الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
صَلَاةَ ذَاتِ الرِّقَاعِ عَلَى رِوَايَةِ ابْنِ عُمَرَ وَصَلَاةَ عُسْفَانَ، وَالْفِرْقَةَ الثَّانِيَةَ مِنْ صَلَاةِ ذَاتِ الرِّقَاعِ عَلَى رِوَايَةِ سَهْلِ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ، وَمُقَابِلُ الْأَظْهَرِ لَا يَجِبُ الْقَضَاءُ لِوُجُودِ الْخَوْفِ عِنْدَ الصَّلَاةِ.
فَصْلٌ فِيمَا يَجُوزُ لُبْسُهُ إنْ ذَكَرَ وَمَا لَا يَجُوزُ
وَلَمَّا خَتَمَ الشَّافِعِيُّ رضي الله عنه هَذَا الْبَابَ بِبَيَانِ مَا يَحِلُّ لُبْسُهُ لِلْمُحَارِبِ وَغَيْرِهِ وَمَا لَا يَحِلُّ اقْتَدَى بِهِ الْمُصَنِّفُ كَالْأَكْثَرِينَ فَقَالَ: فَصْلٌ فِيمَا يَجُوزُ لُبْسُهُ لِمَنْ ذُكِرَ وَمَا لَا يَجُوزُ (يَحْرُمُ عَلَى الرَّجُلِ) وَالْخُنْثَى الْمُشْكِلِ احْتِيَاطًا (اسْتِعْمَالُ الْحَرِيرِ) وَلَوْ قَزًّا (بِفَرْشٍ وَغَيْرِهِ) مِنْ تَسَتُّرٍ وَتَدَثُّرٍ وَاِتِّخَاذِ سُتُرٍ وَغَيْرِهَا مِنْ سَائِرِ وُجُوهِ الِاسْتِعْمَالِ لَا مَشْيُهُ عَلَيْهِ فِيمَا يَظْهَرُ؛ لِأَنَّهُ لِمُفَارَقَتِهِ لَهُ حَالًّا لَا يُعَدُّ مُسْتَعْمِلًا لَهُ عُرْفًا لِمَا صَحَّ مِنْ قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم «لَا تَلْبَسُوا الْحَرِيرَ وَلَا الدِّيبَاجَ» وَقَوْلِ حُذَيْفَةَ «نَهَانَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ لُبْسِ الْحَرِيرِ وَالدِّيبَاجِ وَأَنْ نَجْلِسَ عَلَيْهِ» وَمَرَّ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم أَخَذَ فِي يَمِينِهِ قِطْعَةَ حَرِيرٍ وَفِي شِمَالِهِ قِطْعَةَ ذَهَبٍ وَقَالَ: هَذَانِ حَرَامٌ عَلَى ذُكُورِ أُمَّتِي حِلٌّ لِإِنَاثِهِمْ» وَوَجَّهَ الْإِمَامُ تَحْرِيمَهُ بِأَنَّ فِيهِ مَعَ مَعْنَى الْخُيَلَاءِ أَنَّهُ ثَوْبُ رَفَاهِيَةٍ وَزِينَةٍ وَإِبْدَاءُ زِيٍّ يَلِيقُ بِالنِّسَاءِ دُونَ شَهَامَةِ الرِّجَالِ، وَلَا يُنَافِيهِ مَا فِي الْأُمِّ مِنْ كَرَاهَةِ لُبْسِ اللُّؤْلُؤِ لِلرَّجُلِ، وَعَلَّلَهُ بِأَنَّهُ مِنْ زِيِّ النِّسَاءِ؛ لِأَنَّ الْإِمَامَ لَمْ يَجْعَلْ زِيَّهُنَّ وَحْدَهُ مُقْتَضِيًا لِلتَّحْرِيمِ بَلْ مَعَ مَا انْضَمَّ إلَيْهِ مِمَّا ذُكِرَ، عَلَى أَنَّ الَّذِي صَوَّبَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَالْمَجْمُوعِ حُرْمَةُ التَّشَبُّهِ بِهِنَّ كَعَكْسِهِ لِمَا يَأْتِي، فَمَا فِي الْأُمِّ إمَّا مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ مَكْرُوهٌ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
قَطْعًا، نَقَلَهُ فِي الْكِفَايَةِ عِنْدَ الْبَنْدَنِيجِيِّ وَالشَّيْخِ فِي الْمُهَذَّبِ اهـ.
وَعِبَارَةُ شَرْحِ الْإِرْشَادِ لِشَيْخِنَا: لَمْ يَقْضُوا كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ إذْ لَا تَفْرِيطَ لِأَنَّ النِّيَّةَ لَا يُمْكِنُ الِاطِّلَاعُ عَلَيْهَا اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ.
قَالَ حَجّ: وَفِي الْمَجْمُوعِ وَغَيْرِهِ لَوْ بَانَ عُدُوًّا لَكِنَّ نِيَّتَهُ الصُّلْحُ أَوْ التِّجَارَةُ فَلَا قَضَاءَ، لِأَنَّهُ هُنَا لَا تَقْصِيرَ مِنْهُ فِي تَأَمُّلِهِ إذْ لَا اطِّلَاعَ لَهُ عَلَى نِيَّتِهِ اهـ.
[فَصْلٌ فِيمَا يَجُوزُ لُبْسُهُ إنْ ذَكَرَ وَمَا لَا يَجُوزُ]
فَصْلٌ فِيمَا يَجُوزُ لُبْسُهُ (قَوْلُهُ: وَمَا لَا يَجُوزُ) أَيْ وَمَا يَتْبَعُ ذَلِكَ كَالِاسْتِصْبَاحِ بِالدُّهْنِ النَّجِسِ (قَوْلُهُ: يَحْرُمُ عَلَى الرَّجُلِ) أَيْ وَلَوْ ذِمِّيًّا؛ لِأَنَّهُ مُخَاطَبٌ بِفُرُوعِ الشَّرِيعَةِ، وَمَعَ ذَلِكَ لَا يُمْنَعُ مِنْ لُبْسِهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَلْتَزِمْ حُكْمَنَا فِيهِ، فَكَمَا لَمْ يُمْنَعْ مِنْ شُرْبِ الْخَمْرِ كَذَلِكَ لَا يُمْنَعُ مِنْ لُبْسِ الْحَرِيرِ (قَوْلُهُ: اسْتِعْمَالُ الْحَرِيرِ) وَهُوَ مِنْ الْكَبَائِرِ (قَوْلُهُ: بِفَرْشٍ وَغَيْرِهِ) أَيْ وَلَوْ غَيْرَ مَنْسُوجٍ كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: مَشْيُهُ عَلَيْهِ) قَالَ سم عَلَى حَجّ. قَوْلُهُ لَا مَشْيُهُ إلَخْ أَقُولُ: قِيَاسُ ذَلِكَ بِالْأَوْلَى أَنَّهُ لَوْ أَدْخَلَ يَدَهُ تَحْتَ نَامُوسِيَّةٍ مَثَلًا مَفْتُوحَةٍ وَأَخْرَجَ كُوزًا مِنْ دَاخِلِهَا فَشَرِبَ مِنْهُ ثُمَّ أَدْخَلَ يَدَهُ فَوَضَعَهُ تَحْتَهَا لَمْ يَحْرُمْ؛ لِأَنَّ إدْخَالَ الْيَدِ تَحْتُ لِإِخْرَاجِ الْكُوزِ ثُمَّ لِوَضْعِهِ ثُمَّ لِإِخْرَاجِهَا إنْ لَمْ يَنْقُصْ عَنْ الْمَشْيِ عَلَى الْحَرِيرِ مَا زَادَ عَلَيْهِ خِلَافًا لِمَا أَجَابَ بِهِ م ر عَلَى الْفَوْرِ مَعَ مُوَافَقَتِهِ عَلَى حِلِّ الْمَشْيِ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَلَا الدِّيبَاجَ) مِنْ عَطْفِ الْخَاصِّ عَلَى الْعَامِّ (قَوْلُهُ: وَمَرَّ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم) أَيْ فِي الْآنِيَةِ (قَوْلُهُ وَزِينَةٍ) عَطْفُ تَفْسِيرٍ (قَوْلُهُ: مِمَّا ذُكِرَ) أَيْ مِنْ أَنَّ فِيهِ مَعَ مَعْنَى الْخُيَلَاءِ
ــ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: وَاِتِّخَاذُ سِتْرٍ) بِمَعْنَى إرْخَائِهِ أَيْ بِحَيْثُ يُعَدُّ مُسْتَعْمَلًا كَمَا يُؤْخَذُ مِمَّا بَعْدَهُ لَا بِمَعْنَى ادِّخَارِهِ الَّذِي لَيْسَ بِنِيَّةِ الِاسْتِعْمَالِ (قَوْلُهُ: لَا مَشْيُهُ) خَرَجَ بِهِ فَرْشُهُ لِلْمَشْيِ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ حَرَامٌ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: رَفَاهِيَةً وَزِينَةً) مِنْ عَطْفِ الْمُغَايِرِ خِلَافًا لِمَا فِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ (قَوْلُهُ: إمَّا مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ مَكْرُوهٌ) يَعْنِي إمَّا قَوْلٌ لَهُ بِالْكَرَاهَةِ وَالرَّاجِحُ غَيْرُهُ
أَوْ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّ مُرَادَهُ مِنْ جِنْسِ زِيِّ النِّسَاءِ لَا أَنَّهُ زِيٌّ مَخْصُوصٌ بِهِنَّ، وَقَدْ ضَبَطَ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ مَا يَحْرُمُ التَّشَبُّهُ بِهِنَّ فِيهِ بِأَنَّهُ مَا كَانَ مَخْصُوصًا بِهِنَّ فِي جِنْسِهِ وَهَيْئَتِهِ أَوْ غَالِبًا فِي زِيِّهِنَّ، وَكَذَا يُقَالُ فِي عَكْسِهِ وَأَلْحَقُوا بِالرَّجُلِ الْخُنْثَى لِلِاحْتِيَاطِ كَمَا مَرَّ، وَالتَّقْيِيدُ فِي بَعْضِ الْأَخْبَارِ بِاللُّبْسِ وَالْجُلُوسِ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ فَيَحْرُمُ مَا عَدَاهُمَا كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ بَقِيَّةُ الْأَخْبَارِ، وَأَفْتَى الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِحُرْمَةِ اسْتِعْمَالِ الْحَرِيرِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَنْسُوجًا بِدَلِيلِ اسْتِثْنَائِهِمْ مِنْ الْحُرْمَةِ خَيْطَ السُّبْحَةِ وَلَيْقَةَ الدَّوَاةِ، وَالْأَوْجَهُ عَدَمُ حُرْمَةِ اسْتِعْمَالِ وَرَقِ الْحَرِيرِ فِي الْكِتَابَةِ وَنَحْوِهَا؛ لِأَنَّهُ يُشْبِهُ الِاسْتِحَالَةَ (وَيَحِلُّ لِلْمَرْأَةِ لُبْسُهُ) لِمَا مَرَّ فِي الْخَبَرِ حِلٌّ لِإِنَاثِهِمْ، وَلِأَنَّ تَزْيِينَ الْمَرْأَةِ بِذَلِكَ يَدْعُو إلَى الْمَيْلِ إلَيْهَا وَوَطْئِهَا فَيُؤَدِّي إلَى مَا طَلَبَهُ الشَّارِعُ مِنْ كَثْرَةِ النَّسْلِ، وَيَجُوزُ لِلرَّجُلِ وَغَيْرِهِ لُبْسُ ثَوْبٍ خِيطَ بِهِ، وَلَا يَأْتِي فِيهِ تَفْصِيلُ الْمُضَبَّبِ لِأَنَّهُ أَهْوَنُ، وَيَحِلُّ مِنْهُ خَيْطُ السُّبْحَةِ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ، وَيُلْحَقُ بِهِ كَمَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ لَيْقَةُ الدَّوَاةِ لِاسْتِتَارِهَا بِالْحِبْرِ كَإِنَاءِ نَقْدٍ غُشِّيَ بِغَيْرِهِ؛ وَلِأَنَّهَا أَوْلَى بِانْتِفَاءِ الْخُيَلَاءِ مِنْ التَّطْرِيفِ وَمِثْلُ ذَلِكَ فِيمَا يَظْهَرُ الْخَيْطُ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
إلَخْ (قَوْلُهُ: وَكَذَا يُقَالُ فِي عَكْسِهِ) وَمِنْهُ وَمَا يَقَعُ لِنِسَاءِ الْعَرَبِ مِنْ لُبْسِ البشوت وَحَمْلِ السِّكِّينِ عَلَى الْهَيْئَةِ الْمُخْتَصَّةِ بِالرِّجَالِ فَيَحْرُمُ عَلَيْهِنَّ ذَلِكَ، وَعَلَى هَذَا فَلَوْ اخْتَصَّتْ النِّسَاءُ أَوْ غَلَبَ فِيهِنَّ زِيٌّ مَخْصُوصٌ فِي إقْلِيمٍ وَغَلَبَ فِي غَيْرِهِ تَخْصِيصُ الرِّجَالِ بِذَلِكَ الزِّيِّ كَمَا قِيلَ إنَّ نِسَاءَ قُرَى الشَّامِ يَتَزَيَّنَّ بِزِيِّ الرِّجَالِ الَّذِينَ يَتَعَاطَوْنَ الْحَصَادَ وَالزِّرَاعَةَ وَيَفْعَلْنَ ذَلِكَ، فَهَلْ يَثْبُتُ فِي كُلِّ إقْلِيمٍ مَا جَرَتْ عَادَةُ أَهْلِهِ أَوْ يُنْظَرُ لِأَكْثَرِ الْبِلَادِ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ، ثُمَّ رَأَيْت فِي حَجّ نَقْلًا عَنْ الْإِسْنَوِيِّ مَا يُصَرِّحُ بِهِ، وَعِبَارَتُهُ: وَمَا أَفَادَهُ: أَيْ الْإِسْنَوِيُّ مِنْ أَنَّ الْعِبْرَةَ فِي لِبَاسِ وَزِيِّ كُلٍّ مِنْ النَّوْعَيْنِ حَتَّى يَحْرُمَ التَّشَبُّهُ بِهِ فِيهِ بِعُرْفِ كُلِّ نَاحِيَةٍ حَسَنٌ اهـ.
وَعَلَيْهِ فَلَيْسَ مَا جَرَتْ بِهِ عَادَةُ كَثِيرٍ مِنْ النِّسَاءِ بِمِصْرَ الْآنَ مِنْ لُبْسِ قِطْعَةِ شَاشٍ عَلَى رُءُوسِهِنَّ حَرَامًا؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِتِلْكَ الْهَيْئَةِ مُخْتَصًّا بِالرِّجَالِ وَلَا غَالِبًا فِيهِمْ، فَلْيُتَنَبَّهْ لَهُ فَإِنَّهُ دَقِيقٌ، وَأَمَّا مَا يَقَعُ مِنْ إلْبَاسِهِنَّ لَيْلَةَ جَلَائِهِنَّ عِمَامَةَ رَجُلٍ فَيَنْبَغِي فِيهِ الْحُرْمَةُ؛ لِأَنَّ هَذَا الزِّيَّ مَخْصُوصٌ بِالرِّجَالِ (قَوْلُهُ: وَيَحِلُّ مِنْهُ خَيْطُ السُّبْحَةِ) بَيَانٌ لِلْمُسْتَثْنَى فَلَا يُقَالُ إنَّهُ تَكْرَارٌ مَعَ مَا قَبْلَهُ (قَوْلُهُ: وَلِأَنَّهَا أَوْلَى بِانْتِفَاءِ الْخُيَلَاءِ) تَوَقَّفَ م ر فِيمَا لَوْ أَرْخَى نَحْوَ نَامُوسِيَّةٍ صَغِيرَةٍ عَلَى كِيزَانٍ هَلْ يَجُوزُ لِلرِّجَالِ تَنَاوُلُ الْكُوزَ مِنْ تَحْتِهَا وَوَضْعُهُ تَحْتَهَا؟ وَقَالَ: يَنْبَغِي أَنَّهُ إذَا لَمْ يُعِدْ ذَلِكَ لَهُ أَنْ لَا يَحْرُمَ بِمُجَرَّدِ تَنَاوُلِهِ الْكُوزَ وَرَدِّهِ لِمَوْضِعِهِ.
وَلَوْ رُفِعَتْ سَحَابَةٌ مِنْ حَرِيرٍ حَرُمَ الْجُلُوسُ تَحْتَهَا حَيْثُ كَانَتْ قَرِيبَةً بِحَيْثُ يُعَدُّ مُسْتَعْمَلًا أَوْ مُنْتَفَعًا بِهَا، وَلَوْ جُعِلَ تَحْتَهَا مِمَّا يَلِي الْجَالِسَ ثَوْبٌ مِنْ كَتَّانٍ مَثَلًا مُتَّصِلَةٌ بِهَا لَمْ يَمْنَعْ ذَلِكَ حُرْمَةَ الْجُلُوسِ تَحْتَهَا، كَمَا لَوْ كَانَ ظَاهِرُ اللِّحَافِ حَرِيرًا فَتَغَطَّى بِظَاهِرِهِ الَّذِي هُوَ مِنْ كَتَّانٍ فَإِنَّهُ يَحْرُمُ؛ لِأَنَّهُ مُسْتَعْمِلٌ لِلْحَرِيرِ، وَلَوْ رُفِعَتْ السَّحَابَةُ جِدًّا بِحَيْثُ صَارَتْ فِي الْعُلُوِّ كَالسُّقُوفِ لَمْ يَحْرُمْ الْجُلُوسُ تَحْتَهَا، كَمَا لَا يَحْرُمُ السَّقْفُ الْمُذَهَّبُ وَإِنْ حَرُمَ فِعْلُهُ مُطْلَقًا وَاسْتِدَامَتُهُ إنْ حَصَلَ مِنْهُ شَيْءٌ بِالْعَرْضِ عَلَى النَّارِ، وَحَيْثُ حَرُمَ الْجُلُوسُ تَحْتَ السَّحَابَةِ فَصَارَ ظِلُّهَا غَيْرَ مُحَاذٍ لَهَا بَلْ فِي جَانِبٍ آخَرَ حَرُمَ الْجُلُوسُ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ مُسْتَعْمِلٌ لَهَا كَمَا لَوْ تَبَخَّرَ
ــ
[حاشية الرشيدي]
كَذَا ظَهَرَ (قَوْلُهُ: أَوْ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّ مُرَادَهُ أَنَّهُ مِنْ جِنْسِ زِيِّ النِّسَاءِ) يَحْتَمِلُ أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ مِنْ جِنْسِ زِيِّ النِّسَاءِ: أَيْ غَيْرِ الْخَاصِّ بِهِنَّ وَلَا الْغَالِبِ فِيهِنَّ فَهُوَ مِنْ جِنْسِ زِيِّ الرِّجَالِ أَيْضًا، وَيَحْتَمِلُ أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّ فَرْضَ كَلَامِ الشَّافِعِيِّ فِيمَا إذَا لَبِسَهُ لَا عَلَى الْهَيْئَةِ الَّتِي تَلْبَسُ بِهَا النِّسَاءُ فَقَدْ تَشَبَّهَ بِهِنَّ فِيمَا هُوَ مَخْصُوصٌ بِهِنَّ فِي جِنْسِهِ لَا فِي هَيْئَتِهِ، وَالْحُرْمَةُ إنَّمَا تَثْبُتُ بِمَجْمُوعِهَا كَمَا يَأْتِي فِي الضَّابِطِ، فَقَوْلُهُ: لَا أَنَّهُ زِيٌّ مَخْصُوصٌ بِهِنَّ: أَيْ وَلَا غَالِبٌ فِيهِنَّ: أَيْ بَلْ تُشَارِكُهُنَّ فِيهِ الرِّجَالُ عَلَى السَّوَاءِ مَثَلًا عَلَى الِاحْتِمَالِ الْأَوَّلِ، أَوْ الْمُرَادُ أَنَّهُ لَيْسَ مَخْصُوصًا بِهِنَّ لِكَوْنِهِ لَبِسَهُ عَلَى الْهَيْئَةِ الْمَخْصُوصَةِ بِهِنَّ عَلَى الِاحْتِمَالِ الثَّانِي فَتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهُ يُشْبِهُ الِاسْتِحَالَةَ) يَعْنِي اتِّخَاذَ الْحَرِيرِ وَرِقًا
الَّذِي يُنَظَّمُ فِيهِ أَغْطِيَةُ الْكِيزَانِ وَنَحْوِهَا مِنْ الْعَنْبَرِ وَالصَّنْدَلِ وَنَحْوِهِمَا وَالْخَيْطُ الَّذِي يُعْقَدُ عَلَيْهِ الْمِنْطَقَةُ وَهِيَ الَّتِي يُسَمُّونَهَا الْحَيَّاصَةُ بَلْ أَوْلَى بِالْحِلِّ وَجَوَّزَ الْفُورَانِيُّ لِلرَّجُلِ مِنْهُ كِيسُ الْمُصْحَفِ.
أَمَّا كِيسُ الدَّرَاهِمِ وَغِطَاءُ الْعِمَامَةِ مِنْهُ فَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الْآنِيَةِ أَنَّ الْأَرْجَحَ حُرْمَتُهُ عَلَيْهِ، وَيَجُوزُ لُبْسُ خِلَعِ الْحَرِيرِ وَنَحْوِهِ مِنْ الْمُلُوكِ كَمَا نُقِلَ عَنْ الْمَاوَرْدِيِّ لِقِلَّةِ زَمَنِهِ، وَلِإِلْبَاسِ عُمَرَ سُرَاقَةَ سِوَارَيْ كِسْرَى وَجَعَلَ التَّاجَ عَلَى رَأْسِهِ، وَإِذَا جَاءَتْ الرُّخْصَةُ فِي لُبْسِ الذَّهَبِ لِلزَّمَنِ الْيَسِيرِ فِي حَالَةِ الِاخْتِيَارِ وَأَنَّ ذَلِكَ الْقَدْرَ لَا يُعَدُّ اسْتِعْمَالًا فَالْحَرِيرُ أَوْلَى، ذَكَرَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ، وَالْأَوْلَى فِي التَّعْلِيلِ مَا فِي مُخَالَفَةِ ذَلِكَ مِنْ خَوْفِ الْفِتْنَةِ لَا كِتَابَةُ الصَّدَاقِ فِيهِ وَلَوْ لِلْمَرْأَةِ كَمَا أَفْتَى الْمُصَنِّفُ وَنَقَلَهُ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنْ الْأَصْحَابِ؛ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَإِنْ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
بِمِبْخَرَةِ الذَّهَبِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَحْتَوِيَ عَلَيْهَا، كَذَا أَجَابَ م ر بَعْدَ السُّؤَالِ عَنْهُ وَالْمُبَاحَثَةِ فِيهِ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ.
وَقَوْلُ سم مُتَّصِلَةٌ بِهَا: أَيْ بِأَنْ جُعِلَتْ بِطَانَةً لَهَا (قَوْلُهُ: الَّذِي يُنَظِّمُ فِيهِ أَغْطِيَةَ الْكِيزَانِ) .
[فَرْعٌ] يَنْبَغِي وِفَاقًا لِ م ر جَوَازُ تَعْلِيقِ نَحْوِ الْقِنْدِيلِ بِخَيْطِ الْحَرِيرِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَنْقُصُ عَنْ جَوَازِ جَعْلِ سَلْسَلَةِ الْفِضَّةِ لِلْكُوزِ، وَمِنْ تَوَابِعِ جَوَازِ جَعْلِهَا لَهُ تَعْلِيقُهُ وَحَمْلُهُ بِهَا وَهُوَ أَخَفُّ مِنْهُ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ.
[فَرْعٌ] الْوَجْهُ حِلُّ غِطَاءِ الْكُوزِ مِنْ الْحَرِيرِ وَإِنْ كَانَ بِصُورَةِ الْإِنَاءِ، إذْ اسْتِعْمَالُ الْحَرِيرِ جَائِزٌ لِلْحَاجَةِ وَإِنْ كَانَ بِصُورَةِ الْإِنَاءِ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: وَغِطَاءُ الْعِمَامَةِ مِنْهُ) وَمَحَلُّ الْحُرْمَةِ فِي اسْتِعْمَالِ غِطَاءِ الْعِمَامَةِ إذَا كَانَ هُوَ الْمُسْتَعْمِلَ لَهُ.
أَمَّا لَوْ كَانَتْ زَوْجَتُهُ مَثَلًا هِيَ الَّتِي تُبَاشِرُ ذَلِكَ فَهَلْ يَحْرُمُ؛ لِأَنَّهَا مُسْتَعْمِلَةٌ لَهُ فِيمَا لَيْسَ لُبْسًا لَهَا وَلَا افْتِرَاشًا أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ لِأَنَّهَا إنَّمَا اسْتَعْمَلَتْهُ لِخِدْمَةِ الرَّجُلِ لَا لِنَفْسِهَا (قَوْلُهُ: إنَّ الْأَرْجَحَ حُرْمَتُهُ عَلَيْهِ) أَيْ حُرْمَةُ كِيسِ الدَّرَاهِمِ وَمِثْلُهُ غِطَاءُ الْعِمَامَةِ وَنَحْوُهُ، وَعِبَارَةُ شَيْخِنَا الزِّيَادِيِّ: وَكَذَا يَحِلُّ كِيسُ الدَّرَاهِمِ وَغِطَاءُ الْكُوزِ عَلَى نَظَرٍ فِيهِمَا، وَالْمُعْتَمَدُ تَحْرِيمُ كِيسِ الدَّرَاهِمِ، وَمِثْلُهُ غِطَاءُ الْعِمَامَةِ اهـ (قَوْلُهُ: وَجَعَلَ التَّاجَ) أَيْ تَاجَ كَسْرَى (قَوْلُهُ: وَالْأَوْلَى فِي التَّعْلِيلِ) وَعَلَى هَذَا فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْإِلْبَاسُ مِنْ الْمُلُوكِ حَرَامًا، وَلَا يُعَارِضُهُ فِعْلُ عُمَرَ الْمَذْكُورُ لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ مِنْ عُمَرَ لِغَرَضٍ كَتَحْقِيقِ إخْبَارِهِ صلى الله عليه وسلم لِسُرَاقَةَ بِذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَلَوْ لِلْمَرْأَةِ) أَيْ وَلَوْ كَانَتْ الْكِتَابَةُ لِأَجْلِ الْمَرْأَةِ؛ لِكَوْنِهَا الطَّالِبَةَ لَهَا دُونَ الزَّوْجِ، وَظَاهِرُ كَلَامِ الشَّارِحِ الْحُرْمَةُ سَوَاءٌ كَانَ الْكَاتِبُ رَجُلًا أَوْ امْرَأَةً، وَعِبَارَةُ حَجّ: وَيَحْرُمُ خِلَافًا لِكَثِيرِينَ كِتَابَةُ الرَّجُلِ لَا الْمَرْأَةِ قَطْعًا خِلَافًا لِمَنْ وَهَمَ فِيهِ الصَّدَاقُ فِيهِ وَلَوْ لِامْرَأَةٍ؛ لِأَنَّ الْمُسْتَعْمَلَ حَالَ الْكِتَابَةِ هُوَ الْكَاتِبُ، كَذَا أَفْتَى بِهِ الْمُصَنِّفُ وَنَقَلَهُ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنْ أَصْحَابِنَا، وَنُوزِعَ فِيهِ بِمَا لَا يُجْدِي انْتَهَى وَأَطَالَ فِي ذَلِكَ، وَحَاصِلُهُ الْفَرْقُ بَيْنَ كِتَابَةِ الرَّجُلِ فَيَحْرُمُ وَلَوْ لِامْرَأَةٍ وَبَيْنَ كِتَابَةِ الْمَرْأَةِ فَيَجُوزُ وَلَوْ لِرَجُلٍ، وَيُمْكِنُ حَمْلُ كَلَامِ الشَّارِحِ عَلَيْهِ بِأَنْ يُحْمَلَ قَوْلُهُ لَا كِتَابَةُ الصَّدَاقِ عَلَى مَا لَوْ كَانَ الْكَاتِبُ الرَّجُلَ، وَقَدْ يَدُلُّ عَلَيْهِ فَرْقُهُ بَيْنَ الْخِيَاطَةِ وَالْكِتَابَةِ بِأَنَّ الْكِتَابَةَ اسْتِعْمَالٌ بِخِلَافِ الْخِيَاطَةِ.
وَفِي سم عَلَى مَنْهَجٍ: جَوَّزَ م ر بَحْثًا نَقْشَ الْحُلِيِّ لِلْمَرْأَةِ وَالْكِتَابَةَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ زِينَةٌ لِلْمَرْأَةِ وَهِيَ تَحْتَاجُهُ لِلزِّينَةِ وَبَحَثَ أَنَّ كِتَابَةَ اسْمِهَا عَلَى ثَوْبِهَا الْحَرِيرِ إنْ احْتَاجَتْ إلَيْهَا فِي حِفْظِهِ جَازَ فِعْلُهَا لِلرَّجُلِ وَإِلَّا فَلَا فَلْيُتَأَمَّلْ.
[فَرْعٌ] قَدْ يُسْأَلُ عَنْ الْفَرْقِ بَيْنَ جَوَازِ كِتَابَةِ الْمُصْحَفِ بِالذَّهَبِ حَتَّى لِلرَّجُلِ وَحُرْمَةِ تَحْلِيَتِهِ بِالذَّهَبِ لِلرَّجُلِ، وَلَعَلَّهُ أَنَّ كِتَابَتَهُ رَاجِعَةٌ لِنَفْسِ حُرُوفِهِ الدَّالَّةِ عَلَيْهِ بِخِلَافِ تَحْلِيَتِهِ فَالْكِتَابَةُ أَدْخَلُ فِي التَّعْلِيقِ بِهِ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ.
وَقَوْلُهُ
ــ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: وَالْخَيْطُ الَّذِي يُعْقَدُ عَلَيْهِ الْمِنْطَقَةُ إلَخْ) صَادِقٌ بِمَا لَوْ كَانَتْ مِنْ فِضَّةٍ أَوْ ذَهَبٍ، وَهُوَ ظَاهِرٌ إذْ الْحُرْمَةُ حِينَئِذٍ مِنْ حَيْثُ الْفِضَّةُ أَوْ الذَّهَبُ لَا مِنْ حَيْثُ الْحَرِيرُ (قَوْلُهُ: وَغِطَاءُ الْعِمَامَةِ) أَيْ إذَا كَانَ الْمُغَطَّى هُوَ الرَّجُلَ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ بِخِلَافِ مَا إذَا غَطَّتْهَا الْمَرْأَةُ (قَوْلُهُ: لَا كِتَابَةُ الصَّدَاقِ) أَيْ مِنْ الرِّجَالِ كَمَا هُوَ صَرِيحُ سَوَابِقِهِ وَلَوَاحِقِهِ
نُوزِعَ فِيهِ، وَلَيْسَ كَخِيَاطَةِ أَثْوَابِ الْحَرِيرِ لِلنِّسَاءِ كَمَا زَعَمَهُ الْإِسْنَوِيُّ وَغَيْرُهُ وَارْتَضَاهُ الْجَوْجَرِيُّ.
وَقَالَ فِي الْإِسْعَادِ: إنَّهُ الْأَوْجَهُ؛ لِأَنَّ الْخِيَاطَةَ لَا اسْتِعْمَالَ فِيهَا بِخِلَافِ الْكِتَابَةِ وَلَا اتِّخَاذُهُ بِلَا لُبْسٍ كَمَا أَفْتَى بِهِ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ.
قَالَ: لَكِنَّ إثْمَهُ دُونَ إثْمِ اللُّبْسِ، وَمَا ذَكَرَهُ هُوَ قِيَاسُ إنَاءِ النَّقْدِ، لَكِنَّ كَلَامَهُمْ ظَاهِرٌ فِي الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا مِنْ وُجُوهٍ مُتَعَدِّدَةٍ وَهُوَ الْأَوْجَهُ، فَلَوْ حُمِلَ هَذَا عَلَى مَا إذَا اتَّخَذَهُ لِيَلْبَسَهُ بِخِلَافِ مَا إذَا اتَّخَذَهُ لِمُجَرَّدِ الْقِنْيَةِ لَمْ يَبْعُدْ، وَلَا لُبْسُ دِرْعٍ نُسِجَ بِقَلِيلِ ذَهَبٍ، أَوْ زُرَّ بِأَزْرَارِهِ، أَوْ خِيطَ بِهِ لِكَثْرَةِ الْخُيَلَاءِ، وَقَدْ أَفْتَى ابْنُ رَزِينٍ بِإِثْمِ مَنْ يُفَصِّلُ لِلرِّجَالِ الْكُلُوثَاتِ الْحَرِيرَ وَالْأَقْمَاعَ وَيَشْتَرِي الْقُمَاشَ الْحَرِيرَ وَيَبِيعُهُ لَهُمْ أَوْ يَخِيطُهُ لَهُمْ، أَوْ يَصُوغُ الذَّهَبَ لِلُبْسِهِمْ (وَالْأَصَحُّ تَحْرِيمُ افْتِرَاشِهَا) إيَّاهُ لِلسَّرَفِ وَالْخُيَلَاءِ، بِخِلَافِ اللُّبْسِ فَإِنَّهُ يُزَيِّنُهَا لِلْحَلِيلِ كَمَا مَرَّ.
وَالثَّانِي يَحِلُّ كَلُبْسِهِ وَسَيَأْتِي تَرْجِيحُهُ.
(وَ) الْأَصَحُّ (أَنَّ)(لِلْوَلِيِّ) الْأَبِ، أَوْ غَيْرِهِ (إلْبَاسَهُ) أَيْ الْحَرِيرَ (الصَّبِيَّ) وَلَوْ مُرَاهِقًا، وَتَزْيِينَهُ بِالْحُلِيِّ وَلَوْ مِنْ ذَهَبٍ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ يَوْمَ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
إنْ احْتَاجَتْ إلَيْهَا فِي حِفْظِهِ يَنْبَغِي أَنَّ مِثْلَهُ كِتَابَةُ التَّمَائِمِ فِي الْحَرِيرِ إذَا ظَنَّ بِإِخْبَارِ الثِّقَةِ أَوْ اشْتِهَارِ نَفْعِهِ لِدَفْعِ صُدَاعٍ أَوْ نَحْوِهِ، وَأَنَّ الْكِتَابَةَ فِي غَيْرِ الْحَرِيرِ لَا تَقُومُ مَقَامَهُ، وَيُؤَيِّدُ هَذَا مَا سَيَأْتِي مِنْ حِلِّ اسْتِعْمَالِهِ لِدَفْعِ الْقَمْلِ وَنَحْوِهِ، وَهَلْ يَجُوزُ لِلرَّجُلِ جَعْلُ فَكَّةِ اللِّبَاسِ مِنْ الْحَرِيرِ أَوْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ.
وَنُقِلَ بِالدَّرْسِ عَنْ الزِّيَادِيِّ الْجَوَازُ فَلْيُرَاجَعْ.
أَقُولُ: وَلَا مَانِعَ مِنْهُ قِيَاسًا عَلَى خَيْطِ الْمِفْتَاحِ حَيْثُ قِيلَ بِجَوَازِهِ لِكَوْنِهِ أَمْكَنَ مِنْ الْكَتَّانِ وَنَحْوِهِ، وَقِيَاسُ ذَلِكَ أَيْضًا جَوَازُ خَيْطِ الْمِيزَانِ لِلْعِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ وَلِاحْتِيَاجِهَا كَثِيرًا (قَوْلُهُ: وَلَا اتِّخَاذُهُ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ لَا كِتَابَةُ الصَّدَاقِ إلَخْ، أَيْ فَلَا يَحِلُّ وَاحِدٌ مِنْهَا (قَوْلُهُ: وَهُوَ الْأَوْجَهُ) فِي حَاشِيَةِ الزِّيَادِيِّ تَقْيِيدُ الْجَوَازِ بِمَا إذَا قَصَدَ إلْبَاسَهُ لِمَنْ لَهُ اسْتِعْمَالُهُ وَإِلَّا حَرُمَ.
[فَرْعٌ] يُرَاجَعُ إلْبَاسُ الْحَرِيرِ لِلدَّوَابِّ، وَهَلْ حُرْمَةُ سَتْرِ الْجُدْرَانِ تَسْتَلْزِمُ حُرْمَةَ إلْبَاسِهِ الدَّوَابَّ أَوْ يُفَرَّقُ؟ وَالْمُتَّجَهُ الْآنَ وِفَاقًا لَمْ ر الْحُرْمَةُ؛ لِأَنَّهَا لَا تَنْقُصُ عَنْ الْجُدْرَانِ لِأَنَّ إلْبَاسَهَا مَحْضُ زِينَةٍ وَلَيْسَتْ كَصَبِيٍّ غَيْرِ مُمَيِّزٍ وَمَجْنُونٍ لِظُهُورِ الْغَرَضِ فِي إلْبَاسِهِ وَالِانْتِفَاعِ بِهِ.
[فَرْعٌ] التَّفَرُّجُ عَلَى الزِّينَةِ الْمُحَرَّمَةِ لِكَوْنِهَا بِنَحْوِ الْحَرِيرِ حَرَامٌ بِخِلَافِ الْمُرُورِ لِحَاجَةٍ، وَامْتِنَاعُ ابْنِ الرِّفْعَةِ مِنْ الْمُرُورِ أَيَّامَ الزِّينَةِ كَانَ وَرَعًا م ر، وَلَوْ أُكْرِهَ النَّاسُ عَلَى الزِّينَةِ الْمُحَرَّمَةِ لَمْ يَحْرُمْ عَلَيْهِ فَهَلْ يَجُوزُ التَّفَرُّجُ عَلَيْهَا؟ يُتَّجَهُ الْمَنْعُ؛ لِأَنَّ سَتْرَ نَحْوِ الْجُدْرَانِ بِالْحَرِيرِ حَرَامٌ فِي نَفْسِهِ، وَعَدَمُ حُرْمَةِ وَضْعِهِ لِعُذْرِ الْإِكْرَاهِ لَا يُخْرِجُهُ عَنْ الْحُرْمَةِ فِي نَفْسِهِ وَمَا هُوَ حَرَامٌ فِي نَفْسِهِ يَحْرُمُ التَّفَرُّجُ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ رِضًا بِهِ فَلْيُرَاجَعْ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ.
وَقَوْلُهُ وِفَاقًا م ر مِثْلُ ذَلِكَ فِي الْحُرْمَةِ إلْبَاسُهَا الْحُلِيَّ لِمَا عَلَّلَ بِهِ، وَقَوْلُ سم هُنَا: وَلَوْ أُكْرِهَ النَّاسُ إلَخْ وَلَيْسَ فِي ذَلِكَ مَا لَوْ أُكْرِهُوا عَلَى مُطْلَقِ الزِّينَةِ فَزَيَّنُوا بِالْحَرِيرِ الْخَالِصِ مَعَ كَوْنِهِمْ لَوْ زَيَّنُوا بِغَيْرِهِ أَوْ بِمَا أَكْثَرُهُ مِنْ الْقُطْنِ مَثَلًا لَمْ يُتَعَرَّضْ لَهُمْ فَيَحْرُمُ عَلَيْهِمْ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: أَوْ يَخِيطُهُ لَهُمْ) وَكَالْخِيَاطَةِ النَّسْجُ بِالطَّرِيقِ الْأَوْلَى
(قَوْلُهُ: وَأَنَّ لِلْوَلِيِّ) أَيْ مِمَّنْ لَهُ وِلَايَةُ التَّأْدِيبِ فَيَشْمَلُ الْأُمَّ وَالْأَخَ الْكَبِيرَ مَثَلًا فَيَجُوزُ لَهُمَا إلْبَاسُهُ الْحَرِيرَ فِيمَا يَظْهَرُ (قَوْلُهُ: إلْبَاسُهُ الصَّبِيَّ) .
[فَرْعٌ] اعْتَمَدَ م ر أَنَّ مَا جَازَ لِلْمَرْأَةِ جَازَ لِلصَّبِيِّ، فَيَجُوزُ إلْبَاسُ كُلٍّ مِنْهُمَا نَعْلًا مِنْ ذَهَبٍ حَيْثُ لَا إسْرَافَ عَادَةً اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ.
(قَوْلُهُ: وَتَزْيِينُهُ بِالْحُلِيِّ) الْمُرَادُ بِالْحُلِيِّ مَا يُتَزَيَّنُ بِهِ، وَلَيْسَ مِنْهُ جَعْلُ الْخِنْجَرِ الْمَعْرُوفِ وَالسِّكِّينِ الْمَعْرُوفَةِ فَيَحْرُمُ عَلَى الْوَلِيِّ إلْبَاسُ الصَّبِيِّ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ الْحُلِيِّ.
وَأَمَّا الْحِيَاصَةُ الْمَعْرُوفَةُ فَيَنْبَغِي حِلُّ إلْبَاسِهَا لَهُ؛ لِأَنَّهَا مِمَّا يَتَزَيَّنُ بِهِ النِّسَاءُ، وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى جَوَازِهَا لِلنِّسَاءِ قَوْلُهُ السَّابِقُ: وَالْخَيْطُ الَّذِي تُعْقَدُ عَلَيْهِ الْمِنْطَقَةُ وَهِيَ الَّتِي يُسَمُّونَهَا الْحِيَاصَةَ،
ــ
[حاشية الرشيدي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
عِيدٍ، إذْ لَيْسَ لَهُ شَهَامَةٌ تُنَافِي خُنُوثَةَ ذَلِكَ وَلِأَنَّهُ غَيْرَ مُكَلَّفٍ، وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ لَيْسَ لِلْوَلِيِّ إلْبَاسُهُ فِي غَيْرِ يَوْمَيْ الْعِيدِ، بَلْ يَمْنَعُهُ مِنْهُ كَغَيْرِهِ مِنْ الْمُحَرَّمَاتِ، وَأَلْحَقَ الْغَزَالِيُّ فِي إحْيَائِهِ الْمَجْنُونَ بِالصَّبِيِّ.
وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ التَّعْلِيلُ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ (قُلْت: الْأَصَحُّ حِلُّ افْتِرَاشِهَا) إيَّاهُ (وَبِهِ قَطَعَ الْعِرَاقِيُّونَ وَغَيْرُهُمْ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) كَلُبْسِهِ سَوَاءٌ فِي ذَلِكَ الْخَلِيَّةُ وَغَيْرُهَا، فَإِنْ فَرَشَ رَجُلٌ، أَوْ خُنْثَى عَلَيْهِ غَيْرَهُ وَلَوْ خَفِيفًا مُهَلْهَلَ النَّسْجِ كَمَا فِي الْمَطْلَبِ وَجَلَسَ فَوْقَهُ جَازَ كَمَا يَجُوزُ جُلُوسُهُ عَلَى مِخَدَّةٍ مَحْشُوَّةٍ بِهِ وَعَلَى نَجَاسَةٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا حَائِلٌ حَيْثُ لَا تَلْقَى شَيْئًا مِنْ بَدَنِ الْمُصَلِّي وَثِيَابِهِ.
قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَصَوَّرَهُ بَعْضُهُمْ بِمَا إذَا اتَّفَقَ فِي دَعْوَةٍ، أَوْ نَحْوِهَا.
أَمَّا لَوْ اتَّخَذَ لَهُ حَصِيرًا مِنْ حَرِيرٍ فَالْوَجْهُ التَّحْرِيمُ وَإِنْ بَسَطَ فَوْقَهَا شَيْئًا لِمَا فِيهِ مِنْ السَّرَفِ وَاسْتِعْمَالِ الْحَرِيرِ لَا مَحَالَةَ اهـ.
وَالْأَوْجَهُ كَمَا أَفَادَهُ الشَّيْخُ عَدَمُ الْفَرْقِ كَمَا اقْتَضَاهُ إطْلَاقُ الْأَصْحَابِ، ثُمَّ أَخْرَجَ الْمُصَنِّفُ مِنْ حُرْمَةِ الْحَرِيرِ عَلَى الرَّجُلِ مَا تَضَمَّنَهُ قَوْلُهُ
(وَيَحِلُّ لِلرَّجُلِ) وَالْخُنْثَى (لُبْسُهُ لِلضَّرُورَةِ)(كَحَرٍّ وَبَرْدٍ مُهْلِكَيْنِ) أَيْ شَدِيدَيْنِ يَتَضَرَّرُ مِنْهُمَا وَيَخَافُ مِنْ ذَلِكَ تَلَفَ نَحْوِ عُضْوٍ، أَوْ مَنْفَعَتِهِ إزَالَةً لِلضَّرَرِ، وَيُؤْخَذُ مِنْ جَوَازِ لُبْسِهِ جَوَازُ اسْتِعْمَالِهِ فِي غَيْرِهِ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى لِأَنَّهُ أَخَفُّ (أَوْ فُجَاءَةِ حَرْبٍ) جَائِزٌ بِضَمِّ الْفَاءِ وَفَتْحِ الْجِيمِ وَالْمَدِّ وَبِفَتْحِ الْفَاءِ وَسُكُونِ الْجِيمِ: أَيْ بَغْتَتِهَا (وَلَمْ يَجِدْ غَيْرَهُ) يَقُومُ مَقَامَهُ لِلضَّرُورَةِ، وَجَوَّزَ ابْنُ كَجٍّ اتِّخَاذَ الْقَبَاءِ وَغَيْرِهِ مِمَّا يَصْلُحُ لِلْقِتَالِ وَإِنْ وَجَدَ غَيْرَ الْحَرِيرِ مِمَّا يَدْفَعُ لِمَا فِيهِ مِنْ حُسْنِ الْهَيْئَةِ وَانْكِسَارِ قُلُوبِ الْكُفَّارِ كَتَحْلِيَةِ السَّيْفِ وَنَحْوِهِ، وَنَقَلَهُ فِي الْكِفَايَةِ عَنْ جَمَاعَةٍ وَصَحَّحَهُ وَالْأَوْجَهُ خِلَافُهُ أَخْذًا بِظَاهِرِ كَلَامِهِمْ (وَ) يَجُوزُ لَهُ أَيْضًا (لِلْحَاجَةِ) وَلَوْ سَتْرَ الْعَوْرَةِ بِهِ وَفِي الْخَلْوَةِ إذَا لَمْ يَجِدْ غَيْرَهُ، وَكَذَا سَتْرُ مَا زَادَ عَلَيْهَا عِنْدَ الْخُرُوجِ لِلنَّاسِ (كَجَرَبٍ وَحَكَّةٍ)«؛ لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم أَرْخَصَ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ وَالزُّبَيْرِ فِي لُبْسِهِ لِلْحِكَّةِ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وَالْحِكَّةُ بِكَسْرِ الْحَاءِ: الْجَرَبُ الْيَابِسُ (وَ) لِلْحَاجَةِ فِي (دَفْعِ قَمْلٍ) ؛ لِأَنَّهُ لَا يَقْمَلُ بِالْخَاصَّةِ.
قَالَ السُّبْكِيُّ: الرِّوَايَاتُ فِي الرُّخْصَةِ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ وَالزُّبَيْرِ يَظْهَرُ أَنَّهَا مَرَّةٌ وَاحِدَةٌ اجْتَمَعَ فِيهَا الْحِكَّةُ وَالْقَمْلُ فِي السَّفَرِ، وَحِينَئِذٍ فَقَدْ يُقَالُ: الْمُقْتَضِي لِلتَّرَخُّصِ إنَّمَا هُوَ اجْتِمَاعُ الثَّلَاثَةِ وَلَيْسَ أَحَدُهُمَا بِمَنْزِلَتِهَا فَيَنْبَغِي اقْتِصَارُ الرُّخْصَةِ عَلَى مَجْمُوعِهَا وَلَا يَثْبُتُ فِي بَعْضِهَا إلَّا بِدَلِيلٍ.
وَأُجِيبَ بَعْدَ تَسْلِيمِ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
وَفِي كَلَامِ بَعْضِهِمْ أَنَّ كُلَّ مَا جَازَ لِلنِّسَاءِ لُبْسُهُ جَازَ لِلْوَلِيِّ إلْبَاسُهُ لِلصَّبِيِّ (قَوْلُهُ: قُلْت الْأَصَحُّ حِلُّ افْتِرَاشِهَا) خَرَجَ بِافْتِرَاشِهَا اسْتِعْمَالُهَا لَهُ فِي غَيْرِ اللُّبْسِ وَالْفَرْشِ فَلَا يَحِلُّ، وَمِنْهُ مَا جَرَتْ بِهِ عَادَةُ النِّسَاءِ مِنْ اتِّخَاذِ غِطَاءٍ مِنْ الْحَرِيرِ لِعِمَامَةِ زَوْجِهَا أَوْ لِتُغَطِّيَ بِهِ شَيْئًا مِنْ أَمْتِعَتِهَا وَإِنْ كَانَتْ مُعَدَّةً لِلُّبْسِ كَالْمُسَمَّى الْآن بِالْبُقْجَةِ.
فَإِنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بِلُبْسٍ وَلَا افْتِرَاشٍ بَلْ هُوَ لِمُجَرَّدِ الْخُيَلَاءِ، لَكِنْ قَدْ يُشْكِلُ عَلَى هَذَا جَوَازُ كِتَابَةِ الْمَرْأَةِ لِلصَّدَاقِ فِي الْحَرِيرِ مَعَ أَنَّهُ لَيْسَ لُبْسًا وَلَا فَرْشًا، وَدَوَامُ الصَّدَاقِ عِنْدَهَا بَعْدَ الْكِتَابَةِ كَإِدَامَةِ الْبُقْجَةِ فَالْأَقْرَبُ الْجَوَازُ فِيهَا (قَوْلُهُ: فَإِنْ فَرَشَ رَجُلٌ إلَخْ) وَخَرَجَ بِفَرَشَ مَا لَوْ خَاطَهُ عَلَيْهِ مِنْ فَوْقٍ دُونَ أَسْفَلَ فَيَحْرُمُ الْجُلُوسُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ لَيْسَ كَحَشْوِ الْجُبَّةِ (قَوْلُهُ: عَلَى مِخَدَّةٍ إلَخْ) يُؤْخَذُ مِنْ هَذَا حِلُّ مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ مِنْ اتِّخَاذِ مُجَوَّزَةٍ بِطَانَتُهَا حَرِيرٌ وَظِهَارَتُهَا صُوفٌ وَخِيَاطَةُ الْمَجْمَعِ عَلَى الْبِطَانَةِ؛ لِأَنَّ الْبِطَانَةَ حِينَئِذٍ تَصِيرُ كَحَشْوِ الْجُبَّةِ الْمَذْكُورِ وَهُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: مَحْشُوَّةٌ بِهِ) أَيْ الْحَرِيرِ (قَوْلُهُ: عَدَمُ الْفَرْقِ) أَيْ بَيْنَ مَا لَوْ اتَّفَقَ لَهُ ذَلِكَ فِي دَعْوَةٍ وَغَيْرِهَا
(قَوْلُهُ: كَحَرٍّ وَبَرْدٍ مُهْلِكَيْنِ) .
قَالَ فِي الْقُوتِ: وَالظَّاهِرُ أَنَّ فِي مَعْنَى خَوْفِ الْهَلَاكِ خَوْفَ مَا اشْتَدَّ ضَرَرُهُ كَالْحُمَّى وَالْبَرَصِ وَبُطْءِ الْبُرْءِ وَكُلِّ مَا يَجُوزُ الْعُدُولُ إلَى التَّيَمُّمِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُهْلِكًا اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: أَخْذًا بِظَاهِرِ كَلَامِهِمْ) وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ تَحْلِيَةِ السَّيْفِ أَنَّ التَّحْلِيَةَ مُسْتَهْلَكَةٌ غَيْرُ مُسْتَقِلَّةٍ وَفِي الْآلَةِ الْمُنْفَصِلَةِ عَنْ الْبَدَنِ بِخِلَافِ التَّزَيُّنِ بِالْحَرِيرِ فِيهِمَا اهـ عَمِيرَةُ (قَوْلُهُ: عِنْدَ الْخُرُوجِ لِلنَّاسِ) أَيْ وَلَوْ بِارْتِدَاءٍ وَتَعَمُّمٍ وَسَيَأْتِي مَا فِيهِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ لَا يَقْمَلُ) فِي الْمُخْتَارِ: قَمِلَ رَأْسُهُ مِنْ بَابِ طَرِبَ، وَعَلَيْهِ فَيُقْرَأُ مَا هُنَا بِفَتْحِ الْمُثَنَّاةِ التَّحْتِيَّةِ وَفَتْحِ الْمِيمِ وَيَكُونُ الْمَعْنَى لَا يَقْمَلُ مِنْ لُبْسِهِ (قَوْلُهُ: الثَّلَاثَةُ) هِيَ الْحَكَّةُ وَالْقَمْلُ وَالسَّفَرُ
ــ
[حاشية الرشيدي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ظُهُورِ أَنَّهَا مَرَّةٌ وَاحِدَةٌ بِمَنْعِ كَوْنِ أَحَدِهَا لَيْسَ بِمَنْزِلَتِهَا فِي الْحَاجَةِ الَّتِي عُهِدَ إنَاطَةُ الْحُكْمِ بِهَا مِنْ نَظَرٍ لِأَفْرَادِهَا فِي الْقُوَّةِ وَالضَّعْفِ، بَلْ كَثِيرًا مَا تَكُونُ الْحَاجَةُ فِي أَحَدِهَا لِبَعْضِ النَّاسِ أَقْوَى مِنْهَا فِي الثَّلَاثَةِ لِبَعْضٍ آخَرَ، فَلَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ السَّفَرِ وَالْحَضَرِ كَمَا أَطْلَقَهُ الْمُصَنِّفُ وَصَرَّحَ بِهِ فِي الْمَجْمُوعِ.
وَيُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ لِلْحَاجَةِ أَنَّهُ لَوْ وَجَدَ مُغْنِيًا عَنْهُ لَمْ يَجُزْ لُبْسُهُ كَالتَّدَاوِي بِالنَّجَاسَةِ، وَاعْتَمَدَهُ جَمْعٌ وَنَازَعَ بَعْضُ الشُّرَّاحِ فِيهِ بِأَنَّ جِنْسَ الْحَرِيرِ مِمَّا أُبِيحَ لِغَيْرِ ذَلِكَ فَكَانَ أَخَفَّ، وَيُرَدُّ بِأَنَّ الضَّرُورَةَ الْمُبِيحَةَ لِلْحَرِيرِ لَا يَأْتِي مِثْلُهَا فِي النَّجَاسَةِ حَتَّى تُبَاحَ لِأَجْلِهَا، فَعَدَمُ إبَاحَتِهَا لِغَيْرِ التَّدَاوِي إنَّمَا هُوَ لِعَدَمِ تَأَتِّيهِ فِيهَا لَا لِكَوْنِهَا أَغْلَظَ، عَلَى أَنَّ لُبْسَ نَجِسِ الْعَيْنِ يَجُوزُ لِمَا جَازَ لَهُ الْحَرِيرُ فَهُمَا مُسْتَوِيَانِ فِيهَا، وَفِي كَلَامِ الشَّيْخِ فِي شَرْحِ مَنْهَجِهِ مَا يَدُلُّ عَلَى مَا تَقَدَّمَ (وَ) لِلْحَاجَةِ (لِلْقِتَالِ كَدِيبَاجٍ) بِكَسْرِ الدَّالِ وَفَتْحِهَا فَارِسِيٌّ مُعَرَّبٌ مَأْخُوذٌ مِنْ التَّدْبِيجِ وَهُوَ النَّقْشُ وَالتَّزْيِينُ أَصْلُهُ دِيبَاهٌ بِالْهَاءِ وَجَمْعُهُ دَيَابِيجُ وَدَيَابِجُ (لَا يَقُومُ غَيْرُهُ) فِي دَفْعِ السِّلَاحِ (مَقَامَهُ) بِفَتْحِ الْمِيمِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ ثُلَاثِيٍّ تَقُولُ: قَامَ هَذَا مَقَامَ ذَاكَ بِالْفَتْحِ وَأَقَمْته مُقَامَهُ بِالضَّمِّ صِيَانَةً لِنَفْسِهِ وَذَلِكَ فِي حُكْمِ الضَّرُورَةِ.
أَمَّا إذَا وَجَدَ مَا يَقُومُ مَقَامَهُ فَيَحْرُمُ عَلَيْهِ، وَأَعَادَ الْمُصَنِّفُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ أَنَّ الْجَوَازَ فِيمَا مَرَّ مَخْصُوصٌ بِحَالَةِ الْفَجْأَةِ فَقَطْ دُونَ الِاسْتِمْرَارِ.
(وَيَحْرُمُ) عَلَى الرَّجُلِ وَالْخُنْثَى (الْمُرَكَّبُ مِنْ إبْرَيْسَمَ) أَيْ حَرِيرٍ بِأَيِّ أَنْوَاعِهِ كَانَ، وَهُوَ بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ وَالرَّاءِ وَبِفَتْحِهِمَا وَبِكَسْرِ الْهَمْزَةِ وَفَتْحِ الرَّاءِ وَهُوَ فَارِسِيٌّ مُعَرَّبٌ (وَغَيْرِهِ) كَغَزْلٍ وَقُطْنٍ (إنْ زَادَ وَزْنُ الْإِبْرَيْسَمِ) عَلَى غَيْرِهِ؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ لِلْغَالِبِ خُصُوصًا إذَا اجْتَمَعَ حَلَالٌ وَحَرَامٌ وَالْحَرَامُ أَغْلَبُ (وَيَحِلُّ عَكْسُهُ) وَهُوَ مُرَكَّبٌ نَقَصَ فِيهِ الْإِبْرَيْسَمُ عَنْ غَيْرِهِ كَالْخَزِّ سَدَاه حَرِيرٌ وَلُحْمَتُهُ صُوفٌ تَغْلِيبًا لِجَانِبِ الْأَكْثَرِ فِيهِمَا (وَكَذَا) يَحِلُّ (إنْ اسْتَوَيَا) وَزْنًا فِيمَا رُكِّبَ مِنْهُمَا (فِي الْأَصَحِّ) ؛ لِأَنَّهُ لَا يُسَمَّى ثَوْبُ حَرِيرٍ وَالْأَصْلُ الْحِلُّ.
وَصَحَّ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما إنَّمَا «نَهَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَنْ الثَّوْبِ الْمُصْمَتِ مِنْ الْحَرِيرِ» أَيْ الْخَالِصِ، فَأَمَّا الْعَلَمُ: أَيْ الطِّرَازُ وَنَحْوُهُ وَسَدَى الثَّوْبِ فَلَا بَأْسَ بِهِ، وَعُلِمَ مِنْ قَوْلِنَا وَزْنًا أَنَّهُ لَا أَثَرَ لِظُهُورِ الْحَرِيرِ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
قَوْلُهُ: لَمْ يَجُزْ لُبْسُهُ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: عَلَى أَنَّ لُبْسَ نَجِسِ الْعَيْنِ إلَخْ) أَيْ أَمَّا الْمُتَنَجِّسُ فَلَا يَتَوَقَّفُ حِلُّهُ عَلَى ضَرُورَةٍ كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: عَلَى مَا تَقَدَّمَ) أَيْ مِنْ أَنَّهُ إذَا وَجَدَ مُغْنِيًا عَنْهُ لَمْ يَجُزْ لُبْسُهُ.
[فَرْعٌ] إذَا اتَّزَرَ وَلَمْ يَجِدْ مَا يَرْتَدِي بِهِ وَيَتَعَمَّمُ مِنْ غَيْرِ الْحَرِيرِ.
قَالَ أَبُو شُكَيْلٍ: الْجَوَابُ أَنَّهُ لَا يَبْعُدُ أَنْ يُرَخَّصَ لَهُ فِي الِارْتِدَاءِ أَوْ التَّعَمُّمِ بِهِ إذَا لَمْ يَجِدْ غَيْرَهُ وَكَانَ تَرْكُهُ يُزْرِي بِمَنْصِبِهِ، فَإِنْ خَرَجَ مُتَّزِرًا مُقْتَصِرًا عَلَى ذَلِكَ نُظِرَ، فَإِنْ قَصَدَ بِذَلِكَ الِاقْتِدَاءَ بِالسَّلَفِ وَتَرْكَ الِالْتِفَاتِ إلَى مَا يُزْرِي بِالْمَنْصِبِ لَمْ تَسْقُطْ بِذَلِكَ مُرُوءَتُهُ بَلْ يَكُونُ فَاعِلًا لِلْأَفْضَلِ وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ ذَلِكَ بَلْ فَعَلَ ذَلِكَ انْخِلَاعًا وَتَهَاوُنًا بِالْمُرُوءَةِ سَقَطَتْ مُرُوءَتُهُ.
كَذَا فِي النَّاشِرِيِّ بِأَبْسَطَ مِنْ هَذَا اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ.
وَمِنْ ذَلِكَ يُؤْخَذُ أَنَّ لُبْسَ الْفَقِيهِ الْقَادِرِ عَلَى التَّجَمُّلِ بِالثِّيَابِ الَّتِي جَرَتْ بِهَا عَادَةُ أَمْثَالِهِ ثِيَابًا دُونَهَا فِي الصِّفَةِ وَالْهَيْئَةِ إنْ كَانَ لِهَضْمِ النَّفْسِ وَالِاقْتِدَاءِ بِالسَّلَفِ الصَّالِحِينَ لَمْ يُخِلَّ بِمُرُوءَتِهِ، وَإِنْ كَانَ لِغَيْرِ ذَلِكَ أَخَلَّ بِهَا.
وَمِنْهُ مَا لَوْ تَرَكَ ذَلِكَ مُعَلِّلًا بِأَنَّ مَعْرُوفٍ وَأَنَّهُ لَا يَزِيدُ مَقَامُهُ عِنْدَ النَّاسِ بِاللُّبْسِ وَلَا يَنْقُصُ بِعَدَمِهِ، وَإِنَّمَا كَانَ هَذَا مُخِلًّا لِمُنَافَاتِهِ مَنْصِبَ الْفُقَهَاءِ، فَكَأَنَّهُ اسْتَهْزَأَ بِنَفْسِ الْفِقْهِ (قَوْلُهُ: بِكَسْرِ الدَّالِ وَفَتْحِهَا) وَالْكَسْرُ أَفْصَحُ
(قَوْلُهُ: الْمُصْمَتُ) هُوَ بِضَمِّ الْمِيمِ وَسُكُونِ الصَّادِ وَفَتْحِ الْمِيمِ الثَّانِيَةِ وَبِالْمُثَنَّاةِ مِنْ قَوْلِك أَصْمَتّه أَنَا قَامُوسٌ بِالْمَعْنَى
ــ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: مَأْخُوذٌ مِنْ التَّدْبِيجِ) لَا يُنَاسِبُ كَوْنَهُ مُعَرَّبًا، إذْ الْمُعَرَّبُ لَفْظٌ اسْتَعْمَلَتْهُ الْعَرَبُ فِي مَعْنًى وُضِعَ لَهُ فِي غَيْرِ لُغَتِهِمْ، وَهَذَا الْأَخْذُ يَقْتَضِي أَنَّهُ عَرَبِيٌّ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَأَعَادَ الْمُصَنِّفُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ إلَخْ) قَضِيَّتُهُ أَنَّ مَوْضُوعَ الْمَسْأَلَتَيْنِ وَاحِدٌ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ هُمَا مَسْأَلَتَانِ مُخْتَلِفَتَانِ، فَالْأُولَى فِي ثَوْبٍ لَا نَفْعَ فِيهِ لِلْقِتَالِ إلَّا أَنَّهُ لَبِسَهُ لِلسِّتْرِ بِهِ عِنْدَ فَجْأَةِ
فِي الْمُرَكَّبِ مَعَ قِلَّةِ وَزْنِهِ أَوْ مُسَاوَاتِهِ لِغَيْرِهِ خِلَافًا لِلْقَفَّالِ. وَلَوْ تَغَطَّى بِلِحَافِ حَرِيرٍ وَغَشَّاهُ بِغَيْرِهِ اُتُّجِهَ أَنْ يُقَالَ: إنْ خَاطَ الْغِشَاءَ عَلَيْهِ جَازَ؛ لِكَوْنِهِ كَحَشْوِ الْجُبَّةِ وَإِلَّا فَلَا، وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا مَرَّ فِي الْجُلُوسِ عَلَى فُرُشِ الْحَرِيرِ بِحَائِلٍ وَإِنْ لَمْ يَتَّصِلْ بِهِ بِنَحْوِ خِيَاطَةٍ بِأَنَّ الْحَائِلَ فِيهِ يَمْنَعُ الِاسْتِعْمَالَ عُرْفًا بِخِلَافِ هَذَا وَحَيْثُ لَمْ يَحْرُمْ مَا مَرَّ كُرِهَ.
وَلَوْ شَكَّ فِي كَثْرَةِ الْحَرِيرِ أَوْ غَيْرِهِ، أَوْ اسْتِوَائِهِمَا حَرُمَ كَمَا جَزَمَ بِهِ فِي الْأَنْوَارِ، وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ عَدَمِ تَحْرِيمِ الْمُضَبَّبِ إذَا شَكَّ فِي كِبَرِ الضَّبَّةِ بِالْعَمَلِ بِالْأَصْلِ فِيهِمَا، إذْ الْأَصْلُ حِلُّ اسْتِعْمَالِ الْإِنَاءِ قَبْلَ تَضْبِيبِهِ، وَالْأَصْلُ تَحْرِيمُ الْحَرِيرِ لِغَيْرِ الْمَرْأَةِ وَاسْتِمْرَارُ مُلَابَسَةِ الْمَلْبُوسِ لِجَمِيعِ الْبَدَنِ بِخِلَافِ الْإِنَاءِ وَغَلَبَةُ الظَّنِّ كَافِيَةٌ وَلَا يُشْتَرَطُ الْيَقِينُ، وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ الْحُرْمَةُ تَغْلِيبًا لَهَا وَاخْتَارَهُ الْأَذْرَعِيُّ، وَقِيلَ الْعِبْرَةُ بِالظُّهُورِ لَا بِالْوَزْنِ وَالْجُمْهُورُ عَلَى الْأَوَّلِ.
(وَيَحِلُّ) لِمَنْ ذُكِرَ (مَا) أَيْ ثَوْبٌ (طُرِّزَ) ، أَوْ رُقِّعَ بِحَرِيرٍ وَلَمْ يُجَاوِزْ كُلٌّ مِنْهُمَا قَدْرَ أَرْبَعِ أَصَابِعَ مَضْمُومَةٍ دُونَ مَا جَاوَزَهَا لِخَبَرِ ابْنِ عَبَّاسٍ السَّابِقِ مَعَ خَبَرِ مُسْلِمٍ «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ لُبْسِ الْحَرِيرِ إلَّا مَوْضِعَ أُصْبُعٍ أَوْ أُصْبُعَيْنِ، أَوْ ثَلَاثٍ، أَوْ أَرْبَعٍ» وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَنْسُوجِ بِأَنَّ الْحَرِيرَ هُنَا مُتَمَيِّزٌ بِنَفْسِهِ بِخِلَافِهِ، ثُمَّ فَلِأَجْلِ ذَلِكَ حَرُمَتْ الزِّيَادَةُ هُنَا عَلَى الْأَرْبَعِ أَصَابِعَ وَإِنْ لَمْ يُرِدْ وَزْنَ الْحَرِيرِ وَلَوْ تَعَدَّدَتْ مَحَالُّهُمَا وَكَثُرَتْ بِحَيْثُ يَزِيدُ الْحَرِيرُ عَلَى غَيْرِهِ حَرُمَ وَإِلَّا فَلَا،
ــ
[حاشية الشبراملسي]
قَوْلُهُ: اُتُّجِهَ أَنْ يُقَالَ إنْ خَاطَ الْغِشَاءَ عَلَيْهِ جَازَ) أَيْ مِنْ أَعْلَى وَأَسْفَلَ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ لِكَوْنِهِ كَحَشْوِ. إلَخْ (قَوْلُهُ وَالْأَصْلُ تَحْرِيمُ الْحَرِيرِ) مُقْتَضَاهُ أَنَّهُ لَوْ شَكَّ فِي الْمُحَرَّمَةِ الْمُطَرَّزَةِ بِالْإِبْرَةِ حَرُمَ اسْتِعْمَالُهَا وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَإِنْ كَانَ قِيَاسُ الْمُضَبَّبِ الْحِلَّ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ جَوَازُ اسْتِعْمَالِ الْقُمَاشِ وَالْحَرِيرُ طَارِئٌ.
(قَوْلُهُ: وَقِيلَ الْعِبْرَةُ بِالظُّهُورِ) هَذَا يُسْتَفَادُ مِنْ قَوْلِهِ قَبْلُ خِلَافًا لِلْقَفَّالِ
(قَوْلُهُ: قَدْرُ أَرْبَعِ أَصَابِعَ) أَيْ عَرْضًا وَإِنْ زَادَ طُولُهُ اهـ زِيَادِيٌّ فَلْيُتَأَمَّلْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا بِالْهَامِشِ.
وَفِي سم عَلَى مَنْهَجٍ: ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّ الْمَدَارَ قَطْعُ الْأَصَابِعِ الْأَرْبَعِ طُولًا وَعَرْضًا فَقَطْ بِأَنْ لَا يَزِيدَ طُولُ الطِّرَازِ عَلَى طُولِ الْأَرْبَعِ وَعَرْضُهُ عَلَى عَرْضِهَا، وَيُؤَيِّدُهُ مَا فِي الْخَادِمِ عَنْ حِكَايَةِ بَعْضِهِمْ عَنْ بَعْضِ الْمَشَايِخِ أَنَّ الْمُرَادَ أَصَابِعُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَهِيَ أَطْوَلُ مِنْ غَيْرِهَا اهـ.
فَلَوْلَا أَنَّ الْمُرَادَ مَا ذَكَرْنَا لَمَا كَانَ لِاعْتِبَارِ طُولِهَا عَلَى غَيْرِهَا مَعْنًى فَلْيُتَأَمَّلْ.
[فَرْعٌ] ذَكَرُوا أَنَّ التَّرْقِيعَ كَالتَّطْرِيزِ، فَهَلْ الْمُرَادُ الْخَيْطُ الْمُرَقَّعُ بِهِ أَوْ الْقِطْعَةُ الَّتِي يُرَقِّعُهَا فِي غَيْرِهَا؟ وَالْوَجْهُ أَنَّ الْمُرَادَ أَعَمُّ مِنْهُمَا، وَقَدْ وَافَقَ م ر عَلَى ذَلِكَ اهـ.
زَادَ عَلَى حَجّ بَعْدَ مَا ذَكَرَ: وَيُحْتَمَلُ أَنْ لَا يَتَقَيَّدَ الطُّولُ بِقَدْرٍ فَلْيُتَأَمَّلْ: أَيْ فِي التَّطْرِيزِ لَا التَّرْقِيعِ م ر اهـ.
فَيَكُونُ الْحَاصِلُ مِنْ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ تَحْرُمُ زِيَادَةٌ فِي الْعَرْضِ عَلَى أَرْبَعِ أَصَابِعَ وَلَا يَتَقَيَّدُ بِقَدْرٍ فِي الطُّولِ.
(قَوْلُهُ: تَعَدَّدَتْ مَحَالُّهُمَا) أَيْ الطَّرْزُ وَالرَّقْعُ الْمُتَقَدِّمَيْنِ (قَوْلُهُ: بِحَيْثُ يَزِيدُ الْحَرِيرُ عَلَى غَيْرِهِ) ظَاهِرٌ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي غَيْرِ الْحَرِيرِ مِنْ الثَّوْبِ بَيْنَ ظِهَارَتِهِ وَبِطَانَتِهِ وَحَشْوِهِ مَثَلًا وَهُوَ ظَاهِرٌ.
قَالَ بَعْضُهُمْ: وَيُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِ الشَّارِحِ
ــ
[حاشية الرشيدي]
الْقِتَالِ، وَالثَّانِيَةُ فِي ثَوْبٍ اتَّخَذَهُ لِلْقِتَالِ لِنَفْعِهِ فِيهِ فِي دَفْعِ السِّلَاحِ فَتَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: وَاسْتِمْرَارُ مُلَابَسَةِ الْمَلْبُوسِ) مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ بِالْعَمَلِ فَهُوَ فَرْقٌ ثَانٍ.
(قَوْلُهُ: وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَنْسُوجِ إلَخْ) هَذَا الْفَرْقُ لِلشِّهَابِ حَجّ فِي إمْدَادِهِ فِي مَقَامِ الرَّدِّ عَلَى الْجِيلِيِّ وَغَيْرِهِ فِي اخْتِيَارِهِمْ مَا تَقَدَّمَ اخْتِيَارُهُ لِلشَّارِحِ فَلَا مَوْقِعَ لَهُ فِي كَلَامِ الشَّارِحِ بَعْدَ اخْتِيَارِهِ مَا مَرَّ، وَعِبَارَةُ الْإِمْدَادِ: وَلَوْ تَعَدَّدَتْ مَحَالُّهُمَا.
قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ نَقْلًا عَنْ الْحَلِيمِيِّ: اشْتَرَطَ أَنْ لَا يَزِيدَ عَلَى طِرَازَيْنِ كُلُّ طِرَازٍ عَلَى كُمٍّ، وَأَنَّ كُلَّ طِرَازٍ لَا يَزِيدُ عَلَى أُصْبُعَيْنِ لِيَكُونَ مَجْمُوعُهُمَا أَرْبَعَ أَصَابِعَ. وَقَالَ الْجِيلِيُّ وَغَيْرُهُ: وَيَجُوزُ مَا لَمْ يَزِدْ الْحَرِيرُ عَلَى غَيْرِهِ وَزْنًا. وَفِيهِ وَقْفَةٌ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ إنَّمَا ذَكَرُوهُ فِي الْمَنْسُوجِ مَعَ غَيْرِهِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ هَذَا وَاضِحٌ؛ لِأَنَّ الْحَرِيرَ هُنَا مُتَمَيِّزٌ بِنَفْسِهِ إلَخْ
خِلَافًا لِمَا نَقَلَهُ الزَّرْكَشِيُّ عَنْ الْحَلِيمِيِّ مِنْ أَنَّهُ لَا يَزِيدُ عَلَى طِرَازَيْنِ عَلَى كُمٍّ، وَأَنَّ كُلَّ طِرَازٍ لَا يَزِيدُ عَلَى أُصْبُعَيْنِ لِيَكُونَ مَجْمُوعُهُمَا أَرْبَعَ أَصَابِعَ.
قَالَ السُّبْكِيُّ: وَالتَّطْرِيزُ جَعْلُ الطِّرَازِ الَّذِي هُوَ خَالِصٌ مُرَكَّبًا عَلَى الثَّوْبِ، أَمَّا الْمُطَرَّزُ بِالْإِبْرَةِ فَالْأَقْرَبُ: أَيْ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْمُتَوَلِّي وَغَيْرُهُ وَجَزَمَ بِهِ الْإِسْنَوِيُّ أَنَّهُ كَالْمَنْسُوجِ حَتَّى يَكُونَ مَعَ الثَّوْبِ كَالْمُرَكَّبِ مِنْ حَرِيرٍ وَغَيْرِهِ لَا كَالطِّرَازِ خِلَافًا لِلْأَذْرَعِيِّ فِي أَنَّهُ مِثْلُهُ وَإِنْ تَبِعَهُ ابْنُ الْمُقْرِي فِي تَمْشِيَتِهِ.
نَعَمْ قَدْ يَحْرُمُ ذَلِكَ فِي بَعْضِ النَّوَاحِي؛ لِكَوْنِهِ مِنْ لِبَاسِ النِّسَاءِ عِنْدَ مَنْ قَالَ بِتَحْرِيمِ التَّشَبُّهِ بِهِنَّ لَا لِكَوْنِ الْحَرِيرِ فِيهِ، وَيَحْرُمُ الْمُطَرَّفُ وَالْمُطَرَّزُ بِالذَّهَبِ عَلَى الرَّجُلِ وَالْخُنْثَى مُطْلَقًا، وَقَدْ أَفْتَى الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِتَحْرِيمِ لُبْسِ مَنْ ذُكِرَ عِرْقِيَّةً طُرِّزَتْ بِفِضَّةٍ أَخْذًا بِعُمُومِ كَلَامِهِمْ فِي تَحْرِيمِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ عَلَيْهِمَا إلَّا مَا اسْتَثْنَوْهُ (أَوْ طُرِّفَ بِحَرِيرٍ قَدْرَ الْعَادَةِ) أَيْ جُعِلَ طَرَفُهُ مُسَجَّفًا بِالْحَرِيرِ بِقَدْرِ الْعَادَةِ الْغَالِبَةِ فِي كُلِّ نَاحِيَةٍ سَوَاءٌ أَجَاوَزَتْ أَرْبَعَ أَصَابِعَ أَمْ لَا لِمَا صَحَّ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم كَانَ لَهُ جُبَّةٌ يَلْبَسُهَا لَهَا لِبْنَةٌ» بِكَسْرِ اللَّامِ وَسُكُونِ الْبَاءِ: أَيْ رُقْعَةٌ «فِي طَوْقِهَا مِنْ دِيبَاجٍ وَفَرْجَاهَا مَكْفُوفَانِ بِالدِّيبَاجِ، وَأَنَّهُ كَانَ لَهُ جُبَّةٌ مَكْفُوفَةُ الْجَيْبِ» أَيْ الطَّوْقِ «وَالْكُمَّيْنِ وَالْفَرْجَيْنِ بِالدِّيبَاجِ» وَالْمَكْفُوفُ مَا جُعِلَ لَهُ كُفَّةٌ بِضَمِّ الْكَافِ: أَيْ سِجَافٌ، وَسَوَاءٌ أَكَانَ التَّطْرِيفُ ظَاهِرًا أَمْ بَاطِنًا كَمَا يَقْتَضِيهِ إطْلَاقُهُمْ، أَمَّا مَا جَاوَزَ الْعَادَةَ فَيَحْرُمُ، وَإِنَّمَا لَمْ يَتَقَيَّدْ مَا هُنَا بِأَرْبَعِ أَصَابِعَ؛ لِأَنَّهُ مَحَلُّ حَاجَةٍ وَقَدْ تَمَسُّ الْحَاجَةُ لِزِيَادَةٍ عَلَيْهَا، بِخِلَافِ مَا يَأْتِي فَإِنَّهُ لِمُجَرَّدِ زِينَةٍ فَيَتَقَيَّدُ بِهَا، وَقَضِيَّتُهُ أَنَّ التَّرْقِيعَ لَوْ كَانَ لِحَاجَةٍ جَازَتْ الزِّيَادَةُ عَلَيْهَا وَهُوَ مُحْتَمَلٌ، وَإِطْلَاقُ الرَّوْضَةِ يَقْتَضِي الْمَنْعَ، وَأَلْحَقَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ بِالتَّطْرِيفِ طَرَفَيْ عِمَامَةٍ كُلٌّ مِنْهُمَا قَدْرُ شِبْرٍ، وَفَرَّقَ بَيْنَ كُلِّ أَرْبَعِ أَصَابِعَ بِمِقْدَارِ قَلَمٍ مِنْ كَتَّانٍ، أَوْ قُطْنٍ.
قَالَ الشَّيْخُ: وَفِيهِ وَقْفَةٌ، إلَّا أَنْ يُقَالَ: تُتُبِّعَتْ الْعَادَةُ فِي الْعَمَائِمِ فَوُجِدَتْ كَذَلِكَ اهـ.
وَقَدْ يُنْظَرُ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا، إذْ مَا فِي الْعِمَامَةِ مِنْ الْحَرِيرِ مَنْسُوجٌ، وَقَدْ مَرَّ أَنَّ الْعِبْرَةَ فِيهِ بِالْوَزْنِ مَعَ غَيْرِهِ بِزِيَادَةِ الْحَرِيرِ، فَحَيْثُ زَادَ وَزْنُ الْحَرِيرِ الَّذِي فِي الْعِمَامَةِ حَرُمَتْ وَإِلَّا فَلَا، وَإِنْ كَانَ مِنْهَا أَجْزَاءٌ كُلُّهَا حَرِيرٌ كَأَنْ كَانَ السَّدَى حَرِيرًا وَبَعْضُ اللُّحْمَةِ كَذَلِكَ.
وَأَفْتَى الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِجَوَازِ الْأَزْرَارِ الْحَرِيرِ لِغَيْرِ الْمَرْأَةِ قِيَاسًا عَلَى التَّطْرِيفِ بَلْ أَوْلَى.
وَيَحْرُمُ عَلَى غَيْرِ الْمَرْأَةِ الْمُزَعْفَرُ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
حِلُّ لُبْسِ الْقَوَاوِيقِ الْقَطِيفَةِ؛ لِأَنَّهَا كَالرُّقَعِ الْمُتَلَاصِقَةِ.
أَقُولُ: وَهُوَ مَمْنُوءٌ؛ لِأَنَّ هَذِهِ إنَّمَا تُفَصَّلُ عَلَى هَذِهِ الْكَيْفِيَّةِ الَّتِي يَفْعَلُونَهَا لِيُتَوَصَّلَ بِهَا إلَى الْهَيْئَةِ الَّتِي يَعُدُّونَهَا زِينَةً فِيمَا بَيْنَهُمْ بِحَسَبِ الْعَادَةِ وَلَيْسَتْ كَالرُّقَعِ الَّتِي الْأَصْلُ فِيهَا أَنْ تُتَّخَذَ لِإِصْلَاحِ الثَّوْبِ وَهَذَا هُوَ الْوَجْهُ (قَوْلُهُ: جَعْلُ الطِّرَازِ الَّذِي هُوَ خَالِصٌ) وَمِنْهُ مَا اُعْتِيدَ الْآنَ مِنْ جَعْلِ قِطَعِ الْحَرِيرِ عَلَى نَحْوِ البشوت (قَوْلُهُ: قَدْ يَحْرُمُ ذَلِكَ فِي بَعْضِ النَّوَاحِي) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَزِدْ وَزْنُهُ (قَوْلُهُ: عِنْدَ مَنْ قَالَ بِتَحْرِيمِ التَّشَبُّهِ) أَيْ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ كَمَا تَقَدَّمَ (قَوْلُهُ: أَيْ جُعِلَ طَرَفُهُ مُسَجَّفًا بِالْحَرِيرِ) وَمِثْلُ السِّجَافِ الزَّهْرِيَّاتُ الْمَعْرُوفَةُ؛ لِأَنَّهَا مِمَّا تَسْتَمْسِكُ بِهَا الْخِيَاطَةُ فَهِيَ كَالتَّطْرِيفِ.
(فَرْعٌ حَسَنٌ) اتَّخَذَ سِجَافًا خَارِجًا عَنْ عَادَةِ أَمْثَالِهِ ثُمَّ انْتَقَلَ لِمَنْ لَهُ ذَلِكَ فَيَحْرُمُ عَلَى الْمُنْتَقَلِ إلَيْهِ دَوَامُهُ؛ لِأَنَّهُ وُضِعَ بِغَيْرِ حَقٍّ، قِيَاسًا عَلَى مَا لَوْ اشْتَرَى الْمُسْلِمُ دَارَ كَافِرٍ عَالِيَةً عَلَى بِنَاءِ الْمُسْلِمِ وَلَوْ اتَّخَذَ سِجَافًا عَادَةً أَمْثَالُهُ ثُمَّ انْتَقَلَ لِمَنْ لَيْسَ هُوَ عَادَةُ أَمْثَالِهِ فَيَجُوزُ لَهُ إدَامَتُهُ لِأَنَّهُ وُضِعَ بِحَقٍّ، وَيُغْتَفَرُ فِي الدَّوَامِ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي الِابْتِدَاءِ (قَوْلُهُ: وَقَدْ تُمَسُّ الْحَاجَةُ لِزِيَادَةٍ عَلَيْهَا بِخِلَافِ مَا يَأْتِي) الْأَوْلَى بِخِلَافِ مَا مَرَّ (قَوْلُهُ: وَإِطْلَاقُ الرَّوْضَةِ يَقْتَضِي الْمَنْعَ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: وَقَدْ يُنْظَرُ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا) أَيْ مِمَّا قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَمَا قَالَهُ الشَّيْخُ وَالتَّنْظِيرُ هُوَ الْمُعْتَمَدُ (قَوْلُهُ: إذْ مَا فِي الْعِمَامَةِ مِنْ الْحَرِيرِ مَنْسُوجٌ) هَذَا وَقَدْ تُحْمَلُ عِبَارَةُ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ عَلَى عَلَمٍ مُنْفَصِلٍ عَنْ الْعِمَامَةِ وَقَدْ خِيطَ بِهَا وَعَلَيْهِ فَلَا يَتَأَتَّى النَّظَرُ الْمَذْكُورُ.
وَعِبَارَةُ حَجّ بَعْدَ نَقْلِهِ كَلَامَ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ: وَصُورَةُ الْمَسْأَلَةِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ أَنَّ السَّدَى حَرِيرٌ وَأَنَّهُ أَقَلُّ وَزْنًا مِنْ اللُّحْمَةِ وَأَنَّهُ لَحَمَهَا بِحَرِيرٍ فِي طَرَفَيْهَا وَلَمْ يَزِدْ بِهِ وَزْنُ السَّدَى، فَإِذَا كَانَ الْمَلْحُومُ بِحَرِيرٍ أَشْبَهَ التَّطْرِيفَ
(قَوْلُهُ: وَيَحْرُمُ عَلَى غَيْرِ الْمَرْأَةِ الْمُزَعْفَرُ) أَيْ بِالْمَعْنَى الْآتِي فِي كَلَامِهِ وَهُوَ قَوْلُهُ الْأَوْجَهُ أَنَّ الْمَرْجِعَ فِي ذَلِكَ إلَى الْعُرْفِ إلَخْ
ــ
[حاشية الرشيدي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
دُونَ الْمُعَصْفَرِ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ، خِلَافًا لِلْبَيْهَقِيِّ حَيْثُ ذَهَبَ إلَى أَنَّ الصَّوَابَ تَحْرِيمُهُ أَيْضًا، قَالَ: لِلْأَخْبَارِ الصَّحِيحَةِ الَّتِي لَوْ بَلَغَتْ الشَّافِعِيَّ لَقَالَ بِهَا.
وَلَوْ صُبِغَ بَعْضُ ثَوْبٍ بِزَعْفَرَانٍ فَهَلْ هُوَ كَالتَّطْرِيفِ فَيَحْرُمُ مَا زَادَ عَلَى الْأَرْبَعِ أَصَابِعَ أَوْ كَالْمَنْسُوجِ مِنْ الْحَرِيرِ وَغَيْرِهِ فَيُعْتَبَرُ الْأَكْثَرُ؟ الْأَوْجَهُ أَنَّ الْمَرْجِعَ فِي ذَلِكَ إلَى الْعُرْفِ، فَإِنْ صَحَّ إطْلَاقُ الْمُزَعْفَرِ عَلَيْهِ عُرْفًا حَرُمَ وَإِلَّا فَلَا.
وَلَا يُكْرَهُ لِغَيْرِ مَنْ ذُكِرَ مَصْبُوغٌ بِغَيْرِ الزَّعْفَرَانِ وَالْعُصْفُرِ سَوَاءٌ الْأَحْمَرُ وَالْأَصْفَرُ وَالْأَخْضَرُ وَغَيْرُهَا، سَوَاءٌ أَصُبِغَ قَبْلَ النَّسْجِ أَمْ بَعْدَهُ، وَإِنْ خَالَفَ فِيمَا بَعْدَهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ كَمَا مَرَّتْ الْإِشَارَةُ إلَيْهِ لِعَدَمِ وُرُودِ نَهْيٍ فِي ذَلِكَ.
وَيَحِلُّ لُبْسُ الْكَتَّانِ وَالصُّوفِ وَنَحْوِهِمَا وَإِنْ غَلَتْ أَثْمَانُهَا، إذْ نَفَاسَتُهَا فِي صَنْعَتِهَا.
وَيُكْرَهُ تَزْيِينُ الْبُيُوتِ لِلرِّجَالِ وَغَيْرِهِمْ حَتَّى مَشَاهِدِ الصُّلَحَاءِ وَالْعُلَمَاءِ بِالثِّيَابِ، وَيَحْرُمُ تَزْيِينُهَا بِالْحَرِيرِ وَالصُّوَرِ لِعُمُومِ الْأَخْبَارِ، وَقَدْ أَفْتَى بِذَلِكَ الشَّيْخُ فِي إلْبَاسِهَا الْحَرِيرَ، أَمَّا تَزْيِينُ الْمَسَاجِدِ بِهَا فَسَيَأْتِي فِي الْوَقْفِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
نَعَمْ يَجُوزُ سَتْرُ الْكَعْبَةِ بِهِ تَعْظِيمًا لَهَا، وَالْأَوْجَهُ جَوَازُ سَتْرِ قَبْرِهِ صلى الله عليه وسلم وَسَائِرِ الْأَنْبِيَاءِ بِهِ كَمَا جَزَمَ بِهِ الْأُشْمُونِيُّ فِي بَسِيطِهِ جَرْيًا عَلَى الْعَادَةِ الْمُسْتَمِرَّةِ مِنْ غَيْرِ نَكِيرٍ.
ــ
[حاشية الشبراملسي]
قَوْلُهُ: وَلَا يُكْرَهُ لِغَيْرِ مَنْ ذُكِرَ) يَعْنِي غَيْرَ الْمَرْأَةِ (قَوْلُهُ: مَصْبُوغٌ بِغَيْرِ الزَّعْفَرَانِ وَالْعُصْفُرِ) أَيْ أَمَّا الْمَصْبُوغُ بِالزَّعْفَرَانِ فَيَحْرُمُ عَلَى مَا مَرَّ، وَالْمُعَصْفَرُ مَكْرُوهٌ خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ مَنْ مَنَعَهُ، وَيَنْبَغِي تَقْيِيدُ الْكَرَاهَةِ بِمَا لَوْ كَثُرَ الْمُعَصْفَرُ بِحَيْثُ يُعَدُّ مُعَصْفَرًا فِي الْعُرْفِ، وَهَلْ يُكْرَهُ الْمَصْبُوغُ بِالزَّعْفَرَانِ حَيْثُ قَلَّ أَوْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ، وَمِثْلُ الْعُصْفُرِ فِي عَدَمِ الْحُرْمَةِ الْوَرْسُ.
وَفِي شَرْحِ الرَّوْضِ مَا نَصُّهُ: وَظَاهِرُ كَلَامِ الْأَكْثَرِينَ جَوَازُ الْمَصْبُوغِ بِالْوَرْسِ، لَكِنْ نَقَلَ الزَّرْكَشِيُّ عَنْ الْقَاضِي أَبِي الطَّيِّبِ وَابْنِ الصَّبَّاغِ إلْحَاقَهُ بِالْمُزَعْفَرِ اهـ.
وَفِي حَجّ: وَاخْتُلِفَ فِي الْوَرْسِ فَأَلْحَقهُ جَمْعٌ مُتَقَدِّمُونَ بِالزَّعْفَرَانِ وَاعْتُرِضَ بِأَنَّ قَضِيَّةَ كَلَامِ الْأَكْثَرِينَ حِلُّهُ، وَفِي شَرْحِ مُسْلِمٍ عَنْ عِيَاضٍ وَالْمَازِرِيِّ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَصْبُغُ ثِيَابَهُ بِالْوَرْسِ حَتَّى عِمَامَتَهُ» وَاعْتَمَدَهُ جَمْعٌ مُتَأَخِّرُونَ اهـ
(قَوْلُهُ: وَيَحِلُّ لُبْسُ الْكَتَّانِ وَالصُّوفِ) أَيْ وَالْخَزِّ اهـ حَجّ، وَهُوَ اسْمُ دَابَّةٍ يُؤْخَذُ مِنْ وَبَرِهَا الثِّيَابُ فَأَطْلَقَ عَلَيْهَا ذَلِكَ كَمَا فِي الْمِصْبَاحِ
(قَوْلُهُ: حَتَّى مَشَاهِدِ الْعُلَمَاءِ وَالصُّلَحَاءِ) أَيْ مَحَلِّ دَفْنِهِمْ (قَوْلُهُ: بِالثِّيَابِ) أَيْ غَيْرِ الْحَرِيرِ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ وَيَحْرُمُ إلَخْ (قَوْلُهُ: كَمَا جَزَمَ بِهِ الْأُشْمُونِيُّ إلَخْ) قَالَ سم عَلَى مَنْهَجٍ: اعْتَمَدَ م ر أَنَّ سَتْرَ تَوَابِيتِ الصِّبْيَانِ وَالنِّسَاءِ وَالْمَجَانِينِ وَقُبُورِهِمْ بِالْحَرِيرِ جَائِزٌ كَالتَّكْفِينِ بَلْ أَوْلَى، بِخِلَافِ تَوَابِيتِ الصَّالِحِينَ مِنْ الذُّكُورِ الْبَالِغِينَ الْعُقَلَاءِ فَإِنَّهُ يَحْرُمُ سَتْرُهَا بِالْحَرِيرِ، ثُمَّ قَالَ: ثُمَّ وَقَعَ مِنْهُ الْمَيْلُ لِحُرْمَةِ سَتْرِ قُبُورِ النِّسَاءِ بِالْحَرِيرِ وَوَافَقَ عَلَى جَوَازِ تَغْطِيَةِ مَحَارَةِ الْمَرْأَةِ.
[فَرْعٌ] هَلْ يَجُوزُ الدُّخُولُ بَيْنَ سِتْرِ الْكَعْبَةِ وَجِدَارِهَا لِنَحْوِ الدُّعَاءِ؟ لَا يَبْعُدُ جَوَازُ ذَلِكَ لِأَنَّهُ لَيْسَ اسْتِعْمَالًا وَهُوَ دُخُولٌ لِحَاجَةٍ، وَهَلْ يَجُوزُ الِالْتِصَاقُ لِسِتْرِهَا مِنْ خَارِجٍ فِي نَحْوِ الْمُلْتَزَمِ؟ فِيهِ نَظَرٌ فَلْيُحَرَّرْ، وَاعْتَمَدَ م ر أَنَّهُ لَا يَجُوزُ جَعْلُ غِطَاءِ الْعِمَامَةِ وَكِيسِ الدَّرَاهِمِ مِنْ حَرِيرٍ وَإِنْ جَوَّزْنَا جَعْلَ غِطَاءِ الْكُوزِ مِنْ فِضَّةٍ بِحَيْثُ لَا يَكُونُ عَلَى صُورَةِ الْإِنَاءِ، وَفُرِّقَ بِأَنَّ تَغْطِيَةَ الْإِنَاءِ مَطْلُوبَةٌ شَرْعًا فَوُسِّعَ فِيهَا، بِخِلَافِ غِطَاءِ الْعِمَامَةِ وَقَالَ بِجَوَازِ جَعْلِ غِطَاءِ الْإِنَاءِ مِنْ حَرِيرٍ بَلْ هُوَ أَوْلَى بِالْجَوَازِ مِنْ الْفِضَّةِ، فَلَا يَتَقَيَّدُ بِأَنْ لَا يَكُونَ عَلَى صُورَةِ الْإِنَاءِ، بِخِلَافِ غِطَاءِ الْفِضَّةِ لِاخْتِلَافِ الْمُدْرَكِ، وَاعْتُمِدَ جَوَازُ جَعْلِ خَيْطِ السُّبْحَةِ مِنْ حَرِيرٍ وَكَذَا شرابتها تَبَعًا لِخَيْطِهَا، وَقَالَ: يَنْبَغِي جَوَازُ خَيْطِ نَحْوِ الْمِفْتَاحِ حَرِيرًا لِلْحَاجَةِ مَعَ كَوْنِهِ أَمْسَكَ وَأَقْوَى مِنْ الْغَزْلِ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ.
وَقَوْلُ سم هُنَا وَهُوَ دُخُولُ الْحَاجَةِ، أَقُولُ: قَدْ تُمْنَعُ الْحَاجَةُ فِيمَا ذُكِرَ وَيُقَالُ بِالْحُرْمَةِ لِأَنَّ الدُّعَاءَ لَيْسَ خَاصًّا بِدُخُولِهِ تَحْتَ سِتْرِهَا، وَيُفَرَّقُ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ الْجَوَازِ فِي نَحْوِ الْمُلْتَزَمِ بِأَنَّ الْمُلْتَزَمَ وَنَحْوَهُ مَطْلُوبٌ فِيهِ أَدْعِيَةٌ بِخُصُوصِهَا، وَقَوْلُهُ فِيهِ نَظَرٌ فَلْيُحَرَّرْ الظَّاهِرُ الْجَوَازُ قِيَاسًا عَلَى جَوَازِ الدُّخُولِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجِدَارِ، وَقَوْلُهُ وَقَالَ بِجَوَازِ جَعْلِ غِطَاءِ الْإِنَاءِ مِنْ حَرِيرٍ وَلَعَلَّ الْمُرَادَ بِهِ مَا يُتَّخَذُ
ــ
[حاشية الرشيدي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَلُبْسُ خَشِنٍ لِغَيْرِ غَرَضٍ شَرْعِيٍّ خِلَافُ السُّنَّةِ كَمَا اخْتَارَهُ فِي الْمَجْمُوعِ، وَقِيلَ مَكْرُوهٌ وَجَرَى عَلَيْهِ ابْنُ الْمُقْرِي تَبَعًا لِنَقْلِ الْمُصَنِّفِ لَهَا عَنْ الْمُتَوَلِّي وَالرُّويَانِيِّ، وَيُسَنُّ لُبْسُ الْعَذَبَةِ وَأَنْ تَكُونَ بَيْنَ كَتِفَيْهِ لِلِاتِّبَاعِ، وَلَا يُكْرَهُ تَرْكُهَا إذْ لَمْ يَصِحَّ فِي النَّهْيِ عَنْهُ شَيْءٌ، وَيَحْرُمُ إطَالَتُهَا طُولًا فَاحِشًا وَإِنْزَالُ ثَوْبِهِ، أَوْ إزَارِهِ عَنْ كَعْبَيْهِ لِلْخُيَلَاءِ لِلْوَعِيدِ الشَّدِيدِ الْوَارِدِ فِيهِ، فَإِنْ انْتَفَتْ الْخُيَلَاءُ كُرِهَ، وَيُسَنُّ فِي الْكُمِّ كَوْنُهُ إلَى الرُّسْغِ لِلِاتِّبَاعِ وَهُوَ الْمِفْصَلُ بَيْنَ الْكَفِّ وَالسَّاعِدِ وَلِلْمَرْأَةِ وَمِثْلُهَا الْخُنْثَى فِيمَا يَظْهَرُ إرْسَالُ الثَّوْبِ عَلَى الْأَرْضِ إلَى ذِرَاعٍ مِنْ غَيْرِ زِيَادَةٍ عَلَيْهِ لِمَا صَحَّ مِنْ النَّهْيِ عَنْ ذَلِكَ، وَالْأَوْجَهُ أَنَّ الذِّرَاعَ يُعْتَبَرُ مِنْ الْكَعْبَيْنِ وَقِيلَ مِنْ الْحَدِّ الْمُسْتَحَبِّ لِلرِّجَالِ وَهُوَ أَنْصَافُ السَّاقَيْنِ وَرَجَّحَهُ جَمَاعَةٌ وَقِيلَ مِنْ أَوَّلِ مَا يَمَسُّ الْأَرْضَ وَإِفْرَاطُ تَوْسِعَةِ الثِّيَابِ وَالْأَكْمَامِ بِدْعَةٌ وَسَرَفٌ وَتَضْيِيعٌ لِلْمَالِ نَعَمْ مَا صَارَ شِعَارًا لِلْعُلَمَاءِ يُنْدَبُ لَهُمْ لُبْسُهُ لِيُعْرَفُوا بِذَلِكَ فَيُسْأَلُوا وَلِيُطَاوَعُوا فِيمَا عَنْهُ زَجَرُوا كَمَا قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَعَلَّلَهُ بِأَنَّ ذَلِكَ سَبَبٌ لِامْتِثَالِ أَمْرِ اللَّهِ تَعَالَى وَالِانْتِهَاءِ عَمَّا نَهَى اللَّهُ عَنْهُ.
وَيُكْرَهُ بِلَا عُذْرٍ الْمَشْيُ فِي نَعْلٍ، أَوْ خُفٍّ وَاحِدَةٍ لِلنَّهْيِ الصَّحِيحِ عَنْهُ، بَلْ يَخْلَعُهُمَا أَوْ يَلْبَسُهُمَا لِيَعْدِلَ بَيْنَ الرِّجْلَيْنِ وَلِئَلَّا يَخْتَلَّ مَشْيُهُ، وَأَنْ يَنْتَعِلَ قَائِمًا لِلنَّهْيِ الصَّحِيحِ عَنْهُ خَوْفَ انْقِلَابِهِ، وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ الْمَدَاسَ الْمَعْرُوفَةَ الْآنَ وَنَحْوَهَا لَا يُكْرَهُ فِيهَا ذَلِكَ إذْ لَا يُخَافُ مِنْهُ انْقِلَابٌ
وَيُسَنُّ أَنْ يَبْدَأَ بِيَمِينِهِ لُبْسًا وَيَسَارِهِ خَلْعًا، وَأَنْ يَخْلَعَ نَحْوَ نَعْلَيْهِ إذَا جَلَسَ وَأَنْ يَجْعَلَهُمَا وَرَاءَهُ أَوْ بِجَنْبِهِ إلَّا لِعُذْرٍ كَخَوْفٍ عَلَيْهِمَا، وَأَنْ يَطْوِي ثِيَابَهُ ذَاكِرًا اسْمَ اللَّهِ لِمَا قِيلَ مِنْ أَنَّ طَيَّهَا يَرُدُّ إلَيْهَا أَرْوَاحَهَا وَيَمْنَعُ لُبْسَ الشَّيْطَانِ لَهَا.
وَفِي الْمَجْمُوعِ لَا كَرَاهَةَ فِي لُبْسِ نَحْوِ قَمِيصٍ وَقَبَاءٍ وَفَرْجِيَّةٍ وَلَوْ مَحْلُولَ الْأَزْرَارِ إذَا لَمْ تَبْدُ عَوْرَتُهُ، وَلَا يَحْرُمُ اسْتِعْمَالُ النَّشَا وَهُوَ الْمُتَّخَذُ مِنْ الْقَمْحِ فِي الثَّوْبِ، وَالْأَوْلَى تَرْكُهُ وَتَرْكُ دَقِّ الثِّيَابِ وَصَقْلِهَا.
(وَ) يَحِلُّ لِلْآدَمِيِّ (لُبْسُ الثَّوْبِ النَّجِسِ) أَيْ الْمُتَنَجِّسِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ بَعْدُ وَكَذَا جِلْدُ الْمَيْتَةِ فِي الْأَصَحِّ؛ لِأَنَّ تَكْلِيفَ اسْتِدَامَةِ طَهَارَةِ الْمَلْبُوسِ مِمَّا يَشُقُّ خُصُوصًا عَلَى الْفَقِيرِ وَبِاللَّيْلِ؛ وَلِأَنَّ نَجَاسَتَهُ عَارِضٌ سَهْلَةُ الْإِزَالَةِ.
نَعَمْ يُسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ مَا لَوْ كَانَ الْوَقْتُ صَائِفًا بِحَيْثُ يَعْرَقُ فَيَتَنَجَّسُ بَدَنُهُ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
عَلَى قَدْرِ فَمِ الْكُوزِ لِلتَّغْطِيَةِ، بِخِلَافِ وَضْعِ نَحْوِ مِنْدِيلٍ مِنْ حَرِيرٍ فَلَا يَجُوزُ، وَقَوْلُهُ وَكَذَا شرابتها: أَيْ الَّتِي هِيَ مُتَّصِلَةٌ بِطَرَفِ خَيْطِهَا، أَمَّا مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ مِمَّا يُفْصَلُ بِهِ بَيْنَ حَبِّ السُّبْحَةِ فَلَا وَجْهَ لِجَوَازِهِ لِانْتِفَاءِ الْحَاجَةِ لَهُ، ثُمَّ رَأَيْت فِي حَجّ مَا يُصَرِّحُ بِذَلِكَ، وَقَوْلُهُ وَقَالَ يَنْبَغِي جَوَازُ خَيْطِ نَحْوِ الْمِفْتَاحِ إلَخْ، وَيَنْبَغِي أَنَّ مِثْلَ ذَلِكَ خَيْطُ السِّكِّينِ مِنْ الْحَرِيرِ فَيَجُوزُ وَإِنْ لَاحَظَ الزِّينَةَ
(قَوْلُهُ: وَلُبْسُ خَشِنٍ) أَيْ لَاقَى الْبَدَنَ أَمْ لَا (قَوْلُهُ: وَيُسَنُّ لُبْسُ الْعَذَبَةِ) هِيَ اسْمٌ لِقِطْعَةٍ مِنْ الْقُمَاشِ تُغْرَزُ فِي مُؤَخِّرِ الْعِمَامَةِ، وَيَنْبَغِي أَنْ يَقُومَ مَقَامَهَا إرْخَاءُ جُزْءٍ مِنْ طَرَفِ الْعِمَامَةِ مِنْ مَحَلِّهَا (قَوْلُهُ: وَتَضْيِيعٌ لِلْمَالِ) وَمَعَ ذَلِكَ هُوَ مَكْرُوهٌ إلَّا عِنْدَ قَصْدِ الْخُيَلَاءِ (قَوْلُهُ: يُنْدَبُ لَهُمْ لُبْسُهُ) أَيْ وَيَحْرُمُ عَلَى غَيْرِهِمْ التَّشَبُّهُ بِهِمْ فِيهِ لِيُلْحَقُوا بِهِمْ، وَعِبَارَةُ طب فِي لَيْلَةِ النِّصْفِ، وَبَحَثَ الزَّرْكَشِيُّ أَنَّهُ يَحْرُمُ عَلَى غَيْرِ الصَّالِحِ التَّزَيِّي بِزِيِّهِ إنْ غَرَّبَهُ غَيْرُهُ حَتَّى يَظُنَّ صَلَاحَهُ فَيُعْطِيَهُ، قَالَ بَعْضُهُمْ: وَهُوَ ظَاهِرٌ إنْ قَصَدَ بِهِ هَذَا التَّغْرِيرَ فَلْيُتَأَمَّلْ، وَمِثْلُهُ مَنْ تَزَيَّا بِزِيِّ الْعَالِمِ وَقَدْ كَثُرَ فِي زَمَانِنَا
(قَوْلُهُ: وَيُسَنُّ أَنْ يَبْدَأَ بِيَمِينِهِ لُبْسًا) أَيْ وَلَوْ خَرَجَ مِنْ الْمَسْجِدِ فَيَنْبَغِي أَنْ يُقَدِّمَ يَسَارَهُ خُرُوجًا وَيَضَعَهَا عَلَى ظَهْرِ النَّعْلِ مَثَلًا، ثُمَّ يَخْرُجُ بِالْيَمِينِ فَيَلْبَسُ نَعْلَهَا ثُمَّ يَلْبَسُ نَعْلَ الْيَسَارِ فَقَدْ جَمَعَ بَيْنَ سُنَّةِ الِابْتِدَاءِ بِلُبْسِ الْيَمِينِ وَالْخُرُوجِ بِالْيَسَارِ (قَوْلُهُ: مِنْ أَنَّ طَيَّهَا) أَيْ مَعَ التَّسْمِيَةِ، وَالْمُرَادُ بِالطَّيِّ لَفُّهَا عَلَى هَيْئَةٍ غَيْرِ الْهَيْئَةِ الَّتِي تَكُونُ عَلَيْهَا عِنْدَ إرَادَةِ اللُّبْسِ (قَوْلُهُ: وَالْأَوْلَى تَرْكُهُ وَتَرْكُ دَقِّ الثِّيَابِ وَصَقْلِهَا) ظَاهِرُهُ عَدَمُ الْكَرَاهَةِ فَيَكُونُ خِلَافَ الْأَوْلَى
(قَوْلُهُ: بِحَيْثُ يَعْرَقُ فَيَنْجُسُ بَدَنُهُ) هُوَ شَامِلٌ لِلنَّجَاسَةِ الْحُكْمِيَّةِ، وَمِثْلُ ثَوْبِهِ بَدَنُهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ.
وَفِي شَرْحِ الرَّوْضِ مَا يُفِيدُ أَنَّهُ يَحْرُمُ وَضْعُ النَّجَاسَةِ الْجَافَّةِ كَالزِّبْلِ عَلَى بَدَنِهِ أَوْ ثَوْبِهِ بِلَا حَاجَةٍ فَلْيُحَرَّرْ.
ثُمَّ قُرِّرَ أَنَّ مَنْ دَخَلَ بِنَجَاسَةٍ فِي نَحْوِ ثَوْبِهِ أَوْ نَعْلِهِ رَطْبَةٍ أَوْ غَيْرِ رَطْبَةٍ إنْ خَافَ تَلْوِيثَ الْمَسْجِدِ أَوْ لَمْ يَكُنْ دُخُولُهُ لِحَاجَةٍ حَرُمَ وَإِلَّا فَلَا، وَقَدْ يُسْتَشْكَلُ هَذَا بِجَوَازِ عُبُورِ حَائِضٍ أَمِنَتْ التَّلْوِيثَ وَلَوْ لِغَيْرِ حَاجَةٍ، فَإِنْ أُجِيبَ بِعُذْرِهَا وَعَدَمِ اخْتِيَارِهَا
ــ
[حاشية الرشيدي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَيَحْتَاجُ إلَى غَسْلِهِ لِلصَّلَاةِ مَعَ تَعَذُّرِ الْمَاءِ وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ: الظَّاهِرُ حُرْمَةُ الْمُكْثِ بِهِ فِي الْمَسْجِدِ مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ إلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ يَجِبُ تَنْزِيهُ الْمَسْجِدِ عَنْ النَّجَاسَةِ (فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ) الْمَفْرُوضَةِ (وَنَحْوِهَا) كَطَوَافٍ مَفْرُوضٍ وَخُطْبَةِ جُمُعَةٍ، بِخِلَافِ لُبْسِهِ فِي ذَلِكَ بَعْدَ الشُّرُوعِ فِيهِ فَيَحْرُمُ سَوَاءٌ أَكَانَ الْوَقْتُ مُتَّسِعًا أَمْ لَا لِقَطْعِهِ الْفَرْضَ، بِخِلَافِ النَّفْلِ فَإِنَّهُ لَا يَحْرُمُ لِجَوَازِ قَطْعِهِ وَمَعْلُومٌ أَنَّ لُبْسَهُ فِي أَثْنَاءِ طَوَافٍ مَفْرُوضٍ بِنِيَّةِ قَطْعِهِ جَائِزَةٌ وَبِدُونِهِ مُمْتَنِعٌ، أَمَّا إذَا لَبِسَهُ قَبْلَ أَنْ يُحْرِمَ بِنَفْلٍ أَوْ فَرْضٍ غَيْرَ مُضَيَّقٍ، أَوْ بَعْدَ تَحَرُّمِهِ بِنَفْلٍ وَاسْتَمَرَّ فَالْحُرْمَةُ عَلَى تَلَبُّسِهِ بِعِبَادَةٍ فَاسِدَةٍ، أَوْ اسْتِمْرَارِهِ فِيهَا لَا عَلَى لُبْسِهِ فَافْهَمْ (لَا جِلْدُ كَلْبٍ وَخِنْزِيرٍ) ، أَوْ فَرْعِ أَحَدِهِمَا فَلَا يَحِلُّ لُبْسُهُ لِأَحَدٍ، إذْ لَا يَجُوزُ الِانْتِفَاعُ بِالْخِنْزِيرِ فِي حَيَاتِهِ بِحَالٍ وَكَذَا بِالْكَلْبِ إلَّا فِي أَغْرَاضٍ مَخْصُوصَةٍ فَبَعْدَ مَوْتِهِمَا أَوْلَى (إلَّا لِضَرُورَةٍ كَفَجْأَةِ قِتَالٍ) وَخَوْفٍ عَلَى عُضْوٍ لَهُ أَوْ لِغَيْرِهِ مِنْ نَحْوِ حَرٍّ، أَوْ بَرْدٍ شَدِيدٍ وَلَمْ يَجِدْ غَيْرَهُ مِمَّا يَقُومُ مَقَامَهُ فَإِنَّهُ يَجُوزُ كَمَا يَجُوزُ تَنَاوُلُ الْمَيْتَةِ عِنْدَ الِاضْطِرَارِ، وَيَجُوزُ تَغْشِيَةُ الْكِلَابِ وَالْخَنَازِيرِ بِذَلِكَ لِمُسَاوَاةِ مَا ذُكِرَ لَهُمَا فِي التَّغْلِيظِ، وَلَيْسَ إلْبَاسُ الْكَلْبِ الَّذِي لَا يُقْتَنَى، أَوْ الْخِنْزِيرِ جِلْدَ مِثْلِهِ مُسْتَلْزِمًا لِاقْتِنَائِهِ، وَلَوْ سُلِّمَ فَإِثْمُهُ عَلَى الِاقْتِنَاءِ دُونَ الْإِلْبَاسِ عَلَى أَنَّهُ قَدْ يَجُوزُ اقْتِنَاؤُهُ لِمُضْطَرٍّ احْتَاجَ إلَى حَمْلِ شَيْءٍ عَلَيْهِ أَوْ لِيَدْفَعَ بِهِ عَنْ نَفْسِهِ نَحْوَ سَبُعٍ، أَوْ يَكُونُ ذَلِكَ لِأَهْلِ الذِّمَّةِ فَإِنَّهُمْ يُقِرُّونَ عَلَيْهَا، أَوْ لِمُضْطَرٍّ تَزَوَّدَ بِهِ لِيَأْكُلَهُ كَمَا يَتَزَوَّدُ بِالْمَيْتَةِ، فَلَهُ حِينَئِذٍ أَنْ يُجَلِّلَهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، وَبِذَلِكَ ادْفَعْ اسْتِشْكَالَ الْإِسْعَادِ وَالتَّنْظِيرَ فِيهِ، وَيُؤَيِّدُ مَا أَشَرْنَا إلَيْهِ مَا فِي الْمَجْمُوعِ مِنْ التَّفْصِيلِ بَيْنَ كَلْبٍ يُقْتَنَى وَخِنْزِيرٍ لَا يُؤْمَرُ بِقَتْلِهِ وَبَيْنَ غَيْرِهِمَا، لَكِنَّ تَقْيِيدَهُ بِالْمُقْتَنَى وَبِمَا لَا يُؤْمَرُ بِقَتْلِهِ لَيْسَ لِإِخْرَاجِ غَيْرِهِمَا مُطْلَقًا بَلْ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَحْرُمُ تَجْلِيلُهُ إنْ تَضَمَّنَ اقْتِنَاؤُهُ الْمُحَرَّمَ، وَقَدْ لَا يَحْرُمُ إنْ لَمْ يَتَضَمَّنْهُ، أَمَّا تَغْشِيَةُ غَيْرِ الْكَلْبِ وَالْخِنْزِيرِ وَفَرْعِهِمَا، أَوْ فَرْعِ أَحَدِهِمَا مَعَ الْآخَرِ بِجِلْدِ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فَلَا يَحِلُّ، بِخِلَافِ تَغْشِيَتِهِ بِغَيْرِ جِلْدِهِمَا مِنْ الْجُلُودِ النَّجِسَةِ فَإِنَّهُ جَائِزٌ (وَكَذَا)(جِلْدُ الْمَيْتَةِ) قَبْلَ الدَّبْغِ مِنْ غَيْرِهِمَا لَا يَحِلُّ لُبْسُهُ أَيْضًا (فِي الْأَصَحِّ) فِي بَدَنِ الْآدَمِيِّ، أَوْ جُزْئِهِ، أَوْ فَوْقَ ثَوْبِهِ لِمَا عَلَيْهِ مِنْ التَّعَبُّدِ فِي اجْتِنَابِ النَّجَاسَةِ لِإِقَامَةِ الْعِبَادَةِ، وَقَضِيَّةُ الْعِلَّةِ أَنَّ غَيْرَ الْمُمَيِّزِ كَالدَّابَّةِ، وَيَحْتَمِلُ خِلَافَهُ اعْتِبَارًا بِمَا مِنْ شَأْنِهِ ذَلِكَ وَهُوَ الْأَوْفَقُ بِإِطْلَاقِهِمْ، وَيُسْتَثْنَى الْعَاجُ فَيَحِلُّ مَعَ الْكَرَاهَةِ حَيْثُ لَا رُطُوبَةَ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
فِي خُرُوجِ هَذِهِ النَّجَاسَةِ وَجَبَ أَنْ يُلْحَقَ بِهِ كُلُّ ذِي نَجَاسَةٍ لَا اخْتِيَارَ لَهُ فِي حُصُولِهَا إلَّا أَنْ يُفَرَّقَ بِأَنَّ الْعُذْرَ هُنَا أَتَمُّ فَلْيُحَرَّرْ.
وَفِي شَرْحِ الْمِنْهَاجِ لِشَيْخِنَا: وَمَعَ حِلِّ لُبْسِهِ: أَيْ الثَّوْبِ فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ وَنَحْوِهَا يَحْرُمُ الْمُكْثُ بِهِ فِي الْمَسْجِدِ مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ كَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ اهـ.
ثُمَّ قَرَّرَ م ر تَحْرِيمَ دُخُولِ مَنْ بِنَحْوِ ثَوْبِهِ نَجَاسَةٌ الْمَسْجِدَ وَمُكْثِهِ فِيهِ مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: وَيَحْتَاجُ إلَى غَسْلِهِ لِلصَّلَاةِ مَعَ تَعَذُّرِ الْمَاءِ) .
يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مَحَلُّ ذَلِكَ إذَا دَخَلَ الْوَقْتُ، أَمَّا قَبْلَهُ فَلَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ لُبْسُهُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مُخَاطَبًا بِالصَّلَاةِ، وَمِنْ ثَمَّ إذَا كَانَ مَعَهُ مَاءٌ جَازَ لَهُ التَّصَرُّفُ فِيهِ قَبْلَ دُخُولِ الْوَقْتِ، وَإِنْ عَلِمَ أَنَّهُ لَا يَجِدُ فِي الْوَقْتِ مَاءً وَلَا تُرَابًا وَأَنْ يُجَامِعَ زَوْجَتَهُ قَبْلَ دُخُولِ الْوَقْتِ وَإِنْ عَلِمَ ذَلِكَ أَيْضًا (قَوْلُهُ: لَا جِلْدُ كَلْبٍ وَخِنْزِيرٍ) .
[فَرْعٌ] قَضِيَّةُ حُرْمَةِ اسْتِعْمَالِ نَحْوِ جِلْدِ الْكَلْبِ وَالْخِنْزِيرِ وَشَعْرِهِمَا لِغَيْرِ ضَرُورَةٍ حُرْمَةُ اسْتِعْمَالِ مَا يُقَالُ لَهُ فِي الْعُرْفِ الشِّيتَةُ؛ لِأَنَّهَا مِنْ شَعْرِ الْخِنْزِيرِ.
نَعَمْ إنْ تَوَقَّفَ اسْتِعْمَالُ الْكَتَّانِ عَلَيْهَا وَلَمْ يُوجَدْ مَا يَقُومُ مَقَامَهَا فَهَذَا ضَرُورَةٌ مُجَوِّزَةٌ لِاسْتِعْمَالِهَا، وَعَلَى هَذَا لَوْ تَنَدَّى الْكَتَّانُ فَهَلْ يَجُوزُ اسْتِعْمَالُهَا وَيُعْفَى عَنْ مُلَاقَاتِهِ لَهَا حِينَئِذٍ مَعَ نَدَاوَتِهِ؟ قَالَ م ر: يَنْبَغِي الْجَوَازُ إنْ تَوَقَّفَ الِاسْتِعْمَالُ عَلَيْهَا.
وَأَقُولُ: يَنْبَغِي أَنْ يُقَيَّدَ الْجَوَازُ بِمَا إذَا لَمْ يُمْكِنْ تَجْفِيفُ الْكَتَّانِ وَعَمَلُهُ عَلَيْهَا جَافًّا فَلْيُتَأَمَّلْ.
وَمَشَى شَيْخُنَا فِي شَرْحِ الْمِنْهَاجِ عَلَى جَوَازِ اسْتِعْمَالِ جِلْدِ الْكَلْبِ وَالْخِنْزِيرِ فِي غَيْرِ اللُّبْسِ كَالْجُلُوسِ، ثُمَّ قَالَ: وَإِنْ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ الْمَذْهَبُ الْمَنْصُوصُ أَنَّهُ لَا يُنْتَفَعُ بِشَيْءٍ مِنْهُمَا اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: فَلَا يَحِلُّ لُبْسُهُ) خَرَجَ بِهِ الْفَرْشُ فَيَجُوزُ وَبِهِ صَرَّحَ حَجّ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ: وَهُوَ الْأَوْفَقُ بِإِطْلَاقِهِمْ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ وَيُسْتَثْنَى الْعَاجُ) وَهُوَ أَنْيَابُ الْفِيَلَةِ، قَالَ اللَّيْثُ: وَلَا يُسَمَّى غَيْرُ النَّابِ عَاجًا، وَالْعَاجُ ظَهْرُ السُّلَحْفَاةِ الْبَحْرِيَّةِ، وَعَلَيْهِ
ــ
[حاشية الرشيدي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
اسْتِعْمَالُهُ فِي الرَّأْسِ وَاللِّحْيَةِ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ وَالْإِحْرَامِ.
وَقَوْلُ الْإِسْنَوِيِّ إنَّهُ غَرِيبٌ وَوَهْمٌ عَجِيبٌ فَإِنَّ هَذَا التَّفْصِيلَ إنَّمَا ذَكَرَهُ الْأَصْحَابُ فِي وَضْعِ الشَّيْءِ فِي الْإِنَاءِ مِنْهُ فَالْتَبَسَ عَلَيْهِ ذَلِكَ بِالِاسْتِعْمَالِ فِي الْبَدَنِ انْتَهَى هُوَ الْغَرِيبُ وَالْوَهْمُ الْعَجِيبُ، فَقَدْ نَصَّ عَلَى التَّفْصِيلِ الْمَذْكُورِ فِي الْمُشْطِ وَالْإِنَاءِ الشَّافِعِيُّ فِي الْبُوَيْطِيِّ، وَجَزَمَ بِهِ جَمْعٌ مِنْهُمْ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَالشَّيْخُ أَبُو عَلِيٍّ الطَّبَرِيُّ وَالْمَاوَرْدِيُّ، وَكَأَنَّهُمْ اسْتَثْنَوْا الْعَاجَ لِشِدَّةِ جَفَافِهِ مَعَ ظُهُورِ رَوْنَقِهِ، وَجِلْدُ الْآدَمِيِّ وَإِنْ كَانَ طَاهِرًا وَشَعْرُهُ يَحْرُمُ اسْتِعْمَالُهُ كَمَا مَرَّ أَوَائِلَ الْكِتَابِ.
(وَيَحِلُّ) مَعَ الْكَرَاهَةِ فِي غَيْرِ الْمَسْجِدِ (الِاسْتِصْبَاحُ بِالدُّهْنِ النَّجِسِ) وَكَذَلِكَ دَهْنُ الدَّوَابِّ وَتَوْقِيحِهَا بِهِ كَمَا لَهُ ذَلِكَ بِالْمُتَنَجِّسِ (عَلَى الْمَشْهُورِ) لِمَا صَحَّ مِنْ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم سُئِلَ عَنْ فَأْرَةٍ وَقَعَتْ فِي سَمْنٍ، فَقَالَ «إنْ كَانَ جَامِدًا فَأَلْقُوهَا وَمَا حَوْلَهَا، وَإِنْ كَانَ مَائِعًا فَاسْتَصْبِحُوا بِهِ أَوْ فَانْتَفِعُوا بِهِ» أَمَّا فِي الْمَسْجِدِ فَلَا لِمَا فِيهِ مِنْ تَنْجِيسِهِ، كَذَا جَزَمَ بِهِ ابْنُ الْمُقْرِي تَبَعًا لِلْأَذْرَعِيِّ وَالزَّرْكَشِيِّ، وَصَرَّحَ بِذَلِكَ الْإِمَامُ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَأَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَإِنْ مَالَ الْإِسْنَوِيُّ إلَى الْجَوَازِ مُعَلِّلًا لَهُ بِقِلَّةِ الدُّخَانِ، وَحَمَلَ بَعْضُهُمْ الْأَوَّلَ عَلَى الْكَثِيرِ أَخْذًا مِنْ التَّعْلِيلِ
قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَالْأَشْبَهُ أَنْ يُلْحَقَ بِهِ الْمَنْزِلُ الْمُؤَجَّرُ وَالْمُعَارُ وَنَحْوُهُمَا إذَا طَالَ زَمَنُ الِاسْتِصْبَاحِ فِيهِ بِحَيْثُ يَعْلَقُ الدُّخَانُ بِالسَّقْفِ، أَوْ الْجِدَارِ، وَمَحَلُّ ذَلِكَ فِي غَيْرِ وَدَكِ نَحْوِ الْكَلْبِ فَلَا يَجُوزُ الِاسْتِصْبَاحُ بِهِ لِغِلَظِ نَجَاسَتِهِ، وَيُعْفَى عَمَّا يُصِيبُهُ مِنْ دُخَانِ الْمِصْبَاحِ لِقِلَّتِهِ، وَالْبُخَارُ الْخَارِجُ مِنْ الْكَنِيفِ طَاهِرٌ، وَكَذَا الرِّيحُ الْخَارِجَةُ مِنْ الدُّبُرِ كَالْجُشَاءِ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَحَقَّقْ أَنَّهُ مِنْ عَيْنِ النَّجَاسَةِ لِجَوَازِ أَنْ تَكُونَ الرَّائِحَةُ الْكَرِيهَةُ الْمَوْجُودَةُ فِيهِ لِمُجَاوَرَتِهِ النَّجَاسَةَ لَا أَنَّهُ مِنْ عَيْنِهَا.
وَيَجُوزُ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ طَلْيُ السُّفُنِ بِشَحْمِ الْمَيْتَةِ وَاِتِّخَاذُ صَابُونٍ مِنْ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
يُحْمَلُ أَنَّهُ كَانَ لِفَاطِمَةَ رضي الله عنها سِوَارٌ مِنْ عَاجٍ، وَلَا يَجُوزُ حَمْلُهُ عَلَى أَنْيَابِ الْفِيَلَةِ لِأَنَّ أَنْيَابَهَا مَيْتَةٌ بِخِلَافِ السُّلَحْفَاةِ، وَالْحَدِيثُ حُجَّةٌ لِمَنْ يَقُولُ بِالطَّهَارَةِ اهـ مِصْبَاحٌ (قَوْلُهُ: اسْتِعْمَالُهُ فِي الرَّأْسِ إلَخْ) وَيَنْبَغِي جَوَازُ حَمْلِهِ لِقَصْدِ اسْتِعْمَالِهِ عِنْدَ الِاحْتِيَاجِ إلَيْهِ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ وَنَحْوِهَا، أَمَّا فِيهِمَا فَلَا يَجُوزُ لِوُجُوبِ اجْتِنَابِ النَّجَاسَةِ فِيهِمَا فِي الْبَدَنِ وَالثَّوْبِ وَالْمَكَانِ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا حَرُمَ) لِمَا فِيهِ مِنْ تَنْجِيسِ الرَّأْسِ وَاللِّحْيَةِ (قَوْلُهُ: وَجِلْدُ الْآدَمِيِّ) أَيْ وَلَوْ حَرْبِيًّا خِلَافًا لحج
(قَوْلُهُ: وَيَحِلُّ الِاسْتِصْبَاحُ بِالدُّهْنِ النَّجِسِ) فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ وَأَظُنُّهُ فِي بَابِ الْآنِيَةِ نَقْلًا عَنْ الرُّويَانِيِّ وَأَقَرَّهُ مَا حَاصِلُهُ: أَنَّهُ يَجُوزُ وَضْعُ الدُّهْنِ الطَّاهِرِ فِي آنِيَةٍ نَجِسَةٍ كَالْمُتَّخِذِ مِنْ عَظْمِ الْفِيلِ لِغَرَضِ الِاسْتِصْبَاحِ بِهِ فِيهَا، وَاعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا طب رحمه الله وَإِنْ وَجَدَ طَاهِرَةً يُسْتَصْبَحُ فِيهَا وَهُوَ ظَاهِرٌ، لِأَنَّ غَرَضَ الِاسْتِصْبَاحِ حَاجَةٌ مُجَوِّزَةٌ لِذَلِكَ كَمَا جَازَ وَضْعُ الْمَاءِ الْقَلِيلِ فِي آنِيَةٍ نَجِسَةٍ لِغَرَضِ إطْفَاءِ نَارٍ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ، وَتَنْجِيسُ الطَّاهِرِ إنَّمَا يَحْرُمُ لِغَيْرِ غَرَضٍ فَلْيُتَأَمَّلْ.
[فَرْعٌ] إذَا اُسْتُصْبِحَ بِالدُّهْنِ النَّجَسِ جَازَ إصْلَاحُ الْفَتِيلَةِ بِأُصْبُعِهِ وَإِنْ تَنَجَّسَ وَأَمْكَنَ إصْلَاحُهَا بِنَحْوِ عُودٍ؛ لِأَنَّ التَّنْجِيسَ يَجُوزُ لِلْحَاجَةِ، وَلَا يُشْتَرَطُ لِجَوَازِهِ الضَّرُورَةُ، وَوَافَقَ م ر عَلَى أَنَّ شَرْطَ جَوَازِ الِاسْتِصْبَاحِ بِالدُّهْنِ النَّجَسِ فِي الْمَسْجِدِ الْحَاجَةُ وَأَمْنُ التَّنْجِيسِ لِلْمَسْجِدِ بِنَفْسِهِ أَوْ دُخَانِهِ، وَمَشَى عَلَى أَنَّهُ يَجُوزُ إدْخَالُ الدُّهْنِ النَّجَسِ غَيْرَ وَدَكِ الْكَلْبِ وَالْخِنْزِيرِ الْمَسْجِدَ لِحَاجَةٍ.
وَمِنْهَا قَصْدُ الْإِسْرَاجِ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَحْصُلَ تَنْجِيسٌ وَإِنْ قَلَّ.
ثُمَّ قَالَ م ر: يَجُوزُ إسْرَاجُ الدُّهْنِ النَّجِسِ فِي بَيْتٍ مُسْتَعَارٍ مَعَهُ أَوْ مُؤَجَّرٌ لَهُ بِشَرْطِ أَنْ لَا يُلَوِّثَهُ بِنَحْوِ دُخَانِهِ.
نَعَمْ الْيَسِيرُ الَّذِي جَرَتْ الْعَادَةُ بِالْمُسَامَحَةِ بِهِ بِحَيْثُ يَرْضَى بِهِ الْمَالِكُ فِي الْعَادَةِ فَلَا بَأْسَ.
فَلَوْ كَانَ مَوْقُوفًا أَوْ لِنَحْوِ قَاصِرٍ امْتَنَعَ: أَيْ وَلَوْ يَسِيرًا إلَّا أَنَّهُ لَيْسَ هُنَاكَ مَالِكٌ يُعْتَبَرُ رِضَاهُ وَيَتَفَرَّعُ عَلَى ذَلِكَ الطَّبْخُ بِنَحْوِ الْجِلَّةِ فِي الْبُيُوتِ الْمَوْقُوفَةِ وَنَحْوِهَا، وَقَدْ قَالَ م ر: يَنْبَغِي أَنْ يَمْتَنِعَ إذَا تَرَتَّبَ عَلَيْهَا تَسْوِيدُ الْجُدْرَانِ، وَجَوَّزَ أَنْ يُسْتَثْنَى مَا إذَا عُدَّ مَكَانٌ فِي تِلْكَ الْبُيُوتِ لِلطَّبْخِ وَجَرَتْ الْعَادَةُ بِالطَّبْخِ فِيهَا فَلْيُحَرَّرْ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: وَتَوْقِيحُهَا) أَيْ تَصْلِيبُ حَوَافِرِهَا بِالشَّحْمِ الْمُذَابِ كَمَا فِي الْمُحْتَارِ فَهُوَ مِنْ عَطْفِ الْخَاصِّ عَلَى الْعَامِّ (قَوْلُهُ: لِمَا فِيهِ مِنْ تَنْجِيسِهِ) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ إنْ لَمْ يَحْصُلْ مِنْهُ تَنْجِيسٌ لَمْ يَحْرُمْ
ــ
[حاشية الرشيدي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .