الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إلَّا أَنْ يُفَرَّقَ بِالْمُسَامَحَةِ فِي سُنَّةِ الطَّوَافِ كَمَا اُغْتُفِرَ فِيهَا التَّأْخِيرُ الْكَثِيرُ بِخِلَافِ مَا هُنَا (وَرَكْعَةٌ كَمَجْلِسٍ) وَإِنْ طَالَتْ (وَرَكْعَتَانِ كَمَجْلِسَيْنِ) وَإِنْ قَصَرَتَا نَظَرًا لِلِاسْمِ فَيَسْجُدُ فِيهِمَا، وَلَوْ قَرَأَ آيَةً خَارِجَ الصَّلَاةِ وَسَجَدَ لَهَا ثُمَّ أَعَادَهَا فِي الصَّلَاةِ أَوْ عَكَسَ سَجَدَ ثَانِيًا (فَإِنْ) قَرَأَ الْآيَةَ أَوْ سَمِعَهَا وَ (لَمْ يَسْجُدْ وَطَالَ الْفَصْلُ) عُرْفًا بَيْنَ آخِرِهَا وَالسُّجُودِ (لَمْ يَسْجُدْ) وَإِنْ كَانَ مَعْذُورًا بِالتَّأْخِيرِ؛ لِأَنَّهَا مِنْ تَوَابِعِ الْقِرَاءَةِ، وَلَا مَدْخَلَ لِلْقَضَاءِ فِيهَا كَمَا مَرَّ لِتَعَلُّقِهَا بِسَبَبٍ عَارِضٍ كَالْكُسُوفِ فَإِنْ لَمْ يَطُلْ أَتَى بِهَا، وَإِنْ كَانَ مُحْدِثًا وَتَطَهَّرَ عَنْ قُرْبٍ.
ثُمَّ شَرَعَ فِي السَّجْدَةِ الثَّالِثَةِ فَقَالَ (وَ
سَجْدَةُ الشُّكْرِ
لَا تَدْخُلُ الصَّلَاةَ) ؛ لِأَنَّ سَبَبَهَا غَيْرُ مُتَعَلِّقٍ بِهَا فَلَوْ سَجَدَهَا فِيهَا عَامِدًا عَالِمًا بِالتَّحْرِيمِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ (وَ) إنَّمَا (تُسَنُّ لِهُجُومِ نِعْمَةٍ) لَهُ أَوْ لِنَحْوِ وَلَدِهِ أَوْ لِعُمُومِ الْمُسْلِمِينَ ظَاهِرَةٌ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ كَوَلَدٍ أَوْ جَاهٍ أَوْ مَالٍ أَوْ نَصْرٍ عَلَى عَدُوٍّ أَوْ قُدُومِ غَائِبٍ أَوْ شِفَاءِ مَرِيضٍ بِشَرْطِ كَوْنِ ذَلِكَ حَلَالًا فِيمَا يَظْهَرُ، وَمِنْ حُدُوثِ الْمَالِ حُصُولُ وَظِيفَةٍ دِينِيَّةٍ: أَيْ وَهُوَ أَهْلٌ لَهَا أَخْذًا مِمَّا مَرَّ، وَهَلْ الْهُجُومُ مُغْنٍ عَنْ الْقَيْدَيْنِ بَعْدَهُ أَوْ لَا؟ الْأَوْجَهُ الثَّانِي، وَلَا يُنَافِيهِ تَمْثِيلُهُمْ بِالْوَلَدِ كَمَا سَيَأْتِي إيضَاحُهُ (أَوْ انْدِفَاعِ نِقْمَةٍ) عَنْهُ أَوْ عَمَّنْ ذُكِرَ ظَاهِرَةٌ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ كَنَجَاةِ مَنْ غَرِقَ أَوْ حَرِيقٍ لِمَا صَحَّ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم كَانَ إذَا جَاءَهُ أَمْرٌ يُسَرُّ بِهِ خَرَّ سَاجِدًا» وَرَوَاهُ فِي دَفْعِ النِّقْمَةِ ابْنُ حِبَّانَ، وَلِمَا رُوِيَ أَنَّهُ قَالَ «سَأَلْت رَبِّي وَشَفَعْت لِأُمَّتِي فَأَعْطَانِي ثُلُثَ أُمَّتِي فَسَجَدْت شُكْرًا لِرَبِّي وَهَكَذَا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ» وَلَمَّا جَاءَهُ كِتَابُ عَلِيٍّ مِنْ الْيَمَنِ بِإِسْلَامِ هَمْدَانَ سَجَدَ لِلَّهِ تَعَالَى، وَلَمَّا أَخْبَرَهُ جِبْرِيلُ أَنَّ مَنْ صَلَّى عَلَيْهِ وَاحِدَةً صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ بِهَا عَشْرًا سَجَدَ أَيْضًا، وَخَرَجَ بِالظَّاهِرَتَيْنِ الْمَذْكُورُ عَنْ الشَّافِعِيِّ وَالْأَصْحَابِ، وَجَزَمَ بِهِ جَمْعٌ، وَإِنْ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ الظَّاهِرُ خِلَافُهُ، وَاغْتَرَّ بِهِ الْجَوْجَرِيُّ الْمَعْرِفَةُ وَسَتْرُ الْمُسَاوِي عَلَى مَا قَالَهُ الشَّيْخُ، وَنَظَرَ فِيهِ بِأَنَّ السُّجُودَ لِحُدُوثِ الْمَعْرِفَةِ وَانْدِفَاعِ الْمُسَاوِي
ــ
[حاشية الشبراملسي]
ضَبْطُهُ بِقَدْرِ رَكْعَتَيْنِ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يُفَرَّقَ) أَيْ وَالْأَصْلُ عَدَمُ الْفَرْقِ فَيُقَالُ بِالسُّنِّيَّةِ هُنَا (قَوْلُهُ: سَجَدَ ثَانِيًا) أَيْ لِتَجَدُّدِ السَّبَبِ، وَمِنْ ذَلِكَ قِرَاءَتُهُ عَلَى الشَّيْخِ آيَتَهَا بِوُجُوهِ الْقِرَاءَاتِ، فَيُسْتَحَبُّ لِكُلٍّ مِنْ الْقَارِئِ وَالشَّيْخِ السُّجُودُ بِعَدَدِ الْمَرَّاتِ الَّتِي يُكَرِّرُ فِيهَا الْقَارِئُ الْآيَةَ بِكَمَالِهَا، ثُمَّ رَأَيْت حَجّ صَرَّحَ بِذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَطَالَ الْفَصْلُ) أَيْ يَقِينًا (قَوْلُهُ: وَتَطَهَّرَ عَنْ قُرْبٍ) أَيْ فَإِنْ لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ التَّطَهُّرِ أَوْ مِنْ فِعْلِهَا لِشُغْلٍ قَالَ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ: سُبْحَانَ اللَّهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَلَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَاَللَّهُ أَكْبَرُ وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلَّا بِاَللَّهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ، قِيَاسًا عَلَى مَا قَالَهُ بَعْضُهُمْ مِنْ سَنِّ ذَلِكَ لِمَنْ لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ تَحِيَّةِ الْمَسْجِدِ لِحَدَثٍ أَوْ شُغْلٍ، وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ مِثْلُ ذَلِكَ فِي سَجْدَةِ الشُّكْرِ أَيْضًا وَقَدْ سُئِلَ الْعَلَّامَةُ حَجّ عَنْ قَوْلِ الشَّخْصِ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا إلَى آخِرِ مَا تَقَدَّمَ قَرِيبًا عِنْدَ قَوْلِهِ: وَشَمِلَ مَا لَوْ تَبَيَّنَ لَهُ حَدَثُ إمَامِهِ إلَخْ.
[سَجْدَةُ الشُّكْرِ]
(قَوْلُهُ: مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ يَتَوَقَّعُهَا وَحَصَلَتْ لَهُ فِي الْوَقْتِ الَّذِي يَتَوَقَّعُهَا فِيهِ لَمْ يَسْجُدْ، وَفِي الزِّيَادِيِّ خِلَافُهُ وَعِبَارَتُهُ: سَوَاءٌ أَكَانَ يَتَوَقَّعُهَا قَبْلَ ذَلِكَ أَمْ لَا، وَيُصَرِّحُ بِمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُ قَوْلُهُ: الْآتِي، وَخَرَجَ بِقَوْلِنَا مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ أَيْ مِنْ حَيْثُ إلَخْ (قَوْلُهُ: كَوَلَدٍ أَوْ جَاهٍ) أَيْ وَلَوْ كَانَ مَيِّتًا؛ لِأَنَّهُ يَشْفَعُ لَهُ، قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَالظَّاهِرُ أَنَّ حُدُوثَ الْأَخِ وَنَحْوِهِ كَحُدُوثِ الْوَلَدِ اهـ عَمِيرَةُ (قَوْلُهُ: بِشَرْطٍ) قَيْدٌ فِي الْمَالِ، وَقَوْلُهُ كَوْنُ ذَلِكَ: أَيْ الْمَالِ (قَوْلُهُ: مُغْنٍ عَنْ الْقَيْدَيْنِ) هُمَا ظَاهِرَةٌ وَمِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ (قَوْلُهُ: وَشَفَعْت لِأُمَّتِي) عَطْفُ تَفْسِيرٍ (قَوْلُهُ: ثُلُثَ أُمَّتِي) أَيْ الشَّفَاعَةَ فِيهِمْ (قَوْلُهُ: وَهَكَذَا) أَيْ سَأَلْت ثَانِيًا فَأَعْطَانِي ثُلُثًا آخَرَ وَثَالِثًا فَأَعْطَانِي الثُّلُثَ الْآخَرَ (قَوْلُهُ: بِإِسْلَامِ هَمْدَانَ) اسْمٌ لِقَبِيلَةٍ وَهُوَ بِفَتْحِ
ــ
[حاشية الرشيدي]
(قَوْلُهُ بِشَرْطِ كَوْنِ ذَلِكَ) أَيْ جَمِيعِ مَا ذُكِرَ خِلَافًا لِمَا فِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ مِنْ قَصْرِهِ عَلَى الْمِثَالِ، وَصُورَتُهُ فِي الْوَلَدِ أَنْ يَكُونَ فِيهِ شُبْهَةٌ، وَفِي الْجَاهِ أَنْ يَكُونَ بِسَبَبِ مَنْصِبِ ظُلْمٍ، وَفِي النَّصْرِ عَلَى الْعَدُوِّ أَنْ يَكُونَ الْعَدُوُّ مُحِقًّا، وَفِي قُدُومِ الْغَائِبِ أَنْ يَكُونَ بِحَيْثُ يَتَرَتَّبُ عَلَى قُدُومِهِ مَفْسَدَةٌ، وَفِي شِفَاءِ الْمَرِيضِ أَنْ يَكُونَ نَحْوَ ظَالِمٍ (قَوْلُهُ وَخَرَجَ بِالظَّاهِرَتَيْنِ إلَى قَوْلِهِ الْمَعْرِفَةُ إلَخْ) أَيْ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالظَّاهِرَةِ مَا تَرَى فِي الْخَارِجِ
أَوْلَى مِنْ السُّجُودِ لِكَثِيرٍ مِنْ النِّعَمِ، وَاسْتَدَلَّ عَلَى مَا ذَكَرَهُ بِسُجُودِهِ صلى الله عليه وسلم لِإِخْبَارِ جِبْرِيلَ، وَيُمْكِنُ مَنْعُ الِاسْتِدْلَالِ عَلَى مُدَّعَاهُ بِأَنَّ أَخْبَارَ جِبْرِيلَ خَرَجَتْ عَنْ مَوْضُوعِ الْمَعْرِفَةِ إلَى نِعْمَةٍ حَدَثَتْ عَامَّةً لِلْمُسْلِمِينَ، هَذَا وَالْأَوْلَى أَنْ يُحْتَرَزَ بِهِ عَمَّا لَا وَقَعَ لَهُ عَادَةٌ كَحُدُوثِ دِرْهَمٍ وَعَدَمِ رُؤْيَةِ عَدُوٍّ لَا ضَرَرَ فِيهَا وَلِهَذَا قَالَ الْإِمَامُ: اُشْتُرِطَ فِي النِّعْمَةِ أَنْ يَكُونَ لَهَا بَالٌ: أَيْ وَقْعٌ وَخَطَرٌ، وَخَرَجَ بِقَوْلِنَا مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ: أَيْ مِنْ حَيْثُ لَا يَدْرِي تَبَعًا لِمَا فِي الرَّوْضَةِ وَإِنْ نَازَعَ فِيهِ الْإِسْنَوِيُّ وَاغْتَرَّ بِهِ ابْنُ الْمُقْرِي فَحَذَفَهُ مِنْ رَوْضِهِ، وَتَبِعَهُ عَلَى الْمُنَازَعَةِ الْجَوْجَرِيُّ مَا لَوْ تَسَبَّبَ فِيهِمَا تَسَبُّبًا تَقْضِي الْعَادَةُ بِحُصُولِهِمَا عَقِبَهُ وَنِسْبَتِهِمَا لَهُ، فَلَا سُجُودَ حِينَئِذٍ كَرِبْحٍ مُتَعَارَفٍ لِتَاجِرٍ يَحْصُلُ عَادَةً عَقِبَ أَسْبَابِهِ.
وَعُلِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ عَدَمُ اعْتِبَارِ تَسَبُّبِهِ فِي حُصُولِ الْوَلَدِ بِالْوَطْءِ وَالْعَافِيَةِ بِالدَّوَاءِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يُنْسَبُ فِي الْعَادَةِ إلَى فِعْلِهِ وَيُعَدُّ فِيهَا نِعْمَةً ظَاهِرَةً، وَخَرَجَ بِالْحُدُوثِ اسْتِمْرَارُ النِّعَمِ وَانْدِفَاعُ النِّقَمِ كَالْعَافِيَةِ وَالْإِسْلَامِ وَالْغِنَى عَنْ النَّاسِ فَلَا سُجُودَ لَهَا؛ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى اسْتِغْرَاقِ الْعُمُرِ فِي السُّجُودِ، وَيُسْتَحَبُّ إظْهَارُ السُّجُودِ لِذَلِكَ إلَّا إنْ تَجَدَّدَتْ لَهُ ثَرْوَةٌ أَوْ جَاهٌ أَوْ وَلَدٌ مَثَلًا بِحَضْرَةِ مَنْ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ وَعُلِمَ بِالْحَالِ فَيُخِيفُهُ لِئَلَّا يَنْكَسِرَ قَلْبُهُ، وَلَوْ ضَمَّ صَدَقَةً أَوْ صَلَاةً لِسُجُودِهِ فَهُوَ أَوْلَى، فَاَلَّذِي فَهِمَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ كَلَامِ الْبَغَوِيّ الذَّاكِرِ لِسُنِّيَّةِ التَّصَدُّقِ أَوْ الصَّلَاةِ شُكْرًا أَنَّهُ يُسَنُّ فِعْلُ ذَلِكَ مَعَ السُّجُودِ، وَاَلَّذِي فَهِمَهُ الْخُوَارِزْمِيَّ تِلْمِيذُ الْبَغَوِيّ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّهُ يَقُومُ مَقَامَهُ، وَالْأَوَّلُ أَوْجَهُ.
(أَوْ رُؤْيَةِ مُبْتَلًى) فِي نَحْوِ عَقْلِهِ أَوْ بَدَنِهِ؛ لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم سَجَدَ مَرَّةً لِرُؤْيَةِ زَمِنٍ، وَأُخْرَى لِرُؤْيَةِ رَجُلٍ بِهِ قِصَرٌ بَالِغٌ وَضَعْفُ حَرَكَةٍ وَنَقْصُ خَلْقٍ أَوْ بَلَاءٌ وَاخْتِلَاطُ عَقْلٍ عَلَى الْخِلَافِ فِي ذَلِكَ، وَالْحَدِيثُ وَإِنْ كَانَ مُرْسَلًا فَقَدْ اُعْتُضِدَ بِشَوَاهِدَ أَكَّدَتْهُ، وَالسُّجُودُ هُنَا عَلَى السَّلَامَةِ مِنْ ذَلِكَ (أَوْ) رُؤْيَةِ (عَاصٍ) مُتَجَاهِرٍ بِمَعْصِيَتِهِ كَمَا فِي الْكِفَايَةِ عَنْ الْأَصْحَابِ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
الْهَاءِ وَسُكُونِ الْمِيمِ وَبِالدَّالِ الْمُهْمَلَةِ.
وَأَمَّا بِفَتْحِ الْمِيمِ وَبِالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ فَاسْمٌ لِمَدِينَةٍ بِالْجِبَالِ كَمَا فِي اللُّبِّ (قَوْلُهُ: أَوْلَى مِنْ السُّجُودِ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: فَاسْتَدَلَّ) أَيْ الْمُنْظِرُ (قَوْلُهُ: وَالْأَوْلَى أَنْ يُحْتَرَزَ بِهِ) أَيْ بِهَذَا الْقَيْدِ وَهُوَ الظَّاهِرَتَيْنِ (قَوْلُهُ: كَحُدُوثِ دِرْهَمٍ) أَيْ لِغَيْرِ مُحْتَاجٍ إلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَخَطَرَ) عَطْفُ تَفْسِيرٍ (قَوْلُهُ: كَرِيحٍ مُتَعَارَفٍ) أَيْ مُتَعَارَفٍ لَهُ (قَوْلُهُ: وَعُلِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ) أَيْ فِي قَوْلِهِ: تُقْضَى الْعَادَةُ إلَخْ (قَوْلُهُ: كَالْعَافِيَةِ) أَيْ لِلصَّحِيحِ (قَوْلُهُ: ثَرْوَةٌ) أَيْ غِنًى (قَوْلُهُ: أَوْ صَلَاةً لِسُجُودِهِ) أَيْ بِنِيَّةِ التَّطَوُّعِ لَا بِنِيَّةِ الشُّكْرِ أَخْذًا مِمَّا ذَكَرُوهُ فِي الِاسْتِسْقَاءِ مِنْ أَنَّهُ لَيْسَ لَنَا صَلَاةٌ سَبَبُهَا الشُّكْرُ (قَوْلُهُ: فَهُوَ أَوْلَى) أَيْ أَوْ أَقَامَهُمَا مَقَامَهُ فَهُوَ حَسَنٌ. اهـ حَجّ: وَعِبَارَةُ الرَّوْضِ وَشَرْحُهُ: وَتُسْتَحَبُّ أَيْضًا: أَيْ مَعَ سَجْدَةِ الشُّكْرِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْمَجْمُوعِ الصَّدَقَةُ وَالصَّلَاةُ لِلشُّكْرِ، وَزَادَ لَفْظَهُ أَيْضًا لِيُفِيدَ مَا نَقَلَهُ عَنْ الْمَجْمُوعِ، لَكِنَّ الْخُوَارِزْمِيَّ تِلْمِيذَ الْبَغَوِيّ الذَّاكِرَ لِاسْتِحْبَابِ مَا ذَكَرَ فَهِمَ مِنْ كَلَامِ شَيْخِهِ خِلَافَهُ، فَقَالَ: لَوْ أَقَامَ التَّصَدُّقَ أَوْ صَلَاةَ رَكْعَتَيْنِ مَقَامَ السُّجُودِ كَانَ حَسَنًا. اهـ، فَمَا قَالَهُ حَجّ اعْتَمَدَ فِيهِ كَلَامَ الْخُوَارِزْمِيَّ.
(قَوْلُهُ: أَوْ رُؤْيَةِ مُبْتَلًى) ظَاهِرُهُ وَلَوْ غَيْرَ آدَمِيٍّ وَهُوَ قَرِيبٌ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ السَّلَامَةُ مِنْ تِلْكَ الْآفَةِ، لَكِنْ قَيَّدَهُ بَعْضُهُمْ بِهَامِشٍ بِمَا إذَا كَانَتْ تِلْكَ الْآفَةُ مِمَّا يَعْرِضُ مِثْلُهَا لِلْآدَمِيِّ وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَعِبَارَةُ سم عَلَى حَجّ: أَيْ وَلَوْ غَيْرَ آدَمِيٍّ فِيمَا يَظْهَرُ، وَيُحْتَمَلُ تَقْيِيدُ بَلَائِهِ حِينَئِذٍ بِمَا يُمْكِنُ أَنْ يَحْصُلَ لِلْآدَمِيِّ فِي الْعَادَةِ، وَيُحْتَمَلُ خِلَافُهُ لِإِمْكَانِ حُصُولِهِ، وَلَعَلَّ الْأَوَّلَ أَقْرَبُ. اهـ. وَمُرَادُهُ بِالْأَوَّلِ قَوْلُهُ: وَيُحْتَمَلُ تَقْيِيدُ بَلَائِهِ إلَخْ، وَيَنْبَغِي أَنَّ مِنْ ذَلِكَ أَيْضًا رُؤْيَةَ مُرْتَكِبِ خَارِمِ الْمُرُوءَةِ (قَوْلُهُ: أَوْ بَدَنِهِ) وَمِنْهُ مَا لَوْ رَأَى عَقِيمًا فِي غَيْرِ أَوَانِهِ فَيَسْجُدُ (قَوْلُهُ: مُتَجَاهِرٍ بِمَعْصِيَةٍ) وَمِنْ ذَلِكَ لُبْسُ الْقَوَاوِيقِ الْقَطِيفَةِ لِلرِّجَالِ لِحُرْمَةِ اسْتِعْمَالِهِمْ الْحَرِيرَ وَلِلنِّسَاءِ لِمَا فِيهِ مِنْ التَّشْبِيهِ بِالرِّجَالِ.
ــ
[حاشية الرشيدي]
(قَوْلُهُ: هَذَا وَالْأَوْلَى أَنْ يُحْتَرَزَ إلَخْ) أَيْ فَالْمُرَادُ بِالظَّاهِرِ مَا لَهَا وَقْعٌ (قَوْلُهُ أَوْ عَاصٍ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَفْسُقْ كَمَا نَقَلُهُ الشِّهَاب سم عَنْ الشَّارِح
وَإِنْ نَازَعَ فِيهِ الزَّرْكَشِيُّ، وَمِنْهُ الْكَافِرُ كَمَا فِي الْبَحْرِ، إذْ مُصِيبَةُ الدِّينِ أَعْظَمُ مِنْ مُصِيبَةِ الدُّنْيَا فَطُلِبَ مِنْهُ السُّجُودُ شُكْرًا عَلَى السَّلَامَةِ مِنْ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم سَجَدَ لِرُؤْيَةِ الْمُبْتَلَى وَالْأَوْجَهُ كَمَا قَالَهُ جَمْعٌ أَنَّهُ لَوْ حَضَرَ الْمُبْتَلَى وَالْعَاصِي عِنْدَ أَعْمَى أَوْ سَمِعَ صَوْتَهُمَا سَامِعٌ وَلَمْ يَرَهُمَا سُنَّ لَهُ السُّجُودُ أَيْضًا فَالشَّرْطُ إمَّا الرُّؤْيَةُ وَلَوْ مِنْ بُعْدٍ، وَالتَّعْبِيرُ بِهَا جَرَى عَلَى الْغَالِبِ أَوْ حُضُورُهُمَا عِنْدَ الْأَعْمَى أَوْ سَمَاعُ صَوْتِهِمَا لَهُ أَوْ لِغَيْرِهِ، وَلَا يَلْزَمُ تَكَرُّرُ السُّجُودِ إلَى مَا لَا غَايَةَ لَهُ فِيمَنْ هُوَ سَاكِنٌ بِإِزَائِهِ مَثَلًا؛ لِأَنَّا لَا نَأْمُرُهُ بِهِ كَذَلِكَ إلَّا إذَا لَمْ يُوجَدْ أَهَمُّ مِنْهُ يُقَدَّمُ عَلَيْهِ (وَيُظْهِرُهَا) أَيْ السَّجْدَةَ (لِلْعَاصِي) بِقَيْدِهِ الْمَارِّ.
وَلَا يُشْتَرَطُ فِي مَعْصِيَتِهِ الَّتِي يَتَجَاهَرُ بِهَا كَوْنُهَا كَبِيرَةً كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إنْ لَمْ يَخَفْ مِنْهُ ضَرَرًا تَعْبِيرًا لَهُ لَعَلَّهُ يَتُوبُ، بِخِلَافِ مَنْ لَمْ يَتَجَاهَرْ بِمَعْصِيَتِهِ فَلَا يُسْجَدُ لِرُؤْيَتِهِ أَوْ خَافَ مِنْهُ ضَرَرًا فَلَا يُظْهِرُهَا بَلْ يُخْفِيهَا كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ (لَا لِلْمُبْتَلَى) لِئَلَّا يَتَأَذَّى بِالْإِظْهَارِ. نَعَمْ إنْ كَانَ غَيْرَ مَعْذُورٍ كَمَقْطُوعٍ فِي سَرِقَةٍ أَوْ مَجْلُودٍ فِي زِنًا، وَلَمْ يَعْلَمْ تَوْبَتَهُ أَظْهَرَهَا لَهُ وَإِلَّا فَيُسِرُّهَا.
وَقَضِيَّتُهُ أَنَّ الْفَاسِقَ لَا يَسْجُدُ لِرُؤْيَةِ فَاسِقٍ لَكِنَّ الْأَوْجَهَ أَنَّهُ إنْ قَصَدَ بِهِ زَجْرَهُ سَجَدَ مُطْلَقًا أَوْ الشُّكْرِ عَلَى السَّلَامَةِ مِمَّا اُبْتُلِيَ بِهِ لَمْ يَسْجُدْ إنْ كَانَ مِثْلُهُ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ أَوْ فِسْقُ الرَّائِي أَقْبَحَ وَيَجْرِي هَذَا فِيمَا لَوْ شَارَكَهُ فِي ذَلِكَ الْبَلَاءِ وَالْعِصْيَانِ وَهَلْ يُظْهِرُهَا لِلْفَاسِقِ الْمُتَجَاهِرِ الْمُبْتَلَى فِي بَدَنِهِ بِمَا هُوَ مَعْذُورٌ فِيهِ يُحْتَمَلُ الْإِظْهَارَ؛ لِأَنَّهُ أَحَقُّ بِالزَّجْرِ وَالْإِخْفَاءِ لِئَلَّا يَفْهَمَ أَنَّهُ عَلَى الِابْتِلَاءِ فَيَنْكَسِرَ قَلْبُهُ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ يُظْهِرُهَا وَيُبَيِّنُ لَهُ السَّبَبَ وَهُوَ الْفِسْقُ، وَهَذَا هُوَ الْأَوْجَهُ وَبِهِ أَفْتَى الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -. وَيَحْرُمُ التَّقَرُّبُ إلَى اللَّهِ تَعَالَى بِسَجْدَةٍ مِنْ غَيْرِ سَبَبٍ وَلَوْ بَعْدَ الصَّلَاةِ كَمَا يَحْرُمُ بِرُكُوعٍ مُفْرَدٍ وَنَحْوِهِ (وَهِيَ) أَيْ سَجْدَةُ الشُّكْرِ (كَسَجْدَةِ التِّلَاوَةِ) خَارِجَ الصَّلَاةِ فِي كَيْفِيَّتِهَا وَشَرَائِطِهَا كَمَا فِي الْمُحَرَّرِ وَمَنْدُوبَاتِهَا (وَالْأَصَحُّ جَوَازُهُمَا) أَيْ السَّجْدَتَيْنِ خَارِجَ الصَّلَاةِ (عَلَى الرَّاحِلَةِ لِلْمُسَافِرِ) بِالْإِيمَاءِ؛ لِأَنَّهُمَا نَفْلٌ فَسُومِحَ فِيهِمَا لِمَشَقَّةِ النُّزُولِ، وَإِنْ أَذْهَبَ الْإِيمَاءُ أَظْهَرَ أَرْكَانِهَا مِنْ تَمْكِينِ الْجَبْهَةِ بِخِلَافِ الْجِنَازَةِ.
وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ عَدَمُ الْجَوَازِ لِفَوَاتِ أَعْظَمِ أَرْكَانِهِمَا وَهُوَ إلْصَاقُ الْجَبْهَةِ مِنْ مَوْضِعِ السُّجُودِ، فَإِنْ كَانَ فِي مَرْقَدٍ، وَأَتَمَّ سُجُودَهُ جَازَ بِلَا خِلَافٍ. وَالْمَاشِي يَسْجُدُ عَلَى الْأَرْضِ (فَإِنْ سَجَدَ لِتِلَاوَةِ صَلَاةٍ جَازَ) الْإِيمَاءُ (عَلَيْهَا) أَيْ الرَّاحِلَةِ (قَطْعًا) تَبَعًا لِلنَّافِلَةِ كَسُجُودِ السَّهْوِ، وَخَرَجَ بِسُجُودِ التِّلَاوَةِ سَجْدَةُ الشُّكْرِ فَلَا تُفْعَلُ فِي الصَّلَاةِ كَمَا مَرَّ، وَتَفُوتُ سَجْدَةُ الشُّكْرِ بِطُولِ الْفَصْلِ عُرْفًا بَيْنَهَا وَبَيْنَ سَبَبِهَا كَمَا مَرَّ نَظِيرُهُ فِي سَجْدَةِ التِّلَاوَةِ.
ــ
[حاشية الشبراملسي]
فَائِدَةٌ] يَنْبَغِي فِيمَا لَوْ اخْتَلَفَتْ عَقِيدَةُ الرَّائِي وَالْعَاصِي أَنَّ الْعِبْرَةَ فِي اسْتِحْبَابِ السُّجُودِ بِعَقِيدَةِ الرَّائِي وَفِي إظْهَارِ السُّجُودِ لِلْعَاصِي بِعَقِيدَةِ الْمَرْئِيِّ، فَإِنَّ الْغَرَضَ مِنْ إظْهَارِ السُّجُودِ لَهُ زَجْرُهُ عَنْ الْمَعْصِيَةِ، وَلَا يَنْزَجِرُ بِذَلِكَ إلَّا حَيْثُ اعْتَقَدَ أَنَّ فِعْلَهُ مَعْصِيَةٌ (قَوْلُهُ: وَمِنْهُ الْكَافِرُ) أَيْ وَلَوْ تَكَرَّرَتْ رُؤْيَتُهُ.
أَمَّا لَوْ رَأَى جُمْلَةً مِنْ الْكُفَّارِ دَفْعَةً فَيَكْفِي لِرُؤْيَتِهِمْ سَجْدَةٌ وَاحِدَةٌ (قَوْلُهُ: سَجَدَ لِرُؤْيَةِ الْمُبْتَلَى) أَيْ وَالْعَاصِي أَوْلَى لِمَا قَدَّمَهُ مِنْ أَنَّ مُصِيبَةَ الدِّينِ إلَخْ، فَلَيْسَ مَا ذُكِرَ تَكْرَارًا مَعَ قَوْلِهِ أَوَّلًا؛ لِأَنَّهُ سَجَدَ مَرَّةً لِرُؤْيَةِ زَمِنٍ إلَخْ لِاخْتِلَافِ الْمَقْصُودِ مِنْ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: بِقَيْدِهِ الْمَارَّ) هُوَ قَوْلُهُ: مُتَجَاهِرٍ (قَوْلُهُ: كَوْنُهَا كَبِيرَةً) أَيْ فَيَسْجُدُ لِلصَّغِيرَةِ، وَإِنْ لَمْ يُصِرَّ عَلَيْهَا، وَعِبَارَةُ حَجّ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: أَوْ مُسْتَتِرٍ مُصِرٍّ وَلَوْ عَلَى صَغِيرَةٍ. اهـ (قَوْلُهُ: تَعْيِيرًا لَهُ) تَعْلِيلٌ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَيُظْهِرُهَا لِلْعَاصِي (قَوْلُهُ: لَا لِلْمُبْتَلَى) بِفَتْحِ اللَّامِ اسْمُ مَفْعُولٍ مِنْ ابْتَلَى (قَوْلُهُ: سَجَدَ مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ مِثْلَهُ أَوْ أَعْلَى أَوْ أَدْوَنَ (قَوْلُهُ: وَهَذَا) أَيْ الِاحْتِمَالُ.
ــ
[حاشية الرشيدي]
(قَوْلُهُ: سَجَدَ لِرُؤْيَةِ الْمُبْتَلَى) أَيْ وَالْعَاصِي مُبْتَلَى كَمَا قَرَّرَهُ