المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌فصل في بعض شروط القدوة أيضا - نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج - جـ ٢

[الرملي، شمس الدين]

فهرس الكتاب

- ‌[بَابٌ يَشْتَمِلُ عَلَى شُرُوطِ الصَّلَاةِ وَمَوَانِعِهَا]

- ‌[مِنْ شُرُوط الصَّلَاة سَتْرُ الْعَوْرَةِ]

- ‌عَوْرَةُ الرَّجُلِ)

- ‌[عَوْرَةُ الْحُرَّةِ]

- ‌[مِنْ شُرُوطِ الصَّلَاة الطَّهَارَةُ مِنْ الْحَدَثِ الْأَصْغَرِ]

- ‌[مِنْ شُرُوطُ الصَّلَاةِ طَهَارَةُ النَّجَسِ فِي الثَّوْبِ وَالْبَدَنِ وَالْمَكَانِ]

- ‌(تَبْطُلُ) الصَّلَاةُ (بِالنُّطْقِ) عَمْدًا بِكَلَامِ مَخْلُوقٍ

- ‌[فَصْلٌ فِي مُبْطِلَاتِ الصَّلَاةِ وَسُنَنِهَا وَمَكْرُوهَاتِهَا] [

- ‌لَا تَبْطُلُ) الصَّلَاةُ (بِالذِّكْرِ وَالدُّعَاءِ)

- ‌[رَدُّ السَّلَامِ فِي الصَّلَاة]

- ‌[لَا تَجِبُ إجَابَةُ الْأَبَوَيْنِ فِي الصَّلَاةِ]

- ‌[بُطْلَانُ الصَّلَاة بِالْوَثْبَةِ الْفَاحِشَةِ]

- ‌[بُطْلَانُ الصَّلَاة بِقَلِيلِ الْأَكْلِ]

- ‌[الِالْتِفَاتُ فِي الصَّلَاةِ]

- ‌[الصَّلَاةُ حَاقِنًا بِالْبَوْلِ أَوْ حَاقِبًا بِالْغَائِطِ أَوْ حَازِقًا لِلرِّيحِ]

- ‌[كَرَاهَة البصق فِي الصَّلَاةِ أَوْ خَارِجَهَا قِبَلَ وَجْهِهِ أَوْ عَنْ يَمِينِهِ]

- ‌[الْفَرْقَعَةُ فِي الصَّلَاة أَوْ تَشْبِيكُ الْأَصَابِع]

- ‌[الصَّلَاةُ فِي الْكَنِيسَةِ وَالْبِيعَةِ]

- ‌[الصَّلَاةُ فِي مَعَاطِنِ الْإِبِلِ]

- ‌[الصَّلَاةُ فِي الْحَمَّامِ]

- ‌[الصَّلَاةُ فِي الْمَقْبَرَةِ الطَّاهِرَةِ]

- ‌[بَابٌ فِي بَيَانِ سَبَبِ سُجُودِ السَّهْوِ وَأَحْكَامِهِ]

- ‌[كَيْفِيَّةُ سَجْدَتَيْ السَّهْوِ كَسُجُودِ الصَّلَاةِ]

- ‌(بَابٌ فِي سُجُودِ التِّلَاوَةِ

- ‌[سَجَدَاتُ التِّلَاوَةِ فِي الْقُرْآنِ أَرْبَعَ عَشْرَةَ سَجْدَةً]

- ‌سَجْدَةُ الشُّكْرِ

- ‌[بَابٌ فِي صَلَاةِ النَّفْلِ وَهِيَ قِسْمَانِ] [

- ‌قِسْمٌ لَا يُسَنُّ فِيهِ النَّفَلُ جَمَاعَةً]

- ‌ مِنْ الْقِسْمِ الَّذِي لَا يُسَنُّ جَمَاعَةً (الْوِتْرُ)

- ‌مِنْ الْقِسْمِ الَّذِي لَا تُسَنُّ لَهُ جَمَاعَةٌ (الضُّحَى)

- ‌[مِنْ الْقِسْمِ الَّذِي لَا تُسَنُّ لَهُ جَمَاعَةٌ تَحِيَّةُ الْمَسْجِد]

- ‌[مِنْ الْقِسْمِ الَّذِي لَا تُسَنُّ لَهُ جَمَاعَةٌ رَكْعَتَانِ عِنْدَ السَّفَر]

- ‌قِسْمٌ) مِنْ النَّفْلِ (يُسَنُّ جَمَاعَةً)

- ‌[حُكْمُ التَّهَجُّد]

- ‌(كِتَابُ صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ) وَأَحْكَامِهَا

- ‌ الْجَمَاعَةُ (فِي الْمَسْجِدِ لِغَيْرِ الْمَرْأَةِ) وَالْخُنْثَى (أَفْضَلُ)

- ‌أَفْضَلُ الْجَمَاعَةِ بَعْدَ الْجُمُعَةِ

- ‌[أَعْذَارُ تَرْكُ صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ]

- ‌فَصْلٌ فِي صِفَةِ الْأَئِمَّةِ وَمُتَعَلِّقَاتِهَا

- ‌فَصْلٌ فِي بَعْضِ شُرُوطِ الْقُدْوَةِ وَكَثِيرٍ مِنْ آدَابِهَا وَبَعْضِ مَكْرُوهَاتِهَا

- ‌فَصْلٌ فِي بَعْضِ شُرُوطِ الْقُدْوَةِ أَيْضًا

- ‌فَصْلٌ فِي بَعْضِ شُرُوطِ الْقُدْوَةِ أَيْضًا

- ‌[فَصْلٌ فِي زَوَالِ الْقُدْوَةِ وَإِيجَادِهَا وَإِدْرَاكِ الْمَسْبُوقِ الرَّكْعَةَ وَمَا يَتْبَعُ ذَلِكَ]

- ‌(بَابُ) كَيْفِيَّةِ (صَلَاةِ الْمُسَافِرِ)

- ‌فَصْلٌ فِي شُرُوطِ الْقَصْرِ وَتَوَابِعِهَا

- ‌(فَصْلٌ) فِي الْجَمْعِ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ

- ‌[شُرُوطُ جَمْعِ التَّقْدِيمِ]

- ‌[شُرُوطُ التَّقْدِيمِ فِي صَلَاةِ الْجَمْعِ عِنْدَ الْمَطَرِ]

- ‌بَابُ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ

- ‌[شُرُوطُ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ]

- ‌[الْجَمْعِ لِعُذْرِ الْمَطَرِ]

- ‌[شُرُوطُ صِحَّةِ الْجُمُعَةِ]

- ‌[أَرْكَانُ خُطْبَةِ الْجُمُعَةِ]

- ‌[شُرُوطُ الْخُطْبَتَيْنِ فِي الْجُمُعَة]

- ‌فَصْلٌ فِي الْأَغْسَالِ الْمُسْتَحَبَّةِ فِي الْجُمُعَةِ وَغَيْرِهَا وَمَا يُذْكَرُ مَعَهَا

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيَانِ مَا يَحْصُلُ بِهِ إدْرَاكُ الْجُمُعَةِ وَمَا لَا تُدْرَكُ بِهِ]

- ‌[الْقِسْمِ الْأَوَّلِ إدْرَاكُ رُكُوعَ الثَّانِيَةِ مِنْ الْجُمُعَةِ مَعَ الْإِمَامِ]

- ‌[الْقِسْمِ الثَّانِي حُكْمُ اسْتِخْلَافِ الْإِمَامِ وَشُرُوطُهُ]

- ‌[بَابٌ كَيْفِيَّةُ صَلَاةِ الْخَوْفِ]

- ‌[النَّوْعُ الْأَوَّلِ كَوْنُ الْعَدُوِّ فِي جِهَةِ الْقِبْلَةِ]

- ‌[الثَّانِي مِنْ الْأَنْوَاعِ كَوْنُ الْعَدُوُّ فِي غَيْرِ الْقِبْلَةِ]

- ‌[النَّوْعُ الثَّالِثُ أَنْ تَقِفَ فِرْقَةٌ فِي وَجْهِ الْعَدُوِّ وَتَحْرُسُ وَهُوَ فِي غَيْرِ جِهَةِ الْقِبْلَةِ]

- ‌[النَّوْعُ الرَّابِعِ أَنْ يَلْتَحِمَ الْقِتَالُ بَيْنَ الْقَوْمِ وَلَمْ يَتَمَكَّنُوا مِنْ تَرْكِهِ]

- ‌فَصْلٌ فِيمَا يَجُوزُ لُبْسُهُ إنْ ذَكَرَ وَمَا لَا يَجُوزُ

- ‌بَابٌ صَلَاةُ الْعِيدَيْنِ

- ‌[حُكْمُ صَلَاةِ الْعِيدَيْنِ وَكَيْفِيَّتَهَا]

- ‌[وَقْتُ صَلَاةِ الْعِيدَيْنِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي التَّكْبِيرِ الْمُرْسَلِ وَالْمُقَيَّدِ]

- ‌[وَقْتُ تَكْبِير الْعِيد]

- ‌بَابُ صَلَاةِ الْكُسُوفَيْنِ

- ‌[التَّهْنِئَةُ بِالْعِيدِ]

- ‌بَابُ صَلَاةِ الِاسْتِسْقَاءِ

- ‌(بَابٌ) فِي حُكْمِ تَارِكِ الصَّلَاةِ الْمَفْرُوضَةِ عَلَى الْأَعْيَانِ

- ‌ كِتَابُ الْجَنَائِزِ

- ‌[آدَابِ الْمُحْتَضَرِ]

- ‌ بَيَانِ الْغَاسِلِ

- ‌فَصْلٌ فِي تَكْفِينِ الْمَيِّتِ وَحَمْلِهِ وَتَوَابِعِهِمَا

- ‌ كَيْفِيَّةِ حَمْلِ الْمَيِّتِ

- ‌فَصْلٌ فِي الصَّلَاةِ عَلَى الْمَيِّتِ الْمُسْلِمِ غَيْرِ الشَّهِيدِ

- ‌[شُرُوطُ صَلَاةِ الْجِنَازَةِ]

- ‌ الصَّلَاةِ عَلَى الْغَائِبِ

- ‌[تَقْدِيمُ الصَّلَاةِ عَلَى الدَّفْنِ وَتَأْخِيرُهَا عَنْ الْغُسْلِ أَوْ التَّيَمُّمِ]

- ‌[فَرْعٌ فِي بَيَانِ الْأَوْلَى بِصَلَاةِ الْجِنَازَةِ]

- ‌ الصَّلَاةُ (عَلَى الْكَافِرِ)

- ‌[حُكْم الصَّلَاة عَلَى السقط]

- ‌ الْمَيِّتُ إمَّا شَهِيدٌ أَوْ غَيْرُهُ

الفصل: ‌فصل في بعض شروط القدوة أيضا

‌فَصْلٌ فِي بَعْضِ شُرُوطِ الْقُدْوَةِ أَيْضًا

(شَرْطُ) انْعِقَادِ (الْقُدْوَةِ) فِي الِابْتِدَاءِ كَمَا سَيُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي أَنَّهُ لَوْ نَوَاهَا فِي خِلَالِ صَلَاتِهِ جَازَ فَلَا اعْتِرَاضَ عَلَيْهِ خِلَافًا لِمَنْ وَهَمَ فِيهِ (أَنْ يَنْوِيَ الْمَأْمُومُ مَعَ التَّكْبِيرِ) لِلْإِحْرَامِ (الِاقْتِدَاءَ) أَوْ الِائْتِمَامَ (أَوْ الْجَمَاعَةَ) بِالْإِمَامِ الْحَاضِرِ أَوْ مَأْمُومًا أَوْ مُؤْتَمًّا بِهِ، إذْ الْمُتَابَعَةُ عَمَلٌ فَيَفْتَقِرُ إلَى النِّيَّةِ، وَلَا يَقْدَحُ فِي ذَلِكَ صَلَاحِيَّةُ الْجَمَاعَةِ لِلْإِمَامِ أَيْضًا، لِأَنَّ اللَّفْظَ الْمُطْلَقَ يَنْزِلُ عَلَى الْمَعْهُودِ الشَّرْعِيِّ فَهِيَ مِنْ الْإِمَامِ غَيْرُهَا مِنْ الْمَأْمُومِ، فَنَزَلَتْ فِي كُلٍّ عَلَى مَا يَلِيقُ بِهِ مَعَ تَعَيُّنِهَا بِالْقَرِينَةِ الْحَالِيَّةِ لِأَحَدِهِمَا، وَعُلِمَ مِنْ ذَلِكَ رَدُّ قَوْلِ جَمْعٍ لَا يَكْفِي نِيَّةُ نَحْوِ الْقُدْوَةِ أَوْ الْجَمَاعَةِ، بَلْ لَا بُدَّ مِنْ أَنْ يَسْتَحْضِرَ الِاقْتِدَاءَ بِالْحَاضِرِ وَإِلَّا لَمْ يَأْتِ إشْكَالُ الرَّافِعِيِّ الْمَذْكُورِ فِي الْجَمَاعَةِ الَّذِي أَشَرْنَا لِلْجَوَابِ عَنْهُ. لَا يُقَالُ: لَا دَخْلَ لِلْقَرَائِنِ الْخَارِجَةِ فِي النِّيَّاتِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ: صَحِيحٌ ذَلِكَ فِيمَا لَمْ يَقَعْ تَابِعًا، وَالنِّيَّةُ هُنَا تَابِعَةٌ لِأَنَّهَا غَيْرُ شَرْطٍ لِلِانْعِقَادِ، وَلِأَنَّهَا

ــ

[حاشية الشبراملسي]

[فَصْلٌ فِي بَعْضِ شُرُوطِ الْقُدْوَةِ أَيْضًا]

فَصْلٌ فِي بَعْضِ شُرُوطِ الْقُدْوَةِ (قَوْلُهُ: أَنْ يَنْوِيَ الْمَأْمُومُ مَعَ التَّكْبِيرِ إلَخْ) أَيْ وَلَوْ مَعَ آخِرِ جُزْءٍ مِنْهُ، وَعِبَارَةُ سم عَلَى مَنْهَجٍ: وَانْظُرْ لَوْ نَوَى مَعَ آخِرِ جُزْءٍ مِنْ التَّحَرُّمِ يَنْبَغِي أَنَّهُ يَصِحُّ وَيَصِيرُ مَأْمُومًا مِنْ حِينَئِذٍ، وَفَائِدَتُهُ أَنَّهُ لَا يَضُرُّ تَقَدُّمُهُ عَلَى الْإِمَامِ فِي الْمَوْقِفِ قَبْلَ ذَلِكَ انْتَهَى: أَيْ وَيَنْبَغِي أَنْ لَا تَفُوتَهُ فِي هَذِهِ فَضِيلَةُ الْجَمَاعَةِ مِنْ أَوَّلِهَا، وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا لَوْ نَوَى الْقُدْوَةَ فِي خِلَالِ صَلَاتِهِ حَيْثُ كَانَ فِعْلُهُ مَكْرُوهًا مُفَوِّتًا لِفَضِيلَةِ الْجَمَاعَةِ بِأَنَّ فَوَاتَ الْفَضِيلَةِ ثَمَّ لِلْكَرَاهَةِ خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ مَنْ أَبْطَلَ بِهِ، وَقَدْ يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ الْآتِي: وَلَوْ أَحْرَمَ مُنْفَرِدًا إلَخْ أَنَّ الِاقْتِدَاءَ مَعَ آخِرِ التَّحَرُّمِ لَا خِلَافَ فِي صِحَّتِهِ، عَلَى أَنَّهُ قِيلَ بِصِحَّةِ الصَّلَاةِ فِي الِاقْتِرَانِ بِالنِّيَّةِ بِآخِرِ التَّحَرُّمِ، لِأَنَّ التَّكْبِيرَةَ كُلَّهَا رُكْنٌ وَاحِدٌ فَاكْتَفَى بِمُقَارَنَةِ بَعْضِهِ.

يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِ ابْنِ قَاسِمٍ: وَيَصِيرُ مَأْمُومًا مِنْ حِينَئِذٍ أَنَّهُ لَا بُدَّ فِي الْجُمُعَةِ مِنْ نِيَّةِ الِاقْتِدَاءِ مِنْ أَوَّلِ الْهَمْزَةِ إلَى آخِرِ الرَّاءِ مِنْ أَكْبَرَ وَإِلَّا لَمْ تَنْعَقِدْ جُمُعَةٌ، وَبِهِ صَرَّحَ فِي الْعُبَابِ وَعِبَارَتُهُ: الرَّابِعُ نِيَّةُ الْمَأْمُومِ الِاقْتِدَاءُ، ثُمَّ قَالَ: حَتَّى فِي الْجُمُعَةِ مُقَارَنَةً لِتَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ وَإِلَّا لَمْ تَنْعَقِدْ لَهُ جَمَاعَةً وَتَنْعَقِدُ لَهُ مُنْفَرِدًا اهـ: أَيْ فِي غَيْرِ الْجُمُعَةِ.

(قَوْلُهُ: فَهِيَ) أَيْ الْجَمَاعَةُ. (قَوْلُهُ: بِالْإِمَامِ الْحَاضِرِ) أَيْ الْحَاضِرِ فِي الْوَاقِعِ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ مُلَاحَظَةِ صِفَةِ الْحُضُورِ فِي النِّيَّةِ لِمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَعُلِمَ مِنْ ذَلِكَ إلَخْ.

(قَوْلُهُ: فَنَزَلَتْ فِي كُلٍّ عَلَى مَا يَلِيقُ بِهِ) وَيَكْفِي مُجَرَّدُ تَقَدُّمِ إحْرَامِ أَحَدِهِمَا فِي الصَّرْفِ إلَى الْإِمَامَةِ وَتَأَخُّرِ الْأُخْرَى فِي الصَّرْفِ إلَى الْمَأْمُومِيَّةِ، فَإِنْ أَحْرَمَا مَعًا وَنَوَى كُلٌّ الْجَمَاعَةَ فَفِيهِ نَظَرٌ، وَيُحْتَمَلُ انْعِقَادُهَا فُرَادَى لِكُلٍّ فَتَلْغُو نِيَّتُهُمَا الْجَمَاعَةَ.

نَعَمْ إنْ تَعَمَّدَ كُلٌّ مُقَارَنَةَ الْآخَرِ مَعَ الْعِلْمِ بِهِمَا فَلَا يَبْعُدُ الْبُطْلَانُ، وَيُحْتَمَلُ عَدَمُ انْعِقَادِهَا مُطْلَقًا أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ الْآتِي: فَإِنْ قَارَنَهُ لَمْ يَضُرَّ إلَّا تَكْبِيرَةُ الْإِحْرَامِ، وَيُفَرَّقُ عَلَى الْأَوَّلِ بِأَنَّ نِيَّةَ الْجَمَاعَةِ لَمْ تَتَعَيَّنْ اهـ سم عَلَى حَجّ.

(قَوْلُهُ: بِالْقَرِينَةِ الْحَالِيَّةِ لِأَحَدِهِمَا) أَيْ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ قَرِينَةٌ حَالِيَّةٌ وَجَبَ مُلَاحَظَةُ كَوْنِهِ إمَامًا أَوْ مَأْمُومًا وَإِلَّا لَمْ تَنْعَقِدْ صَلَاتُهُ لِتَرَدُّدِ حَالِهِ بَيْنَ الصِّفَتَيْنِ وَلَا مُرَجِّحَ، وَالْحَمْلُ عَلَى أَحَدِهِمَا تَحَكُّمٌ.

(قَوْلُهُ: الَّذِي أَشَرْنَا لِلْجَوَابِ عَنْهُ) أَيْ فِي قَوْلِهِ: فَنَزَلَ فِي كُلٍّ عَلَى مَا يَلِيقُ بِهِ (قَوْله لِأَنَّا نَقُولُ إلَخْ) يَرُدُّ عَلَى هَذَا أَنَّهُمْ اكْتَفَوْا

ــ

[حاشية الرشيدي]

(فَصْلٌ فِي بَعْضِ شُرُوطِ الْقُدْوَةِ أَيْضًا)(قَوْلُهُ: أَوْ مَأْمُومًا أَوْ مُؤْتَمًّا) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ: أَوْ كَوْنُهُ مَأْمُومًا أَوْ مُؤْتَمًّا، وَلَعَلَّ لَفْظَ كَوْنِهِ سَقَطَ مِنْ نُسَخِ الشَّارِحِ مِنْ النُّسَّاخِ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا لَمْ يَأْتِ إشْكَالُ الرَّافِعِيِّ) مِنْ تَمَامِ الرَّدِّ لَا مِنْ تَتِمَّةِ الْمَرْدُودِ، وَعِبَارَةُ التُّحْفَةِ: وَبِهِ يُعْلَمُ أَنَّ قَوْلَ جَمْعٍ لَا تَكْفِي نِيَّةُ نَحْوِ الْقُدْوَةِ أَوْ الْجَمَاعَةِ بَلْ لَا بُدَّ أَنْ يَسْتَحْضِرَ الِاقْتِدَاءَ بِالْحَاضِرِ ضَعِيفٌ، وَإِلَّا لَمْ يَأْتِ إشْكَالُ الرَّافِعِيِّ

ص: 208

مُحَصِّلَةٌ لِصِفَةٍ تَابِعَةٍ فَاغْتُفِرَ فِيهَا مَا لَمْ يُغْتَفَرْ فِي غَيْرِهَا، وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ مَعَ التَّكْبِيرِ مَا لَوْ لَمْ يَنْوِ كَذَلِكَ فَتَنْعَقِدُ فُرَادَى ثُمَّ إنْ تَابَعَ فَسَيَأْتِي (وَالْجُمُعَةُ كَغَيْرِهَا) فِي اشْتِرَاطِ نِيَّتِهِ الْمَذْكُورَةِ (عَلَى الصَّحِيحِ) وَإِنْ افْتَرَقَا فِي عَدَمِ انْعِقَادِهَا عِنْدَ انْتِفَاءِ نِيَّةِ الْقُدْوَةِ مَعَ تَحَرُّمِهَا بِخِلَافِ غَيْرِهَا، وَلَا يُغْنِي تَوَقُّفُ صِحَّتِهَا عَلَى الْجَمَاعَةِ عَنْ وُجُوبِ نِيَّةِ الْجَمَاعَةِ فِيهَا، وَتَقَدَّمَ فِي الْمُعَادَةِ مَا يُعْلَمُ مِنْهُ أَنَّ نِيَّةَ الِاقْتِدَاءِ عِنْدَ تَحَرُّمِهَا وَاجِبٌ فِي بَعْضِ صُوَرِهَا فَهِيَ كَالْجُمُعَةِ، وَمُقَابِلُ الصَّحِيحِ لَا يُشْتَرَطُ فِيهَا مَا ذُكِرَ لِأَنَّهَا لَا تَصِحُّ بِدُونِ الْجَمَاعَةِ، فَكَانَ التَّصْرِيحُ بِنِيَّةِ الْجُمُعَةِ مُغْنِيًا عَنْ التَّصْرِيحِ بِنِيَّةِ الْجَمَاعَةِ (فَلَوْ تَرَكَ هَذِهِ النِّيَّةَ) أَوْ شَكَّ فِيهَا فِي غَيْرِ الْجُمُعَةِ (وَتَابَعَ) مُصَلِّيًا (فِي الْأَفْعَالِ) أَوْ فِي فِعْلٍ وَاحِدٍ أَوْ فِي السَّلَامِ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

فِي الْغُسْلِ بِنِيَّةِ رَفْعِ الْحَدَثِ مَعَ كَوْنِهِ مُحْتَمِلًا لِلْأَصْغَرِ وَالْأَكْبَرِ اكْتِفَاءً بِالْقَرِينَةِ، مَعَ أَنَّ نِيَّةَ مَا ذَكَرَ لَيْسَتْ تَابِعَةً لِشَيْءٍ فَالْأَوْلَى أَنْ يُجَابَ بِأَنَّ عَدَمَ التَّعْوِيلِ عَلَى الْقَرِينَةِ غَالِبٌ لَا لَازِمٌ.

(قَوْلُهُ: فَتَنْعَقِدُ فُرَادَى) قَدْ يُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ رَأَى شَخْصًا ظَنَّهُ مُصَلِّيًا فَنَوَى الِاقْتِدَاءَ بِهِ فَتَبَيَّنَ أَنَّهُ غَيْرُ مُصَلٍّ انْعَقَدَتْ فُرَادَى وَامْتَنَعَتْ مُتَابَعَتُهُ إلَّا بِنِيَّةٍ أُخْرَى، وَهَلْ نَقُولُ كَذَلِكَ فِي مَسْأَلَةِ الْمُسَاوَقَةِ؟ فِيهِ نَظَرٌ حَرِّرْهُ.

ثُمَّ رَأَيْت أَنَّ هَذَا الْأَخْذَ خَطَأٌ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ مَعْنَى أَنَّهُ لَمْ يَنْوِ مَعَ التَّحَرُّمِ أَنَّهُ قَبْلَ تَحَرُّمِ إمَامِهِ مَثَلًا وَلَيْسَ كَذَلِكَ، وَإِنَّمَا مَعْنَاهُ أَنَّهُ لَمْ تُقَارِنْ نِيَّةُ الِاقْتِدَاءِ تَحَرُّمَ نَفْسِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

وَقَدْ صَرَّحَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ بِالْبُطْلَانِ فِيمَا لَوْ عَيَّنَ رَجُلًا فَبَانَ أَنَّهُ لَيْسَ فِي صَلَاةٍ، وَعِبَارَتُهُ: وَإِنْ عَيَّنَ رَجُلًا كَزَيْدٍ وَاعْتَقَدَ أَنَّهُ الْإِمَامُ فَبَانَ مَأْمُومًا أَوْ غَيْرَ مُصَلٍّ أَوْ اعْتَقَدَ أَنَّهُ زَيْدٌ فَبَانَ عُمَرًا وَهُوَ الَّذِي فِي الْأَصْلِ لَمْ تَصِحَّ صَلَاتُهُ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ.

وَفِي الْعُبَابِ وَشَرْحِهِ مَا نَصُّهُ: لَوْ نَوَى الْمَأْمُومُ الِاقْتِدَاءَ بِهِ فِي غَيْرِ تَسْبِيحِهِ: أَيْ الْإِمَامِ أَوْ فِي غَيْرِ الرَّكْعَةِ الْأُولَى أَوْ عَكْسِهِ: أَيْ فِي غَيْرِ الْأَخِيرَةِ أَوْ الثَّالِثَةِ أَوْ الثَّانِيَةِ فَلَا يَضُرُّهُ ذَلِكَ. وَالظَّاهِرُ فِي مَسْأَلَةِ التَّسْبِيحَاتِ أَنَّهُ بَعْدَ تَسْبِيحِ أَوَّلِ رُكُوعٍ يَصِيرُ مُنْفَرِدًا فِي بَقِيَّةِ الصَّلَاةِ، إلَّا إنْ نَوَى اسْتِئْنَافَ الْقُدْوَةِ لِأَنَّهُ يَسْتَحِيلُ أَنْ يَصِيرَ فِي التَّسْبِيحَاتِ مُنْفَرِدًا وَبَعْدَهَا مَأْمُومًا وَيَصِيرَ مُنْفَرِدًا فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ مَثَلًا، وَلَا يَعُودُ بَعْدَهَا لِلْقُدْوَةِ إلَّا بِنِيَّةٍ جَدِيدَةٍ انْتَهَى. أَقُولُ: يَنْبَغِي أَنْ يَصِيرَ مُنْفَرِدًا بِمُجَرَّدِ الشُّرُوعِ فِي التَّسْبِيحِ.

(قَوْلُهُ: وَلَا يُغْنِي تَوَقُّفُ صِحَّتِهَا) هُوَ رَدٌّ لِتَعْلِيلِ مُقَابِلِ الصَّحِيحِ (قَوْلُهُ: وَاجِبٌ فِي بَعْضِ صُوَرِهَا) وَذَلِكَ فِي الْمُعَادَةِ الَّتِي قَصَدَ بِفِعْلِهَا تَحْصِيلَ الْفَضِيلَةِ، بِخِلَافِ مَا قَصَدَ بِهَا جَبْرَ الْخَلَلِ فِي الْأُولَى كَالْمُعَادَةِ خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ مَنْ أَبْطَلَهَا فَإِنَّ الْجَمَاعَةَ فِيهَا لَيْسَتْ شَرْطًا (قَوْلُهُ: أَوْ شَكَّ فِيهَا) ظَاهِرُهُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالشَّكِّ مَا يَشْمَلُ الظَّنُّ وَهُوَ غَيْرُ بَعِيدٍ كَمَا هُوَ الْغَالِبُ فِي أَبْوَابِ الْفِقْهِ، وَهَذَا بِخِلَافِ الْمُقَارَنَةِ لِإِحْرَامِ الْإِمَامِ، فَإِنَّهُ إذَا ظَنَّ عَدَمَهَا لَمْ يَضُرَّ إذَا لَمْ يَتَبَيَّنْ خِلَافُهُ، وَيُفَرَّقُ بِأَنَّ الشَّكَّ هُنَا فِي نِيَّةِ الِاقْتِدَاءِ وَالنِّيَّةُ يَضُرُّ مَعَهَا الِاحْتِمَالُ، وَهُنَاكَ

ــ

[حاشية الرشيدي]

الْمَذْكُورُ فِي الْجَمَاعَةِ، وَالْجَوَابُ عَنْهُ بِمَا تَقَرَّرَ أَنَّ اللَّفْظَ الْمُطْلَقَ إلَخْ انْتَهَتْ.

وَوَجْهُ عِلْمِ ضَعْفِهِ مِمَّا ذُكِرَ أَنَّ الرَّافِعِيَّ فَهِمَ مِنْ كَلَامِ الْأَصْحَابِ أَنَّهُمْ قَائِلُونَ بِالصِّحَّةِ فِي صُورَةِ نِيَّةِ الْجَمَاعَةِ وَإِنْ لَمْ يُسْتَحْضَرْ الِاقْتِدَاءُ بِالْحَاضِرِ حَتَّى رَتَّبَ عَلَيْهِ إشْكَالُهُ الَّذِي مَرَّتْ الْإِشَارَةُ إلَيْهِ بِالْجَوَابِ عَنْهُ، وَلَوْ كَانَتْ الصُّورَةُ مَا ادَّعَاهُ هَذَا الْجَمْعُ لَمْ يَتَأَتَّ إشْكَالٌ (قَوْلُهُ: وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ مَعَ التَّكْبِيرِ مَا لَوْ لَمْ يَنْوِ كَذَلِكَ) عَدَلَ إلَيْهِ عَنْ قَوْلِ التُّحْفَةِ: وَخَرَجَ بِمَنْعِ التَّكْبِيرِ تَأَخُّرُهَا عَنْهُ لِمَا أَوْرَدَهُ عَلَيْهِ الشِّهَابُ سم مِنْ أَنَّ الْمَفْهُومَ مِنْ تَأَخُّرِهَا عَنْهُ وُجُودُهَا مَعَ تَأَخُّرِهَا عَنْهُ، قَالَ: وَلَا يَخْفَى أَنَّ ذَلِكَ مِنْ قَبِيلِ نِيَّةِ الِاقْتِدَاءِ فِي الْأَثْنَاءِ، فَيُشْكِلُ قَوْلُهُ: ثُمَّ إنْ تَابَعَ إلَخْ؛ لِأَنَّهُ مَفْرُوضٌ عِنْدَ تَرْكِ النِّيَّةِ رَأْسًا (قَوْلُهُ: وَإِنْ افْتَرَقَا فِي عَدَمِ انْعِقَادِهَا عِنْدَ انْتِفَاءِ نِيَّةِ الْقُدْوَةِ) يُوهِمُ أَنَّ هَذَا الِافْتِرَاقَ قَدْرٌ مُشْتَرَكٌ بَيْنَ الصَّحِيحِ، وَمُقَابِلِهِ يَقُولُ بِهِ كُلٌّ مِنْهُمَا، وَلَيْسَ كَذَلِكَ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي (قَوْلُهُ: فِي غَيْرِ الْجُمُعَةِ) أَيْ أَمَّا فِيهَا فَتَبْطُلُ بِاتِّفَاقِ الْقَائِلِينَ بِالصَّحِيحِ الْمُتَقَدِّمِ الَّذِي الصَّحِيحُ وَمُقَابِلُهُ هُنَا مُفَرَّعَانِ عَلَيْهِ. .

ص: 209

بِأَنْ كَانَ قَاصِدًا لِذَلِكَ مَعَ عَدَمِ نِيَّةِ اقْتِدَائِهِ وَطَالَ انْتِظَارُهُ لَهُ عُرْفًا (بَطَلَتْ صَلَاتُهُ عَلَى الصَّحِيحِ) لِتَلَاعُبِهِ.

أَمَّا لَوْ وَقَعَ ذَلِكَ مِنْهُ اتِّفَاقًا مِنْ غَيْرِ قَصْدٍ، أَوْ كَانَ الِانْتِظَارُ يَسِيرًا أَوْ كَثِيرًا مِنْ غَيْرِ مُتَابَعَةٍ لَمْ تَبْطُلْ جَزْمًا، وَمُقَابِلُ الصَّحِيحِ يَقُولُ الْمُرَادُ بِالْمُتَابَعَةِ هُنَا أَنْ يَأْتِيَ بِالْفِعْلِ بَعْدَ الْفِعْلِ لَا لِأَجْلِهِ وَإِنْ تَقَدَّمَهُ انْتِظَارٌ كَثِيرٌ لَهُ.

قَالَ الشَّارِحُ: فَلَا نِزَاعَ فِي الْمَعْنَى وَمُرَادُهُ بِهِ أَنَّ الْخُلْفَ بَيْنَ الصَّحِيحِ وَمُقَابِلِهِ يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ لَفْظِيًّا، إذْ الْأَوَّلُ يُوَافِقُ الثَّانِي فِي أَنَّهُ لَوْ أَتَى بِالْفِعْلِ بَعْدَ الْفِعْلِ لَا لِأَجْلِهِ لَمْ تَبْطُلْ، وَمَا قَرَّرْتُهُ فِي مَسْأَلَةِ الشَّكِّ هُوَ الْمُعْتَمَدُ.

وَأَمَّا مَا اقْتَضَاهُ قَوْلُ الْعَزِيزِ وَغَيْرِهِ: إنَّ الشَّكَّ هُنَا كَهُوَ فِي أَصْلِ النِّيَّةِ مِنْ الْبُطْلَانِ بِانْتِظَارٍ طَوِيلٍ وَإِنْ لَمْ يُتَابِعْ وَيَسِيرُ مَعَ الْمُتَابَعَةِ غَيْرُ مُرَادٍ بِدَلِيلِ قَوْلِ الشَّيْخَيْنِ: إنَّهُ فِي حَالِ شَكِّهِ كَالْمُنْفَرِدِ، وَهَلْ الْبُطْلَانُ بِمَا مَرَّ عَامٌّ فِي الْعَالِمِ بِالْمَنْعِ وَالْجَاهِلِ أَمْ مُخْتَصٌّ بِالْعَالِمِ. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: لَمْ أَرَ فِيهِ شَيْئًا وَهُوَ مُحْتَمَلٌ، وَالْأَقْرَبُ أَنَّهُ يُعْذَرُ الْجَاهِلُ، لَكِنْ قَالَ فِي التَّوَسُّطِ: إنَّ الْأَشْبَهَ عَدَمُ الْفَرْقِ وَهُوَ الْأَوْجُهُ.

(وَلَا يَجِبُ)(تَعْيِينُ الْإِمَامِ) عَلَى الْمَأْمُومِ فِي نِيَّتِهِ بِاسْمِهِ كَزَيْدٍ أَوْ وَصْفِهِ كَالْحَاضِرِ أَوْ الْإِشَارَةِ إلَيْهِ بَلْ يَكْفِي نِيَّةُ الِاقْتِدَاءِ وَلَوْ بِقَوْلِهِ عِنْدَ الْتِبَاسِهِ بِغَيْرِهِ: نَوَيْت الِاقْتِدَاءَ بِالْإِمَامِ مِنْهُمْ، إذْ مَقْصُودُ الْجَمَاعَةِ غَيْرُ مُخْتَلِفٍ.

قَالَ الْإِمَامُ: بَلْ الْأَوْلَى عَدَمُ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

فِي الْمُقَارَنَةِ وَتَرْكُهَا شَرْطٌ لِصِحَّةِ النِّيَّةِ فَيَتَسَامَحُ فِيهَا وَيَكْتَفِي بِالظَّنِّ فَلْيُرَاجَعْ وَلْيُحَرَّرْ، وَلَعَلَّ هَذَا فِي غَيْرِ حَالِ الْإِحْرَامِ وَإِلَّا فَيَضُرُّ التَّرَدُّدُ حِينَئِذٍ الْمَانِعُ مِنْ الِانْعِقَادِ فَلْيُحَرَّرْ، وَفِيهِ نَظَرٌ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ. أَقُولُ: قَوْلُهُ وَفِيهِ نَظَرٌ وَقِيَاسُ مَا قَدَّمَهُ فِيمَا لَوْ شَكَّ فِي التَّقَدُّمِ عَلَى الْإِمَامِ حَالَ الْإِحْرَامِ الضَّرَرُ مُطْلَقًا سَوَاءٌ وَقَعَ الشَّكُّ فِي الْأَثْنَاءِ أَوْ لَا.

(قَوْلُهُ: بِأَنْ كَانَ قَاصِدًا إلَخْ) تَصْوِيرٌ لِلْمُتَابَعَةِ. (قَوْلُهُ: وَطَالَ انْتِظَارُهُ) وَاعْتِبَارُ الِانْتِظَارِ بَعْدَ الْقِرَاءَةِ الْوَاجِبَةِ. (قَوْلُهُ: عُرْفًا) يَحْتَمِلُ أَنْ يُفَسَّرَ بِمَا قَالُوهُ فِيمَا لَوْ أَحَسَّ فِي رُكُوعِهِ بِدَاخِلٍ يُرِيدُ الِاقْتِدَاءَ بِهِ مِنْ ضَبْطِ الِانْتِظَارِ بِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي لَوْ وُزِّعَ عَلَى جَمِيعِ الصَّلَاةِ لَظَهَرَ أَثَرُهُ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّ مَا هُنَا أَضْيَقُ وَهُوَ الْأَقْرَبُ، وَيُوَجَّهُ بِأَنَّ الْمَدَارَ هُنَا عَلَى مَا يَظْهَرُ بِهِ كَوْنُهُ رَابِطًا صَلَاتَهُ بِصَلَاةِ إمَامِهِ وَهُوَ يَحْصُلُ بِمَا دُونَ ذَلِكَ.

[فَرْعٌ] انْتَظَرَهُ لِلرُّكُوعِ وَالِاعْتِدَالِ وَالسُّجُودِ وَهُوَ قَلِيلٌ فِي كُلٍّ وَلَكِنَّهُ كَثِيرٌ بِاعْتِبَارِ الْجُمْلَةِ، فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ مِنْ الْكَثِيرِ فَلْيُتَأَمَّلْ انْتَهَى.

وَاعْتَمَدَ شَيْخُنَا طب أَنَّهُ قَلِيلٌ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ.

أَقُولُ: وَالْأَقْرَبُ مَا قَالَهُ طب وَعَلَيْهِ فَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا تَقَدَّمَ فِيمَا لَوْ تَعَدَّدَ الدَّاخِلُونَ وَطَالَ الِانْتِظَارُ بِأَنَّ الْمَدَارَ ثَمَّ عَلَى ضَرَرِ الْمُقْتَدِينَ وَهُوَ حَاصِلٌ بِذَلِكَ، بِخِلَافِهِ هُنَا فَإِنَّ الْمَدَارَ عَلَى مَا يَحْصُلُ بِهِ الرَّبْطُ الصُّورِيُّ وَهُوَ لَا يَحْصُلُ بِكُلٍّ مِنْ الِانْتِظَارَاتِ الْيَسِيرَةِ وَإِنْ كَثُرَ مَجْمُوعُهَا، لِأَنَّ الْمَجْمُوعَ لَمَّا لَمْ يَجْتَمِعْ فِي مَحَلٍّ وَاحِدٍ لَمْ يَظْهَرْ بِهِ الرَّبْطُ.

(قَوْلُهُ: أَوْ كَانَ الِانْتِظَارُ يَسِيرًا) يَنْبَغِي أَوْ بَعْدَ انْتِظَارٍ كَثِيرٍ لَا لِأَجْلِ الْمُتَابَعَةِ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ لِلْمُتَابَعَةِ تَأَمَّلْ سم عَلَى مَنْهَجٍ.

(قَوْلُهُ: فِي مَسْأَلَةِ الشَّكِّ) أَيْ مِنْ الضَّرَرِ حَيْثُ تَابَعَ (قَوْلُهُ: غَيْرُ مُرَادٍ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ: فَغَيْرُ مُرَادٍ لِأَنَّهُ جَوَابُ أَمَّا.

(قَوْلُهُ: لَكِنْ قَالَ فِي التَّوَسُّطِ) أَيْ الْأَذْرَعِيُّ، فَقَدْ اخْتَلَفَ كَلَامُهُ فِي التَّوَسُّطِ وَغَيْرِهِ، وَذَكَرَ فِي الْقُوتِ أَنَّ مِثْلَ الْعَالِمِ وَالْجَاهِلِ الْعَامِدُ وَالنَّاسِي فَيَضُرُّ.

(قَوْلُهُ: وَهُوَ الْأَوْجُهُ) مِنْ كَلَامِ م ر

(قَوْلُهُ: وَلَا يَجِبُ تَعْيِينُ الْإِمَامِ إلَخْ) بَقِيَ مَا لَوْ تَرَكَ الِاقْتِدَاءَ أَوْ قَصَدَ أَنْ لَا يُتَابِعَ الْإِمَامَ لِغَرَضٍ مَا فَسَهَا عَنْ ذَلِكَ فَانْتَظَرَهُ عَلَى ظَنِّ أَنَّهُ مُقْتَدٍ بِهِ، فَهَلْ تَضُرُّ مُتَابَعَتُهُ حِينَئِذٍ أَوْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ.

وَلَا يَبْعُدُ عَدَمُ الضَّرَرِ، وَقَدْ يُشْعِرُ بِهِ تَعْبِيرُ الشَّارِحِ بِقَوْلِهِ عَامٌّ فِي الْعَالِمِ بِالْمَنْعِ إلَخْ حَيْثُ لَمْ يَقُلْ فِي الْعَالِمِ الْعَامِدِ، ثُمَّ رَأَيْته فِي الْفَوْتِ ذَكَرَ أَنَّ مِثْلَ الْعَالِمِ وَالْجَاهِلِ الْعَامِدُ وَالنَّاسِي فَيَضُرُّ كَمَا مَرَّ.

(قَوْلُهُ: نَوَيْت الِاقْتِدَاءَ بِالْإِمَامِ) نَعَمْ لَوْ كَانَ هُنَاكَ إمَامَانِ لِجَمَاعَتَيْنِ لَمْ تَكْفِ هَذِهِ النِّيَّةُ، لِأَنَّهَا لَا تُمَيِّزُ وَاحِدًا مِنْهُمَا وَمُتَابَعَةُ أَحَدِهِمَا دُونَ الْآخَرِ تَحَكُّمٌ م ر.

وَيَنْبَغِي اشْتِرَاطُ إمْكَانِ الْمُتَابَعَةِ الْوَاجِبَةِ لِكُلِّ مَنْ اُحْتُمِلَ أَنَّهُ الْإِمَامُ اهـ سم عَلَى حَجّ: أَيْ ثُمَّ إنْ ظَهَرَ لَهُ قَرِينَةٌ تُعَيِّنُ الْإِمَامَ فَذَاكَ وَإِلَّا لَاحَظَهُمَا فَلَا يَتَقَدَّمُ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا، وَلَكِنَّهُ يُوقِعُ

ــ

[حاشية الرشيدي]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ص: 210

تَعْيِينِهِ لِأَنَّهُ رُبَّمَا عَيَّنَهُ فَبَانَ خِلَافُهُ فَيَكُونُ ضَارًّا كَمَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ (فَإِنْ عَيَّنَهُ) وَلَمْ يُشِرْ إلَيْهِ (وَأَخْطَأَ) فِيهِ كَأَنْ نَوَى الِاقْتِدَاءَ بِزَيْدٍ فَبَانَ عَمْرًا (بَطَلَتْ صَلَاتُهُ) لِرَبْطِهِ صَلَاتَهُ بِمَنْ لَمْ يَنْوِ الِاقْتِدَاءَ بِهِ كَمَا لَوْ عَيَّنَ الْمَيِّتَ فِي صَلَاتِهِ أَوْ نَوَى الْعِتْقَ فِي كَفَّارَةِ الظِّهَارِ مَثَلًا وَأَخْطَأَ فِيهِمَا.

وَبَحْثُ السُّبْكِيُّ وَتَبِعَهُ عَلَيْهِ جَمْعٌ أَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ لَا تَبْطُلَ إلَّا نِيَّةُ الِاقْتِدَاءِ وَيَصِيرَ مُنْفَرِدًا، ثُمَّ إنْ تَابَعَهُ الْمُتَابَعَةَ الْمُبْطِلَةَ بَطَلَتْ وَإِلَّا فَلَا، رَدَّهُ الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ بِأَنَّ فَسَادَ النِّيَّةِ مُبْطِلٌ لِلصَّلَاةِ كَمَا لَوْ اقْتَدَى بِمَنْ شَكَّ فِي أَنَّهُ مَأْمُومٌ وَبِأَنَّ تَقْصِيرَهُ بِالتَّعْيِينِ الْفَاسِدِ صَيَّرَهُ فِي حُكْمِ الْمُتَلَاعِبِ، وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ عَيَّنَهُ: أَيْ بِاسْمِهِ مَا لَوْ اقْتَدَى بِالْحَاضِرِ أَوْ بِهَذَا وَاعْتَقَدَهُ زَيْدًا مِنْ غَيْرِ تَصْرِيحٍ بِاسْمِهِ فَكَانَ عَمْرًا، فَإِنَّهُ يَصِحُّ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ وَإِنْ نَازَعَ فِيهِ الْمُتَأَخِّرُونَ، إذْ لَا أَثَرَ لِلظَّنِّ مَعَ الرَّبْطِ بِالشَّخْصِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ ذَلِكَ وَمَا قَبْلَهُ أَنَّهُ ثَمَّ تَصَوُّرٌ فِي ذِهْنِهِ شَخْصًا مُعَيَّنًا اسْمُهُ زَيْدٌ وَظَنَّ أَنَّهُ الْحَاضِرُ فَاقْتَدَى بِهِ فَتَبَيَّنَ أَنَّهُ غَيْرُهُ فَلَمْ تَصِحَّ لِعَدَمِ جَزْمِهِ بِإِمَامَةِ مَنْ هُوَ مُقْتَدٍ بِهِ وَهُنَا جَزَمَ بِإِمَامَةِ الْحَاضِرِ وَقَصَدَهُ بِعَيْنِهِ لَكِنْ أَخْطَأَ فِي اسْمِهِ فَلَمْ يُؤَثِّرْ، إذْ لَا أَثَرَ لِلظَّنِّ مَعَ الرَّبْطِ بِالشَّخْصِ فَلَمْ يَقَعْ خَطَأٌ فِي الشَّخْصِ أَصْلًا، وَلَوْ قَالَ بِزَيْدٍ الْحَاضِرِ أَوْ بِزَيْدٍ هَذَا وَقَدْ أَخْطَرَ الشَّخْصَ بِذِهْنِهِ فَكَذَلِكَ وَإِلَّا فَتَبْطُلُ، إذْ الْحَاضِرُ صِفَةٌ لِزَيْدٍ الَّذِي ظَنَّهُ وَأَخْطَأَ فِيهِ، وَيَلْزَمُ مِنْ الْخَطَأِ فِي الْمَوْصُوفِ الْخَطَأُ فِي الصِّفَةِ، وَأَيْضًا فَاسْمُ الْإِشَارَةِ وَقَعَ عَطْفَ بَيَانٍ لِزَيْدٍ وَزَيْدٌ لَمْ يُوجَدْ وَالْقَائِلُ بِالصِّحَّةِ فِيهِ مُعْرِبًا لَهُ بَدَلًا إذْ الْمُبْدَلُ مِنْهُ فِي نِيَّةِ الطَّرْحِ، فَكَأَنَّهُ قَالَ أُصَلِّي خَلْفَ هَذَا، وَهُوَ صَحِيحٌ يُرَدُّ عَلَيْهِ بِأَنَّ كَوْنَهُ فِي نِيَّةِ الطَّرْحِ غَيْرَ مُنَافٍ لِاعْتِبَارِ كَوْنِهِ مِنْ جُمْلَةِ مَا قَصَدَهُ الْمُتَكَلِّمُ، وَلَوْ عَلَّقَ الْقُدْوَةَ بِجُزْئِهِ كَيَدِهِ مَثَلًا صَحَّتْ عَلَى مَا بَحَثَهُ بَعْضُهُمْ، إذْ الْمُقْتَدِي بِالْبَعْضِ مُقْتَدٍ بِالْكُلِّ لِأَنَّ الرَّبْطَ لَا يَتَجَزَّأُ، وَعَلَّلَ بَعْضُهُمْ بُطْلَانَهَا بِتَلَاعُبِهِ، وَالْأَوْجُهُ عَدَمُ الصِّحَّةِ لِأَنَّ الرَّبْطَ إنَّمَا يَتَحَقَّقُ عِنْدَ رَبْطِ فِعْلِهِ بِفِعْلِهِ كَمَا يُفْهَمُ مِنْ الِاقْتِدَاءِ بِزَيْدٍ لَا بِنَحْوِ يَدِهِ.

نَعَمْ إنْ نَوَى بِالْبَعْضِ الْكُلَّ صَحَّتْ.

(وَلَا يُشْتَرَطُ لِلْإِمَامِ) فِي صِحَّةِ الْقُدْوَةِ بِهِ فِي غَيْرِ الْجُمُعَةِ (نِيَّةُ الْإِمَامَةِ)

ــ

[حاشية الشبراملسي]

رُكُوعَهُ بَعْدَهُمَا فَلَوْ تَعَارَضَا عَلَيْهِ تَعَيَّنَتْ نِيَّةُ الْمُفَارَقَةِ.

(قَوْلُهُ: وَأَخْطَأَ فِيهِمَا) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا نَوَى الْعِتْقَ عَنْ كَفَّارَةِ الظِّهَارِ فَبَانَ أَنَّ الْوَاجِبَ عَلَيْهِ كَفَّارَةُ قَتْلٍ لَمْ يَقَعْ عَنْهَا وَهَلْ يَعْتِقُ مَجَّانًا أَوْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ. وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ.

(قَوْلُهُ: وَمَا قَبْلَهُ) أَيْ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ فَإِنْ عَيَّنَهُ وَأَخْطَأَ إلَخْ.

(قَوْلُهُ: وَالْقَائِلُ بِالصِّحَّةِ فِيهِ) أَيْ فِيمَا لَوْ لَمْ يَحْضُرْ شَخْصُهُ فِي ذِهْنِهِ الْمُشَارِ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ قَبْلُ وَإِلَّا فَتَبْطُلُ

(قَوْلُهُ: فِي صِحَّةِ الْقُدْوَةِ) كَلَامُهُمْ كَالصَّرِيحِ فِي حُصُولِ أَحْكَامِ الِاقْتِدَاءِ كَتَحَمُّلِ السَّهْوِ وَالْقِرَاءَةِ بِغَيْرِ نِيَّةِ الْإِمَامَةِ اهـ سم عَلَى حَجّ.

وَفِيهِ وَقْفَةٌ وَالْمِيلُ إلَى خِلَافِهِ، وَوُجِّهَ بِأَنَّهُ لَا وَجْهَ لِلُحُوقِ سَهْوِ الْإِمَامِ لَهُ مَعَ انْتِفَاءِ الْقُدْوَةِ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ كَمَا لَوْ بَانَ الْإِمَامُ مُحْدِثًا، وَأَمَّا حُصُولُ فَضِيلَةِ الْجَمَاعَةِ فَلِوُجُودِ صُورَتِهَا، اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ: يُفَرَّقُ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ الْمُحْدِثِ بِأَنَّ الْمُحْدِثَ لَيْسَ فِي صَلَاةٍ أَلْبَتَّةَ فَلَمْ يَكُنْ أَهْلًا لِلتَّحَمُّلِ وَلُحُوقِ السَّهْوِ، بِخِلَافِ هَذَا فَإِنَّهُ لَمَّا كَانَتْ صَلَاتُهُ صَحِيحَةً وَكَانَ فِيهِ أَهْلِيَّةُ الْإِمَامَةِ صَلَحَ لِثُبُوتِ أَحْكَامِ الْجَمَاعَةِ فِي حَقِّهِ وَحَقِّ مَنْ اقْتَدَى بِهِ، وَمَعَ ذَلِكَ فَفِيهِ شَيْءٌ (قَوْلُهُ: نِيَّةُ الْإِمَامَةِ) لَوْ حَلَفَ لَا يَؤُمُّ فَأَمَّ مِنْ غَيْرِ نِيَّةِ الْإِمَامَةِ لَمْ يَحْنَثْ كَمَا ذَكَرَهُ الْقَفَّالُ، وَقَالَ غَيْرُهُ بِالْحِنْثِ لِأَنَّ مَدَارَ الْأَيْمَانِ غَالِبًا عَلَى الْعُرْفِ وَأَهْلُهُ يَعُدُّونَهُ مَعَ عَدَمِ نِيَّةِ الْإِمَامَةِ إمَامًا اهـ حَجّ فِي الْإِيهَابِ شَرْحِ الْعُبَابِ.

وَظَاهِرُ كَلَامِهِ تَرْجِيحُ الثَّانِي حَيْثُ وَجَّهَهُ. أَقُولُ: وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ، وَيُعَلَّلُ بِأَنَّهُ حَلَفَ عَلَى فِعْلِ نَفْسِهِ وَحَيْثُ لَمْ يَنْوِ الْإِمَامَةَ فَصَلَاتُهُ فُرَادَى أَخْذًا مِمَّا قَالُوهُ فِيمَا لَوْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ مَحَلَّ كَذَا فَحُمِلَ وَأُدْخِلَ حَيْثُ قَالُوا فِيهِ بِعَدَمِ الْحِنْثِ، وَمِنْهُ مَا لَوْ دَخَلَتْ بِهِ دَابَّتُهُ بِغَيْرِ اخْتِيَارِهِ وَلَمْ يُمْكِنْهُ رَدُّهَا مَحَلًّا حَلَفَ لَا يَدْخُلُهُ، وَمِنْهُ أَيْضًا مَا لَوْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ مَحَلَّ كَذَا فَحَمَلَهُ ابْنُهُ لَا يَحْنَثُ، وَإِنْ أَمْكَنَهُ التَّخَلُّصُ مِنْهُ بِأَنْ عَلِمَ أَنَّهُ يُطِيعُهُ لَوْ أَمَرَهُ مَا لَمْ يَكُنْ أَذِنَهُ فَإِنَّهُ يَحْنَثُ، وَبَقِيَ مَا لَوْ

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: وَأَيْضًا فَاسْمُ الْإِشَارَةِ) الْأَوْلَى حَذْفُ لَفْظِ أَيْضًا.

ص: 211

وَالْجَمَاعَةِ لِكَوْنِهِ مُسْتَقِلًّا بِخِلَافِ الْمُقْتَدِي لِتَبَعِيَّتِهِ لَهُ، أَمَّا فِي الْجُمُعَةِ فَتَلْزَمُهُ نِيَّةُ الْإِمَامَةِ مَعَ التَّحَرُّمِ إنْ لَزِمَتْهُ الْجُمُعَةُ وَلَوْ زَائِدًا عَلَى الْأَرْبَعِينَ وَإِلَّا فَلَا تَنْعَقِدُ لَهُ، فَإِنْ لَمْ تَلْزَمْهُ وَأَحْرَمَ بِهَا وَهُوَ زَائِدٌ عَلَيْهِمْ اُشْتُرِطَتْ أَيْضًا وَإِلَّا فَلَا، وَمَرَّ فِي الْمُعَادَةِ أَنَّهُ تَلْزَمُهُ فِيهَا نِيَّةُ الْإِمَامَةِ وَمِثْلُهَا فِي ذَلِكَ الْمَنْذُورَةُ جَمَاعَةً إذَا صَلَّى فِيهَا إمَامًا فَهِيَ كَالْجُمُعَةِ أَيْضًا (وَيُسْتَحَبُّ) لَهُ نِيَّةُ الْإِمَامَةِ لِلْخُرُوجِ مِنْ خِلَافِ الْمُوجِبِ لَهَا وَلِيَحُوزَ فَضِيلَةَ الْجَمَاعَةِ، فَإِنْ لَمْ يَنْوِهَا وَلَوْ لِعَدَمِ عِلْمِهِ بِالْمُقْتَدِينَ لَمْ تَحْصُلْ لَهُ، وَإِنْ حَصَلَتْ لَهُمْ بِسَبَبِهِ وَإِنْ نَوَاهَا فِي الْأَثْنَاءِ حَازَهَا مِنْ حِينِ نِيَّتِهِ، وَلَا تَنْعَطِفُ عَلَى مَا قَبْلَهَا وَفَارَقَ مَا لَوْ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

كَانَتْ صِيغَةُ حَلِفِهِ لَا أُصَلِّي إمَامًا هَلْ يَحْنَثُ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ.

وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي لِأَنَّ مَعْنَى لَا أُصَلِّي إمَامًا: لَا أُوجِدُ صَلَاةً حَالَةَ كَوْنِي إمَامًا، وَبَعْدَ اقْتِدَاءِ الْقَوْمِ بِهِ بَعْدَ إحْرَامِهِ مُنْفَرِدًا إنَّمَا يُوجَدُ مِنْهُ إتْمَامُ الصَّلَاةِ لَا إيجَادُهَا، بَلْ يَنْبَغِي أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ أَيْضًا لَوْ نَوَى الْإِمَامَةَ بَعْدَ اقْتِدَائِهِمْ بِهِ لِمَا مَرَّ أَنَّ الْحَاصِلَ مِنْهُ إتْمَامٌ لَا إيجَادٌ (قَوْلُهُ فَتَلْزَمُهُ نِيَّةُ الْإِمَامَةِ مَعَ التَّحَرُّمِ) وَيَأْتِي فِيهَا مَا تَقَدَّمَ فِي أَصْلِ النِّيَّةِ مِنْ اعْتِبَارِ الْمُقَارَنَةِ لِجَمِيعِ التَّكْبِيرِ.

(قَوْلُهُ: وَمِثْلُهَا فِي ذَلِكَ الْمَنْذُورَةُ) أَيْ فَلَوْ لَمْ يَنْوِ الْإِمَامَةَ لَمْ تَنْعَقِدْ، وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ لَوْ صَلَّاهَا مُنْفَرِدًا انْعَقَدَتْ وَأَثِمَ بِعَدَمِ فِعْلِ مَا الْتَزَمَهُ، وَيَجِبُ عَلَيْهِ إعَادَتُهَا بَعْدُ فِي جَمَاعَةٍ وَلَوْ بَعْدَ خُرُوجِ الْوَقْتِ، وَيَكْتَفِي بِرَكْعَةٍ فِيمَا يَظْهَرُ خُرُوجًا مِنْ عُهْدَةِ النَّذْرِ عَلَى مَا ذَكَرَهُ فِي الرَّوْضِ وَشَرَحَهُ فِي بَابِ النَّذْرِ، وَالْقِيَاسُ انْعِقَادُهَا حَيْثُ لَمْ يَنْوِ الْإِمَامَةَ فُرَادَى، لِأَنَّ تَرْكَ نِيَّةِ الْإِمَامَةِ لَا يَزِيدُ عَلَى فِعْلِهَا مُنْفَرِدًا ابْتِدَاءً.

(قَوْلُهُ: جَمَاعَةً) أَيْ وَالْمَجْمُوعَةُ جَمْعَ تَقْدِيمٍ بِالْمَطَرِ وَالْمُرَادُ الثَّانِيَةُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، لِأَنَّ الْأُولَى تَصِحُّ فُرَادَى.

وَقَالَ سم عَلَى مَنْهَجٍ مَا حَاصِلُهُ: أَنَّهُ لَا تَجِبُ نِيَّةُ الْإِمَامَةِ فِي الْمَجْمُوعَةِ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِيمَا يَتَوَقَّفُ عَلَى نِيَّةِ الْإِمَامَةِ صِحَّةُ الصَّلَاةِ مُطْلَقًا، وَمَسْأَلَةُ الْجَمْعِ لَيْسَتْ كَذَلِكَ إلَى آخِر مَا ذَكَرَ، وَفِيهِ نَظَرٌ. وَعِبَارَتُهُ فِي بَابِ صَلَاةِ الْمُسَافِرِ عَلَى حَجّ: تَنْبِيهٌ يَنْبَغِي الِاكْتِفَاءُ بِالْجَمَاعَةِ عِنْدَ انْعِقَادِ الثَّانِيَةِ وَإِنْ انْفَرَدُوا قَبْلَ تَمَامِ رَكْعَتِهَا الْأُولَى، وَلَا بُدَّ مِنْ نِيَّةِ الْإِمَامِ الْجَمَاعَةَ أَوْ الْإِمَامَةَ وَإِلَّا لَمْ تَنْعَقِدْ صَلَاتُهُ.

[فَرْعٌ] رَجُلٌ شُرِطَ عَلَيْهِ الْإِمَامَةُ بِمَوْضِعٍ هَلْ يُشْتَرَطُ نِيَّتُهُ الْإِمَامَةَ؟ يُحْتَمَلُ وِفَاقًا لِمَا أَجَابَ بِهِ م ر عَنْ ذَلِكَ حِينَ سُئِلَ عَنْهُ فِي دَرْسِهِ مُشَافَهَةً لَا تَجِبُ، لِأَنَّ الْإِمَامَةَ حَاصِلَةٌ: أَيْ لِأَنَّ الْإِمَامَةَ كَوْنُهُ مَتْبُوعًا لِلْغَيْرِ فِي الصَّلَاةِ مَرْبُوطًا صَلَاةُ الْغَيْرِ بِهِ، وَذَلِكَ حَاصِلٌ بِالْجَمَاعَةِ لِلْمَأْمُومِينَ وَإِنْ لَمْ يَنْوِ الْإِمَامُ الْإِمَامَةَ بِدَلِيلِ انْعِقَادِ الْجُمُعَةِ خَلْفَ مَنْ لَمْ يَنْوِ الْإِمَامَةَ إذَا كَانَ مِنْ غَيْرِ الْجُمُعَةِ وَنَوَى غَيْرَهَا، وَإِنَّمَا لَمْ تَحْصُلْ لَهُ الْجُمُعَةُ إذَا كَانَ مِنْ أَهْلِهَا وَلَمْ يَنْوِ الْإِمَامَةَ، لِأَنَّ الْجَمَاعَةَ شَرْطٌ فِي الْجُمُعَةِ فَلَا تَحْصُلُ إلَّا بِنِيَّتِهَا، وَفُرِّقَ بَيْنَ الْجَمَاعَةِ وَالْإِمَامَةِ تَأَمَّلْ سم عَلَى مَنْهَجٍ.

[فَرْعٌ] الْمُتَبَادَرُ مِنْ كَلَامِهِمْ أَنَّ مَنْ نَوَى الْإِمَامَةَ وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّ لَا أَحَدَ ثُمَّ يُرِيدُ الِاقْتِدَاءَ بِهِ لَمْ تَنْعَقِدْ صَلَاتُهُ لِتَلَاعُبِهِ وَأَنَّهُ لَا أَثَرَ لِمُجَرَّدِ احْتِمَالِ اقْتِدَاءٍ جَنَى بِهِ. نَعَمْ إنْ ظَنَّ ذَلِكَ لَمْ يَبْعُدْ جَوَازُ نِيَّةِ الْإِمَامَةِ أَوْ طَلَبُهَا، ثُمَّ رَأَيْته فِي شَرْحِ الْعُبَابِ قَالَ: أَيْ الزَّرْكَشِيُّ: بَلْ يَنْبَغِي نِيَّةُ الْإِمَامَةِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ خَلْفَهُ أَحَدٌ إذَا وَثِقَ بِالْجَمَاعَةِ اهـ.

وَقَدْ يُقَالُ: يُؤَخِّرُهَا لِحُضُورِ الْمُوثَقِ بِهِمْ اهـ سم عَلَى حَجّ.

وَقَوْلُهُ اقْتِدَاءٍ جَنَى أَيْ أَوْ مِلْكٍ.

(قَوْلُهُ: حَازَهَا مِنْ حِينِ نِيَّتِهِ) بِخِلَافِ مَا لَوْ أَحْرَمَ وَالْإِمَامُ فِي التَّشَهُّدِ فَإِنَّ جَمِيعَ صَلَاتِهِ جَمَاعَةً، وَيُفَرَّقُ بِأَنَّ الْجَمَاعَةَ وُجِدَتْ هُنَا فِي أَوَّلِ صَلَاتِهِ

ــ

[حاشية الرشيدي]

وَقَوْلُهُ: وَمِثْلُهَا فِي ذَلِكَ الْمَنْذُورَةُ) أَيْ بِأَنْ نَذَرَ بِأَنْ يُصَلِّيَ كَذَا مِنْ النَّفْلِ الْمُطْلَقِ جَمَاعَةً كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ مِنْ جَعْلِهَا كَالْجُمُعَةِ الَّتِي النِّيَّةُ الْمَذْكُورَةُ شَرْطٌ لِصِحَّتِهَا، وَفِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ حَمَلَهَا عَلَى الْفَرِيضَةِ، وَلَا يَخْفَى مَا فِيهِ إذْ لَيْسَتْ النِّيَّةُ شَرْطًا فِي انْعِقَادِهَا فَلَا تَكُونُ كَالْجُمُعَةِ، بِخِلَافِ النَّفْلِ الْمَنْذُورِ جَمَاعَةً فَإِنَّ شَرْطَ انْعِقَادِهِ بِمَعْنَى وُقُوعِهِ عَنْ النَّذْرِ مَا ذُكِرَ فَتَأَمَّلْ.

ص: 212

نَوَى صَوْمَ نَفْلٍ قَبْلَ الزَّوَالِ حَيْثُ أُثِيبَ عَلَى الصَّوْمِ مِنْ أَوَّلِ النَّهَارِ بِأَنَّ صَوْمَهُ لَا يُمْكِنُ أَنْ يَتَبَعَّضَ صَوْمًا وَغَيْرَهُ، بِخِلَافِ الصَّلَاةِ فَإِنَّهُ يُمْكِنُ تَبْعِيضُهَا جَمَاعَةً وَغَيْرَهَا، وَإِنَّمَا اُعْتُدَّ بِنِيَّةِ الْإِمَامَةِ مَعَ التَّحَرُّمِ وَلَمْ يَدْخُلْ فِي الصَّلَاةِ فَضْلًا عَنْ كَوْنِهِ إمَامًا لِأَنَّهُ سَيَصِيرُ إمَامًا، وَلِهَذَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: إنَّ الْقَوْلَ بِعَدَمِ صِحَّتِهَا مَعَهُ غَرِيبٌ، وَيُبْطِلُهُ وُجُوبُهَا عَلَى إمَامِ الْجُمُعَةِ عِنْدَ التَّحَرُّمِ (فَإِنْ)(أَخْطَأَ) الْإِمَامُ (فِي تَعْيِينٍ تَابَعَهُ) وَلَمْ تَكُنْ صَلَاتُهُ جُمُعَةً أَوْ مَا فِي مَعْنَاهَا كَأَنْ نَوَى الْإِمَامَةَ بِزَيْدٍ فَتَبَيَّنَ أَنَّهُ عَمْرٌو (لَمْ يَضُرَّ) إذْ خَطَؤُهُ فِي النِّيَّةِ لَا يَزِيدُ عَلَى تَرْكِهَا وَهُوَ جَائِزٌ لَهُ، أَمَّا لَوْ نَوَى ذَلِكَ فِي الْجُمُعَةِ أَوْ مَا أُلْحِقَ بِهَا فَإِنَّهُ يَضُرُّ، لِأَنَّ مَا يَجِبُ التَّعَرُّضُ لَهُ جُمْلَةً أَوْ تَفْصِيلًا يَضُرُّ الْخَطَأُ فِيهِ كَمَا مَرَّ.

(وَ) مِنْ شُرُوطِ صِحَّةِ الْقُدْوَةِ تَوَافُقُ نَظْمِ صَلَاتَيْهِمَا فِي الْأَفْعَالِ الظَّاهِرَةِ فَحِينَئِذٍ (تَصِحُّ قُدْوَةُ الْمُؤَدِّي بِالْقَاضِي وَالْمُفْتَرِضِ بِالْمُتَنَفِّلِ وَفِي الظُّهْرِ بِالْعَصْرِ وَبِالْعُكُوسِ) أَيْ الْقَاضِي بِالْمُؤَدِّي وَالْمُتَنَفِّلِ بِالْمُفْتَرِضِ وَفِي الْعَصْرِ بِالظُّهْرِ نَظَرًا لِاتِّفَاقِ الْفِعْلِ فِي الصَّلَاةِ وَإِنْ تَخَالَفَتْ النِّيَّةُ.

وَاحْتَجَّ الشَّافِعِيُّ رضي الله عنه عَلَى اقْتِدَاءِ الْمُفْتَرِضِ بِالْمُتَنَفِّلِ بِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «أَنَّ مُعَاذًا كَانَ يُصَلِّي مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم عِشَاءَ الْآخِرَةِ، ثُمَّ يَرْجِعُ إلَى قَوْمِهِ فَيُصَلِّي بِهِمْ تِلْكَ الصَّلَاةَ» وَفِي رِوَايَةٍ لِلشَّافِعِيِّ «هِيَ لَهُ تَطَوُّعٌ وَلَهُمْ مَكْتُوبَةٌ» (وَكَذَا الظُّهْرُ) وَنَحْوُهُ كَالْعَصْرِ (بِالصُّبْحِ وَالْمَغْرِبِ وَهُوَ) أَيْ الْمُقْتَدِي حِينَئِذٍ (كَالْمَسْبُوقِ) فَيُتِمُّ صَلَاتَهُ بَعْدَ سَلَامِ إمَامِهِ.

(وَلَا يَضُرُّ)(مُتَابَعَةُ الْإِمَامِ فِي الْقُنُوتِ) فِي الصُّبْحِ (وَالْجُلُوسِ الْأَخِيرِ فِي الْمَغْرِبِ)

ــ

[حاشية الشبراملسي]

فَاسْتَصْحَبَ بِخِلَافِهِ هُنَاكَ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ.

(قَوْلُهُ: مِنْ أَوَّلِ النَّهَارِ) وَلَوْ بَيَّتَ الصَّبِيُّ النِّيَّةَ فِي رَمَضَانَ ثُمَّ بَلَغَ فِي أَثْنَاءِ الْيَوْمِ أُثِيبَ عَلَيْهِ جَمِيعِهِ ثَوَابَ الْفَرْضِ، كَذَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا الشَّيْخُ الشَّوْبَرِيُّ وَذَكَرَ أَنَّهُ مَنْقُولٌ، وَعَلَيْهِ فَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الشَّارِحِ فِيمَا مَرَّ مِنْ أَنَّهُ إذَا بَلَغَ فِي أَثْنَاءِ الصَّلَاةِ يُثَابُ عَلَى مَا بَعْدَ الْبُلُوغِ ثَوَابَ الْفَرْضِ وَمَا قَبْلَهُ ثَوَابَ النَّفْلِ بِأَنَّ الصَّلَاةَ مِنْ حَيْثُ اشْتِمَالُهَا عَلَى رَكَعَاتٍ يُمْكِنُ وُقُوعُ بَعْضِهَا فِي حَدِّ ذَاتِهِ فَرْضًا وَبَعْضِهَا نَفْلًا فَجُعِلَ ثَوَابُهَا كَذَلِكَ، وَلَا كَذَلِكَ الصَّوْمُ فَإِنَّهُ لَا يُمْكِنُ تَجْزِئَةُ الْيَوْمِ بِحَيْثُ يَصُومُ بَعْضَهُ نَفْلًا مُتَمَيِّزًا عَنْ بَاقِيهِ، فَجُعِلَ ثَوَابُهُ بِصِفَةٍ وَاحِدَةٍ وَغَلَبَ جَانِبُ الْفَرْضِ لِأَنَّهُ حَصَلَ بِهِ سُقُوطُ الطَّلَبِ عَنْهُ بَعْدَ تَكْلِيفِهِ.

(قَوْلُهُ: وَلَمْ يَدْخُلْ) أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهُ لَمْ يَدْخُلْ إلَخْ. (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يَضُرُّ) وَمَحَلُّهُ فِي الْجُمُعَةِ حَيْثُ كَانَ مِنْ الْخَطَأِ فِيهِ مِنْ الْأَرْبَعِينَ

(قَوْلُهُ فِي الْأَفْعَالِ) خَرَجَ بِهَا الْأَقْوَالُ وَبِالظَّاهِرَةِ الْبَاطِنَةِ كَالنِّيَّةِ.

(قَوْلُهُ: وَبِالْعُكُوسِ) قَضِيَّةُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ كَالشَّارِحِ أَنَّ هَذَا مِمَّا لَا خِلَافَ فِيهِ، وَعِبَارَةُ شَيْخِنَا الزِّيَادِيِّ: وَالِانْفِرَادُ هُنَا أَفْضَلُ، وَعَبَّرَ بَعْضُهُمْ بِأَوْلَى خُرُوجًا مِنْ الْخِلَافِ اهـ. فَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ خِلَافٌ لِبَعْضِ الْأَئِمَّةِ وَأَنَّهُ خِلَافٌ مَذْهَبِيٌّ لَمْ يَذْكُرْهُ الْمُصَنِّفُ وَفِي حَجّ مَا نَصُّهُ بَعْدَ كَلَامٍ ذَكَرَهُ: عَلَى أَنَّ الْخِلَافَ فِي هَذَا الِاقْتِدَاءِ ضَعِيفٌ جِدًّا اهـ. وَهُوَ ظَاهِرٌ فِي أَنَّ الْخِلَافَ مَذْهَبِيٌّ.

[فَرْعٌ] نُقِلَ عَنْ شَيْخِنَا الشَّوْبَرِيِّ أَنَّ الْإِمَامَ إذَا لَمْ يُرَاعِ الْخِلَافَ لَا يَسْتَحِقُّ الْمَعْلُومَ، وَلَيْسَ مِنْ ذَلِكَ مَا لَوْ أَتَى بِالتَّسْمِيَةِ جَهْرًا فِي الْفَاتِحَةِ، قَالَ: لِأَنَّ الْوَاقِفَ لَمْ يَقْصِدْ تَحْصِيلَ الْجَمَاعَةِ لِبَعْضِ الْمُصَلِّينَ دُونَ بَعْضٍ بَلْ قَصَدَ حُصُولَهَا لِجَمِيعِ الْمُقْتَدِينَ، وَهُوَ إنَّمَا يَحْصُلُ بِرِعَايَةِ الْخِلَافِ الْمَانِعَةِ مِنْ صِحَّةِ صَلَاةِ الْبَعْضِ أَوْ الْجَمَاعَةِ دُونَ الْبَعْضِ اهـ.

وَهُوَ قَرِيبٌ حَيْثُ كَانَ إمَامُ الْمَسْجِدِ وَاحِدًا، بِخِلَافِ مَا إذَا شَرَطَ الْوَاقِفُ أَئِمَّةً مُخْتَلِفِينَ فَيَنْبَغِي أَنَّهُ لَا يَتَوَقَّفُ اسْتِحْقَاقُ الْمَعْلُومِ عَلَى مُرَاعَاةِ الْخِلَافِ، بَلْ وَيَنْبَغِي أَنَّ مِثْلَ ذَلِكَ مَا لَوْ شَرَطَ كَوْنَ الْإِمَامِ حَنَفِيًّا مَثَلًا فَلَا يَتَوَقَّفُ اسْتِحْقَاقُهُ الْمَعْلُومُ عَلَى مُرَاعَاةِ غَيْرِ مَذْهَبِهِ، أَوْ جَرَتْ عَادَةُ الْأَئِمَّةِ فِي تِلْكَ الْمَحَلَّةِ بِتَقْلِيدِ بَعْضِ الْمَذَاهِبِ وَعَلِمَ الْوَاقِفُ بِذَلِكَ فَيُحْمَلُ وَقْفُهُ عَلَى مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ فِي زَمَنِهِ فَيُرَاعِيهِ دُونَ غَيْرِهِ.

نَعَمْ لَوْ تَعَذَّرَتْ مُرَاعَاةُ الْخِلَافِ كَأَنْ اقْتَضَى بَعْضُ الْمَذَاهِبِ بُطْلَانَ الصَّلَاةِ بِشَيْءٍ وَبَعْضُهَا وُجُوبَهُ أَوْ بَعْضُهَا اسْتِحْبَابَ شَيْءٍ وَبَعْضُهَا كَرَاهَتَهُ فَيَنْبَغِي أَنْ يُرَاعِيَ الْإِمَامُ مَذْهَبَ مُقَلِّدِهِ وَيَسْتَحِقَّ مَعَ ذَلِكَ الْمَعْلُومَ

(قَوْلُهُ: فِي الْقُنُوتِ) وَهَلْ مِثْلُ ذَلِكَ مَا لَوْ اقْتَدَى مُصَلِّي الْعِشَاءِ بِمُصَلِّي الْوِتْرِ فِي النِّصْفِ

ــ

[حاشية الرشيدي]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ص: 213

كَالْمَسْبُوقِ (وَلَهُ فِرَاقُهُ) بِالنِّيَّةِ (إذَا اشْتَغَلَ بِهِمَا) أَيْ بِالْقُنُوتِ وَالْجُلُوسِ مُرَاعَاةً لِنَظْمِ صَلَاتِهِ وَمُتَابَعَتُهُ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ أَفْضَلُ مِنْ مُفَارَقَتِهِ وَالْمُفَارَقَةُ هُنَا مَعْذُورٌ فِيهَا فَلَا تَفُوتُ بِهَا فَضِيلَةُ الْجَمَاعَةِ كَمَا قَالَهُ جَمْعٌ مُتَأَخِّرُونَ وَأَجْرَوْا ذَلِكَ فِي كُلِّ مُفَارَقَةٍ خُيِّرَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الِانْتِظَارِ كَمَا سَنُوَضِّحُهُ، وَمَا اسْتَشْكَلَ بِهِ جَوَازُ مُتَابَعَةِ الْإِمَامِ فِي الْقُنُوتِ مَعَ أَنَّهُ غَيْرُ مَشْرُوعٍ لِلْمُقْتَدِي، فَكَيْفَ يَجُوزُ لَهُ تَطْوِيلُ الرُّكْنِ الْقَصِيرِ بِهِ؟ رُدَّ بِأَنَّهُمْ اغْتَفَرُوا لَهُ ذَلِكَ لِلْمُتَابَعَةِ، وَلَا يُشْكِلُ عَلَى ذَلِكَ مَا مَرَّ مِنْ أَنَّهُ لَوْ اقْتَدَى بِمَنْ يَرَى تَطْوِيلَ الِاعْتِدَالِ لَيْسَ لَهُ مُتَابَعَتُهُ بَلْ يَسْجُدُ وَيَنْتَظِرُهُ أَوْ يُفَارِقُهُ، فَهَلَّا كَانَ هُنَا كَذَلِكَ لِأَنَّ تَطْوِيلَ الِاعْتِدَالِ هُنَا يَرَاهُ الْمَأْمُومُ فِي الْجُمْلَةِ وَهُنَاكَ لَا يَرَاهُ الْمَأْمُومُ أَصْلًا.

(وَتَجُوزُ)(الصُّبْحُ خَلْفَ الظُّهْرِ) وَكَذَا كُلُّ صَلَاةٍ هِيَ أَقْصَرُ مِنْ صَلَاةِ الْإِمَامِ (فِي الْأَظْهَرِ) لِاتِّفَاقِ نَظْمِ الصَّلَاتَيْنِ وَقَطَعَ بِهِ كَعَكْسِهِ.

وَالثَّانِي لَا يَجُوزُ لِأَنَّهُ يَحْتَاجُ إلَى الْخُرُوجِ عَنْ صَلَاةِ الْإِمَامِ قَبْلَ فَرَاغِهِ، وَفِي تَعْبِيرِهِ بِيَجُوزُ إيمَاءً إلَى أَنَّ تَرْكَهُ أَوْلَى وَلَوْ مَعَ الِانْفِرَادِ، لَكِنْ يَحْصُلُ بِذَلِكَ فَضِيلَةُ الْجَمَاعَةِ وَإِنْ فَارَقَ إمَامَهُ عِنْدَ قِيَامِهِ لِلثَّالِثَةِ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعِبَارَةُ ابْنِ الْعِمَادِ: فَإِنْ شَاءَ نَوَى مُفَارَقَتَهُ وَسَلَّمَ، وَإِنْ شَاءَ انْتَظَرَهُ لِيُسَلِّمَ مَعَهُ وَهُوَ الْأَفْضَلُ، فَإِنْ فَارَقَهُ لَمْ تَبْطُلْ صَلَاتُهُ وَلَمْ تَفُتْ بِهِ الْفَضِيلَةُ بِلَا خِلَافٍ اهـ. أَيْ عَلَى الْأَظْهَرِ الْقَائِلِ بِجَوَازِ الِاقْتِدَاءِ، وَعَلَّلُوا أَفْضَلِيَّةَ الِانْتِظَارِ بِأَنَّهُ يَجُوزُ بِهِ فَضْلُ أَدَاءِ السَّلَامِ مَعَ الْإِمَامِ، وَقَالُوا تَفْرِيعًا عَلَى صِحَّةِ الِاقْتِدَاءِ بِمُصَلِّي الْكُسُوفِ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ مُفَارَقَتُهُ عِنْدَ الْقِيَامِ الثَّانِي مِنْ الرَّكْعَةِ الْأُولَى وَتَحْصُلُ لَهُ فَضِيلَةُ الْجَمَاعَةِ، لِأَنَّهُ فَارَقَ بِعُذْرٍ فَأَشْبَهَ مَا إذَا قَطَعَ الْإِمَامُ الْقُدْوَةَ، وَقَالُوا تَفْرِيعًا عَلَى صِحَّةِ الِاقْتِدَاءِ بِمُصَلِّي الْجِنَازَةِ أَنَّهُ لَا يُوَافِقُهُ فِي التَّكْبِيرَاتِ وَغَيْرِهَا، بَلْ فَائِدَتُهُ حُصُولُ فَضِيلَةِ الْجَمَاعَةِ. وَقَالَ الشَّارِحُ: وَظَاهِرٌ أَنَّهَا: أَيْ فَضِيلَةَ الْجَمَاعَةِ لَا تَفُوتُ فِي الْمُفَارَقَةِ الْمُخَيَّرِ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الِانْتِظَارِ، وَلِهَذَا قَالَ جَمَاعَةٌ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ فِي مَسْأَلَتِنَا: لَك أَنْ تَقُولَ إذَا كَانَ الْأَوْلَى الِانْفِرَادَ فَلِمَ حَصَلَتْ لَهُ فَضِيلَةُ الْجَمَاعَةِ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

الثَّانِي مِنْ رَمَضَانَ، فَيَكُونُ الْأَفْضَلُ مُتَابَعَتُهُ فِي الْقُنُوتِ أَوْ لَا كَمَا لَوْ اقْتَدَى بِمُصَلِّي التَّسْبِيحِ لِكَوْنِهِ مِثْلَهُ فِي النَّفْلِيَّةِ، فِيهِ نَظَرٌ. وَالظَّاهِرُ الْأَوَّلُ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُقْتَدِي بِصَلَاةِ التَّسْبِيحِ مُشَابَهَةُ هَذَا لِلْفَرْضِ بِتَوْقِيتِهِ وَتَأَكُّدِهِ.

(قَوْلُهُ: فَلَا تَفُوتُ بِهِ فَضِيلَةُ الْجَمَاعَةِ) أَيْ فِيمَا أَدْرَكَهُ مَعَ الْإِمَامِ وَفِيمَا فَعَلَهُ بَعْدَهُ مُنْفَرِدًا.

(قَوْلُهُ: لِأَنَّ تَطْوِيلَ الِاعْتِدَالِ هُنَا إلَخْ) قَدْ يُقَالُ: يَرُدُّ عَلَيْهِ مَا يَأْتِي لَهُ فِي صَلَاةِ التَّسْبِيحِ مِنْ أَنَّهُ يَتَعَيَّنُ فِيهِ الْمُفَارَقَةُ أَوْ الِانْتِظَارُ فِي السُّجُودِ، مَعَ أَنَّ الْمُقْتَدِيَ يَرَى تَطْوِيلَهُ فِي الْجُمْلَةِ فَإِنَّهُ يَقُولُ بِصِحَّةِ صَلَاةِ التَّسْبِيحِ فِي نَفْسِهَا عَلَى تِلْكَ الْهَيْئَةِ. إلَّا أَنْ يُقَالَ: لَمَّا لَمْ يَكُنْ لَهَا وَقْتٌ مُعَيَّنٌ وَكَانَ فِعْلُهَا بِالنِّسْبَةِ لِغَيْرِهَا نَادِرًا نَزَلَتْ مَنْزِلَةَ صَلَاةٍ لَا يَقُولُ بِتَطْوِيلِ الِاعْتِدَالِ فِيهَا: أَيْ وَمَعَ ذَلِكَ فَالْإِشْكَالُ أَقْوَى

(قَوْلُهُ: لَكِنْ يُحَصِّلُ بِذَلِكَ إلَخْ) قَدْ يُؤْخَذُ مِنْهُ صِحَّةُ الْمُعَادَةِ خَلْفَ الْمَقْضِيَّةِ لِحُصُولِ فَضِيلَةِ الْجَمَاعَةِ فِيهَا، وَتَقَدَّمَ لِلشَّارِحِ أَنَّ الْجَمَاعَةَ شَرْطٌ فِي الْمُعَادَةِ بِتَمَامِهَا.

(قَوْلُهُ: وَقَالُوا تَفْرِيعًا إلَخْ) أَيْ وَهُوَ مَرْجُوحٌ وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ وَقَالُوا تَفْرِيعًا الْآتِي (قَوْلُهُ: وَقَالَ الشَّارِحُ) أَيْ فِي فَصْلِ خَرَجَ الْإِمَامُ مِنْ صَلَاتِهِ إلَخْ الْآتِي.

(قَوْلُهُ: وَلِهَذَا قَالَ إلَخْ) أَيْ لِقَوْلِ الشَّارِحِ: إنَّ فَضِيلَةَ الْجَمَاعَةِ لَا تَفُوتُ فِي الْمُفَارَقَةِ إلَخْ.

(قَوْلُهُ: فِي مَسْأَلَتِنَا) أَيْ وَهِيَ جَوَازُ الصُّبْحِ خَلْفَ الظُّهْرِ. (قَوْلُهُ: فَلِمَ حَصَلَتْ لَهُ إلَخْ) هَذَا ظَاهِرٌ عَلَى أَنَّ الِانْفِرَادَ أَفْضَلُ كَمَا فَرَضَهُ، وَأَشْعَرَ بِهِ قَوْلُ الشَّارِحِ قَبْلُ، وَفِي تَعْبِيرِهِ بِيَجُوزُ إيمَاءٌ إلَخْ،

ــ

[حاشية الرشيدي]

(قَوْلُهُ: وَعِبَارَةُ ابْنِ الْعِمَادِ إلَى قَوْلِهِ وَعُلِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ مِنْ خَبَرِ مُعَاذٍ) مِنْ فَتَاوَى وَالِدِهِ حَرْفًا بِحَرْفٍ وَإِنْ أَوْهَمَ سِيَاقُهُ خِلَافَ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَلِهَذَا) أَيْ وَلِكَوْنِ فَضِيلَةِ الْجَمَاعَةِ حَاصِلَةً مَعَ الْقَوْلِ بِأَنَّ الِانْفِرَادَ أَوْلَى الَّذِي فَهِمَهُ عَنْهُمْ، فَاسْتِشْكَالُ هَؤُلَاءِ الْجَمَاعَةِ مَبْنِيٌّ عَلَى ذَلِكَ فَهُمْ مُوَافِقُونَ لَهُ فِيمَا فَهِمَهُ، وَاحْتَاجَ إلَى هَذَا؛ لِأَنَّ جَمِيعَ مَا قَدَّمَهُ مِنْ النُّقُولِ

ص: 214

لِأَنَّهَا خِلَافُ الْأُولَى اهـ.

وَلَا يُخَالِفُ مَا ذَكَرْته قَوْلُ بَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ: إنَّ صَلَاةَ الْعُرَاةِ وَنَحْوِهِمْ جَمَاعَةً صَحِيحَةٌ وَلَا ثَوَابَ فِيهَا لِأَنَّهَا غَيْرُ مَطْلُوبَةٍ اهـ: أَيْ لِأَنَّ انْتِفَاءَ طَلَبِهَا مِنْهُمْ لِعَدَمِ أَهْلِيَّتِهِمْ لَهَا بِسَبَبِ صِفَةٍ قَامَتْ بِهِمْ بِخِلَافِ مَسْأَلَتِنَا وَلَا قَوْلَ الرَّوْضَةِ وَغَيْرِهَا إنَّ الْأَوْلَى فِيهَا الِانْفِرَادُ خُرُوجًا مِنْ الْخِلَافِ لِمَا فِيهِ مِنْ الِاتِّفَاقِ عَلَى صِحَّتِهَا فِيهِ بِخِلَافِهَا فِي الْجَمَاعَةِ وَإِنْ نَالَ فَضْلَهَا فِي الْأَظْهَرِ بَلْ مَا ذَكَرْته أَوْلَى مِمَّا قَالُوهُ مِنْ أَنَّ مَنْ صَلَّى عَلَى جِنَازَةٍ لَا يُسْتَحَبُّ لَهُ إعَادَتُهَا عَلَى الصَّحِيحِ، وَمِنْ مُقَابِلِهِ أَنَّهُ إنْ صَلَّى مُنْفَرِدًا ثُمَّ وَجَدَ جَمَاعَةً اُسْتُحِبَّتْ لَهُ الْإِعَادَةُ مَعَهُمْ لِحِيَازَةِ فَضْلِهَا وَإِلَّا فَلَا، وَعَلَى الصَّحِيحِ لَوْ أَعَادَهَا صَحَّتْ نَفْلًا عَلَى الصَّحِيحِ، وَقِيلَ فَرْضًا كَالطَّائِفَةِ الثَّانِيَةِ اهـ.

وَالصَّلَاةُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مَطْلُوبٌ تَرْكُهَا فَضْلًا عَنْ طَلَبِ تَرْكِ جَمَاعَتِهَا.

وَالصَّلَاةُ فِي مَسْأَلَتِنَا وَاجِبٌ فِعْلُهَا وَإِنْ انْتَفَى طَلَبُ الْجَمَاعَةِ فِيهِ، وَعُلِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ مِنْ خَبَرِ مُعَاذٍ الْمَارِّ حُصُولُ فَضِيلَةِ الْجَمَاعَةِ خَلْفَ مُعِيدِ الْفَرِيضَةِ صُبْحًا كَانَتْ أَوْ غَيْرَهَا، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ أَيْضًا خَبَرُ ابْنِ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ رضي الله عنه «أَنَّهُ كَانَ يُصَلِّي مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْمَغْرِبَ ثُمَّ يَرْجِعُ إلَى قَوْمِهِ فَيَؤُمُّهُمْ» وَخَبَرُ أَبِي دَاوُد وَالتِّرْمِذِيِّ وَالنَّسَائِيُّ مِنْ حَدِيثِ يَزِيدَ بْنِ الْأَسْوَدِ وَصَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ وَابْنُ حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم صَلَّى الصُّبْحَ فِي مَسْجِدِ الْخَيْفِ، فَلَمَّا انْفَتَلَ مِنْ صَلَاتِهِ رَأَى فِي آخِرِ الْقَوْمِ رَجُلَيْنِ لَمْ يُصَلِّيَا مَعَهُ فَقَالَ: مَا مَنَعَكُمَا أَنْ تُصَلِّيَا مَعَنَا؟ فَقَالَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّيْنَا فِي رِحَالِنَا، فَقَالَ: إذَا صَلَّيْتُمَا فِي رِحَالِكُمَا ثُمَّ أَتَيْتُمَا مَسْجِدَ جَمَاعَةٍ فَصَلِّيَاهَا مَعَهُمْ فَإِنَّهَا لَكُمَا نَافِلَةٌ» وَهُوَ كَمَا مَرَّ يَدُلُّ بِالْعُمُومِ وَعَدَمِ الِاسْتِفْصَالِ عَلَى أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْمُصَلِّي مُنْفَرِدًا وَالْمُصَلِّي جَمَاعَةً إمَامًا أَوْ مَأْمُومًا.

وَقَدْ عَلَّلَ الشَّيْخَانِ وَغَيْرُهُمَا الْوَجْهَ الْمَرْجُوحَ الْقَائِلَ بِأَنَّ صَلَاةَ بَطْنِ نَخْلٍ أَفْضَلُ مِنْ صَلَاةِ ذَاتِ الرِّقَاعِ بِحُصُولِ فَضِيلَةِ الْجَمَاعَةِ عَلَى التَّمَامِ لِكُلِّ طَائِفَةٍ، وَمُرَادُهُمْ أَنَّ إيقَاعَ الصَّلَاةِ بِكَمَالِهَا خَلْفَ الْإِمَامِ أَكْمَلُ مِنْ إيقَاعِ الْبَعْضِ وَإِنْ حَصَلَتْ فَضِيلَةُ الْجَمَاعَةِ فِي جَمِيعِ الصَّلَاةِ.

وَأَمَّا قَوْلُهُمْ يُسَنُّ لِلْمُفْتَرِضِ أَنْ لَا يَقْتَدِيَ بِالْمُتَنَفِّلِ لِلْخُرُوجِ مِنْ خِلَافِ أَبِي حَنِيفَةَ فَمَحَلُّهُ فِي النَّفْلِ الْمُتَمَحَّضِ، أَمَّا الصَّلَاةُ الْمُعَادَةُ فَلَا لِأَنَّهُ قَدْ اُخْتُلِفَ فِي فَرْضِيَّتِهَا إذْ قِيلَ: إنَّ الْفَرْضَ إحْدَاهُمَا يَحْتَسِبُ اللَّهُ مَا شَاءَ مِنْهُمَا، وَرُبَّمَا قِيلَ يَحْتَسِبُ أَكْمَلَهُمَا، لِأَنَّ الثَّانِيَةَ لَوْ تَعَيَّنَتْ لِلنَّفْلَةِ لَمْ يُسَنُّ فِعْلُهَا فِي جَمَاعَةٍ كَسُنَّةِ الظُّهْرِ وَغَيْرِهَا.

وَقِيلَ إنَّ مَنْ صَلَّى مُنْفَرِدًا فَالْفَرْضُ الثَّانِيَةُ لِكَمَالِهَا، وَإِنْ صَلَّى فِي الْجَمَاعَةِ فَالْأُولَى.

وَقِيلَ إنَّ كُلًّا مِنْهُمَا فَرْضٌ لِأَنَّ الثَّانِيَةَ مَأْمُورٌ بِهَا وَالْأُولَى مُسْقِطَةٌ لِلْحَرَجِ لَا مَانِعَةٌ مِنْ وُقُوعِ الثَّانِيَةِ فَرْضًا بِدَلِيلِ سَائِرِ فُرُوضِ الْكِفَايَاتِ كَالطَّائِفَةِ الثَّانِيَةِ الْمُصَلِّيَةِ عَلَى الْجِنَازَةِ وَغَيْرِهَا (فَإِذَا قَامَ) الْإِمَامُ (لِلثَّالِثَةِ إنْ شَاءَ) الْمَأْمُومُ (فَارَقَهُ) بِالنِّيَّةِ (وَسَلَّمَ) لِانْقِضَاءِ صَلَاتِهِ، وَلَا كَرَاهَةَ لِأَنَّهُ فِرَاقٌ بِعُذْرٍ كَمَا سَيَأْتِي آخِرَ الْبَابِ (وَإِنْ شَاءَ انْتَظَرَهُ لِيُسَلِّمَ مَعَهُ) لِيَحُوزَ أَدَاءَ السَّلَامِ مَعَ الْجَمَاعَةِ (قُلْت: انْتِظَارُهُ أَفْضَلُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) لِمَا مَرَّ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

أَمَّا إنْ قُلْنَا بِأَنَّ الْجَمَاعَةَ أَفْضَلُ فَلَا يُرَدُّ السُّؤَالُ.

(قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا) الْأَوْلَى مَعَ أَنَّهَا إلَخْ.

(قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَسْأَلَتِنَا) أَيْ فَإِنَّ أَهْلِيَّتَهُمْ لِلصَّلَاةِ حَاصِلَةٌ وَانْتِفَاءُ طَلَبِ الْجَمَاعَةِ مِنْهُمْ لِمُجَرَّدِ اخْتِلَافِ الصَّلَاتَيْنِ (قَوْلُهُ: بَلْ مَا ذَكَرْته إلَخْ) أَيْ تَوْجِيهًا لِحُصُولِ فَضِيلَةِ الْجَمَاعَةِ مِنْ قَوْلِهِ وَعَلَّلُوا أَفْضَلِيَّةَ انْتِظَارِهِ إلَخْ.

(قَوْلُهُ: لَوْ أَعَادَهَا) أَيْ صَلَاةَ الْجِنَازَةِ وَلَوْ مُنْفَرِدًا وَمِرَارًا.

(قَوْلُهُ: فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ) أَيْ صَلَاةِ الْجِنَازَةِ.

(قَوْلُهُ: فَلَمَّا انْفَتَلَ) أَيْ الْتَفَتَ.

(قَوْلُهُ: فَمَحَلُّهُ فِي النَّفْلِ الْمُتَمَحِّضِ) أَيْ وَعَلَيْهِ فَلَوْ اقْتَدَى هَلْ تَحْصُلُ لَهُ فَضِيلَةُ الْجَمَاعَةِ أَوْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ.

وَتَقَدَّمَ عَنْ سم حُصُولُ الثَّوَابِ فِي النَّفْلِ الَّذِي لَا تُشْرَعُ فِيهِ الْجَمَاعَةُ، وَقَضِيَّتُهُ حُصُولُ فَضْلِ الْجَمَاعَةِ.

(قَوْلُهُ: أَمَّا الصَّلَاةُ الْمُعَادَةُ فَلَا) أَيْ فَلَا يُسَنُّ لِلْمُصَلِّي الْفَرْضَ

ــ

[حاشية الرشيدي]

لَيْسَ فِيهِ التَّصْرِيحُ بِأَنَّ الِانْفِرَادَ أَوْلَى فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَلَا قَوْلُ الرَّوْضَةِ وَغَيْرِهَا إلَخْ) عِبَارَةُ الْفَتَاوَى: وَأَمَّا قَوْلُ الرَّوْضَةِ وَغَيْرِهَا إلَخْ (قَوْلُهُ: صُبْحًا كَانَتْ أَوْ غَيْرَهَا) فِي عِلْمِ ذَلِكَ مِنْ خَبَرِ مُعَاذٍ نَظَرٌ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّهُ مَفْرُوضٌ فِي عِشَاءِ الْآخِرَةِ كَمَا مَرَّ

ص: 215

إنْ لَمْ يَخْشَ خُرُوجَ الْوَقْتِ قَبْلَ تَحَلُّلِهِ، وَعُلِمَ مِنْهُ حُصُولُ فَضِيلَةِ الْجَمَاعَةِ كَمَا تَقَرَّرَ وَإِذَا انْتَظَرَهُ أَطَالَ الدُّعَاءَ بَعْدَ تَشَهُّدِهِ فِيمَا يَظْهَرُ، وَخَرَجَ بِفَرْضِهِ الْكَلَامُ فِي الصُّبْحِ وَالْمَغْرِبِ خَلْفَ الظُّهْرِ مَثَلًا، فَلَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَنْتَظِرَهُ إذَا قَامَ لِلرَّابِعَةِ عَلَى الْأَصَحِّ فِي التَّحْقِيقِ وَغَيْرِهِ، لِأَنَّهُ يُحْدِثُ جُلُوسَ تَشَهُّدٍ لَمْ يَفْعَلْهُ الْإِمَامُ، بِخِلَافِهِ فِي تِلْكَ فَإِنَّهُ وَافَقَهُ فِيهِ ثُمَّ اسْتَدَامَهُ، وَعُلِمَ مِمَّا ذَكَرْنَاهُ أَنَّهُ لَوْ جَلَسَ إمَامُهُ لِلِاسْتِرَاحَةِ فَقَطْ لَزِمَهُ مُفَارَقَتُهُ، وَأَنَّهُ لَا أَثَرَ أَيْضًا لِجُلُوسِهِ لِلتَّشَهُّدِ مِنْ غَيْرِ تَشَهُّدٍ فِي الصُّبْحِ بِالظُّهْرِ، إذْ جُلُوسُهُ مِنْ غَيْرِ تَشَهُّدٍ كَلَا جُلُوسٍ لِأَنَّهُ تَابِعٌ لَهُ فَلَا يُعْتَدُّ بِهِ بِدُونِهِ، وَهَذَا هُوَ مُرَادُ ابْنِ الْمُقْرِي بِقَوْلِهِ أَحْدَثَ جُلُوسًا، كَمَا أَنَّ مُرَادَ الشَّيْخَيْنِ بِقَوْلِهِمَا أَحْدَثَ تَشَهُّدًا جُلُوسُهُ.

وَيُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ بِالْأَوْلَى أَنَّهُ لَوْ تَرَكَ إمَامُهُ الْجُلُوسَ وَالتَّشَهُّدَ لَزِمَهُ مُفَارَقَتُهُ لِأَنَّ الْمُخَالَفَةَ حِينَئِذٍ أَفْحَشُ، وَيَجْرِي مَا ذَكَرَ فِيمَنْ صَلَّى الصُّبْحَ خَلْفَ مُصَلِّي الظُّهْرِ وَتَرَكَ إمَامُهُ التَّشَهُّدَ الْأَوَّلَ فَيَجِبُ عَلَى الْمَأْمُومِ مُفَارَقَتُهُ عِنْدَ قِيَامِهِ لِلثَّالِثَةِ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَخْذًا مِنْ تَعْلِيلِهِمْ جَوَازَ انْتِظَارِ الْمَأْمُومِ إمَامَهُ فِيهَا بِأَنَّهُ وَافَقَهُ فِي جُلُوسِ تَشَهُّدِهِ ثُمَّ اسْتَدَامَهُ، وَتَعْلِيلُهُمْ لُزُومَ مُفَارَقَةِ مُصَلِّي الرُّبَاعِيَّةَ بِأَنَّهُ يُحْدِثُ جُلُوسَ تَشَهُّدٍ لَمْ يَفْعَلْهُ إمَامُهُ، وَيَصِحُّ اقْتِدَاءُ مَنْ فِي التَّشَهُّدِ بِالْقَائِمِ وَلَا يَجُوزُ لَهُ مُتَابَعَتُهُ بَلْ يَنْتَظِرُهُ إلَى أَنْ يُسَلِّمَ وَهُوَ أَفْضَلُ، وَلَهُ مُفَارَقَتُهُ وَهُوَ فِرَاقٌ بِعُذْرٍ، وَلَا نَظَرَ هُنَا إلَى أَنَّهُ أَحْدَثَ جُلُوسًا

ــ

[حاشية الشبراملسي]

أَنْ لَا يَقْتَدِيَ بِإِمَامِهَا بَلْ يُسَنُّ لَهُ الِاقْتِدَاءُ لِحُصُولِ فَضِيلَةِ الْجَمَاعَةِ فِيهَا.

(قَوْلُهُ: إنْ لَمْ يَخْشَ خُرُوجَ الْوَقْتِ) أَيْ فَإِنْ خَشِيَهُ فَعَدَمُ الِانْتِظَارِ أَوْلَى، وَإِنَّمَا لَمْ تَجِبْ نِيَّةُ الْمُفَارَقَةِ لِجَوَازِ الْمَدِّ فِي الصَّلَاةِ.

(قَوْلُهُ: أَطَالَ الدُّعَاءَ) أَيْ نَدْبًا وَلَا يُكَرِّرُ التَّشَهُّدَ فَلَوْ لَمْ يَحْفَظْ إلَّا دُعَاءً قَصِيرًا كَرَّرَهُ لِأَنَّ الصَّلَاةَ لَا سُكُوتَ فِيهَا، وَإِنَّمَا لَمْ يُكَرِّرْ التَّشَهُّدَ خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ مَنْ أَبْطَلَ بِتَكْرِيرِ الرُّكْنِ الْقَوْلِيِّ.

(قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ يُحْدِثُ جُلُوسَ تَشَهُّدٍ) يُؤْخَذُ مِنْ هَذَا الِاسْتِدْلَالِ أَنَّ لَهُ انْتِظَارَهُ فِي السُّجُودِ الثَّانِي فَلْيُرَاجَعْ اهـ سم عَلَى حَجّ. أَقُولُ: وَانْتِظَارُهُ أَفْضَلُ.

(قَوْلُهُ: وَعُلِمَ مِمَّا ذَكَرْنَاهُ) أَيْ مِنْ قَوْلِنَا: إنَّهُ يُحْدِثُ جُلُوسَ تَشَهُّدٍ إلَخْ.

(قَوْلُهُ: لِلِاسْتِرَاحَةِ) أَيْ وَيُعْلَمُ ذَلِكَ بِالْقَرِينَةِ كَمَا لَوْ صَلَّى الْمَغْرِبَ خَلْفَ رُبَاعِيَّةٍ.

(قَوْلُهُ: لِجُلُوسِهِ) أَيْ الْإِمَامِ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ) أَيْ الْجُلُوسَ تَابِعٌ لَهُ: أَيْ التَّشَهُّدِ.

(قَوْلُهُ: فَلَا يُعْتَدُّ بِهِ بِدُونِهِ) هُوَ ظَاهِرٌ إنْ عَلِمَ مِنْ حَالِ الْإِمَامِ أَنَّهُ لَمْ يَتَشَهَّدْ، وَأَمَّا لَوْ لَمْ يَعْلَمْ ذَلِكَ بِأَنْ ظَنَّهُ وَتَبَيَّنَ خِلَافَهُ فَيَنْبَغِي عَدَمُ الضَّرَرِ لِأَنَّهُ كَالْجَاهِلِ، وَهُوَ يُغْتَفَرُ لَهُ مَا لَا يُغْتَفَرُ لِغَيْرِهِ لِعُذْرِهِ.

(قَوْلُهُ: وَيَجْرِي مَا ذُكِرَ) قَدْ يُقَالُ: لَا حَاجَةَ لِهَذَا بَعْدَ قَوْلِهِ وَيُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ بِالْأَوْلَى إلَخْ، فَإِنَّ هَذَا الَّذِي جَعَلَهُ مَأْخُوذًا بِالْأَوْلَى هُوَ عَيْنُ مَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ: وَيَجْرِي مَا ذَكَرَ فِيمَنْ صَلَّى إلَخْ (قَوْلُهُ عِنْدَ قِيَامِهِ لِلثَّالِثَةِ) أَيْ حَيْثُ أَرَادَ الْجُلُوسَ لِلتَّشَهُّدِ، فَلَوْ لَمْ يُرِدْ ذَلِكَ لَمْ يَبْعُدْ انْتِظَارُهُ فِي السُّجُودِ وَإِنْ طَالَ مِنْ غَيْرِ نِيَّةِ مُفَارَقَةٍ.

(قَوْلُهُ: وَهُوَ فِرَاقٌ بِعُذْرٍ) قَدْ يُشْعِرُ هَذَا بِحُصُولِ فَضِيلَةِ الْجَمَاعَةِ لِمَنْ ذَكَرَ، لَكِنْ سَيَأْتِي فِيمَا لَوْ أَحْرَمَ مُنْفَرِدًا ثُمَّ نَوَى الْقُدْوَةَ فِي خِلَالِ صَلَاتِهِ أَنَّ ذَلِكَ مَكْرُوهٌ مُفَوِّتٌ لِفَضِيلَةِ الْجَمَاعَةِ حَتَّى فِيمَا أَدْرَكَهُ مَعَ الْإِمَامِ اهـ.

وَقَضِيَّتُهُ عَدَمُ حُصُولِ الْفَضِيلَةِ هُنَا، وَقَضِيَّةُ قَوْلِهِ هُنَا وَهُوَ أَفْضَلُ إلَخْ حُصُولُ الْفَضِيلَةِ، اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ: إذَا نَوَى الِاقْتِدَاءَ وَإِنْ لَمْ تَحْصُلْ لَهُ فَضِيلَةُ الْجَمَاعَةِ

ــ

[حاشية الرشيدي]

(قَوْلُهُ: وَهَذَا هُوَ مُرَادُ ابْنِ الْمُقْرِي) يَعْنِي قَوْلَهُ؛ لِأَنَّهُ يُحْدِثُ جُلُوسَ تَشَهُّدٍ لَمْ يَفْعَلْهُ الْإِمَامُ، فَالْكَلَامُ فِي الْمَغْرِبِ كَمَا يُعْلَمُ كَاَلَّذِي نَذْكُرُهُ بَعْدُ مِنْ الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ (قَوْلُهُ: كَمَا أَنَّ مُرَادَ الشَّيْخَيْنِ بِقَوْلِهِمَا أَحْدَثَ تَشَهُّدًا جُلُوسُهُ) أَيْ مَعَهُ بِقَرِينَةِ مَا قَبْلَهُ (قَوْلُهُ: وَيُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ بِالْأَوْلَى أَنَّهُ لَوْ تَرَكَ إمَامُهُ الْجُلُوسَ وَالتَّشَهُّدَ) يَعْنِي فِي الصُّبْحِ بِالظُّهْرِ (قَوْلُهُ: وَيَجْرِي مَا ذَكَرَ) أَيْ فِي الْمَغْرِبِ، وَقَوْلُهُ: فِيمَنْ صَلَّى الصُّبْحَ مُكَرَّرٌ مَعَ قَوْلِهِ وَيُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ بِالْأَوْلَى إلَخْ (قَوْلُهُ: وَتَعْلِيلُهُمْ لُزُومَ مُفَارَقَةِ مُصَلِّي الرَّبَاعِيَةِ) كَذَا فِي: نُسَخِ الشَّارِحِ كَالْفَتَاوَى، وَكَانَ الْمَصْدَرُ مُضَافًا لِمَفْعُولٍ وَفَاعِلُهُ مَحْذُوفٌ لِعِلْمِهِ: أَيْ مُصَلِّي الْمَغْرِبِ (قَوْلُهُ: وَلَا نَظَرَ هُنَا إلَى أَنَّهُ أَحْدَثَ جُلُوسًا) فِيهِ مُسَامَحَةٌ إذْ لَا إحْدَاثَ هُنَا.

ص: 216

لَمْ يَفْعَلْهُ الْإِمَامُ لِأَنَّ الْمَحْذُورَ إحْدَاثُهُ بَعْدَ نِيَّةِ الِاقْتِدَاءِ لَا دَوَامُهُ كَمَا هُنَا. .

وَتَصِحُّ الْعِشَاءُ خَلْفَ التَّرَاوِيحِ كَمَا لَوْ اقْتَدَى فِي الظُّهْرِ بِالصُّبْحِ، فَإِذَا سَلَّمَ الْإِمَامُ قَامَ لِيُتِمَّ صَلَاتَهُ وَالْأَوْلَى لَهُ إتْمَامُهَا مُنْفَرِدًا، فَإِنْ اقْتَدَى بِهِ ثَانِيًا فِي رَكْعَتَيْنِ أُخْرَيَيْنِ مِنْ التَّرَاوِيحِ جَازَ كَمُنْفَرِدٍ اقْتَدَى فِي أَثْنَاءِ صَلَاتِهِ بِغَيْرِهِ.

وَتَصِحُّ الصُّبْحُ خَلْفَ الْعِيدِ وَالِاسْتِسْقَاءِ وَعَكْسُهُ لِتَوَافُقِ نَظْمِ أَفْعَالِهِمَا، وَالْأَوْلَى لَهُ أَنْ لَا يُوَافِقَهُ فِي التَّكْبِيرِ الزَّائِدِ إنْ صَلَّى الصُّبْحَ خَلْفَ الْعِيدِ أَوْ الِاسْتِسْقَاءِ، وَلَا فِي تَرْكِهِ أَيْضًا إنْ عَكَسَ اعْتِبَارًا بِصَلَاتِهِ، وَلَا تَضُرُّ مُوَافَقَتُهُ فِي ذَلِكَ لِأَنَّ الْأَذْكَارَ لَا يَضُرُّ فِعْلُهَا وَإِنْ لَمْ تُنْدَبْ وَلَا تَرْكُهَا وَإِنْ نُدِبَتْ، وَلَيْسَ فِي الِاسْتِسْقَاءِ اسْتِغْفَارٌ كَمَا يَأْتِي فِي بَابِهِ فَمَنْ عَبَّرَ بِقَوْلِهِ لَا يُوَافِقُهُ فِي الِاسْتِغْفَارِ: أَيْ عَلَى الْقَوْلِ بِهِ إنْ ثَبَتَ أَنَّ فِيهِ قَوْلًا وَإِلَّا فَهُوَ وَهْمٌ سَرَى لَهُ مِنْ الْخُطْبَةِ إلَى الصَّلَاةِ (وَإِنْ أَمْكَنَهُ) أَيْ مَنْ صَلَّى الصُّبْحَ خَلْفَ غَيْرِهَا (الْقُنُوتُ فِي الثَّانِيَةِ) بِأَنْ وَقَفَ إمَامُهُ يَسِيرًا (قَنَتَ) اسْتِحْبَابًا تَحْصِيلًا لَلسُّنَّةِ مَعَ عَدَمِ الْمُخَالَفَةِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْهُ (تَرَكَهُ) نَدْبًا خَوْفًا مِنْ التَّخَلُّفِ، لَا يَسْجُدُ لِلسَّهْوِ لِتَحَمُّلِ الْإِمَامِ لَهُ عَنْهُ كَمَا هُوَ الْقِيَاسُ خِلَافًا لِلْإِسْنَوِيِّ حَيْثُ زَعَمَ أَنَّ الْقِيَاسَ سُجُودُهُ (وَلَهُ فِرَاقُهُ) بِالنِّيَّةِ (لِيَقْنُتَ) تَحْصِيلًا لَلسُّنَّةِ وَلَا كَرَاهَةَ فِيهِ لِعُذْرِهِ كَمَا مَرَّ، فَلَوْ لَمْ يَنْوِ مُفَارَقَتَهُ وَتَخَلَّفَ لِلْقُنُوتِ أَدْرَكَهُ فِي السَّجْدَةِ الْأُولَى لَمْ يَضُرَّ، وَيُفَارِقُ التَّشَهُّدَ الْأَوَّلَ بِأَنَّهُمَا هُنَا اشْتَرَكَا فِي الِاعْتِدَالِ فَلَمْ يَنْفَرِدْ بِهِ الْمَأْمُومُ وَثَمَّ انْفَرَدَ بِالْجُلُوسِ، وَلَا يَرِدُ عَلَى الْفَرْقِ مَا لَوْ جَلَسَ إمَامُهُ لِلِاسْتِرَاحَةِ فِي ظَنِّهِ لِأَنَّ جِلْسَةَ الِاسْتِرَاحَةِ هُنَا غَيْرُ مَطْلُوبَةٍ فَلَا عِبْرَةَ بِوُجُودِهَا، وَظَاهِرُ كَلَامِ الشَّيْخَيْنِ وَغَيْرِهِمَا هُنَا وَأَدْرَكَهُ فِي السَّجْدَةِ الْأُولَى أَنَّهُ لَوْ لَمْ يُدْرِكْهُ فِيهَا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ، غَيْرَ أَنَّهُ يُنَافِيهِ إطْلَاقُهُمْ الْآتِي أَنَّ التَّخَلُّفَ بِرُكْنٍ لَا يُبْطِلُ. لَا يُقَالُ: هَذَا فِيهِ مُخَالَفَةٌ فَاحِشَةٌ، وَقَدْ قَالُوا لَوْ خَالَفَهُ فِي سُنَّةٍ فِعْلًا أَوْ تَرْكًا وَفَحُشَتْ الْمُخَالَفَةُ كَسُجُودِ التِّلَاوَةِ وَالتَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ، وَالتَّخَلُّفُ لِلْقُنُوتِ مِنْ هَذَا؛ لِأَنَّا نَقُولُ: لَوْ كَانَ مِنْ هَذَا لَقُلْنَا بِبُطْلَانِ صَلَاتِهِ بِهُوِيِّ إمَامِهِ إلَى السُّجُودِ عَلَى مَا أَفْتَى بِهِ الْقَفَّالُ، وَقَدْ رَجَّحْنَا

ــ

[حاشية الشبراملسي]

لَكِنْ تَحْصُلُ لَهُ فَضِيلَةٌ فِي الْجُمْلَةِ، فَإِذَا نَوَى الْمُفَارَقَةَ لِمُخَالَفَةِ الْإِمَامِ لَهُ مِنْ حَيْثُ كَوْنُهُ قَائِمًا وَهُوَ قَاعِدٌ مَثَلًا يَكُونُ ذَلِكَ عُذْرًا غَيْرَ مُفَوِّتٍ لِمَا حَصَلَ لَهُ مِنْ الْفَضِيلَةِ الْحَاصِلَةِ بِمُجَرَّدِ رَبْطِ صَلَاتِهِ بِصَلَاةِ الْإِمَامِ

(قَوْلُهُ: كَمَا لَوْ اقْتَدَى فِي الظُّهْرِ إلَخْ) هَذِهِ عُلِمَتْ مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَالْمُفْتَرِضُ بِالْمُتَنَفِّلِ، لَكِنَّهُ ذَكَرَهَا تَوْطِئَةً لِقَوْلِهِ: وَالْأَوْلَى لَهُ إلَخْ.

(قَوْلُهُ: اعْتِبَارًا بِصَلَاتِهِ) قَدْ يُشْكِلُ هَذَا عَلَى مَا فِي صَلَاةِ الْعِيدِ مِنْ أَنَّ الْعِبْرَةَ بِصَلَاةِ الْإِمَامِ حَتَّى لَوْ اقْتَصَرَ عَلَى سِتٍّ فِي الْأُولَى وَثَلَاثٍ فِي الثَّانِيَةِ تَابَعَهُ فِيهَا، وَقَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ الْإِمَامَ وَالْمَأْمُومَ اشْتَرَكَا ثَمَّ فِي أَصْلِ التَّكْبِيرِ وَإِنَّمَا اخْتَلَفَا فِي صِفَتِهِ، فَلَمَّا طَلَبْت مُتَابَعَةَ الْمَأْمُومِ لِإِمَامِهِ فِي أَصْلِ التَّكْبِيرِ اسْتَصْحَبَ ذَلِكَ فَتَبِعَهُ فِي صِفَتِهِ وَلَا كَذَلِكَ هُنَا.

(قَوْلُهُ: وَأَدْرَكَهُ فِي السَّجْدَةِ الْأُولَى) أَوْ الْجُلُوسِ بَيْنِ السَّجْدَتَيْنِ عَلَى مَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ غَيْرَ أَنَّهُ يُنَافِيهِ إطْلَاقُهُمْ إلَخْ.

(قَوْلُهُ: وَيُفَارِقُ التَّشَهُّدَ الْأَوَّلَ) أَيْ حَيْثُ قُلْنَا بِالْبُطْلَانِ لِلتَّخَلُّفِ لَهُ (قَوْلُهُ: لِلِاسْتِرَاحَةِ فِي ظَنِّهِ) أَيْ الْمَأْمُومِ: أَيْ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ الْمُفَارَقَةُ مَعَ مُشَارَكَتِهِ لَهُ فِي الْجُلُوسِ.

(قَوْلُهُ: غَيْرُ مَطْلُوبَةٍ) بَلْ وَلَوْ كَانَتْ مَطْلُوبَةً لَا يَخْتَلِفُ الْحُكْمُ لِمَا مَرَّ فِيمَنْ صَلَّى الْمَغْرِبَ خَلْفَ الْعِشَاءِ مَثَلًا مِنْ أَنَّهُ تَجِبُ عَلَيْهِ نِيَّةُ الْمُفَارَقَةِ وَإِنْ جَلَسَ إمَامُهُ لِلِاسْتِرَاحَةِ.

(قَوْلُهُ: وَظَاهِرُ كَلَامِ الشَّيْخَيْنِ) أَيْ قَوْلُ الشَّيْخَيْنِ.

(قَوْلُهُ: غَيْرَ أَنَّهُ يُنَافِيهِ إطْلَاقُهُمْ) مُعْتَمَدٌ.

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: بِأَنْ وَقَفَ إمَامُهُ يَسِيرًا) هَذَا التَّصْوِيرُ لِنَدْبِ الْإِتْيَانِ بِالْقُنُوتِ (قَوْلُهُ: نَدْبًا) أَيْ وَلَهُ فِرَاقُهُ كَمَا سَيَأْتِي (قَوْلُهُ: لَمْ يَضُرَّ) أَيْ بِالنِّسْبَةِ لِلْكَرَاهَةِ كَمَا يَأْتِي وَهُوَ مُخَالِفٌ لِلسُّنَّةِ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ وَيَأْتِي (قَوْلُهُ: فِي ظَنِّهِ) أَيْ الْإِمَامِ إمَّا لِجَهْلِهِ بِالْحُكْمِ أَوْ لِاعْتِقَادِهِ أَنَّ الَّتِي يَقُومُ إلَيْهَا ثَانِيَةٌ مَثَلًا وَمَا فِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ مِنْ رُجُوعِ الضَّمِيرِ لِلْمَأْمُومِ لَيْسَ فِي مَحَلِّهِ (قَوْلُهُ: وَأَدْرَكَهُ) بَدَلٌ مِنْ كَلَامٍ أَوْ يُقَدَّرُ لَهُ قَوْلٌ (قَوْلُهُ: غَيْرُ مَطْلُوبَةٍ) يُوهِمُ أَنَّهَا لَوْ كَانَتْ مَطْلُوبَةً لَمْ يَضُرَّ وَلَيْسَ كَذَلِكَ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ

ص: 217

خِلَافَهُ فَتَعَيَّنَ أَنَّ التَّخَلُّفَ لِلْقُنُوتِ لَيْسَ مِنْ ذَلِكَ، وَيُفَرَّقُ بِأَنَّ الْمُتَخَلِّفَ لِنَحْوِ التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ أَحْدَثَ سُنَّةً يَطُولُ زَمَنُهَا وَلَمْ يَفْعَلْهَا الْإِمَامُ أَصْلًا فَفَحُشَتْ الْمُخَالَفَةُ، وَأَمَّا تَطْوِيلُهُ لِلْقُنُوتِ فَلَيْسَ فِيهِ إحْدَاثُ شَيْءٍ لَمْ يَفْعَلْهُ إمَامُهُ فَلَمْ تَفْحُشْ الْمُخَالَفَةُ إلَّا بِالتَّخَلُّفِ بِتَمَامِ رُكْنَيْنِ فِعْلِيَّيْنِ كَمَا أَطْلَقُوهُ.

وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْفُحْشَ فِي التَّخَلُّفِ لَلسُّنَّةِ غَيْرُهُ فِي التَّخَلُّفِ بِالرُّكْنِ، وَأَنَّ الْفَرْقَ أَنَّ إحْدَاثَ مَا لَمْ يَفْعَلْهُ إمَامُهُ مَعَ طُولِ زَمَنِهِ فُحْشٌ فِي ذَاتِهِ فَلَمْ يَحْتَجْ لِضَمِّ شَيْءٍ إلَيْهِ، بِخِلَافِ مُجَرَّدِ تَطْوِيلِ مَا فَعَلَهُ إمَامُهُ فَإِنَّهُ مُجَرَّدُ صِفَةٍ تَابِعَةٍ فَلَمْ يَحْصُلْ الْفُحْشُ بِهِ بَلْ بِتَكَرُّرِهِ، فَلَمْ يُؤَثِّرْ مِنْهُ إلَّا تَوَالِي رُكْنَيْنِ تَامَّيْنِ فَلْيُتَأَمَّلْ.

وَحِينَئِذٍ فَقَوْلُهُمْ هُنَا إذَا لَحِقَهُ فِي السَّجْدَةِ الْأُولَى قُيِّدَ لِعَدَمِ الْكَرَاهَةِ، فَلَا بُطْلَانَ حَتَّى يَهْوِيَ لِلسَّجْدَةِ الثَّانِيَةِ، وَعَلَى هَذَا يُحْمَلُ قَوْلُ الزَّرْكَشِيّ الْمَعْرُوفُ عِنْدَ الْأَصْحَابِ إنَّ التَّخَلُّفَ لِلْقُنُوتِ مُبْطِلٌ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ فِي مَحَلٍّ آخَرَ وَقَدْ حَكَى الْخِلَافَ فِي ذَلِكَ لَا خِلَافَ، بَلْ الْقَوْلُ بِالْبُطْلَانِ مُصَوَّرٌ بِمَا إذَا فَحُشَتْ الْمُخَالَفَةُ: أَيْ بِأَنْ تَأَخَّرَ بِرُكْنَيْنِ، وَكَلَامُ الرَّافِعِيِّ لَيْسَ مَفْرُوضًا فِيهِ وَيَشْهَدُ لِذَلِكَ قَوْلُهُ: إذَا لَحِقَهُ عَلَى الْقُرْبِ (فَإِنْ اخْتَلَفَ فِعْلُهُمَا كَمَكْتُوبَةٍ وَكُسُوفٍ أَوْ جِنَازَةٍ) أَوْ سَجْدَةِ تِلَاوَةٍ أَوْ شُكْرٍ كَمَا قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ (لَمْ يَصِحَّ) الِاقْتِدَاءُ فِي ذَلِكَ (عَلَى الصَّحِيحِ) لِمُخَالَفَتِهِ النَّظْمَ وَتَعَذُّرِ الْمُتَابَعَةِ مَعَهَا. نَعَمْ يَظْهَرُ صِحَّةُ الِاقْتِدَاءِ فِي الشُّكْرِ بِالتِّلَاوَةِ وَعَكْسِهِ. وَالثَّانِي يَصِحُّ لِإِمْكَانِهَا فِي الْبَعْضِ، وَعَلَيْهِ رِعَايَةُ تَرْتِيبِ نَفْسِهِ وَلَا يُتَابِعُهُ، فَفِي الْجِنَازَةِ إذَا كَبَّرَ الْإِمَامُ الثَّانِيَةَ تَخَيَّرَ بَيْنَ مُفَارَقَتِهِ وَانْتِظَارِهِ سَلَامَهُ وَلَا يُتَابِعُهُ فِي التَّكْبِيرَاتِ وَفِي الْكُسُوفِ تَابَعَهُ فِي الرُّكُوعِ الْأَوَّلِ ثُمَّ يَرْفَعُ وَيُفَارِقُهُ أَوْ يَنْتَظِرُهُ رَاكِعًا إلَى أَنْ يَرْكَعَ ثَانِيًا وَيَعْتَدِلَ وَيَسْجُدَ مَعَهُ، وَلَا يَنْتَظِرُهُ بَعْدَ الرَّفْعِ لِمَا فِيهِ مِنْ تَطْوِيلِ الرُّكْنِ الْقَصِيرِ، وَلَا فَرْقَ فِي عَدَمِ الصِّحَّةِ بَيْنَ أَنْ يَعْلَمَ نِيَّةَ الْإِمَامِ لَهَا أَوْ يَجْهَلَهَا وَإِنْ بَانَ لَهُ ذَلِكَ قَبْلَ التَّكْبِيرَةِ الثَّانِيَةِ مِنْ صَلَاةِ الْجِنَازَةِ خِلَافًا لِلرُّويَانِيِّ وَمَنْ تَبِعَهُ. نَعَمْ إنْ كَانَ الْإِمَامُ فِي الْقِيَامِ الثَّانِي فَمَا بَعْدَهُ مِنْ الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ مِنْ صَلَاةِ الْكُسُوفِ صَحَّتْ الْقُدْوَةُ كَمَا بَحَثَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ، وَتَبِعَهُ جَمْعٌ وَيَدُلُّ لَهُ تَعْلِيلُهُمْ عَدَمَ الصِّحَّةِ بِتَعَذُّرِ الْمُتَابَعَةِ وَلَا تَعَذُّرَ فِيهَا هُنَا، وَالْأَوْجُهُ اسْتِمْرَارُ الْمَنْعِ فِي الْجِنَازَةِ وَسَجْدَتَيْ الشُّكْرِ وَالتِّلَاوَةِ إلَى تَمَامِ السَّلَامِ، إذْ مَوْضُوعُ الْأُولَى عَلَى الْمُخَالَفَةِ إلَى الْفَرَاغِ مِنْهَا بِدَلِيلِ أَنَّ سَلَامَهَا مِنْ قِيَامٍ وَلَا كَذَلِكَ غَيْرُهَا، وَأَمَّا فِي الْأَخِيرَتَيْنِ فَلِأَنَّهُمَا مُلْحَقَانِ بِالصَّلَاةِ وَلَيْسَتَا مِنْهَا مَعَ وُجُودِ الْمُخَالَفَةِ. لَا يُقَالُ: يَنْبَغِي صِحَّةُ الْقُدْوَةِ بِمُصَلِّي الْكُسُوفِ وَنَحْوِهِ لِأَنَّ الِاقْتِدَاءَ بِهِ فِي الْقِيَامِ وَلَا مُخَالَفَةَ فِيهِ، ثُمَّ إذَا انْتَهَى إلَى الْأَفْعَالِ الْمُخَالِفَةِ فَإِنْ فَارَقَهُ اسْتَمَرَّتْ الصِّحَّةُ وَإِلَّا بَطَلَتْ، كَمَنْ صَلَّى فِي ثَوْبٍ تُرَى عَوْرَتُهُ مِنْهُ عِنْدَ رُكُوعِهِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ: لَمَّا تَعَذَّرَ الرَّبْطُ بِتَخَالُفِ النَّظْمِ مَعَ انْعِقَادِهَا لِرَبْطِهِ صَلَاتَهُ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

قَوْلُهُ: فَلَا بُطْلَانَ) هَذَا عُلِمَ مِنْ قَوْلِهِ أَوَّلًا غَيْرَ أَنَّهُ يُنَافِيهِ إطْلَاقُهُمْ إلَخْ، وَلَعَلَّهُ ذَكَرَهُ لِأَجْلِ قَوْلِهِ قُيِّدَ لِعَدَمِ الْكَرَاهَةِ إلَخْ (قَوْلُهُ فَفِي الْجِنَازَةِ) تَفْرِيعٌ عَلَى الثَّانِي.

(قَوْلُهُ: كَمَا بَحَثَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ) قَالَ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ بَعْدَ مَا ذَكَرَ: وَقَضِيَّتُهُ حُصُولُ الرَّكْعَةِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ.

(قَوْلُهُ: وَلَا تُعْذَرُ فِيمَا هُنَا) وَيُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ صِحَّةُ الِاقْتِدَاءِ فِي سُجُودِ التِّلَاوَةِ أَوْ الشُّكْرِ بِمَنْ فِي السَّجْدَةِ الْأَخِيرَةِ مِنْ الْفَرْضِ، ثُمَّ رَأَيْت فِي حَجّ مَا يُوَافِقُهُ وَعِبَارَتُهُ: وَمِثْلُهُمَا: أَيْ مِثْلُ ثَانِي قِيَامِ رَكْعَةِ الْكُسُوفِ الثَّانِيَةِ، وَآخِرُ تَكْبِيرَاتِ الْجِنَازَةِ فِي الصِّحَّةِ مَا بَعْدَ السُّجُودِ فِيمَا قَالَهُ

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: أَحْدَثَ سُنَّةً) وَهِيَ الْجُلُوسُ لِلتَّشَهُّدِ (قَوْلُهُ: وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْفُحْشَ فِي التَّخَلُّفِ لِلسُّنَّةِ) أَيْ الْجُلُوسِ لِلتَّشَهُّدِ بِقَرِينَةِ مَا مَرَّ، وَإِلَّا فَهُوَ فِي مَسْأَلَةِ الْقُنُوتِ أَيْضًا مُتَخَلِّفٌ لِسُنَّةٍ، وَإِنَّمَا عَبَّرَ هُنَا بِاللَّامِ وَفِيمَا بَعْدَهُ بِالْبَاءِ لِلْإِشَارَةِ لِلْفَرْقِ بَيْنَهُمَا بِمَا يُؤْخَذُ مِمَّا ذَكَرْته (قَوْلُهُ: بَلْ بِتَكَرُّرِهِ إلَخْ) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ بَلْ بِانْضِمَامِ رُكْنَيْنِ تَامَّيْنِ إلَيْهِ (قَوْلُهُ: قَيَّدَ لِعَدَمِ الْكَرَاهَةِ) أَيْ وَلِنَدْبِ الْقُنُوتِ كَمَا قَالَهُ الشِّهَابُ سم (قَوْلُهُ: لِأَنَّا نَقُولُ لَمَّا تَعَذَّرَ الرَّبْطُ إلَخْ) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ يُرَدُّ بِأَنَّ الرَّبْطَ مَعَ تَخَالُفِ النَّظْمِ مُتَعَذِّرٌ فَمُنِعَ الِانْعِقَادُ (قَوْلُهُ: وَأَيْضًا فَقَدْ رَبَطَ إلَخْ) فِي نُسْخَةٍ لِرَبْطِهِ صَلَاتَهُ إلَخْ، وَهِيَ أَوْلَى وَأَقْرَبُ

ص: 218

بِصَلَاةٍ مُخَالِفَةٍ لَهَا فِي الْمَاهِيَّةِ فَكَانَ هَذَا الْقَصْدُ ضَارًّا، وَلَيْسَ كَمَسْأَلَةِ مَنْ تُرَى عَوْرَتُهُ إذَا رَكَعَ لِأَنَّهُ يُمْكِنُهُ الِاسْتِمْرَارُ بِوَضْعِ شَيْءٍ يَسْتُرُ عَوْرَتَهُ فَافْتَرَقَا، أَمَّا لَوْ صَلَّى الْكُسُوفَ كَسُنَّةِ الصُّبْحِ صَحَّ الِاقْتِدَاءُ بِهَا مُطْلَقًا.

وَلَوْ وَجَدَ مُصَلِّيًا جَالِسًا وَشَكَّ أَهُوَ فِي التَّشَهُّدِ أَوْ الْقِيَامِ لِعَجْزِهِ فَهَلْ لَهُ أَنْ يَقْتَدِيَ بِهِ أَوْ لَا، وَكَذَا لَوْ رَآهُ فِي وَقْتِ الْكُسُوفِ وَشَكَّ فِي أَنَّهُ كُسُوفٌ أَوْ غَيْرُهُ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَابْنُ الْعِمَادِ: الْمُتَّجَهُ عَدَمُ الصِّحَّةِ، لِأَنَّ الْمَأْمُومَ بَعْدَ الْإِحْرَامِ لَا يَعْلَمُ هَلْ وَاجِبُهُ الْجُلُوسُ أَوْ الْقِيَامُ، فَإِنْ تَرَجَّحَ عِنْدَهُ أَحَدُ الِاحْتِمَالَيْنِ كَأَنْ رَآهُ يُصَلِّي مُفْتَرِشًا أَوْ مُتَوَرِّكًا فَلَهُ أَنْ يُحْرِمَ مَعَهُ وَيَجْلِسَ، هَذَا إنْ كَانَ فَقِيهًا، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَقِيهًا لَا يَعْرِفُ هَيْئَاتِ الْجِلْسَاتِ فَكَمَا لَوْ لَمْ يَغْلِبْ عَلَى ظَنِّهِ شَيْءٌ وَيَصِحُّ الْفَرْضُ خَلْفَ صَلَاةِ التَّسْبِيحِ كَمَا جَزَمَ بِهِ بَعْضُهُمْ، وَنُقِلَ عَنْ الْكِفَايَةِ: وَلَا تَجِبُ الْمُفَارَقَةُ فِي الِاعْتِدَالِ بَلْ يَجِبُ انْتِظَارُهُ فِي السُّجُودِ فِيمَا يَظْهَرُ، وَعُلِمَ مِنْ كَلَامِهِ فِيمَا مَرَّ فِي سُجُودِ السَّهْوِ وَالتِّلَاوَةِ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ أَيْضًا لِصِحَّةِ الِاقْتِدَاءِ بِهِ مُوَافَقَةُ الْإِمَامِ فِي سُنَنٍ تَفْحُشُ الْمُخَالَفَةُ فِيهَا فِعْلًا وَتَرْكًا كَسَجْدَةِ تِلَاوَةٍ وَسُجُودِ سَهْوٍ وَتَشَهُّدٍ أَوَّلٍ وَقِيَامٍ مِنْهُ، فَإِنْ خَالَفَهُ فِيهَا عَامِدًا عَالِمًا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ عَلَى مَا مَرَّ. نَعَمْ لَا يَضُرُّ تَخَلُّفٌ لِإِتْمَامِهِ بِشَرْطِهِ الْآتِي فِي شَرْحِ قَوْلِهِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ عُذْرٌ بِخِلَافِ نَحْوِ جِلْسَةِ الِاسْتِرَاحَةِ.

ــ

[حاشية الشبراملسي]

الْبُلْقِينِيُّ اهـ.

لَكِنَّ قَضِيَّةَ قَوْلِ الشَّارِحِ بَعْدُ وَالْأَوْجُهُ إلَخْ خِلَافُهُ (قَوْلُهُ: صَحَّ الِاقْتِدَاءُ بِهَا مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى أَوْ غَيْرِهَا.

(قَوْلُهُ: الْمُتَّجَهُ عَدَمُ الصِّحَّةِ) مُعْتَمَدٌ.

(قَوْلُهُ: فَلَهُ أَنْ يُحْرِمَ مَعَهُ) أَيْ فَلَوْ تَبَيَّنَ خِلَافَ ظَنِّهِ فَالظَّاهِرُ تَبَيُّنُ صِحَّةِ الصَّلَاةِ كَمَا فِي فَتَاوَى وَالِدِ الشَّارِحِ (قَوْلُهُ فَكَمَا لَوْ لَمْ يَغْلِبْ إلَخْ) أَيْ فَيَمْتَنِعُ الِاقْتِدَاءُ بِهِ (قَوْلُهُ: بَلْ يَجِبُ انْتِظَارُهُ فِي السُّجُودِ) أَيْ إنْ لَمْ يَنْوِ الْمُفَارَقَةَ كَمَا مَرَّ نَظِيرُهُ فِيمَا لَوْ اقْتَدِي بِمَنْ يَرَى تَطْوِيلَ الِاعْتِدَالِ، وَمَحَلُّ ذَلِكَ إنْ لَزِمَ مِنْ مُوَافَقَتِهِ تَطْوِيلٌ لِاعْتِدَالِ الْمَأْمُومِ. أَمَّا لَوْ لَمْ يَلْزَمْ عَلَيْهِ ذَلِكَ كَأَنْ اشْتَغَلَ الْإِمَامُ بِالتَّسْبِيحِ عَقِبَ الرَّفْعِ مِنْ الرُّكُوعِ وَلَمْ يَزِدْ زَمَنُهُ عَلَى زَمَنِ دُعَاءِ الْمَأْمُومِ فِي الِاعْتِدَالِ لَمْ تَضُرَّ مُوَافَقَتُهُ. .

ــ

[حاشية الرشيدي]

إلَى عِبَارَةِ التُّحْفَةِ الْمَارَّةِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ يُمْكِنُهُ الِاسْتِمْرَارُ) هَذَا فِي الْحَقِيقَةِ هُوَ مَحَلُّ الْفَرْقِ (قَوْلُهُ: يُصَلِّي مُفْتَرِشًا) الْأَصْوَبُ حَذْفُهُ (قَوْلُهُ: هَذَا إنْ كَانَ فَقِيهًا) أَيْ الْمَأْمُومُ كَمَا هُوَ مُتَبَادَرٌ وَيَصِحُّ رُجُوعُهُ إلَى الْإِمَامِ، وَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ هَذَا الْقَيْدِ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا، أَمَّا الْإِمَامُ فَلِأَنَّهُ لَا يُسْتَدَلُّ بِأَفْعَالِهِ إلَّا إذَا كَانَ كَذَلِكَ، وَأَمَّا الْمَأْمُومُ فَلِأَنَّهُ لَا يَسْتَدِلُّ بِمَا ذَكَرَ إلَّا إذَا كَانَ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ: بَلْ يَجِبُ انْتِظَارُهُ فِي السُّجُودِ) أَيْ إنْ أَرَادَ الِاسْتِمْرَارَ مَعَهُ وَإِلَّا فَمَعْلُومٌ أَنَّ لَهُ الْمُفَارَقَةَ (قَوْلُهُ: الْآتِي فِي شَرْحِ قَوْلِهِ إلَخْ) هُوَ تَابِعٌ فِي هَذَا لِلشِّهَابِ حَجّ لَكِنْ لَيْسَ فِي كَلَامِهِ ثَمَّ شَرْطٌ، وَعِبَارَةُ الشِّهَابِ الْمَذْكُورُ هُنَاكَ: أَوْ لِإِتْمَامِ التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ إذَا قَامَ إمَامُهُ وَهُوَ فِي أَثْنَائِهِ انْتَهَتْ.

وَمُرَادُهُ بِالشَّرْطِ الَّذِي عَبَّرَ عَنْهُ هُوَ هُنَا بِالْقَيْدِ قَوْلُهُ: إذَا قَامَ إمَامُهُ وَهُوَ فِي أَثْنَائِهِ: أَيْ بَعْدَ أَنْ فَعَلَهُ الْإِمَامُ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ وَأَفْصَحَ عَنْهُ الشِّهَابُ سم فِي حَاشِيَتِهِ عَلَيْهِ فِيمَا يَأْتِي، وَهَذَا التَّفْسِيرُ هُوَ الشَّرْطُ فِي الْحَقِيقَةِ، وَإِلَّا فَقَوْلُهُ: إذَا قَامَ إمَامُهُ وَهُوَ فِي أَثْنَائِهِ صَادِقٌ بِمَا إذَا لَمْ يَأْتِ بِهِ، مَعَ أَنَّهُ تَبْطُلُ صَلَاةُ الْمَأْمُومِ بِمُجَرَّدِ التَّخَلُّفِ حِينَئِذٍ كَمَا مَرَّ لِفُحْشِ الْمُخَالَفَةِ.

وَاعْلَمْ أَنَّ الْكَلَامَ هُنَا فِي كَوْنِ التَّخَلُّفِ حِينَئِذٍ مُبْطِلًا أَوْ غَيْرَ مُبْطِلٍ، وَلَا خِلَافَ فِيهِ بَيْنَ الشَّارِحِ وَالشِّهَابِ الْمَذْكُورِ، وَفِيمَا يَأْتِي فِي كَوْنِهِ: يُعْذَرُ بِهَذَا التَّخَلُّفِ حَتَّى يُغْتَفَرَ لَهُ ثَلَاثَةُ أَرْكَانٍ طَوِيلَةٍ أَوْ لَا يُعْذَرُ بِهِ، فَعِنْدَ الشَّارِحِ يُعْذَرُ كَمَا يَأْتِي وَعِنْدَ الشِّهَابِ الْمَذْكُورِ لَا فَتَنَبَّهْ لِذَلِكَ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ نَحْوِ جِلْسَةِ الِاسْتِرَاحَةِ) مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ تَفْحُشُ الْمُخَالَفَةُ فِيهَا.

ص: 219