المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌فصل في الصلاة على الميت المسلم غير الشهيد - نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج - جـ ٢

[الرملي، شمس الدين]

فهرس الكتاب

- ‌[بَابٌ يَشْتَمِلُ عَلَى شُرُوطِ الصَّلَاةِ وَمَوَانِعِهَا]

- ‌[مِنْ شُرُوط الصَّلَاة سَتْرُ الْعَوْرَةِ]

- ‌عَوْرَةُ الرَّجُلِ)

- ‌[عَوْرَةُ الْحُرَّةِ]

- ‌[مِنْ شُرُوطِ الصَّلَاة الطَّهَارَةُ مِنْ الْحَدَثِ الْأَصْغَرِ]

- ‌[مِنْ شُرُوطُ الصَّلَاةِ طَهَارَةُ النَّجَسِ فِي الثَّوْبِ وَالْبَدَنِ وَالْمَكَانِ]

- ‌(تَبْطُلُ) الصَّلَاةُ (بِالنُّطْقِ) عَمْدًا بِكَلَامِ مَخْلُوقٍ

- ‌[فَصْلٌ فِي مُبْطِلَاتِ الصَّلَاةِ وَسُنَنِهَا وَمَكْرُوهَاتِهَا] [

- ‌لَا تَبْطُلُ) الصَّلَاةُ (بِالذِّكْرِ وَالدُّعَاءِ)

- ‌[رَدُّ السَّلَامِ فِي الصَّلَاة]

- ‌[لَا تَجِبُ إجَابَةُ الْأَبَوَيْنِ فِي الصَّلَاةِ]

- ‌[بُطْلَانُ الصَّلَاة بِالْوَثْبَةِ الْفَاحِشَةِ]

- ‌[بُطْلَانُ الصَّلَاة بِقَلِيلِ الْأَكْلِ]

- ‌[الِالْتِفَاتُ فِي الصَّلَاةِ]

- ‌[الصَّلَاةُ حَاقِنًا بِالْبَوْلِ أَوْ حَاقِبًا بِالْغَائِطِ أَوْ حَازِقًا لِلرِّيحِ]

- ‌[كَرَاهَة البصق فِي الصَّلَاةِ أَوْ خَارِجَهَا قِبَلَ وَجْهِهِ أَوْ عَنْ يَمِينِهِ]

- ‌[الْفَرْقَعَةُ فِي الصَّلَاة أَوْ تَشْبِيكُ الْأَصَابِع]

- ‌[الصَّلَاةُ فِي الْكَنِيسَةِ وَالْبِيعَةِ]

- ‌[الصَّلَاةُ فِي مَعَاطِنِ الْإِبِلِ]

- ‌[الصَّلَاةُ فِي الْحَمَّامِ]

- ‌[الصَّلَاةُ فِي الْمَقْبَرَةِ الطَّاهِرَةِ]

- ‌[بَابٌ فِي بَيَانِ سَبَبِ سُجُودِ السَّهْوِ وَأَحْكَامِهِ]

- ‌[كَيْفِيَّةُ سَجْدَتَيْ السَّهْوِ كَسُجُودِ الصَّلَاةِ]

- ‌(بَابٌ فِي سُجُودِ التِّلَاوَةِ

- ‌[سَجَدَاتُ التِّلَاوَةِ فِي الْقُرْآنِ أَرْبَعَ عَشْرَةَ سَجْدَةً]

- ‌سَجْدَةُ الشُّكْرِ

- ‌[بَابٌ فِي صَلَاةِ النَّفْلِ وَهِيَ قِسْمَانِ] [

- ‌قِسْمٌ لَا يُسَنُّ فِيهِ النَّفَلُ جَمَاعَةً]

- ‌ مِنْ الْقِسْمِ الَّذِي لَا يُسَنُّ جَمَاعَةً (الْوِتْرُ)

- ‌مِنْ الْقِسْمِ الَّذِي لَا تُسَنُّ لَهُ جَمَاعَةٌ (الضُّحَى)

- ‌[مِنْ الْقِسْمِ الَّذِي لَا تُسَنُّ لَهُ جَمَاعَةٌ تَحِيَّةُ الْمَسْجِد]

- ‌[مِنْ الْقِسْمِ الَّذِي لَا تُسَنُّ لَهُ جَمَاعَةٌ رَكْعَتَانِ عِنْدَ السَّفَر]

- ‌قِسْمٌ) مِنْ النَّفْلِ (يُسَنُّ جَمَاعَةً)

- ‌[حُكْمُ التَّهَجُّد]

- ‌(كِتَابُ صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ) وَأَحْكَامِهَا

- ‌ الْجَمَاعَةُ (فِي الْمَسْجِدِ لِغَيْرِ الْمَرْأَةِ) وَالْخُنْثَى (أَفْضَلُ)

- ‌أَفْضَلُ الْجَمَاعَةِ بَعْدَ الْجُمُعَةِ

- ‌[أَعْذَارُ تَرْكُ صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ]

- ‌فَصْلٌ فِي صِفَةِ الْأَئِمَّةِ وَمُتَعَلِّقَاتِهَا

- ‌فَصْلٌ فِي بَعْضِ شُرُوطِ الْقُدْوَةِ وَكَثِيرٍ مِنْ آدَابِهَا وَبَعْضِ مَكْرُوهَاتِهَا

- ‌فَصْلٌ فِي بَعْضِ شُرُوطِ الْقُدْوَةِ أَيْضًا

- ‌فَصْلٌ فِي بَعْضِ شُرُوطِ الْقُدْوَةِ أَيْضًا

- ‌[فَصْلٌ فِي زَوَالِ الْقُدْوَةِ وَإِيجَادِهَا وَإِدْرَاكِ الْمَسْبُوقِ الرَّكْعَةَ وَمَا يَتْبَعُ ذَلِكَ]

- ‌(بَابُ) كَيْفِيَّةِ (صَلَاةِ الْمُسَافِرِ)

- ‌فَصْلٌ فِي شُرُوطِ الْقَصْرِ وَتَوَابِعِهَا

- ‌(فَصْلٌ) فِي الْجَمْعِ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ

- ‌[شُرُوطُ جَمْعِ التَّقْدِيمِ]

- ‌[شُرُوطُ التَّقْدِيمِ فِي صَلَاةِ الْجَمْعِ عِنْدَ الْمَطَرِ]

- ‌بَابُ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ

- ‌[شُرُوطُ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ]

- ‌[الْجَمْعِ لِعُذْرِ الْمَطَرِ]

- ‌[شُرُوطُ صِحَّةِ الْجُمُعَةِ]

- ‌[أَرْكَانُ خُطْبَةِ الْجُمُعَةِ]

- ‌[شُرُوطُ الْخُطْبَتَيْنِ فِي الْجُمُعَة]

- ‌فَصْلٌ فِي الْأَغْسَالِ الْمُسْتَحَبَّةِ فِي الْجُمُعَةِ وَغَيْرِهَا وَمَا يُذْكَرُ مَعَهَا

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيَانِ مَا يَحْصُلُ بِهِ إدْرَاكُ الْجُمُعَةِ وَمَا لَا تُدْرَكُ بِهِ]

- ‌[الْقِسْمِ الْأَوَّلِ إدْرَاكُ رُكُوعَ الثَّانِيَةِ مِنْ الْجُمُعَةِ مَعَ الْإِمَامِ]

- ‌[الْقِسْمِ الثَّانِي حُكْمُ اسْتِخْلَافِ الْإِمَامِ وَشُرُوطُهُ]

- ‌[بَابٌ كَيْفِيَّةُ صَلَاةِ الْخَوْفِ]

- ‌[النَّوْعُ الْأَوَّلِ كَوْنُ الْعَدُوِّ فِي جِهَةِ الْقِبْلَةِ]

- ‌[الثَّانِي مِنْ الْأَنْوَاعِ كَوْنُ الْعَدُوُّ فِي غَيْرِ الْقِبْلَةِ]

- ‌[النَّوْعُ الثَّالِثُ أَنْ تَقِفَ فِرْقَةٌ فِي وَجْهِ الْعَدُوِّ وَتَحْرُسُ وَهُوَ فِي غَيْرِ جِهَةِ الْقِبْلَةِ]

- ‌[النَّوْعُ الرَّابِعِ أَنْ يَلْتَحِمَ الْقِتَالُ بَيْنَ الْقَوْمِ وَلَمْ يَتَمَكَّنُوا مِنْ تَرْكِهِ]

- ‌فَصْلٌ فِيمَا يَجُوزُ لُبْسُهُ إنْ ذَكَرَ وَمَا لَا يَجُوزُ

- ‌بَابٌ صَلَاةُ الْعِيدَيْنِ

- ‌[حُكْمُ صَلَاةِ الْعِيدَيْنِ وَكَيْفِيَّتَهَا]

- ‌[وَقْتُ صَلَاةِ الْعِيدَيْنِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي التَّكْبِيرِ الْمُرْسَلِ وَالْمُقَيَّدِ]

- ‌[وَقْتُ تَكْبِير الْعِيد]

- ‌بَابُ صَلَاةِ الْكُسُوفَيْنِ

- ‌[التَّهْنِئَةُ بِالْعِيدِ]

- ‌بَابُ صَلَاةِ الِاسْتِسْقَاءِ

- ‌(بَابٌ) فِي حُكْمِ تَارِكِ الصَّلَاةِ الْمَفْرُوضَةِ عَلَى الْأَعْيَانِ

- ‌ كِتَابُ الْجَنَائِزِ

- ‌[آدَابِ الْمُحْتَضَرِ]

- ‌ بَيَانِ الْغَاسِلِ

- ‌فَصْلٌ فِي تَكْفِينِ الْمَيِّتِ وَحَمْلِهِ وَتَوَابِعِهِمَا

- ‌ كَيْفِيَّةِ حَمْلِ الْمَيِّتِ

- ‌فَصْلٌ فِي الصَّلَاةِ عَلَى الْمَيِّتِ الْمُسْلِمِ غَيْرِ الشَّهِيدِ

- ‌[شُرُوطُ صَلَاةِ الْجِنَازَةِ]

- ‌ الصَّلَاةِ عَلَى الْغَائِبِ

- ‌[تَقْدِيمُ الصَّلَاةِ عَلَى الدَّفْنِ وَتَأْخِيرُهَا عَنْ الْغُسْلِ أَوْ التَّيَمُّمِ]

- ‌[فَرْعٌ فِي بَيَانِ الْأَوْلَى بِصَلَاةِ الْجِنَازَةِ]

- ‌ الصَّلَاةُ (عَلَى الْكَافِرِ)

- ‌[حُكْم الصَّلَاة عَلَى السقط]

- ‌ الْمَيِّتُ إمَّا شَهِيدٌ أَوْ غَيْرُهُ

الفصل: ‌فصل في الصلاة على الميت المسلم غير الشهيد

‌فَصْلٌ فِي الصَّلَاةِ عَلَى الْمَيِّتِ الْمُسْلِمِ غَيْرِ الشَّهِيدِ

وَهِيَ مِنْ خَصَائِصِ هَذِهِ الْأُمَّةِ كَالْإِيصَاءِ بِالثُّلُثِ كَمَا قَالَهُ الْفَاكِهَانِيُّ الْمَالِكِيُّ فِي شَرْحِ الرِّسَالَةِ، وَلَا يُنَافِيهِ مَا وَرَدَ مِنْ تَغْسِيلِ الْمَلَائِكَةِ آدَمَ عليه الصلاة والسلام عَلَيْهِ وَقَوْلِهِمْ يَا بَنِي آدَمَ هَذِهِ سُنَّتُكُمْ فِي مَوْتَاكُمْ، لِجَوَازِ حَمْلِ الْأَوَّلِ عَلَى أَنَّ الْخُصُوصِيَّةَ بِالنَّظَرِ لِهَذِهِ الْكَيْفِيَّةِ وَالثَّانِي عَلَى أَصْلِ الْفِعْلِ (لِصَلَاتِهِ أَرْكَانٌ) سَبْعَةٌ (أَحَدُهَا النِّيَّةُ) كَبَقِيَّةِ الصَّلَوَاتِ وَتَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَيْهَا فِي صِفَةِ الصَّلَاةِ (وَوَقْتُهَا) هُنَا (كَغَيْرِهَا) أَيْ كَوَقْتِ نِيَّةِ غَيْرِهَا مِنْ الصَّلَوَاتِ فِي وُجُوبِ قَرْنِ النِّيَّةِ بِتَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ (وَتَكْفِي) فِيهَا (نِيَّةُ) مُطْلَقِ (الْفَرْضِ) وَإِنْ لَمْ يَقُلْ كِفَايَةً كَمَا تَكْفِي نِيَّةُ الْفَرْضِ فِي إحْدَى الْخَمْسِ وَإِنْ لَمْ يُقَيِّدْهَا بِالْعَيْنِ، وَعُلِمَ مِنْ كَلَامِهِ تَعَيُّنُ نِيَّةٍ الْفَرْضِيَّةِ كَمَا فِي الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ وَلَوْ فِي صَلَاةِ امْرَأَةٍ مَعَ رِجَالٍ، وَلَا تُشْتَرَطُ الْإِضَافَةُ إلَى اللَّهِ تَعَالَى أَخْذًا مِمَّا مَرَّ.

نَعَمْ تُسَنُّ وَقِيَاسُهُ نَدْبُ قَوْلِهِ مُسْتَقْبِلًا،

ــ

[حاشية الشبراملسي]

[فَصْلٌ فِي الصَّلَاةِ عَلَى الْمَيِّتِ الْمُسْلِمِ غَيْرِ الشَّهِيدِ]

فَصْلٌ) فِي الصَّلَاةِ عَلَى الْمَيِّتِ (قَوْلُهُ: وَهِيَ مِنْ خَصَائِصِ هَذِهِ الْأُمَّةِ)[تَنْبِيهٌ] هَلْ شُرِعَتْ صَلَاةُ الْجِنَازَةِ بِمَكَّةَ أَوْ لَمْ تُشْرَعْ بِالْمَدِينَةِ؟ لَمْ أَرَ فِي ذَلِكَ تَصْرِيحًا، وَظَاهِرُ حَدِيثِ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم صَلَّى عَلَى قَبْرِ الْبَرَاءِ بْنِ مَعْرُورٍ لَمَّا قَدِمَ الْمَدِينَةَ وَكَانَ مَاتَ قَبْلَ قُدُومِهِ لَهَا بِشَهْرٍ» كَمَا قَالَهُ ابْنُ إِسْحَاقَ وَغَيْرُهُ وَمَا فِي الْإِصَابَةِ عَنْ الْوَاقِدِيِّ وَأَقَرَّهُ أَنَّ الصَّلَاةَ عَلَى الْجِنَازَةِ لَمْ تَكُنْ شُرِعَتْ يَوْمَ مَوْتِ خَدِيجَةَ، وَمَوْتُهَا بَعْدَ النُّبُوَّةِ بِعَشْرِ سِنِينَ عَلَى الْأَصَحِّ أَنَّهَا لَمْ تُشْرَعْ بِمَكَّةَ بَلْ بِالْمَدِينَةِ اهـ حَجّ.

وَإِنَّمَا قَالَ: وَظَاهِرُ حَدِيثِ أَنَّهُ إلَخْ لِاحْتِمَالِ أَنَّهَا شُرِعَتْ بِمَكَّةَ بَعْدَ مَوْتِ خَدِيجَةَ وَقَبْلَ الْهِجْرَةِ (قَوْلُهُ: وَالثَّانِي عَلَى أَصْلِ الْفِعْلِ) أَيْ وَهُوَ يَحْصُلُ بِالدُّعَاءِ، وَالثَّانِي هُوَ قَوْلُهُ وَقَوْلُهُمْ يَا بَنِي آدَمَ إلَخْ، وَالْأَوَّلُ هُوَ قَوْلُهُ مَا وَرَدَ مِنْ تَغْسِيلِ الْمَلَائِكَةِ آدَمَ. . إلَخْ (قَوْلُهُ مِنْ الصَّلَوَاتِ) أَيْ الْمَفْرُوضَةِ، فَلَا يَرِدُ أَنَّ مُطْلَقَ الصَّلَوَاتِ يَشْمَلُ النَّفَلَ الْمُطْلَقَ، وَيَكْفِي فِيهِ مُطْلَقُ الْقَصْدِ لِلْفِعْلِ كَذَا قِيلَ، وَهُوَ إنَّمَا يَأْتِي لَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ وَنِيَّتُهَا كَغَيْرِهَا، وَأَمَّا حَيْثُ قَالَ: وَوَقْتُهَا كَوَقْتِ غَيْرِهَا اُعْتُبِرَ التَّعْمِيمُ فَإِنَّ وَقْتَ النِّيَّةِ فِي جَمِيعِ الصَّلَوَاتِ عِنْدَ تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ، نَعَمْ قَوْلُهُ قَبْلُ كَبَقِيَّةِ الصَّلَوَاتِ شَامِلٌ لِلنَّفْلِ لَكِنَّ قَوْلَهُ وَيَكْفِي فِيهَا نِيَّةُ مُطْلَقِ الْفَرْضِ قَرِينَةٌ عَلَى أَنَّ الْمُشَبَّهَ بِهِ الْفَرَائِضُ (قَوْلُهُ: وَتَكْفِي فِيهَا نِيَّةُ مُطْلَقُ الْفَرْضِ) يَنْبَغِي كِفَايَةُ نِيَّةِ فَرْضِ الْكِفَايَةِ وَإِنْ عَرَضَ تَعْيِينُهَا لِأَنَّهُ عَارِضٌ م ر اهـ سم عَلَى بَهْجَةٍ (قَوْلُهُ: وَلَوْ فِي صَلَاةِ امْرَأَةٍ) مَعَ رِجَالٍ أَوْ صَبِيٍّ عَلَى الْخِلَافِ السَّابِقِ فِيهِ شَرْحُ عب لحج اهـ سم عَلَيْهِ.

وَالرَّاجِحُ مِنْ الْخِلَافِ عِنْدَ الشَّارِحِ عَدَمُ الْوُجُوبِ عَلَى الصَّبِيِّ، وَقَدْ يُفَرَّقُ بَيْنَ مَا هُنَا وَبَيْنَ الْمَكْتُوبَةِ حَيْثُ كَانَ الْمُعْتَمَدُ فِيهَا عَدَمَ الْوُجُوبِ بِأَنَّ صَلَاةَ الصَّبِيِّ هُنَا تُسْقِطُ الْفَرْضَ عَنْ الْمُكَلَّفِينَ مَعَ وُجُودِهِمْ، فَيَجُوزُ أَنْ يَنْزِلَ مَنْزِلَةَ الْفَرْضِ فَيُشْتَرَطُ فِيهَا نِيَّةُ الْفَرْضِيَّةِ، وَإِنْ قُلْنَا: لَا تَجِبُ فِي الْمَكْتُوبَةِ؛ لِأَنَّ الْمَكْتُوبَةَ مِنْهُ لَا تُسْقِطُ الْحَرَجَ مِنْ غَيْرِهِ وَلَا هِيَ فَرْضٌ فِي حَقِّهِ فَقَوِيَتْ جِهَةُ النَّفْلِيَّةِ فِيهَا فَلَمْ تُشْتَرَطْ نِيَّةُ الْفَرْضِيَّةِ، بِخِلَافِ صَلَاتِهِ عَلَى الْجِنَازَةِ فَإِنَّهَا لَمَّا أَسْقَطَتْ الْفَرْضَ عَنْ غَيْرِهِ قَوِيَتْ مُشَابَهَتُهَا لِلْفَرْضِ، لَكِنْ قَالَ سم عَلَى بَهْجَةٍ فِيمَا لَوْ كَانَ مَعَ النِّسَاءِ صَبِيٌّ يَجِبُ عَلَى النِّسَاءِ أَمْرُهُ بِهَا، بَلْ وَضَرْبُهُ عَلَيْهَا، وَيَنْبَغِي أَنْ يَجِبَ عَلَيْهِنَّ أَمْرُهُ بِنِيَّةِ الْفَرْضِيَّةِ وَإِنْ لَمْ تُشْتَرَطْ نِيَّةُ الْفَرْضِيَّةِ فِي الْمَكْتُوبَاتِ الْخَمْسِ م ر اهـ.

وَهُوَ ظَاهِرٌ فِي أَنَّهُ إذَا صَلَّى مَعَ رِجَالٍ لَا يُشْتَرَطُ فِي حَقِّهِ نِيَّةُ الْفَرْضِيَّةِ، وَفِي أَنَّهُ إذَا

ــ

[حاشية الرشيدي]

فَصْلٌ) فِي الصَّلَاةِ عَلَى الْمَيِّتِ (قَوْلُهُ: لِجَوَازِ حَمْلِ الْأُوَلِ) أَيْ كَلَامُ الْفَاكِهَانِيِّ وَقَوْلُهُ: وَالثَّانِي أَيْ قَوْلُ الْمَلَائِكَةِ مَا ذُكِرَ

ص: 468

وَلَا يُتَصَوَّرُ هُنَا نِيَّةُ أَدَاءً وَضِدُّهُ قِيلَ وَلَا نِيَّةُ عَدَدٍ وَقَدْ يُقَالُ مَا الْمَانِعُ مِنْ نَدْبِ نِيَّةِ عَدَدِ التَّكْبِيرَاتِ لِمَا يَأْتِي أَنَّهَا بِمَثَابَةِ الرَّكَعَاتِ (وَقِيلَ تُشْتَرَطُ نِيَّةُ فَرْضِ كِفَايَةٍ) تَعَرُّضًا لِكَمَالِ وَصْفِهَا (وَلَا يَجِبُ تَعْيِينُ الْمَيِّتِ) الْحَاضِرِ وَلَا مَعْرِفَتُهُ كَمَا فِي الْمُحَرَّرِ، بَلْ يَكْفِي قَصْدُ مَنْ صَلَّى عَلَيْهِ الْإِمَامُ اكْتِفَاءً بِنَوْعِ تَمْيِيزٍ، أَمَّا لَوْ صَلَّى عَلَى غَائِبٍ فَلَا بُدَّ مِنْ تَعْيِينِهِ بِقَلْبِهِ كَمَا قَالَهُ ابْنُ عُجَيْلٍ وَإِسْمَاعِيلُ الْحَضْرَمِيُّ، وَعُزِيَ إلَى الْبَسِيطِ وَوَجَّهَهُ الْأَصْبَحِيُّ بِأَنَّهُ لَا بُدَّ فِي كُلِّ يَوْمٍ مِنْ الْمَوْتِ فِي أَقْطَارِ الْأَرْضِ وَهُمْ غَائِبُونَ فَلَا بُدَّ مِنْ تَعْيِينِ الَّذِي يُصَلَّى عَلَيْهِ مِنْهُمْ.

نَعَمْ لَوْ صَلَّى إمَامٌ عَلَى غَائِبٍ فَنَوَى الصَّلَاةَ عَلَى مَنْ صَلَّى عَلَيْهِ الْإِمَامُ كَفَى كَالْحَاضِرِ (فَإِنْ)(عَيَّنَ) الْمَيِّتَ الْحَاضِرَ أَوْ الْغَائِبَ كَأَنْ صَلَّى عَلَى زَيْدٍ أَوْ عَلَى الْكَبِيرِ أَوْ الذَّكَرِ مِنْ أَوْلَادِهِ (وَأَخْطَأَ) فَبَانَ عَمْرًا أَوْ الصَّغِيرَ أَوْ الْأُنْثَى (بَطَلَتْ) أَيْ لَمْ تَنْعَقِدْ صَلَاتُهُ هَذَا إنْ لَمْ يُشِرْ، فَإِنَّ أَشَارَ إلَيْهِ صَحَّتْ كَمَا مَرَّ نَظِيرُهُ تَغْلِيبًا لِلْإِشَارَةِ (وَإِنْ حَضَرَ مَوْتَى نَوَاهُمْ) أَوْ نَوَى الصَّلَاةَ عَلَيْهِمْ وَإِنْ لَمْ يَعْرِفْ عَدَدَهُمْ.

قَالَ الرُّويَانِيُّ: فَلَوْ صَلَّى عَلَى بَعْضِهِمْ وَلَمْ يُعَيِّنْهُ ثُمَّ صَلَّى عَلَى الْبَاقِي كَذَلِكَ لَمْ تَصِحَّ.

قَالَ: وَلَوْ اعْتَقَدَ أَنَّهُمْ عَشَرَةٌ فَبَانُوا أَحَدَ عَشَرَ أَعَادَ الصَّلَاةَ عَلَى الْجَمِيعِ؛ لِأَنَّ فِيهِمْ مَنْ لَمْ يُصَلَّ عَلَيْهِ وَهُوَ غَيْرُ مُعَيَّنٍ.

قَالَ: وَإِنْ اعْتَقَدَ أَنَّهُمْ أَحَدَ عَشَرَ فَبَانُوا عَشَرَةً

ــ

[حاشية الشبراملسي]

صَلَّى وَحْدَهُ مَعَ وُجُودِ الرِّجَالِ بِلَا صَلَاةٍ مِنْهُمْ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ نِيَّةِ الْفَرْضِيَّةِ لِإِسْقَاطِ الصَّلَاةِ عَنْهُمْ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: وَلَا يُتَصَوَّرُ هُنَا نِيَّةُ أَدَاءً وَضِدُّهُ) أَيْ فَلَوْ نَوَى الْأَدَاءَ أَوْ الْقَضَاءَ الْحَقِيقِيَّةَ بَطَلَتْ، بِخِلَافِ مَا لَوْ أَطْلَقَ أَوْ نَوَى الْمَعْنَى اللُّغَوِيَّ فَلَا تَبْطُلُ (قَوْلُهُ: وَقَدْ يُقَالُ إلَخْ) سَبَقَهُ إلَيْهِ حَجّ (قَوْلُهُ: وَقَدْ قِيلَ يُشْتَرَطُ نِيَّةُ فَرْضِ كِفَايَةٍ) قَالَ حَجّ: لِيَتَمَيَّزَ عَنْ فَرْضِ الْعَيْنِ، وَيُرَدُّ بِأَنَّهُ يَكْفِي مُمَيِّزًا بَيْنَهُمَا اخْتِلَافُ مَعْنَى الْفَرْضِيَّةِ، وَالْمُرَادُ أَنَّ الْفَرْضَ الْمُضَافَ لِلْمَيِّتِ مَعْنَاهُ فَرْضُ الْكِفَايَةِ، وَالْمُضَافُ لِإِحْدَى الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ مَعْنَاهُ الْفَرْضُ الْعَيْنِيُّ، فَكَأَنَّ الْفَرْضَ مَوْضُوعٌ لِلْمَعْنَيَيْنِ بِوَضْعَيْنِ، وَالْأَلْفَاظُ مَتَى أُطْلِقَتْ أَوْ لُوحِظَتْ حُمِلَتْ عَلَى مَعْنَاهَا الْوَضْعِيِّ وَهُوَ الْكِفَايَةُ فِي الْجِنَازَةِ وَالْعَيْنِيُّ فِي غَيْرِهَا وَبِهَذَا يُجَابُ عَمَّا أَوْرَدَهُ سم هُنَا (قَوْلُهُ: بِقَلْبِهِ) أَيْ لَا بِاسْمِهِ وَنَسَبِهِ (قَوْلُهُ: الْأَصْبَحِيُّ) قَالَ فِي اللُّبِّ هُوَ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَفَتْحِ الْبَاءِ وَسُكُونِ الصَّادِ الْمُهْمَلَةِ بَيْنَهُمَا آخِرَةٌ مُهْمَلَةٌ إلَى أَصْبَحَ قَبِيلَةٌ مِنْ يَعْرُبَ بْنِ قَحْطَانَ (قَوْلُهُ: وَلَا بُدَّ مِنْ تَعْيِينِ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْهِ) أَيْ بِقَلْبِهِ كَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ.

(قَوْلُهُ: أَوْ الصَّغِيرِ أَوْ الْأُنْثَى) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ عَيَّنَ ذَكَرًا أَوْ امْرَأَةً فَبَانَ خُنْثَى عَدَمُ الْبُطْلَانِ، وَيُوَجَّهُ بِأَنَّا لَمْ نَتَحَقَّقْ الْمَانِعَ، وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا لَوْ اقْتَدَى بِإِمَامٍ يَظُنُّهُ رَجُلًا فَبَانَ خُنْثَى حَيْثُ يَجِبُ الْقَضَاءُ بِأَنَّهُ ثَمَّ رَبَطَ صَلَاتَهُ بِمَنْ لَا تَصْلُحُ صَلَاتُهُ لِلرَّبْطِ، وَهُنَا نَوَى عَلَى مَنْ تَصِحُّ الصَّلَاةُ عَلَيْهِ وَسَمَّاهُ بِاسْمٍ مُحْتَمَلٍ فَلَمْ يَتَحَقَّقْ الْخَطَأُ فِيهِ، وَأَمَّا لَوْ عَيَّنَ خُنْثَى فَبَانَ ذَكَرًا أَوْ امْرَأَةً فَالْأَقْرَبُ عَدَمُ الصِّحَّةِ لِمُبَايَنَةِ الْأُنْثَى أَوْ الذَّكَرِ لِصِفَةِ الْخُنُوثَةِ وَيَحْتَمِلُ الصِّحَّةُ كَمَا لَوْ قَالَ عَلَى هَذَا الرَّجُلِ فَبَانَ خُنْثَى بِالْأَوْلَى (قَوْلُهُ: فَإِنْ أَشَارَ) أَيْ بِقَلْبِهِ (قَوْلُهُ: كَمَا مَرَّ نَظِيرُهُ) أَيْ فِي صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ (قَوْلُهُ: فَلَوْ صَلَّى عَلَى بَعْضِهِمْ) وَمِنْهُ مَا لَوْ عَيَّنَ الْبَعْضَ بِالْجُزْئِيَّةِ كَالثُّلُثِ أَوْ الرُّبُعِ (قَوْلُهُ: أَعَادَ الصَّلَاةَ عَلَى الْجَمِيعِ) يُتَّجَهُ أَنَّ مَحَلَّهُ مَا لَمْ يُلَاحِظْ الْأَشْخَاصَ اهـ سم عَلَى حَجّ: أَيْ وَلَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ أَنْ يُعِيدَهَا عَلَيْهِمْ دَفْعَةً وَاحِدَةً أَوْ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ بِانْفِرَادِهِ، وَلَا يَضُرُّ تَرَدُّدُهُ فِي النِّيَّةِ لِلضَّرُورَةِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ فِيهِمْ مَنْ لَمْ يُصَلَّ عَلَيْهِ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ قَالَ فِي الْإِعَادَةِ نَوَيْت الصَّلَاةَ عَلَى مَنْ لَمْ أُصَلِّ عَلَيْهِ لَمْ تَصِحَّ صَلَاتُهُ وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَقَدْ يُشْعِرُ قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ فِيهِمْ إلَخْ بِخِلَافِهِ، وَجَعَلَهُ الدَّمِيرِيِّ احْتِمَالًا حَيْثُ قَالَ بَعْدَ مِثْلِ قَوْلِ الشَّارِحِ عَلَى الْجَمِيعِ قَالَ: وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُعِيدَهَا عَلَى الْحَادِيَ عَشَرَ وَإِنْ لَمْ يُعَيِّنْهُ فَيَقُولُ نَوَيْت الصَّلَاةَ عَلَى مَنْ لَمْ أُصَلِّ عَلَيْهِ أَوَّلًا اهـ.

وَيُؤَيِّدُ

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: أَمَّا لَوْ صَلَّى عَلَى غَائِبٍ) أَيْ مَخْصُوصٍ، فَلَا يُنَافِي مَا سَيَأْتِي مِنْ صِحَّةِ الصَّلَاةِ عَلَى مَنْ مَاتَ وَغُسِّلَ وَكُفِّنَ فِي أَفْضَلِ الْأَرْضِ (قَوْلُهُ: إنْ لَمْ يُشِرْ) أَيْ فِي الْحَاضِرَةِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ

ص: 469

فَالْأَظْهَرُ الصِّحَّةُ.

قَالَ: وَلَوْ صَلَّى عَلَى حَيٍّ وَمَيِّتٍ صَحَّتْ عَلَى الْمَيِّتِ إنْ جَهِلَ الْحَالَ وَإِلَّا فَلَا كَمَنْ صَلَّى الظُّهْرَ قَبْلَ الزَّوَالِ، أَوْ عَلَى مَيِّتَيْنِ ثُمَّ نَوَى قَطْعَهَا عَنْ أَحَدِهِمَا بَطَلَتْ وَلَوْ أَحْرَمَ الْإِمَامُ بِالصَّلَاةِ عَلَى جِنَازَةٍ ثُمَّ حَضَرَتْ أُخْرَى وَهُمْ فِي الصَّلَاةِ تُرِكَتْ حَتَّى يَفْرُغَ ثُمَّ يُصَلِّيَ عَلَى الثَّانِيَةِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَنْوِهَا أَوَّلًا، قَالَهُ فِي الْمَجْمُوعِ.

وَيَجِبُ عَلَى الْمَأْمُومِ نِيَّةُ الِاقْتِدَاءِ أَوْ الْجَمَاعَةِ الْإِمَامِ كَمَا مَرَّ فِي صِفَةِ الْأَئِمَّةِ، وَلَا يَقْدَحُ اخْتِلَافُ نِيَّتِهِمَا كَمَا سَيَأْتِي (الثَّانِي) مِنْ الْأَرْكَانِ (أَرْبَعُ تَكْبِيرَاتٍ) لِمَا رَوَاهُ الشَّيْخَانِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم صَلَّى عَلَى قَبْرٍ بَعْدَ مَا دُفِنَ فَكَبَّرَ عَلَيْهِ أَرْبَعًا» (فَإِنْ خَمَّسَ) وَلَوْ عَمْدًا (لَمْ تَبْطُلْ) صَلَاتُهُ (فِي الْأَصَحِّ) لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ مُسْلِمٌ؛ وَلِأَنَّهَا لَا تُخِلَّ بِالصَّلَاةِ، وَلَوْ نَوَى بِتَكْبِيرِهِ الرُّكْنِيَّةَ خِلَافًا لِجَمْعٍ مُتَأَخِّرِينَ، وَمُقْتَضَى الْعِلَّةِ وَكَلَامِ جَمْعٍ مِنْهُمْ الرُّويَانِيُّ عَدَمُ الْبُطْلَانِ بِمَا زَادَ عَلَى الْخَمْسِ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

الْأَوَّلَ قَوْلُ الشَّارِحِ: قَالَ الرُّويَانِيُّ: فَلَوْ صَلَّى عَلَى بَعْضِهِمْ وَلَمْ يُعَيِّنْهُ إلَخْ (قَوْلُهُ: فَالْأَظْهَرُ الصِّحَّةُ) وَبَقِيَ مَا لَوْ قَالَ: نَوَيْت الصَّلَاةَ عَلَى هَؤُلَاءِ الْعَشَرَةِ مِنْ الرِّجَالِ وَكَانَ فِيهِمْ امْرَأَةٌ، هَلْ تَصِحُّ صَلَاتُهُ عَلَيْهَا أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي لِأَنَّهُ لَمْ يَنْوِ الصَّلَاةَ عَلَيْهَا فَقَدْ جَمَعَ فِي نِيَّتِهِ بَيْنَ مَنْ تَصِحُّ صَلَاتُهُ وَمَنْ لَا تَصِحُّ وَهُوَ مَعْذُورٌ فِيهِ، وَيَحْتَمِلُ وَهُوَ الظَّاهِرُ الصِّحَّةَ كَمَنْ نَوَى عَلَى عَشَرَةٍ مِنْ الرِّجَالِ فَبَانُوا تِسْعَةً، وَكَمَنْ نَوَى الصَّلَاةَ عَلَى حَيٍّ وَمَيِّتٍ جَاهِلًا بِالْحَالِ (قَوْلُهُ: ثُمَّ نَوَى قَطْعَهَا عَنْ أَحَدِهِمَا بَطَلَتْ) أَيْ فِيهِمَا (قَوْلُهُ تُرِكَتْ) أَيْ وُجُوبًا، فَلَوْ نَوَى الصَّلَاةَ عَلَيْهَا عَامِدًا عَالِمًا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: كَمَا مَرَّ فِي صِفَةِ الْأَئِمَّةِ) ذَكَرَهُ تَتْمِيمًا لِمَا يَتَعَلَّقُ بِالنِّيَّةِ، وَقِيَاسُ مَا مَرَّ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَنْوِ الِاقْتِدَاءَ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ بِالْمُتَابَعَةِ فِي تَكْبِيرِهِ عَلَى مَا مَرَّ بِأَنْ يَقْصِدَ إيقَاعَ تَكْبِيرِهِ بَعْدَ تَكْبِيرِ الْإِمَامِ لِأَجْلِهِ بَعْدَ انْتِظَارٍ كَثِيرٍ (قَوْلُهُ: وَلَا يَقْدَحُ اخْتِلَافُ نِيَّتِهِمَا) هُوَ بِمَنْزِلَةِ قَوْلِهِ وَإِنْ صَلَّى الْمَأْمُومُ عَلَى غَيْرِ مَنْ صَلَّى عَلَيْهِ الْإِمَامُ (قَوْلُهُ: صَلَّى عَلَى قَبْرٍ بَعْدَمَا دُفِنَ) أَيْ صَاحِبُهُ وَلَمْ يُبَيَّنْ صَاحِبَ هَذَا الْقَبْرِ، وَتَقَدَّمَ فِي التَّنْبِيهِ السَّابِقِ عَنْ حَجّ أَنَّهُ صَلَّى عَلَى قَبْرِ الْبَرَاءِ بْنِ مَعْرُورٍ فَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ هَذَا وَيَحْتَمِلُ غَيْرَهُ (قَوْلُهُ: فَإِنْ خَمَّسَ) قَالَ حَجّ مَثَلًا (قَوْلُهُ: وَلَوْ نَوَى بِتَكْبِيرِهِ الرُّكْنِيَّةَ) غَايَةٌ، وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ كَوْنِهِ مِنْ الْمُتَفَقِّهَةِ أَوْ لَا، وَلَوْ قِيلَ بِالضَّرَرِ فِي الْأَوَّلِ لَمْ يَكُنْ بَعِيدًا قِيَاسًا عَلَى مَا تَقَدَّمَ فِي الصَّلَاةِ مِنْ أَنَّ ذَلِكَ إنَّمَا يُغْتَفَرُ فِي حَقِّ الْعَامِّيِّ.

وَفِي سم عَلَى حَجّ: لَوْ زَادَ عَلَى الْأَرْبَعِ مُعْتَقِدًا وُجُوبَ الْجَمِيعِ يَحْتَمِلُ أَنْ لَا يَضُرَّ كَمَا لَوْ اعْتَقَدَ جَمِيعَ أَفْعَالِ الصَّلَاةِ فُرُوضًا، وَقَدْ يُفَرَّقُ: أَيْ فَيُقَالُ هُنَا بِالْبُطْلَانِ مُطْلَقًا بِأَنَّ تِلْكَ الْأَفْعَالَ مَطْلُوبَةٌ فِي الصَّلَاةِ فَلَا يَضُرُّ اعْتِقَادُهَا فُرُوضًا، بِخِلَافِ الزَّائِدِ عَلَى الْأَرْبَعِ هُنَا فَإِنَّهُ غَيْرُ مَطْلُوبٍ رَأْسًا، وَقَدْ يُؤَيِّدُ الْأَوَّلَ قَوْلُ الشَّارِحِ: وَإِنْ نَوَى بِتَكْبِيرِهِ الرُّكْنِيَّةَ، بَلْ إنْ أَرَادَ بِنَوَى اعْتَقَدَ كَانَتْ هِيَ الْمَسْأَلَةُ (قَوْلُهُ: بِمَا زَادَ عَلَى الْخَمْسِ) أَيْ وَلَوْ كَثُرَ جِدًّا بَلْ تُكْرَهُ لِزِيَادَةٍ عَلَيْهَا لِلْخِلَافِ فِي الْبُطْلَانِ بِهَا، وَحَيْثُ زَادَ فَالْأَوْلَى لَهُ الدُّعَاءُ مَا لَمْ يُسَلِّمْ لِبَقَائِهِ حُكْمًا فِي الرَّابِعَةِ وَالْمَطْلُوبُ فِيهَا الدُّعَاءُ حَتَّى وَلَمْ يَكُنْ قَرَأَ الْفَاتِحَةَ فِي الْأُولَى أَجْزَأَتْهُ حِينَئِذٍ فِيمَا يَظْهَرُ، ثُمَّ رَأَيْت سم عَلَى حَجّ صَرَّحَ بِمَا اسْتَظْهَرْنَاهُ.

[فَرْعٌ] لَوْ زَادَ الْإِمَامُ وَكَانَ الْمَأْمُومُ مَسْبُوقًا فَأَتَى بِالْأَذْكَارِ الْوَاجِبَةِ فِي التَّكْبِيرَاتِ الزَّائِدَةِ كَأَنْ أَدْرَكَ الْإِمَامَ بَعْدَ الْخَامِسَةِ فَقَرَأَ ثُمَّ لَمَّا كَبَّرَ الْإِمَامُ السَّادِسَةَ كَبَّرَهَا مَعَهُ وَصَلَّى عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ثُمَّ لَمَّا كَبَّرَ السَّابِعَةَ كَبَّرَهَا مَعَهُ ثُمَّ دَعَا لِلْمَيِّتِ ثُمَّ لَمَّا كَبَّرَ الثَّامِنَةَ كَبَّرَهَا مَعَهُ وَسَلَّمَ مَعَهُ هَلْ يُحْسَبُ لَهُ ذَلِكَ وَتَصِحُّ صَلَاتُهُ سَوَاءٌ عَلِمَ أَنَّهَا زَائِدَةٌ أَوْ

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: وَلَا يَقْدَحُ اخْتِلَافُ نِيَّتِهِمَا) أَيْ الْإِمَامِ وَالْمَأْمُومِ كَمَا سَيَأْتِي فِي الْمَسَائِلِ الْمَنْثُورَةِ أَنَّهُ إذَا نَوَى الْإِمَامُ عَلَى حَاضِرٍ وَالْمَأْمُومُ عَلَى غَائِبٍ أَوْ عَكْسُهُ صَحَّ (قَوْلُهُ: وَلَوْ عَمْدًا) يَجِبُ حَذْفُ لَفْظِ وَلَوْ، إذْ مَحَلُّ الْخِلَافِ فِي حَالَةِ الْعَمْدِ لِمَا سَيَأْتِي أَنَّهُ لَوْ كَانَ سَهْوًا أَوْ جَهْلًا لَمْ تَبْطُلْ جَزْمًا

ص: 470

أَيْضًا وَهُوَ كَذَلِكَ، لَكِنَّ الْأَرْبَعَ أَوْلَى لِتَقَرُّرِ الْأَمْرِ عَلَيْهَا مِنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَأَصْحَابِهِ، وَتَشْبِيهِ التَّكْبِيرَةِ بِالرَّكْعَةِ فِيمَا يَأْتِي مَحَلُّهُ بِقَرِينَةِ الْمَقَامِ فِي الْمُتَابَعَةِ حِفْظًا عَلَى تَأَكُّدِهَا.

نَعَمْ لَوْ زَادَ عَلَى الْأَرْبَعِ عَمْدًا مُعْتَقِدًا الْبُطْلَانَ بَطَلَتْ كَمَا ذَكَرَهُ الْأَذْرَعِيُّ، فَإِنْ كَانَ سَاهِيًا أَوْ جَاهِلًا لَمْ تَبْطُلْ جَزْمًا وَلَا مَدْخَلَ لِسُجُودِ السَّهْوِ فِيهَا، وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ تَبْطُلُ كَزِيَادَةِ رَكْعَةٍ أَوْ رُكْنٍ فِي سَائِرِ الصَّلَوَاتِ (وَلَوْ خَمَّسَ) أَيْ كَبَّرَ (إمَامُهُ) فِي صَلَاتِهِ خَمْسَ تَكْبِيرَاتٍ وَقُلْنَا لَا تَبْطُلُ (لَمْ يُتَابِعْهُ) الْمَأْمُومُ (فِي الْأَصَحِّ) أَيْ لَا تُسَنُّ لَهُ مُتَابَعَتُهُ فِي الزَّائِدِ لِعَدَمِ سَنِّهِ لِلْإِمَامِ (بَلْ يُسَلِّمُ أَوْ يَنْتَظِرُهُ لِيُسَلِّمَ مَعَهُ) وَهُوَ أَفْضَلُ لِتَأَكُّدِ الْمُتَابَعَةِ وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ يُتَابِعُهُ، وَإِنْ قُلْنَا بِالْبُطْلَانِ فَارَقَهُ، وَمَا قَرَرْت بِهِ كَلَامُهُ مِنْ عَدَمِ سُنِّيَّةِ الْمُتَابَعَةِ وَأَنَّهَا لَا تَبْطُلُ بِمُتَابَعَتِهِ هُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَالْقَوْلُ بِخِلَافِهِ مَمْنُوعٌ (الثَّالِثُ) مِنْ الْأَرْكَانِ (السَّلَامُ) بَعْدَ تَمَامِ تَكْبِيرَاتِهَا وَقَدَّمَهُ ذِكْرًا مَعَ تَأَخُّرِهِ رُتْبَةً اقْتِفَاءً بِالْأَصْحَابِ فِي تَقْدِيمِهِمْ مَا يَقِلُّ عَلَيْهِ الْكَلَامُ تَقْرِيبًا عَلَى الْأَفْهَامِ وَهُوَ فِيهَا (كَغَيْرِهَا)

ــ

[حاشية الشبراملسي]

جَهِلَ ذَلِكَ؟ وَيُفَرَّقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ بَقِيَّةِ الصَّلَوَاتِ حَيْثُ تُحْسَبُ الرَّكْعَةُ الزَّائِدَةُ لِلْمَسْبُوقِ إذَا أَدْرَكَ الْقِرَاءَةَ فِيهَا وَكَانَ جَاهِلًا، بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ عَالِمًا بِزِيَادَتِهَا بِأَنَّ هَذِهِ الزِّيَادَةَ هُنَا جَائِزَةٌ لِلْإِمَامِ مَعَ عِلْمِهِ وَتَعَمُّدِهِ بِخِلَافِهَا هُنَاكَ أَوْ يَتَقَيَّدُ الْجَوَازُ هُنَا بِالْجَهْلِ كَمَا هُنَاكَ؟ فِيهِ نَظَرٌ فَلْيُحَرَّرْ.

وَمَالَ م ر لِلْأَوَّلِ فَلْيُحَرَّرْ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ. أَقُولُ: وَقَدْ يُتَوَقَّفُ فِي التَّسْوِيَةِ بِأَنَّ الزِّيَادَةَ عَلَى الْأَرْبَعِ أَذْكَارٌ مَحْضَةٌ لِلْإِمَامِ، فَالْمَسْبُوقُ فِي الْحَقِيقَةِ إنَّمَا أَتَى بِتَكْبِيرَاتِهِ كُلِّهَا بَعْدَ الرَّابِعَةِ لِلْإِمَامِ وَهُوَ لَوْ فَعَلَ فِيهَا ذَلِكَ لَمْ تُحْسَبْ فَالْقِيَاسُ أَنَّهُ هُنَا كَذَلِكَ.

[فَرْعٌ] مُوَافِقٌ فِي الْجِنَازَةِ شَرَعَ فِي قِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ فَهَلْ لَهُ قَطْعُهَا وَتَأْخِيرُهَا لِمَا بَعْدَ الْأُولَى بِنَاءً عَلَى إجْزَاءِ الْفَاتِحَةِ بَعْدَ غَيْرِ الْأُولَى أَوْ لَا؟ قَالَ م ر: لَا يَجُوزُ بَلْ تَعَيَّنَتْ عَلَيْهِ بِالشُّرُوعِ، فَتَعَيَّنَ عَلَيْهِ الْإِتْيَانُ بِهَا، فَإِنْ تَخَلَّفَ لِنَحْوِ بُطْءِ قِرَاءَتِهَا تَخَلَّفَ وَقَرَأَهَا مَا لَمْ يَشْرَعْ الْإِمَامُ فِي التَّكْبِيرَةِ الثَّالِثَةِ اهـ فَإِنْ كَانَ عَنْ نَقْلٍ فَمُسَلَّمٌ وَإِلَّا فَفِيهِ نَظَرٌ ظَاهِرٌ فَلْيُحَرَّرْ وَلْيُرَاجَعْ سم عَلَى مَنْهَجٍ.

وَالْأَقْرَبُ الْمَيْلُ إلَى النَّظَرِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ كَذَلِكَ) ظَاهِرٌ إنْ وَالَى بَيْنَ التَّكْبِيرَاتِ.

وَعِبَارَةُ سم عَلَى مَنْهَجٍ: فَرْعٌ: زَادَ عَلَى الْأَرْبَعِ وَوَالَى رَفْعَ يَدَيْهِ مَعَهَا مُتَوَالِيًا هَلْ تَبْطُلُ صَلَاتُهُ بِتَوَالِي رَفْعِ الْيَدَيْنِ أَوْ لَا؛ لِأَنَّ الرَّفْعَ مَطْلُوبٌ هُنَا فِي الْجُمْلَةِ؟ سَمِعْنَا أَنَّ بَعْضَ الْمَشَايِخِ أَفْتَى بِالْبُطْلَانِ، وَهُوَ مُتَّجَهٌ؛ لِأَنَّ هَذَا الرَّفْعَ غَيْرُ مَطْلُوبٍ وَتَوَالِي مِثْلِهِ يُبْطِلُهُ ثُمَّ وَافَقَ عَلَيْهِ ر م اهـ. أَقُولُ: وَقِيَاسُ مَا تَقَدَّمَ فِي الْأَفْعَالِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ احْتَاجَ إلَى ضَرَبَاتٍ أَوْ تَصْفِيقٍ وَزَادَ عَلَى الْمُحْتَاجِ إلَيْهِ وَاحِدَةً مِنْ الضَّرَرِ أَنَّهُ لَوْ وَالَى هُنَا بَيْنَ الرَّابِعَةِ وَالْخَامِسَةِ وَرَفَعَ يَدَيْهِ فِيهِمَا بِالْبُطْلَانِ هُنَا أَيْضًا؛ لِأَنَّ رَفْعَ كُلِّ يَدٍ فِي الْمَرَّةِ الْخَامِسَةِ يُعَدُّ مَرَّةً، وَبِهِمَا حَصَلَتْ الْمُوَالَاةُ بَيْنَ أَرْبَعَةِ أَفْعَالٍ (قَوْلُهُ بَطَلَتْ كَمَا ذَكَرَهُ الْأَذْرَعِيُّ) أَيْ وَلَا يَمْنَعُ مِنْهُ كَوْنُ اعْتِقَادِهِ خَطَأً، وَلَعَلَّ وَجْهَ الْبُطْلَانِ أَنَّ مَا فَعَلَهُ مِنْ اعْتِقَادِ الْبُطْلَانِ يَتَضَمَّنُ قَطْعَ النِّيَّةِ (قَوْلُهُ: لَمْ يُتَابِعْهُ الْمَأْمُومُ) شَامِلٌ لِلْمَسْبُوقِ اهـ سم عَلَى بَهْجَةٍ. أَقُولُ: أَيْ فَلَا يُتَابِعُهُ، فَلَوْ خَالَفَ وَتَابَعَ فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يُحْسَبَ لَهُ عَنْ بَقِيَّةِ مَا عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ حُسْبَانَ مَا عَلَيْهِ مَحَلُّهُ بَعْدَ سَلَامِ الْإِمَامِ وَمَا زَادَهُ الْإِمَامُ مَحْسُوبٌ مِنْ مَحَلِّ الرَّابِعَةِ وَقَدْ تَقَدَّمَ مَا فِيهِ (قَوْلُهُ: لَا تُسَنُّ لَهُ مُتَابَعَتُهُ) أَيْ بَلْ تُكْرَهُ خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ مَنْ أَبْطَلَ بِهَا (قَوْلُهُ: بَلْ يُسَلِّمُ) أَيْ بِنِيَّةِ الْمُفَارَقَةِ وَإِلَّا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ لِأَنَّهُ سَلَامٌ فِي أَثْنَاءِ الْقُدْوَةِ فَتَبْطُلُ كَالسَّلَامِ قَبْلَ تَمَامِ الصَّلَاةِ م ر اهـ سم عَلَى بَهْجَةٍ (قَوْلُهُ: الثَّالِثُ السَّلَامُ) أَقُولُ: إنَّمَا قَدَّمَهُ عَلَى الصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَالدُّعَاءِ لِلْمَيِّتِ مَعَ أَنَّهُ بَعْدَهُمَا، لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ وُقُوعُهُ بَعْدَ

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: مَحَلُّهُ بِقَرِينَةِ الْمَقَامِ فِي الْمُتَابَعَةِ) أَيْ فَلَا يَتَخَلَّفُ عَنْهُ بِتَكْبِيرَةٍ وَلَا يَتَقَدَّمُ عَلَيْهِ بِهَا كَمَا سَيَأْتِي فِي الْمَسَائِلِ الْمَنْثُورَةِ (قَوْلُهُ: مُعْتَقِدًا الْبُطْلَانَ بَطَلَتْ) أَيْ لِتَضَمُّنِهِ لِنِيَّةِ إبْطَالِهِمْ

ص: 471

أَيْ كَسَلَامِ غَيْرِهَا مِنْ الصَّلَوَاتِ فِي كَيْفِيَّتِهِ وَتَعَدُّدِهِ، وَيُؤْخَذُ مِنْهُ عَدَمُ اسْتِحْبَابِ زِيَادَةِ: وَبَرَكَاتُهُ، وَهُوَ كَذَلِكَ خِلَافًا لِمَنْ اسْتَحَبَّهَا، وَأَنَّهُ يَلْتَفِتُ فِي السَّلَامِ وَلَا يَقْتَصِرُ عَلَى تَسْلِيمَةٍ وَاحِدَةٍ يَجْعَلُهَا تِلْقَاءَ وَجْهِهِ، وَإِنْ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ إنَّهُ الْأَشْهَرُ.

(الرَّابِعُ) مِنْ الْأَرْكَانِ (قِرَاءَةُ الْفَاتِحَةِ) فَبَدَلُهَا فَالْوُقُوفُ بِقَدْرِهَا لِمَا مَرَّ فِي مَبْحَثِهَا لِخَبَرِ الْبُخَارِيِّ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ قَرَأَ بِهَا فِي صَلَاةِ الْجِنَازَةِ وَقَالَ لِتَعْلَمُوا أَنَّهَا سُنَّةٌ، وَفِي رِوَايَةٍ: قَرَأَ بِأُمِّ الْقُرْآنِ فَجَهَرَ بِهَا وَقَالَ: إنَّمَا جَهَرْت لِتَعْلَمُوا أَنَّهَا سُنَّةٌ.

وَلِعُمُومِ خَبَرِ «لَا صَلَاةَ لِمَنْ لَمْ يَقْرَأْ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ» (بَعْدَ) التَّكْبِيرَةِ (الْأُولَى) لِخَبَرِ أَبِي أُمَامَةَ الْأَنْصَارِيِّ «السُّنَّةُ فِي صَلَاةِ الْجِنَازَةِ أَنْ يَقْرَأَ فِي التَّكْبِيرَةِ الْأُولَى بِأُمِّ الْقُرْآنِ مُخَافَتَةً» ثُمَّ يُكَبِّرَ ثَلَاثًا وَالتَّسْلِيمُ عِنْدَ الْأَخِيرَةِ (قُلْت: تُجْزِئُ الْفَاتِحَةُ بَعْدَ غَيْرِ الْأُولَى) مِنْ الثَّانِيَةِ وَالثَّالِثَةِ وَالرَّابِعَةِ، وَقَوْلُ الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا بَعْدَهَا أَوْ بَعْدَ الثَّانِيَةِ خَرَجَ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

التَّكْبِيرَاتِ الْأَرْبَعِ نَاسَبَ أَنْ يَعُدَّهُ عَقِبَ ذِكْرِهَا وَإِنْ كَانَ غَيْرُهُ مُتَقَدِّمًا عَلَيْهِ (قَوْلُهُ وَتَعَدُّدِهِ) أَيْ فَإِنْ اقْتَصَرَ عَلَى وَاحِدَةٍ أَتَى بِهَا مِنْ جِهَةِ يَمِينِهِ (قَوْلُهُ: وَيُؤْخَذُ مِنْهُ عَدَمُ اسْتِحْبَابِ زِيَادَةِ: وَبَرَكَاتُهُ) أَيْ وَلَوْ عَلَى الْقَبْرِ أَوْ عَلَى غَائِبٍ (قَوْلُهُ: الرَّابِعُ قِرَاءَةُ الْفَاتِحَةِ) .

[فَرْعٌ] لَوْ فَرَغَ الْمَأْمُومُ مِنْ الْفَاتِحَةِ بَعْدَ الْأُولَى قَبْلَ تَكْبِيرِ الْإِمَامِ بَعْدَهَا فَيَنْبَغِي أَنْ يَشْتَغِلَ بِالدُّعَاءِ لِأَنَّهُ الْمَقْصُودُ فِي صَلَاةِ الْجِنَازَةِ، وَلَا يَنْبَغِي تَكْرِيرُ الْفَاتِحَةِ وَلَا قِرَاءَةُ غَيْرِهَا مِنْ الْقُرْآنِ، وَلَوْ فَرَغَ مِنْ الصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَبْلَ تَكْبِيرِ الْإِمَامِ مَا بَعْدَهَا يَنْبَغِي اشْتِغَالُهُ بِالدُّعَاءِ، وَكَذَا تَكْرِيرُ الصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لِأَنَّهَا وَسِيلَةٌ لِقَبُولِ الدُّعَاءِ الَّذِي هُوَ الْمَقْصُودُ فِي صَلَاةِ الْجِنَازَةِ وِفَاقًا لَمْ ر اهـ سم عَلَى بَهْجَةٍ.

وَنُقِلَ بِالدَّرْسِ عَنْ الْإِيعَابِ لحج أَنَّ الْمَأْمُومَ إذَا فَرَغَ مِنْ الْفَاتِحَةِ قَبْلَ الْإِمَامِ سُنَّ لَهُ قِرَاءَةُ السُّورَةِ لِأَنَّهَا أَوْلَى مِنْ وُقُوفِهِ سَاكِتًا اهـ وَفِيهِ وَقْفَةٌ.

وَالْأَقْرَبُ مَا قَالَهُ سم، وَقَوْلُ سم فَيَنْبَغِي أَنْ يَشْتَغِلَ بِالدُّعَاءِ: أَيْ كَأَنْ يَقُولَ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَهُ وَارْحَمْهُ وَيُكَرِّرَهُ، أَوْ يَأْتِيَ بِالدُّعَاءِ الَّذِي يُقَالُ بَعْدَ الثَّالِثَةِ لَكِنَّهُ لَا يُجْزِئُ عَمَّا يُقَالُ بَعْدَهَا، وَلَا يُقَالُ إنَّ مَا أَتَى بِهِ مِنْ الدُّعَاءِ لَيْسَ فِي مَحَلِّهِ لِمَا يَأْتِي مِنْ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ الدُّعَاءُ بَعْدَ الصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَمَا أَتَى بِهِ مِنْ جُمْلَةِ مَا صَدَقَ عَلَيْهِ الدُّعَاءُ الْمَطْلُوبُ وَإِنْ كَثُرَ (قَوْلُهُ: فَبَدَلُهَا) أَيْ مِنْ الْقُرْآنِ ثُمَّ الذِّكْرِ (قَوْلُهُ: فَالْوُقُوفُ بِقَدْرِهَا) قَالَ سم عَلَى حَجّ: اُنْظُرْ هَلْ يَجْرِي نَظِيرُ ذَلِكَ فِي الدُّعَاءِ لِلْمَيِّتِ حَتَّى إذَا لَمْ يُحْسِنْهُ وَجَبَ بَدَلُهُ فَالْوُقُوفُ بِقَدْرِهِ، وَعَلَى هَذَا فَالْمُرَادُ بِبَدَلِهِ قِرَاءَةٌ أَوْ ذِكْرٌ مِنْ غَيْرِ تَرْتِيبٍ بَيْنَهُمَا أَوْ مَعَهُ فِيهِ نَظِيرٌ، وَالْمُتَّجَهُ الْجَرَيَانُ اهـ.

وَالْمُرَادُ بِالدُّعَاءِ الْمَعْجُوزُ عَنْهُ مَا يَصْدُقُ عَلَيْهِ اسْمُ الدُّعَاءِ وَمِنْهُ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَهُ أَوْ ارْحَمْهُ، فَحَيْثُ قَدَرَ عَلَى ذَلِكَ أَتَى بِهِ (قَوْلُهُ: وَقَالَ لِتَعْلَمُوا أَنَّهَا سُنَّةٌ) أَيْ طَرِيقَةٌ شَرْعِيَّةٌ وَهِيَ وَاجِبَةٌ (قَوْلُهُ قُلْت تُجْزِئُ الْفَاتِحَةُ) يُؤْخَذُ مِنْ هَذَا جَوَابُ حَادِثَةٍ وَقَعَ السُّؤَالُ عَنْهَا، وَهِيَ أَنَّ شَافِعِيًّا اقْتَدَى بِمَالِكِيٍّ وَتَابَعَهُ فِي التَّكْبِيرَاتِ، وَقَرَأَ الشَّافِعِيُّ الْفَاتِحَةَ فِي صَلَاتِهِ بَعْدَ الْأُولَى، فَلَمَّا سَلَّمَ أَخْبَرَهُ الْمَالِكِيُّ بِأَنَّهُ لَمْ يَقْرَأْ الْفَاتِحَةَ، وَحَاصِلُ الْجَوَابِ صِحَّةُ صَلَاةِ الشَّافِعِيِّ، إذْ غَايَةُ أَمْرِ إمَامِهِ أَنَّهُ تَرَكَ الْفَاتِحَةَ وَتَرْكُهَا قَبْلَ الرَّابِعَةِ لَهُ لَا يَقْتَضِي الْبُطْلَانَ لِجَوَازِ أَنْ يَأْتِيَ بِهَا بَعْدَ الرَّابِعَةِ، لَكِنَّهُ لَمَّا سَلَّمَ بِدُونِهَا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ بِالتَّسْلِيمِ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ فَسَلَّمَ لِنَفْسِهِ بَعْدَ بُطْلَانِ صَلَاةِ إمَامِهِ وَهُوَ لَا يَضُرُّ (قَوْلُهُ: بَعْدَ غَيْرِ الْأُولَى) مَحَلُّ ذَلِكَ مَا لَمْ يَكُنْ شَرَعَ فِيهَا عَقِبَ الْأُولَى وَإِلَّا فَتَتَعَيَّنَ عَلَى مَا مَرَّ لسم عَنْ م ر فِي قَوْلِهِ فَرْعٌ مُوَافِقٌ فِي الْجِنَازَةِ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَالثَّالِثَةُ وَالرَّابِعَةُ) قَالَ شَيْخُنَا الشِّهَابُ بِرّ: اُنْظُرْ

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: لِتَعْلَمُوا أَنَّهَا سُنَّةٌ) أَيْ طَرِيقَةٌ كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: قُلْت: تُجْزِئُ الْفَاتِحَةُ بَعْدَ غَيْرِ الْأُولَى) فِي حَاشِيَةِ شَيْخِنَا النُّورِ الشبراملسي حَفِظَهُ اللَّهُ تَعَالَى مَا نَصُّهُ: يُؤْخَذُ مِنْ هَذَا جَوَابُ حَادِثَةٍ وَقَعَ السُّؤَالُ عَنْهَا، وَهِيَ أَنَّ شَافِعِيًّا اقْتَدَى بِمَالِكِيٍّ سَلَّمَ ثُمَّ أَخْبَرَهُ الْمَالِكِيُّ بِأَنَّهُ لَمْ يَقْرَأْ الْفَاتِحَةَ.

وَحَاصِلُ الْجَوَابِ صِحَّةُ صَلَاةِ الشَّافِعِيِّ إذْ غَايَةُ أَمْرِ إمَامِهِ أَنَّهُ تَرَكَ الْفَاتِحَةَ وَتَرْكُهَا قَبْلَ الرَّابِعَةِ لَهُ لَا يَقْتَضِي الْبُطْلَانَ لِجَوَازِ أَنْ يَأْتِيَ بِهَا بَعْدَ الرَّابِعَةِ، لَكِنَّهُ لَمَّا

ص: 472

مَخْرَجَ الْمِثَالِ فَلَا يُخَالِفُ مَا هُنَا خِلَافًا لِمَنْ فَهِمَ تَخَالُفَهُمَا (وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) وَهَذَا مَا جَزَمَ بِهِ فِي الْمَجْمُوعِ وَنُقِلَ عَنْ النَّصِّ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَإِنْ صَحَّحَ الْمُصَنِّفُ فِي تِبْيَانِهِ تَبَعًا لِظَاهِرِ كَلَامِ الْغَزَالِيِّ الْأَوَّلَ، وَشَمَلَ ذَلِكَ الْمُنْفَرِدَ وَالْإِمَامَ وَالْمَأْمُومَ، وَإِنْ قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ إنَّ مَحَلَّهُ فِي غَيْرِ الْمَأْمُومِ، أَمَّا الْمَأْمُومُ الْمُوَافِقُ فَتَجِبُ عَلَيْهِ مُوَافَقَةُ الْإِمَامِ فِيمَا يَأْتِي بِهِ؛ لِأَنَّ كُلَّ تَكْبِيرَةٍ كَرَكْعَةٍ، وَيَتَرَتَّبُ عَلَى مَا جَرَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ هُنَا لُزُومُ خُلُوِّ الْأُولَى عَنْ ذِكْرٍ، وَالْجَمْعُ بَيْنَ رُكْنَيْنِ فِي تَكْبِيرَةٍ وَاحِدَةٍ وَتَرْكُ التَّرْتِيبِ، وَلَا يَجُوزُ لَهُ قِرَاءَةُ بَعْضِ الْفَاتِحَةِ فِي تَكْبِيرَةٍ وَبَاقِيهَا فِي أُخْرَى لِعَدَمِ وُرُودِهِ (الْخَامِسُ) مِنْ الْأَرْكَانِ (الصَّلَاةُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم) لِمَا رَوَاهُ جَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم

ــ

[حاشية الشبراملسي]

هَلْ يَجِبُ حِينَئِذٍ التَّرْتِيبُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ وَاجِبِ التَّكْبِيرَةِ الْمَنْقُولِ إلَيْهَا أَمْ لَا؟ اهـ. أَقُولُ: الظَّاهِرُ أَنْ لَا يَجِبَ كَمَا أَفْهَمَهُ مَا مَرَّ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ وَسَيَأْتِي ذَلِكَ فِي قَوْلِهِ وَتَرْكُ التَّرْتِيبِ.

[فَرْعٌ] قَرَأَ آيَةَ سَجْدَةٍ فِي صَلَاةِ الْجِنَازَةِ وَسَجَدَ الْوَجْهُ الْبُطْلَانُ لِلصَّلَاةِ إنْ كَانَ عَامِدًا عَالِمًا لِأَنَّهُ سُجُودٌ غَيْرُ مَشْرُوعٍ فَزِيَادَتُهُ مُبْطِلَةٌ م ر.

[فَرْعٌ] لَوْ لَمْ يُمْكِنْ قَطْعُ الدَّمِ الْخَارِجِ مِنْ الْمَيِّتِ بِغُسْلِهِ صَحَّ غُسْلُهُ وَصَحَّتْ الصَّلَاةُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ غَايَتَهُ أَنَّهُ كَالْحَيِّ السَّلَسِ وَهُوَ تَصِحُّ صَلَاتُهُ فَكَذَا الصَّلَاةُ عَلَيْهِ م ر اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ.

وَقَوْلُ سم أَقُولُ: الظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَجِبُ: أَيْ وَإِذَا لَمْ يَجِبْ فَلَهُ أَنْ يَأْتِيَ بِهَا قَبْلَ الصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مَثَلًا أَوْ بَعْدَهَا بِتَمَامِهَا، لِأَنَّهُ يَأْتِي بِبَعْضِهَا قَبْلُ وَبِبَعْضِهَا بَعْدُ فِيمَا يَظْهَرُ لِاشْتِرَاطِ الْمُوَالَاةِ فِيهَا.

وَقَوْلُهُ كَالْحَيِّ السَّلَسِ قَضِيَّةُ التَّشْبِيهِ بِالسَّلَسِ وُجُوبُ حَشْوِ مَحَلِّ الدَّمِ بِنَحْوِ قُطْنَةٍ وَعُصْبَةٍ عَقِبَ الْغُسْلِ وَالْمُبَادَرَةُ بِالصَّلَاةِ عَلَيْهِ بَعْدَهُ حَتَّى لَوْ أُخِّرَ لَا لِمَصْلَحَةِ الصَّلَاةِ وَجَبَ إعَادَةُ مَا ذُكِرَ، وَيَنْبَغِي أَنَّ مِنْ الْمَصْلَحَةِ كَثْرَةُ الْمُصَلِّينَ كَمَا فِي تَأْخِيرِ السَّلَسِ لِإِجَابَةِ الْمُؤَذِّنِ وَانْتِظَارِ الْجَمَاعَةِ (قَوْلُهُ: أَمَّا الْمَأْمُومُ) مِنْ مَقُولِ الْإِمَامِ (قَوْلُهُ وَتَرْكُ التَّرْتِيبِ) أَيْ وَذَلِكَ لَا يَضُرُّ (قَوْلُهُ: وَلَا يَجُوزُ لَهُ قِرَاءَةُ بَعْضِ الْفَاتِحَةِ) أَيْ وَلَا تُجْزِئُهُ (قَوْلُهُ: لِعَدَمِ وُرُودِهِ) قَدْ يُشْكِلُ بِجَوَازِ قِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ بَعْدَ غَيْرِ الْأُولَى مَعَ عَدَمِ وُرُودِهِ عَنْ الشَّارِعِ إلَّا أَنْ يُقَالَ: لَمْ يَرِدْ عَنْ الشَّارِعِ مَنْعُهَا فِي غَيْرِ الْأُولَى، بَلْ مُقْتَضَى قَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهَا سُنَّةٌ شُمُولُهَا لِكُلٍّ مِنْ التَّكْبِيرَاتِ الْأَرْبَعِ حَيْثُ لَمْ يُعَيِّنْ لَهَا مَحَلًّا، وَعَلَيْهِ فَحَدِيثُ أَبِي أُمَامَةَ يُمْكِنُ حَمْلُهُ عَلَى أَنَّهَا فِي الْأُولَى أَوْلَى (قَوْلُهُ: الْخَامِسُ الصَّلَاةُ) وَأَقَلُّهَا اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ، زَادَ حَجّ: وَيُنْدَبُ السَّلَامُ، لَكِنَّ عِبَارَةَ سم عَلَى شَرْحِ الْبَهْجَةِ قَوْلُهُ وَأَنْ يُصَلِّيَ فِي عُقَيْبِ الثَّانِيَةِ عَلَى الرَّسُولِ ظَاهِرُهُ أَنَّهُ يَقْتَصِرُ عَلَى الصَّلَاةِ فَلَا يَضُمُّ إلَيْهَا السَّلَامَ، وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّهُ الْوَارِدُ، وَالْحِكْمَةُ فِي ذَلِكَ بِنَاؤُهَا عَلَى التَّخْفِيفِ، بَلْ قَدْ يَقْتَضِي ذَلِكَ أَنَّ الِاقْتِصَارَ عَلَى الصَّلَاةِ أَفْضَلُ اهـ بِحُرُوفِهِ.

وَنَقَلَهُ شَيْخُنَا الْعَلَّامَةُ الشَّوْبَرِيُّ عَلَى مَنْهَجٍ عَنْ الشَّارِحِ، وَيُوَافِقُهُ مَا تَقَدَّمَ عَنْ الْمُنَاوِيِّ مِنْ أَنَّ مَحَلَّ كَرَاهَةِ إفْرَادِ الصَّلَاةِ عَنْ السَّلَامِ فِي غَيْرِ الْوَارِدِ.

[فَرْعٌ] لَوْ قَصَدَ أَنْ لَا يَأْتِيَ بِالصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بَعْدَ التَّكْبِيرَةِ الثَّانِيَةِ وَكَبَّرَ الثَّالِثَةَ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ، لِأَنَّهُ بِشُرُوعِهِ فِي الثَّالِثَةِ تَحَقَّقَ خُلُوُّ التَّكْبِيرَةِ الثَّانِيَةِ مِنْ الصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَأَشْبَهَ مَا لَوْ تَرَكَ الْفَاتِحَةَ

ــ

[حاشية الرشيدي]

سَلَّمَ بِدُونِهَا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ بِالتَّسْلِيمِ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ فَيُسَلِّمُ لِنَفْسِهِ بَعْدَ بُطْلَانِ صَلَاةِ إمَامِهِ وَهُوَ لَا يَضُرُّ اهـ.

وَهِيَ فَائِدَةٌ جَلِيلَةٌ يُحْتَاجُ إلَيْهَا فِي الصَّلَاةِ خَلْفَ الْمُخَالِفِ، وَظَاهِرٌ أَنَّ الْحُكْمَ جَارٍ حَتَّى فِيمَا لَوْ كَانَ الْإِمَامُ يَرَى حُرْمَةَ الْقِرَاءَةِ فِي صَلَاةِ الْجِنَازَةِ كَالْحَنَفِيِّ، إذْ لَا فَرْقَ نَظَرًا إلَى مَا وَجَّهَ بِهِ الشَّيْخُ أَبْقَاهُ اللَّهُ، أَيْ وَلَا نَظَرَ إلَى عَدَمِ اعْتِقَادِ الْإِمَامِ فَرْضِيَّةَ الْفَاتِحَةِ، وَإِلَّا لَمْ تَصِحَّ الصَّلَاةُ خَلْفَهُ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّهُ لَا يَعْتَقِدُ وُجُوبَ الْبَسْمَلَةِ، وَأَمَّا مَا قَدْ يُقَالُ: إنَّهُ حَيْثُ كَانَ الْإِمَامُ لَا يَرَى قِرَاءَةَ الْفَاتِحَةِ فَكَأَنَّهُ نَوَى صَلَاةً بِلَا قِرَاءَةٍ فَنِيَّتُهُ غَيْرُ صَحِيحَهُ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ فَقَدْ يُجَابُ عَنْهُ بِأَنَّ ذَلِكَ لَا يَضُرُّ

ص: 473

أَنَّ الصَّلَاةَ عَلَيْهِ صلى الله عليه وسلم فِي صَلَاةِ الْجِنَازَةِ مِنْ السُّنَّةِ (بَعْدَ) التَّكْبِيرَةِ (الثَّانِيَةِ) لِفِعْلِ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ وَلِقَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام «لَا صَلَاةَ لِمَنْ لَمْ يُصَلِّ عَلَيَّ فِيهَا» وَلِأَنَّهُ أَرْجَى لِإِجَابَةِ الدُّعَاءِ (وَالصَّحِيحُ أَنَّ الصَّلَاةَ عَلَى الْآلِ لَا تَجِبُ) فِيهَا كَغَيْرِهَا وَأَوْلَى لِبِنَائِهَا عَلَى التَّخْفِيفِ لَكِنَّهَا تُسْتَحَبُّ كَالدُّعَاءِ لِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ عَقِبَهَا، وَالْحَمْدِ لِلَّهِ قَبْلَ الصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَلَا يَجِبُ تَرْتِيبٌ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ وَالدُّعَاءِ وَالْحَمْدِ لَكِنَّهُ أَوْلَى كَمَا فِي زِيَادَةِ الرَّوْضَةِ، وَمَا ذُكِرَ مِنْ تَعَيُّنِهَا بَعْدَ الثَّانِيَةِ هُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَلَيْسَ مَبْنِيًّا عَلَى تَعَيُّنِ الْفَاتِحَةِ قَبْلَهَا خِلَافًا لِلشَّارِحِ وَمُقَابِلُ الصَّحِيحِ أَنَّهَا تَجِبُ وَهُوَ الْخِلَافُ الْمَارُّ فِي التَّشَهُّدِ الْآخَرِ (السَّادِسُ) مِنْ الْأَرْكَانِ (الدُّعَاءُ لِلْمَيِّتِ) بِخُصُوصِهِ نَحْوُ اللَّهُمَّ ارْحَمْهُ أَوْ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَهُ؛ لِخَبَرِ «إذَا صَلَّيْتُمْ عَلَى الْمَيِّتِ فَأَخْلِصُوا لَهُ الدُّعَاءَ» ؛ وَلِأَنَّهُ الْمَقْصُودُ الْأَعْظَمُ مِنْ الصَّلَاةِ فَلَا يَكْفِي الدُّعَاءُ لِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ، وَيَكُونُ (بَعْدَ) التَّكْبِيرَةِ (الثَّالِثَةِ) وَقَضِيَّةُ إطْلَاقِهِ كَغَيْرِهِ وُجُوبُهُ لِغَيْرِ الْمُكَلَّفِ، وَمَنْ بَلَغَ مَجْنُونًا وَدَامَ إلَى مَوْتِهِ وَهُوَ الْأَوْجَهُ إذْ الْجَارِي عَلَى الصَّلَاةِ التَّعَبُّدُ خِلَافًا لِلْأَذْرَعِيِّ، وَعُلِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ وُجُوبُ الدُّعَاءِ بَعْدَ التَّكْبِيرَةِ الثَّالِثَةِ وَقَبْلَ الرَّابِعَةِ، وَلَا يُجْزِئُ فِي غَيْرِهَا بِلَا خِلَافٍ، قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ: وَلَيْسَ لِتَخْصِيصِ ذَلِكَ إلَّا مُجَرَّدُ الِاتِّبَاعِ اهـ.

(السَّابِعُ) مِنْ الْأَرْكَانِ (الْقِيَامُ عَلَى الْمَذْهَبِ إنْ قَدَرَ) عَلَيْهِ كَغَيْرِهَا مِنْ الْفَرَائِضِ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

عَمْدًا ثُمَّ رَكَعَ (قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم) أَيْ فَيَجِبُ فِيهَا مَا يَجِبُ فِي التَّشَهُّدِ فِيمَا يَظْهَرُ، وَلَا يُجْزِئُ هُنَا مَا يُجْزِئُ فِي الْخُطْبَةِ مِنْ الْحَاشِرِ وَالْمَاحِي وَنَحْوِهِمَا، وَصَرَّحَ بِذَلِكَ فِي الْعُبَابِ فَقَالَ: وَأَقَلُّهَا كَمَا فِي التَّشَهُّدِ اهـ (قَوْلُهُ: كَالدُّعَاءِ لِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ) أَيْ بِنَحْوِ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ (قَوْلُهُ: وَالْحَمْدُ لِلَّهِ) أَيْ بِأَيِّ صِيغَةٍ مِنْ صِيَغِهِ وَالْمَشْهُورُ مِنْهَا الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ فَيَنْبَغِي الْإِتْيَانُ بِهَا (قَوْلُهُ وَلَا يَجِبُ تَرْتِيبٌ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ) هُمَا الصَّلَاةُ عَلَى النَّبِيِّ وَعَلَى الْآلِ (قَوْلُهُ: السَّادِسُ الدُّعَاءُ لِلْمَيِّتِ بِخُصُوصِهِ) وَظَاهِرُ تَعَيُّنِ الدُّعَاءِ لَهُ بِأُخْرَوِيٍّ لَا بِنَحْوِ اللَّهُمَّ احْفَظْ تَرِكَتَهُ مِنْ الظَّلَمَةِ، وَأَنَّ الطِّفْلَ فِي ذَلِكَ كَغَيْرِهِ لِأَنَّهُ وَإِنْ قُطِعَ لَهُ بِالْجَنَّةِ فَتَزِيدُ مَرْتَبَتُهُ فِيهَا بِالدُّعَاءِ لَهُ كَالْأَنْبِيَاءِ اهـ حَجّ.

[فَائِدَةٌ] قَالَ فِي بَسْطِ الْأَنْوَارِ: قُلْت لَوْ أَنَّ شَخْصَيْنِ وُلِدَا مَعًا مُلْتَصِقَيْنِ وَمَاتَ أَحَدُهُمَا، فَإِنْ أَمْكَنَ فَصْلُهُ مِنْ الْحَيِّ مِنْ غَيْرِ ضَرَرٍ يَلْحَقُ الْحَيَّ وَجَبَ فَصْلُهُ، وَإِلَّا وَجَبَ أَنْ يُفْعَلَ بِالْمَيِّتِ الْمُمْكِنُ مِنْ الْغُسْلِ وَالتَّكْفِينِ وَالصَّلَاةِ وَامْتَنَعَ الدَّفْنُ لِعَدَمِ إمْكَانِهِ وَيُنْتَظَرُ سُقُوطُهُ، فَإِنْ سَقَطَ وَجَبَ دَفْنُ مَا سَقَطَ، وَإِنْ مَاتَا مَعًا وَكَانَا ذَكَرَيْنِ أَوْ أُنْثَيَيْنِ غُسِّلَا مَعًا وَكُفِّنَا مَعًا وَصَلَّيْنَا عَلَيْهِمَا مَعًا وَدُفِنَا، هَذَا الْقَوْلُ الظَّاهِرُ.

وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُقَالَ: يَجِبُ فَصْلُهُمَا إنْ أَمْكَنَ وَإِنْ كَانَا ذَكَرًا وَأُنْثَى وَأَمْكَنَ فَصْلُهُمَا فَالظَّاهِرُ وُجُوبُهُ، وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ فَعَلْنَا مَا أَمْكَنَ فِعْلُهُ، وَيُرَاعَى الذَّكَرُ فِي الِاسْتِقْبَالِ وَنَحْوِهِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ اهـ.

أَيْ وَعَلَيْهِ فَلَوْ كَانَ ظَهْرُ أَحَدِهِمَا مُلْصَقًا بِظَهْرِ الْآخِرِ أَحْرَمَ أَحَدُهُمَا أَوَّلًا بِالصَّلَاةِ لِلْقِبْلَةِ، فَإِذَا أَتَمَّ صَلَاتَهُ اسْتَدْبَرَ مَنْ صَلَّى الْقِبْلَةَ وَأَحْرَمَ الْآخَرُ إلَيْهَا وَصَلَّى.

أَقُولُ: وَمَعْلُومٌ أَنَّ صَلَاةَ الْحَيِّ صَحِيحَةٌ وَإِنْ حَكَمْنَا بِنَجَاسَةِ مَا فِي جَوْفِ الْمَيِّتِ كَمَا لَوْ حُبِسَ الْحَيُّ فِي مَكَان نَجِسٍ، وَإِذَا فُصِلَ الْمَيِّتُ بَعْدُ فَيَنْبَغِي أَنَّهُ يَجِبُ عَلَى الْحَيِّ قَضَاءُ مَا صَلَّاهُ لِأَنَّهُ تَبَيَّنَ أَنَّهُ صَلَّى وَهُوَ حَامِلٌ نَجَاسَةً فِي جَوْفِ الْمَيِّتِ، وَهِيَ وَإِنْ كَانَتْ بِمَعْدِنِهَا لَا تُعْطَى حُكْمَ الظَّاهِرِ إلَّا مَا دَامَ صَاحِبُهَا حَيًّا، وَيَحْتَمِلُ عَدَمَ وُجُوبِ الْقَضَاءِ لِتَنْزِيلِهِ مِنْهُ مَا دَامَ مُتَّصِلًا مَنْزِلَةَ الْجُزْءِ وَلَعَلَّ هَذَا هُوَ الْأَقْرَبُ (قَوْلُهُ: إذْ الْجَارِي عَلَى الصَّلَاةِ) أَيْ الْغَالِبُ (قَوْلُهُ: السَّابِعُ لِلْقِيَامِ) أَيْ وَلَوْ مُعَادَةً، وَلَعَلَّ حِكْمَةَ تَأْخِيرِ

ــ

[حاشية الرشيدي]

حَيْثُ كَانَ نَاشِئًا عَنْ عَقِيدَةٍ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَلِقَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام) كَانَ الْأَوْلَى تَقْدِيمَهُ عَلَى قَوْلِ الْمُصَنِّفِ بَعْدَ الثَّانِيَةِ (قَوْلُهُ: عَقِبَهَا) بَيَانٌ لِلْأَكْمَلِ بِقَرِينَةِ مَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: وَلَا يَجِبُ تَرْتِيبٌ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ إلَخْ) أَيْ لَا يَجِبُ لِأَدَاءِ السُّنَّةِ فَتَتَأَدَّى السُّنَّةُ بِدُونِهِ وَإِلَّا فَأَصْلُ الدُّعَاءِ لَيْسَ بِوَاجِبٍ هُنَا، بَلْ ذَهَبَ الشِّهَابُ حَجّ إلَى أَنَّ الْأَوْلَى كَوْنُ الدُّعَاءِ قَبْلَ الصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ وَجِيهٌ لِيَخْتِمَهُ بِهَا (قَوْلُهُ: وُجُوبُهُ لِغَيْرِ الْمُكَلَّفِ) وَسَيَأْتِي، اُنْظُرْهُ مَعَ قَوْلِهِ

ص: 474

وَإِلْحَاقُهَا بِالنَّفْلِ فِي التَّيَمُّمِ لَا يَلْزَمُ مِنْهُ ذَلِكَ هُنَا؛ لِأَنَّ الْقِيَامَ هُوَ الْمُقَوِّمُ لِصُورَتِهَا فَفِي عَدَمِهِ مَحْوٌ لِصُورَتِهَا بِالْكُلِّيَّةِ، وَشَمَلَ ذَلِكَ الصَّبِيَّ وَالْمَرْأَةَ إذَا صَلَّيَا مَعَ الرِّجَالِ، وَهُوَ الْأَوْجَهُ خِلَافًا لِلنَّاشِرِيِّ، فَإِنْ عَجَزَ صَلَّى عَلَى حَسَبِ حَالِهِ.

(وَيُسَنُّ رَفْعُ يَدَيْهِ فِي التَّكْبِيرَاتِ) الْأَرْبَعِ حَذْوَ مَنْكِبَيْهِ وَوَضْعُهُمَا بَعْدَ كُلِّ تَكْبِيرَةٍ تَحْتَ صَدْرِهِ كَغَيْرِهَا مِنْ الصَّلَوَاتِ (وَإِسْرَارُ الْقِرَاءَةِ) لِلْفَاتِحَةِ وَلَوْ لَيْلًا كَثَالِثَةِ الْمَغْرِبِ يُجَامِعُ عَدَمَ مَشْرُوعِيَّةِ السُّورَةِ وَمَا وَرَدَ فِي خَبَرِ ابْنِ عَبَّاسٍ مِنْ أَنَّهُ يَجْهَرُ بِالْقِرَاءَةِ.

أُجِيبَ عَنْهُ بِأَنَّ خَبَرَ أَبِي أُمَامَةَ أَصَحُّ مِنْهُ، وَقَوْلُهُ فِيهِ: إنَّمَا جَهَرْت (لِتَعْلَمُوا أَنَّهَا سُنَّةٌ) قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ يَعْنِي لِتَعْلَمُوا أَنَّ الْقِرَاءَةَ مَأْمُورٌ بِهَا (وَقِيلَ يَجْهَرُ لَيْلًا) أَيْ بِالْفَاتِحَةِ خَاصَّةً؛ لِأَنَّهَا صَلَاةُ لَيْلٍ أَمَّا الصَّلَاةُ عَلَيْهِ صلى الله عليه وسلم وَالدُّعَاءُ فَيُنْدَبُ الْإِسْرَارُ بِهِمَا اتِّفَاقًا، وَاتَّفَقُوا عَلَى جَهْرِهِ بِالتَّكْبِيرِ وَالسَّلَامِ: أَيْ الْإِمَامُ أَوْ الْمُبَلِّغُ لَا غَيْرُهُمَا نَظِيرُ مَا مَرَّ فِي الصَّلَاةِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، فَتَقْيِيدُ الْمُصَنِّفِ بِالْقِرَاءَةِ: أَيْ الْفَاتِحَةِ لِأَجْلِ الْخِلَافِ (وَالْأَصَحُّ نَدْبُ التَّعَوُّذِ) لِكَوْنِهِ سُنَّةً لِلْقِرَاءَةِ فَاسْتُحِبَّ كَالتَّأْمِينِ وَلِقَصْرِهِ، وَيُسِرُّ بِهِ قِيَاسًا عَلَى سَائِرِ الصَّلَوَاتِ (دُونَ الِافْتِتَاحِ) وَالسُّورَةِ لِطُولِهِمَا.

وَالثَّانِي نَعَمْ كَالتَّأْمِينِ، وَشَمَلَ ذَلِكَ مَا لَوْ صَلَّى عَلَى قَبْرٍ أَوْ غَائِبٍ، وَهُوَ كَذَلِكَ كَمَا أَفَادَهُ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي فَتَاوِيهِ لِبِنَائِهَا عَلَى التَّخْفِيفِ خِلَافًا لِابْنِ الْعِمَادِ (وَيَقُولُ) اسْتِحْبَابًا (فِي الثَّالِثَةِ: اللَّهُمَّ هَذَا عَبْدُك وَابْنُ عَبْدِك إلَى آخِرِهِ) الْمَذْكُورُ فِي الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ وَتَرَكَهُ لِشُهْرَتِهِ وَتَتِمَّتِهِ: خَرَجَ مِنْ رَوْحِ الدُّنْيَا وَسَعَتِهَا بِفَتْحِ أَوَّلِهِمَا أَيْ نَسِيمِ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

الْقِيَامِ عَنْ السَّلَامِ وَغَيْرِهِ مِنْ الْأَرْكَانِ أَنَّهُ لَمَّا كَانَ مُقَارِنًا لِجَمِيعِ الْأَرْكَانِ لَا يَتَحَقَّقُ إلَّا بَعْدَ جَمِيعِ الْأَرْكَانِ فَكَأَنَّهُ مُؤَخَّرٌ عَنْهَا فِي الْوُجُودِ فَنَاسَبَ تَأْخِيرُهُ فِي الذِّكْرِ، بِخِلَافِهِ فِي الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ فَإِنَّهُ لَمَّا كَانَ يَنْتَقِلُ مِنْ الْقِيَامِ إلَى الرُّكُوعِ ثُمَّ يَعُودُ إلَيْهِ بَعْدَ السُّجُودِ ذَكَرَهُ فِي مَحَلِّهِ الَّذِي يَقَعُ فِيهِ (قَوْلُهُ: مَحْوٌ لِصُورَتِهَا) فِي نُسْخَةٍ مَحْقٌ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَهُوَ الْأَوْجَهُ خِلَافًا لِلنَّاشِرِيِّ) أَيْ وَيَحْرُمُ عَلَى الْمَرْأَةِ الْقَطْعُ وَيُمْنَعُ مِنْهُ الصَّبِيُّ، وَعِبَارَةُ الْعُبَابِ عَلَى مَا نَقَلَهُ سم عَلَى حَجّ: وَصَلَاةُ الْمَرْأَةِ وَالصَّبِيِّ مَعَ الرَّجُلِ أَوْ بَعْدَهُ تَقَعُ نَفْلًا.

قَالَ فِي شَرْحِهِ: وَإِنَّمَا سَقَطَ بِهَا الْفَرْضُ مِنْ الصَّبِيِّ مَعَ ذَلِكَ قِيَاسًا عَلَى مَا لَوْ صَلَّى الظُّهْرَ مَثَلًا ثُمَّ بَلَغَ فِي وَقْتِهَا، وَمَعَ كَوْنِهَا نَفْلًا مِنْهُمَا تَجِبُ فِيهَا نِيَّةُ الْفَرْضِيَّةِ وَالْقِيَامُ لِلْقَادِرِ كَمَا مَرَّ أَوَّلَ الْفَصْلِ وَلَا يَجُوزُ الْخُرُوجُ مِنْهَا عَلَى الْوَجْهِ كَمَا مَرَّ، وَالْمُرَادُ بِعَدَمِ الْجَوَازِ فِي حَقِّ الصَّبِيِّ أَنَّ وَلِيَّهُ يَمْنَعُهُ مِنْهُ كَمَا يَمْنَعُهُ مِنْ الْخُرُوجِ مِنْ الْمَكْتُوبَاتِ.

(قَوْلُهُ: وَيُسَنُّ رَفْعُ يَدَيْهِ فِي التَّكْبِيرَاتِ) أَيْ وَإِنْ اقْتَدَى بِمَنْ لَا يَرَى الرَّفْعَ كَالْحَنَفِيِّ فِيمَا يَظْهَرُ لِأَنَّ مَا كَانَ مَسْنُونًا عِنْدَنَا لَا يُتْرَكُ لِلْخُرُوجِ مِنْ الْخِلَافِ، وَكَذَا لَوْ اقْتَدَى بِهِ الْحَنَفِيُّ لِلْعِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ: أَيْ فَلَوْ تَرَكَ الرَّفْعَ كَانَ خِلَافَ الْأَوْلَى عَلَى مَا هُوَ الْأَصْلُ فِي تَرْكِ السُّنَّةِ إلَّا مَا نَصُّوا فِيهِ عَلَى الْكَرَاهَةِ.

وَأَمَّا تَرْكُ الْإِسْرَارِ فَقِيَاسُ مَا مَرَّ فِي الصَّلَاةِ مِنْ كَرَاهَةِ الْجَهْرِ فِي مَوْضِعِ الْإِسْرَارِ كَرَاهَتُهُ هُنَا (قَوْلُهُ: بِأَنَّ خَبَرَ أَبِي أُمَامَةَ أَصَحُّ مِنْهُ) قَدْ يُقَالُ هَذَا إنَّمَا يُحْتَاجُ إلَيْهِ إذَا لَمْ يَكُنْ فِي كَلَامِ ابْنِ عَبَّاسٍ مَا يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ اسْتِحْبَابِ الْجَهْرِ، وَلَكِنَّ قَوْلَهُ إنَّمَا جَهَرْت لِتَعْلَمُوا أَنَّهَا سُنَّةٌ: أَيْ مَسْلُوكَةٌ عَلَى سَبِيلِ الْوُجُوبِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْجَهْرَ لَيْسَ سُنَّةً، إذْ لَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَمَّا احْتَاجَ لِلِاعْتِذَارِ عَنْهُ، إلَّا أَنْ يُقَالَ: يَجُوزُ أَنَّهُ إنَّمَا قَالَ ذَلِكَ دَفْعًا لِتَوَهُّمِ عَدَمِ وُجُوبِ الْقِرَاءَةِ فِي صَلَاةِ الْجِنَازَةِ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ فِيمَا نَقَلَهُ عَنْ الْمَجْمُوعِ (قَوْلُهُ: خِلَافًا لِابْنِ الْعِمَادِ) تَبِعَهُ حَجّ فَقَالَ: يَأْتِي بِدُعَاءِ الِافْتِتَاحِ وَالسُّورَةِ إذَا صَلَّى عَلَى قَبْرٍ أَوْ غَائِبٍ (قَوْلُهُ: بِفَتْحِ أَوَّلِهِمَا)

ــ

[حاشية الرشيدي]

الْآتِي: وَلَا يُعَارِضُهُ قَوْلُهُمْ لَا بُدَّ مِنْ الدُّعَاءِ لِلْمَيِّتِ بِخُصُوصِهِ عَقِبَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ: وَيَقُولُ فِي الطِّفْلِ مَعَ هَذَا الدُّعَاءِ الثَّانِي إلَخْ.

(قَوْلُهُ: كَثَالِثَةِ الْمَغْرِبِ) أَيْ وَلِخَبَرِ أَبِي أُمَامَةَ الْمُتَقَدِّمِ، وَكَانَ الْأَوْلَى الِاسْتِدْلَالَ بِهِ أَيْضًا بَلْ تَقْدِيمَهُ كَمَا صَنَعَ غَيْرُهُ (قَوْلُهُمْ أُجِيبَ عَنْهُ بِأَنَّ خَبَرَ أَبِي أُمَامَةَ إلَخْ) عَلَى أَنَّهُ لَا يُحْتَاجُ فِيهِ إلَى جَوَابٍ؛ لِأَنَّهُ تَكَفَّلَ فِي الْخَبَرِ بِحِكْمَةِ الْجَهْرِ، وَهِيَ أَنْ يُعَلِّمَهُمْ أَنَّهَا: أَيْ الْقِرَاءَةَ سُنَّةٌ: أَيْ طَرِيقَةٌ: أَيْ لَا لِكَوْنِهَا مَنْدُوبَةً

ص: 475

رِيحِهَا وَاتِّسَاعِهَا وَمَحْبُوبِهِ وَأَحِبَّائِهِ فِيهَا: أَيْ مَا يُحِبُّهُ وَمَنْ يُحِبُّهُ إلَى ظُلْمَةِ الْقَبْرِ وَمَا هُوَ لَاقِيهِ كَانَ يَشْهَدَ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا أَنْتَ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُك وَرَسُولُك وَأَنْتَ أَعْلَمُ بِهِ.

اللَّهُمَّ إنَّهُ نَزَلَ بِكَ: أَيْ هُوَ ضَيْفُك، وَأَنْتَ أَكْرَمُ الْأَكْرَمِينَ وَضَيْفُ الْكِرَامِ لَا يُضَامُ، وَأَنْتَ خَيْرُ مَنْزُولٍ بِهِ، وَأَصْبَحَ فَقِيرًا إلَى رَحْمَتِك وَأَنْتَ غَنِيٌّ عَنْ عَذَابِهِ، وَقَدْ جِئْنَاكَ رَاغِبِينَ إلَيْك شُفَعَاءَ لَهُ.

اللَّهُمَّ إنْ كَانَ مُحْسِنًا فَزِدْ فِي إحْسَانِهِ، وَإِنْ كَانَ مُسِيئًا فَتَجَاوَزْ عَنْهُ، وَلَقِّهِ: أَيْ أَعْطِهِ بِرَحْمَتِك رِضَاكَ، وَقِه فِتْنَةَ الْقَبْرِ وَعَذَابَهُ وَأَفْسِحْ لَهُ فِي قَبْرِهِ، وَجَافِ الْأَرْضَ عَنْ جَنْبَيْهِ وَلَقِّهِ بِرَحْمَتِكَ الْأَمْنَ مِنْ عَذَابِك حَتَّى تَبْعَثَهُ إلَى جَنَّتِك يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ.

جَمَعَ ذَلِكَ الشَّافِعِيُّ رضي الله عنه مِنْ الْأَخْبَارِ وَاسْتَحْسَنَهُ الْأَصْحَابُ وَفِي بَعْضِ نُسَخِ الرَّوْضَةِ وَمَحْبُوبِهَا، وَكَذَا فِي الْمَجْمُوعِ.

وَالْمَشْهُورُ فِي مَحْبُوبِهِ وَأَحِبَّائِهِ الْجَرُّ وَيَجُوزُ رَفْعُهُ بِجَعْلِ الْوَاوِ لِلْحَالِ، وَرَوَى مُسْلِمٌ عَنْ عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ «صَلَّى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَلَى جِنَازَةٍ فَسَمِعْته يَقُولُ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَهُ وَارْحَمْهُ وَاعْفُ عَنْهُ وَعَافِهِ، وَأَكْرِمْ نُزُلَهُ وَوَسِّعْ مُدْخَلَهُ وَاغْسِلْهُ بِمَاءٍ وَثَلْجٍ وَبَرَدٍ، وَنَقِّهِ مِنْ الْخَطَايَا كَمَا يُنَقَّى الثَّوْبُ الْأَبْيَضُ مِنْ الدَّنَسِ، وَأَبْدِلْهُ دَارًا خَيْرًا مِنْ دَارِهِ وَأَهْلًا خَيْرًا مِنْ أَهْلِهِ وَزَوْجًا خَيْرًا مِنْ زَوْجِهِ، وَقِه مِنْ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

لَعَلَّهُ إنَّمَا اقْتَصَرَ عَلَيْهِ لِكَوْنِهِ الْأَفْصَحَ، وَإِلَّا فَيَجُوزُ فِي الرَّوْحِ الضَّمُّ كَمَا قُرِئَ بِهِ فِي قَوْله تَعَالَى {فَرَوْحٌ وَرَيْحَانٌ} [الواقعة: 89] وَفِي السَّعَةِ الْكَسْرُ، وَقَدْ نَظَمَ ذَلِكَ الْعَلَّامَةُ الدَّنَوْشَرِيُّ فَقَالَ:

وَسَعَةٌ بِالْفَتْحِ فِي الْأَوْزَانِ

وَالْكَسْرُ مَحْكِيٌّ عَنْ الصَّاغَانِيِّ

(قَوْلُهُ: أَيْ مَا يُحِبُّهُ) وَهُوَ بِضَمِّ الْيَاءِ وَكَسْرِ الْحَاءِ مِنْ أَحَبَّ، وَيَجُوزُ فَتْحُ الْيَاءِ وَكَسْرُ الْحَاءِ مِنْ حَبَّ لُغَةٌ فِي أَحَبَّ.

(قَوْلُهُ: وَقَدْ جِئْنَاك) هَلْ ذَلِكَ مَخْصُوصٌ بِالْإِمَامِ كَمَا فِي الْقُنُوتِ وَأَنَّ غَيْرَهُ يَقُولُ جِئْتُك شَافِعًا، أَوْ هُوَ عَامٌّ فِي الْإِمَامِ وَغَيْرِهِ فَيَقُولُ الْمُنْفَرِدُ بِلَفْظِ الْجَمْعِ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي اتِّبَاعًا لِلْوَارِدِ، وَلِأَنَّهُ رُبَّمَا شَارَكَهُ فِي الصَّلَاةِ عَلَيْهِ مَلَائِكَةٌ، وَقَدْ يُؤَيِّدُ ذَلِكَ مَا سَيَأْتِي فِي كَلَامِ الشَّارِحِ مِنْ أَنَّهُ حُصِرَ الَّذِينَ صَلَّوْا عَلَيْهِ صلى الله عليه وسلم فَإِذَا هُمْ ثَلَاثُونَ أَلْفًا وَمِنْ الْمَلَائِكَةِ سِتُّونَ أَلْفًا لِأَنَّ مَعَ كُلِّ وَاحِدٍ مَلَكَيْنِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ مُسِيئًا فَتَجَاوَزْ عَنْهُ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ الْمَيِّتُ نَبِيًّا، وَهُوَ ظَاهِرٌ اتِّبَاعًا لِلَّفْظِ الْوَارِدِ، وَظَاهِرٌ أَيْضًا أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ نَبِيِّنَا وَغَيْرِهِ، هَذَا وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ الْأَوْلَى تَرْكُ قَوْلِهِ إنْ كَانَ مُحْسِنًا إلَخْ فِي حَقِّ الْأَنْبِيَاءِ لِمَا فِيهِ مِنْ إيهَامِ أَنَّهُمْ قَدْ يَكُونُونَ مُسِيئِينَ فَيَقْتَصِرُ عَلَى غَيْرِهِ مِنْ الدُّعَاءِ وَيَزِيدُ: إنْ شَاءَ عَلَى الْوَارِدِ مَا يَلِيقُ بِشَأْنِهِمْ صلى الله عليه وسلم صلى الله عليه وسلم عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ، وَبَقِيَ مَا لَوْ تَرَكَ بَعْضَ الدُّعَاءِ هَلْ يُكْرَهُ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي، وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْقُنُوتِ بِأَنَّ ذَاكَ وَرَدَ تَعْلِيمُهُ بِخُصُوصِهِ مِنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، بِخِلَافِ مَا هُنَا فَإِنَّهُ مَجْمُوعٌ مِنْ أَدْعِيَةٍ مُتَفَرِّقَةٍ، وَوُرُودُهَا كَذَلِكَ يَقْتَضِي عَدَمَ تَعَيُّنِ وَاحِدٍ مِنْهَا (قَوْلُهُ: جَمَعَ ذَلِكَ الشَّافِعِيُّ) قَالَ الشَّيْخُ عَمِيرَةُ يُرِيدُ أَنَّهُ لَمْ يَرِدْ فِي حَدِيثٍ وَاحِدٍ هَكَذَا اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ وَاعْفُ عَنْهُ) أَيْ مَا صَدَرَ مِنْهُ (قَوْلُهُ: وَعَافِهِ) أَيْ أَعْطِهِ مِنْ النَّعِيمِ مَا يَصِيرُ بِهِ كَالصَّحِيحِ فِي الدُّنْيَا (قَوْلُهُ: وَأَكْرِمْ نُزُلَهُ) أَيْ أَعْظِمْ مَا يُهَيَّأُ لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ النَّعِيمِ.

وَفِي الْمُخْتَارِ النُّزُلُ بِوَزْنِ الْقُفْلِ مَا يُهَيَّأُ لِلنَّزِيلِ وَالْجَمْعُ الْأَنْزَالُ، وَالنُّزُلُ أَيْضًا الرُّبُعُ، يُقَالُ طَعَامٌ كَثِيرُ النُّزُلِ أَوْ النَّزَلِ بِفَتْحَتَيْنِ اهـ وَفِي الْمِصْبَاحِ: وَالنُّزُلُ بِضَمَّتَيْنِ: طَعَامُ النَّزِيلِ الَّذِي يُهَيَّأُ لَهُ، وَفِي التَّنْزِيلِ {هَذَا نُزُلُهُمْ يَوْمَ الدِّينِ} [الواقعة: 56] اهـ.

وَعَلَيْهِ فَيَجُوزُ فِي نُزُلِهِ السُّكُونُ وَالضَّمُّ وَهُوَ الْأَكْثَرُ (قَوْلُهُ: وَزَوْجًا خَيْرًا مِنْ زَوْجِهِ) قَضِيَّتُهُ أَنْ يُقَالَ ذَلِكَ وَإِنْ كَانَ الْمَيِّتُ أُنْثَى اهـ سم عَلَى بَهْجَةٍ.

وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْإِبْدَالِ فِي الْأَهْلِ وَالزَّوْجَةِ إبْدَالُ الْأَوْصَافِ لَا الذَّوَاتِ قَوْله تَعَالَى {أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ} [الطور: 21] وَلِخَبَرِ الطَّبَرَانِيِّ وَغَيْرِهِ «إنَّ نِسَاءَ الْجَنَّةِ مِنْ نِسَاءِ الدُّنْيَا أَفْضَلُ مِنْ الْحُورِ الْعِينِ» ثُمَّ رَأَيْت شَيْخًا قَالَ: وَقَوْلُهُ أَبْدِلْهُ زَوْجًا خَيْرًا مِنْ زَوْجِهِ مَنْ لَا زَوْجَةَ لَهُ يَصْدُقُ بِتَقْدِيرِهَا لَهُ أَنْ لَوْ كَانَتْ لَهُ، وَكَذَا فِي الزَّوْجَةِ إذَا قِيلَ إنَّهَا لِزَوْجِهَا فِي الدُّنْيَا، يُرَادُ بِإِبْدَالِهَا زَوْجًا خَيْرًا مِنْ

ــ

[حاشية الرشيدي]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ص: 476

فِتْنَةِ الْقَبْرِ وَعَذَابِ النَّارِ» قَالَ عَوْفٌ: فَتَمَنَّيْت أَنْ أَكُونَ أَنَا الْمَيِّتُ هَذَا إنْ كَانَ الْمَيِّتُ بَالِغًا ذَكَرًا، فَإِنْ كَانَ بِالْأُنْثَى عَبَّرَ بِالْأَمَةِ وَأَنَّثَ مَا يَعُودُ إلَيْهَا وَإِنْ ذَكَرَ بِقَصْدِ الشَّخْصِ لَمْ يَضُرَّ وَإِنْ كَانَ خُنْثَى.

قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: الْمُتَّجَهُ التَّعْبِيرُ بِالْمَمْلُوكِ وَنَحْوِهِ.

قَالَ: فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْمَيِّتِ أَبٌ بِأَنْ كَانَ وَلَدَ زِنًا فَالْقِيَاسُ أَنَّهُ يَقُولُ فِيهِ وَابْنُ أَمَتِكَ اهـ.

وَالْقِيَاسُ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَعْرِفْ لِلْمَيِّتِ ذُكُورَةً وَلَا أُنُوثَةً يُعَبِّرُ بِالْمَمْلُوكِ وَنَحْوِهِ، وَأَنَّهُ لَوْ صَلَّى عَلَى جَمْعٍ مَعًا يَأْتِي فِيهِ بِمَا يُنَاسِبُهُ، فَلَوْ قَالَ فِي ذَلِكَ اللَّهُمَّ هَذَا عَبْدُك؟ بِتَوْحِيدِ الْمُضَافِ وَاسْمِ الْإِشَارَةِ صَحَّتْ صَلَاتُهُ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، إذْ لَا اخْتِلَالَ فِي صِيغَةِ الدُّعَاءِ.

أَمَّا اسْمُ الْإِشَارَةِ فَلِقَوْلِ أَئِمَّةِ النُّحَاةِ إنَّهُ قَدْ يُشَارُ بِمَا لِلْوَاحِدِ لِلْجَمْعِ كَقَوْلِ لَبِيدٍ:

وَلَقَدْ سَئِمَتْ مِنْ الْحَيَاةِ وَطُولِهَا

وَسُؤَالِ هَذَا النَّاسِ كَيْفَ لَبِيَدِ

وَلِمَا مَرَّ عَنْ الْفُقَهَاءِ مِنْ جَوَازِ التَّذْكِيرِ فِي الْأُنْثَى وَعَكْسِهِ عَلَى إرَادَةِ الشَّخْصِ.

وَأَمَّا لَفْظُ الْعَبْدِ فَلِأَنَّهُ مُفْرَدٌ مُضَافٌ لِمَعْرِفَةٍ فَيَعُمُّ أَفْرَادَ مَنْ أُشِيرَ إلَيْهِ، وَأَمَّا الصَّغِيرُ فَسَيَأْتِي مَا يُقَالُ فِيهِ (وَيُقَدِّمُ عَلَيْهِ) اسْتِحْبَابًا: أَيْ عَلَى الدُّعَاءِ الْمَارِّ (: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِحَيِّنَا وَمَيِّتِنَا وَشَاهِدِنَا وَغَائِبِنَا وَصَغِيرِنَا وَكَبِيرِنَا وَذَكَرِنَا وَأُنْثَانَا. اللَّهُمَّ مَنْ أَحْيَيْته مِنَّا فَأَحْيِهِ عَلَى الْإِسْلَامِ، وَمَنْ تَوَفَّيْته مِنَّا فَتَوَفَّهُ عَلَى الْإِيمَانِ)

رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ وَغَيْرُهُمَا، وَزَادَ غَيْرُ التِّرْمِذِيِّ: لَا تَحْرِمْنَا أَجْرَهُ وَلَا

ــ

[حاشية الشبراملسي]

زَوْجِهَا مَا يَعُمُّ إبْدَالَ الذَّوَاتِ وَإِبْدَالَ الصِّفَاتِ اهـ.

وَإِرَادَةُ إبْدَالِ الذَّوَاتِ مَعَ فَرْضِ أَنَّهَا لِزَوْجِهَا فِي الدُّنْيَا فِيهِ نَظَرٌ، وَكَذَا قَوْلُهُ إذَا قِيلَ كَيْفَ وَقَدْ صَحَّ الْخَبَرُ بِهِ وَهُوَ أَنَّ الْمَرْأَةَ لِآخِرِ أَزْوَاجِهَا، رَوَتْهُ أُمُّ الدَّرْدَاءِ لِمُعَاوِيَةَ لَمَّا خَطَبَهَا بَعْدَ مَوْتِ أَبِي الدَّرْدَاءِ، وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ فِيمَنْ مَاتَ وَفِي عِصْمَتِهِ وَلَمْ تَتَزَوَّجْ بَعْدَهُ " فَإِنْ لَمْ تَكُنْ فِي عِصْمَةِ أَحَدِهِمْ مَوْتَهُ احْتَمَلَ الْقَوْلُ بِأَنَّهَا تُخَيَّرُ وَأَنَّهَا لِلثَّانِي، وَلَوْ مَاتَ أَحَدُهُمْ وَهِيَ فِي عِصْمَتِهِ ثُمَّ تَزَوَّجَتْ وَطَلُقَتْ ثُمَّ مَاتَتْ فَهَلْ هِيَ لِلْأَوَّلِ أَوْ لِلثَّانِي؟ ظَاهِرُ الْحَدِيثِ أَنَّهَا لِلثَّانِي، وَقَضِيَّةُ الْمُدْرِكِ أَنَّهَا لِلْأَوَّلِ، وَأَنَّ الْحَدِيثَ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا مَاتَ الْآخَرُ وَهِيَ فِي عِصْمَتِهِ، وَفِي حَدِيثٍ رَوَاهُ جَمْعٌ لَكِنَّهُ ضَعِيفٌ «الْمَرْأَةُ مِنَّا رُبَّمَا يَكُونُ لَهَا زَوْجَانِ فِي الدُّنْيَا فَتَمُوتُ وَيَمُوتَانِ وَيَدْخُلَانِ الْجَنَّةَ لِأَيِّهِمَا هِيَ؟ قَالَ: لِأَحْسَنِهِمَا خُلُقًا كَانَ عِنْدَهَا فِي الدُّنْيَا» اهـ حَجّ بِحُرُوفِهِ.

وَهَلْ مِثْلُ الزَّوْجَةِ السُّرِّيَّةُ أَمْ لَا؟ وَهَلْ لِلسَّيِّدِ تَعَلُّقٌ بِأَرِقَّائِهِ فِي الْآخِرَةِ أَمْ لَا؟ رَاجِعْهُ (قَوْلُهُ وَأَنَّثَ مَا يَعُودُ إلَيْهَا) خَرَجَ بِمَا يَعُودُ إلَيْهَا الضَّمِيرُ فِي وَأَنْتَ خَيْرُ مَنْزُولٍ بِهِ فَإِنَّهُ رَاجِعٌ إلَى اللَّهِ فَلَا يُؤَنِّثْهُ، وَمِنْ ثَمَّ قَالَ حَجّ: وَلْيَحْذَرْ مِنْ تَأْنِيثٍ بِهِ فِي مَنْزُولٍ بِهِ فَإِنَّهُ كُفْرٌ لِمَنْ عَرَفَ مَعْنَاهُ وَتَعَمَّدَهُ اهـ.

وَقَدْ يُقَالُ فِي قَوْلِهِ كُفْرٌ نَظَرٌ لِأَنَّهُ يُمْكِنُ رُجُوعَهُ إلَى اللَّهِ عَلَى إرَادَةِ الذَّاتِ وَالتَّأْنِيثِ فِيهِ بِالنَّظَرِ لِلَفْظِهِ، فَلَعَلَّهُ أَرَادَ أَنَّهُ كُفْرٌ لِمَنْ قَصَدَ أَنَّ مَعْنَاهُ مُؤَنَّثٌ حَقِيقِيٌّ وَتَعَمَّدَهُ، وَبَقِيَ مَا لَوْ قَالَ: وَأَنْتَ خَيْرُ مَنْزُولٍ بِهِمْ هَلْ يَضُرُّ أَوْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي لِأَنَّ الْمَعْنَى عَلَيْهِ صَحِيحٌ بِنَاءً عَلَى أَنَّ التَّقْدِيرَ: وَأَنْتَ خَيْرُ كِرَامٍ مَنْزُولٍ بِهِمْ: أَيْ خَيْرُ الْكِرَامِ الَّذِينَ يَنْزِلُ الضُّيُوفُ عِنْدَهُمْ وَهُوَ كَقَوْلِهِ تَعَالَى {وَأَنْتَ خَيْرُ الْغَافِرِينَ} [الأعراف: 155](قَوْله فَالْمُتَّجَهُ التَّعْبِيرُ بِالْمَمْلُوكِ) وَمِثْلُهُ الْعَبْدُ عَلَى إرَادَةِ الشَّخْصِ كَمَا مَرَّ فِي الْأُنْثَى (قَوْلُهُ: إنَّهُ قَدْ يُشَارُ إلَخْ) قَضِيَّتُهُ أَنَّ ذَلِكَ سَائِغٌ بِلَا تَأْوِيلٍ بِالْمَذْكُورِ أَوْ نَحْوِهِ، لَكِنْ وَقَعَ فِي كَلَامِ غَيْرِ وَاحِدٍ فِي مِثْلِهِ التَّأْوِيلُ بِالْمَذْكُورِ أَوْ نَحْوِهِ (قَوْلُهُ: وَيُقَدَّمُ عَلَيْهِ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ اقْتَصَرَ عَلَى هَذَا الثَّانِي لَمْ يَكْفِ وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِمَا مَرَّ مِنْ أَنَّهُ يَجِبُ الدُّعَاءُ لِلْمَيِّتِ بِخُصُوصِهِ وَأَنَّهُ لَا يَكْفِي الدُّعَاءُ لِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ (قَوْلُهُ: وَصَغِيرِنَا وَكَبِيرِنَا) أَيْ بِرَفْعِ الدَّرَجَاتِ؛ لِأَنَّ الْمَغْفِرَةَ لَا تَسْتَدْعِي سَبْقَ ذَنْبٍ

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: وَلِمَا مَرَّ عَنْ الْفُقَهَاءِ مِنْ جَوَازِ التَّذْكِيرِ فِي الْأُنْثَى وَعَكْسِهِ) كَانَ مُرَادُهُ نَظِيرَ مَا مَرَّ إلَخْ، لَكِنَّ صُورَةَ الْعَكْسِ لَمْ تَتَقَدَّمْ فِي كَلَامِهِ وَلَا النِّسْبَةُ لِلْفُقَهَاءِ (قَوْلُهُ: عَلَى إرَادَةِ الشَّخْصِ) أَيْ أَوْ النَّسَمَةِ

ص: 477

تَفْتِنَّا بَعْدَهُ.

وَقَدَّمَ هَذَا لِثُبُوتِ لَفْظِهِ فِي مُسْلِمٍ وَتَضَمُّنِهِ الدُّعَاءَ لِلْمَيِّتِ، بِخِلَافِ ذَاكَ فَإِنَّ بَعْضَهُ مُؤَدًّى بِالْمَعْنَى وَبَعْضَهُ بِاللَّفْظِ، وَتَبِعَ الْمُصَنِّفُ فِي الْجَمْعِ بَيْنَ الدُّعَاءَيْنِ الْمُحَرَّرَ وَالشَّرْحَ الصَّغِيرَ وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَالْمَجْمُوعِ، وَلَوْ جَمَعَ بَيْنَ الثَّلَاثَةِ فَظَاهِرٌ أَنَّ الْأَفْضَلَ تَقْدِيمُ الْأَخِيرِ، وَصَدَقَ قَوْلُهُ فِيهِ وَأَبْدِلْهُ زَوْجًا خَيْرًا مِنْ زَوْجِهِ فِيمَنْ لَا زَوْجَةَ لَهُ، وَفِي الْمَرْأَةِ إذَا قُلْنَا بِأَنَّهَا مَعَ زَوْجِهَا فِي الْآخِرَةِ وَهُوَ الْأَصَحُّ بِأَنْ يُرَادَ فِي الْأَوَّلِ مَا يَعُمُّ الْفِعْلِيَّ وَالتَّقْدِيرِيَّ وَفِي الثَّانِي مَا يَعُمُّ إبْدَالَ الذَّاتِ وَإِبْدَالَ الْهَيْئَةِ (وَيَقُولُ) اسْتِحْبَابًا (فِي) الْمَيِّتِ (الطِّفْلِ) أَوْ الطِّفْلَةِ وَالْمُرَادُ بِهِمَا مَنْ لَمْ يَبْلُغْ (مَعَ هَذَا) الدُّعَاءِ (الثَّانِي) فِي كَلَامِهِ (اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ) أَيْ الْمَيِّتَ بِقِسْمَيْهِ (فَرَطًا لِأَبَوَيْهِ) أَيْ سَابِقًا مُهَيِّئًا مَصَالِحَهُمَا فِي الْآخِرَةِ (وَسَلَفًا وَذُخْرًا) بِالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ شَبَّهَ تَقَدُّمَهُ لَهُمَا بِشَيْءٍ نَفِيسٍ يَكُونُ أَمَامَهُمَا مُدَّخَرًا إلَى وَقْتِ حَاجَتِهِمَا لَهُ بِشَفَاعَتِهِ لَهُمَا كَمَا صَحَّ (وَعِظَةً) اسْمُ مَصْدَرٌ بِمَعْنَى الْوَعْظِ أَوْ اسْمُ فَاعِلٍ: أَيْ وَاعِظًا، وَالْمُرَادُ بِهِ وَمَا بَعْدَهُ غَايَتُهُ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

قَوْلُهُ: تَقْدِيمُ الْأَخِيرِ) هُوَ قَوْلُهُ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَهُ وَارْحَمْهُ وَاعْفُ عَنْهُ وَعَافِهِ وَأَكْرِمْ نُزُلَهُ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَصَدَقَ قَوْلُهُ فِيهِ) أَيْ فِي الْأَخِيرِ (قَوْلُهُ مَا يَعُمُّ الْفِعْلِيَّ إلَخْ) فِيهِ أَنَّ فَرْضَ الْكَلَامِ أَنَّهُ لَمْ تَتَزَوَّجْ فِي الدُّنْيَا فَلَيْسَ ثَمَّ إلَّا التَّقْدِيرِيُّ، وَقَوْلُهُ وَفِي الثَّانِي مَا يَعُمُّ إلَخْ فِيهِ أَيْضًا أَنَّ الْفَرْضَ أَنَّهَا حَيْثُ كَانَتْ مَعَ زَوْجِهَا فِي الْآخِرَةِ فَلَا مَعْنَى لِإِبْدَالِ الذَّاتِ.

وَعِبَارَةُ سم عَلَى حَجّ جَوَابًا عَمَّا يَقْرَبُ مِنْ هَذَا فِي كَلَامِ حَجّ مَا نَصُّهُ: قَوْلُهُ يُرَادُ بِإِبْدَالِهَا: أَيْ بِإِبْدَالِ الزَّوْجَةِ مُطْلَقًا لَا الزَّوْجَةِ الْمَذْكُورَةِ، وَقَوْلُهُ مَا يَعُمُّ إبْدَالَ الذَّاتِ: أَيْ كَمَا إذَا قُلْنَا إنَّهَا لَيْسَتْ لِزَوْجِهَا فِي الدُّنْيَا، وَقَوْلُهُ إبْدَالَ الصِّفَاتِ: أَيْ كَمَا إذَا قُلْنَا إنَّهَا لِزَوْجِهَا فِي الدُّنْيَا (قَوْلُهُ: وَإِبْدَالَ الْهَيْئَةِ) أَيْ الصِّفَةِ (قَوْلُهُ: وَيَقُولُ اسْتِحْبَابًا) مِثْلُهُ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَهُوَ يَقْتَضِي جَوَازَ الِاقْتِصَارِ عَلَى الدُّعَاءِ الْأَوَّلِ لِلطِّفْلِ، وَيَرُدُّ عَلَيْهِ أَنَّ الْأَوَّلَ لَيْسَ فِيهِ دُعَاءٌ لِلْمَيِّتِ بِخُصُوصِهِ بَلْ لِعُمُومِ الْمُسْلِمِينَ وَهُوَ غَيْرُ كَافٍ، فَلَعَلَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ أَنَّ مَا يَأْتِي بِهِ مُتَعَلِّقًا بِالْمَيِّتِ وَهُوَ هَذَا الدُّعَاءُ الثَّانِي دُونَ غَيْرِهِ، فَإِنْ لَمْ يَأْتِ بِهِ وَجَبَ الدُّعَاءُ لَهُ بِخُصُوصِهِ بِأَيِّ دُعَاءٍ اُتُّفِقَ، أَوْ يُقَالُ: إنَّ الطِّفْلَ مُسْتَثْنًى مِنْ قَوْلِهِمْ يَجِبُ الدُّعَاءُ لِخُصُوصِ الْمَيِّتِ (قَوْلُهُ: فَرَطًا لِأَبَوَيْهِ) قَالَ الشَّيْخُ عَمِيرَةُ: أَيْ يَقُولُ ذَلِكَ وَلَوْ تَأَخَّرَ مَوْتُهُ عَنْ أَبَوَيْهِ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ شَبَّهَ تَقْدِيمَهُ لَهُمَا إلَخْ) مَصْدَرٌ مُضَافٌ لِمَفْعُولِهِ: أَيْ تَقْدِيمَ الدَّاعِي لَهُ عَلَيْهِمَا حَيْثُ طَلَبَ كَوْنَهُ سَابِقًا، وَعِبَارَةُ حَجّ شَبَّهَ تَقْدِيمَهُ عَلَيْهِمَا إلَخْ وَهِيَ ظَاهِرَةٌ (قَوْلُهُ: مُدَّخَرًا) هُوَ بِالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ.

قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ: ذَخَرْته ذَخْرًا مِنْ بَابِ نَفَعَ وَالِاسْمُ الذُّخْرُ بِالضَّمِّ: إذَا أَعْدَدْته لِوَقْتِ الْحَاجَةِ إلَيْهِ وَادَّخَرْته عَلَى افْتَعَلْت مِثْلُهُ وَهُوَ مَذْخُورٌ وَذَخِيرَةٌ أَيْضًا

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: وَقَدَّمَ هَذَا لِثُبُوتِ لَفْظِهِ فِي مُسْلِمٍ) الَّذِي مَرَّ إنَّمَا هُوَ رِوَايَتُهُ عَنْ أَبِي دَاوُد وَالتِّرْمِذِيِّ، فَالصَّوَابُ حَذْفُ لَفْظِ مُسْلِمٍ كَمَا فِي عِبَارَةِ شَرْحِ الرَّوْضِ الَّتِي هِيَ أَصْلُ مَا هُنَا (قَوْلُهُ: وَتَضَمُّنُهُ الدُّعَاءَ لِلْمَيِّتِ) اُنْظُرْ مَا مَدْخَلُهُ فِي تَوْجِيهِ التَّقْدِيمِ (قَوْلُهُ: فَظَاهِرٌ أَنَّ الْأَفْضَلَ تَقْدِيمُ الْأَخِيرِ) هُوَ تَابِعٌ فِي هَذَا التَّعْبِيرِ لِشَرْحِ الرَّوْضِ لَكِنَّ الْأَخِيرَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ هُوَ حَدِيثُ مُسْلِمٍ الَّذِي وَسَّطَهُ الشَّارِحُ، فَالْأَخِيرُ هُنَا حَدِيثُ أَبِي دَاوُد وَالتِّرْمِذِيِّ.

وَالْحَاصِلُ أَنَّ مُرَادَهُ بِالْأَخِيرِ حَدِيثُ مُسْلِمٍ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ وَصَدَقَ قَوْلُهُ: فِيهِ إلَخْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَخِيرًا فِي كَلَامِهِ (قَوْلُهُ: اسْتِحْبَابًا عَقِبَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَيَقُولُ) أَيْ يُسْتَحَبُّ أَنْ يَأْتِيَ بِهَذَا اللَّفْظِ مَعَ الدُّعَاءِ الْمُتَقَدِّمِ وَإِنْ كَفَى بِلَفْظٍ آخَرَ (قَوْلُهُ: اسْمُ مَصْدَرٍ) اُنْظُرْ هَلَّا كَانَ مَصْدَرًا، غَايَةُ الْأَمْرِ أَنَّهُمْ تَصَرَّفُوا فِيهِ بِتَعْوِيضِ هَائِهِ عَنْ وَاوِهِ كَوَعَدَ عِدَّةً وَوَهَبَ هِبَةً (قَوْلُهُ: أَوْ اسْمُ فَاعِلٍ) صَرِيحُ هَذَا السِّيَاقِ أَنَّهُ مَعْطُوفٌ عَلَى اسْمِ مَصْدَرٍ، وَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَيْسَ مُرَادًا، بَلْ الْمُرَادُ أَنَّهُ اسْمُ مَصْدَرٍ عَلَى مَا مَرَّ فِيهِ إمَّا مُرَادًا مِنْهُ الْمَصْدَرُ، وَإِمَّا مُرَادًا مِنْهُ اسْمُ الْفَاعِلِ مُبَالَغَةً كَزَيْدٌ عَدْلٌ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَالْمُرَادُ بِهِ وَمَا بَعْدَهُ إلَخْ) هَذَا إنَّمَا يُحْتَاجُ إلَيْهِ إذَا تَقَدَّمَ مَوْتُ أَبَوَيْهِ، أَمَّا إذَا لَمْ يَمُوتَا فَلَا يُحْتَاجُ إلَى إخْرَاجِهِ عَنْ ظَاهِرِهِ كَمَا لَا يَخْفَى.

وَعِبَارَةُ التُّحْفَةِ وَفِي ذِكْرِهِ: أَيْ عِظَةٌ كَاعْتِبَارٍ

ص: 478

وَهُوَ الظُّفْرُ بِالْمَطْلُوبِ مِنْ الْخَيْرِ وَثَوَابِهِ، فَسَقَطَ التَّنْظِيرُ فِي ذَلِكَ بِأَنَّ الْوَعْظَ التَّذْكِيرُ بِالْعَوَاقِبِ وَهَذَا قَدْ انْقَطَعَ بِالْمَوْتِ (وَاعْتِبَارًا وَشَفِيعًا وَثَقِّلْ بِهِ مَوَازِينَهُمَا وَأَفْرِغْ الصَّبْرَ عَلَى قُلُوبِهِمَا) ؛ لِأَنَّهُ مُنَاسِبٌ لِلْحَالِ، وَزَادَ فِي الْمَجْمُوعِ وَالرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا عَلَى هَذَا، وَلَا تَفْتِنْهُمَا بَعْدَهُ وَلَا تَحْرِمْهُمَا أَجْرَهُ، وَيَأْتِي فِيهِ مَا مَرَّ مِنْ التَّذْكِيرِ وَضِدِّهِ وَيَشْهَدُ لِلدُّعَاءِ لَهُمَا مَا فِي خَبَرِ الْمُغِيرَةِ «وَالسَّقْطُ يُصَلَّى عَلَيْهِ وَيُدْعَى لِوَالِدَيْهِ بِالْعَافِيَةِ وَالرَّحْمَةِ» فَيَكْفِي فِي الطِّفْلِ هَذَا الدُّعَاءُ وَلَا يُعَارِضُهُ قَوْلُهُمْ لَا بُدَّ مِنْ الدُّعَاءِ لِلْمَيِّتِ بِخُصُوصِهِ كَمَا مَرَّ لِثُبُوتِ هَذَا بِالنَّصِّ بِخُصُوصِهِ.

نَعَمْ لَوْ دَعَا لَهُ بِخُصُوصِهِ كَفَى فَلَوْ شَكَّ فِي بُلُوغِهِ هَلْ يَدْعُو بِهَذَا الدُّعَاءِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْبُلُوغِ، أَوْ يَدْعُو لَهُ بِالْمَغْفِرَةِ وَنَحْوِهَا؟ وَالْأَحْسَنُ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا احْتِيَاطًا.

قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَسَوَاءٌ فِيمَا قَالَهُ لَوْ مَاتَ فِي حَيَاةِ أَبَوَيْهِ أَمْ بَعْدَهُمَا أَمْ بَيْنَهُمَا، وَالظَّاهِرُ فِي وَلَدِ الزِّنَا أَنْ يَقُولَ: لِأُمِّهِ وَيَقْتَصِرَ عَلَيْهَا فِيمَا تَقَدَّمَ وَلِهَذَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: مَحَلُّهُ فِي الْأَبَوَيْنِ الْحَيَّيْنِ الْمُسْلِمَيْنِ، فَإِنْ لَمْ يَكُونَا كَذَلِكَ أَتَى بِمَا يَقْتَضِيهِ الْحَالُ وَهَذَا أَوْلَى.

قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: فَلَوْ جَهِلَ إسْلَامَهُمَا فَكَالْمُسْلِمِينَ بِنَاءً عَلَى الْغَالِبِ وَالدَّارِ اهـ.

وَالْأَحْوَطُ تَعْلِيقُهُ عَلَى إيمَانِهِمَا لَا سِيَّمَا فِي نَاحِيَةٍ يَكْثُرُ الْكُفَّارُ فِيهَا، وَلَوْ عَلِمَ كُفْرَهُمَا كَتَبَعِيَّةِ الصَّغِيرِ لِلسَّابِي حَرُمَ أَنْ يَدْعُوَ لَهُمَا بِالْمَغْفِرَةِ وَالشَّفَاعَةِ وَنَحْوِهَا، وَلَوْ عَلِمَ إسْلَامَ أَحَدِهِمَا وَكُفْرَ الْآخِرِ أَوْ شَكَّ فِيهِ وَلَوْ مِنْ وَلَدَيْهِ لَمْ يَخَفْ الْحُكْمَ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

اهـ.

وَيُفْهَمُ مِنْ قَوْلِهِ وَادَّخَرْته عَلَى افْتَعَلْت أَنَّهُ يَجُوزُ قِرَاءَتُهُ بِالدَّالِ الْمُهْمَلَةِ الْمُشَدَّدَةِ وَهُوَ الْأَكْثَرُ، وَبِالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ؛ لِأَنَّ مَا كَانَ عَلَى وَزْنِ افْتَعَلَ وَفَاؤُهُ ذَالٌ مُعْجَمَةٌ قُلِبَتْ تَاؤُهُ دَالًا مُهْمَلَةً وَقَلْبُ الذَّالِ الْمُعْجَمَةِ دَالًا مُهْمَلَةً وَإِدْغَامُهَا فِي الذَّالِ الْمُهْمَلَةِ الْمُبْدَلَةِ مِنْ التَّاءِ وَقَلْبُ الذَّالِ الْمُبْدَلَةِ مِنْ التَّاءِ ذَالًا مُعْجَمَةً وَإِدْغَامُ الْأُولَى فِيهَا (قَوْلُهُ فَسَقَطَ التَّنْظِيرُ فِي ذَلِكَ) أَيْ فِي قَوْلِهِ وَعِظَةً (قَوْلُهُ عَلَى قُلُوبِهِمَا) يَأْتِي فِيهِ مَا تَقَدَّمَ مِنْ الْجَوَابِ عَنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَعِظَةً إلَخْ إنْ كَانَا مَيِّتَيْنِ (قَوْلُهُ: فَيَكْفِي فِي الطِّفْلِ هَذَا الدُّعَاءُ) خِلَافًا لحج (قَوْلُهُ: بِالنَّصِّ بِخُصُوصِهِ) أَيْ عَلَى أَنَّ قَوْلَهُ اجْعَلْهُ فَرَطًا إلَخْ حَيْثُ كَانَ مَعْنَاهُ: أَيْ سَابِقًا مُهَيِّئًا لِمَصَالِحِهِمَا فِي الْآخِرَةِ كَانَ دُعَاءً لَهُ بِخُصُوصِهِ لِأَنَّهُ لَا يَكُونُ كَذَلِكَ إلَّا إذَا كَانَ لَهُ شَرَفٌ عِنْدَ اللَّهِ يَتَقَدَّمُ بِسَبَبِهِ لِذَلِكَ (قَوْلُهُ أَوْ يَدْعُو لَهُ بِالْمَغْفِرَةِ) هَذَا ظَاهِرٌ حَيْثُ لَمْ يُرِدْ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا (قَوْلُهُ: وَالْأَحْسَنُ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا) أَيْ فَلَوْ لَمْ يَأْتِ بِهَذَا الْأَحْسَنِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَخْتَارَ الدُّعَاءَ لَهُ بِالْمَغْفِرَةِ لِاحْتِمَالِ بُلُوغِهِ (قَوْلُهُ: وَيَقْتَصِرُ عَلَيْهَا فِيمَا تَقَدَّمَ) لَعَلَّهُ كَمَا تَقَدَّمَ (قَوْلُهُ: وَلِهَذَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ) أَيْ وَلِكَوْنِهِ يَقْتَصِرُ عَلَى الْأُمِّ فِي وَلَدِ الزِّنَا (قَوْلُهُ: وَهَذَا أَوْلَى) مِنْ م ر (قَوْلُهُ: لَمْ يَخْفَ الْحُكْمُ مِمَّا مَرَّ) أَيْ مِنْ أَنَّهُ يَدْعُو لِلْمُسْلِمِ مِنْهُمَا وَيُعَلِّقُ الدُّعَاءَ عَلَى الْإِسْلَامِ فِيمَنْ شَكَّ فِيهِ ثُمَّ مَا تَقَرَّرَ كُلُّهُ فِيمَا لَوْ عَلِمَ إسْلَامَ الْمَيِّتِ أَوْ ظَنَّ، فَلَوْ شَكَّ فِي إسْلَامِهِ كَالْمَمَالِيكِ الصِّغَارِ حَيْثُ شَكَّ فِي أَنَّ السَّابِيَ لَهُمْ مُسْلِمٌ فَيَحْكُمُ بِإِسْلَامِهِمْ تَبَعًا لَهُ أَوْ كَافِرٌ فَيَحْكُمُ بِكُفْرِهِمْ تَبَعًا لَهُ، فَقَالَ حَجّ: يَحْتَمِلُ أَنْ يُصَلِّيَ عَلَيْهِ احْتِيَاطًا، وَيَحْتَمِلُ وَهُوَ الْأَقْرَبُ أَنْ لَا يُصَلِّيَ اهـ.

وَقَدْ يُقَالُ: بَلْ الْأَقْرَبُ أَنَّهُ يُصَلِّي وَيُعَلِّقُ النِّيَّةَ كَمَا لَوْ اخْتَلَطَ مُسْلِمٌ وَكَافِرٌ إلَّا أَنْ يُفَرَّقَ بِأَنَّ فِي مَسْأَلَةِ الِاخْتِلَاطِ تَحَقَّقْنَا وُجُوبَ الصَّلَاةِ وَشَكَكْنَا فِي عَيْنِ مَنْ يُصَلَّى عَلَيْهِ، بِخِلَافِهِ هُنَا فَإِنَّا شَكَكْنَا فِي وُجُوبِ الصَّلَاةِ بَلْ فِي صِحَّتِهَا وَالْأَصْلُ بَقَاءُ الْكُفْرِ، وَيُؤَيِّدُ مَا قُلْنَاهُ قَوْلُ الشَّارِحِ الْآتِي بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ الْآتِي: وَلَوْ اخْتَلَطَ

ــ

[حاشية الرشيدي]

وَقَدْ مَاتَا أَوْ أَحَدُهُمَا قَبْلَهُ نَظَرٌ، إذْ الْوَعْظُ التَّذْكِيرُ بِالْعَوَاقِبِ كَاعْتِبَارٍ أَوْ هَذَا قَدْ انْقَطَعَ بِالْمَوْتِ، فَإِنْ أُرِيدَ بِهِمَا غَايَتُهُمَا مِنْ الظَّفَرِ بِالْمَطْلُوبِ اُتُّجِهَ ذَلِكَ انْتَهَتْ (قَوْلُهُ: وَأَفْرِغْ الصَّبْرَ عَلَى قُلُوبِهِمَا) قَالَ فِي التُّحْفَةِ هَذَا لَا يَأْتِي إلَّا فِي حَيٍّ (قَوْلُهُ: لِثُبُوتِ هَذَا) يَعْنِي مُطْلَقَ الْأَمْرِ بِالدُّعَاءِ لِوَالِدَيْهِ الشَّامِلِ لِهَذَا الدُّعَاءِ، وَإِلَّا فَخُصُوصُ هَذَا الدُّعَاءِ لَمْ يَرِدْ (قَوْلُهُ: وَهَذَا أَوْلَى) حِينَئِذٍ فَلَا حَاجَةَ لِمَا قَدَّمَهُ فِي تَأْوِيلِ عِظَةٍ وَاعْتِبَارًا، وَمُرَادُهُ أَنَّهُ أَوْلَى مِمَّا قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ وَإِنْ كَانَ فِي سِيَاقِهِ صُعُوبَةٌ، وَعِبَارَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ: قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَسَوَاءٌ فِيمَا قَالُوهُ مَاتَ فِي حَيَاةِ أَبَوَيْهِ أَمْ لَا، لَكِنْ

ص: 479

مِمَّا مَرَّ، بِخِلَافِ مَنْ ظَنَّ إسْلَامَهُ وَلَوْ بِقَرِينَةٍ كَالدَّارِ فِيمَا يَظْهَرُ مِنْ اضْطِرَابٍ (وَ) يَقُولُ اسْتِحْبَابًا (فِي) التَّكْبِيرَةِ (الرَّابِعَةِ اللَّهُمَّ لَا تَحْرِمْنَا) بِفَتْحِ الْمُثَنَّاةِ الْفَوْقِيَّةِ وَضَمِّهَا (أَجْرَهُ) أَيْ أَجْرَ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ أَوْ أَجْرَ مُصِيبَتِهِ فَإِنَّ الْمُسْلِمِينَ فِي الْمُصِيبَةِ كَالشَّيْءِ الْوَاحِدِ (وَلَا تَفْتِنَّا بَعْدَهُ) أَيْ بِالِابْتِلَاءِ بِالْمَعَاصِي، وَزَادَ فِي التَّنْبِيهِ تَبَعًا لِكَثِيرٍ: وَاغْفِرْ لَنَا وَلَهُ، وَيُسَنُّ لَهُ أَنْ يُطَوِّلَ الدُّعَاءَ بَعْدَ الرَّابِعَةِ وَحَدُّهُ أَنْ يَكُونَ كَمَا بَيْنَ التَّكْبِيرَاتِ كَمَا أَفَادَهُ الْحَدِيثُ الْوَارِدُ فِيهِ.

نَعَمْ لَوْ خَشِيَ تَغَيُّرَ الْمَيِّتِ أَوْ انْفِجَارَهُ لَوْ أَتَى بِالسُّنَنِ فَالْقِيَاسُ كَمَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ اقْتِصَارُهُ عَلَى الْأَرْكَانِ (وَلَوْ تَخَلَّفَ الْمُقْتَدِي) عَنْ إمَامِهِ بِالتَّكْبِيرِ (بِلَا عُذْرٍ فَلَمْ يُكَبِّرْ حَتَّى كَبَّرَ إمَامُهُ) تَكْبِيرَةً (أُخْرَى) أَوْ شَرَعَ فِيهَا (بَطَلَتْ صَلَاتُهُ) إذْ الْمُتَابَعَةُ لَا تَظْهَرُ فِي هَذِهِ الصَّلَاةِ إلَّا بِالتَّكْبِيرَاتِ، فَيَكُونُ التَّخَلُّفُ بِهَا فَاحِشًا كَالتَّخَلُّفِ بِرَكْعَةٍ، وَأَفْهَمَ قَوْلُهُ حَتَّى كَبَّرَ إمَامُهُ أُخْرَى عَدَمَ بُطْلَانِهَا فِيمَا لَوْ لَمْ يُكَبِّرْ الرَّابِعَةَ حَتَّى سَلَّمَ الْإِمَامُ.

قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ: وَالْحُكْمُ صَحِيحٌ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَشْتَغِلْ عَنْهَا حَتَّى أَتَى الْإِمَامُ بِتَكْبِيرَةٍ أُخْرَى، بَلْ هَذَا مَسْبُوقٌ بِبَعْضِ التَّكْبِيرَاتِ فَيَأْتِي بِهَا بَعْدَ السَّلَامِ، وَأَيَّدَهُ فِي الْمُهِمَّاتِ بِأَنَّهُ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

مُسْلِمُونَ بِكُفَّارٍ إلَخْ، وَلَوْ تَعَارَضَتْ بَيِّنَتَانِ بِإِسْلَامِهِ وَكُفْرِهِ غُسِّلَ وَصُلِّيَ عَلَيْهِ، وَنَوَى الصَّلَاةَ عَلَيْهِ إنْ كَانَ مُسْلِمًا (قَوْلُهُ: كَالدَّارِ فِيمَا يَظْهَرُ) سَبَقَهُ إلَيْهِ حَجّ (قَوْلُهُ: وَاغْفِرْ لَنَا وَلَهُ) أَيْ وَلَوْ صَغِيرًا لِأَنَّ الْمَغْفِرَةَ لَا تَسْتَدْعِي سَبْقَ ذَنْبٍ (قَوْلُهُ: كَمَا بَيْنَ التَّكْبِيرَاتِ) أَيْ الثَّلَاثَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ، وَظَاهِرُهُ حُصُولُ السُّنَّةِ وَلَوْ بِتَكْرِيرٍ لِلْأَدْعِيَةِ السَّابِقَةِ.

وَقَالَ حَجّ: قِيلَ وَضَابِطُ التَّطْوِيلِ أَنْ يَلِيقهَا بِالثَّانِيَةِ لِأَنَّهَا أَخَفُّ الْأَرْكَانِ اهـ.

وَهُوَ تَحَكُّمٌ غَيْرُ مَرْضِيٍّ، بَلْ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ إلْحَاقُهَا بِالثَّالِثَةِ أَوْ تَطْوِيلُهَا عَلَيْهَا.

[فَائِدَةٌ] سُئِلَ عَنْ قِرَاءَةِ {رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإِيمَانِ} [الحشر: 10] الْآيَةُ فِي رَابِعَةِ الْجِنَازَةِ هَلْ لَهُ أَصْلٌ مُعْتَبَرٌ أَمْ يُقَالُ لَا بَأْسَ بِهَا لِلْمُنَاسَبَةِ، وَكَذَلِكَ قِرَاءَةِ الْبَاقِيَاتِ الصَّالِحَاتِ عِنْدَ الْمُرُورِ عَلَى الْقَبْرِ وَكَوْنِهَا كَفَّارَةً لِإِثْمِ مُرُورِهِ عَلَيْهِ هَلْ لَهُ أَصْلٌ أَيْضًا أَمْ لَا؟ فَأَجَابَ بِقَوْلِهِ جَمِيعُ مَا ذُكِرَ فِيهِ لَا أَصْلَ لَهُ، بَلْ يَنْبَغِي كَرَاهَةُ قِرَاءَةِ الْآيَةِ الْمَذْكُورَةِ فِي الرَّابِعَةِ كَمَا تُكْرَهُ الْقِرَاءَةُ فِي غَيْرِ الْقِيَامِ مِنْ بَقِيَّةِ الصَّلَوَاتِ، وَقَوْلُ السَّائِلِ عِنْدَ الْمُرُورِ عَلَى الْقَبْرِ إنْ أَرَادَ الْمَشْيَ عَلَيْهِ فَهُوَ مَكْرُوهٌ لَا إثْمَ فِيهِ، أَوْ بِحِذَائِهِ فَلَا كَرَاهَةَ وَلَا إثْمَ، فَأَيُّ إثْمٍ فِي الْمُرُورِ حَتَّى يُحْتَاجَ لِرَفْعِهِ؟ اهـ فَتَاوَى حَجّ.

وَقَوْلُهُ وَكَذَا قِرَاءَةُ الْبَاقِيَاتِ: أَيْ ذِكْرُ الْآيَةِ الْمُشْتَمِلَةِ عَلَى قَوْلِهِ الْبَاقِيَاتِ وَهِيَ قَوْلُهُ {الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} [الكهف: 46] إلَخْ، وَيَحْتَمِلُ وَهُوَ الظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْبَاقِيَاتِ الصَّالِحَاتِ قَوْلُ: سُبْحَانَ اللَّهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ إلَخْ (قَوْلُهُ: كَمَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ) أَيْ بَلْ يَجِبُ ذَلِكَ إنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ تَغَيُّرُهُ بِالزِّيَادَةِ (قَوْلُهُ: فَلَمْ يُكَبِّرْ حَتَّى كَبَّرَ إمَامُهُ) لَوْ كَبَّرَ الْمَأْمُومُ مَعَ تَكْبِيرِ الْإِمَامِ الْأُخْرَى اتَّجَهَ الصِّحَّةُ وَلَوْ شَرَعَ مَعَ شُرُوعِهِ فِيهَا، وَلَكِنْ تَأَخَّرَ فَرَاغُ الْمَأْمُومِ هَلْ نَقُولُ بِالصِّحَّةِ أَمْ بِالْبُطْلَانِ؟ هُوَ مَحَلُّ نَظَرٍ اهـ عَمِيرَةُ.

أَقُولُ: الْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ لِأَنَّهُ صَدَقَ عَلَيْهِ أَنَّهُ لَمْ يَتَخَلَّفْ حَتَّى كَبَّرَ إمَامُهُ أُخْرَى، وَأَنَّ ذَلِكَ لَا يَتَحَقَّقُ إلَّا بِتَمَامِ الْإِمَامِ التَّكْبِيرَ قَبْلَ شُرُوعِ الْمَأْمُومِ فِيهِ (قَوْلُهُ: تَكْبِيرَةً أُخْرَى) وَظَاهِرٌ أَنَّ الْأُخْرَى لَا تَتَحَقَّقُ إذَا كَانَ مَعَهُ فِي الْأُولَى إلَّا بِالتَّكْبِيرَةِ الثَّالِثَةِ فَإِنَّ الْمَأْمُومَ يُطْلَبُ مِنْهُ أَنْ يَتَأَخَّرَ عَنْ تَكْبِيرِ الْإِمَامِ فَإِذَا قَرَأَ الْفَاتِحَةَ مَعَهُ وَكَبَّرَ الْإِمَامُ الثَّانِيَةَ لَا يُقَالُ سَبَقَهُ بِشَيْءٍ (قَوْلُهُ: بَلْ هَذَا مَسْبُوقٌ بِبَعْضِ التَّكْبِيرَاتِ) وَلَوْ كَبَّرَ الْإِمَامُ الثَّانِيَةَ عَقِبَ إحْرَامِ الْمَسْبُوقِ بِحَيْثُ لَمْ يُدْرِكْ قَبْلَ تَكْبِيرِ الْإِمَامِ الثَّانِيَةَ زَمَنًا يَسَعُ شَيْئًا مِنْ الْفَاتِحَةِ سَقَطَتْ عَنْهُ وَإِنْ قَصَدَ عِنْدَ إحْرَامِهِ تَأْخِيرَهَا، وَلَا عِبْرَةَ بِهَذَا الْقَصْدِ إذْ لَمْ يُدْرِكْهَا فِي مَحَلِّهَا الْأَصْلِيِّ، وَلَوْ أَدْرَكَ الْمَسْبُوقُ زَمَنًا يَسَعُ

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: مَحَلُّهُ فِي الْأَبَوَيْنِ الْحَيَّيْنِ الْمُسْلِمَيْنِ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَحْدَهُ أَنْ لَا يَكُونَ كَمَا بَيْنَ التَّكْبِيرَاتِ) الظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ أَنْ لَا يُطَوِّلَهُ إلَى حَدٍّ لَا يَبْلُغُهُ مَا بَيْنَ تَكْبِيرَتَيْنِ مِنْ أَيِّ التَّكْبِيرَاتِ، وَيَبْعُدُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ جُمْلَةَ مَا بَيْنَ التَّكْبِيرَاتِ فَلْيُرَاجَعْ

ص: 480

لَا يَجِبُ فِيهَا ذِكْرٌ فَلَيْسَتْ كَالرَّكْعَةِ، بِخِلَافِ مَا قَبْلَهَا خِلَافًا لِمَا فِي التَّمْيِيزِ مِنْ الْبُطْلَانِ، فَإِنْ كَانَ ثَمَّ عُذْرٌ كَبُطْءِ قِرَاءَةٍ أَوْ نِسْيَانٍ أَوْ عَدَمِ سَمَاعِ تَكْبِيرٍ أَوْ جَهْلٍ لَمْ تَبْطُلْ بِتَخَلُّفِهِ بِتَكْبِيرَةٍ فَقَطْ بَلْ بِتَكْبِيرَتَيْنِ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمْ، وَلَوْ تَقَدَّمَ عَلَى إمَامِهِ بِتَكْبِيرَةٍ عَمْدًا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى، إذْ التَّقَدُّمُ أَفْحَشُ مِنْ التَّخَلُّفِ خِلَافًا لِبَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ.

(وَيُكَبِّرُ الْمَسْبُوقُ وَيَقْرَأُ الْفَاتِحَةَ وَإِنْ كَانَ الْإِمَامُ فِي) تَكْبِيرَةٍ (غَيْرِهَا) كَالصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، أَوْ الدُّعَاءِ لِأَنَّ مَا أَدْرَكَهُ أَوَّلَ صَلَاتِهِ فَيُرَاعَى تَرْتِيبُهَا (وَلَوْ كَبَّرَ الْإِمَامُ أُخْرَى قَبْلَ شُرُوعِهِ فِي الْفَاتِحَةِ) بِأَنْ كَبَّرَ عَقِبَ تَكْبِيرِهِ (كَبَّرَ مَعَهُ وَسَقَطَتْ الْقِرَاءَةُ) عَنْهُ كَمَا لَوْ رَكَعَ الْإِمَامُ عَقِبَ تَكْبِيرِ الْمَسْبُوقِ فَإِنَّهُ يَرْكَعُ مَعَهُ وَيَتَحَمَّلُهَا عَنْهُ (وَإِنْ كَبَّرَهَا وَهُوَ فِي الْفَاتِحَةِ تَرَكَهَا وَتَابَعَهُ فِي الْأَصَحِّ) كَمَا لَوْ رَكَعَ الْإِمَامُ وَالْمَسْبُوقُ فِي أَثْنَاءِ الْفَاتِحَةِ، وَلَا يُنَافِي هَذَا مَا مَرَّ مِنْ عَدَمِ تَعَيُّنِهَا بَعْدَ الْأُولَى لِفَوَاتِ مَحَلِّهَا الْأَصْلِيِّ هُنَا، إذْ الْأَكْمَلُ قِرَاءَتُهَا فِيهَا فَتَحَمَّلَهَا عَنْهُ الْإِمَامُ، وَلَوْ سَلَّمَ الْإِمَامُ عَقِبَ تَكْبِيرَةِ الْمَسْبُوقِ لَمْ تَسْقُطْ عَنْهُ الْقِرَاءَةُ وَتَقَدَّمَ فِي الْمَسْبُوقِ فِي نَظِيرِ مَا هُنَا أَنَّهُ مَنْ اُشْتُغِلَ بِافْتِتَاحٍ أَوْ تَعَوُّذٍ تَخَلَّفَ وَقَرَأَ بِقَدْرِهِ وَإِلَّا تَابَعَهُ وَلَمْ يَذْكُرَاهُ هُنَا.

قَالَ فِي الْكِفَايَةِ: وَلَا شَكَّ فِي جَرَيَانِهِ هُنَا بِنَاءً عَلَى نَدْبِ التَّعَوُّذِ: أَيْ عَلَى الْأَصَحِّ وَالِافْتِتَاحُ عَلَى مُقَابِلِهِ، وَقَدْ صَرَّحَ بِمَا قَالَهُ الْفُورَانِيُّ، وَتَحْرِيرُهُ أَنَّهُ إذَا اُشْتُغِلَ بِالتَّعَوُّذِ فَلَمْ يَفْرُغْ مِنْ الْفَاتِحَةِ حَتَّى كَبَّرَ الْإِمَامُ الثَّانِيَةَ أَوْ الثَّالِثَةَ لَزِمَهُ التَّخَلُّفُ لِلْقِرَاءَةِ بِقَدْرِ التَّعَوُّذِ، وَيَكُونُ مُتَخَلِّفًا بِعُذْرٍ إنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّهُ يُدْرِكُ الْفَاتِحَةَ بَعْدَ التَّعَوُّذِ وَإِلَّا فَغَيْرُ مَعْذُورٍ، فَإِنْ لَمْ يُتِمَّهَا حَتَّى كَبَّرَ الْإِمَامُ الثَّالِثَةَ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ، وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ يَتَخَلَّفُ وَيُتِمُّهَا عَلَى مَا مَرَّ نَظِيرُهُ فِي كِتَابِ الْجَمَاعَةِ (وَإِذَا سَلَّمَ الْإِمَامُ تَدَارَكَ الْمَسْبُوقُ) وُجُوبًا (بَاقِيَ التَّكْبِيرَاتِ بِأَذْكَارِهَا) وُجُوبًا

ــ

[حاشية الشبراملسي]

نِصْفَ الْفَاتِحَةِ فَقَصَدَ تَأْخِيرَهَا إلَى الثَّانِيَةِ مَثَلًا فَهَلْ تَكْفِيهِ قِرَاءَةُ نِصْفِهَا بَعْدَ الثَّانِيَةِ أَوْ لَا بُدَّ مِنْ جَمِيعِهَا لِتَمَكُّنِهِ مِنْهُ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَيَنْبَغِي أَنْ يَكْفِيَهُ نِصْفُهَا لِأَنَّهُ الَّذِي أَدْرَكَهُ فِي مَحَلِّهِ الْأَصْلِيِّ فَهُوَ الْوَاجِبُ عَلَيْهِ لِيُتَأَمَّلْ سم.

وَقَوْلُهُ وَإِنْ قَصَدَ إلَخْ هَذَا قَدْ يُخَالِفُ مَا فِي الْحَاشِيَةِ الْعُلْيَا عَنْ الْجَوْجَرِيِّ، وَلَعَلَّ هَذَا أَوْجَهُ اهـ سم عَلَى بَهْجَةٍ (قَوْلُهُ: خِلَافًا لِمَا فِي التَّمْيِيزِ) اسْمُ كِتَابٍ لِلْبَارِزِيِّ (قَوْلُهُ: لَمْ تَبْطُلْ بِتَخَلُّفِهِ بِتَكْبِيرَةٍ فَقَطْ بَلْ بِتَكْبِيرَتَيْنِ) قَالَ سم عَلَى حَجّ بَعْدَ كَلَامٍ طَوِيلٍ مَا حَاصِلُهُ: إنَّهُ لَا يَتَحَقَّقُ ذَلِكَ إلَّا بَعْدَ الشُّرُوعِ فِي الرَّابِعَةِ، هَذَا وَجَرَى حَجّ عَلَى عَدَمِ الْبُطْلَانِ مُطْلَقًا قَالَ: لِأَنَّهُ لَوْ تَخَلَّفَ بِجَمِيعِ الرَّكَعَاتِ نَاسِيًا لَمْ يَضُرَّ فَهَذَا أَوْلَى، وَعِبَارَتُهُ: أَمَّا إذَا تَخَلَّفَ بِعُذْرٍ كَنِسْيَانٍ وَبُطْءٍ نَحْوِ قِرَاءَةٍ وَعَدَمِ سَمَاعِ تَكْبِيرٍ وَكَذَا جَهْلُ عُذْرٍ بِهِ فِيمَا يَظْهَرُ فَلَا بُطْلَانَ فَيُرَاعِي نَظْمَ صَلَاةِ نَفْسِهِ، إلَى أَنْ قَالَ: وَوَقَعَ لِلشَّارِحِ أَنَّ النَّاسِيَ يُغْتَفَرُ لَهُ التَّأْخِيرُ بِوَاحِدَةٍ لَا بِثِنْتَيْنِ، وَذَكَرَهُ شَيْخُنَا فِي شَرْحِ مَنْهَجِهِ وَغَيْرِهِ مَعَ التَّبَرِّي مِنْهُ فَقَالَ عَلَى مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمْ اهـ.

وَالْوَجْهُ عَدَمُ الْبُطْلَانِ مُطْلَقًا لِأَنَّهُ لَوْ نَسِيَ فَتَأَخَّرَ عَنْ إمَامِهِ بِجَمِيعِ الرَّكَعَاتِ لَمْ تَبْطُلْ صَلَاتُهُ فَهُنَا أَوْلَى اهـ.

وَيُمْكِنُ حَمْلُ النِّسْيَانِ عَلَى نِسْيَانِ الْقِرَاءَةِ وَحِينَئِذٍ فَلَا اعْتِرَاضَ (قَوْلُهُ: وَلَوْ تَقَدَّمَ عَلَى إمَامِهِ بِتَكْبِيرَةٍ) أَيْ قَصَدَ بِهَا تَكْبِيرَةَ الرُّكْنِ أَوْ أَطْلَقَ، فَإِنْ قَصَدَ بِهَا الذِّكْرَ الْمُجَرَّدَ لَمْ يَضُرَّ كَمَا لَوْ كَرَّرَ الرُّكْنَ الْقَوْلِيَّ فِي الصَّلَاةِ (قَوْلُهُ: خِلَافًا لِبَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ) مُرَادُهُ حَجّ.

(قَوْلُهُ: وَهُوَ فِي الْفَاتِحَةِ تَرَكَهَا) أَيْ فَلَوْ اشْتَغَلَ بِإِكْمَالِ الْفَاتِحَةِ فَمُتَخَلِّفٌ بِغَيْرِ عُذْرٍ، فَإِنْ كَبَّرَ إمَامُهُ أُخْرَى قَبْلَ مُتَابَعَتِهِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ.

[فَرْعٌ] يَجُوزُ الِاسْتِخْلَافُ فِي صَلَاةِ الْجِنَازَةِ بِشَرْطِهِ م ر اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ. أَقُولُ: وَلَعَلَّ شَرْطَهُ عَدَمُ طُولِ الْفَصْلِ (قَوْلُهُ: وَيَكُون مُتَخَلِّفًا بِعُذْرٍ) وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مِنْ الْعُذْرِ مَا لَوْ تَرَكَ الْمَأْمُومُ الْمُوَافِقُ لِلْقِرَاءَةِ فِي الْأُولَى،

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: بَلْ بِتَكْبِيرَتَيْنِ) هَذَا ظَاهِرٌ فِي بُطْءِ الْقِرَاءَةِ بِخِلَافِ مَا بَعْدَهُ.

(قَوْلُهُ: لَزِمَهُ التَّخَلُّفُ إلَخْ) اُنْظُرْ هَلَّا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ بِالتَّخَلُّفِ بِتَكْبِيرَتَيْنِ نَظِيرَ مَا مَرَّ فِي بُطْءِ الْقِرَاءَةِ، وَمَا ذُكِرَ مَعَهُ مَعَ اسْتِوَاءِ الْجَمِيعِ مِنْ حَيْثُ الْعُذْرُ كَمَا مَرَّ فِي الْجَمَاعَةِ قَوْلُهُ: وُجُوبًا أَيْ بِالنِّسْبَةِ لِلتَّكْبِيرَاتِ، وَقَوْلُهُ: بَعْدَ ذَلِكَ وُجُوبًا فِي الْوَاجِبِ وَنَدْبًا فِي الْمَنْدُوبِ: أَيْ بِالنِّسْبَةِ

ص: 481