الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
النَّوْعِ، وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِ الشَّارِحِ مِنْ الْأَنْوَاعِ بِمَحَلِّهِ حَيْثُ أَتَى بِهِ جَوَابًا عَنْ اعْتِرَاضٍ عَلَى الْمُصَنِّفِ بِأَنَّ هَذِهِ الْكَيْفِيَّاتِ لَيْسَتْ هِيَ الصَّلَاةُ وَإِنَّمَا تُفْعَلُ عَلَى هَذِهِ الْكَيْفِيَّاتِ عِنْدَ وُجُودِ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ، وَقَوْلُهُ بِمَحِلِّهِ الْبَاءُ فِيهِ بِمَعْنَى مَعَ، أَوْ بِمَعْنَى فِي وَهُوَ (أَنْ يَلْتَحِمَ الْقِتَالُ) بَيْنَ الْقَوْمِ وَلَمْ يَتَمَكَّنُوا مِنْ تَرْكِهِ، وَهَذَا كِنَايَةٌ عَنْ شِدَّةِ اخْتِلَاطِهِمْ بِحَيْثُ يَلْتَصِقُ لَحْمُ بَعْضِهِمْ بِبَعْضٍ، أَوْ يُقَارِبُ الْتِصَاقَهُ أَوْ عَنْ اخْتِلَاطِ بَعْضِهِمْ بِبَعْضٍ كَاشْتِبَاكِ لُحْمَةِ الثَّوْبِ بِالسَّدَى (أَوْ يَشْتَدُّ الْخَوْفُ) وَإِنْ لَمْ يَلْتَحِمْ الْقِتَالُ بِأَنْ لَمْ يَأْمَنُوا أَنْ يَحْمِلَ الْعَدُوُّ عَلَيْهِمْ لَوْ وَلَّوْا وَانْقَسَمُوا (فَيُصَلِّي) كُلٌّ مِنْهُمْ (كَيْفَ أَمْكَنَ رَاكِبًا وَمَاشِيًا) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالا أَوْ رُكْبَانًا} [البقرة: 239] وَلَا يَجُوزُ لَهُمْ إخْرَاجُ الصَّلَاةِ عَنْ وَقْتِهَا (وَيُعْذَرُ) كُلٌّ مِنْهُمْ (فِي تَرْكِ) اسْتِقْبَالِ (الْقِبْلَةِ) عِنْدَ الْعَجْزِ عَنْهُ بِسَبَبِ الْعُذْرِ لِلضَّرُورَةِ، وَقَدْ قَالَ ابْنُ عُمَرَ فِي تَفْسِيرِ الْآيَةِ: مُسْتَقْبِلِي الْقِبْلَةَ وَغَيْرَ مُسْتَقْبِلِيهَا. قَالَ نَافِعٌ: لَا أَرَاهُ إلَّا مَرْفُوعًا رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ، بَلْ قَالَ الشَّافِعِيُّ: إنَّ ابْنَ عُمَرَ رَوَاهُ عَنْ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
السَّهْمِ مَثَلًا لَيْسَتْ مُحَقَّقَةً، وَأَيْضًا فَمَا هُنَا نَادِرٌ وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِ الشَّارِحِ مِنْ الْأَنْوَاعِ بِمَحَلِّهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ عَمِيرَةُ.
يَعْنِي أَنَّهُ ذَكَرَ النَّوْعَ وَمَحَلَّهُ، وَقَالَ هُنَا بِمَحَلِّهِ، وَقَالَ فِيمَا سَلَفَ مَا يُذْكَرُ كَأَنَّهُ مُجَرَّدُ تَفَنُّنٍ اهـ.
وَهُوَ أَوْلَى مِنْ جَوَابِ الشَّارِحِ
(قَوْلُهُ: بِأَنَّ هَذِهِ الْكَيْفِيَّاتِ) قَضِيَّةُ الِاعْتِرَاضِ بِمَا ذُكِرَ أَنَّ الْمُصَنِّفَ ذَكَرَ الْكَيْفِيَّةَ، وَلَيْسَ مُرَادٌ، فَإِنَّهُ إنَّمَا ذَكَرَ سَبَبَ الصَّلَاةِ بِالْكَيْفِيَّةِ الْآتِيَةِ (قَوْلُهُ: أَوْ بِمَعْنَى فِي) وَهُوَ الْأَوْضَحُ وَالْأَوْفَقُ بِمَا قَدَّمَهُ مِنْ قَوْلِهِ فِي مَحَلِّ هَذَا النَّوْعِ إلَخْ (قَوْلُهُ وَهُوَ أَنْ يَلْتَحِمَ) أَيْ مَحَلُّ النَّوْعِ (قَوْلُهُ بِالسَّدَى) بِالْفَتْحِ وَالْقَصْرِ فِي الْمِصْبَاحِ، وَقَوْلُهُ لَحْمَةٌ بِفَتْحِ اللَّامِ وَضَمِّهَا لُغَةٌ، وَهَذَا عَكْسُ اللُّحْمَةِ بِمَعْنَى الْقَرَابَةِ، وَأَمَّا اللَّحْمُ مِنْ الْحَيَوَانِ فَجَمْعُهُ لُحُومٌ وَلُحْمَانٌ بِالضَّمِّ وَلِحَامٌ بِالْكَسْرِ اهـ مِصْبَاحٌ.
أَيْضًا بِالْمَعْنَى (قَوْلُهُ: رَاكِبًا وَمَاشِيًا) أَيْ وَلَوْ مُومِيًا بِرُكُوعٍ وَسُجُودٍ عَجَزَ عَنْهُمَا كَمَا سَيَأْتِي: أَيْ وَيَكُونُ السُّجُودُ أَخْفَضَ مِنْ الرُّكُوعِ وَظَاهِرُهُ الِاكْتِفَاءُ بِأَقَلِّ إيمَاءٍ وَإِنْ قَدَرَ عَلَى أَزْيَدَ مِنْهُ، وَيُوَجَّهُ بِأَنَّ فِي تَكْلِيفِ زِيَادَةٍ عَلَى ذَلِكَ مَشَقَّةً، وَرُبَّمَا يُفَوِّتُ الِاشْتِغَالُ بِهَا تَدْبِيرَ أَمْرِ الْحَرْبِ فَيَكْفِي فِيهِ مَا يَصْدُقُ عَلَيْهِ إيمَاءٌ، وَظَاهِرُ إطْلَاقِهِمْ هُنَا سَنُّ إعَادَتِهَا وَلَوْ عَلَى الْهَيْئَةِ الَّتِي فَعَلَهَا أَوَّلًا، وَانْظُرْ هَلْ هُوَ كَذَلِكَ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ.
وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي لِأَنَّهَا صَلَاةُ ضَرُورَةٍ فَلَا تُجَوِّزْهَا ثَانِيًا لِمُجَرَّدِ حُصُولِ سُنَّةِ الْإِعَادَةِ.
نَعَمْ يَنْبَغِي أَنَّ مَحَلَّ التَّرَدُّدِ حَيْثُ فَعَلَهَا مَعَ الْأَفْعَالِ الْكَثِيرَةِ، أَمَّا لَوْ خَلَتْ عَنْ ذَلِكَ فَلَا يَبْعُدُ سَنُّ الْإِعَادَةِ خُرُوجًا مِنْ الْخِلَافِ الَّذِي أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ وَكَذَا الْأَعْمَالُ الْكَثِيرَةُ (قَوْلُهُ: عِنْدَ الْعَجْزِ عَنْهُ) وَالْمُرَادُ بِهِ مَا مَرَّتْ الْإِشَارَةُ إلَيْهِ مِنْ خَوْفِ هُجُومِ الْعَدُوِّ لَوْ اسْتَقْبَلُوا (قَوْلُهُ: وَقَدْ قَالَ بْنُ عُمَرَ) أَيْ فِي مَقَامِ تَفْسِيرِ الْآيَةِ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُ جَعَلَهُ مَعْنَى الْآيَةِ (قَوْلُهُ: لَا أَرَاهُ) أَيْ لَا أَظُنُّ قَالَهُ ابْنُ عُمَرَ إلَّا مَرْفُوعًا.
ــ
[حاشية الرشيدي]
الَّذِي يَجُوزُ الِاسْتِسْلَامُ فِيهِ لِلْمُسْلِمِ إيثَارًا لِلشَّهَادَةِ فَلْيُرَاجَعْ.
[النَّوْعُ الرَّابِعِ أَنْ يَلْتَحِمَ الْقِتَالُ بَيْنَ الْقَوْمِ وَلَمْ يَتَمَكَّنُوا مِنْ تَرْكِهِ]
(قَوْلُهُ: وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِ الشَّارِحِ مِنْ الْأَنْوَاعِ بِمَحَلِّهِ) قَدْ يُقَالُ: لَوْ كَانَ هَذَا غَرَضُهُ لَأَتَى بِهِ فِي أَوَّلِ الْأَنْوَاعِ، وَيُجَابُ أَخْذًا مِنْ كَلَامِ الشِّهَابِ الْبُرُلُّسِيِّ بِأَنَّهُ أَتَى بِنَظِيرِ هَذَا الْجَوَابِ فِيمَا مَرَّ مِنْ الْأَنْوَاعِ، لَكِنْ بِغَيْرِ هَذَا التَّعْبِيرِ تَفَنُّنًا فِي الْعِبَارَةِ، عَلَى أَنَّ الَّذِي يَتَّجِهُ أَنَّ الشَّارِحَ الْجَلَالَ إنَّمَا أَشَارَ بِذَلِكَ إلَى دَفْعِ مَا قَدْ يُقَالُ إنَّ الْمُصَنِّفَ لِمَ لَمْ يُعَنْوِنْ عَنْ النَّوْعِ الَّذِي قَبْلَ هَذَا بِلَفْظِ الثَّالِثِ فَكَيْفَ يَتَأَتَّى لَهُ التَّعْبِيرُ هُنَا بِالرَّابِعِ، وَوَجْهُ الدَّفْعِ أَنَّهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ رَابِعًا بِاللَّفْظِ فَهُوَ رَابِعٌ بِالْمَحَلِّ، فَالظَّرْفُ مُتَعَلِّقٌ بِالرَّابِعِ وَالْبَاءُ فِيهِ عَلَى حَدِّ الْبَاءِ فِي قَوْلِهِمْ: الْأَوَّلُ بِالذَّاتِ وَالثَّانِي بِالْعَرَضِ، وَالشِّهَابُ حَجّ أَشَارَ إلَى هَذَا إلَّا أَنَّهُ قَدَّرَ لِلظَّرْفِ مُتَعَلِّقًا خَارِجِيًّا وَلَا يَخْفَى أَنَّ مَا ذَكَرْنَاهُ أَقْعَدُ (قَوْلُهُ: بِأَنَّ هَذِهِ الْكَيْفِيَّاتِ) كَانَ الْأَصْوَبُ أَنْ يَقُولَ بِأَنَّ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ، أَوْ أَنَّ مُرَادَهُ بِالْكَيْفِيَّاتِ هُنَا الْأَشْيَاءُ بِقَرِينَةِ مَا بَعْدَهُ، بِخِلَافِ لَفْظِ الْكَيْفِيَّاتِ الْآتِي، وَعَلَيْهِ فَالضَّمِيرُ فِي قَوْلِهِ، وَإِنَّمَا تُفْعَلُ رَاجِعٌ لِلصَّلَاةِ (قَوْلُهُ: بِمَعْنَى مَعَ) لَا يُنَاسِبُ مَا أَسْلَفَهُ
النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَلَا يَجِبُ عَلَى الْمَاشِي كَالرَّاكِبِ الِاسْتِقْبَالُ حَتَّى فِي التَّحَرُّمِ وَالرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ وَلَا وَضْعِ جَبْهَتِهِ عَلَى الْأَرْضِ لِمَا فِي تَكْلِيفِهِ ذَلِكَ مِنْ تَعَرُّضِهِ لِلْهَلَاكِ، بِخِلَافِ نَظِيرِهِ فِي الْمَاشِي الْمُتَنَفِّلِ فِي السَّفَرِ كَمَا مَرَّ، وَلَوْ أَمْكَنَهُ الِاسْتِقْبَالُ بِتَرْكِ الْقِيَامِ لِرُكُوبِهِ رَكِبَ لِأَنَّ الِاسْتِقْبَالَ آكَدُ بِدَلِيلِ النَّفْلِ لَا تَرْكُهُ لِجِمَاحِ دَابَّةٍ طَالَ زَمَنُهُ، بِخِلَافِ مَا قَصُرَ زَمَنُهُ، وَصَحَّ اقْتِدَاءُ بَعْضِهِمْ بِبَعْضٍ وَإِنْ اخْتَلَفَتْ الْجِهَةُ، أَوْ تَقَدَّمُوا عَلَى الْإِمَامِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَغَيْرُهُ لِلضَّرُورَةِ، وَمِثْلُهُ مَا إذَا تَخَلَّفُوا عَنْهُ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثِمِائَةِ ذِرَاعٍ، وَالْجَمَاعَةُ أَفْضَلُ مِنْ انْفِرَادِهِمْ كَمَا فِي الْأَمْنِ لِعُمُومِ الْأَخْبَارِ فِي فَضِيلَةِ الْجَمَاعَةِ (وَكَذَا الْأَعْمَالُ الْكَثِيرَةُ) الْمُتَوَالِيَةُ كَالضَّرَبَاتِ وَالطَّعَنَاتِ يُعْذَرُ فِيهَا (لِحَاجَةٍ) إلَيْهَا (فِي الْأَصَحِّ) وَلَا تَبْطُلُ بِهِ، بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَحْتَاجُوا إلَيْهِ.
أَمَّا الْقَلِيلُ أَوْ الْكَثِيرُ غَيْرُ الْمُتَوَالِي فَمُحْتَمَلٌ فِي غَيْرِ الْخَوْفِ فَفِيهِ أَوْلَى، وَالثَّانِي لَا يُعْذَرُ؛ لِأَنَّ النَّصَّ وَرَدَ فِي هَذَيْنِ فَيَبْقَى مَا عَدَاهُمَا عَلَى الْأَصْلِ (لَا) فِي (صِيَاحٍ) فَلَا يُعْذَرُ بَلْ تَبْطُلُ بِهِ صَلَاتُهُ إذْ لَا ضَرُورَةَ إلَيْهِ بَلْ السُّكُوتُ أَهْيَبُ وَمِثْلُهُ النُّطْقُ بِلَا صِيَاحٍ كَمَا فِي الْأُمِّ (وَيُلْقِي السِّلَاحَ إذَا دَمِيَ) بِمَا لَا يُعْفَى عَنْهُ إنْ اسْتَغْنَى عَنْهُ تَصْحِيحًا لِصَلَاتِهِ، وَفِي مَعْنَى إلْقَائِهِ جَعْلُهُ فِي قِرَابِهِ تَحْتَ رِكَابِهِ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا
ــ
[حاشية الشبراملسي]
قَوْلُهُ: رَكِبَ) أَيْ وُجُوبًا وَقَوْلُهُ: لِأَنَّ الِاسْتِقْبَالَ آكَدُ: أَيْ مِنْ الْقِيَامِ.
وَقَوْلُهُ بِدَلِيلِ النَّفْلِ: أَيْ حَيْثُ جَازَ مِنْ قُعُودٍ وَلَمْ يَجُزْ لِغَيْرِ الْقِبْلَةِ.
وَقَوْلُهُ لَا تَرْكُهُ عَطْفٌ عَلَى قَوْلِ الْمُصَنِّفِ عِنْدَ الْعَجْزِ (قَوْلُهُ: طَالَ زَمَنُهُ) لَمْ يَعْتَرِضْ بِمَا لَوْ انْحَرَفَتْ دَابَّتُهُ خَطَأً أَوْ نِسْيَانًا وَمَفْهُومُهُ الضَّرَرُ كحج، لَكِنْ قِيَاسُ مَا تَقَدَّمَ فِي نَفْلِ السَّفَرِ عَدَمُ الضَّرَرِ فِي الصُّوَرِ الثَّلَاثِ وَيَسْجُدُ لِلسَّهْوِ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَا قَصُرَ زَمَنُهُ) أَيْ وَيَسْجُدُ لِلسَّهْوِ عَلَى قِيَاسِ مَا مَرَّ فِي نَفْلِ السَّفَرِ (قَوْلُهُ: كَمَا صَرَّحَ بِهِ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَغَيْرُهُ لِلضَّرُورَةِ) أَيْ وَمَعَ ذَلِكَ لَا بُدَّ مِنْ الْعِلْمِ بِانْتِقَالَاتِ الْإِمَامِ يَقِينًا (قَوْلُهُ: وَالْجَمَاعَةُ أَفْضَلُ مِنْ انْفِرَادِهِمْ) أَيْ مَا لَمْ يَكُنْ الِانْفِرَادُ هُوَ الْحَزْمَ اهـ حَجّ.
(قَوْلُهُ: وَكَذَا الْأَعْمَالُ الْكَثِيرَةُ) لَوْ احْتَاجَ لِخَمْسِ ضَرَبَاتٍ مُتَوَالِيَةٍ مَثَلًا فَقَصَدَ أَنْ يَأْتِيَ بِسِتٍّ مُتَوَالِيَةٍ فَهَلْ تَبْطُلُ بِمُجَرَّدِ الشُّرُوعِ فِي السِّتِّ؛ لِأَنَّهَا غَيْرُ مُحْتَاجٍ إلَيْهَا وَغَيْرُ الْمُحْتَاجِ إلَيْهِ مُبْطِلٌ، فَهَلْ الشُّرُوعُ فِيهَا شُرُوعٌ فِي الْمُبْطِلِ، أَوْ لَا تَبْطُلُ؛ لِأَنَّ الْخَمْسَ جَائِزَةٌ فَلَا يَضُرُّ قَصْدُهَا مَعَ غَيْرِهَا، فَإِذَا فَعَلَ الْخَمْسَ لَمْ تَبْطُلْ بِهَا لِجَوَازِهَا وَلَا بِالْإِتْيَانِ بِالسَّادِسَةِ؛ لِأَنَّهَا وَحْدَهَا لَا تُبْطِلُ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْمُتَّجَهُ لِي الْآنَ الْأَوَّلُ، وَقَدْ يُؤَيِّدُهُ أَنَّهُ لَوْ صَحَّ تَوْجِيهُ الثَّانِي بِمَا ذُكِرَ لَمْ تَبْطُلْ الصَّلَاةُ فِي الْأَمْنِ بِثَلَاثَةِ أَفْعَالٍ مُتَوَالِيَةٍ؛ لِأَنَّ الْفِعْلَيْنِ الْمُتَوَالِيَيْنِ غَيْرُ مُبْطِلَيْنِ فَلَا يَضُرُّ قَصْدُهُمَا مَعَ غَيْرِهِمَا فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ سم عَلَى حَجّ.
وَقَدْ يُقَالُ: بَلْ الْمُتَّجَهُ الثَّانِي، وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا قَاسَ عَلَيْهِ بِأَنَّ كُلًّا مِنْ الْخُطُوَاتِ فِيهِ مَنْهِيٌّ عَنْهُ، فَكَانَ الْمَجْمُوعُ كَالشَّيْءِ الْوَاحِدِ وَالْخَمْسُ فِي الْمَقِيسِ مَطْلُوبَةٌ، فَلَمْ يَتَعَلَّقْ النَّهْيُ إلَّا بِالسَّادِسِ فَمَا قَبْلَهُ لَا دَخْلَ لَهُ فِي الْإِبْطَالِ أَصْلًا إذْ الْمُبْطِلُ هُوَ الْمَنْهِيُّ عَنْهُ.
وَنُقِلَ بِالدَّرْسِ عَنْ شَيْخِنَا الشَّوْبَرِيِّ مَا يُوَافِقُهُ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَلَا تَبْطُلُ) بَيَّنَ بِهِ مَعْنَى الْعُذْرِ الَّذِي أَفَادَهُ التَّشْبِيهُ وَقَوْلُهُ بِهِ: أَيْ الْعَمَلِ الْمَفْهُومِ مِنْ الْأَعْمَالِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ النَّصَّ وَرَدَ فِي هَذَيْنِ) أَيْ فِي الْمَشْيِ أَوْ الرُّكُوبِ وَتَرْكِ الِاسْتِقْبَالِ (قَوْلُهُ: لَا فِي صِيَاحٍ) قَالَ النَّاشِرِيُّ: ظَاهِرُهُ وَلَوْ بِزَجْرِ الْخَيْلِ، لَكِنَّ الْعِلَّةَ عِنْدَهُمْ أَنَّ الْكَمِيَّ السَّاكِتَ أَهْيَبُ، وَهَذَا يَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ فِي غَيْرِ زَجْرِ الْخَيْلِ انْتَهَى.
فَانْظُرْ هَلْ كَزَجْرِ الْخَيْلِ الِاسْتِغَاثَةُ عِنْدَ الْحَاجَةِ إلَيْهَا اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ.
وَعِبَارَةُ حَجّ فِي شَرْحِهِ: وَفَرْضُ الِاحْتِيَاجِ إلَيْهِ: أَيْ الصِّيَاحِ لِنَحْوِ تَنْبِيهِ مَنْ خَشِيَ وُقُوعَ نَحْوِ مُهْلِكٍ بِهِ أَوْ لِزَجْرِ الْخَيْلِ أَوْ لِيُعْرَفَ أَنَّهُ فُلَانٌ الْمَشْهُورُ لِشَجَاعَةٍ نَادِرَةٍ اهـ.
أَيْ فَلَا يُعْذَرُ بِهِ وَبِهِ يُرَدُّ مَا فِي النَّاشِرِيِّ (قَوْلُهُ: وَيُلْقِي السِّلَاحَ إذَا دَمَى) أَيْ وَقَدَرَ عَلَى إلْقَائِهِ بِأَنْ لَمْ يَخْشَ مِنْ إلْقَائِهِ مَحْذُورًا أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ بَعْدُ فَإِنْ عَجَزَ إلَخْ (قَوْلُهُ: جَعَلَهُ فِي قِرَابُهُ) إنْ قَلَّ زَمَنُ هَذَا الْجُعْلِ بِأَنْ كَانَ قَرِيبًا مِنْ
ــ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: لَا تَرْكُهُ) أَيْ الِاسْتِقْبَالَ فَهُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى تَرْكِ الْمَذْكُورِ فِي الْمَتْنِ.
وَلَعَلَّهُمْ اغْتَفَرُوا لَهُ هَذَا الزَّمَنَ الْيَسِيرَ وَإِنْ لَمْ يَغْتَفِرُوهُ فِي نَظَائِرِهِ كَمَا لَوْ وَقَعَ عَلَى ثَوْبِ الْمُصَلِّي نَجَاسَةٌ وَلَمْ يُنَحِّهَا حَالًا خَشْيَةً مِنْ ضَيَاعِهِ بِالْإِلْقَاءِ؛ لِأَنَّ الْخَوْفَ مَظِنَّةُ ذَلِكَ بِخِلَافِ الْأَمْنِ صَرَّحَ بِهِ الْإِمَامُ، وَيُرَدُّ بِذَلِكَ قَوْلِ الرُّويَانِيِّ الظَّاهِرُ بُطْلَانُهَا بِهِ (فَإِنْ عَجَزَ) أَيْ احْتَاجَ إلَى إمْسَاكِهِ بِأَنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ عَنْهُ بُدٌّ (أَمْسَكَهُ) لِلْحَاجَةِ (وَلَا قَضَاءَ فِي الْأَظْهَرِ) ؛ لِأَنَّهُ عُذْرٌ يَعُمُّ فِي حَقِّ الْمُقَاتِلِ فَأَشْبَهَ الْمُسْتَحَاضَةَ.
وَالثَّانِي يَجِبُ لِنُدُورِ الْعُذْرِ، وَمَا رَجَّحَهُ تَبِعَ فِيهِ الْمُحَرَّرَ فَإِنَّهُ قَالَ إنَّهُ الْأَقْيَسُ، وَهُوَ مَا جَزَمَ بِهِ فِي الشَّرْحَيْنِ وَالرَّوْضَةِ فِي بَابِ شُرُوطِ الصَّلَاةِ، لَكِنَّهُمَا نَقَلَا فِي الشَّرْحِ وَالرَّوْضَةِ هُنَا عَنْ الْإِمَامِ عَنْ الْأَصْحَابِ وُجُوبَ الْقَضَاءِ، وَفِي الْمَجْمُوعِ أَنَّ ظَاهِرَ كَلَامِ الْأَصْحَابِ الْقَطْعُ بِالْوُجُوبِ.
قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَقَدْ نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْبُوَيْطِيِّ فَتَكُونُ الْفَتْوَى عَلَيْهِ اهـ.
وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ كَمَا هُوَ الْمُرَجَّحُ فِيمَا لَوْ صَلَّى فِي مَوْضِعٍ نَجِسٍ (وَإِنْ عَجَزَ عَنْ رُكُوعٍ، أَوْ سُجُودٍ أَوْمَأَ) بِهِ لِلضَّرُورَةِ (وَالسُّجُودُ أَخْفَضُ) مِنْ الرُّكُوعِ وُجُوبًا تَمْيِيزًا بَيْنَهُمَا، وَهَذَانِ اللَّفْظَانِ مَنْصُوبَانِ بِتَقْدِيرِ جَعَلَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْمُحَرَّرِ، أَوْ يَكُونُ خَبَرًا بِمَعْنَى الْأَمْرِ: أَيْ يَلْزَمُهُ ذَلِكَ.
(وَلَهُ ذَا النَّوْعُ) أَيْ صَلَاةُ شِدَّةِ الْخَوْفِ سَفَرًا وَحَضَرًا (فِي كُلِّ قِتَالٍ وَهَزِيمَةٍ مُبَاحَيْنِ) ؛ لِأَنَّ الْمَنْعَ مِنْهُ ضَرَرٌ، وَذَلِكَ كَالْقَافِلَةِ فِي قُطَّاعِ الطَّرِيقِ وَالْفِئَةِ الْعَادِلَةِ فِي قِتَالِ الْبَاغِيَةِ دُونَ عَكْسِهِ؛ لِأَنَّهُ إعَانَةٌ عَلَى مَعْصِيَةٍ (وَهَرَبٌ مِنْ حَرِيقٍ وَسَيْلٍ وَسَبُعٍ) وَحَيَّةٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ حَيْثُ لَمْ يُمْكِنْهُ الْمَنْعُ وَلَا التَّحَصُّنُ بِشَيْءٍ لِوُجُودِ الْخَوْفِ (وَغَرِيمٌ عِنْدَ الْإِعْسَارِ وَخَوْفُ حَبْسٍ) دَفْعًا لِضَرَرِ الْحَبْسِ إنْ لَمْ يَكُنْ بِهِ بَيِّنَةٌ وَهُوَ مِمَّنْ لَا يُصَدَّقُ فِيهِ. نَعَمْ لَوْ كَانَ لَهُ بِهِ بَيِّنَةٌ وَلَكِنَّ الْحَاكِمَ لَا يَسْمَعُهَا إلَّا بَعْدَ الْحَبْسِ فَهِيَ كَالْعَدَمِ فِيمَا يَظْهَرُ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَلَا إعَادَةَ هُنَا، وَكَمَا يَجُوزُ صَلَاةُ شِدَّةِ الْخَوْفِ يَجُوزُ أَيْضًا صَلَاةُ الْخَوْفِ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْجُرْجَانِيُّ، فَيُصَلِّي بِطَائِفَةٍ وَيَسْتَعْمِلُ طَائِفَةً فِي رَدِّ السَّيْلِ وَإِطْفَاءِ النَّارِ، وَهَذَا كُلُّهُ عِنْدَ خَوْفِ فَوْتِ الْوَقْتِ، وَعُلِمَ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ صَلَاةَ شِدَّةِ الْخَوْفِ لَا تُفْعَلُ إلَّا عِنْدَ ضِيقِ الْوَقْتِ وَهُوَ كَذَلِكَ مَا دَامَ يَرْجُو الْأَمْنَ، وَإِلَّا فَلَهُ فِعْلُهَا
ــ
[حاشية الشبراملسي]
زَمَنِ الْإِلْقَاءِ اهـ حَجّ (قَوْلُهُ: بِأَنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ عَنْهُ بُدٌّ) أَيْ غِنًى، وَعِبَارَةُ حَجّ بَدَلُ قَوْلِ الشَّارِحِ بِأَنْ لَمْ يَكُنْ. إلَخْ وَإِنْ لَمْ يُضْطَرَّ إلَيْهِ اهـ.
وَقَدْ يَتَبَادَرُ مِنْهُ مُخَالَفَتُهُ لِمَا هُنَا، وَيُمْكِنُ حَمْلُ قَوْلِهِ بِأَنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ عَنْهُ بُدٌّ عَلَى مَصْلَحَةِ الْقِتَالِ وَإِنْ لَمْ يَخَفْ الْهَلَاكَ بِتَرْكِهِ فَلَا مُخَالَفَةَ (قَوْلُهُ: فِي الْأَظْهَرِ) ضَعِيفٌ (قَوْلُهُ: أَوْ يَكُونُ خَبَرًا) أَيْ هَذَا التَّرْكِيبُ فَيَكُونَانِ مُبْتَدَأً وَخَبَرًا، وَيَجُوزُ أَيْضًا رَفْعُ الْأَوَّلِ وَنَصْبُ الثَّانِي بِتَقْدِيرِ يَكُونُ وَإِنْ كَانَ قَلِيلًا
(قَوْلُهُ: فِي كُلِّ قِتَالٍ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ نَقْلًا عَنْ غَيْرِهِ: وَكَذَا الْأَنْوَاعُ الثَّلَاثَةُ بِالْأَوْلَى اهـ حَجّ.
وَسَيَأْتِي مَا يُفِيدُهُ فِي قَوْلِ الشَّارِحِ، وَكَمَا تَجُوزُ صَلَاةُ شِدَّةِ الْخَوْفِ تَجُوزُ. إلَخْ (قَوْلُهُ: وَهَزِيمَةٍ مُبَاحَيْنِ) كَقِتَالِ ذِي مَالٍ وَغَيْرِهِ لِقَاصِدِ أَخْذِهِ ظُلْمًا، وَلَا يَبْعُدُ إلْحَاقُ الِاخْتِصَاصِ بِهِ فِي ذَلِكَ اهـ حَجّ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهُ إعَانَةٌ عَلَى مَعْصِيَةٍ) قَضِيَّتُهُ أَنَّ الْبَاغِيَ عَاصٍ بِقِتَالِهِ مُطْلَقًا، وَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَا صَرَّحَ بِهِ الشَّارِحُ فِي أُولِي الْبُغَاةِ مِنْ أَنَّ الْبَغْيَ لَيْسَ اسْمَ ذَمٍّ عِنْدَنَا؛ لِأَنَّهُمْ إنَّمَا خَالَفُوا بِتَأْوِيلٍ جَائِزٍ فِي اعْتِقَادِهِمْ لَكِنَّهُمْ مُخْطِئُونَ فِيهِ، فَلَهُمْ لِمَا فِيهِمْ مِنْ أَهْلِيَّةِ الِاجْتِهَادِ نَوْعُ عُذْرٍ، وَمَا وَرَدَ مِنْ ذَمِّهِمْ وَمَا وَقَعَ فِي كَلَامِ الْفُقَهَاءِ فِي بَعْضِ الْمَوَاضِعِ مِنْ عِصْيَانِهِمْ أَوْ فِسْقِهِمْ مَحْمُولَانِ عَلَى مَنْ لَا أَهْلِيَّةَ فِيهِ لِلِاجْتِهَادِ أَوْ لَا تَأْوِيلَ لَهُ أَوْ لَهُ تَأْوِيلٌ قَطْعِيُّ الْبُطْلَانِ انْتَهَى.
وَعِبَارَةُ حَجّ هُنَا: وَفِئَةٌ عَادِلَةٌ لِبَاغِيَةٍ، بِخِلَافِ عَكْسِهِ إنْ حَكَمْنَا بِإِثْمِهِمْ فِي الْحَالَةِ الْآتِيَةِ فِي بَابِهِمْ اهـ.
(قَوْلُهُ: وَهُوَ مِمَّنْ لَا يُصَدَّقُ فِيهِ) أَيْ الْإِعْسَارِ كَأَنْ عُرِفَ لَهُ قَبْلُ وَادَّعَى تَلَفَهُ (قَوْلُهُ: وَهَذَا كُلُّهُ عِنْدَ خَوْفِ الْوَقْتِ) أَيْ خَوْفِ خُرُوجِهِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ كَذَلِكَ) أَيْ خِلَافًا لحج قَالَ سم عَلَى مَنْهَجٍ: وَالْقِيَاسُ أَنَّ بَقِيَّةَ الْأَنْوَاعِ كَذَلِكَ.
وَقَالَ عَمِيرَةُ: وَأَمَّا بَاقِي الْأَنْوَاعِ فَالظَّاهِرُ فِيهَا عَدَمُ اشْتِرَاطِ ذَلِكَ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ وَالْأَقْرَبُ مَا قَالَهُ عَمِيرَةُ (قَوْلُهُ وَإِلَّا فَلَهُ فِعْلُهَا) أَيْ وَإِنْ اتَّسَعَ الْوَقْتُ.
ــ
[حاشية الرشيدي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
فِيمَا يَظْهَرُ كَمَا مَرَّ نَظِيرُهُ فِي صَلَاةِ فَاقِدِ الطَّهُورَيْنِ، وَيُصَلِّي فِي هَذَا النَّوْعِ أَيْضًا الْعِيدَ وَالْكُسُوفَ بِقِسْمَيْهِمَا وَالرَّوَاتِبَ وَالتَّرَاوِيحَ لَا الِاسْتِسْقَاءَ فَإِنَّهُ لَا يَفُوتُ وَلَا الْفَائِتَةَ بِعُذْرٍ كَذَلِكَ إلَّا إذَا خِيفَ فَوْتُهَا بِالْمَوْتِ، بِخِلَافِ مَا إذَا فَاتَتْهُ بِغَيْرِ عُذْرٍ فِيمَا يَظْهَرُ، وَلَا يُصَلِّيهَا طَالِبُ عَدُوٍّ خَافَ فَوْتَهُ لَوْ صَلَّى مُتَمَكِّنًا؛ لِأَنَّ الرُّخْصَةَ إنَّمَا وَرَدَتْ فِي خَوْفِ فَوْتِ مَا هُوَ حَاصِلٌ وَهِيَ لَا تَتَجَاوَزُ مَحِلَّهَا وَهَذَا مُحَصَّلٌ.
نَعَمْ إنْ خَشَى كَرَّتَهُ، أَوْ كَمِينًا أَوْ انْقِطَاعَهُ عَنْ رُفْقَتِهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْجُرْجَانِيُّ فَلَهُ أَنْ يُصَلِّيَهَا؛ لِأَنَّهُ خَائِفٌ، وَلَوْ خُطِفَ نَعْلُهُ مَثَلًا فِي الصَّلَاةِ جَازَتْ لَهُ صَلَاةُ شِدَّةِ الْخَوْفِ إذَا خَافَ ضَيَاعَهَا كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - تَبَعًا لِابْنِ الْعِمَادِ، وَلَا يَضُرُّ وَطْؤُهُ النَّجَاسَةَ كَحَامِلِ سِلَاحِهِ الْمُلَطَّخِ بِالدَّمِ لِلْحَاجَةِ، وَيَلْزَمُهُ فِعْلُهَا ثَانِيًا عَلَى الْمُعْتَمَدِ، وَالْمَسْأَلَةُ مَأْخُوذَةٌ مِنْ قَوْلِهِمْ إنَّهُ يَجُوزُ صَلَاةُ شِدَّةِ الْخَوْفِ لِلْخَوْفِ عَلَى مَالِهِ، وَمِنْ كَلَامِ الْجُرْجَانِيِّ الْمَارِّ فِي خَوْفِهِ مِنْ انْقِطَاعِهِ عَنْ رُفْقَتِهِ، وَمِنْ تَعْلِيلِهِمْ بِعَدَمِ جَوَازِهَا إنْ خَافَ فَوْتَ الْعَدُوِّ بِأَنَّهُ لَمْ يَخَفْ فَوْتَ مَا هُوَ حَاصِلٌ، وَقَوْلُ الدَّمِيرِيِّ: لَوْ شَرَدَتْ فَرَسُهُ فَتَبِعَهَا إلَى صَوْبِ الْقِبْلَةِ شَيْئًا كَثِيرًا، أَوْ إلَى غَيْرِهَا بَطَلَتْ مُطْلَقًا، مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَخَفْ ضَيَاعَهَا بَلْ بُعْدَهَا عَنْهُ فَتَكَلَّفَ الْمَشْيَ،
ــ
[حاشية الشبراملسي]
فَرْعٌ] لَوْ كَانَ يَعْلَمُ زَوَالَ الْخَوْفِ وَقَدْ بَقِيَ مِنْ الْوَقْتِ قَدْرُ رَكْعَةٍ وَجَبَ تَأْخِيرُ الصَّلَاةِ إلَى زَوَالِ الْخَوْفِ لِإِمْكَانِهَا أَدَاءً عَلَى هَيْئَتِهَا مِنْ غَيْرِ خَلَلٍ كَمَا ارْتَضَاهُ م ر هَكَذَا فَرَاجِعْهُ هَلْ هُوَ مَنْقُولٌ انْتَهَى سم عَلَى مَنْهَجٍ، وَقَدْ يَتَبَادَرُ مِنْ الشَّارِحِ خِلَافُهُ فَلْيُتَأَمَّلْ وَهُوَ الَّذِي يَظْهَرُ الْآنَ؛ لِأَنَّهُ لَا ضَرُورَةَ إلَى إخْرَاجِ بَعْضِ الصَّلَاةِ عَنْ وَقْتِهَا، ثُمَّ رَأَيْت سم صَرَّحَ بِمَا قُلْنَاهُ (قَوْلُهُ: فِيمَا يَظْهَرُ) أَيْ وَعَلَيْهِ فَلَوْ حَصَلَ الْأَمْنُ بَقِيَّةَ الْوَقْتِ وَجَبَتْ الْإِعَادَةُ وَلَا عِبْرَةَ بِالظَّنِّ الْبَيِّنِ خَطَؤُهُ.
(قَوْلُهُ: وَيُصَلِّي فِي هَذَا النَّوْعِ) وَمِثْلُهُ بَقِيَّةُ الْأَنْوَاعِ الثَّلَاثَةِ بِالْأَوْلَى اهـ حَجّ.
لَكِنْ قَدَّمْنَا عَنْهُ التَّرَدُّدَ فِي الِاسْتِسْقَاءِ بِالنِّسْبَةِ لِبَقِيَّةِ الْأَنْوَاعِ، وَمَا ذُكِرَ فِي الرَّوَاتِبِ ظَاهِرٌ حَيْثُ فُعِلَتْ جَمَاعَةً عَلَى خِلَافِ الْمَطْلُوبِ فِيهَا.
وَأَمَّا إذَا فُعِلَتْ فُرَادَى فَقَدْ يُتَوَقَّفُ فِي مَجِيءِ بَقِيَّةِ الْأَنْوَاعِ فِيهِ؛ لِأَنَّ تِلْكَ إنَّمَا تُفْعَلُ إذَا صُلِّيَتْ جَمَاعَةً وَالْجَمَاعَةُ فِيهَا غَيْرُ مَطْلُوبَةٍ.
وَأَمَّا صَلَاةُ شِدَّةِ الْخَوْفِ فَلَا مَانِعَ مِنْهَا خَشْيَةَ فَوَاتِهَا حَيْثُ ضَاقَ الْوَقْتُ.
(قَوْلُهُ: الْعِيدُ وَالْكُسُوفُ بِقِسْمَيْهِمَا) أَيْ الْفِطْرِ وَالْأَضْحَى وَكُسُوفِ الْقَمَرِ وَالشَّمْسِ (قَوْلُهُ: خِيفَ فَوْتُهَا بِالْمَوْتِ) أَيْ الْفَائِتَةِ بِعُذْرٍ وَمِثْلُهُ يُقَالُ فِي الِاسْتِسْقَاءِ فَإِذَا خِيفَ فَوْتُهُ صَلَّى صَلَاةَ شِدَّةِ الْخَوْفِ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَا إذَا فَاتَتْهُ بِغَيْرِ عُذْرٍ) أَيْ فَيُصَلِّيهَا حَالًا خُرُوجًا مِنْ الْمَعْصِيَةِ، وَلَوْ قِيلَ شِدَّةُ الْخَوْفِ عُذْرٌ فِي التَّأْخِيرِ وَلَا مَعْصِيَةَ لَمْ يَبْعُدْ، وَهُوَ قِيَاسُ مَا قَدَّمَهُ مِنْ اسْتِحْبَابِ التَّرْتِيبِ فِي الْفَوَائِتِ وَإِنْ كَانَ الْمُتَأَخِّرُ فَاتَ بِغَيْرِ عُذْرٍ.
(قَوْلُهُ: وَلَا يُصَلِّيهَا) أَيْ صَلَاةَ شِدَّةِ الْخَوْفِ (قَوْلُهُ إذَا خَافَ ضَيَاعَهُ) وَاسْتُشْكِلَ هَذَا بِأَنَّهُ لَمْ يَخَفْ فَوْتَ مَا هُوَ حَاصِلٌ، وَهَذَا النَّوْعُ إنَّمَا يَجُوزُ، كَذَلِكَ قَالَ سم عَلَى مَنْهَجٍ نَقْلًا عَنْ الشَّارِحِ مَا نَصُّهُ: وَاعْتَذَرَ م ر عَنْ هَذَا الْإِشْكَالِ بِأَنَّ الْمُرَادَ مَا يَشْمَلُ مَا كَانَ حَاصِلًا، وَيَرِدُ الِاشْتِغَالُ بِإِنْقَاذِ نَحْوِ الْغَرِيقِ فَإِنَّهُمْ جَعَلُوهُ كَالْحَجِّ مَعَ أَنَّ فِيهِ تَحْصِيلَ مَا كَانَ حَاصِلًا، وَأَوْرَدْت عَلَيْهِ ذَلِكَ فَحَاوَلَ التَّخَلُّصَ بِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ حَاصِلًا لَهُ، وَأَنَّهُ يَنْبَغِي اعْتِبَارُ كَوْنِ الْمُرَادِ بِالْحَاصِلِ مَا كَانَ حَاصِلًا لَهُ وَمَا فِي مَعْنَاهُ اهـ فَلْيُرَاجَعْ فَإِنَّ فِيهِ نَظَرًا.
وَقَضِيَّتُهُ الْجَوَازُ إذَا كَانَ الْغَرِيقُ عَبْدَهُ مَثَلًا فَلْيُحَرَّرْ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: وَيَلْزَمُهُ فِعْلُهَا ثَانِيًا) أَيْ فِي حَالِ تَلَطُّخِهِ بِالنَّجَسِ فَقَطْ اهـ مُؤَلِّفٌ، وَيَحْتَمِلُ الْإِعَادَةَ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّ هَذَا نَادِرٌ وَهُوَ الْأَقْرَبُ، وَإِذَا أَدْرَكَهُ فَلَيْسَ لَهُ الْعَوْدُ لِمَحَلِّهِ الْأَوَّلِ، وَلَوْ كَانَ إمَامًا فِيمَا يَظْهَرُ أَخْذًا مِنْ إطْلَاقِهِمْ، وَيُوَجَّهُ بِأَنَّ الْعَمَلَ الْكَثِيرَ إنَّمَا اُغْتُفِرَ فِي سَعْيِهِ لِتَلْخِيصِ مَتَاعِهِ لِأَنَّهُ مُلْحَقٌ بِشِدَّةِ الْحَرْبِ، وَالْحَاجَةُ هُنَا قَدْ انْقَضَتْ بِاسْتِيلَائِهِ عَلَى مَتَاعِهِ فَلَا وَجْهَ لِلْعَوْدِ (قَوْلُهُ: أَوْ إلَى غَيْرِهَا بَطَلَتْ مُطْلَقًا) أَيْ
ــ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: وَيَلْزَمُهُ فِعْلُهَا ثَانِيًا) أَيْ فِيمَا إذَا وَطِئَ النَّجَاسَةَ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ الْفَتَاوَى (قَوْلُهُ: وَمِنْ كَلَامِ الْجُرْجَانِيِّ) أَيْ بِالْأَوَّلِ، وَعِبَارَةُ الْفَتَاوَى: بَلْ صَرَّحَ الْجُرْجَانِيُّ إلَخْ
أَمَّا عِنْدَ خَوْفِ ضَيَاعِهَا فَلَا بُطْلَانَ مُطْلَقًا كَمَا أَفَادَهُ الشَّيْخُ وَقَالَ إنَّهُ مَأْخُوذٌ مِنْ كَلَامِهِمْ.
(وَالْأَصَحُّ مَنْعُهُ لِمُحْرِمٍ خَافَ فَوْتَ الْحَجِّ) أَيْ لَوْ قَصَدَ الْمُحْرِمُ عَرَفَاتٍ لَيْلًا وَبَقِيَ مِنْ وَقْتِ الْعِشَاءِ مِقْدَارٌ إنْ صَلَّاهَا فِيهِ عَلَى الْأَرْضِ فَاتَهُ الْوُقُوفُ، وَإِنْ سَارَ فِيهِ إلَى عَرَفَاتٍ فَاتَتْهُ الْعِشَاءُ لَمْ يَجُزْ لَهُ أَنْ يُصَلِّيَ صَلَاةَ شِدَّةِ الْخَوْفِ فَإِنَّهُ لَمْ يَخَفْ فَوْتَ مَا هُوَ حَاصِلٌ بَلْ يَرُومُ تَحْصِيلَ مَا لَيْسَ بِحَاصِلٍ، فَأَشْبَهَ خَوْفَ فَوْتِ الْعَدُوِّ عِنْدَ انْهِزَامِهِمْ كَمَا مَرَّ.
وَالثَّانِي لَهُ أَنْ يُصَلِّيَهَا؛ لِأَنَّ الضَّرَرَ الَّذِي يَلْحَقُهُ بِفَوَاتِ الْحَجِّ لَا يَنْقُصُ عَنْ ضَرَرِ الْحَبْسِ أَيَّامًا فِي حَقِّ الْمَدْيُونِ، وَعَلَى الْأَوَّلِ يُؤَخِّرُ الصَّلَاةَ وُجُوبًا وَيَحْصُلُ الْوُقُوفُ كَمَا صَوَّبَهُ الْمُصَنِّفُ خِلَافًا لِلرَّافِعِيِّ؛ لِأَنَّ قَضَاءَ الْحَجِّ صَعْبٌ، وَقَضَاءَ الصَّلَاةِ هَيِّنٌ، وَقَدْ عُهِدَ تَأْخِيرُهَا بِمَا هُوَ أَسْهَلُ مِنْ مَشَقَّةِ الْحَجِّ كَتَأْخِيرِهَا لِلْجَمْعِ، وَالْمُرَادُ بِتَأْخِيرِهَا تَرْكُهَا بِالْكُلِّيَّةِ وَلَوْ أَمْكَنَهُ مَعَ التَّأْخِيرِ إدْرَاكُ رَكْعَةٍ جَازَ قَطْعُهَا لِلضَّرُورَةِ كَمَا ذَكَرَهُ الْإِسْنَوِيُّ وَغَيْرُهُ وَصَرَّحَ بِهِ الْقَاضِي، وَلَيْسَ لِلْعَازِمِ عَلَى الْإِحْرَامِ التَّأْخِيرُ، وَأَلْحَقَ بَعْضُهُمْ بِالْمُحْرِمِ فِيمَا مَرَّ الْمُشْتَغِلَ بِإِنْقَاذِ غَرِيقٍ، أَوْ دَفْعِ صَائِلٍ عَنْ نَفْسٍ، أَوْ مَالٍ، أَوْ صَلَاةٍ عَلَى مَيِّتٍ خِيفَ انْفِجَارُهُ وَلَوْ ضَاقَ وَقْتُ الصَّلَاةِ وَهُوَ بِأَرْضٍ مَغْصُوبَةٍ أَحْرَمَ مَاشِيًا كَهَارِبٍ مِنْ حَرِيقٍ كَمَا قَالَهُ الْقَاضِي وَالْجِيلِيُّ، وَسُئِلَ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَمَّنْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالْعُمْرَةُ وَلَا يُمْكِنُهُ إلَّا إحْدَاهُمَا بِأَنْ نَذَرَ أَنْ يَعْتَمِرَ فِي وَقْتٍ مُعَيَّنٍ فَهَلْ يُقَدِّمُ الْعُمْرَةَ عَلَيْهَا؟ فَأَجَابَ بِأَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ تَقْدِيمُ الْعُمْرَةِ عَلَيْهَا كَمَا يُقَدِّمُ وُقُوفَ عَرَفَةَ عَلَيْهَا.
(وَلَوْ)(صَلَّوْا) صَلَاةَ شِدَّةِ الْخَوْفِ (لِسَوَادٍ) كَإِبِلٍ وَشَجَرٍ (ظَنُّوهُ عَدُوًّا) لَهُمْ، أَوْ كَثِيرًا بِأَنْ ظَنُّوا كَوْنَهُ أَكْثَرَ مِنْ ضِعْفِنَا وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ بِإِخْبَارِ عُدُولٍ لَهُمْ (فَبَانَ) الْحَالُ (بِخِلَافِهِ) ، أَوْ بَانَ كَمَا ظَنُّوا وَلَكِنْ بَانَ دُونَهُ حَائِلٌ كَخَنْدَقٍ أَوْ نَارٍ، أَوْ مَاءٍ، أَوْ أَنَّ بِقُرْبِهِمْ حِصْنًا يُمْكِنُهُمْ التَّحَصُّنُ بِهِ مِنْهُ: أَيْ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُحَاصِرَهُمْ فِيهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، أَوْ شَكُّوا فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ وَقَدْ صَلَّوْهَا (قَضَوْا فِي الْأَظْهَرِ) لِتَفْرِيطِهِمْ بِخَطَئِهِمْ، أَوْ شَكِّهِمْ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ فِي دَارِنَا، أَوْ دَارِ الْحَرْبِ، وَصَلَاةُ شِدَّةِ الْخَوْفِ هُنَا مِثَالٌ.
وَالضَّابِطُ أَنْ يُصَلُّوا صَلَاةً لَا تَجُوزُ فِي الْأَمْنِ، ثُمَّ يَتَبَيَّنُ خِلَافُ ظَنِّهِمْ، فَشَمَلَ ذَلِكَ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
كَثِيرًا كَانَ أَوْ قَلِيلًا (قَوْلُهُ: فَلَا بُطْلَانَ مُطْلَقًا) أَيْ وَيَأْتِي فِي الْقَضَاءِ مَا قَدَّمْنَاهُ فِيمَنْ خُطِفَ نَعْلُهُ
(قَوْلُهُ: وَعَلَى الْأَوَّلِ يُؤَخِّرُ الصَّلَاةَ) أَيْ وَإِنْ تَعَدَّدَتْ وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَجِبَ قَضَاؤُهَا فَوْرًا لِلْعُذْرِ فِي فَوَاتِهَا.
(قَوْلُهُ: بِإِنْقَاذِ غَرِيقٍ) أَيْ أَوْ أَسِيرٍ (قَوْلُهُ: أَوْ دَفْعِ صَائِلٍ عَنْ نَفْسٍ أَوْ مَالٍ) أَيْ لِغَيْرِهِ بِقَرِينَةِ مَا مَرَّ فِي قَوْلِهِ لِلْخَوْفِ عَلَى مَالِهِ حَيْثُ جَوَّزَ فِيهِ صَلَاةَ شِدَّةِ الْخَوْفِ وَأَوْجَبَ التَّأْخِيرَ هُنَا (قَوْلُهُ عَلَى مَيِّتٍ خِيفَ انْفِجَارُهُ) أَيْ فَيَتْرُكُهَا رَأْسًا وَبَقِيَ مَا لَوْ تَعَارَضَ عَلَيْهِ إنْقَاذُ الْغَرِيقِ أَوْ الْأَسِيرِ أَوْ انْفِجَارُ الْمَيِّتِ وَفَوْتُ الْحَجِّ فَهَلْ يُقَدِّمُ الْحَجَّ أَوْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي، وَيُوَجَّهُ بِأَنَّ الْحَجَّ يُمْكِنُ تَدَارُكُهُ وَلَوْ بِمَشَقَّةٍ بِخِلَافِ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ: أَحْرَمَ مَاشِيًا) أَيْ وُجُوبًا، وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يَفْعَلُهَا بِالْإِيمَاءِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ وَلَا يُكَلَّفُ عَدَمَ إطَالَةِ الْقِرَاءَةِ وَهُوَ ظَاهِرٌ لِأَنَّ هَذِهِ صِفَةُ صَلَاتِهِ فِي شِدَّةِ الْخَوْفِ، وَقَدْ جَوَّزْنَاهَا لَهُ هُنَا؛ لِلتَّخَلُّصِ مِنْ الْمَعْصِيَةِ وَالْمُحَافَظَةِ عَلَى فِعْلِ الصَّلَاةِ فِي وَقْتِهَا (قَوْلُهُ: كَمَا قَالَهُ الْقَاضِي وَالْجِيلِيُّ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَيَنْبَغِي وُجُوبُ الْإِعَادَةِ لِتَقْصِيرِهِ اهـ.
وَاعْتَمَدَهُ م ر اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: كَمَا يُقَدِّمُ وُقُوفَ عَرَفَةَ عَلَيْهَا) قَالَ حَجّ بَعْدَ ذِكْرِ هَذَا: وَلَيْسَ فِي مَحَلِّهِ؛ لِأَنَّ الْحَجَّ يَفُوتُ بِفَوَاتِ عَرَفَةَ وَالْعُمْرَةَ لَا تَفُوتُ بِفَوَاتِ ذَلِكَ الْوَقْتِ اهـ.
وَقَدْ يُقَالُ: بَلْ تَفُوتُ؛ لِأَنَّ الْمُعَيَّنَ بِالْجَعْلِ كَالْمُعَيَّنِ بِالشَّرْعِ، نَعَمْ يَرِدُ عَلَى مَا قَالَهُ الشَّارِحُ أَنَّهُ امْتَنَعَتْ الصَّلَاةُ عِنْدَ خَوْفِ فَوْتِ الْحَجِّ لِمَا فِي قَضَائِهِ مِنْ الْمَشَقَّةِ وَهُوَ مُنْتَفٍ فِي الْعُمْرَةِ بِتَقْدِيرِ فَوْتِهَا
(قَوْلُهُ: وَلَوْ صَلَّوْا) غَايَةٌ فِي وُجُوبِ الْقَضَاءِ (قَوْلُهُ: مِنْ غَيْرِ أَنْ يُحَاصِرَهُمْ) يَعْنِي الْعَدُوَّ.
(قَوْلُهُ: قَضَوْا فِي الْأَظْهَرِ) قَالَ عَمِيرَةُ: لَوْ ظَنَّ أَنَّ الْعَدُوَّ يَقْصِدُهُ فَبَانَ خِلَافُهُ فَلَا قَضَاءَ
ــ
[حاشية الرشيدي]
(قَوْلُهُ: تَرْكُهَا بِالْكُلِّيَّةِ) يَعْنِي إخْرَاجَهَا عَنْ الْوَقْتِ بِالْكُلِّيَّةِ
فَصْلٌ فِيمَا يَجُوزُ لُبْسُهُ لِمَنْ ذَكَرَ مَا لَا يَجُوزُ