الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَلَا يُوفُونَ، وَقَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى:{وَمِنْهُمْ مَنْ عَاهَدَ اللَّهَ لَئِنْ آتَانَا مِنْ فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنَ الصَّالِحِينَ} [التوبة: 75]{فَلَمَّا آتَاهُمْ مِنْ فَضْلِهِ بَخِلُوا بِهِ وَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ} [التوبة: 76]{فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقًا فِي قُلُوبِهِمْ إِلَى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ بِمَا أَخْلَفُوا اللَّهَ مَا وَعَدُوهُ وَبِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ} [التوبة: 77] .
وَقَدْ صَحَّ «أَنَّ عُمَرَ قَالَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم إنِّي نَذَرْت أَنْ أَعْتَكِفَ لَيْلَةً فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ؟ فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: أَوْفِ بِنَذْرِك» . وَلِأَنَّهُ أَلْزَمَ نَفْسَهُ قُرْبَةً عَلَى وَجْهِ التَّبَرُّرِ، فَتَلْزَمُهُ، كَمَوْضِعِ الْإِجْمَاعِ، وَكَمَا لَوْ أَلْزَمَ نَفْسَهُ أُضْحِيَّةً، أَوْ أَوْجَبَ هَدْيًا، وَكَالِاعْتِكَافِ، وَكَالْعُمْرَةِ، فَإِنَّهُمْ قَدْ سَلَّمُوهَا، وَلَيْسَتْ وَاجِبَةً عِنْدَهُمْ، وَمَا ذَكَرُوهُ يَبْطُلُ بِهَذَيْنِ الْأَصْلَيْنِ، وَمَا حَكَوْهُ عَنْ أَبِي عُمَرَ لَا يَصِحُّ فَإِنَّ الْعَرَبَ تُسَمِّي الْمُلْتَزَمَ نَذْرًا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِشَرْطٍ، قَالَ جَمِيلٌ:
فَلَيْتَ رِجَالًا فِيكَ قَدْ نَذَرُوا دَمِي
…
وَهَمُّوا بِقَتْلِي يَا بُثَيْنَ لَقَوْنِي
وَالْجَعَالَةُ وَعْدٌ بِشَرْطٍ، وَلَيْسَتْ بِنَذْرٍ.
[الْقَسَم الثَّالِث النَّذْرُ الْمُبْهَمُ]
ُ. وَهُوَ أَنْ يَقُولَ: لِلَّهِ عَلَى نَذْرٌ. فَهَذَا تَجِبُ بِهِ الْكَفَّارَةُ، فِي قَوْلِ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ. وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَجَابِرٍ وَعَائِشَةَ. وَبِهِ قَالَ الْحَسَنُ، وَعَطَاءٌ، وَطَاوُسٌ، وَالْقَاسِمُ، وَسَالِمٌ، وَالشَّعْبِيُّ، وَالنَّخَعِيُّ، وَعِكْرِمَةُ، وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، وَمَالِكٌ، وَالثَّوْرِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ. وَلَا أَعْلَمُ فِيهِ مُخَالِفًا إلَّا الشَّافِعِيَّ، قَالَ لَا يَنْعَقِدُ نَذْرُهُ، وَلَا كَفَّارَةَ فِيهِ؛ لِأَنَّ مِنْ النَّذْرِ مَا لَا كَفَّارَةَ فِيهِ.
وَلَنَا، مَا رَوَى عُقْبَةُ بْنُ عَامِرٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «كَفَّارَةُ النَّذْرِ إذَا لَمْ يُسَمِّهِ كَفَّارَةُ الْيَمِينِ.» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ. وَقَالَ: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ غَرِيبٌ. وَلِأَنَّهُ نَصٌّ، وَهَذَا قَوْلُ مَنْ سَمَّيْنَا مِنْ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ، وَلَا نَعْرِفُ لَهُمْ فِي عَصْرِهِمْ مُخَالِفًا، فَيَكُونُ إجْمَاعًا.
[الْقَسَم الرَّابِع نَذْرُ الْمَعْصِيَةِ]
ِ، فَلَا يَحِلُّ الْوَفَاءُ بِهِ إجْمَاعًا؛ وَلِأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«مَنْ نَذَرَ أَنْ يَعْصِيَ اللَّهَ فَلَا يَعْصِهِ.» وَلِأَنَّ مَعْصِيَةَ اللَّهِ تَعَالَى لَا تَحِلُّ فِي حَالٍ، وَيَجِبُ عَلَى النَّاذِرِ كَفَّارَةُ يَمِينٍ. رُوِيَ نَحْوُ هَذَا عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَجَابِرٍ، وَعِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ، وَسَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ.
وَبِهِ قَالَ الثَّوْرِيُّ، وَأَبُو حَنِيفَةَ، وَأَصْحَابُهُ. وَرُوِيَ عَنْ أَحْمَدَ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ، فَإِنَّهُ قَالَ، فِيمَنْ نَذَرَ لَيَهْدِمَنَّ دَارَ غَيْرِهِ لَبِنَةً لَبِنَةً: لَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ. وَهَذَا فِي مَعْنَاهُ. وَرُوِيَ هَذَا عَنْ مَسْرُوقٍ، وَالشَّعْبِيِّ. وَهُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ، وَالشَّافِعِيِّ؛ لِقَوْلِ