الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فِي الْوَاجِبِ وَنَدْبًا فِي الْمَنْدُوبِ كَمَا يَأْتِي فِي الرَّكَعَاتِ بِالْقِرَاءَةِ وَغَيْرِهَا وَخَالَفَتْ تَكْبِيرَاتِ الْعِيدِ حَيْثُ لَا يَأْتِي بِمَا فَاتَهُ مِنْهَا، فَإِنَّ التَّكْبِيرَ هُنَا بِمَنْزِلَةِ أَفْعَالِ الصَّلَاةِ فَلَا يُمْكِنُ الْإِخْلَالُ بِهَا وَفِي الْعِيدِ سُنَّةٌ فَسَقَطَتْ بِفَوَاتِ مَحَلِّهَا (وَفِي قَوْلٍ لَا تُشْتَرَطُ الْأَذْكَارُ) بَلْ يَأْتِي بِبَقِيَّةِ التَّكْبِيرَاتِ نَسَقًا؛ لِأَنَّ الْجِنَازَةَ تُرْفَعُ بَعْدَ سَلَامِ الْإِمَامِ فَلَيْسَ الْوَقْتُ وَقْتَ تَطْوِيلٍ، وَادَّعَى الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ أَنَّ مَحَلَّ الْخِلَافِ عِنْدَ رَفْعِ الْجِنَازَةِ، فَإِنْ اتَّفَقَ بَقَاؤُهَا لِسَبَبٍ مَا أَوْ كَانَتْ عَلَى غَائِبٍ فَلَا وَجْهَ لِلْخِلَافِ بَلْ يَأْتِي بِالْأَذْكَارِ قَطْعًا.
قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَكَأَنَّهُ مِنْ تَفَقُّهٍ، وَإِطْلَاقُ الْأَصْحَابِ يُفْهِمُ عَدَمَ الْفَرْقِ اهـ.
وَهَذَا هُوَ الْأَوْجَهُ وَعَلَى الْأَوَّلِ يُسْتَحَبُّ أَنْ لَا تُرْفَعَ الْجِنَازَةُ حَتَّى يُتِمَّ الْمَسْبُوقُ مَا فَاتَهُ، فَإِنْ رُفِعَتْ لَمْ يَضُرَّ وَإِنْ حُوِّلَتْ عَنْ الْقِبْلَةِ، بِخِلَافِ ابْتِدَاءِ عَقْدِ الصَّلَاةِ لَا يُحْتَمَلُ فِيهِ ذَلِكَ وَالْجِنَازَةُ حَاضِرَةٌ لِأَنَّهُ يُحْتَمَلُ فِي الدَّوَامِ مَا لَا يُحْتَمَلُ فِي الِابْتِدَاءِ، ذَكَرَهُ فِي الْمَجْمُوعِ، وَقَضِيَّتُهُ أَنَّ الْمُوَافِقَ كَالْمَسْبُوقِ فِي ذَلِكَ.
وَلَوْ أَحْرَمَ عَلَى جِنَازَةٍ يُمْشَى بِهَا وَصَلَّى عَلَيْهَا جَازَ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَكُونَ مَا بَيْنَهُمَا أَكْثَرَ مِنْ ثَلَثِمِائَةِ ذِرَاعٍ كَمَا سَيَأْتِي، وَأَنْ يَكُونَ مُحَاذِيًا لَهَا كَالْمَأْمُومِ مَعَ الْإِمَامِ عَلَى الْقَوْلِ بِذَلِكَ الْمَارِّ فِي صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ، وَلَا يَضُرُّ الْمَشْيُ بِهَا كَمَا لَوْ أَحْرَمَ الْإِمَامُ فِي سَرِيرٍ وَحَمَلَهُ إنْسَانٌ وَمَشَى بِهِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ، كَمَا تَجُوزُ الصَّلَاةُ خَلْفَهُ وَهُوَ فِي سَفِينَةٍ سَائِرَةٍ، قَالَهُ ابْنُ الْعِمَادِ وَغَيْرُهُ.
(وَيُشْتَرَطُ) فِي صَلَاةِ الْجِنَازَةِ (شُرُوطُ) غَيْرِهَا مِنْ (الصَّلَاةِ) كَسَتْرٍ وَطَهَارَةٍ وَاسْتِقْبَالٍ؛ لِأَنَّهَا تُسَمَّى صَلَاةً فَكَانَتْ كَغَيْرِهَا مِنْ الصَّلَوَاتِ، وَلَهَا شُرُوطٌ أُخَرُ تَأْتِي كَتَقَدُّمِ طُهْرِ الْمَيِّتِ (لَا الْجَمَاعَةُ) بِالرَّفْعِ فَلَا تُشْتَرَطُ فِيهَا كَالْمَكْتُوبَةِ بَلْ تُسْتَحَبُّ لِخَبَرِ مُسْلِمٍ «مَا مِنْ رَجُلٍ يَمُوتُ فَيَقُومُ عَلَى جِنَازَتِهِ أَرْبَعُونَ رَجُلٌ لَا يُشْرِكُونَ بِاَللَّهِ شَيْئًا إلَّا شَفَّعَهُمْ اللَّهُ فِيهِ» وَإِنَّمَا صَلَّتْ الصَّحَابَةُ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَفْرَادًا كَمَا رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ.
قَالَ الشَّافِعِيُّ: لِعِظَمِ أَمْرِهِ وَتَنَافُسِهِمْ فِي أَنْ لَا يَتَوَلَّى الصَّلَاةَ عَلَيْهِ أَحَدٌ.
وَقَالَ غَيْرُهُ: لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ قَدْ تَعَيَّنَ إمَامٌ يَؤُمُّ الْقَوْمَ، فَلَوْ تَقَدَّمَ وَاحِدٌ فِي الصَّلَاةِ لَصَارَ مُقَدَّمًا فِي كُلِّ شَيْءٍ وَتَعَيَّنَ لِلْخِلَافَةِ، وَمَعْنَى
ــ
[حاشية الشبراملسي]
وَجَمَعَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي الثَّانِيَةِ فَكَبَّرَ الْإِمَامُ قَبْلَ فَرَاغِهِ مِنْهُمَا فَتَخَلَّفَ لِإِتْمَامِ الْوَاجِبِ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَإِطْلَاقُ الْأَصْحَابِ يُفْهِمُ عَدَمَ الْفَرْقِ) أَيْ بَيْنَ الرَّفْعِ وَعَدَمِهِ فِي جَرَيَانِ الْخِلَافِ (قَوْلُهُ: وَعَلَى الْأَوَّلِ يُسْتَحَبُّ إلَخْ) أَيْ وَالْمُخَاطَبُ بِذَلِكَ الْوَلِيُّ فَيَأْمُرُهُمْ بِتَأْخِيرِ الْحَمْلِ، فَإِنْ لَمْ يَتَّفِقْ مِنْ الْوَلِيِّ أَمْرٌ وَلَا نَهْيٌ اُسْتُحِبَّ التَّأْخِيرُ مِنْ الْمُبَاشِرِينَ لِلْحَمْلِ، فَإِنْ أَرَادُوا الْحَمْلَ اُسْتُحِبَّ لِلْآحَادِ أَمْرُهُمْ بِعَدَمِ الْحَمْلِ اهـ (قَوْلُهُ: لَمْ يَضُرَّ وَإِنْ حُوِّلَتْ عَنْ الْقِبْلَةِ) قَالَ حَجّ: مَا لَمْ يَزِدْ مَا بَيْنَهُمَا عَلَى ثَلَثِمِائَةِ ذِرَاعٍ أَوْ يَحُلْ بَيْنَهُمَا حَائِلٌ مُضِرٌّ فِي غَيْرِ الْمَسْجِدِ (قَوْلُهُ: بِشَرْطِ أَنْ لَا يَكُونَ. . إلَخْ) قَضِيَّةُ هَذَا تَخْصِيصُ ذَلِكَ بِوَقْتِ الْإِحْرَامِ، وَمَفْهُومُهُ أَنَّهُ إذَا زَادَتْ الْمَسَافَةُ عَلَى ذَلِكَ بَعْدَ الْإِحْرَامِ لَمْ يَضُرَّ، وَقَدْ يُشْعِرُ كَلَامُ حَجّ بِخِلَافِهِ حَيْثُ قَالَ: وَالْمَشْيُ بِهَا قَبْلَ إحْرَامِ الْمُصَلِّي وَبَعْدَهُ وَإِنْ حُوِّلَتْ عَنْ الْقِبْلَةِ مَا لَمْ يَزِدْ مَا بَيْنَهُمَا عَلَى ثَلَثِمِائَةِ ذِرَاعٍ أَوْ يَحُلْ إلَخْ (قَوْلُهُ: أَكْثَرَ مِنْ ثَلَثِمِائَةِ ذِرَاعٍ) أَيْ يَقِينًا، وَعَلَيْهِ فَلَوْ شَكَّ فِي الْمَسَافَةِ هَلْ تَزِيدُ عَلَى ذَلِكَ أَوْ لَا لَمْ يَضُرَّ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ التَّقَدُّمِ (قَوْلُهُ: وَأَنْ يَكُونَ مُحَاذِيًا لَهَا) بِأَنْ لَا يَتَحَوَّلَ عَنْ الْقِبْلَةِ (قَوْلُهُ: عَلَى الْقَوْلِ بِذَلِكَ) أَيْ الْقَوْلِ الْمَرْجُوحِ.
(قَوْلُهُ: شُرُوطٌ غَيْرُهَا إلَخْ) سَكَتَ الْمُصَنِّفُ عَمَّا يُطْلَبُ مِنْ غَيْرِ الْأَرْكَانِ وَالشُّرُوطِ وَقَالَ حَجّ: وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ يُكْرَهُ سَنُّ كُلِّ مَا مَرَّ لَهُمَا: أَيْ الْقُدْوَةِ وَالصَّلَاةِ مِمَّا يَتَأَتَّى مَجِيئُهُ هُنَا أَيْضًا نَعَمْ بَحَثَ بَعْضُهُمْ أَنَّهُ يُسَنُّ هُنَا النَّظَرُ لِلْجِنَازَةِ، وَبَعْضُهُمْ النَّظَرُ لِمَحَلِّ السُّجُودِ لَوْ فُرِضَ أَخْذًا مِنْ بَحْثِ الْبُلْقِينِيِّ ذَلِكَ فِي الْأَعْمَى وَالْمُصَلِّي فِي ظُلْمَةٍ، وَهَذَا هُوَ الْأَوْجَهُ وَذَلِكَ لِأَنَّهَا صَلَاةٌ اهـ (قَوْلُهُ لِخَبَرِ مُسْلِمٍ مَا مِنْ رَجُلٍ) ذِكْرُ الرَّجُلِ مِثَالٌ (قَوْلُهُ: فَيَقُومُ عَلَى جِنَازَتِهِ) أَيْ بِأَنْ يُصَلُّوا عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: لَا يُشْرِكُونَ بِاَللَّهِ شَيْئًا) ظَاهِرُهُ وَإِنْ لَمْ يَكُونُوا عُدُولًا وَفَضْلُ اللَّهِ وَاسِعٌ (قَوْلُهُ قَالَ الشَّافِعِيُّ لِعِظَمِ أَمْرِهِ إلَخْ) قَدْ يُقَالُ: يُشْكِلُ عَلَى كِلَا الْجَوَابَيْنِ مَا تَقَرَّرَ أَنَّ الْوَلِيَّ أَوْلَى
ــ
[حاشية الرشيدي]
لِلْأَذْكَارِ.
[شُرُوطُ صَلَاةِ الْجِنَازَةِ]
(قَوْلُهُ: وَقَالَ غَيْرُهُ:؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ قَدْ تَعَيَّنَ إمَامٌ إلَخْ) الظَّاهِرُ أَنَّ الَّذِي قَالَهُ هَذَا الْغَيْرُ عِلَّةٌ لِلتَّنَافُسِ الَّذِي
صَلُّوا أَفْرَادًا، قَالَ فِي الدَّقَائِقِ: أَيْ جَمَاعَاتٍ بَعْدَ جَمَاعَاتٍ، وَقَدْ حُصِرَ الْمُصَلُّونَ عَلَيْهِ صلى الله عليه وسلم فَإِذَا هُمْ ثَلَاثُونَ أَلْفًا وَمِنْ الْمَلَائِكَةِ سِتُّونَ أَلْفًا؛ لِأَنَّ مَعَ كُلِّ وَاحِدٍ مَلَكَيْنِ.
وَمَا وَقَعَ فِي الْإِحْيَاءِ مِنْ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم مَاتَ عَنْ عِشْرِينَ أَلْفًا مِنْ الصَّحَابَةِ لَمْ يَحْفَظْ الْقُرْآنَ مِنْهُمْ إلَّا سِتَّةً، اُخْتُلِفَ فِي اثْنَيْنِ مِنْهُمْ، قَالَ الدَّمِيرِيِّ: لَعَلَّهُ أَرَادَ عِشْرِينَ مِنْ الْمَدِينَةِ، وَإِلَّا فَقَدْ رَوَى أَبُو زُرْعَةَ الْمَوَّازِيُّ أَنَّهُ مَاتَ عَنْ مِائَةِ أَلْفٍ وَأَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ أَلْفًا كُلُّهُمْ لَهُ صُحْبَةٌ وَرَوَى عَنْهُ وَسَمِعَ مِنْهُ.
(وَيَسْقُطُ فَرْضُهَا بِوَاحِدٍ) لِحُصُولِ الْغَرَضِ بِصَلَاتِهِ؛ وَلِأَنَّ الْجَمَاعَةَ لَا تُشْتَرَطُ فِيهَا فَكَذَا الْعَدَدُ كَغَيْرِهَا، وَشَمَلَ ذَلِكَ الصَّبِيَّ الْمُمَيِّزَ مَعَ وُجُودِ الرِّجَالِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ جِنْسِهِمْ وَلِأَنَّهُ يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ إمَامًا لَهُمْ، وَفَارَقَ ذَلِكَ عَدَمَ سُقُوطِ الْفَرْضِ بِهِ فِي رَدِّ السَّلَامِ بِأَنَّ السَّلَامَ شُرِعَ فِي الْأَصْلِ لِلْإِعْلَامِ بِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا سَالِمٌ مِنْ الْآخَرِ وَآمِنٌ مِنْهُ، وَأَمَانُ الصَّبِيِّ لَا يَصْلُحُ بِخِلَافِ صَلَاتِهِ (وَقِيلَ يَجِبُ) لِسُقُوطِ فَرْضِهَا (اثْنَانِ) أَيْ فِعْلُهُمَا (وَقِيلَ ثَلَاثَةٌ) لِخَبَرِ الدَّارَقُطْنِيّ «صَلُّوا عَلَى مَنْ قَالَ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ» وَأَقَلُّ الْجَمْعِ اثْنَانِ أَوْ ثَلَاثَةٌ (وَقِيلَ) يَجِبُ (أَرْبَعَةٌ) كَمَا قِيلَ بِوُجُوبِ ذَلِكَ الْعَدَدِ فِي حَامِلِيهَا لِمَا فِي أَقَلَّ مِنْهَا مِمَّا قَدْ يَتَوَلَّدُ مِنْهُ الْإِزْرَاءُ أَوْ الضَّرَرُ وَفِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الْأَصْحَابِ لَوْ صَلَّى عَلَى
ــ
[حاشية الشبراملسي]
بِإِمَامَتِهَا، وَقَدْ كَانَ الْوَلِيُّ مَوْجُودًا كَعَمِّهِ الْعَبَّاسِ رضي الله عنه، وَقَدْ يُجَابُ عَنْ ذَلِكَ بِالنِّسْبَةِ لِلْجَوَابِ الثَّانِي بِأَنَّ عَادَةَ السَّلَفِ جَرَتْ بِتَقْدِيمِ الْإِمَامِ عَلَى الْوَلِيِّ فَجَرَوْا عَلَى هَذِهِ الْعَادَةِ بِالنِّسْبَةِ لَهُ صلى الله عليه وسلم فَاحْتَاجُوا إلَى التَّأْخِيرِ إلَى تَعَيُّنِ الْإِمَامِ، وَفِيهِ نَظَرٌ، وَقَوْلُهُ قَدْ تَعَيَّنَ وَلَعَلَّ وَلِيَّهُ كَعَمِّهِ الْعَبَّاسِ إنَّمَا لَمْ يَؤُمَّهُمْ مَعَ أَنَّ الْحَقَّ لَهُ خَوْفًا مِنْ أَنْ يُتَوَهَّمَ أَنَّهُ إمَامٌ فَرُبَّمَا تَرَتَّبَ عَلَى ذَلِكَ فِتْنَةٌ انْتَهَى، سم عَلَى بَهْجَةٍ.
(قَوْلُهُ: وَيَسْقُطُ فَرْضُهَا بِوَاحِدٍ) وَيُجْزِئُ الْوَاحِدُ وَإِنْ لَمْ يَحْفَظْ الْفَاتِحَةَ وَلَا غَيْرَهَا وَوَقَفَ بِقَدْرِهَا وَلَوْ مَعَ وُجُودِ مَنْ يَحْفَظُهَا فِيمَا يَظْهَرُ، لِأَنَّ الْمَقْصُودَ وُجُودُ صَلَاةٍ صَحِيحَةٍ مِنْ جِنْسِ الْمُخَاطَبِينَ وَقَدْ وُجِدَتْ اهـ حَجّ.
وَبَقِيَ مَا لَوْ كَانَ لَا يُحْسِنُ إلَّا الْفَاتِحَةَ فَقَطْ هَلْ الْأَوْلَى أَنْ يُكَرِّرَهَا أَوْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ بَلْ وَالْمُتَعَيِّنُ الْأَوَّلُ لِقِيَامِهَا مَقَامَ الْأَدْعِيَةِ.
[فَرْعٌ] قَالَ م ر: إذَا كَانَ الْمَيِّتُ فِي سِحْلِيَّةٍ مُسَمَّرَةٍ عَلَيْهِ لَا تَصِحُّ الصَّلَاةُ عَلَيْهِ كَمَا لَوْ كَانَ الْإِمَامُ فِي مَحَلٍّ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَأْمُومِ بَابٌ مُسَمَّرٌ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ مُسَمَّرَةً وَلَوْ بَعْضُ أَلْوَاحِهَا الَّتِي تَسَعُ خُرُوجَ الْمَيِّتِ مِنْهُ صَحَّتْ الصَّلَاةُ اهـ.
فَأَوْرَدْت عَلَيْهِ أَنَّهُ إذَا لَمْ تَكُنْ مُسَمَّرَةً كَانَتْ كَالْبَابِ الْمَرْدُودِ بَيْنَ الْإِمَامِ وَالْمَأْمُومِ فَلْيَجِبْ أَنْ لَا تَصِحَّ الصَّلَاةُ مَعَ ذَلِكَ كَمَا لَا يَصِحُّ الِاقْتِدَاءُ مَعَ ذَلِكَ، بَلْ قَضِيَّةُ ذَلِكَ امْتِنَاعُ الصَّلَاةِ عَلَى امْرَأَةٍ عَلَى تَابُوتِهَا قُبَّةٌ فَتَكَلَّفَ الْفَرْقَ بِأَنَّ مِنْ شَأْنِ الْإِمَامِ الظُّهُورَ وَمِنْ شَأْنِ الْمَيِّتِ السَّتْرَ اهـ فَلْيُتَأَمَّلْ جِدًّا اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ.
وَقَوْلُ سم مَا لَمْ تَكُنْ مُسَمَّرَةً شَمَلَ مَا لَوْ كَانَ بِهَا شِدَادٌ وَلَمْ تَحِلَّ، وَهُوَ ظَاهِرٌ إنْ لَمْ تَكُنْ السِّحْلِيَّةُ عَلَى نَجَاسَةٍ أَوْ يَكُنْ أَسْفَلُهَا نَجِسًا وَإِلَّا وَجَبَ الْحَلُّ، وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ الْمَيِّتُ فِي بَيْتٍ مُغْلَقٍ عَلَيْهِ فِي غَيْرِ الْمَسْجِدِ وَصُلِّيَ عَلَيْهِ وَهُوَ خَارِجُ الْبَيْتِ لِضَرَرٍ وَهُوَ ظَاهِرٌ لِلْحَيْلُولَةِ بَيْنَهُمَا (قَوْلُهُ: وَأَقَلُّ الْجَمْعِ)
ــ
[حاشية الرشيدي]
ذَكَرَهُ الشَّافِعِيُّ لَا قَوْلٌ مُقَابِلٌ لَهُ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: أَيْ جَمَاعَاتٍ بَعْدَ جَمَاعَاتٍ) لَعَلَّ مَعْنَاهُ أَنَّهُمْ كَانُوا يَجْتَمِعُونَ جَمَاعَةً بَعْدَ جَمَاعَةٍ لَكِنْ يُصَلِّيَ كُلُّ وَاحِدٍ وَحْدَهُ مِنْ غَيْرِ إمَامٍ حَتَّى يُلَائِمَ مَا قَبْلَهُ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ مَعَ كُلِّ وَاحِدٍ مَلَكَيْنِ) ظَاهِرٌ أَنَّ الْحَفَظَةَ يُشَارِكُونَ فِي الْعَمَلِ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: كُلُّهُمْ لَهُ صُحْبَةٌ وَرَوَى عَنْهُ وَسَمِعَ مِنْهُ) أَيْ أَمَّا مَنْ ثَبَتَتْ لَهُ الصُّحْبَةُ بِمُجَرَّدِ الِاجْتِمَاعِ أَوْ الرُّؤْيَةِ فَمِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّهُمْ أَضْعَافُ هَذَا الْعَدَدِ، لِمَا هُوَ مَعْلُومٌ بِالضَّرُورَةِ مِنْ امْتِنَاعِ كَوْنِ الَّذِينَ اجْتَمَعُوا بِهِ صلى الله عليه وسلم فِي هَذِهِ الْمُدَّةِ الْمُسْتَطِيلَةِ خُصُوصًا مَعَ أَسْفَارِهِ وَانْتِقَالَاتِهِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ قَاصِرًا عَلَى هَذَا، فَالْوَاحِدُ مِنَّا يَتَّفِقُ لَهُ أَنْ يَجْتَمِعَ بِنَحْوِ هَذَا الْعَدَدِ أَوْ أَكْثَرَ مِنْهُ فِي الْعَامِ الْوَاحِدِ، وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ مَاتَ عَنْ مِائَةِ أَلْفٍ الَّذِينَ مَاتُوا فِي حَيَاتِهِ صلى الله عليه وسلم مِمَّنْ سَمِعَ وَرَوَى فَهُمْ كَثِيرٌ أَيْضًا فَتَدَبَّرْ.
(قَوْلُهُ: وَأَقَلُّ الْجَمْعِ اثْنَانِ أَوْ ثَلَاثَةٌ)
الْجِنَازَةِ عَدَدٌ زَائِدٌ عَلَى الْمَشْرُوطِ وَقَعَتْ صَلَاةُ الْجَمِيعِ فَرْضَ كِفَايَةٍ.
(وَلَا يَسْقُطُ) فَرْضُ صَلَاتِهَا (بِالنِّسَاءِ وَهُنَاكَ رِجَالٌ)(فِي الْأَصَحِّ) أَوْ رَجُلٌ أَوْ صَبِيٌّ مُمَيِّزٌ؛ لِأَنَّهُ أَكْمَلُ مِنْهُنَّ وَدُعَاؤُهُ أَقْرَبُ إلَى الْإِجَابَةِ وَلِأَنَّ فِي ذَلِكَ اسْتِهَانَةً بِالْمَيِّتِ، وَالْأَوْجَهُ أَنَّ الْمُرَادَ بِحُضُورِهِ: وُجُودُهُ فِي مَحَلِّ الصَّلَاةِ عَلَى الْمَيِّتِ لَا وُجُودُهُ مُطْلَقًا وَلَا فِي دُونِ مَسَافَةِ الْقَصْرِ، وَالثَّانِي يَسْقُطُ بِهِنَّ لِصِحَّةِ صَلَاتِهِنَّ وَجَمَاعَتِهِنَّ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ ذَكَرٌ: أَيْ وَلَا خُنْثَى فِيمَا يَظْهَرُ وَجَبَتْ عَلَيْهِنَّ وَسَقَطَ الْفَرْضُ بِهِنَّ، وَتُسَنُّ لَهُنَّ جَمَاعَةً كَمَا فِي غَيْرِهَا مِنْ الصَّلَوَاتِ.
قَالَهُ الْمُصَنِّفُ خِلَافًا لِمَا فِي الْعُدَّةِ، وَالْخُنْثَى كَالْمَرْأَةِ.
لَا يُقَالُ: كَيْفَ لَا يَسْقُطُ بِالْمَرْأَةِ وَهُنَاكَ صَبِيٌّ مُمَيِّزٌ مَعَ أَنَّهَا الْمُخَاطَبَةُ بِهِ دُونَهُ؛ لِأَنَّا نَقُولُ: قَدْ يُخَاطَبُ الشَّخْصُ بِشَيْءٍ وَيَتَوَقَّفُ فِعْلُهُ عَلَى فِعْلِ شَيْءٍ آخَرَ، لَا سِيَّمَا فِيمَا يَسْقُطُ عَنْهُ الشَّيْءُ بِفِعْلِ غَيْرِهِ فَلَا يُخَاطَبْنَ بِهِ خِطَابَ فَرْضٍ وَلَا يَسْقُطُ بِفِعْلِهِنَّ، وَإِنَّمَا يَجِبُ عَلَيْهِنَّ أَمْرُهُ بِهَا كَمَا يَجِبُ عَلَى وَلِيِّ الطِّفْلِ أَمْرُهُ بِالصَّلَاةِ وَنَحْوُهَا، كَذَا أَفَادَهُ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، خِلَافًا لِابْنِ الْمُقْرِي فِي شَرْحِ إرْشَادِهِ حَيْثُ ذَهَبَ إلَى إجْزَاءِ صَلَاتِهِنَّ مُعَلِّلًا لَهُ بِعَدَمِ تَوَجُّهِ الْخِطَابِ لَهُ.
وَقَضِيَّةُ قَوْلِهِمْ: إنَّ الْخُنْثَى كَالْمَرْأَةِ أَنَّهُ لَوْ اجْتَمَعَ مَعَهَا سَقَطَ الْفَرْضُ بِصَلَاةِ كُلٍّ مِنْهُمَا، وَهُوَ ظَاهِرٌ فِي صَلَاتِهِ دُونَ صَلَاتِهَا لِاحْتِمَالِ ذُكُورَتِهِ كَمَا مَرَّ، وَبِذَلِكَ صَرَّحَ ابْنُ الْمُقْرِي فِي شَرْحِ إرْشَادِهِ فَقَالَ: وَإِنْ صَلَّى سَقَطَ الْفَرْضُ عَنْهُ وَعَنْ النِّسَاءِ، وَإِذَا صَلَّتْ الْمَرْأَةُ سَقَطَ الْفَرْضُ عَنْ النِّسَاءِ، وَأَمَّا عَنْ الْخُنْثَى فَقِيَاسُ الْمَذْهَبِ يَأْبَى ذَلِكَ اهـ.
وَهُوَ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
أَيْ الَّذِي دَلَّتْ عَلَيْهِ الْوَاوُ فِي صَلَّوْا إلَخْ.
(قَوْلُهُ: وَهُنَاكَ رِجَالٌ) عِبَارَةُ شَرْحِ الْبَهْجَةِ: وَصَلَاتُهُنَّ وَصَلَاةُ الصِّبْيَانِ مَعَ الرِّجَالِ أَوْ بَعْدَهُمْ تَقَعُ نَفْلًا لِأَنَّ الْفَرْضَ لَا يَتَوَجَّهُ عَلَيْهِمْ اهـ.
وَكَانَتْ عَلَيْهِ سم قَوْلُهُ أَوْ بَعْدَهُمْ قَدْ يَدُلُّ عَلَى امْتِنَاعِ صَلَاتِهِنَّ وَصَلَاةِ الصِّبْيَانِ قَبْلَ الرِّجَالِ فَلْيُرَاجَعْ فَإِنَّهُ لَا يَبْعُدُ عَدَمُ الِامْتِنَاعِ.
وَقَوْلُهُ تَقَعُ نَفْلًا قَضِيَّتُهُ أَنَّهُمْ لَا يَنْوُونَ الْفَرْضِيَّةَ، وَأَمَّا إذَا تَوَجَّهَ الْفَرْضُ عَلَى النِّسَاءِ لِعَدَمِ الرِّجَالِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَنْوِينَ الْفَرْضِيَّةَ فَلْيُتَأَمَّلْ، إلَّا أَنَّ قَوْلَهُ قَضِيَّتُهُ أَنَّهُمْ لَا يَنْوُونَ إلَخْ يَحْتَمِلُ أَنْ يَجْرِيَ فِي نِيَّتِهِمْ إيَّاهَا مَا قِيلَ فِي صَلَاةِ الصَّبِيِّ الْخَمْسِ بِجَامِعِ عَدَمِ الْوُجُوبِ فِيهَا لَكِنْ تَقَدَّمَ فِي الشَّارِحِ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ نِيَّتِهِنَّ الْفَرْضَ وَلَوْ مَعَ الرِّجَالِ وَإِنْ وَقَعَتْ صَلَاتُهُنَّ نَفْلًا، بِخِلَافِ الصَّبِيِّ لَا تَجِبُ عَلَيْهِ نِيَّةُ الْفَرْضِيَّةِ إذَا صَلَّى مَعَهُمْ كَمَا تَقَدَّمَ بِالْهَامِشِ أَيْضًا، وَلَعَلَّ الْفَرْقَ بَيْنَهُمَا أَنَّ النِّسَاءَ مِنْ جِنْسِ الْمُكَلَّفِينَ بِخِلَافِهِ (قَوْلُهُ: وُجُودُهُ فِي مَحَلِّ الصَّلَاةِ) أَيْ بِمَحَلِّ الصَّلَاةِ وَمَا يُنْسَبُ إلَيْهِ كَخَارِجِ السُّورِ الْقَرِيبِ مِنْهُ أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي عَنْ الْوَافِي حَجّ، وَمُرَادُهُ بِمَا يَأْتِي عَنْ الْوَافِي مَا سَيَأْتِي فِي كَلَامِ الشَّارِحِ مِنْ قَوْلِهِ: فَلَوْ كَانَ الْمَيِّتُ خَارِجَ السُّورِ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَلَا خُنْثَى) وَقَعَ السُّؤَالُ عَمَّا لَوْ تَعَدَّدَتْ الْخَنَاثَى فِي مَحَلٍّ وَفُقِدَتْ الرِّجَالُ هَلْ يَكْفِي فِي سُقُوطِ الطَّلَبِ صَلَاةُ وَاحِدٍ أَمْ تَجِبُ صَلَاةُ الْجَمِيعِ لِاحْتِمَالِ أَنَّ الْمُتَخَلِّفَ ذَكَرٌ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالظَّاهِرُ الثَّانِي لِلْعِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ، وَيُفِيدُهُ قَوْلُ الشَّارِحِ الْآتِي دُونَ صَلَاتِهَا لِاحْتِمَالِ ذُكُورَتِهِ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَإِذَا صَلَّتْ الْمَرْأَةُ سَقَطَ الْفَرْضُ) أَيْ فَلَمْ يَأْثَمْنَ، وَالْقِيَاسُ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَى الْخُنْثَى أَوْ غَيْرِهِ مِنْ الرِّجَالِ إذَا حَضَرَ بَعْدَ الدَّفْنِ أَنْ يُصَلِّيَ عَلَى الْقَبْرِ لِعَدَمِ سُقُوطِ الصَّلَاةِ بِفِعْلِ النِّسَاءِ لِاحْتِمَالِ
ــ
[حاشية الرشيدي]
فَهُوَ دَلِيلٌ لِلْقَوْلَيْنِ عَلَى التَّوْزِيعِ
(قَوْلُهُ: مَعَ أَنَّهَا الْمُخَاطَبَةُ بِهِ) أَيْ فِي الْجُمْلَةِ أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي (قَوْلُهُ: لِأَنَّا نَقُولُ قَدْ يُخَاطَبُ الشَّخْصُ بِشَيْءٍ وَيَتَوَقَّفُ فِعْلُهُ) أَيْ فِعْلُهُ الْمُسْقِطُ لِلْفَرْضِ فَلَا يُنَافِي مَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: كَمَا أَفَادَهُ الْوَالِدُ) يَعْنِي قَوْلَهُ وَإِنَّمَا يَجِبُ عَلَيْهِنَّ أَمْرُهُ وَإِلَّا فَمَا قَبْلَهُ عِبَارَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ (قَوْلُهُ: سَقَطَ الْفَرْضُ عَنْ النِّسَاءِ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُنَّ مُخَاطَبَاتٌ مَعَ وُجُودِ الْخُنْثَى، وَيُعَارِضُهُ قَوْلُ الشَّارِحِ الْمَارُّ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ ذَكَرٌ: أَيْ وَلَا خُنْثَى فِيمَا يَظْهَرُ وَجَبَتْ عَلَيْهِنَّ، إذْ مَفْهُومُهُ أَنَّهَا مَعَ وُجُودِهِ لَا تَجِبُ عَلَيْهِنَّ، وَلَعَلَّ كَلَامَ شَرْحِ الْإِرْشَادِ مَبْنِيٌّ عَلَى كَلَامِهِ الْمُتَقَدِّمِ، عَلَى أَنَّهُ قَدْ يُقَالُ: إنْ كَانَ مَبْنِيًّا عَلَى أَنَّهُنَّ مُخَاطَبَاتٌ بِالْفَرْضِ، فَالْقِيَاسُ سُقُوطُ الْفَرْضِ بِهِنَّ حَتَّى عَنْ الْخُنْثَى، وَإِنْ كُنَّ غَيْرَ مُخَاطَبَاتٍ فَلَا وَجْهَ لِقَوْلِهِ سَقَطَ الْفَرْضُ عَنْ النِّسَاءِ إلَّا أَنْ يُقَالَ: رَاعَيْنَا احْتِمَالَ الذُّكُورَةِ فِي حَالَةٍ وَاحْتِمَالَ الْأُنُوثَةِ فِي أُخْرَى
كَمَا قَالَ احْتِيَاطًا لِلْفَرْضِ.
(وَيُصَلَّى عَلَى الْغَائِبِ عَنْ الْبَلَدِ) وَلَوْ فِي مَسَافَةٍ قَرِيبَةٍ دُونَ مَسَافَةِ الْقَصْرِ وَفِي غَيْرِ جِهَةِ الْقِبْلَةِ وَالْمُصَلِّي مُسْتَقْبِلهَا «؛ لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم صَلَّى عَلَى النَّجَاشِيِّ بِالْمَدِينَةِ يَوْمَ مَوْتِهِ بِالْحَبَشَةِ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ، وَذَلِكَ فِي رَجَبٍ سَنَةَ تِسْعٍ، فَإِنْ قِيلَ: لَعَلَّ الْأَرْضَ زُوِيَتْ لَهُ صلى الله عليه وسلم حَتَّى رَآهُ أُجِيبَ عَنْهُ بِوَجْهَيْنِ: أَحَدِهِمَا أَنَّهُ لَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَنُقِلَ، وَكَانَ أَوْلَى بِالنَّقْلِ مِنْ الصَّلَاةِ؛ لِأَنَّهُ مُعْجِزَةٌ، وَالثَّانِي أَنَّ رُؤْيَتَهُ إنْ كَانَتْ لِأَنَّ أَجْزَاءَ الْأَرْضِ تَدَاخَلَتْ حَتَّى صَارَتْ الْحَبَشَةُ بِبَابِ الْمَدِينَةِ لَوَجَبَ أَنْ تَرَاهُ الصَّحَابَةُ أَيْضًا وَلَمْ يُنْقَلْ، وَإِنْ كَانَتْ لِأَنَّ اللَّهَ خَلَقَ لَهُ إدْرَاكًا فَلَا يَتِمُّ عَلَى مَذْهَبِ الْخَصْمِ؛ لِأَنَّ الْبُعْدَ عَنْ الْمَيِّتِ عِنْدَهُ يَمْنَعُ صِحَّةَ الصَّلَاةِ وَإِنْ رَآهُ، وَأَيْضًا وَجَبَ أَنْ تُبْطِلَ صَلَاتَهُ الصَّحَابَةُ، وَقَدْ أَجْمَعَ كُلُّ مَنْ أَجَازَ الصَّلَاةَ عَلَى الْغَائِبِ بِأَنَّ ذَلِكَ يُسْقِطُ فَرْضَ الْكِفَايَةِ إلَّا مَا حُكِيَ عَنْ ابْنِ الْقَطَّانِ، وَظَاهِرٌ أَنَّ مَحَلَّ السُّقُوطِ بِهَا حَيْثُ عَلِمَ بِهَا الْحَاضِرُونَ.
قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَيَنْبَغِي أَنَّهَا لَا تَجُوزُ عَلَى الْغَائِبِ حَتَّى يُعْلَمَ أَوْ يُظَنَّ أَنَّهُ قَدْ غُسِّلَ: أَيْ أَوْ يُمِّمَ بِشَرْطِهِ.
نَعَمْ لَوْ عَلَّقَ النِّيَّةَ عَلَى طُهْرِهِ بِأَنْ نَوَى الصَّلَاةَ عَلَيْهِ إنْ كَانَ قَدْ طُهِّرَ فَالْأَوْجَهُ الصِّحَّةُ كَمَا هُوَ أَحَدُ احْتِمَالَيْنِ لِلْأَذْرَعِيِّ، أَمَّا الْحَاضِرُ بِالْبَلَدِ وَإِنْ كَبُرَتْ فَلَا يُصَلَّى عَلَيْهِ لِتَيَسُّرِ الْحُضُورِ، وَشَبَّهُوهُ بِالْقَضَاءِ عَلَى مَنْ بِالْبَلَدِ مَعَ إمْكَانِ إحْضَارِهِ، فَلَوْ كَانَ الْمَيِّتُ خَارِجَ السُّوَرِ قَرِيبًا مِنْهُ فَهُوَ كَدَاخِلِهِ، نَقَلَهُ الزَّرْكَشِيُّ عَنْ صَاحِبِ الْوَافِي وَأَقَرَّهُ: أَيْ؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ أَنَّ الْمَقَابِرَ تُجْعَلُ خَارِجَ السُّوَرِ، وَعِبَارَتُهُ: مَنْ كَانَ خَارِجَ السُّوَرِ إنْ كَانَ أَهْلُهُ يَسْتَعِيرُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ لَمْ تَجُزْ الصَّلَاةُ عَلَى مَنْ هُوَ دَاخِلَ السُّوَرِ لِلْخَارِجِ وَلَا الْعَكْسُ اهـ.
وَلَوْ تَعَذَّرَ عَلَى مَنْ فِي الْبَلَدِ الْحُضُورُ لِحَبْسٍ أَوْ مَرَضٍ لَمْ يَبْعُدْ جَوَازُ ذَلِكَ كَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ، وَجَزَمَ بِهِ ابْنُ أَبِي الدَّمِ فِي الْمَحْبُوسِ لِأَنَّهُمْ قَدْ عَلَّلُوا الْمَنْعَ بِتَيَسُّرِ الذَّهَابِ إلَيْهِ، وَفِي مَعْنَاهُ إذَا قُتِلَ إنْسَانٌ بِبَلَدٍ وَأُخْفِيَ قَبْرُهُ عَنْ النَّاسِ وَالْأَوْجَهُ فِي الْقُرَى الْمُتَقَارِبَةِ جِدًّا أَنَّهَا كَالْقَرْيَةِ الْوَاحِدَةِ، وَلَوْ صَلَّى عَلَى مَنْ مَاتَ فِي يَوْمِهِ أَوْ سَنَتِهِ وَظَهَرَ فِي أَقْطَارِ الْأَرْضِ جَازَ وَإِنْ لَمْ يَعْرِفْ عَيْنَهُمْ بَلْ تُسَنُّ؛ لِأَنَّ الصَّلَاةَ عَلَى الْغَائِبِ جَائِزَةٌ وَتَعَيُّنُهُمْ غَيْرُ شَرْطٍ.
(وَيَجِبُ)
ــ
[حاشية الشبراملسي]
ذُكُورَةِ الْخُنْثَى.
(قَوْلُهُ: وَيُصَلَّى عَلَى الْغَائِبِ) هَلْ يَشْمَلُ الْأَنْبِيَاءَ فَتَجُوزُ صَلَاةُ الْغَيَبَةِ عَلَيْهِمْ كَمَا تَجُوزُ صَلَاةُ الْحُضُورِ عَلَيْهِمْ أَمْ لَا وَيُفَرَّقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الصَّلَاةِ عَلَى الْقَبْرِ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْقَلْبُ لِلْجَوَازِ أَمْيَلُ وَإِنْ قَالَ م ر بِالْمَنْعِ.
[فَرْعٌ] لَوْ بَعُدَ الْمَيِّتُ عَنْ الْمُصَلِّي بِأَنْ كَانَ عَلَى مَسَافَةِ الْقَصْرِ فَأَكْثَرَ مَثَلًا، لَكِنْ كَانَ الْمُصَلِّي يُشَاهِدُهُ كَالْحَاضِرِ عِنْدَهُ كَرَامَةً لَهُ فَهَلْ تَصِحُّ صَلَاتُهُ عَلَيْهِ مِنْ الْبُعْدِ لِأَنَّهُ غَائِبٌ وَالْمُرَادُ بِالْغَائِبِ الْبَعِيدُ، أَوْ لَا تَصِحُّ مَعَ ذَلِكَ لِأَنَّهُ أُوفِيَ حُكْمَ الْحَاضِرِ لِمُشَاهَدَتِهِ فِيهِ حَاضِرَ نَظَرٍ، وَالْمُتَّجَهُ عِنْدِي الْأَوَّلُ وَإِنْ أَجَابَ م ر فَوْرًا بِالثَّانِي اهـ سم عَلَى بَهْجَةٍ، وَالْمُرَادُ الْأَنْبِيَاءُ الَّذِينَ يَكُونُ الْمُصَلِّي مِنْ أَهْلِ فَرْضِهَا وَقْتَ مَوْتِهِمْ كَسَيِّدِنَا عِيسَى وَالْخَضِرِ - عَلَيْهِمَا الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -.
أَقُولُ: وَقَدْ يُؤَيِّدُ مَا اسْتَوْجَبَهُ سم بِصَلَاتِهِ صلى الله عليه وسلم وَالصَّحَابَةِ مَعَهُ عَلَى النَّجَاشِيِّ وَإِنْ رُفِعَ لَهُ حَتَّى رَآهُ فِي مَحَلِّهِ عَلَى الْقَوْلِ بِهِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يُصَيِّرُهُ حَاضِرًا (قَوْلُهُ: وَكَانَ أَوْلَى بِالنَّقْلِ) أَيْ بِنَقْلِهِ وَرِوَايَتِهِ إلَيْنَا (قَوْلُهُ: لِتَيَسُّرِ الْحُضُورِ) الْمُتَّجَهُ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ الْمَشَقَّةُ وَعَدَمُهَا فَحَيْثُ شَقَّ الْحُضُورُ وَلَوْ فِي الْبَلَدِ لِكِبَرِهَا وَنَحْوِهِ صَحَّتْ، وَحَيْثُ لَا وَلَوْ خَارِجَ السُّورِ لَمْ تَصِحَّ اهـ سم عَلَى حَجّ.
وَقَدْ يُفِيدُهُ قَوْلُهُ وَلَوْ تَعَذَّرَ إلَخْ، وَمِنْهُ أَيْضًا يُسْتَفَادُ أَنَّ الْعِبْرَةَ فِي الْمَشَقَّةِ بِالنِّسْبَةِ لِمُرِيدِ الصَّلَاةِ كَمَا يُفْهَمُ مِنْ التَّمْثِيلِ لِلْعُذْرِ بِالْمَرَضِ (قَوْلُهُ: قَرِيبًا مِنْهُ) قَالَ حَجّ: وَيُؤْخَذُ ضَبْطُ الْقُرْبِ هُنَا بِمَا يَجِبُ الطَّلَبُ مِنْهُ فِي التَّيَمُّمِ، وَهُوَ مُتَّجَهٌ إنْ أُرِيدَ بِهِ حَدُّ الْغَوْثِ لَا الْقُرْبُ (قَوْلُهُ: وَلَوْ صَلَّى عَلَى مَنْ مَاتَ فِي يَوْمِهِ أَوْ سَنَتِهِ إلَخْ) هَلْ يَدْخُلُ مَنْ فِي الْبَلَدِ تَبَعًا، وَقَدْ يَنْقَاسُ عَدَمُ الدُّخُولِ لِأَنَّهُ لَا تَصِحُّ الصَّلَاةُ عَلَيْهِ إلَّا مَعَ حُضُورِهِ اهـ سم عَلَى بَهْجَةٍ.
وَمَحَلُّهُ أَيْضًا أَخْذًا مِمَّا مَرَّ لَهُ مَا لَمْ تَشُقَّ الصَّلَاةُ عَلَيْهِمْ فِي قُبُورِهِمْ وَإِلَّا شَمَلَتْهُمْ لِأَنَّهُ يَجُوزُ إفْرَادُهُمْ بِالصَّلَاةِ عَلَيْهِمْ مَعَ غَيْبَتِهِمْ فَشُمُولُ صَلَاتِهِ لَهُمْ أَوْلَى (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يُعَيِّنْهُمْ) وَأَشْمَلُ مِنْ ذَلِكَ أَنْ يَنْوِيَ الصَّلَاةَ عَلَى مَنْ تَصِحُّ
ــ
[حاشية الرشيدي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .