الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَهِيَ أَفْضَلُ مِنْ صَلَاةِ عُسْفَانَ أَيْضًا لِلْإِجْمَاعِ عَلَى صِحَّتِهَا فِي الْجُمْلَةِ دُونَهُمَا، وَتُسْتَحَبُّ عَنْهُ كَثْرَتُنَا، فَالْكَثْرَةُ شَرْطٌ لِسَنِّهَا لَا لِصِحَّتِهَا خِلَافًا لِمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْعِرَاقِيِّ فِي تَحْرِيرِهِ، وَتُفَارِقُ صَلَاةُ عُسْفَانَ بِجَوَازِهَا فِي الْأَمْنِ لِغَيْرِ الْفِرْقَةِ الثَّانِيَةِ، وَلَهَا إنْ نَوَتْ الْمُفَارَقَةَ بِخِلَافِ تِلْكَ، وَالتَّعْلِيلُ بِالْأَوَّلِ غَيْرُ مُنَافٍ لِمَا مَرَّ قُبَيْلَ النَّوْعِ الثَّالِثِ إذْ الْكَلَامُ هُنَا فِي الْأَفْضَلِيَّةِ، وَثَمَّ فِي الِاسْتِحْبَابِ وَلَوْ لَمْ يُتِمَّ الْمُقْتَدُونَ بِهِ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى بَلْ، ذَهَبُوا وَوَقَفُوا تُجَاهَ الْعَدُوِّ سُكُوتًا فِي الصَّلَاةِ وَجَاءَتْ الْفِرْقَةُ الْأُخْرَى فَصَلَّى بِهِمْ رَكْعَةً، وَحِينَ سَلَّمَ ذَهَبُوا إلَى وَجْهِ الْعَدُوِّ وَجَاءَتْ تِلْكَ الْفِرْقَةُ إلَى مَكَانِ صَلَاتِهِمْ وَأَتَمُّوهَا لِأَنْفُسِهِمْ وَذَهَبُوا إلَى الْعَدُوِّ وَجَاءَتْ تِلْكَ إلَى مَكَانِهِمْ وَأَتَمُّوهَا جَازَ.
وَهَذِهِ الْكَيْفِيَّةُ رَوَاهَا ابْنُ عُمَرَ، وَجَازَ ذَلِكَ مَعَ كَثْرَةِ الْأَفْعَالِ بِلَا ضَرُورَةٍ لِصِحَّةِ الْخَبَرِ فِيهِ مَعَ عَدَمِ الْمُعَارِضِ؛ لِأَنَّ إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ كَانَتْ فِي يَوْمٍ وَالْأُخْرَى فِي يَوْمٍ آخَرَ، وَدَعْوَى النَّسْخِ بَاطِلَةٌ لِاحْتِيَاجِهِ لِمَعْرِفَةِ التَّارِيخِ وَتَعَذُّرِ الْجَمْعِ، وَلَيْسَ هُنَا وَاحِدٌ مِنْهُمَا (وَيَقْرَأُ الْإِمَامُ) نَدْبًا (فِي) قِيَامِهِ لِلرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ الْفَاتِحَةَ وَسُورَةً بَعْدَهَا فِي زَمَنِ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
اسْتِحْبَابِ هَذِهِ الْكَيْفِيَّةِ مُطْلَقًا، عَلَى أَنَّهُ قَدْ يَكُونُ خِلَافُ أَبِي حَنِيفَةَ جَارِيًا حَتَّى فِي هَذِهِ الْحَالَةِ وَإِنْ قُلْنَا بِاسْتِحْبَابِهَا، ثُمَّ رَأَيْت مَا يَأْتِي فِي قَوْلِ الشَّارِحِ وَتُفَارِقُ صَلَاةَ عُسْفَانَ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَهِيَ أَفْضَلُ مِنْ صَلَاةِ عُسْفَانَ) وَعَلَيْهِ فَلَعَلَّ الْحِكْمَةَ فِي تَأْخِيرِهَا عَنْهُمَا فِي الذِّكْرِ مَعَ كَوْنِهَا أَفْضَلَ مِنْهُمَا أَنَّ تَيْنَكَ قَدْ تُوجَدُ صُورَتُهُمَا فِي الْأَمْنِ بِالْإِعَادَةِ فِي صَلَاةِ بَطْنِ نَخْلٍ، وَبِتَخَلُّفِ الْمَأْمُومِينَ لِنَحْوِ زَحْمَةٍ فِي عُسْفَانَ (قَوْلُهُ: لِلْإِجْمَاعِ عَلَى صِحَّتِهَا) وَبَقِيَ صَلَاةُ بَطْنِ نَخْلٍ مَعَ عُسْفَانَ فَأَيُّهُمَا أَفْضَلُ، وَالْأَقْرَبُ أَنَّ بَطْنَ نَخْلٍ أَفْضَلُ مِنْ عُسْفَانَ أَيْضًا لِجَوَازِهَا فِي الْأَمْنِ عَلَى مَا مَرَّ فِيهِ، وَنَقَلَ شَيْخُنَا الشَّوْبَرِيُّ عَنْ الْعَلْقَمِيِّ مَا يُوَافِقُهُ (قَوْلُهُ: وَتُفَارِقُ صَلَاةَ عُسْفَانَ) أَيْ حَيْثُ جُعِلَتْ الْكَثْرَةُ هُنَا شَرْطًا لِلسِّنِّ وَثُمَّ شَرْطًا لِلصِّحَّةِ، وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ مَا قَدَّمْنَاهُ لسم عَنْ م ر وَعَلَيْهِ فَيُفَرَّقُ بِمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ وَحَاصِلُهُ يَرْجِعُ إلَى أَنَّ صَلَاةَ ذَاتِ الرِّقَاعِ لَمَّا كَانَ يَجُوزُ مِثْلُهَا فِي الْأَمْنِ فِي الْجُمْلَةِ حُكِمَ بِجَوَازِهَا مُطْلَقًا، وَصَلَاةُ عُسْفَانَ لَمَّا كَانَتْ مُخَالِفَةً لِلْأَمْنِ فِي كُلٍّ مِنْ الرَّكْعَتَيْنِ اُقْتُصِرَ فِيهَا عَلَى مَا وَرَدَ وَذَلِكَ مَعَ الْكَثْرَةِ دُونَ غَيْرِهَا، وَلَعَلَّ وَجْهَهُ أَنَّهُ لَمَّا كَانَتْ جُمْلَةُ الْقَوْمِ مَشْغُولِينَ بِالصَّلَاةِ كَانَ فِي تَفْرِيقِهِمْ مَعَ الْقِلَّةِ تَعَرُّضٌ لِلْهَلَاكِ فَمُنِعَتْ، بِخِلَافِ ذَاتِ الرِّقَاعِ فَإِنَّ الْحَارِسَةَ لَمَّا لَمْ تَكُنْ مَشْغُولَةً بِالصَّلَاةِ كَانَتْ مُتَهَيِّئَةً لِدَفْعِ الْعَدُوِّ (قَوْلُهُ: وَالتَّعْلِيلُ بِالْأَوَّلِ) هُوَ قَوْلُهُ خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ اقْتِدَاءِ الْمُفْتَرِضِ بِالْمُتَنَفِّلِ (قَوْلُهُ: لِمَا مَرَّ قُبَيْلَ النَّوْعِ الثَّالِثِ) أَيْ فِي قَوْلِهِ وَقَوْلُهُمْ يُسَنُّ لِلْمُفْتَرِضِ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَحِينَ سَلَّمَ ذَهَبُوا إلَى وَجْهِ الْعَدُوِّ)
ــ
[حاشية الرشيدي]
[النَّوْعُ الثَّالِثُ أَنْ تَقِفَ فِرْقَةٌ فِي وَجْهِ الْعَدُوِّ وَتَحْرُسُ وَهُوَ فِي غَيْرِ جِهَةِ الْقِبْلَةِ]
(قَوْلُهُ: الْإِجْمَاعُ عَلَى صِحَّتِهَا فِي الْجُمْلَةِ) كَتَبَ الشِّهَابُ عَمِيرَةُ عَلَى عِبَارَةِ الْمَنْهَجِ الْمُسَاوِيَةِ لِعِبَارَةِ الشَّارِحِ مَا نَصُّهُ: قَدْ بَيَّنَ مُرَادَهُ مِنْهُ أَيْ مِنْ قَوْلِهِ لِلْإِجْمَاعِ إلَخْ بِقَوْلِهِ الْآتِي: وَفَارَقَتْ صَلَاةُ عُسْفَانَ إلَخْ.
وَاعْلَمْ أَنَّ الْحُكْمَ بِتَفْصِيلِهَا عَلَى صَلَاةِ عُسْفَانَ لَمْ أَرَهُ لِغَيْرِهِ، وَتَعْلِيلُهُ بِمَا قَالَهُ فِيهِ بَحْثٌ، وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ صَلَاةَ ذَاتِ الرِّقَاعِ فِيهَا قَطْعُ الْقُدْوَةِ فِي الْفِرْقَةِ الْأُولَى وَإِتْيَانُ الْفِرْقَةِ الثَّانِيَةِ بِرَكْعَةٍ لِنَفْسِهَا مَعَ دَوَامِ الْقُدْوَةِ وَالْأَمْرُ الْأَوَّلُ فِي حَالِ الْأَمْنِ مَنَعَهُ أَبُو حَنِيفَةَ مُطْلَقًا وَكَذَا الْإِمَامُ أَحْمَدُ إذَا كَانَ بِغَيْرِ عُذْرٍ وَهُوَ أَحَدُ الْقَوْلَيْنِ عِنْدَنَا، وَأَمَّا الثَّانِي فَمَمْنُوعٌ حَالَةَ الْأَمْنِ اتِّفَاقًا، وَالِاعْتِذَارُ بِجَوَازِ الثَّانِي فِي الْأَمْنِ عِنْدَ نِيَّةِ الْمُفَارَقَةِ خُرُوجٌ عَنْ صُورَةِ الْمَسْأَلَةِ فَلْيُتَأَمَّلْ.
وَأَيْضًا فَمِنْ الْبَيِّنِ أَنَّ الْكَيْفِيَّتَيْنِ لَوْ كَانَتَا فِي الْأَمْنِ كَانَتْ صَلَاةُ الْإِمَامِ عَلَى كَيْفِيَّةِ عُسْفَانَ صَحِيحَةً اتِّفَاقًا، وَعَلَى كَيْفِيَّةِ ذَاتِ الرِّقَاعِ بَاطِلَةً فِي قَوْلٍ عِنْدَنَا لِطُولِ الِانْتِظَارِ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ، وَلَكِنَّ عُذْرَ الشَّارِحِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّ صَلَاةَ الْفِرْقَةِ الْأُولَى صَحِيحَةٌ فِي الْأَمْنِ عَلَى كَيْفِيَّةِ ذَاتِ الرِّقَاعِ، بِخِلَافِ صَلَاةِ عُسْفَانَ فَإِنَّ صَلَاةَ الْفِرْقَتَيْنِ فِيهَا بَاطِلَةٌ عِنْدَ الْأَمْنِ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ، وَبِالْجُمْلَةِ فَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ الْأَصْحَابَ لَمْ يَتَكَلَّمُوا فِي تَفْضِيلِ ذَاتِ الرِّقَاعِ عَلَى عُسْفَانَ؛ لِأَنَّ الْحَالَةَ الَّتِي تُشْرَعُ فِيهَا هَذِهِ غَيْرُ الْحَالَةِ الَّتِي تُشْرَعُ فِيهَا هَذِهِ، بِخِلَافِ ذَاتِ الرِّقَاعِ وَبَطْنِ نَخْلٍ فَإِنَّهُمَا يُشْرَعَانِ فِي حَالَةٍ وَاحِدَةٍ، فَاحْتَاجُوا - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - عَنْهُمْ أَنْ يُبَيِّنُوا الْأَفْضَلَ مِنْهُمَا كَيْ يُقَدَّمَ عَلَى الْآخَرِ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ. اهـ بِحُرُوفِهِ. (قَوْلُهُ: مَعَ كَثْرَةِ الْأَفْعَالِ) أَيْ اللَّازِمِ مِنْهَا اسْتِدْبَارُ الْقِبْلَةِ فِي الذَّهَابِ أَوْ الرُّجُوعِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ
(انْتِظَارِهِ) لِلْفِرْقَةِ (الثَّانِيَةِ) قَبْلَ لُحُوقِهَا لَهُ، فَإِذَا لَحِقَتْهُ قَرَأَ مِنْ السُّورَةِ قَدْرَ فَاتِحَةٍ وَسُورَةٍ قَصِيرَةٍ وَيَرْكَعُ بِهِمْ، وَهَذِهِ رَكْعَةٌ ثَانِيَةٌ يُسْتَحَبُّ تَطْوِيلُهَا عَلَى الْأُولَى وَلَا يُعْرَفُ لَهَا فِي ذَلِكَ نَظِيرٌ (وَيَتَشَهَّدُ) نَدْبًا فِي جُلُوسِهِ لِانْتِظَارِهَا؛ لِأَنَّ السُّكُوتَ مُخَالِفٌ لِهَيْئَةِ الصَّلَاةِ، وَالْقِيَامَ لَيْسَ مَوْضِعَ ذِكْرٍ (وَفِي قَوْلٍ يُؤَخِّرُ) قِرَاءَةَ الْفَاتِحَةِ وَالتَّشَهُّدَ (لِتَلْحَقَهُ) فَتُدْرِكَهُمَا مَعَهُ لِأَنَّهُ قَرَأَ مَعَ الْأُولَى الْفَاتِحَةَ فَيُؤَخِّرُهَا لِيَقْرَأَهَا مَعَ الْفِرْقَةِ الثَّانِيَةِ، وَعَلَى هَذَا يُشْغَلُ بِالذِّكْرِ، وَالْخِلَافُ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ فِي الِاسْتِحْبَابِ، وَتَجُوزُ صَلَاةُ الْجُمُعَةِ فِي الْخَوْفِ كَصَلَاةِ عُسْفَانَ وَكَذَاتِ الرِّقَاعِ لَا كَصَلَاةِ بَطْنِ نَخْلٍ، لَكِنْ يُشْتَرَطُ أَنْ يَسْمَعُوا خُطْبَتَهُ، وَلَوْ سَمِعَ أَرْبَعُونَ فَأَكْثَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ كَانَ كَافِيًا، بِخِلَافِ مَا لَوْ خَطَبَ بِفِرْقَةٍ وَصَلَّى بِأُخْرَى، فَإِنْ حَدَثَ نَقْصٌ فِي الْأَرْبَعِينَ السَّامِعِينَ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى فِي الصَّلَاةِ بَطَلَتْ، أَوْ فِي الثَّانِيَةِ فَلَا، وَهَذَا شَامِلٌ لِمَا إذَا حَصَلَ النَّقْصُ حَالَةَ تَحَرُّمِ الثَّانِيَةِ وَهُوَ الْأَوْجَهُ وَإِنْ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: إنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا عَرَضَ النَّقْصُ عَنْهَا بَعْدَ إحْرَامِ جَمِيعِ الْأَرْبَعِينَ، وَإِلَّا لَمْ يَبْقَ لِاشْتِرَاطِ الْخُطْبَةِ بِأَرْبَعِينَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مَعْنًى، وَقَوْلُهُ فِي الثَّانِيَةِ الْمُرَادُ بِهِ ثَانِيَةُ الْفِرْقَةِ الثَّانِيَةِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ مَفْهُومٌ مِمَّا سَبَقَ فِي أَوَّلِ الْجُمُعَةِ حَيْثُ قَالَ: شَرْطُهَا جَمَاعَةً لَا فِي الثَّانِيَةِ اهـ، وَهَلْ يَجِبُ عَلَى الْإِمَامِ انْتِظَارُ الثَّانِيَةِ؛ لِأَنَّ الْجُمُعَةَ وَاجِبَةٌ عَلَيْهِمْ، وَإِذَا سَلَّمَ فَوَّتَ عَلَيْهِمْ الْوَاجِبَ.
قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَابْنُ الْعِمَادِ: الْأَقْرَبُ نَعَمْ؛ لِأَنَّ تَفْوِيتَ الْوَاجِبِ لَا يَجُوزُ عَلَى نَفْسِهِ فَكَذَا عَلَى غَيْرِهِ اهـ.
وَالْأَقْرَبُ عَدَمُ الْوُجُوبِ عَلَيْهِ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
أَيْ سُكُوتًا (قَوْلُهُ: قَرَأَ مِنْ السُّورَةِ قَدْرَ فَاتِحَةِ) وَهَلْ يُطْلَبُ مِنْهُ الْإِسْرَارُ حِينَئِذٍ بِالْقِرَاءَةِ؛ لِأَنَّهُ إذَا جَهَرَ فِي حَالِ قِرَاءَتِهِمْ لِفَاتِحَتِهِمْ فَوَّتَ عَلَيْهِمْ سَمَاعَ قِرَاءَةِ إمَامِهِمْ أَوْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ لِلْعِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ، وَيَكُونُ ذَلِكَ كَحَالِهِ بَعْدَ قِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ حَيْثُ يُطْلَبُ مِنْهُ السُّكُوتُ بِقَدْرِ فَاتِحَةِ الْمَأْمُومِينَ (قَوْلُهُ: وَسُورَةٍ قَصِيرَةٍ) أَيْ مِنْ تِلْكَ السُّورَةِ إنْ بَقِيَ مِنْهَا قَدْرُهُمَا وَإِلَّا فَمِنْ سُورَةٍ أُخْرَى اهـ حَجّ (قَوْلُهُ: وَلَا يُعْرَفُ لَهَا) أَيْ لِتَطْوِيلِ الثَّانِيَةِ عَلَى الْأُولَى (قَوْلُهُ: فِي ذَلِكَ نَظِيرٌ) أَيْ وَلَا يُشْكِلُ عَلَيْهِ مَا تَقَدَّمَ فِي الْجُمُعَةِ مِنْ أَنَّهُ يَقْرَأُ فِي الْأُولَى الْجُمُعَةَ وَفِي الثَّانِيَةِ الْمُنَافِقِينَ، بَلْ لَوْ لَمْ يَقْرَأْ فِي الْأُولَى الْجُمُعَةَ قَرَأَ فِي الثَّانِيَةِ الْجُمُعَةَ وَالْمُنَافِقِينَ لِجَوَازِ أَنَّ الْمُرَادَ لَا يُعْرَفُ لَهَا نَظِيرٌ يُطْلَبُ فِيهِ تَطْوِيلُ الثَّانِيَةِ مِمَّا لَمْ يَرِدْ شَيْءٌ بِخُصُوصِهِ وَالْجُمُعَةُ طُلِبَ فِي ثَانِيَتِهَا الْمُنَافِقُونَ بِخُصُوصِهَا، وَأَيْضًا فَالْجُمُعَةُ لَمْ يُطْلَبْ فِيهَا تَطْوِيلُ الثَّانِيَةِ بَلْ طُلِبَ فِيهَا قِرَاءَةُ الْمُنَافِقُونَ فَلَزِمَ مِنْهُ تَطْوِيلُ الثَّانِيَةِ، فَلَوْ قَرَأَ غَيْرَهَا لَمْ يُطَوِّلْهَا عَلَى الْأُولَى، عَلَى أَنَّ قِرَاءَةَ الْمُنَافِقِينَ فِي الثَّانِيَةِ لَا يَسْتَلْزِمُ تَطْوِيلَهَا عَلَى الْأُولَى لِجَوَازِ أَنَّ مَا أَتَى بِهِ مِنْ دُعَاءِ الِافْتِتَاحِ فِي الْأُولَى تَحْصُلُ بِهِ زِيَادَتُهَا عَلَى الثَّانِيَةِ أَوْ مُسَاوَاتُهَا لَهَا.
(قَوْلُهُ: لَا كَصَلَاةِ بَطْنِ نَخْلٍ) اُنْظُرْ هَلَّا جَازَ ذَلِكَ فِيهَا أَيْضًا، وَيُجْعَلُ الْخَوْفُ عُذْرًا فِي التَّعَدُّدِ، وَلَا يَضُرُّ كَوْنُهَا تُفَارِقُ لِلْإِمَامِ لِمَا مَرَّ مِنْ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ إعَادَةُ الْجُمُعَةِ حَيْثُ جَازَ التَّعَدُّدُ، وَمِنْهُ لَوْ خَطَبَ بِمَكَانٍ وَصَلَّى بِأَهْلِهِ ثُمَّ حَضَرَ إلَى مَكَان لَمْ تُصَلِّ أَهْلُهُ فَخَطَبَ لَهُمْ وَصَلَّى بِهِمْ حَيْثُ جَازَ لَهُ ذَلِكَ وَإِنْ كَانَ مِنْ الْأَرْبَعِينَ، إلَّا أَنْ يُقَالَ لَمَّا اسْتَغْنَى عَنْهَا بِصَلَاةِ ذَاتِ الرِّقَاعِ امْتَنَعَتْ، وَفِيهِ بُعْدُ شَيْءٍ؛ لِأَنَّ فِيهِ تَكْلِيفَ مَشَقَّةٍ فِي الْجُمْلَةِ (قَوْلُهُ: لَكِنْ يُشْتَرَطُ أَنْ يَسْمَعُوا) أَيْ كُلَّهُ (قَوْلُهُ: وَلَوْ سَمِعَ أَرْبَعُونَ فَأَكْثَرَ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ سَمِعَ مِنْ الْفِرْقَةِ الثَّانِيَةِ دُونَ أَرْبَعِينَ لَمْ يَكْفِ وَلَا مَعْنَى لَهُ مَعَ جَوَازِ نَقْصِهَا عَنْ الْأَرْبَعِينَ وَلَوْ عِنْدَ التَّحَرُّمِ كَمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَهَذَا شَامِلٌ إلَخْ، وَقَضِيَّةُ قَوْلِهِ فِيمَا مَرَّ فِي شَرْحِ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ: أَنْ تُقَامَ بِأَرْبَعِينَ قُبَيْلَ قَوْلِهِ حُرًّا مُكَلَّفًا وَلَا يُشْتَرَطُ بُلُوغُهُمْ: أَيْ الْفِرْقَةِ الثَّانِيَةِ أَرْبَعِينَ عَلَى الصَّحِيحِ اهـ أَنَّ مَا هُنَا مُجَرَّدُ تَصْوِيرٍ (قَوْلُهُ: حَالَةَ تُحْرِمُ الثَّانِيَةُ) أَيْ وَلَوْ انْتَهَى النَّقْصُ إلَى وَاحِدٍ (قَوْلُهُ: وَقَوْلُهُ فِي الثَّانِيَةِ) هُوَ
ــ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: فَيُؤَخِّرُهَا) أَيْ مَعَ التَّشَهُّدِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ شَامِلٌ لِمَا إذَا حَصَلَ النَّقْصُ حَالَةَ تَحَرُّمِ الثَّانِيَةِ) أَيْ وَتُتِمُّهَا جُمُعَةً كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْإِمْدَادِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ الْأَوْجَهُ) وَوَجْهُهُ كَمَا فِي الْإِمْدَادِ أَنَّ صَلَاةَ الثَّانِيَةِ ابْتِدَاءُ إقَامَةِ جُمُعَةٍ فَاشْتَرَطْنَا فِيهَا السَّمَاعَ وَالْعَدَدَ عِنْدَ الْخُطْبَةِ، ثُمَّ إذَا انْعَقَدَتْ صَارَتْ تَابِعَةً لِلْأُولَى فَاغْتُفِرَ النَّقْصُ مِنْ الْعَدَدِ مُرَاعَاةً لِلتَّبَعِيَّةِ وَلَا يُمْكِنُ نَقْصُ السَّمَاعِ (قَوْلُهُ: وَقَوْلُهُ)
وَالْفَرْقُ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ مَا قَاسَ عَلَيْهِ وَاضِحٌ، تَجْهَرُ الطَّائِفَةُ الْأُولَى فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ؛ لِأَنَّهُمْ مُنْفَرِدُونَ وَلَا تَجْهَرُ الثَّانِيَةُ فِي الثَّانِيَةِ لِأَنَّهُمْ مُقْتَدُونَ، وَيَأْتِي ذَلِكَ فِي كُلِّ صَلَاةٍ جَهْرِيَّةٍ، وَلَوْ لَمْ تُمْكِنْهُ الْجُمُعَةُ فَصَلَّى بِهِمْ الظُّهْرَ ثُمَّ أَمْكَنَتْهُ الْجُمُعَةُ قَالَ الصَّيْدَلَانِيُّ: لَمْ تَجِبْ عَلَيْهِمْ لَكِنْ تَجِبُ عَلَى مَنْ لَمْ يُصَلِّ مَعَهُمْ وَلَوْ أَعَادَ لَمْ أَكْرَهْهُ؛ وَيُقَدِّمُ غَيْرَهُ لِيَخْرُجَ مِنْ الْخِلَافِ، حَكَاهُ الْعِمْرَانِيُّ.
(فَإِنْ)(صَلَّى) الْإِمَامُ (مَغْرِبًا) عَلَى كَيْفِيَّةِ ذَاتِ الرِّقَاعِ (فَبِفِرْقَةٍ) مِنْ الْقَوْمِ يُصَلِّي بِهَا (رَكْعَتَيْنِ) وَتُفَارِقُهُ بَعْدَ التَّشَهُّدِ مَعَهُ؛ لِأَنَّهُ مَوْضِعُ تَشَهُّدِهِمْ، قَالَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ (وَبِالثَّانِيَةِ) مِنْهُ (رَكْعَةً وَهُوَ أَفْضَلُ مِنْ عَكْسِهِ) الْجَائِزِ أَيْضًا (فِي الْأَظْهَرِ) لِسَلَامَتِهِ مِنْ التَّطْوِيلِ فِي عَكْسِهِ بِزِيَادَةِ تَشَهُّدٍ فِي أَوْلَى الثَّانِيَةِ بَلْ هُوَ مَكْرُوهٌ، وَالثَّانِي عَكْسُهُ أَفْضَلُ لِتَنْجَبِرَ بِهِ الثَّانِيَةُ عَمَّا فَاتَهَا مِنْ فَضِيلَةِ التَّحَرُّمِ (وَيَنْتَظِرُ) الْإِمَامُ فِي صَلَاتِهِ بِالْأُولَى رَكْعَتَيْنِ الثَّانِيَةُ (فِي) جُلُوسِ (تَشَهُّدِهِ) الْأَوَّلِ (أَوْ قِيَامِ الثَّالِثَةِ وَهُوَ) أَيْ انْتِظَارُهُ فِي الْقِيَامِ (أَفْضَلُ) مِنْ انْتِظَارِهِ فِي جُلُوسِ تَشَهُّدِهِ (فِي الْأَصَحِّ) ؛ لِأَنَّ الْقِيَامَ مَحَلُّ التَّطْوِيلِ بِخِلَافِ جُلُوسِ التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ، وَالثَّانِي أَنَّ انْتِظَارَهُ فِي التَّشَهُّدِ أَوْلَى لِيُدْرِكُوا مَعَهُ الرَّكْعَةَ مِنْ أَوَّلِهَا وَلَوْ فَرَّقَهُمْ فِي الْمَغْرِبِ ثَلَاثَ فِرَقٍ صَحَّتْ صَلَاةُ جَمِيعِهِمْ عَلَى النَّصِّ (أَوْ) صَلَّى بِهِمْ (رُبَاعِيَّةً فَبِكُلٍّ) مِنْ الْفِرْقَتَيْنِ يُصَلِّي (رَكْعَتَيْنِ) لِعُمُومِ قَوْله تَعَالَى {وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاةَ} [النساء: 102] ؛ وَلِأَنَّ فِيهِ تَحْصِيلًا لِلْمَقْصُودِ مَعَ الْمُسَاوَاةِ بَيْنَ الْمَأْمُومِينَ، وَهَذَا إنْ قَضَى فِي السَّفَرِ رُبَاعِيَّةً، أَوْ وَقَعَ الْخَوْفُ فِي الْحَضَرِ: أَوْ فِي أَقَلَّ مِنْ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ؛ لِأَنَّ الْإِتْمَامَ أَفْضَلُ، وَإِلَّا فَالْقَصْرُ أَفْضَلُ لَا سِيَّمَا أَنَّهُ أَلْيَقُ بِحَالَةِ الْخَوْفِ، وَهَلْ الْأَفْضَلُ الِانْتِظَارُ فِي التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ، أَوْ فِي الْقِيَامِ الثَّالِثِ؟ فِيهِ الْخِلَافُ السَّابِقُ فِي الْمَغْرِبِ، وَلَوْ صَلَّى بِفِرْقَةٍ رَكْعَةً وَبِالْأُخْرَى ثَلَاثًا أَوْ عَكْسَهُ صَحَّتْ مَعَ كَرَاهَتِهِ، وَيَسْجُدُ الْإِمَامُ وَالطَّائِفَةُ الثَّانِيَةُ سُجُودَ السَّهْوِ لِلْمُخَالَفَةِ بِالِانْتِظَارِ فِي غَيْرِ مَحَلِّهِ.
قَالَ صَاحِبُ الشَّامِلِ: وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ إذَا فَرَّقَهُمْ أَرْبَعَ فِرَقٍ سَجَدُوا لِلسَّهْوِ أَيْضًا لِلْمُخَالَفَةِ وَهُوَ كَمَا قَالَ (فَلَوْ) فَرَّقَهُمْ.
ــ
[حاشية الشبراملسي]
مِنْ كَلَامِ الْجَوْجَرِيِّ وَالضَّمِيرُ لِلْإِرْشَادِ الَّذِي هُوَ مَشْرُوحُهُ.
(قَوْلُهُ: وَالْفَرْقُ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ مَا قَاسَ عَلَيْهِ) هُوَ قَوْلُهُ: لِأَنَّ تَفْوِيتَ الْوَاجِبِ لَا يَجُوزُ عَلَى نَفْسِهِ وَالْمَقِيسُ هُوَ قَوْلُهُ فَكَذَا عَلَى غَيْرِهِ (قَوْلُهُ: وَاضِحٌ) وَهُوَ مَا صَرَّحُوا بِهِ مِنْ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ تَصْحِيحُ صَلَاةِ غَيْرِهِ بِخِلَافِ صَلَاةِ نَفْسِهِ (قَوْلُهُ: قَالَ الصَّيْدَلَانِيُّ: لَمْ تَجِبْ عَلَيْهِمْ) وَيُفَرَّقُ بَيْنَ هَذَا وَمَا مَرَّ لَهُ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ يَنْوِي فِي اقْتِدَائِهِ الْجُمُعَةَ مِنْ أَنَّ الْخَلِيفَةَ الْمَسْبُوقَ لَوْ أَدْرَكَ بَعْدَ صَلَاةِ الظُّهْرِ جَمَاعَةً يُصَلُّونَ الْجُمُعَةَ لَزِمَهُ أَنْ يُصَلِّيَهَا مَعَهُمْ بِأَنَّ الْعُذْرَ قَائِمٌ هُنَا حَالَ صَلَاتِهِمْ الظُّهْرَ، فَكَانُوا كَالْعَبْدِ إذَا فَعَلَ الظُّهْرَ ثُمَّ عَتَقَ وَأَدْرَكَ الْجُمُعَةَ حَيْثُ لَمْ تَجِبْ عَلَيْهِ، بِخِلَافِ الْمَسْبُوقِ فَإِنَّهُ تَبَيَّنَ أَنَّهُ لَا عُذْرَ لَهُ وَقْتَ صَلَاتِهِ الظُّهْرَ لِإِمْكَانِ الْجُمُعَةِ فِي حَقِّهِ حِينَ صَلَاتِهِ، فَكَانَ كَالْعَبْدِ إذَا عَتَقَ ثُمَّ صَلَّى الظُّهْرَ فِي حَالِ الْحُرِّيَّةِ ثُمَّ أَمْكَنَتْهُ الْجُمُعَةُ حَيْثُ يَجِبُ عَلَيْهِ فِعْلُهَا (قَوْلُهُ: وَلَوْ أَعَادَ لَمْ أَكْرَهْهُ) أَيْ أَعَادَهَا جُمُعَةً وَإِنْ كَانَ مَعَ الطَّائِفَةِ الَّتِي صَلَّتْ مَعَهُ أَوَّلًا (قَوْلُهُ: وَيُقَدِّمُ غَيْرَهُ) أَيْ نَدْبًا
(قَوْلُهُ: وَهُوَ أَفْضَلُ مِنْ عَكْسِهِ) قَالَ سم عَلَى حَجّ فِي أَثْنَاءِ كَلَامٍ، وَسَكَتَ عَمَّا لَوْ صَلَّى فِي الْمَغْرِبِ بِفِرْقَةٍ رَكْعَةً وَبِالْأُخْرَى رَكْعَتَيْنِ هَلْ يَسْجُدُ لِلسَّهْوِ لِلِانْتِظَارِ فِي غَيْرِ مَحِلِّهِ لِكَرَاهَةِ ذَلِكَ وَعَدَمِ وُرُودِهِ اهـ.
وَالْأَقْرَبُ السُّجُودُ لِمَا عَلَّلَ بِهِ (قَوْلُهُ: فِيهِ الْخِلَافُ السَّابِقُ) أَيْ وَالرَّاجِحُ مِنْهُ أَنَّهُ فِي الْقِيَامِ الثَّالِثِ (قَوْلُهُ: لِلْمُخَالَفَةِ بِالِانْتِظَارِ فِي غَيْرِ مَحَلِّهِ) أَيْ لِكَوْنِهِ لَيْسَ فِي نِصْفِ صَلَاتِهِ الْمَنْقُولِ عَنْهُ صلى الله عليه وسلم (قَوْلُهُ: سَجَدُوا لِلسَّهْوِ أَيْضًا) يَعْنِي غَيْرَ الْفِرْقَةِ الْأُولَى
ــ
[حاشية الرشيدي]
أَيْ الْإِرْشَادِ إذْ هَذَا مِنْ بَقِيَّةِ كَلَامِ الْجَوْجَرِيِّ إلَى قَوْلِهِ. اهـ. (قَوْلُهُ: وَبَيْنَ مَا قَاسَ عَلَيْهِ) أَيْ مِنْ ذِكْرٍ.
(قَوْلُهُ: بِهَا) لَا حَاجَةَ إلَيْهِ مَعَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فَيُفَرِّقُهُ
أَرْبَعَ فِرَقٍ وَ (صَلَّى بِكُلِّ فِرْقَةٍ رَكْعَةً) ، ثُمَّ فَارَقَتْهُ وَصَلَّتْ ثَلَاثًا وَسَلَّمَتْ وَالْإِمَامُ قَائِمٌ يَنْتَظِرُ فَرَاغَهَا وَذَهَابَهَا وَمَجِيءَ الثَّانِيَةِ، ثُمَّ صَلَّى بِالثَّانِيَةِ الرَّكْعَةَ الثَّانِيَةَ وَفَارَقَتْهُ وَانْتَظَرَ الثَّالِثَةَ إمَّا فِي التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ، أَوْ قَائِمًا عَلَى مَا مَرَّ مِنْ الْخِلَافِ، ثُمَّ صَلَّى بِالثَّالِثَةِ الرَّكْعَةَ الثَّالِثَةَ وَفَارَقُوهُ فِي قِيَامِ الرَّابِعَةِ وَأَتَمُّوا لِأَنْفُسِهِمْ وَالْإِمَامُ يَنْتَظِرُ فَرَاغَهُمْ وَذَهَابَهُمْ وَمَجِيءَ الرَّابِعَةِ، ثُمَّ صَلَّى بِالرَّابِعَةِ الرَّكْعَةَ الْأَخِيرَةَ وَانْتَظَرَهُمْ فِي التَّشَهُّدِ وَسَلَّمَ بِهِمْ (صَحَّتْ صَلَاةُ الْجَمِيعِ فِي الْأَظْهَرِ) ؛ لِأَنَّ الْحَاجَةَ قَدْ تَدْعُو إلَى ذَلِكَ بِأَنْ لَا يَكْفِيَ وُقُوفُ نِصْفِ الْجَيْشِ فِي وَجْهِ الْعَدُوِّ وَيُحْتَاجَ إلَى وُقُوفِ ثَلَاثَةِ أَرْبَاعِهِمْ، وَإِنَّمَا اقْتَصَرَ صلى الله عليه وسلم عَلَى انْتِظَارَيْنِ لِعَدَمِ الْحَاجَةِ إلَى الزِّيَادَةِ، وَلَعَلَّهُ لَوْ اُحْتِيجَ إلَيْهَا لَفَعَلَ وَشَرْطُ الْإِمَامِ لِتَفْرِيقِهِمْ أَرْبَعَ فِرَقٍ فِي الرُّبَاعِيَّةِ الْحَاجَةُ إلَى ذَلِكَ، وَإِلَّا فَهُوَ كَفِعْلِهِ حَالَ الِاخْتِيَارِ، وَأَقَرَّاهُ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُحَرَّرِ وَالْحَاوِي وَالْأَنْوَارِ وَالْمُعْتَمَدُ كَمَا صَحَّحَهُ فِي الْمَجْمُوعِ عَدَمُ اشْتِرَاطِهِ.
وَقَالَ فِي الْخَادِمِ: التَّحْقِيقُ عِنْدِي جَوَازُهُ عِنْدَ الْحَاجَةِ بِلَا خِلَافٍ، وَإِنَّمَا الْقَوْلَانِ عِنْدَ عَدَمِهَا، وَمُقَابِلُ الْأَظْهَرِ تَبْطُلُ صَلَاةُ الْإِمَامِ لِزِيَادَتِهِ عَلَى الِانْتِظَارَيْنِ فِي صَلَاةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي ذَاتِ الرِّقَاعِ كَمَا سَبَقَ، وَصَلَاةِ الْفِرْقَةِ الثَّالِثَةِ وَالرَّابِعَةِ إنْ عَلِمُوا بِبُطْلَانِ صَلَاةِ الْإِمَامِ (وَسَهْوُ كُلِّ فِرْقَةٍ) أَيْ إذَا فَرَّقَهُمْ فِرْقَتَيْنِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْمُحَرَّرِ (مَحْمُولٌ فِي أُولَاهُمْ) أَيْ فِي رَكْعَتِهِمْ الْأُولَى؛ لِأَنَّهُمْ فِي حَالِ الْقُدْرَةِ (وَكَذَا ثَانِيَةُ الثَّانِيَةِ فِي الْأَصَحِّ) أَيْ الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ لِلْفِرْقَةِ لِانْسِحَابِ حُكْمِ الْقُدْوَةِ عَلَيْهِمْ؛ لِأَنَّهُمْ يَتَشَهَّدُونَ مَعَهُ مِنْ غَيْرِ نِيَّةِ قُدْوَةٍ جَدِيدَةٍ، وَالثَّانِي لَا لِانْفِرَادِهَا بِهَا حِسًّا (لَا ثَانِيَةُ الْأُولَى) لِانْفِرَادِهِمْ حِسًّا وَحُكْمًا (وَسَهْوُهُ) أَيْ الْإِمَامِ (فِي) الرَّكْعَةِ (الْأُولَى يَلْحَقُ الْجَمِيعَ) أَيْ فَيَسْجُدُ الْمُفَارِقُونَ عِنْدَ تَمَامِ صَلَاتِهِمْ (وَ) سَهْوُهُ (فِي الثَّانِيَةِ لَا يَلْحَقُ الْأَوَّلِينَ) لِمُفَارَقَتِهِمْ قَبْلَهُ وَتَسْجُدُ الثَّانِيَةُ مَعَهُ آخِرَ صَلَاتِهِ وَيُقَاسُ بِذَلِكَ السَّهْوُ فِي الثُّلَاثِيَّةِ وَالرَّبَاعِيَةِ مَعَ أَنَّ ذَلِكَ كُلَّهُ مَعْلُومٌ مِنْ بَابِ سُجُودِ السَّهْوِ.
(وَيُسَنُّ) لِلْمُصَلِّي صَلَاةَ الْخَوْفِ (حَمْلُ السِّلَاحِ) الَّذِي لَا يَمْنَعُ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
قَوْلُهُ: كَمَا صَحَّحَهُ فِي الْمَجْمُوعِ عَدَمُ اشْتِرَاطِهِ) أَيْ مَا ذُكِرَ مِنْ الْحَاجَةِ (قَوْلُهُ: وَمُقَابِلُ الْأَظْهَرِ تَبْطُلُ صَلَاةُ الْإِمَامِ) وَقَعَ مِثْلُهُ فِي الْمَحَلِّيِّ وَكَتَبَ عَلَيْهِ الشَّيْخُ عَمِيرَةُ مَا نَصُّهُ: قَالَ ابْنُ سُرَيْجٍ: تَبْطُلُ بِالِانْتِظَارِ الثَّالِثِ وَهُوَ الْوَاقِعُ فِي الرَّكْعَةِ الرَّابِعَةِ فَإِنَّ الْأُولَى لَا انْتِظَارَ فِيهَا.
وَقَالَ الْجُمْهُورُ بِالِانْتِظَارِ الثَّانِي وَهُوَ الْوَاقِعُ فِي الثَّالِثَةِ لِمُخَالَفَتِهِ الْوَارِدَ مِنْ جِهَةِ أَنَّ الْمُنْتَظِرِينَ فِيمَا وَرَدَ الطَّائِفَةُ الثَّانِيَةُ، بِخِلَافِ الْمُنْتَظِرِينَ هُنَا، وَأَيْضًا مِنْ جِهَةِ طُولِهِ كَمَا بَيَّنَهُ الرَّافِعِيُّ رحمه الله، فَإِنْ قُلْنَا بِقَوْلِ ابْنِ سُرَيْجٍ بَطَلَتْ صَلَاةُ الرَّابِعَةِ فَقَطْ إنْ عَلِمَتْ، وَإِنْ قُلْنَا بِقَوْلِ الْجُمْهُورِ بَطَلَتْ صَلَاةُ الثَّالِثَةِ وَالرَّابِعَةِ إنْ عَلِمَتَا، فَقَوْلُ الشَّارِحِ الْآتِي: وَصَلَاةُ الثَّالِثَةِ وَالرَّابِعَةِ تَفْرِيعٌ عَلَى قَوْلِ الْجُمْهُورِ الْمَذْكُورِ فِي الْأُمِّ، وَبِهِ يُعْلَمُ أَنَّ قَوْلَهُ لِزِيَادَتِهِ عَلَى الِانْتِظَارَيْنِ إلَخْ، لَيْسَ الْمُرَادُ مِنْهُ الزِّيَادَةُ بِانْتِظَارٍ ثَالِثٍ؛ لِأَنَّ الْبُطْلَانَ بِالِانْتِظَارِ الثَّالِثِ وَهُوَ الْوَاقِعُ فِي الرَّابِعَةِ قَوْلُ ابْنِ سُرَيْجٍ كَمَا عَلِمْت وَإِنَّمَا تَبْطُلُ عَلَيْهِ صَلَاةُ الرَّابِعَةِ فَقَطْ وَكَذَا الْإِمَامُ فِيهِمَا، بَلْ الْمُرَادُ زِيَادَةٌ مِنْ حَيْثُ الطُّولُ الْمُخَالِفُ لِمَا وَرَدَ فِي انْتِظَارِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، أَوْ بِاعْتِبَارِ أَنَّ الْوَارِدَ انْتِظَارُهُ فِي قِيَامٍ وَفِي تَشَهُّدٍ، وَهَذَا زَائِدٌ عَلَى ذَلِكَ وَذَلِكَ لَا يَكَادُ يَبِينُ مِنْ كَلَامِهِ إلَّا بِمُرَاجَعَةِ أُصُولِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ اهـ (قَوْلُهُ: آخِرُ صَلَاتِهِ) أَيْ إنْ اسْتَمَرُّوا مَعَهُ إلَى السَّلَامِ فَإِنْ فَارَقُوهُ
ــ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: ثُمَّ فَارَقَتْهُ وَصَلَّتْ ثَلَاثًا إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ بَاقِيَ الْعِبَارَةِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الضَّمِيرَ فِي قَوْلِهِ ثُمَّ فَارَقَتْهُ لِلْفِرْقَةِ الْأُولَى مَعَ أَنَّهُ لَمْ يَتَقَدَّمْ لَهُ مَرْجِعٌ، إذْ كَلَامُ الْمَتْنِ فِي كُلِّ فِرْقَةٍ لَا خُصُوصِ الْأُولَى، وَعِبَارَةُ الشَّارِحِ الْجَلَالِ عَقِبَ الْمَتْنِ نَصُّهَا: وَفَارَقَتْهُ كُلُّ فِرْقَةٍ مِنْ الثَّلَاثِ وَأَتَمَّتْ وَهُوَ مُنْتَظِرٌ فَرَاغَ الْأُولَى فِي قِيَامِ الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ وَفَرَاغِ الْفِرْقَةِ الثَّانِيَةِ فِي تَشَهُّدِهِ، أَوْ قِيَامِ الثَّالِثَةِ وَفَرَاغُ الثَّالِثَةِ فِي قِيَامِ الرَّابِعَةِ وَفَرَاغُ الرَّابِعَةِ فِي تَشَهُّدِهِ الْأَخِيرِ فَسَلَّمَ بِهَا انْتَهَتْ (قَوْلُهُ: فَهُوَ كَفِعْلِهِ فِي حَالِ الِاخْتِيَارِ) أَيْ فَيَكُونُ مَكْرُوهًا مُفَوِّتًا لِفَضِيلَةِ الْجَمَاعَةِ (قَوْلُهُ: وَقَالَ فِي الْخَادِمِ) أَيْ تَبَعًا لِلذَّخَائِرِ.
صِحَّةَ الصَّلَاةِ (فِي هَذِهِ الْأَنْوَاعِ) الثَّلَاثَةِ مِنْ الصَّلَاةِ احْتِيَاطًا، وَذَلِكَ كَسَيْفٍ وَرُمْحٍ وَنُشَّابٍ وَسِكِّينٍ وَوَضْعُهُ بَيْنَ يَدَيْهِ بِالشَّرْطِ الْآتِي كَالْحَمْلِ، إذْ الْحَمْلُ غَيْرُ مُتَعَيِّنٍ وَإِنْ مَالَ إلَيْهِ الْإِسْنَوِيُّ وَاحْتَجَّ بِأَنَّهُ لَوْ كَفَى الْوَضْعُ لَاسْتَوَى وَضْعُ الرُّمْحِ فِي وَسَطِ الصَّفِّ وَحَاشِيَتِهِ، وَقَدْ صَرَّحُوا بِأَنَّ الْأَوَّلَ مَكْرُوهٌ، أَوْ حَرَامٌ دُونَ الثَّانِي، وَرُدَّ بِأَنَّ الْكَلَامَ فِي وَضْعٍ لَا إيذَاءَ فِيهِ، وَحَاصِلُ مَا فِي ذَلِكَ أَنَّهُ إنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ التَّأَذِّي بِهِ حَرُمَ وَإِلَّا كُرِهَ (وَفِي قَوْلٍ يَجِبُ) لِظَاهِرِ قَوْله تَعَالَى {وَلْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ} [النساء: 102] وَحَمْلِهِ الْأَوَّلَ عَلَى النَّدْبِ، إذْ لَوْ وَجَبَ لَكَانَ تَرْكُهُ مُفْسِدًا كَغَيْرِهِ مِمَّا يَجِبُ فِي الصَّلَاةِ، وَلَا تَفْسُدُ بِهِ قَطْعًا لَكِنْ يُكْرَهُ تَرْكُهُ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ احْتِيَاطًا، وَيَحْرُمُ إذَا كَانَ مُتَنَجِّسًا، أَوْ مَانِعًا لِتَمَامِ بَعْضِ الْأَرْكَانِ كَبَيْضَةٍ تَمْنَعُ مُبَاشَرَةَ الْجَبْهَةِ لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ إبْطَالِ الصَّلَاةِ وَالتُّرْسُ وَالدِّرْعُ لَيْسَ كُلٌّ مِنْهُمَا بِسِلَاحٍ يُسَنُّ حَمْلُهُ؛ لِأَنَّهُمَا مِمَّا يُدْفَعُ بِهِ، بَلْ يُكْرَهُ لِكَوْنِهِ ثَقِيلًا يَشْغَلُ عَنْ الصَّلَاةِ كَالْجَعْبَةِ، كَمَا نَقَلَهُ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ وَالْبَنْدَنِيجِيّ، فَلَا يُنَافِي ذَلِكَ إطْلَاقُ الْقَوْلِ بِأَنَّهُمَا مِنْ السِّلَاحِ، إذْ لَيْسَ كُلُّ سِلَاحٍ يُسَنُّ حَمْلُهُ فِي الصَّلَاةِ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِهِ هُنَا مَا يَقْتُلُ لَا مَا يُدْفَعُ بِهِ، وَلَوْ تَعَيَّنَ حَمْلُهُ أَوْ وَضْعُهُ بَيْنَ يَدَيْهِ طَرِيقًا فِي دَفْعِ الْهَلَاكِ كَانَ وَاجِبًا، سَوَاءٌ أَزَادَ خَطَرُ التَّرْكِ أَمْ اسْتَوَى الْخَطَرَانِ، إذْ لَوْ لَمْ يَجِبْ لَكَانَ ذَلِكَ اسْتِسْلَامًا لِلْكُفَّارِ، بَلْ لَوْ خَافَ ضَرَرًا يُبِيحُ التَّيَمُّمَ بِتَرْكِ حَمْلِهِ وَجَبَ فِيمَا يَظْهَرُ، وَالْأَوْجَهُ أَنَّهُ يَأْتِي فِي الْقَضَاءِ هُنَا مَا يَأْتِي فِي حَمْلِ السِّلَاحِ النَّجِسِ فِي حَالِ الْقِتَالِ، وَإِنْ فُرِضَ أَنَّ هَذَا أَنْدَرُ.
وَقَضِيَّتُهُ أَنَّ الْعَدُوَّ لَوْ كَانُوا مُسْلِمِينَ لَمْ يَجِبْ حَمْلُهُ وَهُوَ مُحْتَمَلٌ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ الْقِتَالُ وَاجِبًا، وَلَا فَرْقَ فِي حَالِ الْوُجُوبِ كَمَا قَدْ يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِهِ فِي شِدَّةِ الْخَوْفِ، وَبِهِ صَرَّحَ الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ وَغَيْرُهُ بَيْنَ الْمَانِعِ مِنْ صِحَّةِ الصَّلَاةِ كَالْمُتَنَجِّسِ وَالْبَيْضَةِ الْمَانِعَةِ مِنْ مُبَاشَرَةِ الْجَبْهَةِ وَغَيْرِهِ، لَكِنْ يَتَعَيَّنُ الْوَضْعُ فِي الْمَانِعِ مِنْ ذَلِكَ إنْ أَمْكَنَ الِاتِّقَاءُ بِهِ، وَإِلَّا كَأَنْ خَافَ أَنْ يُصِيبَ رَأْسَهُ سَهْمٌ لَوْ نَزَعَ الْبَيْضَةَ الْمَانِعَةَ لَهُ مِنْ السُّجُودِ فَلَا يَتْرُكُ حَمْلَهُ وَلَا تَبْطُلُ صَلَاتُهُ بِتَرْكِ الْحَمْلِ الْوَاجِبِ عَلَيْهِ لِأَنَّ الْوُجُوبَ لِأَمْرٍ خَارِجٍ.
(الرَّابِعُ) مِنْ الْأَنْوَاعِ الصَّلَاةُ بِالْكَيْفِيَّةِ الْمَذْكُورَةِ فِي مَحَلِّ هَذَا
ــ
[حاشية الشبراملسي]
سَجَدُوا فِي آخِرِ صَلَاتِهِمْ
(قَوْلُهُ: بِالشَّرْطِ الْآتِي) أَيْ وَهُوَ سُهُولَةُ التَّنَاوُلِ (قَوْلُهُ: بِأَنَّ الْأَوَّلَ) هُوَ وَضْعُ الرُّمْحِ فِي الْوَسَطِ، وَقَوْلُهُ دُونَ الثَّانِي هُوَ قَوْلُهُ وَحَاشِيَتُهُ (قَوْلُهُ: إنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ التَّأَذِّي بِهِ حَرُمَ) أَيْ مَا لَمْ يَخَفْ عَلَى نَفْسِهِ وَإِلَّا جَازَ بَلْ وَجَبَ، وَعِبَارَةُ الزِّيَادِيِّ: وَكَذَا لَوْ آذَى غَيْرَهُ فَيَجِبُ حَمْلُهُ حِفْظًا لِنَفْسِهِ، وَلَا نَظَرَ لِضَرَرِ غَيْرِهِ أَخْذًا مِنْ مَسْأَلَةِ الِاضْطِرَارِ حَيْثُ قَدَّمَ نَفْسَهُ وَلَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ دَفْعُهُ لِمُضْطَرٍّ آخَرَ تَقْدِيمًا لِنَفْسِهِ اهـ.
(قَوْلُهُ: كَالْجَعْبَةِ) كَكَلْبَةٍ اهـ مِصْبَاحٌ (قَوْلُهُ: مَا يَأْتِي فِي حَمْلِ السِّلَاحِ) وَالرَّاجِحُ مِنْهُ وُجُوبُ الْقَضَاءِ (قَوْلُهُ: حَيْثُ لَمْ يَكُنْ الْقِتَالُ وَاجِبًا) أَيْ بِأَنْ لَمْ يَكُنْ الْقِتَالُ لِمَصْلَحَةٍ عَامَّةٍ تَتَعَلَّقُ بِالْمُسْلِمِينَ مَثَلًا (قَوْلُهُ: لَوْ نَزَعَ الْبَيْضَةَ الْمَانِعَةَ لَهُ مِنْ السُّجُودِ فَلَا يَتْرُكُ حَمْلَهُ) وَهَلْ إذَا صَلَّى كَذَلِكَ تَجِبُ الْإِعَادَةُ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ.
وَقِيَاسُ مَا مَرَّ فِي صِفَةِ الصَّلَاةِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ شَقَّ عَلَيْهِ نَزْعُ الْعِصَابَةِ لِجِرَاحَةٍ تَحْتَهَا صَلَّى عَلَى حَالِهِ وَلَا إعَادَةَ مَا لَمْ يَكُنْ تَحْتَهَا نَجَاسَةٌ غَيْرُ مَعْفُوٍّ عَنْهَا أَنَّهُ لَا إعَادَةَ هُنَا.
لَكِنْ فِي كَلَامِ الزِّيَادِيِّ كحج مَا يَقْتَضِي الْإِعَادَةَ، وَعَلَيْهِ فَيُمْكِنُ أَنْ يُفَرَّقَ بِأَنَّ الْعُذْرَ ثَمَّ مَوْجُودٌ وَهُوَ الْجِرَاحَةُ، وَلَا كَذَلِكَ هُنَا، فَإِنَّ إصَابَةَ.
ــ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: إذْ لَوْ وَجَبَ لَكَانَ تَرْكُهُ مُفْسِدًا) فِيهِ أَنَّ الْوُجُوبَ هُنَا لِأَمْرٍ خَارِجٍ وَهُوَ لَا يَقْتَضِي تَرْكَهُ مَا ذَكَرَ كَمَا سَيَأْتِي فِي كَلَامِهِ آخِرَ السِّوَادَةِ (قَوْلُهُ: كَبَيْضَةٍ) لَا وَجْهَ لِاسْتِئْنَائِهَا لِعَدَمِ دُخُولِهَا فِي السِّلَاحِ الْمُرَادِ هُنَا كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي فِي كَلَامِهِ قَرِيبًا (قَوْلُهُ: وَالْأَوْجَهُ أَنَّهُ يَأْتِي فِي الْقَضَاءِ هُنَا مَا يَأْتِي إلَخْ) كَلَامٌ قَاصِرٌ عَنْ أَدَاءِ الْمُرَادِ، وَعِبَارَةُ التُّحْفَةِ: وَلَوْ خَافَ ضَرَرًا يُبِيحُ التَّيَمُّمَ بِتَرْكِ حَمْلِهِ وَجَبَ فِي الْأَنْوَاعِ الثَّلَاثَةِ وَلَوْ نَجِسًا وَمَانِعًا لِلسُّجُودِ وَاَلَّذِي يَتَّجِهُ أَنَّهُ يَأْتِي فِي الْقَضَاءِ هُنَا إلَخْ (قَوْلُهُ: لَوْ كَانُوا مُسْلِمِينَ) أَيْ فِي صُورَةِ مَا إذَا كَانَ الْمَخُوفُ الْهَلَاكَ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ إذْ هُوَ