الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
نَذَرَتْ أَنْ تَمْشِيَ إلَى بَيْتِ اللَّهِ الْحَرَامِ، فَسُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ ذَلِكَ، فَقَالَ: مُرُوهَا فَلْتَرْكَبْ، وَلْتُكَفِّرْ عَنْ يَمِينِهَا.» صَحِيحٌ، أَخْرُجَهُ أَبُو دَاوُد. وَهَذِهِ زِيَادَةٌ يَجِبُ الْأَخْذُ بِهَا، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الرَّاوِي لِلْحَدِيثِ رَوَى الْبَعْضَ وَتَرَكَ الْبَعْضَ أَوْ يَكُونَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم تَرَكَ ذِكْرَ الْكَفَّارَةِ فِي بَعْضِ الْحَدِيثِ، إحَالَةً عَلَى مَا عُلِمَ مِنْ حَدِيثِهِ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ.
وَمِنْ هَذَا الْقِسْمِ إذَا نَذَرَ فِعْلَ مَكْرُوهٍ، كَطَلَاقِ امْرَأَتِهِ، فَإِنَّهُ مَكْرُوهٌ، بِدَلِيلِ قَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم:«أَبْغَضُ الْحَلَالِ إلَى اللَّهِ الطَّلَاقُ» . فَالْمُسْتَحَبُّ أَنْ لَا يَفِيَ، وَيُكَفِّرَ، فَإِنْ وَفَى بِنَذْرِهِ، فَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ، وَالْخِلَافُ فِيهِ كَاَلَّذِي قَبْلَهُ.
[الْقَسَم السَّادِس نَذْرُ الْوَاجِبِ]
ِ، كَالصَّلَاةِ الْمَكْتُوبَةِ، فَقَالَ أَصْحَابُنَا: لَا يَنْعَقِدُ نَذْرُهُ. وَهُوَ قَوْلُ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ؛ لِأَنَّ النَّذْرَ الْتِزَامٌ، وَلَا يَصِحُّ الْتِزَامُ مَا هُوَ لَازِمٌ. لَهُ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَنْعَقِدَ نَذْرُهُ مُوجِبًا كَفَّارَةَ يَمِينِ إنْ تَرَكَهُ، كَمَا لَوْ حَلَفَ عَلَى فِعْلِهِ؛ فَإِنَّ النَّذْرَ كَالْيَمِينِ، وَقَدْ سَمَّاهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَمِينًا. وَكَذَلِكَ لَوْ نَذَرَ مَعْصِيَةً أَوْ مُبَاحًا، لَمْ يَلْزَمْهُ، وَيُكَفِّرُ إذَا لَمْ يَفْعَلْهُ.
[الْقَسَم السَّابِع نَذْرُ الْمُسْتَحِيلِ]
ِ، كَصَوْمِ أُمْسِ، فَهَذَا لَا يَنْعَقِدُ، وَلَا يُوجِبُ شَيْئًا لِأَنَّهُ لَا يُتَصَوَّرُ انْعِقَادُهُ، وَلَا الْوَفَاءُ بِهِ، وَلَوْ حَلَفَ عَلَى فِعْلِهِ لَمْ تَلْزَمْهُ كَفَّارَةٌ، فَالنَّذْرُ أَوْلَى، وَعَقْدُ الْبَابِ فِي صَحِيحِ الْمَذْهَبِ، أَنَّ النَّذْرَ كَالْيَمِينِ، وَمُوجَبُهُ مُوجَبُهَا، إلَّا فِي لُزُومِ الْوَفَاءِ بِهِ، إذَا كَانَ قُرْبَةً وَأَمْكَنَهُ فِعْلُهُ؛ وَدَلِيلُ هَذَا الْأَصْلِ قَوْلُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لِأُخْتِ عُقْبَةَ، «لَمَّا نَذَرْت الْمَشْيَ فَلَمْ تُطِقْهُ وَلْتُكَفِّرْ يَمِينَهَا» . وَفِي رِوَايَةٍ:" فَلْتَصُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ ". قَالَ أَحْمَدُ: إلَيْهِ أَذْهَبُ.
وَعَنْ عُقْبَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«كَفَّارَةُ النَّذْرِ كَفَّارَةُ الْيَمِينِ» . أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ. وَقَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ لِلَّتِي نَذَرَتْ ذَبْحَ وَلَدِهَا: كَفِّرِي يَمِينَك. وَلِأَنَّهُ قَدْ ثَبَتَ أَنَّ حُكْمَهُ حُكْمُ الْيَمِينِ فِي أَحَدِ أَقْسَامِهِ، وَهُوَ نَذْرُ اللَّجَاجِ، فَكَذَلِكَ سَائِرُهُ، فِي سِوَى مَا اسْتَثْنَاهُ الشَّرْعُ.
[فَصْل نَذْرَ فَعَلَ طَاعَةٍ وَمَا لَيْسَ بِطَاعَةِ]
(8174)
فَصْلٌ: وَإِنْ نَذَرَ فِعْلَ طَاعَةٍ، وَمَا لَيْسَ بِطَاعَةٍ، لَزِمَهُ فِعْلُ الطَّاعَةِ، كَمَا فِي خَبَرِ أَبِي إسْرَائِيلَ فَإِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَمَرَهُ بِإِتْمَامِ الصَّوْمِ، وَتَرْكِ مَا سِوَاهُ؛ لِكَوْنِهِ لَيْسَ بِطَاعَةٍ. وَفِي وُجُوبِ الْكَفَّارَةِ لِمَا تَرَكَهُ الِاخْتِلَافُ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ. وَقَدْ رَوَى عُقْبَةُ بْنُ عَامِرٍ. قَالَ:«نَذَرَتْ أُخْتِي أَنْ تَمْشِيَ إلَى بَيْتِ اللَّهِ الْحَرَامِ حَافِيَةً غَيْرَ مُخْتَمِرَةٍ، فَذَكَرَ ذَلِكَ عُقْبَةُ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: مُرْ أُخْتَك فَلْتَرْكَبْ، وَلْتَخْتَمِرْ، وَلْتَصُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ.» رَوَاهُ الْجُوزَجَانِيُّ، وَالتِّرْمِذِيُّ. فَإِنْ كَانَ الْمَتْرُوكُ خِصَالًا كَثِيرَةً، أَجْزَأَتْهُ كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ؛ لِأَنَّهُ نَذْرٌ وَاحِدٌ، فَتَكُونُ