الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
رَجَعَ بِحَقِّهِ عَلَى الَّذِي أَحْبَلَهَا. وَأَمَّا الْقَاضِي فَقَالَ فِي هَذَا الْقِسْمِ: الْحُكْمُ فِي الْأَوَّلِ كَالْحُكْمِ فِيهِ إذَا انْفَرَدَ بِالْوَطْءِ عَلَى مَا مَضَى مِنْ التَّفْصِيلِ وَالتَّطْوِيلِ. وَأَمَّا الثَّانِي فَإِنْ وَطِئَهَا بَعْدَ وِلَادَتِهَا مِنْ الْأَوَّلِ نَظَرْنَا، فَإِنْ وَطِئَهَا بَعْدَ الْحُكْمِ بِكَوْنِهَا أُمَّ وَلَدٍ لِلْأَوَّلِ فَعَلَيْهِ مَهْرُ مِثْلِهَا، فَإِنْ كَانَ فَسَخَ الْكِتَابَةَ فِي حَقِّ نَفْسِهِ لِعَجْزِهَا فَالْمَهْرُ لَهُ؛ لِأَنَّهَا أُمُّ وَلَدِهِ، وَإِنْ كَانَ لَمْ يَفْسَخْ فَالْمَهْرُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا نِصْفَيْنِ.
وَإِنْ وَطِئَهَا بَعْدَ زَوَالِ الْكِتَابَةِ فِي حَقِّهِ وَقَبْلَ الْحُكْمِ بِأَنَّهَا أُمُّ وَلَدٍ لِلْأَوَّلِ سَقَطَ عَنْهُ نِصْفُ مَهْرِهَا؛ لِأَنَّ نِصْفَهَا قِنٌّ لَهُ، وَعَلَيْهِ النِّصْفُ لَهَا - إنْ لَمْ يَكُنْ الْأَوَّلُ فَسَخَ الْكِتَابَةَ - أَوْ لَهُ إنْ كَانَ فَسَخَ، وَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ مُعْسِرًا فَنَصِيبُهُ مِنْهَا أُمُّ وَلَدٍ لَهُ، وَلَهَا عَلَيْهِمَا الْمَهْرَانِ، وَالْحُكْمُ فِيمَا إذَا عَجَزَتْ أَوْ أَدَّتْ قَدْ تَقَدَّمَ. فَأَمَّا إنْ كَانَ الْوَلَدُ مِنْ الثَّانِي فَالْحُكْمُ فِي وَطْءِ الْأَوَّلِ كَالْحُكْمِ فِيهِ إذَا وَطِئَ مُنْفَرِدًا فَلَمْ يُحْبِلْهَا.
وَأَمَّا الثَّانِي فَإِنْ كَانَ مُوسِرًا قُوِّمَ عَلَيْهِ نَصِيبُ شَرِيكِهِ عِنْدَ الْعَجْزِ، فَإِنْ فَسَخَا الْكِتَابَةَ قَوَّمْنَاهَا عَلَيْهِ وَصَارَتْ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ، وَإِنْ رَضِيَ الثَّانِي بِالْمُقَامِ عَلَى الْكِتَابَةِ قَوَّمْنَا عَلَيْهِ نَصِيبَ الْأَوَّلِ وَصَارَتْ كُلُّهَا أُمَّ وَلَدٍ لَهُ وَنِصْفُهَا مُكَاتَبٌ، وَيَرْجِعُ الْأَوَّلُ عَلَى الثَّانِي بِنِصْفِ الْمَهْرِ وَنِصْفِ قِيمَةِ الْوَلَدِ عَلَى إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ، وَيَرْجِعُ الثَّانِي عَلَى الْأَوَّلِ بِنِصْفِ الْمَهْرِ فَيَتَقَاصَّانِ بِهِ إنْ كَانَ بَاقِيًا عَلَيْهِمَا، وَإِنْ كَانَ الثَّانِي مُعْسِرًا فَالْحُكْمُ فِيهِ كَمَا وَلَدَتْ مِنْ الْأَوَّلِ وَكَانَ مُعْسِرًا لَا فَضْلَ بَيْنَ الْمَسْأَلَتَيْنِ.
الْقِسْمُ الثَّالِثُ: أَمْكَنَ أَنْ يَكُونَ الْوَلَدُ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فَإِنَّهُ يَرَى الْقَافَةَ مَعَهُمَا فَيَلْحَقُ بِمَنْ أَلْحَقُوهُ بِهِ مِنْهُمَا، فَمَنْ أُلْحِقَ بِهِ فَحُكْمُهُ حُكْمُ مَا لَوْ عُرِفَ أَنَّهُ مِنْهُ بِغَيْرِ قَافَةٍ.
[مَسْأَلَةٌ كَاتَبَ نِصْفَ عَبْدٍ فَأَدَّى مَا كُوتِبَ عَلَيْهِ
.]
(8762)
مَسْأَلَةٌ: قَالَ: (وَإِذَا كَاتَبَ نِصْفَ عَبْدٍ فَأَدَّى مَا كُوتِبَ عَلَيْهِ وَمِثْلَهُ لِسَيِّدِهِ صَارَ حُرًّا بِالْكِتَابَةِ إنْ كَانَ الَّذِي كَاتَبَهُ مُعْسِرًا، وَإِنْ كَانَ مُوسِرًا عَتَقَ عَلَيْهِ كُلُّهُ وَصَارَ نِصْفُ قِيمَتِهِ عَلَى الَّذِي كَاتَبَهُ لِشَرِيكِهِ) . وَجُمْلَتُهُ أَنَّ الرَّجُلَ إذَا كَانَ لَهُ نِصْفُ عَبْدٍ كَانَتْ لَهُ مُكَاتَبَتُهُ، وَتَصِحُّ مِنْهُ سَوَاءٌ كَانَ بَاقِيهِ حُرًّا أَوْ مَمْلُوكًا لِغَيْرِهِ - وَسَوَاءٌ أَذِنَ فِيهِ الشَّرِيكُ أَوْ لَمْ يَأْذَنْ. هَذَا ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ وَأَبِي بَكْرٍ، وَقَوْلُ الْحَكَمِ وَابْنِ أَبِي لَيْلَى. وَحُكِيَ ذَلِكَ عَنْ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ وَالْحَسَنِ بْنِ صَالِحٍ وَمَالِكٍ وَالْعَنْبَرِيِّ، وَكَرِهَ الثَّوْرِيُّ وَحَمَّادٌ كِتَابَتَهُ بِغَيْرِ إذْنِ شَرِيكِهِ. وَقَالَ الثَّوْرِيُّ: إنْ فَعَلَ رَدَدْتُهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ نَقَدَهُ فَيَضْمَنُ لِشَرِيكِهِ نِصْفَ مَا فِي يَدِهِ
، وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: تَصِحُّ بِإِذْنِ الشَّرِيكِ وَلَا تَصِحُّ بِغَيْرِ إذْنِهِ وَهَذَا أَحَدُ قَوْلَيْ الشَّافِعِيِّ إلَّا أَنَّ أَبَا حَنِيفَةَ قَالَ: إذْنُهُ فِيمَا مَضَى
فِي ذَلِكَ يَقْتَضِي الْإِذْنَ فِي تَأْدِيَةِ مَالِ الْكِتَابَةِ مِنْ جَمِيعِ كَسْبِهِ، وَلَا يَرْجِعُ الْآذِنُ بِشَيْءٍ مِنْهُ. وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ: يَكُونُ جَمِيعُهُ مُكَاتَبًا. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ فِي أَحَدِ قَوْلَيْهِ: إنْ كَانَ بَاقِيهِ حُرًّا صَحَّتْ كِتَابَتُهُ، وَإِنْ كَانَ بَاقِيهِ مِلْكًا لَمْ تَصِحَّ كِتَابَتُهُ سَوَاءٌ أَذِنَ فِيهِ الشَّرِيكُ أَمْ لَمْ يَأْذَنْ؛ لِأَنَّ كِتَابَتَهُ تَقْتَضِي إطْلَاقَهُ فِي رَدِّ الْكَسْبِ وَالْمُسَافَرَةِ، وَمِلْكُ نِصْفِهِ يَمْنَعُ ذَلِكَ وَيَمْنَعُهُ أَخْذُ نَصِيبِهِ مِنْ الصَّدَقَاتِ؛ لِئَلَّا يَصِيرَ كَسْبًا لَهُ وَيَسْتَحِقَّ سَيِّدُهُ نِصْفَهُ، وَلِأَنَّهُ إذَا أَدَّى عَتَقَ جَمِيعُهُ فَيُؤَدِّي إلَى أَنْ يُؤَدِّيَ نِصْفَ كِتَابَتِهِ وَيَعْتِقَ جَمِيعُهُ.
وَلَنَا أَنَّهُ عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ عَلَى نِصْفِهِ فَصَحَّ كَبَيْعِهِ، وَلِأَنَّهُ مِلْكٌ لَهُ يَصِحُّ بَيْعُهُ وَهِبَتُهُ فَصَحَّتْ كِتَابَتُهُ كَمَا لَوْ مَلَكَ جَمِيعَهُ، وَلِأَنَّهُ يَنْفُذُ إعْتَاقُهُ فَصَحَّتْ كِتَابَتُهُ كَالْعَبْدِ الْكَامِلِ، وَكَمَا لَوْ كَانَ بَاقِيهِ حُرًّا - عِنْدَ الشَّافِعِيِّ - أَوْ أَذِنَ فِيهِ الشَّرِيكُ عِنْدَ الْبَاقِينَ. وَقَوْلُهُمْ: إنَّهُ يَقْتَضِي الْمُسَافَرَةَ وَالْكَسْبَ وَأَخْذَ الصَّدَقَةِ قُلْنَا: أَمَّا الْمُسَافَرَةُ فَلَيْسَتْ مِنْ الْمُقْتَضَيَاتِ الْأَصْلِيَّةِ فَوُجُودُ مَانِعٍ مِنْهَا لَا يَمْنَعُ أَصْلَ الْعَقْدِ. وَأَمَّا الْكَسْبُ وَأَخْذُ الصَّدَقَةِ فَإِنَّهُ لَا يَمْنَعُ كَسْبَهُ وَأَخْذَهُ الصَّدَقَةَ بِجُزْئِهِ بِالْمُكَاتَبَةِ وَلَا يَسْتَحِقُّ الشَّرِيكُ شَيْئًا مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا اسْتَحَقَّ ذَلِكَ بِالْجُزْءِ الْمُكَاتَبِ، وَلَا حَقَّ لِلشَّرِيكِ فِيهِ، فَكَذَلِكَ فِيمَا حَصَلَ بِهِ، كَمَا لَوْ وَرِثَ شَيْئًا بِجُزْئِهِ الْحُرِّ، وَأَمَّا الْكَسْبُ فَإِنْ هَايَأَهُ مَالِكُ نِصْفِهِ فَكَسَبَ فِي نَوْبَتِهِ شَيْئًا لَمْ يُشَارِكْهُ فِيهِ أَيْضًا، وَإِنْ لَمْ يُهَايِئْهُ فَكَسَبَ بِجُمْلَتِهِ شَيْئًا كَانَ بَيْنَهُمَا لَهُ بِقَدْرِ مَا فِيهِ مِنْ الْجُزْءِ الْمُكَاتَبِ وَلِسَيِّدِهِ الْبَاقِي؛ لِأَنَّهُ كَسَبَهُ بِجُزْئِهِ الْمَمْلُوكِ فِيهِ، فَأَشْبَهَ مَا لَوْ كَسَبَ قَبْلَ كِتَابَتِهِ فَيُقْسَمُ بَيْنَ سَيِّدَيْهِ.
وَقَوْلُهُمْ: إنَّهُ يُفْضِي إلَى أَنْ يُؤَدِّيَ بَعْضَ الْكِتَابَةِ فَيَعْتِقُ جَمِيعُهُ. قُلْنَا: يَبْطُلُ هَذَا بِمَا لَوْ عَلَّقَ عِتْقَ نَصِيبِهِ عَلَى أَدَاءِ مَالٍ فَإِنَّهُ يُؤَدِّي عِوَضَ الْبَعْضِ وَيَعْتِقُ الْجَمِيعُ، عَلَى أَنَّنَا نَقُولُ: لَا يَعْتِقُ حَتَّى يُؤَدِّيَ جَمِيعَ الْكِتَابَةِ فَإِنَّ جَمِيعَ الْكِتَابَةِ هُوَ الَّذِي كَاتَبَهُ عَلَيْهِ مَالِكُ نِصْفِهِ وَلَمْ يَبْقَ مِنْهَا شَيْءٌ، فَلَا يَعْتِقُ حَتَّى يُؤَدِّيَ جَمِيعَهَا وَلِأَنَّهُ لَا يَعْتِقُ الْجَمِيعُ بِالْأَدَاءِ وَإِنَّمَا يَعْتِقُ الْجُزْءُ الْمُكَاتَبُ لَا غَيْرُ، وَبَاقِيهِ إنْ كَانَ الْمُكَاتَبُ مُعْسِرًا لَمْ يَعْتِقْ، وَإِنْ كَانَ مُوسِرًا عَتَقَ بِالسِّرَايَةِ لَا بِالْكِتَابَةِ، وَلَا يَمْنَعُ هَذَا كَمَا لَوْ أُعْتِقَ بَعْضُهُ عَتَقَ جَمِيعُهُ، فَإِذَا جَازَ جَمِيعُهُ بِإِعْتَاقِ بَعْضِهِ بِطَرِيقِ السِّرَايَةِ جَازَ ذَلِكَ فِيمَا يَجْرِي مَجْرَى الْعِتْقِ، إذَا ثَبَتَ هَذَا فَإِنَّهُ إذَا كَاتَبَ نَصِيبَهُ لَمْ تَسْرِ الْكِتَابَةُ وَلَمْ يَتَعَدَّ الْجُزْءَ الَّذِي كَاتَبَهُ؛ لِأَنَّ الْكِتَابَةَ عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ فَلَمْ يَسْرِ كَالْبَيْعِ، وَلَيْسَ لِلْعَبْدِ أَنْ يُؤَدِّيَ إلَى مُكَاتِبِهِ شَيْئًا حَتَّى يُؤَدِّيَ إلَى شَرِيكِهِ مِثْلَهُ سَوَاءٌ أَذِنَ الشَّرِيكُ فِي كِتَابَتِهِ أَوْ لَمْ يَأْذَنْ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا أَذِنَ فِي كِتَابَةِ نَصِيبِهِ، وَذَلِكَ يَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ نَصِيبُهُ بَاقِيًا لَهُ، وَلَا يَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ مَعْرُوفًا فِي الْكِتَابَةِ
وَهَذَا إذَا كَانَ الْكَسْبُ بِجَمِيعِهِ فَإِنْ أَدَّى الْكِتَابَةَ مِنْ جَمِيعِ كَسْبِهِ لَمْ يَعْتِقْ؛ لِأَنَّ