُّ مِنْ الْخُشُوعِ وَالِاشْتِغَالِ بِتَجْهِيزِ مَيِّتٍ وَحَمْلِهِ وَدَفْنِهِ وَوُجُودِ مَنْ يُؤْذِيهِ فِي طَرِيقِهِ وَلَوْ بِنَحْوِ شَتْمٍ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

مَجْذُومٌ، وَلَا يُقَالُ أَجْذَمُ، فَإِنَّ الْأَجْذَمَ إنَّمَا يُقَالُ لِمَنْ قُطِعْت يَدُهُ (قَوْلُهُ: فَلَا يَكُونُ عُذْرًا) أَيْ فَيُنْدَبُ الْحُضُورُ: أَيْ إنْ قُلْنَا إنَّ حُضُورَ الْجَمَاعَةِ سُنَّةٌ أَوْ يَجِبُ: أَيْ إنْ قُلْنَا إنَّ حُضُورَهَا فَرْضٌ وَتُسَنُّ إزَالَتُهُ (قَوْلُهُ: بِكَرَاهَتِهِ) وَيَنْبَغِي أَنَّ مَحَلَّ الْكَرَاهَةِ مَا لَمْ يَحْتَجْ لِأَكْلِهِ كَفَقْدِ مَا يَأْتَدِمُ بِهِ أَوْ تَوَقَانِ نَفْسِهِ إلَيْهِ، وَيُحْمَلُ عَلَيْهِ قَوْلُهُ: صلى الله عليه وسلم «كُلْهُ فَإِنَّى أُنَاجِي مَنْ لَا تُنَاجِي» .

(قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ مَطْبُوخًا) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: إذْ عَادَتُهُ) أَيْ صَاحِبِ الْأَنْوَارِ (قَوْلُهُ: أَنْ لَا يَقْصِدَ بِأَكْلِهِ الْإِسْقَاطَ) فِي شَرْحِ الْعُبَابِ، وَمَرَّ آنِفًا أَنَّ مَنْ أَكَلَهُ بِقَصْدِ الْإِسْقَاطِ كُرِهَ لَهُ وَحُرُمُ عَلَيْهِ فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ، وَلَمْ تَسْقُطْ. انْتَهَى. وَيَنْبَغِي حُرْمَتُهُ هُنَا أَيْضًا إذَا تَوَقَّفَتْ الْجَمَاعَةُ الْمُجْزِئَةُ عَلَيْهِ. انْتَهَى.

وَقَضِيَّةُ تَعْبِيرِهِ بِالْقَصْدِ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَقْصِدْ الْإِسْقَاطَ لَمْ يَأْثَمْ وَتَسْقُطُ عَنْهُ وَإِنْ تَعَمَّدَ أَكْلَهُ وَعَلِمَ أَنَّ النَّاسَ يَتَضَرَّرُونَ بِهِ. وَقَوْلُهُ وَلَمْ تَسْقُطْ يَقْتَضِي وُجُوبَ الْحُضُورِ وَإِنْ تَأَذَّى بِهِ الْحَاضِرُونَ. بَقِيَ أَنَّ مِثْلَ أَكْلِ مَا ذُكِرَ بِقَصْدِ الْإِسْقَاطِ وَضْعُ قِدْرِهِ فِي الْفُرْنِ بِقَصْدِ ذَلِكَ، لَكِنْ لَا يَجِبُ الْحُضُورُ مَعَ تَأْدِيَتِهِ لِتَلَفِهِ. اهـ سم عَلَى حَجّ.

(قَوْلُهُ: وَحُضُورُ قَرِيبٍ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ غَيْرُ مُحْتَرَمٍ كَزَانٍ مُحْصَنٍ وَقَاطِعِ طَرِيقٍ، وَنَقَلَ ذَلِكَ بِالدَّرْسِ عَنْ فَتَاوَى الشَّارِحِ رحمه الله (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ يَشُقُّ عَلَيْهِ فِرَاقُهُ) أَيْ الْمَرِيضِ وَجَعَلَهُ بَعْضُهُمْ لِمَنْ حَضَرَ، قَالَ: لِأَنَّ الْمُحْتَضَرَ لَا يَتَأَذَّى بِغَيْبَةِ أَحَدٍ عَنْهُ لِعَدَمِ تَمْيِيزِهِ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ، وَقَدْ يُمْنَعُ بِأَنَّهُ مَا دَامَتْ الرُّوحُ بَاقِيَةً كَانَ لَهُ شُعُورٌ وَإِنْ لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ النُّطْقِ بِمَا يُرِيدُ.

(قَوْلُهُ: وَيَتَأَلَّمُ لِغَيْبَتِهِ) عَمِيرَةُ، أَحْسَنُ مِنْ هَذَا قَوْلُ غَيْرِهِ لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ شَغْلِ الْقَلْبِ السَّالِبِ لِلْخُشُوعِ. اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ. (قَوْلُهُ: وَهْدَةٌ يَقَعُ فِيهَا) أَيْ أَوْ غَيْرِهَا مِمَّا يَتَضَرَّرُ بِالتَّعَثُّرِ بِهِ كَأَثْقَالٍ تُوضَعُ فِي طَرِيقِهِ وَدَوَابَّ تُوقَفُ فِيهَا. اهـ سم عَلَى ابْنِ حَجَرٍ (قَوْلُهُ: وَحَمْلِهِ وَدَفْنِهِ) أَيْ حَيْثُ

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: أَوْ حُضُورُ مَرِيضٍ بِلَا مُتَعَهِّدٍ) إنَّمَا قَدَّرَ الشَّارِحُ لَفْظَ حُضُورٍ دُونَ لَفْظِ قَرِيبٍ لِكَوْنِهِ أَفْيَدَ وَإِنْ كَانَ الْمَتْنُ لَا يَقْبَلُهُ فَهُوَ حَلُّ مَعْنًى وَإِلَّا فَالْمَتْنُ مَفْرُوضٌ فِي الْقَرِيبِ فِي الْمَسَائِلِ الثَّلَاثَةِ لِيَتَأَتَّى لَهُ الْعَطْفُ فِي الثَّالِثَةِ (قَوْلُهُ: لَهُ أَوْ لِغَيْرِهِ)

ص: 161