الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بِتَفَسُّخِهِ، وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ اخْتِصَاصُ ذَلِكَ بِمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الصَّلَاةِ وَقْتَ الْمَوْتِ، فَمَنْ كَانَ وَقْتُهُ غَيْرَ مُمَيَّزٍ صَحَّتْ صَلَاتُهُ قَطْعًا، وَمَنْ كَانَ وَقْتَهُ مُمَيِّزًا لَا تَصِحُّ صَلَاتُهُ عَلَى الْأَوَّلِ وَتَصِحُّ عَلَى الثَّانِي.
(وَلَا يُصَلَّى عَلَى قَبْرِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِحَالٍ) أَيْ لَا تَجُوزُ، وَكَذَا عَلَى قَبْرِ غَيْرِهِ مِنْ الْأَنْبِيَاءِ لِخَبَرِ «لَعَنَ اللَّهُ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ» ؛ وَلِأَنَّا لَمْ نَكُنْ أَهْلًا لِلْفَرْضِ وَقْتَ مَوْتِهِمْ.
وَيُؤْخَذُ مِنْ هَذِهِ الْعِلَّةِ جَوَازُ الصَّلَاةِ عَلَى قَبْرِ عِيسَى صلى الله عليه وسلم بَعْدَ مَوْتِهِ وَدَفْنِهِ لِمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ فَرْضِهَا ذَلِكَ الْوَقْتَ، وَجَرَى عَلَيْهِ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ، وَالْأَوْجَهُ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمْ الْمَنْعُ فِيهِ كَغَيْرِهِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ عِلَّةَ الْمَنْعِ النَّهْيُ، فَالصَّلَاةُ عَلَيْهِمْ قَبْلَ دَفْنِهِمْ دَاخِلَةٌ فِي عُمُومِ الْأَمْرِ بِالصَّلَاةِ عَلَى الْمَيِّتِ وَعَلَى قُبُورِهِمْ خَارِجَةٌ بِالنَّهْيِ، وَلِهَذَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ فِي خَادِمِهِ: وَالصَّوَابُ أَنَّ عِلَّةَ الْمَنْعِ النَّهْيُ عَنْ الصَّلَاةِ فِي قَوْلِهِ: لَعَنْ اللَّهُ الْيَهُودَ إلَى آخِرِهِ
[فَرْعٌ] فِي بَيَانِ الْأَوْلَى بِالصَّلَاةِ، وَقَوْلُ الشَّارِحِ إنَّهُ زَادَ التَّرْجَمَةَ بِهِ لِطُولِ الْفَصْلِ قَبْلَهُ بِمَا اشْتَمَلَ عَلَيْهِ كَمَا نَقَصَ تَرْجَمَةَ التَّعْزِيَةِ بِفَصْلٍ لِقِصَرِ الْفَصْلِ قَبْلَهُ دَفَعَ بِهِ مَا قِيلَ إنَّ تَرْجَمَتَهُ بِالْفَرْعِ مُشْكِلَةٌ؛ لِأَنَّ الْمَذْكُورَ فِيهِ وَهُوَ بَيَانُ أَوْلَوِيَّةِ الْوَلِيِّ لَيْسَ فَرْعًا عَمَّا قَبْلَهُ مِنْ كَيْفِيَّةِ الصَّلَاةِ؛ لِأَنَّ الْمُصَلِّيَ لَيْسَ مُتَفَرِّعًا عَلَى الصَّلَاةِ، وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ: هُوَ مُتَفَرِّعٌ عَمَّا قَبْلَهُ؛ لِأَنَّ الصَّلَاةَ تَسْتَدْعِي مُصَلِّيًا وَهُوَ يَسْتَدْعِي مَعْرِفَةَ الْأَوْصَافِ الَّتِي يُقَدِّمُ بِهَا (الْجَدِيدُ أَنَّ الْوَلِيَّ) أَيْ الْقَرِيبَ الذَّكَرَ وَلَوْ غَيْرَ وَارِثٍ (أَوْلَى) أَيْ أَحَقُّ (بِإِمَامَتِهَا) أَيْ الصَّلَاةِ عَلَى الْمَيِّتِ وَلَوْ امْرَأَةً (مِنْ الْوَالِي) وَلَوْ أَوْصَى بِهَا لِغَيْرِهِ إذْ هِيَ حَقُّهُ فَلَا تَنْفُذُ وَصِيَّتُهُ بِإِسْقَاطِهَا كَالْإِرْثِ، وَمَا وَرَدَ مِنْ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ وَصَّى أَنْ يُصَلِّيَ عَلَيْهِ عُمَرُ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
مَا تَحْتَ الْمَيِّتِ فَلَعَلَّ الْمُرَادَ غَيْرُ الْمَنْبُوشَةِ فَلْيُرَاجَعْ، عَلَى أَنَّ فِي غَيْرِ الْمَنْبُوشَةِ يَتَحَقَّقُ انْفِجَارُهُ عَادَةً وَنَجَاسَةُ كَفَنِهِ بِالصَّدِيدِ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّ هَذَا دَوَامٌ وَاغْتُفِرَ لِقَصْدِ الدُّعَاءِ وَالشَّفَاعَةِ لَهُ فَلْيُتَأَمَّلْ، وَيُصَرِّحُ بِالتَّعْمِيمِ قَوْلُ الشَّارِحِ: وَلَا يَتَقَيَّدُ بِثَلَاثَةِ أَيَّامٍ، وَقَوْلُهُ السَّابِقُ: وَلَوْ صَلَّى عَلَى مَنْ مَاتَ فِي يَوْمِهِ أَوْ سَنَتِهِ وَطَهُرَ فِي أَقْطَارِ الْأَرْضِ جَازَ
(قَوْلُهُ لِخَبَرِ لَعَنَ اللَّهُ الْيَهُودَ إلَخْ) قَالَ السُّيُوطِيّ: هُوَ فِي الْيَهُودِ وَاضِحٌ وَفِي النَّصَارَى مُشْكِلٌ إذْ نَبِيُّهُمْ لَمْ تُقْبَضْ رُوحُهُ.
إلَّا أَنْ يُقَالَ بِأَنَّ لَهُمْ أَنْبِيَاءَ غَيْرَ رُسُلٍ كَالْحَوَارِيِّينَ وَمَرْيَمَ فِي قَوْلٍ، أَوْ الْجَمْعُ فِي قَوْلِهِ أَنْبِيَائِهِمْ بِإِزَاءِ الْمَجْمُوعِ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى أَوْ الْمُرَادُ الْأَنْبِيَاءُ وَكِبَارُ أَتْبَاعِهِمْ فَاكْتُفِيَ بِذِكْرِ الْأَنْبِيَاءِ وَيُؤَيِّدُهُ رِوَايَةُ مُسْلِمٍ: قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ وَصُلَحَائِهِمْ، أَوْ الْمُرَادُ بِالِاتِّخَاذِ أَعَمُّ مِنْ الِابْتِدَاعِ وَالِاتِّبَاعِ فَالْيَهُودُ ابْتَدَعُوا وَالنَّصَارَى اتَّبَعُوا.
[فَرْعٌ فِي بَيَانِ الْأَوْلَى بِصَلَاةِ الْجِنَازَةِ]
(قَوْلُهُ: فِي بَيَانِ الْأَوْلَى بِالصَّلَاةِ) أَيْ وَمَا يَتْبَعُ ذَلِكَ كَعَدَمِ غُسْلِ مَنْ اُسْتُشْهِدَ جُنُبًا (قَوْلُهُ: أَيْ الْقَرِيبُ) هَذَا التَّفْسِيرُ يَقْتَضِي تَقْدِيمَ ذَوِي الْأَرْحَامِ عَلَى الْإِمَامِ، وَيُنَافِيهِ مَا يَأْتِي مِنْ تَقْدِيمِ الْإِمَامِ عَلَيْهِ، فَإِمَّا أَنْ يُقَالَ: جَرَى هُنَا عَلَى مَا رَجَّحَهُ الْكَمَالُ الْمَقْدِسِيَّ تَبَعًا لِلْخُرَاسَانِيَّيْنِ مِنْ أَنَّ الْإِمَامَ لَا حَقَّ لَهُ فِي الصَّلَاةِ عَلَى الْمَيِّتِ وَفِيمَا يَأْتِي عَلَى مَا قَالَهُ الصَّيْمَرِيُّ وَالْمُتَوَلِّي، وَإِمَّا أَنْ يُقَالَ: هَذَا تَفْسِيرٌ لِلْوَلِيِّ فِي الْجُمْلَةِ وَإِنْ تَقَدَّمَ عَلَى بَعْضِ أَفْرَادِ الْإِمَامِ يُتَأَمَّلْ، وَمَعَ ذَلِكَ لَا يَشْمَلُ تَفْسِيرُهُ بِمَا ذَكَرَ الْمُعْتَقَ وَعَصَبَتَهُ (قَوْلُهُ: أَيْ أَحَقُّ) أَيْ أَوْلَى فَلَوْ تَقَدَّمَ غَيْرُهُ كُرِهَ اهـ حَجّ (قَوْلُهُ: وَلَوْ أَوْصَى بِهَا) أَيْ الْمَيِّتُ (قَوْلُهُ: فَلَا تَنْفُذُ وَصِيَّتُهُ) أَيْ لَا يَجِبُ
ــ
[حاشية الرشيدي]
فَرْعٌ] (قَوْلُهُ: دَفَعَ بِهِ مَا قِيلَ إنَّ تَرْجَمَتَهُ بِالْفَرْعِ مُشْكِلَةٌ إلَخْ) فِيهِ نَظَرٌ، إذْ هُوَ لَا يَدْفَعُ الْإِشْكَالَ الْمَذْكُورَ إذْ يُقَالُ عَلَيْهِ فَكَانَ يُعَبِّرُ بِفَصْلٍ أَوْ نَحْوِهِ وَإِنَّمَا يَدْفَعُهُ قَوْلُهُ: الْآتِي وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ إلَخْ، وَلَك أَنْ تَمْنَعَ الْإِشْكَالَ مِنْ أَصْلِهِ بِمَنْعِ الِاشْتِرَاطِ الَّذِي ذَكَرَهُ الْمُسْتَشْكِلُ أَخْذًا مِنْ صَنِيعِهِمْ فِي مُصَنَّفَاتِهِمْ حَيْثُ يُتَرْجِمُونَ بِالْفَرْعِ لِمَا هُوَ مِنْ فُرُوعِ الْبَابِ أَوْ الْفَصْلِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُتَفَرِّعًا عَلَى مَا قَبْلَهُ، وَلَا شَكَّ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ فِي هَذَا الْفَرْعِ مِنْ فُرُوعِ مَسَائِلِ أَصْلِ الصَّلَاةِ، وَقَدْ قَالُوا: الْبَابُ اسْمٌ لِجُمْلَةٍ مُخْتَصَّةٍ مِنْ الْعِلْمِ مُشْتَمِلَةٍ عَلَى فُصُولٍ وَفُرُوعٍ وَمَسَائِلَ، وَالْفَصْلُ اسْمٌ
فَصَلَّى، وَأَنَّ عُمَرَ وَصَّى أَنْ يُصَلِّيَ عَلَيْهِ صُهَيْبٌ فَصَلَّى، وَأَنَّ عَائِشَةَ وَصَّتْ أَنْ يُصَلِّيَ عَلَيْهَا أَبُو هُرَيْرَةَ فَصَلَّى، وَأَنَّ ابْنَ مَسْعُودٍ وَصَّى أَنْ يُصَلِّيَ عَلَيْهِ الزُّبَيْرُ فَصَلَّى مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّ أَوْلِيَاءَهُمْ أَجَازُوا الْوَصِيَّةَ، وَالْقَدِيمُ تَقْدِيمُ الْوَالِي ثُمَّ إمَامِ الْمَسْجِدِ ثُمَّ الْوَلِيِّ كَسَائِرِ الصَّلَوَاتِ وَهُوَ مَذْهَبُ الْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ، وَفَرَّقَ الْجَدِيدُ بِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ الصَّلَاةِ عَلَى الْجِنَازَةِ الدُّعَاءُ لِلْمَيِّتِ، وَدُعَاءُ الْقَرِيبِ أَقْرَبُ إلَى الْإِجَابَةِ لِتَأَلُّمِهِ وَانْكِسَارِ قَلْبِهِ.
وَمَحَلُّ الْخِلَافِ كَمَا قَالَهُ صَاحِبُ الْمُعِينِ عِنْدَ أَمْنِ الْفِتْنَةِ وَإِلَّا قُدِّمَ عَلَيْهِ قَطْعًا، وَلَوْ غَابَ الْوَلِيُّ الْأَقْرَبُ: أَيْ وَلَا نَائِبَ لَهُ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي فِي الْمَجْمُوعِ قُدِّمَ الْوَلِيُّ الْأَبْعَدُ سَوَاءٌ أَكَانَتْ غِيبَتُهُ بَعِيدَةً أَمْ قَرِيبَةً، قَالَهُ الْبَغَوِيّ (فَيُقَدَّمُ الْأَبُ) أَوْ نَائِبُهُ كَمَا زَادَهُ ابْنُ الْمُقْرِي أَيْ حَيْثُ كَانَ غَائِبًا مَعْذُورًا فِي غِيبَتِهِ كَذَا قِيلَ، لَكِنَّ الْمُعَوَّلَ عَلَيْهِ أَنَّهُ مَتَى كَانَ الْأَقْرَبُ أَهْلًا لِلصَّلَاةِ، فَلَهُ الِاسْتِنَابَةُ فِيهَا حَضَرَ أَوْ غَابَ، وَلَا اعْتِرَاضَ لِلْأَبْعَدِ صَرَّحَ بِهِ الْعُمْرَانِيُّ، فَمَا وَقَعَ لِلْإِسْنَوِيِّ مِمَّا يُخَالِفُهُ لَا اعْتِمَادَ عَلَيْهِ، وَكَغَيْرِ الْأَبِ أَيْضًا نَائِبُهُ لِأَنَّ الْأُصُولَ أَشْفَقُ مِنْ الْفُرُوعِ (ثُمَّ الْجَدُّ) أَبُوهُ (وَإِنْ عَلَا ثُمَّ الِابْنُ ثُمَّ ابْنُهُ وَإِنْ سَفَلَ) بِتَثْلِيثِ الْفَاءِ (ثُمَّ الْأَخُ) ؛ لِأَنَّ الْفُرُوعَ أَقْرَبُ وَأَشْفَقُ مِنْ الْحَوَاشِي وَفَارَقَ تَرْتِيبَ الْإِرْثِ بِمَا مَرَّ (وَالْأَظْهَرُ تَقْدِيمُ الْأَخِ لِأَبَوَيْنِ عَلَى الْأَخِ لِأَبٍ) إذْ الْأَوَّلُ أَشْفَقُ لِزِيَادَةِ قُرْبِهِ، وَالثَّانِي هُمَا سَوَاءٌ لِأَنَّ الْأُمُومَةَ لَا مَدْخَلَ لَهَا فِي إمَامَةِ الرِّجَالِ فَلَا يُرَجَّحُ بِهَا.
وَأَجَابَ الْأَوَّلُ بِأَنَّهَا صَالِحَةٌ لِلتَّرْجِيحِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا دَخْلٌ فِي إمَامَةِ الرِّجَالِ إذْ لَهَا دَخْلٌ فِي الْجُمْلَةِ؛ لِأَنَّهَا تُصَلَّى مَأْمُومَةً وَمُنْفَرِدَةً وَإِمَامَةُ النِّسَاءِ عِنْدَ فَقْدِ غَيْرِهِنَّ فَقُدِّمَ بِهَا.
وَيَجْرِي الْخِلَافُ فِي ابْنَيْ عَمٍّ أَحَدُهُمَا أَخُ الْأُمِّ وَنَحْوُ ذَلِكَ (ثُمَّ ابْنُ الْأَخِ لِأَبَوَيْنِ ثُمَّ لِأَبٍ ثُمَّ الْعَصَبَةُ) أَيْ النَّسَبِيَّةُ: أَيْ بَقِيَّتُهُمْ (عَلَى تَرْتِيبِ الْإِرْثِ) فَيُقَدَّمُ عَمٌّ شَقِيقٌ ثُمَّ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
تَنْفِيذُهَا لَكِنَّهُ أَوْلَى كَمَا يَأْتِي عَنْ حَجّ (قَوْلُهُ: أَجَازُوا الْوَصِيَّةَ) وَهُوَ الْأَوْلَى جَبْرًا لِخَاطِرِ الْمَيِّتِ اهـ حَجّ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا قُدِّمَ عَلَيْهِ) أَيْ الْوَالِي عَلَيْهِ: أَيْ عَلَى الْوَلِيِّ (قَوْلُهُ: وَلَوْ غَابَ الْوَلِيُّ الْأَقْرَبُ) وَلَوْ غَيْبَةً قَرِيبَةً اهـ حَجّ، وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِهِ سَوَاءٌ إلَخْ (قَوْلُهُ: قُدِّمَ الْوَلِيُّ الْأَبْعَدُ إلَخْ) زَادَ حَجّ: وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ نَظِيرِهِ فِي النِّكَاحِ بِأَنَّ الْقَاضِيَ فِيهِ كَوَلِيٍّ آخَرَ وَلَا كَذَلِكَ الْبَعِيدُ، وَهُنَا لَا حَقَّ لِلْوَلِيِّ مَعَ وُجُودِ أَحَدٍ مِنْ الْأَقَارِبِ فَانْتَقَلَتْ لِلْأَبْعَدِ اهـ.
وَكَتَبَ عَلَيْهِ سم قَوْلُهُ: وَهُنَا لَا حَقَّ إلَخْ فِيهِ نَظَرٌ (قَوْلُهُ: إنَّهُ مَتَى كَانَ الْأَقْرَبُ أَهْلًا لِلصَّلَاةِ) أَيْ بِأَنْ لَمْ يَكُنْ قَاتِلًا وَلَا عَدُوًّا وَلَا كَافِرًا وَلَا عَبْدًا مَعَ حُرٍّ قَرِيبٍ لِلْمَيِّتِ، بِخِلَافِهِ مَعَ الْأَجْنَبِيِّ كَمَا يَأْتِي، وَلَا صَبِيًّا وَلَا فَاسِقًا وَلَا مُبْتَدِعًا (قَوْلُهُ: فَلَهُ الِاسْتِنَابَةُ فِيهَا) وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَعِبَارَةُ الزِّيَادِيِّ: وَيُقَدَّمُ مَفْضُولُ الدَّرَجَةِ عَلَى نَائِبِ فَاضِلِهَا فِي الْأَقْيَسِ: أَيْ حَيْثُ كَانَ الْمُسْتَنِيبُ حَاضِرًا لِتَقْصِيرِهِ بِالِاسْتِنَابَةِ كَأَخَوَيْنِ أَحَدُهُمَا شَقِيقٌ وَالْآخَرُ لِأَبٍ فَيُقَدَّمُ الْأَخُ لِلْأَبِ عَلَى نَائِبِ الشَّقِيقِ: أَيْ الْحَاضِرِ وَنَائِبُ الْأَقْرَبِ الْغَائِبِ عَلَى الْبَعِيدِ الْحَاضِرِ اهـ.
وَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَا فِي الشَّارِحِ مِنْ تَقْدِيمِ نَائِبِ الْأَقْرَبِ الْحَاضِرِ وَلَوْ مَفْضُولًا عَلَى الْبَعِيدِ الْحَاضِرِ وَلَوْ فَاضِلًا (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْأُصُولَ أَشْفَقُ) عِلَّةٌ لِكَلَامِ الْمُصَنِّفِ (قَوْلُهُ: وَفَارَقَ تَرْتِيبَ الْإِرْثِ) أَيْ حَيْثُ قَدَّمُوا هُنَا الْأَبَ وَالْجَدَّ عَلَى الِابْنِ وَهُنَاكَ قَدَّمُوا الِابْنَ مِنْ حَيْثُ الْعُصُوبَةِ، وَقَوْلُهُ بِمَا مَرَّ: أَيْ مِنْ قَوْلِهِ وَفَرَّقَ الْجَدِيدَ بِأَنَّ الْمَقْصُودَ إلَخْ (قَوْلُهُ: لِزِيَادَةِ قُرْبِهِ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الْفُقَهَاءَ اصْطِلَاحُهُمْ فِي الْقُرْبِ غَيْرُ اصْطِلَاحِ الْفَرْضِيِّينَ فَإِنَّهُمْ يَجْعَلُونَ الشَّقِيقَ وَالْأَخَ مِنْ الْأَبِ مُسْتَوِيَيْنِ قُرْبًا لَكِنَّ الشَّقِيقَ أَقْوَى فَيُقَدَّمُ لِلْقُوَّةِ (قَوْلُهُ أَحَدُهُمَا أَخٌ لِأُمٍّ) أَيْ فَيُقَدَّمُ الَّذِي هُوَ أَخٌ لِأُمٍّ عَلَى غَيْرِهِ وَإِنْ كَانَا فِي الْإِرْثِ سَوَاءً (قَوْلُهُ: ثُمَّ ابْنُ الْأَخِ لِأَبَوَيْنِ)
ــ
[حاشية الرشيدي]
لِجُمْلَةٍ مُخْتَصَّةٍ مِنْ الْعِلْمِ مُشْتَمِلَةٍ عَلَى فُرُوعٍ وَمَسَائِلَ غَالِبًا فِيهِمَا (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ الْأُصُولَ أَشْفَقُ) تَعْلِيلٌ لِلْمَتْنِ وَكَانَ الْأَوْلَى تَأْخِيرَهُ عَنْ ذِكْرِ الْجَدِّ بَلْ وَالِابْنِ (قَوْلُهُ: إذْ لَهَا دَخْلٌ فِي الْجُمْلَةِ) أَيْ بِالنِّسْبَةِ لِأَصْلِ الصَّلَاةِ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ أَمْثِلَتِهِ
لِأَبٍ ثُمَّ ابْنُ عَمٍّ كَذَلِكَ ثُمَّ عَمُّ الْجَدِّ ثُمَّ ابْنُ عَمِّهِ كَذَلِكَ وَهَكَذَا، ثُمَّ بَعْدَ عَصَبَاتِ النَّسَبِ يُقَدَّمُ الْمُعْتَقُ، ثُمَّ عَصَبَاتُهُ النَّسَبِيَّةُ، ثُمَّ مُعْتَقُهُ، ثُمَّ عَصَبَاتُهُ النَّسَبِيَّةُ وَهَكَذَا، ثُمَّ السُّلْطَانُ أَوْ نَائِبُهُ عِنْدَ انْتِظَامِ بَيْتِ الْمَالِ (ثُمَّ ذَوُو الْأَرْحَامِ) الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ فَيُقَدَّمُ أَبُو الْأُمِّ ثُمَّ الْأَخُ لِلْأُمِّ ثُمَّ الْخَالُ ثُمَّ الْعَمُّ لِلْأُمِّ، وَجَعَلَ الْأَخَ لِلْأُمِّ هُنَا مِنْ ذَوِي الْأَرْحَامِ بِخِلَافِهِ فِي الْإِرْثِ كَنَظِيرِ مَا مَرَّ وَالْقِيَاسُ كَمَا نَقَلَهُ فِي الْكِفَايَةِ عَنْ الْأَصْحَابِ، عَدَمُ تَقْدِيمِ الْقَاتِلِ كَمَا مَرَّ فِي الْغُسْلِ، وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمَا تَأْخِيرُ بَنِي الْبَنَاتِ عَنْ هَؤُلَاءِ لَكِنْ قَدَّمَهُمْ فِي الذَّخَائِرِ عَلَى الْأَخِ لِلْأُمِّ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَأَشْعَرَ سُكُوتُ الْمُصَنِّفِ عَنْ الزَّوْجِ أَنَّهُ لَا مَدْخَلَ لَهُ فِي الصَّلَاةِ عَلَى الْمَرْأَةِ وَهُوَ كَذَلِكَ بِخِلَافِ الْغُسْلِ وَالتَّكْفِينِ وَالدَّفْنِ، وَلَا لِلْمَرْأَةِ أَيْضًا وَمَحَلُّ ذَلِكَ إذَا وُجِدَ مَعَ الزَّوْجِ غَيْرُ الْأَجَانِبِ وَمَعَ الْمَرْأَةِ ذَكَرٌ وَإِلَّا فَالزَّوْجُ مُقَدَّمٌ عَلَى الْأَجَانِبِ، وَالْمَرْأَةُ تُصَلِّي وَتُقَدَّمُ بِتَرْتِيبِ الذَّكَرِ، وَرَدَّ هَذَا الْأَخِيرَ بَعْضُهُمْ وَتَبِعَهُ الْجَوْجَرِيُّ بِأَنَّ الْأَوْجَهَ أَنَّهُ لَا حَقَّ لَهُنَّ فِي الْإِمَامَةِ إذْ لَا يُشْرَعُ لِلنِّسَاءِ الْجَمَاعَةُ فِي صَلَاةِ الْجِنَازَةِ عَلَى مَا صَرَّحَ بِهِ فِي الشَّامِلِ وَقَدْ مَرَّ عَنْ الْمُصَنِّفِ خِلَافُهُ، وَيُرَدُّ مَا ذُكِرَ بِأَنَّا وَإِنْ سَلَّمْنَا عَدَمَ مَشْرُوعِيَّتِهَا لَهُنَّ يَجُوزُ لَهُنَّ فِعْلُهَا، فَإِذَا أَرَدْنَهُ قَدَّمَ نِسَاءَ الْقَرَابَةِ بِتَرْتِيبِ الذُّكُورِ لِوُفُورِ الشَّفَقَةِ كَمَا فِي الرِّجَالِ وَتَرَدَّدَ الْأَذْرَعِيُّ فِي تَقْدِيمِ السَّيِّدِ عَلَى أَقَارِبِ الرَّقِيقِ الْأَحْرَارِ نَظَرًا إلَى أَنَّ الرِّقَّ هَلْ يَنْقَطِعُ بِالْمَوْتِ أَوْ لَا.
وَقَضِيَّةُ مَا نُقِلَ عَنْ الرَّافِعِيِّ مِنْ زَوَالِهِ بِهِ تَقْدِيمُهُمْ عَلَيْهِ.
وَنَقَلَ الْأَذْرَعِيُّ أَيْضًا عَنْ الْقَفَّالِ أَنَّ وَلِيَّ الْمَرْأَةِ هَلْ هُوَ أَوْلَى
ــ
[حاشية الشبراملسي]
أَيْ وَإِنْ سَفَلَ (قَوْلُهُ ثُمَّ عَمُّ الْجَدِّ) وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ يُقَدَّمُ عَلَيْهِ عَمُّ الْأَبِ ثُمَّ ابْنُهُ (قَوْلُهُ: ثُمَّ ذَوُو الْأَرْحَامِ) قَالَ الرَّاغِبُ فِي مُفْرَدَاتِهِ: الرَّحِمُ رَحِمُ الْمَرْأَةِ، وَامْرَأَةٌ رُحُومٌ تَشْكِي رَحِمَهَا، وَمِنْهُ اُسْتُعِيرَ الرَّحِمُ لِلْقَرَابَةِ لِكَوْنِهِمْ خَارِجِينَ مِنْ رَحِمٍ وَاحِدَةٍ: أَيْ فَإِطْلَاقُ الرَّحِمِ عَلَى الْقَرَابَةِ مَجَازٌ لُغَوِيٌّ لَكِنَّهُ صَارَ حَقِيقَةً عُرْفِيَّةً (قَوْلُهُ: فَيُقَدَّمُ أَبُو الْأُمِّ) أَيْ وَإِنْ عَلَا (قَوْلُهُ: ثُمَّ الْعَمُّ لِلْأُمِّ) وَالظَّاهِرُ أَنَّ بَقِيَّةَ ذَوِي الْأَرْحَامِ يَتَرَتَّبُونَ بِالْقُرْبِ إلَى الْمَيِّتِ حَجّ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ.
وَدَخَلَ فِي بَقِيَّةِ الْأَرْحَامِ أَوْلَادُ الْأَخَوَاتِ وَأَوْلَادُ بَنَاتِ الْعَمِّ وَأَوْلَادُ الْخَالِ وَالْخَالَةِ فَلْيُنْظَرْ مَنْ يَتَقَدَّمُ مِنْهُمْ عَلَى غَيْرِهِ، وَالْأَقْرَبُ أَنْ يُقَالَ: تَقَدُّمُ أَوْلَادُ الْأَخَوَاتِ ثُمَّ أَوْلَادُ بَنَاتِ الْعَمِّ ثُمَّ أَوْلَادُ الْخَالِ ثُمَّ أَوْلَادُ الْخَالَةِ؛ لِأَنَّ بَنَاتَ الْعَمِّ بِفَرْضِهِنَّ ذُكُورًا يَكُونُونَ فِي مَحَلِّ الْعُصُوبَةِ وَبَنَاتِ الْأَخَوَاتِ لَوْ فُرِضَتْ أُصُولُهُنَّ ذُكُورًا قُدِّمُوا عَلَى غَيْرِهِمْ فَتَنْزِلُ بَنَاتُهُنَّ مَنْزِلَتَهُنَّ بِتَقْدِيرِ الذُّكُورَةِ وَبَنَاتِ الْخَالِ لِذُكُورَةِ مَنْ أَدْلَيْنَ بِهِ الْمُقْتَضِي لِتَقْدِيمِهِ عَلَى أُخْتِهِ.
وَيُؤَيِّدُ هَذَا التَّرْتِيبَ مَا وَجَّهَ بِهِ حَجّ تَقْدِيمَ أَوْلَادِ الْبَنَاتِ مِنْ أَنَّ الْإِدْلَاءَ بِالْبُنُوَّةِ أَقْوَى مِنْهُ بِالْأُخُوَّةِ اهـ حَجّ (قَوْلُهُ: عَدَمُ تَقْدِيمِ الْقَاتِلِ) أَيْ وَلَوْ خَطَأً أَوْ قَاتِلًا بِحَقٍّ قِيَاسًا عَلَى عَدَمِ إرْثِهِ (قَوْلُهُ: كَمَا مَرَّ) أَيْ وَتَقَدَّمَ ثُمَّ إنَّ الْعَدُوَّ لَا حَقَّ لَهُ فِيهِ، وَقِيَاسُهُ هُنَا أَنَّهُ لَا حَقَّ لَهُ فِي الْإِمَامَةِ (قَوْلُهُ: وَلَا لِلْمَرْأَةِ أَيْضًا) أَيْ بِقَيْدِ كَوْنِهَا زَوْجَةً بِدَلِيلِ قَوْلِهِ الْآتِي: وَالْمَرْأَةُ تُصَلِّي وَتُقَدَّمُ بِتَرْتِيبِ الذَّكَرِ (قَوْلُهُ وَتُقَدَّمُ بِتَرْتِيبِ الذَّكَرِ) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ الزَّوْجَةَ تُقَدَّمُ عَلَى الْأَجْنَبِيَّاتِ كَالزَّوْجِ وَتُقَدَّمُ عَلَيْهَا نِسَاءُ الْأَقَارِبِ كَمَا تُقَدَّمُ الْأَقَارِبُ مِنْ الرَّجُلِ عَلَى الزَّوْجِ (قَوْلُهُ: وَرَدَّ هَذَا الْأَخِيرَ) هُوَ قَوْلُهُ وَلِلْمَرْأَةِ أَيْضًا (قَوْلُهُ: وَيَرُدُّ مَا ذَكَرَ) أَيْ مِنْ قَوْلِهِ وَرَدَّ هَذَا الْأَخِيرَ بَعْضُهُمْ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَيَرُدُّ مَا ذَكَرَ) أَيْ مِنْ أَنَّ النِّسَاءَ لَا حَقَّ لَهُنَّ فِي الْإِمَامَةِ (قَوْلُهُ وَقَضِيَّةُ مَا نَقَلَ عَنْ الرَّافِعِيِّ إلَخْ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: تَقْدِيمُهُمْ عَلَيْهِ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَتُقَدَّمُ فِي الْغُسْلِ عَنْ سم عَلَى حَجّ عِنْدَ قَوْلِ
ــ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: ثُمَّ عَمُّ الْجَدِّ) أَيْ بَعْدَ الْأَبِ ثُمَّ ابْنُهُ (قَوْلُهُ: كَنَظِيرِ مَا مَرَّ) لَعَلَّ مُرَادَهُ أَنَّ مَا هُنَا خَالَفَ الْإِرْثَ كَمَا خَالَفَهُ فِيمَا مَرَّ مِنْ تَقْدِيمِ الْجَدِّ عَلَى الْأَخِ، فَالتَّشْبِيهُ فِيمَا ذَكَرَ فَقَطْ وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ لَهُ وَجْهًا هُنَا (قَوْلُهُ: وَأَشْعَرَ سُكُوتُ الْمُصَنِّفِ عَنْ الزَّوْجِ أَنَّهُ لَا مَدْخَلَ لَهُ) أَيْ مَعَ الْأَوْلِيَاءِ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي (قَوْلُهُ: وَلَا لِلْمَرْأَةِ) أَيْ مُطْلَقِ الْمَرْأَةِ لَا خُصُوصِ الزَّوْجَةِ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي.
وَيُعْلَمُ مِنْ قَوْلِهِ فِيمَا يَأْتِي وَتَقَدَّمَ بِتَرْتِيبِ الذِّكْرِ أَنَّ الزَّوْجَةَ بَعْدَ إنْشَاءِ الْقَرَابَةِ تُقَدَّمُ عَلَى الْأَجْنَبِيَّاتِ نَظِيرَ مَا ذَكَرَهُ
بِالصَّلَاةِ عَلَى أَمَتِهَا كَالصَّلَاةِ عَلَيْهَا أَوْ لَا؛ لِأَنَّ الْمَدَارَ فِي الصَّلَاةِ عَلَى الشَّفَقَةِ، وَلَيْسَ فِي هَذَا مَا يَقْتَضِي أَنَّ السَّيِّدَ مُقَدَّمٌ عَلَيْهِمْ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى خِلَافًا لِمَا فِي الْإِسْعَادِ وَالْمُتَّجَهُ مِنْ هَذَا التَّرَدُّدِ الْأَوَّلُ (وَلَوْ)(اجْتَمَعَا) أَيْ وَلِيَّانِ (فِي دَرَجَةٍ) كَابْنَيْنِ وَأَخَوَيْنِ وَكُلٌّ مِنْهُمَا صَالِحٌ لِلْإِمَامَةِ (فَالْأَسَنُّ) فِي الْإِسْلَامِ (الْعَدْلُ أَوْلَى) مِنْ الْأَفْقَهِ وَنَحْوِهِ (عَلَى النَّصِّ) عَكْسُ سَائِرِ الصَّلَوَاتِ؛ لِأَنَّ الْغَرَضَ هُنَا الدُّعَاءُ وَدُعَاءُ الْأَسَنِّ أَقْرَبُ إلَى الْإِجَابَةِ، فَقَدْ قَالَ صلى الله عليه وسلم «إنَّ اللَّهَ يَسْتَحْيِي أَنْ يَرُدَّ دَعْوَةَ ذِي الشَّيْبَةِ فِي الْإِسْلَامِ» وَأَمَّا سَائِرُ الصَّلَوَاتِ فَحَاجَتُهَا إلَى الْفِقْهِ أَهَمُّ لِوُقُوعِ الْحَوَادِثِ فِيهَا، وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ تَقْدِيمُ الْفَقِيهِ عَلَى الْأَسَنِّ غَيْرِ الْفَقِيهِ وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَالْعِلَّةُ السَّابِقَةُ لَا تُخَالِفُهُ؛ لِأَنَّ مَحَلَّهَا فِي مُتَشَارِكَيْنِ فِي الْفِقْهِ فَكَانَ دُعَاءُ الْأَسَنِّ أَقْرَبَ، بِخِلَافِهِ هُنَا فَإِنَّ الْأَسَنَّ لَيْسَ دُعَاؤُهُ أَقْرَبَ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُشَارِكْ الْفَقِيهَ فِي شَيْءٍ.
وَأَمَّا الْفَاسِقُ وَالْمُبْتَدِعُ فَلَا حَقَّ لَهُمَا فِي الْإِمَامَةِ، وَلَوْ اسْتَوَى اثْنَانِ فِي السِّنِّ الْمُعْتَبَرِ قُدِّمَ أَحَقُّهُمْ بِالْإِمَامَةِ فِي سَائِرِ الصَّلَوَاتِ عَلَى مَا سَبَقَ تَفْصِيلُهُ فِي مَحَلِّهِ، وَلَوْ كَانَ أَحَدُ الْمُسْتَوِيَيْنِ دَرَجَةً زَوْجًا قُدِّمَ وَإِنْ كَانَ الْآخَرُ أَسَنَّ مِنْهُ كَمَا اقْتَضَاهُ نَصُّ الْبُوَيْطِيِّ، فَقَوْلُهُمْ لَا مَدْخَلَ لِلزَّوْجِ مَعَ الْأَقَارِبِ مَحَلُّهُ عِنْدَ عَدَمِ مُشَارَكَتِهِ لَهُمْ فِي الْقَرَابَةِ فَإِنْ اسْتَوَيَا فِي الصِّفَاتِ كُلِّهَا وَتَنَازَعَا أَقْرَعَ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ، وَلَوْ صَلَّى غَيْرُ مَنْ خَرَجَتْ قُرْعَتُهُ صَحَّ، وَفِيهِ أَنَّهُ يُقَدَّمُ مَفْضُولِ الدَّرَجَةِ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
الْمُصَنِّفِ أَوْلَى الرِّجَالِ بِهِ أَوْلَاهُمْ بِالصَّلَاةِ عَلَيْهِ مَا نَصُّهُ: اُنْظُرْ هَلْ الْأَوْلَى بِالْمَيِّتِ الرَّقِيقِ قَرِيبُهُ أَوْ سَيِّدُهُ اهـ الْأَقْرَبُ الثَّانِي لِأَنَّهُ لَمْ تَنْقَطِعْ الْعُلْقَةُ بَيْنَهُمَا بِدَلِيلِ أَنَّ مُؤْنَةَ تَجْهِيزِهِ عَلَيْهِ، وَلَا يُشْكِلُ عَلَيْهِ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ هُنَا؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ هُنَا فِي الصَّلَاةِ وَثَمَّ فِي الْغُسْلِ، وَالْمَلْحَظُ مُخْتَلِفٌ لِأَنَّ الْمَدَارَ هُنَا عَلَى الشَّفَقَةِ وَالْأَقَارِبُ أَشْفَقُ مِنْ السَّيِّدِ بِخِلَافِهِ، ثُمَّ فَإِنَّ الْغُسْلَ مِنْ مُؤَنِ التَّجْهِيزِ وَهِيَ عَلَى السَّيِّدِ، وَيُؤَيِّدُهُ مَا يَأْتِي لِلشَّارِحِ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَالدَّفْنُ بِالْمَقْبَرَةِ أَفْضَلُ مِنْ أَنَّ الْأَوْجَهَ إجَابَةُ السَّيِّدِ فِي مَحَلِّ الدَّفْنِ دُونَ الْقَرِيبِ (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ فِي هَذَا مَا يَقْتَضِي إلَخْ) أَيْ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ مُفَادَ هَذَا التَّرَدُّدِ مُجَرَّدُ ثُبُوتِ الْحَقِّ وَعَدَمِهِ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ ثُبُوتِ الْحَقِّ تَقَدُّمُهُ عَلَى أَقَارِبِهَا الْأَحْرَارِ لِجَوَازِ أَنَّهُ إذَا فَقَدَتْ أَقَارِبَهَا الْأَحْرَارَ هَلْ يُقَدَّمُ عَلَى الْأَجَانِبِ أَوْ لَا (قَوْلُهُ: فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى) هِيَ قَوْلُهُ وَتَرَدَّدَ الْأَذْرَعِيُّ (قَوْلُهُ: وَالْمُتَّجَهُ مِنْ هَذَا التَّرَدُّدِ الْأَوَّلُ) هُوَ قَوْلُهُ بَلْ هُوَ أَوْلَى بِالصَّلَاةِ عَلَى أَمَتِهَا وَالْفَرْضُ أَنَّهُ لَيْسَ لِلْأَمَةِ أَقَارِبُ أَحْرَارٌ (قَوْلُهُ: وَأَمَّا الْفَاسِقُ وَالْمُبْتَدِعُ) أَيْ مَعَ وُجُودِ عَدْلٍ، أَمَّا لَوْ عَمَّ الْفِسْقُ الْجَمِيعَ قُدِّمَ الْأَقْرَبُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، ثُمَّ ظَاهِرُ إطْلَاقِهِ فِي الْمُبْتَدِعِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِيهِ بَيْنَ أَنْ يَفْسُقَ بِبِدْعَتِهِ أَمْ لَا، وَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَا فِي الشَّهَادَاتِ مِنْ التَّفْرِقَةِ بَيْنَهُمَا إلَّا أَنْ يُقَالَ: أَرَادَ بِالْمُبْتَدِعِ الَّذِي يُفَسِّقُهُ بِبِدْعَتِهِ أَوْ جَهِلَ أَوْ قَوِيَتْ الشُّبْهَةُ الْحَامِلَةُ لَهُ عَلَى الْبِدْعَةِ، وَيَكُونُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْفَاسِقِ عُمُومٌ مِنْ وَجْهٍ لِانْفِرَادِ الْمُبْتَدِعِ عَنْ الْفَاسِقِ فِي الْمَجْهُولِ حَالُهُ وَانْفِرَادِ الْفَاسِقِ فِيمَنْ فَسَقَ بِتَرْكِ الصَّلَاةِ مَثَلًا، وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الشَّارِحِ أَنَّ مُرْتَكِبَ خَارِمِ الْمُرُوءَةِ لَا يُقَدَّمُ عَلَيْهِ غَيْرُهُ حَيْثُ اسْتَوَيَا فِي الْعَدَالَةِ وَلَوْ قِيلَ بِتَقْدِيمِ غَيْرِهِ عَلَيْهِ لَمْ يَكُنْ بَعِيدًا (قَوْلُهُ: فَإِنْ اسْتَوَيَا فِي الصِّفَاتِ كُلِّهَا وَتَنَازَعَا أُقْرِعَ) وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ: أَيْ وُجُوبًا إذَا كَانَ غَيْرَ الْحَاكِمِ قَطْعًا لِلنِّزَاعِ وَنَدْبًا فِيمَا بَيْنَهُمْ لِأَنَّهُ لَوْ تَقَدَّمَ غَيْرُ مَنْ خَرَجَتْ لَهُ الْقُرْعَةُ لَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ ذَلِكَ فَلَا مَعْنَى لِلْوُجُوبِ فَلْيُرَاجَعْ، ثُمَّ رَأَيْت فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ الْكَبِيرِ التَّصْرِيحَ بِالْوُجُوبِ وَأَطْلَقَ اهـ.
وَيَنْبَغِي تَخْصِيصُهُ بِمَا ذَكَرْنَاهُ، ثُمَّ رَأَيْت فِي الشَّارِحِ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فِي الزِّيَادَةِ وَلَوْ تَنَازَعَ أَخَوَانِ أَوْ زَوْجَتَانِ أُقْرِعَ مَا نَصُّهُ: أَيْ حَتْمًا فَمَنْ خَرَجَتْ لَهُ الْقُرْعَةُ غَسَّلَهُ؛ لِأَنَّ تَقْدِيمَ أَحَدِهِمَا تَرْجِيحٌ مِنْ غَيْرِ مُرَجِّحٍ اهـ م ر وَقَالَ حَجّ: أُقْرِعَ بَيْنَهُمَا قَطْعًا لِلنِّزَاعِ، وَقَضِيَّتُهُ وُجُوبُ الْإِقْرَاعِ: أَيْ عَلَى نَحْوٍ قَاضٍ رَفَعَ إلَيْهِ ذَلِكَ وَهُوَ مُتَّجَهٌ (قَوْلُهُ: وَلَوْ صَلَّى غَيْرُ مَنْ خَرَجَتْ قُرْعَتُهُ صَحَّ) أَيْ وَلَا إثْمَ كَمَا اسْتَقَرَّ بِهِ حَجّ
ــ
[حاشية الرشيدي]
فِي الزَّوْجِ (قَوْلُهُ: كَالصَّلَاةِ عَلَيْهَا) أَيْ السَّيِّدَةِ (قَوْلُهُ: فَقَدْ قَالَ صلى الله عليه وسلم إنَّ اللَّهَ يَسْتَحْيِي إلَخْ) فِي الِاسْتِدْلَالِ
عَلَى نَائِبِ فَاضِلِهَا فِي الْأَقْيَسِ وَنَائِبُ الْأَقْرَبِ الْغَائِبِ عَلَى الْبَعِيدِ الْحَاضِرِ (وَيُقَدَّمُ الْحُرُّ الْبَعِيدُ) كَعَمِّ حُرٍّ (عَلَى الْعَبْدِ الْقَرِيبِ) كَأَخٍ رَقِيقٍ وَلَوْ أَفْقَهَ وَأَسَنَّ؛ لِأَنَّ الْإِمَامَةَ وِلَايَةٌ وَالْحُرُّ أَكْمَلُ فَهُوَ بِهَا أَلْيَقُ، وَيُقَدَّمُ الرَّقِيقُ الْقَرِيبُ عَلَى الْحُرِّ الْأَجْنَبِيِّ وَالرَّقِيقُ الْبَالِغُ عَلَى الْحُرِّ الصَّبِيِّ لِأَنَّهُ مُكَلَّفٌ فَهُوَ أَحْرَصُ عَلَى تَكْمِيلِ الصَّلَاةِ؛ وَلِأَنَّ الصَّلَاةَ خَلْفَهُ مَجْمَعٌ عَلَى جَوَازِهَا بِخِلَافِهَا خَلْفَ الصَّبِيِّ، قَالَهُ فِي الْمَجْمُوعِ وَفِيهِ أَنَّ التَّقْدِيمَ فِي الْأَجَانِبِ مُعْتَبَرٌ كَمَا فِي الْقَرِيبِ بِمَا يُقَدَّمُ بِهِ فِي سَائِرِ الصَّلَوَاتِ.
(وَيَقِفُ) الْمُصَلِّي اسْتِحْبَابًا مِنْ إمَامٍ وَمُنْفَرِدٍ (عِنْدَ رَأْسِ الرَّجُلِ) أَيْ الذَّكَرِ وَلَوْ صَبِيًّا (وَعَجُزِهَا) أَيْ الْأُنْثَى وَلَوْ صَغِيرَةً وَبِفَتْحِ الْعَيْنِ وَضَمِّ الْجِيمِ أَلْيَاهَا لِلِاتِّبَاعِ، رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ وَمِثْلُهَا الْخُنْثَى كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ، وَالْمَعْنَى فِيهِ مُحَاوَلَةُ سَتْرِهِمَا، وَلَا يَبْعُدُ كَمَا قَالَهُ النَّاشِرِيُّ عَنْ الْأَصْبَحِيِّ مَجِيءُ هَذَا التَّفْصِيلِ فِي الصَّلَاةِ عَلَى الْقَبْرِ نَظَرًا لِمَا كَانَ قَبْلُ، وَهُوَ حَسَنٌ عَمَلًا بِالسُّنَّةِ وَإِنْ اسْتَبْعَدَهُ الزَّرْكَشِيُّ.
(وَيَجُوزُ عَلَى الْجَنَائِزِ صَلَاةٌ) وَاحِدَةٌ بِرِضَا أَوْلِيَائِهَا لِأَنَّ الْغَرَضَ مِنْهَا الدُّعَاءُ وَالْجَمْعُ فِيهِ مُمْكِنٌ سَوَاءٌ كَانُوا ذُكُورًا أَمْ إنَاثًا أَمْ ذُكُورًا وَإِنَاثًا؛ لِأَنَّ ابْنَ عُمَرَ صَلَّى عَلَى تِسْعِ جَنَائِزَ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
فِي شَرْحِ قَوْلِ الْجَدِيدِ إنَّ الْوَلِيَّ أَوْلَى إلَخْ (قَوْلُهُ: عَلَى نَائِبِ فَضْلِهَا) أَيْ وَإِنْ كَانَ حَاضِرًا (قَوْلُهُ: وَنَائِبُ الْأَقْرَبِ الْغَائِبِ) بَلْ وَكَذَا الْحَاضِرُ عَلَى مَا مَرَّ لَهُ: قَالَ سم نَقْلًا عَنْ الشَّارِحِ عَنْ وَالِدِهِ: إنَّ نَائِبَ الْحَاضِرِ كَنَائِبِ الْغَائِبِ وَعِبَارَتُهُ: فَرْعٌ: لَوْ اسْتَنَابَ الْوَلِيُّ وَغَابَ قُدِّمَ النَّائِبُ عَلَى الْبَعِيدِ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ حَاضِرًا اهـ.
هَذَا مَا فِي الْإِسْنَوِيِّ، لَكِنَّ الَّذِي فِي الْقُوتِ أَنَّ الْحَقَّ لِنَائِبِ الْأَقْرَبِ غَائِبًا كَانَ أَوْ حَاضِرًا، قَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ: وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ، قَالَ: وَمَا ذَكَرَهُ الْإِسْنَوِيُّ لَا اعْتِمَادَ عَلَيْهِ كَذَا قَرَأَهُ عَلَيْنَا م ر مِنْ خَطِّهِ اهـ.
وَهُوَ مُوَافِقٌ لِمَا مَرَّ لِلشَّارِحِ فِي قَوْلِهِ: لَكِنَّ الْمُعَوَّلَ عَلَيْهِ أَنَّهُ مَتَى كَانَ الْأَقْرَبُ أَهْلًا لِلصَّلَاةِ فَلَهُ الِاسْتِنَابَةُ إلَخْ، وَمُخَالِفٌ لِمَا تَقَدَّمَ أَيْضًا عَنْ الزِّيَادِيِّ (قَوْلُهُ: وَيُقَدَّمُ الْحُرُّ الْبَعِيدُ عَلَى الْعَبْدِ الْقَرِيبِ) وَعَلَى الْمُبَعَّضِ أَيْضًا، وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَدَّمَ فِي الْمُبَعَّضِينَ أَكْثَرُهُمَا حُرِّيَّةً وَأَنْ يُقَدَّمَ الْمُبَعَّضُ الْبَعِيدُ عَلَى الرَّقِيقِ الْقَرِيبِ (قَوْلُهُ: بِمَا يُقَدَّمُ فِي سَائِرِ الصَّلَوَاتِ) قَدْ يَقْتَضِي أَنَّهُ فِي الْأَجَانِبِ يُقَدَّمُ الْأَفْقَهُ عَلَى الْأَسَنِّ وَقِيَاسُ مَا فِي الْقَرِيبِ خِلَافُهُ.
(قَوْلُهُ: وَيَقِفُ الْمُصَلِّي إلَخْ) وَلَوْ حَضَرَ رَجُلٌ وَأُنْثَى فِي تَابُوتٍ وَاحِدٍ فَهَلْ يُرَاعَى فِي الْمَوْقِفِ الرَّجُلُ لِأَنَّهُ أَشْرَفُ أَوْ الْأُنْثَى لِأَنَّهَا أَحَقُّ بِالسَّتْرِ أَوْ الْأَفْضَلُ لِقُرْبِهِ لِلرَّحْمَةِ لِأَنَّهُ أَشْرَفُ حَقِيقَةً؟ كُلٌّ مُحْتَمَلٌ، وَلَعَلَّ الثَّانِيَ أَقْرَبُ اهـ حَجّ.
[فَرْعٌ] كَيْفَ يَقِفُ الْإِمَامُ عَلَى الْجُزْءِ الْمَوْجُودِ يَحْتَمِلُ أَنْ يَقِفَ حَيْثُ شَاءَ، وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ إنْ كَانَ الْعُضْوُ لِرَأْسٍ أَوْ مِنْهُ فِي الذَّكَرِ أَوْ عَجُزِ الْمَرْأَةِ أَوْ مِنْهُ حَاذَاهُ فِي الْمَوْقِفِ أَوْ مِنْ غَيْرِهَا وَقَفَ حَيْثُ شَاءَ وَهُوَ قَرِيبٌ وِفَاقًا لَمْ ر اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: وَهُوَ بِفَتْحِ الْعَيْنِ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمِصْبَاحِ: وَالْعَجُزُ مِنْ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ مُؤَنَّثَةٌ وَبَنُو تَمِيمٍ يُذَكِّرُونَ وَفِيهَا أَرْبَعُ لُغَاتٍ: فَتْحُ الْعَيْنِ وَضَمُّهَا، وَمَعَ كُلِّ وَاحِدٍ ضَمُّ الْجِيمِ وَسُكُونُهَا، وَالْأَفْصَحُ وِزَانُ رَجُلٍ وَالْجَمْعُ أَعْجَازٌ وَالْعَجُزُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مُؤَخَّرُهُ وَالْعَجِيزَةُ لِلْمَرْأَةِ خَاصَّةً وَجَمْعُهَا عَجِيزَاتٌ
(قَوْلُهُ: وَتَجُوزُ عَلَى الْجَنَائِزِ إلَخْ) وَهَلْ يَتَعَدَّدُ الثَّوَابُ لَهُمْ وَلَهُ بِعَدَدِهِمْ أَوْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ، وَمِثْلُهُ يُقَالُ فِي التَّشْيِيعِ لَهُمْ، وَنَقَلَ بِالدَّرْسِ عَنْ خَطِّهِ مَا يُصَرِّحُ بِذَلِكَ، ثُمَّ رَأَيْت لَهُ قُبَيْلَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَيُكْرَهُ تَجْصِيصُ الْقَبْرِ إلَخْ مَا يُصَرِّحُ بِهِ أَيْضًا (قَوْلُهُ: صَلَاةً وَاحِدَةً) أَوْرَدَ عَلَيْهِ أَنَّ هَذَا مُكَرَّرٌ مَعَ قَوْلِهِ السَّابِقِ وَإِنْ حَضَرَ مَوْتِي نَوَاهُمْ، وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ بِأَنَّ الْمَلْحَظَ مُخْتَلِفٌ، وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ مَا تَقَدَّمَ فِي صِحَّةِ النِّيَّةِ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ صِحَّتِهَا الْجَوَازُ بِدَلِيلِ صِحَّةِ الصَّلَاةِ فِي الدَّارِ الْمَغْصُوبَةِ، وَمَا هُنَا فِي الْجَوَازِ مَعَ.
ــ
[حاشية الرشيدي]
بِهِ قُصُورٌ عَنْ الْمُدَّعَى إذْ يَخْرُجُ مِنْهُ مَا إذْ لَمْ يَكُنْ الْأَسَنُّ ذَا شَيْبَةٍ (قَوْلُهُ: وَنَائِبُ الْأَقْرَبِ الْغَائِبِ عَلَى الْبَعِيدِ الْحَاضِرِ) أَيْ كَمَا مَرَّ وَمَرَّ أَنَّ الْغَائِبَ لَيْسَ بِقَيْدٍ.
(قَوْلُهُ: عَمَلًا بِالسُّنَّةِ) عِبَارَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ عَمَلًا بِالسُّنَّةِ فِي الْأَصْلِ.
رِجَالٍ وَنِسَاءٍ فَجَعَلَ الرِّجَالَ مِمَّا يَلِيهِ وَالنِّسَاءَ مِمَّا يَلِي الْقِبْلَةَ، وَلِخَبَرِ أَبِي دَاوُد بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ أَنَّ سَعِيدَ بْنَ الْعَاصِ صَلَّى عَلَى زَيْدِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَأُمِّهِ أُمِّ كُلْثُومٍ بِنْتِ عَلِيٍّ رضي الله عنهم فَجَعَلَهُ مِمَّا يَلِيهِ وَجَعَلَهَا مِمَّا يَلِي الْقِبْلَةَ وَفِي الْقَوْمِ نَحْوُ ثَمَانِينَ مِنْ الصَّحَابَةِ فَقَالُوا هَذِهِ السُّنَّةُ.
وَعُلِمَ مِنْ تَعْبِيرِهِ بِالْجَوَازِ أَنَّ الْأَفْضَلَ إفْرَادُ كُلِّ جِنَازَةٍ بِصَلَاةٍ لِأَنَّهُ أَكْثَرُ عَمَلًا وَأَرْجَى قَبُولًا التَّأْخِيرُ لِذَلِكَ يَسِيرُ خِلَافًا لِلْمُتَوَلِّي.
نَعَمْ إنْ خَشَى تَغَيُّرًا أَوْ انْفِجَارًا بِالتَّأْخِيرِ فَالْأَفْضَلُ الْجَمْعُ بَلْ قَدْ يَكُونُ وَاجِبًا، وَلَوْ حَضَرَتْ الْجَنَائِزُ مُرَتَّبَةً فَوَلَّى السَّابِقَةَ أَوْلَى ذَكَرًا كَانَ مَيِّتُهُ أَوْ لَا، أَوْ مَعًا أَقْرَعَ بَيْنَ الْأَوْلِيَاءِ، وَلَمْ يُقَدَّمُوا بِالصِّفَاتِ قَبْلَ الْإِقْرَاعِ كَمَا يَأْتِي نَظِيرُهُ لِوُضُوحِ الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا وَهُوَ أَنَّ التَّقْدِيمَ هُنَا وِلَايَةٌ فَلَمْ يُؤْثَرْ فِيهِ إلَّا الْإِقْرَاعُ، بِخِلَافِهِ ثَمَّ فَإِنَّهُ مُجَرَّدُ فَضِيلَةِ الْقُرْبِ مِنْ الْإِمَامِ فَأَثَّرَتْ فِيهِ الصِّفَاتُ الْفَاضِلَةُ، وَأَيْضًا فَالتَّقْدِيمُ هُنَا يُفَوِّتُ عَلَى كُلٍّ مِنْ الْأَوْلِيَاءِ حَقَّهُ مِنْ الْإِمَامَةِ بِالْكُلِّيَّةِ بِخِلَافِهِ ثَمَّ فَإِنَّهُ لَا يُفَوِّتُ حَقَّ الْبَاقِينَ مِنْ الصَّلَاةِ؛ لِأَنَّهَا عَلَى الْكُلِّ، وَإِنَّمَا فَوَّتَ عَلَيْهِ الْقُرْبَ مِنْ الْإِمَامِ فَقَطْ فَسُومِحَ بِهِ هُنَا، وَهَذَا نَظِيرُ مَا سَيَأْتِي مِنْ عَدَمِ تَقْدِيمِ الْأَفْضَلِ بِالصَّلَاةِ عَلَيْهِ، وَيُقَدَّمُ لِلْإِمَامِ الرَّجُلُ ثُمَّ الصَّبِيُّ ثُمَّ الْخُنْثَى ثُمَّ الْأُنْثَى، فَإِنْ كَانُوا رِجَالًا أَوْ نِسَاءً جُعِلُوا بَيْنَ يَدَيْهِ وَاحِدًا خَلْفَ وَاحِدٍ إلَى جِهَةِ الْقِبْلَةِ لِيُحَاذِيَ الْجَمِيعَ وَقُدِّمَ إلَيْهِ أَفْضَلُهُمْ، وَالْمُعْتَبَرُ فِيهِ الْوَرَعُ وَالْخِصَالُ الْمُرَغِّبَةُ فِي الصَّلَاةِ عَلَيْهِ، وَيَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ كَوْنُهُ أَقْرَبَ إلَى رَحْمَةِ اللَّهِ تَعَالَى لَا بِالْحُرِّيَّةِ لِانْقِطَاعِ الرِّقِّ بِالْمَوْتِ، وَيُقَدَّمُ إلَى الْإِمَامِ الْأَسْبَقُ مِنْ الذُّكُورِ وَالْإِنَاثِ وَإِنْ كَانَ الْمُتَأَخِّرُ أَفْضَلَ، ثُمَّ إنْ سَبَقَ رَجُلٌ أَوْ صَبِيٌّ اسْتَمَرَّ أَوْ أُنْثَى ثُمَّ حَضَرَ ذَكَرٌ وَلَوْ صَبِيًّا أُخِّرَتْ عَنْهُ وَمِثْلُهَا
ــ
[حاشية الشبراملسي]
الصِّحَّةِ أَوْ أَنَّ مَا هُنَا ذُكِرَ تَوْطِئَةً لِمَا بَعْدَهُ مِنْ الْإِقْرَاعِ وَعَدَمِهِ (قَوْلُهُ: وَلِخَبَرِ أَبِي دَاوُد) هُوَ فِي مَرْتَبَةِ الْأَوَّلِ مِنْ تَقْدِيمِ الرِّجَالِ عَلَى النِّسَاءِ، وَفِيهِ زِيَادَةُ فَائِدَةٍ، وَهِيَ أَنَّ الذَّكَرَ يُقَدَّمُ وَإِنْ كَانَتْ الْأُنْثَى أَصْلًا لَهُ وَأَنَّهُ وَقَعَ بِحَضْرَةِ جَمْعٍ مِنْ الصَّحَابَةِ وَأَثْنَوْا عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: فَقَالُوا هَذِهِ السُّنَّةُ) أَيْ فِي مَقَامِ الثَّنَاءِ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ أَكْثَرُ عَمَلًا وَأَرْجَى قَبُولًا) ظَاهِرُهُ وَإِنْ قَلَّتْ الْجَمَاعَةُ (قَوْلُهُ: بَلْ قَدْ يَكُونُ وَاجِبًا) أَيْ بِأَنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: أَوْ مَعًا أَقْرَعَ بَيْنَ الْأَوْلِيَاءِ) أَيْ نَدْبًا لِتَمَكُّنِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ صَلَاتِهِ لِنَفْسِهِ (قَوْلُهُ: وَيُقَدَّمُ لِلْإِمَامِ الرَّجُلُ ثُمَّ الصَّبِيُّ إلَخْ) أَيْ فِي جِهَةِ الْقِبْلَةِ وَيُحَاذَى بِرَأْسِ الرَّجُلِ عَجِيزَةُ الْمَرْأَةِ اهـ ابْنِ عَبْدِ الْحَقِّ (قَوْلُهُ: جَعَلُوا بَيْنَ يَدَيْهِ وَاحِدًا خَلْفَ وَاحِدٍ) أَيْ وَالشَّرْطُ أَنْ لَا يَزِيدَ مَا بَيْنَهُمَا عَلَى ثَلَاثِمِائَةِ ذِرَاعٍ وَلَوْ تَرَاصَّتْ شَيْئًا فَيَحْتَمِلُ أَيْضًا اشْتِرَاطُ أَنْ لَا يَبْعُدَ الْأَخِيرُ أَزْيَدَ مِنْ الْمَسَافَةِ الْمَذْكُورَةِ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الْحُكْمُ كَمَا فِي الصَّلَاةِ.
[فَائِدَةٌ] قَالَ الْعِرَاقِيُّ: وَيَكُونُونَ عَلَى يَمِينِهِ اهـ.
أَقُولُ: وَهُوَ خِلَافُ مَا عَلَيْهِ عَمَلُ النَّاسِ فَلْيُتَفَطَّنْ لَهُ اهـ سم عَلَى بَهْجَةٍ.
وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي الْكَيْفِيَّةِ الْمَذْكُورَةِ بَيْنَ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ، وَسَيَأْتِي لَهُ فِي الْمَرْأَةِ مَا يُخَالِفُ هَذَا (قَوْلُهُ: وَيَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ) عَطَفَ عَلَى الْمُرَغِّبَةِ فَهُوَ مِنْ عَطْفِ الْفِعْلِ عَلَى الِاسْمِ الشَّبِيهِ بِهِ، وَالْمَعْنَى الْمُرَغِّبَةُ وَالْمُغَلِّبَةُ عَلَى الظَّنِّ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ الْمُتَأَخِّرُ أَفْضَلَ) لَوْ كَانَ الْمُتَأَخِّرُ نَبِيًّا كَالسَّيِّدِ عِيسَى عليه الصلاة والسلام هَلْ يُؤَخَّرُ لَهُ الْأَسْبَقُ؟ فِيهِ نَظَرٌ.
ثُمَّ رَأَيْت حَجّ تَرَدَّدَ فِيهِ فِي فَتَاوِيهِ وَمَالَ إلَى أَنَّهُ لَا يُؤَخَّرُ.
وَقَوْلُهُ جُعِلُوا صَفًّا عَنْ يَمِينِهِ. . إلَخْ ع هُوَ كَلَامُ الْأَصْحَابِ وَعُلِّلَ بِأَنَّ جِهَةَ الْيَمِينِ أَشْرَفُ، وَقَضِيَّةُ هَذِهِ الْعِلَّةِ أَنْ يَكُونَ الْأَفْضَلُ فِي الرَّجُلِ الذَّكَرِ جَعْلَهُ عَلَى يَمِينِ الْمُصَلِّي فَيَقِفُ عِنْدَ رَأْسِهِ وَيَكُونُ غَالِبًا عَلَى يَمِينِهِ فِي جِهَةِ الْمَغْرِبِ وَهُوَ خِلَافُ عَمَلِ النَّاسِ نَعَمْ الْمَرْأَةُ وَكَذَا الْخُنْثَى السُّنَّةُ أَنْ يَقِفَ عِنْدَ عَجِيزَتِهَا فَيَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ جِهَةُ رَأْسِهَا فِي جِهَةِ يَمِينِهِ وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِعَمَلِ النَّاسِ وَحِينَئِذٍ يَنْتِجُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ مَعْنَى جَعْلِ الْخَنَاثَى صَفًّا عَنْ الْيَمِينِ أَنْ تَكُونَ رِجْلَا الثَّانِي عِنْدَ رَأْسِ الْأَوَّلِ وَهَكَذَا فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: أَوْ أُنْثَى ثُمَّ حَضَرَ ذَكَرٌ)
ــ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: فَوَلِيُّ السَّابِقَةِ أَوْلَى) أَيْ بِتَقَدُّمِهِ بِالصَّلَاةِ عَلَى الْكُلِّ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي إذْ الصُّورَةُ أَنَّهَا تُقَدَّمُ عَلَيْهِمْ صَلَاةٌ وَاحِدَةٌ (قَوْلُهُ: وَهَذَا نَظِيرُ مَا سَيَأْتِي) اُنْظُرْ فِي أَيِّ مَحَلٍّ يَأْتِي (قَوْلُهُ: فَإِنْ كَانُوا رِجَالًا) أَيْ فَقَطْ وَكَذَا قَوْلُهُ: أَوْ نِسَاءً (قَوْلُهُ: وَيُقَدَّمُ إلَى الْإِمَامِ الْأَسْبَقُ مِنْ الذُّكُورِ) أَيْ إنْ كَانُوا كُلُّهُمْ ذُكُورًا، وَكَذَا يُقَالُ فِي الْإِنَاثِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ وَإِنْ لَمْ يَتَأَتَّ مَعَهُ قَوْلُهُ: ثُمَّ إنْ