المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌فصل في بعض شروط القدوة أيضا - نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج - جـ ٢

[الرملي، شمس الدين]

فهرس الكتاب

- ‌[بَابٌ يَشْتَمِلُ عَلَى شُرُوطِ الصَّلَاةِ وَمَوَانِعِهَا]

- ‌[مِنْ شُرُوط الصَّلَاة سَتْرُ الْعَوْرَةِ]

- ‌عَوْرَةُ الرَّجُلِ)

- ‌[عَوْرَةُ الْحُرَّةِ]

- ‌[مِنْ شُرُوطِ الصَّلَاة الطَّهَارَةُ مِنْ الْحَدَثِ الْأَصْغَرِ]

- ‌[مِنْ شُرُوطُ الصَّلَاةِ طَهَارَةُ النَّجَسِ فِي الثَّوْبِ وَالْبَدَنِ وَالْمَكَانِ]

- ‌(تَبْطُلُ) الصَّلَاةُ (بِالنُّطْقِ) عَمْدًا بِكَلَامِ مَخْلُوقٍ

- ‌[فَصْلٌ فِي مُبْطِلَاتِ الصَّلَاةِ وَسُنَنِهَا وَمَكْرُوهَاتِهَا] [

- ‌لَا تَبْطُلُ) الصَّلَاةُ (بِالذِّكْرِ وَالدُّعَاءِ)

- ‌[رَدُّ السَّلَامِ فِي الصَّلَاة]

- ‌[لَا تَجِبُ إجَابَةُ الْأَبَوَيْنِ فِي الصَّلَاةِ]

- ‌[بُطْلَانُ الصَّلَاة بِالْوَثْبَةِ الْفَاحِشَةِ]

- ‌[بُطْلَانُ الصَّلَاة بِقَلِيلِ الْأَكْلِ]

- ‌[الِالْتِفَاتُ فِي الصَّلَاةِ]

- ‌[الصَّلَاةُ حَاقِنًا بِالْبَوْلِ أَوْ حَاقِبًا بِالْغَائِطِ أَوْ حَازِقًا لِلرِّيحِ]

- ‌[كَرَاهَة البصق فِي الصَّلَاةِ أَوْ خَارِجَهَا قِبَلَ وَجْهِهِ أَوْ عَنْ يَمِينِهِ]

- ‌[الْفَرْقَعَةُ فِي الصَّلَاة أَوْ تَشْبِيكُ الْأَصَابِع]

- ‌[الصَّلَاةُ فِي الْكَنِيسَةِ وَالْبِيعَةِ]

- ‌[الصَّلَاةُ فِي مَعَاطِنِ الْإِبِلِ]

- ‌[الصَّلَاةُ فِي الْحَمَّامِ]

- ‌[الصَّلَاةُ فِي الْمَقْبَرَةِ الطَّاهِرَةِ]

- ‌[بَابٌ فِي بَيَانِ سَبَبِ سُجُودِ السَّهْوِ وَأَحْكَامِهِ]

- ‌[كَيْفِيَّةُ سَجْدَتَيْ السَّهْوِ كَسُجُودِ الصَّلَاةِ]

- ‌(بَابٌ فِي سُجُودِ التِّلَاوَةِ

- ‌[سَجَدَاتُ التِّلَاوَةِ فِي الْقُرْآنِ أَرْبَعَ عَشْرَةَ سَجْدَةً]

- ‌سَجْدَةُ الشُّكْرِ

- ‌[بَابٌ فِي صَلَاةِ النَّفْلِ وَهِيَ قِسْمَانِ] [

- ‌قِسْمٌ لَا يُسَنُّ فِيهِ النَّفَلُ جَمَاعَةً]

- ‌ مِنْ الْقِسْمِ الَّذِي لَا يُسَنُّ جَمَاعَةً (الْوِتْرُ)

- ‌مِنْ الْقِسْمِ الَّذِي لَا تُسَنُّ لَهُ جَمَاعَةٌ (الضُّحَى)

- ‌[مِنْ الْقِسْمِ الَّذِي لَا تُسَنُّ لَهُ جَمَاعَةٌ تَحِيَّةُ الْمَسْجِد]

- ‌[مِنْ الْقِسْمِ الَّذِي لَا تُسَنُّ لَهُ جَمَاعَةٌ رَكْعَتَانِ عِنْدَ السَّفَر]

- ‌قِسْمٌ) مِنْ النَّفْلِ (يُسَنُّ جَمَاعَةً)

- ‌[حُكْمُ التَّهَجُّد]

- ‌(كِتَابُ صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ) وَأَحْكَامِهَا

- ‌ الْجَمَاعَةُ (فِي الْمَسْجِدِ لِغَيْرِ الْمَرْأَةِ) وَالْخُنْثَى (أَفْضَلُ)

- ‌أَفْضَلُ الْجَمَاعَةِ بَعْدَ الْجُمُعَةِ

- ‌[أَعْذَارُ تَرْكُ صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ]

- ‌فَصْلٌ فِي صِفَةِ الْأَئِمَّةِ وَمُتَعَلِّقَاتِهَا

- ‌فَصْلٌ فِي بَعْضِ شُرُوطِ الْقُدْوَةِ وَكَثِيرٍ مِنْ آدَابِهَا وَبَعْضِ مَكْرُوهَاتِهَا

- ‌فَصْلٌ فِي بَعْضِ شُرُوطِ الْقُدْوَةِ أَيْضًا

- ‌فَصْلٌ فِي بَعْضِ شُرُوطِ الْقُدْوَةِ أَيْضًا

- ‌[فَصْلٌ فِي زَوَالِ الْقُدْوَةِ وَإِيجَادِهَا وَإِدْرَاكِ الْمَسْبُوقِ الرَّكْعَةَ وَمَا يَتْبَعُ ذَلِكَ]

- ‌(بَابُ) كَيْفِيَّةِ (صَلَاةِ الْمُسَافِرِ)

- ‌فَصْلٌ فِي شُرُوطِ الْقَصْرِ وَتَوَابِعِهَا

- ‌(فَصْلٌ) فِي الْجَمْعِ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ

- ‌[شُرُوطُ جَمْعِ التَّقْدِيمِ]

- ‌[شُرُوطُ التَّقْدِيمِ فِي صَلَاةِ الْجَمْعِ عِنْدَ الْمَطَرِ]

- ‌بَابُ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ

- ‌[شُرُوطُ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ]

- ‌[الْجَمْعِ لِعُذْرِ الْمَطَرِ]

- ‌[شُرُوطُ صِحَّةِ الْجُمُعَةِ]

- ‌[أَرْكَانُ خُطْبَةِ الْجُمُعَةِ]

- ‌[شُرُوطُ الْخُطْبَتَيْنِ فِي الْجُمُعَة]

- ‌فَصْلٌ فِي الْأَغْسَالِ الْمُسْتَحَبَّةِ فِي الْجُمُعَةِ وَغَيْرِهَا وَمَا يُذْكَرُ مَعَهَا

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيَانِ مَا يَحْصُلُ بِهِ إدْرَاكُ الْجُمُعَةِ وَمَا لَا تُدْرَكُ بِهِ]

- ‌[الْقِسْمِ الْأَوَّلِ إدْرَاكُ رُكُوعَ الثَّانِيَةِ مِنْ الْجُمُعَةِ مَعَ الْإِمَامِ]

- ‌[الْقِسْمِ الثَّانِي حُكْمُ اسْتِخْلَافِ الْإِمَامِ وَشُرُوطُهُ]

- ‌[بَابٌ كَيْفِيَّةُ صَلَاةِ الْخَوْفِ]

- ‌[النَّوْعُ الْأَوَّلِ كَوْنُ الْعَدُوِّ فِي جِهَةِ الْقِبْلَةِ]

- ‌[الثَّانِي مِنْ الْأَنْوَاعِ كَوْنُ الْعَدُوُّ فِي غَيْرِ الْقِبْلَةِ]

- ‌[النَّوْعُ الثَّالِثُ أَنْ تَقِفَ فِرْقَةٌ فِي وَجْهِ الْعَدُوِّ وَتَحْرُسُ وَهُوَ فِي غَيْرِ جِهَةِ الْقِبْلَةِ]

- ‌[النَّوْعُ الرَّابِعِ أَنْ يَلْتَحِمَ الْقِتَالُ بَيْنَ الْقَوْمِ وَلَمْ يَتَمَكَّنُوا مِنْ تَرْكِهِ]

- ‌فَصْلٌ فِيمَا يَجُوزُ لُبْسُهُ إنْ ذَكَرَ وَمَا لَا يَجُوزُ

- ‌بَابٌ صَلَاةُ الْعِيدَيْنِ

- ‌[حُكْمُ صَلَاةِ الْعِيدَيْنِ وَكَيْفِيَّتَهَا]

- ‌[وَقْتُ صَلَاةِ الْعِيدَيْنِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي التَّكْبِيرِ الْمُرْسَلِ وَالْمُقَيَّدِ]

- ‌[وَقْتُ تَكْبِير الْعِيد]

- ‌بَابُ صَلَاةِ الْكُسُوفَيْنِ

- ‌[التَّهْنِئَةُ بِالْعِيدِ]

- ‌بَابُ صَلَاةِ الِاسْتِسْقَاءِ

- ‌(بَابٌ) فِي حُكْمِ تَارِكِ الصَّلَاةِ الْمَفْرُوضَةِ عَلَى الْأَعْيَانِ

- ‌ كِتَابُ الْجَنَائِزِ

- ‌[آدَابِ الْمُحْتَضَرِ]

- ‌ بَيَانِ الْغَاسِلِ

- ‌فَصْلٌ فِي تَكْفِينِ الْمَيِّتِ وَحَمْلِهِ وَتَوَابِعِهِمَا

- ‌ كَيْفِيَّةِ حَمْلِ الْمَيِّتِ

- ‌فَصْلٌ فِي الصَّلَاةِ عَلَى الْمَيِّتِ الْمُسْلِمِ غَيْرِ الشَّهِيدِ

- ‌[شُرُوطُ صَلَاةِ الْجِنَازَةِ]

- ‌ الصَّلَاةِ عَلَى الْغَائِبِ

- ‌[تَقْدِيمُ الصَّلَاةِ عَلَى الدَّفْنِ وَتَأْخِيرُهَا عَنْ الْغُسْلِ أَوْ التَّيَمُّمِ]

- ‌[فَرْعٌ فِي بَيَانِ الْأَوْلَى بِصَلَاةِ الْجِنَازَةِ]

- ‌ الصَّلَاةُ (عَلَى الْكَافِرِ)

- ‌[حُكْم الصَّلَاة عَلَى السقط]

- ‌ الْمَيِّتُ إمَّا شَهِيدٌ أَوْ غَيْرُهُ

الفصل: ‌فصل في بعض شروط القدوة أيضا

‌فَصْلٌ فِي بَعْضِ شُرُوطِ الْقُدْوَةِ أَيْضًا

(تَجِبُ)(مُتَابَعَةُ الْإِمَامِ فِي أَفْعَالِ الصَّلَاةِ) دُونَ أَقْوَالِهَا لِخَبَرِ «إنَّمَا جُعِلَ الْإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ فَلَا تَخْتَلِفُوا عَلَيْهِ، فَإِذَا كَبَّرَ فَكَبِّرُوا وَإِذَا رَكَعَ فَارْكَعُوا» وَيُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ فِي أَفْعَالِ الصَّلَاةِ عَدَمُ مُتَابَعَتِهِ فِي تَرْكِ فَرْضٍ مِنْ فُرُوضِهَا لِأَنَّهُ إنْ تَعَمَّدَ تَرْكَهُ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ وَإِلَّا لَمْ يَعْتَدَّ بِفِعْلِهِ (بِأَنْ يَتَأَخَّرَ ابْتِدَاءُ فِعْلِهِ) أَيْ الْمَأْمُومِ (عَنْ ابْتِدَائِهِ) أَيْ فِعْلِ الْإِمَامِ (وَيَتَقَدَّمَ) انْتِهَاءُ فِعْلِ الْإِمَامِ (عَلَى فَرَاغِهِ) أَيْ الْمَأْمُومِ (مِنْهُ) أَيْ مِنْ فِعْلِهِ، وَأَكْمَلُ مِنْ ذَلِكَ أَنْ يَتَأَخَّرَ ابْتِدَاءُ فِعْلِ الْمَأْمُومِ عَنْ جَمِيعِ حَرَكَةِ الْإِمَامِ فَلَا يَشْرَعُ حَتَّى يَصِلَ الْإِمَامُ لِحَقِيقَةِ الْمُنْتَقَلِ إلَيْهِ.

وَالْمُتَابَعَةُ قِسْمَانِ: مُتَابَعَةٌ عَلَى وَجْهِ الْأَكْمَلِيَّةِ، وَأُخْرَى عَلَى وَجْهِ الْوُجُوبِ، فَالْأُولَى هِيَ الَّتِي ذَكَرَهَا بِقَوْلِهِ تَجِبُ مُتَابَعَةُ الْإِمَامِ إلَخْ، وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُهُ فَإِنْ قَارَنَهُ لَمْ يَضُرَّ.

وَالثَّانِيَةُ فَصَّلَهَا بَعْدَ ذَلِكَ، وَقَدْ أَشَارَ لِمَا قَرَّرَهُ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ فَلَا يَجُوزُ التَّقَدُّمُ عَلَيْهِ وَلَا

ــ

[حاشية الشبراملسي]

فَصْلٌ فِي بَعْضِ شُرُوطِ الْقُدْوَةِ أَيْضًا (قَوْلُهُ: لِخَبَرِ إنَّمَا إلَخْ) أَيْ لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ اهـ حَجّ (قَوْلُهُ: عَدَمُ مُتَابَعَتِهِ فِي تَرْكِ فَرْضٍ إلَخْ) أَيْ ثُمَّ إنْ كَانَ الْمَوْضُوعُ مَحَلَّ تَطْوِيلٍ كَأَنْ تَرَكَ الرُّكُوعَ انْتَظَرَهُ فِي الْقِيَامِ، وَإِلَّا كَأَنْ طَوَّلَ الْإِمَامُ الِاعْتِدَالَ انْتَظَرَهُ الْمَأْمُومُ فِيمَا بَعْدَهُ وَهُوَ السُّجُودُ هُنَا (قَوْلُهُ: انْتِهَاءُ فِعْلِ الْإِمَامِ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ الْمَأْمُومُ سَرِيعَ الْحَرَكَةِ فَشَرَعَ فِي هُوِيِّ الرُّكُوعِ بَعْدَ الْإِمَامِ وَوَصَلَ إلَى حَدِّ الرُّكُوعِ قَبْلَ الْإِمَامِ لَا يَكُونُ آتِيًا بِالْمُتَابَعَةِ الْوَاجِبَةِ، وَفِيهِ نَظَرٌ يُعْلَمُ مِنْ جَوَازِ الْمُقَارَنَةِ.

(قَوْلُهُ: وَأَكْمَلَ مِنْ ذَلِكَ إلَخْ) قَالَ حَجّ: وَدَلَّ عَلَى أَنَّ هَذَا تَفْسِيرٌ لِكَمَالِ الْمُتَابَعَةِ كَمَا تَقَرَّرَ لَا بِقَيْدِ وُجُوبِهَا قَوْلُهُ فَإِنْ قَارَنَهُ إلَخْ اهـ.

(قَوْلُهُ: حَتَّى يَصِلَ الْإِمَامُ لِحَقِيقَةِ الْمُنْتَقِلِ إلَيْهِ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ يَطْلُبُ مِنْ الْمَأْمُومِ أَنْ لَا يَخْرُجَ عَنْ الِاعْتِدَالِ حَتَّى يَتَلَبَّسَ الْإِمَامُ بِالسُّجُودِ وَقَدْ يَتَوَقَّفُ فِيهِ اهـ سم عَلَى حَجّ.

وَوَجْهُ التَّوْقِيفِ أَنَّهُ رُبَّمَا أَسْرَعَ الْإِمَامُ فِي رَفْعِ رَأْسِهِ مِنْ السُّجُودِ.

اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ: أَرَادَ الشَّارِحُ بِالْوُصُولِ لِلْحَقِيقَةِ أَنَّهُ وَصَلَ إلَى ابْتِدَاءِ مُسَمَّى الْحَقِيقَةِ، وَهُوَ يَحْصُلُ بِوَضْعِ الرُّكْبَتَيْنِ لِأَنَّهُمَا بَعْضُ أَعْضَاءِ السُّجُودِ (قَوْلُهُ: تَجِبُ مُتَابَعَةُ الْإِمَامِ إلَخْ) فِيهِ مُسَامَحَةٌ فَإِنَّ التَّعْبِيرَ بِالْوُجُوبِ يَقْتَضِي حُرْمَةَ خِلَافِهِ فَلَا يَكُونُ بَيَانًا لِلْأَكْمَلِ، فَلَوْ قَالَ هِيَ الَّتِي ذَكَرَهَا بِقَوْلِهِ بِأَنْ يَتَأَخَّرَ ابْتِدَاءُ فِعْلِهِ إلَخْ كَانَ أَوْضَحَ

ــ

[حاشية الرشيدي]

[فَصْلٌ فِي بَعْضِ شُرُوطِ الْقُدْوَةِ أَيْضًا]

فَصْلٌ: تَجِبُ مُتَابَعَةُ الْإِمَامِ فِي أَفْعَالِ الصَّلَاةِ (قَوْلُهُ: وَيَتَقَدَّمُ انْتِهَاءُ فِعْلِ الْإِمَامِ عَلَى فَرَاغِهِ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمَحَلِّيِّ: وَيَتَقَدَّمُ ابْتِدَاءُ فِعْلِ الْمَأْمُومِ عَلَى فَرَاغِهِ مِنْهُ: أَيْ فَرَاغِ الْإِمَامِ مِنْ الْفِعْلِ انْتَهَى. قَالَ الشِّهَابُ سم: وَهِيَ أَقْرَبُ إلَى عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ انْتَهَى.

وَلَمْ يُنَبِّهْ عَلَى وَجْهِ عُدُولِ الشَّارِحِ، كَالشِّهَابِ حَجّ عَنْ ذَلِكَ الْأَقْرَبِ.

وَأَقُولُ: وَجْهُهُ لِيَتَأَتَّى لَهُ حَمْلُ مَا فِي الْمَتْنِ عَلَى الْأَكْمَلِيَّةِ الَّذِي سَيَذْكُرُهُ، وَإِلَّا فَعِبَارَةُ الْمُصَنِّفِ بِاعْتِبَارِ حَلِّ الْجَلَالِ صَادِقَةٌ بِمَا إذَا أَخَّرَ ابْتِدَاءَ فِعْلِهِ عَنْ ابْتِدَاءِ فِعْلِ الْإِمَامِ، لَكِنَّهُ قَدَّمَ انْتِهَاءَهُ عَلَى انْتِهَائِهِ بِأَنْ كَانَ سَرِيعَ الْحَرَكَةِ وَالْإِمَامُ بَطِيئَهَا، وَظَاهِرٌ أَنَّ هَذَا لَيْسَ مِنْ الْأَكْمَلِ (قَوْلُهُ: وَأُخْرَى عَلَى وَجْهِ الْوُجُوبِ) بِمَعْنَى أَنَّهُ يَتَأَدَّى بِهَا الْوُجُوبُ بِمَعْنَى الشَّرْطِيَّةِ لَا عَلَى الْوَجْهِ الْأَكْمَلِ، وَإِلَّا فَمَا تَتَأَدَّى بِهِ هَذِهِ مُكَرَّرَةٌ أَوْ حَرَامٌ كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: فَالْأَوْلَى هِيَ الَّتِي ذَكَرهَا بِقَوْلِهِ تَجِبُ الْمُتَابَعَةُ إلَخْ) صَوَابُهُ هِيَ الَّتِي ذَكَرهَا بِقَوْلِهِ بِأَنْ يَتَأَخَّرَ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُهُ: فَإِنْ قَارَنَهُ لَمْ يَضُرَّ) أَيْ وَمَا بَعْدَهُ (قَوْلُهُ: وَالثَّانِيَةُ فَصَّلَهَا بَعْدَ ذَلِكَ) أَيْ بِقَوْلِهِ فَإِنْ قَارَنَهُ لَمْ يَضُرَّ، وَبِقَوْلِهِ وَإِنْ تَخَلَّفَ بِرُكْنٍ إلَى قَوْلِهِ لَمْ تَبْطُلْ فِي الْأَصَحِّ، وَبِقَوْلِهِ فِي آخِرِ الْفَصْلِ وَإِلَّا فَلَا مِنْ قَوْلِهِ

ص: 220

التَّخَلُّفُ عَنْهُ عَلَى مَا سَيَأْتِي بَيَانُهُ، وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ أَيْضًا: قَوْلُهُ بِأَنْ يَتَأَخَّرَ إلَخْ: أَيْ هَذَا هُوَ الْمَطْلُوبُ مِنْهُ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْمَكْرُوهَ لَيْسَ مَأْمُورًا بِهِ، فَإِنْ قَارَنَ الْمَأْمُومُ إمَامَهُ كَانَ مُرْتَكِبًا لِلْمَكْرُوهِ وَيَكُونُ مُتَابِعًا، كَمَا أَنَّ الْمُصَلِّي مَأْمُورٌ بِالصَّلَاةِ لَا فِي أَرْضٍ مَغْصُوبَةٍ، فَإِذَا أَوْقَعَهَا فِي الدَّارِ الْمَغْصُوبَةِ فَقَدْ أَتَى بِالصَّلَاةِ لَا عَلَى الْوَجْهِ الْمَأْمُورِ بِهِ وَهِيَ صَحِيحَةٌ فَتَكُونُ مَسْأَلَتُنَا كَذَلِكَ: أَيْ فَيَكُونُ مُتَابِعًا وَإِنْ ارْتَكَبَ الْمَكْرُوهَ، أَوْ يُقَالُ مَا ذَكَرَهُ مِنْ وُجُوبِهَا بِاعْتِبَارِ الْجُمْلَةِ وَهُوَ الْحُكْمُ عَلَى الْمَجْمُوعِ مِنْ أَحْوَالِ الْمُتَابَعَةِ لَا حُكْمٌ عَلَى كُلِّ فَرْدٍ فَرْدٍ، وَلَا شَكَّ أَنَّ الْمُتَابَعَةَ فِي كُلِّهَا وَاجِبَةٌ، وَالتَّقَدُّمَ بِجَمِيعِهَا يَبْطُلُ بِلَا خِلَافٍ، وَالْحُكْمُ ثَانِيًا بِأَنَّهُ لَا يَضُرُّ إنَّمَا ذَكَرَهُ لِلْحُكْمِ مِنْ حَيْثُ الْأَفْرَادُ، وَالْحُكْمُ عَلَى الْكُلِّ غَيْرُ الْحُكْمِ عَلَى الْأَفْرَادِ، وَهَذَا كَقَوْلِ الشَّيْخِ فِي التَّنْبِيهِ مِنْ السُّنَنِ الطَّهَارَةُ ثَلَاثًا ثَلَاثًا، مَعَ أَنَّ الْأُولَى وَاجِبَةٌ، وَإِنَّمَا أَرَادَ الْحُكْمَ عَلَى الْجُمْلَةِ مِنْ حَيْثُ هِيَ أَوْ يَكُونُ مُرَادُهُ بِكَوْنِهَا وَاجِبَةً: أَيْ لِتَحْصِيلِ السُّنَّةِ، وَحَيْثُ أَمْكَنَ الْجَمْعُ وَلَوْ بِوَجْهٍ بَعِيدٍ فَهُوَ أَوْلَى مِنْ التَّنَاقُضِ، وَاحْتَرَزَ بِالْأَفْعَالِ عَنْ الْأَقْوَالِ كَالْقِرَاءَةِ وَالتَّشَهُّدِ فَيَجُوزُ تَقَدُّمُهَا وَتَأَخُّرُهُ بِهَا إلَّا تَكْبِيرَةَ الْإِحْرَامِ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي وَإِلَّا فِي السَّلَامِ فَيَبْطُلُ تَقَدُّمُهُ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ الْمُفَارَقَةَ.

(فَإِنْ قَارَنَهُ) فِي الْأَفْعَالِ بِدَلِيلِ قَرِينَةِ السِّيَاقِ وَيَكُونُ الِاسْتِثْنَاءُ مُنْقَطِعًا وَعَدَمُ الْمَحْذُورِ فِي الْمُقَارَنَةِ فِي الْأَقْوَالِ يُعْلَمُ حِينَئِذٍ بِالْأَوْلَى، وَيَجُوزُ شُمُولُ كَلَامِهِ أَيْضًا لِلْأَقْوَالِ بِدَلِيلِ حَذْفِ الْمَعْمُولِ الْمُؤْذِنِ بِالْعُمُومِ، وَالِاسْتِثْنَاءُ الْآتِي مُتَّصِلٌ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِيهِ الِاتِّصَالُ (لَمْ يَضُرَّ)

ــ

[حاشية الشبراملسي]

قَوْلُهُ: أَيْ لِتَحْصِيلِ السُّنَّةِ) أَيْ وَعَلَيْهِ فَالْمُرَادُ بِالْوُجُوبِ مَا لَا بُدَّ مِنْهُ.

(قَوْلُهُ: فَيَبْطُلُ تَقَدُّمُهُ) أَيْ بِالْمِيمِ مِنْ عَلَيْكُمْ لَا مِنْ السَّلَامِ، وَقَوْلُهُ آخِرَ الْأُولَى: أَيْ التَّسْلِيمَةِ الْأُولَى حَجّ اهـ شَيْخُنَا زِيَادِيٌّ بَلْ بِالْهَمْزَةِ إنْ نَوَى عِنْدَهَا الْخُرُوجَ بِهَا مِنْ صَلَاتِهِ كَمَا يُشْعِرُ بِهِ قَوْلُ الشَّارِحِ السَّابِقِ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا تَجِبُ نِيَّةُ الْخُرُوجِ إلَخْ، فَإِنْ نَوَى قَبْلَ الْأُولَى بَطَلَتْ صَلَاتُهُ اهـ.

وَقَوْلُهُ قَبْلَ الْأُولَى: أَيْ قَبْلَ الشُّرُوعِ فِيهَا (قَوْلُهُ لِلْأَقْوَالِ) زَادَ حَجّ وَلَوْ السَّلَامَ بِدَلِيلِ إلَخْ اهـ.

(قَوْلُهُ: لَمْ يَضُرَّ) وَمِثْلُ ذَلِكَ فِي عَدَمِ الضَّرَرِ مَا لَوْ عَزَمَ قَبْلَ الِاقْتِدَاءِ عَلَى الْمُقَارَنَةِ فِي الْأَفْعَالِ، لِأَنَّ الْمَقْصُودَ

ــ

[حاشية الرشيدي]

وَلَوْ تَقَدَّمَ بِفِعْلٍ كَرُكُوعٍ وَسُجُودٍ إنْ كَانَ بِرُكْنَيْنِ بَطَلَتْ وَإِلَّا فَلَا (قَوْلُهُ: وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ أَيْضًا قَوْلُهُ: بِأَنْ يَتَأَخَّرَ إلَخْ) حَاصِلُ هَذَا الْجَوَابِ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ آخِرِهِ وَإِنْ كَانَ فِيهِ قَلَاقَةٌ أَنَّ عُمُومَ الْمُتَابَعَةِ يَتَأَدَّى بِوُجُوهٍ؛ مِنْهَا مَا هُوَ مَطْلُوبٌ لِخُصُوصِهِ، وَمِنْهَا مَا هُوَ مَكْرُوهٌ: أَيْ أَوْ حَرَامٌ لِخُصُوصِهِ وَإِنْ تَأَدَّى بِهِ عُمُومُ الْمُتَابَعَةِ، فَالْأَوَّلُ هُوَ الْمَذْكُورُ فِي قَوْلِهِ بِأَنْ يَتَأَخَّرَ إلَخْ، وَغَيْرُهُ مَذْكُورٌ فِي الصُّوَرِ الثَّلَاثَةِ الْآتِيَةِ، فَالْكُلُّ عَلَى هَذَا مِنْ مَدْخُولِ الْمُتَابَعَةِ الْمَذْكُورَةِ فِي صَدْرِ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ، وَهَذَا هُوَ مَحَلُّ الْفَرْقِ بَيْنَ هَذَا الْجَوَابِ وَاَلَّذِي قَبْلَهُ، فَإِنَّ ذَلِكَ فِيهِ قَصْرُهَا عَلَى قَوْلِهِ بِأَنْ يَتَأَخَّرَ إلَخْ.

وَعَلَى هَذَا الْجَوَابُ الثَّانِي إنَّمَا غَايَرَ الْمُصَنِّفُ فِي الْأُسْلُوبِ، وَلَمْ يَعْطِفْ حَالَةَ الْمُقَارَنَةِ عَلَى مَا قَبْلَهَا وَإِنْ كَانَ مِنْ مَدْخُولِ الْمُتَابَعَةِ الْمَذْكُورَةِ كَمَا تَقَرَّرَ بِأَنْ يَقُولَ أَوْ يُقَارِنَ عَطْفًا عَلَى يَتَأَخَّرَ، لِمَا بَيْنَ الْوُجُوبِ وَالْكَرَاهَةِ أَوْ الْحُرْمَةِ اللَّذَيْنِ هُمَا حُكْمُ الْمُقَارَنَةِ وَمَا بَعْدَهَا مِنْ التَّنَافِي بِحَسَبِ الظَّاهِرِ (قَوْلُهُ: مِنْ أَحْوَالِ الْمُتَابَعَةِ) أَيْ الْأَرْبَعَةِ الْمَذْكُورَةِ فِي كَلَامِهِ أَوَّلًا وَآخِرًا (قَوْلُهُ: أَنَّ الْمُتَابَعَةَ فِي كُلِّهَا) أَيْ الْكُلِّ الْمَجْمُوعِيِّ لَا الْجَمِيعِيِّ بِقَرِينَةِ مَا قَبْلَهُ وَمَا بَعْدَهُ (قَوْلُهُ: وَالتَّقَدُّمُ بِجَمِيعِهَا يُبْطِلُ) لَعَلَّ الْبَاءَ فِيهِ بِمَعْنَى عَلَى: أَيْ وَالتَّقَدُّمُ عَلَى جَمِيعِ صُوَرِ الْمُتَابَعَةِ الْأَرْبَعَةِ يُبْطِلُ بِأَنْ لَمْ يَتَأَخَّرْ ابْتِدَاءُ فِعْلِهِ عَنْ ابْتِدَاءِ فِعْلِ الْإِمَامِ وَلَمْ يُقَارِنْهُ وَلَمْ يَتَخَلَّفْ عَنْهُ بِرُكْنٍ وَلَمْ يَتَقَدَّمْ عَلَيْهِ بِرُكْنٍ بِأَنْ تَقَدَّمَ عَلَيْهِ بِرُكْنَيْنِ فَأَكْثَرَ، وَكَانَ الْأَوْضَحُ وَالْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ: وَالْإِخْلَالُ بِجَمِيعِهَا مُبْطِلٌ لِشُمُولِهِ التَّخَلُّفَ بِرُكْنَيْنِ عَلَى مَا يَأْتِي، وَكَانَ مَوْقِعُ هَذِهِ الْجُمْلَةِ بَعْدَ الَّتِي قَبْلَهَا التَّعْلِيلَ، فَكَأَنَّهُ قَالَ: وَلَا شَكَّ أَنَّ الْمُتَابَعَةَ فِي كُلِّهَا وَاجِبَةٌ؛ لِأَنَّ التَّقَدُّمَ بِجَمِيعِهَا يُبْطِلُ (قَوْلُهُ: وَالْحُكْمُ ثَانِيًا بِأَنَّهُ لَا يَضُرُّ) صَوَابُهُ وَالْحُكْمُ ثَانِيًا بِأَنْ يَتَأَخَّرَ إلَخْ، إذْ الَّذِي حَصَلَ بِهِ الْحُكْمُ أَوَّلًا مِنْ حَيْثُ الْجُمْلَةُ هُوَ قَوْلُهُ: تَجِبُ مُتَابَعَةُ الْإِمَامِ فِي أَفْعَالِ الصَّلَاةِ، وَقَوْلُهُ: بِأَنْ يَتَأَخَّرَ بَيَانٌ لِحُكْمِ أَفْرَادِ مَا تَحْصُلُ بِهِ الْمُتَابَعَةُ (قَوْلُهُ: بِدَلِيلِ قَرِينَةِ السِّيَاقِ) لَا حَاجَةَ لِلْجَمْعِ بَيْنَ دَلِيلٍ وَقَرِينَةٍ

ص: 221

لِكَوْنِ الْقُدْوَةِ مُنْتَظِمَةً مَعَ ذَلِكَ لَكِنَّهَا مَكْرُوهَةٌ مُفَوِّتَةٌ فَضِيلَةَ الْجَمَاعَةِ فِيمَا قَارَنَ فِيهِ فَقَطْ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَقَالَ: إنَّهُ الْأَقْرَبُ وَقَوْلُهُمْ الْمَكْرُوهُ لَا ثَوَابَ فِيهِ هَلْ مُرَادُهُمْ بِهِ ثَوَابُ الْجَمَاعَةِ إذَا كَانَتْ الْكَرَاهَةُ لِلذَّاتِ كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ أَمْثِلَتُهُمْ حَتَّى لَا يَسْقُطَ ثَوَابُ الصَّلَاةِ بِفِعْلِهَا فِي الْحَمَّامِ وَنَحْوِهِ مِنْ أَمَاكِنِ النَّهْيِ أَمْ لَا؟ الْأَوْجَهُ أَنَّ الْمُرَادَ الْكَرَاهَةُ لِلذَّاتِ حَتَّى يُثَابَ عَلَى الصَّلَاةِ فِي الْأَمَاكِنِ الْمَكْرُوهَةِ لِرُجُوعِهَا إلَى أَمْرٍ خَارِجٍ عَنْهَا، بَلْ قَالُوا: إنَّ التَّحْقِيقَ أَنَّهُ يُثَابُ عَلَيْهَا فِي الْمَغْصُوبِ مِنْ جِهَتِهَا، وَإِنْ عُوقِبَ مِنْ جِهَةِ الْغَصْبِ فَقَدْ يُعَاقَبُ بِغَيْرِ حِرْمَانِ الثَّوَابِ أَوْ بِحِرْمَانِ بَعْضِهِ، وَأَنَّ الْقَوْلَ بِأَنَّهُ لَا يُثَابُ عَلَيْهَا عُقُوبَةٌ لَهُ تَقْرِيبٌ رَادِعٌ عَنْ إيقَاعِ الصَّلَاةِ فِي الْمَغْصُوبِ فَلَا خِلَافَ فِي الْمَعْنَى وَعُلِمَ مِمَّا قَرَّرْنَاهُ أَنَّ الْكَرَاهَةَ إذَا كَانَتْ لِأَمْرٍ خَارِجٍ لَا تَمْنَعُ حُصُولَ الثَّوَابِ كَالزِّيَادَةِ فِي تَطْهِيرِ أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ عَلَى الثَّلَاثِ (إلَّا) فِي (تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ) فَتَضُرُّ الْمُقَارَنَةُ فِيهَا أَوْ فِي بَعْضِهَا، حَتَّى إنَّهُ لَوْ شَكَّ فِي ذَلِكَ فِي أَثْنَائِهَا أَوْ بَعْدَهَا وَلَمْ يَتَذَكَّرْ عَنْ قُرْبٍ أَوْ ظَنَّ التَّأَخُّرَ فَبَانَ خِلَافُهُ لَمْ تَنْعَقِدْ صَلَاتُهُ.

وَمَحَلُّ ذَلِكَ إذَا نَوَى الِاقْتِدَاءَ مَعَ التَّكْبِيرِ كَمَا دَلَّتْ عَلَيْهِ الْأَخْبَارُ لِأَنَّهُ نَوَى الِاقْتِدَاءَ بِغَيْرِ مُصَلٍّ فَيُشْتَرَطُ تَأَخُّرُ جَمِيعِ تَكْبِيرَتِهِ عَنْ جَمِيعِ تَكْبِيرَةِ الْإِمَامِ، وَيُفَارِقُ ذَلِكَ بَقِيَّةَ الْأَرْكَانِ حَيْثُ لَمْ تَضُرَّ الْمُقَارَنَةُ فِيهَا لِبَقَاءِ نَظْمِ الْقُدْوَةِ فِيهَا لِكَوْنِ الْإِمَامِ فِي الصَّلَاةِ.

فَلَوْ أَحْرَمَ مُنْفَرِدًا ثُمَّ اقْتَدَى فِي خِلَالِ صَلَاتِهِ صَحَّتْ قُدْوَتُهُ كَمَا سَيَأْتِي، وَإِنْ كَانَتْ تَكْبِيرَةُ الْمَأْمُومِ مُتَقَدِّمَةً عَلَى تَكْبِيرَةِ الْإِمَامِ وَتَعْبِيرُهُ بِالْمُقَارَنَةِ أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِ أَصْلِهِ بِالْمُسَاوَقَةِ، لِأَنَّ الْمُسَاوَقَةَ لُغَةً مَجِيءُ وَاحِدٍ بَعْدَ وَاحِدٍ لَا مَعًا (وَإِنْ تَخَلَّفَ بِرُكْنٍ) فِعْلِيٍّ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ وَلَوْ مَعَ الْعِلْمِ وَالتَّعَمُّدِ وَطُولِ الرُّكْنِ (بِأَنْ فَرَغَ الْإِمَامُ مِنْهُ وَهُوَ) أَيْ الْمَأْمُومُ (فِيمَا) أَيْ رُكْنٍ (قَبْلَهُ لَمْ تَبْطُلْ فِي الْأَصَحِّ) لِخَبَرِ «لَا تُبَادِرُونِي بِالرُّكُوعِ وَلَا بِالسُّجُودِ، فَمَهْمَا أَسْبِقُكُمْ بِهِ إذَا رَكَعْت تُدْرِكُونِي بِهِ إذَا رَفَعْت» وَأَفْهَمَ قَوْلُهُ فَرَغَ أَنَّهُ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

الْخَارِجَةُ عَنْ الصَّلَاةِ قَبْلَ التَّلَبُّسِ بِهَا لَا أَثَرَ لَهَا أَخْذًا مِمَّا قَالُوهُ فِيمَا لَوْ عَزَمَ عَلَى الْإِتْيَانِ بِالْمُبْطِلِ مِنْ أَنَّهُ لَا أَثَرَ لَهُ قَبْلَ الشُّرُوعِ فِيهِ (قَوْلُهُ: هَلْ مُرَادُهُمْ بِهِ إلَخْ) فِي التَّعْبِيرِ بِمَا ذَكَرَ مُسَامَحَةٌ، وَالْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ: هَلْ الْمُرَادُ بِهِ ثَوَابُ الصَّلَاةِ إذَا كَانَتْ الْكَرَاهَةُ لِلذَّاتِ إلَخْ.

وَأَمَّا قَوْلُهُ مُرَادُهُمْ بِهِ ثَوَابُ الْجَمَاعَةِ فَلَا يَظْهَرُ مَعَ قَوْلِهِ كَالصَّلَاةِ فِي الْحَمَّامِ وَنَحْوِهِ، فَإِنَّ الْفَائِتَ فِيهَا عَلَى مَا يَقْتَضِيهِ عِبَارَتُهُمْ لَيْسَ ثَوَابَ الْجَمَاعَةِ بَلْ ثَوَابَ الصَّلَاةِ بِتَمَامِهَا عَلَى الْقَوْلِ بِهَا وَالرَّاجِحُ خِلَافُهُ.

(قَوْلُهُ: حَتَّى إنَّهُ لَوْ شَكَّ فِي أَثْنَائِهَا) أَيْ أَثْنَاءِ تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ، وَقَوْلُهُ أَوْ بَعْدَهَا: أَيْ بَعْدَ تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ وَقَبْلَ الْفَرَاغِ مِنْ الصَّلَاةِ، أَمَّا لَوْ عَرَضَ الشَّكَّ بَعْدَ فَرَاغِ الصَّلَاةِ ثُمَّ تَذَكَّرَ فَلَا يَضُرُّ مُطْلَقًا كَالشَّكِّ فِي أَصْلِ النِّيَّةِ

(قَوْلُهُ: فَلَوْ أَحْرَمَ مُنْفَرِدًا)

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: لَكِنَّهَا مَكْرُوهَةٌ مُفَوِّتَةٌ فَضِيلَةَ الْجَمَاعَةِ) صَرِيحٌ بِالنَّظَرِ لِاحْتِمَالِ الثَّانِي الْمُتَقَدِّمِ فِي كَلَامِهِ فِي الْمَتْنِ فِي أَنَّ الْمُقَارَنَةَ فِي الْأَقْوَالِ تُفَوِّتُ فَضِيلَةَ الْجَمَاعَةِ، وَلَعَلَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ خُصُوصًا فِيمَا لَمْ يُطْلَبْ فِيهِ عَدَمُ الْمُقَارَنَةِ كَالتَّشَهُّدِ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: وَقَوْلُهُمْ الْمَكْرُوهُ لَا ثَوَابَ فِيهِ إلَخْ) هَذَا إلَى قَوْلِهِ وَعُلِمَ مِمَّا قَرَّرْنَاهُ لَفْظُ سُؤَالٍ وَجَوَابٍ فِي فَتَاوَى وَالِدِهِ تَصَرَّفَ فِيهِ بِمَا تَرَى مِنْ غَيْرِ عَزْوِهِ إلَيْهِ وَانْظُرْ مَا مَوْقِعُهُ هُنَا، وَلَفْظُ الْفَتَاوَى: سُئِلَ عَنْ قَوْلِهِمْ الْمَكْرُوهُ لَا ثَوَابَ فِيهِ هَلْ مُرَادُهُمْ ثَوَابُ الْجَمَاعَةِ إذَا كَانَتْ الْكَرَاهَةُ لِلذَّاتِ كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ أَمْثِلَتُهُمْ حَتَّى لَا يَسْقُطَ ثَوَابُ الصَّلَاةِ بِفِعْلِهَا فِي الْحَمَّامِ وَنَحْوِهِ مِنْ أَمَاكِنِ النَّهْيِ أَمْ لَا؟ فَأَجَابَ بِأَنَّ الْمُرَادَ الْكَرَاهَةُ لِلذَّاتِ حَتَّى يُثَابَ عَلَى الصَّلَاةِ فِي الْأَمَاكِنِ الْمَكْرُوهَةِ إلَخْ، وَانْظُرْ مَا حَاصِلُ هَذَا السُّؤَالِ وَالْجَوَابِ وَمَا مَوْقِعُ لَفْظِ الْجَمَاعَةِ فِي السُّؤَالِ (قَوْلُهُ: فَلَا خِلَافَ فِي الْمَعْنَى) أَيْ بَيْنَ مَنْ قَالَ بِحُصُولِ الثَّوَابِ فِي الْمَغْصُوبِ وَمَنْ قَالَ بِنَفْيِهِ (قَوْلُهُ: كَالزِّيَادَةِ فِي تَطْهِيرِ أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ عَلَى الثَّلَاثِ) أَيْ فَلَا تَمْنَعُ هَذِهِ الزِّيَادَةُ الثَّوَابَ فِيمَا قَبْلَهَا وَإِلَّا فَنَفْسُ الزِّيَادَةِ لَا ثَوَابَ فِيهَا قَطْعًا (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهُ نَوَى الِاقْتِدَاءَ) الْأَوْلَى وَلِأَنَّهُ (قَوْلُهُ: كَمَا دَلَّتْ عَلَيْهِ الْأَخْبَارُ) رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ لَمْ تَنْعَقِدْ كَمَا يُعْلَمْ مِنْ شَرْحِ الرَّوْضِ، وَكَانَ الْأَوْلَى تَقْدِيمَهُ عَلَى قَوْلِهِ وَمَحَلُّ ذَلِكَ.

(قَوْلُهُ: فَلَوْ أَحْرَمَ مُنْفَرِدًا) مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ وَمَحَلُّ ذَلِكَ

ص: 222

لَوْ أَدْرَكَهُ قَبْلَ فَرَاغِهِ مِنْهُ لَمْ تَبْطُلْ قَطْعًا، وَالثَّانِي تَبْطُلُ لِمَا فِيهِ مِنْ الْمُخَالَفَةِ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ، وَعُلِمَ مِنْ هَذَا أَنَّ الْمَأْمُومَ لَوْ طَوَّلَ الِاعْتِدَالَ بِمَا لَا يُبْطِلُهُ حَتَّى سَجَدَ الْإِمَامُ وَجَلَسَ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ ثُمَّ لَحِقَهُ لَا يَضُرُّ، وَلَا يُشْكِلُ عَلَى هَذَا مَا لَوْ سَجَدَ الْإِمَامُ لِلتِّلَاوَةِ وَفَرَغَ مِنْهُ وَالْمَأْمُومُ قَائِمٌ فَإِنَّ صَلَاتَهُ تَبْطُؤُ إنْ لَحِقَهُ لِأَنَّ الْقِيَامَ لَمَّا لَمْ يَفُتْ بِسُجُودِ التِّلَاوَةِ لِرُجُوعِهِمَا إلَيْهِ لَمْ يَكُنْ لِلْمَأْمُومِ شُبْهَةٌ فِي التَّخَلُّفِ فَبَطَلَتْ صَلَاتُهُ بِهِ، بِخِلَافِ مَا نَحْنُ فِيهِ فَإِنَّ الرُّكْنَ يَفُوتُ بِانْتِقَالِ الْإِمَامِ عَنْهُ فَكَانَ لِلْمَأْمُومِ شُبْهَةٌ فِي التَّخَلُّفِ لِإِتْمَامِهِ فِي الْجُمْلَةِ فَلَمْ تَبْطُلْ صَلَاتُهُ بِذَلِكَ (أَوْ) تَخَلَّفَ (بِرُكْنَيْنِ) فِعْلِيَّيْنِ مُتَوَالِيَيْنِ (بِأَنْ فَرَغَ) الْإِمَامُ (مِنْهُمَا وَهُوَ فِيمَا قَبْلَهُمَا) بِأَنْ ابْتَدَأَ الْإِمَامُ هُوِيَّ السُّجُودِ: أَيْ وَزَالَ عَنْ حَدِّ الْقِيَامِ فِي الْأَوْجُهِ، بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ لِلْقِيَامِ أَقْرَبَ مِنْ أَقَلِّ الرُّكُوعِ فَإِنَّهُ فِي الْقِيَامِ حِينَئِذٍ لَمْ يَخْرُجْ عَنْهُ فَلَا يَضُرُّ، وَقَدْ يُفْهَمُ ذَلِكَ مِنْ قَوْلِهِمْ هَوَى لِلسُّجُودِ (فَإِنْ لَمْ يَكُنْ عُذْرٌ) بِأَنْ تَخَلَّفَ لِنَحْوِ قِرَاءَةِ السُّورَةِ أَوْ لِجِلْسَةِ الِاسْتِرَاحَةِ (بَطَلَتْ) صَلَاتُهُ لِفُحْشِ الْمُخَالَفَةِ وَلِتَقْصِيرِهِ بِهَذَا الْجُلُوسِ الَّذِي لَمْ يُطْلَبْ مِنْهُ، وَقَوْلُ جَمْعٍ إنَّ تَخَلُّفَهُ لِإِتْمَامِ التَّشَهُّدِ مَطْلُوبٌ فَيَكُونُ كَالْمُوَافِقِ: أَيْ الْمَعْذُورِ هُوَ الْأَوْجُهُ، وَمَا ذَهَبَ إلَيْهِ جَمْعٌ مِنْ أَنَّهُ كَالْمَسْبُوقِ مَمْنُوعٌ (وَإِنْ كَانَ) عُذْرٌ (بِأَنْ أَسْرَعَ) الْإِمَامُ (قِرَاءَتَهُ) وَالْمُقْتَدِي بَطِيءُ الْقِرَاءَةِ لِعَجْزٍ خِلْقِيٍّ لَا لِوَسْوَسَةٍ ظَاهِرَةٍ طَالَ زَمَنُهَا عُرْفًا أَوْ كَانَ مُنْتَظِرًا سَكْتَةَ إمَامِهِ لِيَقْرَأَ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

قَسِيمُ قَوْلِهِ وَمَحَلُّ ذَلِكَ إذَا نَوَى إلَخْ.

(قَوْلُهُ: ثُمَّ لَحِقَهُ لَا يَضُرُّ) أَيْ بِأَنْ هَوَى لِلسُّجُودِ الْأَوَّلِ قَبْلَ هُوِيِّ الْإِمَامِ لِلسَّجْدَةِ الثَّانِيَةِ.

(قَوْلُهُ: وَالْمَأْمُومُ قَائِمٌ) أَيْ لَمْ يَسْجُدْ فَيَدْخُلُ فِيهِ مَا لَوْ كَانَ فِي هُوِيِّ السُّجُودِ مَعَ تَخَلُّفِهِ عَنْ السُّجُودِ عَمْدًا حَتَّى قَامَ الْإِمَامُ عَنْهُ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ لِلْقِيَامِ أَقْرَبَ) أَيْ أَوْ إلَيْهِمَا عَلَى السَّوَاءِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الزِّيَادِيُّ فِي الرُّكْنِ الثَّالِثِ السَّابِقِ.

(قَوْلُهُ: بِأَنْ تَخَلَّفَ لِنَحْوِ قِرَاءَةٍ) مِنْ ذَلِكَ مَا لَوْ اشْتَغَلَ بِتَكْبِيرِ الْعِيدَيْنِ وَقَدْ تَرَكَهُ الْإِمَامُ فَلَا يَكُونُ مَعْذُورًا.

(قَوْلُهُ: وَقَوْلُ جَمْعٍ) وَفِي نُسْخَةٍ جَمَاعَةٍ. مِنْهُمْ السَّيِّدُ السَّمْهُودِيُّ، وَقَيَّدَ الطَّلَبَ بِمَا إذَا أَمْكَنَهُ إدْرَاكُ الْقِيَامِ مَعَ الْإِمَامِ كَمَا هُوَ مَنْقُولٌ عَنْهُ فِيمَا مَرَّ، وَهُوَ نَظِيرُ مَا قَالُوهُ فِي التَّخَلُّفِ لِلْقُنُوتِ إذَا تَرَكَهُ الْإِمَامُ وَسَجَدَ، وَقَضِيَّةُ هَذَا التَّقْيِيدِ أَنَّهُ إذَا لَمْ يُمْكِنْهُ الْإِدْرَاكُ الْمَذْكُورُ لَا يُطْلَبُ التَّخَلُّفُ وَلَكِنَّهُ يَجُوزُ إلَّا أَنَّهُ يَصِيرُ مُتَخَلِّفًا بِغَيْرِ عُذْرٍ فَلْيُتَأَمَّلْ، ثُمَّ عَلَى التَّخَلُّفِ لِإِتْمَامِ التَّشَهُّدِ يُخَالِفُ عَدَمَ التَّخَلُّفِ لِإِتْمَامِ السُّورَةِ لِأَنَّ السُّورَةَ لَا ضَابِطَ لَهَا وَيَحْصُلُ الْمَقْصُودُ بِآيَةٍ أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ وَالتَّشَهُّدُ مَضْبُوطٌ مَحْدُودٌ م ر اهـ سم عَلَى ابْنِ حَجَرٍ.

(قَوْلُهُ: لِإِتْمَامِ التَّشَهُّدِ) أَيْ الْأَوَّلِ وَخَرَجَ بِالْإِتْمَامِ مَا لَوْ كَانَ الْإِمَامُ سَرِيعَ الْقِرَاءَةِ وَأَتَى بِهِ قَبْلَ رَفْعِ الْمَأْمُومِ رَأْسَهُ مِنْ السُّجُودِ وَقَامَ فَيَنْبَغِي لِلْمَأْمُومِ مُتَابَعَتُهُ وَعَدَمُ إتْيَانِهِ بِالتَّشَهُّدِ فِي الْحَالَةِ الْمَذْكُورَةِ فَلَوْ تَخَلَّفَ لِلتَّشَهُّدِ كَانَ كَالْمُتَخَلِّفِ بِغَيْرِ عُذْرٍ.

(قَوْلُهُ: كَالْمُوَافِقِ) أَيْ فَتُغْتَفَرُ لَهُ ثَلَاثَةُ أَرْكَانٍ طَوِيلَةٍ.

(قَوْلُهُ: مَمْنُوعٌ) وَكَذَا

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: وَفَرَغَ مِنْهُ وَالْمَأْمُومُ قَائِمٌ) خَرَجَ بِهِ مَا لَوْ هَوَى لِلسُّجُودِ قَبْلَ فَرَاغِ الْإِمَامِ مِنْهُ فَلَا تَبْطُلُ صَلَاتُهُ وَإِنْ قَامَ الْإِمَامُ مِنْ السُّجُودِ قَبْلَ تَلَبُّسِ الْمَأْمُومِ بِهِ وَيَجِبُ عَلَيْهِ الْعَوْدُ مَعَ الْإِمَامِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَحِقَهُ) اُنْظُرْ مَا مَرْجِعُ الضَّمِيرِ الْمَرْفُوعِ وَالْمَنْصُوبِ (قَوْلُهُ: وَلِتَقْصِيرِهِ بِهَذَا الْجُلُوسِ الَّذِي لَمْ يُطْلَبْ مِنْهُ) اُنْظُرْ مَا وَجْهُ عَدَمِ طَلَبِهِ مِنْهُ، وَالشِّهَابُ حَجّ إنَّمَا جَعَلَهُ تَعْلِيلًا لِمَسْأَلَةِ إتْمَامِ التَّشَهُّدِ الْآتِيَةِ لِاخْتِيَارِهِ فِيهَا الْبُطْلَانَ، اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ تَكُونَ الصُّورَةُ أَنَّهُ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ التَّخَلُّفُ بِرُكْنَيْنِ بِسَبَبِ اشْتِغَالِهِ بِهَا، وَيَكُونُ الْبُطْلَانُ مُقَيَّدًا بِهَذِهِ الصُّورَةِ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: لِإِتْمَامِ التَّشَهُّدِ) أَيْ الَّذِي أَتَى بِهِ الْإِمَامُ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا قَدَّمْنَاهُ قُبَيْلَ الْفَصْلِ، وَقَوْلُهُ: مَطْلُوبٌ ظَاهِرُهُ وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْهُ إدْرَاكُ الْقِيَامِ مَعَ الْإِمَامِ لَكِنْ قَيَّدَهُ السَّيِّدُ السَّمْهُودِيُّ بِمَا إذَا أَمْكَنَهُ ذَلِكَ وَأَيَّدَهُ الشِّهَابُ سم (قَوْلُهُ: فَيَكُونُ كَالْمُوَافِقِ) أَيْ الْمَعْذُورِ كَمَا فِي كَلَامِ غَيْرِهِ، وَلَعَلَّ لَفْظَ الْمَعْذُورِ سَاقِطٌ مِنْ النُّسَخِ (قَوْلُهُ: ظَاهِرَةٌ طَالَ زَمَنُهَا عُرْفًا) لَا حَاجَةَ إلَيْهِ إذْ التَّخَلُّفُ لَهَا إلَى تَمَامِ رُكْنَيْنِ يَسْتَلْزِمُ ذَلِكَ

ص: 223

الْفَاتِحَةَ فِيهَا فَرَكَعَ عَقِبَهَا، كَمَا قَالَ الشَّيْخُ إنَّهُ الْأَقْرَبُ خِلَافًا لِلزَّرْكَشِيِّ فِي قَوْلِهِ بِسُقُوطِ الْفَاتِحَةِ عَنْهُ أَوْ سَهَا عَنْهَا حَتَّى رَكَعَ إمَامُهُ.

أَمَّا الْمُتَخَلِّفُ لِوَسْوَسَةٍ ظَاهِرَةٍ فَلَا يَسْقُطُ عَنْهُ شَيْءٌ مِنْهَا كَمُتَعَمِّدِ تَرْكِهَا فَلَهُ التَّخَلُّفُ لِإِتْمَامِهَا إلَى أَنْ يَقْرَبَ إمَامُهُ مِنْ فَرَاغِ الرُّكْنِ الثَّانِي فَيَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ مُفَارَقَتُهُ إنْ بَقِيَ شَيْءٌ مِنْهَا عَلَيْهِ لِإِتْمَامِهِ لِبُطْلَانِ صَلَاتِهِ بِشُرُوعِ الْإِمَامِ فِيمَا بَعْدَهُ، وَالْأَوْجَهُ عَدَمُ الْفَرْقِ بَيْنَ اسْتِمْرَارِ الْوَسْوَسَةِ بَعْدَ رُكُوعِ الْإِمَامِ أَوْ تَرْكِهِ لَهَا بَعْدَهُ، إذْ تَفْوِيتُ إكْمَالِهَا قَبْلَ رُكُوعِ إمَامِهِ نَشَأَ مِنْ تَقْصِيرِهِ بِتَرْدِيدِهِ الْكَلِمَاتِ مِنْ غَيْرِ بُطْءٍ خِلْقِيٍّ فِي لِسَانِهِ سَوَاءٌ أَنَشَأَ ذَلِكَ مِنْ تَقْصِيرِهِ فِي التَّعَلُّمِ، أَمْ مِنْ شَكِّهِ فِي إتْمَامِ الْحُرُوفِ أَيْ بَعْدَ فَرَاغِهِ مِنْهَا فَلَا يُفِيدُهُ تَرْكُهُ بَعْدَ رُكُوعِ إمَامِهِ رَفْعَ ذَلِكَ التَّقْصِيرِ، خِلَافًا لِبَعْضِهِمْ حَيْثُ بَحَثَ الْفَرْقَ فِيمَا ذُكِرَ وَجَعَلَ مَحَلَّ مَا تَقَرَّرَ عِنْدَ اسْتِمْرَارِهَا بَعْدَ رُكُوعِ إمَامِهِ، فَإِنْ تَرَكَهَا بَعْدَهُ اُغْتُفِرَ لَهُ التَّخَلُّفُ بِإِكْمَالِهَا مَا لَمْ يَسْبِقْ بِأَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةِ أَرْكَانٍ طَوِيلَةٍ.

إذْ لَا تَقْصِيرَ مِنْهُ الْآنَ.

وَلَوْ نَامَ فِي تَشَهُّدِهِ الْأَوَّلِ مُتَمَكِّنًا ثُمَّ انْتَبَهَ فَوَجَدَ إمَامَهُ رَاكِعًا قَامَ وَقَرَأَ وَجَرَى عَلَى نَظْمِ صَلَاةِ نَفْسِهِ مَا لَمْ يَسْبِقْ بِأَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةِ أَرْكَانٍ طَوِيلَةٍ كَالنَّاسِي كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَلَا يُقَالُ: إنَّهُ يَرْكَعُ مَعَ الْإِمَامِ وَيَتَحَمَّلُ عَنْهُ الْفَاتِحَةَ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمَسْبُوقٍ وَلَا فِي حُكْمِهِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَزْحُومِ حَيْثُ يَرْكَعُ مَعَ إمَامِهِ إذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنْ السَّجْدَةِ فَوَجَدَهُ رَاكِعًا إلْزَامُهُ بِمَا فَاتَ بِهِ مَحَلُّ الْقِرَاءَةِ بِخِلَافِ هَذَا.

وَقَدْ أَفْتَى جَمْعٌ فِيمَنْ سَمِعَ تَكْبِيرَ الرَّفْعِ مِنْ سَجْدَةِ الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ فَجَلَسَ لِلتَّشَهُّدِ ظَانًّا أَنَّ الْإِمَامَ يَتَشَهَّدُ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

قَوْلُ ابْنِ حَجَرٍ أَنَّهُ كَمَنْ اشْتَغَلَ بِسُنَّةٍ بَعْدَ التَّحَرُّمِ.

(قَوْلُهُ: أَوْ سَهَا عَنْهَا) أَيْ فَإِنْ تَرَكَ قِرَاءَتَهَا عَمْدًا حَتَّى رَكَعَ إمَامُهُ لَا يَكُونُ مَعْذُورًا.

(قَوْلُهُ: لِوَسْوَسَةٍ ظَاهِرَةٍ) لَمْ يُبَيِّنْ ضَابِطَهَا، وَيُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِ ابْنِ حَجَرٍ أَنَّ التَّخَلُّفَ لَهَا: أَيْ الْوَسْوَسَةِ إلَى تَمَامِ رُكْنَيْنِ يَسْتَلْزِمُ ظُهُورَهَا اهـ أَنَّ ضَابِطَ الْوَسْوَسَةِ مَا يُؤَدِّي إلَى التَّخَلُّفِ بِرُكْنَيْنِ فِعْلِيَّيْنِ (قَوْلُهُ: مِنْ فَرَاغِ الرُّكْنِ الثَّانِي) بِأَنْ يَشْرَعَ فِي هُوِيِّ السُّجُودِ بِحَيْثُ يَخْرُجُ بِهِ عَنْ حَدِّ الْقِيَامِ.

(قَوْلُهُ: أَيْ بَعْدَ فَرَاغِهِ) تَفْسِيرٌ لِلشَّكِّ فِي إتْمَامِ الْحُرُوفِ، وَقَوْلُهُ مِنْهَا: أَيْ مِنْ الْفَاتِحَةِ.

أَمَّا لَوْ شَكَّ فِي تَرْكِ بَعْضِ الْحُرُوفِ قَبْلَ فَرَاغِ الْفَاتِحَةِ وَجَبَتْ إعَادَتُهُ وَهُوَ مَعْذُورٌ، وَصُورَةُ ذَلِكَ أَنْ يَشُكَّ أَنَّهُ أَتَى بِجَمِيعِ الْكَلِمَاتِ أَوْ تَرَكَ بَعْضَهَا كَأَنْ شَكَّ قَبْلَ فَرَاغِ الْفَاتِحَةِ فِي الْبَسْمَلَةِ فَرَجَعَ إلَيْهَا، بِخِلَافِ مَا لَوْ شَكَّ بَعْدَ فَرَاغِ الْكَلِمَةِ فِي أَنَّهُ أَتَى بِحُرُوفِهَا عَلَى الْوَجْهِ الْمَطْلُوبِ فِيهَا مِنْ نَحْوِ الْهَمْسِ وَالرَّخَاوَةِ فَأَعَادَهَا لِيَأْتِيَ بِهَا عَلَى الْوَجْهِ الْأَكْمَلِ فَإِنَّهُ مِنْ الْوَسْوَسَةِ فِيمَا يَظْهَرُ.

(قَوْلُهُ: خِلَافًا لِبَعْضِهِمْ) أَيْ ابْنِ حَجَرٍ (قَوْلُهُ: عِنْدَ اسْتِمْرَارِهَا) أَيْ الْوَسْوَسَةِ.

(قَوْلُهُ: بَعْدَ رُكُوعِ إمَامِهِ) مِنْ تَتِمَّةِ كَلَامِ الْبَعْضِ

(قَوْلُهُ: إذَا رَفَعَ رَأْسَهُ) أَيْ الْمَأْمُومُ، وَقَوْلُهُ فَوَجَدَهُ رَاكِعًا: أَيْ الْإِمَامَ.

(قَوْلُهُ: وَقَدْ أَفْتَى جَمْعٌ فِيمَنْ سَمِعَ تَكْبِيرَةَ الرَّفْعِ) بَقِيَ مَا لَوْ كَانَ مَعَ الْإِمَامِ جَمَاعَةٌ فَكَبَّرَ شَخْصٌ لِلْإِحْرَامِ فَظَنَّ أَحَدُ الْمَأْمُومِينَ أَنَّ الْإِمَامَ رَكَعَ فَرَكَعَ قَبْلَ تَمَامِ قِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ فَتَبَيَّنَ أَنَّ الْإِمَامَ لَمْ يَرْكَعْ فَيَجِبُ عَلَيْهِ الْعَوْدُ لِلْقِيَامِ، لَكِنْ هَلْ يُعَدُّ الرُّكُوعُ الْمَذْكُورُ قَاطِعًا لِلْمُوَالَاةِ فَيَسْتَأْنِفُ قِرَاءَةَ الْفَاتِحَةِ أَوْ لَا وَإِنْ طَالَ فَيُتِمُّ عَلَيْهَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي لِأَنَّ رُكُوعَهُ مَعْذُورٌ فِيهِ فَأَشْبَهَ السُّكُوتَ الطَّوِيلَ سَهْوًا وَهُوَ لَا يَقْطَعُ الْمُوَالَاةَ، وَبَقِيَ أَيْضًا مَا لَوْ كَانَ مَسْبُوقًا فَرَكَعَ وَالْحَالَةُ مَا ذَكَرَ، ثُمَّ تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّ الْإِمَامَ لَمْ يَرْكَعْ فَقَامَ ثُمَّ رَكَعَ الْإِمَامُ عَقِبَ قِيَامِهِ فَهَلْ يَرْكَعُ مَعَهُ

ــ

[حاشية الرشيدي]

نَبَّهَ عَلَيْهِ الشِّهَابُ حَجّ.

(قَوْلُهُ: وَلَا يُقَالُ إنَّهُ يَرْكَعُ مَعَ الْإِمَامِ) أَيْ الَّذِي قَالَ بِهِ الشِّهَابُ حَجّ (قَوْلُهُ: وَقَدْ أَفْتَى جَمْعٌ إلَى قَوْلِهِ هَذَا وَالْأَوْجَهُ) تَبِعَ فِي هَذَا السِّيَاقِ الشِّهَابَ حَجّ إلَى قَوْلِهِ هَذَا وَالْأَوْجَهُ، لَكِنَّ ذَاكَ إنَّمَا أَوْرَدَهُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ؛ لِأَنَّهُ يَخْتَارُ فِي مَسْأَلَةِ مَنْ نَامَ فِي تَشَهُّدِهِ أَنَّهُ كَالْمَزْحُومِ فَجَعَلَ هَذَا اسْتِظْهَارًا عَلَى اخْتِيَارِهِ لِذَلِكَ، وَالشَّارِحُ تَبِعَهُ فِي إيرَادِهِ عَلَى وَجْهِهِ مِنْ غَيْرِ تَصَرُّفٍ بَعْدَ اخْتِيَارِهِ فِي الْمَسْأَلَةِ الْمَذْكُورَةِ مَا مَرَّ مِمَّا يُخَالِفُ الشِّهَابَ الْمَذْكُورَ، فَلَمْ يَكُنْ لَهُ مَوْقِعٌ كَمَا يَظْهَرُ بِالتَّأَمُّلِ وَإِنْ عَقَّبَهُ بِقَوْلِهِ هَذَا وَالْأَوْجَهُ إلَخْ، وَكَانَ الْمُنَاسِبُ أَنْ يَسْتَظْهِرَ عَلَى اخْتِيَارِهِ بِإِفْتَاءِ الْآخَرِينَ الْآتِي

ص: 224

فَإِذَا هُوَ فِي الثَّالِثَةِ فَكَبَّرَ لِلرُّكُوعِ فَظَنَّهُ لِقِيَامِهَا فَقَامَ فَوَجَدَهُ رَاكِعًا بِأَنَّهُ يَرْكَعُ مَعَهُ وَيَتَحَمَّلُ عَنْهُ الْفَاتِحَةَ لِعُذْرِهِ: أَيْ مَعَ عَدَمِ إدْرَاكِهِ شَيْئًا مِنْ الْقِيَامِ.

وَيُعَارِضُهُ إفْتَاءُ آخَرِينَ بِأَنَّهُ كَالنَّاسِي لِلْقِرَاءَةِ، وَلِهَذَا لَوْ نَسِيَ كَوْنَهُ مُقْتَدِيًا وَهُوَ فِي سُجُودِهِ مَثَلًا ثُمَّ ذَكَرَ فَلَمْ يَقُمْ عَنْ سَجْدَتَيْهِ إلَّا وَالْإِمَامُ رَاكِعٌ رَكَعَ مَعَهُ كَالْمَسْبُوقِ، فَفَرْقُهُمْ بَيْنَ هَاتَيْنِ الصُّورَتَيْنِ يُصَرِّحُ بِالْفَرْقِ بَيْنَ مَنْ يُدْرِكُ قِيَامَ الْإِمَامِ وَمَنْ لَا يُدْرِكُهُ، هَذَا وَالْأَوْجُهُ الثَّانِي وَهُوَ كَوْنُهُ كَالنَّاسِي فَلَا يَسْقُطُ عَنْهُ الْقِرَاءَةُ.

وَأَمَّا قَوْلُهُمْ فِي التَّعْلِيلِ: وَلِهَذَا لَوْ نَسِيَ كَوْنَهُ مُقْتَدِيًا إلَخْ فَلَعَلَّهُ مُفَرَّعٌ عَلَى مَا اخْتَارَهُ الزَّرْكَشِيُّ مِنْ سُقُوطِ الْفَاتِحَةِ عَنْ النَّاسِي، وَتَقَدَّمَ أَنَّ الْأَرْجَحَ خِلَافُهُ (وَرَكَعَ قَبْلَ إتْمَامِ الْمَأْمُومِ الْفَاتِحَةَ) وَلَوْ اشْتَغَلَ بِإِتْمَامِهَا لِاعْتِدَالِ الْإِمَامِ وَسَجَدَ قَبْلَهُ (فَقِيلَ يَتْبَعُهُ) لِتَعَذُّرِ الْمُوَافَقَةِ (وَتَسْقُطُ الْبَقِيَّةُ) لِعُذْرِهِ كَالْمَسْبُوقِ (وَالصَّحِيحُ) أَنَّهُ لَا يَتْبَعُهُ بَلْ (يُتِمُّهَا) حَتْمًا (وَيَسْعَى خَلْفَهُ) عَلَى تَرْتِيبِ صَلَاةِ نَفْسِهِ (مَا لَمْ يَسْبِقْ بِأَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةِ أَرْكَانٍ مَقْصُودَةٍ) فِي نَفْسِهَا (وَهِيَ الطَّوِيلَةُ) فَلَا يَحْسِبُ الِاعْتِدَالَ وَلَا الْجُلُوسَ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ لِأَنَّهُمَا قَصِيرَانِ، وَمَا أَفْهَمَهُ كَلَامُهُ مِنْ أَنَّ الْقَصِيرَ غَيْرُ مَقْصُودٍ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ بِاعْتِبَارِ ذَاتِهِ إذْ هُوَ تَابِعٌ لِغَيْرِهِ وَإِنْ كَانَ مَقْصُودًا بِاعْتِبَارِ أَنَّهُ لَا يَقُومُ غَيْرُهُ عَنْهُ مَقَامَهُ.

وَالْمُرَادُ بِأَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةِ أَرْكَانٍ أَنْ يَكُونَ السَّبْقُ بِثَلَاثَةٍ وَالْإِمَامُ فِي الرَّابِعِ كَأَنْ تَخَلَّفَ بِالرُّكُوعِ وَالسَّجْدَتَيْنِ وَالْإِمَامُ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

نَظَرًا لِكَوْنِهِ مَسْبُوقًا أَوَّلًا، بَلْ يَتَخَلَّفُ وَيَقْرَأُ مِنْ الْفَاتِحَةِ بِقَدْرِ مَا فَوَّتَهُ فِي رُكُوعِهِ لِتَقْصِيرِهِ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي أَيْضًا لِلْعِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ، وَلِأَنَّ الْعِبْرَةَ فِي الْعُذْرِ بِمَا فِي الْوَاقِعِ لَا بِمَا فِي ظَنِّهِ كَمَا يَأْتِي.

(قَوْلُهُ: فَكَبَّرَ) أَيْ الْإِمَامُ. (قَوْلُهُ: فَظَنَّهُ) أَيْ الْمَأْمُومُ. (قَوْلُهُ: رَكَعَ مَعَهُ) ضَعِيفٌ (قَوْله فَفَرَّقَهُمْ بَيْنَ هَاتَيْنِ الصُّورَتَيْنِ) هُمَا قَوْلُهُ وَقَدْ أَفْتَى جَمْعٌ إلَخْ، وَقَوْلُهُ وَيُعَارِضُهُ إلَخْ هَذَا، وَأَصْلُ هَذِهِ الْعِبَارَةِ فِي كَلَامِ ابْنِ حَجَرٍ تَوْجِيهًا لِمَا جَرَى عَلَيْهِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ نَامَ فِي التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ ثُمَّ قَامَ فَوَجَدَ الْإِمَامَ رَاكِعًا أَنَّهُ يَرْكَعُ مَعَهُ وَهُوَ وَاضِحٌ. أَمَّا عَلَى مَا جَرَى عَلَيْهِ الشَّارِحُ مِنْ أَنَّهُ يَتَخَلَّفُ وَيَقْرَأُ فَلَمْ يَظْهَرْ عَلَيْهِ وَجْهٌ لِقَوْلِهِ فَفَرَّقَهُمْ بَيْنَ هَاتَيْنِ الصُّورَتَيْنِ إلَخْ.

(قَوْلُهُ: وَهُوَ كَوْنُهُ كَالنَّاسِي) أَيْ مَنْ جَلَسَ ظَانًّا جُلُوسَ الْإِمَامِ لِلتَّشَهُّدِ (قَوْلُهُ: وَتَقَدَّمَ أَنَّ الْأَرْجَحَ خِلَافُهُ) أَيْ فَيَتَخَلَّفُ لِلْقِرَاءَةِ وَيُغْتَفَرُ لَهُ ثَلَاثَةُ أَرْكَانٍ طَوِيلَةٍ.

(قَوْلُهُ: وَالْإِمَامُ فِي الرَّابِعِ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ فَرَغَ مِنْ الْقِرَاءَةِ وَالْإِمَامُ فِي التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ لَمْ يُوَافِقْهُ بَلْ يَسْعَى عَلَى نَظْمِ صَلَاةِ نَفْسِهِ،

ــ

[حاشية الرشيدي]

وَيَجْعَلُهُ رَدًّا لِإِفْتَاءِ الْجَمْعِ الْمَذْكُورِينَ عَكْسَ مَا صَنَعَ الشِّهَابُ الْمَذْكُورُ (قَوْلُهُ: وَلِهَذَا لَوْ نَسِيَ كَوْنَهُ مُقْتَدِيًا إلَخْ) صَرِيحُ هَذَا السِّيَاقِ أَنَّهُ تَأْيِيدٌ لِإِفْتَاءِ الْآخَرِينَ بِأَنَّهُ كَالنَّاسِي، وَلَيْسَ كَذَلِكَ إذْ لَا وَجْهَ لَهُ، وَعِبَارَةُ الشِّهَابِ حَجّ: وَبِهِ: أَيْ بِإِفْتَاءِ الْجَمْعِ الْمُتَقَدِّمِ يُرَدُّ إفْتَاءُ آخَرِينَ بِأَنَّهُ كَالنَّاسِي لِلْقِرَاءَةِ وَمِنْ ثَمَّ لَوْ نَسِيَ الِاقْتِدَاءَ إلَخْ، فَقَوْلُهُ: وَمِنْ ثَمَّ الَّذِي عَبَّرَ عَنْهُ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ وَلِهَذَا تَأْيِيدٌ لِلرَّدِّ عَلَى الْآخَرِينَ، وَسَيَأْتِي فِي كَلَامِ الشَّارِحِ الْإِشَارَةُ لِمَا نَبَّهْنَا عَلَيْهِ فِي قَوْلِهِ وَأَمَّا قَوْلُهُمْ فِي التَّعْلِيلِ إلَخْ وَإِنْ كَانَتْ عِبَارَتُهُ هُنَا قَلِقَةً كَمَا عَرَفْت (قَوْلُهُ: فَفَرَّقَهُمْ بَيْنَ هَاتَيْنِ الصُّورَتَيْنِ) أَيْ صُورَتَيْ نِسْيَانِ الْقِرَاءَةِ وَنِسْيَانِ كَوْنِهِ مُقْتَدِيًا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّهُمَا مَحَلُّ وِفَاقٍ، فَالضَّمِيرُ فِي فَفَرَّقَهُمْ لِلْأَصْحَابِ.

وَأَمَّا قَوْلُ الشِّهَابِ سم فِي حَوَاشِي التُّحْفَةِ كَانَ مُرَادُهُ صُورَةَ مَنْ سَمِعَ تَكْبِيرَ الرَّفْعِ وَصُورَةُ النَّاسِي لِلْقِرَاءَةِ فَعَجِيبٌ؛ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ الضَّمِيرُ فِي فَفَرَّقَهُمْ لِلْأَصْحَابِ فَلَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّ مَسْأَلَةَ مَنْ سَمِعَ تَكْبِيرَ الرَّفْعِ لَيْسَتْ مَحَلَّ وِفَاقٍ حَتَّى تُسْنَدَ لِلْأَصْحَابِ وَيُنْسَبَ إلَيْهِمْ أَنَّهُمْ فَرَّقُوا بَيْنَهَا وَبَيْنَ مَسْأَلَةِ النَّاسِي لِلْقِرَاءَةِ وَإِنْ كَانَ الضَّمِيرُ فِيهِ رَاجِعًا لِلْجَمْعِ الْمُفْتِينَ بِمَا مَرَّ، فَلَا يَصِحُّ أَيْضًا؛ لِأَنَّهُمْ لَمْ يَتَعَرَّضُوا فِي إفْتَائِهِمْ لِفَرْقٍ كَمَا تَرَى بَلْ وَلَا لِمَسْأَلَةِ النِّسْيَانِ، وَإِنَّمَا أَيَّدَ بِهَا الشِّهَابُ ابْنُ حَجَرٍ إفْتَاءَهُمْ، وَأَعْجَبُ مِنْهُ مَا فِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ مِنْ أَنَّ مُرَادَهُ بِالصُّورَتَيْنِ قَوْلُهُ: وَقَدْ أَفْتَى جَمْعٌ إلَخْ، وَقَوْلُهُ: وَيُعَارِضُهُ إلَخْ إذْ لَيْسَ هَاتَانِ صُورَتَيْنِ وَإِنَّمَا هِيَ صُورَةٌ وَاحِدَةٌ اخْتَلَفَ فِيهَا إفْتَاءَانِ وَبِتَسْلِيمِهِ فَمَا يَكُونُ مَرْجِعُ الضَّمِيرِ فِي فَفَرَّقَهُمْ وَمِنْ الْفَارِقِ بَيْنَهُمَا عَلَى أَنَّهُ لَا مَعْنَى لَهُ عِنْدَ التَّأَمُّلِ (قَوْلُهُ: وَأَمَّا قَوْلُهُمْ فِي التَّعْلِيلِ) فِيهِ أَمْرَانِ: الْأَوَّلُ أَنَّ الْقَائِلَ لِهَذَا هُوَ

ص: 225

فِي الْقِيَامِ، فَهَذِهِ ثَلَاثَةُ أَرْكَانٍ طَوِيلَةٍ.

فَلَوْ كَانَ السَّبْقُ بِأَرْبَعَةِ أَرْكَانٍ وَالْإِمَامُ فِي الْخَامِسِ كَأَنْ تَخَلَّفَ بِالرُّكُوعِ وَالسَّجْدَتَيْنِ وَالْقِيَامِ وَالْإِمَامُ حِينَئِذٍ فِي الرُّكُوعِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ (فَإِنْ سَبَقَ بِأَكْثَرَ) مِمَّا ذَكَرَ بِأَنْ انْتَهَى إلَى الرَّابِعِ كَأَنْ رَكَعَ الْإِمَامُ وَالْمَأْمُومُ فِي الِاعْتِدَالِ أَوْ قَامَ أَوْ قَعَدَ وَهُوَ فِي الْقِيَامِ (فَقِيلَ يُفَارِقُهُ) بِالنِّيَّةِ حَتْمًا لِتَعَذُّرِ الْمُوَافَقَةِ (وَالْأَصَحُّ) أَنَّهُ لَا تَلْزَمُهُ مُفَارَقَتُهُ بَلْ (يَتْبَعُهُ) حَتْمًا إنْ لَمْ يَنْوِ مُفَارَقَتَهُ (فِيمَا هُوَ فِيهِ) إذْ لَوْ سَعَى عَلَى تَرْتِيبِ نَفْسِهِ لَكَانَ فِيهِ مُخَالَفَةٌ فَاحِشَةٌ وَلِهَذَا تَبْطُلُ بِهِ مِنْ عَالِمٍ عَامِدٍ، وَإِذَا تَبِعَهُ فَرَكَعَ قَبْلَ أَنْ يُتِمَّ الْفَاتِحَةَ تَخَلَّفَ لِإِتْمَامِهَا مَا لَمْ يَسْبِقْ بِأَكْثَرَ أَيْضًا (ثُمَّ يَتَدَارَكُ) مَا فَاتَهُ (بَعْدَ سَلَامِ الْإِمَامِ) كَالْمَسْبُوقِ (وَلَوْ لَمْ يُتِمَّ) الْمَأْمُومُ (الْفَاتِحَةَ لِشَغْلِهِ بِدُعَاءِ الِافْتِتَاحِ) مَثَلًا وَقَدْ رَكَعَ إمَامُهُ (فَمَعْذُورٌ) فِي تَخَلُّفِهِ لِإِتْمَامِهَا كَبَطِيءِ الْقِرَاءَةِ فَيَأْتِي فِيمَا مَرَّ.

وَقَدْ عُلِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ أَنَّ الْمُرَادَ بِفَرَاغِهِ مِنْ الرُّكْنِ انْتِقَالُهُ عَنْهُ لَا الْإِتْيَانُ بِالْوَاجِبِ مِنْهُ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ هُنَا عُذْرُهُ وَإِنْ لَمْ يُنْدَبْ فِي حَقِّهِ دُعَاءُ الِافْتِتَاحِ بِأَنْ ظَنَّ عَدَمَ إدْرَاكِ الْفَاتِحَةِ لَوْ اشْتَغَلَ بِهِ، لَكِنْ يُشْكِلُ حِينَئِذٍ بِمَا تَقَدَّمَ فِي تَارِكِ الْفَاتِحَةِ مُتَعَمِّدًا، إلَّا أَنْ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

لَكِنَّ عِبَارَةَ ابْنِ حَجَرٍ بَعْدَ مَا ذَكَرَ: أَوْ مَا هُوَ عَلَى صُورَتِهِ انْتَهَى. وَهِيَ مُخْرِجَةٌ لِذَلِكَ، وَقَدْ يُؤْخَذُ مَا قَالَهُ ابْنُ حَجَرٍ مِنْ قَوْلِ الشَّارِحِ الْآتِي أَوْ قَامَ أَوْ قَعَدَ

(قَوْلُهُ: وَالْإِمَامُ حِينَئِذٍ فِي الرُّكُوعِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ) أَيْ بِأَنْ تَخَلَّفَ لِلْقِرَاءَةِ فَلَمْ يُكْمِلْهَا حَتَّى قَامَ الْإِمَامُ عَنْ السُّجُودِ وَلَمْ يَقْصِدْ مُوَافَقَتَهُ فِي الْقِيَامِ حَتَّى رَكَعَ فَقَدْ تَحَقَّقَ سَبْقُهُ بِأَرْبَعَةِ أَرْكَانٍ، وَقَضِيَّةُ هَذَا أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَقْصِدْ مُتَابَعَتَهُ فِيمَا هُوَ فِيهِ عَقِبَ الْقِيَامِ لَا يَضُرُّ. وَقَالَ عَمِيرَةُ عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ يَتْبَعُهُ: أَيْ فَلَوْ تَخَلَّفَ أَدْنَى تَخَلُّفٍ بَطَلَتْ نَظَرًا لِمَا مَضَى مِنْ التَّخَلُّفِ وَإِنْ كَانَ مَعْذُورًا، هَذَا مَا ظَهَرَ لِي مِنْ كَلَامِهِمْ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ.

وَهُوَ مُخَالِفٌ كَمَا تَرَى لِمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الشَّارِحِ، لَكِنَّهُ قَدْ يُوَافِقُهُ قَوْلُ الشَّارِحِ بَعْدُ: بِأَنْ انْتَهَى إلَى الرَّابِعِ كَأَنْ رَكَعَ وَالْمَأْمُومُ فِي الِاعْتِدَالِ إلَخْ (قَوْلُهُ: كَأَنْ رَكَعَ) أَيْ رُكُوعَ الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ، وَكَتَبَ سم عَلَى حَجّ قَوْلَهُ كَأَنْ رَكَعَ إلَخْ. أَقُولُ: إذَا قَعَدَ وَهُوَ فِي الْقِيَامِ فَقَعَدَ مَعَهُ كَمَا هُوَ الْوَاجِبُ عَلَيْهِ ثُمَّ قَامَ إلَى الرَّكْعَةِ الْأُخْرَى فَهَلْ يَبْنِي عَلَى مَا قَرَأَهُ مِنْ الْفَاتِحَةِ فِي الرَّكْعَةِ السَّابِقَةِ؟ الْوَجْهُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الْبِنَاءُ لِانْقِطَاعِ قِرَاءَتِهِ بِمُفَارَقَةِ ذَلِكَ الْقِيَامِ إلَى قِيَامٍ آخَرَ مِنْ رَكْعَةٍ أُخْرَى، بِخِلَافِ مَا لَوْ سَجَدَ لِتِلَاوَةٍ فِي أَثْنَاءِ الْفَاتِحَةِ كَأَنْ تَابَعَ إمَامَهُ فِيهَا بِرُجُوعِهِ بَعْدَ السُّجُودِ إلَى قِيَامِ تِلْكَ الرَّكْعَةِ بِعَيْنِهِ.

وَأَمَّا مَسْأَلَةُ مَا لَوْ قَامَ: أَيْ الْإِمَامُ، وَهُوَ: أَيْ الْمَأْمُومُ فِي الْقِيَامِ فَلَا يَبْعُدُ حِينَئِذٍ بِنَاؤُهُ عَلَى قِرَاءَتِهِ لِعَدَمِ مُفَارَقَتِهِ حِينَئِذٍ قِيَامَهُ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ.

وَخَالَفَهُ فِي حَاشِيَةِ شَرْحِ الْمَنْهَجِ وَاعْتَمَدَ الْبِنَاءَ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ وَنَقَلَهُ عَنْ ابْنِ الْعِمَادِ فِي الْقَوْلِ التَّامِّ فِي أَحْكَامِ الْمَأْمُومِ وَالْإِمَامِ. أَقُولُ: وَهَذَا هُوَ الْأَقْرَبُ وَالْقَلْبُ إلَيْهِ أَمْيَلُ.

(قَوْلُهُ: وَالْمَأْمُومُ فِي الِاعْتِدَالِ) أَيْ اعْتِدَالِ الرَّكْعَةِ الْأُولَى مَثَلًا (قَوْلُهُ: أَوْ قَعَدَ) أَيْ لِلتَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ.

(قَوْلُهُ: فَيَأْتِي فِيهِ مَا مَرَّ) أَيْ مِنْ اعْتِبَارِ ثَلَاثَةِ أَرْكَانٍ طَوِيلَةٍ لَهُ.

(قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يُنْدَبْ فِي حَقِّهِ إلَخْ) مُعْتَمَدٌ.

(قَوْلُهُ: لَكِنْ يُشْكِلُ حِينَئِذٍ بِمَا تَقَدَّمَ) أَيْ فِي مَفْهُومِ قَوْلِهِ أَوْ سَهَا عَنْهَا حَتَّى إلَخْ كَمَا تَقَدَّمَ.

ــ

[حاشية الرشيدي]

الشِّهَابُ حَجّ تَأْيِيدًا لِإِفْتَاءِ الْجَمْعِ الْمَذْكُورِينَ كَمَا عَرَفْت فَلَا مَعْنَى لِضَمِيرِ الْجَمْعِ. الثَّانِي قَوْلُهُ: فِي التَّعْلِيلِ فِيهِ مُسَاهَلَةٌ إذْ لَمْ يُذْكَرْ عَلَى وَجْهِ التَّعْلِيلِ بَلْ عَلَى وَجْهِ التَّأْيِيدِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ وَفَرْقٌ مَا بَيْنَهُمَا.

(قَوْلُهُ: فَلَوْ كَانَ السَّبْقُ بِأَرْبَعَةِ أَرْكَانٍ وَالْإِمَامُ فِي الْخَامِسِ) أَيْ بِأَنْ لَمْ يَقْصِدْ مُوَافَقَةَ الْإِمَامِ فِي الْقِيَامِ الَّذِي صَارَ إلَيْهِ فِيهِ، وَاسْتَمَرَّ عَلَى تَرْتِيبِ نَفْسِهِ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ الشَّيْخُ فِي الْحَاشِيَةِ، وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ قَصْدِ الْمُتَابَعَةِ، وَهُوَ أَحَدُ احْتِمَالَاتٍ ثَلَاثٍ أَبَدَاهَا الشِّهَابُ سم فِي حَاشِيَةِ الْمَنْهَجِ. وَالثَّانِي أَنَّهُ يُشْتَرَطُ أَنْ لَا يَقْصِدَ الْبَقَاءَ عَلَى نَظْمِ نَفْسِهِ.

وَالثَّالِثُ وَهُوَ الَّذِي اسْتَظْهَرَهُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ بَلْ يَكْفِي وُجُوبُ التَّبَعِيَّةِ بِالْفِعْلِ، وَقَوْلُ الشَّارِحِ الْآتِي قَرِيبًا: وَإِذَا تَبِعَهُ فَرَكَعَ قَبْلَ أَنْ يُتِمَّ الْفَاتِحَةَ تَخَلَّفَ لِإِتْمَامِهَا يُؤَيِّدُ مَا قَالَهُ شَيْخُنَا، إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّهُ لَا يَقْتَضِي وُجُوبَ الْقَصْدِ، وَإِنَّمَا غَايَةُ مَا فِيهِ أَنَّهُ إذَا قَصَدَ كَانَ حُكْمُهُ مَا ذُكِرَ، وَمَا اسْتَظْهَرَهُ ابْنُ قَاسِمٍ يَلْزَمُ مِنْهُ ضَعْفُ حُكْمِ الْبُلْقِينِيِّ بِالْبُطْلَانِ فِي الصُّورَةِ الَّتِي ذَكَرَهَا فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَإِذَا تَبِعَهُ) أَيْ بِالْقَصْدِ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ (قَوْلُهُ: وَقَدْ عُلِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ أَنَّ الْمُرَادَ بِفَرَاغِهِ) اُنْظُرْ مَا الدَّاعِي لِذِكْرِ هَذَا هُنَا

ص: 226

يُفَرَّقَ بِأَنَّ هَذَا شَائِبَةَ شُبْهَةٍ لِاشْتِغَالِهِ بِصُورَةِ سُنَّةٍ، بِخِلَافِ مَا مَرَّ وَبِمَا يَأْتِي فِي الْمَسْبُوقِ أَنَّ سَبَبَ عَدَمِ عُذْرِهِ اشْتِغَالُهُ بِسُنَّةٍ عَنْ فَرْضٍ.

وَقَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ الْإِمَامَ يَتَحَمَّلُ عَنْ الْمَسْبُوقِ، فَاحْتِيطَ لَهُ بِأَنْ لَا يَكُونَ صَرَفَ شَيْئًا لِغَيْرِ الْفَرْضِ.

وَأَمَّا الْمُوَافِقُ فَلَا يَتَحَمَّلُ عَنْهُ فَعُذِرَ لِلتَّخَلُّفِ لِإِتْمَامِ الْفَاتِحَةِ وَإِنْ عُدَّ مُقَصِّرًا بِصَرْفِهِ بَعْضَ الزَّمَنِ لِغَيْرِهَا إذْ تَقْصِيرُهُ بِاعْتِبَارِ ظَنِّهِ دُونَ الْوَاقِعِ.

وَالْحَاصِلُ مِمَّا يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِهِمْ إدَارَتُنَا الْأَمْرَ عَلَى الْوَاقِعِ بِالنِّسْبَةِ لِلْعُذْرِ وَعَدَمِهِ وَعَلَى ظَنِّهِ بِالنِّسْبَةِ لِنَدْبِ الْإِتْيَانِ بِنَحْوِ التَّعَوُّذِ (هَذَا كُلُّهُ فِي) الْمَأْمُومِ (الْمُوَافِقِ) وَهُوَ مَنْ أَدْرَكَ مَعَ الْإِمَامِ مَحَلَّ قِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ الْمُعْتَدِلَةِ لَا بِالنِّسْبَةِ لِنَفْسِهِ وَلَا لِقِرَاءَةِ إمَامِهِ فِيمَا يَظْهَرُ، وَإِنْ رَجَّحَ الزَّرْكَشِيُّ اعْتِبَارَ قِرَاءَةِ نَفْسِهِ، وَقَوْلُ بَعْضِ الشُّرَّاحِ: هُوَ مَنْ أَحْرَمَ مَعَ الْإِمَامِ مَرْدُودٌ، إذْ أَحْكَامُ الْمُوَافِقِ وَالْمَسْبُوقِ جَارِيَةٌ فِي جَمِيعِ الرَّكَعَاتِ، بِدَلِيلِ أَنَّ السَّاعِيَ عَلَى تَرْتِيبِ نَفْسِهِ وَنَحْوِهِ كَبَطِيءِ النَّهْضَةِ إذَا فَرَغَ مِنْ سَعْيِهِ عَلَى تَرْتِيبِ نَفْسِهِ، فَإِنْ أَدْرَكَ مَعَ الْإِمَامِ زَمَنًا يَسَعُ الْفَاتِحَةَ كَانَ مُوَافِقًا وَإِلَّا فَمَسْبُوقٌ، وَهَلْ يَلْحَقُ بِهِ فِي سَائِرِ أَحْكَامِهِ مَنْ شَكَّ هَلْ أَدْرَكَ زَمَنًا يَسَعُ الْفَاتِحَةَ لِأَنَّ الْأَصْلَ وُجُوبُهَا فِي كُلِّ رَكْعَةٍ حَتَّى يَتَحَقَّقَ مُسْقِطُهَا وَعَدَمُ تَحَمُّلِ الْإِمَامِ لِشَيْءٍ مِنْهَا، وَلِأَنَّ إدْرَاكَ الْمَسْبُوقِ الرَّكْعَةَ رُخْصَةٌ فَلَا تَحْصُلُ مَعَ الشَّكِّ فِي السَّبَبِ الْمُقْتَضِي لَهُ، وَلِأَنَّ التَّخَلُّفَ لِقِرَاءَتِهَا أَقْرَبُ إلَى الِاحْتِيَاطِ مِنْ تَرْكِ كَمَالِهَا، وَحِينَئِذٍ فَيَتَأَخَّرُ وَيُتِمُّ الْفَاتِحَةَ وَيُدْرِكُ الرَّكْعَةَ مَا لَمْ يُسْبَقْ بِأَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةِ أَرْكَانٍ طَوِيلَةٍ، فَإِنْ سُبِقَ بِهِ تَابَعَهُ فِيمَا هُوَ فِيهِ ثُمَّ يَأْتِي بِرَكْعَةٍ بَعْدَ سَلَامِهِ، فِي ذَلِكَ تَرَدُّدٌ لِلْمُتَأَخِّرِينَ وَالْمُعْتَمَدُ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، نَعَمْ لِمَا مَرَّ وَسَوَاءٌ فِي ذَلِكَ أَكَانَ إحْرَامُهُ عَقِبَ إحْرَامِ إمَامِهِ أَمْ عَقِبَ قِيَامِهِ مِنْ رَكْعَتِهِ أَمْ لَا خِلَافًا لِبَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ.

أَمَّا الْمَسْبُوقُ وَهُوَ بِخِلَافِهِ وَهُوَ مَا بَيَّنَهُ بِقَوْلِهِ (فَأَمَّا مَسْبُوقٌ رَكَعَ الْإِمَامُ فِي) أَثْنَاءِ قِرَاءَةِ (فَاتِحَتِهِ فَالْأَصَحُّ أَنَّهُ إنْ لَمْ يَشْتَغِلْ بِالِافْتِتَاحِ وَالتَّعَوُّذِ) بِأَنْ قَرَأَ عَقِبَ تَحَرُّمِهِ (تَرَكَ قِرَاءَتَهُ وَرَكَعَ) مَعَهُ لِأَنَّهُ لَمْ يُدْرِكْ سِوَى مَا قَرَأَهُ (وَهُوَ) بِرُكُوعِهِ مَعَهُ وَإِنْ أَدْرَكَهُ قَبْلَ قِيَامِهِ عَنْ أَقَلِّ الرُّكُوعِ (مُدْرِكٌ لِلرَّكْعَةِ) فَيَتَحَمَّلُ الْإِمَامُ عَنْهُ مَا بَقِيَ مِنْهَا كَمَا يَتَحَمَّلُ عَنْهُ جَمِيعَهَا لَوْ أَدْرَكَهُ رَاكِعًا أَوْ رَكَعَ عَقِبَ تَحَرُّمِهِ، فَإِنْ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

قَوْلُهُ: وَقَوْلُ بَعْضِ الشُّرَّاحِ هُوَ) أَيْ الْمُوَافِقُ.

(قَوْلُهُ: إذْ أَحْكَامُ الْمُوَافِقِ إلَخْ) يُمْكِنُ الْجَوَابُ بِأَنَّ مَنْ عَبَّرَ بِذَلِكَ أَرَادَ الْمُوَافِقَ الْحَقِيقِيَّ، فَإِنَّ مَا ذَكَرَهُ مِنْ بَطِيءِ النَّهْضَةِ وَنَحْوِهِ مَسْبُوقٌ حُكْمًا.

(قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَمَسْبُوقٌ) أَيْ فَيَرْكَعُ مَعَهُ وَتُحْسَبُ لَهُ الرَّكْعَةُ، وَمِنْ ذَلِكَ مَا يَقَعُ لِكَثِيرٍ مِنْ الْأَئِمَّةِ أَنَّهُمْ يُسْرِعُونَ الْقِرَاءَةَ فَلَا يُمْكِنُ الْمَأْمُومَ بَعْدَ قِيَامِهِ مِنْ السُّجُودِ قِرَاءَةُ الْفَاتِحَةِ بِتَمَامِهَا قَبْلَ رُكُوعِ الْإِمَامِ فَيَرْكَعُ مَعَهُ وَتُحْسَبُ لَهُ الرَّكْعَةُ وَلَوْ وَقَعَ لَهُ ذَلِكَ فِي جَمِيعِ الرَّكَعَاتِ، فَلَوْ تَخَلَّفَ لِإِتْمَامِ الْفَاتِحَةِ حَتَّى رَفَعَ الْإِمَامُ رَأْسَهُ مِنْ الرُّكُوعِ أَوْ رَكَعَ مَعَهُ وَلَمْ يَطْمَئِنَّ قَبْلَ ارْتِفَاعِهِ عَنْ أَقَلِّ الرُّكُوعِ فَاتَتْهُ الرَّكْعَةُ فَيَتْبَعُ الْإِمَامَ فِيمَا هُوَ فِيهِ وَيَأْتِي بِرَكْعَةٍ بَعْدَ سَلَامِ الْإِمَامِ.

(قَوْلُهُ: وَهَلْ يَلْحَقُ بِهِ) أَيْ الْمُوَافِقِ. (قَوْلُهُ نَعَمْ) أَيْ فَيَكُونُ كَالْمُوَافِقِ فَيُغْتَفَرُ لَهُ ثَلَاثَةُ أَرْكَانٍ طَوِيلَةٍ وَقَوْلُهُ لِمَا مَرَّ أَيْ مِنْ قَوْلِهِ فَيَتَأَخَّرُ إلَخْ

(قَوْلُهُ تَرَكَ قِرَاءَتَهُ أَوْ رَكَعَ) أَيْ نَدْبًا

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: وَبِمَا يَأْتِي) مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ بِمَا تَقَدَّمَ (قَوْلُهُ: بِاعْتِبَارِ ظَنِّهِ دُونَ الْوَاقِعِ) قَالَ الشِّهَابُ سم فِي حَوَاشِي التُّحْفَةِ: فِيهِ نَظَرٌ ظَاهِرٌ إذْ لَا مَعْنَى لِلتَّقْصِيرِ فِي الْوَاقِعِ إلَّا كَوْنُ مُقْتَضَى الْوَاقِعِ أَنْ لَا يَشْتَغِلَ بِغَيْرِ الْفَاتِحَةِ، وَهُنَا كَذَلِكَ لِكَوْنِ مَا أَدْرَكَهُ لَا يَسَعُ فِي الْوَاقِعِ غَيْرَ الْفَاتِحَةِ فَلْيُتَأَمَّلْ انْتَهَى. (قَوْلُهُ: إذْ أَحْكَامُ الْمُوَافِقِ وَالْمَسْبُوقِ جَارِيَةٌ فِي جَمِيعِ الرَّكَعَاتِ) فِيهِ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ جَرَيَانِ أَحْكَامِهِمَا فِي جَمِيعِ الرَّكَعَاتِ أَنَّهُمَا يُسَمَّيَانِ كَذَلِكَ حَقِيقَةً فِي غَيْرِ الرَّكْعَةِ الْأُولَى.

(قَوْلُهُ: وَإِنْ أَدْرَكَهُ قَبْلَ قِيَامِهِ عَنْ أَقَلِّ الرُّكُوعِ) أَيْ وَأَتَمَّ الرُّكُوعَ قَبْلَ انْفِصَالِ الْإِمَامِ عَنْ أَقَلِّهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، وَلَوْ حَذَفَ الْوَاوَ مِنْ قَوْلِهِ وَإِنْ لَكَانَ أَوْضَحَ

ص: 227

تَخَلَّفَ بَعْدَ قِرَاءَةِ مَا أَدْرَكَهُ مِنْ الْفَاتِحَةِ لِإِتْمَامِهَا وَفَاتَهُ الرُّكُوعُ مَعَهُ وَأَدْرَكَهُ فِي الِاعْتِدَالِ بَطَلَتْ رَكْعَتُهُ لِعَدَمِ مُتَابَعَتِهِ فِي مُعْظَمِهَا وَكَانَ تَخَلُّفُهُ بِلَا عُذْرٍ فَيَكُونُ مَكْرُوهًا، وَلَوْ رَكَعَ الْإِمَامُ قَبْلَ فَاتِحَةِ الْمَسْبُوقِ فَحُكْمُهُ كَمَا لَوْ رَكَعَ فِيهَا (وَإِلَّا) بِأَنْ اشْتَغَلَ بِهِمَا أَوْ بِأَحَدِهِمَا أَوْ لَمْ يَشْتَغِلْ بِشَيْءٍ بِأَنْ سَكَتَ بَعْدَ تَحَرُّمِهِ زَمَنًا قَبْلَ أَنْ يَقْرَأَ مَعَ عِلْمِهِ بِأَنَّ الْفَاتِحَةَ وَاجِبَةٌ (لَزِمَهُ قِرَاءَةٌ) مِنْهَا (بِقَدْرِهِ) أَيْ بِقَدْرِ حُرُوفِهِ فِي ظَنِّهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، أَوْ بِقَدْرِ زَمَنِ سُكُوتِهِ لِأَنَّهُ بِالْعُدُولِ مِنْ الْفَرْضِ إلَى غَيْرِهِ مَنْسُوبٌ إلَى تَقْصِيرٍ فِي الْجُمْلَةِ، وَالثَّانِي يُوَافِقُهُ مُطْلَقًا وَيَسْقُطُ بَاقِيهَا لِخَبَرِ «إذَا رَكَعَ فَارْكَعُوا» وَاخْتَارَهُ الْأَذْرَعِيُّ تَبَعًا لِتَرْجِيحِ جَمَاعَةٍ، وَالثَّالِثُ يُتِمُّ الْفَاتِحَةَ مُطْلَقًا لِأَنَّهُ أَدْرَكَ الْقِيَامَ الَّذِي هُوَ مَحَلُّهَا فَلَزِمَتْهُ، وَعَلَى الْأَوَّلِ مَتَى رَكَعَ قَبْلَ وَفَاءِ مَا لَزِمَهُ عَامِدًا عَالِمًا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ وَإِلَّا لَمْ يُعْتَدَّ بِمَا فَعَلَهُ، وَمَتَى رَكَعَ إمَامُهُ وَهُوَ مُتَخَلِّفٌ لِمَا لَزِمَهُ وَقَامَ مِنْ رُكُوعِهِ فَاتَتْهُ الرَّكْعَةُ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ مُتَخَلِّفٌ بِغَيْرِ عُذْرٍ، وَمَنْ عَبَّرَ بِعُذْرِهِ نُظِرَ إلَى أَنَّهُ مَلْزُومٌ بِالْقِرَاءَةِ كَمَا أَشَارَ لِذَلِكَ الشَّارِحُ، ثُمَّ إذَا فَرَغَ قَبْلَ هُوِيِّ إمَامِهِ لِسُجُودِهِ وَافَقَهُ وَلَا يَرْكَعُ وَإِلَّا بَطَلَتْ إنْ كَانَ عَامِدًا عَالِمًا، وَإِنْ فَاتَهُ لِلرُّكُوعِ وَلَمْ يَفْرُغْ وَقَدْ أَرَادَ الْإِمَامُ الْهُوِيَّ لِلسُّجُودِ فَقَدْ تَعَارَضَ فِي حَقِّهِ وُجُوبُ وَفَاءِ مَا لَزِمَهُ وَبُطْلَانُ صَلَاتِهِ بِهُوِيِّ الْإِمَامِ لِلسُّجُودِ لِمَا تَقَرَّرَ مِنْ كَوْنِهِ مُتَخَلِّفًا بِغَيْرِ عُذْرٍ، فَلَا مُخَلِّصَ لَهُ عَنْ هَذَيْنِ إلَّا نِيَّةَ الْمُفَارَقَةِ فَتَعَيَّنَ عَلَيْهِ حَذَرًا مِنْ بُطْلَانِ صَلَاتِهِ عِنْدَ عَدَمِهَا بِكُلِّ تَقْدِيرٍ، وَيَشْهَدُ لَهُ مَا مَرَّ فِي مُتَعَمِّدِ تَرْكِ الْفَاتِحَةِ وَبَطِيءٍ لِوَسْوَسَةٍ ظَاهِرَةٍ، وَمَا نَقَلَهُ الشَّيْخُ عَنْ التَّحْقِيقِ وَاعْتَمَدَهُ مِنْ لُزُومِ مُتَابَعَتِهِ فِي الْهُوِيِّ حِينَئِذٍ، وَيُوَجَّهُ بِأَنَّهُ لَمَّا لَزِمَتْهُ مُتَابَعَتُهُ حِينَئِذٍ سَقَطَ مُوجِبُ تَقْصِيرِهِ مِنْ التَّخَلُّفِ لِقِرَاءَةِ قَدْرِ مَا لَحِقَهُ فَغَلَبَ وَاجِبُ الْمُتَابَعَةِ، وَعَلَيْهِ فَلَا يَلْزَمُهُ مُفَارَقَتُهُ بِحَسَبِ مَا فَهِمَهُ مِنْ كَلَامِهِ، وَإِلَّا فَعِبَارَتُهُ صَرِيحَةٌ فِي تَفْرِيعِهِ عَلَى الْمَرْجُوحِ، أَمَّا إذَا جَهِلَ أَنَّ وَاجِبَهُ ذَلِكَ فَهُوَ بِتَخَلُّفِهِ لِمَا لَزِمَهُ مُتَخَلِّفٌ بِعُذْرٍ قَالَهُ الْقَاضِي.

قَالَ الْفَارِقِيُّ: وَصُورَةُ تَخَلُّفِهِ لِلْقِرَاءَةِ أَنْ يَظُنَّ أَنَّهُ يُدْرِكُ الْإِمَامَ قَبْلَ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

لِمَا يَأْتِي مِنْ أَنَّ التَّخَلُّفَ مَكْرُوهٌ.

(قَوْلُهُ: بَطَلَتْ رَكْعَتُهُ) أَيْ فَيُوَافِقُهُ فِيمَا هُوَ فِيهِ بَعْدُ فَلَوْ رَكَعَ عَامِدًا عَالِمًا بِالتَّحْرِيمِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ.

(قَوْلُهُ: وَكَانَ تَخَلُّفُهُ بِلَا عُذْرٍ) أَيْ بِأَنْ كَانَ عَامِدًا عَالِمًا.

(قَوْلُهُ: وَلَوْ رَكَعَ الْإِمَامُ) هَذَا مُسَاوٍ لِقَوْلِهِ قَبْلُ أَوْ رَكَعَ عَقِبَ تَحَرُّمِهِ.

(قَوْلُهُ: وَالثَّالِثُ يُتِمُّ الْفَاتِحَةَ مُطْلَقًا) أَيْ اشْتَغَلَ بِسُنَّةٍ أَمْ لَا.

(قَوْلُهُ: وَإِلَّا) أَيْ بِأَنْ لَمْ يَكُنْ عَامِدًا عَالِمًا، وَقَوْلُهُ لَمْ يُعْتَدَّ بِمَا فَعَلَهُ: أَيْ فَيَأْتِي بِرَكْعَةٍ بَعْدَ سَلَامِ إمَامِهِ.

(قَوْلُهُ: مُتَخَلِّفٌ بِغَيْرِ عُذْرٍ) مُعْتَمَدٌ. (قَوْلُهُ الْهُوِيَّ لِلسُّجُودِ) أَيْ الْأَوَّلِ. (قَوْلُهُ: أَمَّا إذَا جَهِلَ) مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ إنْ كَانَ عَامِدًا عَالِمًا.

(قَوْلُهُ: فَهُوَ بِتَخَلُّفِهِ لِمَا لَزِمَهُ مُتَخَلِّفٌ بِعُذْرٍ)

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: فَحُكْمُهُ كَمَا لَوْ رَكَعَ فِيهَا) أَيْ فِي أَنَّهُ إنْ لَمْ يَشْتَغِلْ بِالِافْتِتَاحِ وَالتَّعَوُّذِ بِتَرْكِ قِرَاءَتِهِ وَيَرْكَعُ فَهُوَ تَتْمِيمٌ لِمَا فِي الْمَتْنِ، وَلَيْسَ مُسَاوِيًا لِقَوْلِهِ أَوْ رَكَعَ عَقِبَ تَحَرُّمِهِ كَمَا لَا يَخْفَى خِلَافًا لِمَا فِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ (قَوْلُهُ: أَوْ بِقَدْرِ زَمَنِ سُكُوتِهِ) أَيْ مِنْ الْقِرَاءَةِ الْمُعْتَدِلَةِ عَلَى قِيَاسِ مَا مَرَّ لَهُ فِي ضَابِطِ الْمُوَافِقِ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا لَمْ يَعْتَدَّ بِمَا فَعَلَهُ) وَهَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ الْعَوْدُ لِتَتْمِيمِ الْفَائِدَةِ مَعَ نِيَّةِ الْمُفَارَقَةِ إذَا هَوَى الْإِمَامُ لِلسُّجُودِ إذَا عَلِمَ بِالْحَالِ إذْ حَرَكَتُهُ غَيْرُ مُعْتَدٍّ بِهَا حِينَئِذٍ فَلَا وَجْهَ لِمُضِيِّهِ لِمَا هُوَ فِيهِ أَوْ لَا يَجِبُ؟ الظَّاهِرُ الْأَوَّلُ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: بِكُلِّ تَقْدِيرٍ) أَيْ مِنْ تَقْدِيرَيْ التَّخَلُّفِ وَالسُّجُودِ مَعَ الْإِمَامِ (قَوْلُهُ: وَقَدْ نَقَلَ الشَّيْخُ عَنْ التَّحْقِيقِ وَاعْتَمَدَهُ لُزُومَ مُتَابَعَتِهِ فِي الْهَوِيِّ) أَيْ مُخَالِفًا لِمَا مَرَّ مِنْ وُجُوبِ الْمُفَارَقَةِ فَهُوَ ضَعِيفٌ، وَقَدْ نَبَّهَ الشِّهَابُ سم عَلَى أَنَّ مَا نُسِبَ لِلتَّحْقِيقِ لَمْ يَذْكُرْهُ فِيهِ إلَّا عَلَى وَجْهٍ ضَعِيفٍ (قَوْلُهُ: وَيُوَجَّهُ أَنَّهُ لَمَّا لَزِمَتْهُ مُتَابَعَتُهُ حِينَئِذٍ) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ: وَيُمْكِنُ تَوْجِيهُهُ بِأَنَّهُ لَمَّا لَزِمَتْهُ الْمُتَابَعَةُ قَبْلَ الْمُعَارَضَةِ اُسْتُصْحِبَ وُجُوبُهَا وَسَقَطَ إلَخْ (قَوْلُهُ: أَمَّا إذَا جَهِلَ أَنَّ وَاجِبَهُ ذَلِكَ) مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ فِي حَلِّ الْمَتْنِ مَعَ عِلْمِهِ بِأَنَّ الْفَاتِحَةَ وَاجِبَةٌ (قَوْلُهُ: فَهُوَ بِتَخَلُّفِهِ لِمَا لَزِمَهُ مُتَخَلِّفٌ بِعُذْرٍ) قَالَ الشِّهَابُ سم: قَضِيَّةُ هَذَا أَنَّهُ كَبَطِيءِ الْقِرَاءَةِ مَعَ أَنَّهُ فَرْضُهُ

ص: 228

سُجُودِهِ وَإِلَّا فَلْيُتَابِعْهُ قَطْعًا وَلَا يَقْرَأُ، وَذَكَرَ مِثْلَهُ الرُّويَانِيُّ فِي حِلْيَتِهِ وَالْغَزَالِيُّ فِي إحْيَائِهِ، لَكِنَّ الَّذِي نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ أَنَّ صُورَتَهَا أَنْ يَظُنَّ أَنَّهُ يُدْرِكُهُ فِي رُكُوعِهِ، وَإِلَّا فَيُفَارِقُهُ وَيُتِمُّ صَلَاتَهُ، نَبَّهَ عَلَى ذَلِكَ الْأَذْرَعِيُّ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ، لَكِنْ يُتَّجَهُ لُزُومُ الْمُفَارَقَةِ لَهُ عِنْدَ عَدَمِ ظَنِّهِ ذَلِكَ، فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ أَثِمَ وَلَكِنْ لَا تَبْطُلُ صَلَاتُهُ حِينَ يَصِيرُ مُتَخَلِّفًا بِرُكْنَيْنِ.

وَقَضِيَّةُ التَّعْلِيلِ بِمَا ذَكَرَ أَنَّهُ إذَا ظَنَّ إدْرَاكَهُ فِي رُكُوعِهِ فَأَتَى بِالِافْتِتَاحِ وَالتَّعَوُّذِ فَرَكَعَ إمَامُهُ عَلَى خِلَافِ عَادَتِهِ بِأَنْ اقْتَصَرَ عَلَى الْفَاتِحَةِ وَأَعْرَضَ عَنْ السُّنَّةِ الَّتِي قَبْلَهَا وَاَلَّتِي بَعْدَهَا يَرْكَعُ مَعَهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ قَرَأَ مِنْ الْفَاتِحَةِ شَيْئًا، وَمُقْتَضَى إطْلَاقِ الشَّيْخَيْنِ وَغَيْرِهِمَا عَدَمُ الْفَرْقِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ كَمَا قَالَهُ الشَّيْخُ لِبَقَاءِ مَحَلِّ الْقِرَاءَةِ، وَلَا نُسَلِّمُ أَنَّ تَقْصِيرَهُ بِمَا ذَكَرَ مُنْتَفٍ فِي ذَلِكَ، إذْ لَا عِبْرَةَ بِالظَّنِّ الْبَيِّنِ خَطَؤُهُ.

(وَلَا يَشْتَغِلُ الْمَسْبُوقُ) اسْتِحْبَابًا (بِسُنَّةٍ بَعْدَ التَّحَرُّمِ) كَدُعَاءِ افْتِتَاحٍ أَوْ تَعَوُّذٍ (بَلْ) يَشْتَغِلُ (بِالْفَاتِحَةِ) فَقَطْ إذْ الِاهْتِمَامُ بِشَأْنِ الْفَرْضِ أَوْلَى وَيُخَفِّفُهَا حَذَرًا مِنْ فَوَاتِهَا (إلَّا أَنْ يَعْلَمَ) أَيْ يَظُنَّ (إدْرَاكَهَا) مَعَ اشْتِغَالِهِ بِالسُّنَّةِ فَيَأْتِي بِهِ اسْتِحْبَابًا، بِخِلَافِ مَا إذَا جَهِلَ أَوْ ظَنَّ مِنْهُ الْإِسْرَاعَ وَأَنَّهُ لَا يُدْرِكُهَا مَعَهُ فَيَبْدَأُ بِالْفَاتِحَةِ (وَلَوْ)(عَلِمَ الْمَأْمُومُ فِي رُكُوعِهِ) أَيْ بَعْدَ وُجُودِ أَقَلِّهِ (أَنَّهُ تَرَكَ الْفَاتِحَةَ أَوْ شَكَّ) فِي فِعْلِهَا

ــ

[حاشية الشبراملسي]

قَضِيَّةُ هَذَا أَنَّهُ كَبَطِيءِ الْقِرَاءَةِ مَعَ أَنَّهُ فَرَضَهُ فِي الْمَسْبُوقِ وَالْمَسْبُوقُ لَا يُدْرِكُ رَكْعَةً إلَّا بِالرُّكُوعِ مَعَ الْإِمَامِ اهـ سم عَلَى حَجّ. وَهَذَا مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ قَبْلُ مَعَ عِلْمِهِ بِأَنَّ الْفَاتِحَةَ وَاجِبَةٌ، وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ عَنْ اعْتِرَاضِ سم بِأَنَّ الْمُرَادَ بِكَوْنِهِ مَعْذُورًا فِي التَّخَلُّفِ عَدَمُ بُطْلَانِ صَلَاتِهِ بِمَا فَعَلَهُ وَلَا يَلْزَمُ مِنْهُ حُسْبَانُ الرَّكْعَةِ لَهُ فَلْيُرَاجَعْ.

(قَوْلُهُ: حَتَّى يَصِيرَ مُتَخَلِّفًا بِرُكْنَيْنِ) أَيْ بِأَنْ هَوَى الْإِمَامُ لِلسُّجُودِ الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ: وَقَضِيَّةُ التَّعْلِيلِ بِمَا ذَكَرَ) أَيْ مِنْ قَوْلِهِ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ لِأَنَّهُ بِالْعُدُولِ مِنْ الْفَرْضِ إلَى غَيْرِهِ مَنْسُوبٌ إلَى تَقْصِيرٍ فِي الْجُمْلَةِ (قَوْلُهُ وَمُقْتَضَى إطْلَاقِ الشَّيْخَيْنِ وَغَيْرِهِمَا عَدَمُ الْفَرْقِ) أَيْ بَيْنَ ظَنِّهِ إدْرَاكَ الْفَاتِحَةِ وَعَدَمَ إدْرَاكِهَا، وَعَلَيْهِ فَإِنْ كَانَ أَدْرَكَ مَعَ إمَامِهِ زَمَنًا يَسَعُ الْفَاتِحَةَ فَهُوَ كَبَطِيءِ الْقِرَاءَةِ وَإِلَّا فَيَقْرَأُ بِقَدْرِ مَا فَوَّتَهُ

(قَوْلُهُ: فَيَبْدَأُ) أَيْ نَدْبًا (قَوْلُهُ: أَيْ بَعْدَ وُجُودِ أَقَلِّهِ) أَيْ بِخِلَافِ مَا لَوْ عَلِمَ ذَلِكَ أَوْ شَكَّ فِيهِ

ــ

[حاشية الرشيدي]

فِي الْمَسْبُوقِ وَالْمَسْبُوقُ لَا يُدْرِكُ رَكْعَةً إلَّا بِالرُّكُوعِ مَعَ الْإِمَامِ.

أَقُولُ: يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ هَذَا مُرَادَ الْقَاضِي فَيَكُونُ مُخَصِّصًا لِقَوْلِهِمْ إنَّ الْمَسْبُوقَ لَا يُدْرِكُ الرَّكْعَةَ إلَّا بِالرُّكُوعِ مَعَ الْإِمَامِ، فَيَكُونُ مَحَلُّهُ فِي الْعَالِمِ بِأَنَّ وَاجِبَهُ الْقِرَاءَةُ، وَيُحْتَمَلُ وَهُوَ الْأَقْرَبُ وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ شَيْخُنَا فِي الْحَاشِيَةِ أَنَّ مُرَادَ الْقَاضِي أَنَّ صَلَاتَهُ لَا تَبْطُلُ بِتَخَلُّفِهِ إلَى مَا ذُكِرَ، فَيَكُونُ مَحَلُّ بُطْلَانِهَا بِهَوِيِّ الْإِمَامِ لِلسُّجُودِ إذَا لَمْ يُفَارِقْهُ فِي غَيْرِ هَذِهِ الصُّورَةِ لَكِنْ تَفُوتُهُ الرَّكْعَةُ، وَلَيْسَ مَعْنَى كَوْنِهِ مُتَخَلِّفًا بِعُذْرٍ أَنَّهُ يُعْطَى حُكْمَ الْمَعْذُورِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ، وَلَا إشْكَالَ فِي ذَلِكَ وَإِنْ أَشَارَ الشِّهَابُ الْمَذْكُورُ إلَى إشْكَالِهِ بِمَا ذَكَرَهُ.

أَلَا تَرَى أَنَّا إذَا لَمْ نَجْعَلْهُ مَعْذُورًا يَلْزَمُهُ التَّخَلُّفُ لِقِرَاءَةِ قَدْرِ مَا صَرَفَهُ لِلسُّنَّةِ مَعَ فَوَاتِ الرَّكْعَةِ وَلَا يُفِيدُهُ ذَلِكَ إدْرَاكَ الرَّكْعَةِ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ: لَكِنْ يَتَّجِهُ لُزُومُ الْمُفَارَقَةِ لَهُ إلَخْ) مُرَادُهُ بِهِ بَيَانُ أَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِ الْأُمِّ وَإِلَّا فَيُفَارِقُهُ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ ذَلِكَ، فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ أَثِمَ وَلَكِنْ لَا تَبْطُلُ صَلَاتُهُ حَتَّى يَصِيرَ مُتَخَلِّفًا بِرُكْنَيْنِ فَمَا تَقَدَّمَ عَلَى إطْلَاقِهِ (قَوْلُهُ: وَقَضِيَّةُ التَّعْلِيلِ) أَيْ كَمَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَمُرَادُهُ تَعْلِيلُ الْمَتْنِ الَّذِي مَرَّ عَقِبَهُ (قَوْلُهُ: وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ كَمَا قَالَهُ الشَّيْخُ) قَالَ الشِّهَابُ سم: وَأَقُولُ يَنْبَغِي أَنَّ الْمُرَادَ بِالْمُقْتَضَى الْمَذْكُورِ: أَيْ مُقْتَضَى كَلَامِ الشَّيْخَيْنِ أَنَّهُ إذَا كَانَ الزَّمَنُ الَّذِي أَدْرَكَهُ يَسَعُ جَمِيعَ الْفَاتِحَةِ تَخَلَّفَ لَهَا كَبَطِيءِ الْقِرَاءَةِ، أَوْ بَعْضَهَا لَزِمَهُ التَّخَلُّفُ لِقِرَاءَةِ قَدْرِهِ فَلْيُتَأَمَّلْ.

(قَوْلُ الْمَتْنِ وَلَا يَشْتَغِلُ الْمَسْبُوقُ إلَخْ) الْمُرَادُ بِالْمَسْبُوقِ هُنَا مَنْ لَمْ يُدْرِكْ تَحَرُّمَ الْإِمَامِ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِهِ مَنْ لَمْ يُدْرِكْ زَمَنَ الْفَاتِحَةِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ إلَّا أَنْ يَعْلَمَ إدْرَاكَهَا، نَبَّهَ عَلَيْهِ الشِّهَابُ سم

ص: 229

(لَمْ يَعُدْ إلَيْهَا) أَيْ لِمَحَلِّهَا فَلَوْ عَادَ لَهُ عَامِدًا عَالِمًا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ لِفَوَاتِ مَحَلِّهَا (بَلْ يُصَلِّي رَكْعَةً بَعْدَ سَلَامِ الْإِمَامِ) تَدَارُكًا لِمَا فَاتَهُ كَالْمَسْبُوقِ (فَلَوْ عَلِمَ) تَرْكَهَا (أَوْ شَكَّ) فِيهِ (وَقَدْ رَكَعَ الْإِمَامُ وَلَمْ يَرْكَعْ هُوَ قَرَأَهَا) لِبَقَاءِ مَحَلِّهَا (وَهُوَ مُتَخَلِّفٌ بِعُذْرٍ) فَيَأْتِي فِيهِ مَا مَرَّ (وَقِيلَ يَرْكَعُ وَيَتَدَارَكُ بَعْدَ سَلَامِ الْإِمَامِ) مَا فَاتَهُ لِأَجْلِ الْمُتَابَعَةِ، وَيَأْتِي ذَلِكَ فِي كُلِّ رُكْنٍ عَلِمَ الْمَأْمُومُ تَرْكَهُ أَوْ شَكَّ فِيهِ بَعْدَ تَلَبُّسِهِ بِرُكْنٍ بَعْدَهُ يَقِينًا فَيُوَافِقُ إمَامَهُ وَيَأْتِي بَدَلَهُ بِرَكْعَةٍ بَعْدَ سَلَامِ الْإِمَامِ، وَظَاهِرُ ذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ شَكَّ فِي جُلُوسِهِ لِلِاسْتِرَاحَةِ أَوْ فِي نُهُوضِهِ لِلْقِيَامِ فِي أَنَّهُ سَجَدَ عَادَ لَهُ وَإِنْ كَانَ إمَامُهُ قَائِمًا، وَيَظْهَرُ أَنَّ جُلُوسَ التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ كَجُلُوسِ التَّشَهُّدِ الْأَخِيرِ لِكَوْنِهِ عَلَى صُورَتِهِ نَظِيرَ مَا مَرَّ آنِفًا.

(وَلَوْ سَبَقَ إمَامَهُ بِالتَّحَرُّمِ لَمْ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

فِي الْهُوِيِّ قَبْلَ وُصُولِهِ إلَى أَقَلِّ الرُّكُوعِ فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ الْعَوْدُ كَمَا لَوْ كَانَ إلَى الْقِيَامِ أَقْرَبَ.

(قَوْلُهُ: لَمْ يَعُدْ إلَيْهَا) فَلَوْ عَلِمَ الْإِمَامُ أَوْ الْمُصَلِّي مُنْفَرِدًا ذَلِكَ وَجَبَ عَلَيْهِمَا الْعَوْدُ كَمَا تَقَدَّمَ فِي رُكْنِ التَّرْتِيبِ، لَكِنْ إذَا عَادَ الْإِمَامُ فَهَلْ يَعُودُ الْمَأْمُومُونَ مَعَهُ أَوْ يَنْتَظِرُونَهُ أَوْ يُفَارِقُونَهُ بِالنِّيَّةِ أَمْ كَيْفَ الْحَالُ.

ثُمَّ رَأَيْت بِهَامِشٍ نَقْلًا عَنْ الرَّمْلِيِّ بِخَطِّ بَعْضِ الْفُضَلَاءِ مَا نَصُّهُ: أَمَّا إمَامٌ اعْتَدَلَ مِنْ الرُّكُوعِ فَشَكَّ فِي قِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ فِي الْقِيَامِ فَيَلْزَمُهُ الرُّكُوعُ إلَى الْقِيَامِ بِقَصْدِهِ لِأَجْلِ قِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ.

لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ قِرَاءَتِهَا، وَأَمَّا حُكْمُ الْمَأْمُومِينَ الَّذِينَ تَلَبَّسُوا بِالِاعْتِدَالِ مَعَ الْإِمَامِ فَهَلْ يَنْتَظِرُونَهُ فِي الِاعْتِدَالِ وَيُغْتَفَرُ تَطْوِيلُهُ لِلضَّرُورَةِ وَلَا يَرْكَعُونَ مَعَهُ إذَا رَكَعَ بَعْدَ الْقِرَاءَةِ، أَمْ يُحْكَمُ عَلَيْهِمْ بِأَنَّهُمْ فِي الْقِيَامِ مَعَهُ حَتَّى يَلْزَمَهُمْ أَنْ يَرْكَعُوا مَعَهُ إذَا رَكَعَهَا ثَانِيًا لِأَجْلِ الْمُتَابَعَةِ، أَمْ يَسْجُدُوا قَبْلَهُ وَيَنْتَظِرُونَهُ فِيهِ وَلَا يَضُرُّ سَبْقُهُمْ لَهُ بِرُكْنَيْنِ لِأَجْلِ الضَّرُورَةِ، أَمْ كَيْفَ الْحَالُ؟ قَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ بِالْأَوَّلِ، وَيُغْتَفَرُ التَّطْوِيلُ فِي الِاعْتِدَالِ لِلضَّرُورَةِ، ثُمَّ رَجَعَ عَنْ ذَلِكَ وَاعْتَمَدَ أَنَّهُمْ يَنْتَظِرُونَهُ فِي السُّجُودِ وَيُغْتَفَرُ سَبْقُهُمْ بِرُكْنَيْنِ لِلضَّرُورَةِ، وَهَذَا هُوَ الْأَصَحُّ لِأَنَّهُ رُكْنٌ طَوِيلٌ اهـ.

أَقُولُ: وَهَذَا مَفْرُوضٌ كَمَا تَرَى فِيمَا إذَا لَمْ يَعْلَمُوا مِنْ حَالِ الْإِمَامِ شَيْئًا لِبُعْدِهِمْ عَنْهُ أَوْ لِكَوْنِهَا سِرِّيَّةً، أَمَّا لَوْ عَلِمُوا مِنْهُ تَرْكَ الْفَاتِحَةِ فَيَنْتَظِرُونَهُ فِي السُّجُودِ، ثُمَّ رَأَيْت مَا نُقِلَ عَنْ الشَّيْخِ الرَّمْلِيِّ فِي حَجّ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَتَصِحُّ قُدْوَةُ الْمُؤَدِّي بِالْقَاضِي إلَخْ.

(قَوْلُهُ: لِفَوَاتِ مَحَلِّهَا) أَيْ فَلَوْ اسْتَمَرَّ مُتَابِعًا لِلْإِمَامِ ثُمَّ تَذَكَّرَ بَعْدَ قِيَامِهِ لِلثَّانِيَةِ أَنَّهُ قَرَأَ الْفَاتِحَةَ فِي الْأُولَى حُسِبَ سُجُودُهُ وَتَمَّتْ بِهِ رَكْعَتُهُ وَإِنْ كَانَ فَعَلَهُ عَلَى قَصْدِ الْمُتَابَعَةِ، وَهَذَا بِخِلَافِ مَا لَوْ شَكَّ الْإِمَامُ أَوْ الْمُنْفَرِدُ بَعْدَ الرُّكُوعِ وَلَمْ يَعُودَا لِلْقِيَامِ بَلْ سَعَيَا عَلَى نَظْمِ صَلَاةِ أَنْفُسِهِمَا فَإِنَّ صَلَاتَهُمَا تَبْطُلُ بِذَلِكَ إنْ كَانَا عَالِمَيْنِ بِالْحُكْمِ، فَإِذَا تَذَكَّرَا الْقِرَاءَةَ بَعْدَ ذَلِكَ لَا يَنْفَعُهُمَا التَّذَكُّرُ لِبُطْلَانِ صَلَاتِهِمَا بِفِعْلِهِمَا السَّابِقِ، فَلَوْ كَانَ ذَلِكَ سَهْوًا أَوْ جَهْلًا حُسِبَ وَتَمَّتْ صَلَاتُهُمَا بِذَلِكَ ثُمَّ رَأَيْته مُصَرِّحًا بِهِ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ.

(قَوْلُهُ: وَلَمْ يَرْكَعْ هُوَ) أَيْ أَوْ رَكَعَ وَكَانَ لِلْقِيَامِ أَقْرَبَ مِنْهُ إلَى الرُّكُوعِ أَوْ إلَى الرُّكُوعِ أَقْرَبَ كَمَا أَفْهَمَهُ قَوْلُ الشَّارِحِ: أَيْ بَعْدَ وُجُودِ أَقَلِّهِ.

(قَوْلُهُ: وَيَأْتِي بَدَلَهُ بِرَكْعَةٍ بَعْدَ سَلَامِ الْإِمَامِ) شَمِلَ ذَلِكَ مَا لَوْ شَكَّ فِي السَّجْدَةِ الثَّانِيَةِ أَوْ طُمَأْنِينَتِهَا، وَقَدْ جَلَسَ مَعَ الْإِمَامِ لِلتَّشَهُّدِ أَوْ شَكَّ فِي طُمَأْنِينَةِ السَّجْدَةِ الْأُولَى بَعْدَ جُلُوسِهِ مَعَهُ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ، فَيُوَافِقُ الْإِمَامَ فِيمَا هُوَ فِيهِ وَيَأْتِي بِرَكْعَةٍ بَعْدَ سَلَامِهِ، وَأَظُنُّ أَنَّهُ مَرَّ لِلشَّارِحِ فِي رُكْنِ التَّرْتِيبِ مَا يُخَالِفُهُ فَلْيُرَاجَعْ. وَعِبَارَةُ حَجّ هُنَا بَعْدَ قَوْلِهِ يَقِينًا: أَيْ وَكَانَ فِي التَّخَلُّفِ لَهُ فُحْشُ مُخَالَفَةٍ، ثُمَّ مَثَّلَ بَعْدَ ذَلِكَ بِأَمْثِلَةٍ إلَى أَنْ قَالَ: وَلَوْ كَانَ شَكُّهُ فِي السُّجُودِ فِي الرَّكْعَةِ الْأَخِيرَةِ فَهَلْ جُلُوسُهُ لِلتَّشَهُّدِ الْأَخِيرِ كَقِيَامِهِ فِيمَا ذَكَرَ أَوْ بِفَرْقٍ بِأَنَّهُ فِي صُورَةِ الْقِيَامِ قَدْ تَلَبَّسَ بِرُكْنٍ يَقِينًا، إلَى أَنْ قَالَ: وَهَذَا أَيْ الْفَرْقُ أَقْرَبُ اهـ بِاخْتِصَارٍ.

(قَوْلُهُ: فِي أَنَّهُ سَجَدَ) أَيْ أَمْ لَا. (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ إمَامُهُ قَائِمًا) أَيْ لِأَنَّ الْمَأْمُومَ لَمَّا لَمْ يَنْتَقِلْ إلَى رُكْنٍ آخَرَ عُدَّ كَأَنَّهُ فِي

ــ

[حاشية الرشيدي]

وَيَظْهَرُ أَنَّ جُلُوسَ التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ كَجُلُوسِ التَّشَهُّدِ الْأَخِيرِ لِكَوْنِهِ عَلَى صُورَتِهِ نَظِيرَ مَا مَرَّ آنِفًا) اُنْظُرْ مَا مَوْقِعُ هَذَا هُنَا وَمَا الْمُرَادُ بِمَا مَرَّ آنِفًا، وَهُوَ سَاقِطٌ فِي بَعْضِ النُّسَخِ وَفِي حَوَاشِي التُّحْفَةِ لِلشِّهَابِ حَجّ

ص: 230

تَنْعَقِدْ) صَلَاتُهُ بِالْأَوْلَى مِمَّا مَرَّ فِي مُقَارَنَتِهِ لَهُ فِيهَا وَذَكَرَهُ هُنَا تَوْطِئَةً لِمَا بَعْدَهُ (أَوْ بِالْفَاتِحَةِ أَوْ التَّشَهُّدِ) بِأَنْ فَرَغَ مِنْ ذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يَشْرَعَ إمَامُهُ فِيهِ (لَمْ يَضُرَّ وَيُجْزِيهِ) لِأَنَّهُ أَتَى بِهِ فِي مَحَلِّهِ مِنْ غَيْرِ مُخَالَفَةٍ فَاحِشَةٍ (وَقِيلَ) لَا يُجْزِيهِ وَ (تَجِبُ إعَادَتُهُ) مَعَ فِعْلِ الْإِمَامِ أَوْ بَعْدَهُ وَهُوَ الْأَوْلَى، فَإِنْ لَمْ يُعِدْهُ بَطَلَتْ لِأَنَّ فِعْلَهُ مُتَرَتِّبٌ عَلَى فِعْلِهِ فَلَا يُعْتَدُّ بِمَا سَبَقَهُ، وَيُسْتَحَبُّ مُرَاعَاةُ هَذَا الْخِلَافِ، بَلْ يُسْتَحَبُّ وَلَوْ فِي سَرِيَّةٍ أَنْ يُؤَخِّرَ جَمِيعَ فَاتِحَتِهِ عَنْ فَاتِحَةِ إمَامِهِ إنْ ظَنَّ أَنْ يَقْرَأَ بَعْدَهَا، وَإِنَّمَا قَدَّمْنَا رِعَايَةَ هَذَا الْخِلَافِ عَلَى خِلَافِ الْبُطْلَانِ بِتَكْرِيرِ الرُّكْنِ الْقَوْلِيِّ لِقُوَّةِ هَذَا وَعَمَلًا بِالْقَاعِدَةِ، كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَوْ تَعَارَضَ خِلَافَانِ قُدِّمَ أَقْوَاهُمَا وَهَذَا مِنْ ذَلِكَ، وَحَدِيثُ «فَلَا تَخْتَلِفُوا عَلَيْهِ» يُؤَيِّدُهُ، وَهَذَا الَّذِي قَرَّرْنَاهُ أَوْجَهُ مِمَّا فِي الْأَنْوَارِ فِي التَّقَدُّمِ بِقَوْلِي: إنَّهُ لَا تُسَنُّ إعَادَتُهُ لِلْخُرُوجِ مِنْ الْخِلَافِ لِوُقُوعِهِ فِي هَذَا الْخِلَافِ، وَفِيهِ أَيْضًا أَنَّهُ لَوْ عَلِمَ أَنَّ إمَامَهُ يَقْتَصِرُ عَلَى الْفَاتِحَةِ أَوْ سُورَةٍ قَصِيرَةٍ وَلَا يَتَمَكَّنُ مِنْ إتْمَامِ الْفَاتِحَةِ فَعَلَيْهِ أَنْ يَقْرَأَ الْفَاتِحَةَ مَعَ قِرَاءَتِهِ، لَكِنَّ الَّذِي أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَدَمُ وُجُوبِ ذَلِكَ عَلَى الْمَأْمُومِ الْمُوَافِقِ فِيهَا فَقَدْ قَالَ صَاحِبُ الْأَنْوَارِ كَالشَّيْخَيْنِ وَغَيْرِهِمَا: وَالزِّحَامُ وَالنِّسْيَانُ وَالْبُطْءُ فِي الْقِرَاءَةِ وَاشْتِغَالُ الْمُوَافِقِ بِدُعَاءِ الِافْتِتَاحِ وَالتَّعَوُّذِ أَعْذَارٌ، فَلَوْ رَكَعَ الْإِمَامُ وَلَمْ تَتِمَّ فَاتِحَةُ الْمَأْمُومِ لِلْبُطْءِ أَوْ الِاشْتِغَالِ، أَوْ تَذَكَّرَ أَنَّهُ نَسِيَ أَوْ شَكَّ فِي فَوَاتِهَا قَبْلَ الرُّكُوعِ وَجَبَتْ الْقِرَاءَةُ وَالسَّعْيُ خَلْفَ الْإِمَامِ مَا لَمْ يَزِدْ التَّخَلُّفُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَرْكَانٍ اهـ.

فَقَوْلُهُ فَعَلَيْهِ أَنْ يَقْرَأَ الْفَاتِحَةَ مَعَهُ مُرَادُهُ بِهِ الِاسْتِحْبَابُ، فَعُلِمَ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ مَحَلَّ اسْتِحْبَابِ تَأْخِيرِ فَاتِحَتِهِ إنْ رَجَا أَنَّ إمَامَهُ يَسْكُتُ بَعْدَ الْفَاتِحَةِ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

السُّجُودِ

(قَوْلُهُ بِأَنْ فَرَغَ مِنْ ذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يَشْرَعَ إمَامُهُ فِيهِ) أَفْهَمَ أَنَّهُ لَوْ تَأَخَّرَ شُرُوعُهُ عَنْ شُرُوعِ الْإِمَامِ وَلَكِنْ فَرَغَ الْإِمَامُ قَبْلَهُ لَا يَأْتِي هَذَا الْخِلَافُ، وَكَذَا لَوْ سَبَقَهُ وَلَكِنْ لَمْ يَفْرُغْ قَبْلَ شُرُوعِهِ اهـ عَمِيرَةُ.

(قَوْلُهُ: أَنْ يُؤَخِّرَ جَمِيعَ فَاتِحَتِهِ) أَيْ وَجَمِيعَ تَشَهُّدِهِ أَيْضًا. (قَوْلُهُ: عَنْ فَاتِحَةِ إمَامِهِ) أَيْ فَلَوْ قَارَنَهُ فَقَضِيَّةُ قَوْلِهِمْ إنَّ تَرْكَ الْمُسْتَحَبَّ مَكْرُوهٌ كَرَاهَةُ هَذَا، وَأَنَّهُ مُفَوِّتٌ لِفَضِيلَةِ الْجَمَاعَةِ فِيمَا قَارَنَ فِيهِ، لَكِنْ قَالَ بَعْضُهُمْ: إنَّ الْمُقَارَنَةَ فِي الْأَفْعَالِ مَكْرُوهَةٌ تُفَوِّتُ فَضِيلَةَ الْجَمَاعَةِ لِفُحْشِ الْمُخَالَفَةِ، بِخِلَافِ الْمُقَارَنَةِ فِي الْأَقْوَالِ فَلْيُرَاجَعْ.

(قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَكُونَا طَوِيلَيْنِ) أَيْ بِأَنْ

ــ

[حاشية الرشيدي]

مَا نَصُّهُ: قَوْلُهُ: وَيَتَّجِهُ فِي جُلُوسِ التَّشَهُّدِ، كَذَا فِي شَرْحِ م ر، وَقَضِيَّتُهُ أَنَّ مَنْ شَكَّ فِي جُلُوسِ التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ أَوْ الْأَخِيرِ فِي السُّجُودِ لَمْ يَعُدْ لَهُ وَهُوَ مَمْنُوعٌ مُخَالِفٌ لِمَا فِي الْحَاشِيَةِ عَنْ الرَّوْضِ انْتَهَى.

وَمُرَادُهُ بِمَا مَرَّ فِي الْحَاشِيَةِ مَا ذَكَرَهُ فِي قَوْلِهِ قَبْلَ هَذِهِ عَنْ الرَّوْضِ فِي صَلَاةِ الْجُمُعَةِ أَنَّهُ لَوْ شَكَّ مُدْرِكُ الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ مَعَ الْإِمَامِ قَبْلَ السَّلَامِ هَلْ سَجَدَ مَعَ الْإِمَامِ سَجَدَ وَأَتَمَّهَا جُمُعَةً. انْتَهَى. لَكِنَّ الَّذِي كَتَبَ عَلَيْهِ الشِّهَابُ الْمَذْكُورُ مِنْ قَوْلِ التُّحْفَةِ: وَيَتَّجِهُ إلَخْ لَمْ أَرَهُ فِيهَا فَلَعَلَّهُ فِي بَعْضِ نُسَخِهَا، وَإِنَّمَا الَّذِي فِيهَا أَنَّهُ لَوْ كَانَ شَكُّهُ فِي السُّجُودِ فِي الرَّكْعَةِ الْأَخِيرَةِ فَهَلْ جُلُوسُهُ لِلتَّشَهُّدِ الْأَخِيرِ كَقِيَامِهِ: أَيْ فَيَمْتَنِعُ عَلَيْهِ الْعَوْدُ لِلسُّجُودِ وَاسْتَقْرَبَ أَنَّهُ لَيْسَ كَقِيَامِهِ وَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا، فَلَعَلَّهُ ذَكَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فِي بَعْضِ النُّسَخِ قَوْلَهُ وَيَتَّجِهُ إلَخْ، لَكِنَّ الشَّارِحَ لَمْ يُقَدِّمْ ذَلِكَ فَلْتُرَاجِعْ نُسْخَةً صَحِيحَةً.

(قَوْلُهُ: فَقَدْ قَالَ صَاحِبُ الْأَنْوَارِ) إنَّمَا لَمْ يُضْمِرْ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ رُجُوعُ الضَّمِيرِ إلَى الْوَالِدِ، وَانْظُرْ مَا وَجْهُ دَفْعِ هَذَا لِمَا اقْتَضَتْهُ عِبَارَةُ الْأَنْوَارِ مِنْ الْوُجُوبِ. وَفِي حَوَاشِي الْمَنْهَجِ لِلشِّهَابِ سم بَعْدَ أَنْ سَاقَ عِبَارَةَ الشَّارِحِ هَذِهِ بِرُمَّتِهَا مَا نَصُّهُ: وَسِيَاقُهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمَأْمُومَ فِي صُورَةِ الْأَنْوَارِ: أَيْ الْأُولَى يَصِيرُ كَبَطِيءِ الْقِرَاءَةِ، وَفِيهِ نَظَرٌ ظَاهِرٌ مَعَ فَرْضِ أَنَّهُ عَلِمَ أَنَّ إمَامَهُ يَقْتَصِرُ عَلَى الْفَاتِحَةِ،

ص: 231

قَدْرًا يَسَعُهَا أَوْ يَقْرَأُ سُورَةً تَسَعُهَا وَأَنَّ مَحَلَّ نَدْبِ سُكُوتِ الْإِمَامِ إذَا لَمْ يَعْلَمْ أَنَّ الْمَأْمُومَ قَرَأَهَا مَعَهُ أَوْ لَا يَرَى قِرَاءَتَهَا (وَلَوْ تَقَدَّمَ) عَلَى إمَامِهِ (بِفِعْلٍ كَرُكُوعٍ وَسُجُودٍ) ، (فَإِنْ كَانَ) ذَلِكَ (بِرُكْنَيْنِ) فِعْلِيَّيْنِ مُتَوَالِيَيْنِ سَوَاءٌ أَكَانَا طَوِيلَيْنِ أَمْ قَصِيرَيْنِ (بَطَلَتْ) صَلَاتُهُ إنْ كَانَ عَامِدًا عَالِمًا بِتَحْرِيمِهِ لِلْمُخَالَفَةِ الْفَاحِشَةِ، بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ سَاهِيًا أَوْ جَاهِلًا فَإِنَّهُ لَا يَضُرُّ، غَيْرَ أَنَّهُ لَا يُعْتَدُّ لَهُ بِهِمَا، فَإِنْ لَمْ يَعُدْ لِلْإِتْيَانِ بِهِمَا مَعَ إمَامِهِ لِسَهْوِهِ أَوْ جَهْلِهِ أَتَى بَعْدَ سَلَامِ الْإِمَامِ بِرَكْعَةٍ وَإِلَّا أَعَادَهَا.

قَالَ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ: وَلَا يَخْفَى بَيَانُ السَّبْقِ بِرُكْنَيْنِ مِنْ قِيَاسِ مَا ذَكَرْنَاهُ فِي التَّخَلُّفِ، وَلَكِنْ مَثَّلَهُ الْعِرَاقِيُّونَ بِأَنْ رَكَعَ قَبْلَهُ، فَلَمَّا أَرَادَ أَنْ يَرْكَعَ رَفَعَ فَلَمَّا أَرَادَ أَنْ يَرْفَعَ سَجَدَ، وَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَا سَبَقَ فِي التَّخَلُّفِ فَيَجُوزُ أَنْ يَسْتَوِيَا بِأَنْ يُقَدِّرَ مِثْلَ ذَلِكَ هُنَا أَوْ بِالْعَكْسِ وَأَنْ يَخْتَصَّ هَذَا بِالتَّقَدُّمِ لِفُحْشِهِ اهـ.

وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّ التَّقَدُّمَ كَالتَّأَخُّرِ، وَذَكَرَ النَّسَائِيّ أَنَّهُ ظَاهِرُ كَلَامِ الشَّيْخَيْنِ، وَأَفْهَمَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ لَوْ تَقَدَّمَ أَوْ تَأَخَّرَ بِرُكْنَيْنِ وَكَانَ أَحَدُهُمَا فِعْلِيًّا وَالْآخَرُ قَوْلِيًّا أَنَّهُ لَا يَضُرُّ وَهُوَ كَذَلِكَ، وَمَثَّلَهُ صَاحِبُ الْأَنْوَارِ بِالْفَاتِحَةِ وَالرُّكُوعِ (وَإِلَّا) بِأَنْ كَانَ التَّقَدُّمُ بِأَقَلَّ مِنْ رُكْنَيْنِ سَوَاءٌ أَكَانَ بِرُكْنٍ أَمْ بِأَقَلَّ أَمْ بِأَكْثَرَ (فَلَا) تَبْطُلُ صَلَاتُهُ وَإِنْ كَانَ عَامِدًا عَالِمًا لِقِلَّةِ الْمُخَالَفَةِ، وَلَهُ انْتِظَارُهُ فِيمَا سَبَقَهُ بِهِ كَأَنْ رَكَعَ قَبْلَهُ، وَيُسَنُّ الرُّجُوعُ إلَيْهِ لِيَرْكَعَ مَعَهُ إنْ كَانَ مُتَعَمِّدًا لِلسَّبْقِ جَبْرًا لِمَا فَاتَهُ، فَإِنْ كَانَ سَاهِيًا بِهِ فَهُوَ مُخَيَّرٌ بَيْنَ انْتِظَارِهِ وَالْعَوْدِ وَالسَّبْقِ بِرُكْنٍ عَمْدًا كَأَنْ رَكَعَ وَرَفَعَ وَالْإِمَامُ قَائِمٌ حَرَامٌ لِخَبَرِ «أَمَا يَخْشَى الَّذِي يَرْفَعُ رَأْسَهُ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

كَانَ أَحَدُهُمَا طَوِيلًا دُونَ الْآخَرِ كَأَنْ تَخَلَّفَ فِي الِاعْتِدَالِ حَتَّى هَوَى الْإِمَامُ بِالسَّجْدَةِ الثَّانِيَةِ كَمَا تَقَدَّمَ.

(قَوْلُهُ: بِأَنْ كَانَ التَّقَدُّمُ بِأَقَلَّ مِنْ رُكْنَيْنِ) أَيْ أَوْ بِرُكْنَيْنِ غَيْرِ مُتَوَالِيَيْنِ كَأَنْ رَكَعَ وَرَفَعَ قَبْلَ رُكُوعِ الْإِمَامِ وَاسْتَمَرَّ فِي اعْتِدَالِهِ حَتَّى لَحِقَهُ الْإِمَامُ فَسَجَدَ مَعَهُ ثُمَّ رَفَعَ قَبْلَهُ وَجَلَسَ ثُمَّ هَوَى لِلسَّجْدَةِ الثَّانِيَةِ فَلَا يَضُرُّ ذَلِكَ لِعَدَمِ تَوَالِيهِمَا.

(قَوْلُهُ: وَيُسَنُّ الرُّجُوعُ إلَيْهِ لِيَرْكَعَ مَعَهُ إلَخْ) وَإِذَا عَادَ فَهَلْ يُحْسَبُ لَهُ رُكُوعُهُ الْأَوَّلُ أَوْ الثَّانِي؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ أَنَّهُ يُحْسَبُ لَهُ رُكُوعُهُ الْأَوَّلُ إنْ اطْمَأَنَّ فِيهِ وَإِلَّا فَالثَّانِي، وَيَنْبَنِي عَلَى كَوْنِ الْمَحْسُوبِ الْأَوَّلَ أَنَّهُ لَوْ تَرَكَ الطُّمَأْنِينَةَ فِي الثَّانِي لَمْ يَضُرَّ لِأَنَّهُ لِمَحْضِ الْمُتَابَعَةِ، ثُمَّ عَلَى حُسْبَانِ الْأَوَّلِ لَوْ لَمْ يَتَّفِقْ لَهُ بَعْدَ عَوْدِهِ رُكُوعٌ حَتَّى اعْتَدَلَ الْإِمَامُ فَهَلْ يَرْكَعُ إنْ كَانَ الْإِمَامُ فِي الِاعْتِدَالِ لِوُجُوبِهِ عَلَيْهِ بِفِعْلِ الْإِمَامِ أَوْ لَا، لِأَنَّهُ إنَّمَا كَانَ لِمَحْضِ الْمُتَابَعَةِ وَقَدْ فَاتَتْ فَأَشْبَهَ مَا لَوْ لَمْ يَتَّفِقْ لَهُ سُجُودُ التِّلَاوَةِ مَعَ الْإِمَامِ حَتَّى قَامَ؟ فِيهِ نَظَرٌ يُحْتَمَلُ الْأَوَّلُ، لَا لِاسْتِقْرَارِهِ عَلَيْهِ بِفِعْلِ الْإِمَامِ بَلْ لِأَنَّ رَفْعَهُ مِنْ الرُّكُوعِ لَمْ يَكُنْ بِقَصْدِ الِاعْتِدَالِ بَلْ لِمُتَابَعَةِ الْإِمَامِ، فَأَشْبَهَ مَا لَوْ رَفَعَ فَزِعًا مِنْ شَيْءٍ بَعْدَ الطُّمَأْنِينَةِ فِي الرُّكُوعِ، وَيُحْتَمَلُ الثَّانِي وَهُوَ الْأَقْرَبُ فَيَسْجُدُ مَعَ الْإِمَامِ.

[فَائِدَةٌ] قَالَ حَجّ فِي الزَّوَاجِرِ: تَنْبِيهٌ: عَدُّنَا هَذَا: أَيْ مُسَابَقَةَ الْإِمَامِ مِنْ الْكَبَائِرِ هُوَ صَرِيحُ مَا فِي الْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ، وَبِهِ جَزَمَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ، وَإِنَّمَا يَتَّضِحُ بِنَاءً عَلَى مَا رُوِيَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ لَا صَلَاةَ لَهُ. قَالَ الْخَطَّابِيُّ: وَأَمَّا أَهْلُ الْعِلْمِ فَإِنَّهُمْ قَالُوا: قَدْ أَسَاءَ وَصَلَاتُهُ مُجْزِئَةٌ، غَيْرَ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَأْمُرُونَهُ أَنْ يَعُودَ إلَى السُّجُودِ وَيَمْكُثَ فِي سُجُودِهَا بَعْدَ أَنْ يَرْفَعَ الْإِمَامُ رَأْسَهُ بِقَدْرِ مَا كَانَ نَزَلَ اهـ.

وَمَذْهَبُنَا أَنَّ مُجَرَّدَ رَفْعِ الرَّأْسِ قَبْلَ الْإِمَامِ أَوْ الْقِيَامَ أَوْ الْهُوِيَّ قَبْلَهُ مَكْرُوهٌ كَرَاهَةَ تَنْزِيهٍ، وَأَنَّهُ يُسَنُّ لَهُ الْعَوْدُ إلَى الْإِمَامِ إنْ كَانَ بَاقِيًا فِي ذَلِكَ الرُّكْنِ، فَإِنْ سَبَقَهُ

ــ

[حاشية الرشيدي]

؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ بِمَنْزِلَةِ مَنْ تَرَكَ الْفَاتِحَةَ عَمْدًا حَتَّى رَكَعَ الْإِمَامُ بَلْ هُوَ مِنْ أَفْرَادِهِ فَلْيُتَأَمَّلْ. انْتَهَى.

(قَوْلُهُ: وَأَنَّ مَحَلَّ نَدْبِ سُكُوتِ الْإِمَامِ إلَخْ) اُنْظُرْ مِنْ أَيْنَ يُعْلَمُ هَذَا (قَوْلُهُ: أَمْ قَصِيرَيْنِ) لَيْسَ لَنَا فِعْلَانِ قَصِيرَانِ مُتَوَالِيَانِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ كَانَ سَاهِيًا بِهِ فَهُوَ مُخَيَّرٌ) تَقَدَّمَ فِي سُجُودِ السَّهْوِ الْفَرْقُ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ مَا لَوْ انْتَصَبَ وَحْدَهُ سَاهِيًا لِلتَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ حَيْثُ وَجَبَ عَلَيْهِ الْعَوْدُ بِفُحْشِ الْمُخَالَفَةِ فِي تِلْكَ دُونَ هَذِهِ

ص: 232