الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
زَاعِمٌ أَنَّ بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ حَالَةً أَسْقَطَتْ عَنْهُ الصَّلَاةَ وَأَحَلَّتْ لَهُ شُرْبَ الْخَمْرِ وَأَكْلَ مَالِ السُّلْطَانِ كَمَا زَعَمَهُ بَعْضُ الْمُتَصَوِّفَةِ فَلَا شَكَّ فِي وُجُوبِ قَتْلِهِ وَإِنْ كَانَ فِي خُلُودِهِ فِي النَّارِ نَظَرٌ وَقَتْلُ مِثْلِهِ أَفْضَلُ مِنْ قَتْلِ مِائَةِ كَافِرٍ؛ لِأَنَّ ضَرَرَهُ أَكْثَرُ
.
كِتَابُ الْجَنَائِزِ
جَمْعُ جِنَازَةٍ بِالْفَتْحِ وَالْكَسْرِ اسْمٌ لِلْمَيِّتِ فِي النَّعْشِ وَقِيلَ بِالْفَتْحِ اسْمٌ لِذَلِكَ وَبِالْكَسْرِ اسْمٌ لِلنَّعْشِ وَهُوَ عَلَيْهِ الْمَيِّتُ وَقِيلَ عَكْسُهُ، وَقِيلَ لُغَتَانِ فِيهِمَا، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ الْمَيِّتُ فَهُوَ سَرِيرٌ وَنَعْشٌ، وَعَلَى مَا تَقَرَّرَ لَوْ قَالَ أُصَلِّي عَلَى الْجِنَازَةِ بِكَسْرِ الْجِيمِ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
بِهِ حَجّ (قَوْلُهُ: وَأَكَلَ مَالَ السُّلْطَانِ) أَيْ الْمَالَ الَّذِي يَسْتَحِقُّ السُّلْطَانَ قَبْضَهُ وَصَرْفَهُ لِمَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ يَزْعُمُ هَذَا أَنَّهُ يَسْتَحِقُّهُ وَيَمْنَعُهُ عَنْ صَرْفِهِ فِي مَصَارِفِهِ، وَظَاهِرٌ أَنَّ الْحُكْمَ لَا يَتَقَيَّدُ بِاسْتِحْلَالِ الْجَمِيعِ بَلْ مَتَى اسْتَحَلَّ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ كَفَرَ [فَائِدَةٌ] مَرَاتِبُ الْكُفْرِ ثَلَاثَةٌ: أَحَدُهَا الْكُفْرُ الْأَصْلِيُّ وَصَاحِبُهُ مُتَدَيِّنٌ بِهِ وَمَفْطُورٌ عَلَيْهِ. وَثَانِيهَا الرُّجُوعُ إلَيْهِ بَعْدَ الْإِسْلَامِ وَهُوَ أَقْبَحُ وَلِهَذَا لَمْ يُقْبَلْ مِنْهُ إلَّا الْإِسْلَامُ، بِخِلَافِ الْأَوَّلِ حَيْثُ كَانَ فِيهِ الْجِزْيَةُ وَالِاسْتِقْرَارُ وَالْمَنُّ وَالْفِدَاءُ وَثَالِثُهَا السَّبُّ وَهُوَ أَقْبَحُ الثَّلَاثَةِ فَإِنَّهُ لَا يَتَدَيَّنُ بِهِ، وَفِيهِ إزْرَاءٌ بِأَنْبِيَاءِ اللَّهِ وَرُسُلِهِ وَإِلْقَاءِ الشُّبْهَةِ فِي الْقُلُوبِ الضَّعِيفَةِ فَلِذَلِكَ كَانَتْ جَرِيمَتُهُ أَقْبَحَ الْجَرَائِمِ، وَلَا تُعْرَضُ عَلَيْهِ التَّوْبَةُ، بِخِلَافِ الْقِسْمِ الثَّانِي؛ لِأَنَّ فِي الثَّانِي قَدْ يَكُونُ لَهُ شُبْهَةٌ فَتَحِلُّ عَنْهُ، وَالسَّبُّ لَا شُبْهَةَ فِيهِ وَلِهَذَا لَمْ يَكُنْ عَرْضُ التَّوْبَةِ عَلَيْهِ وَاجِبًا وَلَا مُسْتَحَبًّا، فَلَا يَمْتَنِعُ الْإِعْرَاضُ عَنْهُ حَتَّى يُقْتَلَ تَطْهِيرًا لِلْأَرْضِ مِنْهُ، فَإِنْ أَسْلَمَ أَعْصَمَ نَفْسَهُ فَهَذَا مَا ظَهَرَ لِي فِي سَبَبِ الْإِعْرَاضِ مَعَ الْقَوْلِ بِقَبُولِ التَّوْبَةِ، وَقَرِيبٌ مِنْ هَذَا أَنَّ الْكُفَّارَ الْأَصْلِيِّينَ لَا يُقَاتَلُونَ فِي الْأَوَّلِ حَتَّى يُنْذَرُوا، فَإِذَا بَلَغَتْهُمْ الدَّعْوَةُ وَالنِّذَارَةُ جَازَتْ الْإِغَارَةُ عَلَيْهِمْ وَسَبْيُهُمْ مِنْ غَيْرِ افْتِقَارٍ إلَى الدُّعَاءِ إلَى الْإِسْلَامِ فِي كُلِّ مَرَّةٍ؛ لِأَنَّهُ قَدْ بَلَغَتْهُمْ وَزَالَ عُذْرُهُمْ، فَإِنْ أَسْلَمُوا عَصَمُوا أَنْفُسَهُمْ وَإِنَّمَا اُسْتُثْنِيَ الْمُرْتَدُّ بِغَيْرِ السَّبِّ؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ أَنَّ الرِّدَّةَ إنَّمَا تَحْصُلُ بِشُبْهَةٍ فَتُزَالُ بِالِاسْتِتَابَةِ، وَلِهَذَا تَرَدَّدَ الْعُلَمَاءُ فِي تَوْبَةِ الزِّنْدِيقِ وَتَوْبَةِ مَنْ وُلِدَ فِي الْإِسْلَامِ هَلْ تُقْبَلُ أَوْ لَا؛ لِأَنَّهُ لَا شُبْهَةَ لَهُمَا اهـ مِنْ السَّيْفِ الْمَسْلُولِ عَلَى مَنْ سَبَّ الرَّسُولَ لِلسُّبْكِيِّ
كِتَابُ الْجَنَائِزِ. (قَوْلُهُ: بِكَسْرِ الْجِيمِ) أَيْ أَوْ بِفَتْحِهَا؛ لِأَنَّ الْفَتْحَ وَالْكَسْرَ مُشْتَرِكَانِ فِي الْمَيِّتِ وَالنَّعْشِ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ اهـ. وَقَوْلُهُ إنْ لَمْ يُرِدْ إلَخْ: أَيْ فَإِنْ أَرَادَهُ لَمْ يَصِحَّ وَيَنْبَغِي وَلَوْ مَعَ الْمَيِّت هَذَا، وَفُهِمَ مِنْ الْأَقْوَالِ الْمَذْكُورَةِ أَنَّ الْمَيِّتَ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ فِي النَّعْشِ لَا تُطْلَقُ عَلَيْهِ الْجِنَازَةُ لَا بِالْفَتْحِ وَلَا بِالْكَسْرِ، وَعَلَيْهِ فَلَوْ كَانَ الْمَيِّتُ عَلَى الْأَرْضِ أَوْ نَحْوِهَا مِمَّا لَيْسَ بِنَعْشٍ وَنَوَى الصَّلَاةَ عَلَى الْجِنَازَةِ فَيَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ إنْ أَشَارَ إلَيْهِ إشَارَةً قَلْبِيَّةً صَحَّ وَلَا يَضُرُّ تَسْمِيَتُهُ بِغَيْرِ اسْمِهِ تَغْلِيبًا لِلْإِشَارَةِ، وَكَذَا إنْ قَصَدَ بِالْجِنَازَةِ الْمَيِّتَ وَيَكُونُ لَفْظُ الْجِنَازَةِ مَجَازًا عَنْ الْمَيِّتِ وَإِنْ قَصَدَ مُسَمَّى الْجِنَازَةِ لُغَةً أَوْ أَطْلَقَ لَمْ تَصِحَّ صَلَاتُهُ. أَمَّا فِي الْأُولَى فَظَاهِرٌ؛ لِأَنَّهُ نَوَى غَيْرَ الْمَيِّتِ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْهِ. وَأَمَّا فِي الثَّانِيَةِ فَلِأَنَّ لَفْظَهُ مُحْتَمِلٌ
ــ
[حاشية الرشيدي]
[كِتَابُ الْجَنَائِزِ]
ِ (قَوْلُهُ: وَعَلَى مَا تَقَرَّرَ إلَخْ) قَدْ يُقَالُ: إنْ كَانَ هَذَا رَاجِعًا لِأَوَّلِ الْأَقْوَالِ الْمَجْزُومِ بِهِ فَمَا وَجْهُ التَّقْيِيدِ بِالْكَسْرِ، وَإِنْ كَانَ رَاجِعًا إلَى غَيْرِهِ فَمَا الْقَرِينَةُ عَلَيْهِ؟ وَإِنْ كَانَ رَاجِعًا إلَى جَمِيعِهَا لَمْ يَصِحَّ كَمَا هُوَ وَاضِحٌ. وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهُ حَيْثُ قِيلَ إنَّهَا اسْمٌ لِلْمَيِّتِ فِي النَّعْشِ صَحَّتْ النِّيَّةُ إنْ لَمْ يُرِدْ بِهَا النَّعْشَ كَمَا قَالَ وَحَيْثُ قِيلَ إنَّهَا اسْمٌ لِلنَّعْشِ وَعَلَيْهِ الْمَيِّتُ صَحَّتْ إنْ أَرَادَ الْمَيِّتَ لِمَا هُوَ مَعْلُومٌ مِنْ أَنَّ الْمَجَازَ لَا بُدَّ لَهُ مِنْ قَصْدٍ خَاصٍّ وَانْصِرَافِ الْإِطْلَاقِ لِلْحَقِيقَةِ
صَحَّتْ إنْ لَمْ يُرِدْ بِهَا النَّعْشَ، وَهِيَ مِنْ جَنَزَهُ إذَا سَتَرَهُ ذَكَرَهُ ابْنُ فَارِسٍ وَغَيْرُهُ، وَقَالَ الْأَزْهَرِيُّ: لَا يُسَمَّى جِنَازَةً حَتَّى يُشَدَّ الْمَيِّتُ عَلَيْهِ مُكَفَّنًا، وَيَشْتَمِلُ هَذَا الْكِتَابُ عَلَى مُقَدِّمَاتٍ وَمَقَاصِدَ، وَبَدَأَ بِالْأَوَّلِ فَقَالَ (لِيُكْثِرَ) نَدْبًا كُلَّ مُكَلَّفٍ صَحِيحًا كَانَ، أَوْ مَرِيضًا (ذِكْرَ الْمَوْتِ) بِقَلْبِهِ وَلِسَانِهِ بِأَنْ يَجْعَلَهُ نُصُبَ عَيْنَيْهِ؛ لِأَنَّهُ أُزْجَرُ عَنْ الْمَعْصِيَةِ وَأَدْعَى لِلطَّاعَةِ وَصَحَّ «أَكْثِرُوا مِنْ ذِكْرِ هَاذِمِ اللَّذَّاتِ» يَعْنِي الْمَوْتَ زَادَ النَّسَائِيّ «فَإِنَّهُ مَا ذُكِرَ فِي كَثِيرٍ أَيْ مِنْ الدُّنْيَا وَالْأَمَلِ فِيهَا إلَّا قَلَّلَهُ، وَلَا قَلِيلٍ: أَيْ مِنْ الْعَمَلِ إلَّا كَثَّرَهُ» ، وَهَاذِمُ بِالْمُعْجَمَةِ مَعْنَاهُ قَاطِعُ.
وَأَمَّا بِالْمُهْمَلَةِ فَهُوَ الْمُزِيلُ لِلشَّيْءِ مِنْ أَصْلِهِ، وَفِي الْمَجْمُوعِ: يُسْتَحَبُّ الْإِكْثَارُ مِنْ ذِكْرِ حَدِيثِ «اسْتَحْيُوا مِنْ اللَّهِ حَقَّ الْحَيَاءِ وَتَمَامِهِ، قَالُوا: إنَّا نَسْتَحْيِي مِنْ اللَّهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ، قَالَ: لَيْسَ كَذَلِكَ وَلَكِنْ مَنْ اسْتَحْيَا مِنْ اللَّهِ حَقَّ الْحَيَاءِ فَلْيَحْفَظْ الرَّأْسَ وَمَا وَعَى، وَلْيَحْفَظْ الْبَطْنَ وَمَا حَوَى، وَلْيَذْكُرْ الْمَوْتَ وَالْبِلَى، وَمَنْ أَرَادَ الْآخِرَةَ تَرَكَ زِينَةَ الدُّنْيَا، وَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ فَقَدْ اسْتَحْيَا مِنْ اللَّهِ حَقَّ الْحَيَاءِ» وَالْمَوْتُ: مُفَارَقَةُ الرُّوحِ الْجَسَدَ، وَالرُّوحُ جِسْمٌ لَطِيفٌ مُشْتَبِكٌ بِالْبَدَنِ اشْتِبَاكَ الْمَاءِ بِالْعُودِ الْأَخْضَرِ وَهُوَ بَاقٍ لَا يَفْنَى، وَأَمَّا قَوْله تَعَالَى {اللَّهُ يَتَوَفَّى الأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا} [الزمر: 42] فَفِيهِ تَقْدِيرٌ وَهُوَ عِنْدَ مَوْتِ أَجْسَادِهَا (وَيَسْتَعِدُّ) لَهُ (بِالتَّوْبَةِ) وَهِيَ كَمَا يَأْتِي فِي الشَّهَادَاتِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى تَرْكُ الذَّنْبِ وَالنَّدَمِ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
لِمَيِّتٍ فِي النَّعْشِ وَهُوَ لَمْ يُصَلِّ عَلَيْهِ أَوْ لِنَعْشٍ عَلَيْهِ مَيِّتٌ وَهُوَ لَا تَصِحُّ الصَّلَاةُ عَلَيْهِ، هَذَا، وَيَنْبَغِي أَنَّ الْمُرَادَ بِالنَّعْشِ مَا يُحْمَلُ عَلَيْهِ الْمَيِّتُ وَإِنَّمَا عَبَّرُوا بِذَلِكَ لِغَلَبَتِهِ (قَوْلُهُ ذَكَرَهُ ابْنُ فَارِسٍ إلَخْ) هُوَ قَوْلُهُ مِنْ جَنَزَهُ (قَوْلُهُ: لَا يُسَمَّى جِنَازَةً) أَيْ النَّعْشُ (قَوْلُهُ لِيَكْثُرَ كُلُّ مُكَلَّفٍ إلَخْ) قَالَ حَجّ: نَدْبًا مُؤَكَّدًا وَإِلَّا فَأَصْلُ ذِكْرِهِ سُنَّةٌ أَيْضًا، وَلَا يُفْهِمُهُ الْمَتْنُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ نَدْبِ الْأَكْثَرِ نَدْبُ الْأَقَلِّ الْخَالِي عَنْ الْكَثْرَةِ، وَإِنْ لَزِمَ مِنْ الْإِتْيَانِ بِالْكَثْرَةِ الْإِتْيَانُ بِالْأَقَلِّ وَكَوْنُهُ مِنْ حَيْثُ انْدِرَاجُهُ فِيهِ، وَعَلَى هَذَا يُحْمَلُ قَوْلُ شَيْخِنَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: يُسْتَحَبُّ الْإِكْثَارُ مِنْ ذِكْرِ الْمَوْتِ الْمُسْتَلْزِمِ ذَلِكَ لِاسْتِحْبَابِ ذِكْرِهِ الْمُصَرَّحِ بِهِ فِي الْأَصْلِ أَيْضًا اهـ (قَوْلُهُ: كُلُّ مُكَلَّفٍ) يَسْتَثْنِي طَالِبَ الْعِلْمِ فَلَا يُسَنُّ لَهُ ذِكْرُ الْمَوْتِ لِأَنَّهُ يَقْطَعُهُ، وَكَتَبَ عَلَيْهِ سم عَلَى حَجّ: يَحْتَمِلُ أَنْ يَطْلُبَ مِنْ الْوَلِيِّ وَنَحْوِهِ أَمْرَ الصَّبِيِّ الْمُمَيِّزِ بِذَلِكَ اهـ.
وَقَوْلُهُ يَطْلُبُ: أَيْ نَدْبًا (قَوْلُهُ: وَصَحَّ «أَكْثِرُوا مِنْ ذِكْرِ هَاذِمِ اللَّذَّاتِ» ) قَالَ الْحَافِظُ فِي تَخْرِيجِ الْعَزِيزِ: ذَكَرَ السُّهَيْلِيُّ فِي الرَّوْضِ أَنَّ الرِّوَايَةَ فِي بِالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ وَمَعْنَاهُ الْقَاطِعُ. وَأَمَّا بِالْمُهْمَلَةِ فَمَعْنَاهُ الْمُزِيلُ لِلشَّيْءِ، وَلَيْسَ ذَلِكَ مُرَادًا هُنَا وَفِي هَذَا النَّفْيِ نَظَرٌ لَا يَخْفَى اهـ. وَقَدْ جَوَّزَ فِي فَتْحِ الْإِلَهِ الْوَجْهَيْنِ وَقَالَ: فَهُوَ اسْتِعَارَةٌ تَبَعِيَّةٌ أَوْ بِالْكِنَايَةِ شَبَّهَ وُجُودَ اللَّذَّاتِ ثُمَّ زَوَالَهَا بِذِكْرِ الْمَوْتِ بِبُنْيَانٍ مُرْتَفِعٍ هَدَمَتْهُ صَعَقَاتٌ هَائِلَةٌ حَتَّى لَمْ تُبْقِ مِنْهُ شَيْئًا، وَلَيْسَ فِيمَا ذَكَرَهُ مَا يَمْنَعُ قَوْلَ السُّهَيْلِيِّ وَلَيْسَ ذَلِكَ مُرَادًا هُنَا فَإِنْ جَعَلَهُ اسْتِعَارَةً لَا يُؤَدِّي إلَى أَنَّ الْمَعْنَى الْحَقِيقِيَّ مُرَادٌ، وَغَايَتُهُ أَنْ يُصَحِّحَ التَّعْبِيرَ بِالْهَاذِمِ عَنْ الْقَاطِعِ مَجَازًا، وَلَيْسَ كَلَامُ السُّهَيْلِيِّ فِي التَّعْبِيرِ بَلْ فِي أَنَّ الْمَعْنَى الْحَقِيقِيَّ لِلْهَاذِمِ غَيْرُ مُرَادٍ، وَقَوْلُهُ شَبَّهَ وُجُودَ اللَّذَّاتِ تَقْرِيرٌ لِلِاسْتِعَارَةِ بِالْكِنَايَةِ وَلَمْ يُصَرِّحْ بِتَقْرِيرِ التَّبَعِيَّةِ، وَلَعَلَّهُ أَنْ يُقَالَ: وَشَبَّهَ إزَالَةَ اللَّذَّاتِ بِذِكْرِ الْمَوْتِ بِهَدْمِ الصَّوَاعِقِ أَوْ نَحْوِهَا لِلْبِنَاءِ الْمُرْتَفِعِ وَاسْتَعَارَ لَهُ اسْمَهُ ثُمَّ اُشْتُقَّ مِنْهُ هَاذِمٌ (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ مَا ذُكِرَ فِي كَثِيرٍ إلَخْ) مِثْلُهُ فِي حَجّ وَفِي الْمَحَلِّيِّ وَشَيْخِ الْإِسْلَامِ مَا يَذْكُرُ (قَوْلُهُ: فَلْيَحْفَظْ الرَّأْسَ وَمَا وَعَى) أَيْ مَا اشْتَمَلَ عَلَيْهِ مِنْ الْبَصَرِ وَالسَّمْعِ وَاللِّسَانِ، وَلْيَحْفَظْ الْبَطْنَ وَمَا حَوَى يَنْبَغِي أَنْ يُرَادَ بِهِ مَا يَشْمَلُ الْقَلْبَ وَالْفَرْجَ.
وَالْمُرَادُ بِحِفْظِ الْبَطْنِ أَنْ يَصُونَهُ عَنْ وُصُولِ الْحَرَامِ إلَيْهِ مِنْ الْمَطْعَمِ وَالْمَشْرَبِ (قَوْلُهُ: وَالْمَوْتُ مُفَارَقَةُ الرُّوحِ الْجَسَدَ) وَهَلْ الرُّوحُ مَوْجُودَةٌ قَبْلَ خَلْقِ الْجَسَدِ أَوْ لَا؟ فِيهِ خِلَافٌ فِي الْعَقَائِدِ، وَالْمُعْتَمَدُ مِنْهُ الْأَوَّلُ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: فَفِيهِ تَقْدِيرٌ إلَخْ) هَذَا بِمُجَرَّدِهِ لَا يَسْتَلْزِمُ عَدَمَ فَنَائِهَا، وَأَوْلَى مِنْهُ مَا ذَكَرَهُ الْبَيْضَاوِيُّ حَيْثُ قَالَ: أَيْ يَقْبِضُهَا عَنْ الْأَبْدَانِ بِأَنْ يَقْطَعَ تَعَلُّقَهَا عَنْهَا وَتَصَرُّفَهَا فِيهَا ظَاهِرًا وَبَاطِنًا وَذَلِكَ عِنْدَ الْمَوْتِ أَوْ ظَاهِرًا لَا بَاطِنًا وَهُوَ فِي النَّوْمِ اهـ. وَوَجْهُ الْأَوْلَوِيَّةِ أَنَّ الْمُتَبَادَرَ مِنْ قَوْلِهِ بِأَنْ يَقْطَعَ تَعَلُّقَهَا إلَخْ أَنَّهَا بَاقِيَةٌ وَإِنَّمَا زَالَ عَنْهَا التَّعَلُّقُ بِالْبَدَنِ (قَوْلُهُ: وَيَسْتَعِدُّ لَهُ بِالتَّوْبَةِ) صَحَّ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم أَبْصَرَ جَمَاعَةً يَحْفِرُونَ
ــ
[حاشية الرشيدي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
عَلَيْهِ وَتَصْمِيمُهُ عَلَى أَنْ لَا يَعُودَ إلَيْهِ، وَخُرُوجٌ عَنْ مَظْلِمَةٍ قَدَرَ عَلَيْهَا بِنَحْوِ تَحَلُّلِهِ مِمَّنْ اغْتَابَهُ، أَوْ سَبَّهُ (وَرَدِّ الْمَظَالِمِ) إلَى أَهْلِهَا بِمَعْنَى الْخُرُوجِ مِنْهَا سَوَاءٌ أَكَانَ وُجُوبُهُ عَلَيْهِ مُوَسَّعًا، أَوْ مُضَيَّقًا كَأَدَاءِ دَيْنٍ وَقَضَاءِ فَوَائِتَ وَغَيْرِهِمَا، وَمَعْنَى الِاسْتِعْدَادِ لِذَلِكَ الْمُبَادَرَةُ إلَيْهِ لِئَلَّا يَفْجَأَهُ الْمَوْتُ الْمُفَوِّتُ لَهُ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِ نَدْبُ ذَلِكَ بِدَلِيلِ مَا بَعْدَهُ، وَهُوَ مَا صَرَّحَ بِهِ ابْنُ الْمُقْرِي فِي تَمْشِيَتِهِ كَالْقَمُولِيِّ، وَيَنْبَغِي حَمْلُهُ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَعْلَمْ أَنَّ مَا عَلَيْهِ مُقْتَضٍ لِلتَّوْبَةِ فَحِينَئِذٍ يُنْدَبُ لَهُ تَجْدِيدُهَا
ــ
[حاشية الشبراملسي]
قَبْرًا فَبَكَى حَتَّى بَلَّ الثَّرَى بِدُمُوعِهِ وَقَالَ: إخْوَانِي لِمِثْلِ هَذَا فَأَعِدُّوا» أَيْ تَأَهَّبُوا وَاِتَّخَذُوهُ عِدَّةَ شَرْحِ الْإِرْشَادِ لِشَيْخِنَا اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ. قَالَ حَجّ فِي الْإِيعَابِ: وَلَوْ تَحَقَّقَ أَنَّ عَلَيْهِ ذَنْبًا وَنَسِيَ عَيْنَهُ فَالْوَرَعُ مَا قَالَهُ الْمُحَاسِبِيُّ أَنَّهُ يُعَيِّنُ كُلَّ ذَنْبٍ وَيَنْدَمُ عَلَيْهِ بِخُصُوصِهِ، فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَهُوَ غَيْرُ مُخَاطَبٍ بِالتَّوْبَةِ لِتَعَذُّرِهَا، لَكِنَّهُ يَلْقَى اللَّهَ تَعَالَى بِذَلِكَ الذَّنْبِ وَكَذَا لَوْ نَسِيَ دَائِنُهُ، وَتَسَامَحَ الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ فَقَالَ يَقُولُ: إنْ كَانَ لِي ذَنْبٌ لَمْ أَعْلَمْهُ فَإِنِّي تَائِبٌ إلَى اللَّهِ مِنْهُ اهـ.
أَقُولُ: وَقَوْلُهُ لَكِنَّهُ يَلْقَى اللَّهَ. . إلَخْ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ فِي ذَنْبٍ يَتَوَقَّفُ عَلَى رَدِّ الْمَظَالِمِ. أَمَّا غَيْرُهُ فَيَكْفِي فِيهِ عُمُومُ التَّوْبَةِ إذْ التَّعْيِينُ غَيْرُ مُحْتَاجٍ إلَيْهِ (قَوْلُهُ: عَلَى أَنْ لَا يَعُودَ إلَيْهِ) أَيْ إلَى مِثْلِهِ (قَوْلُهُ: وَرَدِّ الْمَظَالِمِ إلَى أَهْلِهَا) الْمُرَادُ بِرَدِّ الْمَظَالِمِ الْخُرُوجُ مِنْهَا لِيَشْمَلَ نَحْوَ الِاسْتِحْلَالِ مِنْ الْغِيبَةِ وَقَضَاءِ الصَّلَاةِ مِمَّا لَيْسَ فِيهِ شَيْءٌ يَرُدُّهُ عَلَى الْمَظْلُومِ. وَمَحَلُّ تَوَقُّفِ التَّوْبَةِ عَلَى رَدِّ الْمَظَالِمِ حَيْثُ قَدِرَ عَلَيْهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي قَوْلِهِ وَخُرُوجٍ عَنْ مَظْلِمَةٍ قَدِرَ عَلَيْهَا وَإِلَّا فَالشَّرْطُ الْعَزْمُ عَلَى الرَّدِّ إنْ قَدِرَ. وَمَحَلُّهُ أَيْضًا حَيْثُ عُرِفَ الْمَظْلُومُ وَإِلَّا فَيَتَصَدَّقُ بِمَا ظَلَمَ بِهِ عَنْ الْمَظْلُومِ كَذَا قِيلَ، وَالْأَقْرَبُ أَنْ يُقَالَ: هُوَ مَالٌ ضَائِعٌ يَرُدُّهُ عَلَى بَيْتِ الْمَالِ، فَلَعَلَّ مَنْ قَالَ يَتَصَدَّقُ بِهِ مُرَادُهُ حَيْثُ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّ بَيْتَ الْمَالِ لَا يَصْرِفُ مَا يَأْخُذُهُ عَلَى مُسْتَحِقِّيهِ، ثُمَّ لَوْ كَانَ لِلظَّالِمِ اسْتِحْقَاقُ بَيْتِ الْمَالِ فَهَلْ يَجُوزُ لَهُ الِاسْتِقْلَالُ بِهِ وَالتَّصَرُّفُ فِيهِ لِكَوْنِهِ مِنْ الْمُسْتَحِقِّينَ أَوْ لَا، لِاتِّحَادِ الْقَابِضِ وَالْمُقْبِضُ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ. هَذَا وَمَحَلُّ التَّوَقُّفِ عَلَى الِاسْتِحْلَالِ أَيْضًا حَيْثُ لَمْ يَتَرَتَّبْ عَلَيْهِ ضَرَرٌ، فَمَنْ زَنَى بِامْرَأَةٍ وَلَمْ يُبَلِّغْ الْإِمَامَ فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَطْلُبَ مِنْ زَوْجِهَا وَأَهْلِهَا الِاسْتِحْلَالَ لِمَا فِيهِ مِنْ هَتْكِ عِرْضِهِمْ، فَيَكْفِي النَّدَمُ وَالْعَزْمُ عَلَى أَنْ لَا يَعُودَ، ثُمَّ مَا تَقَرَّرَ مِنْ أَنَّ قَضَاءَ الصَّلَاةِ فِيهِ خُرُوجٌ عَنْ مَظْلِمَةِ مُخَالِفٍ لِقَوْلِ الشَّارِحِ، وَلِأَنَّهُ لَيْسَ جُزْءًا مِنْ كُلِّ تَوْبَةٍ إلَّا أَنْ يُرِيدَ بِالْخُرُوجِ مِنْهَا بِقَضَاءِ الصَّلَاةِ أَنَّهُ يَفْعَلُ الصَّلَاةَ كَأَنَّهُ خَرَجَ مِمَّا ظَلَمَ بِهِ.
(قَوْلُهُ: وَقَضَاءِ فَوَائِتَ) قَالَ حَجّ فِي حَاشِيَةِ الْإِيضَاحِ: وَمِنْهَا قَضَاءُ نَحْوِ صَلَاةٍ وَإِنْ كَثُرَتْ، وَيَجِبُ عَلَيْهِ صَرْفُ سَائِرِ زَمَنِهِ لِذَلِكَ مَا عَدَا الْوَقْتَ الَّذِي يَحْتَاجُهُ لِصَرْفِ مَا عَلَيْهِ مِنْ مُؤْنَةِ نَفْسِهِ وَعِيَالِهِ، وَكَذَا يُقَالُ فِي نِسْيَانِ الْقُرْآنِ أَوْ بَعْضِهِ بَعْدَ الْبُلُوغِ اهـ. أَقُولُ: وَهُوَ وَاضِحٌ إنْ قَدِرَ عَلَى قَضَائِهَا فِي زَمَنٍ يَسِيرٍ. أَمَّا لَوْ كَانَتْ عَلَيْهِ صَلَوَاتٌ كَثِيرَةٌ جِدًّا وَكَانَ يَسْتَغْرِقُ قَضَاؤُهَا زَمَنًا كَثِيرًا فَيَنْبَغِي أَنْ يَكْفِي فِي صِحَّةِ تَوْبَتِهِ عَزْمُهُ عَلَى قَضَائِهَا مَعَ الشُّرُوعِ فِيهِ حَتَّى لَوْ مَاتَ زَمَنَ الْقَضَاءِ لَمْ يَمُتْ عَاصِيًا، وَكَذَا لَوْ زَوَّجَ مُوَلِّيَتَهُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ فَتَزْوِيجُهُ صَحِيحٌ؛ لِأَنَّهُ فَعَلَ مَا فِي مَقْدُورِهِ أَخْذًا مِنْ قَوْلِ الشَّارِحِ وَخُرُوجٍ عَنْ مَظْلِمَةٍ قَدِرَ عَلَيْهَا (قَوْلُهُ: فَحِينَئِذٍ يُنْدَبُ لَهُ تَجْدِيدُهَا) أَيْ بِأَنْ يُجَدِّدَ النَّدَمَ وَالْعَزْمَ عَلَى أَنْ لَا يَعُودَ، وَلَيْسَ ثَمَّ مَظْلِمَةٌ يَرُدُّهَا فَلَا يَتَأَتَّى فِيهَا التَّجْدِيدُ، وَهَذَا فِيمَنْ سَبَقَ لَهُ تَوْبَةٌ مِنْ ذَنْبٍ. أَمَّا مَنْ لَمْ يَتَقَدَّمْ لَهُ ذَنْبٌ أَصْلًا فَلَعَلَّ الْمُرَادَ بِالتَّوْبَةِ فِي حَقِّهِ الْعَزْمُ عَلَى عَدَمِ فِعْلِ الذَّنْبِ، وَعِبَارَةُ الْإِيعَابِ أَوْ يُنْزِلُ نَفْسَهُ مَنْزِلَةَ الْعَاصِي بِأَنْ يَرَى كُلَّ طَاعَةٍ تَقَدَّمَتْ مِنْهُ دُونَ مَا هُوَ مَطْلُوبٌ مِنْهُ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ
ــ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: وَخُرُوجٌ عَنْ مَظْلِمَةٍ) الْأَوْلَى حَذْفُهُ لِمَا يَأْتِي فِي كَلَامِهِ قَرِيبًا (قَوْلُهُ: مُوَسَّعًا) اُنْظُرْ مَا صُورَةُ وُجُوبِ الْخُرُوجِ مِنْ الْمَظَالِمِ مُوَسَّعًا (قَوْلُهُ: كَأَدَاءِ دَيْنٍ) الْكَافُ فِيهِ تَنْظِيرِيَّةٌ لَا تَمْثِيلِيَّةٌ كَمَا لَا يَخْفَى، وَيَجُوزُ جَعْلُهَا تَمْثِيلِيَّةً بِقَصْرِ الدَّيْنِ عَلَى
اعْتِنَاءً بِشَأْنِهَا.
أَمَّا إذَا عَلِمَ أَنَّ عَلَيْهِ مُقْتَضِيًا لَهَا فَهِيَ وَاجِبَةٌ فَوْرًا بِالْإِجْمَاعِ، وَعَلَى هَذَا يُحْمَلُ قَوْلُ جَمْعٍ وُجُوبًا، وَعَلَى مُقَابِلِهِ يُحْمَلُ قَوْلُ آخَرِينَ نَدْبًا، وَصَرَّحَ بِرَدِّ الْمَظَالِمِ مَعَ دُخُولِهِ فِي التَّوْبَةِ لِمَا مَرَّ فِي الِاسْتِسْقَاءِ؛ وَلِأَنَّهُ لَيْسَ جُزْءًا مِنْ كُلِّ تَوْبَةٍ بِخِلَافِ الثَّلَاثَةِ قَبْلَهُ (وَالْمَرِيضُ آكَدُ) أَيْ أَشَدُّ طَلَبًا لِأَنَّهُ إلَى الْمَوْتِ أَقْرَبُ، وَيُسَنُّ لَهُ الصَّبْرُ عَلَى الْمَرَضِ: أَيْ تَرْكُ التَّضَجُّرِ مِنْهُ، وَيُكْرَهُ كَثْرَةُ الشَّكْوَى، نَعَمْ إنْ سَأَلَهُ نَحْوُ طَبِيبٍ أَوْ قَرِيبٍ أَوْ صِدِّيقٍ عَنْ حَالِهِ فَأَخْبَرَهُ بِمَا هُوَ فِيهِ مِنْ الشِّدَّةِ لَا عَلَى صُورَةِ الْجَزَعِ فَلَا بَأْسَ، وَلَا يُكْرَهُ الْأَنِينُ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ، لَكِنَّ اشْتِغَالَهُ بِنَحْوِ التَّسْبِيحِ أَوْلَى مِنْهُ فَهُوَ خِلَافُ الْأَوْلَى، وَيُسَنُّ أَنْ يَتَعَهَّدَ نَفْسَهُ بِتِلَاوَةِ الْقُرْآنِ وَالذِّكْرِ وَحِكَايَاتِ الصَّالِحِينَ وَأَحْوَالِهِمْ عِنْدَ الْمَوْتِ، وَأَنْ يُوصِيَ أَهْلَهُ بِالصَّبْرِ عَلَيْهِ وَتَرْكِ النَّوْحِ وَنَحْوِهِ مِمَّا اُعْتِيدَ فِي الْجَنَائِزِ وَغَيْرِهَا، وَأَنْ يُحَسِّنَ خُلُقَهُ وَأَنْ يَجْتَنِبَ الْمُنَازَعَةَ فِي أُمُورِ الدُّنْيَا وَأَنْ يَسْتَرْضِيَ مَنْ لَهُ بِهِ عُلْقَةٌ كَخَدَمٍ وَزَوْجَةٍ وَوَلَدٍ وَجَارٍ وَمُعَامِلٍ وَصَدِيقٍ، وَأَنْ يُعَادَ مَرِيضٌ وَلَوْ بِنَحْوِ رَمَدٍ وَفِي أَوَّلِ يَوْمِ مَرَضِهِ، وَخَبَرُ:«إنَّمَا يُعَادُ بَعْدَ ثَلَاثَةٍ» مَوْضُوعٌ، وَإِنْ أَخَذَ بِهِ الْغَزَالِيُّ مُسَلَّمٌ وَلَوْ عَدُوًّا وَمَنْ لَا يَعْرِفُهُ.
وَكَذَا ذِمِّيٌّ قَرِيبٌ، أَوْ جَارٌ وَنَحْوُهُمَا وَمَنْ رُجِيَ إسْلَامُهُ، فَإِنْ انْتَفَى ذَلِكَ جَازَتْ عِيَادَتُهُ، وَتُكْرَهُ عِيَادَةٌ تَشُقُّ عَلَى الْمَرِيضِ، وَأَلْحَقَ الْأَذْرَعِيُّ بَحْثًا بِالذِّمِّيِّ الْمُعَاهَدِ وَالْمُسْتَأْمَنِ إذَا كَانَ بِدَارِنَا وَنُظِرَ فِي عِيَادَةِ أَهْلِ الْبِدَعِ الْمُنْكَرَةِ وَأَهْلِ الْفُجُورِ وَالْمَكْسِ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ قَرَابَةٌ وَلَا جِوَارٌ وَلَا رَجَاءُ تَوْبَةٍ؛ لِأَنَّا مَأْمُورُونَ بِمُهَاجَرَتِهِمْ، وَأَنْ تَكُونَ الْعِيَادَةُ غِبًّا فَلَا يُوَاصِلُهَا كُلَّ يَوْمٍ إلَّا أَنْ يَكُونَ مَغْلُوبًا عَلَيْهِ، نَعَمْ نَحْوُ الْقَرِيبِ وَالصَّدِيقِ مِمَّنْ يَسْتَأْنِسُ بِهِ الْمَرِيضُ أَوْ يَتَبَرَّكُ بِهِ، أَوْ يَشُقُّ عَلَيْهِ عَدَمُ رُؤْيَتِهِ كُلَّ يَوْمٍ تُسَنُّ لَهُمْ الْمُوَاصَلَةُ مَا لَمْ يَفْهَمُوا، أَوْ يَعْلَمُوا كَرَاهَةَ ذَلِكَ، ذَكَرَهُ فِي الْمَجْمُوعِ، وَأَنْ يُخَفِّفَ الْمُكْثَ عِنْدَهُ بَلْ تُكْرَهُ إطَالَتُهُ مَا لَمْ يُفْهَمْ عَنْهُ الرَّغْبَةُ فِيهَا، وَأَنْ يَدْعُوَ لَهُ بِالشِّفَاءِ إنْ طَمِعَ فِي حَيَاتِهِ وَلَوْ عَلَى بُعْدٍ وَأَنْ يَكُونَ دُعَاؤُهُ:«أَسْأَلُ اللَّهَ الْعَظِيمَ رَبَّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ أَنْ يَشْفِيَك بِشِفَائِهِ سَبْعَ مَرَّاتٍ» ، وَأَنْ يُطَيِّبَ نَفْسَهُ بِمَرَضِهِ، فَإِنْ خَافَ عَلَيْهِ الْمَوْتَ رَغَّبَهُ فِي التَّوْبَةِ وَالْوَصِيَّةِ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
عليه الصلاة والسلام «إنَّهُ لَيُغَانُ عَلَى قَلْبِي فَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ فِي الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ سَبْعِينَ مَرَّةً» اهـ. هَذَا وَيَنْبَغِي أَنَّ الْمُرَادَ بِنَدْبِ رَدِّ الْمَظَالِمِ أَنَّ مَا تَرَدَّدَ فِي أَنَّهُ هَلْ لَزِمَ ذِمَّتَهُ أَوَّلًا أَنْ يَرُدَّهُ احْتِيَاطًا.
(قَوْلُهُ: لِمَا مَرَّ) اهْتِمَامًا بِذِكْرِهَا لِعِظَمِ أَمْرِهَا (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الثَّلَاثَةِ قَبْلَهُ) هِيَ قَوْلُهُ تَرْكُ الذَّنْبِ وَالنَّدَمِ عَلَيْهِ وَتَصْمِيمُهُ عَلَى أَنْ لَا يَعُودَ إلَيْهِ (قَوْلُهُ: فَلَا بَأْسَ) أَيْ فَلَا كَرَاهَةَ بَلْ هُوَ مُبَاحٌ (قَوْلُهُ: مُسَلَّمٌ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ فَاسِقًا وَذَا بِدْعَةٍ، وَسَيَأْتِي مَا فِيهِ عَنْ الْأَذْرَعِيِّ مِمَّا يُفِيدُ الْكَرَاهَةَ حَيْثُ لَا قَرَابَةَ وَلَا جِوَارَ وَلَا رَجَاءَ تَوْبَةٍ، وَهَذَا شَرْطٌ فِي سَنِّ الْإِعَادَةِ وَهُوَ مُعْتَبَرٌ فِي الْمُعَادِ وَأُطْلِقَ فِي الْمُعِيدِ، فَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ مِنْهُ وَلَوْ كَافِرًا؛ لِأَنَّهُ مُخَاطَبٌ بِفُرُوعِ الشَّرِيعَةِ (قَوْلُهُ: جَازَتْ عِيَادَتُهُ) الْمُتَبَادَرُ مِنْ الْجَوَازِ اسْتِوَاءُ الطَّرَفَيْنِ وَأَنَّهَا غَيْرُ مَكْرُوهَةٍ (قَوْلُهُ: وَتُكْرَهُ عِيَادَةٌ تَشُقُّ عَلَى الْمَرِيضِ) أَيْ مَشَقَّةٌ غَيْرُ شَدِيدَةٍ وَإِلَّا حَرُمَتْ (قَوْلُهُ: إذَا كَانَ بِدَارِنَا) وَيَنْبَغِي مِثْلُهُ فِي الذِّمِّيِّ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّا مَأْمُورُونَ بِمُهَاجَرَتِهِمْ) الْأَوْلَى بِهَجْرِهِمْ؛ لِأَنَّ الْمُهَاجَرَةَ كَمَا فِي الْمُخْتَارِ الِانْتِقَالُ مِنْ أَرْضٍ إلَى غَيْرِهَا اهـ.
وَقَضِيَّةُ التَّعْلِيلِ عَدَمُ سَنِّ عِيَادَتِهِمْ بَلْ كَرَاهَتُهَا سِيَّمَا إذَا كَانَ فِي ذَلِكَ زَجْرٌ (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَكُونَ مَغْلُوبًا عَلَيْهِ) أَيْ بِأَنْ يَكُونَ ثَمَّ مَا يَقْتَضِي الذَّهَابَ لَهُ كُلَّ يَوْمٍ كَشِرَاءِ أَدْوِيَةٍ وَنَحْوِهَا (قَوْلُهُ: وَأَنْ يَدْعُوَ لَهُ بِالشِّفَاءِ) أَيْ وَلَوْ كَانَ كَافِرًا أَوْ فَاسِقًا وَلَوْ كَانَ مَرَضُهُ رَمَدًا، وَيَنْبَغِي أَنَّ مَحَلَّهُ مَا لَمْ يَكُنْ فِي حَيَاتِهِ ضَرَرٌ لِلْمُسْلِمِينَ وَإِلَّا فَلَا يَطْلُبُ الدُّعَاءَ لَهُ بَلْ لَوْ قِيلَ بِطَلَبِ الدُّعَاءِ عَلَيْهِ لِمَا فِيهِ مِنْ الْمَصْلَحَةِ لَمْ يَبْعُدْ (قَوْلُهُ: وَأَنْ يَكُونَ دُعَاؤُهُ إلَخْ) هَذَا مَفْرُوضٌ فِيمَا لَوْ عَادَهُ وَمِثْلُهُ مَا لَوْ حَضَرَ الْمَرِيضُ إلَيْهِ أَوْ أُحْضِرَ بَلْ يَنْبَغِي طَلَبُ الدُّعَاءِ لَهُ بِذَلِكَ مُطْلَقًا إذَا عَلِمَ بِمَرَضِهِ (قَوْلُهُ: وَالْوَصِيَّةُ) أَفْهَمَ أَنَّهُ لَوْ
ــ
[حاشية الرشيدي]
الْمُتَعَدِّي بِهِ وَالْفَوَائِتُ عَلَى مَا فَاتَ بِتَقْصِيرٍ (قَوْلُهُ: وَعَلَى مُقَابِلِهِ يُحْمَلُ قَوْلُ آخَرِينَ إلَخْ) لَا حَاجَةَ إلَيْهِ إذْ هُوَ مُكَرَّرٌ
وَأَنْ يَطْلُبَ الدُّعَاءَ مِنْهُ وَأَنْ يَعِظَهُ وَيُذَكِّرَهُ بَعْدَ عَافِيَتِهِ بِمَا عَاهَدَ اللَّهَ عَلَيْهِ مِنْ خَيْرٍ، وَأَنْ يُوصِيَ أَهْلَهُ وَخَادِمَهُ بِالرِّفْقِ بِهِ وَالصَّبْرِ عَلَيْهِ وَمِثْلُهُ مَنْ قَرُبَ مَوْتُهُ فِي حَدٍّ وَنَحْوِهِ.
ثُمَّ شَرَعَ فِي آدَابِ الْمُحْتَضَرِ فَقَالَ (وَيَضْطَجِعُ الْمُحْتَضَرُ) وَهُوَ مَنْ حَضَرَهُ الْمَوْتُ وَلَمْ يَمُتْ (لِجَنْبِهِ الْأَيْمَنِ) نَدْبًا كَالْمَوْضُوعِ فِي اللَّحْدِ (إلَى الْقِبْلَةِ) نَدْبًا أَيْضًا؛ لِأَنَّهَا أَشْرَفُ الْجِهَاتِ (عَلَى الصَّحِيحِ) رَاجِعٌ لِلِاضْطِجَاعِ وَسَيَأْتِي مُقَابِلُهُ (فَإِنْ تَعَذَّرَ) وَضْعُهُ عَلَى يَمِينِهِ: أَيْ تَعَسَّرَ ذَلِكَ (لِضِيقِ مَكَان وَنَحْوِهِ) كَعِلَّةٍ فَلِجَنْبِهِ الْأَيْسَرِ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ؛ لِأَنَّهُ أَبْلَغُ فِي التَّوَجُّهِ مِنْ اسْتِلْقَائِهِ، فَإِنْ تَعَذَّرَ (أُلْقِيَ عَلَى قَفَاهُ وَوَجْهِهِ وَأَخْمَصَاهُ) وَهُمْ أَسْفَلُ الرِّجْلَيْنِ وَحَقِيقَتُهُمَا كَمَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ فِي دَقَائِقِهِ الْمُنْخَفِضُ مِنْ أَسْفَلِهِمَا (لِلْقِبْلَةِ) بِأَنْ يَرْفَعَ رَأْسَهُ قَلِيلًا؛ لِأَنَّ ذَلِكَ هُوَ الْمُمْكِنُ، وَمُقَابِلُ الصَّحِيحِ أَنَّ الِاسْتِلْقَاءَ أَفْضَلُ، فَإِنْ تَعَذَّرَ أُضْجِعَ عَلَى الْأَيْمَنِ (وَيُلَقَّنُ) نَدْبًا (الشَّهَادَةَ) وَهِيَ: لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ بِأَنْ يَذْكُرَهَا بَيْنَ يَدَيْهِ لِيَتَذَكَّرَ، أَوْ يَقُولَ ذِكْرُ اللَّهِ تَعَالَى مُبَارَكٌ فَنَذْكُرُ اللَّهَ جَمِيعًا سُبْحَانَ اللَّهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَلَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَاَللَّهُ أَكْبَرُ وَلَا يَأْمُرُهُ بِهَا.
وَيَنْبَغِي لِمَنْ عِنْدَهُ ذِكْرُهَا أَيْضًا وَذَلِكَ لِخَبَرِ مُسْلِمٍ «لَقِّنُوا مَوْتَاكُمْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ» أَيْ مَنْ حَضَرَهُ الْمَوْتُ تَسْمِيَةً لِلشَّيْءِ بِمَا يَصِيرُ إلَيْهِ مَجَازًا، وَظَاهِرُ الْخَبَرِ يَقْتَضِي وُجُوبَ التَّلْقِينِ، وَإِلَيْهِ مَالَ الْقُرْطُبِيُّ، وَالْأَصَحُّ مَا مَرَّ وَأَنَّهُ لَا يُسَنُّ زِيَادَةُ: مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَهُوَ مَا صَحَّحَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَالْمَجْمُوعِ، وَقَوْلُ الطَّبَرِيِّ كَجَمْعٍ إنَّ زِيَادَتَهَا أَوْلَى لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مَوْتُهُ عَلَى الْإِسْلَامِ مَرْدُودٌ بِأَنَّ هَذَا مُسْلِمٌ، وَمِنْ ثَمَّ بَحَثَ الْإِسْنَوِيُّ أَنَّهُ لَوْ كَانَ كَافِرًا لُقِّنَ الشَّهَادَتَيْنِ وَأُمِرَ بِهِمَا لِخَبَرِ الْغُلَامِ الْيَهُودِيِّ وَيَكُونُ ذَلِكَ وُجُوبًا كَمَا أَفَادَهُ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إنْ رُجِيَ إسْلَامُهُ وَإِلَّا فَنَدْبًا، وَيُسْتَحَبُّ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ أَنْ يَكُونَ الْمُلَقِّنُ مِمَّنْ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
لَمْ يَخَفْ عَلَيْهِ لَا يَطْلُبُ تَرْغِيبَهُ فِي ذَلِكَ وَلَوْ قِيلَ بِطَلَبِ تَرْغِيبِهِ مُطْلَقًا لَمْ يَبْعُدْ سِيَّمَا إنْ ظَنَّ أَنَّ ثَمَّ مَا تُطْلَبُ التَّوْبَةُ مِنْهُ أَوْ يُوصَى فِيهِ (قَوْلُهُ: وَأَنْ يَطْلُبَ الدُّعَاءَ مِنْهُ) أَيْ وَلَوْ فَاسِقًا (قَوْلُهُ: وَأَنْ يَعِظَهُ) وَمِنْهُ أَنْ يَحْمِلَهُ عَلَى فِعْلِ قُرُبَاتٍ بَعْدَ شِفَائِهِ فَإِنْ شُفِيَ وَلَمْ يَفْعَلْ ذَلِكَ بِمَا عَاهَدَ اللَّهُ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَأَنْ يُوصِيَ أَهْلَهُ) أَيْ الْعَائِدُ وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مُرَاعًى عِنْدَ أَهْلِ الْمَيِّتِ (قَوْلُهُ: وَمِثْلُهُ مَنْ قَرُبَ مَوْتُهُ) أَيْ فِي جَمِيعِ مَا تَقَدَّمَ مِمَّا يَأْتِي مَجِيئُهُ فِيهِ.
(قَوْلُهُ: لِجَنْبِهِ) يَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ اللَّامُ بِمَعْنَى عَلَى؛ لِأَنَّ أَضْجَعَ إنَّمَا يَتَعَدَّى بِعَلَى لَا بِاللَّامِ، وَقَدْ عَبَّرَ بِهَا الشَّارِحُ فِي قَوْلِهِ الْآتِي: فَإِنْ تَعَذَّرَ أَضْجَعَ عَلَى الْأَيْمَنِ (قَوْلُهُ: كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ) نَبَّهَ بِهِ عَلَى أَنَّ الْمُصَنِّفَ أَسْقَطَ مَرْتَبَةً مِنْ الْمَرَاتِبِ الْمَطْلُوبَةِ، وَقَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ أَبْلَغُ عِلَّةً لِكُلٍّ مِنْ قَوْلِهِ لِجَنْبِهِ الْأَيْمَنِ إلَخْ وَقَوْلُهُ فَلِجَنْبِهِ الْأَيْسَرِ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَأَخْمَصَاهُ) بِفَتْحِ الْمِيمِ أَشْهُرُ مِنْ كَسْرِهَا وَضَمِّهَا اهـ شَرْحُ بَهْجَةٍ وحج. وَقَالَ فِي الْإِيعَابِ: هُوَ بِتَثْلِيثِ الْهَمْزَةِ أَيْضًا (قَوْلُهُ: وَمُقَابِلُ الصَّحِيحِ) قَالَ حَجّ: قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ: وَالْعَمَلُ عَلَى هَذَا (قَوْلُهُ: وَيُلَقَّنُ الشَّهَادَةَ) أَيْ وَلَوْ كَانَ نَبِيًّا فِيمَا يَظْهَرُ، وَعِبَارَةُ ابْنِ الْقَاسِمِ عَلَى ابْنِ حَجَرٍ: وَانْظُرْ لَوْ كَانَ نَبِيًّا، وَالْأَوْجَهُ أَنَّهُ لَا مَحْذُورٌ مِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى اهـ. وَالْمَعْنَى هُوَ قَوْلُهُ مَعَ السَّابِقِينَ؛ لِأَنَّ الْأَنْبِيَاءَ يَتَأَخَّرُ دُخُولُ بَعْضِهِمْ عَنْ بَعْضٍ الْجَنَّةَ (قَوْلُهُ: وَاَللَّهُ أَكْبَرُ) قَدْ يَقْتَضِي هَذَا التَّمْثِيلُ أَنَّ إتْيَانَ الْمَرِيضِ بِهَذَا الْمِثَالِ لَا يَمْنَعُ أَنَّ آخِرَ كَلَامِهِ كَلِمَةُ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ مَعَ تَأَخُّرِ وَاَللَّهُ أَكْبَرُ عَنْهَا اهـ سم عَلَى بَهْجَةٍ. وَقَدْ يُمْنَعُ أَنَّهُ يَقْتَضِي ذَلِكَ لِجَوَازِ أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ إذَا ذَكَرَ ذَلِكَ تَذَكَّرَ الْمَرِيضُ كَلِمَةَ الشَّهَادَةِ فَنَطَقَ بِهَا، وَمَعَ ذَلِكَ إنَّهُ قَدْ يُقَالُ: إنَّ الْمَرِيضَ إذَا نَطَقَ بِهِ لَا يُعَادُ عَلَيْهِ التَّلْقِينُ؛ لِأَنَّ هَذَا الذِّكْرَ لَمَّا كَانَ مِنْ تَوَابِعِ كَلِمَةِ الشَّهَادَةِ عُدَّ كَأَنَّهُ مِنْهَا.
(قَوْلُهُ: وَلَا يَأْمُرُهُ بِهَا) أَيْ يُكْرَهُ لَهُ ذَلِكَ (قَوْلُهُ وَالْأَصَحُّ مَا مَرَّ) أَيْ مِنْ قَوْلِهِ نَدْبًا (قَوْلُهُ وَأَنْ لَا تُسَنَّ زِيَادَةُ مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ) أَيْ فَلَوْ زَادَهَا وَذَكَرَهَا الْمُحْتَضَرُ بَعْدَ قَوْلِهِ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ لَا يَخْرُجُ عَنْ كَوْنِ التَّوْحِيدِ آخَرَ كَلَامِهِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ تَمَامِ الشَّهَادَةِ (قَوْلُهُ: لِخَبَرِ الْغُلَامِ الْيَهُودِيِّ) أَيْ الَّذِي عَادَهُ صلى الله عليه وسلم فِي مَرَضِهِ وَلَقَّنَهُ الشَّهَادَتَيْنِ فَأَسْلَمَ رضي الله عنه وَالْغُلَامُ لَيْسَ خَاصًّا بِالصَّغِيرِ (قَوْلُهُ: وَيَكُونُ ذَلِكَ وُجُوبًا) أَيْ إنْ رُجِيَ مِنْهُ الْإِسْلَامُ وَسَيَأْتِي ذَلِكَ فِي كَلَامِهِ، وَظَاهِرُهُ وَإِنْ بَلَغَ الْغَرْغَرَةَ وَلَا بُعْدَ فِيهِ لِاحْتِمَالِ أَنْ
ــ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: وَيَذْكُرُهُ بَعْدَ عَافِيَتِهِ) أَيْ مُطْلَقُ الْمَرِيضِ