الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَرْعٌ: قَدْ اعْتَادَ كَثِيرٌ مِنْ الْعَوَامّ أَنَّهُمْ إذَا سَمِعُوا قِرَاءَةَ الْإِمَامِ {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} [الفاتحة: 5] قَالُوا {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} [الفاتحة: 5] وَهَذَا بِدْعَةٌ مَنْهِيٌّ عَنْهُ، فَأَمَّا بُطْلَانُ الصَّلَاةِ بِهَا فَقَدْ قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ: إنْ كَانَ غَيْرَ قَاصِدٍ التِّلَاوَةَ أَوْ قَالَ اسْتَعَنَّا بِاَللَّهِ أَوْ نَسْتَعِينُ بِاَللَّهِ بَطَلَتْ انْتَهَى.
وَتَبْطُلُ صَلَاتُهُ بِالْقَوْلِ الْمَذْكُورِ إذَا لَمْ يَقْصِدْ بِهِ شَيْئًا وَكَذَا إذَا قَصَدَ بِقَوْلِهِ اسْتَعَنَّا بِاَللَّهِ الثَّنَاءَ أَوْ الذِّكْرَ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ التَّحْقِيقِ وَشَرْحِ الْمُهَذَّبِ وَغَيْرِهِمَا، إذْ لَا عِبْرَةَ بِقَصْدِ مَا لَمْ يُفِدْهُ اللَّفْظُ، وَإِنْ قَالَ الطَّبَرِيُّ فِي شَرْحِ التَّنْبِيهِ: الظَّاهِرُ الصِّحَّةُ؛ لِأَنَّهُ ثَنَاءٌ عَلَى اللَّهِ: أَيْ بِاللَّازِمِ، قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَهُوَ الْحَقُّ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُمْ فِي قُنُوتِ رَمَضَانَ: اللَّهُمَّ إيَّاكَ نَعْبُدُ انْتَهَى. وَحِينَئِذٍ فَتَبْطُلُ الصَّلَاةُ فِي نَظَائِرِ ذَلِكَ كَقَوْلِهِ أَطْلُبُ زَوْجَةً أَوْ وَلَدًا أَوْ مَالًا مِنْ اللَّهِ تَعَالَى أَوْ قَرَأَ {إِنَّا أَرْسَلْنَا نُوحًا} [نوح: 1] الْآيَةَ أَوْ نَحْوَهَا مِنْ أَخْبَارِ الْقُرْآنِ وَمَوَاعِظِهِ وَأَحْكَامِهِ حَيْثُ قَصَدَ بِهِ الثَّنَاءَ، وَالْمُرَادُ بِالذِّكْرِ الَّذِي لَا تَبْطُلُ بِهِ الصَّلَاةُ مَا كَانَ مَدْلُولُهُ الثَّنَاءَ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى كَقَوْلِ الْمُصَلِّي سُبْحَانَ اللَّهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَلَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَاَللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُمَّ أَنْتَ السَّلَامُ وَمِنْك السَّلَامُ إلَى آخِرِهِ.
وَالْأَوْجَهُ أَنْ يَعْتَبِرَ فِي نَحْوِ يَا يَحْيَى مُقَارَنَةَ قَصْدِ نَحْوِ الْقِرَاءَةِ، وَلَوْ مَعَ التَّفْهِيمِ لِجَمِيعِ اللَّفْظِ، إذْ عُرُوُّهُ عَنْ بَعْضِهِ يُصَيِّرُ اللَّفْظَ أَجْنَبِيًّا مُنَافِيًا لِلصَّلَاةِ كَمَا يُشْعِرُ بِهِ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ إنْ قَصَدَ مَعَهُ قِرَاءَةً، وَإِنْ كَانَ الْمُرَجَّحُ فِي نَظِيرِهِ مِنْ الْكِنَايَةِ الِاكْتِفَاءَ بِاقْتِرَانِ النِّيَّةِ بِبَعْضِهَا.
(وَ
لَا تَبْطُلُ) الصَّلَاةُ (بِالذِّكْرِ وَالدُّعَاءِ)
، وَإِنْ لَمْ يُنْدَبَا حَيْثُ كَانَا جَائِزَيْنِ وَلَا بِالنَّذْرِ؛ لِأَنَّهُ مُنَاجَاةٌ لِلَّهِ فَهُوَ مِنْ جِنْسِ الدُّعَاءِ، إلَّا مَا عُلِّقَ مِنْهُ كَاَللَّهُمِ اغْفِرْ لِي إنْ أَرَدْت أَوْ إنْ شَفَى اللَّهُ مَرِيضِي فَعَلَيَّ عِتْقُ رَقَبَةٍ أَوْ إنْ كَلَّمْت زَيْدًا فَعَلَيَّ كَذَا فَتَبْطُلُ بِهِ الصَّلَاةُ كَمَا ذَكَرَهُ الْأَذْرَعِيُّ بَحْثًا فِي النَّذْرِ، وَأُلْحِقَ بِهِ مَا فِي مَعْنَاهُ، وَبَحْثُ الْإِسْنَوِيِّ إلْحَاقُ الْوَصِيَّةِ وَالْعِتْقِ وَالصَّدَقَةِ وَسَائِرِ الْقُرَبِ الْمُنَجَّزَةِ بِالنَّذْرِ، لَكِنْ رَدَّهُ جَمْعٌ بِأَنَّ الصَّدَقَةَ لَا تَتَوَقَّفُ عَلَى لَفْظٍ، فَالتَّلَفُّظُ بِهَا فِي الصَّلَاةِ غَيْرُ مُحْتَاجٍ لَهُ بَلْ وَلَا تَحْصُلُ بِهِ، إذْ لَا بُدَّ فِيهَا مِنْ الْقَبْضِ وَبِأَنَّ النَّذْرَ بِنَحْوِ لِلَّهِ مُنَاجَاةٌ لِتَضَمُّنِهِ ذِكْرًا، بِخِلَافِ الْإِعْتَاقِ بِنَحْوِ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
الْبَدَنِ، وَتُفْرِغُ فِيهَا السُّمَّ إلَى دَاخِلِهِ، وَالسُّمُّ، وَإِنْ كَانَ نَجِسًا كَمَا صَرَّحُوا بِهِ؛ لِأَنَّهُ مُسْتَحِيلٌ فَهُوَ جُزْءٌ مِمَّا مَيْتَتُهُ نَجِسَةٌ، لَكِنَّ حُصُولَ النَّجَاسَةِ فِي دَاخِلِ الْبَدَنِ لَا يُبْطِلُ، وَالْحَيَّةُ تُلْقِي سُمَّهَا عَلَى ظَاهِرِ الْبَدَنِ، وَهُوَ نَجِسٌ وَتَنَجُّسُ ظَاهِرِ الْبَدَنِ مُبْطِلٌ، هَكَذَا ذَكَرُوهُ وَاعْتَمِدْهُ. م ر اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ. (قَوْلُهُ: لِجَمِيعِ اللَّفْظِ) وَيُحْتَمَلُ الِاكْتِفَاءُ بِالْمُقَارَنَةِ لِأَوَّلِهِ إذَا قَصَدَ حِينَئِذٍ الْإِتْيَانَ بِالْجَمِيعِ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ سم عَلَى حَجّ. هَذَا مِنْ الْعَالِمِ لِمَا مَرَّ عَنْهُ مِنْ أَنَّ الْجَاهِلَ يُعْذَرُ مُطْلَقًا.
(قَوْلُهُ: حَيْثُ كَانَا جَائِزَيْنِ) يُتَأَمَّلُ التَّقْيِيدُ بِالْجَوَازِ فِي الذِّكْرِ بَعْدَ تَفْسِيرِهِ بِأَنَّهُ مَا دَلَّ عَلَى الثَّنَاءِ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى، وَقَدْ يُقَالُ: يَجُوزُ أَنْ يُرَادَ بِالذِّكْرِ الْمُحَرَّمِ مَا لَوْ اخْتَرَعَ ذِكْرًا غَيْرَ وَارِدٍ فِي مَحَلٍّ مِنْ الصَّلَاةِ وَتَرْجَمَ عَنْهُ بِغَيْرِ الْعَرَبِيَّةِ، كَمَا قِيلَ بِهِ فِيمَا لَوْ اخْتَرَعَ دُعَاءً بِغَيْرِ الْعَرَبِيَّةِ، وَانْظُرْ هَلْ مِنْ ذَلِكَ مَا لَوْ أَثْنَى عَلَى اللَّهِ فِي مُقَابَلَةِ مَعْصِيَةٍ ارْتَكَبَهَا كَأَنْ طَلَبَ تَحْصِيلَ امْرَأَةٍ لِيَزْنِيَ بِهَا فَلَمَّا حَصَلَتْ أَثْنَى عَلَى اللَّهِ لِذَلِكَ. وَأَقُولُ: الْأَقْرَبُ الَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهُ مِنْهُ فَتَبْطُلُ الصَّلَاةُ بِهِ (قَوْلُهُ: إلَّا مَا عُلِّقَ مِنْهُ) الْأَوْلَى مِنْهُمَا: أَيْ النَّذْرُ وَالدُّعَاءُ لِيُلَاقِيَ قَوْلَهُ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي إلَخْ، وَعَلَيْهِ فَالضَّمِيرُ فِي مِنْهُ رَاجِعٌ لِمَا ذُكِرَ (قَوْلُهُ: وَأُلْحِقَ بِهِ وَمَا فِي مَعْنَاهُ) ضَعِيفٌ (قَوْلُهُ: وَسَائِرِ الْقُرَبِ الْمُنْجَزَةِ) مِنْهَا الْوَقْفُ (قَوْلُهُ: لَكِنْ رَدَّهُ جَمْعٌ إلَخْ) مُعْتَمَدٌ
ــ
[حاشية الرشيدي]
أَيْ بِخِلَافِ مَا إذَا قَصَدَهُمَا أَوْ أَحَدَهُمَا: أَيْ وَصَلَحَ لِذَلِكَ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ.
[لَا تَبْطُلُ الصَّلَاةُ بِالذِّكْرِ وَالدُّعَاءِ]
(قَوْلُهُ: إلَّا مَا عَلِقَ مِنْهُ) أَيْ مِمَّا ذُكِرَ (قَوْلُهُ: وَأُلْحِقَ بِهِ مَا فِي مَعْنَاهُ) أَيْ مِنْ تَعْلِيقِ الذِّكْرِ وَالدُّعَاءِ (قَوْلُهُ: وَبِأَنَّ النَّذْرَ بِنَحْوِ لِلَّهِ مُنَاجَاةٌ إلَخْ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَذْكُرْ لَفْظَ لِلَّهِ أَبْطَلَ، وَأَنَّهُ لَوْ أَتَى بِلَفْظِ لِلَّهِ فِي نَحْوِ الْعِتْقِ لَا يَبْطُلُ كَأَنْ قَالَ عَبْدِي حُرٌّ لِلَّهِ ثُمَّ رَأَيْته فِي الْإِمْدَادِ قَالَ عَقِبَ مَا قَالَهُ الشَّارِحُ هُنَا مَا لَفْظُهُ: وَقَدْ يُرَدُّ بِأَنَّ قَوْلَهُ لِلَّهِ لَيْسَ بِشَرْطٍ، فَأَيُّ فَرْقٍ بَيْنَ عَلَيَّ كَذَا وَنَحْوِ عَبْدِي حُرٌّ وَلِفُلَانٍ كَذَا
عَبْدِي حُرٌّ، وَالْإِيصَاءُ بِنَحْوِ لِفُلَانٍ كَذَا بَعْدَ مَوْتِي.
وَمَعْلُومٌ أَنَّ النَّذْرَ إنَّمَا يَكُونُ فِي قُرْبَةٍ فَنَذْرُ اللَّجَاجِ مُبْطَلٌ لِكَرَاهَتِهِ، وَأَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ إذَا أَتَى بِهِ قَاصِدًا لِلْإِنْشَاءِ لَا الْإِخْبَارِ، وَإِلَّا كَانَ غَيْرَ قُرْبَةٍ فَتَبْطُلُ بِهِ، أَمَّا لَوْ كَانَ الدُّعَاءُ وَنَحْوُهُ مُحَرَّمًا فَإِنَّهَا تَبْطُلُ بِهِ أَوْ كَانَ بِغَيْرِ الْعَرَبِيَّةِ، وَلَيْسَ ذَلِكَ الْمُتَرْجَمُ عَنْهُ وَارِدًا أَوْ وَرَدَ، وَهُوَ يُحْسِنُهَا كَمَا مَرَّ ذَلِكَ قُبَيْلَ الرُّكْنِ الثَّانِي عَشَرَ، وَيُتَّجَهُ إلْحَاقُ النَّذْرِ وَمَا ذُكِرَ مَعَهُ بِهِمَا فِي ذَلِكَ، وَأَفْتَى بِهِ الْقَفَّالُ بِأَنَّهُ لَوْ قَالَ السَّلَامُ قَاصِدًا اسْمَ اللَّهِ وَالْقُرْآنَ لَمْ تَبْطُلْ، وَإِلَّا بَطَلَتْ، وَمِثْلُهُ الْغَافِرُ وَكَذَا النِّعْمَةُ وَالْعَافِيَةُ بِقَصْدِ الدُّعَاءِ، وَيُشْتَرَطُ فِي جَمِيعِ مَا مَرَّ أَنْ لَا يَتَضَمَّنَ مَا أَتَى بِهِ خِطَابُ مَخْلُوقٍ غَيْرِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِنْ إنْسٍ وَجِنٍّ وَمَلِكٍ وَنَبِيٍّ غَيْرِ نَبِيِّنَا كَمَا أَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ (إلَّا أَنْ يُخَاطَبَ) بِهِ (كَقَوْلِهِ لِعَاطِسٍ رَحِمَك اللَّهُ) أَوْ لِغَيْرِهِ نَذَرْت لَك بِكَذَا، أَوْ لِعَبْدِهِ لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَعْتِقَك فَتَبْطُلُ بِهِ، وَشَمِلَ ذَلِكَ خِطَابَ مَا لَا يَعْقِلُ كَرَبِّي وَرَبُّك اللَّهُ، أَعُوذُ بِاَللَّهِ مِنْ شَرِّك وَشَرِّ مَا فِيك وَشَرِّ مَا دَبَّ عَلَيْك لِلْأَرْضِ، أَوْ آمَنْت بِاَلَّذِي خَلَقَك لِلْهِلَالِ، أَوْ أَلْعَنُك بِلَعْنَةِ اللَّهِ، أَوْ أَعُوذُ بِاَللَّهِ مِنْك لِلشَّيْطَانِ إذَا أَحَسَّ بِهِ، وَرَحِمَك اللَّهُ لِمَيِّتٍ فِي الصَّلَاةِ عَلَيْهِ كَمَا اعْتَمَدَ ذَلِكَ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَدَلَّ عَلَيْهِ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ حَيْثُ قَالَ: قُلْت: قَالَ أَصْحَابُنَا إنَّ الصَّلَاةَ تَبْطُلُ بِالدُّعَاءِ لِغَيْرِهِ بِصِيغَةِ الْمُخَاطَبَةِ كَقَوْلِهِ لِلْعَاطِسِ رَحِمَك اللَّهُ أَوْ يَرْحَمُك اللَّهُ، وَلِمَنْ سَلَّمَ عَلَيْهِ وَعَلَيْك السَّلَامُ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
(قَوْلُهُ: فَنَذْرُ اللَّجَاجِ) كَقَوْلِهِ لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ لَا أُكَلِّمَ زَيْدًا (قَوْلُهُ: فَإِنَّهَا تَبْطُلُ بِهِ) وَمِنْ ذَلِكَ الدُّعَاءُ الْمَنْظُومُ عَلَى مَا قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ اهـ حَجّ. وَكَتَبَ عَلَيْهِ سم الْمُتَّجَهُ خِلَافُهُ. اهـ. أَيْ فَلَا تَبْطُلُ بِهِ لَكِنَّهُ يُكْرَهُ. وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهَا لَا تَبْطُلُ بِالدُّعَاءِ وَالذِّكْرِ الْمَكْرُوهَيْنِ، وَعَلَيْهِ فَمَا الْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ النَّذْرِ الْمَكْرُوهِ حَيْثُ بَطَلَتْ بِهِ ثُمَّ ظَفِرْتُ بِفَرْقٍ لِلشَّيْخِ حَمْدَانَ فِي مُلْتَقَى الْبَحْرَيْنِ بَيْنَ بُطْلَانِهَا بِالنَّذْرِ الْمَكْرُوهِ وَعَدَمِهِ بِالْقِرَاءَةِ فِي نَحْوِ الرُّكُوعِ مَعَ كَرَاهَتِهَا فِيهِ وَنَصُّهُ: وَلَك أَنْ تَقُولَ هَذَا لَمَّا انْتَفَتْ فِيهِ الْقُرْبَةُ مِنْ حَيْثُ لَفْظُهُ أَشْبَهَ كَلَامَ الْآدَمِيِّينَ فَأُبْطِلَ، بِخِلَافِ الْقِرَاءَةِ فِيمَا ذُكِرَ بِقَصْدِهَا، وَإِنْ انْتَفَتْ فِيهَا لِلْقُرْبَةِ مِنْ حَيْثُ وَضْعُهَا فِي غَيْرِ مَوْضِعِهَا لَمْ تُخْرِجْ الْقُرْآنَ إلَى شِبْهِ كَلَامِ الْآدَمِيِّينَ. اهـ.
فَيُمْكِنُ مَجِيئُهُ هُنَا، وَيُقَالُ عُرُوضُ الْكَرَاهَةِ لِلذِّكْرِ وَالدُّعَاءِ لَا يُخْرِجُهُمَا عَنْ كَوْنِهِمَا ذِكْرًا وَدُعَاءً كَالْقِرَاءَةِ (قَوْلُهُ: وَارِدًا) أَيْ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم (قَوْلُهُ: وَمِثْلُهُ الْغَافِرُ) أَيْ فِي عَدَمِ الضَّرَرِ إنْ قَصَدَ الدُّعَاءَ بِهِمَا
ــ
[حاشية الرشيدي]
بَعْدَ مَوْتِي (قَوْلُهُ: أَمَّا لَوْ كَانَ الدُّعَاءُ وَنَحْوُهُ) أَيْ الذِّكْرُ وَصُورَةُ الذِّكْرِ الْحَرَامِ أَنْ يَشْتَمِلَ عَلَى أَلْفَاظٍ لَا يُعْرَفُ مَدْلُولُهَا كَمَا يَأْتِي بِهِ التَّصْرِيحُ بِهِ فِي بَابِ الْجُمُعَةِ أَيْ فَتَضُرُّ التَّرْجَمَةُ عَنْهَا (بِغَيْرِ الْعَرَبِيَّةِ) بَيَانٌ لِمَا أَرَادَهُ مِنْ الْإِشَارَةِ بِقَوْلِهِ فِي ذَلِكَ وَإِلَّا فَهِيَ تَشْمَلُ مَا لَوْ كَانَ ذَلِكَ مُحَرَّمًا (قَوْلُهُ: وَمَا ذُكِرَ مَعَهُ) هُوَ تَابِعٌ فِي هَذَا لِلْإِمْدَادِ، وَمُرَادُهُ بِهِ الْوَصِيَّةُ وَالْعِتْقُ وَالصَّدَقَةُ وَسَائِرُ الْقُرَبِ بِنَاءً عَلَى عَدَمِ الْبُطْلَانِ بِهَا، لَكِنَّ ذَاكَ إنَّمَا قَالَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ يَمِيلُ إلَى عَدَمِ الْبُطْلَانِ بِهَا، فَكَانَ يَنْبَغِي لِلشَّارِحِ أَنْ لَا يُعَبِّرَ بِهِ بِنَاءً عَلَى مَا قَدَّمَهُ (قَوْلُهُ: بِهِمَا) أَيْ بِالدُّعَاءِ وَنَحْوِهِ وَهُوَ الذِّكْرُ (قَوْلُهُ: وَالْقُرْآنُ) أَيْ قَاصِدًا كَوْنَهُ مِنْ الْقُرْآنِ فَهُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى اسْمِ لَا عَلَى مَا أُضِيفَ إلَيْهِ (قَوْلُهُ: مِنْ إنْسٍ وَجِنٍّ وَمَلَكٍ وَنَبِيٍّ) أَيْ أَوْ غَيْرِهِمْ كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: لِلشَّيْطَانِ إذَا أَحَسَّ بِهِ) صَرِيحٌ فِي أَنَّ الشَّيْطَانَ لَا يَعْقِلُ، وَمِثْلُهُ فِي الْإِمْدَادِ، وَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَيْسَ كَذَلِكَ، وَعِبَارَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ: وَاسْتَثْنَى الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ مَسَائِلَ: إحْدَاهَا دُعَاءٌ فِيهِ خِطَابٌ لِمَا لَا يَعْقِلُ وَمَثَّلَ لَهُ بِالْأَرْضِ وَالْهِلَالِ. ثُمَّ قَالَ: ثَانِيَتُهَا إذَا أَحَسَّ بِالشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يُسْتَحَبُّ أَنْ يُخَاطِبَهُ بِقَوْلِهِ أَلْعَنُك بِلَعْنَةِ اللَّهِ أَعُوذُ بِاَللَّهِ مِنْك؛ لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم قَالَ ذَلِكَ فِي الصَّلَاةِ (قَوْلُهُ: وَدَلَّ عَلَيْهِ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ) أَيْ بِالنِّسْبَةِ لِخِطَابِ
وَأَشْبَاهُهُ.
وَالْأَحَادِيثُ السَّابِقَةُ فِي الْبَابِ قَبْلَهُ فِي السَّلَامِ عَلَى الْمُصَلِّي تُؤَيِّدُ مَا قَالَهُ أَصْحَابُنَا، فَيُؤَوَّلُ الْحَدِيثُ: أَيْ الْوَارِدُ بِمُخَاطَبَةِ الشَّيْطَانِ، أَوْ يُحْمَلُ عَلَى أَنَّهُ كَانَ قَبْلَ تَحْرِيمِ الْكَلَامِ فِي الصَّلَاةِ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ. اهـ. أَيْ لِاحْتِمَالِ كَوْنِهِ خُصُوصِيَّةً لَهُ أَوْ أَنَّ قَوْلَهُ ذَلِكَ كَانَ نَفْسِيًّا لَا لَفْظِيًّا، وَإِنْ جَرَى جَمْعٌ مُتَأَخِّرُونَ عَلَى اسْتِثْنَاءِ هَذِهِ الصُّوَرِ مِنْ الْبُطْلَانِ، أَمَّا خِطَابُ الْخَالِقِ كَإِيَّاكَ نَعْبُدُ وَخِطَابُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَلَوْ فِي غَيْرِ التَّشَهُّدِ خِلَافًا لِلْأَذْرَعِيِّ فَلَا تَبْطُلُ بِهِ حَتَّى لَوْ دَعَا صلى الله عليه وسلم فِي عَصْرِهِ مُصَلِّيًا وَجَبَتْ عَلَيْهِ إجَابَتُهُ وَلَا تَبْطُلُ بِهَا صَلَاتُهُ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ قَلِيلِ الْإِجَابَةِ وَكَثِيرِهَا بِالْقَوْلِ وَالْفِعْلِ كَمَا بَحَثَهُ الْإِسْنَوِيُّ.
وَلَا تَجِبُ إجَابَةُ الْأَبَوَيْنِ فِي الصَّلَاةِ بَلْ تَحْرُمُ فِي الْفَرْضِ وَتَبْطُلُ بِهَا، وَتَجُوزُ فِي النَّفْلِ مَعَ بُطْلَانِهَا بِهَا، وَالْأَوْلَى الْإِجَابَةُ فِيهِ إنْ شَقَّ عَلَيْهِمَا عَدَمُهَا كَمَا بَحَثَهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ. وَلَوْ رَأَى مُشْرِفًا عَلَى هَلَاكٍ كَأَعْمَى أَشْرَفَ عَلَى وُقُوعِهِ فِي نَحْوِ بِئْرٍ وَلَمْ يَحْصُلْ إنْذَارُهُ إلَّا بِالْكَلَامِ وَجَبَ وَتَبْطُلُ بِهِ، خِلَافًا
ــ
[حاشية الشبراملسي]
قَوْلُهُ: خُصُوصِيَّةً لَهُ) أَيْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم (قَوْلُهُ: كَإِيَّاكَ نَعْبُدُ) أَيْ حَيْثُ قَصَدَ بِهِ الدُّعَاءَ أَوْ الْقِرَاءَةَ عَلَى مَا مَرَّ (قَوْلُهُ: وَخِطَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم) أَمَّا خِطَابُ غَيْرِهِ مِنْ الْأَنْبِيَاءِ فَتَبْطُلُ بِهِ وَتَجِبُ إجَابَتُهُ لَكِنْ يَنْبَغِي أَنْ تُسَنَّ م ر اهـ سم عَلَى حَجّ.
وَنُقِلَ فِي الدَّرْسِ عَنْ الْخَطِيبِ أَنَّهُ تَجِبُ الْإِجَابَةُ وَتَبْطُلُ بِهَا الصَّلَاةُ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: فَلَا تَبْطُلُ بِهِ) أَيْ وَمَحَلُّ ذَلِكَ إنْ كَانَ الْمُبْتَدِئُ بِالْخِطَابِ هُوَ الْمُصَلِّي حَيْثُ كَانَ الْخِطَابُ فِي دُعَاءٍ كَمَا هُوَ الْفَرْضُ أَمَّا بِغَيْرِ الدُّعَاءِ كَأَنْ سَأَلَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ عَنْ شَيْءٍ فَتَبْطُلُ بِهِ فِيمَا يَظْهَرُ، فَإِنْ ابْتَدَأَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لَمْ يَضُرَّ الْخِطَابُ فِي جَوَابِهِ مُطْلَقًا (قَوْلُهُ: حَتَّى لَوْ دَعَا صلى الله عليه وسلم إلَخْ) بَقِيَ مَا لَوْ قَالَ لَهُ شَخْصٌ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَدْعُوك، وَهُوَ فِي مَحَلِّ كَذَا فَذَهَبَ إلَيْهِ هَلْ تَبْطُلُ صَلَاتُهُ أَوْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ. وَالْأَقْرَبُ أَنَّهُ إنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ صِدْقُ الْمُخْبِرِ لَا تَبْطُلُ صَلَاتُهُ بِالذَّهَابِ إلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ يَرَهُ ثَمَّ، وَلَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ كَوْنِهِ فِي حَيَاتِهِ صلى الله عليه وسلم أَوْ بَعْدَ وَفَاتِهِ (قَوْلُهُ: فِي عَصْرِهِ) هَذَا جَرْيٌ عَلَى الْغَالِبِ سم (قَوْلُهُ: وَلَا تَبْطُلُ) وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ: إنَّهَا تَقْطَعُ الْمُوَالَاةَ؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ مَصَالِحِ الصَّلَاةِ، بِخِلَافِ التَّأْمِينِ وَنَحْوِهِ. وَفِي سم عَلَى مَنْهَجٍ: قَالَ م ر: وَكَذَا الِاسْتِدْبَارُ الْمُحْتَاجُ إلَيْهِ فِي إجَابَتِهِ يَنْبَغِي أَنْ لَا تَبْطُلَ بِهِ، قَالَ: وَإِذَا انْتَهَى غَرَضُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَتَمَّ الصَّلَاةَ فِيمَا وَصَلَ إلَيْهِ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَعُودَ إلَى مَكَانِهِ الْأَوَّلِ، فَلَوْ كَانَ إمَامًا وَقَدْ تَأَخَّرَ عَنْ الْقَوْمِ بِسَبَبِ الْإِجَابَةِ هَلْ لَهُ أَنْ يَعُودَ لِمَكَانِهِ الْأَوَّلِ؟ قَالَ م ر: يَنْبَغِي أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ، وَأَنْ يَتَعَيَّنَ عَلَيْهِ مُفَارَقَتُهُ.
أَقُولُ: قِيَاسُ ذَلِكَ أَنْ تَتَعَيَّنَ الْمُفَارَقَةُ بِمُجَرَّدِ تَأَخُّرِهِ عَنْهُمْ، وَيُحْتَمَلُ خِلَافُهُ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَأْمُرَهُ عليه الصلاة والسلام بِالْعَوْدِ لِمَكَانِهِ الْأَوَّلِ فَلَهُمْ الصَّبْرُ إلَى تَبَيُّنِ الْحَالِ، وَانْظُرْ لَوْ تَقَدَّمَ عَلَيْهِمْ بِأَزْيَدَ مِنْ ثَلَثمِائَةِ ذِرَاعٍ بِوَاسِطَةِ الْإِجَابَةِ عَلَى قِيَاسِ امْتِنَاعِ عَوْدِهِ لَوْ تَأَخَّرَ أَنْ تَجِبَ مُفَارَقَتُهُ أَوْ يَجُوزُ الْبَقَاءُ وَتُغْتَفَرُ الزِّيَادَةُ هُنَا؛ لِأَنَّهَا فِي الدَّوَامِ وَيُغْتَفَرُ فِيهِ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي الِابْتِدَاءِ كَمَا لَوْ زَالَتْ الرَّابِطَةُ فِي الدَّوَامِ، فِيهِ نَظَرٌ، وَخَرَجَ بِالنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم غَيْرُهُ مِنْ الْأَنْبِيَاءِ حَتَّى السَّيِّدُ عِيسَى عليه الصلاة والسلام، قَالَهُ م ر. وَالْكَلَامُ فِي إجَابَتِهِ فِي حَيَاتِهِ وَكَذَا بَعْدَ مَوْتِهِ لِمَنْ تَيَسَّرَ لَهُ اجْتِمَاعُهُ بِهِ. اهـ. أَقُولُ: قَوْلُهُ: فِي قِيَاسِ مَا قَدَّمَهُ الضَّرَرُ لَكِنَّ الْأَقْرَبَ عَدَمُ الضَّرَرِ كَمَا لَوْ زَادَتْ الصُّفُوفُ الَّتِي بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْإِمَامِ فَزَادَتْ الْمَسَافَةُ عَلَى الثَّلَثِمِائَةِ (قَوْلُهُ: وَلَا فَرْقَ بَيْنَ قَلِيلِ الْإِجَابَةِ) فِي التَّعْبِيرِ بِالْإِجَابَةِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ لَوْ زَادَ فِي الْجَوَابِ عَلَى قَدْرِ الْحَاجَةِ مِنْ غَيْرِ أَمْرٍ لَهُ بِهِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ، وَهُوَ كَذَلِكَ.
(قَوْلُهُ: وَالْأَوْلَى الْإِجَابَةُ فِيهِ) أَيْ فِي النَّفْلِ، وَعِبَارَةُ حَجّ: وَلَا تَجِبُ فِي فَرْضٍ مُطْلَقًا بَلْ فِي نَفْلٍ إنْ تَأَذَّيَا بِعَدَمِهَا
ــ
[حاشية الرشيدي]
الشَّيْطَانِ كَمَا مَرَّ، وَعِبَارَةُ الْإِمْدَادِ بَعْدَ ذِكْرِهِ نَحْوُ مَا مَرَّ فِي الشَّارِحِ لَفْظُهَا فَالْمُعْتَمَدُ خِلَافُهُ، وَالْحَدِيثُ الْمُحْتَجُّ بِهِ فِي بَعْضِ ذَلِكَ مَنْسُوخٌ أَوْ قَبْلَ تَحْرِيمِ الْكَلَامِ، قَالَهُ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ انْتَهَتْ.