الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قَبْلَ رَأْسِ الْإِمَامِ أَنْ يُحَوِّلَ اللَّهُ رَأْسَهُ رَأْسَ حِمَارٍ» وَيُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ السَّبْقَ بِبَعْضِ رُكْنٍ كَأَنْ رَكَعَ قَبْلَ الْإِمَامِ وَلَحِقَهُ الْإِمَامُ فِي الرُّكُوعِ أَنَّهُ كَالسَّبْقِ بِرُكْنٍ وَهُوَ كَذَلِكَ كَمَا جَرَى عَلَيْهِ الشَّيْخُ (وَقِيلَ تَبْطُلُ بِرُكْنٍ) تَامٍّ فِي الْعَمْدِ وَالْعِلْمِ لِمُنَاقَضَتِهِ الِاقْتِدَاءَ، بِخِلَافِ التَّخَلُّفِ إذْ لَا يَظْهَرُ فِيهِ فُحْشُ مُخَالَفَةٍ.
فَصْلٌ فِي زَوَالِ الْقُدْوَةِ وَإِيجَادِهَا وَإِدْرَاكِ الْمَسْبُوقِ الرَّكْعَةَ وَأَوَّلِ صَلَاتِهِ وَمَا يَتْبَعُ ذَلِكَ إذَا (خَرَجَ الْإِمَامُ مِنْ صَلَاتِهِ) بِحَدَثٍ أَوْ غَيْرِهِ (انْقَطَعَتْ الْقُدْوَةُ) بِهِ لِزَوَالِ الرَّابِطَةِ فَيَسْجُدُ لِسَهْوِ نَفْسِهِ وَيَقْتَدِي بِغَيْرِهِ وَغَيْرُهُ بِهِ وَالْأَوْجَهُ أَنَّهُ لَوْ تَأَخَّرَ الْإِمَامُ عَنْ بَعْضِ الْمَأْمُومِينَ تَأَخُّرًا غَيْرَ مُغْتَفَرٍ مَعَ الْقُدْوَةِ كَانَ قَاطِعًا لَهَا لِقِصَّةِ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
بِرُكْنٍ كَأَنْ رَكَعَ وَاعْتَدَلَ وَالْإِمَامُ قَائِمٌ لَمْ يَرْكَعْ حُرِّمَ عَلَيْهِ، وَلَا يَبْعُدُ أَنْ يُحْمَلَ الْحَدِيثُ عَلَى هَذِهِ الْحَالَةِ وَتَكُونَ هَذِهِ الْمَعْصِيَةُ كَبِيرَةً أَوْ بِرُكْنَيْنِ، كَأَنْ هَوَى إلَى السُّجُودِ وَالْإِمَامُ لَمْ يَرْكَعْ وَكَأَنْ رَكَعَ وَاعْتَدَلَ وَالْإِمَامُ لَمْ يَرْكَعْ، فَلَمَّا أَرَادَ الْإِمَامُ الِاعْتِدَالَ هَوَى الْمَأْمُومُ لِلسُّجُودِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ، وَيَكُونُ فِعْلُ ذَلِكَ وَتَسْمِيَتُهُ كَبِيرَةً ظَاهِرًا اهـ بِحُرُوفِهِ.
أَقُولُ: وَقَوْلُهُ وَمَذْهَبُنَا أَنَّ مُجَرَّدَ رَفْعِ الرَّأْسِ إلَخْ لَا يُنَافَى كَوْنَ السَّبْقِ بِبَعْضِ الرُّكْنِ حَرَامًا، لِأَنَّهُ لَا يَتَحَقَّقُ السَّبْقُ بِبَعْضِ الرُّكْنِ إلَّا بِانْتِقَالِهِ مِنْ الْقِيَامِ مَثَلًا إلَى مُسَمَّى الرُّكُوعِ أَوْ السُّجُودِ، وَالْهُوِيُّ مِنْ الْقِيَامِ وَسِيلَةٌ إلَى الرُّكُوعِ أَوْ السُّجُودِ وَالرَّفْعُ مِنْ السُّجُودِ وَسِيلَةٌ إلَى الْقِيَامِ أَوْ الْجُلُوسِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ فَلَمْ يَصْدُقْ عَلَيْهِ أَنَّهُ سَبَقَ بِرُكْنٍ وَلَا بِبَعْضِهِ.
فَصْلٌ فِي زَوَالِ الْقُدْوَةِ
(قَوْلُهُ: وَمَا يَتْبَعُ ذَلِكَ) أَيْ كَقِيَامِ الْمَسْبُوقِ بَعْدَ سَلَامِ إمَامِهِ مُكَبِّرًا أَوْ غَيْرَ مُكَبِّرٍ.
(قَوْلُهُ: بِحَدَثٍ) وَمِنْهُ الْمَوْتُ.
(قَوْلُهُ: انْقَطَعَتْ الْقُدْوَةُ) أَيْ وَمَعَ ذَلِكَ تَجِبُ نِيَّةُ الْمُفَارَقَةِ إزَالَةً لِلْقُدْوَةِ الصُّورِيَّةِ، وَعِبَارَةُ شَيْخِنَا الزِّيَادِيِّ قَوْلُهُ إلَّا لِعُذْرٍ وَمِنْ الْعُذْرِ مَا يُوجِبُ الْمُفَارَقَةَ: أَيْ بِالنِّيَّةِ لِوُجُودِ الْمُتَابَعَةِ الصُّورِيَّةِ كَمَنْ وَقَعَ عَلَى ثَوْبِ إمَامِهِ نَجَسٌ لَا يُعْفَى عَنْهُ أَوْ انْقَضَتْ مُدَّةُ الْخُفِّ وَالْمُقْتَدَى يَعْلَمُ ذَلِكَ اهـ.
وَيُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ لِوُجُودِ الْمُتَابَعَةِ الصُّورِيَّةِ أَنَّ مَحَلَّ وُجُوبِ النِّيَّةِ حَيْثُ بَقِيَ الْإِمَامُ عَلَى صُورَةِ الْمُصَلِّينَ أَمَّا لَوْ تَرَكَ الصَّلَاةَ وَانْصَرَفَ أَوْ جَلَسَ مَثَلًا عَلَى غَيْرِ هَيْئَةِ الْمُصَلِّينَ لَمْ يَحْتَجْ لِنِيَّةِ الْمُفَارَقَةِ وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَبِهِ صَرَّحَ حَجّ حَيْثُ قَالَ: وَقَدْ تَجِبُ الْمُفَارَقَةُ إنْ عَرَضَ مُبْطِلٌ لِصَلَاةِ إمَامِهِ وَقَدْ عَلِمَهُ فَيَلْزَمُهُ نِيَّتُهَا فَوْرًا وَإِلَّا بَطَلَتْ وَإِنْ لَمْ يُتَابِعْهُ اتِّفَاقًا كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ، وَيُوَجَّهُ بِأَنَّ الْمُتَابَعَةَ الصُّورِيَّةَ مَوْجُودَةٌ فَلَا بُدَّ مِنْ قَطْعِهَا وَهُوَ مُتَوَقِّفٌ عَلَى نِيَّتِهِ، وَحِينَئِذٍ فَلَوْ اسْتَدْبَرَ الْإِمَامُ أَوْ تَأَخَّرَ عَنْ الْمَأْمُومِ اتَّجَهَ عَدَمُ وُجُوبِهَا لِزَوَالِ الصُّورَةِ اهـ.
وَيُسْتَفَادُ ذَلِكَ مِنْ قَوْلِ الشَّارِحِ الْآتِي: وَقَدْ تَجِبُ الْمُفَارَقَةُ كَأَنْ رَأَى إمَامَهُ مُتَلَبِّسًا بِمَا يُبْطِلُ الصَّلَاةَ. وَكَتَبَ الشَّيْخُ عَمِيرَةُ عَلَى قَوْلِ الْمَتْنِ انْقَطَعَتْ الْقُدْوَةُ: أَيْ وَلَا يُقَالُ إنَّ الْمَأْمُومَ بَاقٍ فِيهَا حُكْمًا فَلَهُ أَنْ يَقْتَدِيَ بِغَيْرِهِ وَيَقْتَدِيَ غَيْرُهُ بِهِ وَيَسْجُدَ لِسَهْوِهِ أَيْضًا كَذَا فِي الْإِسْنَوِيِّ، وَهَلْ يَسْجُدُ لِسَهْوِهِ الْحَاصِلِ قَبْلَ خُرُوجِ الْإِمَامِ؟ الظَّاهِرُ خِلَافُهُ اهـ: أَيْ لِأَنَّ الْإِمَامَ تَحَمَّلَهُ عَنْهُ. وَأَمَّا لَوْ سَهَا الْإِمَامُ قَبْلَ اقْتِدَاءِ الْمَأْمُومِ بِهِ فَلَا يَسْقُطُ السُّجُودُ عَنْ الْمَأْمُومِ إذَا بَطَلَتْ صَلَاةُ الْإِمَامِ لِمَا لَحِقَ الْمَأْمُومَ مِنْ الْخَلَلِ بِمُجَرَّدِ اقْتِدَائِهِ بِالْإِمَامِ (قَوْلُهُ: تَأَخُّرًا غَيْرُ مُغْتَفِرٍ) أَيْ بِأَنْ تَأَخَّرَ عَقِبَ الْإِمَامِ عَنْ عَقِبِ
ــ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: (وَيُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ) أَيْ مِنْ الْحَدِيثِ.
[فَصْلٌ فِي زَوَالِ الْقُدْوَةِ وَإِيجَادِهَا وَإِدْرَاكِ الْمَسْبُوقِ الرَّكْعَةَ وَمَا يَتْبَعُ ذَلِكَ]
فَصْلٌ فِي زَوَالِ الْقُدْوَةِ وَإِيجَادِهَا (قَوْلُهُ: غَيْرُ مُغْتَفَرٍ) لَا حَاجَةَ إلَيْهِ؛ لِأَنَّ تَأَخُّرَ الْإِمَامِ عَنْ الْمَأْمُومِ لَا يَكُونُ إلَّا غَيْرَ مُغْتَفَرٍ، وَقَدْ يُقَالُ احْتَرَزَ بِهِ
أَبِي بَكْرٍ رضي الله عنه، لَكِنْ بِالنِّسْبَةِ لِمَنْ تَأَخَّرَ عَنْهُ لَا لِمَنْ لَمْ يَتَأَخَّرْ عَنْهُ (فَإِنْ)(لَمْ يَخْرُجْ) أَيْ الْإِمَامُ (وَقَطَعَهَا الْمَأْمُومُ) بِنِيَّةِ الْمُفَارَقَةِ (جَازَ) مَعَ الْكَرَاهَةِ حَيْثُ لَا عُذْرَ لَهُ لِمَا فِيهِ مِنْ مُفَارَقَةِ الْجَمَاعَةِ الْمَطْلُوبَةِ وُجُوبًا أَوْ نَدْبًا مُؤَكَّدًا، بِخِلَافِ مُفَارَقَتِهِ بِعُذْرٍ فَلَا تُكْرَهُ، وَصَلَاتُهُ صَحِيحَةٌ فِي الْحَالَيْنِ؛ لِأَنَّهَا إمَّا سُنَّةٌ عَلَى قَوْلٍ وَالسُّنَنُ لَا تَلْزَمُ بِالشُّرُوعِ فِيهَا إلَّا فِي الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ أَوْ فَرْضُ كِفَايَةٍ عَلَى الرَّاجِحِ، فَكَذَلِكَ إلَّا فِي الْجِهَادِ وَصَلَاةِ الْجِنَازَةِ وَالْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ، وَلِأَنَّ الْفِرْقَةَ الْأُولَى فَارَقَتْهُ صلى الله عليه وسلم فِي ذَاتِ الرِّقَاعِ كَمَا سَيَأْتِي وَلِخَبَرِ مُعَاذٍ «أَنَّهُ صَلَّى بِأَصْحَابِهِ الْعِشَاءَ فَطَوَّلَ عَلَيْهِمْ، فَانْصَرَفَ رَجُلٌ فَصَلَّى ثُمَّ أَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَأَخْبَرَهُ بِالْقِصَّةِ، فَغَضِبَ وَأَنْكَرَ عَلَى مُعَاذٍ وَلَمْ يُنْكِرْ عَلَى الرَّجُلِ وَلَمْ يَأْمُرْهُ بِالْإِعَادَةِ» . قَالَ الْمُصَنِّفُ: كَذَا اسْتَدَلُّوا بِهِ وَهُوَ اسْتِدْلَالٌ ضَعِيفٌ، إذْ لَيْسَ فِي الْخَبَرِ أَنَّهُ فَارَقَهُ وَبَنَى بَلْ فِي رِوَايَةٍ أَنَّهُ سَلَّمَ ثُمَّ اسْتَأْنَفَهَا، فَهُوَ إنَّمَا يَدُلُّ عَلَى جَوَازِ الْإِبْطَالِ لِعُذْرٍ. وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْبَيْهَقِيَّ قَالَ: إنَّ هَذِهِ رِوَايَةٌ شَاذَّةٌ انْفَرَدَ بِهَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبَّادٍ عَنْ سُفْيَانَ وَلَمْ يَذْكُرْهَا أَكْثَرُ أَصْحَابِ سُفْيَانَ، وَبِتَقْدِيرِ عَدَمِ الشُّذُوذِ أُجِيبَ بِأَنَّ الْخَبَرَ يَدُلُّ عَلَى الْمُدَّعَى أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ إذَا دَلَّ عَلَى جَوَازِ إبْطَالِ أَصْلِ الْعِبَادَةِ فَعَلَى إبْطَالِ صِفَتِهَا أَوْلَى.
وَاخْتُلِفَ فِي أَيِّ الصَّلَاةِ كَانَتْ هَذِهِ الْقَضِيَّةُ، فَفِي رِوَايَةِ النَّسَائِيّ وَأَبِي دَاوُد أَنَّهَا فِي الْمَغْرِبِ، وَفِي رِوَايَةِ الصَّحِيحَيْنِ وَغَيْرِهِمَا " أَنَّ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
الْمَأْمُومِ مَثَلًا.
(قَوْلُهُ: إلَّا فِي الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ) أَيْ حَجِّ الصَّبِيِّ وَالرَّقِيقِ فَإِنَّهُمَا مِنْهُمَا سُنَّةٌ لَا فَرْضُ كِفَايَةٍ وَمَعَ ذَلِكَ يَحْرُمُ قَطْعُهُمَا، بِمَعْنَى أَنَّ الْوَلِيَّ يَحْرُمُ عَلَيْهِ تَمْكِينُ الصَّبِيِّ مِنْ الْقَطْعِ. أَمَّا الرَّقِيقُ فَالْحُرْمَةُ مُتَعَلِّقَةٌ بِهِ نَفْسِهِ لِتَكْلِيفِهِ، وَظَاهِرُ اقْتِصَارِهِ عَلَى اسْتِثْنَاءِ هَذَيْنِ أَنَّ الصَّبِيَّ إذَا صَلَّى عَلَى جِنَازَةٍ أَوْ حَضَرَ الصَّفَّ كَانَ لَهُ قَطْعُهُمَا وَهُوَ ظَاهِرٌ لِعَدَمِ تَكْلِيفِهِ. وَلَوْ قِيلَ يَجِبُ عَلَى وَلِيِّ الصَّبِيِّ مَنْعُهُ مِنْ إبْطَالِ صَلَاةِ الْجِنَازَةِ لِسُقُوطِ الْفَرْضِ بِهِ كَالْبَالِغِ وَلِمَا فِيهِ مِنْ الْإِزْرَاءِ بِالْمَيِّتِ لَمْ يَكُنْ بَعِيدًا.
(قَوْلُهُ: إلَّا فِي الْجِهَادِ وَصَلَاةِ الْجِنَازَةِ) أَيْ وَإِنْ تَأَدَّى الْفَرْضُ بِغَيْرِهِ كَأَنْ صَلَّى عَلَيْهِ مَنْ يَسْقُطُ الْفَرْضُ بِهِ ثُمَّ صَلَّى عَلَيْهِ غَيْرُهُ فَيَحْرُمُ عَلَيْهِ قَطْعُهَا لِأَنَّهَا تَقَعُ فَرْضًا وَإِنْ تَعَدَّدَ الْفَاعِلُونَ وَتَرَتَّبُوا. وَأَمَّا لَوْ أَعَادَهَا شَخْصٌ بَعْدَ صَلَاتِهِ عَلَيْهِ أَوَّلًا فَيَقَعُ لَهُ نَفْلًا، وَعَلَيْهِ فَهَلْ يَحْرُمُ عَلَيْهِ قَطْعُهَا قِيَاسًا عَلَى الْمَكْتُوبَةِ الْمُعَادَةِ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ. وَالظَّاهِرُ الْجَوَازُ وَيُفَرَّقُ بِأَنَّ الْمَكْتُوبَةَ الْمُعَادَةَ قِيلَ إنَّهَا الْفَرْضُ، وَقِيلَ الْفَرْضُ وَاحِدَةٌ يَحْتَسِبُ اللَّهُ مَا شَاءَ مِنْهُمَا، وَقِيلَ الْفَرْضُ أَكْمَلُ الصَّلَاتَيْنِ بِخِلَافِ هَذِهِ، فَإِنَّهُ لَا خِلَافَ فِي كَوْنِهَا نَفْلًا، عَلَى أَنَّ إعَادَةَ الْجِنَازَةِ غَيْرُ مَطْلُوبَةٍ فَكَانَ الْقِيَاسُ عَدَمَ انْعِقَادِهَا، إلَّا أَنَّهُ جَوَّزَ ذَلِكَ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهَا الدُّعَاءُ، ثُمَّ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي حُرْمَةِ قَطْعِ صَلَاةِ الْجِنَازَةِ بَيْنَ كَوْنِهَا عَلَى حَاضِرٍ أَوْ غَائِبٍ أَوْ قَبْرٍ وَهُوَ ظَاهِرٌ لِمَا فِي الْقَطْعِ مِنْ الْإِزْرَاءِ بِالْمَيِّتِ فِي الْجُمْلَةِ.
[فَائِدَةٌ اسْتِطْرَادِيَّةٌ] قَالَ سم عَلَى شَرْحِ الْبَهْجَةِ فِي الْجَنَائِزِ: قَوْلُهُ وَلَا عَلَى قَبْرِ النَّبِيِّ أَحْمَدَ إلَخْ، لَا يَبْعُدُ أَنَّ مَحَلَّهُ إذَا دُفِنَ بَعْدَ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ وَإِلَّا فَيَجُوزُ بَلْ يَجِبُ عَلَى الْقَبْرِ م ر اهـ. وَظَاهِرُهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْمُصَلِّي مِنْ أَهْلِ الْفَرْضِ إذْ ذَاكَ وَيُوَجَّهُ بِأَنَّهُ مُخَاطَبٌ بِفِعْلِهَا الْآنَ تَنْزِيلًا لِهَذِهِ الْحَالَةِ مَنْزِلَةَ مَا لَوْ كَانَ بَاقِيًا لَمْ يُدْفَنْ.
(قَوْلُهُ: وَلِخَبَرِ مُعَاذٍ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ لِأَنَّهَا إمَّا سُنَّةٌ إلَخْ، وَقَوْلُهُ إنَّهُ صَلَّى بِأَصْحَابِهِ الْعِشَاءَ هَذِهِ لِرِوَايَةِ أَحْمَدَ الْآتِيَةِ.
(قَوْلُهُ: فَانْصَرَفَ) أَيْ فَارَقَ وَأَتَمَّ لِنَفْسِهِ لِقَوْلِهِ بَعْدُ: وَلَمْ يَأْمُرْهُ بِالْإِعَادَةِ.
(قَوْلُهُ: بَلْ فِي رِوَايَةٍ أَنَّهُ سَلَّمَ) هَذِهِ الرِّوَايَةُ لَا تُوَافِقُ مَا هُوَ الْمُقَرَّرُ عِنْدَنَا مِنْ أَنَّ السَّلَامَ قَبْلَ فَرَاغِ الصَّلَاةِ مُمْتَنِعٌ، فَلَعَلَّهُ لَمْ يَأْتِ بِهِ عَلَى قَصْدِ الْخُرُوجِ مِنْ الصَّلَاةِ، بَلْ بَعْدَ أَنْ نَوَى الْخُرُوجَ سَلَّمَ عَلَى الْقَوْمِ لِانْصِرَافِهِ عَنْهُمْ.
(قَوْلُهُ: وَاخْتُلِفَ فِي أَيِّ الصَّلَاةِ كَانَتْ) أَيُّ الِاسْتِفْهَامِيَّة إذَا
ــ
[حاشية الرشيدي]
عَمَّا لَوْ تَأَخَّرَ عَنْ أَصَابِعِ الْمَأْمُومِ دُونَ عَقِبِهِ بِأَنْ كَانَتْ قَدَمُهُ صَغِيرَةً دُونَ قَدَمِ الْمَأْمُومِ أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مُفَارَقَتِهِ بِعُذْرٍ) أَيْ مِنْ الْأَعْذَارِ الْمُشَارِ إلَيْهَا فِيمَا يَأْتِي فِي الْمَتْنِ وَإِنْ كَانَتْ مَذْكُورَةً فِيهِ فِي حَيِّزِ الْقَدِيمِ (قَوْلُهُ: وَفِي رِوَايَةِ الصَّحِيحَيْنِ وَغَيْرِهِمَا) الْمُنَاسِبُ تَأْخِيرُ هَذِهِ عَنْ رِوَايَةِ أَحْمَدَ؛ لِأَنَّهُ بِصَدَدِ بَيَانِ الصَّلَاةِ الَّتِي وَقَعَ فِيهَا مَا ذَكَرَ، وَرِوَايَةُ
مُعَاذًا افْتَتَحَ بِسُورَةِ الْبَقَرَةِ " وَفِي رِوَايَةٍ لِأَحْمَدَ أَنَّهَا فِي الْعِشَاءِ فَقَرَأَ {اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ} [القمر: 1] قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ فَيُجْمَعُ بَيْنَ الرِّوَايَاتِ بِحَمْلِ ذَلِكَ عَلَى أَنَّهُمَا قَضِيَّتَانِ، وَلَكِنَّ ذَلِكَ كَانَ فِي لَيْلَةٍ وَاحِدَةٍ، فَإِنَّ مُعَاذًا لَا يَفْعَلُهُ بَعْدَ النَّهْيِ وَيَبْعُدُ أَنَّهُ نَسِيَهُ، وَجَمَعَ بَعْضُهُمْ بَيْنَ رِوَايَتَيْ الْبَقَرَةِ وَاقْتَرَبَتْ بِأَنَّهُ قَرَأَ بِهَذِهِ فِي رَكْعَةٍ وَبِهَذِهِ فِي أُخْرَى.
(وَفِي قَوْلٍ) قَدِيمٍ (لَا يَجُوزُ) إخْرَاجُ نَفْسِهِ مِنْ الْجَمَاعَةِ لِالْتِزَامِهِ الْقُدْوَةَ فِي جَمِيعِ صَلَاتِهِ وَفِيهِ إبْطَالٌ لِلْعَمَلِ، وَقَدْ قَالَ تَعَالَى {وَلا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ} [محمد: 33] (إلَّا بِعُذْرٍ) فَتَبْطُلُ صَلَاتُهُ بِدُونِهِ، وَضَابِطُ الْعُذْرِ كَمَا قَالَهُ الْإِمَامُ مَا (يُرَخِّصُ فِي تَرْكِ الْجَمَاعَةِ) ابْتِدَاءً وَيَلْحَقُ بِهِ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ (وَمِنْ الْعُذْرِ تَطْوِيلُ الْإِمَامِ) الْقِرَاءَةَ أَوْ غَيْرَهَا كَمَا لَا يَخْفَى، وَتَعْبِيرُهُمْ بِالْقِرَاءَةِ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ، وَمَحَلُّ ذَلِكَ حَيْثُ لَمْ يَصْبِرْ الْمَأْمُومُ عَلَيْهِ لِضَعْفٍ أَوْ شُغْلٍ وَإِنْ كَانَ خَفِيفًا بِأَنْ يَذْهَبَ خُشُوعُهُ فِيمَا يَظْهَرُ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ عَدَمُ الْفَرْقِ بَيْنَ مَحْصُورِينَ رَضُوا بِالتَّطْوِيلِ وَلَوْ فِي مَسْجِدٍ غَيْرِ مَطْرُوقٍ وَغَيْرِهِمْ، وَهُوَ ظَاهِرٌ عِنْدَ وُجُودِ الْمَشَقَّةِ الْمَذْكُورَةِ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ الرَّجُلَ الَّذِي قَطَعَ الْقُدْوَةَ فِي خَبَرِ مُعَاذٍ الْمَارِّ كَانَ شَكَا الْعَمَلَ فِي حَرْثِهِ الْمُوجِبَ لِضَعْفِهِ عَنْ احْتِمَالِ التَّطْوِيلِ، فَانْدَفَعَ مَا قِيلَ لَيْسَ فِيهَا غَيْرُ مُجَرَّدِ التَّطْوِيلِ وَهُوَ غَيْرُ عُذْرٍ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يَثْبُتَ أَنَّهُمَا شَخْصَانِ وَأَنَّ فِي رِوَايَةٍ شِكَايَةُ مُجَرَّدِ التَّطْوِيلِ فَيَتَّضِحُ ذَلِكَ حِينَئِذٍ (أَوْ تَرْكُهُ سُنَّةً مَقْصُودَةً كَتَشَهُّدٍ) أَوَّلٍ أَوْ قُنُوتٍ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
دَخَلَتْ عَلَى مُعَرَّفٍ بِاللَّامِ أَوْ غَيْرِهَا، كَالْعَلَمِيَّةِ كَانَتْ اسْتِفْهَامًا عَنْ الْأَجْزَاءِ، وَإِذَا دَخَلَتْ عَلَى مُنْكَرٍ كَانَتْ اسْتِفْهَامًا عَنْ الْأَفْرَادِ، فَإِذَا قِيلَ: أَيٌّ زَيْدٍ أَوْ الرَّجُلِ أَحْسَنُ كَانَ الْجَوَابُ وَجْهُهُ مَثَلًا، وَإِذَا قِيلَ: أَيُّ رَجُلٍ مِنْ هَؤُلَاءِ أَحْسَنُ؟ قِيلَ زَيْدٌ أَوْ عَمْرٌو، فَقَوْلُهُ هُنَا فِي أَيِّ الصَّلَاةِ مَعْنَاهُ: فِي أَيِّ جُزْءٍ مِنْ أَجْزَاءِ الصَّلَاةِ أَهُوَ الرُّكُوعُ أَوْ غَيْرُهُ؟ وَإِذَا قِيلَ فِي أَيِّ صَلَاةٍ كَانَ مَعْنَاهُ فِي الْمَغْرِبِ أَوْ غَيْرِهَا. اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُجَابَ بِأَنَّ فِي الْكَلَامِ مُضَافًا مَحْذُوفًا: أَيْ أَيُّ أَفْرَادِ الصَّلَاةِ، أَوْ أَنَّ أَلْ لِلْجِنْسِ وَهُوَ يُسَاوِقُ النَّكِرَةَ وَإِنْ اخْتَلَفَ مَفْهُومُهُمَا.
(قَوْلُهُ: وَجَمَعَ بَعْضُهُمْ بَيْنَ رِوَايَتَيْ الْبَقَرَةِ) أَيْ بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا قَضِيَّةٌ وَاحِدَةٌ
(قَوْلُهُ: يُرَخَّصُ فِي تَرْكِ الْجَمَاعَةِ ابْتِدَاءً) وَقَضِيَّتُهُ أَنَّ مَا أُلْحِقَ هُنَا بِالْعُذْرِ كَالتَّطْوِيلِ وَتَرْكِ السُّنَّةِ الْمَقْصُودَةِ لَا يُرَخَّصُ فِي التَّرْكِ ابْتِدَاءً. قَالَ م ر: وَهُوَ الظَّاهِرُ فَيَدْخُلُ فِي الْجَمَاعَةِ، ثُمَّ إذَا حَصَلَ ذَلِكَ فَارَقَ إنْ أَرَادَ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ. وَفِي حَاشِيَةِ شَيْخِ شَيْخِنَا الْحَلَبِيِّ بَعْدَ مِثْلِ مَا ذُكِرَ، وَلَا يَبْعُدُ أَنْ يَكُونَ التَّطْوِيلُ مِنْ الْمُرَخَّصِ ابْتِدَاءً حَيْثُ عُلِمَ مِنْهُ ذَلِكَ اهـ. وَعَلَى هَذَا لَوْ كَانَ مِنْ عَادَةِ الْإِمَامِ التَّطْوِيلُ الْمُؤَدِّي لِذَلِكَ مَنَعَهُ الْإِمَامُ مِنْهُ لِمَا فِيهِ مِنْ إضْرَارِ الْمُقْتَدِينَ بِهِ وَتَفْوِيتِ الْجَمَاعَةِ عَلَيْهِمْ، ثُمَّ مَا ذُكِرَ مِنْ أَنَّ الْمُرَخِّصَ فِي تَرْكِ الْجَمَاعَةِ ابْتِدَاءً يُرَخِّصُ فِي الْخُرُوجِ مِنْهَا يَقْتَضِي أَنَّ مَنْ أَكَلَ ذَا رِيحٍ كَرِيهٍ ثُمَّ اقْتَدَى بِالْإِمَامِ أَنَّهُ يَجُوزُ لَهُ قَطْعُ الْقُدْوَةِ وَلَا تَفُوتُهُ فَضِيلَةُ الْجَمَاعَةِ، وَاَلَّذِي يَنْبَغِي أَنَّ هَذَا وَنَحْوَهُ إنْ حَصَلَ بِخُرُوجِهِمْ عَنْ الْجَمَاعَةِ دَفْعُ ضَرَرٍ عَنْ الْحَاضِرِينَ أَوْ عَنْ الْمُصَلِّي نَفْسِهِ كَأَنْ حَصَلَ لَهُ ضَرَرٌ بِشِدَّةِ حَرٍّ أَوْ بَرْدٍ وَكَانَ يَزُولُ بِخُرُوجِهِ مِنْ الْجَمَاعَةِ وَتَتْمِيمِهِ لِنَفْسِهِ قَبْلَ فَرَاغِ الْجَمَاعَةِ كَانَ ذَلِكَ عُذْرًا فِي حَقِّهِ وَإِلَّا فَلَا، إذْ لَا فَائِدَةَ لِخُرُوجِهِ عَنْ الْجَمَاعَةِ إلَّا مُجَرَّدُ تَرْكِهَا. وَقَوْلُهُ وَيَلْحَقُ بِهِ: أَيْ فِي جَوَازِ الْقَطْعِ بِلَا كَرَاهَةٍ.
(قَوْلُهُ: كَتَشَهُّدٍ أَوَّلٍ أَوْ قُنُوتٍ) قَالَ حَجّ: وَكَذَا سُورَةٌ، إذْ الَّذِي يَظْهَرُ فِي ضَبْطِ الْمَقْصُودِ أَنَّهَا مَا جُبِرَ بِسُجُودِ السَّهْوِ أَوْ قَوِيَ الْخِلَافُ فِي وُجُوبِهَا أَوْ وَرَدَتْ الْأَدِلَّةُ بِعَظِيمِ فَضْلِهَا اهـ. وَيَنْبَغِي أَنَّ مِثْلَ تَرْكِ السُّورَةِ
ــ
[حاشية الرشيدي]
الصَّحِيحَيْنِ لَا تَعَرُّضَ فِيهَا لِذَلِكَ، ثُمَّ يَذْكُرُ رِوَايَةَ الصَّحِيحَيْنِ بَعْدُ لِمُخَالَفَتِهَا لِرِوَايَةِ أَحْمَدَ فِي الْمُقِرِّ ثُمَّ يَجْمَعُ بَيْنَ الرِّوَايَاتِ.
(قَوْلُهُ: وَمَعْلُومٌ أَنَّ الرَّجُلَ إلَخْ) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ وَاسْتِدْلَالُهُمْ بِهَذِهِ الْقِصَّةِ لِلْمُفَارَقَةِ بِغَيْرِ عُذْرٍ عَجِيبٌ، مَعَ مَا فِي الْخَبَرِ أَنَّ الرَّجُلَ شَكَا الْعَمَلَ فِي حَرْثِهِ الْمُوجِبَ لِضَعْفِهِ عَنْ احْتِمَالِ التَّطْوِيلِ فَانْدَفَعَ مَا قِيلَ لَيْسَ فِيهَا غَيْرُ مُجَرَّدِ التَّطْوِيلِ وَهُوَ غَيْرُ عُذْرٍ. نَعَمْ إنْ قُلْنَا بِأَنَّهُمَا شَخْصَانِ وَثَبَتَ فِي رِوَايَةٍ شِكَايَةُ مُجَرَّدِ التَّطْوِيلِ اتَّضَحَ مَا قَالُوا
فَلَهُ مُفَارَقَتُهُ لِيَأْتِيَ بِتِلْكَ السُّنَّةِ.
وَمَحَلُّ جَوَازِ الْقَطْعِ فِي غَيْرِ الْجُمُعَةِ. أَمَّا فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى مِنْهَا فَمُمْتَنِعٌ لِمَا سَيَأْتِي أَنَّ الْجَمَاعَةَ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى شَرْطٌ بِخِلَافِ الثَّانِيَةِ فَيَجُوزُ الْخُرُوجُ فِيهَا، وَلَوْ تَرَتَّبَ عَلَى خُرُوجِهِ مِنْ الْجَمَاعَةِ تَعْطِيلُهَا وَقُلْنَا إنَّهَا فَرْضُ كِفَايَةٍ اتَّجَهَ كَمَا قَالَهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ عَدَمُ الْخُرُوجِ مِنْهَا؛ لِأَنَّ فَرْضَ الْكِفَايَةِ إذَا انْحَصَرَ فِي شَخْصٍ تَعَيَّنَ عَلَيْهِ وَقَدْ تَجِبُ الْمُفَارَقَةُ كَأَنْ رَأَى إمَامَهُ مُتَلَبِّسًا بِمَا يُبْطِلُ الصَّلَاةَ وَلَوْ لَمْ يَعْلَمْ الْإِمَامُ بِهِ كَأَنْ رَأَى عَلَى ثَوْبِهِ نَجَاسَةً غَيْرَ مَعْفُوٍّ عَنْهَا: أَيْ وَهِيَ خَفِيَّةٌ تَحْتَ ثَوْبِهِ وَكَشَفَهَا الرِّيحُ مَثَلًا أَوْ رَأَى خُفَّهُ تُخْرَقُ.
(وَلَوْ)(أَحْرَمَ مُنْفَرِدًا ثُمَّ نَوَى الْقُدْوَةَ فِي خِلَالِ) أَيْ أَثْنَاءِ (صَلَاتِهِ) قَبْلَ رُكُوعِهِ أَوْ بَعْدَهُ (جَازَ فِي الْأَظْهَرِ) وَلَمْ تَبْطُلْ بِهِ صَلَاتُهُ، لَكِنَّ كُلَّ مَنْ قَطَعَهَا بِغَيْرِ عُذْرٍ، وَإِدْخَالَهُ نَفْسَهُ فِيهَا فِي خِلَالِ صَلَاتِهِ مَكْرُوهٌ مُفَوِّتٌ فَضِيلَةَ الْجَمَاعَةِ حَتَّى فِيمَا أَدْرَكَهُ مَعَ الْإِمَامِ خِلَافًا
ــ
[حاشية الشبراملسي]
تَرْكُ التَّسْبِيحَاتِ لِلْخِلَافِ فِي وُجُوبِهَا، وَأَنَّهُ لَيْسَ مِثْلُهَا تَكْبِيرَ الِانْتِقَالَاتِ وَجِلْسَةَ الِاسْتِرَاحَةِ وَرَفْعَ الْيَدَيْنِ عِنْدَ الْقِيَامِ مِنْ التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ لِعَدَمِ التَّفْوِيتِ فِيهِ عَلَى الْمَأْمُومِ لِأَنَّهُ يُمْكِنُهُ الْإِتْيَانُ بِهِ وَإِنْ تَرَكَهُ إمَامُهُ، بِخِلَافِ التَّسْبِيحَاتِ فَإِنَّ الْإِتْيَانَ بِهَا يُؤَدَّى لِتَأَخُّرِ الْمَأْمُومِ عَنْ إمَامِهِ.
(قَوْلُهُ: فَلَهُ مُفَارَقَتُهُ) يُشْعِرُ بِأَنَّ الِاسْتِمْرَارَ مَعَهُ أَفْضَلُ.
(قَوْلُهُ: فِي غَيْرِ الْجُمُعَةِ) أَيْ وَمَا أُلْحِقَ بِهَا مِمَّا تَجِبُ فِيهِ الْجَمَاعَةُ مِنْ الْمُعَادَةِ وَالْمَنْذُورِ فِعْلُهَا جَمَاعَةً وَأَوْلَى الثَّانِيَةُ مِنْ الْمَجْمُوعَةِ تَقْدِيمًا بِالْمَطَرِ بِنَاءً عَلَى مَا نُقِلَ عَنْ الشَّارِحِ مِنْ اشْتِرَاطِ الْجَمَاعَةِ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى كُلِّهَا مِنْهَا، أَمَّا عَلَى مَا تَقَدَّمَ عَنْ سم عَلَى حَجّ فِي صَلَاةِ الْمُسَافِرِ مِنْ أَنَّهُ يَكْفِي لِصِحَّةِ الثَّانِيَةِ عَقْدُهَا مَعَ الْإِمَامِ وَإِنْ فَارَقَهُ حَالًا فَلَا تَحْرُمُ الْمُفَارَقَةُ لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ بِالنِّيَّةِ.
(قَوْلُهُ: وَقُلْنَا إنَّهَا فَرْضُ كِفَايَةٍ) أَيْ وَهُوَ الرَّاجِحُ.
(قَوْلُهُ: اتَّجَهَ كَمَا قَالَهُ إلَخْ) قَدْ يُشْكِلُ امْتِنَاعُ الْمُفَارَقَةِ بِمَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ: وَلَا رُخْصَةَ فِي تَرْكِهَا مِنْ أَنَّ الْعُذْرَ يُجَوِّزُ التَّرْكَ وَإِنْ تَوَقَّفَ ظُهُورُ الشِّعَارِ عَلَى مَنْ قَامَ بِهِ، إلَّا أَنْ يَخُصَّ مَا هُنَا بِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ عُذْرٌ.
(قَوْلُهُ: عَدَمُ الْخُرُوجِ) أَيْ عَدَمُ جَوَازِهِ.
(قَوْلُهُ: أَيْ وَهِيَ خَفِيَّةٌ) أَمَّا الظَّاهِرَةُ فَالْوَاجِبُ فِيهَا الِاسْتِئْنَافُ لِعَدَمِ انْعِقَادِ الصَّلَاةِ كَمَا مَرَّ، لَكِنْ يَبْقَى الْكَلَامُ فِي كَوْنِ هَذِهِ خَفِيَّةً بِنَاءً عَلَى مَا قَدَّمَهُ مِنْ فَرْضِ مَا فِي بَاطِنِ الثَّوْبِ فِي ظَاهِرِهِ وَفَرْضِ الْبَعِيدِ قَرِيبًا (قَوْلُهُ: وَكَشَفَهَا الرِّيحُ مَثَلًا) أَيْ فَأَدْرَكَهَا لِكَشْفِ الرِّيحِ وَهَذَا بِنَاءٌ عَلَى مَا قَدَّمَهُ مِنْ أَنَّ الظَّاهِرَةَ هِيَ الَّتِي لَوْ تَأَمَّلَهَا أَبْصَرَهَا بِأَنْ كَانَتْ بِظَهْرِ الْإِمَامِ مَثَلًا. أَمَّا عَلَى مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ مُقْتَضَى الضَّبْطِ بِمَا فِي الْأَنْوَارِ أَنْ يُفْرَضَ بَاطِنُ الثَّوْبِ ظَاهِرًا، وَمَا فِي الثَّوْبِ السَّافِلِ أَعْلَى وَأَنَّ الظَّاهِرَةَ هِيَ الْعَيْنِيَّةُ وَأَنَّ الْخَفِيَّةَ هِيَ الْحُكْمِيَّةُ فَقَطْ فَهَذِهِ مِنْ الظَّاهِرَةِ، وَعَلَيْهِ فَيَجِبُ الِاسْتِئْنَافُ لَا الْمُفَارَقَةُ
(قَوْلُهُ: وَلَوْ أَحْرَمَ مُنْفَرِدًا) خَرَجَ بِهَذَا مَا لَوْ افْتَتَحَهَا فِي جَمَاعَةٍ ثُمَّ نَقَلَ نَفْسَهُ لِأُخْرَى فَإِنَّهُ يَجُوزُ قَطْعًا كَمَا فِي التَّحْقِيقِ وَشَرْحِ الْمُهَذَّبِ اهـ عَمِيرَةُ. وَقَوْلُهُ قَطْعًا: أَيْ مِنْ غَيْرِ كَرَاهَةٍ إنْ كَانَ عُذْرٌ: أَيْ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ عُذْرٌ كُرِهَ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ كَلَامِ سم الْآتِي (قَوْلُهُ: جَازَ فِي الْأَظْهَرِ) وَالْمُسْتَحَبُّ أَنْ يُتِمَّهَا رَكْعَتَيْنِ: أَيْ بَعْدَ قَلْبِهَا نَفْلًا وَيُسَلِّمُ مِنْهَا فَتَكُونُ نَافِلَةً ثُمَّ يَدْخُلُ فِي الْجَمَاعَةِ، فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ اُسْتُحِبَّ أَنْ يَقْطَعَهَا وَيَفْعَلَهَا جَمَاعَةً اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ. وَيُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ قَوْلَهُمْ قَطْعُ الْفَرْضِ حَرَامٌ مَحَلُّهُ مَا لَمْ يَتَرَتَّبْ عَلَيْهِ التَّوَصُّلُ بِالْقَطْعِ إلَى مَا هُوَ أَعْلَى مِمَّا كَانَ فِيهِ.
(قَوْلُهُ: وَإِدْخَالُهُ نَفْسَهُ فِيهَا فِي خِلَالِ صَلَاتِهِ مَكْرُوهٌ) وَهَذَا بِخِلَافِ مَا لَوْ نَوَى الْإِمَامَةَ فِي الْأَثْنَاءِ فَإِنَّهُ لَا كَرَاهَةَ فِيهِ وَلَا فَوَاتَ فَضِيلَةٍ فِيهَا، وَالْفَرْقُ أَنَّ الِاقْتِدَاءَ بِالْغَيْرِ مَظِنَّةُ مُخَالَفَةِ نَظْمِ الصَّلَاةِ لِكَوْنِهِ يَتَّبِعُ الْإِمَامَ فِي نَظْمِ صَلَاتِهِ وَإِنْ خَالَفَ نَظْمَ صَلَاةِ الْمَأْمُومِ، وَلَا كَذَلِكَ الْإِمَامُ لِأَنَّهُ مُسْتَقِلٌّ لَا يَكُونُ تَابِعًا لِغَيْرِهِ، قَالَهُ م ر اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ. وَلَعَلَّ الْفَرْقَ بَيْنَ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ هُنَا وَمَا قَدَّمَهُ فِي الْمُتَابَعَةِ مِنْ فَوَاتِ الْفَضِيلَةِ فِيمَا قَارَنَ فِيهِ فَقَطْ أَنَّ الْمُتَابَعَةَ بَعْدَ الْمُقَارَنَةِ ثَمَّ مَطْلُوبَةٌ مِنْهُ، بِخِلَافِ مَا هُنَا فَإِنَّ الِاقْتِدَاءَ الْمُؤَدَّى لِلْمُتَابَعَةِ بَعْدَ الِانْفِرَادِ مَنْهِيٌّ عَنْهُ، وَذَلِكَ يُؤَدَّى إلَى النَّهْيِ عَنْ الْمُتَابَعَةِ بَعْدَ الِانْفِرَادِ، فَكَانَتْ الْكَرَاهَةُ فِيهِ مَانِعَةً مِنْ الْفَضِيلَةِ فِي جَمِيعِ
ــ
[حاشية الرشيدي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
لِلزَّرْكَشِيِّ هُنَا وَظَاهِرٌ أَنَّهَا لَا تَفُوتُ حَيْثُ حَصَلَتْ ابْتِدَاءً فِي الْمُفَارَقَةِ الْمُخَيِّرَةِ كَمَا مَرَّ وَيَدُلُّ لِمَا تَقَرَّرَ فِعْلُ الصِّدِّيقِ لَمَّا جَاءَ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ إمَامٌ فَتَأَخَّرَ وَاقْتَدَى بِهِ؛ لِأَنَّ الْإِمَامَ فِي حُكْمِ الْمُنْفَرِدِ، وَصَحَّ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم أَحْرَمَ بِهِمْ ثُمَّ تَذَكَّرَ فِي صَلَاتِهِ أَنَّهُ جُنُبٌ فَذَهَبَ فَاغْتَسَلَ ثُمَّ جَاءَ وَأَحْرَمَ بِهِمْ» ، وَمَعْلُومٌ أَنَّهُمْ أَنْشَئُوا نِيَّةَ اقْتِدَائِهِمْ بِهِ وَهَلْ الْعُذْرُ هُنَا كَمَا فِي صُورَةِ الْخَبَرِ وَكَانَ اقْتَدَى لِيَتَحَمَّلَ عَنْهُ الْفَاتِحَةَ فَيُدْرِكَ الصَّلَاةَ كَامِلَةً فِي الْوَقْتِ مَانِعٌ لِلْكَرَاهَةِ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
مَا أَدْرَكَهُ بَعْدَ الِانْفِرَادِ.
(قَوْلُهُ: وَصَحَّ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم أَحْرَمَ بِهِمْ) لَا يُقَالُ: كَيْفَ وَقَعَ السَّهْوُ عَلَيْهِ صلى الله عليه وسلم حَتَّى أَحْرَمَ بِهِمْ مَعَ الْجِنَايَةِ مَعَ أَنَّ الْأَنْبِيَاءَ مَعْصُومُونَ عَنْ الْكَبَائِرِ وَالصَّغَائِرِ فَلَا تَقَعُ مِنْهُمْ لَا عَمْدًا وَلَا سَهْوًا. لِأَنَّا نَقُولُ: صَرَّحُوا بِجَوَازِ وُقُوعِ ذَلِكَ السَّهْوِ مِنْهُمْ حَيْثُ تَرَتَّبَ عَلَيْهِ تَشْرِيعٌ وَكَانَ ذَلِكَ فِي صَلَاةِ الصُّبْحِ كَمَا سَيَأْتِي.
(قَوْلُهُ: وَأَحْرَمَ بِهِمْ) الَّذِي فِي الْبُخَارِيِّ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ قَبْلَ الْإِحْرَامِ وَعِبَارَتُهُ فِي بَابِ هَلْ يَخْرُجُ مِنْ الْمَسْجِدِ لِعِلَّةٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم خَرَجَ وَقَدْ أُقِيمَتْ الصَّلَاةُ وَعُدِّلَتْ الصُّفُوفُ، حَتَّى إذَا قَامَ فِي مُصَلَّاهُ انْتَظَرْنَا أَنْ يُكَبِّرَ انْصَرَفَ» قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ الْأَنْصَارِيُّ: أَيْ فِي شَرْحِهِ عَلَى الْبُخَارِيِّ قَبْلَ إحْرَامِهِ: «وَقَالَ عَلَى مَكَانِكُمْ فَمَكَثْنَا عَلَى هَيْئَتِنَا حَتَّى خَرَجَ إلَيْنَا يَنْطِفُ رَأْسُهُ مَاءً وَقَدْ اغْتَسَلَ» : أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهُ اغْتَسَلَ اهـ. وَعَلَى هَذَا فَالْإِشْكَالُ فِي قَوْلِنَا لَا يُقَالُ: كَيْفَ وَقَعَ السَّهْوُ عَلَيْهِ غَيْرُ وَارِدٍ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ فِي صَلَاةٍ هَذَا. وَفِي الْفَتْحِ فِي الْبَابِ الْمَذْكُورِ مَا نَصُّهُ: قَوْلُهُ حَتَّى إذَا قَامَ فِي الصَّلَاةِ زَادَ مُسْلِمٌ مِنْ طَرِيقِ يُونُسَ عَنْ الزُّهْرِيِّ: قَبْلَ أَنْ يُكَبِّرَ فَانْصَرَفَ. وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي بَابٍ إذَا ذَكَر فِي الْمَسْجِدِ أَنَّهُ جُنُبٌ مِنْ أَبْوَابِ الْغُسْلِ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ يُونُسَ بِلَفْظٍ: فَلَمَّا قَامَ فِي مُصَلَّاهُ، فَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ انْصَرَفَ قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ فِي الصَّلَاةِ، وَهُوَ مُعَارِضٌ لِمَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَابْنُ حِبَّانَ عَنْ أَبِي بَكْرَةَ «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم دَخَلَ فِي صَلَاةِ الْفَجْرِ فَكَبَّرَ ثُمَّ أَوْمَأَ إلَيْهِمْ» . وَلِمَالِكٍ مِنْ طَرِيقِ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ مُرْسَلًا:«أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم كَبَّرَ فِي مُصَلَّاهُ مِنْ الصَّلَوَاتِ ثُمَّ أَشَارَ بِيَدِهِ أَنْ اُمْكُثُوا» ، وَيُمْكِنُ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا بِحَمْلِ قَوْلِهِ كَبَّرَ عَلَى إرَادَةِ أَنْ يُكَبِّرَ أَوْ بِأَنَّهُمَا وَاقِعَتَانِ. أَبْدَاهُ عِيَاضُ وَالْقُرْطُبِيُّ احْتِمَالًا، وَقَالَ النَّوَوِيُّ: إنَّهُ الْأَظْهَرُ، وَجَزَمَ بِهِ ابْنُ حِبَّانَ كَعَادَتِهِ، فَإِنْ ثَبَتَ وَإِلَّا فَمَا فِي الصَّحِيحِ أَصَحُّ.
(قَوْلُهُ: كَمَا فِي صُورَةِ الْخَبَرِ) هُوَ قَوْلُهُ أَحْرَمَ بِهِمْ ثُمَّ تَذَكَّرَ.
(قَوْلُهُ: وَكَأَنْ اقْتَدَى إلَخْ) فِيهِ إشْعَارٌ بِأَنَّ صُورَةَ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَقْتَدِ خَرَجَ بَعْدَ الصَّلَاةِ عَنْ وَقْتِهَا مَعَ وُقُوعِ بَاقِيهَا فِي الْوَقْتِ، وَحِينَئِذٍ فَيُخَالِفُ مَا يَأْتِي لَهُ مِنْ أَنَّهُ لَوْ ضَاقَ الْوَقْتُ وَأَمْكَنَهُ إدْرَاكُ رَكْعَةٍ بِإِدْرَاكِ رُكُوعِهَا لَزِمَهُ الِاقْتِدَاءُ إلَخْ، وَقُوَّةُ كَلَامِهِ هُنَا تُعْطِي أَنَّهُ حَيْثُ أَدْرَكَ مَعَ الْإِمَامِ رَكْعَةً فِي الْوَقْتِ وَكَانَ اسْتِمْرَارُهُ مَعَهُ يُؤَدِّي إلَى خُرُوجِ بَعْضِهَا لَا يَلْزَمُهُ الِاقْتِدَاءُ بِغَيْرِهِ لِيَتَحَمَّلَ عَنْهُ وَيُوقِعَهَا كُلَّهَا فِي الْوَقْتِ وَإِنْ كَانَ ابْتِدَاءُ إحْرَامِهِ فِي وَقْتٍ لَا يَسَعُهَا كَامِلَةً، وَلَوْ قِيلَ بِوُجُوبِ الِاقْتِدَاءِ فِي هَذِهِ لَمْ يَبْعُدْ، وَتُخَصُّ مَسْأَلَةُ الْجَوَازِ بِمَا إذَا أَحْرَمَ وَقَدْ بَقِيَ مِنْ الْوَقْتِ مَا يَسَعُهَا كَامِلَةً، لَكِنْ اتَّفَقَ عُرُوضُ مَانِعٍ كَالتَّطْوِيلِ الْمُؤَدِّي لِخُرُوجِ بَعْضِهَا، أَوْ يُخَصُّ مَا يَأْتِي مِنْ الْوُجُوبِ بِمَا إذَا لَمْ يُدْرِكْ مِنْهَا رَكْعَةً فِي الْوَقْتِ وَمَا هُنَا بِمَا لَوْ أَدْرَكَ مِنْهَا رَكْعَةً فِي الْوَقْتِ أَوْ أَكْثَرَ.
(قَوْلُهُ: لِيَتَحَمَّلَ عَنْهُ) يُفِيدُ أَنَّ مَنْ أَحْرَمَ مُنْفَرِدًا جَازَ لَهُ قَبْلَ قِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ: أَيْ فِي أَيِّ رَكْعَةٍ الِاقْتِدَاءُ بِمَنْ فِي الرُّكُوعِ فَتَسْقُطُ عَنْهُ، لَكِنَّ هَذَا ظَاهِرٌ إذَا اقْتَدَى عَقِبَ إحْرَامِهِ، أَمَّا لَوْ مَضَى بَعْدَهُ مَا يَسَعُ الْفَاتِحَةَ أَوْ بَعْضَهَا مِنْ غَيْرِ قِرَاءَةٍ فَهَلْ تَسْقُطُ عَنْهُ أَوْ يَجِبُ عَلَيْهِ قِرَاءَتُهَا فِي الْأَوَّلِ وَبَعْضِهَا فِي الثَّانِي، وَعَلَى هَذَا هَلْ هُوَ فِي الْأَوَّلِ كَالْمُوَافِقِ وَفِي الثَّانِي كَالْمَسْبُوقِ أَوْ كَيْفَ الْحَالُ؟ فِيهِ نَظَرٌ اهـ سم عَلَى
ــ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: وَظَاهِرٌ أَنَّهَا لَا تَفُوتُ حَيْثُ حَصَلَتْ ابْتِدَاءً إلَخْ) أَيْ فَتَحْصُلُ فِي جَمِيعِ الصَّلَاةِ نَظِيرَ مَنْ أَدْرَكَ مَعَ الْإِمَامِ بَعْضَ الصَّلَاةِ وَأَتَمَّهَا لِنَفْسِهِ بَعْدَ فَرَاغِ الْإِمَامِ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: ابْتِدَاءً) أَيْ فِي ابْتِدَاءِ صَلَاتِهِ (قَوْلُهُ: لِمَا تَقَرَّرَ) أَيْ مِنْ جَوَازِ
نَظِيرُ مَا مَرَّ أَمْ يُفَرَّقُ بِأَنَّهُ مَعَ الْعُذْرِ، ثُمَّ لَا خِلَافَ فِيهِ بِخِلَافِهِ هُنَا عَلَى مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمْ مَحَلُّ نَظَرٍ وَاحْتِمَالٍ وَهُوَ إلَى الثَّانِي أَقْرَبُ. قَالَ الْجَلَالُ الْبُلْقِينِيُّ:
لَمْ يَتَعَرَّضُوا لِلْإِمَامِ إذَا أَرَادَ أَنْ يَقْتَدِيَ بِآخَرَ وَيُعْرِضَ عَنْ الْإِمَامَةِ، وَهَذِهِ وَقَعَتْ لِلصِّدِّيقِ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لَمَّا ذَهَبَ لِلصُّلْحِ بَيْنَ جَمَاعَةٍ مِنْ الْأَنْصَارِ وَفِي مَرَضِ مَوْتِهِ ثُمَّ جَاءَ وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ، فَأَخْرَجَ نَفْسَهُ مِنْ الْإِمَامَةِ وَاقْتَدَى بِالنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَالصَّحَابَةُ أَخْرَجُوا أَنْفُسَهُمْ عَنْ الِاقْتِدَاءِ بِهِ وَاقْتَدَوْا بِالنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَقَضِيَّةُ اسْتِدْلَالِهِمْ بِالْأَوَّلِ لِلْأَظْهَرِ كَمَا مَرَّ جَوَازُ ذَلِكَ بَلْ الِاتِّفَاقُ عَلَيْهِ، وَالثَّانِي ظَاهِرٌ اهـ مُلَخَّصًا.
وَنُظِرَ فِيهِ لِمَا فِي الْمَجْمُوعِ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ اسْتَخْلَفَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَلَمْ تَحْتَجْ الصَّحَابَةُ لِنِيَّةٍ، لَكِنْ بِفَرْضِ ذَلِكَ يَحْصُلُ مَا قَالَهُ الْجَلَالُ الْبُلْقِينِيُّ فِي الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّهُ نَوَى الِاقْتِدَاءَ بِهِ صلى الله عليه وسلم بَعْدَ الِاسْتِخْلَافِ فَيَنْتِجُ أَنَّهُ أَخْرَجَ نَفْسَهُ مِنْ الْإِمَامَةِ ثُمَّ نَوَى الِاقْتِدَاءَ، وَمِمَّا يُؤَيِّدُ كَلَامَ الْجَلَالِ مَا سَيَأْتِي فِي الِاسْتِخْلَافِ أَنَّهُ مَمْنُوعٌ قَبْلَ الْخُرُوجِ مِنْ الصَّلَاةِ، وَقَضِيَّةُ قَوْلِ الْقَفَّالِ: لَوْ اقْتَدَى الْإِمَامُ بِآخَرَ فَفِي بُطْلَانِ صَلَاتِهِ قَوْلَانِ، كَمَا لَوْ أَحْرَمَ مُنْفَرِدًا
ــ
[حاشية الشبراملسي]
حَجّ. أَقُولُ: الْأَقْرَبُ أَنَّهُ كَالْمَسْبُوقِ لِأَنَّهُ لَمْ يُدْرِكْ مَعَهُ بَعْدَ اقْتِدَائِهِ مَا يَسَعُ الْفَاتِحَةَ وَلَا نَظَرَ لِمَا مَضَى قَبْلَ الِاقْتِدَاءِ بَعْدَ الْإِحْرَامِ لِأَنَّهُ كَانَ مُنْفَرِدًا فِيهِ حَقِيقَةً، وَقَدْ يُؤْخَذُ ذَلِكَ مِنْ قَوْلِ الشَّارِحِ السَّابِقِ، وَالْحَاصِلُ مِمَّا يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِهِمْ إدَارَتُنَا الْأَمْرَ عَلَى الْوَاقِعِ بِالنِّسْبَةِ لِلْعُذْرِ وَعَدَمِهِ، وَعَلَى ظَنِّهِ بِالنِّسْبَةِ لِنَدْبِ الْإِتْيَانِ بِنَحْوِ التَّعَوُّذِ بِالنِّسْبَةِ لِمَا فِي صُورَةِ الْخَبَرِ.
(قَوْلُهُ: أَمْ يُفَرَّقُ إلَخْ) أَيْ فَلَا تُكْرَهُ الصَّلَاةُ مَعَهُ وَلَا تَبْطُلُ قَطْعًا، وَأَمَّا هَهُنَا فَالْعُذْرُ وَإِنْ اعْتَبَرْنَاهُ هُنَا فَمُقَابِلُ الْأَظْهَرِ لَا يُكْتَفَى بِذَلِكَ، بَلْ يَقُولُ بِبُطْلَانِ الصَّلَاةِ لِتَقَدُّمِ إحْرَامِ الْمَأْمُومِ عَلَى إحْرَامِ الْإِمَامِ فَاقْتَضَتْ مُرَاعَاةُ ذَلِكَ بَقَاءَ الْكَرَاهَةِ.
(قَوْلُهُ: بِخِلَافِهِ هُنَا) يُخَالِفُهُ مَا سَيَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَقَيَّدَ الْمُصَنِّفُ الْمَسْأَلَةَ بِإِحْرَامِهِ مُنْفَرِدًا إلَخْ، وَقَدْ يُقَالُ: لَا مُخَالَفَةَ، لِأَنَّهُ بِتَبَيُّنِ حَالِ الْإِمَامِ يَتَبَيَّنُ أَنَّهُ مُنْفَرِدٌ حَقِيقَةً وَإِنْ كَانَ فِي صُورَةِ الْجَمَاعَةِ.
(قَوْلُهُ: وَهُوَ إلَى الثَّانِي أَقْرَبُ) هُوَ قَوْلُهُ أَمْ يُفَرَّقُ وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ
(قَوْلُهُ: وَقَضِيَّةُ اسْتِدْلَالِهِمْ بِالْأَوَّلِ) وَهُوَ اقْتِدَاءُ الصِّدِّيقِ بِالنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم.
(قَوْلُهُ: كَمَا مَرَّ) أَيْ فِي قَوْلِهِ وَيَدُلُّ لِمَا تَقَرَّرَ فِعْلُ الصِّدِّيقِ، وَقَوْلُهُ جَوَازُ ذَلِكَ هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ.
(قَوْلُهُ: وَالثَّانِي ظَاهِرٌ) هُوَ اقْتِدَاءُ الصَّحَابَةِ بِالنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَالْأَوَّلُ هُوَ قَوْلُهُ فَأَخْرَجَ نَفْسَهُ مِنْ الْإِمَامَةِ، وَقَوْلُهُ ظَاهِرٌ: أَيْ فِي نَفْسِهِ لِوُضُوحِ أَنَّهُمَا لَا يُتَابِعُونَ غَيْرَ الْإِمَامِ الْأَوَّلِ بِدُونِ نِيَّةِ اقْتِدَاءٍ، وَقَوْلُهُ بِفَرْضِ ذَلِكَ: أَيْ بِفَرْضِ عَدَمِ احْتِيَاجِهِمْ لِنِيَّةِ الِاقْتِدَاءِ.
(قَوْلُهُ: مَا قَالَهُ الْجَلَالُ الْبُلْقِينِيُّ فِي الْأَوَّلِ) أَيْ مِنْ جَوَازِ اقْتِدَاءِ الْإِمَامِ بِغَيْرِهِ
ــ
[حاشية الرشيدي]
نِيَّةِ الْقُدْوَةِ فِي خِلَالِ الصَّلَاةِ.
(قَوْلُهُ: اسْتِدْلَالُهُمْ بِالْأَوَّلِ) أَيْ إخْرَاجُ الصِّدِّيقِ نَفْسِهِ مِنْ الْإِمَامَةِ، وَقَوْلُهُ: وَالثَّانِي ظَاهِرٌ: أَيْ إخْرَاجُ الْمَأْمُومِينَ أَنْفُسَهُمْ مِنْ الِاقْتِدَاءِ وَالِاقْتِدَاءُ بِآخَرَ (قَوْلُهُ: وَنَظَرَ فِيهِ) يَعْنِي فِي الثَّانِي بِقَرِينَةِ قَوْلِهِ فَلَمْ يَحْتَجْ الصَّحَابَةُ إلَى نِيَّةٍ، وَالْمُنَظِّرُ فِيهِ هُوَ الشِّهَابُ حَجّ، لَكِنَّهُ إنَّمَا عَزَا كَوْنَ الصِّدِّيقِ اسْتَخْلَفَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم إلَى الصَّحِيحَيْنِ لَا إلَى الْمَجْمُوعِ (قَوْلُهُ: لَكِنْ بِفَرْضِ ذَلِكَ يَحْصُلُ مَا قَالَهُ الْجَلَالُ إلَخْ) لَا حَاجَةَ إلَيْهِ فَإِنَّ الْأَوَّلَ لَا نِزَاعَ فِيهِ (قَوْلُهُ: وَمِمَّا يُؤَيِّدُ كَلَامَ الْجَلَالِ) يَعْنِي مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُ مِنْ أَنَّ الْقِصَّةَ لَا اسْتِخْلَافَ فِيهَا كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ بَاقِي كَلَامِهِ: أَيْ خِلَافًا لِلْمُنَظِّرِ الْمُدَّعِي لِذَلِكَ.
وَوَجْهُ تَأْيِيدِ ذَلِكَ لِكَلَامِ الْجَلَالِ أَنَّهُ لَوْ كَانَ مَا فَعَلَهُ الصِّدِّيقُ مِنْ بَابِ الِاسْتِخْلَافِ لَكَانَ أَخْرَجَ نَفْسَهُ مِنْ الصَّلَاةِ قَبْلَ تَأَخُّرِهِ عَنْهُ صلى الله عليه وسلم؛ لِأَنَّهُ شَرْطُ الِاسْتِخْلَافِ: أَيْ وَالْوَاقِعُ فِي الْقِصَّةِ خِلَافُ ذَلِكَ، لَكِنْ لَك أَنْ تَقُولَ: إذَا كَانَ الِاسْتِخْلَافُ فِيهَا ثَابِتًا فِي الصَّحِيحَيْنِ لَا يَسُوغُ إنْكَارُهُ، وَحِينَئِذٍ فَلَا بُدَّ مِنْ جَوَابٍ عَنْ فِعْلِ الصِّدِّيقِ لِيُوَافِقَ مَا قَالَهُ.
وَأَجَابَ عَنْهُ الشِّهَابُ سم بِأَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ بِالِاسْتِخْلَافِ فِي الْقِصَّةِ الِاسْتِخْلَافَ الشَّرْعِيَّ، وَبِأَنَّ الْوَجْهَ اسْتِثْنَاءُ فِعْلِ الصِّدِّيقِ فِيهَا بِكُلِّ حَالٍ، إذْ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِنْ الْحُرْمَةِ
ثُمَّ نَوَى جَمَاعَةً مُوَافَقَةُ مَا قَالَهُ الْجَلَالُ مِنْ الْجَوَازِ؛ لِأَنَّهُ هُوَ الرَّاجِحُ فِي الْمَسْأَلَةِ، وَبَنَى الْقَفَّالُ عَلَى الْجَوَازِ تَصْيِيرَ الْمُقْتَدِينَ بِهِ مُنْفَرِدِينَ وَأَنَّ لَهُمْ الِاقْتِدَاءَ بِمَنْ اقْتَدَى بِهِ مُسْتَدِلًّا بِقِصَّةِ أَبِي بَكْرٍ، وَفِي ذَلِكَ تَصْرِيحٌ مِنْهُ بِمَا مَرَّ عَنْ الْجَلَالِ مِنْ أَنَّهَا مِنْ قَبِيلِ إنْشَاءِ الْقُدْوَةِ لَا الِاسْتِخْلَافِ، وَفِي الْخَادِمِ مَا يُؤَيِّدُ ذَلِكَ.
وَمَعْنَى رِوَايَةٍ: وَالنَّاسُ يَقْتَدُونَ بِأَبِي بَكْرٍ: أَنَّهُ كَانَ يُسْمِعُهُمْ تَبْلِيغَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، إذْ الْقُدْوَةُ بِالْمَأْمُومِ مُمْتَنِعَةٌ بِالِاتِّفَاقِ، وَبِمَا مَرَّ فِي تَأَخُّرِ الْإِمَامِ يُعْلَمُ أَنَّ مَحَلَّ جَمِيعِ مَا ذُكِرَ إنَّمَا يَجِيءُ حَيْثُ لَمْ يَثْبُتْ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ تَخَلَّفَ عَنْهُ صلى الله عليه وسلم بَعْدَ اقْتِدَائِهِ بِهِ، وَإِلَّا فَهُوَ بِتَأَخُّرِهِ تَنْقَطِعُ إمَامَتُهُ وَلَمْ يَكُنْ مُسْتَخْلَفًا وَلَا قَاطِعًا لِلْإِمَامَةِ بِنِيَّةِ اقْتِدَاءٍ بِالْغَيْرِ، وَإِنَّمَا قَاطِعُهَا حِينَئِذٍ تَأَخُّرُهُ، ثُمَّ لَمَّا تَقَدَّمَ عليه الصلاة والسلام نَوَى أَبُو بَكْرٍ الِاقْتِدَاءَ بِهِ لِصَيْرُورَتِهِ مُنْفَرِدًا بِتَأَخُّرِهِ، وَحِينَئِذٍ بَطَلَتْ إمَامَتُهُ بِالنِّسْبَةِ لِلصَّحَابَةِ لِنِيَّةِ الِائْتِمَامِ بِغَيْرِهِ فَنَوَوْا الِاقْتِدَاءَ بِهِ صلى الله عليه وسلم، وَمَنْ تَأَمَّلَ ذَلِكَ عَلِمَ مَا فِي كَلَامِ الْجَلَالِ وَغَيْرِهِ مِمَّا تَقَرَّرَ، كَذَا قِيلَ وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ أَنَّهُ تَأَخَّرَ عَنْ جَمِيعِ الْقَوْمِ، فَالْأَوْجَهُ مَا قَالَهُ الْجَلَالُ مِنْ أَنَّهُ أَخْرَجَ نَفْسَهُ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
(قَوْلُهُ: تَصْيِيرُ الْمُقْتَدِينَ بِهِ مُنْفَرِدِينَ) وَعَلَيْهِ فَلَوْ لَمْ يَعْلَمْ الْمُقْتَدُونَ بِاقْتِدَاءِ الْإِمَامِ بِغَيْرِهِ وَتَابَعُوهُ فَهَلْ يَتَبَيَّنُ بُطْلَانُ صَلَاتِهِمْ لِاقْتِدَائِهِمْ بِمُقْتَدٍ أَوْ لَا لِعُذْرِهِمْ كَمَا لَوْ كَبَّرَ الْإِمَامُ لِلْإِحْرَامِ فَاقْتَدَوْا بِهِ ثُمَّ كَبَّرَ ثَانِيًا وَلَمْ يَعْلَمُوا بِتَكْبِيرِهِ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي لِعُذْرِهِمْ، وَلَا تَفُوتُهُمْ الْفَضِيلَةُ لِوُجُودِ الْجَمَاعَةِ صُورَةً اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ: تَكْبِيرُ الْإِمَامِ ثَانِيًا مِمَّا يَخْفَى عَلَى الْمُقْتَدِينَ، بِخِلَافِ اقْتِدَائِهِ بِغَيْرِهِ فَإِنَّهُ قَدْ يَظْهَرُ لَهُمْ بِقَرِينَةِ تَأَخُّرِهِ عَنْ الْإِمَامِ فِي الْمَوْقِفِ وَالْأَفْعَالِ.
(قَوْلُهُ: أَنَّهُ كَانَ يُسْمِعُهُمْ تَبْلِيغَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم) عِبَارَةُ حَجّ تَكْبِيرَهُ وَهِيَ أَوْلَى، فَإِنَّ قَوْلَ الشَّارِحِ يُحْوِجُ إلَى تَأْوِيلِ قَوْلِهِ بِتَبْلِيغِ رَسُولِ اللَّهِ بِمُبَلِّغِهِمْ: أَيْ مَا يُبَلِّغُهُ أَبُو بَكْرٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم.
(قَوْلُهُ: لَمْ يَثْبُتْ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ تَخَلَّفَ عَنْهُ) الْمُنَاسِبُ لِمَا مَرَّ حَيْثُ لَمْ يَثْبُتْ أَنَّهُ تَأَخَّرَ عَنْ الْمُقْتَدِينَ بِهِ قَبْلَ اقْتِدَائِهِ بِالنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم.
(قَوْلُهُ: لِصَيْرُورَتِهِ مُنْفَرِدًا بِتَأَخُّرِهِ) أَيْ عَنْ الْمُقْتَدِينَ.
(قَوْلُهُ: لَمْ يَثْبُتْ أَنَّهُ) أَيْ الصَّدِيقُ، وَقَوْلُهُ تَأَخَّرَ عَنْ جَمِيعِ الْقَوْمِ: أَيْ بَلْ وَلَا عَنْ بَعْضِهِمْ. وَعِبَارَةُ حَجّ فِي شَرْحِ الشَّمَائِلِ فِي بَابِ وَفَاتِهِ صلى الله عليه وسلم بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فَأَوْمَأَ إلَيْهِ: أَيْ إلَى أَبِي بَكْرٍ أَنْ يَثْبُتَ مَكَانَهُ نَصُّهَا ظَاهِرُهُ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم اقْتَدَى بِهِ، وَاَلَّذِي رَوَاهُ الشَّيْخَانِ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم جَاءَ حَتَّى جَلَسَ عَنْ يَسَارِهِ فَكَانَ يُصَلِّي قَاعِدًا وَأَبُو بَكْرٍ قَائِمًا يَقْتَدِي أَبُو بَكْرٍ بِصَلَاةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَالنَّاسُ يَقْتَدُونَ بِصَلَاةِ أَبِي بَكْرٍ» . وَجَاءَ فِي رِوَايَةٍ: مَا يَقْتَضِي كِلَا الْأَمْرَيْنِ اهـ. قَالَ الْمُنَاوِيُّ فِي شَرْحِ الشَّمَائِلِ بَعْدَ ذَلِكَ: وَجَمَعَ بَيْنه
ــ
[حاشية الرشيدي]
وَالْإِجْلَالِ وَلِلصَّلَاةِ خَلْفَهُ مِنْ الْفَضْلِ وَالْكَمَالِ مَا لَيْسَ لِغَيْرِهِمَا (قَوْلُهُ: مُوَافَقَةَ مَا قَالَهُ الْجَلَالُ) أَيْ فِي الْأَوَّلِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، لَكِنَّهُ لَيْسَ مَحَلَّ النِّزَاعِ كَمَا مَرَّ، وَوَجْهُ مُوَافَقَتِهِ لِكَلَامِ الْجَلَالِ أَنَّهُ بَنَى الْقَوْلَيْنِ فِي الْمَسْأَلَةِ عَلَى مَا لَوْ أَحْرَمَ مُنْفَرِدًا ثُمَّ نَوَى جَمَاعَةً، وَقَدْ مَرَّ أَنَّ الْأَظْهَرَ فِيهِ الصِّحَّةُ فَيَكُونُ الْمَبْنِيُّ عَلَيْهِ كَذَلِكَ، وَحِينَئِذٍ فَالْمَسْأَلَةُ مَنْقُولَةٌ فِي كَلَامِ الْأَصْحَابِ، فَقَوْلُ الْجَلَالِ لَمْ يَتَعَرَّضُوا، إمَّا لِعَدَمِ اطِّلَاعِهِ عَلَى هَذَا النَّقْلِ، أَوْ لِعَدَمِ تَذَكُّرِهِ إيَّاهُ (قَوْلُهُ: مِنْ أَنَّهَا مِنْ قَبِيلِ إنْشَاءِ الْقُدْوَةِ لَا الِاسْتِخْلَافِ) أَيْ وَلَا يُعَارِضُهُ مَا فِي الصَّحِيحَيْنِ لِمَا قَدَّمْنَاهُ (قَوْلُهُ: بَعْدَ اقْتِدَائِهِ بِهِ) أَيْ بَعْدَ «اقْتِدَاءِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِأَبِي بَكْرٍ رضي الله عنه» (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَهُوَ بِتَأَخُّرِهِ تَنْقَطِعُ إمَامَتُهُ) أَيْ بِالنِّسْبَةِ لَهُ صلى الله عليه وسلم خَاصَّةً دُونَ الْقَوْمِ بِقَرِينَةِ قَوْلِهِ بَعْدَهُ: ثُمَّ لَمَّا تَقَدَّمَ عليه الصلاة والسلام نَوَى أَبُو بَكْرٍ الِاقْتِدَاءَ لِصَيْرُورَتِهِ مُنْفَرِدًا بِتَأَخُّرِهِ، وَحِينَئِذٍ بَطَلَتْ إمَامَتُهُ بِالنِّسْبَةِ لِلصَّحَابَةِ إلَخْ. وَبِهَذَا تَعْلَمُ أَنَّ تَنْظِيرَ الشَّارِحِ الْآتِي لَيْسَ فِي مَحَلِّهِ: وَكَأَنَّهُ تَوَهَّمَ أَنَّ قَوْلَ هَذَا الْقَائِلِ تَنْقَطِعُ إمَامَتُهُ: أَيْ مُطْلَقًا حَتَّى بِالنِّسْبَةِ لِلْقَوْمِ، وَقَدْ عَلِمْت أَنَّهُ لَيْسَ
بِالنِّيَّةِ، وَمُقَابِلُ الْأَظْهَرِ لَا يَجُوزُ وَتَبْطُلُ بِهِ الصَّلَاةُ، وَقَيَّدَ الْمُصَنِّفُ الْمَسْأَلَةَ بِإِحْرَامِهِ مُنْفَرِدًا؛ لِأَنَّهُ إذَا افْتَتَحَهَا فِي جَمَاعَةٍ جَازَ بِلَا خِلَافٍ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ.
وَلَوْ قَامَ الْمَسْبُوقُونَ أَوْ الْمُقِيمُونَ خَلْفَ مُسَافِرٍ امْتَنَعَ اقْتِدَاءُ بَعْضِهِمْ بِبَعْضٍ عَلَى مَا فِي الرَّوْضَةِ فِي بَابِ الْجُمُعَةِ مِنْ عَدَمِ جَوَازِ اسْتِخْلَافِ الْمَأْمُومِينَ فِي الْجُمُعَةِ إذَا تَمَّتْ صَلَاةُ الْإِمَامِ دُونَهُمْ، وَكَذَا غَيْرُهَا فِي الْأَصَحِّ؛ لِأَنَّ الْجَمَاعَةَ حَصَلَتْ، فَإِذَا أَتَمُّوهَا فُرَادَى نَالُوا فَضْلَهَا، لَكِنَّ مُقْتَضَى كَلَامِ أَصْلِهَا هُنَا الْجَوَازُ فِي غَيْرِ الْجُمُعَةِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ كَمَا سَيَأْتِي مَبْسُوطًا فِي بَابِ الْجُمُعَةِ (وَإِنْ كَانَ فِي رَكْعَةٍ أُخْرَى) غَيْرِ رَكْعَةِ الْإِمَامِ سَوَاءٌ أَكَانَ مُتَقَدِّمًا عَلَيْهِ فِي أَفْعَالِهِ أَمْ مُتَأَخِّرًا عَنْهُ لِعَدَمِ تَرْتِيبٍ مَحْذُورٍ عَلَيْهِ، إذْ اللَّازِمُ لَهُ أَنْ يَتَّبِعَ إمَامَهُ وَيُلْغِي نَظْمَ صَلَاةِ نَفْسِهِ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ (ثُمَّ) بَعْدَ اقْتِدَائِهِ بِهِ (يَتْبَعُهُ) فِيمَا هُوَ فِيهِ حَتْمًا (قَائِمًا كَانَ أَوْ قَاعِدًا) أَوْ رَاكِعًا أَوْ سَاجِدًا رِعَايَةً لِلْمُتَابَعَةِ (فَإِنْ فَرَغَ الْإِمَامُ أَوَّلًا فَهُوَ كَمَسْبُوقٍ،) فَيُتِمُّ صَلَاتَهُ (أَوْ) فَرَغَ (هُوَ) أَيْ الْمَأْمُومُ أَوَّلًا
ــ
[حاشية الشبراملسي]
وَبَيْنَ الرِّوَايَةِ الْأُولَى «بِأَنَّهُ أَوَّلًا اقْتَدَى بِأَبِي بَكْرٍ ثُمَّ تَأَخَّرَ أَبُو بَكْرٍ وَاقْتَدَى بِهِ» اهـ.
(قَوْلُهُ: وَمُقَابِلُ الْأَظْهَرِ لَا يَجُوزُ وَتَبْطُلُ بِهِ الصَّلَاةُ) قَالَ الْمَحَلِّيُّ: لِأَنَّ الْجَوَازَ يُؤَدِّي إلَى تَحَرُّمِ الْمَأْمُومِ قَبْلَ الْإِمَامِ اهـ. وَمُرَادُهُ أَنَّهُ قَدْ يُؤَدِّي إلَى ذَلِكَ، وَإِلَّا فَيَجُوزُ أَنْ يُحْرِمَ الْمَأْمُومُ بَعْدَ إحْرَامِ الْإِمَامِ ثُمَّ يَقْتَدِي بِهِ فَلَا يَكُونُ إحْرَامُ الْمَأْمُومِ مُتَقَدِّمًا عَلَى إحْرَامِ الْإِمَامِ.
(قَوْلُهُ: جَازَ بِلَا خِلَافٍ) فَلَا يُشْكِلُ عَلَيْهِ حِكَايَةُ الْخِلَافِ فِي اقْتِدَاءِ بَعْضِ الْمَسْبُوقِينَ بِبَعْضٍ فَإِنَّهُمْ لَمْ يُحْرِمُوا أَوَّلًا مُنْفَرِدِينَ بَلْ فِي جَمَاعَةٍ، وَمُقْتَضَى مَا نَقَلَهُ الشَّارِحُ عَنْ الْمَجْمُوعِ أَنَّهُ مَتَى أَحْرَمَ بِالْأُولَى فِي جَمَاعَةٍ لَمْ يُكْرَهْ الِاقْتِدَاءُ الثَّانِي. نَعَمْ عَلَى مَا نَقَلْنَاهُ عَنْ حَجّ مِنْ تَخْصِيصِ الْمَسْأَلَةِ بِمَا إذَا تَبَيَّنَ خَلَلٌ فِي صَلَاةِ الْإِمَامِ لَا إشْكَالَ.
(قَوْلُهُ: كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ) لَكِنْ لَيْسَ ذَلِكَ عَلَى إطْلَاقِهِ بَلْ صُورَتُهُ أَنْ يُحْرِمَ خَلْفَ جُنُبٍ أَوْ مُحْدِثٍ ثُمَّ يَبِينُ الْحَالُ لَهُمَا فَيَذْهَبُ الْإِمَامُ فَيَتَطَهَّرُ وَيَأْتِي لِإِكْمَالِ صَلَاتِهِ فَيُكْمِلُهَا الْمَأْمُومُ مَعَهُ أَوْ يَرْبِطُ الْمَأْمُومُ صَلَاتَهُ بِغَيْرِ ذَلِكَ الْإِمَامِ اهـ. قَالَ حَجّ: فَعُلِمَ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَظْهَرْ لَهُ نَقْصٌ فِي صَلَاةِ إمَامِهِ بَلْ نَقَلَ نَفْسَهُ لِجَمَاعَةٍ أُخْرَى بِلَا سَبَبٍ كَانَ ذَلِكَ مَكْرُوهًا وَفَاتَتْ بِهِ الْفَضِيلَةُ، بَلْ لَوْ أَخْرَجَ نَفْسَهُ بِعُذْرٍ أَتَمَّ صَلَاتَهُ مُنْفَرِدًا وَكُرِهَ لَهُ الِاقْتِدَاءُ اهـ سم بِتَصَرُّفٍ
(قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ فِي رَكْعَةٍ) هُوَ غَايَةٌ.
(قَوْلُهُ: يَتْبَعُهُ فِيمَا هُوَ فِيهِ) الْحَاصِلُ أَنَّ قَوْلَ الشَّارِحِ وَتَبِعَهُ فِيمَا هُوَ فِيهِ وَإِنْ كَانَ عَلَى خِلَافِ نَظْمِ صَلَاتِهِ شَامِلٌ لِمَا إذَا اقْتَدَى مَنْ فِي السَّجْدَةِ الْأُولَى بِمَنْ فِي الْقِيَامِ فَيَقُومُ إلَيْهِ وَيَتْرُكُ السَّجْدَةَ الثَّانِيَةَ، وَلَا مَانِعَ مِنْ ذَلِكَ وِفَاقًا لِشَيْخِنَا طب رحمه الله، وَعَلَى هَذَا فَهَلْ يُعْتَدُّ لَهُ بِمَا فَعَلَهُ حَتَّى إذَا قَامَ مَعَ الْإِمَامِ لَا تَلْزَمُهُ قِرَاءَةُ الْفَاتِحَةِ، وَإِذَا وَصَلَ مَعَهُ إلَى مَا بَعْدَ السَّجْدَةِ الْأُولَى كَمُلَتْ بِهِ رَكْعَتُهُ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَيَظْهَرُ الْآنَ الْأَوَّلُ: أَيْ وَعَلَيْهِ فَلَوْ بَطَلَتْ صَلَاةُ الْإِمَامِ فِي الْقِيَامِ أَوْ الرُّكُوعِ وَجَبَ عَلَى الْمَأْمُومِ الْجُلُوسُ فَوْرًا بِقَصْدِ الْجُلُوسِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ ثُمَّ يَأْتِي بِالسَّجْدَةِ الثَّانِيَةِ، لِأَنَّ قِيَامَهُ كَانَ لِمَحْضِ الْمُتَابَعَةِ وَقَدْ زَالَتْ، وَكَمَا إذَا اقْتَدَى مَنْ فِي الِاعْتِدَالِ بِمَنْ فِي الْقِيَامِ، وَلَا مَانِعَ أَيْضًا. وَلَا يُقَالُ: يَلْزَمُ تَطْوِيلُ الرُّكْنِ الْقَصِيرِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ: اقْتِدَاؤُهُ بِهِ فِي هَذِهِ إعْرَاضٌ عَنْ الِاعْتِدَالِ إلَى الْقِيَامِ، فَهُوَ حِينَئِذٍ يَصِيرُ قَائِمًا لَا مُعْتَدِلًا، ثُمَّ التَّبَعِيَّةُ فِيمَا هُوَ فِيهِ يَنْبَغِي مَا لَمْ يُتِمَّ صَلَاتَهُ، فَلَوْ اقْتَدَى مَنْ فِي تَشَهُّدِهِ الْآخِرِ بِمَنْ فِي تَشَهُّدِهِ الْأَوَّلِ فَظَاهِرٌ أَنَّهُ إذَا قَامَ الْإِمَامُ لِبَقِيَّةِ صَلَاتِهِ عَدَمُ جَوَازِ تَبَعِيَّةِ الْمَأْمُومِ لَهُ، بَلْ إنْ شَاءَ فَارَقَهُ وَسَلَّمَ وَإِنْ شَاءَ انْتَظَرَهُ لِيُسَلِّمَ مَعَهُ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ.
وَبَقِيَ مَا لَوْ اقْتَدَى مَنْ فِي الْجُلُوسِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ بِمَنْ فِي التَّشَهُّدِ فَهَلْ لَهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالسَّجْدَةِ الثَّانِيَةِ لِعَدَمِ فُحْشِ الْمُخَالَفَةِ قِيَاسًا عَلَى مَا تَقَدَّمَ فِيمَا لَوْ شَكَّ فِي السَّجْدَةِ الثَّانِيَةِ بَعْدَ جُلُوسِهِ مَعَ الْإِمَامِ لِلتَّشَهُّدِ مِنْ أَنَّهُ يَأْتِي بِهَا لِعَدَمِ فُحْشِ الْمُخَالَفَةِ أَمْ لَا، فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ بَلْ الْمُتَعَيَّنُ الثَّانِي؛ لِأَنَّا إنَّمَا أَوْجَبْنَا عَلَيْهِ السُّجُودَ ثَمَّ لِلشَّكِّ فِي الرُّكْنِ
ــ
[حاشية الرشيدي]
كَذَلِكَ.
(قَوْلُهُ: وَلَوْ قَامَ الْمَسْبُوقُونَ أَوْ الْمُقِيمُونَ) أَيْ لِتَتْمِيمِ صَلَاتِهِمْ
(فَإِنْ شَاءَ فَارَقَهُ) بِالنِّيَّةِ وَسَلَّمَ مِنْ غَيْرِ كَرَاهَةٍ؛ لِأَنَّهُ فِرَاقٌ بِعُذْرٍ كَمَا مَرَّ (وَإِنْ شَاءَ انْتَظَرَهُ) بِالْقَيْدِ الْمَارِّ فِي فَصْلِ نِيَّةِ الْقُدْوَةِ (لِيُسَلِّمَ مَعَهُ) وَهُوَ الْأَفْضَلُ عَلَى قِيَاسِ مَا مَرَّ (وَمَا أَدْرَكَهُ الْمَسْبُوقُ) مَعَ إمَامِهِ مِمَّا يُعْتَدُّ لَهُ بِهِ لَا كَاعْتِدَالٍ وَمَا بَعْدَهُ؛ لِأَنَّهُ لِمَحْضِ الْمُتَابَعَةِ فَلَيْسَ مِنْ مَحَلِّ الْخِلَافِ فِي شَيْءٍ (فَأَوَّلُ صَلَاتِهِ) ، وَمَا يَفْعَلُهُ بَعْدَ سَلَامِهِ آخِرُهَا لِخَبَرِ «مَا أَدْرَكْتُمْ فَصَلُّوا وَمَا فَاتَكُمْ فَأَتِمُّوا» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَإِتْمَامُ الشَّيْءِ إنَّمَا يَكُونُ بَعْدَ أَوَّلِهِ، وَأَمَّا خَبَرُ مُسْلِمٍ «وَاقْضِ مَا سَبَقَك» فَمَحْمُولٌ عَنْ الْقَضَاءِ اللُّغَوِيِّ؛ لِأَنَّهُ مَجَازٌ مَشْهُورٌ مَعَ أَنَّهُ يَتَعَيَّنُ ذَلِكَ لِاسْتِحَالَةِ حَقِيقَةِ الْقَضَاءِ شَرْعًا هُنَا (فَيُعِيدُ فِي الْبَاقِي) مِنْ الصُّبْحِ (الْقُنُوتَ) فِي مَحَلِّهِ؛ لِأَنَّهُ فَعَلَهُ أَوَّلًا لِمَحْضِ الْمُتَابَعَةِ لِإِمَامِهِ.
(وَلَوْ)(أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنْ الْمَغْرِبِ) مَعَ الْإِمَامِ (تَشَهَّدَ فِي ثَانِيَتِهِ) اسْتِحْبَابًا؛ لِأَنَّهَا مَحَلُّ تَشَهُّدِهِ الْأَوَّلِ، وَمَا فَعَلَهُ مَعَ الْإِمَامِ كَانَ لِلْمُتَابَعَةِ، وَهَذَا إجْمَاعٌ مِنَّا وَمِنْ الْمُخَالِفِ وَحَجَّةٌ لَنَا عَلَى أَنَّ مَا يُدْرِكُهُ مَعَهُ أَوَّلُ صَلَاتِهِ، وَمَرَّ أَنَّهُ لَوْ أَدْرَكَهُ فِي أَخِيرَتَيْ رُبَاعِيَّتِهِ مَثَلًا فَإِنْ أَمْكَنَهُ فِيهِمَا قِرَاءَةُ السُّورَةِ مَعَهُ قَرَأَهَا وَإِلَّا أَتَى بِهَا فِي أَخِيرَتَيْ نَفْسِهِ تَدَارُكًا لَهَا لِعُذْرِهِ (وَإِنْ أَدْرَكَهُ) أَيْ الْمَأْمُومُ الْإِمَامَ (رَاكِعًا)(أَدْرَكَ الرَّكْعَةَ) أَيْ مَا فَاتَهُ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
الَّذِي كَانَ فِيهِ مَعَ الْإِمَامِ وَالْأَصْلُ عَدَمُهُ، وَسَبْقُ الْإِمَامِ بِرُكْنٍ لَا يَضُرُّ، فَكَانَ السُّجُودُ وَاجِبًا بِمُقْتَضَى الْقُدْوَةِ لِعَدَمِ السَّبْقِ بِرُكْنَيْنِ، وَمَا هُنَا لَيْسَ فِيهِ اقْتِدَاءٌ قَبْلُ حَتَّى يَعْمَلَ بِمُقْتَضَاهُ، فَرُوعِيَ حَالُ مَنْ اقْتَضَى فِي الْأَثْنَاءِ وَهُوَ وُجُوبُ تَبَعِيَّةِ الْإِمَامِ فِيمَا هُوَ فِيهِ، ثُمَّ إنْ كَانَ الِاقْتِدَاءُ فِي التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ وَافَقَ الْإِمَامَ فِيمَا هُوَ فِيهِ وَأَتَى بِرَكْعَةٍ بَعْدَ سَلَامِ إمَامِهِ وَإِنْ كَانَ فِي الْأَخِيرِ وَافَقَهُ فِيمَا هُوَ فِيهِ، ثُمَّ أَتَى بِسَجْدَةٍ بَعْدَ سَلَامِ إمَامِهِ وَإِنْ طَالَ مَا بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ؛ لِأَنَّهُ بِالِاقْتِدَاءِ أَعْرَضَ عَنْ الْجُلُوسِ وَصَارَ مَا هُوَ فِيهِ لِلْمُتَابَعَةِ، وَيَنْبَغِي أَنَّ مِثْلَ الِاقْتِدَاءِ فِي التَّشَهُّدِ الْأَخِيرِ مَا لَوْ اقْتَدَى بِهِ فِي السَّجْدَةِ الْأَخِيرَةِ مِنْ صَلَاتِهِ بَعْدَ الطُّمَأْنِينَةِ فَيَنْتَظِرُهُ فِي السُّجُودِ وَلَا يَتْبَعُهُ فِيمَا هُوَ فِيهِ، وَأَمَّا قَبْلَ الطُّمَأْنِينَةِ فَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ كَذَلِكَ لِتَمَامِ صَلَاتِهِ ظَاهِرًا، وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ يَتْبَعُهُ؛ لِأَنَّهُ يَصْدُقُ عَلَيْهِ أَنَّ صَلَاتَهُ لَمْ تَتِمَّ.
(قَوْلُهُ: فَإِنْ شَاءَ فَارَقَهُ بِالنِّيَّةِ) . [فَرْعٌ] لَوْ تَلَفَّظَ بِنِيَّةِ الْمُفَارَقَةِ عَمْدًا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ كَمَا هُوَ وَاضِحٌ وِفَاقًا لِمَا جَزَمَ بِهِ م ر وَخِلَافًا لِمَنْ خَالَفَ عَلَى مَا نَسَبَ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ: أَيْ بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَ نَاسِيًا أَوْ جَاهِلًا فَلَا تَبْطُلُ صَلَاتُهُ، وَهَلْ يَسْجُدُ لِلسَّهْوِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ لِأَنَّ الْقُدْوَةَ اخْتَلَتْ بِالتَّلَفُّظِ بِنِيَّةِ الْمُفَارَقَةِ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ لِلْعِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ.
(قَوْلُهُ: بِالْقَيْدِ الْمَارِّ) أَيْ بِأَنْ لَا يُحْدِثَ جُلُوسَ تَشَهُّدٍ لَمْ يُحْدِثْهُ إمَامُهُ.
(قَوْلُهُ: لِيُسَلِّمَ مَعَهُ وَهُوَ الْأَفْضَلُ) قَدْ يُقَالُ كَيْفَ يَكُونُ أَفْضَلَ مَعَ حُكْمِهِ بِكَرَاهَةِ الِاقْتِدَاءِ، وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ سَبَبَ ذَلِكَ مَا فِي الْمُفَارَقَةِ مِنْ قَطْعِ الْعَمَلِ وَذَلِكَ لَا يُنَافِي الْكَرَاهَةَ وَفَوَاتَ فَضْلِ الْجَمَاعَةِ بِاعْتِبَارِ مَعْنًى آخَرَ اهـ عَمِيرَةُ.
(قَوْلُهُ: مَعَ أَنَّهُ يَتَعَيَّنُ ذَلِكَ) أَيْ حَمْلُهُ عَلَى الْقَضَاءِ اللُّغَوِيِّ.
(قَوْلُهُ: لِاسْتِحَالَةِ حَقِيقَةِ الْقَضَاءِ إلَخْ) قَدْ تُمْنَعُ دَلَالَةُ هَذِهِ الِاسْتِحَالَةِ عَلَى التَّعَيُّنِ لِجَوَازِ أَنَّ لِلْقَضَاءِ شَرْعًا مَعْنًى آخَرَ كَوُقُوعِ الشَّيْءِ فِي غَيْرِ مَحَلِّهِ وَإِنْ كَانَ فِي وَقْتِهِ اهـ سم عَلَى حَجّ
(قَوْلُهُ: وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْهُ.
(قَوْلُهُ: فِي أَخِيرَتَيْ نَفْسِهِ) قَالَ عَمِيرَةُ: لَا يُقَالُ فَهَلَّا قَضَى الْجَهْرَ أَيْضًا؛ لِأَنَّا نَقُولُ: هُوَ صِفَةٌ تَابِعَةٌ وَالسُّورَةُ سُنَّةٌ مُسْتَقِلَّةٌ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ. وَمِثْلُهُ فِي حَجّ.
(قَوْلُهُ: أَدْرَكَ الرَّكْعَةَ) أَيْ مَا فَاتَهُ مِنْ قِيَامِهَا: أَيْ وَلَا ثَوَابَ لَهُ فِيهَا؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يُثَابُ عَلَى فِعْلِهِ، وَغَايَةُ هَذَا أَنَّ الْإِمَامَ تَحَمَّلَ
ــ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: وَهُوَ الْأَفْضَلُ عَلَى قِيَاسِ مَا مَرَّ) اُنْظُرْ مَا فَائِدَةُ هَذِهِ الْأَفْضَلِيَّةِ مَعَ مَا مَرَّ مِنْ أَنَّ الِاقْتِدَاءَ فِي الْأَثْنَاءِ مَكْرُوهٌ مُفَوِّتٌ لِفَضِيلَةِ الْجَمَاعَةِ. ثُمَّ رَأَيْت الشِّهَابَ سم نَقَلَ فِي حَوَاشِي الْمَنْهَجِ الْجَوَابَ عَنْ ذَلِكَ عَنْ شَيْخِهِ الْبُرُلُّسِيِّ بِأَنَّ سَبَبَ ذَلِكَ مَا فِي الْمُفَارَقَةِ مِنْ قَطْعِ الْعَمَلِ، وَذَلِكَ لَا يُنَافِي الْكَرَاهَةَ وَفَوَاتُ فَضْلِ الْجَمَاعَةِ بِاعْتِبَارِ مَعْنًى آخَرَ (قَوْلُهُ: فَمَحْمُولٌ عَلَى الْقَضَاءِ اللُّغَوِيِّ) أَيْ إذْ لَكِنْ قَدْ يُقَالُ هُوَ وَإِنْ حَمَلْنَاهُ عَلَى الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ فَلَفْظُ مَا سَبَقَك يُشْعِرُ بِمَا فَرَّ مِنْهُ.
(قَوْلُهُ: تَدَارُكًا لَهَا) أَيْ مِنْ الْقِرَاءَةِ لِعُذْرِهِ لِئَلَّا تَخْلُوَ صَلَاتُهُ عَنْ قِرَاءَةِ السُّورَةِ حَيْثُ لَمْ يَفْعَلْهَا وَلَمْ يُدْرِكْهَا مَعَ الْإِمَامِ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ التَّدَارُكَ بِمَعْنَى
مِنْ قِيَامِهَا وَقِرَاءَتِهَا وَلَوْ قَصَّرَ بِتَأْخِيرِ تَحَرُّمِهِ إلَى رُكُوعِ الْإِمَامِ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ لِخَبَرِ «مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنْ الصَّلَاةِ قَبْلَ أَنْ يُقِيمَ الْإِمَامُ صُلْبَهُ فَقَدْ أَدْرَكَهَا» وَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي إدْرَاكِهَا بِذَلِكَ بَيْنَ أَنْ يُتِمَّ الْإِمَامُ الرَّكْعَةَ وَيُتِمَّهَا مَعَهُ أَوَّلًا، كَأَنْ أَحْدَثَ فِي اعْتِدَالِهِ وَهُوَ كَذَلِكَ، وَلَوْ ضَاقَ الْوَقْتُ وَأَمْكَنَهُ إدْرَاكُ رَكْعَةٍ بِإِدْرَاكِ رُكُوعِهَا مَعَ مَنْ يَتَحَمَّلُ عَنْهُ الْفَاتِحَةَ لَزِمَهُ الِاقْتِدَاءُ بِهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (قُلْت) إنَّمَا يُدْرِكُهَا (بِشَرْطِ أَنْ) يَكُونَ ذَلِكَ الرُّكُوعُ مَحْسُوبًا لِلْإِمَامِ كَمَا يُسْتَفَادُ مِنْ كَلَامِهِ فِي الْجُمُعَةِ بِأَنْ لَا يَكُونَ مُحْدَثًا عِنْدَهُ فَلَا يَضُرُّ طُرُوُّ حُدُوثِهِ بَعْدَ إدْرَاكِ الْمَأْمُومِ لَهُ مَعَهُ وَلَا فِي رُكُوعٍ زَائِدٍ سَهَا بِهِ، وَسَيَأْتِي فِي الْكُسُوفِ أَنَّ رُكُوعَ صَلَاتِهِ الثَّانِي لَا تُدْرَكُ بِهِ الرَّكْعَةُ أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ وَإِنْ كَانَ مَحْسُوبًا لَهُ بِمَنْزِلَةِ الِاعْتِدَالِ.
نَعَمْ لَوْ اقْتَدَى بِهِ فِيهِ غَيْرُ مُصَلِّيهَا أَدْرَكَ الرَّكْعَةَ؛ لِأَنَّهُ أَدْرَكَ مَعَهُ رُكُوعًا مَحْسُوبًا وَأَنْ (يَطْمَئِنَّ) بِالْفِعْلِ لَا بِالْإِمْكَانِ يَقِينًا (قَبْلَ ارْتِفَاعِ الْإِمَامِ عَنْ أَقَلِّ الرُّكُوعِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) .
وَلَوْ أَتَى الْمَأْمُومُ مَعَ الْإِمَامِ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
عَنْهُ لِعُذْرِهِ هَذَا، وَفِي حَاشِيَةِ شَيْخِنَا الشَّوْبَرِيِّ عَلَى الْمَنْهَجِ قَوْلُهُ أَدْرَكَ الرَّكْعَةَ وَثَوَابَهَا كَمَا فِي الْمَحَلِّيِّ فِي كِتَابِ الصَّوْمِ حَتَّى ثَوَابَ جَمِيعِهَا كَمَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ، وَإِنْ قَصَرَ فَلَا يُحْرِمُ حَتَّى رَكَعَ إمَامُهُ اهـ إيعَابٌ.
(قَوْلُهُ: كَأَنْ أَحْدَثَ فِي اعْتِدَالِهِ) أَيْ أَوْ فِي رُكُوعِهِ بَعْدَ طُمَأْنِينَةِ الْمَسْبُوقِ.
(قَوْلُهُ: وَلَوْ ضَاقَ الْوَقْتُ) أَيْ عَمَّا يَسَعُ رَكْعَةً كَامِلَةً.
(قَوْلُهُ: أَنَّ رُكُوعَ صَلَاتِهِ الثَّانِي) أَيْ مِنْ الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ أَوْ الْأُولَى إذَا كَانَ الْمَأْمُومُ مُوَافِقًا لِلْإِمَامِ فِي صَلَاتِهِ لِمَا مَرَّ مِنْ عَدَمِ صِحَّةِ نَحْوِ الْمَكْتُوبَةِ بِمُصَلَّى الْكُسُوفِ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى مُطْلَقًا (قَوْلُهُ لَا بِالْإِمْكَانِ) وَصُورَةُ الْإِمْكَانِ كَأَنْ زَادَ فِي انْحِنَائِهِ عَلَى أَقَلِّ الرُّكُوعِ قَدْرًا لَوْ تَرَكَهُ لَاطْمَأَنَّ، وَقَوْلُهُ يَقِينًا مُتَعَلِّقٌ بِيَطْمَئِنُّ.
(قَوْلُهُ: قَبْلَ ارْتِفَاعِ الْإِمَامِ عَنْ أَقَلِّ الرُّكُوعِ) دَخَلَ فِيهِ، مَا لَوْ كَانَ الْإِمَامُ أَتَى بِأَكْمَلِ الرُّكُوعِ أَوْ زَادَ فِي الِانْحِنَاءِ ثُمَّ اقْتَدَى بِهِ الْمَأْمُومُ فَشَرَعَ الْإِمَامُ فِي الرَّفْعِ وَالْمَأْمُومُ فِي الْهُوِيِّ وَاطْمَأَنَّ يَقِينًا قَبْلَ مُفَارَقَةِ الْإِمَامِ فِي ارْتِفَاعِهِ لِأَقَلِّ الرُّكُوعِ وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَيُصَرِّحُ بِهِ كَلَامُ شَيْخِنَا الزِّيَادِيِّ، وَبَقِيَ مَا لَوْ لَمْ يَطْمَئِنَّ مَعَ الْإِمَامِ قَبْلَ ارْتِفَاعِهِ لَكِنْ لَمَّا قَامَ الْإِمَامُ شَكَّ فِي رُكُوعِهِ فَأَعَادَهُ فَهَلْ يَعُودُ الْمَأْمُومُ مَعَهُ لِلرُّكُوعِ وَيُدْرِكُ بِهِ الرَّكْعَةَ أَوْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهُ إنْ عَلِمَ أَنَّ عَوْدَهُ لِلشَّكِّ كَأَنْ كَتَبَ لَهُ بِذَلِكَ وَجَبَ الْعَوْدُ مَعَهُ لِتَبَيُّنِ وُجُوبِ الرُّكُوعِ عَلَى الْإِمَامِ وَإِلَّا فَلَا يَعُودُ بَلْ يَمْتَنِعُ عَلَيْهِ ذَلِكَ، وَبَقِيَ أَيْضًا مَا لَوْ أَدْرَكَ الْإِمَامَ فِي الرُّكُوعِ وَاطْمَأَنَّ مَعَهُ يَقِينًا ثُمَّ لَمَّا رَفَعَ الْإِمَامُ رَأْسَهُ مِنْ الرُّكُوعِ شَرَعَ فِي قِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ فَشَكَّ الْمَأْمُومُ فِي حَالِ إمَامِهِ هَلْ هُوَ سَاهٍ أَوْ عَامِدٌ أَوْ جَاهِلٌ هَلْ يُحْسَبُ لَهُ رُكُوعُهُ الْأَوَّلُ مَعَهُ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ عَدَمُ حُسْبَانِهِ؛ لِأَنَّ التَّحَمُّلَ عَنْهُ رُخْصَةٌ وَهِيَ لَا يُصَارُ إلَيْهَا إلَّا بِيَقِينٍ، فَبِتَقْدِيرِ أَنَّ الْإِمَامَ لَمْ يَقْرَأْ الْفَاتِحَةَ قَبْلَ رُكُوعِهِ الْأَوَّلِ لَا يَكُونُ رُكُوعُهُ الْأَوَّلُ مُعْتَدًّا بِهِ فَلَا يَصْلُحُ لِلتَّحَمُّلِ عَنْ الْمَأْمُومِ؛ لِأَنَّ رُكُوعَهُ هَذَا كَالرُّكُوعِ الزَّائِدِ، وَحَيْثُ كَانَ كَذَلِكَ فَيَجِبُ عَلَيْهِ الْعَوْدُ إلَى مَحَلِّ الْقِرَاءَةِ؛ لِأَنَّ الشَّكَّ فِي حَالِ إمَامِهِ يُؤَدَّى إلَى الشَّكِّ فِي انْتِقَالِهِ عَنْ الْقِيَامِ الَّذِي كَانَ فِيهِ وَالْأَصْلُ عَدَمُهُ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَنْتَظِرَ فِي السُّجُودِ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ وَالْغَالِبَ فِي رُكُوعِ الْإِمَامِ أَنْ يَكُونَ بَعْدَ الْقِرَاءَةِ الْمُعْتَدِّ بِهَا، وَيَأْتِي بِرَكْعَةٍ بَعْدَ سَلَامِ الْإِمَامِ، وَإِنْ عَادَ مَعَ الْإِمَامِ وَقَرَأَ الْفَاتِحَةَ وَرَكَعَ مَعَهُ فَيَنْبَغِي الِاعْتِدَادُ بِرَكْعَتِهِ؛ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ الْإِمَامُ قَرَأَ الْفَاتِحَةَ قَبْلَ رُكُوعِهِ الْأَوَّلِ اعْتَدَّ بِرُكُوعِ الْمَأْمُومِ الْأَوَّلِ وَحُسِبَتْ لَهُ الرَّكْعَةُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ قَرَأَ الْفَاتِحَةَ وَعَادَ مَعَهُ الْمَأْمُومُ
ــ
[حاشية الرشيدي]
الْقَضَاءِ بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَوْ أَدْرَكَ الْقِرَاءَةَ فِي أَخِيرَتَيْ الْإِمَامِ فَعَلَهَا وَلَا تَدَارُكَ (قَوْلُهُ: كَأَنْ أَحْدَثَ فِي اعْتِدَالِهِ) أَيْ أَوْ فِي رُكُوعِهِ بَعْدَ مَا اطْمَأَنَّ مَعَهُ، وَيَشْمَلُ هَذَا قَوْلَهُ الْآتِيَ قَرِيبًا فَلَا يَضُرُّ طُرُوُّ حَدَثِهِ بَعْدَ إدْرَاكِ الْمَأْمُومِ لَهُ مَعَهُ وَصَرَّحَ بِهِ الشِّهَابُ حَجّ نَقْلًا عَنْ الْقَاضِي فِي شَرْحِ الْعُبَابِ (قَوْلُهُ: لَزِمَهُ الِاقْتِدَاءُ بِهِ) قَالَ الشِّهَابُ سم: ظَاهِرُهُ وَإِنْ عُذِرَ بِالتَّأْخِيرِ وَفِيهِ وَقْفَةٌ (قَوْلُهُ: غَيْرُ مُصَلِّيهَا) أَيْ أَوْ مُصَلِّيهَا كَسُنَّةِ الظُّهْرِ فِيمَا يَظْهَرُ، وَهَذَا الِاسْتِدْرَاكُ قَدْ تَقَدَّمَ فِي الْبَابِ.
الَّذِي لَمْ يُحْسَبْ رُكُوعُهُ بِالرَّكْعَةِ كَامِلَةً بِأَنْ أَدْرَكَ مَعَهُ قِرَاءَةَ الْفَاتِحَةِ حُسِبَتْ لَهُ الرَّكْعَةُ؛ لِأَنَّ الْإِمَامَ لَمْ يَتَحَمَّلْ عَنْهُ شَيْئًا.
نَعَمْ إنْ عَلِمَ سَهْوَهُ أَوْ حَدَثَهُ ثُمَّ نَسِيَ لَزِمَتْهُ الْإِعَادَةُ لِتَقْصِيرِهِ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ (وَلَوْ)(شَكَّ فِي إدْرَاكِ حَدِّ الْإِجْزَاءِ) بِأَنْ تَرَدَّدَ فِي طُمَأْنِينَتِهِ قَبْلَ ارْتِفَاعِ إمَامِهِ عَنْ أَقَلِّ الرُّكُوعِ (لَمْ تُحْسَبْ رَكْعَتُهُ فِي الْأَظْهَرِ) وَمِثْلُهُ إذَا ظَنَّ إدْرَاكَ ذَلِكَ بَلْ أَوْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ لِمُجَامَعَتِهِ لِلشَّكِّ بِالْفِعْلِ وَإِنْ نَظَرَ فِيهِ الزَّرْكَشِيُّ؛ لِأَنَّ هَذَا رُخْصَةٌ وَهِيَ لَا بُدَّ مِنْ تَحَقُّقِ سَبَبِهَا فَلَمْ يُنْظَرْ لِأَصْلِ بَقَاءِ الْإِمَامِ فِيهِ، وَيَسْجُدُ الشَّاكُّ لِلسَّهْوِ؛ لِأَنَّهُ شَاكٌّ بَعْدَ سَلَامِ الْإِمَامِ فِي عَدَدِ رَكَعَاتِهِ فَلَمْ يَتَحَمَّلْهُ عَنْهُ. وَالثَّانِي يُحْسَبُ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ الْإِمَامِ فِيهِ.
(وَيُكَبِّرُ) الْمَسْبُوقُ (لِلْإِحْرَامِ) وُجُوبًا كَغَيْرِهِ فِي الْقِيَامِ أَوْ بَدَلِهِ، فَإِنْ وَقَعَ بَعْضُهُ فِي غَيْرِ الْقِيَامِ لَمْ تَنْعَقِدْ صَلَاتُهُ فَرْضًا وَلَا نَفْلًا (ثُمَّ لِلرُّكُوعِ) نَدْبًا؛ لِأَنَّهُ مَحْسُوبٌ لَهُ فَنُدِبَ لَهُ التَّكْبِيرُ (فَإِنْ نَوَاهُمَا) أَيْ الْإِحْرَامَ وَالرُّكُوعَ (بِتَكْبِيرَةٍ) وَاحِدَةٍ مُقْتَصِرًا عَلَيْهَا لَمْ تَنْعَقِدْ صَلَاتُهُ (عَلَى الصَّحِيحِ) لِتَشْرِيكِهِ بَيْنَ فَرْضٍ وَسُنَّةٍ مَقْصُودَةٍ فَأَشْبَهَ نِيَّةَ الظُّهْرِ وَسُنَّتَهُ لَا الظُّهْرَ وَالتَّحِيَّةَ، وَادَّعَى الْإِمَامُ الْإِجْمَاعَ فِيهِ (وَقِيلَ تَنْعَقِدُ) لَهُ (نَفْلًا) كَمَا لَوْ أَخْرَجَ خَمْسَةَ دَرَاهِمَ مَثَلًا وَنَوَى بِهَا الْفَرْضَ وَالتَّطَوُّعَ فَإِنَّهَا تَقَعُ لَهُ تَطَوُّعًا، وَيُفَرَّقُ عَلَى الْأَوَّلِ بِأَنَّ النِّيَّةَ لَمْ يُغْتَفَرْ فِيهَا مَا لَا يُغْتَفَرُ هُنَا، وَلِهَذَا قَالَ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: إنَّ الْقِيَاسَ مَدْفُوعٌ وَلَيْسَ فِيهِ جَامِعٌ مُعْتَبَرٌ؛ لِأَنَّ صَدَقَةَ الْفَرْضِ لَيْسَتْ شَرْطًا فِي صِحَّةِ صَدَقَةِ النَّفْلِ، فَإِذَا بَطَل الْفَرْضُ صَحَّ النَّفَلُ، بِخِلَافِ تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ فَإِنَّهَا شَرْطٌ فِي صِحَّةِ تَكْبِيرَةِ الِانْتِقَالِ فَلَا جَامِعَ بَيْنَهُمَا، وَأَيْضًا فَالنَّقْلُ ثَمَّ لَمْ يَحْتَجْ لِنِيَّةٍ أَصْلًا فَلَمْ يُؤَثِّرْ فِيهِ فَسَادُ النِّيَّةِ بِالتَّشْرِيكِ، وَهُنَا انْعِقَادُهَا مُتَوَقِّفٌ عَلَى النِّيَّةِ فَأَثَّرَ فِيهِ اقْتِرَانُهَا بِمُفْسِدٍ وَهُوَ التَّشْرِيكُ الْمَذْكُورُ.
فَإِنْ نَوَى بِهَا التَّحَرُّمَ فَقَطْ وَأَتَمَّهَا وَهُوَ إلَى الْقِيَامِ مَثَلًا أَقْرَبُ مِنْهُ إلَى أَقَلِّ الرُّكُوعِ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
فَعَوْدُهُ فِي مَحَلِّهِ وَيُعْتَدُّ بِقِرَاءَتِهِ وَرُكُوعِهِ فَيُحْكَمُ لَهُ بِإِدْرَاكِ الرَّكْعَةِ إمَّا بِرُكُوعِهِ الْأَوَّلِ أَوْ الثَّانِي
(قَوْلُهُ: الَّذِي لَمْ يُحْسَبْ رُكُوعُهُ) أَيْ كَأَنْ كَانَ مُحْدِثًا.
(قَوْلُهُ: حُسِبَتْ لَهُ) أَيْ الْمَأْمُومِ
(قَوْلُهُ: فَإِنْ وَقَعَ بَعْضُهُ فِي غَيْرِ الْقِيَامِ) أَيْ بِأَنْ كَانَ فِي مَحَلٍّ لَا تُجْزِئُ فِيهِ الْقِرَاءَةُ كَمَا يَأْتِي لَهُ رحمه الله.
(قَوْلُهُ: لَمْ تَنْعَقِدْ صَلَاتُهُ فَرْضًا وَلَا نَفْلًا) كَذَا فِي نُسْخَةٍ، وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ الْعَالِمِ وَالْجَاهِلِ، لَكِنَّهُ قَالَ فِي صِفَةِ الصَّلَاةِ قُبَيْلَ الرُّكْنِ الثَّانِي مَا نَصُّهُ: أَوْ رَكَعَ مَسْبُوقٌ قَبْلَ تَمَامِ التَّكْبِيرَةِ جَاهِلًا انْقَلَبَتْ نَفْلًا لِعُذْرِهِ، إذْ لَا يَلْزَمُ مِنْ بُطْلَانِ الْخُصُوصِ بُطْلَانُ الْعُمُومِ. اهـ وَعِبَارَةُ الشَّيْخِ عَمِيرَةَ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ: وَيُكَبِّرُ لِلْإِحْرَامِ إلَخْ لَوْ وَقَعَ بَعْضُ التَّكْبِيرَةِ رَاكِعًا لَمْ تَنْعَقِدْ فَرْضًا قَطْعًا وَلَا نَفْلًا عَلَى الْأَصَحِّ اهـ. أَقُولُ: وَالْأَقْرَبُ انْعِقَادُهَا نَفْلًا مِنْ الْجَاهِلِ كَمَا عَلَّلَ بِهِ الشَّارِحُ مِنْ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ بُطْلَانِ الْخُصُوصِ إلَخْ، وَأَيْضًا فَالْمُتَنَفِّلُ يَجُوزُ أَنْ يُحْرِمَ مِنْ جُلُوسٍ وَمَا هُنَا أَبْلَغُ مِنْهُ.
(قَوْلُهُ: فَإِنْ نَوَاهُمَا بِتَكْبِيرَةٍ لَمْ تَنْعَقِدْ) أَفْهَمَ أَنَّهُ لَا يَضُرُّ الْإِطْلَاقُ فِيمَا لَوْ أَتَى بِتَكْبِيرَتَيْنِ لِصَرْفِ الْأُولَى لِلتَّحَرُّمِ مَعَ عَدَمِ الْمُعَارِضِ وَالثَّانِيَةِ لِلرُّكُوعِ وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَفِي فَتَاوَى الشَّارِحِ مَا يُوَافِقُهُ، وَبِهَذَا يَسْقُطُ مَا نَظَرَ بِهِ سم عَلَى حَجّ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ، وَنَصُّ الْفَتَاوَى: سُئِلَ عَمَّا لَوْ وَجَدَ الْإِمَامَ رَاكِعًا فَكَبَّرَ وَأَطْلَقَ ثُمَّ كَبَّرَ أُخْرَى بِقَصْدِ الِانْتِقَالِ فَهَلْ تَصِحُّ صَلَاتُهُ؟ فَأَجَابَ: تَصِحُّ صَلَاتُهُ خِلَافًا لِبَعْضِهِمْ.
(قَوْلُهُ: وَلِهَذَا قَالَ الْوَالِدُ) فِي نُسْخَةٍ إسْقَاطُ وَلِهَذَا قَالَ الْوَالِدُ وَبَدَّلَهَا بَعْدَ قَوْلِهِ هُنَا عَلَى أَنَّ الْقِيَاسَ إلَخْ، وَهِيَ أَوْلَى؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ عَلَى أَنَّ الْقِيَاسَ فِي كَلَامِ غَيْرِ وَالِدِهِ.
(قَوْلُهُ: أَقْرَبُ مِنْهُ إلَى أَقَلِّ الرُّكُوعِ) أَخْرَجَ مَا لَوْ كَانَ إلَيْهِمَا عَلَى السَّوَاءِ فَيَضُرُّ،
ــ
[حاشية الرشيدي]
(قَوْلُهُ: لِمُجَامَعَتِهِ لِلشَّكِّ) فِيهِ أَنَّ الظَّنَّ لَا يُمْكِنُ مُجَامَعَتُهُ لِلشَّكِّ؛ لِأَنَّهُمَا حَقِيقَتَانِ مُتَبَايِنَتَانِ إذَا وُجِدَتْ إحْدَاهُمَا انْتَفَتْ الْأُخْرَى إذْ الظَّنُّ لَا يَتَحَقَّقُ إلَّا مَعَ الرُّجْحَانِ وَالشَّكُّ لَا يَتَحَقَّقُ إلَّا مَعَ التَّسَاوِي وَهُمَا ضِدَّانِ.
(قَوْلُهُ: لَمْ تَنْعَقِدْ صَلَاتُهُ) فَرْضًا وَلَا نَفْلًا ظَاهِرُهُ وَلَوْ جَاهِلًا، وَيُوَافِقُهُ مَا نُقِلَ عَنْهُ فِي شَرْحِ هَدِيَّةِ النَّاصِحِ، لَكِنْ يُخَالِفُهُ مَا قَدَّمَهُ فِي هَذَا الشَّرْحِ فِي صِفَةِ الصَّلَاةِ قُبَيْلَ الرُّكْنِ الثَّانِي (قَوْلُهُ: وَهُنَا انْعِقَادُهَا) أَيْ نَفْلًا الَّذِي قَالَ بِهِ الْمُقَابِلُ (قَوْلُهُ: وَهُوَ إلَى الْقِيَامِ مَثَلًا) أَيْ إنْ كَانَ فَرْضُهُ الْقِيَامَ.
انْعَقَدَتْ صَلَاتُهُ (وَإِنْ لَمْ يَنْوِ بِهَا شَيْئًا لَمْ تَنْعَقِدْ) صَلَاتُهُ (عَلَى الصَّحِيحِ) إذْ قَرِينَةُ الِافْتِتَاحِ تَصْرِفُهَا إلَيْهِ، وَقَرِينَةُ الْهَوَى تَصْرِفُهَا إلَيْهِ، فَلَا بُدَّ مِنْ قَصْدٍ صَارِفٍ عَنْهُمَا وَهُوَ نِيَّةُ التَّحَرُّمِ فَقَطْ لِتَعَارُضِهِمَا، وَمَا اسْتَشْكَلَهُ الْإِسْنَوِيُّ مِنْ أَنَّ قَصْدَ الرُّكْنِ غَيْرُ مُشْتَرَطٍ مَرْدُودٌ؛ لِأَنَّ مَحَلَّهُ عِنْدَ عَدَمِ الصَّارِفِ وَهُنَا صَارِفٌ كَمَا عَلِمْت، وَعُلِمَ مِنْ كَلَامِهِ مَا بِأَصْلِهِ أَنَّ نِيَّةَ الرُّكُوعِ فَقَطْ كَذَلِكَ لِعَدَمِ التَّحَرُّمِ وَمِثْلُهُ نِيَّةُ أَحَدِهِمَا عَلَى الْإِبْهَامِ لِمَا فِيهِ مِنْ التَّعَارُضِ هُنَا أَيْضًا، وَمُقَابِلُ الصَّحِيحِ تَنْعَقِدُ فَرْضًا؛ لِأَنَّ قَرِينَةَ الِافْتِتَاحِ تَصْرِفُهَا إلَيْهِ.
(وَلَوْ أَدْرَكَهُ) أَيْ الْإِمَامَ (فِي اعْتِدَالِهِ فَمَا بَعْدَهُ انْتَقَلَ مَعَهُ مُكَبِّرًا) اسْتِحْبَابًا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَحْسُوبًا لَهُ مُوَافَقَةً لِإِمَامِهِ فِي تَكْبِيرِهِ (وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يُوَافِقُهُ) اسْتِحْبَابًا أَيْضًا فِي أَذْكَارِ مَا أَدْرَكَهُ مَعَهُ وَإِنْ لَمْ يُحْسَبْ لَهُ كَالتَّحْمِيدِ وَالدُّعَاءِ (فِي التَّشَهُّدِ وَالتَّسْبِيحَاتِ) وَيُوَافِقُهُ فِي إكْمَالِ التَّشَهُّدِ أَيْضًا، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ يُوَافِقُهُ حَتَّى فِي الصَّلَاةِ عَلَى الْآلِ فِي غَيْرِ مَحَلِّ تَشَهُّدِهِ وَهُوَ ظَاهِرٌ.
وَالثَّانِي لَا يُسْتَحَبُّ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَحْسُوبٍ لَهُ، وَقِيلَ تَجِبُ مُوَافَقَتُهُ فِي التَّشَهُّدِ الْأَخِيرِ؛ لِأَنَّهُ بِالْإِحْرَامِ لَزِمَهُ اتِّبَاعُهُ (وَ) الْأَصَحُّ
(أَنَّ)(مَنْ أَدْرَكَهُ) أَيْ الْإِمَامَ (فِي سَجْدَةٍ) أُولَى أَوْ ثَانِيَةٍ وَمِثْلُهَا كُلُّ مَا لَا يُحْسَبُ لَهُ (لَمْ يُكَبِّرْ لِلِانْتِقَالِ إلَيْهَا) لِعَدَمِ مُتَابَعَتِهِ فِي ذَلِكَ وَلَيْسَ مَحْسُوبًا لَهُ، بِخِلَافِ الرُّكُوعِ فَإِنَّهُ مَحْسُوبٌ لَهُ، وَبِخِلَافِ مَا إذَا انْتَقَلَ بَعْدَ ذَلِكَ مَعَ الْإِمَامِ مِنْ السُّجُودِ أَوْ غَيْرِهِ فَإِنَّهُ يُكَبِّرُ مُوَافَقَةً لِإِمَامِهِ، وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ يُكَبِّرُ كَالرُّكُوعِ وَتَقَدَّمَ الْفَرْقُ، وَخَرَجَ بِأُولَى أَوْ ثَانِيَةٍ مَا لَوْ أَدْرَكَهُ فِي سَجْدَةِ التِّلَاوَةِ. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ:
ــ
[حاشية الشبراملسي]
وَتَقَدَّمَ عَنْ شَيْخِنَا الزِّيَادِيِّ مَا يَقْتَضِي عَدَمَ الضَّرَرِ.
(قَوْلُهُ: فَلَا بُدَّ مِنْ قَصْدٍ صَارِفٍ) عِبَارَةُ الْإِيعَابِ: وَيُشْكِلُ عَلَيْهِ مَا مَرَّ أَنَّهُ لَوْ عَجَزَ عَنْ الْقِرَاءَةِ فَأَتَى بِالِافْتِتَاحِ أَوْ التَّعَوُّذِ لَا بِقَصْدِ بَدَلِيَّةٍ وَلَا بِغَيْرِهَا بَلْ أَطْلَقَ حَيْثُ اعْتَدَّ بِهِ مَعَ وُجُودِ الْقَرِينَةِ الصَّارِفَةِ، وَيُجَابُ بِمَنْعِ أَنَّ وُجُودَهَا صَارِفٌ، ثُمَّ إنَّ عَجْزَهُ اقْتَضَى أَنْ لَا افْتِتَاحَ وَلَا تَعَوُّذَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُمَا مُقَدِّمَتَانِ لِلْقِرَاءَةِ وَهِيَ مَقْصُودَةٌ، فَإِذَا أَتَى أَحَدٌ بِهَا لَا بِقَصْدٍ انْصَرَفَ لِلْوَاجِبِ اهـ رحمه الله
(قَوْلُهُ: انْتَقَلَ مَعَهُ) أَيْ وُجُوبًا اهـ حَجّ.
(قَوْلُهُ: فِي أَذْكَارِ مَا أَدْرَكَهُ) هَذَا قَدْ يُخْرِجُ رَفْعَ الْيَدَيْنِ عِنْدَ قِيَامِ الْإِمَامِ مِنْ التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ أَوَّلًا لِلْمَأْمُومِ، وَيَظْهَرُ الْآنَ أَنَّهُ يَأْتِي بِهِ مُتَابَعَةً لِإِمَامِهِ، وَنُقِلَ مِثْلُهُ فِي الدَّرْسِ عَنْ حَجّ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ فَلْيُرَاجَعْ، وَفِيهِ أَيْضًا أَنَّهُ يَأْتِي بِهِ وَلَوْ لَمْ يَأْتِ بِهِ إمَامُهُ.
(قَوْلُهُ: كَالتَّحْمِيدِ وَالدُّعَاءِ) حَتَّى عَقِبَ التَّشَهُّدِ وَالصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم كَمَا اعْتَمَدَ ذَلِكَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ، وَوَجَّهَهُ بِأَنَّ الصَّلَاةَ لَا سُكُوتَ فِيهَا اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ.
(قَوْلُهُ: فِي غَيْرِ مَحَلِّ تَشَهُّدِهِ) عِبَارَةُ حَجّ: وَلَوْ فِي تَشَهُّدِ الْمَأْمُومِ الْأَوَّلِ.
(قَوْلُهُ: وَلَيْسَ بِمَحْسُوبٍ لَهُ) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ وَضْعُ الْأَعْضَاءِ السَّبْعَةِ وَلَا الطُّمَأْنِينَةُ فِي هَذَا السُّجُودِ؛ لِأَنَّهُ لِمَحْضِ الْمُتَابَعَةِ وَهُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ فِي سَجْدَةِ التِّلَاوَةِ) أَيْ فَيُكَبِّرُ
ــ
[حاشية الرشيدي]
(قَوْلُهُ: انْتَقَلَ مَعَهُ مُكَبِّرًا) أَيْ بِخِلَافِ انْتِقَالِهِ إلَيْهِ فَلَا يُكَبِّرُ لَهُ كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: فِي غَيْرِ مَحَلِّ تَشَهُّدِهِ) خَرَجَ مَا إذَا كَانَ مَحَلُّ تَشَهُّدِهِ بِأَنْ كَانَ تَشَهُّدًا أَوَّلَ لَهُ فَلَا يَأْتِي بِالصَّلَاةِ عَلَى الْآلِ وَلَا يُكْمِلُ التَّشَهُّدَ، وَهُوَ ظَاهِرٌ لِإِخْرَاجِهِ التَّشَهُّدَ الْأَوَّلَ عَمَّا طُلِبَ فِيهِ، وَلَيْسَ هُوَ حِينَئِذٍ لِمُجَرَّدِ الْمُتَابَعَةِ، وَأَظُنُّهُ قَدْ تَقَدَّمَ فِي صِفَةِ الصَّلَاةِ فِي الشَّرْحِ مَا يُؤْخَذُ مِنْهُ مَا ذَكَرْته، لَكِنَّ الشِّهَابَ حَجّ يُخَالِفُ فِي ذَلِكَ وَكَأَنَّ الشَّارِحَ أَشَارَ بِمَا ذُكِرَ إلَى مُخَالَفَتِهِ فَلْيُرَاجَعْ.
(قَوْلُهُ: وَلَيْسَ بِمَحْسُوبٍ لَهُ) قَالَ شَيْخُنَا فِي الْحَاشِيَةِ: يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ وَضْعُ الْأَعْضَاءِ السَّبْعَةِ فِي هَذَا السُّجُودِ، وَفِي هَذَا الْأَخْذِ نَظَرٌ ظَاهِرٌ إذْ لَمْ تُوجَدْ حَقِيقَةُ السُّجُودِ حِينَئِذٍ فَلَا يَصْدُقُ عَلَيْهِ أَنَّهُ تَابَعَهُ فِي السُّجُودِ، عَلَى أَنَّ هَذَا الْأَخْذَ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الضَّمِيرَ فِي لَيْسَ لِلسُّجُودِ، وَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ هُوَ كَالْإِشَارَةِ الَّتِي قَبْلَهُ لِلِانْتِقَالِ الْمَذْكُورِ فِي الْمَتْنِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ.
وَحَاصِلُ التَّعْلِيلِ الَّذِي فِي الشَّارِحِ أَنَّ التَّكْبِيرَ إنَّمَا يَكُونُ إمَّا لِلْمُتَابَعَةِ أَوْ لِلْمَحْسُوبِ، وَالِانْتِقَالُ الْمَذْكُورُ لَيْسَ وَاحِدًا مِنْهُمَا
وَاَلَّذِي يَنْقَدِحُ أَنَّهُ يُكَبِّرُ لِلْمُتَابَعَةِ فَإِنَّهَا مَحْسُوبَةٌ لَهُ، قَالَ: وَأَمَّا سَجْدَتَا السَّهْوِ فَيَنْقَدِحُ فِي التَّكْبِيرِ لَهُمَا خِلَافٌ مِنْ الْخِلَافِ فِي أَنَّهُ يُعِيدُهُمَا آخِرَ صَلَاتِهِ أَوَّلًا إنْ قُلْنَا الْأَكْبَرُ وَإِلَّا فَلَا انْتَهَى.
وَفِي كَوْنِ الثَّلَاثَةِ مَحْسُوبَةً لَهُ نَظَرٌ لَا يَخْفَى، إذْ مِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ فِعْلَهُ كَذَلِكَ إنَّمَا كَانَ لِلْمُتَابَعَةِ، وَحِينَئِذٍ فَالْأَوْجَهُ عَدَمُ تَكْبِيرِهِ لِلِانْتِقَالِ إلَيْهَا (وَإِذَا سَلَّمَ الْإِمَامُ قَامَ) يَعْنِي انْتَقَلَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ قَائِمًا كَمُصَلٍّ مِنْ نَحْوِ جُلُوسٍ (الْمَسْبُوقُ مُكَبِّرًا إنْ كَانَ جُلُوسُهُ) مَعَ الْإِمَامِ (مَوْضِعَ جُلُوسِهِ) لَوْ كَانَ مُنْفَرِدًا كَأَنْ أَدْرَكَهُ فِي ثَانِيَةِ الْمَغْرِبِ أَوْ ثَالِثَةِ الرُّبَاعِيَّةِ؛ لِأَنَّهُ يُكَبِّرُ لَهُ الْمُنْفَرِدُ وَغَيْرُهُ بِلَا خِلَافٍ، وَأَفْهَمَ كَلَامُهُ أَنَّهُ لَا يَقُومُ قَبْلَ سَلَامِ إمَامِهِ، فَإِنْ تَعَمَّدَهُ مِنْ غَيْرِ نِيَّةِ مُفَارَقَةٍ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ، وَإِنْ كَانَ سَاهِيًا أَوْ جَاهِلًا لَمْ يُعْتَدَّ بِجَمِيعِ مَا أَتَى بِهِ حَتَّى يَجْلِسَ ثُمَّ يَقُومَ بَعْدَ سَلَامِ الْإِمَامِ، وَمَتَى عَلِمَ وَلَمْ يَجْلِسْ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ، وَيُفَارِقُ مَنْ قَامَ عَنْ إمَامِهِ عَامِدًا فِي التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ حَيْثُ اعْتَدَّ بِقِرَاءَتِهِ قَبْلَ قِيَامِ إمَامِهِ بِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ الْعَوْدُ لَهُ كَمَا مَرَّ فِي بَابِهِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَوْضِعَ جُلُوسِهِ لَوْ كَانَ مُنْفَرِدًا كَأَنْ أَدْرَكَهُ فِي ثَانِيَةٍ أَوْ رَابِعَةِ رُبَاعِيَّةٍ أَوْ ثَالِثَةِ ثُلَاثِيَّةٍ (فَلَا) يُكَبِّرُ عِنْدَ قِيَامِهِ أَوْ مَا قَامَ مَقَامَهُ (فِي الْأَصَحِّ) ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَحَلِّ تَكْبِيرِهِ وَلَيْسَ فِيهِ مُوَافَقَةٌ لِإِمَامِهِ وَالثَّانِي يُكَبِّرُ لِئَلَّا يَخْلُوَ الِانْتِقَالُ عَنْ ذِكْرٍ.
وَالسُّنَّةُ أَنْ لَا يَقُومَ الْمَسْبُوقُ إلَّا بَعْدَ تَسْلِيمَتَيْ إمَامِهِ وَيَجُوزُ بَعْدَ الْأُولَى، فَإِنْ مَكَثَ فِي مَحَلِّ جُلُوسِهِ لَوْ كَانَ مُنْفَرِدًا جَازَ وَإِنْ طَالَ، أَوْ فِي غَيْرِهِ عَامِدًا عَالِمًا بِتَحْرِيمِهِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ وَمَحَلُّهُ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ إذَا زَادَ عَلَى جِلْسَةِ الِاسْتِرَاحَةِ، وَيَلْحَقُ بِهَا الْجُلُوسُ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ، أَمَّا قَدْرُهَا فَمُغْتَفَرٌ وَهَذَا بِالنِّسْبَةِ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
قَوْلُهُ: وَاَلَّذِي يَنْقَدِحُ) أَيْ يَظْهَرُ ظُهُورًا وَاضِحًا.
(قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَلَا) أَيْ وَهُوَ الرَّاجِحُ.
(قَوْلُهُ: وَفِي كَوْنِ الثَّلَاثَةِ مَحْسُوبَةً) أَيْ سُجُودِ التِّلَاوَةِ وَسَجْدَتَيْ السَّهْوِ، وَفِي نُسْخَةٍ التِّلَاوَةُ وَهِيَ الصَّوَابُ؛ لِأَنَّ سَجْدَتَيْ السَّهْوِ لَمْ يُنْقَلْ فِيهِمَا عَنْ أَحَدٍ أَنَّهَا مَحْسُوبَتَانِ لَهُ، وَإِنَّمَا هُمَا لِمَحْضِ الْمُتَابَعَةِ بِخِلَافِ سَجْدَةِ التِّلَاوَةِ.
(قَوْلُهُ: إلَيْهَا) أَيْ إلَى السَّجَدَاتِ الثَّلَاثِ.
(قَوْلُهُ: فَإِنْ تَعَمَّدَهُ مِنْ غَيْرِ نِيَّةِ مُفَارَقَةٍ بَطَلَتْ) وَلَا يُقَالُ غَايَتُهُ أَنَّهُ سَبَقَ بِرُكْنٍ، وَهُوَ لَا يَبْطُلُ؛ لِأَنَّ صَلَاةَ الْإِمَامِ قَدْ تَمَّتْ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ، وَقَوْلُهُ وَهُوَ أَيْ السَّبَقُ بِرُكْنٍ.
(قَوْلُهُ: حَتَّى يَجْلِسَ) أَيْ وَلَوْ كَانَ الْإِمَامُ سَلَّمَ.
(قَوْلُهُ: بَطَلَتْ صَلَاتُهُ) أَيْ لِعَدَمِ الْإِتْيَانِ بِالْجُلُوسِ الْوَاجِبِ عَلَيْهِ.
(قَوْلُهُ: وَيَجُوزُ بَعْدَ الْأُولَى) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ مَعَهَا، وَبِهِ صَرَّحَ فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ حَيْثُ قَالَ: وَيَجُوزُ أَنْ يَقُومَ عَقِبَ الْأُولَى، فَإِنْ قَامَ قَبْلَ تَمَامِهَا عَمْدًا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ عَامِّيًّا، وَيَنْبَغِي خِلَافُهُ حَيْثُ جَهِلَ التَّحْرِيمَ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّهُ لَوْ قَامَ قَبْلَ سَلَامِ إمَامِهِ سَهْوًا أَوْ جَهْلًا لَا تَبْطُلُ صَلَاتُهُ، لَكِنْ لَا يُعْتَدُّ بِمَا فَعَلَهُ فَيَجْلِسُ وُجُوبًا ثُمَّ يَقُومُ.
(قَوْلُهُ: أَوْ فِي غَيْرِهِ عَامِدًا عَالِمًا بِتَحْرِيمِهِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ) قَدْ يُشْكِلُ الْبُطْلَانُ بِمَا مَرَّ لَهُ مِنْ عَدَمِهِ بِتَطْوِيلِ جِلْسَةِ الِاسْتِرَاحَةِ فَلْيُتَأَمَّلْ، اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّ هَذِهِ لَمَّا لَمْ تَكُنْ مَطْلُوبَةً مِنْهُ فَهِيَ زَائِدَةٌ فَيُقْتَصَرُ فِيهَا عَلَى قَدْرِ الضَّرُورَةِ.
(قَوْلُهُ: عَلَى جِلْسَةِ الِاسْتِرَاحَةِ) أَيْ عَلَى قَدْرِهَا
ــ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: وَفِي كَوْنِ الثَّلَاثَةِ مَحْسُوبَةً لَهُ نَظَرٌ لَا يَخْفَى) كَانَ الْمُنَاسِبُ وَفِي كَوْنِ سُجُودِ التِّلَاوَةِ مَحْسُوبًا، وَإِلَّا فَالْأَذْرَعِيُّ لَمْ يَدَّعِ حُسْبَانَ سَجْدَتَيْ السَّهْوِ لَهُ وَإِنَّمَا بَنَى التَّكْبِيرَ وَعَدَمَهُ فِيهِمَا عَلَى الْخِلَافِ الْمُقَرَّرِ فِيهِمَا، عَلَى أَنَّ مَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ مِنْ كَوْنِ سَجْدَتَيْ التِّلَاوَةِ وَسَجْدَتَيْ السَّهْوِ إنْ قُلْنَا بِعَدَمِ إعَادَتِهِمَا مِنْ الْمَحْسُوبِ لَا مَحِيصَ عَنْهُ وَمَا ادَّعَاهُ الشَّارِحُ مِنْ أَنَّ فِعْلَهُمَا لِمُجَرَّدِ الْمُتَابَعَةِ مَمْنُوعٌ كَمَا يَعْلَمُ ذَلِكَ مَنْ تَأَمَّلَ مَعْنَى كَلَامِهِمْ فِي الْمَحْسُوبِ وَغَيْرِهِ (قَوْلُهُ: حَتَّى يَجْلِسَ ثُمَّ يَقُومَ بَعْدَ سَلَامِ الْإِمَامِ) أَيْ إنْ حَصَلَ جُلُوسُهُ قَبْلَ سَلَامِهِ، وَإِلَّا فَالْوَاجِبُ جُلُوسُهُ ثُمَّ قِيَامُهُ فَوْرًا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، وَقَدْ تَصْدُقُ بِهِ عِبَارَتُهُ (قَوْلُهُ: أَوْ فِي غَيْرِهِ عَامِدًا عَالِمًا بِتَحْرِيمِهِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ) لَا يُشْكِلُ بِمَا مَرَّ لَهُ مِنْ عَدَمِ الْبُطْلَانِ بِتَطْوِيلِ جِلْسَةِ الِاسْتِرَاحَةِ خِلَافًا لِمَا فِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ إذْ لَا جَامِعَ وَفَرْقٌ بَيْنَ جُلُوسٍ مَطْلُوبٍ فِي أَصْلِهِ وَجُلُوسٍ مَنْهِيٍّ عَنْهُ بَعْدَ انْقِطَاعِ الْمُتَابَعَةِ (قَوْلُهُ: وَيُلْحَقُ بِهَا) أَيْ فِي الْعِبَارَةِ وَكَانَ الْأَوْضَحُ أَنْ يَقُولَ: وَيُرَادِفُ ذَلِكَ قَوْلَنَا عَلَى