الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تَبْدُوَ نَوَاجِذُهُ، وَيَقُولُ: هِيهِ، كَيْفَ قُلْت؟ . فَأُكَرِّرُهُ عَلَيْهِ، فَيَضْحَكُ» .
[فَصْلٌ وَطِئَ الرَّجُلُ أَمَتَهُ فَأَتَتْ بِوَلَدِ بَعْدَ وَطْئِهِ بِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَصَاعِدًا]
(8849)
فَصْلٌ: فَإِذَا وَطِئَ الرَّجُلُ أَمَتَهُ، فَأَتَتْ بِوَلَدٍ بَعْدَ وَطْئِهِ بِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَصَاعِدًا، لَحِقَهُ نَسَبُهُ، وَصَارَتْ لَهُ بِذَلِكَ أُمَّ وَلَدٍ. وَإِنْ أَتَتْ بِوَلَدٍ تَامٍّ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ، لَمْ يَلْحَقْهُ نَسَبُهُ؛ لِأَنَّ أَقَلَّ مُدَّةِ الْحَمْلِ سِتَّةُ أَشْهُرٍ، بِدَلِيلِ مَا رَوَى الْحَسَنُ، أَنَّ امْرَأَةً وَلَدَتْ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ، فَأُتِيَ بِهَا إلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنه فَهَمَّ بِرَجْمِهَا، فَقَالَ لَهُ عَلِيٌّ رضي الله عنه: لَيْسَ لَك ذَلِكَ، إنَّ اللَّهَ يَقُولُ:{وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلاثُونَ شَهْرًا} [الأحقاف: 15] . فَقَدْ يَكُونُ فِي الْبَطْنِ سِتَّةَ أَشْهُرٍ، وَالرَّضَاعُ أَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ شَهْرًا، فَذَلِكَ تَمَامُ مَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى:{ثَلاثُونَ شَهْرًا} [الأحقاف: 15] . فَخَلَّى عَنْهَا عُمَرُ. وَرُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّهُ قَالَ ذَلِكَ لِعُثْمَانَ.
وَمَنْ اعْتَرَفَ بِوَطْءِ أَمَتِهِ، فَأَتَتْ بِوَلَدٍ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ مِنْهُ، لَحِقَهُ نَسَبُهُ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ نَفْيُهُ؛ لِمَا رُوِيَ عَنْ عُمَرَ، رضي الله عنه أَنَّهُ قَالَ: حَصِّنُوا هَذِهِ الْوَلَائِدَ، فَلَا يَطَأُ رَجُلٌ وَلِيدَتَهُ، ثُمَّ يُنْكِرُ وَلَدَهَا، إلَّا أَلْزَمْتُهُ إيَّاهُ. رَوَاهُ سَعِيدٌ. وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: قَالَ عُمَرُ: أَيُّمَا رَجُلٍ غَشِيَ أَمَتَهُ، ثُمَّ ضَيَّعَهَا، فَالضَّيْعَةُ عَلَيْهِ، وَالْوَلَدُ وَلَدُهُ. رَوَاهُ سَعِيدٌ أَيْضًا. وَلِأَنَّ أَمَتَهُ صَارَتْ فِرَاشًا بِالْوَطْءِ، فَلَحِقَهُ وَلَدُهَا، كَالْمَرْأَةِ، وَلِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم:«الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ» . فَإِنْ نَفَاهُ سَيِّدُهَا، لَمْ يَنْتَفِ عَنْهُ، إلَّا أَنْ يَدَّعِيَ أَنَّهُ اسْتَبْرَأَهَا، وَأَتَتْ بِالْوَلَدِ بَعْدَ اسْتِبْرَائِهَا بِسِتَّةِ أَشْهُرٍ، فَيَنْتَفِي عَنْهُ بِذَلِكَ. وَهَلْ يَحْلِفُ عَلَى ذَلِكَ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ.
وَقَدْ رُوِيَ عَنْ الْحَسَنِ، قَالَ: إذَا أَنْكَرَ الرَّجُلُ وَلَدَهُ مِنْ أَمَتِهِ، فَلَهُ ذَلِكَ. وَعَنْ الشَّعْبِيِّ، أَنَّهُ كَانَ يَقُول: يَنْتَفِي مِنْ وَلَدِهِ، إذَا كَانَ مِنْ أَمَتِهِ، وَمَتَى شَاءَ. وَلَنَا، قَوْلُ عُمَرَ، وَأَنَّهُ وُلِدَ عَلَى فِرَاشِهِ، فَلَمْ يَكُنْ لَهُ نَفْيُهُ، كَوَلَدِهِ مِنْ زَوْجَتِهِ. فَإِنْ أَقَرَّ بِهِ، لَمْ يَكُنْ لَهُ نَفْيُهُ بَعْدَ ذَلِكَ. لَا نَعْلَمُ فِيهِ خِلَافًا. قَالَ إبْرَاهِيمُ: إذَا أَقَرَّ بِوَلَدِهِ، فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَنْتَفِيَ مِنْهُ، فَإِنْ انْتَفَى مِنْهُ، ضُرِبَ الْحَدَّ، وَأُلْحِقَ بِهِ الْوَلَدُ. وَقَالَ شُرَيْحٌ لِرَجُلٍ أَقَرَّ بِوَلَدِهِ: لَا سَبِيلَ لَك أَنْ تَنْتَفِيَ مِنْهُ، وَكَذَلِكَ إنْ هُنِّئَ بِهِ. فَسَكَتَ، أَوْ أَمَّنَ عَلَى الدُّعَاءِ؛ لِأَنَّهُ دَلِيلٌ عَلَى الرِّضَا، بِهِ فَقَامَ مَقَامَ الْإِقْرَارِ بِهِ. وَإِنْ كَانَ يَطَأُ جَارِيَتَهُ، وَادَّعَى أَنَّهُ كَانَ يَعْزِلُ عَنْهَا، لَمْ يَنْتِفْ الْوَلَدُ بِذَلِكَ؛ لِمَا رَوَى أَبُو سَعِيدٍ، أَنَّهُ «قَالَ: يَا رَسُولَ
اللَّهِ، إنَّا نُصِيبُ النِّسَاءَ، وَنُحِبُّ الْأَثْمَانَ، أَفَنَعْزِلُ عَنْهُنَّ؟ قَالَ: إنَّ اللَّهَ إذَا قَضَى خَلْقَ نَسَمَةٍ، خَلَقَهَا» .
وَعَنْ جَابِرٍ، قَالَ:«جَاءَ رَجُلٌ مِنْ الْأَنْصَارِ إلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: إنَّ لِي جَارِيَةً، وَأَنَا أَطُوفُ عَلَيْهَا، وَأَنَا أَكْرَهُ أَنْ تَحْمِلَ. فَقَالَ: اعْزِلْ عَنْهَا إنْ شِئْت، فَإِنَّهُ سَيَأْتِيهَا مَا قُدِّرَ لَهَا قَالَ: فَلَبِثَ الرَّجُلُ، ثُمَّ أَتَاهُ، فَقَالَ: إنَّ الْجَارِيَةَ قَدْ حَمَلَتْ. قَالَ قَدْ أَخْبَرْتُكَ، أَنَّهُ سَيَأْتِيهَا مَا قُدِّرَ لَهَا» . رَوَاهُ أَبُو دَاوُد. وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ، أَنَّهُ قَالَ: كُنْت أَعْزِلُ عَنْ جَارِيَتِي، فَوَلَدَتْ أَحَبَّ الْخَلْقِ إلَيَّ. يَعْنِي ابْنَهُ. وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّ عُمَرَ قَالَ: مَا بَالُ رِجَالٍ يَطَئُونَ وَلَائِدَهُمْ، ثُمَّ يَعْزِلُونَهُنَّ، لَا تَأْتِينِي وَلِيدَةٌ يَعْتَرِفُ سَيِّدُهَا أَنَّهُ أَتَاهَا، إلَّا أَلْحَقْت بِهِ وَلَدَهَا، فَاعْزِلُوا بَعْدَ ذَلِكَ أَوْ اُتْرُكُوا. وَلِأَنَّهَا بِالْوَطْءِ صَارَتْ فِرَاشًا، وَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:«الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ» .