المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[أركان خطبة الجمعة] - نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج - جـ ٢

[الرملي، شمس الدين]

فهرس الكتاب

- ‌[بَابٌ يَشْتَمِلُ عَلَى شُرُوطِ الصَّلَاةِ وَمَوَانِعِهَا]

- ‌[مِنْ شُرُوط الصَّلَاة سَتْرُ الْعَوْرَةِ]

- ‌عَوْرَةُ الرَّجُلِ)

- ‌[عَوْرَةُ الْحُرَّةِ]

- ‌[مِنْ شُرُوطِ الصَّلَاة الطَّهَارَةُ مِنْ الْحَدَثِ الْأَصْغَرِ]

- ‌[مِنْ شُرُوطُ الصَّلَاةِ طَهَارَةُ النَّجَسِ فِي الثَّوْبِ وَالْبَدَنِ وَالْمَكَانِ]

- ‌(تَبْطُلُ) الصَّلَاةُ (بِالنُّطْقِ) عَمْدًا بِكَلَامِ مَخْلُوقٍ

- ‌[فَصْلٌ فِي مُبْطِلَاتِ الصَّلَاةِ وَسُنَنِهَا وَمَكْرُوهَاتِهَا] [

- ‌لَا تَبْطُلُ) الصَّلَاةُ (بِالذِّكْرِ وَالدُّعَاءِ)

- ‌[رَدُّ السَّلَامِ فِي الصَّلَاة]

- ‌[لَا تَجِبُ إجَابَةُ الْأَبَوَيْنِ فِي الصَّلَاةِ]

- ‌[بُطْلَانُ الصَّلَاة بِالْوَثْبَةِ الْفَاحِشَةِ]

- ‌[بُطْلَانُ الصَّلَاة بِقَلِيلِ الْأَكْلِ]

- ‌[الِالْتِفَاتُ فِي الصَّلَاةِ]

- ‌[الصَّلَاةُ حَاقِنًا بِالْبَوْلِ أَوْ حَاقِبًا بِالْغَائِطِ أَوْ حَازِقًا لِلرِّيحِ]

- ‌[كَرَاهَة البصق فِي الصَّلَاةِ أَوْ خَارِجَهَا قِبَلَ وَجْهِهِ أَوْ عَنْ يَمِينِهِ]

- ‌[الْفَرْقَعَةُ فِي الصَّلَاة أَوْ تَشْبِيكُ الْأَصَابِع]

- ‌[الصَّلَاةُ فِي الْكَنِيسَةِ وَالْبِيعَةِ]

- ‌[الصَّلَاةُ فِي مَعَاطِنِ الْإِبِلِ]

- ‌[الصَّلَاةُ فِي الْحَمَّامِ]

- ‌[الصَّلَاةُ فِي الْمَقْبَرَةِ الطَّاهِرَةِ]

- ‌[بَابٌ فِي بَيَانِ سَبَبِ سُجُودِ السَّهْوِ وَأَحْكَامِهِ]

- ‌[كَيْفِيَّةُ سَجْدَتَيْ السَّهْوِ كَسُجُودِ الصَّلَاةِ]

- ‌(بَابٌ فِي سُجُودِ التِّلَاوَةِ

- ‌[سَجَدَاتُ التِّلَاوَةِ فِي الْقُرْآنِ أَرْبَعَ عَشْرَةَ سَجْدَةً]

- ‌سَجْدَةُ الشُّكْرِ

- ‌[بَابٌ فِي صَلَاةِ النَّفْلِ وَهِيَ قِسْمَانِ] [

- ‌قِسْمٌ لَا يُسَنُّ فِيهِ النَّفَلُ جَمَاعَةً]

- ‌ مِنْ الْقِسْمِ الَّذِي لَا يُسَنُّ جَمَاعَةً (الْوِتْرُ)

- ‌مِنْ الْقِسْمِ الَّذِي لَا تُسَنُّ لَهُ جَمَاعَةٌ (الضُّحَى)

- ‌[مِنْ الْقِسْمِ الَّذِي لَا تُسَنُّ لَهُ جَمَاعَةٌ تَحِيَّةُ الْمَسْجِد]

- ‌[مِنْ الْقِسْمِ الَّذِي لَا تُسَنُّ لَهُ جَمَاعَةٌ رَكْعَتَانِ عِنْدَ السَّفَر]

- ‌قِسْمٌ) مِنْ النَّفْلِ (يُسَنُّ جَمَاعَةً)

- ‌[حُكْمُ التَّهَجُّد]

- ‌(كِتَابُ صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ) وَأَحْكَامِهَا

- ‌ الْجَمَاعَةُ (فِي الْمَسْجِدِ لِغَيْرِ الْمَرْأَةِ) وَالْخُنْثَى (أَفْضَلُ)

- ‌أَفْضَلُ الْجَمَاعَةِ بَعْدَ الْجُمُعَةِ

- ‌[أَعْذَارُ تَرْكُ صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ]

- ‌فَصْلٌ فِي صِفَةِ الْأَئِمَّةِ وَمُتَعَلِّقَاتِهَا

- ‌فَصْلٌ فِي بَعْضِ شُرُوطِ الْقُدْوَةِ وَكَثِيرٍ مِنْ آدَابِهَا وَبَعْضِ مَكْرُوهَاتِهَا

- ‌فَصْلٌ فِي بَعْضِ شُرُوطِ الْقُدْوَةِ أَيْضًا

- ‌فَصْلٌ فِي بَعْضِ شُرُوطِ الْقُدْوَةِ أَيْضًا

- ‌[فَصْلٌ فِي زَوَالِ الْقُدْوَةِ وَإِيجَادِهَا وَإِدْرَاكِ الْمَسْبُوقِ الرَّكْعَةَ وَمَا يَتْبَعُ ذَلِكَ]

- ‌(بَابُ) كَيْفِيَّةِ (صَلَاةِ الْمُسَافِرِ)

- ‌فَصْلٌ فِي شُرُوطِ الْقَصْرِ وَتَوَابِعِهَا

- ‌(فَصْلٌ) فِي الْجَمْعِ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ

- ‌[شُرُوطُ جَمْعِ التَّقْدِيمِ]

- ‌[شُرُوطُ التَّقْدِيمِ فِي صَلَاةِ الْجَمْعِ عِنْدَ الْمَطَرِ]

- ‌بَابُ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ

- ‌[شُرُوطُ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ]

- ‌[الْجَمْعِ لِعُذْرِ الْمَطَرِ]

- ‌[شُرُوطُ صِحَّةِ الْجُمُعَةِ]

- ‌[أَرْكَانُ خُطْبَةِ الْجُمُعَةِ]

- ‌[شُرُوطُ الْخُطْبَتَيْنِ فِي الْجُمُعَة]

- ‌فَصْلٌ فِي الْأَغْسَالِ الْمُسْتَحَبَّةِ فِي الْجُمُعَةِ وَغَيْرِهَا وَمَا يُذْكَرُ مَعَهَا

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيَانِ مَا يَحْصُلُ بِهِ إدْرَاكُ الْجُمُعَةِ وَمَا لَا تُدْرَكُ بِهِ]

- ‌[الْقِسْمِ الْأَوَّلِ إدْرَاكُ رُكُوعَ الثَّانِيَةِ مِنْ الْجُمُعَةِ مَعَ الْإِمَامِ]

- ‌[الْقِسْمِ الثَّانِي حُكْمُ اسْتِخْلَافِ الْإِمَامِ وَشُرُوطُهُ]

- ‌[بَابٌ كَيْفِيَّةُ صَلَاةِ الْخَوْفِ]

- ‌[النَّوْعُ الْأَوَّلِ كَوْنُ الْعَدُوِّ فِي جِهَةِ الْقِبْلَةِ]

- ‌[الثَّانِي مِنْ الْأَنْوَاعِ كَوْنُ الْعَدُوُّ فِي غَيْرِ الْقِبْلَةِ]

- ‌[النَّوْعُ الثَّالِثُ أَنْ تَقِفَ فِرْقَةٌ فِي وَجْهِ الْعَدُوِّ وَتَحْرُسُ وَهُوَ فِي غَيْرِ جِهَةِ الْقِبْلَةِ]

- ‌[النَّوْعُ الرَّابِعِ أَنْ يَلْتَحِمَ الْقِتَالُ بَيْنَ الْقَوْمِ وَلَمْ يَتَمَكَّنُوا مِنْ تَرْكِهِ]

- ‌فَصْلٌ فِيمَا يَجُوزُ لُبْسُهُ إنْ ذَكَرَ وَمَا لَا يَجُوزُ

- ‌بَابٌ صَلَاةُ الْعِيدَيْنِ

- ‌[حُكْمُ صَلَاةِ الْعِيدَيْنِ وَكَيْفِيَّتَهَا]

- ‌[وَقْتُ صَلَاةِ الْعِيدَيْنِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي التَّكْبِيرِ الْمُرْسَلِ وَالْمُقَيَّدِ]

- ‌[وَقْتُ تَكْبِير الْعِيد]

- ‌بَابُ صَلَاةِ الْكُسُوفَيْنِ

- ‌[التَّهْنِئَةُ بِالْعِيدِ]

- ‌بَابُ صَلَاةِ الِاسْتِسْقَاءِ

- ‌(بَابٌ) فِي حُكْمِ تَارِكِ الصَّلَاةِ الْمَفْرُوضَةِ عَلَى الْأَعْيَانِ

- ‌ كِتَابُ الْجَنَائِزِ

- ‌[آدَابِ الْمُحْتَضَرِ]

- ‌ بَيَانِ الْغَاسِلِ

- ‌فَصْلٌ فِي تَكْفِينِ الْمَيِّتِ وَحَمْلِهِ وَتَوَابِعِهِمَا

- ‌ كَيْفِيَّةِ حَمْلِ الْمَيِّتِ

- ‌فَصْلٌ فِي الصَّلَاةِ عَلَى الْمَيِّتِ الْمُسْلِمِ غَيْرِ الشَّهِيدِ

- ‌[شُرُوطُ صَلَاةِ الْجِنَازَةِ]

- ‌ الصَّلَاةِ عَلَى الْغَائِبِ

- ‌[تَقْدِيمُ الصَّلَاةِ عَلَى الدَّفْنِ وَتَأْخِيرُهَا عَنْ الْغُسْلِ أَوْ التَّيَمُّمِ]

- ‌[فَرْعٌ فِي بَيَانِ الْأَوْلَى بِصَلَاةِ الْجِنَازَةِ]

- ‌ الصَّلَاةُ (عَلَى الْكَافِرِ)

- ‌[حُكْم الصَّلَاة عَلَى السقط]

- ‌ الْمَيِّتُ إمَّا شَهِيدٌ أَوْ غَيْرُهُ

الفصل: ‌[أركان خطبة الجمعة]

لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَخْطُبُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ خُطْبَتَيْنِ يَجْلِسُ بَيْنَهُمَا» (وَ) كَوْنُهُمَا (قَبْلَ الصَّلَاةِ) لِلِاتِّبَاعِ مَعَ خَبَرِ «صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي» بِخِلَافِ الْعِيدِ فَإِنَّ خُطْبَتَيْهِ مُؤَخَّرَتَانِ لِلِاتِّبَاعِ، وَلِأَنَّ خُطْبَةَ الْجُمُعَةِ شَرْطٌ وَالشَّرْطُ مُقَدَّمٌ عَلَى الْمَشْرُوطِ، وَلِأَنَّ الْجُمُعَةَ إنَّمَا تُؤَدَّى جَمَاعَةً فَأُخِّرَتْ لِيُدْرِكَهَا الْمُتَأَخِّرُ وَلِلتَّمْيِيزِ بَيْنَ الْفَرْضِ وَالنَّفَلِ {فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلاةُ فَانْتَشِرُوا} [الجمعة: 10] فَأَبَاحَ الِانْتِشَارَ بَعْدَهَا، فَلَوْ جَازَ تَأْخِيرُهُمَا لَمَا جَازَ الِانْتِشَارُ.

(وَأَرْكَانُهُمَا) مِنْ حَيْثُ الْمَجْمُوعِ كَمَا سَيُعْلَمُ مِنْ كَلَامِهِ (خَمْسَةٌ)(حَمْدُ اللَّهِ تَعَالَى) لِلِاتِّبَاعِ وَكَكَلِمَتَيْ التَّكْبِيرِ (وَ) الثَّانِي (الصَّلَاةُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم) إذْ كُلُّ عِبَادَةٍ افْتَقَرَتْ إلَى ذِكْرِ اللَّهِ افْتَقَرَتْ إلَى ذِكْرِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَالْأَذَانِ وَالصَّلَاةِ (وَلَفْظُهُمَا) أَيْ الْحَمْدُ وَالصَّلَاةُ (مُتَعَيِّنٌ)

ــ

[حاشية الشبراملسي]

أَيْ بَلْ وَكَذَا فِي غَيْرِهَا، وَلَعَلَّهُ قَيَّدَ بِالْجُمُعَةِ لِأَنَّ الْمَرْأَةَ تَصِحُّ إمَامَتُهَا لِلنِّسَاءِ فِي غَيْرِ الْجُمُعَةِ.

(قَوْلُهُ وَكَوْنُهُمَا قَبْلَ الصَّلَاةِ) قَالَ الشَّيْخُ عَمِيرَةُ: رَأَيْت فِي شَرْحِ الدَّمَامِينِيِّ عَلَى الْبُخَارِيِّ فِي حَدِيثِ الِانْفِضَاضِ فِي شَأْنِ التِّجَارَةِ أَنَّ الِانْفِضَاضَ كَانَ فِي الْخُطْبَةِ وَأَنَّهَا كَانَتْ فِي صَدْرِ الْإِسْلَامِ بَعْدَ الصَّلَاةِ وَأَنَّهَا مِنْ ذَلِكَ الْيَوْمِ حُوِّلَتْ إلَى قَبْلِ الصَّلَاةِ انْتَهَى سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: مَعَ خَبَرِ «صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي» إلَخْ) أَيْ وَمَا رَأَيْنَاهُ يُصَلِّي إلَّا بَعْدَ الْخُطْبَتَيْنِ، وَفِيهِ أَنَّهُ يُخَالِفُ مَا نَقَلَهُ الشَّيْخُ عَمِيرَةُ عَنْ شَرْحِ الدَّمَامِينِيِّ، اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّ التَّحْوِيلَ كَانَ لِحِكْمَةٍ فَنَزَلَ مَنْزِلَةَ النَّسْخِ، أَوْ أَنَّ ذَلِكَ رِوَايَةٌ لَمْ تَصِحَّ، أَوْ أَنَّ الصَّحَابَةَ فَهِمُوا مِنْهُ عليه الصلاة والسلام أَنَّ كَوْنَهَا بَعْدَ الصَّلَاةِ نُسِخَ بِالْأَمْرِ بِفِعْلِهَا قَبْلَ الصَّلَاةِ. .

[أَرْكَانُ خُطْبَةِ الْجُمُعَةِ]

(قَوْلُهُ: وَأَرْكَانُهُمَا مِنْ حَيْثُ الْمَجْمُوعُ) جَوَابُ سُؤَالٍ يَرِدُ فِي هَذَا الْمَقَامِ بِأَنْ يُقَالَ: هَذِهِ الْإِضَافَةُ لَا تَخْلُو مِنْ أَنْ تَكُونَ لِلِاسْتِغْرَاقِ فِي كُلِّ فَرْدٍ مِنْ أَفْرَادِ الْمُضَافِ أَوْ مُرَادًا بِهَا الْحُكْمُ عَلَى مَجْمُوعِ مَا أُضِيفَ إلَيْهِ، وَعَلَى الْأَوَّلِ يَلْزَمُ أَنَّ جُمْلَةَ الْخَمْسَةِ وَاجِبَةٌ فِي كُلٍّ مِنْ الْخُطْبَتَيْنِ وَهُوَ ظَاهِرُ الْبُطْلَانِ، فَكَذَا الْمَلْزُومُ، وَعَلَى الثَّانِي يَلْزَمُ كِفَايَةُ الْإِتْيَانِ بِبَعْضِ الْأَرْكَانِ فِي الْأُولَى وَلَوْ وَاحِدًا، وَالْإِتْيَانُ بِالْبَاقِي فِي الثَّانِيَةِ، وَأَنْ يَأْتِيَ بِالْجَمِيعِ فِي الْأُولَى وَيُخَلِّي عَنْهَا الثَّانِيَةَ، وَبِالْعَكْسِ أَنْ يَصْدُقَ عَلَى جَمِيعِ هَذِهِ الصُّوَرِ الْإِتْيَانُ بِالْأَرْكَانِ فِي مَجْمُوعِ الْخُطْبَتَيْنِ وَبُطْلَانُهُ ظَاهِرٌ وَحَاصِلُ مَا أَشَارَ إلَيْهِ الشَّارِحُ أَنْ يُقَالَ: نَخْتَارُ الثَّانِيَ وَنَحْمِلُهُ عَلَى مَا صَدَقَ عَلَيْهِ إضَافَةُ الْمَجْمُوعِ بِقَرِينَةِ مَا سَيُعْلَمُ مِنْ كَلَامِهِ (قَوْلُهُ: كَمَا سَيُعْلَمُ مِنْ كَلَامِهِ) أَيْ عَلَى مَا سَيُعْلَمُ (قَوْلُهُ: وَكَكِلْمَتَيْ التَّكْبِيرِ) وَهُمَا اللَّهُ وَأَكْبَرُ، وَلَعَلَّ مُرَادَهُ أَنَّ الْحَمْدَ جُعِلَ رُكْنًا فِي الْخُطْبَةِ قِيَاسًا عَلَى جَعْلِ التَّكْبِيرِ رُكْنًا فِي الصَّلَاةِ (قَوْلُهُ: وَالثَّانِي الصَّلَاةُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم) .

[فَرْعٌ] أَفْتَى شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ بِأَنَّهُ لَوْ أَرَادَ بِالصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم غَيْرَهُ لَمْ يَنْصَرِفْ عَنْهُ وَأَجْزَأَتْ. وَأَقُولُ: يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ هَذَا بِخِلَافِ مَا لَوْ قَصَدَ بِالصَّلَاةِ عَلَيْهِ غَيْرَ الْخُطْبَةِ، لِأَنَّ هَذَا صَرْفٌ عَنْ الْخُطْبَةِ وَذَاكَ عَنْ النَّبِيِّ، وَنَظِيرُهُ الصَّرْفُ عَنْ اللَّهِ أَوْ عَنْ الْيَمِينِ فِي الْأَيْمَانِ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ: أَيْ فَإِنَّهُ إنْ قَصَدَ ثَمَّ الصَّرْفَ عَنْ اللَّهِ تَعَالَى لَا يَنْصَرِفُ أَوْ عَنْ الْيَمِينِ انْصَرَفَ. أَقُولُ: وَفِيهِ أَنَّ الَّذِي لَا يَقْبَلُ الصَّرْفَ مِنْ أَسْمَائِهِ تَعَالَى هُوَ لَفْظُ الْجَلَالَةِ خَاصَّةً. وَأَمَّا الْأَلْفَاظُ الَّتِي تُطْلَقُ عَلَيْهِ وَعَلَى غَيْرِهِ فَتَقْبَلُ الصَّرْفَ، وَالْأَسْمَاءُ الَّتِي يُوصَفُ بِهَا نَبِيُّنَا عليه الصلاة والسلام كُلُّهَا تَقْبَلُ الصَّرْفَ لِلِاشْتِرَاكِ فِيهَا. اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّهَا لَمَّا اُشْتُهِرَتْ فِيهِ اشْتِهَارًا تَامًّا نَزَلَتْ مَنْزِلَةَ الْأَعْلَامِ الشَّخْصِيَّةِ الَّتِي لَا اشْتَرَاك فِيهَا (قَوْلُهُ: افْتَقَرَتْ إلَى ذِكْرِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم) أَيْ وُجُوبًا فِي الْوَاجِبِ وَنَدْبًا فِي الْمَنْدُوبِ (قَوْلُهُ: كَالْأَذَانِ وَالصَّلَاةِ) قَالَ حَجّ بَعْدَ مَا ذَكَرَ: وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ خَبَرَ «قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: وَجَعَلْت أُمَّتَك لَا تَجُوزُ عَلَيْهِمْ خُطْبَةٌ

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: وَكَكَلِمَتَيْ التَّكْبِيرِ) مَحَلُّهُ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَلَفْظُهُمَا مُتَعَيِّنٌ كَمَا هُوَ كَذَلِكَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ

ص: 312

لِلِاتِّبَاعِ وَلِأَنَّهُ الَّذِي مَضَى عَلَيْهِ السَّلَفُ وَالْخَلَفُ مِنْ زَمَنِهِ صلى الله عليه وسلم وَإِلَى عَصْرِنَا، فَلَا يُجْزِئُ الشُّكْرُ وَالثَّنَاءُ وَلَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَلَا الْمَدْحُ وَالْجَلَالُ وَالْعَظَمَةُ وَنَحْوُ ذَلِكَ. نَعَمْ لَفْظُ الْحَمْدِ مُعَرَّفًا غَيْرُ مُتَعَيِّنٍ، فَيَكْفِي نَحْمَدُ اللَّهَ وَأَحْمَدُ اللَّهَ أَوْ لِلَّهِ الْحَمْدُ وَاَللَّهَ أَحْمَدُ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ التَّعْلِيقَةِ تَبَعًا لِصَاحِبِ الْحَاوِي فِي شَرْحِ اللُّبَابِ، وَصَرَّحَ الْجِيلِيُّ بِإِجْزَاءِ أَنَا حَامِدٌ لِلَّهِ وَهُوَ الصَّحِيحُ وَإِنْ تَوَقَّفَ فِيهِ الْأَذْرَعِيُّ وَادَّعَى أَنَّ قَضِيَّةَ كَلَامِ الشَّرْحَيْنِ تُعَيِّنُ لَفْظَ الْحَمْدِ بِاللَّامِ، وَلَفْظَةُ اللَّهِ مُتَعَيِّنَةٌ، فَلَا يَكْفِي الْحَمْدُ لِلرَّحْمَنِ أَوْ الرَّحِيمِ، وَلَا يَتَعَيَّنُ لَفْظُ اللَّهُمَّ صَلِّي عَلَى مُحَمَّدٍ، وَإِنَّمَا الْمُتَعَيِّنُ صِيغَةُ صَلَاةٍ عَلَيْهِ كَأُصَّلِي أَوْ نُصَلِّي عَلَى مُحَمَّدٍ أَوْ أَحْمَدَ أَوْ الرَّسُولِ أَوْ النَّبِيِّ أَوْ الْمَاحِي أَوْ الْعَاقِبِ أَوْ الْحَاشِرِ أَوْ الْبَشِيرِ أَوْ النَّذِيرِ، فَخَرَجَ رَحِمَ اللَّهُ مُحَمَّدًا صلى الله عليه وسلم عَلَى جِبْرِيلَ وَنَحْوِهَا، وَتُسَنُّ الصَّلَاةُ عَلَى آلِهِ. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَالظَّاهِرُ أَنَّ كُلَّ مَا كَفَى مِنْهَا فِي التَّشَهُّدِ يَكْفِي هُنَا.

وَسُئِلَ الْفَقِيهُ إسْمَاعِيلُ الْحَضْرَمِيُّ: هَلْ كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي عَلَى نَفْسِهِ؟ فَقَالَ:

ــ

[حاشية الشبراملسي]

حَتَّى يَشْهَدُوا أَنَّك عَبْدِي وَرَسُولِي» قِيلَ هَذَا مِمَّا تَفَرَّدَ بِهِ الشَّافِعِيُّ وَرَدَ لِأَنَّهُ تَفَرُّدٌ صَحِيحٌ. وَلَا يُقَالُ إنَّ خُطْبَتَهُ صلى الله عليه وسلم لَيْسَتْ فِيهَا صَلَاةٌ لِأَنَّ اتِّفَاقَ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ عَلَى التَّصْلِيَةِ فِي خُطَبِهِمْ دَلِيلٌ لِوُجُوبِهَا، إذْ يَبْعُدُ الِاتِّفَاقُ عَلَى سَنِّهَا دَائِمًا اهـ (قَوْلُهُ: لِلِاتِّبَاعِ) الْمُتَبَادَرُ مِنْهُ أَنَّ الِاتِّبَاعَ عِبَارَةٌ عَنْ الِاقْتِدَاءِ بِهِ صلى الله عليه وسلم فِيمَا فَعَلَهُ، وَهُوَ الظَّاهِرُ مِنْ قَوْلِهِ: وَلِأَنَّهُ الَّذِي مَضَى عَلَيْهِ السَّلَفُ وَالْخَلَفُ، وَيَرُدُّ عَلَيْهِ قَوْلُ حَجّ السَّابِقُ وَلَا يُقَالُ إنَّ خُطْبَتَهُ صلى الله عليه وسلم لَيْسَتْ فِيمَا صَلَاةٌ إلَخْ.

وَقَوْلُهُ إذْ يَبْعُدُ الِاتِّفَاقُ عَلَى سَنِّهَا دَائِمًا دُونَ أَنْ يَقُولَ إذْ يَبْعُدُ الِاتِّفَاقُ عَلَى مَا لَمْ يَفْعَلْهُ، وَعَلَى مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ حَجّ مِنْ عَدَمِ فِعْلِهِ لَهُ صلى الله عليه وسلم يُجْعَلُ قَوْلُهُ: وَلِأَنَّهُ الَّذِي مَضَى عَلَيْهِ السَّلَفُ وَالْخَلَفُ تَفْسِيرًا لِلِاتِّبَاعِ، وَإِنْ كَانَ الظَّاهِرُ مِنْ كَلَامِ الشَّارِحِ أَنَّ الِاتِّبَاعَ عِبَارَةٌ عَنْ الِاقْتِدَاءِ بِهِ عليه الصلاة والسلام فِي فِعْلِهِ، وَقَوْلُهُ وَلِأَنَّهُ الَّذِي إلَخْ إشَارَةٌ لِحَمْلِ فِعْلِهِ الْوَارِدِ عَنْهُ عَلَى الْوُجُوبِ (قَوْلُهُ: وَاَللَّهَ أَحْمَدُ) أَيْ أَوْ اللَّهَ نَحْمَدُ (قَوْلُهُ: فِي شَرْحِ اللُّبَابِ) أَيْ وَهُوَ الْمُسَمَّى بِالْعُجَابِ وَكِلَاهُمَا لِمُصَنِّفِ الْحَاوِي، فَلَيْسَ الْمُرَادُ بِهِ لُبَابُ الْمَحَامِلِيِّ (قَوْلُهُ: وَصَرَّحَ الْجِيلِيُّ بِإِجْزَاءِ أَنَا حَامِدٌ) وَيَظْهَرُ أَنَّ مِثْلَهُ أَنِّي حَامِدٌ لِلَّهِ وَإِنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ أَوْ أَنَّ لِلَّهِ الْحَمْدَ لِاشْتِمَالِهَا عَلَى حُرُوفِ الْحَمْدِ وَمَعْنَاهُ (قَوْلُهُ: وَلَفْظَةُ اللَّهِ مُتَعَيِّنَةٌ) سَأَلَ سَائِلٌ: لِمَ تُعَيِّنُ لَفْظَ الْجَلَالَةِ فِي صِيغَةِ الْحَمْدِ فِي الْخُطْبَةِ دُونَ اسْمِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي صِيغَةِ الصَّلَاةِ بَلْ كَفَى نَحْوُ الْمَاحِي وَالْحَاشِرِ مَعَ أَنَّهُ لَمْ يَرِدْ؟ وَيُجَابُ بِأَنَّ لِلَفْظِ الْجَلَالَةِ بِالنِّسْبَةِ لِبَقِيَّةِ أَسْمَائِهِ تَعَالَى وَصِفَاتِهِ مَزِيَّةً تَامَّةً، فَإِنَّ لَهُ الِاخْتِصَاصَ التَّامَّ بِهِ تَعَالَى، وَيُفْهَمُ مِنْهُ عِنْدَ ذِكْرِهِ سَائِرَ صِفَاتِ الْكَمَالِ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ الْعُلَمَاءُ، بِخِلَافِ بَقِيَّةِ أَسْمَائِهِ تَعَالَى وَصِفَاتِهِ، وَلَا كَذَلِكَ نَحْوُ مُحَمَّدٍ مِنْ أَسْمَائِهِ عليه الصلاة والسلام انْتَهَى سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: أَوْ نُصَلِّي عَلَى مُحَمَّدٍ) أَيْ أَوْ صَلَّى اللَّهُ عَلَى مُحَمَّدٍ، وَتَقَدَّمَ فِي الصَّلَاةِ عَنْ حَجّ أَنَّ الصَّلَاةَ عَلَيْك يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّمَا تَكْفِي حَيْثُ نَوَى بِهَا الصَّلَاةَ عَلَيْهِ صلى الله عليه وسلم فَهَلْ يَأْتِي نَظِيرُهُ هُنَا أَوْ لَا وَيُفَرَّقُ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي.

وَيُفَرَّقُ بِأَنَّ الصَّلَاةَ يُحْتَاجُ لَهَا بِدَلِيلِ أَنَّهُمْ لَمْ يَكْتَفُوا فِيهَا بِجَمِيعِ أَسْمَائِهِ صلى الله عليه وسلم، بَلْ عَيَّنُوا فِيهَا مَا وَرَدَ، وَالْخُطْبَةُ لَمَّا تُوَسِّعُوا فِيهَا لَمْ يَشْتَرِطُوا فِيهَا مَا وَرَدَ فِيهَا بِخُصُوصِهِ بَلْ اكْتَفَوْا بِكُلِّ مَا كَانَ مِنْ أَسْمَائِهِ عليه الصلاة والسلام (قَوْلُهُ أَوْ الْعَاقِبِ إلَخْ) قَالَ حَجّ: وَنَحْوُهَا مِمَّا وَرَدَ وَصْفُهُ صلى الله عليه وسلم بِهِ انْتَهَى. وَتَعْبِيرُ الشَّارِحِ بِالْكَافِ يُوَافِقُهُ (قَوْلُهُ: وَتُسَنُّ الصَّلَاةُ عَلَى آلِهِ) أَيْ وَالسَّلَامُ (قَوْلُهُ: وَالظَّاهِرُ أَنَّ كُلَّ مَا كَفَى مِنْهَا) أَيْ الصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم (قَوْلُهُ: يَكْفِي هُنَا) بَلْ كَثِيرٌ مِنْ الصِّيَغِ يَكْفِي هُنَا، وَلَا يَكْفِي فِي التَّشَهُّدِ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا قَدَّمَهُ.

(قَوْلُهُ: يُصَلِّي عَلَى نَفْسِهِ) كَقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى مُحَمَّدٍ، ثُمَّ رَأَيْت فِي تَخْرِيجِ الْعَزِيزِيِّ لِلْحَافِظِ الْعَسْقَلَانِيِّ

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: أَوْ لِلَّهِ الْحَمْدُ) فِي أَخْذِ هَذَا مِنْ جُمْلَةِ هَذِهِ الْمُحْتَرَزَاتِ تَسَمُّحٌ (قَوْلُهُ: مِنْ التَّعْلِيقَةِ) أَيْ عَلَى الْحَاوِي، فَالْمُرَادُ الْحَاوِي الصَّغِيرُ بِقَرِينَةِ مَا بَعْدَهُ، وَإِنْ كَانَ الْحَاوِي إذَا أُطْلِقَ يَنْصَرِفُ لِلْكَبِيرِ

ص: 313

نَعَمْ. وَمُرَادُهُ بِقَوْلِهِ وَلَفْظُهُمَا مُتَعَيِّنٌ: أَيْ صِيغَةُ الْحَمْدِ وَالصَّلَاةِ عَلَى مَا تَقَرَّرَ، وَمَا تَقَرَّرَ مِنْ عَدَمِ إجْزَاءِ الضَّمِيرِ هُوَ الْمُعْتَمَدُ قِيَاسًا عَلَى التَّشَهُّدِ كَمَا جَزَمَ بِهِ الشَّيْخُ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ، وَظَاهِرُهُ الْعُمُومُ وَلَوْ مَعَ تَقَدَّمَ ذِكْرِهِ، وَهُوَ كَذَلِكَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْأَنْوَارِ وَجَعَلَهُ أَصْلًا مَقِيسًا عَلَيْهِ، وَاعْتَمَدَهُ الْبِرْمَاوِيُّ وَغَيْرُهُ خِلَافًا لِمَنْ وَهَمَ فِيهِ، وَلَا يُشْتَرَطُ قَصْدُ الدُّعَاءِ بِالصَّلَاةِ خِلَافًا لِلْمُحِبِّ الطَّبَرِيِّ لِأَنَّهَا مَوْضُوعَةٌ لِذَلِكَ شَرْعًا.

(وَ) الثَّالِثُ (الْوَصِيَّةُ بِالتَّقْوَى) لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ مُسْلِمٌ، وَلِأَنَّهَا الْمَقْصُودُ الْأَعْظَمُ مِنْ الْخُطْبَةِ (وَلَا يَتَعَيَّنُ لَفْظُهَا عَلَى الصَّحِيحِ) أَيْ الْوَصِيَّةُ بِالتَّقْوَى لِأَنَّ غَرَضَهَا الْوَعْظُ وَهُوَ حَاصِلٌ بِغَيْرِ لَفْظِهَا، فَيَكْفِي مَا دَلَّ عَلَى الْمَوْعِظَةِ وَلَوْ قَصِيرًا نَحْوَ أَطِيعُوا اللَّهَ وَلَا يَكْفِي اقْتِصَارُهُ فِيهَا عَلَى تَحْذِيرٍ مِنْ غُرُورِ الدُّنْيَا وَزُخْرُفِهَا، فَقَدْ يَتَوَاصَى بِهِ مُنْكِرُو الْمَعَادِ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ الْحَمْلِ عَلَى الطَّاعَةِ وَهُوَ مُسْتَلْزِمٌ لِلْحَمْلِ عَلَى الْمَنْعِ مِنْ الْمَعْصِيَةِ، وَمُقَابِلُ الصَّحِيحِ أَنَّهُ يَتَعَيَّنُ لَفْظُ الْوَصِيَّةِ قِيَاسًا عَلَى الْحَمْدِ وَالصَّلَاةِ، وَقَوْلُهُ لَا يَتَعَيَّنُ لَفْظُهَا عَلَى الصَّحِيحِ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ الْخِلَافُ مِنْ حَيْثُ مَجْمُوعُ الْوَصِيَّةِ وَالتَّقْوَى، فَلَا يُنَافِيهِ مَا حُكِيَ الْقَطْعُ فِي عَدَمِ وُجُوبِ لَفْظِ التَّقْوَى (وَهَذِهِ الثَّلَاثَةُ) الْأَرْكَانُ الْمَذْكُورَةُ (أَرْكَانٌ فِي) كُلٍّ مِنْ (الْخُطْبَتَيْنِ) اقْتِدَاءً بِالسَّلَفِ وَالْخَلَفِ وَلِانْفِصَالِ كُلِّ خُطْبَةٍ عَنْ الْأُخْرَى.

(وَالرَّابِعُ قِرَاءَةُ آيَةٍ)

ــ

[حاشية الشبراملسي]

مَا نَصُّهُ: وَلِلْأَرْبَعَةِ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ فِي خُطْبَةِ الْحَاجَةِ: وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ. نَعَمْ فِي الْبُخَارِيِّ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ لَمَّا خَفَّتْ أَزْوَادُ الْقَوْمِ، فَذَكَرَ الْحَدِيثَ فِي دُعَاءِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ثُمَّ قَالَ: أَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَأَنِّي رَسُولُ اللَّهِ، وَلَهُ شَاهِدٌ عِنْدَ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ انْتَهَى. وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لِلصَّلَاةِ عَلَيْهِ فَيُحْتَمَلُ أَنَّهَا بِالِاسْمِ الظَّاهِرِ وَبِالضَّمِيرِ (قَوْلُهُ: أَيْ صِيغَةُ الْحَمْدِ) لَمَّا كَانَ الْوَهْمُ رُبَّمَا يَذْهَبُ إلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِنَحْوِهَا نَحْوُهَا فِي الْمَادَّةِ أَوْ الْمَعْنَى فَيَكُونُ مَا لَمْ يُشَارِكْهَا فِي الْمَعْنَى أَوْ الْمَادَّةِ غَيْرَ كَافٍ، وَإِنْ وَرَدَ دَفْعُ هَذَا التَّوَهُّمِ حَجّ بِتَعَيُّنِ مَا زَادَهُ بِقَوْلِهِ مِمَّا وَرَدَ وَصْفُهُ بِهِ (قَوْلُهُ: إجْزَاءُ الضَّمِيرِ) هُوَ قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم (قَوْلُهُ وَلَا يُشْتَرَطُ قَصْدُ الدُّعَاءِ) أَيْ وَمَعَ ذَلِكَ يَحْصُلُ لَهُ الثَّوَابُ الْمُرَتَّبُ عَلَى الصَّلَاةِ عَلَيْهِ صلى الله عليه وسلم.

(قَوْلُهُ: بَلْ لَا بُدَّ مِنْ الْحَمْلِ) أَيْ مِنْ ذِكْرِ اللَّفْظِ يَدُلُّ عَلَى طَلَبِ الطَّاعَةِ. وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ اقْتَصَرَ عَلَى مَا يَدُلُّ عَلَى الْمَنْعِ عَنْ الْمَعْصِيَةِ لَمْ يَكْفِ، وَفِي حَجّ مَا يُخَالِفُهُ حَيْثُ قَالَ: بَلْ لَا بُدَّ مِنْ الْحَثِّ عَلَى الطَّاعَةِ وَالزَّجْرِ عَنْ الْمَعْصِيَةِ وَيَكْفِي أَحَدُهُمَا لِلُزُومِ الْآخَرِ لَهُ (قَوْلُهُ: عَلَى الطَّاعَةِ) أَيْ صَرِيحًا أَوْ الْتِزَامًا أَخْذًا مِنْ كَلَامِ حَجّ.

(قَوْلُهُ: وَالرَّابِعُ قِرَاءَةُ آيَةٍ) هَلْ يُجْزِئُ مَعَ لَحْنٍ يُغَيِّرُ الْمَعْنَى؟ فِيهِ نَظَرٌ. وَقَدْ يَتَّجِهُ عَدَمُ الْإِجْزَاءِ وَالتَّفْصِيلِ بَيْنَ عَاجِزٍ انْحَصَرَ الْأَمْرُ فِيهِ وَغَيْرِهِ، ثُمَّ الْمُتَّجَهُ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يُحْسِنْ شَيْئًا مِنْ الْقُرْآنِ كَانَ حُكْمُهُ كَالْمُصَلِّي الَّذِي لَمْ يُحْسِنْ الْفَاتِحَةَ، وَهَلْ يَجْرِي ذَلِكَ فِي بَقِيَّةِ الْأَرْكَانِ حَتَّى إذَا لَمْ يُحْسِنْ الْحَمْدَ أَتَى بَدَلَهُ بِذِكْرٍ أَوْ دُعَاءٍ مَثَلًا ثُمَّ وَقَفَ بِقَدْرِهِ؟ فِيهِ نَظَرٌ. وَمَالَ م ر إلَى عَدَمِ جَرَيَانِ ذَلِكَ فِي بَقِيَّةِ الْأَرْكَانِ بَلْ يَسْقُطُ الْمَعْجُوزُ عَنْهُ بِلَا بَدَلٍ، وَفِيهِ نَظَرٌ. وَعَلَى الْجُمْلَةِ فَيُفَرِّقُ بَيْنَ بَعْضِ الْخُطْبَةِ وَكُلِّهَا حَتَّى لَوْ لَمْ يُحْسِنْ الْخُطْبَةَ سَقَطَتْ كَالْجُمُعَةِ وَالْكَلَامُ حَيْثُ لَمْ يُوجَدْ آخَرُ يُحْسِنُهَا كُلَّهَا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ اهـ سم عَلَى حَجّ.

[فَرْعٌ] مَنْ دَخَلَ وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ بِنِيَّةِ التَّحِيَّةِ أَوْ نَحْوِ الرَّاتِبَةِ أَوْ صَلَّى فَائِتَةً بِشَرْطِ أَنْ تَكُونَ رَكْعَتَيْنِ م ر، ثُمَّ مَرَّةً أُخْرَى قَالَ: لَوْ كَانَ مَحَلُّ الْخُطْبَةِ غَيْرَ الْمَسْجِدِ لَا صَلَاةَ. وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ قَالَ: إذَا دَخَلَ حَالَ الْخُطْبَةِ، فَإِنْ كَانَ الْمَكَانُ مَسْجِدًا صَلَّى التَّحِيَّةَ أَوْ رَكْعَتَيْنِ رَاتِبَةً أَوْ نَحْوَ فَائِتَةٍ. وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَسْجِدًا جَلَسَ وَلَا صَلَاةَ مُطْلَقًا اهـ فَلْيُرَاجَعْ. وَفِي شَرْحِ الْمِنْهَاجِ لِشَيْخِنَا مَنْعُ رَكْعَتَيْنِ غَيْرَ الرَّاتِبَةِ وَالسُّكُوتُ فِي غَيْرِ الْمَسْجِدِ فَلْيُحَرَّرْ.

[فَرْعٌ] هَلْ تَوَابِعُ الْخُطْبَةِ الَّتِي جَرَتْ الْعَادَةُ بِالْإِتْيَانِ بِهَا عَقِبَ الْفَرَاغِ مِنْ الْأَرْكَانِ لَهَا حُكْمُ الْخُطْبَةِ فِي امْتِنَاعِ الصَّلَاةِ حِينَئِذٍ وَفِي حُرْمَةِ الْكَلَامِ عَلَى الْقَوْلِ بِهِ أَوَّلًا لِانْقِضَاءِ الْخُطْبَةِ بِانْقِضَاءِ أَرْكَانِهَا. ذَهَبَ شَيْخُنَا حَجّ إلَى الثَّانِي،

ــ

[حاشية الرشيدي]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ص: 314

لِلِاتِّبَاعِ، رَوَاهُ الشَّيْخَانِ وَإِذَا احْتَمَلَ قَوْلُهُ عليه الصلاة والسلام الْوُجُوبَ وَالنَّدْبَ وَلَا قَرِينَةَ حُمِلَ عَلَى الْوُجُوبِ فِي الْأَرْجَحِ وَسَوَاءٌ أَكَانَتْ الْآيَةُ وَعْدًا أَمْ وَعِيدًا أَمْ حُكْمًا أَمْ قِصَّةً. نَعَمْ قَالَ الْإِمَامُ: إنَّهُ لَا يَبْعُدُ الِاكْتِفَاءُ بِشَطْرِ آيَةٍ طَوِيلَةٍ وَيَنْبَغِي اعْتِمَادُهُ وَإِنْ قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ الْمَشْهُورُ الْجَزْمُ بِاشْتِرَاطِ آيَةٍ، وَيُؤَيِّدُ الْأَوَّلَ قَوْلُ الْبُوَيْطِيِّ: وَيَقْرَأُ شَيْئًا مِنْ الْقُرْآنِ، أَمَّا نَحْوُ {ثُمَّ نَظَرَ} [المدثر: 21] فَلَا يَكْفِي بِهَا وَإِنْ كَانَتْ آيَةً لِعَدَمِ إفْهَامِهَا، وَلِهَذَا قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ: إنَّهُ لَا خِلَافَ فِيهِ. نَعَمْ يَكْفِي أَنْ تَكُونَ (فِي إحْدَاهُمَا) إذْ الثَّابِتُ الْقِرَاءَةُ فِي الْخُطْبَةِ مِنْ غَيْرِ تَعْيِينٍ، وَإِطْلَاقُهُمْ يَقْتَضِي الِاكْتِفَاءَ بِمَنْسُوخِ الْحُكْمِ وَعَدَمَ الِاكْتِفَاءِ بِمَنْسُوخِ التِّلَاوَةِ وَيُسَنُّ جَعْلُهَا فِي الْأُولَى بَعْدَ فَرَاغِهَا كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ، وَقِرَاءَةُ " ق " فِي الْأُولَى فِي كُلِّ جُمُعَةٍ لِلِاتِّبَاعِ، رَوَاهُ مُسْلِمٌ. قَالَ فِي شَرْحِهِ: فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى نَدْبِ قِرَاءَتِهَا أَوْ بَعْضِهَا فِي خُطْبَةِ كُلِّ جُمُعَةٍ، وَلَا يُشْتَرَطُ رِضَا الْحَاضِرِينَ كَمَا لَمْ يَشْتَرِطُوهُ فِي قِرَاءَةِ الْجُمُعَةِ وَالْمُنَافِقِينَ فِي الصَّلَاةِ وَإِنْ كَانَتْ السُّنَّةُ التَّخْفِيفَ، وَلَا يُجْزِي آيَاتٌ تَشْتَمِلُ عَلَى الْأَرْكَانِ كُلِّهَا: أَيْ مَا عَدَا الصَّلَاةَ هُنَا عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، إذْ لَيْسَ لَنَا آيَةٌ تَشْتَمِلُ عَلَى ذَلِكَ لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يُسَمَّى خُطْبَةً، فَإِنْ أَتَى بِالْحَمْدِ مَثَلًا ضِمْنَ آيَةٍ أَجْزَأَتْ عَنْهُ دُونَ الْقِرَاءَةِ لِئَلَّا يَتَدَاخَلَا، فَإِنْ قَصَدَهُمَا بِآيَةٍ أَجْزَأَ عَنْ الْقِرَاءَةِ فَقَطْ كَمَا لَوْ قَصَدَ الْقِرَاءَةَ وَحْدَهَا، وَتَضْمِينُ الْآيَاتِ لِنَحْوِ الْخُطَبِ كَرِهَهُ جَمَاعَةٌ وَرَخَّصَ فِيهِ آخَرُونَ فِي الْخُطْبَةِ وَالْمَوَاعِظِ وَهُوَ أَوْجَهُ (وَقِيلَ) تَتَعَيَّنُ (فِي الْأُولَى) فَلَا تَكْفِي فِي الثَّانِيَةِ (وَقِيلَ) تَتَعَيَّنُ (فِيهِمَا) أَيْ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا (وَقِيلَ لَا تَجِبُ)

ــ

[حاشية الشبراملسي]

وَالْأَوَّلُ مُحْتَمَلٌ وَقَرِيبٌ، وَذَهَبَ إلَيْهِ م ر وَيُؤَيِّدُهُ وِفَاقًا أَنَّهُ لَوْ طَالَتْ التَّوَابِعُ لَمْ يُقْطَعْ الْوَلَاءُ الْمُشْتَرَطُ بَيْنَ الْخُطْبَةِ وَالصَّلَاةِ، وَلَوْلَا أَنَّ لَهُ حُكْمَهَا لَقُطِعَ إلَّا أَنْ يَلْتَزِمَ شَيْخُنَا الْقَطْعَ عِنْدَ الطُّولِ فَلْيُتَأَمَّلْ. ثُمَّ رَأَيْت م ر فِي شَرْحِ الْمِنْهَاجِ قَالَ: وَلَا أَيْ وَلَا يَحْرُمُ الْكَلَامُ حَالَ الدُّعَاءِ لِلْمُلُوكِ عَلَى مَا فِي الْمُرْشِدِ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: لِلِاتِّبَاعِ) أَيْ مَعَ قَوْلِهِ «صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي» ، وَهَذَا الْقَوْلُ يَحْتَمِلُ الْوُجُوبَ وَالنَّدْبَ، وَلَعَلَّهُ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ وَإِذَا احْتَمَلَ إلَخْ (قَوْلُهُ: أَمْ حُكْمًا) بِضَمِّ الْحَاءِ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِهِ مَنْسُوخًا أَمْ لَا كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: بِشَطْرِ آيَةٍ طَوِيلَةٍ) وَبَقِيَ مَا لَوْ كَانَتْ آيَةً عِنْدَ بَعْضِ الْقُرَّاءِ وَغَيْرَ آيَةٍ عِنْدَ بَعْضٍ آخَرَ، فَهَلْ تَكْفِي لِأَنَّهَا آيَةٌ عِنْدَ الْبَعْضِ الْأَوَّلِ وَالْمَقْصُودُ مِنْ الْإِفْهَامِ حَاصِلٌ بِهَا عِنْدَهُمْ أَوْ لَا لِأَنَّهَا غَيْرُ آيَةٍ عِنْدَ الْبَعْضِ الثَّانِي؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ لِأَنَّ الْقَوْلَ بِأَنَّهَا بَعْضٌ لَا يَنْفِي أَنَّهُ حَصَلَ بِهَا الْإِفْهَامُ وَبَعْضُ الْآيَةِ كَافٍ. نَعَمْ يَأْتِي التَّرَدُّدُ فِيهِ عَلَى مَا قَالَهُ حَجّ مِنْ أَنَّ بَعْضَ الْآيَةِ لَا يَكْفِي، وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْأَقْرَبُ عَدَمَ الِاكْتِفَاءِ أَيْضًا.

(قَوْلُهُ: وَيَنْبَغِي اعْتِمَادُهُ) خِلَافًا لحج (قَوْلُهُ: نَعَمْ يَكْفِي إلَخْ) أَشْعَرَ هَذَا التَّقْدِيرُ بِأَنَّهُ لَا يَكْفِي قِرَاءَةُ بَعْضِهَا فِي الْأُولَى وَبَعْضِهَا فِي الثَّانِيَةِ وَهُوَ ظَاهِرٌ، لَكِنَّ قَضِيَّةَ قَوْلِ الشَّارِحِ الْمَنْهَجَ وَلَوْ فِي إحْدَاهُمَا خِلَافُهُ، وَقَدْ يُقَالُ: إنَّ مَا فِي الْمَنْهَجِ قَصَدَ بِهِ الرَّدَّ عَلَى الْقَائِلِ بِتَعَيُّنِهَا فِي الْأُولَى أَوْ بِقِرَاءَةِ آيَتَيْنِ فِيهِمَا (قَوْلُهُ: أَنْ تَكُونَ فِي إحْدَاهُمَا) قَالَ فِي الْعُبَابِ: وَتُجْزِئُ قَبْلَهُمَا وَبَعْدَهُمَا وَبَيْنَهُمَا انْتَهَى. وَهُوَ ظَاهِرٌ لِعَدَمِ اشْتِرَاطِ التَّرْتِيبِ بَيْنَ الْآيَةِ وَشَيْءٍ مِنْ الْأَرْكَانِ، فَكُلُّ مَوْضِعٍ أَتَى بِهَا فِيهِ أَجْزَأَتْهُ (قَوْلُهُ: بِمَنْسُوخِ التِّلَاوَةِ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: وَقِرَاءَةُ " ق ") أَيْ بِتَمَامِهَا، وَقَوْلُهُ فِي الْأُولَى: أَيْ فِي الْخُطْبَةِ الْأُولَى بَدَلَ الْآيَةِ. وَعِبَارَةُ حَجّ: بَلْ تُسَنُّ بَعْدَ فَرَاغِهَا: أَيْ الْخُطْبَةِ الْأُولَى سُورَةُ " ق " دَائِمًا لِلِاتِّبَاعِ، وَيَكْفِي فِي أَصْلِ السُّنَّةِ قِرَاءَةُ بَعْضِهَا انْتَهَى (قَوْلُهُ لِئَلَّا يَتَدَاخَلَا) إطْلَاقُهُ شَامِلٌ لِمَا لَوْ قَصَدَ الْحَمْدَ وَحْدَهُ أَوْ أَطْلَقَ، وَسَيَأْتِي عَنْ حَجّ مَا يُخَالِفُهُ فِي الْإِطْلَاقِ، وَنَقَلَهُ عَنْهُ الزِّيَادِيُّ وَلَمْ يَتَعَقَّبْهُ (قَوْلُهُ: فَإِنْ قَصَدَهُمَا بِآيَةٍ أَجْزَأَ) أَيْ مَا قَرَأَهُ (قَوْلُهُ: كَمَا لَوْ قَصَدَ الْقِرَاءَةَ وَحْدَهَا) أَيْ أَوْ أَطْلَقَ (قَوْلُهُ: وَهُوَ أَوْجَهُ) بَلْ قَالَ حَجّ: إذْ الْحَقُّ أَنَّ تَضْمِينَ ذَلِكَ

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: وَإِذَا احْتَمَلَ قَوْلُهُ: وقَوْله تَعَالَى) الْمُرَادُ: هُنَا إتْيَانُهُ بِالْآيَةِ فِي الْخُطْبَةِ فَلَوْ عَبَّرَ بِفِعْلِهِ كَمَا عَبَّرَ بِهِ فِي جَمْعِ الْجَوَامِعِ لَكَانَ أَوْضَحَ (قَوْلُهُ: أَمَّا نَحْوُ {ثُمَّ نَظَرَ} [المدثر: 21] لَا مَوْقِعَ لِلتَّعْبِيرِ بِأَمَّا هُنَا وَكَأَنَّهُ تَوَهَّمَ أَنَّهُ قَدَّمَ تَقْيِيدَ الْآيَةِ بِالْمُفْهِمَةِ كَمَا فَعَلَ غَيْرُهُ فَأَخَذَ هَذَا مَفْهُومًا لَهُ أَوْ أَنَّهُ قَيْدٌ، وَأَسْقَطَهُ النُّسَّاخُ (قَوْلُهُ: وَلِهَذَا قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ) يَنْبَغِي إسْقَاطُ لَفْظِ لِهَذَا.

ص: 315

فِي وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا بَلْ تُسَنُّ وَسَكَتُوا عَنْ مَحَلِّهِ، وَيُقَاسُ بِمَحَلِّ الْوُجُوبِ.

(وَالْخَامِسُ مَا يَقَعُ عَلَيْهِ اسْمُ دُعَاءِ الْمُؤْمِنِينَ) بِأُخْرَوِيٍّ لَا دُنْيَوِيٍّ وَيَكُونُ (فِي الثَّانِيَةِ) لِاتِّبَاعِ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ وَلِأَنَّ الدُّعَاءَ يَلِيقُ بِالْخَوَاتِيمِ، وَالْمُرَادُ بِالْمُؤْمِنِينَ الْجِنْسُ الشَّامِلُ لِلْمُؤْمِنَاتِ وَبِهِمَا عَبَّرَ فِي الْوَسِيطِ وَفِي التَّنْزِيلِ {وَكَانَتْ مِنَ الْقَانِتِينَ} [التحريم: 12] وَجَرَى عَلَيْهِ الْقَاضِي حُسَيْنٌ وَالْفُورَانِيُّ، وَعِبَارَةُ الِانْتِصَارِ: وَيَجِبُ الدُّعَاءُ لِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَلَوْ خَصَّ الْحَاضِرِينَ فَقَالَ رَحِمَكُمْ اللَّهُ كَفَى، وَالْأَوْجَهُ عَدَمُ الِاكْتِفَاءِ بِتَخْصِيصِهِ بِالْغَائِبِينَ. وَجَزَمَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ فِي الْأَمَالِي وَالْغَزَالِيُّ بِتَحْرِيمِ الدُّعَاءِ لِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِمَغْفِرَةِ جَمِيعِ ذُنُوبِهِمْ وَبِعَدَمِ دُخُولِهِمْ النَّارَ، لِأَنَّا نَقْطَعُ بِخَبَرِ اللَّهِ تَعَالَى وَخَبَرِ رَسُولِهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّ فِيهِمْ مَنْ يَدْخُلُ النَّارَ، وَأَمَّا الدُّعَاءُ بِالْمَغْفِرَةِ فِي قَوْله تَعَالَى حِكَايَةً عَنْ نُوحٍ {رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِمَنْ دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِنًا وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ} [نوح: 28] وَنَحْوُ ذَلِكَ فَإِنَّهُ وَرَدَ بِصِيغَةِ الْفِعْلِ فِي سِيَاقِ الْإِثْبَاتِ، وَذَلِكَ لَا يَقْتَضِي الْعُمُومَ لِأَنَّ الْأَفْعَالَ نَكِرَاتٌ، وَلِجَوَازِ قَصْدٍ مَعْهُودٍ خَاصٍّ وَهُوَ أَهْلُ زَمَانِهِ مَثَلًا (وَقِيلَ لَا يَجِبُ) لِعَدَمِ وُجُوبِهِ فِي غَيْرِ الْخُطْبَةِ كَكَذَا فِيهَا كَالتَّسْبِيحِ، بَلْ يُسَنُّ وَلَا بَأْسَ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ وَالْمَجْمُوعِ بِالدُّعَاءِ لِلسُّلْطَانِ بِعَيْنِهِ إنْ لَمْ يَكُنْ فِي وَصْفِهِ مُجَازَفَةٌ قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ: وَلَا يَجُوزُ وَصْفُهُ بِالْأَوْصَافِ الْكَاذِبَةِ إلَّا لِضَرُورَةٍ. وَيُسَنُّ الدُّعَاءُ لِأَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ وَوُلَاةِ أُمُورِهِمْ بِالصَّلَاحِ وَالْإِعَانَةِ عَلَى الْحَقِّ وَالْقِيَامِ بِالْعَدْلِ وَنَحْوِ ذَلِكَ. .

ــ

[حاشية الشبراملسي]

وَالِاقْتِبَاسَ مِنْهُ وَلَوْ فِي شِعْرٍ جَائِزٌ وَإِنْ غَيَّرَ نَظْمَهُ، وَمِنْ ثَمَّ اقْتَضَى كَلَامُ صَاحِبِ الْبَيَانِ وَغَيْرِهِ أَنَّهُ لَا مَحْظُورَ فِي أَنْ يُرَادَ بِالْقُرْآنِ غَيْرُهُ كَادْخُلُوهَا بِسَلَامٍ لِمُسْتَأْذِنٍ. نَعَمْ إنْ كَانَ ذَلِكَ فِي نَحْوِ مُجُونِ حَرُمَ، بَلْ رُبَّمَا أَفْضَى إلَى كُفْرٍ انْتَهَى. وَيَنْبَغِي أَنْ يَلْحَقَ بِالْقُرْآنِ فِيمَا ذَكَرَهُ الْأَحَادِيثُ وَالْأَذْكَارُ وَالْأَدْعِيَةُ.

(قَوْلُهُ: وَيَكُونُ فِي الثَّانِيَةِ) أَيْ وُجُوبًا (قَوْلُهُ: وَالْمُرَادُ بِالْمُؤْمِنِينَ الْجِنْسُ) هَذَا يَقْتَضِي أَنَّهُ لَوْ خَصَّ الْمُؤْمِنَاتِ بِالدُّعَاءِ كَفَى لِتَصَدُّقِ الْجِنْسِ بِهِنَّ لَكِنَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ (قَوْلُهُ وَفِي التَّنْزِيلِ) اسْتِدْلَالًا عَلَى أَنَّهُ يَصِحُّ أَنْ يُرَادَ بِصِيغَةِ الذُّكُورِ مَا يَشْمَلُ الْإِنَاثَ انْتَهَى سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: فَقَالَ رَحِمَكُمْ اللَّهُ كَفَى) وَلَا بُدَّ مِنْ عَدَمِ صَرْفِهِ، فَلَوْ صَرَفَ ذَلِكَ لِلرَّحْمَةِ الدُّنْيَوِيَّةِ لَمْ يَكْفِ (قَوْلُهُ: بِتَحْرِيمِ الدُّعَاءِ لِلْمُؤْمِنِينَ) أَيْ لِجَمِيعِ الْمُؤْمِنِينَ (قَوْلُهُ: بِمَغْفِرَةِ جَمِيعِ ذُنُوبِهِمْ) قَالَ الزَّيْنُ الْعِرَاقِيُّ بَعْدَ مِثْلِ مَا ذَكَرَ: وَهَذَا مَرْدُودٌ بِعِلَّتِهِ لِوُرُودِ ذَلِكَ عَنْ الْخَلَفِ وَالسَّلَفِ، وَخُرُوجُهُمْ مِنْ النَّارِ إنَّمَا هُوَ بِالْمَغْفِرَةِ وَالرَّحْمَةِ، فَلَا مَانِعَ مِنْ تَعْمِيمِ الدُّعَاءِ بِذَلِكَ انْتَهَى حَجّ فِي الْإِيعَابِ. وَيُجَابُ بِأَنَّ مَا تَمَسَّكَ بِهِ لَا يَصْلُحُ رَدًّا عَلَى الْغَزَالِيِّ فِيمَا ذَكَرَهُ بِأَنَّ مَنْ خَرَجَ مِنْ النَّارِ بِالْمَغْفِرَةِ لَمْ يُغْفَرْ لَهُ جَمِيعُ ذَنْبِهِ، إذْ لَوْ غُفِرَ الْجَمِيعُ لَمْ تَمَسَّهُ النَّارُ وَلَا دَخَلَهَا، وَاَلَّذِي مَنَعَهُ الْغَزَالِيُّ إنَّمَا هُوَ مَغْفِرَةُ جَمِيعِ الذُّنُوبِ لِكُلِّ مُؤْمِنٍ بِحَيْثُ لَا تَمَسُّ النَّارُ وَاحِدًا مِنْهُمْ (قَوْلُهُ: وَلِجَوَازِ قَصْدِ مَعْهُودٍ خَاصٍّ) جَوَابٌ ثَانٍ عُطِفَ عَلَى مَضْمُونِ قَوْلِهِ فَإِنْ وَرَدَ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَيُسَنُّ الدُّعَاءُ لِأَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ) أَيْ فِي الْخُطْبَةِ الثَّانِيَةِ وَتَحْصُلُ السُّنَّةُ بِفِعْلِهِ فِي الْأُولَى أَيْضًا، لَكِنْ فِي الثَّانِيَةِ أَوْلَى لِمَا

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: وَالْمُرَادُ بِالْمُؤْمِنِينَ الْجِنْسُ الشَّامِلُ لِلْمُؤْمِنَاتِ) أَيْ فَيَجِبُ التَّعَرُّضُ لَهُنَّ مَعَهُمْ كَمَا يُصَرِّحُ بِذَلِكَ قَوْلُهُ: وَبِهِمَا عَبَّرَ فِي الْوَسِيطِ: أَيْ فَقَالَ لِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ، وَأَصْرَحُ مِنْهُ فِي ذَلِكَ قَوْلُهُ: وَعِبَارَةُ الِانْتِصَارِ إلَخْ، إذْ هُوَ نَصٌّ فِي أَنَّهُ عِبَارَةٌ عَمَّا أَرَادَهُ بِالْجِنْسِ، وَمِثْلُهُ قَوْلُ الْقَاضِي أَبِي الطَّيِّبِ: وَيَسْتَغْفِرُ فِي الثَّانِيَةِ لِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: إنَّهُ يُشْعِرُ بِوُجُوبِ التَّعَرُّضِ لِلْمُؤْمِنَاتِ وَإِنْ لَمْ يَحْضُرْنَ اهـ.

لَكِنْ فِي حَوَاشِي الْمَنْهَجِ لِلشِّهَابِ سم مَا نَصُّهُ: قَوْلُهُ: وَالْمُرَادُ بِالْمُؤْمِنِينَ الْجِنْسُ هَلْ يَجِبُ هَذَا الْمُرَادُ حَتَّى لَوْ خَصَّ الذُّكُورَ لَمْ يَكْفِ؟ قَالَ م ر: لَا يَجِبُ. أَقُولُ: وَيَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُمْ لَوْ خَصَّ السَّامِعِينَ فَقَالَ رَحِمَكُمْ اللَّهُ كَفَى. اهـ. وَقَدْ لَا يَكُونُ فِي السَّامِعِينَ مُؤْمِنَاتٌ. اهـ مَا فِي الْحَاشِيَةِ. وَقَدْ فَهِمَ شَيْخُنَا فِي حَاشِيَتِهِ طِبْقَ مَا فَهِمَهُ الشِّهَابُ الْمَذْكُورُ فَجَزَمَ بِهِ مِنْ غَيْرِ تَرَدُّدٍ فَلْيُحَرَّرْ

ص: 316

ثُمَّ شَرَعَ فِي ذِكْرِ شُرُوطِ الْخُطْبَتَيْنِ وَهِيَ تِسْعَةٌ فَقَالَ (وَيُشْتَرَطُ كَوْنُهَا) أَيْ الْخُطْبَةُ وَالْمُرَادُ بِهَا الْجِنْسُ الشَّامِلُ لِلْخُطْبَتَيْنِ كَمَا أَنَّ الْمُرَادَ بِهِمَا أَرْكَانُهُمَا (عَرَبِيَّةً) لِاتِّبَاعِ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ وَلِأَنَّهَا ذِكْرٌ مَفْرُوضٌ فَاشْتُرِطَ فِيهِ ذَلِكَ كَتَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ، فَإِنْ أَمْكَنَ تَعَلُّمُهَا خُوطِبَ بِهِ الْجَمِيعُ فَرْضَ كِفَايَةٍ وَإِنْ زَادُوا عَلَى الْأَرْبَعِينَ، فَإِنْ لَمْ يَفْعَلُوا عَصَوْا وَلَا جُمُعَةَ لَهُمْ بَلْ يُصَلُّونَ الظُّهْرَ. وَأَجَابَ الْقَاضِي عَنْ سُؤَالِ: مَا فَائِدَةُ الْخُطْبَةِ بِالْعَرَبِيَّةِ إذَا لَمْ يَعْرِفْهَا الْقَوْمُ؟ بِأَنَّ فَائِدَتَهَا الْعِلْمُ بِالْوَعْظِ مِنْ حَيْثُ الْجُمْلَةِ، وَيُوَافِقُهُ قَوْلُ الشَّيْخَيْنِ فِيمَا إذَا سَمِعُوا الْخُطْبَةَ وَلَمْ يَعْرِفُوا مَعْنَاهَا أَنَّهَا تَصِحُّ، وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ تَعَلُّمُهَا خَطَبَ وَاحِدٌ بِلُغَتِهِ وَإِنْ لَمْ يَعْرِفْهَا الْقَوْمُ، فَإِنْ لَمْ يُحْسِنْ أَحَدٌ مِنْهُمْ التَّرْجَمَةَ فَلَا جُمُعَةَ لَهُمْ لِانْتِفَاءِ شَرْطِهَا. وَيُشْتَرَطُ عَلَى خِلَافِ الْمُعْتَمَدِ الْآتِي قَرِيبًا كَوْنُهَا (مُرَتَّبَةَ الْأَرْكَانِ الثَّلَاثَةِ الْأُولَى) عَلَى التَّرْتِيبِ الْمَارِّ، فَيَبْدَأُ بِحَمْدِ اللَّهِ، ثُمَّ بِالصَّلَاةِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، ثُمَّ بِالْوَصِيَّةِ بِالتَّقْوَى عَلَى مَا صَحَّحَهُ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ وَلَمْ يُصَحِّحْ فِي الْكَبِيرِ شَيْئًا، وَسَيَأْتِي فِي زِيَادَةِ الْمُصَنِّفِ تَصْحِيحُ عَدَمِ اشْتِرَاطِ ذَلِكَ، وَلَا يُشْتَرَطُ تَرْتِيبٌ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

قَدَّمَهُ مِنْ أَنَّ الدُّعَاءَ أَلْيَقُ بِالْخَوَاتِيمِ.

(قَوْلُهُ: كَمَا أَنَّ الْمُرَادَ بِهِمَا أَرْكَانُهُمَا) يُفِيدُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ مَا بَيْنَ أَرْكَانِهِمَا بِغَيْرِ الْعَرَبِيَّةِ لَمْ يَضُرَّ، وَيَجِبُ وِفَاقًا لِ م ر أَنَّ مَحَلَّهُ إذَا لَمْ يَطُلْ الْفَصْلُ بِغَيْرِ الْعَرَبِيِّ وَإِلَّا ضَرَّ لِإِخْلَالِهِ بِالْمُوَالَاةِ كَالسُّكُوتِ بَيْنَ الْأَرْكَانِ إذَا طَالَ بِجَامِعِ أَنَّ غَيْرَ الْعَرَبِيِّ لَغْوٌ لَا يُحْسَبُ، لِأَنَّ غَيْرَ الْعَرَبِيِّ لَا يُجْزِئُ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى الْعَرَبِيِّ فَهُوَ لَغْوٌ انْتَهَى سم عَلَى مَنْهَجٍ. وَالْقِيَاسُ عَدَمُ الضَّرَرِ مُطْلَقًا، وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ السُّكُوتِ بِأَنَّ فِي السُّكُوتِ إعْرَاضًا عَنْ الْخُطْبَةِ بِالْكُلِّيَّةِ، بِخِلَافِ غَيْرِ الْعَرَبِيِّ فَإِنَّ فِيهِ وَعْظًا فِي الْجُمْلَةِ فَلَا يَخْرُجُ بِذَلِكَ عَنْ كَوْنِهِ مِنْ الْخُطْبَةِ [فَرْعٌ] هَلْ يُشْتَرَطُ فِي الْخُطْبَةِ تَمْيِيزُ فُرُوضِهَا مِنْ سُنَنِهَا؟ فِيهِ مَا فِي الصَّلَاةِ فِي الْعَامِّيِّ وَغَيْرِهِ مِنْ التَّفْصِيلِ الْمُقَرَّرِ عَنْ فَتَاوَى الْغَزَالِيِّ وَغَيْرِهِ انْتَهَى سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: فَإِنْ أَمْكَنَ تَعَلُّمهَا) أَيْ وَلَوْ بِالسَّفَرِ إلَى فَوْقِ مَسَافَةِ الْقَصْرِ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا تَقَدَّمَ فِي تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَعْرِفْهَا الْقَوْمُ) قَضِيَّتُهُ أَنَّ الْخَطِيبَ لَوْ أَحْسَنَ لُغَتَيْنِ غَيْرَ عَرَبَتَيْنِ كَرُومِيَّةٍ وَفَارِسِيَّةٍ مَثَلًا وَبَاقِي الْقَوْمِ يُحْسِنُ إحْدَاهُمَا فَقَطْ أَنَّ لِلْخَطِيبِ أَنْ يَخْطُبَ بِاللُّغَةِ الَّتِي لَا يُحْسِنُونَهَا، وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُهُ: وَأَجَابَ الْقَاضِي عَنْ سُؤَالِ مَا فَائِدَةُ الْخُطْبَةِ بِالْعَرَبِيَّةِ إلَخْ. وَنُقِلَ عَنْ الزِّيَادِيِّ مَا يُوَافِقُهُ، وَفِيهِ نَظَرٌ، بَلْ الظَّاهِرُ أَنَّ الْخُطْبَةَ لَا تُجْزِئُ إلَّا بِاللُّغَةِ الَّتِي يُحْسِنُهَا الْقَوْمُ، وَلَا يُعَارِضُهُ صِحَّةُ الْخُطْبَةِ بِالْعَرَبِيَّةِ بَلْ وُجُوبُهَا بِهَا حَيْثُ أَحْسَنَهَا دُونَهُمْ لِأَنَّهَا الْأَصْلُ فَوَجَبَتْ مُرَاعَاتُهُ، بِخِلَافِ غَيْرِهَا مِنْ اللُّغَاتِ فَحَيْثُ وُجِدَ لِبَعْضِهَا مُرَجِّحٌ كَفَهْمِ الْقَوْمِ لَهَا قُدِّمَ عَلَى غَيْرِهِ وَيُؤَيِّدُ ذَلِكَ مَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ عَلَى مَا نَقَلَهُ عَنْهُ عَمِيرَةُ بِنَاءً عَلَى عَدَمِ اشْتِرَاطِ كَوْنِهَا بِالْعَرَبِيَّةِ مِنْ قَوْلِهِ لَعَلَّهُ إذَا عَلِمَ الْقَوْمُ ذَلِكَ اللِّسَانَ (قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يُحْسِنْ أَحَدٌ مِنْهُمْ التَّرْجَمَةَ) أَيْ عَنْ شَيْءٍ مِنْ أَرْكَانِ الْخُطْبَةِ كَمَا تَقَدَّمَ عَنْ سم فِي قَوْلِهِ: حَتَّى لَوْ لَمْ يُحْسِنْ الْخُطْبَةَ سَقَطَتْ كَالْجُمُعَةِ (قَوْلُهُ وَيُشْتَرَطُ) عَلَى خِلَافِ الْمُعْتَمَدِ الْآتِي وَلِذَا لَمْ يَعُدَّهُ شَرْطًا ثَانِيًا (قَوْلُهُ: مَرْتَبَةَ الْأَرْكَانِ الثَّلَاثَةِ) . [فَرْعٌ] أَفْتَى شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ فِيمَا لَوْ ابْتَدَأَ الْخَطِيبُ سَرْدَ الْأَرْكَانِ مُخْتَصَرَةً ثُمَّ أَعَادَهَا مَبْسُوطَةً كَمَا اُعْتِيدَ الْآنَ كَأَنْ قَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ وَالصَّلَاةُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ، أُوصِيكُمْ بِتَقْوَى اللَّهِ، الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي إلَخْ بِأَنَّهُ إنْ قَصَّرَ مَا أَعَادَهُ بِحَيْثُ لَمْ يَعُدْ فَصْلًا مُضِرًّا حُسِبَ مَا أُتِيَ بِهِ أَوَّلًا مِنْ سَرْدِ الْأَرْكَانِ وَإِلَّا حُسِبَ مَا أَعَادَهُ وَأُلْغِيَ مَا سَرَدَهُ أَوَّلًا. وَأَقُولُ: كَانَ يَجُوزُ أَنْ يَعْتَدَّ بِمَا أَتَى بِهِ أَوَّلًا مُطْلَقًا: أَيْ طَالَ الْفَصْلُ أَمْ لَا، لِأَنَّ مَا أَتَى بِهِ ثَانِيًا بِمَنْزِلَةِ إعَادَةِ الشَّيْءِ لِلتَّأْكِيدِ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ تَكْرِيرِ الرُّكْنِ وَذَلِكَ لَا يُؤَثِّرُ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ. وَيُؤْخَذُ مِنْ هَذَا تَقْيِيدُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ عَدَمِ إجْزَاءِ الضَّمِيرِ وَلَوْ مَعَ تَقَدُّمِ ذِكْرِهِ بِمَا إذَا لَمْ يَسْرُدْ الْخَطِيبُ الْأَرْكَانَ أَوَّلًا وَإِلَّا أَجْزَأَ وَهُوَ ظَاهِرٌ فَاحْفَظْهُ فَإِنَّهُ مُهِمٌّ، وَقَوْلُهُ بِمَنْزِلَةِ إعَادَةِ الشَّيْءِ لِلتَّأْكِيدِ يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ صَرَفَهَا بِغَيْرِ الْخُطْبَةِ لَمْ يُعْتَدَّ بِهِ.

[فَرْعٌ] لَوْ لَحَنَ فِي الْأَرْكَانِ لَحْنًا يُغَيِّرُ الْمَعْنَى أَوْ أَتَى بِمَحَلٍّ آخَرَ كَإِظْهَارِ لَامِ الصَّلَاةِ هَلْ يَضُرُّ كَمَا فِي التَّشَهُّدِ

ــ

[حاشية الرشيدي]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ص: 317