المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌أفضل الجماعة بعد الجمعة - نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج - جـ ٢

[الرملي، شمس الدين]

فهرس الكتاب

- ‌[بَابٌ يَشْتَمِلُ عَلَى شُرُوطِ الصَّلَاةِ وَمَوَانِعِهَا]

- ‌[مِنْ شُرُوط الصَّلَاة سَتْرُ الْعَوْرَةِ]

- ‌عَوْرَةُ الرَّجُلِ)

- ‌[عَوْرَةُ الْحُرَّةِ]

- ‌[مِنْ شُرُوطِ الصَّلَاة الطَّهَارَةُ مِنْ الْحَدَثِ الْأَصْغَرِ]

- ‌[مِنْ شُرُوطُ الصَّلَاةِ طَهَارَةُ النَّجَسِ فِي الثَّوْبِ وَالْبَدَنِ وَالْمَكَانِ]

- ‌(تَبْطُلُ) الصَّلَاةُ (بِالنُّطْقِ) عَمْدًا بِكَلَامِ مَخْلُوقٍ

- ‌[فَصْلٌ فِي مُبْطِلَاتِ الصَّلَاةِ وَسُنَنِهَا وَمَكْرُوهَاتِهَا] [

- ‌لَا تَبْطُلُ) الصَّلَاةُ (بِالذِّكْرِ وَالدُّعَاءِ)

- ‌[رَدُّ السَّلَامِ فِي الصَّلَاة]

- ‌[لَا تَجِبُ إجَابَةُ الْأَبَوَيْنِ فِي الصَّلَاةِ]

- ‌[بُطْلَانُ الصَّلَاة بِالْوَثْبَةِ الْفَاحِشَةِ]

- ‌[بُطْلَانُ الصَّلَاة بِقَلِيلِ الْأَكْلِ]

- ‌[الِالْتِفَاتُ فِي الصَّلَاةِ]

- ‌[الصَّلَاةُ حَاقِنًا بِالْبَوْلِ أَوْ حَاقِبًا بِالْغَائِطِ أَوْ حَازِقًا لِلرِّيحِ]

- ‌[كَرَاهَة البصق فِي الصَّلَاةِ أَوْ خَارِجَهَا قِبَلَ وَجْهِهِ أَوْ عَنْ يَمِينِهِ]

- ‌[الْفَرْقَعَةُ فِي الصَّلَاة أَوْ تَشْبِيكُ الْأَصَابِع]

- ‌[الصَّلَاةُ فِي الْكَنِيسَةِ وَالْبِيعَةِ]

- ‌[الصَّلَاةُ فِي مَعَاطِنِ الْإِبِلِ]

- ‌[الصَّلَاةُ فِي الْحَمَّامِ]

- ‌[الصَّلَاةُ فِي الْمَقْبَرَةِ الطَّاهِرَةِ]

- ‌[بَابٌ فِي بَيَانِ سَبَبِ سُجُودِ السَّهْوِ وَأَحْكَامِهِ]

- ‌[كَيْفِيَّةُ سَجْدَتَيْ السَّهْوِ كَسُجُودِ الصَّلَاةِ]

- ‌(بَابٌ فِي سُجُودِ التِّلَاوَةِ

- ‌[سَجَدَاتُ التِّلَاوَةِ فِي الْقُرْآنِ أَرْبَعَ عَشْرَةَ سَجْدَةً]

- ‌سَجْدَةُ الشُّكْرِ

- ‌[بَابٌ فِي صَلَاةِ النَّفْلِ وَهِيَ قِسْمَانِ] [

- ‌قِسْمٌ لَا يُسَنُّ فِيهِ النَّفَلُ جَمَاعَةً]

- ‌ مِنْ الْقِسْمِ الَّذِي لَا يُسَنُّ جَمَاعَةً (الْوِتْرُ)

- ‌مِنْ الْقِسْمِ الَّذِي لَا تُسَنُّ لَهُ جَمَاعَةٌ (الضُّحَى)

- ‌[مِنْ الْقِسْمِ الَّذِي لَا تُسَنُّ لَهُ جَمَاعَةٌ تَحِيَّةُ الْمَسْجِد]

- ‌[مِنْ الْقِسْمِ الَّذِي لَا تُسَنُّ لَهُ جَمَاعَةٌ رَكْعَتَانِ عِنْدَ السَّفَر]

- ‌قِسْمٌ) مِنْ النَّفْلِ (يُسَنُّ جَمَاعَةً)

- ‌[حُكْمُ التَّهَجُّد]

- ‌(كِتَابُ صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ) وَأَحْكَامِهَا

- ‌ الْجَمَاعَةُ (فِي الْمَسْجِدِ لِغَيْرِ الْمَرْأَةِ) وَالْخُنْثَى (أَفْضَلُ)

- ‌أَفْضَلُ الْجَمَاعَةِ بَعْدَ الْجُمُعَةِ

- ‌[أَعْذَارُ تَرْكُ صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ]

- ‌فَصْلٌ فِي صِفَةِ الْأَئِمَّةِ وَمُتَعَلِّقَاتِهَا

- ‌فَصْلٌ فِي بَعْضِ شُرُوطِ الْقُدْوَةِ وَكَثِيرٍ مِنْ آدَابِهَا وَبَعْضِ مَكْرُوهَاتِهَا

- ‌فَصْلٌ فِي بَعْضِ شُرُوطِ الْقُدْوَةِ أَيْضًا

- ‌فَصْلٌ فِي بَعْضِ شُرُوطِ الْقُدْوَةِ أَيْضًا

- ‌[فَصْلٌ فِي زَوَالِ الْقُدْوَةِ وَإِيجَادِهَا وَإِدْرَاكِ الْمَسْبُوقِ الرَّكْعَةَ وَمَا يَتْبَعُ ذَلِكَ]

- ‌(بَابُ) كَيْفِيَّةِ (صَلَاةِ الْمُسَافِرِ)

- ‌فَصْلٌ فِي شُرُوطِ الْقَصْرِ وَتَوَابِعِهَا

- ‌(فَصْلٌ) فِي الْجَمْعِ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ

- ‌[شُرُوطُ جَمْعِ التَّقْدِيمِ]

- ‌[شُرُوطُ التَّقْدِيمِ فِي صَلَاةِ الْجَمْعِ عِنْدَ الْمَطَرِ]

- ‌بَابُ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ

- ‌[شُرُوطُ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ]

- ‌[الْجَمْعِ لِعُذْرِ الْمَطَرِ]

- ‌[شُرُوطُ صِحَّةِ الْجُمُعَةِ]

- ‌[أَرْكَانُ خُطْبَةِ الْجُمُعَةِ]

- ‌[شُرُوطُ الْخُطْبَتَيْنِ فِي الْجُمُعَة]

- ‌فَصْلٌ فِي الْأَغْسَالِ الْمُسْتَحَبَّةِ فِي الْجُمُعَةِ وَغَيْرِهَا وَمَا يُذْكَرُ مَعَهَا

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيَانِ مَا يَحْصُلُ بِهِ إدْرَاكُ الْجُمُعَةِ وَمَا لَا تُدْرَكُ بِهِ]

- ‌[الْقِسْمِ الْأَوَّلِ إدْرَاكُ رُكُوعَ الثَّانِيَةِ مِنْ الْجُمُعَةِ مَعَ الْإِمَامِ]

- ‌[الْقِسْمِ الثَّانِي حُكْمُ اسْتِخْلَافِ الْإِمَامِ وَشُرُوطُهُ]

- ‌[بَابٌ كَيْفِيَّةُ صَلَاةِ الْخَوْفِ]

- ‌[النَّوْعُ الْأَوَّلِ كَوْنُ الْعَدُوِّ فِي جِهَةِ الْقِبْلَةِ]

- ‌[الثَّانِي مِنْ الْأَنْوَاعِ كَوْنُ الْعَدُوُّ فِي غَيْرِ الْقِبْلَةِ]

- ‌[النَّوْعُ الثَّالِثُ أَنْ تَقِفَ فِرْقَةٌ فِي وَجْهِ الْعَدُوِّ وَتَحْرُسُ وَهُوَ فِي غَيْرِ جِهَةِ الْقِبْلَةِ]

- ‌[النَّوْعُ الرَّابِعِ أَنْ يَلْتَحِمَ الْقِتَالُ بَيْنَ الْقَوْمِ وَلَمْ يَتَمَكَّنُوا مِنْ تَرْكِهِ]

- ‌فَصْلٌ فِيمَا يَجُوزُ لُبْسُهُ إنْ ذَكَرَ وَمَا لَا يَجُوزُ

- ‌بَابٌ صَلَاةُ الْعِيدَيْنِ

- ‌[حُكْمُ صَلَاةِ الْعِيدَيْنِ وَكَيْفِيَّتَهَا]

- ‌[وَقْتُ صَلَاةِ الْعِيدَيْنِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي التَّكْبِيرِ الْمُرْسَلِ وَالْمُقَيَّدِ]

- ‌[وَقْتُ تَكْبِير الْعِيد]

- ‌بَابُ صَلَاةِ الْكُسُوفَيْنِ

- ‌[التَّهْنِئَةُ بِالْعِيدِ]

- ‌بَابُ صَلَاةِ الِاسْتِسْقَاءِ

- ‌(بَابٌ) فِي حُكْمِ تَارِكِ الصَّلَاةِ الْمَفْرُوضَةِ عَلَى الْأَعْيَانِ

- ‌ كِتَابُ الْجَنَائِزِ

- ‌[آدَابِ الْمُحْتَضَرِ]

- ‌ بَيَانِ الْغَاسِلِ

- ‌فَصْلٌ فِي تَكْفِينِ الْمَيِّتِ وَحَمْلِهِ وَتَوَابِعِهِمَا

- ‌ كَيْفِيَّةِ حَمْلِ الْمَيِّتِ

- ‌فَصْلٌ فِي الصَّلَاةِ عَلَى الْمَيِّتِ الْمُسْلِمِ غَيْرِ الشَّهِيدِ

- ‌[شُرُوطُ صَلَاةِ الْجِنَازَةِ]

- ‌ الصَّلَاةِ عَلَى الْغَائِبِ

- ‌[تَقْدِيمُ الصَّلَاةِ عَلَى الدَّفْنِ وَتَأْخِيرُهَا عَنْ الْغُسْلِ أَوْ التَّيَمُّمِ]

- ‌[فَرْعٌ فِي بَيَانِ الْأَوْلَى بِصَلَاةِ الْجِنَازَةِ]

- ‌ الصَّلَاةُ (عَلَى الْكَافِرِ)

- ‌[حُكْم الصَّلَاة عَلَى السقط]

- ‌ الْمَيِّتُ إمَّا شَهِيدٌ أَوْ غَيْرُهُ

الفصل: ‌أفضل الجماعة بعد الجمعة

الْفَرْضَ فَوَاتُهَا لَوْ ذَهَبَ لِلْمَسْجِدِ، وَذَلِكَ إيثَارٌ فِيهِ؛ لِأَنَّ حُصُولَهَا لَهُمْ بِسَبَبِهِ رُبَّمَا عَادَلَ فَضْلُهَا فِي الْمَسْجِدِ أَوْ زَادَ عَلَيْهِ فَهُوَ كَمُسَاعَدَةِ الْمَجْرُورِ مِنْ الصَّفِّ.

وَتُكْرَهُ إقَامَةُ جَمَاعَةٍ بِمَسْجِدٍ غَيْرِ مَطْرُوقٍ لَهُ إمَامٌ رَاتِبٌ مِنْ غَيْرِ إذْنِهِ قَبْلَهُ أَوْ بَعْدَهُ أَوْ مَعَهُ، فَإِنْ غَابَ الرَّاتِبُ سُنَّ انْتِظَارُهُ، ثُمَّ إنْ أَرَادُوا فَضْلَ أَوَّلِ الْوَقْتِ أَمَّ غَيْرُهُ، وَإِلَّا فَلَا إلَّا إنْ خَافُوا فَوْتَ كُلِّ الْوَقْتِ، وَمَحَلُّ ذَلِكَ حَيْثُ لَا فِتْنَةَ، وَإِلَّا صَلُّوا فُرَادَى مُطْلَقًا، أَمَّا الْمَسْجِدُ الْمَطْرُوقُ فَلَا يُكْرَهُ فِيهِ تَعَدُّدُ الْجَمَاعَاتِ وَلَوْ كَانَ لَهُ إمَامٌ رَاتِبٌ وَوَقَعَ فِيهِ جَمَاعَتَانِ مَعًا كَمَا أَفْتَى الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَهُوَ مَفْهُومٌ بِالْأَوْلَى مِنْ نَفْيِهِمْ كَرَاهَةَ إقَامَةِ جَمَاعَةٍ فِيهِ قَبْلَ إمَامِهِ، وَشَمِلَ ذَلِكَ قَوْلَ التَّحْقِيقِ لَوْ كَانَ لِلْمَسْجِدِ إمَامٌ رَاتِبٌ وَلَيْسَ مَطْرُوقًا كُرِهَ لِغَيْرِ إمَامٍ إقَامَةُ الْجَمَاعَةِ فِيهِ، وَيُقَالُ إلَّا إنْ أُقِيمَتْ بَعْدَ فَرَاغِ الْإِمَامِ، وَإِلَّا فَلَا، وَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي التَّتِمَّةِ مِنْ كَرَاهَةِ عَقْدِ جَمَاعَتَيْنِ فِي حَالَةٍ وَاحِدَةٍ مَحَلُّهُ فِي غَيْرِ الْمَطْرُوقِ، فَإِنَّ أَكْثَرَهُمْ صَرَّحَ بِكَرَاهَةِ الْقَبْلِيَّةَ وَالْبَعْدِيَّةِ وَسَكَتَ عَنْ الْمُقَارَنَةِ.

. وَ‌

‌أَفْضَلُ الْجَمَاعَةِ بَعْدَ الْجُمُعَةِ

صُبْحُهَا، ثُمَّ صُبْحُ غَيْرِهَا ثُمَّ الْعِشَاءُ ثُمَّ الْعَصْرُ، وَلَا يُنَافِيهِ كَوْنُ الْعَصْرِ الْوُسْطَى؛ لِأَنَّ الْمَشَقَّةَ فِي ذَيْنِك أَعْظَمُ، وَالْأَوْجَهُ تَفْضِيلُ الظُّهْرِ ذَاتًا وَجَمَاعَةً عَلَى الْمَغْرِبِ؛ لِأَنَّهَا اخْتَصَّتْ مِنْ بَيْنَ سَائِرِ الصَّلَوَاتِ بِبَدَلٍ وَهُوَ الْجُمُعَةُ: أَيْ بِصَلَاةٍ تُفْعَلُ فِي وَقْتِهَا وَبِالْإِيرَادِ.

(وَمَا كَثُرَ جَمْعُهُ) مِنْ الْمَسَاجِدِ (أَفْضَلُ) مِمَّا قَلَّ جَمْعُهُ مِنْهَا، وَكَذَا

ــ

[حاشية الشبراملسي]

الِافْتِنَانَ بِالْأَمْرَدِ أَغْلِبُ مِنْهُ بِالْمَرْأَةِ لِمُخَالَطَةِ الْأَمْرَدِ لِلرِّجَالِ إذَا دَخَلَ الْمَسْجِدَ عَلَى وَجْهٍ يُؤَدِّي إلَى ذَلِكَ، وَلَعَلَّ هَذَا وَجْهُ تَعْبِيرِهِ بِقَوْلِهِ وَفِيمَا بَحَثَ مِنْ إطْلَاقِ إلَخْ.

(قَوْلُهُ: مِنْ غَيْرِ إذْنِهِ) أَيْ حَيْثُ كَانَ حَاضِرًا (قَوْلُهُ: أَوْ بَعْدَهُ) قَدْ يُشْكِلُ خُصُوصًا إذَا حَصَلَ لِلْجَائِينَ بَعْدَ الْجَمَاعَةِ الْأُولَى عُذْرٌ اقْتَضَى التَّأْخِيرَ، فَلَعَلَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ يُكْرَهُ تَحَرِّي إيقَاعِ الْجَمَاعَةِ بَعْدَهُ (قَوْلُهُ: وَهُوَ مَفْهُومٌ بِالْأَوْلَى) قَدْ تُمْنَعُ الْأَوْلَوِيَّةُ بِأَنَّ فِعْلَهَا قَبْلَهُ قَدْ يُحْمَلُ عَلَى أَنَّهُ لِعُذْرٍ يَمْنَعُ مِنْ انْتِظَارِهِ، بِخِلَافِ الْمَعِيَّةِ فَإِنَّهَا قَدْ تُحْمَلُ عَلَى أَنَّ تَرْكَ صَلَاتِهِ مَعَ الْإِمَامِ إنَّمَا هُوَ لِخَلَلٍ فِيهِ، إلَّا أَنْ يُحْمَلَ قَوْلُهُ: وَوَقَعَ جَمَاعَتَانِ مَعًا عَلَى مَا إذَا لَمْ يَكُنْ إمَامُ إحْدَاهُمَا الرَّاتِبَ (قَوْلُهُ: وَسَكَتَ عَنْ الْمُقَارَنَةِ) أَيْ وَهِيَ مَفْهُومَةٌ بِالْأَوْلَى.

(قَوْلُهُ: ثُمَّ الْعَصْرُ) زَادَ سم عَلَى مَنْهَجٍ: ثُمَّ الظُّهْرُ ثُمَّ الْمَغْرِبُ، وَلَا يَبْعُدُ أَنَّ كُلًّا مِنْ عِشَاءِ الْجُمُعَةِ وَمَغْرِبِهَا وَعَصْرِهَا آكَدُ مِنْ عِشَاءِ وَمَغْرِبِ وَعَصْرِ غَيْرِهَا عَلَى قِيَاسِ مَا قِيلَ فِي صُبْحِهَا مَعَ صُبْحِ غَيْرِهَا. انْتَهَى. وَأَمَّا أَفْضَلُ الصَّلَوَاتِ فَقَدْ قَالَ ابْنُ حَجَرٍ فِي أَوَّلِ كِتَابِ الصَّلَاةِ فِي وَقْتِ الْعَصْرِ مَا نَصُّهُ: أَفْضَلُهَا الْعَصْرُ وَيَلِيهَا الصُّبْحُ ثُمَّ الْعِشَاءُ ثُمَّ الظُّهْرُ ثُمَّ الْمَغْرِبُ فِيمَا يَظْهَرُ مِنْ الْأَدِلَّةِ، وَإِنَّمَا فَضَّلُوا جَمَاعَةَ الصُّبْحِ وَالْعِشَاءِ؛ لِأَنَّهَا فِيهِمَا أَشَقُّ. انْتَهَى. وَظَاهِرُهُ التَّسْوِيَةُ فِي الْفَضْلِ بَيْنَ صُبْحِ الْجُمُعَةِ وَغَيْرِهَا، وَقِيَاسُ مَا ذُكِرَ فِي الْجَمَاعَةِ أَنَّ صُبْحَ الْجُمُعَةِ أَفْضَلُ مِنْ صُبْحِ غَيْرِهَا: بَلْ وَقِيَاسُ مَا ذُكِرَ عَنْ سم أَنَّ بَقِيَّةَ صَلَوَاتِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ أَفْضَلُ مِنْ صَلَوَاتِ غَيْرِهَا.

(قَوْلُهُ: أَفْضَلُ مِمَّا قَلَّ جَمْعُهُ) بَقِيَ شَيْءٌ آخَرُ، وَهُوَ أَنَّ الْإِمَامَ أَكْثَرُ ثَوَابًا مِنْ الْمَأْمُومِ أَخْذًا مِمَّا قَالُوهُ مِنْ الْمُفَاضَلَةِ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْأَذَانِ عَلَى الْخِلَافِ فِي ذَلِكَ، وَحِينَئِذٍ لَوْ تَعَارَضَ كَوْنُهُ إمَامًا مَعَ جَمْعٍ قَلِيلٍ وَمَأْمُومًا مَعَ جَمْعٍ كَثِيرٍ فَهَلْ يَسْتَوِي الْفَضِيلَتَانِ وَتُجْبَرُ فَضْلُ الْكَثْرَةِ الْإِمَامَةَ فَيُصَلِّي إمَامًا أَوْ لَا فَيُصَلِّي مَأْمُومًا؟

ــ

[حاشية الرشيدي]

الْإِطْلَاقِ، وَلَعَلَّهُ إذَا خَشِيَ بِهِ الِافْتِتَانَ وَأَفْصَحَ بِهِ الشَّيْخُ فِي الْحَاشِيَةِ.

(قَوْلُهُ: وَشَمِلَ ذَلِكَ قَوْلَ التَّحْقِيقِ) لَمْ يَظْهَرْ لِي وَجْهُ الشُّمُولِ وَلَمْ يُعَبِّرْ بِهِ وَالِدُهُ فِي الْفَتَاوَى الَّتِي مَا هُنَا عِبَارَتُهَا مَعَ التَّصَرُّفِ بِلَفْظِ الشُّمُولِ وَإِنْ أَوْهَمَ سِيَاقُهُ خِلَافَ ذَلِكَ.

وَلَفْظُ الْفَتَاوَى: سُئِلَ هَلْ تُكْرَهُ إقَامَةُ جَمَاعَتَيْنِ فِي حَالَةٍ وَاحِدَةٍ فِي مَسْجِدٍ مَطْرُوقٍ إذَا كَانَ لَهُ إمَامٌ رَاتِبٌ بِغَيْرِ إذْنِهِ أَمْ لَا؟ فَأَجَابَ بِأَنَّهُ لَا تُكْرَهُ، وَهُوَ مَفْهُومٌ بِالْأَوْلَى مِنْ نَفْيِهِمْ كَرَاهَةَ إقَامَةِ جَمَاعَةٍ فِيهِ قَبْلَ إمَامِهِ. وَعِبَارَةُ التَّحْقِيقِ: لَوْ كَانَ لِلْمَسْجِدِ إمَامٌ رَاتِبٌ إلَخْ، وَانْظُرْ هَلْ الْمُرَادُ بِالْجَمَاعَتَيْنِ جَمَاعَتَانِ غَيْرُ جَمَاعَةِ الرَّاتِبِ أَوْ جَمَاعَةُ الرَّاتِبِ وَجَمَاعَةٌ أُخْرَى، وَعَلَى كُلٍّ فَفِي فَهْمِ عَدَمِ الْكَرَاهَةِ هُنَا مِنْ نَفْيِهِمْ كَرَاهَةَ إقَامَةِ جَمَاعَةٍ فِيهِ قَبْلَ إمَامِهِ بِالْأَوْلَى بَلْ بِالْمُسَاوَاةِ مَنْعٌ ظَاهِرٌ.

[أَفْضَلُ الْجَمَاعَةِ بَعْدَ الْجُمُعَةِ]

(قَوْلُهُ: أَيْ بِصَلَاةٍ تُفْعَلُ فِي وَقْتِهَا) تَفْسِيرٌ لِلْمُرَادِ مِنْ الْبَدَلِيَّةِ هُنَا وَإِلَّا فَلَا بَدَلِيَّةَ هُنَا حَقِيقَةً.

ص: 141

مَا كَثُرَ جَمْعُهُ مِنْ الْبُيُوتِ أَفْضَلُ مِمَّا قَلَّ جَمْعُهُ مِنْهَا لِلْخَبَرِ الْمَارِّ. نَعَمْ الْجَمَاعَةُ فِي الْمَسَاجِدِ الثَّلَاثَةِ، وَإِنْ قَلَّتْ أَفْضَلُ مِنْ غَيْرِهَا، وَإِنْ كَثُرَتْ، بَلْ قَالَ الْمُتَوَلِّي: إنَّ الِانْفِرَادَ فِيهَا أَفْضَلُ مِنْ الْجَمَاعَةِ فِي غَيْرِهَا وَهُوَ الْأَوْجَهُ وَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ مِنْ كَوْنِ الْقَاعِدَةِ السَّابِقَةِ تُنَازِعُ فِيهِ يُمْكِنُ الْجَوَابُ عَنْهُ بِأَنَّهَا أَغْلَبِيَّةٌ، عَلَى أَنَّ الْمَسَاجِدَ الثَّلَاثَةَ اخْتَصَّتْ بِخَصَائِصَ دُونَ سَائِرِ الْمَسَاجِدِ فَلَا يُقَاسُ عَلَيْهَا.

وَأَفْتَى الْغَزَالِيُّ بِأَنَّهُ إذَا كَانَ لَوْ صَلَّى مُنْفَرِدًا خَشَعَ: أَيْ فِي جَمِيعِ صَلَاتِهِ، وَلَوْ صَلَّى فِي جَمَاعَةٍ لَمْ يَخْشَعْ فَالِانْفِرَادُ أَفْضَلُ، وَتَبِعَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ تَبَعًا لِلْأَذْرَعِيِّ: وَالْمُخْتَارُ بَلْ الصَّوَابُ خِلَافُ مَا قَالَاهُ، وَهُوَ كَذَلِكَ لِمَا مَرَّ مِنْ الْخِلَافِ فِي أَنَّ الْجَمَاعَةَ فَرْضُ عَيْنٍ، وَهُوَ أَقْوَى مِنْ الْخِلَافِ فِي كَوْنِ الْخُشُوعِ شَرْطًا فِيهَا، وَمِنْ ثَمَّ كَانَ الرَّاجِحُ أَنَّهَا فَرْضُ كِفَايَةٍ، وَأَنَّهُ سُنَّةٌ (إلَّا لِبِدْعَةِ إمَامِهِ) الَّتِي لَا يَكْفُرُ بِهَا كَمُعْتَزِلِيِّ وَرَافِضِيِّ وَقَدَرِيِّ وَمِثْلُهُ الْفَاسِقُ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ وَالْمُتَّهَمُ بِذَلِكَ كَمَا فِي الْأَنْوَارِ وَكُلُّ مَنْ يُكْرَهُ الِاقْتِدَاءُ بِهِ كَمَا فِي التَّوَسُّطِ وَالْخَادِمِ، أَوْ لِكَوْنِ الْإِمَامِ لَا يَعْتَقِدُ وُجُوبَ بَعْضِ الْأَرْكَانِ أَوْ الشُّرُوطِ كَحَنَفِيٍّ أَوْ غَيْرِهِ، وَإِنْ أَتَى بِهَا لِقَصْدِهِ بِهَا النَّفْلِيَّةَ وَهُوَ مُبْطِلٌ عِنْدَنَا وَلِهَذَا مَنَعَ مِنْ الِاقْتِدَاءِ بِهِ مُطْلَقًا بَعْضُ أَصْحَابِنَا، وَتَجْوِيزُ الْأَكْثَرِ لَهُ؛ لِمُرَاعَاةِ مَصْلَحَةِ الْجَمَاعَةِ وَاكْتِفَاءً بِوُجُودِ صُورَتِهَا، وَإِلَّا لَمْ يَصِحَّ اقْتِدَاءٌ بِمُخَالِفٍ وَتَعَطَّلَتْ الْجَمَاعَاتُ فَالْأَقَلُّ جَمَاعَةً أَفْضَلُ. وَلَوْ تَعَذَّرَتْ الْجَمَاعَةُ إلَّا خَلْفَ مَنْ يُكْرَهُ الِاقْتِدَاءُ بِهِ لَمْ تَنْتَفِ الْكَرَاهَةُ كَمَا شَمِلَهُ كَلَامُهُمْ، وَلَا نَظَرَ لِإِدَامَةِ تَعْطِيلِهَا لِسُقُوطِ فَرْضِهَا حِينَئِذٍ (أَوْ تَعَطُّلِ مَسْجِدٍ قَرِيبٍ) أَوْ بَعِيدٍ عَنْ الْجَمَاعَةِ (لِغَيْبَتِهِ) عَنْهُ لِكَوْنِهِ إمَامَهُ أَوْ يَحْضُرُ النَّاسُ بِحُضُورِهِ، فَقَلِيلُ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ لِمَا فِي الْإِمَامَةِ مِنْ تَحْصِيلِ الْجَمَاعَةِ لِغَيْرِهِ، بِخِلَافِ الْمَأْمُومِ فَإِنَّ الْجَمَاعَةَ حَاصِلَةٌ بِغَيْرِهِ، فَالْمَنْفَعَةُ فِي قُدْوَتِهِ عَائِدَةٌ عَلَيْهِ وَحْدَهُ.

(قَوْلُهُ: أَفْضَلُ مِنْ الْجَمَاعَةِ فِي غَيْرِهَا) قِيَاسُ ذَلِكَ أَنَّهَا فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ مُنْفَرِدًا أَفْضَلُ مِنْ الْجَمَاعَةِ فِي مَسْجِدِ الْمَدِينَةِ، وَفِي مَسْجِدِ الْمَدِينَةِ أَفْضَلُ مِنْهَا فِي الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى اهـ سم عَلَى بَهْجَةٍ. أَقُولُ: وَقَدْ يَتَوَقَّفُ فِي أَفْضَلِيَّةِ الِانْفِرَادِ فِي مَسْجِدِ الْمَدِينَةِ عَلَى الْجَمَاعَةِ فِي الْأَقْصَى؛ لِأَنَّ الْجَمَاعَةَ فِي الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى بِسَبْعٍ وَعِشْرِينَ وَفِي الْمَدِينَةِ بِصَلَاتَيْنِ فِي الْأَقْصَى، فَالْجَمَاعَةُ فِي الْأَقْصَى تَزِيدُ بِخَمْسٍ وَعِشْرِينَ عَلَى مَسْجِدِ الْمَدِينَةِ، إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّ الصَّلَوَاتِ الَّتِي ضُوعِفَتْ بِهَا الصَّلَوَاتُ فِي الْأَقْصَى مِنْ الصَّلَوَاتِ بِغَيْرِ الْمَسَاجِدِ الثَّلَاثَةِ فَلْيُتَأَمَّلْ فَإِنَّهُ فِيهِ بُعْدُ شَيْءٍ (قَوْلُهُ: وَهُوَ الْأَوْجَهُ) أَيْ خِلَافًا لِابْنِ حَجَرٍ (قَوْلُهُ: الْقَاعِدَةُ السَّابِقَةُ) وَهِيَ الْمُحَافَظَةُ عَلَى الْفَضِيلَةِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالْعِبَادَةِ أَوْلَى مِنْ الْمُحَافَظَةِ عَلَى الْفَضِيلَةِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِمَكَانِهَا، (قَوْلُهُ: خِلَافُ مَا قَالَاهُ) أَيْ الْغَزَالِيُّ وَابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ كَذَلِكَ) مِنْ م ر (قَوْلُهُ: إنَّ الْجَمَاعَةَ فَرْضُ عَيْنٍ) عِبَارَةُ ابْنِ حَجَرٍ: وَلَوْ تَعَارَضَ الْخُشُوعُ وَالْجَمَاعَةُ فَهِيَ أَوْلَى كَمَا أَطْبَقُوا عَلَيْهِ حَيْثُ قَالُوا: إنَّ فَرْضَ الْكِفَايَةِ أَفْضَلُ مِنْ السُّنَّةِ، وَأَيْضًا فَالْخِلَافُ فِي كَوْنِهَا فَرْضَ عَيْنٍ وَكَوْنِهَا شَرْطًا لِصِحَّةِ الصَّلَاةِ أَقْوَى مِنْهُ فِي شَرْطِيَّةِ الْخُشُوعِ. وَقَضِيَّتُهَا جَرَيَانُ الْخِلَافِ فِي كَوْنِ الْجَمَاعَةِ شَرْطًا لِلصِّحَّةِ، وَهُوَ خِلَافُ مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الشَّارِحِ مِنْ أَنَّهَا لَيْسَتْ شَرْطًا قَطْعًا، وَيُصَرَّحُ بِمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ ابْنِ حَجَرٍ قَوْلُ الْأَذْرَعِيِّ فِي الْقُوتِ مَا نَصُّهُ: وَحَكَى الْإِمَامُ عَنْ ابْنِ خُزَيْمَةَ أَنَّهُ جَعَلَهَا شَرْطًا فِي الصِّحَّةِ. وَفِي الْبَحْرِ: وَقِيلَ إنَّهَا شَرْطٌ فِي الصِّحَّةِ: أَيْ لِغَيْرِ الْمَعْذُورِ، وَقَضِيَّةُ كَلَامِ ابْنِ كَجٍّ وَالدَّارِمِيِّ أَنَّ الْقَوْلَ بِأَنَّهَا فَرْضُ عَيْنٍ لَيْسَ بِوَجْهٍ لَنَا أَلْبَتَّةَ انْتَهَى، وَمِثْلُهُ فِي الْإِسْنَوِيِّ (قَوْلُهُ: وَالْمُتَّهَمُ بِذَلِكَ) أَيْ تُهْمَةٌ قَوِيَّةٌ (قَوْلُهُ: كَمَا شَمَلَهُ كَلَامُهُمْ) هَذِهِ مَقَالَةٌ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ بَعْدُ:

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: أَوْ لِكَوْنِ الْإِمَامِ لَا يَعْتَقِدُ وُجُوبَ بَعْضٍ بِالْأَرْكَانِ) مَعْطُوفٌ عَلَى مَا فِي الْمَتْنِ، وَالِاقْتِدَاءُ بِهِ مَكْرُوهٌ أَيْضًا وَإِنْ أَوْهَمَ سِيَاقُهُ خِلَافَهُ (قَوْلُهُ: وَإِنْ أَتَى بِهَا لِقَصْدِهِ بِهَا النَّفْلِيَّةَ) يُوهِمُ صِحَّةَ الِاقْتِدَاءِ بِهِ إذَا لَمْ يَأْتِ بِهَا وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَالتَّعْبِيرُ بِالْغَايَةِ لَيْسَ فِي مَحَلِّهِ

ص: 142

الْجَمْعِ أَفْضَلُ مِنْ كَثِيرِهِ فِي ذَلِكَ، وَمُقْتَضَى قَوْلِ الْأَصْحَابِ أَنَّ الِاقْتِدَاءَ بِإِمَامِ الْجَمْعِ الْقَلِيلِ أَفْضَلُ مِنْ الِاقْتِدَاءِ بِإِمَامِ الْجَمْعِ الْكَثِيرِ إذَا كَانَ مُخَالِفًا فِيمَا يُبْطِلُ الصَّلَاةَ حُصُولُ فَضِيلَةِ الْجَمَاعَةِ خَلْفَ هَؤُلَاءِ، وَأَنَّهَا أَفْضَلُ مِنْ الِانْفِرَادِ.

قَالَ السُّبْكِيُّ: إنَّ كَلَامَهُمْ يُشْعِرُ بِهِ وَجَزَمَ بِهِ الدَّمِيرِيِّ. وَقَالَ الْكَمَالُ بْنُ أَبِي شَرِيفٍ: لَعَلَّهُ الْأَقْرَبُ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَبِهِ أَفْتَى الْوَالِدُ رحمه الله، وَمَا قَالَهُ أَبُو إِسْحَاقَ الْمَرْوَزِيِّ مِنْ عَدَمِ حُصُولِهَا وَجْهٌ ضَعِيفٌ وَقَدْ نَظَرَ فِيهِ الطَّبَرِيُّ، بَلْ نُقِلَ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

وَمُقْتَضَى قَوْلُ الْأَصْحَابِ أَنَّ الِاقْتِدَاءَ بِإِمَامِ الْجَمْعِ الْقَلِيلِ إلَخْ (قَوْلُهُ: أَفْضَلُ مِنْ الِانْفِرَادِ) وَلَا فَرْقَ فِي أَفْضَلِيَّتِهَا بَيْنَ وُجُودِ غَيْرِهَا وَعَدَمِهِ.

وَقِيَاسُ ذَلِكَ أَنَّ الْإِعَادَةَ مَعَ هَؤُلَاءِ أَفْضَلُ مِنْ عَدَمِهَا بِالْمَعْنَى الْمَذْكُورِ. اهـ سم عَلَى ابْنِ حَجَرٍ (قَوْلُهُ: وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ) قَدْ يُشْكِلُ اعْتِمَادُ أَنَّ الِاقْتِدَاءَ بِهِمْ أَفْضَلُ مِنْ الِانْفِرَادِ بِمَا مَرَّ مِنْ أَنَّهُ لَوْ تَعَطَّلَتْ الْجَمَاعَةُ إلَّا خَلْفَ مِنْ يُكْرَهُ الِاقْتِدَاءُ بِهِ لَمْ تَنْتَفِ الْكَرَاهَةُ فَلْيُتَأَمَّلْ.

وَيُجَابُ بِأَنَّ الْمُرَادَ أَنَّ هَذَا مُقَابِلٌ لِمَا مَرَّ مِنْ بَقَاءِ الْكَرَاهَةِ، وَعَلَيْهِ فَكَأَنَّهُ قَالَ: وَلَوْ تَعَطَّلَتْ الْجَمَاعَةُ إلَّا خَلْفَ هَؤُلَاءِ لَمْ تَزُلْ الْكَرَاهَةُ كَمَا قَالَهُ بَعْضُهُمْ.

وَقَالَ السُّبْكِيُّ وَمَنْ وَافَقَهُ بِزَوَالِهَا وَحُصُولِ الْفَضِيلَةِ، وَعَلَيْهِ فَلَا تَنَافِيَ وَلَا إشْكَالَ، وَيُصَرَّحُ بِهَذَا مَا قَالَهُ سم عَلَى ابْنِ حَجَرٍ مِنْ انْتِفَاءِ الْكَرَاهَةِ، وَأَنَّهُ بَحَثَ مَعَ م ر فَوَافَقَ عَلَيْهِ [فَرْعٌ] إذَا كَانَ عَلَيْهِ الْإِمَامَةُ فِي مَسْجِدٍ فَلَمْ يَحْضُرْ مَعَهُ أَحَدٌ يُصَلِّي مَعَهُ وَجَبَتْ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ فِيهِ وَحْدَهُ؛ لِأَنَّ عَلَيْهِ شَيْئَيْنِ: الصَّلَاةُ فِي هَذَا الْمَسْجِدِ، وَالْإِمَامَةُ فِيهِ، فَإِذَا مَاتَ أَحَدُهُمَا لَا يَسْقُطُ الْآخَرُ، بِخِلَافِ مَنْ عَلَيْهِ التَّدْرِيسُ إذَا لَمْ يَحْضُرْ أَحَدٌ مِنْ الطَّلَبَةِ لَا يَجِبُ أَنْ يُدَرِّسَ لِنَفْسِهِ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ الْمُدَرِّسِ التَّعْلِيمُ وَلَا يُتَصَوَّرُ بِدُونِ مُتَعَلِّمٍ، بِخِلَافِ الْإِمَامِ الْمَقْصُودِ مِنْهُ أَمْرَانِ كَمَا تَقَدَّمَ. م ر اهـ سم مَنْهَجٍ.

أَقُولُ: وَقَوْلُهُ لَا يَجِبُ أَنْ يُدَرَّسَ إلَخْ يُفِيدُ أَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ بِالطَّلَبَةِ الْمُقَرَّرِينَ فِي الْوَظَائِفِ بَلْ حَيْثُ كَانَ إذَا حَضَرَ يَحْضُرُ عِنْدَهُ مَنْ يَسْمَعُهُ وَجَبَتْ الْقِرَاءَةُ عَلَيْهِ، ثُمَّ إنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ بِالْوُجُوبِ الْإِثْمَ بِالتَّرْكِ مِنْ حَيْثُ هُوَ تَرْكٌ لِلْإِمَامَةِ أَوْ التَّدْرِيسِ بَلْ الْمُرَادُ وُجُوبُ ذَلِكَ لِاسْتِحْقَاقِهِ الْمَعْلُومِ.

[فَائِدَةٌ] كَانَ شَيْخُنَا الشَّوْبَرِيُّ يَقُولُ: إذَا حَضَرَ الْمُدَرِّسُ وَحَضَرَ عِنْدَهُ مَنْ يَسْمَعُهُ يَقْرَأُ لَهُمْ مَا يَسْتَفِيدُونَهُ كَالتَّرْغِيبِ وَالتَّرْهِيبِ وَحِكَايَاتِ الصَّالِحِينَ. أَقُولُ: وَلَعَلَّ هَذَا مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا عَيَّنَ الْوَاقِفُ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ. وَمِنْهُ مَا لَوْ عَيَّنَ تَفْسِيرًا مَثَلًا وَلَمْ يَحْضُرْ عِنْدَهُ مَنْ يَفْهَمُهُ فَلَا تَجِبُ عَلَيْهِ الْقِرَاءَةُ وَيَسْتَحِقُّ الْمَعْلُومَ. وَلَا يُقَالُ: يَقْرَأُ مَا يُمْكِنهُمْ

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: حُصُولُ فَضِيلَةِ الْجَمَاعَةِ خَلْفَ هَؤُلَاءِ) أَيْ الْمُبْتَدِعِ وَمَنْ بَعْدَهُ كَمَا يُصَرِّحُ بِهِ صَنِيعُ التُّحْفَةِ وَفِي حُصُولِ فَضِيلَةِ الْجَمَاعَةِ مَعَ كَرَاهَةِ الِاقْتِدَاءِ بِهِمْ الْمُصَرَّحِ بِهَا فِيمَا مَرَّ حَتَّى فِيمَا لَوْ تَعَذَّرَتْ الْجَمَاعَةُ إلَّا خَلْفَهُمْ وَقْفَةٌ ظَاهِرَةٌ سِيَّمَا وَالْكَرَاهَةُ فِيمَا ذُكِرَ مِنْ حَيْثُ الْجَمَاعَةُ، وَسَيَأْتِي فِي كَلَامِهِ أَنَّ الْكَرَاهَةَ إذَا كَانَتْ مِنْ حَيْثُ الْجَمَاعَةُ تَفُوتُ فَضِيلَةُ الْجَمَاعَةِ.

لَا جَرَمَ اخْتَارَ الشِّهَابُ حَجّ مَقَالَةَ أَبِي إِسْحَاقَ الْمَرْوَزِيِّ الْآتِيَةَ، وَشَيْخُنَا جَعَلَ فِي حَاشِيَتِهِ فِي قَوْلِهِ قَوْلُ الشَّارِحِ: وَمُقْتَضَى قَوْلِ الْأَصْحَابِ إلَخْ، مُقَابِلًا لِقَوْلِهِ الْمَارِّ: وَلَوْ تَعَذَّرَتْ الْجَمَاعَةُ إلَّا خَلْفَ مَنْ يُكْرَهُ الِاقْتِدَاءُ بِهِ إلَخْ، ثُمَّ اسْتَشْكَلَهُ مَعَهُ فِي قَوْلَةٍ أُخْرَى.

وَأَجَابَ عَنْهُ بِأَنَّ الْمُرَادَ أَنَّ هَذَا مُقَابِلُ ذَاكَ، قَالَ: فَكَأَنَّهُ قَالَ: وَلَوْ تَعَطَّلَتْ الْجَمَاعَةُ إلَّا خَلْفَ هَؤُلَاءِ لَمْ تَزُلْ الْكَرَاهَةُ كَمَا قَالَ بَعْضُهُمْ، وَقَالَ السُّبْكِيُّ وَمَنْ وَافَقَهُ بِزَوَالِهَا وَحُصُولِ الْفَضِيلَةِ. اهـ.

وَعَلَيْهِ فَقَوْلُ الشَّارِحِ: وَمُقْتَضَى قَوْلِ الْأَصْحَابِ إلَخْ، مَفْرُوضٌ فِيمَا إذَا تَعَذَّرَتْ الْجَمَاعَةُ إلَّا خَلَفَ هَؤُلَاءِ، وَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَيْسَ كَذَلِكَ كَمَا يُصَرِّحُ بِهِ كَلَامُ غَيْرِهِ، فَالْإِشْكَالُ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ بَاقٍ بِحَالِهِ، وَلَا وَجْهَ لِمَا فَهِمَهُ الشَّيْخُ مِنْ هَذَا الْقَصْرِ فَلْيُحَرَّرْ (قَوْلُهُ: بَلْ نُقِلَ) بِالْبِنَاءِ لِلْمَجْهُولِ، وَالْإِضْرَابُ رَاجِعٌ لِكَلَامِ أَبِي إِسْحَاقَ لَا لِنَظَرِ الطَّبَرِيِّ وَإِنْ أَوْهَمَتْهُ الْعِبَارَةُ.

وَالْحَاصِلُ أَنَّ النَّقْلَ الْمُحَقَّقَ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ هُوَ مَا مَرَّ وَنَظَرَ فِيهِ الطَّبَرِيُّ، وَمِنْهُمْ مَنْ نَقَلَ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ أَيْضًا عَدَمَ صِحَّةِ

ص: 143

عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ أَنَّ الِاقْتِدَاءَ بِالْمُخَالِفِ غَيْرُ صَحِيحٍ.

وَيُسْتَثْنَى مِنْ كَوْنِ كَثِيرِ الْجَمْعِ أَفْضَلَ مِنْ قَلِيلِهِ صُوَرٌ أَيْضًا: مِنْهَا مَا لَوْ كَانَ قَلِيلُ الْجَمْعِ يُبَادِرُ إمَامَهُ فِي الْوَقْتِ الْمَحْبُوبِ فَإِنَّ الصَّلَاةَ مَعَهُ فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ أَوْلَى كَمَا قَالَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ. وَمِنْهَا مَا لَوْ كَانَ إمَامُ الْجَمْعِ الْكَثِيرِ سَرِيعَ الْقِرَاءَةِ وَالْمَأْمُومُ بَطِيئُهَا لَا يُدْرِكُ مَعَهُ الْفَاتِحَةَ وَيُدْرِكُهَا مَعَ إمَامِ الْجَمْعِ الْقَلِيلِ قَالَهُ الْفُورَانِيُّ.

وَمِنْهَا مَا لَوْ كَانَ قَلِيلُ الْجَمْعِ لَيْسَ فِي أَرْضِهِ شُبْهَةٌ وَكَثِيرُ الْجَمْعِ بِخِلَافِهِ لِاسْتِيلَاءِ ظَالِمٍ عَلَيْهِ، فَالسَّالِمُ مِنْ ذَلِكَ أَوْلَى، وَلَوْ اسْتَوَى مَسْجِدًا جَمَاعَةً قُدِّمَ الْأَقْرَبُ مَسَافَةً لِحُرْمَةِ الْجِوَارِ، ثُمَّ مَا انْتَفَتْ الشُّبْهَةُ فِيهِ عَنْ مَالِ بَانِيهِ أَوْ وَاقِفِهِ ثُمَّ يَتَخَيَّرُ.

نَعَمْ إنْ سَمِعَ النِّدَاءَ مُرَتَّبًا فَذَهَابُهُ إلَى الْأَوَّلِ أَفْضَلُ كَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ؛ لِأَنَّ مُؤَذِّنَهُ دَعَاهُ أَوَّلًا.

(وَإِدْرَاكُ تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ) مَعَ الْإِمَامِ (فَضِيلَةٌ) مَأْمُورٌ بِهَا لِكَوْنِهَا صَفْوَةَ الصَّلَاةِ، وَالْخَبَرُ «مَنْ صَلَّى لِلَّهِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا فِي جَمَاعَةٍ يُدْرِكُ التَّكْبِيرَةَ الْأُولَى كُتِبَ لَهُ بَرَاءَتَانِ: بَرَاءَةٌ مِنْ النَّارِ، وَبَرَاءَةٌ مِنْ النِّفَاقِ» وَهَذَا الْحَدِيثُ مُنْقَطِعٌ غَيْرَ أَنَّهُ مِنْ الْفَضَائِلِ الَّتِي يَتَسَامَحُ فِيهَا (وَإِنَّمَا تَحْصُلُ بِالِاشْتِغَالِ بِالتَّحْرِيمِ عَقِبَ تَحَرُّمِ إمَامِهِ) مَعَ حُضُورِهِ تَكْبِيرَةَ إحْرَامِهِ لِخَبَرِ «إنَّمَا جُعِلَ الْإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ، فَإِذَا كَبَّرَ فَكَبِّرُوا» وَالْفَاءُ لِلتَّعْقِيبِ، فَإِنْ لَمْ يَحْضُرْهُ أَوْ تَرَاخَى عَنْهُ فَاتَتْهُ.

لَكِنْ تُغْتَفَرُ الْوَسْوَسَةُ الْخَفِيفَةُ، وَلَا يُشْكِلُ ذَلِكَ بِعَدَمِ اغْتِفَارِهِمْ الْوَسْوَسَةَ فِي التَّخَلُّفِ عَنْ الْإِمَامِ بِتَمَامِ رَكْعَتَيْنِ فِعْلِيَّتَيْنِ؛ لِأَنَّهَا حِينَئِذٍ لَا تَكُونُ إلَّا ظَاهِرَةً فَلَا تَنَافِيَ حِينَئِذٍ (وَقِيلَ) تَحْصُلُ (بِإِدْرَاكِ بَعْضِ الْقِيَامِ) ؛ لِأَنَّهُ مَحَلُّ التَّحَرُّمِ (وَقِيلَ بِ) إدْرَاكِ (أَوَّلِ رُكُوعٍ) أَيْ بِالرُّكُوعِ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّ حُكْمَهُ حُكْمُ قِيَامِهَا.

وَمَحَلُّ مَا ذَكَرَ مِنْ الْوَجْهَيْنِ فِيمَنْ لَمْ يَحْضُرْ إحْرَامَ الْإِمَامِ، وَإِلَّا بِأَنْ حَضَرَهُ وَأَخَّرَ فَاتَتْهُ عَلَيْهِمَا أَيْضًا، وَإِنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً كَمَا حَكَاهُ فِي زِيَادَةِ الرَّوْضَةِ عَنْ الْبَسِيطِ وَأَقَرَّهُ، وَلَوْ خَافَ فَوْتَ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

فَهْمَهُ؛ لِأَنَّا نَقُولُ: هَذَا خِلَافُ مَا شَرَطَهُ الْوَاقِفُ؛ لِأَنَّ غَرَضَهُ قِرَاءَةُ هَذَا بِخُصُوصِهِ دُونَ غَيْرِهِ.

(قَوْلُهُ: فِي الْوَقْتِ الْمَحْبُوبِ) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ الْكَلَامَ فِيمَا إذَا كَانَ الثَّانِي يُؤَخِّرُ الصَّلَاةَ عَنْ وَقْتِ الْفَضِيلَةِ، وَعَلَيْهِ فَالصَّلَاةُ خَلْفَ إمَامِ الطَّيْبَرِسِيَّةِ مَثَلًا لَيْسَتْ أَفْضَلَ مِنْ الصَّلَاةِ خَلْفَ إمَامِ الْأَزْهَرِ لِوُقُوعِ كُلٍّ مِنْهُمَا فِي وَقْتِ الْفَضِيلَةِ، وَمَا فِي سم عَلَى ابْنِ حَجَرٍ مِمَّا يُخَالِفُ ذَلِكَ لَعَلَّهُ بِاعْتِبَارِ زَمَانِهِ مِنْ أَنَّ إمَامَ الْأَزْهَرِ كَانَ يُؤَخِّرُ الصَّلَاةَ عَنْ وَقْتِ الْفَضِيلَةِ. (قَوْلُهُ: وَمِنْهَا مَا لَوْ كَانَ إمَامُ إلَخْ) وَيَنْبَغِي أَنْ يُسْتَثْنَى أَيْضًا مَا لَوْ كَانَ إمَامُ الْجَمْعِ الْقَلِيلِ أَفْضَلَ مِنْ إمَامِ الْجَمْعِ الْكَثِيرِ لِفِسْقِهِ أَوْ نَحْوِهِ مِمَّا يَأْتِي فِي صِفَةِ الْأَئِمَّةِ. (قَوْلُهُ: ثُمَّ يَتَخَيَّرُ) أَيْ حَيْثُ اسْتَوَيَا مِنْ كُلِّ وَجْهٍ، وَقَوْلُهُ نَعَمْ إنْ إلَخْ اسْتِدْرَاكٌ عَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ.

(قَوْلُهُ: لِكَوْنِهَا صَفْوَةَ الصَّلَاةِ) أَيْ خَالِصَهَا: أَيْ بِاعْتِبَارِ أَنَّ الِانْعِقَادَ يَتَوَقَّفُ عَلَيْهَا كَمَا يَتَوَقَّفُ عَلَى النِّيَّةِ، فَأُعْطِيَتْ حُكْمُهَا مِنْ اخْتِيَارِهَا عَلَى سَائِرِ الْأَرْكَانِ بِاعْتِبَارِ أَنَّهُ إذَا شَكَّ فِيهَا لَمْ تَنْعَقِدْ، وَقَوْلُهُ صَفْوَةُ الصَّلَاةِ إلَخْ: أَيْ كَمَا رَوَاهُ الْبَزَّارُ وَلَفْظُهُ كَمَا فِي الشَّيْخِ حَمْدَانَ «لِكُلِّ شَيْءٍ صَفْوَةٌ، وَصَفْوَةُ الصَّلَاةِ التَّكْبِيرَةُ الْأُولَى فَحَافِظُوا عَلَيْهَا» (قَوْلُهُ: أَرْبَعِينَ يَوْمًا) أَيْ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسَ (قَوْلُهُ: لَكِنْ تُغْتَفَرُ الْوَسْوَسَةُ الْخَفِيفَةُ) وَهِيَ الَّتِي لَا يُؤَدِّي الِاشْتِغَالُ بِهَا إلَى فَوَاتِ رُكْنَيْنِ فِعْلِيَّيْنِ كَمَا يُفِيدُهُ قَوْلُهُ: وَلَا يَشْكُلُ إلَخْ، وَلَعَلَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ بَلْ الْمُرَادُ مَا لَا يَطُولُ بِهَا زَمَانٌ عُرْفًا حَتَّى لَوْ أَدَّتْ وَسْوَسَةٌ إلَى فَوَاتِ الْقِيَامِ أَوْ مُعْظَمِهِ فَاتَتْ بِهَا فَضِيلَةُ التَّحَرُّمُ.

(قَوْلُهُ: وَإِنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً) وَمَعْلُومٌ أَنَّهَا الْأُولَى،

ــ

[حاشية الرشيدي]

الِاقْتِدَاءِ بِالْمُخَالِفِ، ثُمَّ مَا نَقَلَهُ الشَّارِحُ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ مِنْ عَدَمِ حُصُولِ فَضِيلَةِ الْجَمَاعَةِ هُوَ نَقْلٌ بِاللَّازِمِ، وَإِلَّا فَاَلَّذِي نَقَلَهُ عَنْهُ غَيْرُ الشَّارِحِ أَخَصُّ مِنْ ذَلِكَ وَهُوَ أَنَّ الِانْفِرَادَ حِينَئِذٍ أَفْضَلُ.

وَعِبَارَةُ فَتَاوَى وَالِدِ الشَّارِحِ: وَالْوَجْهُ الثَّانِي قَالَهُ أَبُو إِسْحَاقَ الْمَرْوَزِيِّ أَنَّ الِانْفِرَادَ أَفْضَلُ مِنْ الِاقْتِدَاءِ بِهِ. قَالَ الطَّبَرِيُّ: وَفِيهِ نَظَرٌ، بَلْ نُقِلَ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ أَنَّ الِاقْتِدَاءَ بِمُخَالِفٍ لَا يَصِحُّ. انْتَهَتْ.

(قَوْلُهُ: لِكَوْنِهَا صَفْوَةَ الصَّلَاةِ) أَيْ كَمَا فِي حَدِيثِ الْبَزَّارِ

ص: 144

التَّكْبِيرَةِ لَوْ لَمْ يُسْرِعْ لَمْ يُسَنُّ لَهُ الْإِسْرَاعُ بَلْ يَمْشِي بِسَكِينَةٍ كَمَا لَوْ أَمِنَ فَوْتَهَا لِخَبَرِ «إذَا أُقِيمَتْ الصَّلَاةُ فَلَا تَأْتُوهَا تَسْعَوْنَ وَأْتُوهَا تَمْشُونَ وَعَلَيْكُمْ السَّكِينَةُ وَالْوَقَارُ، فَمَا أَدْرَكْتُمْ فَصَلُّوا وَمَا فَاتَكُمْ فَأَتِمُّوا» فَإِنْ ضَاقَ الْوَقْتُ وَخَشِيَ فَوَاتَهُ إلَّا بِهِ أَسْرَعَ كَمَا لَوْ خَشِيَ فَوْتَ الْجُمُعَةِ، قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَلَوْ امْتَدَّ الْوَقْتُ وَكَانَتْ لَا تَقُومُ إلَّا بِهِ وَلَوْ لَمْ يُسْرِعْ لَتَعَطَّلَتْ أَسْرَعَ أَيْضًا، أَمَّا لَوْ خَافَ فَوْتَ الْجَمَاعَةِ فَالْمَنْقُولُ كَمَا فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ وَغَيْرِهِ عَدَمُ الْإِسْرَاعِ، وَإِنْ اقْتَضَى كَلَامُ الرَّافِعِيِّ وَغَيْرِهِ خِلَافَهُ (وَالصَّحِيحُ) إدْرَاكُ) فَضِيلَةِ (الْجَمَاعَةِ) فِي غَيْرِ الْجُمُعَةِ (مَا لَمْ يُسَلِّمْ) الْإِمَامُ، وَإِنْ لَمْ يَجْلِسْ مَعَهُ.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا تُدْرَكُ إلَّا بِرَكْعَةٍ؛ لِأَنَّ الصَّلَاةَ كُلَّهَا رَكْعَةٌ مُكَرَّرَةٌ، فَلَوْ أَتَى بِالنِّيَّةِ وَالتَّحَرُّمِ عَقِبَ شُرُوعِ الْإِمَامِ فِي التَّسْلِيمَةِ الْأُولَى وَقَبْلَ تَمَامِهَا فَهَلْ يَكُونُ مُحَصِّلًا لِلْجَمَاعَةِ نَظَرًا إلَى إدْرَاكِ جُزْءٍ مِنْ صَلَاةِ الْإِمَامِ أَوْ لَا نَظَرًا إلَى أَنَّهُ إنَّمَا عَقَدَ النِّيَّةَ وَالْإِمَامُ فِي التَّحَلُّلِ؟ فِيهِ احْتِمَالَانِ جَزَمَ الْإِسْنَوِيُّ بِالْأَوَّلِ، وَقَالَ: إنَّهُ مُصَرَّحٌ بِهِ، وَأَبُو زُرْعَةَ فِي تَحْرِيرِهِ بِالثَّانِي.

قَالَ الْكَمَالُ بْنُ أَبِي شَرِيفٍ وَهُوَ الْأَقْرَبُ الْمُوَافِقُ لِظَاهِرِ عِبَارَةِ الْمِنْهَاجِ، وَيُفْهِمُهُ قَوْلُ ابْنِ النَّقِيبِ فِي التَّهْذِيبِ أَخْذًا مِنْ التَّنْبِيهِ: وَتُدْرَكُ بِمَا قَبْلَ السَّلَامِ انْتَهَى. وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، أَمَّا الْجُمُعَةُ فَلَا تُدْرَكُ إلَّا بِرَكْعَةٍ كَمَا يَأْتِي فِي بَابِهَا وَنَبَّهَ عَلَيْهِ الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ هُنَا، وَشَمِلَ كَلَامُهُ مَنْ أَدْرَكَ جُزْءًا مِنْ أَوَّلِهَا ثُمَّ فَارَقَ بِعُذْرٍ أَوْ خَرَجَ الْإِمَامُ بِنَحْوِ حَدَثٍ، وَمَعْنَى إدْرَاكِهَا حُصُولُ أَصْلِ ثَوَابِهَا، وَأَمَّا كَمَالُهُ فَإِنَّمَا يَحْصُلُ بِإِدْرَاكِهَا مَعَ الْإِمَامِ مِنْ أَوَّلِهَا إلَى آخِرِهَا، وَلِهَذَا قَالُوا: لَوْ أَمْكَنَهُ إدْرَاكُ بَعْضِ جَمَاعَةٍ وَرَجَا إقَامَةَ جَمَاعَةٍ أُخْرَى فَانْتِظَارُهَا أَفْضَلُ لِيَحْصُلَ لَهُ كَمَالُ فَضِيلَتِهَا تَامَّةً، وَالْأَوْجَهُ أَنَّ مَحَلَّهُ عِنْدَ أَمْنِ فَوْتِ فَضِيلَةِ أَوَّلِ الْوَقْتِ أَوْ وَقْتِ الِاخْتِيَارِ، وَلَوْ فِي حَالَةِ التَّيَقُّنِ، وَإِلَّا فَعَلَهَا مَعَهُمْ، وَلَا يُنَافِيهِ مَا مَرَّ فِي مُنْفَرِدٍ رَجَا الْجَمَاعَةَ لِظُهُورِ الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا، وَأَفْتَى بَعْضُهُمْ بِأَنَّهُ لَوْ قَصَدَهَا فَلَمْ يُدْرِكْهَا كُتِبَ لَهُ أَجْرُهَا لِحَدِيثٍ فِيهِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ دَلِيلًا لَا نَقْلًا.

(وَلْيُخَفِّفْ الْإِمَامُ) اسْتِحْبَابًا (مَعَ فِعْلِ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

فَلَوْ قَالَ الرَّكْعَةُ كَانَ أَوْضَحَ (قَوْلُهُ: بَلْ يَمْشِي بِسَكِينَةٍ) أَيْ وَفِي فَضْلِ اللَّهِ تَعَالَى حَيْثُ قَصَدَ امْتِثَالَ أَمْرِ الشَّارِعِ بِالتَّأَنِّي أَنْ يُثِيبَهُ عَلَى ذَلِكَ قَدْرَ فَضِيلَةِ التَّحَرُّمِ أَوْ فَوْقَهَا (قَوْلُهُ: أَسْرَعَ) أَيْ وُجُوبًا (قَوْلُهُ: وَكَانَتْ) أَيْ الصَّلَوَاتُ (قَوْلُهُ: أَسْرَعَ أَيْضًا) أَيْ وُجُوبًا (قَوْلُهُ: عَدَمُ الْإِسْرَاعِ) أَيْ نُدِبَ عَدَمُ الْإِسْرَاعِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَجْلِسْ) أَيْ وَيَحْرُمُ عَلَيْهِ الْجُلُوسُ؛ لِأَنَّهُ كَانَ لِلْمُتَابَعَةِ، وَقَدْ فَاتَتْ بِسَلَامِ الْإِمَامِ، فَإِنْ جَلَسَ عَامِدًا عَالِمًا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ، وَإِنْ كَانَ نَاسِيًا أَوْ جَاهِلًا لَمْ تَبْطُلْ، وَيَجِبُ الْقِيَامُ فَوْرًا إذَا عَلِمَ وَيَسْجُدُ لِلسَّهْوِ فِي آخِرِ صَلَاتِهِ؛ لِأَنَّهُ فَعَلَ مَا يُبْطِلُ عَمْدُهُ. (قَوْلُهُ: أَوْ لَا) أَيْ أَوْ لَا تَنْعَقِدُ جَمَاعَةً بَلْ فُرَادَى كَمَا يُفِيدُهُ التَّرْدِيدُ بَيْنَ حُصُولِ الْجَمَاعَةِ وَعَدَمِ حُصُولِهَا، وَلَوْ أَرَادَ عَدَمَ انْعِقَادِهَا أَصْلًا لَقَالَ هَلْ تَنْعَقِدُ صَلَاتُهُ أَوْ لَا.

هَذَا وَقَدْ نُقِلَ عَنْهُ أَنَّهُ ذَكَرَ أَوَّلًا أَنَّهَا لَا تَنْعَقِدُ أَصْلًا ثُمَّ رَجَعَ وَاعْتَمَدَ انْعِقَادَهَا فُرَادَى، قَالَ الْخَطِيبُ: وَمِثْلُ ذَلِكَ فِي انْعِقَادِهَا فُرَادَى مَا لَوْ تَقَارَنَا (قَوْلُهُ: فَلَا تُدْرَكُ إلَّا بِرَكْعَةٍ) أَيْ وَعَلَيْهِ فَلَوْ أَدْرَكَ الْإِمَامَ بَعْدَ رُكُوعِ الثَّانِيَةِ صَحَّتْ قُدْوَتُهُ، وَحَصَلَتْ فَضِيلَةُ الْجَمَاعَةِ، وَإِنْ فَاتَتْهُ الْجُمُعَةُ وَصَلَّى ظُهْرًا، فَقَوْلُهُ أَوَّلًا فِي غَيْرِ الْجُمُعَةِ لَعَلَّ مُرَادَهُ أَنَّ الْجُمُعَةَ لَا تُدْرَكُ بِمَا ذَكَرَ مِنْ الِاقْتِدَاءِ بِهِ قُبَيْلَ السَّلَامِ، لَا أَنَّ فَضِيلَةَ الْجَمَاعَةِ لَا تَحْصُلُ لَهُ، وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ هُوَ الظَّاهِرَ مِنْ عِبَارَتِهِ (قَوْلُهُ: لَوْ أَمْكَنَهُ إدْرَاكُ بَعْضِ جَمَاعَةٍ إلَخْ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ إدْرَاكِ إمَامِ الْأُولَى بَعْدَ رُكُوعِ الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ وَبَيْنَ إدْرَاكِهِ قَبْلَهُ كَأَنْ أَدْرَكَهُ فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ أَوْ الثَّالِثَةِ، وَأَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِ الْجَمَاعَةِ الْأُولَى أَكْثَرَ أَوْ لَا.

وَعِبَارَةُ شَيْخِنَا الزِّيَادِيِّ: وَيُسَنُّ لِجَمْعٍ حَضَرُوا وَالْإِمَامُ قَدْ فَرَغَ مِنْ الرُّكُوعِ الْأَخِيرِ أَنْ يَصْبِرُوا إلَى أَنْ يُسَلِّمَ الْإِمَامُ ثُمَّ يَحْرُمُوا مَا لَمْ يَضِقْ الْوَقْتُ، وَإِنْ خَرَجَ بِالتَّأْخِيرِ وَقْتُ الِاخْتِيَارِ عَلَى الْأَوْجَهِ، وَكَذَا لَوْ سَبَقَ بِبَعْضِ الصَّلَاةِ وَرَجَا جَمَاعَةً يُدْرِكُ مَعَهُمْ الْكُلَّ: أَيْ إنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ وُجُودُهُمْ وَكَانُوا مُسَاوِينَ لِهَذِهِ الْجَمَاعَةِ فِي جَمِيعِ مَا مَرَّ، فَمَتَى كَانَ فِي هَذِهِ شَيْءٌ مِمَّا يُقَدَّمُ بِهِ الْجَمْعُ الْقَلِيلُ كَانَتْ أَوْلَى (قَوْلُهُ: لِظُهُورِ الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا) أَيْ وَهُوَ أَنَّهُ فِيمَا نَحْنُ

ــ

[حاشية الرشيدي]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ص: 145

الْأَبْعَاضِ وَالْهَيْئَاتِ) أَيْ بَقِيَّةِ السُّنَنِ جَمِيعُ مَا يَفْعَلُهُ مِنْ وَاجِبٍ وَمُسْتَحَبٍّ بِحَيْثُ لَا يَقْتَصِرُ عَلَى الْأَقَلِّ وَلَا يَسْتَوْفِي الْأَكْمَلَ السَّابِقَ فِي صِفَةِ الصَّلَاةِ، وَإِلَّا كُرِهَ بَلْ يَأْتِي بِأَدْنَى الْكَمَالِ لِخَبَرِ «إذَا أَمَّ أَحَدُكُمْ النَّاسَ فَلْيُخَفِّفْ فَإِنَّ فِيهِمْ الضَّعِيفَ وَالسَّقِيمَ وَذَا الْحَاجَةِ، وَإِذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ لِنَفْسِهِ فَلْيُطِلْ مَا شَاءَ» (إلَّا أَنْ يَرْضَى) جَمِيعُهُمْ (بِتَطْوِيلِهِ) لَفْظًا أَوْ سُكُوتًا مَعَ عِلْمِهِ بِرِضَاهُمْ فِيمَا يَظْهَرُ وَهُمْ (مَحْصُورُونَ) لَا يُصَلِّي وَرَاءَهُ غَيْرُهُمْ وَلَمْ يَتَعَلَّقْ بِعَيْنِهِمْ حَقٌّ كَأُجَرَاءِ عَيْنٍ عَلَى عَمَلٍ نَاجِزٍ وَأَرِقَّاءَ وَمُتَزَوِّجَاتٍ كَمَا مَرَّ وَهُوَ بِمَسْجِدٍ غَيْرِ مَطْرُوقٍ وَلَمْ يَطْرَأْ غَيْرُهُمْ فَيُسَنُّ لَهُ التَّطْوِيلُ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ.

وَيُحْمَلُ عَلَيْهِ تَطْوِيلُهُ صلى الله عليه وسلم فِي بَعْضِ الْأَحْيَانِ، فَإِنْ انْتَفَى شَرْطٌ مِمَّا ذُكِرَ كُرِهَ لَهُ التَّطْوِيلُ فَإِنْ جَهِلَ حَالَهُمْ أَوْ اخْتَلَفُوا لَمْ يُطَوِّلْ إلَّا إنْ قَلَّ مَنْ لَمْ يَرْضَ وَكَانَ مُلَازِمًا فَلَا يُعَوَّلُ عَلَيْهِ وَلَا يَفُوتُ حَقُّ الرَّاضِينَ لِهَذَا الْفَرْدِ الْمُلَازِمِ، فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ مَرَّةً أَوْ نَحْوَهَا خَفَّفَ لِأَجْلِهِ، كَذَا أَفْتَى بِهِ ابْنُ الصَّلَاحِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ: وَهُوَ حَسَنٌ مُتَعَيَّنٌ.

وَمَا اعْتَرَضَ بِهِ مِنْ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم خَفَّفَ لِبُكَاءِ الصَّغِيرِ وَشَدَّدَ النَّكِيرَ عَلَى مُعَاذٍ فِي تَطْوِيلِهِ مِنْ غَيْرِ اسْتِفْصَالٍ، وَمِنْ أَنَّ مَفْسَدَةَ تَنْفِيرِ غَيْرِ الرَّاضِي لَا تُسَاوِي مَصْلَحَتَهُ، رُدَّ بِأَنَّ قِصَّةَ بُكَاءِ الصَّبِيِّ وَمُعَاذٍ لَا كَثْرَةَ فِيهِمَا فَلَا يُنَافِي مَا مَرَّ. أَمَّا الْأَرِقَّاءُ وَالْأُجَرَاءُ الْمَذْكُورُونَ فَلَا يُعْتَبَرُ رِضَاهُمْ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُمْ التَّطْوِيلُ عَلَى مِقْدَارِ صَلَاتِهِمْ عَلَى الِانْفِرَادِ بِغَيْرِ إذْنِ مَنْ لَهُ الْحَقُّ نَبَّهَ عَلَى ذَلِكَ الْأَذْرَعِيُّ.

(وَيُكْرَهُ) لِلْإِمَامِ (التَّطْوِيلُ لِيَلْحَقَ آخَرُونَ) لِمَا فِيهِ مِنْ ضَرَرِ الْحَاضِرِينَ مَعَ تَقْصِيرِ مَنْ لَمْ يَحْضُرْ بِعَدَمِ الْمُبَادَرَةِ، لَا سِيَّمَا وَفِي عَدَمِ انْتِظَارِهِمْ حَثٌّ عَلَى مُبَادَرَتِهِمْ لَهَا وَسَوَاءٌ أَجَرَتْ عَادَتُهُمْ بِالْحُضُورِ أَمْ لَا، وَمَا وَرَدَ فِي عِدَّةِ أَحَادِيثِ صَحِيحَةٍ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم كَانَ يُطِيلُ الْأُولَى لِيُدْرِكَهَا النَّاسُ فَيَكُونُ مُسْتَثْنًى مِنْ إطْلَاقِهِمْ مَا لَمْ يُبَالِغْ فِي تَطْوِيلِهَا غَيْرُ مُنَافٍ لِمَا تَقَرَّرَ، إذْ تَطْوِيلُهُ عليه الصلاة والسلام لَهَا عَلَى الثَّانِيَةِ لَيْسَ لِهَذَا الْقَصْدِ، وَإِنَّمَا هُوَ لِكَوْنِ النَّشَاطِ فِيهَا أَكْثَرَ وَالْوَسْوَسَةِ أَقَلَّ، وَمَنْ صَرَّحَ بِأَنَّ حِكْمَتَهُ إدْرَاكُ قَاصِدِ الْجَمَاعَةِ لَهَا مُرَادُهُ بِهِ أَنَّهُ مِنْ فَوَائِدِهَا لَا أَنَّهُ يَقْصِدُ تَطْوِيلَهَا لِذَلِكَ.

وَقَوْلُ الرَّاوِي كَيْ يُدْرِكَهَا النَّاسُ تَعْبِيرٌ بِحَسَبِ مَا فَهِمَهُ لَا أَنَّهُ عليه الصلاة والسلام قَصَدَ ذَلِكَ، فَالْحَقُّ مَا قَالُوهُ مِنْ تَطْوِيلِ الْأُولَى عَلَى الثَّانِيَةِ وَأَنَّهُ لَا مُنَافَاةَ، وَأَيْضًا

ــ

[حاشية الشبراملسي]

فِيهِ أَدْرَكَ الْجَمَاعَةَ فِي الصَّلَاتَيْنِ غَايَتُهُ أَنَّهَا فِي الثَّانِيَةِ أَكْمَلُ.

(قَوْلُهُ: وَلَا يَسْتَوْفِي الْأَكْمَلَ) عَمِيرَةُ اُنْظُرْ اسْتِيفَاءَهُ الم ~ وَهَلْ أَتَى يَوْمُ الْجُمُعَةِ، وَالْوَجْهُ اسْتِثْنَاءُ ذَلِكَ وَنَحْوِهِ مِمَّا وَرَدَ بِخُصُوصِهِ، ثُمَّ رَأَيْت م ر جَزَمَ بِذَلِكَ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ. وَقَوْلُهُ وَلَا يَسْتَوْفِي الْأَكْمَلَ لَعَلَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ بِالنِّسْبَةِ لِلْأَبْعَاضِ فَإِنَّهُ لَا يَتْرُكُ شَيْئًا مِنْ التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ وَلَا مِنْ الْقُنُوتِ وَالصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِيهِ (قَوْلُهُ: بَلْ يَأْتِي بِأَدْنَى الْكَمَالِ) وَمِنْهُ الدُّعَاءُ فِي الْجُلُوسِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ فَيَأْتِي بِهِ الْإِمَامُ وَلَوْ لِغَيْرِ مَحْصُورِينَ لِقِلَّتِهِ. (قَوْلُهُ: لِخَبَرِ «إذَا أَمَّ أَحَدُكُمْ» إلَخْ) عَمِيرَةُ. وَلَهُمَا أَيْضًا عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه قَالَ «مَا صَلَّيْت خَلْفَ أَحَدٍ قَطُّ أَخَفَّ صَلَاةً وَلَا أَتَمَّ مِنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم» . اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ.

(قَوْلُهُ: الضَّعِيفُ وَالسَّقِيمُ) يَجُوزُ أَنَّهُ مِنْ عَطْفِ أَحَدِ الْمُتَسَاوِيَيْنِ عَلَى الْآخَرِ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالسَّقِيمِ مَنْ بِهِ مَرَضٌ عُرْفًا، وَبِالضَّعِيفِ مَنْ بِهِ ضَعْفٌ بِنْيَةٍ كَنَحَافَةٍ وَنَحْوِهَا وَلَيْسَ فِيهِ مَرَضٌ مِنْ الْأَمْرَاضِ الْمُتَعَارَفَةِ (قَوْلُهُ: فَلْيُطِلْ مَا شَاءَ) مِنْ تَتِمَّةِ الْحَدِيثِ (قَوْلُهُ: حَسَنٌ مُتَعَيَّنٌ) قَالَ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ بَعْدَ مَا ذَكَرَ: وَخَالَفَهُمَا أَيْ ابْنُ الصَّلَاحِ وَالنَّوَوِيُّ السُّبْكِيُّ انْتَهَى.

وَعَدَمُ تَعَرُّضِ الشَّارِحِ لِمَا ذَكَرَهُ السُّبْكِيُّ ظَاهِرٌ فِي اعْتِمَادِ كَلَامِ ابْنِ الصَّلَاحِ (قَوْلُهُ: عَلَى الِانْفِرَادِ) هَذَا مُخَالِفٌ لِمَا سَبَقَ عَنْ الشَّارِحِ فِي كَلَامِ سم مَنْهَجٍ فَلْيُتَأَمَّلْ. إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّ صَلَاتِهِمْ مَعَ الِانْفِرَادِ حَيْثُ أَتَوْا فِيهَا بِأَدْنَى الْكَمَالِ مِمَّا يُطْلَبُ لَا يَنْقُصُ

ــ

[حاشية الرشيدي]

(قَوْلُهُ: لَا تُسَاوِي مَصْلَحَتَهُ) أَيْ الرَّاضِي.

(قَوْلُهُ: لَيْسَ لِهَذَا الْقَصْدِ) يُنَاقِضُهُ مَا قَرَّرَهُ قَبْلُ أَنَّهُ بِهَذَا الْقَصْدِ، وَكَأَنَّ مَا مَرَّ نَقَلَهُ الشَّارِحُ عَنْ غَيْرِهِ وَإِنْ لَمْ يُصَرِّحْ بِالنَّقْلِ، وَقَصَدَ بِقَوْلِهِ غَيْرَ مَنَافٍ إلَخْ الرَّدَّ عَلَيْهِ وَإِنْ لَمْ تَفِ بِهِ الْعِبَارَةُ ثُمَّ رَأَيْته

ص: 146

فَالْكَرَاهَةُ هُنَا فِي تَطْوِيلٍ زَائِدٍ عَلَى هَيْئَاتِ الصَّلَاةِ. وَمَعْلُومٌ أَنَّ تَطْوِيلَ الْأُولَى عَلَى الثَّانِيَةِ مِنْ هَيْئَاتِهَا، وَجَزْمُهُمْ بِالْكَرَاهَةِ هُنَا وَحِكَايَتُهُمْ لِلْخِلَافِ فِي الْمَسْأَلَةِ عَقِبَهَا ظَاهِرٌ لِتَأَكُّدِ حَقِّ الدَّاخِلِ ثُمَّ بِلُحُوقِهِ فِيمَا يَتَوَقَّفُ انْتِظَارُهُ فِيهِ عَلَى إدْرَاكِ الرَّكْعَةِ أَوْ الْجَمَاعَةِ فَعُذِرَ بِانْتِظَارِهِ بِخِلَافِهِ هُنَا؛ وَلِأَنَّ تِلْكَ فِيمَنْ دَخَلَ وَأَحَسَّ بِهِ الْإِمَامُ بِخِلَافِهِ هُنَا، وَلَوْ أُقِيمَتْ الصَّلَاةُ كُرِهَ الِانْتِظَارُ أَيْضًا. وَقَوْلُ الْمَاوَرْدِيِّ: وَلَوْ أُقِيمَتْ الصَّلَاةُ لَمْ يَحِلَّ لِلْإِمَامِ أَنْ يَنْتَظِرَ مَنْ لَمْ يَحْضُرْ لَا يَخْتَلِفُ الْمَذْهَبُ فِيهِ مَعْنَاهُ كَمَا أَفَادَهُ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يَحِلُّ حِلًّا مُسْتَوِي الطَّرَفَيْنِ، فَيُكْرَهُ تَنْزِيهًا، وَإِنْ جَزَمَ فِي الْعُبَابِ بِالْحُرْمَةِ بِحَسَبِ مَا فَهِمَهُ.

(وَلَوْ)(أَحَسَّ) الْإِمَامُ (فِي الرُّكُوعِ) الَّذِي تُدْرَكُ بِهِ الرَّكْعَةُ (أَوْ التَّشَهُّدِ الْأَخِيرِ بِدَاخِلٍ) مَحَلَّ الصَّلَاةِ لِيَأْتَمَّ بِهِ (لَمْ يُكْرَهْ انْتِظَارُهُ)(فِي الْأَظْهَرِ) مِنْ أَقْوَالٍ أَرْبَعَةٍ مُلَفَّقَةٍ مِنْ طُرُقٍ ثَمَانِيَةٍ؛ لِعُذْرِهِ بِإِدْرَاكِهِ الرَّكْعَةَ أَوْ الْجَمَاعَةَ (إنْ لَمْ يُبَالِغْ فِيهِ) أَيْ التَّطْوِيلِ، وَإِلَّا بِأَنْ كَانَ لَوْ وَزَّعَ عَلَى جَمِيعِ أَفْعَالِ الصَّلَاةِ لَظَهَرَ لَهُ أَثَرٌ مَحْسُوسٌ فِي كُلٍّ عَلَى انْفِرَادِهِ كُرِهَ لَوْ لَحِقَ آخَرُ، وَكَانَ انْتِظَارُهُ وَحْدَهُ لَا يُؤَدِّي إلَى الْمُبَالَغَةِ وَلَكِنْ يُؤَدِّي إلَيْهَا مَعَ ضَمِيمَتِهِ إلَى الْأَوَّلِ كَانَ مَكْرُوهًا بِلَا شَكٍّ قَالَهُ الْإِمَامُ (وَلَمْ يَفْرُقْ) بِضَمِّ الرَّاءِ (بَيْنَ الدَّاخِلِينَ) بِانْتِظَارِ بَعْضِهِمْ لِنَحْوِ دِينٍ أَوْ صَدَاقَةٍ أَوْ مُلَازَمَةٍ دُونَ بَعْضٍ، بَلْ يُسَوِّي بَيْنَهُمْ فِي الِانْتِظَارِ لِلَّهِ تَعَالَى، فَإِنْ مَيَّزَ بَيْنَهُمْ وَلَوْ لِنَحْوِ شَرَفٍ أَوْ عِلْمٍ أَوْ قَرَابَةٍ أَوْ انْتَظَرَهُمْ لَا لِلَّهِ تَعَالَى بَلْ لِلتَّوَدُّدِ إلَيْهِمْ كَانَ مَكْرُوهًا، وَإِنْ ذَهَبَ الْفُورَانِيُّ إلَى حُرْمَتِهِ عِنْدَ قَصْدِ التَّوَدُّدِ، وَقَوْلُ الْكِفَايَةِ: إنْ قَصَدَ بِانْتِظَارِهِ غَيْرَ وَجْهِ اللَّهِ تَعَالَى بِأَنْ كَانَ يُمَيِّزُ فِي انْتِظَارِهِ بَيْنَ دَاخِلٍ وَدَاخِلٍ لَمْ يَصِحَّ قَوْلًا وَاحِدًا مَرْدُودٌ كَمَا قَالَهُ ابْنُ الْعِمَادِ بِأَنَّهُ سَبْقُ قَلَمٍ مِنْ لَمْ يَسْتَحِبَّ إلَى لَمْ يَصِحَّ بِدَلِيلِ حِكَايَتِهِ بَعْدَ ذَلِكَ فِي الْبُطْلَانِ قَوْلَيْنِ، وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ بِدَاخِلٍ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

فِي الْغَالِبِ عَنْ صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ.

(قَوْلُهُ: بِالْحُرْمَةِ) لَعَلَّ وَجْهَ الْحُرْمَةِ أَنَّ فِيهِ إيهَامًا لِعَدَمِ تَعْظِيمِ الصَّلَاةِ وَالتَّشَاغُلِ عَنْهَا لِأَغْرَاضٍ دُنْيَوِيَّةٍ.

(قَوْلُهُ: وَلَوْ أَحَسَّ الْإِمَامُ) وَفِي نُسْخَةٍ أَوْ الْمُصَلِّي، وَالْأَوْلَى إسْقَاطُهَا إذْ الْمُنْفَرِدُ إذَا أَحَسَّ بِدَاخِلٍ يُرِيدُ الِاقْتِدَاءَ بِهِ يَنْتَظِرُهُ، وَلَوْ مَعَ نَحْوِ تَطْوِيلٍ إلَخْ. وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ مُرَادُهُ بِقَوْلِهِ أَوْ الْمُصَلِّي الْإِشَارَةَ إلَى مَا سَيَأْتِي مِنْ أَنَّهُ إمَّا أَنْ يَرْجِعَ الضَّمِيرُ إلَى الْمُصَلِّي أَوْ الْإِمَامِ بِقَطْعِ النَّظَرِ عَنْ وَاحِدٍ بِعَيْنِهِ.

وَقَوْلُهُ وَخَرَجَ إلَخْ بِالنَّظَرِ إلَى مَا اسْتَظْهَرَهُ فَيَكُونُ تَفْصِيلًا بَعْدَ إجْمَالٍ (قَوْلُهُ: الَّذِي تُدْرَكُ بِهِ الرَّكْعَةُ) احْتَرَزَ بِهِ عَنْ الرُّكُوعِ الثَّانِي مِنْ رُكُوعَيْ الْكُسُوفِ (قَوْلُهُ: مِنْ أَقْوَالٍ أَرْبَعَةٍ) الَّذِي يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِ الْمَحَلِّيِّ ثَلَاثَةٌ فَقَطْ وَعِبَارَتُهُ يُكْرَهُ يُسْتَحَبُّ لَا يُكْرَهُ وَلَا يُسْتَحَبُّ، لَكِنْ عِبَارَةُ الْخَطِيبِ: وَالْقَوْلُ الرَّابِعُ إنَّهُ مُبْطِلٌ لِلصَّلَاةِ مُطْلَقًا (قَوْلُهُ: لِعُذْرِهِ) أَيْ الْإِمَامِ بِقَصْدِ إدْرَاكِ الْمَأْمُومِ الرَّكْعَةَ إلَخْ، وَلَوْ قَالَ لِعُذْرِهِ بِتَحْصِيلِ الرَّكْعَةِ أَوْ الْجَمَاعَةِ لِلدَّاخِلِ كَانَ أَوْضَحَ (قَوْلُهُ: مَعَ ضَمِيمَتِهِ إلَى الْأَوَّلِ) وَسَوَاءٌ كَانَ دُخُولُ الْآخَرِ فِي الرُّكُوعِ الَّذِي انْتَظَرَ فِيهِ الْأَوَّلُ أَوْ فِي رُكُوعٍ آخَرَ انْتَهَى ابْنُ حَجَرٍ بِالْمَعْنَى. وَقِيَاسُهُ أَنَّ الْآخَرَ إذَا دَخَلَ فِي التَّشَهُّدِ كَانَ حُكْمُهُ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَلَمْ يُفَرَّقْ بِضَمِّ الرَّاءِ) قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ: فَرَّقْت بَيْنَ الشَّيْئَيْنِ فَرْقًا مِنْ بَابِ قَتَلَ: فَصَلْت أَبْعَاضَهُ، وَفَرَّقَتْ بَيْنَ الْحَقِّ وَالْبَاطِلِ: فَصَلْت أَيْضًا هَذِهِ اللُّغَةُ الْعَالِيَةُ وَبِهَا قَرَأَ السَّبْعَةُ فِي قَوْلِهِ {فَافْرُقْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ} [المائدة: 25] وَفِي لُغَةٍ مِنْ بَابِ ضَرَبَ، وَقَرَأَ بِهَا بَعْضُ التَّابِعِينَ.

وَقَالَ ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ: فَرَقْت بَيْنَ الْكَلَامَيْنِ فَافْتَرَقَا مُخَفَّفٌ، وَفَرَّقْت بَيْنَ الْعَبْدَيْنِ فَتَفَرَّقَا مُثَقَّلٌ، فَجَعَلَ الْمُخَفَّفَ فِي الْمَعَانِي وَالْمُثَقَّلَ فِي الْأَعْيَانِ، وَاَلَّذِي حَكَاهُ

ــ

[حاشية الرشيدي]

كَذَلِكَ فِي عِبَارَةِ التُّحْفَةِ (قَوْلُهُ: وَأَحَسَّ بِهِ الْإِمَامُ بِخِلَافِهِ هُنَا) اسْتَبْعَدَهُ الشِّهَابُ حَجّ فِي تُحْفَتِهِ وَبَيَّنَ وَجْهَ بُعْدِهِ فَلْيُرَاجَعْ.

(قَوْلُهُ: الْإِمَامُ) أَيْ عَلَى الْمَرَضِيِّ عِنْدَهُ إذْ هُوَ مَحَلُّ التَّفْصِيلِ وَالْخِلَافِ الْآتِي كَمَا أَفْصَحَ بِهِ الشِّهَابُ حَجّ. وَقَوْلُهُ: أَيْ أَوْ الْمُصَلِّي غَرَضُهُ مِنْهُ إبْدَاءُ مُجَرَّدِ تَجَوُّزِهِ فِي الْعِبَارَةِ فِي تَرْجِيعِ الضَّمِيرِ، لَكِنَّهُ غَيْرُ مَرَضِيٍّ لَهُ بِدَلِيلِ تَصْدِيرِهِ بِالْأَوَّلِ وَإِتْيَانِهِ فِي الثَّانِي بِحَرْفِ التَّفْسِيرِ فَلَا تُنَافِي كَلَامَهُ (قَوْلُهُ: مِنْ أَقْوَالٍ أَرْبَعَةٍ) بَلْ سِتَّةٌ كَمَا بَيَّنَهَا الْكَمَالُ الدَّمِيرِيِّ

ص: 147

مَنْ أَحَسَّ بِهِ قَبْلَ شُرُوعِهِ فِي الدُّخُولِ فَلَا يَنْتَظِرُهُ لِعَدَمِ ثُبُوتِ حَقٍّ لَهُ إلَى الْآنَ.

وَبِهِ يَنْدَفِعُ مَا اُسْتُشْكِلَ بِهِ بِأَنَّ الْعِلَّةَ إنْ كَانَتْ التَّطْوِيلُ انْتَقَضَ بِخَارِجٍ قَرِيبٍ مَعَ صِغَرِ الْمَسْجِدِ وَدَاخِلٍ بَعِيدٍ مَعَ سِعَتِهِ، وَخَرَجَ بِقَوْلِنَا الْإِمَامُ الْمُنْفَرِدُ إذَا أَحَسَّ بِدَاخِلِ يُرِيدُ الِاقْتِدَاءَ بِهِ، فَقِيلَ إنَّهُ يَنْتَظِرُهُ وَلَوْ مَعَ نَحْوِ تَطْوِيلٍ طَوِيلٍ لِفَقْدِ مَنْ يَتَضَرَّرُ بِهِ.

وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ إمَامَ الرَّاضِينَ بِشُرُوطِهِمْ الْمُتَقَدِّمَةِ كَذَلِكَ وَهُوَ ظَاهِرٌ، لَكِنْ مُقْتَضَى كَلَامِ الْمُصَنِّفِ عَدَمُ الِانْتِظَارِ مُطْلَقًا كَمَا قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ، وَإِنْ قَالَ فِي الْكِفَايَةِ إنَّهُ لَمْ يَقِفْ فِيهِ عَلَى نَقْلٍ صَرِيحٍ لَا سِيَّمَا إنْ رَجَعَ الضَّمِيرُ فِي أَحَسَّ لِلْمُصَلِّي لَا لِلْإِمَامِ (قُلْت: الْمَذْهَبُ اسْتِحْبَابُ انْتِظَارِهِ) بِالشُّرُوطِ الْمَذْكُورَةِ وَهُوَ الْقَوْلُ الثَّانِي (وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) لِخَبَرِ أَبِي دَاوُد «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَنْتَظِرُ مَا دَامَ يَسْمَعُ وَقْعَ نَعْلٍ» وَلِأَنَّهُ إعَانَةٌ عَلَى خَيْرٍ مِنْ إدْرَاكِ الرَّكْعَةِ أَوْ الْجَمَاعَةِ، وَشَمِلَ ذَلِكَ مَا إذَا كَانَتْ صَلَاةُ الْمَأْمُومِ غَيْرَ مُغْنِيَةٍ عَنْ الْقَضَاءِ وَهُوَ كَذَلِكَ فِيمَا يَظْهَرُ.

نَعَمْ لَوْ كَانَ الدَّاخِلُ يَعْتَادُ الْبُطْءَ وَتَأْخِيرَ الْإِحْرَامِ لِلرُّكُوعِ سُنَّ عَدَمُهُ زَجْرًا لَهُ، أَوْ خَشِيَ فَوْتَ الْوَقْتِ بِانْتِظَارِهِ حَرُمَ فِي الْجُمُعَةِ، وَفِي غَيْرِهَا حَيْثُ امْتَنَعَ الْمَدُّ بِأَنْ شَرَعَ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

غَيْرُهُ أَنَّهُمَا بِمَعْنَى، وَالتَّثْقِيلُ مُبَالَغَةً. اهـ.

(قَوْلُهُ: وَبِهِ يَنْدَفِعُ) أَيْ وَبِهَذَا التَّوْجِيهِ وَهُوَ قَوْلُهُ: لِعَدَمِ ثُبُوتِ حَقٍّ لَهُ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَلَوْ مَعَ نَحْوِ تَطْوِيلٍ) وَمَعْلُومٌ أَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ لَهُ عُذْرٌ يُرَخِّصُ فِي تَرْكِ الْجَمَاعَةِ كَالْخَوْفِ عَلَى مَالِهِ لَوْ انْتَظَرَ (قَوْلُهُ: عَدَمُ الِانْتِظَارِ) مُعْتَمَدٌ، وَقَوْلُهُ مُطْلَقًا: أَيْ إمَامًا أَوْ غَيْرَهُ رَضِيَ الْمَأْمُومُونَ أَمْ لَا (قَوْلُهُ: كَمَا قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ إلَخْ) قَضِيَّةُ مَا نَقَلَهُ سم عَلَى مَنْهَجٍ عَنْ الشَّارِحِ اعْتِمَادُ هَذَا، وَعِبَارَتُهُ قَوْلُهُ: فِي رُكُوعٍ أَوَّلٍ إلَخْ.

قَرَّرَ م ر أَنَّ الِانْتِظَارَ فِي ذَلِكَ مَحَلُّهُ إذَا لَمْ يَكُونُوا غَيْرَ مَحْصُورِينَ وَلَمْ يَرْضَوْا بِالتَّطْوِيلِ، ثُمَّ قَالَ: يُسَنُّ الِانْتِظَارُ وَإِنْ كَانُوا غَيْرَ مَحْصُورِينَ وَلَمْ يَرْضَوْا. وَلَا تَنَافِيَ بَيْنَ قَوْلِهِ أَوَّلًا إذَا لَمْ يَكُونُوا غَيْرَ مَحْصُورِينَ، وَقَوْلِهِ ثَانِيًا وَإِنْ كَانُوا غَيْرَ مَحْصُورِينَ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِالِانْتِظَارِ فِي الْأَوَّلِ مَا فُقِدَتْ فِيهِ الشُّرُوطُ، وَبِالثَّانِي مَا اجْتَمَعَتْ فِيهِ الشُّرُوطُ، وَقَوْلُهُ لَا سِيَّمَا مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ لَكِنَّ مُقْتَضَى كَلَامِ الْمُصَنِّفِ إلَخْ (قَوْلُهُ: غَيْرُ مُغْنِيَةٍ) كَالْمُتَيَمِّمِ بِمَحَلٍّ يَغْلِبُ فِيهِ وُجُودُ الْمَاءِ (قَوْلُهُ: سُنَّ عَدَمُهُ زَجْرًا لَهُ) وَيَنْبَغِي أَنَّهُ

ــ

[حاشية الرشيدي]

(قَوْلُهُ: وَيُؤْخَذُ مِنْهُ إلَى قَوْلِهِ وَهُوَ ظَاهِرٌ) مِنْ تَمَامِ الْقِيلِ وَقَائِلُهُ الشِّهَابُ حَجّ إلَّا أَنَّهُ عَبَّرَ بِقَوْلِهِ وَهُوَ مُتَّجِهٌ بَدَلَ قَوْلِهِ وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَالشَّارِحُ كَأَنَّهُ تَبِعَهُ أَوَّلًا كَمَا فِي نُسَخٍ، ثُمَّ رَجَعَ فَأَلْحَقَ فِي نُسَخٍ لَفْظَ فَقِيلَ عَقِبَ قَوْلِهِ يُرِيدُ الِاقْتِدَاءَ بِهِ، ثُمَّ أَعْقَبَهُ بِقَوْلِهِ لَكِنَّ مُقْتَضَى كَلَامِ الْمُصَنِّفِ إلَخْ، كَمَا أَلْحَقَ فِي هَذِهِ النُّسَخِ لَفْظَ أَيْ أَوْ الْمُصَلِّي فِيمَا مَرَّ فِي حَلِّ الْمَتْنِ بَعْدَ أَنْ لَمْ تَكُنْ (قَوْلُهُ: لَكِنَّ مُقْتَضَى كَلَامِ الْمُصَنِّفِ عَدَمُ الِانْتِظَارِ) يَعْنِي الْمُشْتَمِلَ عَلَى مُبَالَغَةٍ، وَقَوْلُهُ: مُطْلَقًا: أَيْ سَوَاءٌ الْإِمَامُ وَغَيْرُهُ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ كَلَامِ الْإِسْنَوِيِّ.

وَعِبَارَتُهُ: مُقْتَضَى كَلَامِ الْمُصَنِّفِ جَرَيَانُ الْخِلَافِ فِي الْمُنْفَرِدِ وَالْإِمَامِ إنْ لَمْ يَجْعَلْ الضَّمِيرَ فِي أَحَسَّ عَائِدًا إلَى الْإِمَامِ بَلْ إلَى الْمُصَلِّي وَهُوَ الْمُتَّجِهُ اهـ.

لَكِنَّ قَوْلَهُ وَإِنْ قَالَ فِي الْكِفَايَةِ فِيمَا فَرَضَ فِيهِ الْإِسْنَوِيُّ كَلَامَهُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ، فَإِنَّ كَلَامَ الْكِفَايَةِ مَفْرُوضٌ فِي إمَامِ الرَّاضِينَ خَاصَّةً.

وَعِبَارَتُهُ: فَائِدَةٌ: هَلْ مَحَلُّ الْخِلَافِ فِي الِاسْتِحْبَابِ وَغَيْرِهِ مَخْصُوصٌ بِمَا إذَا لَمْ يُؤْثِرْ الْمَأْمُومُونَ التَّطْوِيلَ أَوْ يَشْمَلُ الْحَالَيْنِ؟ هَذَا لَمْ أَقِفْ فِيهِ عَلَى نَقْلٍ، وَلَكِنَّ كَلَامَ بَعْضِهِمْ يُفْهِمُ أَنَّهُ مَخْصُوصٌ بِمَا إذَا لَمْ يُؤْثِرْهُ وَإِلَى آخِرِ مَا ذَكَرَهُ، عَلَى أَنَّ كَلَامَ الْكِفَايَةِ مِنْ عَدَمِ وُقُوفِهِ عَلَى نَقْلٍ صَرِيحٍ فِي الْمَسْأَلَةِ لَا يُنَافِي مَا ذَكَرَهُ الْإِسْنَوِيُّ بِفَرْضِ أَنَّ فَرْضَ كَلَامِهِمَا وَاحِدٌ حَتَّى يَسُوغَ لِلشَّارِحِ أَخْذُهُ غَايَةً لَهُ بِقَوْلِهِ وَإِنْ قَالَ فِي الْكِفَايَةِ إلَخْ، ثُمَّ قَوْلُهُ: لَا سِيَّمَا إلَخْ يَقْتَضِي أَنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ يَقْتَضِي مَا ذَكَرَهُ الْإِسْنَوِيُّ سَوَاءٌ أَجَعَلَ الضَّمِيرَ فِيهِ رَاجِعًا إلَى الْمُصَلِّي كَمَا مَرَّ فِي كَلَامِ الْإِسْنَوِيِّ وَهُوَ ظَاهِرٌ

ص: 148

فِيهَا وَلَمْ يَبْقَ مِنْ وَقْتِهَا مَا يَسَعُ جَمِيعُهَا، أَوْ كَانَ مِمَّنْ لَا يَرَى إدْرَاكَ الرَّكْعَةِ بِالرُّكُوعِ أَوْ الْجَمَاعَةِ بِالتَّشَهُّدِ كُرِهَ كَالِانْتِظَارِ فِي غَيْرِهِمَا؛ لِأَنَّ مَصْلَحَةَ الِانْتِظَارِ لِلْمُقْتَدِي وَلَا مَصْلَحَةَ لَهُ هُنَا كَمَا لَوْ أَدْرَكَهُ فِي الرُّكُوعِ الثَّانِي مِنْ صَلَاةِ الْخُسُوفِ (وَلَا يَنْتَظِرُ فِي غَيْرِهِمَا) أَيْ الرُّكُوعِ وَالتَّشَهُّدِ الْأَخِيرِ مِنْ قِيَامٍ أَوْ غَيْرِهِ فَيُكْرَهُ إذْ لَا فَائِدَةَ لَهُ، وَقَدْ يُسَنُّ الِانْتِظَارُ كَمَا فِي الْمُوَافِقِ الْمُتَخَلِّفِ بِإِتْمَامِ الْفَاتِحَةِ فِي السَّجْدَةِ الْأَخِيرَةِ؛ لِفَوَاتِ رَكْعَتِهِ بِقِيَامِهِ مِنْهَا قَبْلَ رُكُوعِهِ كَمَا سَيَأْتِي، وَمَا بَحَثَهُ الزَّرْكَشِيُّ مِنْ اسْتِحْبَابِ انْتِظَارِ بَطِيءِ الْقِرَاءَةِ أَوْ النَّهْضَةِ مَحَلُّ نَظَرٍ.

وَالْأَوْجَهُ أَنَّهُ إنْ تَرَتَّبَ عَلَى انْتِظَارِهِمَا إدْرَاكٌ سُنَّ بِشَرْطِهِ، وَإِلَّا فَلَا، وَمَا تَقَرَّرَ مِنْ كَرَاهَةِ الِانْتِظَارِ عَنْ فَقْدِ شَرْطٍ مِنْ الشُّرُوطِ الْمَذْكُورَةِ وَلَوْ عَلَى تَصْحِيحِ الْمُصَنِّفِ النَّدْبُ هُنَا هُوَ مَا فِي التَّحْقِيقِ وَالْمَجْمُوعِ، وَجَرَى عَلَيْهِ الشَّيْخُ فِي شَرْحِ مَنْهَجِهِ تَبَعًا لِصَاحِبِ الرَّوْضِ وَأَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ خِلَافًا لِمَا فَهِمَهُ الشَّارِحُ مِنْ الْكَرَاهَةِ عَلَى الطَّرِيقِ الْأَوَّلِ، وَمِنْ عَدَمِ اسْتِحْبَابِهِ: أَيْ إبَاحَتِهِ عَلَى الثَّانِي.

وَلَوْ رَأَى مُصَلٍّ نَحْوَ حَرِيقٍ خَفَّفَ، وَهَلْ يَلْزَمُهُ الْقَطْعُ؟ وَجْهَانِ. أَوْجَهُهُمَا لُزُومُهُ لِإِنْقَاذِ حَيَوَانٍ مُحْتَرَمٍ وَيَجُوزُ لَهُ لِإِنْقَاذِ نَحْوِ مَالٍ كَذَلِكَ، وَقَوْلُهُ أَحَسَّ هِيَ اللُّغَةُ الْمَشْهُورَةُ، قَالَ تَعَالَى {هَلْ تُحِسُّ مِنْهُمْ مِنْ أَحَدٍ} [مريم: 98] وَفِي لُغَةٍ غَرِيبَةٍ بِلَا هَمْزٍ.

(وَيُسَنُّ لِلْمُصَلِّي) مَكْتُوبَةً وَلَوْ مَغْرِبًا عَلَى الْجَدِيدِ؛ لِأَنَّ وَقْتَهَا عَلَيْهِ يَسَعُ تَكَرُّرُهَا مَرَّتَيْنِ بَلْ أَكْثَرَ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ فِيهِ مُؤَدَّاهُ (وَحْدَهُ وَكَذَا جَمَاعَةً فِي الْأَصَحِّ إعَادَتُهَا) بِالْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ لَا الِاصْطِلَاحِيِّ مَرَّةً فَقَطْ (مَعَ جَمَاعَةٍ يُدْرِكُهَا) فِي الْوَقْتِ سَوَاءٌ أَكَانَتْ مِثْلَ جَمَاعَةِ الْأُولَى أَمْ أَقَلَّ مِنْهَا أَمْ أَكْثَرَ كَمَا سَيَأْتِي،، وَإِنْ زَادَتْ الْأُولَى بِفَضِيلَةٍ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

لَوْ لَمْ يَفْدِ ذَلِكَ مَعَهُ لَا يَنْتَظِرُهُ أَيْضًا لِئَلَّا يَكُونَ انْتِظَارُهُ سَبَبًا لِتَهَاوُنِ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ: أَوْ الْجَمَاعَةُ بِالتَّشَهُّدِ) أَقُولُ: يَنْبَغِي أَنْ يَضُمَّ إلَى ذَلِكَ أَيْضًا مَا لَوْ أَحَسَّ بِدَاخِلٍ فِي التَّشَهُّدِ الْأَخِيرِ، وَقَدْ عَلِمَ أَنَّهُ تُقَامُ جَمَاعَةٌ بَعْدَهُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْأَفْضَلَ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ التَّأْخِيرُ لِلِاقْتِدَاءِ بِهِمْ تَأَمَّلْ. اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ.

وَمَحَلُّ ذَلِكَ حَيْثُ عَلِمَ الْإِمَامُ مِنْ الْمَأْمُومِ أَنَّهُ إنْ لَمْ يُدْرِكْ الصَّلَاةَ انْتَظَرَ الْجَمَاعَةَ الَّتِي تُقَامُ بَعْدَهُ (قَوْلُهُ: إذْ لَا فَائِدَةَ لَهُ) نَعَمْ إنْ حَصَلَتْ فَائِدَةٌ كَأَنْ عَلِمَ أَنَّهُ لَوْ رَكَعَ قَبْلَ إحْرَامِ الْمَسْبُوقِ أَحْرَمَ هَاوِيًا سُنَّ انْتِظَارُهُ قَائِمًا. اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ: أَيْ وَإِنْ حَصَلَ بِذَلِكَ تَطْوِيلُ الثَّانِيَةِ مَثَلًا عَلَى مَا قَبْلَهَا.

(قَوْلُهُ: نَحْوَ حَرِيقٍ خَفَّفَ) أَيْ نَدْبًا (قَوْلُهُ: أَوْجَهُهُمَا لُزُومُهُ) هَلْ مَحَلُّهُ إذَا لَمْ يُمْكِنْهُ إنْقَاذَهُ إذَا صَلَّى كَشِدَّةِ الْخَوْفِ أَوْ يَجِبُ الْقَطْعُ إنْ أَمْكَنَهُ ذَلِكَ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَلَا يَبْعُدُ الْأَوَّلُ قِيَاسًا عَلَى مَا قَالُوهُ فِيمَنْ خُطِفَ نَعْلَهُ فِي الصَّلَاةِ. وَقَوْلُهُ وَيَجُوزُ لَهُ إلَخْ وَقَضِيَّةُ التَّعْبِيرِ بِالْجَوَازِ عَدَمُ سَنِّهِ، وَالْأَقْرَبُ خِلَافُهُ (قَوْلُهُ: وَيَجُوزُ لَهُ لِإِنْقَاذِ نَحْوِ مَالٍ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ كَانَ لِيَتِيمٍ وَأَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ (قَوْلُهُ: وَفِي لُغَةٍ غَرِيبَةٍ) أَيْ وَاللُّغَتَانِ فِيمَا إذَا كَانَ أَحَسَّ بِمَعْنَى أَدْرَكَ فَلَا يَرِدُ قَوْله تَعَالَى {وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللَّهُ وَعْدَهُ إِذْ تَحُسُّونَهُمْ بِإِذْنِهِ} [آل عمران: 152] الْآيَةَ فَإِنَّهُ لَيْسَ بِهَذَا الْمَعْنَى، وَفِي الْمُخْتَارِ: وَحَسُّوهُمْ اسْتَأْصَلُوهُمْ قَتْلًا وَبَابُهُ رَدَّ وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى {إِذْ تَحُسُّونَهُمْ بِإِذْنِهِ} [آل عمران: 152] وَقَالَ الْبَيْضَاوِيُّ: أَيْ تَقْتُلُونَهُمْ، مِنْ حَسَّهُ إذَا أَبْطَلَ حَسَّهُ.

(قَوْلُهُ: وَكَذَا جَمَاعَةٌ فِي الْأَصَحِّ) عَمِيرَةُ مِنْ الْأَدِلَّةِ الْبَيِّنَةِ فِي ذَلِكَ «فِي صَلَاةِ مُعَاذٍ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ثُمَّ فَعَلَهَا إمَامًا بِقَوْمِهِ» أَخْرَجَهُ الشَّيْخَانِ. اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ.

(قَوْلُهُ: بِالْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ) وَهُوَ فِعْلُهَا ثَانِيًا مُطْلَقًا، بِخِلَافِ الِاصْطِلَاحِيِّ فَإِنَّهُ يُشْتَرَطُ فِيهِ أَنْ يَكُونَ لِخَلَلٍ فِي الْأُولَى عَلَى مَا قِيلَ، وَالثَّانِي لَا يُشْتَرَطُ ذَلِكَ بَلْ يَكْفِي مُجَرَّدُ الْعُذْرِ فِي فِعْلِ الثَّانِيَةِ وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ خَلَلٌ فِي الْأُولَى، وَمِنْ الْعُذْرِ فَضِيلَةُ الْجَمَاعَةِ وَعَلَيْهِ فَهَذِهِ الْإِعَادَةُ اصْطِلَاحِيَّةٌ أَيْضًا، وَيُصَرَّحُ بِذَلِكَ قَوْلُ حَجّ مَا نَصُّهُ: قِيلَ الْمُرَادُ هُنَا مَعْنَاهَا اللُّغَوِيُّ لَا الْأُصُولِيُّ: أَيْ بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا عِنْدَهُمْ مَا فُعِلَ لِخَلَلٍ فِي الْأُولَى مِنْ فَقْدِ رُكْنٍ أَوْ شَرْطٍ، أَمَّا إذَا قُلْنَا إنَّهَا مَا فُعِلَ لِخَلَلٍ أَوْ عُذْرٍ كَالثَّوَابِ فَيَصِحُّ إرَادَةُ مَعْنَاهَا الْأُصُولِيِّ إذْ هُوَ حِينَئِذٍ فَعَلَهَا ثَانِيًا رَجَاءَ الثَّوَابِ (قَوْلُهُ: مَعَ جَمَاعَةٍ) أَيْ مِنْ أَوَّلِهَا إلَى آخِرِهَا (قَوْلُهُ: يُدْرِكُهَا فِي الْوَقْتِ) أَيْ بِأَنْ يُدْرِكَ فِيهِ رَكْعَةً م ر اهـ سم عَلَى حَجّ.

أَقُولُ: وَيُؤْخَذُ ذَلِكَ مِنْ قَوْلِهِ أَوَّلًا مُؤَدَّاةٌ إذْ الْأَدَاءُ لَا يَكُونُ بِدُونِ الرَّكْعَةِ نَازَعَ فِيهِ حَجّ، وَنَقَلَ الِاكْتِفَاءَ بِالتَّحَرُّمِ

ــ

[حاشية الرشيدي]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ص: 149

كَكَوْنِ إمَامِهَا أَعْلَمَ أَوْ أَوْرَعَ أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ، وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ يَقْصُرُهُ عَلَى الِانْفِرَادِ نَظَرًا إلَى أَنَّ الْمُصَلِّيَ فِي جَمَاعَةٍ حَصَّلَ فَضِيلَةَ الْجَمَاعَةِ فَلَا مَعْنَى لِلْإِعَادَةِ بِخِلَافِ الْمُنْفَرِدِ وَرُدَّ بِمَنْعِ ذَلِكَ وَشَمِلَ ذَلِكَ جَمَاعَةَ الْأُولَى بِعَيْنِهِمْ.

وَإِنْ لَمْ يَحْضُرْ مَعَهُمْ أَحَدٌ غَيْرُهُمْ كَمَا اقْتَضَاهُ إطْلَاقُ الْأَصْحَابِ وَأَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَإِنْ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ إنَّ تَصْوِيرَهُمْ يُشْعِرُ بِأَنَّ الْإِعَادَةَ إنَّمَا تُسْتَحَبُّ إذَا حَضَرَ فِي الثَّانِيَةِ مَنْ لَمْ يَحْضُرْ فِي الْأُولَى وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَإِلَّا لَزِمَ اسْتِغْرَاقُ ذَلِكَ الْوَقْتِ، إذْ مَا ذَكَرَهُ مِنْ اللَّازِمِ مَمْنُوعٌ، وَعَلَى تَقْدِيرِ تَسْلِيمِهِ إنَّمَا يَأْتِي إذَا قُلْنَا إنَّ الْإِعَادَةَ لَا تَتَقَيَّدُ بِمَرَّةٍ وَاحِدَةٍ، وَالرَّاجِحُ تَقْيِيدُهَا بِهَا خِلَافًا لِبَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ وَتَصْوِيرُهُمْ خَرَجَ مَخْرَجَ الْغَالِبِ فَيُعْمَلُ بِإِطْلَاقِهِمْ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، وَإِنَّمَا تُطْلَبُ الْإِعَادَةُ لِمَنْ الْجَمَاعَةُ فِي حَقِّهِ أَفْضَلُ، بِخِلَافِ نَحْوِ الْعَارِي فِي الْوَقْتِ كَمَا فِي الْمُعَيَّنِ وَأَقَرُّوهُ وَذَلِكَ لِمَا صَحَّ مِنْ قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم لِاثْنَيْنِ رَآهُمَا لَمْ يُصَلِّيَاهَا مَعَهُ وَذَكَرَا أَنَّهُمَا صَلَّيَاهَا فِي رِحَالِهِمَا «إذَا صَلَّيْتُمَا فِي رِحَالِكُمَا ثُمَّ أَتَيْتُمَا مَسْجِدَ جَمَاعَةٍ فَصَلِّيَاهَا مَعَهُمْ فَإِنَّهَا لَكُمَا نَافِلَةٌ» .

دَلَّ بِتَرْكِهِ الاستفصال مَعَ إطْلَاقِ قَوْلِهِ إذَا صَلَّيْتُمَا فِي رِحَالِكُمَا عَلَى أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ مَنْ صَلَّى جَمَاعَةً أَوْ مُنْفَرِدًا وَلَا بَيْنَ اخْتِصَاصِ الْأُولَى وَالثَّانِيَةِ بِفَضْلٍ أَوْ لَا، وَصَحَّ عَنْهُ صلى الله عليه وسلم «أَنَّهُ قَالَ لَمَّا جَاءَ رَجُلٌ بَعْدَ صَلَاةِ الْعَصْرِ: مَنْ يَتَصَدَّقُ عَلَى هَذَا فَيُصَلِّيَ مَعَهُ،؟ فَصَلَّى مَعَهُ رَجُلٌ» وَمِنْ ثَمَّ سُنَّتْ الْإِعَادَةُ وَلَوْ مَعَ وَاحِدٍ، وَإِنْ كَانَ صَلَّى أَوَّلًا مَعَ جَمَاعَةِ كَثِيرِينَ كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ هَذَا الْخَبَرُ، وَدَلَّ أَيْضًا عَلَى اسْتِحْبَابِ الشَّفَاعَةِ إلَى مَنْ يُصَلِّي مَعَ الْحَاضِرِ مِمَّنْ لَهُ عُذْرٌ فِي عَدَمِ الصَّلَاةِ مَعَهُ، وَأَنَّ الْجَمَاعَةَ تَحْصُلُ بِإِمَامٍ وَمَأْمُومٍ كَمَا مَرَّ، وَأَنَّ الْمَسْجِدَ الْمَطْرُوقَ لَا تُكْرَهُ فِيهِ جَمَاعَةٌ بَعْدَ جَمَاعَةٍ، وَقَدْ مَرَّ أَيْضًا، وَأَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْإِعَادَةِ فِي وَقْتِ الْكَرَاهَةِ وَغَيْرِهِ،

ــ

[حاشية الشبراملسي]

فِي الْوَقْتِ مِنْ حَيْثُ حُصُولُ الْجَمَاعَةِ حَتَّى لَوْ أَخْرَجَ نَفْسَهُ مِنْ الْجَمَاعَةِ عَقِبَ التَّحَرُّمِ كَفَى، ثُمَّ قَالَ بَعْدَ كَلَامٍ ذَكَرَهُ: إنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ وُقُوعِ رَكْعَةٍ فِي الْوَقْتِ لِتَكُونَ أَدَاءً، وَعِبَارَتُهُ: فَاَلَّذِي يُتَّجَهُ الْآنَ اشْتِرَاطُ رَكْعَةٍ، وَإِنْ كَانَ ظَاهِرُ الْمَجْمُوعِ يُؤَيِّدُ اشْتِرَاطَ الْكُلِّ اهـ. وَفِي سم عَلَى مَنْهَجٍ: فَرْعٌ: لَوْ خَرَجَ الْوَقْتُ قَبْلَ إدْرَاكِ رَكْعَةٍ مِنْهَا يَنْبَغِي أَنْ تَنْقَلِبَ نَفْلًا مُطْلَقًا. اهـ.

وَقَوْلُهُ يُدْرِكُهَا فِي الْوَقْتِ أَيْضًا قَالَ عَمِيرَةُ: اقْتَضَى هَذَا أَنَّ مَنْ صَلَّى مُنْفَرِدًا فِي الْوَقْتِ أَوْ بَعْدَهُ لَا يَنْدُبُ لَهُ إعَادَتُهَا فِي غَيْرِ الْوَقْتِ فِي جَمَاعَةٍ، وَقَدْ يُسْتَشْكَلُ بِمَا سَلَفَ مِنْ أَنَّ الْجَمَاعَةَ تُسَنُّ فِي الْقَضَاءِ عِنْدَ اتِّحَادِ الْجِنْسِ، إلَّا أَنْ يُجَابَ بِأَنَّهُ لَمَّا كَانَتْ الْجَمَاعَةُ مُخْتَلِفًا فِيهَا فِي الْقَضَاءِ وَانْضَمَّ إلَى ذَلِكَ أَنَّ الْمُعَادَةَ تَقَعُ نَفْلًا امْتَنَعُوا مِنْ نَدْبِ ذَلِكَ هُنَا وَاقْتَصَرُوا عَلَى الْوَارِدِ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ. (قَوْلُهُ: وَرَدَ بِمَنْعِ ذَلِكَ) وَيُؤَيِّدُ الْمَنْعَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ صَلَاةِ مُعَاذٍ بِقَوْمِهِ بَعْدَ صَلَاتِهِ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم (قَوْلُهُ: إذْ مَا ذَكَرَهُ مِنْ اللَّازِمِ) هُوَ قَوْلُهُ: وَإِلَّا لَزِمَ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَالرَّاجِحُ تَقْيِيدُهَا) فَلَوْ زَادَ بِالْقِيَاسِ عَدَمُ الِانْعِقَادِ مِنْ الْعَالِمِ. اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ: أَيْ وَأَمَّا الْجَاهِلُ فَتَقَعُ لَهُ نَفْلًا مُطْلَقًا (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ نَحْوِ الْعَارِي) أَيْ فَلَا تُسَنُّ الْإِعَادَةُ لَهُ؛ لِأَنَّ الْجَمَاعَةَ فِي حَقِّهِ لَيْسَتْ أَفْضَلَ مِنْ الِانْفِرَادِ، وَقَضِيَّةُ مَا تَقَدَّمَ لَهُ مِنْ أَنَّهُمْ لَوْ كَانُوا عُمْيًا أَوْ فِي ظُلْمَةٍ اُسْتُحِبَّتْ الْجَمَاعَةُ لَهُمْ تَقْيِيدُ مَا هُنَا مِنْ عَدَمِ سَنِّ الْإِعَادَةِ بِمَا لَوْ كَانَ الْعُرَاةُ بُصَرَاءَ فِي ضَوْءٍ، وَيُصَرِّحُ بِهِ قَوْلُهُ الْآتِي: أَوْ الْعُرَاةُ فِي غَيْرِ مَحَلِّ نَدْبِهَا لَهُمْ لَمْ تَنْعَقِدْ (قَوْلُهُ: كَمَا فِي الْمُعَيَّنِ) أَيْ لِلْيُمْنَى (قَوْلُهُ: رَآهُمَا لَمْ يُصَلِّيَاهَا مَعَهُ) وَكَانَ ذَلِكَ صَلَاةُ الصُّبْحِ بِمَسْجِدِ الْخَيْفِ. اهـ حَجّ (قَوْلُهُ: مَسْجِدَ جَمَاعَةٍ) أَيْ مَحَلًّا تُقَامُ فِيهِ الْجَمَاعَةُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَسْجِدًا (قَوْلُهُ: فَيُصَلِّيَ مَعَهُ) هُوَ بِالنَّصْبِ فِي جَوَابِ الِاسْتِفْهَامِ (قَوْلُهُ: فَصَلَّى مَعَهُ رَجُلٌ) هُوَ أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه اهـ حَجٍ (قَوْلُهُ: مِمَّنْ لَهُ عُذْرٌ فِي عَدَمِ الصَّلَاةِ) أَيْ وَكَذَا غَيْرُهُ حَيْثُ لَمْ يَرِدْ الصَّلَاةَ مَعَهُ. اهـ حَجّ (قَوْلُهُ: جَمَاعَةٌ بَعْدَ جَمَاعَةٍ) كَذَا فِي الْمَجْمُوعِ، وَفِيهِ نَظَرٌ إذْ الْجَمَاعَةُ الثَّانِيَةُ هُنَا بِإِذْنِ الْإِمَامِ. اهـ حَجّ. وَأَقَرَّهُ سم عَلَيْهِ. وَالْإِمَامُ فِي كَلَامِ حَجّ هُوَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، وَمَحَلُّ الْقَوْلِ بِكَرَاهَةِ ذَلِكَ إذَا لَمْ يَأْذَنْ الْإِمَامُ صَرِيحًا أَوْ مَا فِي

ــ

[حاشية الرشيدي]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ص: 150

وَمَحَلُّ نَدْبِ الْإِعَادَةِ لِمَنْ صَلَّى جَمَاعَةً إذَا كَانَ مِمَّنْ يَرَى جَوَازَ الْإِعَادَةِ، وَإِلَّا فَلَا يُعِيدُ، وَأَنَّهُ لَوْ أَعَادَهَا مُنْفَرِدًا لَمْ تَنْعَقِدْ إلَّا لِسَبَبٍ كَأَنْ كَانَ فِي صَلَاتِهِ الْأُولَى خَلَلٌ.

وَمِنْهُ جَرَيَانُ خِلَافٍ فِي بُطْلَانِهَا كَأَنْ شَكَّ فِي طُهْرٍ أَوْ نَحْوِهِ، وَأَنَّهُ تَجِبُ نِيَّةُ الْإِمَامَةِ فِيهَا، وَإِلَّا صَارَ مُنْفَرِدًا وَهُوَ مُمْتَنِعٌ، وَقَوْلُ الشَّيْخِ فِيمَنْ صَلَّيَا فَرِيضَةً مُنْفَرِدَيْنِ: الظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يُسَنُّ لِأَحَدِهِمَا أَنْ يَقْتَدِيَ بِالْآخَرِ فِي إعَادَتِهِمَا فَلَا تُسَنُّ الْإِعَادَةُ، وَإِنْ شَمِلَهُ كَلَامُ الْمِنْهَاجِ وَغَيْرِهِ لِقَوْلِهِمْ إنَّمَا تُسَنُّ الْإِعَادَةُ لِغَيْرِ مَنْ الِانْفِرَادُ لَهُ أَفْضَلُ، فِيهِ نَظَرٌ ظَاهِرٌ، بَلْ الِاقْتِدَاءُ هُوَ الْأَفْضَلُ لِتَحْصِيلِ فَضِيلَةِ الْجَمَاعَةِ فِي فَرْضِ كُلٍّ، وَقَوْلُهُمْ الْمَذْكُورُ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

مَعْنَاهُ كَأَنْ سَكَتَ وَعَلِمَ رِضَاهُ.

(قَوْلُهُ: وَمَحَلُّ نَدْبِ الْإِعَادَةِ إلَخْ) لَعَلَّ الْمُرَادَ أَنَّ مَنْ صَلَّى فِي جَمَاعَةٍ إذَا أَرَادَ الْإِعَادَةَ لِتَحْصِيلِ الْفَضِيلَةِ لِمَنْ لَمْ يُدْرِكْ الْجَمَاعَةَ الْأُولَى اشْتَرَطَ فِي اسْتِحْبَابِ الْإِعَادَةِ لَهُ أَنْ يَكُونَ الْآتِي مِمَّنْ يَرَى جَوَازَ الْإِعَادَةِ بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَ مَالِكِيًّا مَثَلًا لَا يَرَى جَوَازَ الْإِعَادَةِ لِمَنْ ذَكَرَ، فَالضَّمِيرُ فِي قَوْلِهِ يَرَى لِلْمُصَلَّى مَعَهُ. وَعِبَارَةُ حَجّ: وَيَظْهَرُ أَنَّ مَحَلَّ نَدْبِهَا مَعَ الْمُنْفَرِدِ إنْ اعْتَقَدَ جَوَازَهَا أَوْ نَدْبَهُ، وَإِلَّا لَمْ تَنْعَقِدْ؛ لِأَنَّهُ لَا فَائِدَةَ لَهَا تَعُودُ عَلَيْهِ: أَيْ وَهُوَ ظَاهِرٌ حَيْثُ كَانَ الْمُخَالِفُ إمَامًا. أَمَّا لَوْ كَانَ مَأْمُومًا فَلَا مَانِعَ مِنْ حُصُولِ الْفَضِيلَةِ لِلشَّافِعِيِّ اعْتِبَارًا بِعَقِيدَتِهِ (قَوْلُهُ: لِمَنْ صَلَّى جَمَاعَةً) أَيْ وَأَرَادَ إعَادَتَهَا لِتَحْصِيلِ الْفَضِيلَةِ لِغَيْرِهِ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَلَا يُعِيدُ) أَيْ فَلَوْ أَعَادَ لَمْ تَنْعَقِدْ وَمَحَلُّهُ إذَا كَانَ الشَّافِعِيُّ إمَامًا؛ لِأَنَّ الْمَالِكِيَّ يَرَى بُطْلَانَ الصَّلَاةِ فَلَا قُدْوَةَ (قَوْلُهُ: كَأَنْ كَانَ فِي صَلَاتِهِ الْأُولَى خَلَلٌ)[فَرْعٌ] أَعَادَ الصَّلَاةَ مُنْفَرِدًا لِهَذَا الْخَلَلِ الْمُبْطِلِ عَلَى قَوْلٍ هَلْ تُسَنُّ إعَادَتُهَا ثَالِثًا جَمَاعَةً؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَمَالَ م ر لِلْمَنْعِ؛ لِأَنَّ الثَّالِثَةَ مَمْنُوعَةٌ. اهـ تَأَمَّلْ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ.

أَقُولُ: الْأَقْرَبُ الِاسْتِحْبَابُ؛ لِأَنَّ الثَّانِيَةَ الَّتِي فَعَلَهَا بِالنَّظَرِ لِلْخِلَافِ تُعَدُّ أُولَى. (قَوْلُهُ: كَأَنْ شَكَّ فِي طُهْرٍ أَوْ نَحْوِهِ) وَيَنْبَغِي وِفَاقًا م ر أَنْ يُشْتَرَطَ قُوَّةُ مُدْرِكِ ذَلِكَ الْقَوْلِ، فَهَلْ مِنْ ذَلِكَ مَا لَوْ مَسَحَ الشَّافِعِيُّ بَعْضَ رَأْسِهِ وَصَلَّى يُسْتَحَبُّ لَهُ الْوُضُوءُ بِمَسْحِ جَمِيعِ الرَّأْسِ وَالْإِعَادَةُ مُرَاعَاةً لِخِلَافِ مَالِكٍ يَتَّجِهُ نَعَمْ فَلْيُتَأَمَّلْ وَهَلْ مِنْ ذَلِكَ الصَّلَاةُ فِي الْحَمَّامِ لِقَوْلِ أَحْمَدَ بِبُطْلَانِهَا لَا يَبْعُدُ؟ نَعَمْ إنْ قَوِيَ دَلِيلُهُ عَلَى ذَلِكَ فَلْيُنْظَرْ دَلِيلُهُ. اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ.

وَهَلْ مِمَّا قَوِيَ مُدْرَكُهُ مَا تَقَدَّمَ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ الْمَرْوَزِيِّ مِنْ أَنَّ الصَّلَاةَ خَلْفَ الْمُخَالِفِ لَا فَضِيلَةَ فِيهَا أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ أَنَّهُ لَا تُسَنُّ الْإِعَادَةُ (قَوْلُهُ: وَقَوْلُ الشَّيْخِ) أَيْ فِي غَيْرِ شَرْحِ مَنْهَجِهِ (قَوْلُهُ: لِغَيْرِ مَنْ الِانْفِرَادُ لَهُ أَفْضَلُ) أَيْ وَمَا هُنَا كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الِانْفِرَادَ أَفْضَلُ مِنْ الِاقْتِدَاءِ بِالْمُعِيدِ؛ لِأَنَّهُ صَلَاةُ فَرْضٍ خَلْفَ نَفْلٍ، وَلَيْسَ مِمَّا يَكُونُ

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: وَمَحَلُّ نَدْبِ الْإِعَادَةِ لِمَنْ صَلَّى جَمَاعَةً إلَخْ) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ: وَيَظْهَرُ أَنَّ مَحَلَّ نَدْبِهَا مَعَ الْمُنْفَرِدِ إنْ اعْتَقَدَ جَوَازَهَا أَوْ نَدْبَهَا وَإِلَّا لَمْ تَنْعَقِدْ؛ لِأَنَّهَا لَا فَائِدَةَ لَهَا تَعُودُ عَلَيْهِ انْتَهَتْ.

وَعِبَارَةُ الْإِمْدَادِ مَحَلُّ نَدْبِ الْإِعَادَةِ لِمَنْ صَلَّى جَمَاعَةً مَعَ الْمُنْفَرِدِ إذَا كَانَ مِمَّنْ يَرَى جَوَازَ الْإِعَادَةِ وَلَا يُكْرَهُ الِاقْتِدَاءُ بِهِ، وَإِلَّا لَمْ تَجُزْ مَعَهُ لِانْتِفَاءِ الْمَعْنَى الَّذِي يُعِيدُ لِأَجْلِهِ وَهُوَ الْفَضِيلَةُ انْتَهَتْ.

(قَوْلُهُ: وَأَنَّهُ لَوْ أَعَادَهَا مُنْفَرِدًا إلَخْ) ظَاهِرُ هَذَا السِّيَاقِ أَنَّ هَذَا مَأْخُوذٌ مِنْ الْخَبَرِ أَيْضًا، وَفِي أَخْذِ جَمِيعِهِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ مِنْهُ نَظَرٌ ظَاهِرٌ كَأَخْذِ قَوْلِهِ الْآتِي: وَأَنَّهُ لَوْ أَعَادَهَا بَعْدَ الْوَقْتِ أَوْ الْقِرَاءَةِ فِي غَيْرِ مَحَلِّ نَدْبِهَا إلَخْ، وَعُذْرُهُ أَنَّهُ تَابِعٌ فِي غَالِبِ مَا عَبَّرَ بِهِ هُنَا لِعِبَارَةِ الْإِمْدَادِ مِنْ غَيْرِ تَصَرُّفٍ، فَأَوْهَمَ أَنَّ جَمِيعَ مَا ذَكَرَ مَأْخُوذٌ مِنْ الْخَبَرِ مَعَ أَنَّهُ لَيْسَ كَذَلِكَ، وَعِبَارَةُ الْإِمْدَادِ مُصَدَّرَةٌ بِمَا يُصَحِّحُ الْعَطْفَ فِي الْمَذْكُورَاتِ، بِخِلَافِ عِبَارَةِ الشَّارِحِ، وَعِبَارَتُهُ أَعَنَى الْإِمْدَادَ: وَوَجْهُ سَنِّ الْإِعَادَةِ فِيمَنْ صَلَّى مُنْفَرِدًا تَحْصِيلُ الْجَمَاعَةِ فِي فَرِيضَةِ الْوَقْتِ حَتَّى كَأَنَّهَا فُعِلَتْ كَذَلِكَ، وَجَمَاعَةً احْتِمَالُ اشْتِمَالِ الثَّانِيَةِ عَلَى فَضِيلَةٍ وَإِنْ كَانَتْ الْأُولَى أَكْمَلَ مِنْهَا ظَاهِرًا.

وَيُؤْخَذُ مِنْ هَذَا مَسَائِلُ أَبْدَيْتهَا فِي بُشْرَى الْكَرِيمِ فَرَاجِعْهَا فَإِنَّهَا مُهِمَّةٌ مَعَ أَنَّ أَكْثَرَهَا لَا نَقْلَ فِيهِ، وَمِنْهَا أَنَّ مَحَلَّ نَدْبِ الْإِعَادَةِ لِمَنْ صَلَّى جَمَاعَةً مَعَ الْمُنْفَرِدِ وَانْدَفَعَ فِي بَيَانِهَا بِمَا فِي الشَّرْحِ مَعَ زِيَادَةٍ فَجَمِيعُ مَا فِي الشَّارِحِ مِنْ الْمَعْطُوفَاتِ بَعْدَ هَذَا بِقَوْلِهِ وَإِنَّهُ مِنْ مَدْخُولِ هَذَا تَبَعًا لِلْعِبَارَةِ الْمَذْكُورَةِ مَعَ حَذْفِ صَدْرِهَا الْمُصَحِّحِ لِذَلِكَ

ص: 151

لَا يَشْمَلُ هَذِهِ الصُّورَةَ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ.

وَأَنَّهُ لَوْ أَعَادَهَا بَعْدَ الْوَقْتِ أَوْ الْعُرَاةُ فِي غَيْرِ مَحَلِّ نَدْبِهَا لَهُمْ لَمْ تَنْعَقِدْ. وَلَوْ أَخْرَجَ نَفْسَهُ الْمُعِيدُ مِنْ الْجَمَاعَةِ كَأَنْ نَوَى قَطْعَ الْقُدْوَةِ فِي أَثْنَائِهَا بَطَلَتْ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، إذْ الْمَشْرُوطُ يَنْتَفِي بِانْتِفَاءِ شَرْطِهِ، وَشَرْطُ صِحَّتِهَا الْجَمَاعَةُ، إذْ صُورَةُ الْمَسْأَلَةِ لَا مُسَوِّغَ لِإِعَادَتِهَا إلَّا هِيَ. وَلَا يَرِدُ عَلَى ذَلِكَ الْجُمُعَةُ حَيْثُ جَازَ لَهُ فِيهَا الِانْفِرَادُ فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ؛ لِأَنَّ الْجَمَاعَةَ شَرْطٌ فِيهَا فِي الْأُولَى فَقَطْ دُونَ الثَّانِيَةِ، بِخِلَافِ مَسْأَلَتِنَا

ــ

[حاشية الشبراملسي]

الِانْفِرَادُ فِيهِ أَفْضَلَ الْقُدْوَةِ بِالْمُخَالِفِ لِمَا مَرَّ مِنْ حُصُولِ الْفَضِيلَةِ مَعَهُ، وَأَنَّهَا أَفْضَلُ مِنْ الِانْفِرَادِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي شَرْحِ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ أَوْ تَعَطُّلُ مَسْجِدٍ قَرِيبٍ لِغِيبَتِهِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ عَنْ سم عَلَى حَجّ أَنَّ الْقِيَاسَ أَنَّ الْجَمَاعَةَ خَلْفَ الْفَاسِقِ وَالْمُبْتَدِعِ أَفْضَلُ مِنْ عَدَمِهَا: أَيْ فَتَجُوزُ الْإِعَادَةُ مَعَ كُلٍّ مِنْهُمْ. وَقَوْلُهُ أَفْضَلُ: أَيْ وَكَذَا مِنْ الِانْفِرَادِ لَهُ مُسَاوٍ لَهُ فِي الْجَمَاعَةِ لِمَا مَرَّ فِي الْعُرَاةِ (قَوْلُهُ: كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ) أَيْ؛ لِأَنَّ مَحَلَّ الْكَرَاهَةِ فِي فَرْضٍ خَلْفَ نَفْلٍ مَحْضٍ، وَمَا هُنَا لَيْسَ كَذَلِكَ فَإِنَّ صَلَاةَ كُلٍّ مِنْهُمَا نَفْلٌ، عَلَى أَنَّ مَحَلَّ كَرَاهَةِ الْفَرْضِ خَلْفَ النَّفْلِ فِي غَيْرِ الْمُعَادَةِ (قَوْلُهُ: وَأَنَّهُ لَوْ أَعَادَهَا بَعْدَ الْوَقْتِ إلَخْ) أَيْ أَوْ فِيهِ وَلَمْ يُدْرِكْ رَكْعَةً فِي الْوَقْتِ عَلَى مَا مَرَّ (قَوْلُهُ: فِي غَيْرِ مَحَلِّ نَدْبِهَا لَهُمْ) بِأَنْ كَانُوا بُصَرَاءَ فِي ضَوْءٍ (قَوْلُهُ: كَأَنْ نَوَى قَطْعَ الْقُدْوَةِ فِي أَثْنَائِهَا بَطَلَتْ إلَخْ) ظَاهِرُهُ، وَإِنْ انْتَقَلَ لِجَمَاعَةٍ أُخْرَى؛ لِأَنَّهُ صَدَقَ عَلَيْهِ أَنَّهُ انْفَرَدَ فِي صَلَاتِهِ، وَمِثْلُهُ مَا لَوْ خَرَجَ لِعُذْرٍ كَأَنْ رُعِفَ إمَامُهُ مَثَلًا وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَعَلَيْهِ فَيَشْكُلُ هَذَا بِمَا قَالَهُ سم مِنْ سُجُودِهِ لِسَهْوِ إمَامِهِ بَعْدَ سَلَامِهِ فَإِنَّهُ يُعَدُّ مُنْفَرِدًا حَالَ سُجُودِهِ.

وَقَدْ يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ زَمَانَهُ لَمَّا عُدَّ مِنْ تَوَابِعِ الصَّلَاةِ وَكَانَ الْإِمَامُ وَاحِدًا لَمْ يَضُرَّ وَكَأَنَّهُ لَمْ يَنْفَرِدْ، بِخِلَافِ هَذَا فَيَضُرُّ الِانْفِرَادُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ وَإِنْ قَلَّ جِدًّا.

وَبَقِيَ مَا لَوْ فَاتَتْهُ الرَّكْعَةُ الْأُولَى مَعَ الْإِمَامِ وَاقْتَدَى بِهِ فِي الثَّانِيَةِ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَسْهُوَ الْإِمَامُ بِرُكْنٍ وَيَأْتِيَ بِرَكْعَةٍ خَامِسَةٍ فَيُدْرِكُهَا جَمِيعَهَا مَعَ الْإِمَامِ هَلْ تَصِحُّ صَلَاتُهُ نَظَرًا لِذَلِكَ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي قِيَاسًا عَلَى مَا لَوْ كَانَ لَابِسَ الْخُفِّ وَعَلِمَ أَنَّ مَا بَقِيَ مِنْ الْمُدَّةِ لَا يَسَعُ الصَّلَاةَ كَامِلَةً حَيْثُ قَالَ الشَّارِحُ بِبُطْلَانِهَا مِنْ أَوَّلِ الْأَمْرِ، وَعَلَيْهِ فَيُفَرَّقُ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ مَا لَوْ أَدْرَكَ إمَامَ الْجُمُعَةِ فِي اعْتِدَالِ الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ فَمَا بَعْدَهُ حَيْثُ يَنْوِي فِي اقْتِدَائِهِ الْجُمُعَةَ لَا الظُّهْرَ؛ لِاحْتِمَالِ أَنَّ إمَامَ الْجُمُعَةِ يَتَذَكَّرُ أَنَّهُ تَرَكَ رُكْنًا مِنْ الرَّكْعَةِ الْأُولَى فَيَتَدَارَكُهُ بِرَكْعَةٍ كَامِلَةٍ بَعْدَ اقْتِدَاءِ الْمَسْبُوقِ فَتَحْصُلُ لَهُ الْجُمُعَةُ بِأَنَّهُ فِي الْجُمُعَةِ تَرَدَّدَ فِي كَوْنِهَا تَكُونُ جُمُعَةً أَوْ ظُهْرًا مَعَ جَزْمِهِ بِالنِّيَّةِ، وَمَا هُنَا تَرَدُّدٌ فِي أَنَّهَا مُنْعَقِدَةٌ أَوْ بَاطِلَةٌ فَضَرَّ.

وَبَقِيَ أَيْضًا مَا لَوْ قَارَنَ الْمَأْمُومُ الْإِمَامَ فِي بَعْضِ أَفْعَالِ الصَّلَاةِ أَوْ كُلِّهَا هَلْ يَضُرُّ ذَلِكَ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي؛ لِأَنَّ الْجَمَاعَةَ فِي الْكُلِّ حَاصِلَةٌ حَقِيقَةً وَفَضْلُهَا حَاصِلٌ فِي الصَّلَاةِ فِي الْجُمْلَةِ عَلَى مَا اعْتَمَدَهُ الشَّارِحُ وَإِنْ فَاتَتْهُ الْفَضِيلَةُ فِيمَا قَارَنَ فِيهِ فَقَطْ.

وَعِبَارَةُ حَجّ: لَكِنْ يُؤْخَذُ مِمَّا مَرَّ عَنْ الزَّرْكَشِيّ فِي مَسْأَلَةِ الْمُفَارَقَةِ أَنَّ الْعِبْرَةَ فِي ذَلِكَ بِتَحَرُّمِهَا وَإِنْ انْتَفَى الثَّوَابُ بَعْدَ ذَلِكَ مِنْ حَيْثُ الْجَمَاعَةُ لِنَحْوِ انْفِرَادٍ عَنْ الصَّفِّ أَوْ مُقَارَنَةِ أَفْعَالِ الْإِمَامِ. اهـ.

وَسُئِلْت أَيْضًا عَمَّا لَوْ أَحْرَمَ خَلْفَ الْإِمَامِ بَعِيدًا عَنْ الصَّفِّ فَهَلْ تُسَنُّ لَهُ الْإِعَادَةُ مُنْفَرِدًا لِكَرَاهَةِ فِعْلِ ذَلِكَ؟ فَأَجَبْت عَنْ ذَلِكَ: بِأَنَّهُ لَا وَجْهَ لِلْإِعَادَةِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ كُلُّ صَلَاةٍ مَكْرُوهَةٍ تُطْلَبُ إعَادَتُهَا، وَإِعَادَةُ الصَّلَاةِ فِي الْحَمَّامِ إنَّمَا هُوَ لِقَوْلِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ بِبُطْلَانِهَا لَا لِمُجَرَّدِ كَوْنِهَا مَكْرُوهَةً. وَأَمَّا لَوْ أَحْرَمَ مَرِيدُ الْإِعَادَةِ مُنْفَرِدًا عَنْ الصَّفِّ ابْتِدَاءً، وَاسْتَمَرَّ إلَى آخِرِهَا وَقُلْنَا بِأَنَّ ذَلِكَ مَانِعٌ مِنْ حُصُولِ فَضِيلَةِ الْجَمَاعَةِ فَهَلْ تَصِحُّ الْإِعَادَةُ أَوْ لَا وَيَكْفِي مُجَرَّدُ حُصُولِ الْجَمَاعَةِ؟ فِيهِ نَظَرٌ.

وَالْقِيَاسُ عَدَمُ الصِّحَّةِ لِانْتِفَاءِ الْفَضِيلَةِ فِيهَا.

وَيُفَرَّقُ بَيْنَ هَذِهِ وَمَا ذُكِرَ عَنْ حَجّ بِأَنَّ تِلْكَ حَصَلَ فِيهَا فَضِيلَةُ التَّحَرُّمِ وَعَرَضَتْ الْكَرَاهَةُ بَعْدَ ذَلِكَ فَأَسْقَطَتْ الْفَضِيلَةَ فِي بَعْضِهَا وَهَذِهِ لَمْ يَحْصُلْ فِيهَا فَضِيلَةٌ أَصْلًا. وَفِي كَلَامِ سم عَلَى حَجّ: أَنَّ قَضِيَّةَ اشْتِرَاطِ الْجَمَاعَةِ فِيهَا إلَى آخِرِهَا أَنَّهُ لَوْ وَافَقَ الْإِمَامَ مِنْ أَوَّلِهَا لَكِنْ تَأَخَّرَ سَلَامُهُ عَنْ سَلَامِ الْإِمَامِ بِحَيْثُ عُدَّ مُنْقَطِعًا عَنْهُ بَطَلَتْ، وَأَنَّهُ لَوْ رَأَى جَمَاعَةً

ــ

[حاشية الرشيدي]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ص: 152

فَإِنَّهَا فِيهَا بِمَنْزِلَةِ الطَّهَارَةِ، وَخَرَجَ بِقَوْلِنَا مَكْتُوبَةً: أَيْ عَلَى الْأَعْيَانِ الْمَنْذُورَةِ فَلَا تُسَنُّ إعَادَتُهَا بَلْ لَا تَنْعَقِدُ، وَصَلَاةُ الْجِنَازَةِ؛ لِأَنَّهَا لَا يُتَنَفَّلُ بِهَا كَمَا يَأْتِي، فَإِنْ أَعَادَهَا صَحَّتْ وَوَقَعَتْ نَفْلًا، وَهَذِهِ خَرَجَتْ عَنْ سُنَنِ الْقِيَاسِ فَلَا يُقَاسُ عَلَيْهَا، لَكِنَّ الْأَوْجَهَ أَنَّ مَا تُسْتَحَبُّ فِيهِ الْجَمَاعَةُ مِنْ النَّفْلِ كَالْفَرْضِ فِي سَنِّ الْإِعَادَةِ وَدَخَلَ فِي الْمَكْتُوبَةِ الْجُمُعَةُ فَتُسَنُّ إعَادَتُهَا عِنْدَ جَوَازِ تَعَدُّدِهَا أَوْ سَفَرِهِ لِبَلَدٍ أُخْرَى رَآهُمْ لَمْ يُصَلُّوهَا خِلَافًا لِمَنْ مَنَعَ ذَلِكَ كَالْأَذْرَعِيِّ، وَلَوْ صَلَّى مَعْذُورٌ الظُّهْرَ ثُمَّ أَدْرَكَ الْجُمُعَةَ أَوْ مَعْذُورِينَ يُصَلُّونَ الظُّهْرَ سُنَّ لَهُ الْإِعَادَةُ كَمَا شَمِلَهُ كَلَامُهُمْ وَأَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَلَوْ قَصَرَ مُسَافِرٌ ثُمَّ أَقَامَ وَوَجَدَ جَمَاعَةً فِي تِلْكَ الْمَقْصُورَةِ اُسْتُحِبَّ لَهُ إعَادَتُهَا مَعَهُمْ، وَإِنْ كَانَ يُتِمُّ، وَمَحَلُّ سَنِّ الْإِعَادَةِ لِمَنْ لَوْ اقْتَصَرَ عَلَى الْأَوَّلِ أَجْزَأَتْهُ، فَلَوْ تَيَمَّمَ لِنَحْوِ بَرْدٍ لَمْ تُسَنَّ لَهُ الْإِعَادَةُ كَذَا قِيلَ.

وَالْأَوْجَهُ خِلَافُهُ لِجَوَازِ تَنَفُّلِهِ، وَقَدْ تُسْتَحَبُّ الْإِعَادَةُ مُنْفَرِدًا زِيَادَةً عَلَى مَا مَرَّ فِيمَا لَوْ تَلَبَّسَ بِفَرْضِ الْوَقْتِ ثُمَّ ذَكَرَ أَنَّ عَلَيْهِ فَائِتَةً فَإِنَّهُ يُتِمُّ صَلَاتَهُ ثُمَّ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

وَشَكَّ هَلْ هُمْ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى أَوْ فِيمَا بَعْدَهَا امْتَنَعَتْ الْإِعَادَةُ مَعَهُمْ م ر (قَوْلُهُ: عَلَى الْأَعْيَانِ) وَكَذَا لَوْ نَذَرَ صَلَاةَ الضُّحَى مَثَلًا (قَوْلُهُ: بَلْ لَا تَنْعَقِدُ) أَيْ مِنْ الْعَالِمِ سم.

وَعِبَارَةُ حِجْ: وَيُسَنُّ لِلْمُصَلِّي فَرْضًا مُؤَدَّاةُ غَيْرِ الْمَنْذُورَةِ لِمَا مَرَّ فِيهَا وَغَيْرِ صَلَاةِ الْخَوْفِ أَوْ شِدَّتِهِ عَلَى الْأَوْجَهِ؛ لِأَنَّهُ احْتَمَلَ الْمُبْطِلَ فِيهَا لِلْحَاجَةِ فَلَا يُكَرَّرُ، فَجَعَلَ الْمَنْذُورَةَ وَمَا بَعْدَهَا مُسْتَثْنَاةً مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَالشَّارِحِ لَمَّا عَبَّرَ بِالْمَكْتُوبَةِ جَعَلَ الْمَنْذُورَةَ فِيهَا خَارِجَةً (قَوْلُهُ: فَإِنْ أَعَادَهَا صَحَّتْ) أَيْ وَلَوْ مَرَّاتٍ كَثِيرَةً.

وَعِبَارَةُ حَجّ: وَكَأَنَّ وَجْهَ خُرُوجِهَا عَنْ نَظَائِرِهَا أَنَّ الْعِبَادَةَ إذَا لَمْ تُطْلَبْ لَا تَنْعَقِدُ التَّوَسُّعَةُ فِي حُصُولِ نَفْعِ الْمَيِّتِ لِاحْتِيَاجِهِ لَهُ أَكْثَرَ مِنْ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ: أَنَّ مَا تُسْتَحَبُّ فِيهِ الْجَمَاعَةُ مِنْ النَّفْلِ كَالْفَرْضِ) اعْتَمَدَهُ حَجّ، وَقَدْ يَدْخُلُ فِيهِ وِتْرُ رَمَضَانَ، وَعَلَيْهِ فَقَوْلُهُمْ لَا وِتْرَانِ فِي لَيْلَةِ مَحَلِّهِ فِي غَيْرِ ذَلِكَ فَلْيُحَرَّرْ. لَكِنْ قَالَ م ر: لَا تُعَادُ لِحَدِيثِ «لَا وِتْرَانِ» وَهُوَ خَاصٌّ فَيُقَدَّمُ عَلَى عُمُومِ خَبَرِ الْإِعَادَةِ. اهـ. وَأَقُولُ: بَلْ بَيْنَهُمَا عُمُومٌ مِنْ وَجْهٍ وَتَعَارُضٌ فِي إعَادَةِ الْوِتْرِ فَتَأَمَّلْهُ. اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ.

(قَوْلُهُ: عِنْدَ جَوَازِ تَعَدُّدِهَا) خَرَجَ بِهِ مَا لَوْ لَمْ تَتَعَدَّدْ بِأَنْ لَمْ يَكُنْ فِي الْبَلَدِ إلَّا جُمُعَةٌ وَاحِدَةٌ فَلَا تَصِحُّ إعَادَتُهَا لَا ظُهْرًا وَلَا جُمُعَةً حَيْثُ صَحَّتْ الْأُولَى، بِخِلَافِ مَا لَوْ اشْتَمَلَتْ عَلَى خَلَلٍ يَقْتَضِي فَسَادَهَا وَتَعَذَّرَتْ إعَادَتُهَا جُمُعَةً فَيَجِبُ فِعْلُ الظُّهْرِ وَلَيْسَ بِإِعَادَةِ الْمَعْنَى الَّذِي الْكَلَامُ فِيهِ، وَمَحَلُّ كَوْنِهَا لَا تُعَادُ جُمُعَةً إذَا لَمْ يَنْتَقِلْ لِمَحَلٍّ آخَرَ وَأَدْرَكَ الْجُمُعَةَ تُقَامُ فِيهِ. أَمَّا كَوْنُهَا لَا تُعَادُ ظُهْرًا فَهُوَ عَلَى إطْلَاقِهِ، كَمَا يُصَرِّحُ بِمَا ذُكِرَ قَوْلُ شَارِحِ الْإِرْشَادِ، وَدَخَلَ فِي الْمَكْتُوبَةِ الْجُمُعَةُ فَتُسَنُّ خِلَافًا لِلْأَذْرَعِيِّ وَمَنْ تَبِعَهُ إعَادَتُهَا عِنْدَ جَوَازِ التَّعَدُّدِ أَوْ سَفَرِهِ لِبَلَدٍ آخَرَ رَآهُمْ يُصَلُّونَهَا، وَلَوْ صَلَّى مَعْذُورٌ الظُّهْرَ ثُمَّ أَدْرَكَ الْجُمُعَةَ أَوْ مَعْذُورِينَ يُصَلُّونَ الظُّهْرَ سُنَّتْ الْإِعَادَةُ فِيهِمَا وَلَا تَجُوزُ إعَادَةُ الْجُمُعَةِ ظُهْرًا وَكَذَا عَكْسُهُ لِغَيْرِ الْمَعْذُورِ انْتَهَى رحمه الله. قَالَ فِي فَتَاوِيهِ الْكُبْرَى: وَجْهُ الْمَنْعِ أَنَّ الْإِعَادَةَ إنَّمَا نُدِبَتْ لِتَحْصِيلِ كَمَالٍ فِي فَرِيضَةِ الْوَقْتِ يَقِينًا إنْ صَلَّى مُنْفَرِدًا، أَوْ ظَنًّا أَوْ رَجَاءً إنْ صَلَّاهَا جَمَاعَةً، وَلَوْ بِجَمَاعَةٍ أَكْمَلَ ظُهْرًا، وَمَنْ صَلَّى الْجُمُعَةَ كَانَتْ هِيَ فَرْضَ وَقْتِهِ فَإِعَادَتُهُ الظُّهْرَ لَا تَرْجِعُ بِكَمَالٍ عَلَى الْجُمُعَةِ الَّتِي هِيَ فَرْضُ وَقْتِهِ أَصْلًا، فَلَمَّا لَمْ يَكُنْ فِي إعَادَةِ الظُّهْرِ كَمَالٌ يَرْجِعُ بِفَرْضِ الْوَقْتِ امْتَنَعَتْ إعَادَةُ الظُّهْرِ؛ لِأَنَّهَا عَبَثٌ، وَالْعِبَادَاتُ يَقْتَصِرُ فِيهَا عَلَى مَحَلِّ وُرُودِهَا أَوْ مَا هُوَ فِي مَعْنَاهُ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ. اهـ.

(قَوْلُهُ: وَأَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ) أَيْ خِلَافًا لِلْأَذْرَعِيِّ اهـ حَجّ (قَوْلُهُ: وَلَوْ قَصَرَ مُسَافِرٌ ثُمَّ أَقَامَ) وَكَذَا لَوْ لَمْ يَقُمْ فَتَجُوزُ إعَادَتُهَا مَعَهُمْ تَامَّةً لِوُجُوبِ الْإِتْمَامِ عَلَيْهِ حَيْثُ اقْتَدَى بِمُتِمٍّ (قَوْلُهُ: وَوَجَدَ جَمَاعَةً فِي تِلْكَ الْمَقْصُورَةِ) أَيْ يُرِيدُونَ فِعْلَهَا تَامَّةً مِثْلَهَا (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ يُتِمُّ إلَخْ) وَفِي نُسْخَةٍ بَعْدَ قَوْلِهِ مَعَهُمْ إنْ قُلْنَا بِأَنَّ الْجَمَاعَةَ لَيْسَتْ شَرْطًا فِي جَمِيعِهَا وَإِلَّا امْتَنَعَ فِعْلُهَا مَعَهُمْ اهـ.

وَقَوْلُهُ وَإِلَّا امْتَنَعَ إلَخْ يَرِدُ عَلَيْهِ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ ذَلِكَ لِجَوَازِ أَنْ يَفْعَلَهَا بَعْدَ الْإِقَامَةِ خَلْفَ مُتِمٍّ (قَوْلُهُ: وَقَدْ تُسْتَحَبُّ الْإِعَادَةُ إلَخْ) هَذَا مُسْتَفَادٌ مِنْ عُمُومِ مَا مَرَّ فِي قَوْلِهِ وَمِنْهُ جَرَيَانُ خِلَافٍ فِي بُطْلَانِهَا (قَوْلُهُ: ثُمَّ ذَكَرَ إلَخْ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا تُسَنُّ لَهُ الْإِعَادَةُ إذَا أَحْرَمَ

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: وَقَدْ تُسْتَحَبُّ الْإِعَادَةُ مُنْفَرِدًا زِيَادَةً عَلَى مَا مَرَّ) لَيْسَ هَذَا مَأْخُوذًا مِنْ قَوْلِهِ الْمَارِّ، وَإِنَّهُ لَوْ أَعَادَهَا مُنْفَرِدًا

ص: 153

يُصَلِّي الْفَائِتَةَ، وَيُسْتَحَبُّ إعَادَةُ الْحَاضِرَةِ كَمَا قَالَهُ الْقَاضِي الْحُسَيْنُ خُرُوجًا مِنْ الْخِلَافِ (وَفَرْضُهُ) فِي الصُّورَتَيْنِ (الْأُولَى فِي الْجَدِيدِ) لِلْخَبَرِ الْمَارِّ «فَإِنَّهَا لَكُمَا نَافِلَةٌ» وَلِسُقُوطِ الْخِطَابِ بِهَا، فَلَوْ تَذَكَّرَ خَلَلًا فِي الْأُولَى لَمْ تَكْفِهِ الثَّانِيَةُ.

نَعَمْ لَوْ نَسِيَ أَنَّهُ صَلَّى الْأُولَى فَصَلَّاهَا مَعَ جَمَاعَةٍ فَبَانَ فَسَادُ الْأُولَى أَجْزَأَتْهُ الثَّانِيَةُ؛ لِأَنَّهُ نَوَى الْفَرْضَ حَقِيقَةً بِخِلَافِهِ ثَمَّ وَالْقَدِيمِ وَنَصَّ عَلَيْهِ فِي الْإِمْلَاءِ أَيْضًا أَنَّ الْفَرْضَ إحْدَاهُمَا يَحْتَسِبُ اللَّهُ تَعَالَى مَا شَاءَ مِنْهُمَا، وَقِيلَ الْفَرْضُ كِلَاهُمَا، وَالْأُولَى مُسْقِطَةٌ لِلْحَرَجِ لَا مَانِعَةٌ مِنْ وُقُوعِ الثَّانِيَةِ فَرْضًا كَصَلَاةِ الْجِنَازَةِ لَوْ صَلَّاهَا جَمْعٌ مَثَلًا سَقَطَ الْحَرَجُ عَنْ الْبَاقِينَ فَلَوْ صَلَّاهَا طَائِفَةٌ أُخْرَى وَقَعَتْ الثَّانِيَةُ فَرْضًا، وَهَكَذَا فُرُوضُ الْكِفَايَاتِ كُلِّهَا.

وَقِيلَ الْفَرْضُ أَكْمَلُهُمَا وَمَحَلُّ كَوْنِ فَرْضِهِ الْأُولَى حَيْثُ أَغْنَتْ عَنْ الْقَضَاءِ، وَإِلَّا فَفَرْضُهُ الثَّانِيَةُ الْمُغْنِيَةُ عَنْهُ عَلَى الْمَذْهَبِ (وَالْأَصَحُّ) عَلَى الْجَدِيدِ (أَنْ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

بِالْحَاضِرَةِ عَالِمًا بِأَنَّ عَلَيْهِ فَائِتَةٌ وَلَعَلَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ، بَلْ اسْتِحْبَابُ الْإِعَادَةِ فِي هَذِهِ أَوْلَى مِنْ تِلْكَ لِتَقْصِيرِهِ بِتَقْدِيمِ الْحَاضِرَةِ (قَوْلُهُ: وَفَرْضُهُ الْأُولَى فِي الْجَدِيدِ) وَقِيلَ فَرْضُهُ فِي حَقِّ الْمُنْفَرِدِ الثَّانِيَةُ. اهـ إسْنَوِيٌّ، وَلَعَلَّ حِكْمَةَ تَرْكِ الشَّارِحِ لِهَذَا الْوَجْهِ أَنَّهُ يُسْتَفَادُ مِنْ قَوْلِهِ وَقِيلَ الْفَرْضُ كِلَاهُمَا (قَوْلُهُ: إنَّ الْفَرْضَ إحْدَاهُمَا) يُؤْخَذُ مِنْهُ اسْتِحْبَابُ إعَادَةِ الرَّوَاتِبِ الْبَعْدِيَّةِ؛ لِاحْتِمَالِ أَنْ لَا تَكُونَ الْأُولَى فَرْضًا.

وَعِبَارَةُ سم عَلَى حَجّ نَصُّهَا: فَرْعٌ: هَلْ تُسَنُّ إعَادَةُ الرَّوَاتِبِ: أَيْ فُرَادَى. أَمَّا الْقَبْلِيَّةَ فَلَا يَتَّجِهُ إلَّا عَدَمُ إعَادَتِهَا؛ لِأَنَّهَا وَاقِعَةٌ فِي مَحَلِّهَا سَوَاءٌ قُلْنَا الْفَرْضُ الْأُولَى أَوْ الثَّانِيَةُ أَوْ إحْدَاهُمَا لَا بِعَيْنِهَا يَحْتَسِبُ اللَّهُ مَا شَاءَ مِنْهَا. وَأَمَّا الْبَعْدِيَّةُ فَيَحْتَمِلُ سَنَّ إعَادَتِهَا مُرَاعَاةً لِلْقَوْلِ الثَّالِثِ لِجَوَازِ أَنْ يَحْتَسِبَ اللَّهُ لَهُ الثَّانِيَةَ فَيَكُونُ مَا فَعَلَهُ بَعْدَ الْأُولَى وَاقِعًا قَبْلَ الثَّانِيَةِ فَلَا تَكُونُ بَعْدِيَّةً لَهَا. اهـ. وَعِبَارَتُهُ عَلَى مَنْهَجٍ: فَرْعٌ: الظَّاهِرُ وِفَاقًا م ر أَنَّهُ لَا يُسْتَحَبُّ إعَادَةُ رَوَاتِبِ الْمُعَادَةِ مَعَهَا؛ لِأَنَّهَا لَا تُطْلَبُ الْجَمَاعَةُ فِي الرَّوَاتِبِ وَإِنَّمَا يُعَادُ مَا تُطْلَبُ فِيهِ الْجَمَاعَةُ فَلْيُتَأَمَّلْ: أَيْ كَمَا يُؤْخَذُ مِمَّا مَرَّ. اهـ.

وَالْأَقْرَبُ مَا قَالَهُ عَلَى حَجّ؛ لِأَنَّهُ حَيْثُ كَانَتْ الْإِعَادَةُ لِاحْتِمَالِ أَنَّ الثَّانِيَةَ فَرْضُهُ كَانَ وَجْهُ الْإِعَادَةِ احْتِمَالَ كَوْنِ الْأُولَى وَقَعَتْ نَفْلًا مُطْلَقًا لِفِعْلِهَا قَبْلَ دُخُولِ وَقْتِهَا.

[تَنْبِيهٌ] أَفْتَى شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ بِأَنَّ شَرْطَ صِحَّةِ الْمُعَادَةِ وُقُوعُهَا فِي جَمَاعَةٍ مِنْ أَوَّلِهَا إلَى آخِرِهَا: أَيْ بِأَنْ يُدْرِكَ رُكُوعَ الْأُولَى، وَإِنْ تَبَاطَأَ قَصْدًا فَلَا يَكْفِي وُقُوعُ بَعْضِهَا فِي جَمَاعَةٍ حَتَّى لَوْ أَخْرَجَ نَفْسَهُ فِيهَا مِنْ الْقُدْوَةِ أَوْ سَبَقَهُ الْإِمَامُ بِبَعْضِ الرَّكَعَاتِ لَمْ تَصِحَّ.

وَقَضِيَّةُ ذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ وَافَقَ الْإِمَامَ مِنْ أَوَّلِهَا لَكِنْ تَأَخَّرَ سَلَامُهُ عَنْ سَلَامِ الْإِمَامِ بِحَيْثُ عُدَّ مُنْقَطِعًا عَنْهُ بَطَلَتْ، وَأَنَّهُ لَوْ رَأَى جَمَاعَةً وَشَكَّ هَلْ هُمْ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى أَوْ فِيمَا بَعْدَهَا امْتَنَعَتْ الْإِعَادَةُ مَعَهُمْ م ر.

وَكَلَامُ الشَّارِحِ مُصَرِّحٌ بِخِلَافِ ذَلِكَ كُلِّهِ، وَعَلَيْهِ غَيْرُهُ مِنْ مَشَايِخِنَا أَيْضًا، وَعَلَى الْأَوَّلِ فَلَوْ لَحِقَ الْإِمَامَ سَهْوٌ فَسَلَّمَ وَلَمْ يَسْجُدْ فَيَتَّجِهُ أَنَّ لِلْمَأْمُومِ الْمُعِيدِ أَنْ يَسْجُدَ إذَا لَمْ يَتَأَخَّرْ كَثِيرًا بِحَيْثُ يُعَدُّ مُنْقَطِعًا عَنْهُ م ر، وَلَوْ شَكَّ الْمُعِيدُ فِي تَرْكِ رُكْنٍ فَهَلْ تَبْطُلُ صَلَاتُهُ بِمُجَرَّدِ الشَّكِّ؛ لِأَنَّهُ يَحْتَاجُ لِلِانْفِرَادِ بِرَكْعَةٍ بَعْدَ سَلَامِ الْإِمَامِ وَالِانْفِرَادُ فِي الْمُعَادَةِ مُمْتَنِعٌ أَوْ لَا تَبْطُلُ بِمُجَرَّدِ ذَلِكَ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَتَذَكَّرَ قَبْلَ سَلَامِ الْإِمَامِ عَدَمَ تَرْكِ شَيْءٍ؟ فِيهِ نَظَرٌ. وَالثَّانِي أَقْرَبُ م ر اهـ سم عَلَى حَجّ.

وَقَوْلُهُ امْتَنَعَتْ الْإِعَادَةُ مَعَهُمْ: أَيْ وَإِنْ تَبَيَّنَ أَنَّهُ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى. وَقَوْلُهُ إنَّ لِلْمَأْمُومِ إلَخْ قَدْ يُخَالِفُهُ ظَاهِرُ قَوْلِ الشَّارِحِ هُنَا إنَّ الْجَمَاعَةَ فِي الْمُعَادَةِ كَالطَّهَارَةِ فَإِنَّ قَضِيَّةَ التَّشْبِيهِ أَنَّ الِانْفِرَادَ فِي أَيِّ جُزْءٍ وَإِنْ قَلَّ يَضُرُّ، كَمَا أَنَّ الْحَدَثَ يُبْطِلُ الصَّلَاةَ، وَإِنْ قَلَّ، وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهُ يُمْكِنُ الْفَرْقُ أَنَّ زَمَانَهُ لَمَّا عُدَّ مِنْ تَوَابِعِ الصَّلَاةِ لَمْ يَضُرَّ (قَوْلُهُ: يَحْتَسِبُ اللَّهُ تَعَالَى مَا شَاءَ)

ــ

[حاشية الرشيدي]

لَمْ تَنْعَقِدْ إلَّا لِسَبَبٍ كَأَنْ كَانَ فِي صَلَاتِهِ الْأُولَى خَلَلٌ، وَمِنْهُ جَرَيَانُ خِلَافِ إلَخْ، خِلَافًا لِمَا فِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ؛ لِأَنَّ ذَاكَ فِي الِانْعِقَادِ وَعَدَمِهِ وَهَذَا فِي السَّنِّ وَعَدَمِهِ.

ص: 154