الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بِإِذْنِهِ فِيهَا يَلْزَمُ تَقَدُّمُ غَيْرِهِ عَلَيْهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ وَهُوَ مَمْنُوعٌ، وَظَاهِرٌ أَنَّ مَحَلَّ الْأَوَّلِ عِنْدَ عَدَمِ زِيَادَةِ زَمَنِ الْجَمَاعَةِ، وَإِلَّا فَلَا بُدَّ مِنْ إذْنِهِ فِيهَا. وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ الْخَبَرُ الْمَارُّ وَلِعُمُومِ سَلْطَنَتِهِ مَعَ أَنَّ تَقَدُّمَ غَيْرِهِ بِحَضْرَتِهِ مِنْ غَيْرِ إذْنِهِ لَا يَلِيقُ بِبَذْلِ الطَّاعَةِ، وَيُرَاعَى فِي الْوُلَاةِ تَفَاوُتُ دَرَجَتِهِمْ فَيُقَدَّمُ الْإِمَامُ الْأَعْظَمُ ثُمَّ بَقِيَّةُ مَنْ لَهُ الْوِلَايَةُ الْأَعْلَى فَالْأَعْلَى حَتَّى عَلَى الْإِمَامِ الرَّاتِبِ. نَعَمْ لَوْ وَلَّى الْإِمَامُ أَوْ نَائِبُهُ الرَّاتِبَ قُدِّمَ عَلَى وَالِي الْبَلَدِ وَقَاضِيهِ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ، بَلْ الْأَوْجَهُ تَقْدِيمُهُ عَلَى مَنْ سِوَى الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ مِنْ الْوُلَاةِ.
فَصْلٌ فِي بَعْضِ شُرُوطِ الْقُدْوَةِ وَكَثِيرٍ مِنْ آدَابِهَا وَبَعْضِ مَكْرُوهَاتِهَا
(لَا يَتَقَدَّمُ) الْمَأْمُومُ (عَلَى إمَامِهِ فِي الْمَوْقِفِ) يَعْنِي الْمَكَانَ لَا بِقَيْدِ الْوُقُوفِ، فَالتَّقْيِيدُ بِهِ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ لِأَنَّهُ لَمْ يُنْقَلْ وَلِخَبَرِ «إنَّمَا جُعِلَ الْإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ» وَالِائْتِمَامُ الِاتِّبَاعُ، وَالْمُتَقَدِّمُ غَيْرُ تَابِعٍ (فَإِنْ تَقَدَّمَ) عَلَيْهِ يَقِينًا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ قَائِمًا فِي غَيْرِ شِدَّةِ الْخَوْفِ كَمَا قَالَهُ ابْنُ أَبِي عَصْرُونٍ، وَقَالَ: إنَّ الْجَمَاعَةَ أَفْضَلُ وَإِنْ تَقَدَّمَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَإِنْ خَالَفَهُ كَلَامُ الْجُمْهُورِ (بَطَلَتْ) إنْ وَقَعَ ذَلِكَ فِي أَثْنَائِهَا أَمَّا فِي ابْتِدَائِهَا فَلَا تَنْعَقِدُ، وَتَسْمِيَةُ مَا فِي الِابْتِدَاءِ بُطْلَانًا تَغْلِيبٌ (فِي الْجَدِيدِ) لِكَوْنِهِ أَفْحَشَ مِنْ مُخَالَفَتِهِ فِي الْأَفْعَالِ الْمُبْطِلَةِ كَمَا سَيَأْتِي، فَإِنْ شَكَّ فِي تَقَدُّمِهِ عَلَيْهِ لَمْ تَبْطُلْ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
شَرِيكُهُ فِي السُّكْنَى مَثَلًا.
(قَوْلُهُ: وَظَاهِرٌ أَنَّ مَحَلَّ الْأَوَّلِ) أَيْ الْإِذْنِ فِي الصَّلَاةِ فِي مِلْكِهِ، وَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ فِي الْجَمَاعَةِ.
فَصْلٌ فِي بَعْضِ شُرُوطِ الْقُدْوَةِ (قَوْلُهُ: فَالتَّقْيِيدُ بِهِ) أَيْ الْمَوْقِفِ لِأَنَّهُ: أَيْ التَّقَدُّمَ لَمْ يُنْقَلْ: أَيْ عَنْهُ صلى الله عليه وسلم وَلَا فُعِلَ فِي زَمَنِهِ وَأَقَرَّ عَلَيْهِ.
(قَوْلُهُ: فَإِنْ تَقَدَّمَ إلَخْ) ظَاهِرُ إطْلَاقِهِمْ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ الْعَالِمِ وَالْجَاهِلِ وَالنَّاسِي. وَفِي الْإِيعَابِ: نَعَمْ بَحَثَ بَعْضُهُمْ أَنَّ الْجَاهِلَ يُغْتَفَرُ لَهُ التَّقَدُّمُ لِأَنَّهُ عُذِرَ بِأَعْظَمَ مِنْ هَذَا، وَإِنَّمَا يُتَّجَهُ فِي مَعْذُورٍ لِبُعْدِ مَحَلِّهِ أَوْ قُرْبِ إسْلَامِهِ، وَعَلَيْهِ فَالنَّاسِي مِثْلُهُ اهـ إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّ النَّاسِيَ يُنْسَبُ لِتَقْصِيرٍ لِغَفْلَتِهِ بِإِهْمَالِهِ حَتَّى نَسِيَ الْحُكْمَ.
(قَوْلُهُ: وَإِنْ خَالَفَهُ كَلَامُ الْجُمْهُورِ) أَيْ فَقَالُوا: إنَّ الِانْفِرَادَ أَفْضَلُ.
(قَوْلُهُ: لَمْ تَبْطُلْ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ كَانَ الشَّكُّ حَالَ النِّيَّةِ، وَيُوَجَّهُ بِأَنَّهُ كَمَا لَوْ شَكَّ عِنْدَ النِّيَّةِ فِي انْتِقَاضِ طُهْرِهِ، وَقَدْ يُفَرَّقُ وَيُقَالُ: يَنْبَغِي أَنْ لَا يَكُونَ الشَّكُّ حَالَ النِّيَّةِ مُغْتَفَرًا فَلَا تَنْعَقِدُ حِينَئِذٍ لِلتَّرَدُّدِ فِي الْمُبْطِلِ، وَالتَّرَدُّدُ يُؤَثِّرُ فِيهَا، وَعَرَضْته عَلَى شَيْخِنَا طب فَارْتَضَاهُ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ لِأَنَّهُ
ــ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهَا وَظَاهِرٌ أَنَّ مَحَلَّ الْأَوَّلِ) أَيْ مَسْأَلَةَ الْوَالِي الْمَذْكُورَةَ (قَوْلُهُ: كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ) عِبَارَةُ الْأَذْرَعِيِّ: وَيُقَدَّمُ الْوَالِي عَلَى إمَامِ الْمَسْجِدِ.
قُلْت: وَهَذَا فِي غَيْرِ مَنْ وَلَّاهُ الْإِمَامُ الْأَعْظَمُ وَنُوَّابُهُ، أَمَّا مَنْ وَلَّاهُ الْإِمَامُ الْأَعْظَمُ وَنَحْوُهُ فِي جَامِعٍ أَوْ مَسْجِدٍ فَهُوَ أَوْلَى مِنْ وَالِي الْبَلَدِ وَقَاضِيهِ بِلَا شَكٍّ انْتَهَتْ.
فَمُرَادُهُ بِنُوَّابِ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ وُزَرَاؤُهُ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ فِي الْمَفْهُومِ: أَمَّا مَنْ وَلَّاهُ الْإِمَامُ الْأَعْظَمُ وَنَحْوُهُ، وَلَا بِدَعَ فِي تَقْدِيمِ هَذَا عَلَى وَالِي الْبَلَدِ وَقَاضِيهِ، أَمَّا مَنْ وَلَّاهُ قَاضِي الْبَلَدِ فَلَا شَكَّ فِي تَقْدِيمِ الْقَاضِي عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ مُوَلِّيهِ، وَعَلَى قِيَاسِ هَذَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ قَوْلُ الشَّارِحِ بَلْ الْأَوْجَهُ إلَخْ مَفْرُوضًا فِيمَنْ وَلَّاهُ نَفْسُ الْإِمَامِ فَتَأَمَّلْ.
[فَصْلٌ فِي بَعْضِ شُرُوطِ الْقُدْوَةِ وَكَثِيرٍ مِنْ آدَابِهَا وَبَعْضِ مَكْرُوهَاتِهَا]
(فَصْلٌ فِي بَعْضِ شُرُوطِ الْقُدْوَةِ)(قَوْلُهُ: وَتَسْمِيَةُ مَا فِي الِابْتِدَاءِ إلَخْ) هَذَا جَوَابٌ ثَانٍ فَالْمُنَاسِبُ فِيهِ الْعَطْفُ بِأَوْ
وَإِنْ جَاءَ مِنْ أَمَامِهِ، إذْ الْأَصْلُ عَدَمُ الْمُبْطِلِ فَكَانَ مُقَدَّمًا عَلَى أَصْلِ بَقَاءِ التَّقَدُّمِ، وَالْقَدِيمُ لَا تَبْطُلُ مَعَ الْكَرَاهَةِ كَمَا لَوْ وَقَفَ خَلْفَ الصَّفِّ وَحْدَهُ (وَلَا تَضُرُّ)(مُسَاوَاتُهُ) لِإِمَامِهِ لِعَدَمِ الْمُخَالَفَةِ لَكِنَّهَا مَكْرُوهَةٌ تُفَوِّتُ فَضِيلَةَ الْجَمَاعَةِ وَإِنْ كَانَتْ صُورَتُهَا مُعْتَدًّا بِهَا فِي الْجُمُعَةِ وَغَيْرِهَا حَتَّى يَسْقُطَ فَرْضُهَا فَلَا تَنَافِيَ وَإِنْ ظَنَّهُ بَعْضُهُمْ، وَيَجْرِي ذَلِكَ فِي كُلِّ مَكْرُوهٍ مِنْ حَيْثُ الْجَمَاعَةُ الْمَطْلُوبَةُ.
(وَيُنْدَبُ) لِلْمَأْمُومِ (تَخَلُّفُهُ) عَنْ إمَامِهِ (قَلِيلًا) عُرْفًا فِيمَا يَظْهَرُ اسْتِعْمَالًا لِلْأَدَبِ وَإِظْهَارًا لِرُتْبَةِ الْإِمَامِ عَلَيْهِ وَلَا يَزِيدُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَذْرُعٍ، وَقَدْ تُسَنُّ الْمُسَاوَاةُ كَمَا سَيَأْتِي فِي الْعُرَاةِ وَالتَّأَخُّرُ كَثِيرًا كَمَا فِي امْرَأَةٍ خَلْفَ رَجُلٍ (وَالِاعْتِبَارُ) فِي تَقَدُّمِهِ وَتَأَخُّرِهِ وَمُسَاوَاتِهِ فِي الْقِيَامِ وَمِثْلُهُ الرُّكُوعُ فِيمَا يَظْهَرُ (بِالْعَقِبِ) وَهُوَ مُؤَخَّرُ الْقَدَمِ لَا الْكَعْبِ وَأَصَابِعِ الرِّجْلِ، إذْ فُحْشُ التَّقَدُّمِ إنَّمَا يَظْهَرُ بِهِ فَلَا اعْتِبَارَ بِتَقَدُّمِ أَصَابِعِ الْمَأْمُومِ مَعَ تَأَخُّرِ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
لَوْ كَانَ مُجَرَّدُ الشَّكِّ فِي النِّيَّةِ مَانِعًا مِنْ الِانْعِقَادِ لَامْتَنَعَتْ الْقُدْوَةُ لِمَنْ تَيَقَّنَ الطَّهَارَةَ وَشَكَّ فِي الْحَدَثِ، كَمَا أَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ الطَّهَارَةِ، وَلَا نَظَرَ لِاحْتِمَالِ الْمُخَالِفِ لِلْأَصْلِ.
(قَوْلُهُ: إذْ الْأَصْلُ عَدَمُ الْمُبْطِلِ) أَيْ وَيَنْبَغِي حُصُولُ الْفَضِيلَةِ حِينَئِذٍ وَيُقَالُ عَلَيْهِ مَا وَجْهُ تَقْدِيمِ كَوْنِ الْأَصْلِ عَدَمَ الْبُطْلَانِ عَلَى كَوْنِ الْأَصْلِ بَقَاءَ التَّقَدُّمِ مَعَ أَنَّ بَقَاءَ التَّقَدُّمِ يُؤَدِّي إلَى عَدَمِ الِانْعِقَادِ خُصُوصًا وَقَدْ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ فِي كِفَايَتِهِ إنَّهُ الْأَوْجُهُ فَتَأَمَّلْهُ.
(قَوْلُهُ: تَفُوتُ فَضِيلَةُ الْجَمَاعَةِ) أَيْ فِيمَا سَاوَى فِيهِ لَا مُطْلَقًا اهـ حَجّ.
(قَوْلُهُ: فِي الْجُمُعَةِ غَيْرَهَا) أَيْ مِنْ حُصُولِ الشِّعَارِ فَيَسْقُطُ بِهَا فَرْضُ الْكِفَايَةِ وَيَتَحَمَّلُ الْإِمَامُ عَنْهُ الْقِرَاءَةَ وَالسَّهْوَ وَيَلْحَقُهُ سَهْوُ إمَامِهِ وَيَضُرُّ التَّقَدُّمُ عَلَيْهِ بِرُكْنَيْنِ فِعْلِيَّيْنِ كَمَا يَأْتِي وَغَيْرِ ذَلِكَ
. (قَوْلُهُ: وَيُنْدَبُ تَخَلُّفُهُ قَلِيلًا عُرْفًا) وَلَا يَتَوَقَّفُ حُصُولُ السُّنَّةِ عَلَى زِيَادَةِ الْقُرْبِ بِحَيْثُ يُحَاذِي بَعْضُ بَدَنِ الْمَأْمُومِ بَعْضَ بَدَنِ الْإِمَامِ فِي الرُّكُوعِ أَوْ السُّجُودِ.
(قَوْلُهُ: كَمَا فِي امْرَأَةٍ خَلْفَ رَجُلٍ) أَيْ بِشَرْطِ أَنْ لَا تَزِيدَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَذْرُعٍ عَلَى مَا يُفِيدُهُ قَوْلُهُ الْآتِي: وَيُسَنُّ أَنْ لَا يَزِيدَ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا كَمَا بَيْنَ كُلِّ صَفَّيْنِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَذْرُعٍ، وَعَلَيْهِ فَقَوْلُهُ وَالتَّأَخُّرُ كَثِيرًا: أَيْ بِالنِّسْبَةِ لِمَوْقِفِ الرَّجُلِ لَكِنْ رَأَيْت بِهَامِشٍ عَنْ فَتَاوَى حَجّ مَا نَصُّهُ: سُئِلَ عَنْ قَوْلِهِمْ يُسْتَحَبُّ أَنْ لَا يَزِيدَ مَا بَيْنَ الْإِمَامِ وَالْمَأْمُومِينَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَذْرُعٍ، فَلَوْ تَرَكَ هَذَا الْمُسْتَحَبَّ هَلْ يَكُونُ مَكْرُوهًا بِنَصِّ أَئِمَّتِنَا، وَكَذَلِكَ لَوْ صَفَّ صَفًّا ثَانِيًا قَبْلَ إكْمَالِ الْأَوَّلِ هَلْ يَكُونُ كَذَلِكَ؟ فَأَجَابَ بِقَوْلِهِ كُلُّ مَا ذُكِرَ مَكْرُوهٌ مُفَوِّتٌ لِفَضِيلَةِ الْجَمَاعَةِ، فَقَدْ قَالَ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمَجْمُوعِ: السُّنَّةُ أَنْ لَا يَزِيدَ مَا بَيْنَ الْإِمَامِ وَمَنْ خَلْفَهُ مِنْ الرِّجَالِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَذْرُعٍ تَقْرِيبًا كَمَا بَيْنَ كُلِّ صَفَّيْنِ، أَمَّا النِّسَاءُ فَيُسَنُّ لَهُنَّ التَّخَلُّفُ كَثِيرًا، وَفِي الْمَجْمُوعِ اتَّفَقَ أَصْحَابُنَا وَغَيْرُهُمْ عَلَى اسْتِحْبَابِ الْأَوَّلِ وَالْحَثِّ عَلَيْهِ اهـ.
(قَوْلُهُ: بِالْعَقِبِ) أَيْ بِكُلِّهِ فَلَا يَضُرُّ التَّقَدُّمُ بِبَعْضِهِ اهـ حَجّ. وَقَالَ عَمِيرَةُ: وَلَوْ تَقَدَّمَ بِبَعْضِ الْعَقِبِ فَفِيهِ خِلَافٌ حَكَاهُ فِي الْكِفَايَةِ عَنْ الْقَاضِي حُسَيْنٍ، وَعَلَّلَ الصِّحَّةَ بِأَنَّهَا مُخَالَفَةٌ لَا تَظْهَرُ فَأَشْبَهَتْ الْمُخَالَفَةَ الْيَسِيرَةَ، وَمَالَ م ر إلَى الصِّحَّةِ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلِهِ وَهُوَ مُؤَخَّرُ الْقَدَمِ) أَيْ مَا يُصِيبُ الْأَرْضَ مِنْهُ اهـ حَجّ.
(قَوْلُهُ: فَلَا اعْتِبَارَ بِتَقَدُّمِ أَصَابِعِ الْمَأْمُومِ) ع: يَنْبَغِي أَنْ يَضُرَّ ذَلِكَ عِنْدَ الِاعْتِمَادِ عَلَيْهَا كَمَا حَاوَلَهُ الْإِسْنَوِيُّ وَغَيْرُهُ وَهُوَ ظَاهِرٌ اهـ. وَفِي النَّاشِرِيِّ قَالَ أَبُو زُرْعَةَ: فَلَوْ لَمْ يَعْتَمِدْ عَلَى شَيْءٍ مِنْ رِجْلَيْهِ مَعًا عَلَى الْأَرْضِ وَتَأَخَّرَ الْعَقِبُ وَتَقَدَّمَتْ رُءُوسُ الْأَصَابِعِ فَإِنْ اعْتَمَدَ عَلَى الْعَقِبِ صَحَّ أَوْ عَلَى رُءُوسِ الْأَصَابِعِ فَلَا اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ. وَقَوْلُهُ عَلَى شَيْءٍ مِنْ رِجْلَيْهِ: أَيْ مِنْ بُطُونِهِمَا فَلَا يُنَافِي قَوْلَهُ
ــ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: وَيَجْرِي ذَلِكَ فِي كُلِّ مَكْرُوهٍ مِنْ حَيْثُ الْجَمَاعَةُ الْمَطْلُوبَةُ) قَالَ الشِّهَابُ ابْنُ حَجَرٍ كَمُخَالَفَةِ السُّنَنِ الْآتِيَةِ فِي هَذَا الْفَصْلِ وَاَللَّذَيْنِ بَعْدَهُ الْمَطْلُوبَةُ مِنْ حَيْثُ الْجَمَاعَةُ اهـ وَكَأَنَّ هَذَا سَاقِطٌ مِنْ نُسَخِ الشَّارِحِ مِنْ النُّسَّاخِ بَعْدَ إتْيَانِهِ بِدَلِيلِ لَفْظِ الْمَطْلُوبَةِ فَإِنَّهُ مِنْ هَذِهِ الْعِبَارَةِ.
(قَوْلُهُ: وَلَا يَزِيدُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَذْرُعٍ) فَإِنْ زَادَ كُرِهَ وَكَانَ مُفَوِّتًا لِفَضِيلَةِ الْجَمَاعَةِ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي
عَقِبِهِ، بِخِلَافِ عَكْسِهِ، وَفِي الْقُعُودِ بِالْأَلْيَةِ وَلَوْ فِي التَّشَهُّدِ وَإِنْ كَانَ رَاكِبًا، وَفِي الِاضْطِجَاعِ بِالْجَنْبِ وَفِي الِاسْتِلْقَاءِ احْتِمَالَانِ أَوْجَهُهُمَا بِرَأْسِهِ سَوَاءٌ فِيمَا ذَكَرَ اتَّحِدَا قِيَامًا مَثَلًا أَمْ لَا، وَمَحَلُّ مَا تَقَرَّرَ فِي الْعَقِبِ وَمَا بَعْدَهُ إنْ اعْتَمَدَ عَلَيْهِ، فَإِنْ اعْتَمَدَ عَلَى غَيْرِهِ وَحْدَهُ كَأَصَابِعِ الْقَائِمِ وَرُكْبَةِ الْجَالِسِ اُعْتُبِرَ مَا اعْتَمَدَ عَلَيْهِ فِيمَا يَظْهَرُ، وَلَوْ اعْتَمَدَ عَلَيْهِمَا صَحَّتْ الْقُدْوَةُ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْبَغَوِيّ وَأَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، فَلَوْ صَلَّى قَائِمًا مُعْتَمِدًا عَلَى خَشَبَتَيْنِ تَحْتَ إبْطَيْهِ فَصَارَتْ رِجْلَاهُ مُعَلَّقَتَيْنِ فِي الْهَوَاءِ فَإِنْ لَمْ تُمْكِنُهُ غَيْرُ هَذِهِ الْهَيْئَةِ فَالْأَوْجُهُ اعْتِبَارُ الْخَشَبَتَيْنِ، أَمَّا إذَا تَمَكَّنَ عَلَى غَيْرِ هَذَا الْوَجْهِ فَصَلَاتُهُ غَيْرُ صَحِيحَةٍ، وَلَوْ تَعَلَّقَ مُقْتَدٍ بِحَبْلٍ وَتَعَيَّنَ طَرِيقًا اُعْتُبِرَ مَنْكِبُهُ فِيمَا يَظْهَرُ، وَبَحَثَ بَعْضُ أَهْلِ الْعَصْرِ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
بَعْدُ وَإِنْ اعْتَمَدَ عَلَى الْعَقِبِ إلَخْ.
(قَوْلُهُ: وَفِي الْقُعُودِ بِالْأَلِيَّةِ) عِبَارَةُ الْمَنْهَجِ بِأَلِيَّيْهِ.
(قَوْلُهُ: وَلَوْ فِي التَّشَهُّدِ) ظَاهِرُ أَخْذِهِ غَايَةً أَنَّهُ إذَا كَانَ يُصَلِّي مِنْ قِيَامٍ اُعْتُبِرَ عَقِبُهُ فِي حَالِ قِيَامِهِ، وَإِذَا جَلَسَ لِلتَّشَهُّدِ اُعْتُبِرَتْ الْأَلِيَّةُ، وَإِذَا سَجَدَ اُعْتُبِرَ أَصَابِعُ قَدَمَيْهِ وَهَكَذَا، حَتَّى إذَا صَلَّى صَلَاةَ نَفْلٍ وَفَعَلَ بَعْضَهَا مِنْ قِيَامٍ وَبَعْضَهَا مِنْ قُعُودٍ وَبَعْضَهَا مِنْ اسْتِلْقَاءٍ اُعْتُبِرَ فِي التَّقَدُّمِ الْحَالَةُ الَّتِي انْتَقَلَ عَلَيْهَا، لِأَنَّ كُلَّ حَالَةٍ انْتَقَلَ إلَيْهَا يُقَالُ صَلَّى قَائِمًا قَاعِدًا إلَخْ.
(قَوْلُهُ: وَفِي الِاضْطِجَاعِ بِالْجَنْبِ) أَيْ فَيَضُرُّ التَّقَدُّمُ بِبَعْضِهِ إذَا كَانَ عَرِيضًا عَقِبَ الْإِمَامِ مَثَلًا.
وَفِي حَجّ: الِاضْطِجَاعُ بِالْجَنْبِ: أَيْ جَمِيعِهِ، وَهُوَ مَا تَحْتَ عَظْمِ الْكَتِفِ إلَى الْخَاصِرَةِ فِيمَا يَظْهَرُ.
وَفِي شَرْحِ الْعُبَابِ لِلْمُنَاوِيِّ: وَهَلْ الْعِبْرَةُ بِمُقَدَّمِ الْجَنْبِ أَوْ مُؤَخَّرِهِ أَوْ كُلِّهِ؟ احْتِمَالَاتٌ رَجَّحَ مِنْهَا الْهَيْتَمِيُّ فِي شَرْحِ الْكِتَابِ الثَّانِيَ وَفِي شَرْحِ الْمِنْهَاجِ الثَّالِثَ.
(قَوْلُهُ: اتَّحِدَا) أَيْ الْإِمَامُ وَالْمَأْمُومُ.
(قَوْلُهُ: كَأَصَابِع الْقَائِمِ) أَيْ أَوْ السَّاجِدِ كَمَا نَقَلَهُ سم عَنْ الشَّارِحِ وَسَيَأْتِي مَا فِيهِ.
(قَوْلُهُ: اُعْتُبِرَ مَا اعْتَمَدَ عَلَيْهِ فِيمَا يَظْهَرُ) يُؤْخَذُ مِنْهُ بِالْأُولَى أَنَّهُ لَوْ صَارَ قَائِمًا عَلَى أَصَابِعِ رِجْلَيْهِ خِلْقَةً كَانَتْ الْعِبْرَةُ بِالْأَصَابِعِ وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَأَنَّهُ لَوْ انْقَلَبَتْ رِجْلُهُ كَانَتْ الْعِبْرَةُ بِمَا اعْتَمَدَ عَلَيْهِ.
(قَوْلُهُ: وَلَوْ اعْتَمَدَ عَلَيْهِمَا) أَيْ عَلَى عَقِبَيْهِ وَقُدِّمَ أَحَدُهُمَا. وَعِبَارَةُ حَجّ: وَالِاعْتِبَارُ بِالْعَقِبِ الَّذِي اعْتَمَدَ عَلَيْهِ وَإِنْ اعْتَمَدَ عَلَى الْمُتَأَخِّرَةِ أَيْضًا كَمَا هُوَ قِيَاسُ نَظَائِرِهِ خِلَافًا لِلْبَغَوِيِّ اهـ. وَكَتَبَ بِهَامِشِهِ الشِّهَابُ الْعَبَّادِيُّ مَا نَصُّهُ: قَوْلُهُ خِلَافًا لِلْبَغَوِيِّ فِي الْقُوتِ عَنْ الْبَغَوِيّ: فَلَوْ تَقَدَّمَ بِأَحَدِ الْعَقِبَيْنِ، فَإِنْ اعْتَمَدَ عَلَى الْقَدَمِ بَطَلَتْ وَإِنْ لَمْ يَعْتَمِدْ عَلَيْهِ لَمْ تَبْطُلْ وَكَذَا لَوْ اعْتَمَدَ عَلَيْهِمَا. قُلْت: وَفِيهِ نَظَرٌ اهـ. وَبِالصِّحَّةِ فِيمَا إذَا اعْتَمَدَ عَلَيْهِمَا أَفْتَى شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ. وَفِي حَجّ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَلَا تَضُرُّ مُسَاوَاتُهُ إلَخْ تَنْبِيهٌ مِنْ الْوَاضِحِ مِمَّا مَرَّ أَنَّ مَنْ أَدْرَكَ التَّحَرُّمَ قَبْلَ سَلَامِ الْإِمَامِ حَصَّلَ فَضِيلَةَ الْجَمَاعَةِ وَهِيَ السَّبْعُ وَالْعِشْرُونَ، لَكِنَّهَا دُونَ مَنْ حَصَّلَهَا مِنْ أَوَّلِهَا بَلْ أَوْ فِي أَثْنَائِهَا قَبْلَ ذَلِكَ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْفَضِيلَةِ الْفَائِتَةِ هُنَا فِيمَا إذَا سَاوَاهُ فِي الْبَعْضِ السَّبْعَةُ وَالْعِشْرُونَ فِي ذَلِكَ الْجُزْءِ، وَمَا عَدَاهُ مِمَّا لَمْ يُسَاوِهِ فِيهِ يَحْصُلُ لَهُ السَّبْعُ وَالْعِشْرُونَ لَكِنَّهَا مُتَفَاوِتَةٌ كَمَا تَقَرَّرَ، وَكَذَا يُقَالُ فِي كُلِّ مَكْرُوهٍ هُنَا أَمْكَنَ تَبْعِيضُهُ اهـ. أَقُولُ: قَوْلُهُ السَّبْعَةُ وَالْعِشْرُونَ: أَيْ الَّتِي تَخُصُّ مَا قَارَنَ فِيهِ، وَإِيضَاحُهُ أَنَّ الصَّلَاةَ فِي جَمَاعَةٍ تَزِيدُ عَلَى الِانْفِرَادِ بِسَبْعٍ وَعِشْرِينَ صَلَاةً، فَالرُّكُوعُ فِي الْجَمَاعَةِ يَزِيدُ عَلَى الْمُنْفَرِدِ بِسَبْعٍ وَعِشْرِينَ رُكُوعًا، وَإِذَا قَارَنَ فِيهِ دُونَ غَيْرِهِ فَاتَتْ الزِّيَادَةُ الْمُخْتَصَّةُ بِالرُّكُوعِ وَهِيَ السَّبْعُ وَالْعِشْرُونَ الَّتِي تَتَعَيَّنُ لَهُ فَقَطْ دُونَ السَّبْعِ وَالْعِشْرِينَ الَّتِي تَخُصُّ الرُّكُوعَ وَالسُّجُودَ مَثَلًا فِي الْجَمَاعَةِ.
(قَوْلُهُ: أَمَّا إذَا تَمَكَّنَ) أَيْ مِنْ الصَّلَاةِ.
(قَوْلُهُ: وَتَعَيَّنَ طَرِيقًا) أَيْ بِأَنْ لَمْ تُمْكِنُهُ الصَّلَاةُ إلَّا عَلَى هَذِهِ الْحَالَةِ.
(قَوْلُهُ: وَبَحَثَ بَعْضُ أَهْلِ الْعَصْرِ) يُرِيدُ بِهِ حَجّ. وَعِبَارَتُهُ: وَلَمْ أَرَ لَهُمْ كَلَامًا فِي السَّاجِدِ، وَيَظْهَرُ
ــ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: وَلَوْ اعْتَمَدَ عَلَيْهِمَا) لَمْ يَتَقَدَّمْ مَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ مَرْجِعًا لِضَمِيرِ التَّثْنِيَةِ وَلَعَلَّ فِي النُّسَخِ سَقْطًا، وَاَلَّذِي فِي فَتَاوَى وَالِدِهِ سُئِلَ عَمَّا إذَا قَدَّمَ الْإِمَامُ إحْدَى رِجْلَيْهِ عَلَى الْأُخْرَى مُعْتَمِدًا عَلَيْهِمَا وَوَقَفَ الْمَأْمُومُ بَيْنَ رِجْلَيْهِ فَهَلْ تَصِحُّ قُدْوَتُهُ أَوْ لَا؟ فَأَجَابَ بِأَنَّهُ تَصِحُّ صَلَاةُ الْمَأْمُومِ كَمَا أَفَادَهُ كَلَامُ الْبَغَوِيّ وَغَيْرِهِ. انْتَهَى. (قَوْلُهُ: وَبَحَثَ بَعْضُ أَهْلِ الْعَصْرِ) إنْ
أَنَّ الْعِبْرَةَ فِي السَّاجِدِ بِأَصَابِعِ قَدَمَيْهِ وَلَا بُعْدَ فِيهِ غَيْرَ أَنَّ إطْلَاقَهُمْ يُخَالِفُهُ.
(وَيَسْتَدِيرُونَ) أَيْ الْمَأْمُومُونَ اسْتِحْبَابًا إذَا صَلَّوْا (فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ)(حَوْلَ الْكَعْبَةِ) وَإِنْ لَمْ يَضِقْ الْمَسْجِدُ خِلَافًا لِلزَّرْكَشِيِّ كَمَا فَعَلَهُ ابْنُ الزُّبَيْرِ وَوَقَعَ عَلَيْهِ الْإِجْمَاعُ، وَلِمَا فِيهِ مِنْ إظْهَارِ تَمَيُّزِهَا عَلَى غَيْرِهَا وَتَعْظِيمِهَا وَالتَّسْوِيَةِ بَيْنِ الْجَمِيعِ فِي تَوَجُّهِهِمْ لَهَا، وَيُسَنُّ أَنْ يَقِفَ الْإِمَامُ خَلْفَ الْمَقَامِ لِلِاتِّبَاعِ، وَالصَّفُّ الْأَوَّلُ صَادِقٌ عَلَى الْمُسْتَدِيرِ حَوْلَ الْكَعْبَةِ الْمُتَّصِلِ بِمَا وَرَاءَ الْإِمَامِ وَعَلَى مَنْ فِي غَيْرِ جِهَتِهِ، وَهُوَ أَقْرَبُ إلَى الْكَعْبَةِ مِنْهُ حَيْثُ لَمْ يَفْصِلْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْإِمَامِ صَفٌّ، فَقَدْ قَالُوا: إنَّ الصَّفَّ الْأَوَّلَ هُوَ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
اعْتِبَارُ أَصَابِعِ قَدَمَيْهِ إنْ اعْتَمَدَ عَلَيْهَا أَيْضًا، وَإِلَّا فَآخِرُ مَا اعْتَمَدَ عَلَيْهِ نَظِيرُ مَا مَرَّ، ثُمَّ رَأَيْت بَعْضَهُمْ بَحَثَ اعْتِبَارَ أَصَابِعِهِ وَيَتَعَيَّنُ حَمْلُهُ عَلَى مَا ذَكَرْته.
(قَوْلُهُ: بِأَصَابِعِ قَدَمَيْهِ) مُعْتَمَدٌ.
(قَوْلُهُ: وَلَا بُعْدَ فِيهِ) نَقَلَ سم عَلَى مَنْهَجٍ عَنْ الشَّارِحِ أَنَّهُ رَجَعَ إلَيْهِ آخِرًا.
(قَوْلُهُ: غَيْرَ أَنَّ إطْلَاقَهُمْ يُخَالِفُهُ) أَيْ وَأَنَّ الْمُعْتَبَرَ الْعَقِبُ بِأَنْ يَكُونَ بِحَيْثُ لَوْ وُضِعَ عَلَى الْأَرْضِ لَمْ يَتَقَدَّمْ عَلَى عَقِبِ الْإِمَامِ وَإِنْ كَانَ مُرْتَفِعًا بِالْفِعْلِ اهـ سم عَلَى حَجّ
(قَوْلُهُ وَيَسْتَدِيرُونَ) كَأَنَّهُ قَالَ: مَحَلُّ مَا سَلَفَ إذَا بَعُدُوا عَنْ الْكَعْبَةِ، وَإِلَّا فَحُكْمُهُمْ هَذَا اهـ عَمِيرَةُ: أَيْ وَعَلَيْهِ فَالِاسْتِدَارَةُ أَفْضَلُ مِنْ الصُّفُوفِ، وَيُصَرِّحُ بِهِ قَوْلُ الشَّارِحِ اسْتِحْبَابًا.
(قَوْلُهُ: اسْتِحْبَابًا) أَيْ فَيُكْرَهُ فِي حَقِّ مَنْ هُوَ فِي غَيْرِ جِهَةِ الْإِمَامِ عَدَمُ الِاسْتِدَارَةِ.
(قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَضِقْ الْمَسْجِدُ) أَيْ مُطْلَقًا سَوَاءٌ احْتَاجُوا لِلِاسْتِدَارَةِ أَمْ لَا خِلَافًا لِلزَّرْكَشِيِّ م ر اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ.
(قَوْلُهُ: خِلَافًا لِلزَّرْكَشِيِّ) زَادَ الْخَطِيبُ: لَكِنَّ الصُّفُوفَ أَفْضَلُ مِنْ الِاسْتِدَارَةِ اهـ. لَكِنَّ قَوْلَ الشَّارِحِ اسْتِحْبَابًا يُشْعِرُ بِخِلَافِهِ.
(قَوْلُهُ: وَيُسَنُّ أَنْ يَقِفَ خَلْفَ الْمَقَامِ) قَالَ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ: وَظَاهِرٌ أَنَّ الْمُرَادَ بِخَلْفِهِ مَا يُسَمَّى خَلْفَهُ عُرْفًا وَأَنَّهُ كُلَّمَا قَرُبَ مِنْهُ كَانَ أَفْضَلَ اهـ حَجّ. أَقُولُ: أَشَارَ بِذَلِكَ إلَى دَفْعِ مَا يُقَالُ: كَانَ الْمُنَاسِبُ فِي التَّعْبِيرِ أَنْ يَقُولَ أَمَامَ الْمَقَامِ، يَعْنِي بِأَنْ يَقِفَ قُبَالَةَ بَابِهِ، لِأَنَّهُ إذَا وَقَفَ خَلْفَ الْمَقَامِ وَاسْتَقْبَلَ الْكَعْبَةَ صَارَ الْمَقَامُ خَلْفَ ظَهْرِهِ.
(قَوْلُهُ: حَيْثُ لَمْ يُفْصَلْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْإِمَامِ)
ــ
[حاشية الرشيدي]
أَرَادَ الشِّهَابُ حَجّ كَمَا هُوَ الظَّاهِرُ فَهُوَ لَمْ يُطْلِقْ أَنَّ الِاعْتِبَارَ بِأَصَابِعِ قَدَمَيْهِ فِيمَا ذُكِرَ، بَلْ قَيَّدَهُ بِحَالَةِ اعْتِمَادِهِ عَلَيْهَا.
نِعْمَ نَقَلَ بَعْدَ ذَلِكَ عَنْ بَحْثِ بَعْضِهِمْ هَذَا الْإِطْلَاقَ، إلَّا أَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الْعَصْرِ.
وَعِبَارَةُ الشِّهَابِ الْمَذْكُورِ فِي تُحْفَتِهِ: وَلَمْ أَرَ لَهُمْ كَلَامًا فِي السَّاجِدِ، وَيَظْهَرُ اعْتِبَارُ أَصَابِعِ قَدَمَيْهِ إنْ اعْتَمَدَ عَلَيْهَا أَيْضًا وَإِلَّا فَآخِرُ مَا اعْتَمَدَ عَلَيْهِ نَظِيرُ مَا مَرَّ، ثُمَّ رَأَيْت بَعْضَهُمْ بَحَثَ اعْتِبَارَ أَصَابِعِهِ وَيَتَعَيَّنُ حَمْلُهُ عَلَى مَا ذَكَرْته. انْتَهَتْ. (قَوْلُهُ: غَيْرَ أَنَّ إطْلَاقَهُمْ يُخَالِفُهُ) اُنْظُرْ مُرَادَهُ أَيْ إطْلَاقَهُمْ.
(قَوْلُهُ: وَعَلَى مَنْ فِي غَيْرِ جِهَتِهِ إلَخْ) أَيْ فَكُلٌّ مِنْ الْمُتَّصِلِ بِمَا وَرَاءَ الْإِمَامِ وَغَيْرِهِ وَهُوَ أَقْرَبُ مِنْهُ إلَى الْكَعْبَةِ فِي غَيْرِ جِهَةِ الْإِمَامِ يُقَالُ لَهُ صَفٌّ أَوَّلُ فِي حَالَةٍ وَاحِدَةٍ وَهُوَ صَادِقٌ بِمَا إذَا تَعَدَّتْ الصُّفُوفُ أَمَامَ الصَّفِّ الْمُتَّصِلِ بِصَفِّ الْإِمَامِ، لَكِنْ يُخَالِفُهُ التَّعْلِيلُ الْآتِي فِي قَوْلِهِ: وَمِمَّا عَلَّلْت بِهِ أَفْضَلِيَّتَهُ الْخُشُوعُ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَهُوَ أَقْرَبُ إلَى الْكَعْبَةِ مِنْهُ) أَيْ مِنْ الْمُسْتَدِيرِ أَيْ وَالصُّورَةُ أَنَّهُ لَيْسَ أَقْرَبَ إلَيْهَا مِنْ الْإِمَامِ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ الْآتِي عَقِبَ الْمَتْنِ عَلَى الْأَثَرِ: وَالْأَوْجَهُ فَوَاتُ فَضِيلَةِ الْجَمَاعَةِ بِهَذِهِ الْأَقْرَبِيَّةِ الْمَذْكُورَةِ إلَخْ، وَإِلَّا فَأَيُّ مَعْنًى لِعَدِّهِ صَفًّا أَوَّلَ مَعَ تَفْوِيتِهِ لِفَضِيلَةِ الْجَمَاعَةِ فَلْيُحَرَّرْ (قَوْلُهُ: حَيْثُ لَمْ يَفْصِلْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْإِمَامِ صَفٌّ) قَيْدٌ فِي قَوْلِهِ الْمُسْتَدِيرِ حَوْلَ الْكَعْبَةِ الْمُتَّصِلِ بِمَا وَرَاءَ الْإِمَامِ: أَيْ بِأَنْ كَانَ خَلْفَ الْإِمَامِ صَفٌّ أَمَامَ هَذَا غَيْرُ مُسْتَدِيرٍ، فَالصَّفُّ الْأَوَّلُ هُوَ هَذَا الْغَيْرُ الْمُسْتَدِيرُ الَّذِي يَلِي الْإِمَامَ، وَيَكُونُ الْمُسْتَدِيرُ صَفًّا ثَانِيًا، لَكِنْ يَنْبَغِي أَنَّ مَحَلَّهُ فِي جِهَةِ الْإِمَامِ، أَمَّا فِي غَيْرِ جِهَتِهِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ هَذَا الْمُسْتَدِيرُ صَفًّا أَوَّلَ إذَا قَرُبَ مِنْ الْكَعْبَةِ وَلَمْ يَكُنْ أَمَامَهُ غَيْرُهُ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ وَعَلَى مَنْ فِي غَيْرِ جِهَتِهِ بِالْأَوْلَى فَلْيُرَاجَعْ، وَلَا يَصِحُّ أَنْ تَكُونَ هَذِهِ الْحَيْثِيَّةُ قَيْدًا فِي قَوْلِهِ وَعَلَى مَنْ فِي غَيْرِ جِهَتِهِ وَإِنْ كَانَ مُتَبَادَرًا مِنْ الْعِبَارَةِ لِعَدَمِ تَأَتِّيهِ.
(قَوْلُهُ: فَقَدْ قَالُوا إنَّ الصَّفَّ الْأَوَّلَ هُوَ الَّذِي يَلِي الْإِمَامَ) دَلِيلٌ لِكَوْنِ الْمُسْتَدِيرِ الْمُتَّصِلِ بِمَا وَرَاءَ
الصَّفُّ الَّذِي يَلِي الْإِمَامَ سَوَاءٌ أَحَالَتْ مَقْصُورَةٌ وَأَعْمِدَةٌ أَمْ لَا.
وَمِمَّا عُلِّلَتْ بِهِ أَفْضَلِيَّتُهُ الْخُشُوعُ لِعَدَمِ اشْتِغَالِهِ بِمَنْ أَمَامَهُ، كَذَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَلَا يَمْنَعُ الصَّفَّ تَخَلُّلُ نَحْوِ مِنْبَرٍ.
وَيُعْلَمُ مِمَّا تَقَدَّمَ فِي بَابِ اسْتِقْبَالِ الْقِبْلَةِ أَنَّهُ لَوْ وَقَفَ صَفٌّ طَوِيلٌ فِي أُخْرَيَاتِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ لَمْ تَصِحَّ صَلَاةُ مَنْ خَرَجَ عَنْ سَمْتِ الْكَعْبَةِ لَوْ قَرُبَ مِنْهَا كَمَا ذَكَرَ ذَلِكَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ، لَكِنْ جَزَمَا بِخِلَافِهِ، وَلَا يُنَافِيهِ مَا مَرَّ فِي فَصْلِ الِاسْتِقْبَالِ مِنْ الْبُطْلَانِ لِأَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى الْقُرْبِ مِنْ الْكَعْبَةِ وَهَذَا فِي حَالَةِ الْبُعْدِ عَنْهَا (وَلَا يَضُرُّ كَوْنُهُ أَقْرَبَ إلَى الْكَعْبَةِ فِي غَيْرِ جِهَةِ الْإِمَامِ فِي الْأَصَحِّ) لِعَدَمِ ظُهُورِ مُخَالَفَةٍ فَاحِشَةٍ بِهِ بِخِلَافِهِ فِي جِهَتِهِ، فَلَوْ تَوَجَّهَ الْإِمَامُ الرُّكْنَ الَّذِي فِيهِ الْحَجَرُ مَثَلًا فَجِهَتُهُ مَجْمُوعُ جِهَتَيْ جَانِبَيْهِ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
الْمُتَبَادَرُ أَنَّ الضَّمِيرَ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ وَهُوَ أَقْرَبُ إلَى الْكَعْبَةِ مِنْهُ، وَهُوَ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَوْ وَقَفَ صَفٌّ خَلْفَ الْأَقْرَبِ وَكَانَ مُتَّصِلًا بِمَنْ وَقَفَ خَلْفَ الْإِمَامِ كَانَ الْأَوَّلُ الْمُتَّصِلَ بِالْإِمَامِ، لَكِنَّ فِي حَاشِيَةِ سم عَلَى مَنْهَجٍ مَا يُخَالِفُهُ، وَعِبَارَتُهُ: فَرْعٌ: أَفْتَى شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ كَمَا نَقَلَهُ م ر بِمَا حَاصِلُهُ أَنَّ الصَّفَّ الْأَوَّلَ فِي الْمُصَلِّينَ حَوْلَ الْكَعْبَةِ هُوَ الْمُتَقَدِّمُ وَإِنْ كَانَ أَقْرَبَ فِي غَيْرِ جِهَةٍ الْإِمَامِ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِمْ الصَّفُّ الْأَوَّلُ هُوَ الَّذِي يَلِي الْإِمَامَ، لِأَنَّ مَعْنَاهُ: الَّذِي لَا وَاسِطَةَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ: أَيْ لَيْسَ قُدَّامَهُ صَفٌّ آخَرُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْإِمَامِ، وَعَلَى هَذَا فَإِذَا اتَّصَلَ الْمُصَلُّونَ بِمَنْ خَلْفَ الْإِمَامِ الْوَاقِفِ خَلْفَ الْمَقَامِ وَامْتَدُّوا خَلْفَهُ فِي حَاشِيَةِ الْمَطَافِ وَوَقَفَ صَفٌّ بَيْنَ الرُّكْنَيْنِ الْيَمَانِيَيْنِ قُدَّامَ مَنْ فِي الْحَاشِيَةِ مِنْ هَذِهِ الْحَلَقَةِ الْمُوَازِينَ لِمَنْ بَيْنَ الرُّكْنَيْنِ كَانَ الصَّفُّ الْأَوَّلُ مِنْ بَيْنِ الرُّكْنَيْنِ لَا الْمُوَازِينَ لِمَا بَيْنَهُمَا مِنْ هَذِهِ الْحَلَقَةِ، فَيَكُونُ بَعْضُ الْحَلَقَةِ صَفًّا أَوَّلَ وَهُمْ مَنْ خَلْفَ الْإِمَامِ فِي جِهَتِهِ دُونَ بَقِيَّتِهَا فِي الْجِهَاتِ إذَا تَقَدَّمَ عَلَيْهِمْ غَيْرُهُمْ، وَفِي حِفْظِي أَنَّ الزَّرْكَشِيَّ ذَكَرَ مَا يُخَالِفُ ذَلِكَ اهـ.
وَفِي كَلَامِ شَيْخِنَا الزِّيَادِيِّ مَا نَصُّهُ: وَالصَّفُّ الْأَوَّلُ حِينَئِذٍ فِي غَيْرِ جِهَةِ الْإِمَامِ مَا اتَّصَلَ بِالصَّفِّ الْأَوَّلِ الَّذِي وَرَاءَهُ مَا قَارَبَ الْكَعْبَةَ اهـ. وَهَذَا هُوَ الْأَقْرَبُ الْمُوَافِقُ لِلْمُتَبَادَرِ الْمَذْكُورِ.
(قَوْلُهُ: سَوَاءٌ أَحَالَتْ مَقْصُورَةٌ إلَخْ) أَيْ وَسَوَاءٌ كَانَ الْإِمَامُ وَاقِفًا فِي الْمِحْرَابِ أَمْ لَا.
(قَوْلُهُ: وَمِمَّا عُلِّلَتْ بِهِ أَفْضَلِيَّتُهُ) أَيْ هَذَا الْحُكْمِ وَهُوَ الِاسْتِدَارَةُ.
(قَوْلُهُ: وَلَا يَمْنَعُ الصَّفَّ تَخَلُّلُ نَحْوِ مِنْبَرٍ) أَيْ حَيْثُ كَانَ مَنْ بِجَانِبِ الْمِنْبَرِ مُحَاذِيًا لِمَنْ خَلْفَ الْإِمَامِ بِحَيْثُ لَوْ أُزِيلَ الْمِنْبَرُ وَقَفَ مَوْضِعَهُ شَخْصٌ مَثَلًا صَارَ الْكُلُّ صَفًّا وَاحِدًا.
(قَوْلُهُ: لَكِنْ جَزْمًا بِخِلَافِهِ) هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ.
(قَوْلُهُ: بِخِلَافِهِ فِي جِهَتِهِ) قَالَ حَجّ: وَيُؤْخَذُ مِنْ هَذَا الْخِلَافِ الْقَوِيِّ أَنَّ هَذِهِ الْأَقْرَبِيَّةَ مَكْرُوهَةٌ مُفَوِّتَةٌ لِفَضِيلَةِ الْجَمَاعَةِ وَهُوَ مُحْتَمَلٌ بَلْ مُتَّجَهٌ إلَخْ، وَكَتَبَ عَلَيْهِ سم قَوْلَهُ: إنَّ هَذِهِ الْأَقْرَبِيَّةَ إلَخْ اُنْظُرْ الْمُسَاوَاةَ اهـ. أَقُولُ: يَحْتَمِلُ الْكَرَاهَةَ أَخْذًا مِنْ كَرَاهَةِ مُسَاوَاتِهِ لَهُ فِي الْقِيَامِ الْمُتَقَدِّمِ، وَيَحْتَمِلُ الْفَرْقَ بِأَنَّ سَبَبَ الْكَرَاهَةِ هُنَا الْخِلَافُ الْقَوِيُّ، وَهُوَ مُنْتَفٍ فِي الْمُسَاوَاةِ وَلَمْ يَظْهَرْ بِهِ مُسَاوَاةٌ لِلْإِمَامِ فِي الرُّتْبَةِ حَيْثُ اخْتَلَفَتْ الْجِهَةُ، وَلَعَلَّ هَذَا أَقْرَبُ، ثُمَّ رَأَيْت فِي كَلَامِ شَيْخِنَا الْعَلَّامَةِ الشَّوْبَرِيِّ عَلَى الْمَنْهَجِ مَا يُوَافِقُهُ.
(قَوْلُهُ: فَلَوْ تَوَجَّهَ الْإِمَامُ الرُّكْنَ إلَخْ) أَيْ أَمَّا لَوْ وَقَفَ بَيْنَ الرُّكْنَيْنِ فَجِهَتُهُ تِلْكَ وَالرُّكْنَانِ الْمُتَّصِلَانِ بِهَا مِنْ الْجَانِبَيْنِ وَقَوْلُهُ فَجِهَتُهُ أَيْ الْإِمَامِ.
(قَوْلُهُ: مَجْمُوعُ جِهَتَيْ جَانِبَيْهِ) اُنْظُرْ هَلْ مِنْ الْجِهَتَيْنِ الرُّكْنَانِ
ــ
[حاشية الرشيدي]
الْإِمَامِ صَفًّا أَوَّلَ، وَقَوْلُهُ: وَمِمَّا عُلِّلَتْ بِهِ أَفْضَلِيَّتُهُ إلَخْ دَلِيلٌ لِكَوْنِ مَنْ فِي غَيْرِ جِهَتِهِ وَهُوَ أَقْرَبُ إلَى الْكَعْبَةِ مِنْهُ صَفًّا أَوَّلَ أَيْضًا، فَفِي كَلَامِهِ لَفٌّ وَنَشْرٌ مُرَتَّبٌ، وَعُلِّلَتْ مَبْنِيٌّ لِلْمَجْهُولِ وَنَائِبُ فَاعِلِهِ أَفْضَلِيَّتُهُ وَالضَّمِيرُ فِيهِ رَاجِعٌ لِلصَّفِّ الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ: لَكِنْ جَزَمَا بِخِلَافِهِ) أَيْ بِحَسَبِ الظَّاهِرِ وَإِلَّا فَمَحَلُّ جَزْمِهِمَا فِي حَالَةِ الْبُعْدِ كَمَا سَيَأْتِي وَهُوَ غَيْرُ مَحَلِّ النِّزَاعِ (قَوْلُهُ: وَلَا يُنَافِيهِ) أَيْ مَا جَزَمَا بِهِ (قَوْلُهُ: مَا مَرَّ فِي فَصْلِ الِاسْتِقْبَالِ مِنْ الْبُطْلَانِ) أَيْ الَّذِي تَقَدَّمَ التَّعْبِيرُ عَنْهُ فِي كَلَامِ بَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ بِقَوْلِهِ وَيُعْلَمُ مِمَّا تَقَدَّمَ بَابُ اسْتِقْبَالِ الْقِبْلَةِ، وَيَعْنِي بِذَلِكَ الْبَعْضِ الشِّهَابَ حَجّ فَإِنَّ مَا مَرَّ كَلَامُهُ.
وَالْحَاصِلُ أَنَّ الشَّارِحَ مُعْتَمِدٌ لِمَا قَالَهُ الشِّهَابُ الْمَذْكُورُ كَمَا يُصَرِّحُ بِهِ تَعْبِيرُهُ بِقَوْلِهِ كَمَا جَزَمَ بِهِ بَعْضُ
فَلَا يَتَقَدَّمُ عَلَيْهِ الْمَأْمُومُ الْمُتَوَجِّهُ لَهُ وَلَا لِإِحْدَى جِهَتَيْهِ.
وَالثَّانِي يَضُرُّ كَمَا لَوْ كَانَ فِي جِهَتِهِ، وَالْأَوْجَهُ فَوَاتُ فَضِيلَةِ الْجَمَاعَةِ بِهَذِهِ الْأَقْرَبِيَّةِ الْمَذْكُورَةِ كَمَا لَوْ انْفَرَدَ عَنْ الصَّفِّ، وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ قُوَّةُ الْخِلَافِ، إذْ الْخِلَافُ الْمَذْهَبِيُّ أَوْلَى بِالْمُرَاعَاةِ مِنْ غَيْرِهِ، وَقَدْ أَفْتَى بِفَوَاتِهَا الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - (وَكَذَا) لَا يَضُرُّ (لَوْ وَقَفَا) أَيْ الْإِمَامُ وَالْمَأْمُومُ (فِي الْكَعْبَةِ) أَيْ دَاخِلَهَا (وَاخْتَلَفَتْ جِهَتَاهُمَا) بِأَنْ كَانَ وَجْهُهُ لِوَجْهِهِ أَوْ ظَهْرُهُ لِظَهْرِهِ أَوْ ظَهْرُ أَحَدِهِمَا إلَى جَنْبِهِ فَتَصِحُّ وَإِنْ كَانَ مُتَقَدِّمًا عَلَيْهِ حِينَئِذٍ، فَإِنْ كَانَ وَجْهُ الْإِمَامِ لِظَهْرِ الْمَأْمُومِ ضَرَّ كَمَا أَفْهَمَهُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ لِتَقَدُّمِهِ عَلَيْهِ مَعَ اتِّحَادِ جِهَتِهِمَا فَلَا تُرَدُّ عَلَى عِبَارَتِهِ.
(وَيَقِفُ) نَدْبًا الْمُقْتَدِي وَتَعْبِيرُهُ بِذَلِكَ وَفِيمَا سَيَأْتِي لِلْغَالِبِ، فَلَوْ لَمْ يُصَلِّ وَاقِفًا كَانَ الْحُكْمُ كَذَلِكَ (الذَّكَرُ) وَلَوْ صَبِيًّا إذَا لَمْ يَحْضُرْ غَيْرُهُ (عَنْ يَمِينِهِ) لِمَا صَحَّ عَنْ «ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ وَقَفَ عَنْ يَسَارِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأَخَذَ بِرَأْسِهِ فَأَقَامَهُ عَنْ يَمِينِهِ» . وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ فَعَلَ أَحَدٌ مِنْ الْمُقْتَدِينَ خِلَافَ السُّنَّةِ اُسْتُحِبَّ لِلْإِمَامِ إرْشَادُهُ إلَيْهَا بِيَدِهِ أَوْ غَيْرِهَا إنْ وَثِقَ مِنْهُ بِالِامْتِثَالِ، وَلَا يَبْعُدُ أَنْ يَكُونَ الْمَأْمُومُ فِي ذَلِكَ مِثْلَهُ فِي الْإِرْشَادِ الْمَذْكُورِ، وَيَكُونُ هَذَا مُسْتَثْنًى مِنْ كَرَاهَةِ الْفِعْلِ الْقَلِيلِ بَلْ فِي الْمَجْمُوعِ، وَالتَّحْقِيقُ أَنَّهُ لَوْ وَقَفَ عَنْ يَسَارِهِ أَوْ خَلْفَهُ نُدِبَ التَّحْوِيلُ إلَى الْيَمِينِ وَإِلَّا فَلْيُحَوِّلْهُ الْإِمَامُ لِحَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَمُقْتَضَاهُ عَدَمُ الْفَرْقِ بَيْنَ الْجَاهِلِ وَغَيْرِهِ وَهُوَ الْأَقْرَبُ وَإِنْ اقْتَضَى كَلَامُ الْمُهَذَّبِ اخْتِصَاصَهُ بِهِ (فَإِنْ حَضَرَ) ذَكَرٌ (آخَرُ أَحْرَمَ) نَدْبًا (عَنْ يَسَارِهِ) بِفَتْحِ الْيَاءِ عَلَى الْأَفْصَحِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِيَسَارِهِ مَحَلٌّ أَحْرَمَ خَلْفَهُ ثُمَّ تَأَخَّرَ إلَيْهِ مَنْ هُوَ عَلَى الْيَمِينِ، وَلَوْ خَالَفَ ذَلِكَ كُرِهَ وَفَاتَتْ بِهِ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
الْمُحَاذِيَانِ لِلْجِهَتَيْنِ زِيَادَةً عَنْ الرُّكْنِ الَّذِي اسْتَقْبَلَهُ الْإِمَامُ أَوْ لَا حَتَّى لَا يَضُرَّ تَقَدُّمُ الْمُسْتَقْبِلِينَ لِذَيْنِك الرُّكْنَيْنِ عَلَى الْإِمَامِ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الضَّرَرُ فَيَكُونُ جِهَةُ الْإِمَامِ ثَلَاثَةَ أَرْكَانٍ وَجِهَتَيْنِ مِنْ جِهَةِ الْكَعْبَةِ.
(قَوْلُهُ: كَمَا لَوْ انْفَرَدَ عَنْ الصَّفِّ) أَيْ فَإِنَّهُ قَدْ تَفُوتُهُ فَضِيلَةُ الْجَمَاعَةِ
(قَوْلُهُ: وَتَعْبِيرُهُ بِذَلِكَ) أَيْ بِيَقِفُ.
(قَوْلُهُ: عَنْ يَمِينِهِ) أَظُنُّ م ر قَرَّرَ أَنَّهُ لَوْ كَانَ الْمَأْمُومُ إذَا وَقَفَ عَلَى يَمِينِ الْإِمَامِ لَا يَسْمَعُ قِرَاءَتَهُ وَلَا انْتِقَالَاتِهِ، وَلَوْ وَقَفَ عَلَى الْيَسَارِ سَمِعَ ذَلِكَ وَقَفَ عَلَى الْيَسَارِ انْتَهَى سم عَلَى مَنْهَجٍ لَكِنْ سَيَأْتِي لَهُ فِي قَوْلِهِ وَأَفْضَلُ كُلِّ صَفٍّ إلَخْ مَا يُخَالِفُهُ فَلْيُتَأَمَّلْ، وَمُرَادُهُ بِعَدَمِ الْعِلْمِ بِانْتِقَالَاتِهِ عَدَمُ رُؤْيَةِ أَفْعَالِهِ كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ:«أَنَّهُ وَقَفَ عَنْ يَسَارِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم» ) أَيْ وَكَانَ يُصَلِّي نَفْلًا لَا تُطْلَبُ فِيهِ الْجَمَاعَةُ وَفَعَلَهُ بَيَانًا لِلْجَوَازِ.
(قَوْلُهُ: فَأَخَذَ بِرَأْسِهِ) لَعَلَّهُ بِحَسَبِ مَا اتَّفَقَ لَهُ صلى الله عليه وسلم، وَإِلَّا فَتَحْوِيلُ الْإِمَامِ لِلْمَأْمُومِ لَا يَتَقَيَّدُ بِذَلِكَ بِدَلِيلِ الرِّوَايَةِ الْآتِيَةِ فَأَخَذَ بِأَيْدِينَا إلَخْ، أَوْ أَنَّهُ لَمَّا كَانَ صَغِيرًا وَهُوَ يَلْزَمُ مِنْهُ قَصْرُهُ سَهُلَ عَلَيْهِ تَنَاوُلُ رَأْسِهِ دُونَ يَدِهِ مَثَلًا، أَوْ أَنَّ ذَلِكَ خُصُوصِيَّةٌ لَهُ صلى الله عليه وسلم لِمَا هُوَ ظَاهِرٌ أَنَّ ذَلِكَ يَتَعَذَّرُ عَلَى غَيْرِهِ.
(قَوْلُهُ: أَنَّهُ لَوْ فَعَلَ أَحَدٌ مِنْ الْمُقْتَدِينَ) أَيْ بِهِ بِالْفِعْلِ لِيُخْرِجَ مُرِيدَ الْقُدْوَةِ، وَيَنْبَغِي أَنَّ مِثْل ذَلِكَ إرْشَادُ مُرِيدِ الْقُدْوَةِ كَمَا لَوْ أَرَادَ الدَّاخِلُ الْوُقُوفَ عَلَى يَسَارِ الْإِمَامِ وَأَمْكَنَهُ إرْشَادُهُ لِلْوُقُوفِ عَلَى يَمِينِهِ، أَوْ رَآهُ يُسْرِعُ فِي الْمَشْيِ فَيُشِيرُ إلَيْهِ لِيَمْشِيَ بِالتَّأَنِّي.
(قَوْلُهُ: أَنْ يَكُونَ الْمَأْمُومُ فِي ذَلِكَ مِثْلَهُ) أَيْ مِثْلَ الْإِمَامِ فِي إرْشَادِ غَيْرِهِ وَلَوْ الْإِمَامَ.
(قَوْلُهُ: اخْتِصَاصَهُ بِهِ) أَيْ بِالْجَاهِلِ.
(قَوْلُهُ: عَلَى الْأَفْصَحِ) مُقَابِلُهُ الْكَسْرُ.
(قَوْلُهُ: وَلَوْ خَالَفَ ذَلِكَ كُرِهَ)
ــ
[حاشية الرشيدي]
الْمُتَأَخِّرِينَ دُونَ أَنْ يَقُولَ عَلَى مَا جَزَمَ بِهِ أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ مِنْ صِيَغِ التَّبَرِّي، وَأَمَّا قَوْلُهُ: لَكِنْ جَزَمَا بِخِلَافِهِ إلَخْ فَلَيْسَ مُرَادُهُ مِنْهُ تَضْعِيفَ كَلَامِ الشِّهَابِ الْمَذْكُورِ؛ لِأَنَّهُ مَفْرُوضٌ فِي غَيْرِ ذَلِكَ كَمَا بَيَّنَهُ بَعْدُ، وَإِنَّمَا مُرَادُهُ بِهِ الْجَمْعُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ كَلَامِ الشِّهَابِ الْمَذْكُورِ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ أَنَّهُ مُخَالِفٌ لِجَزْمِهِمَا، لَكِنْ فِي سِيَاقِهِ قَلَاقَةٌ لَا تَخْفَى وَمُلَخَّصُهُ مَا ذَكَرْته (قَوْلُهُ: فَلَا تَرِدُ عَلَى عِبَارَتِهِ) أَيْ خِلَافًا لِمَنْ أَوْرَدَهَا.
(قَوْلُهُ: بَلْ فِي الْمَجْمُوعِ) لَا مَعْنَى لِذِكْرِ بَلْ هُنَا وَعِبَارَةُ الْإِمْدَادِ بَعْدَ مَا مَرَّ: ثُمَّ رَأَيْت فِي الْمَجْمُوعِ وَالتَّحْقِيقِ إلَخْ (قَوْلُهُ: فَإِنْ خَالَفَ ذَلِكَ) أَيْ فَإِنْ خَالَفَ الْآخَرُ فَأَحْرَمَ عَنْ الْيَمِينِ أَيْضًا فَإِنَّ هَذَا
فَضِيلَةُ الْجَمَاعَةِ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -.
نَعَمْ إنْ عَقَبَ تَحَرُّمَ الثَّانِي تَقَدُّمُ الْإِمَامِ أَوْ تَأَخُّرُهُمَا نَالَا فَضِيلَتَهَا، وَإِلَّا فَلَا تَحْصُلُ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا كَمَا يُعْلَمُ مِنْ قَوْلِهِ (ثُمَّ) بَعْدَ إحْرَامِهِ لَا قَبْلَهُ (يَتَقَدَّمُ الْإِمَامُ أَوْ يَتَأَخَّرَانِ) فِي الْقِيَامِ وَيُلْحَقُ بِهِ الرُّكُوعُ كَمَا بَحَثَهُ الشَّيْخُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - خِلَافًا لِلْبُلْقِينِيِّ (وَهُوَ) أَيْ تَأَخُّرُهُمَا (أَفْضَلُ) مِنْ تَقَدُّمِ إمَامِهِ عِنْدَ إمْكَانِ كُلٍّ مِنْهُمَا لِأَنَّ الْإِمَامَ مَتْبُوعٌ فَلَا يُنَاسِبُهُ الِانْتِقَالُ، فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ إلَّا أَحَدُهُمَا فَعَلَ الْمُمْكِنَ لِتَعَيُّنِهِ فِي أَدَاءِ السُّنَّةِ وَأَصْلُ ذَلِكَ خَبَرُ مُسْلِمٍ عَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه «قُمْت عَنْ يَسَارِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأَدَارَنِي عَنْ يَمِينِهِ، ثُمَّ جَاءَ جَبَّارُ بْنُ صَخْرٍ فَقَامَ عَنْ يَسَارِهِ، فَأَخَذَ بِأَيْدِينَا جَمِيعًا فَدَفَعَنَا حَتَّى أَقَامَنَا خَلْفَهُ» أَمَّا فِي غَيْرِ الْقِيَامِ وَمَا أُلْحِقَ بِهِ وَلَوْ كَانَ تَشَهُّدًا آخِرًا فَلَا يُسَنُّ فِيهِ ذَلِكَ وَإِنْ أَوْهَمَ كَلَامُ الرَّوْضَةِ خِلَافَهُ لِأَنَّهُ لَا يَتَأَتَّى إلَّا بِعَمَلٍ كَثِيرٍ أَوْ يَشُقُّ غَالِبًا (وَلَوْ حَضَرَ) ابْتِدَاءً مَعًا أَوْ مُرَتَّبًا (رَجُلَانِ) أَوْ صَبِيَّانِ (أَوْ رَجُلٌ وَصَبِيٌّ صُفَّا خَلْفَهُ) لِلِاتِّبَاعِ أَيْضًا، وَيُسَنُّ أَنْ لَا يَزِيدَ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمَا كَمَا بَيْنَ كُلِّ صَفَّيْنِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَذْرُعٍ.
(وَكَذَا لَوْ حَضَرَ امْرَأَةٌ) وَلَوْ مَحْرَمًا أَوْ زَوْجَةً (أَوْ نِسْوَةٌ) تَقُومُ أَوْ يَقُمْنَ خَلْفَهُ لِخَبَرِ أَنَسٍ السَّابِقِ، فَإِنْ حَضَرَ مَعَهُ ذَكَرٌ وَامْرَأَةٌ وَقَفَ الذَّكَرُ عَنْ يَمِينِهِ وَالْمَرْأَةُ خَلْفَ الذَّكَرِ، أَوْ امْرَأَةٌ وَذَكَرَانِ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ الْعَالِمِ وَالْجَاهِلِ. وَلَوْ قِيلَ بِاغْتِفَارِ ذَلِكَ فِي حَقِّ الْجَاهِلِ وَإِنْ بَعُدَ عَهْدُهُ بِالْإِسْلَامِ وَكَانَ مُخَالِطًا لِلْعُلَمَاءِ وَأَنَّهُ لَا تَفُوتُهُ فَضِيلَةُ الْجَمَاعَةِ لَمْ يَكُنْ بَعِيدًا لِأَنَّ هَذَا مِمَّا يَخْفَى، وَلَا يُخَالِفُ هَذَا مَا تَقَدَّمَ عَنْ الْإِيعَابِ فِي التَّقَدُّمِ عَلَى الْإِمَامِ مِنْ أَنَّهُ لَا يَضُرُّ فِي حَقِّ الْجَاهِلِ حَيْثُ عُذِرَ.
(قَوْلُهُ: فِي الْقِيَامِ) وَمِنْهُ الِاعْتِدَالُ لِأَنَّهُ قِيَامٌ فِي الصُّورَةِ.
(قَوْلُهُ: مِنْ تَقَدُّمِ إمَامِهِ) أَيْ الْمُقْتَدِي وَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ إمَامِهِمَا.
(قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ إلَّا أَحَدُهُمَا) أَيْ لِضِيقِ الْمَكَانِ مِنْ أَحَدِ الْجَانِبَيْنِ أَوْ نَحْوِهِ كَمَا لَوْ كَانَ بِحَيْثُ لَوْ تَقَدَّمَ الْإِمَامُ سَجَدَ عَلَى نَحْوِ تُرَابٍ يُشَوِّهُ خَلْقَهُ أَوْ يُفْسِدُ ثِيَابَهُ أَوْ يُضْحِكُ عَلَيْهِ النَّاسَ.
(قَوْلُهُ: فَعَلَ الْمُمْكِنَ لِتَعَيُّنِهِ فِي أَدَاءِ السُّنَّةِ) أَيْ فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ التَّقَدُّمَ أَوْ التَّأَخُّرَ مَنْ أَمْكَنَهُ دُونَ الْآخَرِ فَهَلْ تَفُوتُ الْفَضِيلَةُ عَلَيْهِ دُونَ مَنْ لَمْ يُمْكِنْهُ تَقَدُّمٌ وَلَا تَأَخُّرٌ لِعَدَمِ تَقْصِيرِهِ أَوْ تَفُوتُهُمَا مَعًا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ لِمَا مَرَّ مِنْ عَدَمِ تَقْصِيرِ مَنْ لَمْ يَتَمَكَّنْ. وَسُئِلَ الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ عَمَّا أَفْتَى بِهِ بَعْضُ أَهْلِ الْعَصْرِ أَنَّهُ إذَا وَقَفَ صَفٌّ قَبْلَ إتْمَامِ مَا أَمَامَهُ لَمْ تَحْصُلْ لَهُ فَضِيلَةُ الْجَمَاعَةِ هَلْ هُوَ مُعْتَمَدٌ أَوْ لَا؟ فَأَجَابَ بِأَنَّهُ لَا تَفُوتُهُ فَضِيلَةُ الْجَمَاعَةِ بِوُقُوفِهِ الْمَذْكُورِ. وَفِي ابْنِ عَبْدِ الْحَقِّ مَا يُوَافِقُهُ وَعِبَارَتُهُ: لَيْسَ مِنْهُ كَمَا يُتَوَهَّمُ صَلَاةُ صَفٍّ لَمْ يَتِمَّ مَا قَبْلَهُ مِنْ الصُّفُوفِ فَلَا تَفُوتُ بِذَلِكَ فَضِيلَةُ الْجَمَاعَةِ وَإِنْ فَاتَتْ فَضِيلَةُ الصَّفِّ انْتَهَى. وَعَلَيْهِ فَيَكُونُ هَذَا مُسْتَثْنًى مِنْ قَوْلِهِمْ مُخَالَفَةُ السُّنَنِ الْمَطْلُوبَةِ فِي الصَّلَاةِ مِنْ حَيْثُ الْجَمَاعَةُ مَكْرُوهَةٌ مُفَوِّتَةٌ لِلْفَضِيلَةِ.
(قَوْلُهُ: جَبَّارُ) هُوَ بِجِيمٍ وَمُوَحَّدَةٍ وَأَلْفٍ وَآخِرُهُ رَاءٌ مُهْمَلَةٌ اهـ بَكْرِيٌّ.
(قَوْلُهُ: وَمَا أُلْحِقَ بِهِ) أَيْ وَهُوَ الرُّكُوعُ كَمَا قَدَّمَهُ.
(قَوْلُهُ: صَفًّا خَلْفَهُ) أَيْ بِحَيْثُ يَكُونُ مُحَاذِيًا لِبَدَنِهِ. وَقَالَ الْمُحَقِّقُ الْمَحَلِّيُّ: أَيْ قَامَا صَفًّا اهـ. وَهَذَا الْحَلُّ مِنْهُ يَقْتَضِي أَنْ يُقْرَأَ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ صَفًّا بِفَتْحِ الصَّادِ مَبْنِيًّا لِلْفَاعِلِ وَهُوَ جَائِزٌ كَبِنَائِهِ لِلْمَفْعُولِ، فَإِنَّ صَفَّ يُسْتَعْمَلُ لَازِمًا وَمُتَعَدِّيًا فَيُقَالُ: صَفَفْت الْقَوْمَ فَاصْطَفُّوا وَصَفُّوا اهـ مِصْبَاح بِالْمَعْنَى.
(قَوْلُهُ: أَنْ لَا يَزِيدَ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمَا) أَيْ مَا بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ أَوْ الرَّجُلِ وَالصَّبِيِّ.
(قَوْلُهُ: فَإِنْ حَضَرَ مَعَهُ ذَكَرٌ وَامْرَأَةٌ إلَخْ)
ــ
[حاشية الرشيدي]
هُوَ الَّذِي فِي فَتَاوَى وَالِدِهِ وَإِنْ كَانَ قَوْلُهُ: فَإِنْ خَالَفَ صَادِقًا بِغَيْرِ ذَلِكَ أَيْضًا وَالْحُكْمُ فِيهِ صَحِيحٌ (قَوْلُهُ: نَعَمْ إلَخْ) مِنْ جُمْلَةِ فَتْوَى وَالِدِهِ وَإِنْ أَوْهَمَ سِيَاقُهُ خِلَافَهُ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَلَا تَحْصُلُ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا) أَيْ وَإِنْ حَصَلَ التَّقَدُّمُ أَوْ التَّأَخُّرُ بَعْدَ ذَلِكَ حَيْثُ انْتَفَتْ الْعَقِبِيَّةُ وَظَاهِرُهُ أَنَّ فَضِيلَةَ الْجَمَاعَةِ تَنْتَفِي فِي جَمِيعِ الصَّلَاةِ وَإِنْ حَصَلَ التَّقَدُّمُ أَوْ التَّأَخُّرُ بَعْدُ وَهُوَ مُشْكِلٌ، وَفِي فَتَاوَى وَالِدِهِ فِي مَحَلٍّ آخَرَ مَا يُخَالِفُ ذَلِكَ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: كَمَا يُعْلَمُ مِنْ قَوْلِهِ) فِي عِلْمِهِ مِنْهُ مَنْعٌ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: وَيُسَنُّ أَنْ لَا يَزِيدَ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمَا إلَخْ) أَيْ فَإِنْ زَادَ فَاتَتْ فَضِيلَةُ الْجَمَاعَةِ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ (قَوْلُهُ: لِخَبَرِ أَنَسٍ السَّابِقِ)
وَقَفَا خَلْفَهُ وَهِيَ خَلْفَهُمَا، أَوْ ذَكَرٌ وَامْرَأَةٌ وَخُنْثَى وَقَفَ الذَّكَرُ عَنْ يَمِينِهِ وَالْخُنْثَى خَلْفَهُمَا لِاحْتِمَالِ أُنُوثَتِهِ وَالْمَرْأَةُ خَلْفَهُ لِاحْتِمَالِ ذُكُورَتِهِ.
(وَيَقِفُ خَلْفَهُ الرِّجَالُ ثُمَّ) إنْ تَمَّ صَفُّهُمْ وَقَفَ خَلْفَهُمْ (الصِّبْيَانُ) وَإِنْ كَانُوا أَفْضَلَ مِنْ الرِّجَالِ لِعِلْمٍ أَوْ نَحْوِهِ خِلَافًا لِلدِّارِمِيِّ وَمَنْ تَبِعَهُ، فَإِنْ لَمْ يَتِمَّ صَفُّ الرِّجَالِ كَمَّلَ بِالصِّبْيَانِ لِأَنَّهُمْ مِنْ الْجِنْسِ، أَمَّا إذَا كَانَ تَامًّا لَكِنْ كَانَ بِحَيْثُ لَوْ دَخَلَ الصِّبْيَانُ مَعَهُمْ فِيهِ لَوَسِعَهُمْ فَالْأَوْجُهُ تَأَخُّرُهُمْ عَنْهُمْ كَمَا اقْتَضَاهُ إطْلَاقُ الْأَصْحَابِ خِلَافًا لِلْأَذْرَعِيِّ، وَبِذَلِكَ عُلِمَ أَنَّ كَلَامَنَا الْأَوَّلَ غَيْرُ فَرْضِ الْأَذْرَعِيِّ، وَلَوْ حَضَرَ الصِّبْيَانُ أَوَّلًا لَمْ يُنَحُّوا لِلْبَالِغِينَ لِأَنَّهُمْ مِنْ الْجِنْسِ بِخِلَافِ غَيْرِهِمْ، ثُمَّ الْخَنَاثَى وَإِنْ لَمْ يَكْمُلْ صَفُّ مَنْ قَبْلَهُمْ (ثُمَّ النِّسَاءُ) كَذَلِكَ لِخَبَرِ مُسْلِمٍ " لِيَلِيَنِّي " بِتَشْدِيدِ النُّونِ بَعْدَ الْيَاءِ وَبِحَذْفِهَا وَتَخْفِيفِ النُّونِ «مِنْكُمْ أُولُو الْأَحْلَامِ وَالنُّهَى» أَيْ الْبَالِغُونَ الْعُقَلَاءُ «ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ ثَلَاثًا» وَأَفْضَلُ صُفُوفِ الرِّجَالِ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
ظَاهِرُهُ وَإِنْ كَانَتْ الْمَرْأَةُ مَحْرَمًا لِلذَّكَرِ وَهُوَ مُوَافِقٌ لِمَا قَدَّمَهُ فِي قَوْلِهِ وَلَوْ مَحْرَمًا أَوْ زَوْجَةً وَهُوَ ظَاهِرٌ لِاخْتِلَافِ الْجِنْسِ. وَعِبَارَةُ عَمِيرَةَ: لَوْ كَانَتْ الْمَرْأَةُ مَحْرَمًا لِلرَّجُلِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُمَا يُصَفَّانِ خَلْفَهُ.
(قَوْلُهُ: وَالْخُنْثَى خَلْفَهُمَا) أَيْ بِحَيْثُ يُحَاذِيهِمَا، لَكِنَّ قَضِيَّةَ قَوْلِهِ لِاحْتِمَالِ إلَخْ أَنَّ الْخُنْثَى يَقِفُ خَلْفَ الرَّجُلِ وَصَدَقَ عَلَيْهِ أَنَّهُ خَلْفَهُمَا
(قَوْلُهُ: وَيَقِفُ خَلْفَهُ الرِّجَالُ) قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: وَلَوْ أَرِقَّاءً كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، ثُمَّ قَالَ: وَظَاهِرُ تَعْبِيرِهِمْ بِالرِّجَالِ تَقْدِيمُ الْفُسَّاقِ اهـ. وَقَالَ سم عَلَيْهِ: لَوْ اجْتَمَعَ الْأَحْرَارُ وَالْأَرِقَّاءُ وَلَمْ يَسَعْهُمْ صَفٌّ وَاحِدٌ فَيُتَّجَهُ تَقْدِيمُ الْأَحْرَارِ لِأَنَّهُمْ أَشْرَفُ. نَعَمْ لَوْ كَانَ الْأَرِقَّاءُ أَفْضَلَ بِنَحْوِ عِلْمٍ وَصَلَاحٍ فَفِيهِ نَظَرٌ، وَلَوْ حَضَرُوا قَبْلَ الْأَحْرَارِ فَهَلْ يُؤَخَّرُونَ لِلْأَحْرَارِ؟ فِيهِ نَظَرٌ اهـ.
وَقَوْلُهُ فَفِيهِ نَظَرٌ مُقْتَضَى مَا نُقِلَ عَنْ شَرْحِ الْعُبَابِ لِابْنِ حَجَرٍ مِنْ أَنَّ الْقَوْمَ إذَا جَاءُوا مَعًا وَلَمْ يَسَعْهُمْ صَفٌّ وَاحِدٌ أَنْ يُقَدَّمَ هُنَا بِمَا يُقَدَّمُونَ بِهِ فِي الْإِمَامَةِ تَقْدِيمِ الْأَحْرَارِ مُطْلَقًا وَقَوْلُهُ فِي الثَّانِيَةِ فِيهِ نَظَرٌ: أَيْ وَالْأَقْرَبُ أَنَّهُمْ لَا يُؤَخَّرُونَ كَمَا أَنَّ الصِّبْيَانَ لَا يُؤَخَّرُونَ لِلْبَالِغِينَ.
(قَوْلُهُ: كُمِّلَ بِالصِّبْيَانِ) وَيَقِفُونَ عَلَى أَيِّ صِفَةٍ اتَّفَقَتْ لَهُمْ سَوَاءٌ كَانُوا فِي جَانِبٍ أَوْ اخْتَلَطُوا بِهِمْ.
(قَوْلُهُ: أَنَّ كَلَامَنَا الْأَوَّلَ) هُوَ قَوْلُهُ فَإِنْ لَمْ يَتِمَّ صَفُّ الرِّجَالِ كُمِّلَ إلَخْ.
(قَوْلُهُ: لَمْ يُنَحَّوْا لِلْبَالِغِينَ) نَدْبًا مَا لَمْ يُخَفْ مِنْ تَقَدُّمِهِمْ فِتْنَةٌ عَلَى مَنْ خَلْفَهُمْ وَإِلَّا أُخِّرُوا نَدْبًا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ لِمَا فِيهِ مِنْ دَفْعِ الْمَفْسَدَةِ.
(قَوْلُهُ: ثُمَّ الْخَنَاثَى) أَيْ وَيَقِفُونَ صَفًّا وَاحِدًا كَصُفُوفِ الرِّجَالِ.
(قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَكْمُلْ صَفُّ مَنْ قَبْلَهُمْ) وَهُمْ الصِّبْيَانُ.
(قَوْلُهُ: ثُمَّ النِّسَاءُ كَذَلِكَ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكْمُلْ صَفُّ مَنْ قَبْلَهُمْ وَأَفْضَلُ صُفُوفِهِنَّ آخِرُهَا لِبُعْدِهِ عَنْ الرِّجَالِ.
(قَوْلُهُ: «ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ ثَلَاثًا» ) أَيْ قَالَهَا ثَلَاثًا بِالْمَرَّةِ الْأُولَى (قَوْلُهُ: وَأَفْضَلُ صُفُوفِ الرِّجَالِ) أَيْ الْخُلَّصِ، وَخَرَجَ بِهِ الْخَنَاثَى وَالنِّسَاءُ فَأَفْضَلُ صُفُوفِهِمْ آخِرُهَا لِبُعْدِهِ عَنْ الرِّجَالِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِمْ رَجُلٌ غَيْرَ الْإِمَامِ سَوَاءٌ كُنَّ إنَاثًا فَقَطْ أَوْ خَنَاثَى فَقَطْ أَوْ الْبَعْضُ مِنْ هَؤُلَاءِ
ــ
[حاشية الرشيدي]
لَمْ يَسْبِقْ لَهُ ذِكْرٌ فِي كَلَامِهِ، وَالْجَلَالُ الْمَحَلِّيُّ ذَكَرَهُ هُنَا لَكِنْ بَعْدَ ذِكْرِهِ مَا سَيَأْتِي فِي الشَّارِحِ عَلَى الْأَثَرِ مِنْ قَوْلِهِ: فَإِنْ حَضَرَ ذَكَرٌ وَامْرَأَةٌ إلَخْ.
وَلَفْظُ الْجَلَالِ رَوَى الشَّيْخَانِ عَنْ أَنَسٍ قَالَ «صَلَّى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فِي بَيْتِ أُمِّ سُلَيْمٍ، فَقُمْت أَنَا وَيَتِيمٌ خَلْفَهُ وَأُمُّ سُلَيْمٍ خَلْفَنَا» .
(قَوْلُ الْمَتْنِ ثُمَّ النِّسَاءُ) ظَاهِرُهُ أَنَّ الْبَالِغَاتِ وَغَيْرَهُنَّ سَوَاءٌ، وَهَلَّا قِيلَ بِتَقْدِيمِ الْبَالِغَاتِ كَمَا قِيلَ بِهِ فِي الرِّجَالِ، وَهَلَّا كَانَتْ غَيْرَ الْبَالِغَاتِ مِنْهُنَّ مَحْمَلُ قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم فِي الثَّالِثَةِ ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ إذْ لَمْ يَكُنْ فِي عَصْرِهِ عِنْدَهُ خَنَاثَى، بِدَلِيلِ أَنَّ أَحْكَامَهُمْ غَالِبًا مُسْتَنْبَطَةٌ وَلَوْ كَانُوا مَوْجُودِينَ ثَمَّ إذْ ذَاكَ لَنَصَّ عَلَى أَحْكَامِهِمْ. فَإِنْ قُلْت: الْعِلَّةُ فِي تَأْخِيرِ الصِّبْيَانِ عَنْ الرِّجَالِ خَشْيَةَ الِافْتِتَانِ بِهِمْ وَهَذَا مَنْفِيٌّ فِي النِّسَاءِ.
قُلْت: يَنْقُضُ ذَلِكَ أَنَّ الْحُكْمَ الْمُتَقَدِّمَ فِي الرِّجَالِ وَالصِّبْيَانِ عَامٌّ حَتَّى فِي الْمَحَارِمِ وَمَنْ لَيْسَ مَظِنَّةً لِلْفِتْنَةِ
أَوَّلُهَا ثُمَّ الَّذِي يَلِيهِ وَهَكَذَا، وَأَفْضَلُ كُلِّ صَفٍّ يَمِينُهُ وَإِنْ كَانَ مَنْ بِالْيَسَارِ يَسْمَعُ الْإِمَامَ وَيَرَى أَفْعَالَهُ خِلَافًا لِبَعْضِهِمْ حَيْثُ ذَهَبَ إلَى أَنَّهُ أَفْضَلُ حِينَئِذٍ مِنْ الْيَمِينِ الْخَالِي مِنْ ذَلِكَ مُعَلِّلًا لَهُ بِأَنَّ الْفَضِيلَةَ الْمُتَعَلِّقَةَ بِذَاتِ الْعِبَادَةِ مُقَدَّمَةٌ عَلَى الْمُتَعَلِّقَةِ بِمَكَانِهَا.
وَيَرُدُّهُ أَنَّ فِي جِهَةِ الْيَمِينِ كَالْأَوَّلِ مِنْ صَلَاةِ اللَّهِ تَعَالَى وَمَلَائِكَتِهِ عَلَى أَهْلِهِمَا مَا يَفُوقُ سَمَاعَ الْقِرَاءَةِ وَغَيْرَهُ، وَلِمَا فِي الْأَوَّلِ أَخْذًا مِمَّا مَرَّ مِنْ تَوْفِيرِ الْخُشُوعِ مَا لَيْسَ فِي الثَّانِي لِاشْتِغَالِهِمْ بِمَنْ أَمَامَهُمْ، وَالْخُشُوعُ رُوحُ الصَّلَاةِ فَيَفُوقُ سَمَاعَ الْقِرَاءَةِ وَغَيْرَهُ أَيْضًا فَمَا فِيهِ مُتَعَلِّقٌ بِذَاتِ الْعِبَادَةِ أَيْضًا.
(وَتَقِفُ إمَامَتُهُنَّ) نَدْبًا (وَسْطَهُنَّ) بِسُكُونِ السِّينِ لِوُرُودِ ذَلِكَ عَنْ عَائِشَةَ وَأُمِّ سَلَمَةَ رضي الله عنهما، فَإِنْ أَمَّهُنَّ خُنْثَى تَقَدَّمَ كَالذَّكَرِ وَإِمَامُ عُرَاةٍ فِيهِمْ بَصِيرٌ وَلَا ظُلْمَةَ كَإِمَامَةِ النِّسَاءِ وَإِلَّا تَقَدَّمَ عَلَيْهِمْ، وَمُخَالَفَةُ مَا ذُكِرَ مَكْرُوهَةٌ تُفَوِّتُ فَضِيلَةَ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
وَالْبَعْضُ مِنْ هَؤُلَاءِ فَالْأَخِيرُ مِنْ الْخَنَاثَى أَفْضَلُهُمْ وَالْأَخِيرُ مِنْ النِّسَاءِ أَفْضَلُهُنَّ.
(قَوْلُهُ: أَوَّلُهَا) ظَاهِرُهُ وَإِنْ اخْتَصَّ غَيْرُهُ مِنْ بَقِيَّةِ الصُّفُوفِ بِفَضِيلَةٍ فِي الْمَكَانِ كَأَنْ كَانَ فِي أَحَدِ الْمَسَاجِدِ الثَّلَاثَةِ وَالصَّفُّ الْأَوَّلُ فِي غَيْرِهَا، وَالظَّاهِرُ خِلَافُهُ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِمْ إنَّ الِانْفِرَادَ فِي الْمَسَاجِدِ الثَّلَاثَةِ أَفْضَلُ مِنْ الْجَمَاعَةِ فِي غَيْرِهِ، وَكَمَا لَوْ كَانَ فِي الصَّفِّ الْأَوَّلِ ارْتِفَاعٌ عَلَى الْإِمَامِ بِخِلَافِ غَيْرِهِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الَّذِي يَلِيهِ أَفْضَلُ أَيْضًا، بَلْ يَنْبَغِي أَنَّ الَّذِي يَلِيهِ هُوَ الْأَوَّلُ لِكَرَاهَةِ الْوُقُوفِ فِي مَوْضِعِ الصَّفِّ الْأَوَّلِ وَالْحَالَةُ مَا ذَكَرَ.
[فَرْعٌ] لَوْ لَمْ يَحْضُرْ مِنْ الرِّجَالِ حَتَّى اصْطَفَّ النِّسَاءُ خَلْفَ الْإِمَامِ وَأَحْرَمْنَ هَلْ يُؤَخَّرْنَ بَعْدَ الْإِحْرَامِ لِيَتَقَدَّمَ الرِّجَالُ أَوْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَيَظْهَرُ الثَّانِي وِفَاقًا لِ م ر، ثُمَّ رَأَيْت فِي شَرْحِ الْعُبَابِ لِشَيْخِنَا عَنْ الْقَاضِي مَا يُفِيدُ خِلَافَهُ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ. أَقُولُ: وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ حَيْثُ لَمْ يَتَرَتَّبْ عَلَى تَأَخُّرِهِنَّ أَفْعَالٌ مُبْطِلَةٌ.
(قَوْلُهُ: وَأَفْضَلُ كُلِّ صَفٍّ يَمِينُهُ) أَيْ بِالنِّسْبَةِ لِمَنْ عَلَى يَسَارِ الْإِمَامِ، أَمَّا مَنْ خَلْفَهُ فَهُوَ أَفْضَلُ مِنْ الْيَمِينِ كَمَا نُقِلَ عَنْ شَرْحِ الْعُبَابِ لِابْنِ حَجَرٍ، لَكِنَّ ظَاهِرَ كَلَامِ الشَّارِحِ يُخَالِفُهُ وَهُوَ ظَاهِرٌ.
(قَوْلُهُ: وَيَرُدُّهُ أَنَّ فِي جِهَةِ الْيَمِينِ إلَخْ) عِبَارَةُ ابْنِ حَجَرٍ وَقَوْلُ جَمْعٍ مَنْ بِالثَّانِي أَوْ الْيَسَارِ يَسْمَعُ الْإِمَامَ وَيَرَى أَفْعَالَهُ أَفْضَلُ مِمَّنْ بِالْأَوَّلِ أَوْ الْيَمِينِ، لِأَنَّ الْفَضِيلَةَ الْمُتَعَلِّقَةَ بِذَاتِ الْعِبَادَةِ أَفْضَلُ مِنْ الْمُتَعَلِّقَةِ بِمَكَانِهَا مَرْدُودٌ اهـ. وَبِهِ تَعْلَمُ مَا فِي كَلَامِ الشَّارِحِ حَيْثُ اقْتَصَرَ عَلَى أَفْضَلِيَّةِ الْيَمِينِ وَتَرَكَ أَفْضَلِيَّةَ الْأَوَّلِ عَلَى الثَّانِي وَذَكَرَ تَوْجِيهَ مَا فِيهِ الْأَفْضَلِيَّةُ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ (قَوْلُهُ: كَالْأَوَّلِ) أَيْ كَالصَّفِّ الْأَوَّلِ.
(قَوْلُهُ: عَلَى أَهْلِهِمَا) أَيْ الْيَمِينِ وَالْأَوَّلِ
(قَوْلُهُ: وَتَقِفُ إمَامَتُهُنَّ وَسْطَهُنَّ) الْمُرَادُ أَنْ لَا تَتَقَدَّمَ عَلَيْهِنَّ وَلَيْسَ الْمُرَادُ اسْتِوَاءَ مَنْ عَلَى يَمِينِهَا وَيَسَارِهَا فِي الْعَدَدِ خِلَافًا لِمَا تَوَهَّمَهُ بَعْضُ ضَعَفَةِ الطَّلَبَةِ فَلْيُحَرَّرْ (قَوْلُهُ وَسْطَهُنَّ) قَرَّرَ م ر أَنَّهَا تَتَقَدَّمُ يَسِيرًا بِحَيْثُ تَمْتَازُ عَنْهُنَّ،
ــ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: وَلِمَا فِي الْأَوَّلِ أَخْذًا مِمَّا مَرَّ مِنْ تَوْفِيرِ الْخُشُوعِ إلَخْ) فِيهِ أَنَّ الْبَعْضَ الْمَذْكُورَ لَمْ يَدَّعِ تَفْضِيلَ الْأَوَّلِ عَلَيْهِ بِحَسَبِ مَا نَقَلَهُ هُوَ عَنْهُ حَتَّى يُرَدَّ عَلَيْهِ بِمَا ذُكِرَ، لَكِنَّ عِبَارَةَ التُّحْفَةِ وَأَفْضَلُ صُفُوفِ الرِّجَالِ أَوَّلُهَا ثُمَّ مَا يَلِيهِ وَهَكَذَا، وَأَفْضَلُ كُلِّ صَفٍّ يَمِينُهُ؛ وَقَوْلُ جَمْعٍ مَنْ بِالثَّانِي أَوْ الْيَسَارِ لِيَسْمَعَ الْإِمَامَ وَيَرَى أَفْعَالَهُ أَفْضَلُ مِمَّنْ بِالْأَوَّلِ أَوْ بِالْيَمِينِ؛ لِأَنَّ الْفَضِيلَةَ الْمُتَعَلِّقَةَ بِذَاتِ الْعِبَادَةِ أَفْضَلُ مِنْ الْمُتَعَلِّقَةِ بِمَكَانِهَا مَرْدُودٌ بِأَنَّ فِي الْأَوَّلِ وَالْيَمِينِ مِنْ صَلَاةِ اللَّهِ تَعَالَى إلَخْ
(قَوْلُهُ: بِسُكُونِ السِّينِ) أَيْ لِيَكُونَ ظَرْفًا إذْ هُوَ بِفَتْحِهَا اسْمٌ عَلَى الْمَشْهُورِ نَحْوُ ضَرَبْت وَسَطَهُ، لَكِنْ قَالَ الْفَرَّاءُ: إذَا حَسُنَتْ فِيهِ بَيْنَ كَانَ ظَرْفًا نَحْوَ قَعَدَ وَسْطَ الْقَوْمِ، وَإِنْ لَمْ يَحْسُنْ فَاسْمٌ نَحْوُ احْتَجِمْ وَسَطَ رَأْسِك. قَالَ: وَيَجُوزُ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا التَّسْكِينُ وَالتَّحْرِيكُ، لَكِنَّ السُّكُونَ أَحْسَنُ فِي الظَّرْفِ وَالتَّحْرِيكَ أَحْسَنُ فِي الِاسْمِ: وَأَمَّا بَقِيَّةُ الْكُوفِيِّينَ فَلَا يُفَرِّقُونَ بَيْنَهُمَا وَيَجْعَلُونَهُمَا ظَرْفَيْنِ، إلَّا أَنَّ ثَعْلَبًا قَالَ: يُقَالُ وَسْطًا بِالسُّكُونِ فِي الْمُتَفَرِّقِ الْأَجْزَاءِ نَحْوِ وَسْطِ الْقَوْمِ وَوَسَطٌ بِالتَّحْرِيكِ فِيمَا لَا تَتَفَرَّقُ أَجْزَاؤُهُ نَحْوِ وَسَطِ الرَّأْسِ.
الْجَمَاعَةِ كَمَا مَرَّ، ثُمَّ مَحَلُّ مَا تَقَرَّرَ كَمَا جَزَمَ بِهِ الْمُصَنِّفُ فِي مَجْمُوعِهِ فِي بَابِ سِتْرِ الْعَوْرَةِ إذَا أَمْكَنَ وُقُوفُهُمْ صَفًّا وَإِلَّا وَقَفُوا صُفُوفًا مَعَ غَضِّ الْبَصَرِ.
وَإِذَا اجْتَمَعَ الرِّجَالُ مَعَ النِّسَاءِ وَالْجَمِيعُ عُرَاةٌ لَا يَقِفْنَ مَعَهُمْ لَا فِي صَفٍّ وَلَا فِي صَفَّيْنِ بَلْ يَتَنَحَّيْنَ وَيَجْلِسْنَ خَلْفَهُمْ وَيَسْتَدْبِرْنَ الْقِبْلَةَ حَتَّى تُصَلِّيَ الرِّجَالُ وَكَذَا عَكْسُهُ، فَإِنْ أَمْكَنَ أَنْ تَتَوَارَى كُلُّ طَائِفَةٍ بِمَكَانٍ حَتَّى تُصَلِّيَ الطَّائِفَةُ الْأُخْرَى فَهُوَ أَفْضَلُ كَمَا ذُكِرَ ذَلِكَ فِي الْمَجْمُوعِ.
وَصَلَاةُ الْجِنَازَةِ تَسْتَوِي صُفُوفُهَا فِي الْفَضِيلَةِ عِنْدَ اتِّحَادِ الْجِنْسِ لِاسْتِحْبَابِ تَعَدُّدِ الصُّفُوفِ فِيهَا.
، وَيُسَنُّ سَدُّ فُرَجِ الصُّفُوفِ، وَأَنْ لَا يُشْرَعَ فِي صَفٍّ حَتَّى يَتِمَّ الْأَوَّلُ، وَأَنْ يُفْسَحَ لِمَنْ يُرِيدُهُ وَجَمِيعُ ذَلِكَ سُنَّةٌ لَا شَرْطٌ، فَلَوْ خَالَفُوا
ــ
[حاشية الشبراملسي]
وَهَذَا لَا يُنَافِي أَنَّهَا وَسْطَهُنَّ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ. فَإِنْ لَمْ يَحْضُرْ إلَّا امْرَأَةٌ فَقَطْ وَقَفَتْ عَنْ يَمِينِهَا أَخْذًا مِمَّا تَقَدَّمَ فِي الذُّكُورِ
(قَوْلُهُ: لَا يَقِفْنَ مَعَهُمْ) اُنْظُرْ هَلْ ذَلِكَ عَلَى سَبِيلِ الْوُجُوبِ أَوْ النَّدْبِ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي، وَيُؤْمَرُ كُلٌّ مِنْ الْفَرِيقَيْنِ بِغَضِّ الْبَصَرِ.
(قَوْلُهُ: فَهُوَ أَفْضَلُ) أَيْ مِنْ جُلُوسِهِنَّ خَلْفَ الرِّجَالِ وَاسْتِدْبَارِهِنَّ الْقِبْلَةَ
(قَوْلُهُ: تَسْتَوِي صُفُوفُهَا) ظَاهِرُهُ وَإِنْ زَادَتْ عَلَى ثَلَاثَةٍ فَلْيُرَاجَعْ مَا فِي الْجَنَائِزِ وَعِبَارَتُهُ: ثُمَّ بَعُدَ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَسُنَّ جَعْلُ صُفُوفِهِنَّ ثَلَاثَةً فَأَكْثَرَ لِخَبَرِ «مَنْ صَلَّى عَلَيْهِ ثَلَاثَةُ صُفُوفٍ فَقَدْ أَوْجَبَ» أَيْ حَصَلَتْ لَهُ الْمَغْفِرَةُ، وَلِهَذَا كَانَتْ الثَّلَاثَةُ بِمَنْزِلَةِ الصَّفِّ الْوَاحِدِ فِي الْأَفْضَلِيَّةِ كَمَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ عَنْ بَعْضِهِمْ.
نَعَمْ يُتَّجَهُ أَنَّ الْأَوَّلَ بَعْدَ الثَّلَاثَةِ آكَدُ لِحُصُولِ الْغَرَضِ بِهَا، وَإِنَّمَا لَمْ يُجْعَلْ الْأَوَّلُ أَفْضَلَ مُحَافَظَةً عَلَى مَقْصُودِ الشَّارِعِ مِنْ الثَّلَاثَةِ
(قَوْلُهُ: وَيُسَنُّ سَدُّ فُرَجِ الصُّفُوفِ) وَيُسَنُّ أَنْ لَا يَزِيدَ مَا بَيْنَ كُلِّ صَفَّيْنِ وَالْأَوَّلِ وَالْإِمَامِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَذْرُعٍ، وَمَتَى كَانَ بَيْنَ صَفَّيْنِ أَكْثَرُ مِنْ ثَلَاثَةِ أَذْرُعٍ كُرِهَ لِلدَّاخِلِينَ أَنْ يَصْطَفُّوا الْمُتَأَخِّرِينَ، فَإِنْ فَعَلُوا لَمْ يُحَصِّلُوا فَضِيلَةَ الْجَمَاعَةِ أَخْذًا مِنْ قَوْلِ الْقَاضِي لَوْ كَانَ بَيْنَ الْإِمَامِ وَمَنْ خَلْفَهُ أَكْثَرُ مِنْ ثَلَاثَةِ أَذْرُعٍ فَقَدْ ضَيَّعُوا حُقُوقَهُمْ فَلِلدَّاخِلِينَ الِاصْطِفَافُ بَيْنَهُمَا وَإِلَّا كُرِهَ لَهُمْ اهـ ابْنُ حَجَرٍ، وَعِبَارَتُهُ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ الْآتِي وَإِلَّا فَلْيَجْرِ مَا نَصُّهُ: نَدْبًا لِخَبَرٍ يُعْمَلُ بِهِ فِي الْفَضَائِلِ وَهُوَ «أَيُّهَا الْمُصَلِّي هَلَّا دَخَلْت فِي الصَّفِّ أَوْ جَرَرْت رَجُلًا مِنْ الصَّفِّ فَيُصَلِّيَ مَعَك، أَعِدْ صَلَاتَك» وَيُؤْخَذُ مِنْ فَرْضِهِمْ ذَلِكَ فِيمَنْ لَمْ يَجِدْ فُرْجَةً حُرْمَتُهُ عَلَى مَنْ وَجَدَهَا لِتَفْوِيتِهِ الْفَضِيلَةَ عَلَى الْغَيْرِ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ اهـ.
وَكَتَبَ بَعْضُهُمْ عَلَى قَوْلِهِ وَإِلَّا كُرِهَ لَهُمْ: هَذَا يُنَافِي مَا يَأْتِي لَهُ مِنْ التَّصْرِيحِ بِالْحُرْمَةِ إلَّا أَنْ تُحْمَلَ الْكَرَاهَةُ هُنَا عَلَى كَرَاهَةِ التَّحْرِيمِ اهـ.
وَقَضِيَّةُ مَا عَلَّلَ بِهِ مِنْ قَوْلِهِ لِتَفْوِيتِهِ إلَخْ أَنَّ فَضِيلَةَ الصَّفِّ الْأَوَّلِ تَفُوتُ عَلَى مَنْ تَقَدَّمَ عَلَيْهِمْ قَلَّ أَوْ كَثُرَ، وَهُوَ مُشْكِلٌ لِأَنَّهُمْ لَا تَقْصِيرَ مِنْهُمْ، فَالْقِيَاسُ أَنَّ التَّفْوِيتَ إنَّمَا هُوَ عَلَى الْمُتَقَدِّمِ وَحْدَهُ.
وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ: الْمُرَادُ بِالْفَضِيلَةِ الَّتِي فَوَّتَهَا قُرْبُهُمْ مِنْ الْإِمَامِ وَسَمَاعُهُمْ لِقِرَاءَتِهِ مَثَلًا لَا ثَوَابُ الصَّفِّ، وَأَمَّا هُوَ فَلَا ثَوَابَ لَهُ لِأَنَّ فِعْلَهُ مَكْرُوهٌ أَوْ حَرَامٌ وَكِلَاهُمَا مُفَوِّتٌ لِفَضِيلَةِ الْجَمَاعَةِ.
[فَرْعٌ] وَقَفَ شَافِعِيٌّ بَيْنَ حَنَفِيَّيْنِ مَسَّا فَرْجَهُمَا كُرِهَ وَلَمْ تَحْصُلْ لَهُ فَضِيلَةُ الْجَمَاعَةِ لِاعْتِقَادِهِ فَسَادَ صَلَاتِهِمَا، قَالَهُ فِي الْخَادِمِ وَنَظَّرَ فِيهِ ابْنُ حَجَرٍ فَلْيُرَاجَعْ. وَيَنْبَغِي أَنْ لَيْسَ مِثْلُهُ مَا لَوْ عَلِمَ تَرْكَهُمَا قِرَاءَةَ الْفَاتِحَةِ، لِأَنَّ فِعْلَ الْمُخَالِفِ لِكَوْنِهِ عَنْ تَقْلِيدٍ صَحِيحٍ يَنْزِلُ بِمَنْزِلَةِ السَّهْوِ، وَالشَّافِعِيُّ إذَا تَرَكَ الْفَاتِحَةَ سَهْوًا لَا تَبْطُلُ صَلَاتُهُ بِمُجَرَّدِ التَّرْكِ وَإِنَّمَا تَبْطُلُ بِالسَّلَامِ وَعَدَمِ التَّدَارُكِ، وَحِينَئِذٍ فَالشَّافِعِيُّ يَرَى صِحَّةَ صَلَاةِ الْحَنَفِيِّ مَعَ تَرْكِهِ الْقِرَاءَةَ فَتَحْصُلُ لَهُ الْفَضِيلَةُ لِعَدَمِ اعْتِقَادِ مَا يُنَافِيهَا، بِخِلَافِهِ مَعَ الْمَسِّ فَإِنَّهُ وَإِنْ نَزَلَ مَنْزِلَةَ السَّهْوِ فَهُوَ مِمَّا يُبْطِلُ عَمْدُهُ وَسَهْوُهُ عِنْدَنَا فَكَانَ كَالْمُنْفَرِدِ.
(قَوْلُهُ: حَتَّى يَتِمَّ الْأَوَّلُ) أَيْ وَإِذَا شَرَعُوا فِي الثَّانِي يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ وُقُوفُهُمْ عَلَى هَيْئَةِ الْوُقُوفِ خَلْفَ الْإِمَامِ، فَإِذَا حَضَرَ وَاحِدٌ وَقَفَ خَلْفَ الصَّفِّ الْأَوَّلِ بِحَيْثُ يَكُونُ مُحَاذِيًا لِيَمِينِ الْإِمَامِ، فَإِذَا حَضَرَ آخَرُ وَقَفَ فِي جِهَةِ يَسَارِهِ بِحَيْثُ يَكُونَانِ خَلْفَ مَنْ يَلِي الْإِمَامَ.
وَقَضِيَّةُ قَوْلِهِ حَتَّى يَتِمَّ الْأَوَّلُ أَنَّ مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ مِنْ الصَّلَاةِ فِي بَحْرَةِ رُوَاقِ ابْنِ مَعْمَرٍ بِالْجَامِعِ الْأَزْهَرِ أَنَّ الصَّفَّ الْأَوَّلَ يُكَمَّلُ وَلَوْ بِالْوُقُوفِ فِي الصَّحْنِ وَدَاخِلِ الرُّوَاقِ، فَلَا يَشْرَعُونَ فِي الثَّانِي إلَّا بَعْدَ تَكْمِيلِ
ــ
[حاشية الرشيدي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
صَحَّتْ صَلَاتُهُمْ مَعَ الْكَرَاهَةِ كَمَا مَرَّ بَعْضُ ذَلِكَ ". وَتَأْنِيثُ إمَامَتِهِنَّ. قَالَ الرَّازِيّ: لِأَنَّهُ قِيَاسِيٌّ كَمَا أَنَّ رَجُلَةَ تَأْنِيثُ رَجُلٍ. وَقَالَ الْقُونَوِيُّ: بَلْ الْمَقِيسُ حَذْفُ التَّاءِ إذْ لَفْظُ إمَامٍ لَيْسَ صِفَةً قِيَاسِيَّةً بَلْ صِيغَةَ مَصْدَرٍ أُطْلِقَتْ عَلَى الْفَاعِلِ فَاسْتَوَى الْمُذَكَّرُ وَالْمُؤَنَّثُ فِيهَا وَعَلَيْهِ فَأَتَى بِالتَّاءِ لِئَلَّا يُوهِمَ أَنَّ إمَامَهُنَّ الذَّكَرُ كَذَلِكَ.
(وَيُكْرَهُ)(وُقُوفُ الْمَأْمُومِ فَرْدًا) عَنْ صَفٍّ مِنْ جِنْسِهِ لِلنَّهْيِ عَنْهُ، وَدَلِيلُ عَدَمِ الْبُطْلَانِ تَرْكُ أَمْرِهِ عليه الصلاة والسلام لِفَاعِلِهِ بِالْإِعَادَةِ، وَمَا وَرَدَ فِي رِوَايَةٍ أُخْرَى مِنْ الْأَمْرِ بِهَا مَحْمُولٌ عَلَى الِاسْتِحْبَابِ، لَا سِيَّمَا وَقَدْ اعْتَرَضَ تَحْسِينُ التِّرْمِذِيِّ وَتَصْحِيحُ ابْنِ حِبَّانَ لَهَا بِقَوْلِ ابْنِ عَبْدِ الْبَرِّ إنَّهُ مُضْطَرِبٌ، وَالْبَيْهَقِيِّ إنَّهُ ضَعِيفٌ، وَلِهَذَا قَالَ الشَّافِعِيُّ: لَوْ ثَبَتَ قُلْت بِهِ. وَيُؤْخَذُ كَمَا قَالَ الشَّارِحُ مِنْ الْكَرَاهَةِ فَوَاتُ فَضِيلَةِ الْجَمَاعَةِ عَلَى قِيَاسِ مَا سَيَأْتِي فِي الْمُقَارَنَةِ، وَيُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِمْ هُنَا أَيْضًا أَنَّ الْأَمْرَ بِالْإِعَادَةِ لِلِاسْتِحْبَابِ أَنَّ كُلَّ صَلَاةٍ وَقَعَ خِلَافٌ أَيْ لَيْسَ بِشَاذٍّ فِي صِحَّتِهَا تُسْتَحَبُّ إعَادَتُهَا وَلَوْ مُنْفَرِدًا، وَخَرَجَ بِالْجِنْسِ غَيْرُهُ كَامْرَأَةٍ وَلَا نِسَاءَ أَوْ خُنْثَى وَلَا خَنَاثَى فَلَا كَرَاهَةَ بَلْ يُنْدَبُ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ (بَلْ يَدْخُلُ الصَّفَّ إنْ وَجَدَ سَعَةً) بِفَتْحِ السِّينِ فِيهِ بِأَنْ كَانَ لَوْ دَخَلَ فِيهِ وَسِعَهُ وَإِنْ عُدِمَتْ فُرْجَةٌ وَلَوْ وَجَدَهَا وَبَيْنَهُ وَبَيْنَهَا صُفُوفٌ كَثِيرَةٌ خَرَقَ جَمِيعَهَا لِيَدْخُلَ تِلْكَ الْفُرْجَةَ لِأَنَّهُمْ مُقَصِّرُونَ بِتَرْكِهَا، وَلَا يَتَقَيَّدُ ذَلِكَ بِصَفٍّ أَوْ صَفَّيْنِ كَمَا وَقَعَ لِلْإِسْنَوِيِّ، وَنَقَلَهُ فِي الْمُهِمَّاتِ عَنْ جَمْعٍ كَثِيرٍ وَعَنْ نَصِّهِ فِي الْأُمِّ فَإِنَّهُ الْتَبَسَ عَلَيْهِ مَسْأَلَةٌ أُخْرَى، فَإِنَّ فَرْضَ الْمَسْأَلَةِ الَّتِي نَقَلَ عَنْهُمْ فِيهَا فِي التَّخَطِّي يَوْمَ الْجُمُعَةِ، وَالتَّخَطِّي هُوَ الْمَشْيُ بَيْنَ الْقَاعِدِينَ، وَكَلَامُنَا هُنَا فِي شَقِّ الصُّفُوفِ وَهُمْ قَائِمُونَ، وَقَدْ صَرَّحَ الْمُتَوَلِّي بِأَنَّهُمَا مَسْأَلَتَانِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ سَدَّ الْفُرْجَةِ الَّتِي فِي الصُّفُوفِ مَصْلَحَةٌ عَامَّةٌ لَهُ وَلِلْقَوْمِ بِإِتْمَامِ صَلَاتِهِ وَصَلَاتِهِمْ.
فَإِنَّ تَسْوِيَةَ الصُّفُوفِ مِنْ تَمَامِ الصَّلَاةِ كَمَا وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ، بِخِلَافِ تَرْكِ التَّخَطِّي فَإِنَّ الْإِمَامَ يُسَنُّ لَهُ عَدَمُ إحْرَامِهِ حَتَّى يُسَوِّيَ بَيْنَ صُفُوفِهِمْ.
ــ
[حاشية الشبراملسي]
الْأَوَّلِ وَإِنْ امْتَدَّ إلَى آخِرِ الْمَسْجِدِ مِنْ جِهَتَيْ الْإِمَامِ، وَقَدْ يُقَالُ: اخْتِيَارُ هَذَا الْمَوْضِعِ لِلصَّلَاةِ يَنْزِلُ مَنْزِلَةَ مَسْجِدٍ مُسْتَقِلٍّ فَلَا يُعْتَبَرُ مَا اتَّصَلَ بِهِ مِنْ الصَّحْنِ وَلَا الرُّوَاقِ، وَهُوَ الظَّاهِرُ لِأَنَّهُمْ لَوْ وَقَفُوا فِي مَحَلٍّ وَاسِعٍ كَالْبَرِّيَّةِ اُعْتُبِرَ مِنْهَا مَا هَيَّئُوهُ لِصَلَاتِهِمْ دُونَ مَا زَادَ وَإِنْ كَانَ مُسَاوِيًا فِي الصَّلَاحِيَةِ لِمَا صَلَّوْا فِيهِ بَلْ أَوْ أَصْلَحَ (قَوْلُهُ: صَحَّتْ صَلَاتُهُمْ مَعَ الْكَرَاهَةِ) وَمُقْتَضَى الْكَرَاهَةِ فَوَاتُ فَضِيلَةِ الْجَمَاعَةِ كَمَا يُصَرِّحُ بِهِ قَوْلُهُ قَبْلُ: وَيَجْرِي ذَلِكَ فِي كُلِّ مَكْرُوهٍ مِنْ حَيْثُ الْجَمَاعَةُ الْمَطْلُوبَةُ
(قَوْلُهُ: وَيُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِمْ إلَخْ) هَذَا الصَّنِيعُ يَقْتَضِي أَنَّ الْوُقُوفَ مُنْفَرِدًا عَنْ الصَّفِّ فِي الصِّحَّةِ مَعَهُ خِلَافٌ، وَأَنَّ الْإِعَادَةَ تُسَنُّ لِلْخُرُوجِ مِنْهُ لَكِنْ لَمْ يُنَبَّهْ عَلَيْهِ فِيمَا مَرَّ فَلْيُرَاجَعْ.
وَقَضِيَّةُ قَوْلِهِ الْآتِي بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فَلْيَجُرَّ خُرُوجًا مِنْ الْخِلَافِ إلَخْ ثُبُوتُ الْخِلَافِ فِيهِ وَقَدْ يُشْعِرُ قَوْلُهُ السَّابِقُ إذْ الْخِلَافُ الْمَذْهَبِيُّ أَوْلَى بِالْمُرَاعَاةِ أَنَّ الْخِلَافَ فِي الِانْفِرَادِ عَنْ الصَّفِّ لَيْسَ خِلَافًا فِي مَذْهَبِنَا وَيُشْعِرُ بِهِ قَوْلُ إمَامِنَا لَوْ ثَبَتَ قُلْت بِهِ.
[فَرْعٌ] صَارَ وَحْدَهُ فِي أَثْنَاءِ الصَّلَاةِ يَنْبَغِي أَنْ يَجُرَّ شَخْصًا، فَإِنْ تَرَكَهُ مَعَ تَيَسُّرِهِ يَنْبَغِي أَنْ يُكْرَهَ م ر - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ أَيْ وَتَفُوتُهُ الْفَضِيلَةُ مِنْ حِينَئِذٍ.
(قَوْلُهُ: وَلَوْ مُنْفَرِدًا) أَيْ وَبَعْدَ خُرُوجِ الْوَقْتِ أَيْضًا.
(قَوْلُهُ: بَلْ يُنْدَبُ) أَيْ الِانْفِرَادُ.
(قَوْلُهُ: بِفَتْحِ السِّينِ) أَيْ وَكَسْرِهَا وَقَدْ نَظَمَ ذَلِكَ شَيْخُنَا الْعَلَّامَةُ الدَّنَوْشَرِيُّ، فَقَالَ:
وَسَعَةٌ بِالْفَتْحِ فِي الْأَوْزَانِ
…
وَالْكَسْرِ مَحْكِيٌّ عَنْ الصَّنْعَانِيِّ
ــ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: وَيُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِمْ هُنَا أَيْضًا أَنَّ الْأَمْرَ بِالْإِعَادَةِ إلَخْ) فِي هَذَا الْأَخْذِ نَظَرٌ ظَاهِرٌ إذْ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ خِلَافٌ رَاعَاهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فِي أَمْرِهِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ وَجَدَهَا) أَيْ الْفُرْجَةَ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ: لِيَدْخُلَ تِلْكَ الْفُرْجَةَ إلَخْ، فَخَرَجَ مَا إذَا لَمْ تَكُنْ فُرْجَةٌ، لَكِنْ هُنَاكَ مَا لَوْ وَقَفَ فِيهِ لَوَسِعَهُ فَلَا يَتَخَطَّى لَهُ لِعَدَمِ التَّقْصِيرِ، وَهَذَا مَا اقْتَضَاهُ
نَعَمْ إنْ كَانَ تَأَخُّرُهُمْ عَنْ سَدِّ الْفُرْجَةِ لِعُذْرٍ كَوَقْتِ الْحَرِّ بِالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ لَمْ يُكْرَهْ لِعَدَمِ التَّقْصِيرِ، وَلَوْ كَانَ عَنْ يَمِينِ الْإِمَامِ مَحَلٌّ يَسَعُهُ وَقَفَ فِيهِ وَلَمْ يَخْتَرِقْ، وَلَوْ عَرَضَتْ فُرْجَةٌ بَعْدَ كَمَالِ الصَّفِّ فِي أَثْنَاءِ الصَّلَاةِ فَمُقْتَضَى تَعْلِيلِهِمْ بِالتَّقْصِيرِ عَدَمُ الْخَرْقِ إلَيْهَا، وَيُحْتَمَلُ غَيْرُهُ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَجِدْ سَعَةً (فَلْيَجُرَّ) نَدْبًا فِي الْقِيَامِ (شَخْصًا) مِنْ الصَّفِّ إلَيْهِ (بَعْدَ الْإِحْرَامِ) لِيَصْطَفَّ مَعَهُ خُرُوجًا مِنْ الْخِلَافِ، وَمَحَلُّ ذَلِكَ إذَا جَوَّزَ مُوَافَقَتَهُ لَهُ وَإِلَّا فَلَا جَرَّ بَلْ يَمْتَنِعُ لِخَوْفِ الْفِتْنَةِ، وَأَنْ يَكُونَ حُرًّا لِئَلَّا يَدْخُلَ غَيْرُهُ فِي ضَمَانِهِ، حَتَّى لَوْ جَرَّهُ ظَانًّا حُرِّيَّتَهُ فَتَبَيَّنَ كَوْنُهُ رَقِيقًا دَخَلَ فِي ضَمَانِهِ كَمَا مَرَّتْ الْإِشَارَةُ إلَيْهِ عَنْ إفْتَاءِ الْوَالِدِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَأَنْ يَكُونَ الصَّفُّ أَكْثَرَ مِنْ اثْنَيْنِ لِئَلَّا يَصِيرَ الْآخَرُ مُنْفَرِدًا، فَإِنْ أَمْكَنَهُ الْخَرْقُ لِيَصْطَفَّ مَعَ الْإِمَامِ أَوْ كَانَ مَكَانُهُ يَسَعُ أَكْثَرَ مِنْ اثْنَيْنِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَخْرِقَ فِي الْأُولَى وَيَجُرَّهُمَا مَعًا فِي الثَّانِيَةِ، وَالْخَرْقُ فِي الْأُولَى أَفْضَلُ مِنْ الْجَرِّ (وَلْيُسَاعِدْهُ الْمَجْرُورُ) نَدْبًا لِيَنَالَ فَضْلَ الْمُعَاوَنَةِ عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى، وَذَلِكَ يُعَادِلُ مَا فَاتَ عَلَيْهِ مِنْ الصَّفِّ.
أَمَّا الْجَرُّ قَبْلَ الْإِحْرَامِ فَمَكْرُوهٌ لَا حَرَامٌ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، فَقَدْ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
(قَوْلُهُ: لِعَدَمِ التَّقْصِيرِ إلَخْ) أَيْ فَلَا تَفُوتُهُمْ الْفَضِيلَةُ (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَخْتَرِقْ) أَيْ إلَى أَنْ يَصِلَ إلَى فُرْجَةٍ فِي الصَّفِّ الثَّانِي مَثَلًا، وَيَنْبَغِي فِي هَذِهِ الصُّورَةِ أَنَّهُ لَا تَفُوتُ الْفَضِيلَةُ عَلَى مَنْ خَلْفَهُ وَلَا عَلَى نَفْسِهِ لِعَدَمِ التَّقْصِيرِ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ مَحَلَّهُ حَيْثُ لَمْ يَجِدْ مَحَلًّا يَذْهَبُ مِنْهُ بِلَا خَرْقٍ لِلصُّفُوفِ.
(قَوْلُهُ: وَلَوْ عَرَضَتْ فُرْجَةٌ إلَخْ) أَيْ بِأَنْ عَلِمَ عُرُوضَهَا. أَمَّا لَوْ وَجَدَهَا وَلَمْ يَعْلَمْ هَلْ كَانَتْ مَوْجُودَةً قَبْلُ أَوْ طَرَأَتْ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَخْرِقُ لِيَصِلَهَا، إذْ الْأَصْلُ عَدَمُ سَدِّهَا، سِيَّمَا إذَا كَانَ ذَلِكَ مِنْ أَحْوَالِ الْمَأْمُومِينَ الْمُعْتَادَةِ لَهُمْ.
[فَرْعٌ] لَوْ جَهِلَ هَذَا الْحُكْمَ لَمْ يَبْعُدْ أَنْ يُسَنَّ لِمَنْ عَلِمَ بِجَهْلِهِ مِنْ أَهْلِ الصَّفِّ التَّأَخُّرُ إلَيْهِ م ر اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ. وَمَفْهُومُ تَقْيِيدِهِ بِالْجَهْلِ عَدَمُ سَنِّهِ مَعَ الْعِلْمِ، وَيُوَجَّهُ بِأَنَّهُ الَّذِي فَوَّتَ عَلَى نَفْسِهِ.
(قَوْلُهُ: عَدَمُ الْخَرْقِ إلَيْهَا) هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ.
(قَوْلُهُ: كَمَا مَرَّتْ الْإِشَارَةُ إلَيْهِ) أَيْ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ، وَيُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِمْ خِطَابُ الْوَضْعِ لَا يَفْتَرِقُ الْحَالُ فِيهِ بَيْنَ الْعِلْمِ وَالْجَهْلِ الضَّرَرُ هُنَا.
(قَوْلُهُ: فَإِنْ أَمْكَنَهُ الْخَرْقُ) أَيْ بَيْنَ الِاثْنَيْنِ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ الصَّفُّ أَكْثَرَ مِنْ اثْنَيْنِ فَالْجَرُّ أَوْلَى مِنْ الْخَرْقِ بِالشُّرُوطِ.
(قَوْلُهُ: فَيَنْبَغِي أَنْ يَخْرِقَ فِي الْأُولَى) أَيْ قَوْلُهُ فَإِنْ أَمْكَنَهُ الْخَرْقُ وَالثَّانِيَةُ هِيَ قَوْلُهُ أَوْ كَانَ إلَخْ.
(قَوْلُهُ: وَالْخَرْقُ فِي الْأُولَى أَفْضَلُ مِنْ الْجَرِّ) أَيْ حَيْثُ أَمْكَنَهُ كُلٌّ مِنْ الْخَرْقِ وَالْجَرِّ.
(قَوْلُهُ: وَلْيُسَاعِدْهُ الْمَجْرُورُ) يَنْبَغِي أَنْ يَحْصُلَ لِهَذَا الْمُسَاعِدِ فَضِيلَةُ الصَّفِّ الَّذِي كَانَ فِيهِ وَلَا يَضُرُّ تَأَخُّرُهُ عَنْهُ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ.
(قَوْلُهُ: وَذَلِكَ يُعَادِلُ إلَخْ) مُشْعِرٌ بِفَوَاتِ فَضِيلَةِ الصَّفِّ الَّذِي كَانَ فِيهِ، وَفِيهِ مَا ذَكَرْنَاهُ عَنْ سم.
(قَوْلُهُ: لَا حَرَامٌ) خِلَافًا لِظَاهِرِ
ــ
[حاشية الرشيدي]
ظَاهِرُ التَّحْقِيقِ.
وَسَوَّى الشِّهَابُ حَجّ بَيْنَهُمَا تَبَعًا لِلْمَجْمُوعِ فَلْيُتَنَبَّهْ (قَوْلُهُ: لَمْ يُكْرَهْ لِعَدَمِ التَّقْصِيرِ) أَيْ فَلَيْسَ لِغَيْرِهِمْ خَرْقُ صُفُوفِهِمْ لِأَجْلِهَا (قَوْلُهُ: وَلَوْ كَانَ عَنْ يَمِينِ الْإِمَامِ مَحَلٌّ يَسَعُهُ وَقَفَ فِيهِ) كَأَنَّ صُورَتَهُ فِيمَا لَوْ أَتَى مِنْ أَمَامِ الصُّفُوفِ وَكَانَ هُنَاكَ فُرْجَةٌ خَلْفَهُ فَلَا يَخْرِقُ الصُّفُوفَ الْمُتَقَدِّمَةَ لِعَدَمِ تَقْصِيرِهَا، وَإِنَّمَا التَّقْصِيرُ مِنْ الصُّفُوفِ الْمُتَأَخِّرَةِ بِعَدَمِ سَدِّهَا فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: فَإِنْ أَمْكَنَهُ الْخَرْقُ) أَيْ وَلَمْ يَكُنْ مَحَلُّهُ يَسَعُ اثْنَيْنِ بِقَرِينَةِ عَطْفِهِ عَلَيْهِ بِأَوْ الْمُقْتَضِيَةِ أَنْ يُقَدَّرَ فِيمَا قَبْلَهَا نَقِيضُ مَا بَعْدَهَا، وَحِينَئِذٍ فَقَوْلُ الشَّارِحِ وَالْخَرْقُ فِي الْأُولَى أَفْضَلُ مِنْ الْجَرِّ غَيْرُ مُتَأَتٍّ، إذْ الصُّورَةُ أَنَّهُ فِيهَا لَا يُمْكِنُ إلَّا الْخَرْقُ كَمَا عَرَفْت، وَهُوَ سَاقِطٌ مِنْ بَعْضِ النُّسَخِ، كَمَا أَنَّهُ لَيْسَ بِمَوْجُودٍ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ الَّذِي هُوَ أَصْلُ هَذِهِ الْعِبَارَةِ
قَالَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ فِيمَا لَوْ وَقَفَ مَأْمُومٌ عَنْ يَمِينِ إمَامِهِ فَجَاءَ آخَرُ فَأَحْرَمَ عَنْ يَسَارِهِ: يُكْرَهُ لِلثَّانِي أَنْ يَجْذِبَ الَّذِي عَنْ يَمِينِ الْإِمَامِ قَبْلَ إحْرَامِهِ. قَالَ الرُّويَانِيُّ: وَكَلَامُ الْأَصْحَابِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمَأْمُومَ يَتَأَخَّرُ إلَى الثَّانِي قَبْلَ الشُّرُوعِ فِي الصَّلَاةِ، وَالصَّحِيحُ مَا قَالَهُ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ اهـ. بَلْ أَنْكَرَ ابْنُ الْأُسْتَاذِ كَوْنَ الْجَذْبِ بَعْدَ التَّحَرُّمِ وَقَالَ: وَافَقَ الرَّافِعِيُّ عَلَى نَقْلِهِ الْفَارِقِيَّ فِي فَوَائِدِهِ، وَلَمْ أَرَهُ فِي شَيْءٍ مِنْ الْكُتُبِ الْمَشْهُورَةِ بَعْدَ الْكَشْفِ إلَّا فِي الْحِلْيَةِ لِلرُّويَانِيِّ، وَظَاهِرُ كَلَامِ الْأَصْحَابِ وَإِطْلَاقِهِمْ أَنَّ الْجَذْبَ يَكُونُ قَبْلَ التَّحَرُّمِ، فَإِنَّ الْقَصْدَ الْخُرُوجُ مِنْ الْخِلَافِ كَمَا مَرَّ، وَمَتَى أَحْرَمَ مُنْفَرِدًا لَمْ تَنْعَقِدْ صَلَاتُهُ عِنْدَ الْمُخَالِفِينَ، فَلَا فَائِدَةَ فِي الْجَذْبِ حِينَئِذٍ اهـ.
وَقَدْ أَنْكَرَهُ ابْنُ أَبِي الدَّمِ أَيْضًا، فَقَوْلُ الْكِفَايَةِ لَا يَجُوزُ جَذْبُهُ قَبْلَ أَنْ يُحْرِمَ مَحْمُولٌ عَلَى الْجَوَازِ الْمُسْتَوِي الطَّرَفَيْنِ فَلَا يُخَالِفُ مَا قَرَّرْنَاهُ.
(وَيُشْتَرَطُ)(عِلْمُهُ) أَيْ الْمَأْمُومِ (بِانْتِقَالَاتِ الْإِمَامِ) لِيَتَمَكَّنَ مِنْ مُتَابَعَتِهِ (بِأَنْ) كَانَ (يَرَاهُ أَوْ) يَرَى (بَعْضَ صَفٍّ) مِنْ الْمُقْتَدِينَ بِهِ أَوْ وَاحِدًا مِنْهُمْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي صَفٍّ (أَوْ يَسْمَعُهُ أَوْ) يَسْمَعُ (مُبَلِّغًا) ثِقَةً وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُصَلِّيًا، وَظَاهِرٌ أَنَّ الْمُرَادَ بِالثِّقَةِ هُنَا عَدْلُ الرِّوَايَةِ، إذْ غَيْرُهُ لَا يُقْبَلُ إخْبَارُهُ، وَقَوْلُ الْمَجْمُوعِ يُقْبَلُ إخْبَارُ الصَّبِيِّ فِيمَا طَرِيقُهُ الْمُشَاهَدَةُ كَالْغُرُوبِ ضَعِيفٌ وَإِنْ نَقَلَهُ عَنْ الْجُمْهُورِ وَاعْتَمَدَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ، أَوْ بِهِدَايَةِ ثِقَةٍ بِجَنْبِ أَعْمَى أَصَمَّ أَوْ بَصِيرٍ أَصَمَّ فِي نَحْوِ ظُلْمَةٍ، وَلَوْ ذَهَبَ الْمُبَلِّغُ فِي أَثْنَاءِ صَلَاتِهِ لَزِمَتْهُ نِيَّةُ الْمُفَارَقَةِ: أَيْ إنْ لَمْ يَرْجُ عَوْدَهُ قَبْلَ مُضِيِّ مَا يَسَعُ رُكْنَيْنِ فِي ظَنِّهِ فِيمَا يَظْهَرُ، فَلَوْ لَمْ يَكُنْ ثُمَّ ثِقَةٌ وَجَهِلَ الْمَأْمُومُ أَفْعَالَ إمَامِهِ الظَّاهِرَةَ كَالرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ لَمْ تَصِحَّ صَلَاتُهُ، فَيَقْضِي لِتَعَذُّرِ الْمُتَابَعَةِ حِينَئِذٍ. .
وَمِنْ شُرُوطِ الْقُدْوَةِ أَيْضًا: أَنْ يَجْمَعَهُمَا مَوْقِفٌ، إذْ مِنْ مَقَاصِدِ الِاقْتِدَاءِ اجْتِمَاعُ جَمْعٍ فِي مَكَان كَمَا عُهِدَ عَلَيْهِ الْجَمَاعَاتُ فِي الْأَعْصُرِ الْخَالِيَةِ، وَمَبْنَى الْعِبَادَاتِ عَلَى رِعَايَةِ الِاتِّبَاعِ، وَلِاجْتِمَاعِهِمَا أَرْبَعَةُ أَحْوَالٍ: إمَّا أَنْ يَكُونَا بِمَسْجِدٍ أَوْ غَيْرِهِ مِنْ فَضَاءٍ أَوْ بِنَاءٍ، أَوْ يَكُونَ أَحَدُهُمَا بِمَسْجِدٍ وَالْآخَرُ بِغَيْرِهِ، وَقَدْ أَخَذَ فِي بَيَانِ كُلٍّ، فَقَالَ (وَإِذَا جَمَعَهُمَا مَسْجِدٌ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
مَا يَأْتِي عَنْ الْكِفَايَةِ (قَوْلُهُ: أَنْ يَجْذِبَ) هُوَ بِكَسْرِ الذَّالِ الْمُعْجَمَةِ وَبَابُهُ ضَرَبَ اهـ مِصْبَاح.
(قَوْلُهُ: وَظَاهِرُ كَلَامِ الْأَصْحَابِ) ضَعِيفٌ.
(قَوْلُهُ: فَلَا يُخَالِفُ مَا قَرَّرْنَاهُ) أَيْ فِي أَنَّ الْجَرَّ قَبْلَ الْإِحْرَامِ مَكْرُوهٌ لَا حَرَامٌ
(قَوْلُهُ: ضَعِيفٌ) أَيْ أَوْ هُوَ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا لَمْ تُوجَدْ قَرِينَةٌ تُغَلِّبُ عَلَى الظَّنِّ صِدْقَهُ.
(قَوْلُهُ: أَوْ بِهِدَايَةِ ثِقَةٍ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِ الْمُصَنِّفِ بِأَنْ كَانَ يَرَاهُ (قَوْلُهُ: لَزِمَتْهُ) أَيْ الْمَأْمُومَ (قَوْلُهُ: وَجَهِلَ الْمَأْمُومُ) أَيْ بِأَنْ لَمْ يَعْلَمْ بِانْتِقَالَاتِهِ إلَّا بَعْدَ رُكْنَيْنِ فِعْلِيَّيْنِ، كَذَا ذَكَرُوهُ هُنَا، وَسَيَأْتِي فِي فَصْلٍ تَجِبُ مُتَابَعَةُ الْإِمَامِ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ: وَلَوْ تَقَدَّمَ بِفِعْلٍ كَرُكُوعٍ إنْ كَانَ: أَيْ تَقَدَّمَهُ بِرُكْنَيْنِ بَطَلَتْ إنْ كَانَ عَامِدًا عَالِمًا بِتَحْرِيمِهِ، بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ سَاهِيًا أَوْ جَاهِلًا فَإِنَّهُ لَا يَضُرُّ غَيْرَ أَنَّهُ لَا يُعْتَدُّ لَهُ بِهِمَا اهـ.
وَعَلَيْهِ فَالْمُرَادُ بِبُطْلَانِ الْقُدْوَةِ لِعَدَمِ الْعِلْمِ هُنَا أَنَّهُ إذَا اقْتَدَى عَلَى وَجْهٍ لَا يَغْلِبُ عَلَى ظَنِّهِ فِيهِ الْعِلْمُ بِانْتِقَالَاتِ الْإِمَامِ لَمْ تَصِحَّ صَلَاتُهُ، بِخِلَافِ مَا إذَا ظَنَّ ذَلِكَ وَعَرَضَ لَهُ مَا مَنَعَهُ عَنْ الْعِلْمِ بِالِانْتِقَالَاتِ، وَعَلَيْهِ فَلَوْ ذَهَبَ الْمُبَلِّغُ وَرَجَى عَوْدَهُ فَاتَّفَقَ مِنْ أَنَّهُ لَمْ يَعُدْ وَلَمْ يَعْلَمْ بِانْتِقَالَاتِ الْإِمَامِ إلَّا بَعْدَ مُضِيِّ رُكْنَيْنِ فَيَنْبَغِي عَدَمُ الْبُطْلَانِ لِعُذْرِهِ كَالْجَاهِلِ
(قَوْلُهُ: أَنْ يَجْمَعَهُمَا مَوْقِفٌ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ مَكَانٌ.
(قَوْلُهُ: عَلَى رِعَايَةِ الِاتِّبَاعِ) أَيْ لَا الِابْتِدَاعِ، فَلَيْسَ لَنَا إحْدَاثُ صِفَةٍ لَمْ تُوجَدْ فِي عَهْدِهِ عليه الصلاة والسلام إلَّا بِدَلِيلٍ كَالْقِيَاسِ عَلَى مَا ثَبَتَ عَنْهُ.
(قَوْلُهُ: إمَّا أَنْ يَكُونَا إلَخْ) بَدَلٌ أَوْ خَبَرٌ لِمَحْذُوفٍ: أَيْ وَهِيَ أَنَّهُ إمَّا أَنْ يَكُونَا إلَخْ.
(قَوْلُهُ: أَوْ يَكُونَ أَحَدُهُمَا بِمَسْجِدٍ إلَخْ) وَفِيهِ
ــ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: فَقَدْ قَالَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ إلَى آخِرِ السِّوَادَةِ) هُوَ نَصُّ عِبَارَةِ فَتَاوَى وَالِدِهِ حَرْفًا بِحَرْفٍ وَإِنْ أَوْهَمَ سِيَاقُهُ خِلَافَهُ (قَوْلُهُ: فِيمَا لَوْ وَقَفَ مَأْمُومٌ عَنْ يَمِينِ إمَامِهِ) أَيْ وَأَحْرَمَ بِقَرِينَةِ مَا بَعْدَهُ (قَوْلُهُ: فَجَاءَ آخَرُ فَأَحْرَمَ) أَيْ أَرَادَ أَنْ يُحْرِمَ بِقَرِينَةِ مَا بَعْدَهُ.
(قَوْلُهُ: قَبْلَ مُضِيِّ مَا يَسَعُ رُكْنَيْنِ) أَيْ فِعْلِيَّيْنِ وَوَجْهُهُ أَنَّهُمَا هُمَا الَّذِي يَضُرُّ التَّأَخُّرُ
صَحَّ الِاقْتِدَاءُ وَإِنْ بَعُدَتْ الْمَسَافَةُ) بَيْنَهُمَا فِيهِ (وَحَالَتْ أَبْنِيَةٌ) مُتَنَافِذَةٌ أَبْوَابُهَا إلَيْهِ أَوْ إلَى سَطْحِهِ كَمَا يُفْهِمُهُ كَلَامُهُمَا خِلَافًا لِمَا يُفْهِمُهُ كَلَامُ الْأَنْوَارِ وَلَوْ مُغْلَقَةً غَيْرَ مُسَمَّرَةٍ كَبِئْرٍ وَسَطْحٍ وَمَنَارَةٍ دَاخِلَةٍ فِيهِ لِأَنَّهُ كُلَّهُ مَبْنِيٌّ لِلصَّلَاةِ، فَالْمُجْتَمِعُونَ فِيهِ مُجْتَمِعُونَ لِإِقَامَةِ الْجَمَاعَةِ مُؤَدُّونَ لِشِعَارِهَا، وَالْمَسَاجِدُ الْمُتَنَافِذَةُ مِثْلُهُ فِي ذَلِكَ وَإِنْ انْفَرَدَ كُلٌّ مِنْهَا بِإِمَامٍ وَمُؤَذِّنٍ وَجَمَاعَةٍ، بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ فِي بِنَاءٍ غَيْرِ نَافِذٍ كَأَنْ سُمِّرَ بَابُهُ وَإِنْ كَانَ الِاسْتِطْرَاقُ يُمْكِنُ مِنْ فُرْجَةٍ مِنْ أَعْلَاهُ فِيمَا يَظْهَرُ لِأَنَّ الْمَدَارَ عَلَى الِاسْتِطْرَاقِ الْعَادِيِّ، وَكَسَطْحِهِ الَّذِي لَيْسَ لَهُ مَرْقَى، أَوْ حَالَ بَيْنَ جَانِبَيْهِ أَوْ بَيْنَ الْمَسْجِدِ وَرَحْبَتِهِ، أَوْ بَيْنَ الْمَسَاجِدِ الْمَذْكُورَةِ نَهْرٌ أَوْ طَرِيقٌ قَدِيمٌ بِأَنْ سَبَقَا وُجُودَهُ أَوْ وُجُودَهَا فَلَا يَكُونُ كَالْمَسْجِدِ بَلْ كَمَسْجِدٍ وَغَيْرِهِ وَسَيَأْتِي. عُلِمَ أَنَّهُ يَضُرُّ الشُّبَّاكُ، فَلَوْ وَقَفَ مِنْ وَرَائِهِ بِجِدَارِ الْمَسْجِدِ ضَرَّ كَمَا هُوَ الْمَنْقُولُ فِي الرَّافِعِيِّ أَخْذًا مِنْ شَرْطِهِ كَالرَّوْضَةِ وَالْمَجْمُوعِ وَغَيْرِهِمَا تَنَافُذَ أَبْنِيَةِ الْمَسْجِدِ، فَقَوْلُ الْإِسْنَوِيُّ لَا يَضُرُّ سَهْوٌ كَمَا قَالَهُ الْحِصْنِيُّ.
وَمِثْلُ الْمَسْجِدِ رَحْبَتُهُ، وَهُوَ مَا كَانَ خَارِجَهُ مَحُوطًا عَلَيْهِ لِأَجْلِهِ فِي الْأَصَحِّ وَلَمْ يُعْلَمْ كَوْنُهَا شَارِعًا قَبْلَ ذَلِكَ أَوْ نَحْوَهُ سَوَاءٌ أَعَلِمَ وَقْفِيَّتَهَا مَسْجِدًا أَمْ جَهِلَ أَمْرَهَا عَمَلًا بِالظَّاهِرِ وَهُوَ التَّحْوِيطُ عَلَيْهَا وَإِنْ كَانَتْ مُنْتَهَكَةً غَيْرَ مُحْتَرَمَةٍ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمَا
ــ
[حاشية الشبراملسي]
صُورَتَانِ: وَذَلِكَ إمَّا أَنْ يَكُونَ الْإِمَامُ فِي الْمَسْجِدِ وَالْمَأْمُومُ خَارِجَهُ، أَوْ بِالْعَكْسِ.
(قَوْلُهُ: مُتَنَافِذَةٌ أَبْوَابُهَا) قَالَ م ر: الْمُرَادُ نَافِذَةٌ نُفُوذًا يُمْكِنُ اسْتِطْرَاقُهُ عَادَةً فَلَا بُدَّ فِي كُلٍّ مِنْ الْبِئْرِ وَالسَّطْحِ مِنْ إمْكَانِ الْمُرُورِ مِنْهُمَا إلَى الْمَسْجِدِ عَادَةً بِأَنْ يَكُونَ لَهُمَا مَرْقًى إلَى الْمَسْجِدِ حَتَّى قَالَ فِي دِكَّةِ الْمُؤَذِّنِينَ فِي الْمَسْجِدِ: لَوْ رُفِعَ سُلَّمُهَا امْتَنَعَ اقْتِدَاءُ مَنْ بِهَا بِمَنْ فِي الْمَسْجِدِ لِعَدَمِ إمْكَانِ الْمُرُورِ عَادَةً انْتَهَى سم عَلَى مَنْهَجٍ. أَقُولُ: وَمَحَلُّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ لِلدِّكَّةِ بَابٌ مِنْ سَطْحِ الْمَسْجِدِ وَإِلَّا صَحَّ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ قَوْلِهِ فِي الشَّارِحِ مُتَنَافِذَةٌ أَبْوَابُهَا إلَيْهِ إلَخْ، وَقَوْلُهُ يُمْكِنُ اسْتِطْرَاقُهُ عَادَةً يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ سَلَالِمَ الْآبَارِ الْمُعْتَادَةَ الْآنَ لِلنُّزُولِ مِنْهَا لِإِصْلَاحِ الْبِئْرِ وَمَا فِيهَا لَا يُكْتَفَى بِهَا، لِأَنَّهُ لَا يَسْتَطْرِقُ مِنْهَا إلَّا مَنْ لَهُ خِبْرَةٌ وَعَادَةٌ بِنُزُولِهَا، بِخِلَافِ غَالِبِ النَّاسِ فَتَنَبَّهْ لَهُ.
(قَوْلُهُ: أَوْ إلَى سَطْحِهِ) أَيْ وَإِنْ خَرَجَ بَعْضُ الْمَمَرِّ عَنْ الْمَسْجِدِ حَيْثُ كَانَ الْبَابُ فِي الْمَسْجِدِ كَمَا هُوَ الْفَرْضُ وَلَمْ تَطُلْ الْمَسَافَةُ عُرْفًا فِيمَا يَظْهَرُ.
(قَوْلُهُ: وَلَوْ مُغْلَقَةً) أَيْ وَإِنْ ضَاعَ مِفْتَاحُ الْغَلْقِ لِأَنَّهُ يُمْكِنُ فَتْحُهُ بِدُونِهِ، وَمِنْ الْغَلْقِ الْقَفْلُ فَلَا يَضُرُّ.
[فَرْعٌ] سُئِلَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ عَمَّنْ يُصَلِّي عَلَى سُلَّمِ الْمَدْرَسَةِ الْغُورِيَّةِ خَلْفَ إمَامِهَا هَلْ يَصِحُّ اقْتِدَاؤُهُ بِهِ؟ فَأَفْتَى بِأَنَّهُ إنْ ثَبَتَ أَنَّ وَاقِفَهَا وَقَفَهَا مَسْجِدًا أَوْ جَامِعًا صَحَّ وَإِلَّا فَلَا م ر اهـ. وَيَدْخُلُ تَحْتَ قَوْلِهِ وَإِلَّا فَلَا مَا إذَا شَكَّ اهـ: أَيْ وَالْمَشْهُورُ الْآنَ فِيمَا بَيْنَهُمْ أَنَّ السُّلَّمَ مَعَ الْفُسْحَةِ الْمُلْتَصِقَةِ بِهِ عَنْ يَسَارِ الدَّاخِلِ لَيْسَتْ مَسْجِدًا.
(قَوْلُهُ: غَيْرَ مُسَمَّرَةٍ) ظَاهِرُهُ سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ فِي الِابْتِدَاءِ أَوْ فِي الْأَثْنَاءِ، وَيَنْبَغِي عَدَمُ الضَّرَرِ فِيمَا لَوْ سُمِّرَتْ فِي الْأَثْنَاءِ أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي فِيمَا لَوْ بُنِيَ بَيْنَ الْإِمَامِ وَالْمَأْمُومِ حَائِلٌ مِنْ أَنَّهُ لَا يَضُرُّ، وَعَلَّلَهُ بِأَنَّهُ يُغْتَفَرُ فِي الدَّوَامِ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي الِابْتِدَاءِ.
(قَوْلُهُ: وَمَنَارَةٌ دَاخِلَةٌ فِيهِ) عِبَارَةُ ابْنِ حَجَرٍ وَمَنَارَتُهُ الَّتِي بَابُهَا فِيهِ اهـ.
وَقَضِيَّتُهَا أَنَّ مُجَرَّدَ كَوْنِ بَابِهَا فِيهِ كَافٍ فِي عَدِّهَا مِنْ الْمَسْجِدِ وَإِنْ لَمْ تَدْخُلْ فِي وَقْفِيَّتِهِ وَخَرَجَتْ عَنْ سَمْتِ بِنَائِهِ، وَمَا قُلْنَاهُ فِيمَا لَوْ خَرَجَ بَعْضُ الْمَمَرِّ عَنْ الْمَسْجِدِ مُوَافِقٌ لَهُ.
(قَوْلُهُ: فَلَا وَقْفَ مِنْ وَرَائِهِ بِجِدَارِ الْمَسْجِدِ إلَخْ) أَيْ وَالْحَالُ أَنَّ الشُّبَّاكَ مِنْ جُمْلَةِ الْجِدَارِ لِأَنَّ هَذَا مَحَلُّ خِلَافٍ. الْإِسْنَوِيُّ.
(قَوْلُهُ: فَقَوْلُ الْإِسْنَوِيِّ لَا يَضُرُّ) أَيْ الشُّبَّاكُ.
(قَوْلُهُ: وَمِثْلُ الْمَسْجِدِ رَحْبَتُهُ) أَيْ فِي صِحَّةِ اقْتِدَاءِ مَنْ فِيهَا بِإِمَامِ الْمَسْجِدِ وَإِنْ بَعُدَتْ الْمَسَافَةُ وَحَالَتْ أَبْنِيَةٌ نَافِذَةٌ.
(قَوْلُهُ: وَهُوَ مَا كَانَ خَارِجُهُ مُحَوَّطًا إلَخْ) وَإِنْ كَانَ بَيْنَهُمَا طَرِيقٌ اهـ ابْنُ حَجَرٍ، وَظَاهِرٌ أَنَّ الطَّرِيقَ إنْ كَانَ قَدِيمًا عَلَى الرَّحْبَةِ وَالْمَسْجِدِ كَانَا الْمَسْجِدُ وَغَيْرُهُ كَمَا مَرَّ وَإِلَّا فَلَا، وَذُكِرَ مُرَاعَاةً لِلْخَبَرِ أَوْ لِتَأْوِيلِ الرَّحْبَةِ بِالْمَكَانِ.
ــ
[حاشية الرشيدي]
أَوْ التَّقَدُّمِ بِهِمَا كَمَا يَأْتِي.
(قَوْلُهُ: أَوْ إلَى سَطْحِهِ) أَيْ الَّذِي هُوَ مِنْهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ مِمَّا يَأْتِي: أَيْ وَالصُّورَةُ أَنَّ السَّطْحَ نَافِذٌ إلَى الْمَسْجِدِ أَخْذًا مِنْ شَرْطِ التَّنَافُذِ الْآتِي فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: كَبِئْرٍ إلَخْ) مِثَالٌ لِلْأَبْنِيَةِ.
وَجَرَى عَلَيْهِ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ، وَخَرَجَ بِالرَّحْبَةِ الْحَرِيمُ، وَهُوَ الْمَوْضِعُ الْمُتَّصِلُ بِهِ الْمُهَيَّأُ لِمَصْلَحَتِهِ كَانْصِبَابِ الْمَاءِ وَطَرْحِ الْقُمَامَاتِ فِيهِ فَلَيْسَ لَهُ حُكْمُهُ فِيمَا مَرَّ وَلَا فِي غَيْرِهِ، وَيَلْزَمُ الْوَاقِفَ تَمْيِيزُ الرَّحْبَةِ مِنْ الْحَرِيمِ كَمَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ لِتُعْطَى حُكْمَ الْمَسْجِدِ، وَلَوْ حَالَ بَيْنَ الْمَسْجِدَيْنِ أَوْ الْمَسَاجِدِ أَوْ الْمَسْجِدِ نَهْرٌ طَارِئٌ بِأَنْ حُفِرَ بَعْدَ حُدُوثِهَا لَمْ يُخْرِجْهَا عَنْ كَوْنِهَا كَمَسْجِدٍ وَاحِدٍ وَكَالنَّهْرِ فِيمَا ذُكِرَ الطَّرِيقُ.
(وَلَوْ)(كَانَا) أَيْ الْإِمَامُ وَالْمَأْمُومُ (بِفَضَاءٍ) أَيْ مَكَان وَاسِعٍ كَصَحْرَاءَ أَوْ بَيْتٍ كَذَلِكَ وَكَمَا لَوْ وَقَفَ أَحَدُهُمَا بِسَطْحٍ وَالْآخَرُ بِسَطْحٍ وَإِنْ حَالَ بَيْنَهُمَا شَارِعٌ وَنَحْوُهُ (شَرَطَ أَنْ لَا يَزِيدَ مَا بَيْنَهُمَا عَلَى ثَلَثِمِائَةِ ذِرَاعٍ) بِذِرَاعِ الْيَدِ الْمُعْتَدِلَةِ وَهُوَ شِبْرَانِ (تَقْرِيبًا) إذْ لَا ضَابِطَ لَهُ شَرْعًا وَلَا لُغَةً، فَلَا تَضُرُّ زِيَادَةٌ غَيْرُ مُتَفَاحِشَةٍ كَثَلَاثَةِ أَذْرُعٍ وَنَحْوِهَا وَمَا قَارَبَهَا، لِأَنَّ الْعُرْفَ يَعُدُّهُمَا مُجْتَمِعِينَ فِي هَذَا دُونَ مَا زَادَ عَلَيْهِ (وَقِيلَ تَحْدِيدًا) فَتَضُرُّ أَيُّ زِيَادَةٍ كَانَتْ، وَغَلَّطَ الْمَاوَرْدِيُّ قَائِلَهُ وَكَأَنَّهُمْ إنَّمَا اغْتَفَرُوا الثَّلَاثَةَ هُنَا وَلَمْ يَغْتَفِرُوا فِي الْقُلَّتَيْنِ أَكْثَرَ مِنْ رِطْلَيْنِ عَلَى مَا مَرَّ، لِأَنَّ الْمَدَارَ هُنَا عَلَى الْعُرْفِ، وَثُمَّ عَلَى قُوَّةِ الْمَاءِ وَعَدَمِهَا، وَلِأَنَّ الْوَزْنَ أَضْبَطُ مِنْ الذَّرْعِ فَضَايَقُوا ثُمَّ أَكْثَرَ مِمَّا ضَايَقُوا هُنَا لِأَنَّهُ اللَّائِقُ، وَهَذَا التَّقْدِيرُ مَأْخُوذٌ مِنْ الْعُرْفِ (فَإِنْ تَلَاحَقَ) أَيْ وَقَفَ خَلْفَ الْإِمَامِ (شَخْصَانِ أَوْ صَفَّانِ) مُتَرَتِّبَانِ وَرَاءَهُ أَوْ عَنْ يَمِينِهِ أَوْ عَنْ يَسَارِهِ (اُعْتُبِرَتْ الْمَسَافَةُ) الْمَذْكُورَةُ (بَيْنَ) الصَّفِّ أَوْ الشَّخْصِ (الْأَخِيرِ وَ) الصَّفِّ أَوْ الشَّخْصِ (الْأَوَّلِ) لِأَنَّ الْأَوَّلَ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ كَإِمَامِ الْأَخِيرِ، فَإِنْ تَعَدَّدَ الْأَشْخَاصُ أَوْ الصُّفُوفِ اُعْتُبِرَتْ بَيْنَ كُلِّ صَفَّيْنِ أَوْ شَخْصَيْنِ، وَإِنْ بَلَغَ مَا بَيْنَ الْأَخِيرِ وَالْإِمَامِ فَرَاسِخَ بِشَرْطِ إمْكَانِ مُتَابَعَتِهِ لَهُ (وَسَوَاءٌ) فِيمَا ذَكَرَ (الْفَضَاءُ الْمَمْلُوكُ وَالْوَقْفُ وَالْمُبَعَّضُ) أَيْ الَّذِي بَعْضُهُ وَقْفٌ وَبَعْضُهُ مِلْكٌ وَالْمَوَاتُ الْخَالِصُ وَالْمُبَعَّضُ أَيْ الَّذِي بَعْضُهُ مِلْكٌ وَبَعْضُهُ مَوَاتٌ كَمَا ذَكَرَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَيُمْكِنُ دُخُولُهُ تَحْتَ إطْلَاقِ الْمُبَعَّضِ مَعَ عَدَمِ رِعَايَةِ قِبَلِهِ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
قَوْلُهُ: نَهْرٌ طَارِئٌ) أَيْ تَيَقَّنَ طُرُوَّهُ، بِخِلَافِ مَا لَوْ شَكَّ سم عَلَى مَنْهَجٍ: أَيْ فَلَا يَكُونَانِ كَالْمَسْجِدِ الْوَاحِدِ، وَعَلَى هَذَا فَحُكْمُ الطَّرِيقِ يُخَالِفُ حُكْمَ الرَّحْبَةِ فِي صُورَةِ الشَّكِّ لِمَا مَرَّ فِي قَوْلِ الشَّارِحِ سَوَاءٌ أَعَلِمَ وَقْفِيَّتَهَا مَسْجِدًا أَمْ جَهِلَ أَمْرَهَا عَمَلًا بِالظَّاهِرِ
(قَوْلُهُ: أَوْ بَيْتٌ كَذَلِكَ) أَيْ وَاسِعٌ.
(قَوْلُهُ: وَالْآخَرُ بِسَطْحٍ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ إمْكَانُ الْوُصُولِ مِنْ أَحَدِ السَّطْحَيْنِ إلَى الْآخَرِ عَادَةً، وَبِهِ صَرَّحَ سم عَلَى مَنْهَجٍ عَنْ الشَّارِحِ أَوَّلًا، ثُمَّ قَالَ: لَكِنَّهُ بَعْدَ ذَلِكَ قَالَ: إنَّ الْأَقْرَبَ أَنَّ شَرْطَ الصِّحَّةِ إمْكَانُ الْمُرُورِ مِنْ أَحَدِ السَّطْحَيْنِ إلَى الْآخَرِ عَلَى الْعَادَةِ اهـ، وَسَيَأْتِي فِي كَلَامِهِ (قَوْلُهُ: كَثَلَاثَةِ أَذْرُعٍ وَنَحْوِهَا) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ يُغْتَفَرُ سِتَّةُ أَذْرُعٍ لِأَنَّ نَحْوَ الثَّلَاثَةِ مِثْلُهَا، وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِهِ مَا دُونَهَا لِئَلَّا يَتَّحِدَ مَعَ قَوْلِهِ وَمَا قَارَبَهَا، لَكِنَّ فِي كَلَامِ سم عَلَى مَنْهَجٍ مَا سَيَأْتِي وَهُوَ الْأَقْرَبُ، وَيُمْكِنُ أَنْ يُجْعَلَ قَوْلُهُ وَمَا قَارَبَهَا عَطْفُ تَفْسِيرٍ لِلنَّحْوِ وَيَدُلُّ لَهُ قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا اغْتَفَرُوا الثَّلَاثَةَ إلَخْ.
(قَوْلُهُ: وَمَا قَارَبَهَا) أَيْ مِمَّا هُوَ دُونَ الثَّلَاثَةِ لَا مَا زَادَ، فَقَدْ نَقَلَ سم عَلَى مَنْهَجٍ عَنْ الشَّارِحِ أَنَّهُ يُعْتَمَدُ التَّقْيِيدُ بِالثَّلَاثَةِ وَقَوْلُهُ لِأَنَّ الْعُرْفَ عَمِيرَةُ. قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَلِأَنَّ صَوْتَ الْإِمَامِ عِنْدَ الْجَهْرِ الْمُعْتَادِ يَبْلُغُ الْمَأْمُومَ غَالِبًا فِي هَذِهِ الْمَسَافَةِ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ.
وَنُقِلَ بِالدَّرْسِ عَنْ وَالِدِ الشَّارِحِ أَنَّهُ تَضُرُّ الزِّيَادَةُ عَلَى الثَّلَاثَةِ نَقْلًا عَنْ حَوَاشِي الرَّوْضِ.
(قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْعُرْفَ إلَخْ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ حَلَفَ لَا يَجْتَمِعُ مَعَهُ فِي مَكَان وَاجْتَمَعَا فِي ذَلِكَ الْحِنْثُ، وَلَعَلَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ وَأَنَّ الْعُرْفَ فِي الْأَيْمَانِ غَيْرُهُ هُنَا بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَوْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ عَلَيْهِ فِي مَكَان، أَوْ لَا يَجْتَمِعُ عَلَيْهِ فِيهِ فَاجْتَمَعَ بِهِ فِي مَسْجِدٍ أَوْ نَحْوِهِ لَمْ يَحْنَثْ وَقَوْلُهُ وَنَحْوِهِ: أَيْ كَالْقَهْوَةِ وَالْحَمَّامِ وَالْوَلِيمَةِ.
(قَوْلُهُ: اُعْتُبِرَتْ) أَيْ الْمَسَافَةُ.
(قَوْلُهُ: كَمَا ذَكَرَهُ فِي الْمُحَرَّرِ) الْمُتَبَادَرُ مِنْ كَلَامِ الْمَحَلِّيِّ أَنَّ الْمَذْكُورَ فِي الْمُحَرَّرِ هُوَ الْمَوَاتُ الْخَالِصُ.
(قَوْلُهُ: وَيُمْكِنُ دُخُولُهُ) أَيْ الْمُبَعَّضُ.
(قَوْلُهُ: مَعَ عَدَمِ رِعَايَةِ مَا قَبْلَهُ) وَهُوَ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ: الْمَمْلُوكُ وَالْمَوْقُوفُ
ــ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: الَّذِي بَعْضُهُ مِلْكٌ وَبَعْضُهُ مَوَاتٌ) أَيْ مُعَيَّنَيْنِ إذْ لَا تُتَصَوَّرُ الْإِشَاعَةُ هُنَا كَمَا لَا يَخْفَى.
وَسَوَاءٌ فِي ذَلِكَ الْمُحَوَّطُ وَالْمُسَقَّفُ وَغَيْرُهُ (وَلَا يَضُرُّ) فِي الْحَيْلُولَةِ بَيْنَ الْإِمَامِ وَالْمَأْمُومِ (الشَّارِعُ الْمَطْرُوقُ) بِالْفِعْلِ فَلَا يَرُدُّ عَلَيْهِ أَنَّ كُلَّ شَارِعٍ يَكُونُ مَطْرُوقًا، أَوْ الْمُرَادُ بِهِ كَثِيرُ الطُّرُوقِ لِكَوْنِهِ مَحَلُّ الْخِلَافِ عَلَى مُدَّعَى الْإِسْنَوِيِّ، وَرُدَّ بِأَنَّ ابْنَ الرِّفْعَةَ حَكَى الْخِلَافَ مَعَ عَدَمِ الطُّرُوقِ فِيمَا لَوْ وَقَفَ بِسَطْحِ بَيْتِهِ وَالْإِمَامُ بِسَطْحِ الْمَسْجِدِ وَبَيْنَهُمَا هَوَاءٌ، فَعَنْ الزَّجَّاجِيِّ الصِّحَّةُ وَهُوَ الْأَصَحُّ: أَيْ مَعَ إمْكَانِ التَّوَصُّلِ لَهُ عَادَةً، وَعَنْ غَيْرِهِ الْمَنْعُ (وَالنَّهْرُ الْمُحْوِجُ إلَى سِبَاحَةٍ) بِكَسْرِ السِّينِ: أَيْ عَوْمٍ (عَلَى الصَّحِيحِ) فِيهِمَا لِكَوْنِهِ غَيْرَ مُعَدٍّ لِلْحَيْلُولَةِ عُرْفًا كَمَا لَوْ كَانَا فِي سَفِينَتَيْنِ مَكْشُوفَتَيْنِ فِي الْبَحْرِ.
وَالثَّانِي يَضُرُّ ذَلِكَ. أَمَّا الشَّارِعُ فَقَدْ تَكْثُرُ فِيهِ الزَّحْمَةُ فَيَعْسُرُ الِاطِّلَاعُ عَلَى أَحْوَالِ الْإِمَامِ.
وَأَمَّا النَّهْرُ فَقِيَاسًا عَلَى حَيْلُولَةِ الْجِدَارِ.
وَأَجَابَ الْأَوَّلُ بِمَنْعِ الْعُسْرِ وَالْحَيْلُولَةِ الْمَذْكُورَيْنِ.
أَمَّا الشَّارِعُ غَيْرُ الْمَطْرُوقِ وَالنَّهْرُ الَّذِي يُمْكِنُ الْعُبُورُ مِنْ أَحَدِ طَرَفَيْهِ مِنْ غَيْرِ سِبَاحَةٍ بِالْوُثُوبِ فَوْقَهُ أَوْ الْمَشْيِ فِيهِ أَوْ عَلَى جِسْرٍ مَمْدُودٍ عَلَى حَافَّتَيْهِ فَغَيْرُ مُضِرٍّ جَزْمًا.
(فَإِنْ)(كَانَا) أَيْ الْإِمَامُ وَالْمَأْمُومُ (فِي بِنَاءَيْنِ)(كَصَحْنٍ وَصُفَّةٍ أَوْ) صَحْنٍ أَوْ صُفَّةٍ (وَبَيْتٍ) مِنْ مَكَان وَاحِدٍ كَمَدْرَسَةٍ مُشْتَمِلَةٍ عَلَى ذَلِكَ أَوْ مَكَانَيْنِ وَقَدْ حَاذَى الْأَسْفَلُ الْأَعْلَى إنْ كَانَا عَلَى مَا يَأْتِي عَنْ الرَّافِعِيِّ (فَطَرِيقَانِ أَصَحُّهُمَا إنْ كَانَ بِنَاءُ الْمَأْمُومِ) أَيْ مَوْقِفُهُ (يَمِينًا) لِلْإِمَامِ (أَوْ شِمَالًا) لَهُ (وَجَبَ اتِّصَالُ صَفٍّ مِنْ أَحَدِ الْبِنَاءَيْنِ بِالْآخَرِ) إذْ اخْتِلَافُ الْأَبْنِيَةِ يُوجِبُ التَّفْرِيقَ، فَاشْتَرَطَ الِاتِّصَالَ لِيَحْصُلَ الرَّبْطُ بِالِاجْتِمَاعِ، وَمَا سِوَى هَذَيْنِ مِنْ أَهْلِ الْبِنَاءَيْنِ لَا يَضُرُّ بُعْدُهُمْ عَنْهُمَا بِثَلَاثِمِائَةِ ذِرَاعٍ فَمَا دُونَهَا، وَلَا يُكْتَفَى عَنْ ذَلِكَ بِوُقُوفٍ وَاحِدٍ طَرَفُهُ بِهَذَا الْبِنَاءِ وَطَرَفُهُ بِهَذَا الْبِنَاءِ لِكَوْنِهِ لَا يُسَمَّى صَفًّا فَيَنْبَغِي الِاتِّصَالُ (وَلَا تَضُرُّ فُرْجَةٌ) بَيْنَ الْمُتَّصِلَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ (لَا تَسَعُ وَاقِفًا) أَوْ تَسَعُهُ مِنْ غَيْرِ إمْكَانِ الْوُقُوفِ فِيهَا كَعَتَبَةٍ (فِي الْأَصَحِّ) لِاتِّحَادِ الصَّفِّ مَعَهَا عُرْفًا.
وَالثَّانِي تَضُرُّ نَظَرًا لِلْحَقِيقَةِ، فَإِنْ وَسِعَتْ وَاقِفًا فَأَكْثَرَ وَلَمْ يَتَعَذَّرْ الْوُقُوفُ عَلَيْهَا ضَرَّ (وَإِنْ كَانَ) الْوَاقِفُ (خَلْفَ بِنَاءِ الْإِمَامِ)(فَالصَّحِيحُ صِحَّةُ الْقُدْوَةِ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَكُونَ بَيْنَ الصَّفَّيْنِ) أَوْ الشَّخْصَيْنِ الْوَاقِفَيْنِ بِطَرَفِي الْبِنَاءَيْنِ (أَكْثَرُ مِنْ ثَلَاثَةِ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
قَوْلُهُ الْمُسَقَّفُ) أَيْ كُلًّا أَوْ بَعْضًا.
(قَوْلُهُ: مَعَ إمْكَانِ التَّوَصُّلِ لَهُ عَادَةً) أَيْ بِأَنْ يَكُونَ لِكُلٍّ مِنْ السَّطْحَيْنِ إلَى الشَّارِعِ الَّذِي بَيْنَهُمَا سُلَّمٌ يُسْلَكُ عَادَةً سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: وَعَنْ غَيْرِهِ الْمَنْعُ) أَقُولُ: يُمْكِنُ حَمْلُهُ عَلَى مَا إذَا لَمْ يُمْكِنْ التَّوَصُّلُ مِنْهُ إلَيْهِ عَادَةً.
(قَوْلُهُ: وَالنَّهْرُ الْمُحْوِجُ إلَى سِبَاحَةٍ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُحْسِنْهَا.
وَقَالَ ابْنُ حَجَرٍ فِي شَرْحِ الْحَضْرَمِيَّةِ: وَلَا يَضُرُّ تَخَلُّلُ الشَّارِعِ وَالنَّهْرِ الْكَبِيرِ وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ عُبُورُهُ وَالنَّارِ وَنَحْوِهَا، وَلَا يَضُرُّ تَخَلُّلُ الْبَحْرِ بَيْنَ السَّفِينَتَيْنِ لِأَنَّ هَذِهِ لَا تُعَدُّ لِلْحَيْلُولَةِ فَلَا يُسَمَّى وَاحِدٌ مِنْهَا حَائِلًا عُرْفًا.
(قَوْلُهُ: لِلْحَيْلُولَةِ عُرْفًا) وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ عَدَمِ زِيَادَةِ الْمَسَافَةِ بَيْنَهُمَا عَلَى ثَلَاثِمِائَةِ ذِرَاعٍ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ: مَكْشُوفَتَيْنِ) أَيْ أَمَّا الْمُسَقَّفَتَانِ فَكَالدَّارَيْنِ كَمَا يَأْتِي: أَيْ لِلشَّارِحِ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ شُرِطَ مُحَاذَاةُ بَعْضِ بَدَنِهِ.
(قَوْلُهُ: أَمَّا الشَّارِعُ إلَخْ) تَوْجِيهٌ لِلثَّانِي (قَوْلُهُ فَغَيْرُ مُضِرٍّ) هَذَا بِالنِّسْبَةِ لِلشَّارِعِ يُشْكِلُ بِمَا تَقَدَّمَ عَنْ ابْنِ الرِّفْعَةِ: أَيْ بِمُلَاحَظَةِ قَوْلِ الشَّارِحِ فِي بَيَانِهِ: أَيْ مَعَ إمْكَانِ التَّوَصُّلِ لَهُ عَادَةً إلَّا أَنْ يُرَادَ بِغَيْرِ الْمَطْرُوقِ فِي كَلَامِهِ مَطْرُوقٌ لَمْ يَكْثُرُ طُرُوقُهُ أَوْ لَمْ تَجْرِ الْعَادَةُ بِالْمُرُورِ فِيهِ أَصْلًا
(قَوْلُهُ: فَإِنْ كَانَا إلَخْ) قَسِيمُ قَوْلِهِ وَلَوْ كَانَا بِقَضَاءٍ إلَخْ.
(قَوْلُهُ: فَطَرِيقَانِ أَصَحُّهُمَا إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُحَرَّرِ أَوْلَاهُمَا وَلَمْ يُصَرِّحْ فِي غَيْرِهِ بِتَرْجِيحٍ اهـ عَمِيرَةُ.
لَكِنَّ التَّرْجِيحَ مُرَادٌ بِقَوْلِهِ أَوْلَاهُمَا، فَعِبَارَةُ الْمُصَنِّفِ مُسَاوِيَةٌ لِأَصْلِهِ، وَقَوْلُهُ أَصَحُّهُمَا: أَيْ عِنْدَ الرَّافِعِيِّ.
(قَوْلُهُ: وَجَبَ اتِّصَالُ صَفٍّ إلَخْ) لَيْسَ بِقَيْدٍ بَلْ لَوْ وَقَفَ الْإِمَامُ بِالصِّفَةِ وَالْمَأْمُومُ بِالصَّحْنِ كَفَى عَلَى هَذَا.
(قَوْلُهُ: وَطَرَفُهُ بِهَذَا الْبِنَاءِ) أَيْ وَإِنْ اعْتَمَدَ
ــ
[حاشية الرشيدي]
كَقَوْلِهِ كَصَحْنٍ وَصِفَةٍ) إشَارَةٌ إلَى أَنَّ بَيْتَ فِي الْمَتْنِ يَصِحُّ عَطْفُهُ عَلَى قَوْلِهِ كَصَحْنٍ فَيُقَدَّرُ لَفْظُهُ بَعْدَ أَوْ وَيَصِحُّ عَطْفُهُ عَلَى قَوْلِهِ صِفَةٍ فَيُقَدَّرُ لَفْظُهَا بَعْدَ أَوْ
أَذْرُعٍ) تَقْرِيبًا لِأَنَّ هَذَا الْمِقْدَارَ غَيْرُ مُخْلٍ بِالِاتِّصَالِ الْعُرْفِيِّ بِخِلَافِ مَا زَادَ عَلَيْهَا (وَالطَّرِيقُ الثَّانِي لَا يُشْتَرَطُ إلَّا الْقُرْبُ) فِي جَمِيعِ الْأَحْوَالِ الْمُتَقَدِّمَةِ بِأَنْ لَا يَزِيدَ مَا بَيْنَهُمَا عَلَى ثَلَثمِائَةِ ذِرَاعٍ (كَالْفَضَاءِ) أَيْ بِالْقِيَاسِ عَلَيْهِ، إذْ الْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ الْعُرْفُ وَهُوَ غَيْرُ مُخْتَلِفٍ، فَمَنْشَأُ الْخِلَافِ الْعُرْفُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ وَمَحَلُّ الِاكْتِفَاءِ بِالْقُرْبِ عَلَى هَذَا (إنْ لَمْ يَكُنْ حَائِلٌ) يَمْنَعُ الِاسْتِطْرَاقَ بِأَنْ كَانَ يَرَى إمَامَهُ أَوْ بَعْضَ مَنْ اقْتَدَى بِهِ مَعَ تَمَكُّنِهِ مِنْ ذَهَابِهِ إلَيْهِ لَوْ قَصَدَهُ مِنْ غَيْرِ إخْلَالٍ بِالِاسْتِقْبَالِ وَغَيْرِ انْعِطَافٍ وَازْوِرَارٍ، بِالْقَيْدِ الْآتِي فِي أَبِي قُبَيْسٍ (أَوْ حَالَ) بَيْنَهُمَا حَائِلٌ فِيهِ (بَابٌ نَافِذٌ) كَمَا قَالَهُ الشَّارِحُ رَدًّا لِمَنْ اعْتَرَضَ عَلَى الْمُصَنِّفِ بِأَنَّ النَّافِدَ لَيْسَ بِحَائِلٍ وَأَنَّ صَوَابَهُ كَمَا فِي الْمُحَرَّرِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ بَيْنَ الْبِنَاءَيْنِ حَائِلٌ أَوْ كَانَ بَيْنَهُمَا بَابٌ نَافِذٌ وَلَا بُدَّ مِنْ أَنْ يَقِفَ بِحِذَائِهِ صَفٌّ أَوْ رَجُلٌ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا، وَهَذَا الْوَاقِفُ بِإِزَاءِ الْمَنْفَذِ كَالْإِمَامِ بِالنِّسْبَةِ لِمَنْ خَلْفَهُ لَا يُحْرِمُونَ قَبْلَهُ وَلَا يَرْكَعُونَ قَبْلَ رُكُوعِهِ وَلَا يُسَلِّمُونَ قَبْلَ سَلَامِهِ وَلَا يَتَقَدَّمُ الْمُقْتَدِي عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ مُتَأَخِّرًا عَنْ الْإِمَامِ وَيُؤْخَذُ مِنْ جَعْلِهِ كَالْإِمَامِ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ مِمَّنْ يَصِحُّ اقْتِدَاؤُهُ بِهِ، وَهُوَ كَذَلِكَ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
عَلَى الطَّرَفَيْنِ.
(قَوْلُهُ: وَازْوِرَارٍ) عَطْفُ تَفْسِيرٍ (قَوْلُهُ: بِالْقَيْدِ الْآتِي) أَيْ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَكَذَا الْبَابُ الْمَرْدُودُ وَالشُّبَّاكُ فِي الْأَصَحِّ، فِي قَوْلِهِ: وَبِمَا تَقَرَّرَ عُلِمَ صِحَّةُ صَلَاةِ الْوَاقِفِ عَلَى أَبِي قُبَيْسٍ بِمَنْ فِي الْمَسْجِدِ إلَخْ.
(قَوْلُهُ: كَمَا قَالَهُ الشَّارِحُ) أَيْ قَالَ مَعْنَى: حَائِلٌ فِيهِ، وَإِلَّا فَعِبَارَتُهُ: أَوْ حَالَ مَا فِيهِ بَابٌ إلَخْ.
(قَوْلُهُ: كَالْإِمَامِ) أَيْ وَمَعَ ذَلِكَ لَوْ سَمِعَ قُنُوتَ الرَّابِطَةِ لَا يُؤَمِّنْ عَلَيْهِ لِأَنَّ الْعِبْرَةَ فِي ذَلِكَ بِالْإِمَامِ الْأَصْلِيِّ، وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ تُكْرَهُ مُسَاوَاتُهُ، وَنَظَرَ فِيهِ سم عَلَى حَجّ وَاسْتَقْرَبَ شَيْخُنَا الشَّوْبَرِيُّ عَدَمَ الْكَرَاهَةِ وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَيُحْتَمَلُ الْكَرَاهَةُ لِتَنْزِيلِهِمْ الرَّابِطَةَ مَنْزِلَةَ الْإِمَامِ فِي عَدَمِ التَّقَدُّمِ عَلَيْهِ فِي الْأَفْعَالِ (قَوْلُهُ: وَلَا يُسَلِّمُونَ قَبْلَ سَلَامِهِ) عُمُومُهُ شَامِلٌ لِمَا لَوْ بَقِيَ عَلَى الرَّابِطَةِ شَيْءٌ مِنْ صَلَاتِهِ كَأَنْ عَلِمَ فِي آخِرِ صَلَاتِهِ أَنَّهُ كَانَ يَسْجُدُ عَلَى كَوْرِ عِمَامَتِهِ مَثَلًا فَقَامَ لِيَأْتِيَ بِمَا عَلَيْهِ فَيَجِبُ عَلَى مَنْ خَلْفَهُ انْتِظَارُ سَلَامِهِ وَهُوَ بَعِيدٌ، بَلْ امْتِنَاعُ سَلَامِ مَنْ خَلْفَهُ قَبْلَ سَلَامِهِ مُشْكِلٌ، وَمِنْ ثَمَّ قَالَ ابْنُ قَاسِمٍ عَلَى حَجّ: قَالَ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ: إنَّ بَعْضَهُمْ نَقَلَ عَنْ بَحْثِ الْأَذْرَعِيِّ أَنَّهُمْ لَا يُسَلِّمُونَ قَبْلَهُ، ثُمَّ نَظَرَ فِيهِ أَيْضًا لِمَنْعِ سَلَامِهِمْ قَبْلَهُ لِانْقِطَاعِ الْقُدْوَةِ بِسَلَامِ الْإِمَامِ، وَيَلْزَمُ مِنْ انْقِطَاعِهَا سُقُوطُ حُكْمِ الرَّابِطَةِ لِصَيْرُورَتِهِمْ مُنْفَرِدِينَ فَلَا مَحْذُورَ فِي سَلَامِهِمْ قَبْلَهُ (قَوْلُهُ وَلَا يَتَقَدَّمُ الْمُقْتَدِي إلَخْ) قَالَ سم عَلَى حَجّ: قَوْلُهُ دُونَ التَّقَدُّمِ بِالْأَفْعَالِ إلَخْ، وَعَلَى مَا قَالَهُ ابْنُ الْمُقْرِي، فَلَوْ تَعَارَضَ مُتَابَعَةُ الْإِمَامِ وَالرَّابِطَةِ بِأَنْ اخْتَلَفَ فِعْلَاهُمَا تَقَدُّمًا وَتَأَخُّرًا فَهَلْ يُرَاعِي الْإِمَامَ أَوْ الرَّابِطَةَ؟ فِيهِ نَظَرٌ. فَإِنْ قُلْنَا: يُرَاعِي الْإِمَامَ دَلَّ ذَلِكَ عَلَى عَدَمِ ضَرَرِ التَّقَدُّمِ عَلَى الرَّابِطَةِ أَوْ يُرَاعِي الرَّابِطَةَ لَزِمَ عَدَمُ ضَرَرِ التَّقَدُّمِ عَلَى الْإِمَامِ وَهُوَ لَا يَصِحُّ، أَوْ يُرَاعِيهِمَا إلَّا إذَا اخْتَلَفَا فَيُرَاعِي الْإِمَامَ، أَوْ إلَّا إذَا اخْتَلَفَا فَالْقِيَاسُ وُجُوبُ الْمُفَارَقَةِ فَلَا يَخْفَى عَدَمُ اتِّجَاهِهِ انْتَهَى.
وَقَدْ يُؤْخَذُ مِنْ تَوَقُّفِهِ فِي وُجُوبِ الْمُفَارَقَةِ وَجَوَازِ التَّأَخُّرِ عَنْ الْإِمَامِ دُونَ مَا عَدَاهُمَا أَنَّ الْأَقْرَبَ عِنْدَهُ مُرَاعَاةُ الْإِمَامِ فَيَتْبَعُهُ، وَلَا يَضُرُّ تَقَدُّمُهُ عَلَى الرَّابِطَةِ، وَرَأَيْت الْجَزْمَ بِهِ بِخَطِّ بَعْضِ الْفُضَلَاءِ، قَالَ: لِأَنَّ الْإِمَامَ هُوَ الْمُقْتَدَى بِهِ فَلْيُتَأَمَّلْ.
قَالَ سم عَلَى حَجّ أَيْضًا: وَلَوْ تَعَدَّدَتْ الرَّابِطَةُ وَقَصَدَ الِارْتِبَاطَ بِالْجَمِيعِ فَهَلْ يَمْتَنِعُ كَالْإِمَامِ؟ مَالَ م ر لِلْمَنْعِ وَيَظْهَرُ خِلَافُهُ، وَقَدْ يَدُلُّ قَوْلُهُ فَلَا يَتَقَدَّمُ عَلَيْهِ إلَخْ بَعْدَ قَوْلِهِ وَاحِدًا: أَيْ سَوَاءٌ كَانَ وَاحِدًا أَوْ أَكْثَرَ عَلَى امْتِنَاعِ تَقْدِيمِهِمْ فِيمَا ذُكِرَ عَلَى الْأَكْثَرِ، وَالظَّاهِرُ وَهُوَ الْوَجْهُ أَنَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ، بَلْ يَكْفِي انْتِفَاءُ التَّقَدُّمِ الْمَذْكُورِ بِالنِّسْبَةِ لِوَاحِدٍ مِنْ الْوَاقِفِينَ، لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يُوجَدْ
ــ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: بِالْقَيْدِ الْآتِي فِي أَبِي قُبَيْسٍ) أَيْ بِأَنْ يَبْقَى ظَهْرُهُ لِلْقِبْلَةِ (قَوْلُهُ: كَمَا قَالَهُ الشَّارِحُ) أَيْ قَوْلُهُ: بَيْنَهُمَا حَائِلٌ فِيهِ (قَوْلُهُ: وَلَا يَرْكَعُونَ قَبْلَ رُكُوعِهِ) شَمِلَ مَا إذَا كَانَ الرَّابِطَةُ مُتَخَلِّفًا بِثَلَاثَةِ أَرْكَانٍ لِعُذْرٍ فَيُغْتَفَرُ لِهَذَا الْمَأْمُومِ مَا يُغْتَفَرُ لَهُ مِمَّا
فِيمَا يَظْهَرُ وَلَمْ أَرَ فِيهِ شَيْئًا، وَلَا يَضُرُّ زَوَالُ هَذَا الرَّابِطَةَ فِي أَثْنَاءِ الصَّلَاةِ فَيُتِمُّونَهَا خَلْفَ الْإِمَامِ حَيْثُ عَلِمُوا بِانْتِقَالَاتِهِ لِأَنَّهُ يُغْتَفَرُ فِي الدَّوَامِ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي الِابْتِدَاءِ.
قَالَ الْبَغَوِيّ فِي فَتَاوِيهِ: وَلَوْ رَدَّ الرِّيحُ الْبَابَ فِي أَثْنَاءِ الصَّلَاةِ فَإِنْ تَمَكَّنَ مِنْ فَتْحِهِ فَعَلَ ذَلِكَ حَالًا وَدَامَ عَلَى مُتَابَعَتِهِ وَإِلَّا فَارَقَهُ، وَيَجُوزُ أَنْ يُقَالَ: انْقَطَعَتْ الْقُدْوَةُ كَمَا لَوْ أَحْدَثَ إمَامُهُ فَإِنْ تَابَعَهُ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ، كَذَا نَقَلَ الْأَذْرَعِيُّ عَنْهَا ذَلِكَ، وَنَقَلَ الْإِسْنَوِيُّ عَنْ فَتَاوَى الْبَغَوِيّ أَنَّهُ لَوْ كَانَ الْبَابُ مَفْتُوحًا وَقْتَ الْإِحْرَامِ فَرَدَّهُ الرِّيحُ فِي أَثْنَاءِ الصَّلَاةِ لَمْ يَضُرَّ انْتَهَى.
وَلَعَلَّ إفْتَاءَ الْبَغَوِيّ تَعَدَّدَ وَالثَّانِي أَوْجَهُ كَنَظَائِرِهِ، وَلَمَّا كَانَ الْأَوَّلُ مُشْكِلًا قَالَ الشَّيْخُ: إنَّ صُورَتَهُ إذَا لَمْ يَعْلَمْ هُوَ وَحْدَهُ انْتِقَالَاتِ الْإِمَامِ بَعْدَ رَدِّ الْبَابِ وَبِأَنَّهُ مُقَصِّرٌ بِعَدَمِ إحْكَامِهِ فَتْحَهُ بِخِلَافِ الْبَقِيَّةِ، وَبِأَنَّ الْحَائِلَ أَشَدُّ مِنْ الْبُعْدِ بِدَلِيلِ أَنَّ الْحَائِلَ فِي الْمَسْجِدِ يَضُرُّ بِخِلَافِ الْبُعْدِ، وَلَوْ بُنِيَ بَيْنَ الْإِمَامِ وَالْمَأْمُومِ حَائِلٌ لَمْ يَضُرَّ كَمَا رَجَّحَهُ ابْنُ الْعِمَادِ وَالْأَذْرَعِيُّ آخِذًا بِعُمُومِ الْقَاعِدَةِ السَّابِقَةِ، وَظَاهِرُ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
إلَّا هُوَ كَفَى مُرَاعَاتُهُ انْتَهَى.
(قَوْلُهُ: فِيمَا يَظْهَرُ) أَيْ خِلَافًا لِابْنِ حَجَرٍ رحمه الله وَعِبَارَتِهِ، وَمِنْ ثَمَّ اتَّجَهَ جَوَازُ كَوْنِهِ امْرَأَةً وَإِنْ كَانَ مَنْ خَلْفَهُ رِجَالًا اهـ. وَلَعَلَّ قَوْلَهُ وَلَمْ أَرَ فِيهِ شَيْئًا: أَنَّهُ لَمْ يَرَ فِيهِ نَقْلًا لِبَعْضِ الْمُتَقَدِّمِينَ.
(قَوْلُهُ: فَإِنْ تَمَكَّنَ) أَيْ الْمُقْتَدِي.
(قَوْلُهُ: انْقَطَعَتْ الْقُدْوَةُ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ حَيْثُ قُلْنَا بِانْقِطَاعِ الْقُدْوَةِ لَا تَجِبُ نِيَّةُ الْمُفَارَقَةِ لَا فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَلَا فِي حَدَثِ الْإِمَامِ، وَسَيَأْتِي فِي فَصْلٍ خَرَجَ الْإِمَامُ مِنْ صَلَاتِهِ انْقَطَعَتْ الْقُدْوَةُ مَا نَصُّهُ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ لَوْ تَرَكَ سُنَّةً مَقْصُودَةً كَتَشَهُّدٍ: وَقَدْ تَجِبُ الْمُفَارَقَةُ كَأَنْ رَأَى إمَامَهُ مُتَلَبِّسًا بِمَا يُبْطِلُ الصَّلَاةَ وَلَمْ يَعْلَمْ الْإِمَامُ بِهِ كَأَنْ رَأَى عَلَى ثَوْبِهِ نَجَاسَةً غَيْرَ مَعْفُوٍّ عَنْهَا: أَيْ وَهِيَ خَفِيَّةٌ تَحْتَ ثَوْبِهِ وَكَشَفَهَا الرِّيحُ مَثَلًا، أَوْ رَأَى خُفَّهُ تُخْرَقُ انْتَهَى.
(قَوْلُهُ: عَنْهَا) أَيْ عَنْ فَتَاوَى الْبَغَوِيّ.
(قَوْلُهُ: فَرَدَّهُ الرِّيحُ إلَخْ) خَرَجَ بِهِ مَا لَوْ رَدَّهُ هُوَ فَيَضُرُّ.
[فَرْعٌ] الْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ إذَا رَدَّ الْبَابَ فِي الْأَثْنَاءِ بِوَاسِطَةِ رِيحٍ أَوْ غَيْرِهِ امْتَنَعَ الِاقْتِدَاءُ وَإِنْ عَلِمَ انْتِقَالَاتِ الْإِمَامِ لِتَقْصِيرِهِ بِعَدَمِ إحْكَامِ فَتْحِهِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ زَالَتْ الرَّابِطَةُ فِي الْأَثْنَاءِ بِحَدَثٍ أَوْ غَيْرِهِ لَا يُمْنَعُ بَقَاءُ الِاقْتِدَاءِ بِشَرْطِ الْعِلْمِ بِالِانْتِقَالَاتِ م ر اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ.
وَقَوْلُهُ أَوْ غَيْرِهِ ظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ عَاقِلًا وَهُوَ ظَاهِرٌ، لَكِنَّ الْمُعْتَمَدَ مَا فِي الشَّارِحِ لِأَنَّهُ إذَا تَعَارَضَ هُوَ وَغَيْرُهُ قَدَّمَ مَا فِيهِ، وَظَاهِرُهُ وَإِنْ لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ فَتْحِهِ لِأَنَّ رَدَّ الْبَابِ لَيْسَ مِنْ فِعْلِهِ.
(قَوْلُهُ: وَالثَّانِي) أَيْ عَدَمُ الضَّرَرِ أَوْجَهُ، وَمَحَلُّهُ حَيْثُ عَلِمَ بِانْتِقَالَاتِ الْإِمَامِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ (قَوْلِهِ كَنَظَائِرِهِ) وَمِنْهَا مَا لَوْ رَفَعَ السُّلَّمَ الَّذِي يُتَوَصَّلُ بِهِ إلَى الْإِمَامِ فِي أَثْنَاءِ الصَّلَاةِ، وَلَا نَظَرَ لِإِمْكَانِ الْفَرْقِ بَيْنَ رَدِّ الْبَابِ وَرَفْعِ السُّلَّمِ بِسُهُولَةِ التَّوَصُّلِ مِنْ الْبَابِ الْمَرْدُودِ دُونَ التَّوَصُّلِ مَعَ رَفْعِ السُّلَّمِ لِمَا يَأْتِي مِنْ أَنَّهُ لَوْ بُنِيَ بَيْنَهُمَا جِدَارٌ لَمْ يَضُرَّ (قَوْلُهُ: وَلَمَّا كَانَ الْأَوَّلُ) هُوَ قَوْلُهُ قَالَ الْبَغَوِيّ إلَخْ (قَوْلُهُ وَبِأَنَّهُ) أَيْ وَعَلَّلَهُ بِأَنَّهُ إلَخْ.
(قَوْلُهُ: لَمْ يَضُرَّ) أَيْ وَإِنْ طَالَ الْجِدَارُ جِدًّا حَيْثُ عَلِمَ بِانْتِقَالَاتِ الْإِمَامِ.
(قَوْلُهُ: أَخْذًا بِعُمُومِ الْقَاعِدَةِ السَّابِقَةِ) وَهِيَ قَوْلُهُ يُغْتَفَرُ فِي الدَّوَامِ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي الِابْتِدَاءِ: أَيْ حَيْثُ لَا تَقْصِيرَ.
ــ
[حاشية الرشيدي]
سَيَأْتِي، وَهُوَ فِي غَايَةِ الْبُعْدِ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: وَلَمَّا كَانَ الْأَوَّلُ مُشْكِلًا) أَيْ بِعَدَمِ وُجُوبِ مُفَارَقَةِ الْبَقِيَّةِ وَكَانَ عَلَيْهِ أَنْ يَذْكُرَهُ حَتَّى يَعْلَمَ الْمُرَادَ مِنْ الْجَوَابِ (قَوْلُهُ: وَبِأَنَّهُ مُقَصِّرٌ) لَمْ يَتَقَدَّمْ فِي كَلَامِهِ مَا يَصِحُّ عَطْفُ هَذَا عَلَيْهِ وَهُوَ تَابِعٌ فِي التَّعْبِيرِ بِهِ لِلشَّيْخِ، لَكِنَّ ذَاكَ قَدَّمَ مَا يَصِحُّ لَهُ هَذَا الْعَطْفُ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ سَوْقِ عِبَارَتِهِ وَنَصُّهَا، وَقَدْ يُشْكِلُ هَذَا: أَيْ مَا ذُكِرَ عَنْ الْبَغَوِيّ أَوَّلًا بِعَدَمِ وُجُوبِ مُفَارَقَةِ الْبَقِيَّةِ، وَيُجَابُ بِحَمْلِ الْكَلَامِ فِيهِ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَعْلَمْ هُوَ وَحْدَهُ انْتِقَالَاتِ الْإِمَامِ بَعْدَ رَدِّ الْبَابِ وَبِأَنَّهُ مُقَصِّرٌ بِعَدَمِ إحْكَامِهِ فَتْحَهُ بِخِلَافِ الْبَقِيَّةِ. انْتَهَتْ. (قَوْلُهُ: وَبِأَنَّ الْحَائِلَ إلَخْ) فِيهِ أُمُورٌ: مِنْهَا مَا مَرَّ فِي الَّذِي قَبْلَهُ، وَمِنْهَا أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ كَلَامِ الشَّيْخِ خِلَافًا لِمَا يُوهِمُهُ صَنِيعُهُ، وَمِنْهَا أَنَّهُ لَا يُجْدِي؛ لِأَنَّ
مِمَّا مَرَّ أَنَّ مَحَلَّهُ مَا لَمْ يَكُنْ الْبِنَاءُ بِأَمْرِهِ (فَإِنْ حَالَ مَا) أَيْ بِنَاءٌ (يَمْنَعُ الْمُرُورَ لَا الرُّؤْيَةَ) كَشُبَّاكٍ وَبَابٍ مَرْدُودٍ وَكَصُفَّةٍ شَرْقِيَّةٍ أَوْ غَرْبِيَّةٍ مِنْ مَدْرَسَةٍ بِحَيْثُ لَا يَرَى الْوَاقِفُ مِنْ أَحَدِهِمَا الْإِمَامَ وَلَا أَحَدًا مِمَّنْ خَلْفَهُ (فَوَجْهَانِ) أَصَحُّهُمَا كَمَا فِي الرَّوْضَةِ عَدَمُ صِحَّةِ الْقُدْوَةِ أَخْذًا مِنْ تَصْحِيحِهِ فِي الْمَسْجِدِ الْآتِي مَعَ الْمَوَاتِ، وَلِهَذَا تُرِكَ التَّصْحِيحُ هُنَا وَلَمْ يَقَعْ فِي هَذَا الْمَتْنِ ذِكْرُ خِلَافٍ مِنْ غَيْرِ تَرْجِيحٍ سِوَى هَذَا، وَفِي النَّفَقَاتِ: وَلَا ثَالِثَ لَهُمَا إلَّا مَا كَانَ مُفَرَّعًا عَلَى مَرْجُوحٍ، كَالْأَقْوَالِ الْمُفَرَّعَةِ عَلَى الْبَيِّنَتَيْنِ الْمُتَعَارِضَتَيْنِ هَلْ يَقْرَعُ أَمْ يُوقَفُ أَمْ يُقْسَمُ (أَوْ) حَالَ (جِدَارٌ) أَوْ بَابٌ مُغْلَقٌ ابْتِدَاءً (بَطَلَتْ) أَيْ لَمْ تَنْعَقِدْ الْقُدْوَةُ (بِاتِّفَاقِ الطَّرِيقَيْنِ) لِأَنَّ الْجِدَارَ مُعَدٌّ لِلْفَصْلِ بَيْنَ الْأَمَاكِنِ فَإِذَا طَرَأَ ذَلِكَ فِي أَثْنَائِهَا وَعَلِمَ بِانْتِقَالَاتِ إمَامِهِ وَلَمْ يَكُنْ بِفِعْلِهِ لَمْ يَضُرَّ فِيمَا يَظْهَرُ أَخْذًا مِمَّا مَرَّ (قُلْت: الطَّرِيقُ الثَّانِي أَصَحُّ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) إذْ الْمُشَاهَدَةُ تَقْضِي بِمُوَافَقَةِ الْعُرْفِ لَهَا، وَدَعْوَى أَهْلِ الْأَوَّلِ مُوَافِقَةٌ الْعُرْفَ قَوْلُهُمْ لَعَلَّهُ بِاعْتِبَارِ عُرْفِهِمْ الْخَاصِّ، وَلَا أَثَرَ لَهُ إذَا عَارَضَهُ الْعُرْفُ الْعَامُّ (وَإِذَا صَحَّ اقْتِدَاؤُهُ فِي بِنَاءٍ آخَرَ) غَيْرِ بِنَاءِ الْإِمَامِ بِشَرْطِ الِاتِّصَالِ عَلَى الطَّرِيقِ الْأَوَّلِ أَوْ الثَّانِي بِدُونِهِ (صَحَّ اقْتِدَاءُ مَنْ خَلْفَهُ) أَوْ بِجَنْبِهِ (وَإِنْ حَالَ جِدَارٌ) أَوْ جُدُرٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْإِمَامِ اكْتِفَاءً بِهَذَا الرَّابِطِ، وَتَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى مَا يَتَعَلَّقُ بِهِ.
(وَ) عَلَى الطَّرِيقِ الْأَوَّلِ (لَوْ)(وَقَفَ فِي عُلُوٍّ) مِنْ غَيْرِ مَسْجِدٍ كَصُفَّةٍ مُرْتَفِعَةٍ وَسَطَ دَارٍ مَثَلًا (وَإِمَامُهُ فِي سُفْلٍ) كَصَحْنِ تِلْكَ الدَّارِ (أَوْ عَكْسِهِ) أَيْ الْوُقُوفِ: أَيْ وُقُوفًا عَكْسَ الْوُقُوفِ الْمَذْكُورِ (شُرِطَ مُحَاذَاةُ بَعْضِ بَدَنِهِ) أَيْ الْمَأْمُومِ (بَعْضَ بَدَنِهِ) أَيْ الْإِمَامِ بِأَنْ يُحَاذِيَ رَأْسُ الْأَسْفَلِ قَدَمَ الْأَعْلَى مَعَ فَرْضِ اعْتِدَالِ إقَامَةِ الْأَسْفَلِ.
أَمَّا عَلَى الطَّرِيقِ الثَّانِي وَهُوَ الصَّحِيحُ فَلَا يُشْتَرَطُ سِوَى الْقُرْبُ، وَلَوْ قُدِّمَ الْكَلَامُ عَلَى ذَلِكَ فِي أَثْنَاءِ الْأَوَّلِ لَسَلِمَ مِنْ الْإِيهَامِ. نَعَمْ إنْ كَانَ بِمَسْجِدٍ صَحَّ مُطْلَقًا بِاتِّفَاقِهِمَا، وَلَوْ كَانَا فِي سَفِينَتَيْنِ مَكْشُوفَتَيْنِ فِي الْبَحْرِ صَحَّ الِاقْتِدَاءُ كَالْقَضَاءِ وَإِنْ لَمْ تُشَدَّ إحْدَاهُمَا بِالْأُخْرَى، فَإِنْ كَانَتَا مُسَقَّفَتَيْنِ أَوْ إحْدَاهُمَا فَقَطْ فَكَاقْتِدَاءِ أَحَدِهِمَا بِالْآخَرِ فِي بَيْتَيْنِ، فَيُشْتَرَطُ فِيهِ مَعَ قُرْبِ الْمَسَافَةِ وَعَدَمِ الْحَائِلِ وُجُودُ الْوَاقِفِ بِالْمَنْفَذِ إنْ كَانَ بَيْنَهُمَا مَنْفَذٌ، وَالسَّفِينَةُ الْمُشْتَمِلَةُ عَلَى بُيُوتٍ كَالدَّارِ الَّتِي فِيهَا بُيُوتٌ وَالسُّرَادِقَاتِ بِالصَّحْرَاءِ وَهِيَ كَمَا فِي الْمُهِمَّاتِ مَا يُدَارُ حَوْلَ الْخِبَاءِ كَسَفِينَةٍ مَكْشُوفَةٍ، وَالْخِيَامُ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
قَوْلُهُ: مَا لَمْ يَكُنْ الْبِنَاءُ بِأَمْرِهِ) أَيْ الْمَأْمُومِ.
(قَوْلُهُ: وَبَابٍ مَرْدُودٍ) عَطْفٌ عَلَى شُبَّاكٍ، لَكِنَّ فِيهِ مُسَامَحَةً لِاقْتِضَائِهِ أَنَّهُ مِمَّا يَمْنَعُ الْمُرُورَ لَا الرُّؤْيَةَ مَعَ كَوْنِهِ بِالْعَكْسِ، وَمِنْ ثَمَّ جَعَلَهُ الْمَحَلِّيُّ مُلْحَقًا بِهِ فِي الضَّرَرِ.
(قَوْلُهُ: بِحَيْثُ لَا يَرَى الْوَاقِفُ) هَذَا التَّقْيِيدُ يَقْتَضِي أَنَّ قَوْلَهُ وَكَصِفَّةٍ مِنْ الْمُلْحَقِ بِالْجِدَارِ لَا الشُّبَّاكِ الَّذِي لَا يَمْنَعُ الرُّؤْيَةَ وَهُوَ خِلَافُ الْمُتَبَادَرِ مِنْ عِبَارَتِهِ، وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ بِأَنَّ الْكَافَ لِلتَّنْظِيرِ، وَعِبَارَةُ حَجّ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ أَوْ حَالَ جِدَارٌ، وَمِنْهُ أَنْ يَقِفَ فِي صُفَّةٍ شَرْقِيَّةٍ إلَخْ.
(قَوْلُهُ: كَالْأَقْوَالِ الْمُفَرَّعَةِ عَنْ الْبَيِّنَتَيْنِ الْمُتَعَارِضَتَيْنِ) أَيْ فَإِنَّ الرَّاجِحَ ثَمَّ تَسَاقُطُ الْبَيِّنَتَيْنِ وَالثَّانِي يُسْتَعْمَلَانِ، وَعَلَيْهِ جَرَتْ هَذِهِ الْأَقْوَالُ الثَّلَاثَةُ.
(قَوْلُهُ: وَدَعْوَى أَهْلِ الْأَوَّلِ) أَيْ الطَّرِيقِ الْأَوَّلِ: أَيْ طَرِيقِ الْمَرَاوِزَةِ (قَوْلُهُ: مُوَافَقَةُ الْعُرْفِ قَوْلَهُمْ) فَاعِلٌ أَوْ مَفْعُولٌ لِمُوَافَقَةٍ، فَهُوَ بِالرَّفْعِ وَالنَّصْبِ: أَيْ وَهُوَ الْأَوْلَى.
[فَرْعٌ] إذَا وَقَفَ أَحَدُهُمَا فِي سَطْحٍ وَالْآخَرُ عَلَى الْأَرْضِ اُعْتُبِرَتْ الْمَسَافَةُ مِنْ أَحَدِهِمَا إلَى الْآخَرِ بَعْدَ بَسْطِ ارْتِفَاعِ السَّطْحِ مُنْبَسِطًا وَمُمْتَدًّا اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ.
لَكِنَّ الَّذِي فِي الْجُمُعَةِ فِي كَلَامِ الشَّارِحِ نَقْلًا عَنْ وَالِدِهِ خِلَافُ ذَلِكَ وَعِبَارَتُهُ ثَمَّ وَهَلْ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِمْ لَوْ كَانَ بِمُنْخَفَضٍ لَا يَسْمَعُ النِّدَاءَ وَلَوْ اسْتَوَتْ لِسَمِعَهُ لَزِمَتْهُ الْجُمُعَةُ أَنْ تُبْسَطَ هَذِهِ الْمَسَافَةُ أَوْ أَنْ يَطْلُعَ فَوْقَ الْأَرْضِ مُسَامِتًا لِمَا هُوَ فِيهِ الْمَفْهُومُ مِنْ كَلَامِهِمْ الْمَذْكُورِ الِاحْتِمَالُ الثَّانِي.
(قَوْلُهُ: أَوْ الثَّانِي بِدُونِهِ)
ــ
[حاشية الرشيدي]
الْحَائِلَ مَوْجُودٌ فِيهِ وَفِيهِمْ وَزَادُوا عَلَيْهِ بِالْبُعْدِ (قَوْلُهُ: وَبَابٌ مَرْدُودٌ) لَيْسَ مِثَالًا لِمَا يَمْنَعُ الْمُرُورَ لَا الرُّؤْيَةَ وَإِنْ أَوْهَمَهُ كَلَامُهُ إذْ هُوَ عَكْسُ ذَلِكَ وَلَكِنَّهُ مُلْحَقٌ بِهِ فِي الْحُكْمِ، فَالْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ: وَيُلْحَقُ بِهِ الْبَابُ الْمَرْدُودُ كَمَا صَنَعَ الْجَلَالُ،
كَالْبُيُوتِ.
(وَلَوْ)(وَقَفَ) الْمَأْمُومُ (فِي مَوَاتٍ) أَوْ شَارِعٍ (وَإِمَامُهُ فِي مَسْجِدٍ) مُتَّصِلٍ بِنَحْوِ الْمَوَاتِ أَوْ عَكْسِهِ (فَإِنْ لَمْ يَحُلْ شَيْءٌ) مِمَّا مَرَّ بَيْنَهُمَا (فَالشَّرْطُ التَّقَارُبُ) بِأَنْ لَا يَزِيدَ مَا بَيْنَهُمَا عَلَى نَحْوِ ثَلَثِمِائَةِ ذِرَاعٍ، وَمَا اعْتَرَضَ بِهِ قَوْلَهُ وَلَمْ يَحُلْ شَيْءٌ بِأَنَّهُ مُتَعَقَّبٌ، إذْ لَوْ كَانَ فِي جِدَارِ الْمَسْجِدِ بَابٌ وَلَمْ يَقِفْ بِحِذَائِهِ أَحَدٌ لَمْ تَصِحَّ الْقُدْوَةُ، رُدَّ بِأَنَّ هَذَا عُلِمَ مِنْ قَوْلِهِ فِيمَا مَرَّ، وَإِذَا صَحَّ اقْتِدَاؤُهُ فِي بِنَاءٍ صَحَّ اقْتِدَاءُ مَنْ خَلْفَهُ (مُعْتَبَرًا مِنْ آخِرِ الْمَسْجِدِ) لِأَنَّ الْمَسْجِدَ كُلَّهُ شَيْءٌ وَاحِدٌ لِأَنَّهُ مَحَلٌّ لِلصَّلَاةِ فَلَا يَدْخُلُ فِي الْحَدِّ الْفَاصِلِ (وَقِيلَ مِنْ آخِرِ صَفٍّ) فِيهِ لِأَنَّهُ الْمَتْبُوعُ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ إلَّا الْإِمَامُ فَمِنْ مَوْقِفِهِ.
وَمَحَلُّ الْخِلَافِ كَمَا قَالَهُ الدَّارِمِيُّ إذَا لَمْ تَخْرُجْ الصُّفُوفُ عَنْ الْمَسْجِدِ فَإِنْ خَرَجَتْ عَنْهُ فَالْمُعْتَبَرُ مِنْ آخِرِ صَفٍّ خَارِجَ الْمَسْجِدِ قَطْعًا، فَلَوْ كَانَ الْمَأْمُومُ فِي الْمَسْجِدِ وَالْإِمَامُ خَارِجَهُ اُعْتُبِرَتْ الْمَسَافَةُ مِنْ طَرَفِهِ الَّذِي يَلِي الْإِمَامَ (وَإِنْ حَالَ جِدَارٌ) لَا بَابَ فِيهِ (أَوْ بَابٌ مُغْلَقٌ مَنَعَ) الْقُدْوَةَ لِعَدَمِ الِاتِّصَالِ (وَكَذَا الْبَابُ الْمَرْدُودُ وَالشُّبَّاكُ) يَمْنَعُ (فِي الْأَصَحِّ) لِحُصُولِ الْحَائِلِ مِنْ وَجْهٍ، إذْ الْأَوَّلُ يَمْنَعُ الْمُشَاهَدَةَ وَالثَّانِي الِاسْتِطْرَاقَ، وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ لَا يُمْنَعُ لِحُصُولِ الِاتِّصَالِ مِنْ وَجْهٍ، وَبِمَا تَقَرَّرَ عُلِمَ صِحَّةُ صَلَاةِ الْوَاقِفِ عَلَى أَبِي قُبَيْسٍ بِمَنْ فِي الْمَسْجِدِ، وَهُوَ مَا نَصَّ عَلَيْهِ، وَنَصُّهُ عَلَى عَدَمِ الصِّحَّةِ مَحْمُولٌ عَلَى الْبُعْدِ أَوْ عَلَى مَا إذَا حَدَثَتْ أَبْنِيَةٌ بِحَيْثُ لَا يَصِلُ إلَى الْإِمَامِ لَوْ تَوَجَّهَ إلَيْهِ مِنْ جِهَةِ إمَامِهِ إلَّا بِازْوِرَارٍ وَانْعِطَافٍ بِأَنْ يَكُونَ بِحَيْثُ لَوْ ذَهَبَ إلَى الْإِمَامِ مِنْ مُصَلَّاهُ لَا يَلْتَفِتُ عَنْ جِهَةِ الْقِبْلَةِ بِحَيْثُ يَبْقَى ظَهْرُهُ إلَيْهَا (قُلْت: يُكْرَهُ ارْتِفَاعُ الْمَأْمُومِ عَلَى إمَامِهِ) حَيْثُ أَمْكَنَ وُقُوفُهُمَا بِمُسْتَوًى (وَعَكْسُهُ) سَوَاءٌ أَكَانَ فِي الْمَسْجِدِ أَمْ غَيْرِهِ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
أَيْ الِاتِّصَالِ
(قَوْلُهُ: مِنْ طَرَفِهِ) أَيْ الْمَسْجِدِ.
(قَوْلُهُ: بِأَنْ يَكُونَ إلَخْ) تَصْوِيرٌ لِعَدَمِ الِازْوِرَارِ وَالِانْعِطَافِ (قَوْلُهُ: لَا يَلْتَفِتُ عَنْ جِهَةِ الْقِبْلَةِ إلَخْ) شَمِلَ مَا لَوْ احْتَاجَ فِي ذَهَابِهِ إلَى الْإِمَامِ إلَى أَنْ يَمْشِيَ الْقَهْقَرَى مَسَافَةً ثُمَّ يَنْحَرِفَ، وَهَذَا قَدْ يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ مَسْأَلَةَ الْإِسْنَوِيِّ الَّتِي حَكَمَ الْحِصْنِيُّ عَلَيْهِ بِالسَّهْوِ فِيهَا شَرْطُهَا أَنْ يَكُونَ بِحَيْثُ لَوْ أَرَادَ الذَّهَابَ إلَى الْإِمَامِ مِنْ بَابِ الْمَسْجِدِ احْتَاجَ إلَى اسْتِدْبَارِ الْقِبْلَةِ، وَلَا يَضُرُّ احْتِيَاجُهُ إلَى التَّيَامُنِ وَالتَّيَاسُرِ فَلْيُتَأَمَّلْ فِيهِ جِدًّا اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ فِي أَثْنَاءِ كَلَامٍ طَوِيلٍ.
وَيُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ وَلَا يَضُرُّ احْتِيَاجُهُ إلَى التَّيَامُنِ وَالتَّيَاسُرِ: أَنَّهُ لَوْ كَانَ يُمْكِنُهُ الْوُصُولُ إلَى الْإِمَامِ مِنْ غَيْرِ اسْتِدْبَارِ الْقِبْلَةِ لَكِنْ يَحْتَاجُ فِيهِ إلَى انْحِرَافٍ كَأَنْ احْتَاجَ فِي مُرُورِهِ لَتَعْدِيَةِ جِدَارٍ قَصِيرٍ كَالْعَتَبَةِ لَمْ يَضُرَّ ذَلِكَ، لِأَنَّهُ لَمْ يَصْدُقْ عَلَيْهِ أَنَّهُ اسْتَدْبَرَ الْقِبْلَةَ.
(قَوْلُهُ: حَيْثُ لَوْ أَمْكَنَ وُقُوفُهُمَا بِمُسْتَوًى) أَيْ فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ ذَلِكَ كَأَنْ وُضِعَ الْمَسْجِدُ مُشْتَمِلًا عَلَى ارْتِفَاعٍ وَانْخِفَاضٍ ابْتِدَاءً كَالْغُورِيَّةِ فَلَا كَرَاهَةَ، وَبِهِ صَرَّحَ حَجّ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ كَذَا نَقَلَهُ الْعَلَّامَةُ الشَّوْبَرِيُّ عَنْهُ، لَكِنَّ الَّذِي رَأَيْته فِي الشَّرْحِ الْمَذْكُورِ نَصُّهُ: وَأَمَّا اسْتِثْنَاءُ بَعْضِ مُحَقِّقِي الْمُتَأَخِّرِينَ لِلْمَسْجِدِ زَاعِمًا أَنَّ ذَلِكَ فِي الْأُمِّ فَلَيْسَ فِي مَحَلِّهِ، وَعِبَارَةُ الْأُمِّ لَا تَشْهَدُ لَهُ وَلَفْظُهَا: وَالِاخْتِيَارُ أَنْ يَكُونَ الْإِمَامُ مُسَاوِيًا لِلنَّاسِ، وَلَوْ كَانَ أَرْفَعَ مِنْهُ أَوْ أَخْفَضَ لَمْ تَفْسُدْ صَلَاتُهُ وَلَا صَلَاتُهُمْ، وَلَا بَأْسَ أَنْ يُصَلِّيَ الْمَأْمُومُ مِنْ فَوْقِ الْمَسْجِدِ بِصَلَاةِ الْإِمَامِ فِي الْمَسْجِدِ إذَا كَانَ يَسْمَعُ صَوْتَهُ أَوْ يَرَى بَعْضَ مَنْ خَلْفَهُ، فَقَدْ رَأَيْت بَعْضَ الْمُؤَذِّنِينَ يُصَلِّي عَلَى ظَهْرِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ بِصَلَاةِ الْإِمَامِ، مِمَّا عَلِمْت أَنَّ أَحَدًا مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ عَابَ عَلَيْهِ ذَلِكَ، وَإِنْ كُنْت قَدْ عَلِمْت أَنَّ بَعْضَهُمْ أَحَبَّ ذَلِكَ لَهُمْ لَوْ أَنَّهُمْ هَبَطُوا إلَى الْمَسْجِدِ، ثُمَّ أَيَّدَ ذَلِكَ بِفِعْلِ أَبِي هُرَيْرَةَ فَتَأَمَّلْهُ تَجِدُهُ إنَّمَا اسْتَدَلَّ عَلَى عَدَمِ بُطْلَانِ الصَّلَاةِ
ــ
[حاشية الرشيدي]
وَكَذَا يُقَالُ فِيمَا بَعْدَهُ: أَمَّا مَا يَمْنَعُ الْمُرُورَ وَالرُّؤْيَةَ فَسَيَأْتِي فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ: أَوْ جِدَارٌ بَطَلَتْ إلَخْ.
(قَوْلُهُ: رُدَّ بِأَنَّ هَذَا عُلِمَ مِنْ قَوْلِهِ فِيمَا مَرَّ إلَخْ) هَذَا الرَّدُّ لَا يُلَاقِي الِاعْتِرَاضَ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، وَاَلَّذِي أَجَابَ بِهِ الشِّهَابُ حَجّ أَنَّ هُنَا حَائِلًا كَمَا عُلِمَ مِنْ كَلَامِهِ فَلَا يَرِدُ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: بِحَيْثُ لَوْ ذَهَبَ إلَى الْإِمَامِ مِنْ مُصَلَّاهُ لَا يَلْتَفِتُ) تَصْوِيرٌ لِلنَّصِّ الْأَوَّلِ، وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ حَذَفَ لَفْظَ لَا مِنْ لَا يَلْتَفِتُ فَيَكُونُ تَصْوِيرًا لِلنَّصِّ الثَّانِي وَهُوَ الظَّاهِرُ.
الشَّافِعِيُّ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْجَوَاهِرِ وَأَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - خِلَافًا لِمَنْ وُهِمَ فِيهِ، وَظَاهِرٌ أَنَّ الْمَدَارَ عَلَى ارْتِفَاعٍ يَظْهَرُ حِسًّا وَإِنْ قَلَّ حَيْثُ عَدَّهُ الْعُرْفُ ارْتِفَاعًا، وَمَا نُقِلَ عَنْ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ أَنَّ قِلَّةَ الِارْتِفَاعِ لَا تُؤَثِّرُ يَظْهَرُ حَمْلُهُ عَلَى مَا تَقَرَّرَ (إلَّا لِحَاجَةٍ) تَتَعَلَّقُ بِالصَّلَاةِ كَتَبْلِيغٍ يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ إسْمَاعُ الْمَأْمُومِينَ وَكَتَعْلِيمِهِمْ صِفَةَ الصَّلَاةِ (فَيُسْتَحَبُّ) ارْتِفَاعُهُمَا لِذَلِكَ تَقْدِيمًا لِمَصْلَحَةِ الصَّلَاةِ، فَإِنْ لَمْ تَتَعَلَّقْ بِهَا كَأَنْ لَمْ يَجِدْ إلَّا مَوْضِعًا عَالِيًا أُبِيحَ، وَلَوْ لَمْ يُمْكِنْ إلَّا ارْتِفَاعُ أَحَدِهِمَا فَلْيَكُنْ الْإِمَامُ كَمَا فِي الْكِفَايَةِ عَنْ الْقَاضِي وَمَا اعْتَرَضَ بِهِ مِنْ أَنَّهُ مَحَلُّ النَّهْيِ فَلْيَكُنْ الْمَأْمُومَ، لِأَنَّهُ مَقِيسٌ رُدَّ بِأَنَّ عِلَّةُ النَّهْيِ مِنْ مُخَالَفَةِ الْأَدَبِ مَعَ الْمَتْبُوعِ أَتَمُّ فِي الْمَقِيسِ فَكَانَ إيثَارُ الْإِمَامِ بِالْعُلُوِّ أَوْلَى (وَلَا يَقُومُ) نَدْبًا مَنْ أَرَادَ الِاقْتِدَاءَ وَإِنْ كَانَ شَيْخًا، وَمُرَادُهُ بِالْقِيَامِ كَمَا فِي الْكِفَايَةِ التَّوَجُّهُ لِيَشْمَلَ الْمُصَلِّيَ قَاعِدًا فَيَقْعُدَ أَوْ مُضْطَجِعًا فَيَضْطَجِعَ أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ (حَتَّى يَفْرُغَ الْمُؤَذِّنُ) يَعْنِي الْمُقِيمُ وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مُؤَذِّنٍ، وَتَعْبِيرُهُ بِالْمُؤَذِّنِ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ (مِنْ الْإِقَامَةِ) أَيْ جَمِيعِهَا، لِأَنَّهُ مَا لَمْ يَفْرُغْ مِنْهَا لَمْ يَحْضُرْ وَقْتُ الصَّلَاةِ وَهُوَ مُشْتَغِلٌ بِالْإِجَابَةِ قَبْلَ تَمَامِهَا.
أَمَّا الْمُقِيمُ فَيُقِيمُ قَائِمًا حَيْثُ كَانَ قَادِرًا إذْ الْقِيَامُ مِنْ سُنَنِهَا كَمَا مَرَّ، وَنَبَّهَ عَلَيْهِ الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ وَهُوَ وَاضِحٌ.
وَالْأَفْضَلُ لِلدَّاخِلِ عِنْدَهَا أَوْ وَقَدْ قَرُبَتْ اسْتِمْرَارُهُ قَائِمًا لِكَرَاهَةِ النَّفْلِ حِينَئِذٍ كَمَا قَالَ (وَلَا يَبْتَدِئُ نَفْلًا بَعْدَ شُرُوعِهِ) أَيْ الْمُقِيمِ (فِيهَا) أَوْ قُرْبَ شُرُوعِهِ فَيُكْرَهُ لِمَنْ أَرَادَ الصَّلَاةَ مَعَهُمْ ذَلِكَ كَرَاهَةَ تَنْزِيهٍ لِخَبَرِ «إذَا أُقِيمَتْ الصَّلَاةُ فَلَا صَلَاةَ إلَّا الْمَكْتُوبَةَ» (فَإِنْ كَانَ فِيهِ) أَيْ النَّفْلِ (أَتَمَّهُ) اسْتِحْبَابًا (إنْ لَمْ يَخْشَ فَوْتَ الْجَمَاعَةِ) بِسَلَامِ الْإِمَامِ (وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) لِإِحْرَازِهِ حِينَئِذٍ الْفَضِيلَتَيْنِ، فَإِنْ خَشِيَ فَوْتَهَا وَكَانَتْ مَشْرُوعَةً لَهُ إنْ أَتَمَّهُ بِأَنْ يُسَلِّمَ إمَامُهُ قَبْلَ فَرَاغِهِ مِنْهُ قَطَعَهُ وَدَخَلَ فِيهَا مَا لَمْ يَغْلِبْ عَلَى ظَنِّهِ تَحْصِيلُ جَمَاعَةٍ أُخْرَى فَيُتِمُّهُ كَمَا أَفْهَمَهُ كَلَامُهُ بِجَعْلِ أَلْ فِي الْجَمَاعَةِ لِلْجِنْسِ.
وَمَحَلُّ مَا تَقَرَّرَ فِي غَيْرِ الْجُمُعَةِ. أَمَّا فِيهَا فَقَطْعُهُ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
بِالِارْتِفَاعِ لَا عَلَى أَنَّ نَفْيَ الْكَرَاهَةِ فِي مِثْلِ هَذَا الْمَقَامِ نَفْيٌ لِلْحُرْمَةِ لَا لِلْكَرَاهَةِ لِأَنَّهُ ذَكَرَهَا عَقِبَ قَوْلِهِ لَمْ تَفْسُدْ صَلَاتُهُ وَلَا صَلَاتُهُمْ، ثُمَّ رَأَيْت الْبُلْقِينِيَّ فَهِمَ مِنْ النَّصِّ مَا فَهِمْته مِنْهُ حَيْثُ سَاقَهُ اسْتِدْلَالًا عَلَى الصِّحَّةِ مَعَ الِارْتِفَاعِ، عَلَى أَنَّ لِلشَّافِعِيِّ نَصًّا آخَرَ صَرِيحًا فِي أَنَّ الْكَرَاهَةَ حَاصِلَةٌ حَتَّى فِي الْمَسْجِدِ كَمَا سَبَقَ بَيَانُهُ فِي الْخُطْبَةِ انْتَهَى بِحُرُوفِهِ.
وَبَقِيَ مَا لَوْ تَعَارَضَ عَلَيْهِ مَكْرُوهَانِ كَالصَّلَاةِ فِي الصَّفِّ الْأَوَّلِ مَعَ الِارْتِفَاعِ وَالصَّلَاةِ فِي غَيْرِهِ مَعَ تَقَطُّعِ الصُّفُوفِ، فَهَلْ يُرَاعَى الْأَوَّلُ أَوْ الثَّانِي؟ فِيهِ نَظَرٌ. وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي لِأَنَّ فِي الِارْتِفَاعِ مِنْ حَيْثُ هُوَ مَا هُوَ عَلَى صُورَةِ التَّفَاخُرِ وَالتَّعَاظُمِ، بِخِلَافِ عَدَمِ تَسْوِيَةِ الصُّفُوفِ، فَإِنَّ الْكَرَاهَةَ فِيهِ مِنْ حَيْثُ الْجَمَاعَةُ لَا غَيْرُ.
(قَوْلُهُ: كَتَبْلِيغٍ يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ إسْمَاعُ الْمَأْمُومِينَ) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ مَا يَفْعَلُهُ الْمُبَلِّغُونَ مِنْ ارْتِفَاعِهِمْ عَلَى الدِّكَّةِ فِي غَالِبِ الْمَسَاجِدِ وَقْتَ الصَّلَاةِ مَكْرُوهٌ مُفَوِّتٌ لِفَضِيلَةِ الْجَمَاعَةِ، لِأَنَّ تَبْلِيغَهُمْ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى ذَلِكَ إلَّا فِي بَعْضِ الْمَسَاجِدِ فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ خَاصَّةً وَهُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: كَأَنْ لَمْ يَجِدْ إلَّا مَوْضِعًا) عِبَارَةُ حَجّ: وَلَمْ يَجِدْ وَهِيَ أَوْلَى لِأَنَّ هَذِهِ مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ أَوَّلًا حَيْثُ أَمْكَنَ وُقُوفُهُمَا بِمُسْتَوٍ.
(قَوْلُهُ: مَنْ أَرَادَ الِاقْتِدَاءَ) تَبِعَ فِيهِ حَجّ، وَعِبَارَةُ الْمَحَلِّيِّ: وَلَا يَقُومُ مُرِيدُ الصَّلَاةِ حَتَّى يَفْرُغَ الْمُؤَذِّنُ إلَخْ، وَظَاهِرٌ اسْتِوَاءِ الْإِمَامِ وَالْمَأْمُومِ فِي ذَلِكَ وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَلَعَلَّ مَا ذَكَرَهُ حَجّ وَالشَّارِحُ مُجَرَّدُ تَصْوِيرٍ لِأَنَّ الْمَأْمُومِينَ هُمْ الَّذِينَ يُبَادِرُونَ لِلْقِيَامِ عِنْدَ شُرُوعِ الْمُؤَذِّنِ فِي الْإِقَامَةِ.
(قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ شَيْخًا) أَيْ وَلَا تَفُوتُهُ فَضِيلَةُ التَّحَرُّمِ. قَالَ حَجّ: وَلَوْ كَانَ بَطِيءَ النَّهْضَةِ بِحَيْثُ لَوْ أَخَّرَ إلَى فَرَاغِهَا فَاتَتْهُ فَضِيلَةُ التَّحَرُّمِ مَعَ الْإِمَامِ قَامَ فِي وَقْتٍ يَعْلَمُ بِهِ إدْرَاكَهُ التَّحَرُّمَ انْتَهَى.
أَقُولُ: وَمِثْلُ ذَلِكَ مَا لَوْ كَانَ الْمَأْمُومُ بَعِيدًا وَأَرَادَ الصَّلَاةَ فِي الصَّفِّ الْأَوَّلِ مَثَلًا وَكَانَ لَوْ أَخَّرَ قِيَامَهُ إلَى فَرَاغِ الْمُؤَذِّنِ وَذَهَبَ إلَى الْمَوْضِعِ الَّذِي يُرِيدُ الصَّلَاةَ فِيهِ فَاتَتْهُ فَضِيلَةُ التَّحَرُّمِ
(قَوْلُهُ: لِكَرَاهَةِ النَّفْلِ إلَخْ) وَكَرَاهَةِ الْجُلُوسِ مِنْ غَيْرِ صَلَاةٍ اهـ حَجّ. وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ جَالِسًا قَبْلُ ثُمَّ قَامَ لِيُصَلِّ رَاتِبَةً قَبْلِيَّةً مَثَلًا فَأُقِيمَتْ الصَّلَاةُ أَوْ قَرُبَ قِيَامُهَا أَنَّهُ لَا يَكُونُ اسْتِمْرَارُ الْقِيَامِ أَفْضَلَ مِنْ الْقُعُودِ لِعَدَمِ كَرَاهَةِ الْقُعُودِ مِنْ غَيْرِ صَلَاةٍ فَيَتَخَيَّرُ بَيْنَ اسْتِمْرَارِ الْقِيَامِ وَالْقُعُودِ، وَقَضِيَّتُهُ أَيْضًا أَنَّهُ لَوْ كَانَ فِي غَيْرِ مَسْجِدٍ لَمْ يُكْرَهْ الْجُلُوسُ.
(قَوْلُهُ: مَا لَمْ يَغْلِبْ عَلَى ظَنِّهِ تَحْصِيلُ جَمَاعَةٍ)
ــ
[حاشية الرشيدي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَاجِبٌ لِإِدْرَاكِهَا بِإِدْرَاكِ رُكُوعِهَا الثَّانِي، وَلَوْ أُقِيمَتْ الْجَمَاعَةُ وَالْمُنْفَرِدُ يُصَلَّى حَاضِرَةً صُبْحًا أَوْ غَيْرَهَا وَقَدْ قَامَ فِي غَيْرِ الثُّنَائِيَّةِ إلَى ثَالِثَةٍ، سُنَّ لَهُ إتْمَامُ صَلَاتِهِ ثُمَّ يَدْخُلُ فِي الْجَمَاعَةِ وَإِنْ لَمْ يَقُمْ فِي غَيْرِ مَا مَرَّ إلَى الثَّالِثَةِ قَلَبَهَا نَفْلًا وَاقْتَصَرَ عَلَى رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ يَدْخُلُ فِي الْجَمَاعَةِ، بَلْ لَوْ خَافَ فَوْتَ الْجَمَاعَةِ لَوْ تَمَّمَ رَكْعَتَيْنِ سُنَّ لَهُ قَطْعُ صَلَاتِهِ وَاسْتِئْنَافُهَا جَمَاعَةً كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ.
قَالَ الْجَلَالُ الْبُلْقِينِيُّ: لَمْ يَتَعَرَّضُوا لِلرَّكْعَةِ، وَالْمَعْرُوفُ أَنَّ لِلْمُتَنَفِّلِ الِاقْتِصَارَ عَلَى رَكْعَةٍ فَهَلْ تَكُونُ الرَّكْعَةُ الْوَاحِدَةُ كَالرَّكْعَتَيْنِ؟ لَمْ أَرَ مَنْ تَعَرَّضَ لَهُ، وَيَظْهَرُ الْجَوَازُ إذْ لَا فَرْقَ اهـ.
وَمَا ذَكَرَهُ ظَاهِرٌ، وَإِنَّمَا ذَكَرُوا الْأَفْضَلَ. وَمَحَلُّهُ أَيْضًا كَمَا فِي التَّحْقِيقِ إذَا تَحَقَّقَ إتْمَامُهَا فِي الْوَقْتِ لَوْ سَلَّمَ مِنْ الرَّكْعَتَيْنِ وَإِلَّا حُرِّمَ السَّلَامُ مِنْهُمَا.
أَمَّا إذَا كَانَ فِي صَلَاةٍ فَائِتَةٍ فَلَا يَقْلِبُهَا نَفْلًا لِيُصَلِّيَهَا جَمَاعَةً فِي حَاضِرَةٍ أَوْ فَائِتَةٍ أُخْرَى.
فَإِنْ كَانَتْ الْجَمَاعَةُ فِي تِلْكَ الْفَائِتَةِ بِعَيْنِهَا وَلَمْ يَكُنْ قَضَاؤُهَا فَوْرِيًّا جَازَ لَهُ قَطْعُهَا مِنْ غَيْرِ نَدْبٍ وَإِلَّا فَلَا يَجُوزُ كَمَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ، وَيَجِبُ عَلَيْهِ قَلْبُ الْفَائِتَةِ نَفْلًا إنْ خَشِيَ فَوْتَ الْحَاضِرَةِ. .
ــ
[حاشية الشبراملسي]
أَيْ وَلَوْ مَفْضُولَةً.
(قَوْلُهُ: لِإِدْرَاكِهَا) صِلَةُ وَاجِبٌ، وَالْمُرَادُ أَنَّهُ يَجِبُ قَطْعُهَا إذَا كَانَ لَوْ أَتَمَّ النَّافِلَةَ فَاتَ الرُّكُوعُ الثَّانِي مَعَ الْإِمَامِ.
(قَوْلُهُ: وَقَدْ قَامَ فِي غَيْرِ الثُّنَائِيَّةِ إلَخْ) وَقِيَاسُ مَا يَأْتِي عَنْ الْبُلْقِينِيِّ أَنَّ هَذَا هُوَ الْأَفْضَلُ، وَيَجُوزُ قَلْبُهَا نَفْلًا وَيُسَلِّمُ مِنْ ثَلَاثِ رَكَعَاتٍ لَعَيْنِ مَا عَلَّلَ بِهِ مِنْ جَوَازِ التَّنَفُّلِ بِالْوَاحِدَةِ أَوْ الثَّلَاثِ مِثْلِهَا.
(قَوْلُهُ: سُنَّ لَهُ إتْمَامُ صَلَاتِهِ) قَالَ سم عَلَى حَجّ: قَوْلُهُ أَتَمَّهَا نَدْبًا، قَالَ فِي الرَّوْضِ: وَدَخَلَ فِي الْجَمَاعَةِ اهـ.
وَعِبَارَةُ الْعُبَابِ: فَإِنْ كَانَ صُبْحًا أَتَمَّهَا وَأَدْرَكَ الْجَمَاعَةَ، وَكَذَا غَيْرُهَا بَعْدَ قِيَامِهِ لِلثَّالِثَةِ انْتَهَى. وَلَا يَخْفَى ظُهُورُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِي صِحَّةِ الْمُعَادَةِ وُقُوعُ جَمِيعِهَا فِي الْجَمَاعَةِ بِالْفِعْلِ، لِأَنَّ الْجَمَاعَةَ الَّتِي يَدْخُلُ فِيهَا هُنَا إعَادَةٌ، وَالْغَالِبُ أَنَّ مَنْ كَانَ فِي الثَّالِثَةِ لَا يُدْرِكُ بَعْدَ فَرَاغِ الثَّالِثَةِ وَالرَّابِعَةِ وَالتَّشَهُّدِ وَالسَّلَامِ وَالرَّكْعَةِ الْأُولَى مَعَ الْجَمَاعَةِ، فَتَجْوِيزُهُمْ دُخُولَهُ فِي الْجَمَاعَةِ بَعْدَ فَرَاغِهِ يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ اشْتِرَاطِ مَا ذَكَرَ، وَأَنَّهُ إذَا انْقَضَتْ الْجَمَاعَةُ الَّتِي دَخَلَ فِيهَا يَقُومُ هُوَ لِإِتْمَامِ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ وَلَا تَبْطُلُ صَلَاتُهُ. نَعَمْ يُمْكِنُ حَمْلُ ذَلِكَ عَلَى مَا إذَا فَرَغَ وَأَدْرَكَ رُكُوعَ إمَامِ الْجَمَاعَةِ فِي رَكْعَتِهَا الْأُولَى لَكِنَّهُ بَعِيدٌ مِنْ هَذِهِ الْعِبَارَةِ فَلْيُتَأَمَّلْ انْتَهَى، وَقَدْ يُقَالُ: لَا بُعْدَ فِيهِ مَعَ مُلَاحَظَةِ مَا قَدَّمَهُ مِنْ اشْتِرَاطِ الْجَمَاعَةِ فِي الْمُعَادَةِ بِتَمَامِهَا وَيُمْكِنُ تَصْوِيرُهُ بِمَا إذَا قَرَأَ الْإِمَامُ سُورَةً طَوِيلَةً بَلْ لَا تَتَوَقَّفُ عَلَى طُولِهَا لِأَنَّ الْغَالِبَ أَنَّ زَمَنَ دُعَاءِ الِافْتِتَاحِ وَالْحَمْدِ وَسُورَةٍ بَعْدَهَا لَا يَنْدُرُ: أَيْ مَعَهُ تَكْمِيلُ الثَّالِثَةِ الَّتِي رَأَى الْجَمَاعَةَ تُقَامُ وَهُوَ فِيهَا وَالْإِتْيَانُ بِرَكْعَةٍ بَعْدَهَا.
(قَوْلُهُ: سُنَّ لَهُ قَطْعُ صَلَاتِهِ) وَلَوْ بِلَا قَلْبٍ لِلنَّفْلِ، وَلَا يَتَقَيَّدُ جَوَازُ الْقَطْعِ بِخَوْفِ فَوْتِ الْجَمَاعَةِ.
وَعِبَارَةُ سم عَلَى مَنْهَجٍ فِي فَصْلِ خَرَجَ الْإِمَامُ مِنْ صَلَاتِهِ مَا نَصُّهُ: وَالْمُسْتَحَبُّ أَنْ يُتِمَّهَا رَكْعَتَيْنِ وَيُسَلِّمَ مِنْهَا فَتَكُونَ نَافِلَةً ثُمَّ يَدْخُلُ فِي الْجَمَاعَةِ، فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ اُسْتُحِبَّ لَهُ أَنْ يَقْطَعَهَا وَيَفْعَلَهَا جَمَاعَةً اهـ. وَقَوْلُهُ أَيْضًا: سُنَّ لَهُ قَطْعُ صَلَاتِهِ وَيَكُونُ مُسْتَثْنًى مِنْ حُرْمَةِ قَطْعِ الْفَرْضِ وَمِنْ بُطْلَانِ الصَّلَاةِ بِتَغْيِيرِ نِيَّتِهِ.
(قَوْلُهُ: أَمَّا إذَا كَانَ فِي صَلَاةٍ) مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ يُصَلِّي حَاضِرَةً.
(قَوْلُهُ: فَلَا يَقْلِبُهَا نَفْلًا) أَيْ لَا يَجُوزُ لَهُ ذَلِكَ.
(قَوْلُهُ: وَيَجِبُ عَلَيْهِ قَلْبُ الْفَائِتَةِ نَفْلًا) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ قَطْعُهَا مِنْ غَيْرِ قَلْبٍ، وَقِيَاسُ مَا قَدَّمَهُ مِنْ قَوْلِهِ سُنَّ لَهُ قَطْعُ صَلَاتِهِ وَاسْتِئْنَافُهَا إلَخْ خِلَافُهُ، بَلْ يَنْبَغِي أَنَّهُ إنْ لَمْ يُرِدْ قَلْبَهَا نَفْلًا وَجَبَ قَطْعُهَا لِئَلَّا تَفُوتَهُ الْحَاضِرَةُ (قَوْلُهُ إنْ خَشِيَ فَوْتَ الْحَاضِرَةِ) أَيْ وَلَوْ بِخُرُوجِ بَعْضِهَا فَقَطْ عَنْ الْوَقْتِ.
ــ
[حاشية الرشيدي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .