الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَقَعَ فِي الْكِتَابَةِ لَا يُبْطِلُ حُكْمَهَا كَالْإِبْرَاءِ مِنْ نُجُومِ الْكِتَابَةِ وَلِأَنَّ مِلْكَهَا كَانَ ثَابِتًا عَلَى مَا فِي يَدِهَا وَلَمْ يَحْدُثْ إلَّا مَا يُزِيلُ حَقَّ سَيِّدِهَا عَنْهَا فَيَقْتَضِي زَوَالَ حَقِّهِ عَمَّا فِي يَدِهَا وَتَقْرِيرَ مِلْكِهَا وَخُلُوصَهُ لَهَا كَمَا اقْتَضَى ذَلِكَ فِي نَفْسِهَا، وَهَذَا أَصَحُّ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
[فَصْلٌ الْمُكَاتَبَةُ إنْ أَعْتَقَهَا سَيِّدُهَا]
(8754)
فَصْلٌ: وَإِنْ أَعْتَقَهَا سَيِّدُهَا عَتَقَتْ وَسَقَطَتْ كِتَابَتُهَا، وَمَا فِي يَدِهَا لَهَا فِي قَوْلِ الْقَاضِي وَمَنْ وَافَقَهُ. فَأَمَّا عَلَى قَوْلِ الْخِرَقِيِّ وَمَنْ وَافَقَهُ، فَقِيَاسُهُ أَنْ يَكُونَ لِسَيِّدِهَا كَمَا لَوْ عَتَقَتْ بِالِاسْتِيلَادِ. وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ لَهَا عَلَى قَوْلِهِمْ أَيْضًا؛ لِأَنَّ السَّيِّدَ أَعْتَقَهَا بِرِضَاهُ فَيَكُونَ رِضًى مِنْهُ بِإِعْطَائِهَا مَالَهَا بِخِلَافِ الْعِتْقِ بِالِاسْتِيلَادِ فَإِنَّهُ حَصَلَ بِغَيْرِ رِضَى الْوَرَثَةِ وَاخْتِيَارِهِمْ، وَلِأَنَّهُ لَوْ كَانَ مَالُ الْمُكَاتَبِ يَصِيرُ لِلسَّيِّدِ بِإِعْتَاقِهِ لَتَمَكَّنَ السَّيِّدُ مِنْ أَخْذِ مَالِ الْمُكَاتَبِ مَتَى شَاءَ، فَمَتَى كَانَ لَهُ غَرَضٌ فِي أَخْذِ مَالِهِ، إمَّا لِكَثْرَتِهِ وَفَضْلِهِ عَنْ نُجُومِ كِتَابَتِهِ، وَإِمَّا لِغَرَضٍ لَهُ فِي بَعْضِ أَعْيَانِ مَالِهِ، أَعْتَقَهُ وَأَخَذَ مَالَهُ، وَهَذَا ضَرَرٌ عَلَى الْمُكَاتَبِ لَمْ يَرِدْ الشَّرْعُ بِهِ وَلَا يَقْتَضِيهِ عَقْدُ الْكِتَابَةِ فَوَجَبَ أَنْ لَا يُشْرَعَ.
[فَصْلٌ الْمُكَاتَبَةُ إنْ أَتَتْ بِوَلَدٍ مِنْ غَيْرِ سَيِّدِهَا بَعْدَ اسْتِيلَادِهَا
.]
(8755)
فَصْلٌ: وَإِنْ أَتَتْ بِوَلَدٍ مِنْ غَيْرِ سَيِّدِهَا بَعْدَ اسْتِيلَادِهَا فَلَهُ حُكْمُهَا فِي الْعِتْقِ بِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ السَّبَبَيْنِ، أَيُّهُمَا سَبَقَ عَتَقَ بِهِ كَالْأُمِّ سَوَاءٌ؛ لِأَنَّهُ تَابِعٌ لَهَا فَيَثْبُتَ لَهُ مَا يَثْبُتُ لَهَا وَإِنْ مَاتَتْ الْمُكَاتَبَةُ بَقِيَ لِلْوَلَدِ سَبَبُ الِاسْتِيلَادِ وَحْدَهُ وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي وَلَدِهَا فَقَالَتْ: وَلَدْتُهُ بَعْدَ كِتَابَتِي أَوْ بَعْدَ وِلَايَتِي. وَقَالَ السَّيِّدُ: بَلْ قَبْلَهُ. فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: الْقَوْلُ قَوْلُ السَّيِّدِ مَعَ يَمِينِهِ وَهَذَا قَوْلُ الشَّافِعِيِّ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ كَوْنُ الْأَمَةِ وَوَلَدِهَا رَقِيقًا، لِسَيِّدِهِمَا التَّصَرُّفُ فِيهِمَا وَهِيَ تَدَّعِي مَا يَمْنَعُ التَّصَرُّفَ.
وَإِنْ زَوَّجَ مُكَاتَبُهُ أَمَتَهُ ثُمَّ بَاعَهَا مِنْهُ وَاخْتَلَفَا فِي وَلَدِهَا فَقَالَ السَّيِّدُ: هُوَ لِي؛ لِأَنَّهَا وَلَدَتْهُ قَبْلَ بَيْعِهَا لَك وَقَالَ الْمُكَاتَبُ: بَلْ بَعْدَهُ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُكَاتَبِ؛ لِأَنَّهُمَا فِي مِلْكِهِ وَيَدِ الْمُكَاتَبِ عَلَيْهِ فَكَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ صَاحِبِ الْيَدِ مَعَ يَمِينِهِ كَسَائِرِ الْأَمْوَالِ وَيُفَارِقُ وَلَدُ الْمُكَاتَبَةِ؛ لِأَنَّهَا لَا تَدَّعِي مِلْكَهُ.
[فَصْلٌ كَانَتْ الْأَمَةُ بَيْنَ شَرِيكَيْنِ فَكَاتَبَاهَا ثُمَّ وَطِئَهَا أَحَدُهُمَا]
(8756)
فَصْلٌ: إذَا كَانَتْ الْأَمَةُ بَيْنَ شَرِيكَيْنِ فَكَاتَبَاهَا ثُمَّ وَطِئَهَا أَحَدُهُمَا أُدِّبَ فَوْقَ أَدَبِ الْوَاطِئِ؛ لِمُكَاتَبَتِهِ الْخَالِصَةِ لَهُ؛ لِأَنَّ الْوَطْءَ هَاهُنَا حَرُمَ مِنْ وَجْهَيْنِ؛ الشَّرِكَةِ وَالْكِتَابَةِ، فَهُوَ آكَدُ وَإِثْمُهُ أَعْظَمُ وَأَدَبُهُ أَكْثَرُ، وَعَلَيْهِ مَهْرُ مِثْلِهَا عَلَى مَا أَسْلَفْنَاهُ فِيمَا إذَا كَانَ السَّيِّدُ وَاحِدًا، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ حَلَّ نَجْمٌ قَبَضَتْ الْمَهْرَ، فَإِذَا حَلَّ نَجْمُهَا سَلَّمَتْهُ إلَيْهِمَا، وَإِنْ حَلَّ نَجْمُهَا وَهُوَ مِنْ جِنْسِ مَالِ الْكِتَابَةِ وَكَانَ فِي يَدِهَا بِقَدْرِهِ دَفَعَتْهُ إلَى الَّذِي لَمْ يَطَأْهَا وَاحْتَسَبَتْ عَلَى الْوَاطِئِ بِالْمَهْرِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي يَدِهَا شَيْءٌ وَكَانَ بِقَدْرِ نَجْمِهَا أَوْ دُونَهُ أَخَذَتْ مِنْ الْوَاطِئِ نِصْفَهُ وَسَلَّمَتْهُ
إلَى الْآخَرِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ جِنْسِ مَالِ الْكِتَابَةِ فَاتَّفَقَا عَلَى أَخْذِهِ عِوَضًا عَنْ مَالِ الْكِتَابَةِ فَالْحُكْمُ فِيهِ كَمَا لَوْ كَانَ مِنْ جِنْسِهَا.
وَإِنْ لَمْ يَتَّفِقَا قَبَضَتْهُ وَدَفَعَتْهُ مِمَّا عَلَيْهَا مِنْ مَالِ الْكِتَابَةِ مِنْ عِوَضِهِ أَوْ غَيْرِهِ،
وَإِنْ عَجَزَتْ فَسَخَا الْكِتَابَةَ وَكَانَ فِي يَدِهَا بِقَدْرِ الْمَهْرِ أَخَذَهُ الَّذِي لَمْ يَطَأْ وَسَقَطَ الْمَهْرُ مِنْ ذِمَّةِ الْوَاطِئِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي يَدِهَا شَيْءٌ كَانَ لِلَّذِي لَمْ يَطَأْ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْوَاطِئِ بِنِصْفِهِ؛ لِأَنَّهُ وَطِئَ جَارِيَةً مُشْتَرَكَةً بَيْنَهُمَا، فَإِنْ حَبِلَتْ مِنْهُ صَارَتْ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ وَعَلَيْهِ نِصْفُ قِيمَتِهَا لِشَرِيكِهِ مَعَ نِصْفِ الْمَهْرِ الْوَاجِبِ لَهَا - مُوسِرًا كَانَ أَوْ مُعْسِرًا - إلَّا أَنَّهُ إنْ كَانَ مُوسِرًا أَدَّاهُ فِي الْحَالِ، وَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا فَهُوَ فِي ذِمَّتِهِ. هَذَا ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ ذَكَرَ مِثْلَ هَذَا فِي بَابِ الْعِتْقِ، فَعَلَى هَذَا تَصِيرُ أُمَّ وَلَدٍ لِلْوَاطِئِ، وَمُكَاتَبَتُهُ لَهُ كَأَنَّهُ اشْتَرَاهَا وَتَكُونُ مُبْقَاةً عَلَى مَا بَقِيَ مِنْ كِتَابَتِهَا وَتُعْتَبَرُ قِيمَتُهَا بِمَا تُسَاوِي مُكَاتَبَتَهُ مُبْقَاةً عَلَى مَا بَقِيَ عَلَيْهَا مِنْ كِتَابَتِهَا.
وَاخْتَارَ الْقَاضِي أَنَّهُ إنْ كَانَ مُعْسِرًا لَمْ يَسْرِ الْإِحْبَالُ؛ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الْإِعْتَاقِ بِالْقَوْلِ يُعْتَبَرُ الْيَسَارُ فِي سِرَايَتِهِ، وَنَصِيبُ الْوَاطِئِ قَدْ ثَبَتَ لَهُ حُكْمُ الِاسْتِيلَادِ وَحُكْمُ الْكِتَابَةِ، وَنَصِيبُ شَرِيكِهِ لَمْ يَثْبُتْ لَهُ إلَّا حُكْمُ الْكِتَابَةِ، فَإِنْ أَدَّتْ إلَيْهِمَا عَتَقَتْ وَبَطَلَ حُكْمُ الِاسْتِيلَادِ، وَإِنْ عَجَزَتْ وَفَسَخَا الْكِتَابَةَ ثَبَتَ لِنِصْفِهَا حُكْمُ الِاسْتِيلَادِ، وَنِصْفُهَا قِنٌّ لَا يُقَوَّمُ عَلَى الْوَارِثِ وَإِنْ كَانَ مُوسِرًا؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمُعْتَقٍ.
وَإِنْ مَاتَ الْوَاطِئُ قَبْلَ عَجْزِهَا عَتَقَ نَصِيبُهُ وَسَقَطَ حُكْمُ الْكِتَابَةِ فِيهِ وَكَانَ الْبَاقِي مُكَاتَبًا،
وَإِنْ كَانَ الْوَاطِئُ مُوسِرًا فَقَدْ ثَبَتَ لِنِصْفِهَا حُكْمُ الِاسْتِيلَادِ، وَنِصْفُهَا الْآخَرُ مَوْقُوفٌ، فَإِنْ أَدَّتْ إلَيْهِمَا عَتَقَتْ كُلُّهَا وَوَلَاؤُهَا لَهُمَا، وَإِنْ عَجَزَتْ وَفَسَخَا الْكِتَابَةَ قَوَّمْنَاهَا حِينَئِذٍ عَلَى الْوَاطِئِ، فَيَدْفَعُ إلَى شَرِيكِهِ قِيمَةَ نَصِيبِهِ وَتَصِيرُ جَمِيعُهَا أُمَّ وَلَدٍ لَهُ، فَإِنْ مَاتَ عَتَقَتْ عَلَيْهِ وَكَانَ وَلَاؤُهَا لَهُ. وَهَذَا مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَلَهُ قَوْلٌ آخَرُ: أَنَّهَا تُقَوَّمُ عَلَى الْمُوسِرِ وَتَبْطُلُ الْكِتَابَةُ فِي نِصْفِ الشَّرِيكِ، وَتَصِيرُ جَمِيعُهَا أُمَّ وَلَدٍ وَنِصْفُهَا مُكَاتَبًا لِلْوَاطِئِ، فَإِنْ أَدَّتْ نَصِيبَهُ إلَيْهِ عَتَقَتْ وَسَرَى إلَى الْبَاقِي؛ لِأَنَّهُ مِلْكُهُ وَعَتَقَ جَمِيعُهَا، وَإِنْ عَجَزَتْ فَفَسَخَ الْكِتَابَةَ كَانَتْ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ خَاصَّةً، فَإِذَا مَاتَ عَتَقَتْ كُلُّهَا.
وَلَنَا أَنَّ بَعْضَهَا أُمُّ وَلَدٍ فَكَانَ جَمِيعُهَا كَذَلِكَ كَمَا لَوْ كَانَ الشَّرِيكُ مُوسِرًا، يُحَقِّقُ هَذَا أَنَّ الْوَلَدَ حَاصِلٌ مِنْ جَمِيعِهَا، وَهُوَ كُلُّهُ مِنْ الْوَاطِئِ وَنَسَبُهُ لَاحِقٌ بِهِ فَيَجِبُ أَنْ يَثْبُتَ ذَلِكَ لِجَمِيعِهَا، وَيُفَارِقُ الْإِعْتَاقُ فَإِنَّهُ أَضْعَفُ عَلَى مَا بَيَّنَّا مِنْ قَبْلُ.
وَلَنَا عَلَى أَنَّ الْكِتَابَةَ لَا تَبْطُلُ بِالتَّقْوِيمِ أَنَّهَا عَقْدٌ لَازِمٌ، فَلَا تَبْطُلُ مَعَ بَقَائِهَا بِفِعْلٍ صَدَرَ مِنْهُ، كَمَا لَوْ اسْتَوْلَدَهَا وَهِيَ فِي مِلْكِهِ، وَكَمَا لَوْ لَمْ تَحْبَلْ مِنْهُ فَأَمَّا الْوَلَدُ فَإِنَّهُ حُرٌّ؛ لِأَنَّهُ مِنْ وَطْءٍ فِيهِ شُبْهَةٌ وَنَسَبُهُ لَاحِقٌ بِهِ كَذَلِكَ وَلَا يَلْزَمُهُ قِيمَتُهُ؛ لِأَنَّهَا وَضَعَتْهُ فِي مِلْكِهِ