الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَنِصْفُهُ عَبْدٌ، كَمَا لَا يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ نِصْفُ الْمَرْأَةِ طَالِقًا، وَنِصْفُهَا زَوْجَةً، وَلَا سَبِيلَ إلَى إعْتَاقِ جَمِيعِهِ، فَبَطَلَ كُلُّهُ.
وَالثَّانِي، يَعْتِقُ كُلُّهُ، وَتَكُونُ قِيمَةُ نَصِيبِ الَّذِي لَمْ يُعْتِقْ فِي ذِمَّةِ الْمُعْتِقِ، يُتْبَعُ بِهَا إذَا أَيْسَرَ، كَمَا لَوْ أَتْلَفَهُ. وَهَذَانِ الْقَوْلَانِ شَاذَّانِ، لَمْ يَقُلْهُمَا مَنْ يُحْتَجُّ بِقَوْلِهِ، وَلَا يُعْتَمَدُ عَلَى مَذْهَبِهِ. وَيَرُدُّهُمَا قَوْلُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم:«مَنْ أَعْتَقَ شِرْكًا لَهُ فِي عَبْدٍ، فَكَانَ مَعَهُ مَا يَبْلُغُ ثَمَنَ الْعَبْدِ، قُوِّمَ عَلَيْهِ قِيمَةُ الْعَدْلِ، وَأُعْطِيَ شُرَكَاؤُهُ حِصَصَهُمْ، وَعَتَقَ جَمِيعُ الْعَبْدِ، وَإِلَّا فَقَدْ عَتَقَ مِنْهُ مَا عَتَقَ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَإِذَا ثَبَتَ أَنَّهُ لَا يَعْتِقُ عَلَى الْمُعْسِرِ إلَّا نَصِيبُهُ، فَبَاقِي الْعَبْدِ عَلَى الرِّقِّ، فَإِذَا أَعْتَقَهُ مَالِكُهُ، عَتَقَ بِإِعْتَاقِهِ، وَكَانَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ وَلَاءُ مَا أَعْتَقَ؛ لِأَنَّ الْوَلَاءَ لِمَنْ أَعْتَقَ. وَيُفَارِقُ الْعِتْقُ الطَّلَاقَ؛ لِكَوْنِ الْمَرْأَةِ لَا يُمْكِنُ الِاشْتِرَاكُ فِيهَا، وَلَا وُرُودُ النِّكَاحِ عَلَى بَعْضِهَا، وَلَا تَكُونُ إلَّا لِوَاحِدٍ، فَنَظِيرُهُ إذَا كَانَ الْعَبْدُ لِوَاحِدٍ، فَأَعْتَقَ جُزْءًا مِنْهُ، فَإِنَّهُ يَعْتِقُ جَمِيعُهُ.
[فَصْلٌ قَالَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الشُّرَكَاءِ لِلْعَبْدِ إذَا دَخَلْت الدَّارَ فَنَصِيبِي مِنْك حُرٌّ فَدَخَلَ]
(8576)
فَصْلٌ: وَإِذَا قَالَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الشُّرَكَاءِ لِلْعَبْدِ: إذَا دَخَلْت الدَّارَ، فَنَصِيبِي مِنْك حُرٌّ. فَدَخَلَ، عَتَقَ عَلَيْهِمْ جَمِيعًا، سَوَاءٌ قَالُوا ذَلِكَ دُفْعَةً وَاحِدَةً، أَوْ فِي دُفُعَاتٍ مُتَفَرِّقَةٍ؛ لِأَنَّ الْعِتْقَ فِي أَنْصِبَائِهِمْ يَقَعُ دُفْعَةً وَاحِدَةً، وَإِنَّ اخْتَلَفَتْ أَوْقَاتُ تَعْلِيقِهِ.
[مَسْأَلَة الشَّرِيكَ إذَا أَعْتَقَ نَصِيبَهُ مِنْ الْعَبْدِ وَهُوَ مُوسِرٌ]
(8577)
مَسْأَلَةٌ: قَالَ: (وَلَوْ أَعْتَقَهُ أَحَدُهُمْ، وَهُوَ مُوسِرٌ، عَتَقَ كُلُّهُ، وَصَارَ لِصَاحِبِهِ عَلَيْهِ قِيمَةُ ثُلُثَيْهِ) وَجُمْلَتُهُ أَنَّ الشَّرِيكَ إذَا أَعْتَقَ نَصِيبَهُ مِنْ الْعَبْدِ، وَهُوَ مُوسِرٌ، عَتَقَ نَصِيبُهُ. لَا نَعْلَمُ خِلَافًا فِيهِ؛ لِمَا فِيهِ مِنْ الْأَثَرِ، وَلِأَنَّهُ جَائِزُ التَّصَرُّفِ، أَعْتَقَ مِلْكَهُ الَّذِي لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِ حَقُّ غَيْرِهِ، فَنَفَذَ فِيهِ كَمَا لَوْ أَعْتَقَ جَمِيعَ الْعَبْدِ الْمَمْلُوكِ لَهُ. وَإِذَا أَعْتَقَ نَصِيبَهُ، سَرَى الْعِتْقُ إلَى جَمِيعِهِ، فَصَارَ جَمِيعُهُ حُرًّا، وَعَلَى الْمُعْتِقِ قِيمَةُ أَنْصِبَاءِ شُرَكَائِهِ وَالْوَلَاءُ لَهُ. وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ وَابْنِ أَبِي لَيْلَى، وَابْنِ شُبْرُمَةَ، وَالثَّوْرِيِّ وَالشَّافِعِيِّ وَأَبَى يُوسُفَ، وَمُحَمَّدٍ، وَإِسْحَاقَ.
وَقَالَ الْبَتِّيُّ: لَا يَعْتِقُ إلَّا حِصَّةُ الْمُعْتِقِ، وَنَصِيبُ الْبَاقِينَ بَاقٍ عَلَى الرِّقِّ، وَلَا شَيْءَ عَلَى الْعِتْقِ؛ لِمَا رَوَى ابْنُ التِّلِبِّ، عَنْ أَبِيهِ، «أَنَّ رَجُلًا أَعْتَقَ شِقْصًا لَهُ فِي مَمْلُوكٍ، فَلَمْ يُضَمَّنْهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم» . ذَكَرَهُ أَحْمَدُ، وَرَوَاهُ. وَلِأَنَّهُ لَوْ بَاعَ نَصِيبَهُ، لَاخْتَصَّ الْبَيْعُ بِهِ، فَكَذَلِكَ الْعِتْقُ، إلَّا أَنْ تَكُونَ جَارِيَةً نَفِيسَةَ، يُغَالَى فِيهَا، فَيَكُونَ ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ الْجِنَايَةِ مِنْ الْمُعْتِقِ؛ لِلضَّرَرِ الَّذِي أَدْخَلَهُ عَلَى شَرِيكِهِ.