المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[الالتفات في الصلاة] - نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج - جـ ٢

[الرملي، شمس الدين]

فهرس الكتاب

- ‌[بَابٌ يَشْتَمِلُ عَلَى شُرُوطِ الصَّلَاةِ وَمَوَانِعِهَا]

- ‌[مِنْ شُرُوط الصَّلَاة سَتْرُ الْعَوْرَةِ]

- ‌عَوْرَةُ الرَّجُلِ)

- ‌[عَوْرَةُ الْحُرَّةِ]

- ‌[مِنْ شُرُوطِ الصَّلَاة الطَّهَارَةُ مِنْ الْحَدَثِ الْأَصْغَرِ]

- ‌[مِنْ شُرُوطُ الصَّلَاةِ طَهَارَةُ النَّجَسِ فِي الثَّوْبِ وَالْبَدَنِ وَالْمَكَانِ]

- ‌(تَبْطُلُ) الصَّلَاةُ (بِالنُّطْقِ) عَمْدًا بِكَلَامِ مَخْلُوقٍ

- ‌[فَصْلٌ فِي مُبْطِلَاتِ الصَّلَاةِ وَسُنَنِهَا وَمَكْرُوهَاتِهَا] [

- ‌لَا تَبْطُلُ) الصَّلَاةُ (بِالذِّكْرِ وَالدُّعَاءِ)

- ‌[رَدُّ السَّلَامِ فِي الصَّلَاة]

- ‌[لَا تَجِبُ إجَابَةُ الْأَبَوَيْنِ فِي الصَّلَاةِ]

- ‌[بُطْلَانُ الصَّلَاة بِالْوَثْبَةِ الْفَاحِشَةِ]

- ‌[بُطْلَانُ الصَّلَاة بِقَلِيلِ الْأَكْلِ]

- ‌[الِالْتِفَاتُ فِي الصَّلَاةِ]

- ‌[الصَّلَاةُ حَاقِنًا بِالْبَوْلِ أَوْ حَاقِبًا بِالْغَائِطِ أَوْ حَازِقًا لِلرِّيحِ]

- ‌[كَرَاهَة البصق فِي الصَّلَاةِ أَوْ خَارِجَهَا قِبَلَ وَجْهِهِ أَوْ عَنْ يَمِينِهِ]

- ‌[الْفَرْقَعَةُ فِي الصَّلَاة أَوْ تَشْبِيكُ الْأَصَابِع]

- ‌[الصَّلَاةُ فِي الْكَنِيسَةِ وَالْبِيعَةِ]

- ‌[الصَّلَاةُ فِي مَعَاطِنِ الْإِبِلِ]

- ‌[الصَّلَاةُ فِي الْحَمَّامِ]

- ‌[الصَّلَاةُ فِي الْمَقْبَرَةِ الطَّاهِرَةِ]

- ‌[بَابٌ فِي بَيَانِ سَبَبِ سُجُودِ السَّهْوِ وَأَحْكَامِهِ]

- ‌[كَيْفِيَّةُ سَجْدَتَيْ السَّهْوِ كَسُجُودِ الصَّلَاةِ]

- ‌(بَابٌ فِي سُجُودِ التِّلَاوَةِ

- ‌[سَجَدَاتُ التِّلَاوَةِ فِي الْقُرْآنِ أَرْبَعَ عَشْرَةَ سَجْدَةً]

- ‌سَجْدَةُ الشُّكْرِ

- ‌[بَابٌ فِي صَلَاةِ النَّفْلِ وَهِيَ قِسْمَانِ] [

- ‌قِسْمٌ لَا يُسَنُّ فِيهِ النَّفَلُ جَمَاعَةً]

- ‌ مِنْ الْقِسْمِ الَّذِي لَا يُسَنُّ جَمَاعَةً (الْوِتْرُ)

- ‌مِنْ الْقِسْمِ الَّذِي لَا تُسَنُّ لَهُ جَمَاعَةٌ (الضُّحَى)

- ‌[مِنْ الْقِسْمِ الَّذِي لَا تُسَنُّ لَهُ جَمَاعَةٌ تَحِيَّةُ الْمَسْجِد]

- ‌[مِنْ الْقِسْمِ الَّذِي لَا تُسَنُّ لَهُ جَمَاعَةٌ رَكْعَتَانِ عِنْدَ السَّفَر]

- ‌قِسْمٌ) مِنْ النَّفْلِ (يُسَنُّ جَمَاعَةً)

- ‌[حُكْمُ التَّهَجُّد]

- ‌(كِتَابُ صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ) وَأَحْكَامِهَا

- ‌ الْجَمَاعَةُ (فِي الْمَسْجِدِ لِغَيْرِ الْمَرْأَةِ) وَالْخُنْثَى (أَفْضَلُ)

- ‌أَفْضَلُ الْجَمَاعَةِ بَعْدَ الْجُمُعَةِ

- ‌[أَعْذَارُ تَرْكُ صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ]

- ‌فَصْلٌ فِي صِفَةِ الْأَئِمَّةِ وَمُتَعَلِّقَاتِهَا

- ‌فَصْلٌ فِي بَعْضِ شُرُوطِ الْقُدْوَةِ وَكَثِيرٍ مِنْ آدَابِهَا وَبَعْضِ مَكْرُوهَاتِهَا

- ‌فَصْلٌ فِي بَعْضِ شُرُوطِ الْقُدْوَةِ أَيْضًا

- ‌فَصْلٌ فِي بَعْضِ شُرُوطِ الْقُدْوَةِ أَيْضًا

- ‌[فَصْلٌ فِي زَوَالِ الْقُدْوَةِ وَإِيجَادِهَا وَإِدْرَاكِ الْمَسْبُوقِ الرَّكْعَةَ وَمَا يَتْبَعُ ذَلِكَ]

- ‌(بَابُ) كَيْفِيَّةِ (صَلَاةِ الْمُسَافِرِ)

- ‌فَصْلٌ فِي شُرُوطِ الْقَصْرِ وَتَوَابِعِهَا

- ‌(فَصْلٌ) فِي الْجَمْعِ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ

- ‌[شُرُوطُ جَمْعِ التَّقْدِيمِ]

- ‌[شُرُوطُ التَّقْدِيمِ فِي صَلَاةِ الْجَمْعِ عِنْدَ الْمَطَرِ]

- ‌بَابُ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ

- ‌[شُرُوطُ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ]

- ‌[الْجَمْعِ لِعُذْرِ الْمَطَرِ]

- ‌[شُرُوطُ صِحَّةِ الْجُمُعَةِ]

- ‌[أَرْكَانُ خُطْبَةِ الْجُمُعَةِ]

- ‌[شُرُوطُ الْخُطْبَتَيْنِ فِي الْجُمُعَة]

- ‌فَصْلٌ فِي الْأَغْسَالِ الْمُسْتَحَبَّةِ فِي الْجُمُعَةِ وَغَيْرِهَا وَمَا يُذْكَرُ مَعَهَا

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيَانِ مَا يَحْصُلُ بِهِ إدْرَاكُ الْجُمُعَةِ وَمَا لَا تُدْرَكُ بِهِ]

- ‌[الْقِسْمِ الْأَوَّلِ إدْرَاكُ رُكُوعَ الثَّانِيَةِ مِنْ الْجُمُعَةِ مَعَ الْإِمَامِ]

- ‌[الْقِسْمِ الثَّانِي حُكْمُ اسْتِخْلَافِ الْإِمَامِ وَشُرُوطُهُ]

- ‌[بَابٌ كَيْفِيَّةُ صَلَاةِ الْخَوْفِ]

- ‌[النَّوْعُ الْأَوَّلِ كَوْنُ الْعَدُوِّ فِي جِهَةِ الْقِبْلَةِ]

- ‌[الثَّانِي مِنْ الْأَنْوَاعِ كَوْنُ الْعَدُوُّ فِي غَيْرِ الْقِبْلَةِ]

- ‌[النَّوْعُ الثَّالِثُ أَنْ تَقِفَ فِرْقَةٌ فِي وَجْهِ الْعَدُوِّ وَتَحْرُسُ وَهُوَ فِي غَيْرِ جِهَةِ الْقِبْلَةِ]

- ‌[النَّوْعُ الرَّابِعِ أَنْ يَلْتَحِمَ الْقِتَالُ بَيْنَ الْقَوْمِ وَلَمْ يَتَمَكَّنُوا مِنْ تَرْكِهِ]

- ‌فَصْلٌ فِيمَا يَجُوزُ لُبْسُهُ إنْ ذَكَرَ وَمَا لَا يَجُوزُ

- ‌بَابٌ صَلَاةُ الْعِيدَيْنِ

- ‌[حُكْمُ صَلَاةِ الْعِيدَيْنِ وَكَيْفِيَّتَهَا]

- ‌[وَقْتُ صَلَاةِ الْعِيدَيْنِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي التَّكْبِيرِ الْمُرْسَلِ وَالْمُقَيَّدِ]

- ‌[وَقْتُ تَكْبِير الْعِيد]

- ‌بَابُ صَلَاةِ الْكُسُوفَيْنِ

- ‌[التَّهْنِئَةُ بِالْعِيدِ]

- ‌بَابُ صَلَاةِ الِاسْتِسْقَاءِ

- ‌(بَابٌ) فِي حُكْمِ تَارِكِ الصَّلَاةِ الْمَفْرُوضَةِ عَلَى الْأَعْيَانِ

- ‌ كِتَابُ الْجَنَائِزِ

- ‌[آدَابِ الْمُحْتَضَرِ]

- ‌ بَيَانِ الْغَاسِلِ

- ‌فَصْلٌ فِي تَكْفِينِ الْمَيِّتِ وَحَمْلِهِ وَتَوَابِعِهِمَا

- ‌ كَيْفِيَّةِ حَمْلِ الْمَيِّتِ

- ‌فَصْلٌ فِي الصَّلَاةِ عَلَى الْمَيِّتِ الْمُسْلِمِ غَيْرِ الشَّهِيدِ

- ‌[شُرُوطُ صَلَاةِ الْجِنَازَةِ]

- ‌ الصَّلَاةِ عَلَى الْغَائِبِ

- ‌[تَقْدِيمُ الصَّلَاةِ عَلَى الدَّفْنِ وَتَأْخِيرُهَا عَنْ الْغُسْلِ أَوْ التَّيَمُّمِ]

- ‌[فَرْعٌ فِي بَيَانِ الْأَوْلَى بِصَلَاةِ الْجِنَازَةِ]

- ‌ الصَّلَاةُ (عَلَى الْكَافِرِ)

- ‌[حُكْم الصَّلَاة عَلَى السقط]

- ‌ الْمَيِّتُ إمَّا شَهِيدٌ أَوْ غَيْرُهُ

الفصل: ‌[الالتفات في الصلاة]

فِي صَلَاتِهِمْ لَيَنْتَهُنَّ عَنْ ذَلِكَ أَوْ لَتُخْطَفَنَّ أَبْصَارُهُمْ» وَيُكْرَهُ نَظَرُ مَا يُلْهِي عَنْهَا كَثَوْبٍ لَهُ أَعْلَامٌ لِخَبَرِ عَائِشَةَ «كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي وَعَلَيْهِ خَمِيصَةٌ ذَاتُ أَعْلَامٍ فَلَمَّا فَرَغَ قَالَ: أَلْهَتْنِي أَعْلَامُ هَذِهِ، اذْهَبُوا بِهَا إلَى أَبِي جَهْمٍ وَأْتُونِي بِأَنْبِجَانِيَّتِهِ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ.

(وَ) يُكْرَهُ (كَفُّ شَعْرِهِ أَوْ ثَوْبِهِ) لِخَبَرِ «أُمِرْت أَنْ لَا أَكْفِتَ الشَّعْرَ أَوْ الثِّيَابَ» وَالْكَفْتُ بِمُثَنَّاةٍ فِي آخِرِهِ هُوَ الْجَمْعُ قَالَ تَعَالَى {أَلَمْ نَجْعَلِ الأَرْضَ كِفَاتًا} [المرسلات: 25]{أَحْيَاءً وَأَمْوَاتًا} [المرسلات: 26] أَيْ جَامِعَةً لَهُمْ، وَمِنْهُ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ أَنْ يُصَلِّيَ وَشَعْرُهُ مَعْقُوصٌ أَوْ مَرْدُودٌ تَحْتَ عِمَامَتِهِ أَوْ ثَوْبُهُ أَوْ كُمُّهُ مُشَمَّرٌ، وَمِنْهُ شَدُّ الْوَسَطِ وَغَرْزُ الْعَذَبَةِ، وَالْمَعْنَى فِي النَّهْيِ عَنْ كَفِّ ذَلِكَ أَنَّهُ يَسْجُدُ مَعَهُ: أَيْ غَالِبًا، وَلِهَذَا نَصَّ الشَّافِعِيُّ عَلَى كَرَاهَةِ الصَّلَاةِ وَفِي إبْهَامِهِ الْجِلْدَةُ الَّتِي يَجُرُّ بِهَا الْقَوْسَ، قَالَ: لِأَنِّي آمُرُهُ أَنْ يُفْضِيَ بُطُونَ كَفَّيْهِ إلَى الْأَرْضِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ ذَلِكَ جَارٍ فِي صَلَاةِ الْجِنَازَةِ، وَإِنْ اقْتَضَى تَعْلِيلُهُمْ خِلَافَهُ، وَيَنْبَغِي كَمَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ تَخْصِيصُهُ فِي الشَّعْرِ بِالرَّجُلِ، أَمَّا الْمَرْأَةُ فَفِي الْأَمْرِ بِنَقْضِهَا الضَّفَائِرَ مَشَقَّةٌ وَتَغْيِيرٌ لِهَيْئَتِهَا الْمُنَافِيَةِ لِلتَّجَمُّلِ، وَبِذَلِكَ صَرَّحَ فِي الْإِحْيَاءِ، وَيَنْبَغِي إلْحَاقُ الْخُنْثَى بِهَا، وَيُسَنُّ لِمَنْ رَآهُ كَذَلِكَ، وَلَوْ مُصَلِّيًا آخَرَ أَنْ يَحِلَّهُ حَيْثُ لَا فِتْنَةً. نَعَمْ لَوْ بَادَرَ شَخْصٌ وَحَلَّ كُمَّهُ الْمُشَمَّرَ وَكَانَ فِيهِ مَالٌ وَتَلِفَ كَانَ ضَامِنًا لَهُ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَسَيَأْتِي نَظِيرُهُ فِي جَرٍّ آخَرَ مِنْ الصَّفِّ فَتَبَيَّنَ أَنَّهُ رَقِيقٌ.

(وَوَضَعَ يَدَهُ عَلَى فِيهِ) لِثُبُوتِ النَّهْيِ عَنْهُ وَلِمُنَافَاتِهِ هَيْئَةَ الْخُشُوعِ (بِلَا حَاجَةٍ) هُوَ رَاجِعٌ لِمَا قَبْلَهُ أَيْضًا فَعِنْدَهَا لَا كَرَاهَةَ كَأَنْ تَثَاءَبَ، بَلْ يُسْتَحَبُّ لَهُ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

الْبَصَرِ إلَى السَّمَاءِ فِي الصَّلَاةِ، وَقَوْلُهُ لَتُخَطَّفَنَّ أَبْصَارُهُمْ بِضَمِّ الْفَوْقِيَّةِ وَفَتْحِ الْفَاءِ مَبْنِيًّا لِلْمَفْعُولِ وَأَوْ لِلتَّخَيُّرِ تَهْدِيدًا، وَهُوَ خَبَرٌ بِمَعْنَى الْأَمْرِ. وَالْمَعْنَى: لَيَكُونَنَّ مِنْكُمْ الِانْتِهَاءُ عَنْ رَفْعِ الْبَصَرِ إلَى السَّمَاءِ أَوْ خَطْفُ الْأَبْصَارِ عِنْدَ رَفْعِهَا مِنْ اللَّهِ تَعَالَى، أَمَّا رَفْعُ الْبَصَرِ إلَى السَّمَاءِ فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ لِدُعَاءٍ وَنَحْوِهِ فَجَوَّزَهُ الْأَكْثَرُونَ كَمَا قَالَهُ الْقَاضِي عِيَاضٌ؛ لِأَنَّ السَّمَاءَ قِبْلَةُ الدُّعَاءِ كَالْكَعْبَةِ قِبْلَةُ الصَّلَاةِ وَكَرِهَهُ آخَرُونَ. اهـ شَرْحُ الْبُخَارِيِّ لِشَيْخِ الْإِسْلَامِ اهـ زِيَادِيُّ.

وَفِي الشَّيْخِ عَمِيرَةَ فَائِدَةٌ: نَقَلَ الدَّمِيرِيِّ عَنْ الْغَزَالِيِّ فِي الْإِحْيَاءِ أَنَّهُ قَالَ: يُسْتَحَبُّ أَنْ يَرْمُقَ بِبَصَرِهِ إلَى السَّمَاءِ فِي الدُّعَاءِ بَعْدَ الْوُضُوءِ (قَوْلُهُ: فِي صَلَاتِهِمْ) فَاشْتَدَّ: أَيْ قَوِيَ قَوْلُهُ: فِي ذَلِكَ حَتَّى قَالَ لَيَنْتَهُنَّ. اهـ حَجّ (قَوْلُهُ: قَالَ أَلْهَتْنِي إلَخْ) إنَّمَا قَالَ ذَلِكَ بَيَانًا لِلْغَيْرِ، وَإِلَّا فَهُوَ صلى الله عليه وسلم لَا يُشْغِلُهُ شَيْءٌ عَنْ اللَّهِ تَعَالَى (قَوْلُهُ: إلَى أَبِي جَهْمٍ) هُوَ مُسْلِمٌ صَحَابِيٌّ إنَّمَا أَمَرَ بِدَفْعِهَا لَهُ؛ لِأَنَّهَا كَانَتْ مِنْ عِنْدِهِ: أَيْ وَدَفَعَهَا لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَإِنَّمَا طَلَبَ الْأَنبَجانِيَّةَ جَبْرًا لِخَاطِرِهِ لِئَلَّا يَتَوَهَّمَ بِدَفْعِهَا لَهُ رَدَّ هَدِيَّتِهِ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: بأَنبَجانيَّتِهِ) هِيَ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَكَسْرِهَا وَبِفَتْحِ الْبَاءِ وَكَسْرِهَا أَيْضًا كَمَا قَالَهُ فِي النِّهَايَةِ وَنُقِلَ عَنْ النَّوَوِيِّ. وَأَغْرَبَ ابْنُ قُتَيْبَةَ وَقَالَ: إنَّمَا هِيَ مَنْبِجَانِيَّةٌ نِسْبَةٌ إلَى مَنْبِجٍ بَلَدٍ مَعْرُوفٍ بِالشَّامِ، وَمَنْ قَالَهَا بِهَمْزَةٍ أَوَّلِهِ فَقَدْ غَيَّرَ، وَنَقَلَ ذَلِكَ ابْنُ قُتَيْبَةَ عَنْ الْأَصْمَعِيِّ.

(قَوْلُهُ: أَنْ لَا أَكْفِتُ) بَابُهُ ضَرَبَ مُخْتَارٌ (قَوْلُهُ: وَمِنْهُ شَدُّ الْوَسَطِ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ عَلَى الْجِلْدِ وَلَا يُنَافِيهِ الْعِلَّةُ لِجَوَازِ أَنَّهَا بِالنَّظَرِ لِلْغَالِبِ (قَوْلُهُ: أَيْ غَالِبًا) خَرَجَتْ بِهِ صَلَاةُ الْجِنَازَةِ فَإِنَّهُ لَا سُجُودَ فِيهَا، وَمَعَ ذَلِكَ يُكْرَهُ كَفُّ الشَّعْرِ فِيهَا، لَكِنَّ مُقْتَضَى جَزْمِهِ بِمَا ذُكِرَ أَنَّ التَّقْيِيدَ بِالْغَلَبَةِ مَنْقُولٌ وَعَلَيْهِ فَلَا يَظْهَرُ قَوْلُهُ: الْآتِي وَالظَّاهِرُ أَنَّ ذَلِكَ جَارٍ فِي صَلَاةِ الْجِنَازَةِ (قَوْلُهُ: لِأَنِّي آمُرُهُ أَنْ يُفْضِيَ إلَخْ) هَذَا التَّعْلِيلُ يَقْتَضِي كَرَاهَةَ الصَّلَاةِ وَفِي يَدِهِ خَاتَمٌ؛ لِأَنَّهُ يَمْنَعُ مِنْ مُبَاشَرَةِ جُزْءٍ مِنْ يَدِهِ لِلْأَرْضِ، وَلَوْ قِيلَ بِعَدَمِ الْكَرَاهَةِ فِيهِ لَمْ يَبْعُدْ؛ لِأَنَّ الْعَادَةَ جَارِيَةٌ فِي أَنَّ مَنْ لَبِسَهُ لَا يَنْزِعُهُ نَوْمًا وَلَا يَقَظَةً، فَفِي تَكْلِيفِهِ قَلْعَهُ كُلَّ صَلَاةٍ نَوْعُ مَشَقَّةٍ، وَكَذَلِكَ الْجِلْدَةُ فَإِنَّهَا إنَّمَا تُلْبَسُ عِنْدَ الِاحْتِيَاجِ إلَيْهَا (قَوْلُهُ: فِي صَلَاةِ الْجِنَازَةِ) ، وَهَلْ يَجْرِي فِي الطَّوَافِ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ عَدَمُ الْكَرَاهَةِ لِلْكَفِّ فِي الطَّوَافِ لِانْتِفَاءِ الْعِلَّةِ فِيهِ، وَهِيَ السُّجُودُ مَعَهُ، وَيُحْتَمَلُ الْكَرَاهَةُ أَخْذًا بِعُمُومِ حَدِيثِ. «الصَّلَاةُ بِمَنْزِلَةِ الطَّوَافِ إلَّا أَنَّ اللَّهَ أَحَلَّ فِيهِ النُّطْقَ» . (قَوْلُهُ: كَمَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: وَيُسَنُّ لِمَنْ رَآهُ إلَخْ) مِنْهُ يُؤْخَذُ سَنُّ الْأَمْرِ بِفِعْلِ السُّنَنِ وَسَنُّ النَّهْيِ عَنْ مُخَالَفَتِهَا، وَإِنْ كَانَ الْآمِرُ وَالنَّاهِي مِنْ الْآحَادِ.

(قَوْلُهُ: لَا كَرَاهَةَ) أَيْ

ــ

[حاشية الرشيدي]

[الِالْتِفَاتُ فِي الصَّلَاةِ]

(قَوْلُهُ: وَفِي إبْهَامِهِ الْجِلْدَةُ) بَحَثَ الشَّيْخُ فِي الْحَاشِيَةِ أَنَّ مِثْلَهَا الْخَاتَمُ. وَقَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ التَّخَتُّمَ مَطْلُوبٌ فِي الْجُمْلَةِ حَتَّى

ص: 58

وَضْعُ يَدِهِ عَلَى فِيهِ وَيُسَنُّ الْيُسْرَى وَلَعَلَّ وَجْهَهُ أَنَّهُ لَمَّا كَانَ الْغَرَضُ حَبْسَ الشَّيْطَانِ نَاسَبَ أَنْ يَكُونَ لِاسْتِقْذَارِهِ. نَعَمْ الْأَوْجَهُ حُصُولُ السُّنَّةِ بِغَيْرِهَا أَيْضًا إذْ لَيْسَ فِيهَا أَذًى حِسِّيٌّ وَالْمَدَارُ فِيمَا يُفْعَلُ بِالْيَمِينِ وَالْيَسَارِ عَلَيْهِ وُجُودًا وَعَدَمًا دُونَ الْمَعْنَوِيِّ عَلَى أَنَّهَا لَيْسَتْ لِتَنْحِيَةِ أَذًى مَعْنَوِيٍّ أَيْضًا بَلْ لِرَدِّ الشَّيْطَانِ كَمَا فِي الْخَبَرِ، فَهُوَ إذَا رَآهَا لَا يَقْرُبُهُ فَأَيُّ وَاحِدَةٍ نَحَّى بِهَا كَفَتْ، لَكِنْ يُوَجَّهُ مَا قَالُوهُ بِأَنَّ مَا كَانَ سَبَبًا لِدَفْعِ مُسْتَقْذَرٍ يُنَاسِبُهُ الْيَسَارُ فَكَانَتْ أَوْلَى، وَتَحْصُلُ السُّنَّةُ بِوَضْعِ يَدِهِ الْيُسْرَى عَلَى ذَلِكَ سَوَاءٌ أَوَضَعَ ظَهْرَهَا أَوْ بَطْنَهَا، وَيُكْرَهُ التَّثَاؤُبُ لِخَبَرِ مُسْلِمٍ «إذَا تَثَاءَبَ أَحَدُكُمْ، وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ فَلْيَرُدَّهُ مَا اسْتَطَاعَ، فَإِنَّ أَحَدَكُمْ إذَا قَالَ هَا هَا ضَحِكَ الشَّيْطَانُ مِنْهُ» وَلَا تَخْتَصُّ الْكَرَاهَةُ بِالصَّلَاةِ بَلْ خَارِجِهَا كَذَلِكَ، وَيُكْرَهُ النَّفْخُ فِيهَا؛ لِأَنَّهُ عَبَثٌ، وَمَسْحُ نَحْوِ الْحَصَى بِسُجُودِهِ عَلَيْهِ لِلنَّهْيِ عَنْ ذَلِكَ وَلِمُخَالَفَتِهِ التَّوَاضُعَ وَالْخُشُوعَ (وَ) يُكْرَهُ (الْقِيَامُ عَلَى رِجْلٍ) وَاحِدَةٍ مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ لِمُنَافَاتِهِ الْخُشُوعَ فَإِنْ كَانَ بِهِ عُذْرٌ كَوَجَعِ الْأُخْرَى لَمْ تُكْرَهْ.

(وَ) تُكْرَهُ (الصَّلَاةُ حَاقِنًا) بِالنُّونِ أَيْ بِالْبَوْلِ (أَوْ حَاقِبًا) بِالْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ: أَيْ بِالْغَائِطِ بِأَنْ يُدَافِعَ ذَلِكَ، أَوْ حَازِقًا بِالْقَافِ: أَيْ مُدَافِعًا لِلرِّيحِ، أَوْ حَاقِمًا بِهِمَا بَلْ السُّنَّةُ تَفْرِيغُ نَفْسِهِ مِنْ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ يُخِلُّ بِالْخُشُوعِ، وَإِنْ خَافَ فَوْتَ الْجَمَاعَةِ حَيْثُ كَانَ الْوَقْتُ مُتَّسِعًا،

ــ

[حاشية الشبراملسي]

وَلَا نَظَرَ إلَى كَوْنِ الْيَدِ لَهَا هَيْئَةٌ مَطْلُوبَةٌ فِي الصَّلَاةِ كَوَضْعِهَا تَحْتَ صَدْرِهِ فِي الْقِيَامِ، وَعَلَى الرُّكْبَةِ فِي الْجُلُوسِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ وَالتَّشَهُّدِ؛ لِأَنَّ هَذَا زَمَنُهُ قَلِيلٌ فَاغْتُفِرَ؛ وَلِأَنَّ هَذَا يُشْبِهُ دَفْعَ الصَّائِلِ، وَهُوَ عُذْرٌ فِي ارْتِكَابِ مَا لَا يُعْذَرُ فِي فِعْلِهِ (قَوْلُهُ: وَيُسَنُّ الْيُسْرَى) وَالْأَوْلَى أَنْ يَكُونَ بِظَهْرِهَا؛ لِأَنَّهُ أَقْوَى فِي الدَّفْعِ عَادَةً كَذَا قِيلَ، لَكِنَّ قَوْلَ الشَّارِحِ: وَتَحْصُلُ السُّنَّةُ بِوَضْعِ يَدِهِ الْيُسْرَى إلَخْ، قَدْ يَقْتَضِي التَّسْوِيَةَ بَيْنَ الظَّهْرِ وَالْبَطْنِ وَسَيَأْتِي التَّصْرِيحُ بِهِ فِي كَلَامِهِ (قَوْلُهُ: نَعَمْ الْأَوْجَهُ حُصُولُ السُّنَّةِ بِغَيْرِهَا) أَيْ بِغَيْرِ الْيَسَارِ، وَعِبَارَةُ الْمُنَاوِيِّ عَلَى الْجَامِعِ عِنْدَ قَوْلِهِ «إذَا تَثَاءَبَ أَحَدُكُمْ فَلْيَضَعْ يَدَهُ عَلَى فِيهِ» نَصُّهَا: أَيْ ظَهْرَ كَفِّ يُسْرَاهُ كَمَا ذَكَرَهُ جَمْعٌ، وَيُتَّجَهُ أَنَّهُ الْأَكْمَلُ، وَأَنَّ أَصْلَ السُّنَّةِ يَحْصُلُ بِوَضْعِ الْيَمِينِ، قِيلَ لَكِنَّهُ يَجْعَلُ بَطْنَهُ عَلَى فِيهِ عَكْسِ الْيُسْرَى، ثُمَّ قَالَ: تَنْبِيهٌ: قَالَ الْحَافِظُ الْعِرَاقِيُّ: الْأَمْرُ بِوَضْعِ الْيَدِ عَلَى فَمِهِ هَلْ الْمُرَادُ بِهِ وَضْعُهَا عَلَيْهِ إذَا انْفَتَحَ بِالتَّثَاؤُبِ أَوْ وَضْعُهَا عَلَى الْفَمِ الْمُنْطَبِقِ حِفْظًا لَهُ عَنْ الِانْفِتَاحِ بِسَبَبِ ذَلِكَ؟ كُلٌّ مُحْتَمَلٌ.

أَقُولُ: قَضِيَّةُ قَوْلِهِ فِي الْحَدِيثِ فَإِنَّ الشَّيْطَانَ يَدْخُلُ الْأَوَّلُ؛ لِأَنَّهُ أَبْلَغُ فِي مَنْعِهِ مِنْ الدُّخُولِ، أَمَّا لَوْ رَدَّهُ فَارْتَدَّ فَلَا حَاجَةَ لِلِاسْتِعَانَةِ بِالْيَدِ مَعَ انْتِفَائِهِ بِدُونِ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: فَهُوَ إذَا رَآهَا) أَيْ يَدَهُ (قَوْلُهُ: لَكِنْ يُوَجَّهُ مَا قَالُوهُ) أَيْ مِنْ سَنِّ الْيَسَارِ (قَوْلُهُ: وَيُكْرَهُ التَّثَاؤُبُ) أَيْ حَيْثُ أَمْكَنَهُ دَفْعُهُ، وَعِبَارَةُ الْمُنَاوِيِّ فِي شَرْحِهِ الْكَبِيرِ لِلْجَامِعِ عِنْدَ قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم «التَّثَاؤُبُ مِنْ الشَّيْطَانِ» نَصُّهَا: وَفِيهِ كَرَاهَةُ التَّثَاؤُبِ فِي الصَّلَاةِ وَغَيْرِهَا، وَبِهِ صَرَّحَ فِي التَّحْقِيقِ لِلشَّافِعِيَّةِ.

قَالَ الْحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ: وَالْمُرَادُ بِكَوْنِهِ مَكْرُوهًا أَنْ يَجْرِيَ مَعَهُ، وَإِلَّا فَدَفْعُهُ وَرَدُّهُ غَيْرُ مَقْدُورٍ لَهُ، وَإِنَّمَا خَصَّ الصَّلَاةَ فِي الرِّوَايَاتِ؛ لِأَنَّهَا أَوْلَى الْأَحْوَالِ بِهِ. اهـ. قَالَ فِي الْمُخْتَارِ: وَتَثَاءَبْت بِالْمَدِّ وَالْهَمْزِ وَلَا تَقُلْ تَثَاوَبْت انْتَهَى. أَيْ فَإِنَّهُ عَامِّيٌّ كَمَا فِي الْمِصْبَاحِ (قَوْلُهُ: وَمَسْحُ نَحْوِ الْحَصَى) ظَاهِرُهُ وَلَوْ قَبْلَ الدُّخُولِ فِي الصَّلَاةِ، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ: وَلِمُخَالَفَتِهِ التَّوَاضُعَ وَالْخُشُوعَ، وَيَنْبَغِي أَنَّ مَحَلَّ كَرَاهَةِ ذَلِكَ مَا لَمْ يَتَرَتَّبْ عَلَيْهِ تَشْوِيهٌ كَانَ كَأَنْ يَعْلَقَ مِنْ الْمَوْضِعِ تُرَابٌ بِجَبْهَتِهِ أَوْ عِمَامَتِهِ. (قَوْلُهُ: أَيْ بِضِيقِ الْخُفِّ) عِبَارَةُ حَجّ: أَيْ بِالرِّيحِ، وَهِيَ مُخَالِفَةٌ لِمَا فِي الشَّارِحِ وَمَا فِي الْقَامُوسِ أَيْضًا.

(قَوْلُهُ: أَوْ حَاقِمًا) أَيْ أَوْ صَافِنًا، وَهُوَ الْوُقُوفُ عَلَى رَجُلٍ كَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ أَوْ صَافِدًا، وَهُوَ الْوُقُوفُ لَاصِقًا لِلْقَدَمَيْنِ (قَوْلُهُ: حَيْثُ كَانَ الْوَقْتُ مُتَّسَعًا) أَيْ فَإِنْ ضَاقَ وَجَبَتْ الصَّلَاةُ مَعَ ذَلِكَ إلَّا إنْ خَافَ ضَرَرًا لَا يُحْتَمَلُ عَادَةً،

ــ

[حاشية الرشيدي]

فِي حَالِ الصَّلَاةِ، وَأَيْضًا فَإِنَّ الَّذِي يَسْتُرُهُ الْخَاتَمُ مِنْ الْيَدِ قَلِيلٌ بِالنِّسْبَةِ لِمَا تَسْتُرُهُ الْجِلْدَةُ.

(قَوْلُهُ: فَأَيُّ وَاحِدَةٍ نَحَّى بِهَا) الْأَوْلَى فِي التَّعْبِيرِ أَنْ يُقَالَ: رَدَّ بِهَا أَوْ وَضَعَهَا أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ إذْ لَا تَنْحِيَةَ كَمَا قَرَّرَهُ (قَوْلُهُ: لِدَفْعِ مُسْتَقْذَرٍ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ تَنْحِيَةً.

ص: 59