الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال سديف بن ميمون
(1)
يصف جلوسه عندهما:
كأنّي لم اقطن بمكّة ساعة
…
ولم يلهني فيها ربيب منعّم
ولم أجلس الحوضين شرقيّ زمزم
…
وهيهات إبنا منك لا ابن زمزم
يحنّ فؤادي إن سهيل بدا له
…
وأقسم إنّ الشّوق منى لمتهم
ذكر
عيون زمزم وغير ذلك
وكان ذرع غور زمزم من أعلاها إلى أسفلها ستين ذراعا. وفي قعرها ثلاث عيون: عين حذاء الركن الأسود، وعين حذاء أبي قبيس والصفا، وعين حذاء المروة. وكان ماؤها قد قلّ جدا حتى كانت تجمّ في الأيام، وذلك في سنة ثلاث وعشرين، وأربع وعشرين ومائتي
(2)
سنة، فضرب فيها محمد بن الضحّاك خليفة عمر بن فرج الرخّجي
(3)
على بريد مكة وصوافيها تسع أذرع سحّا في الأرض في تقوير جوانبها. قال: فلما جاء الله-تعالى-بالأمطار والسيول في سنة خمس وعشرين ومائتين، فكثر ماؤها.
وقد كان سالم بن الجرّاح فيما ذكر بعض المكيّين قد ضرب فيها في خلافة
(1)
سديف بن اسماعيل بن ميمون الهاشمي، مولاهم، شاعر غير مكثر، من أهل مكة، كان شديد التحريض على بني أمية، متعصّبا لبني هاشم، وعاش إلى زمن المنصور فتشيّع لبني علي، فقتله عبد الصمد بن علي-عامل المنصور على مكة-. أنظر الشعر والشعراء 761/ 2.وتهذيب تاريخ ابن عساكر 68/ 6.
والبيتان الأولان مذكوران في أخبار مكة للأزرقي 60/ 2،وهما من زيادات محمد بن نافع الخزاعي-راوي الكتاب-كما صرّح الخزاعي بذلك، ولم ينسبهما.
(2)
كذا في الأصل، والأصوب (ومائتين) كما في الأزرقي.
(3)
بضم الراء المهملة، وفتح الخاء المعجمة المشدّدة، وفي آخرها جيم-هذه النسبة إلى (الرخّجيّة) قرية بقرب بغداد. الأنساب 98/ 6،واللباب 20/ 2.
أمير المؤمنين هارون، ومن قبل كان قد ضرب فيها في خلافة المهدي، وكان عمر بن ماهان على البريد والصوافي في خلافة محمد بن أمير المؤمنين هارون، ومن قبل كان قد ضرب فيها وكان ماؤها قد قل حتى قال محمد بن بشير
(1)
-رجل من أهل الطائف. فيما زعموا كان يعمل فيها-:إنه صلى في قعرها.
فغورها من رأسها إلى الجبل أربعون ذراعا، كلّ ذلك بنيان، وما بقي فهو جبل منقور، وهو تسعة وعشرون ذراعا. وذرع حنك
(2)
زمزم في السماء ذراعان وشبر، وذرع تدوير فم زمزم أحد عشر ذراعا، وسعة فم زمزم ثلاثة أذرع وثلثا ذراع. وعلى البئر ملبن
(3)
ساج مربع فيه اثنتا عشرة بكرة يستقي عليها، منها بكرة كان بعث بها الحسن بن مخلد إليها فكانت عليها ثم نزعت.
وأول من عمل الرخام/على زمزم والشباك وفرش أرضها بالرخام أبو جعفر أمير المؤمنين في خلافته، ثم عملها المهدي في خلافته، ثم غيره عمر بن فرج الرخّجي في خلافة أبي إسحاق المعتصم بالله أمير المؤمنين سنة عشرين ومائتين، وكانت مكشوفة قبل ذلك إلا قبة صغيرة على موضع البئر، وفي ركنها الذي يلي الصفا على يسارك كنيسة
(4)
على موضع مجلس ابن عبّاس-رضي الله عنهما-ثم غيّرها عمر بن فرج، فسقف زمزم كلها بالساج المذهب من داخل، وجعل عليها من ظهرها الفسيفساء، وأشرع لها جناحا صغيرا كما يدور بتربيعها، وجعل في الجناح كما يدور سلاسل فيها قناديل يستصبح فيها في الموسم،
(1)
كذا في الأصل. وعند الأزرقي (مشير) وفي شفاء الغرام (مسير).
(2)
أي: ارتفاعه. التاج 137/ 7.
(3)
الملبن: يطلق على البئر التي تحاط بأربعة أعمدة توضع عليها أربعة عوارض، على كل عارضة بكرة أو أكثر، فينزع الماء من أربع جهات. أما إذا كان على البئر عمودان فقط فيقال لها (منحاة).وانظر ص 78 من هذا الجزء.
(4)
موضع كان يجلس فيه ابن عبّاس رضي الله عنهما ثم جعل عليه ساج يجلس فيه قيم زمزم، راجع ص ص 78 و 84 و 85 من هذا الجزء وانظر لسان العرب 198/ 6.
وجعل على القبة التي بين زمزم وبيت الشراب الفسيفساء، وكانت قبل ذلك تزوّق في كل موسم. عمل ذلك في سنة عشرين ومائتين
(1)
.
ولم يزل الأمراء بعد ذلك تسرج في قناديل زمزم في المواسم حتى كان محمد بن سليمان
(2)
الزينبي، فأسرج فيها من السنة إلى السنة بقناديل بيض كبار، وهو يومئذ والي مكة، فامتثل ذلك من فعله، وجرى ذلك إلى اليوم
(3)
.
وعلى زمزم كتاب كتب في صفائح ساج مذهّب كما يدور في ترابيعها، وكتب في الصفائح التي تلي باب الكعبة، والركن كتابا بماء الذهب، وجعل الكتاب باسم المعتصم بالله، ثم جعل بعد باسم جعفر المتوكل على الله، ثم جعل اليوم باسم المعتمد على الله، وهو:
بسم الله الرحمن الرحيم أمر خليفة الله جعفر الإمام المتوكل على الله أمير المؤمنين-أيّده الله-أن يأمر عبد الله بن محمد بن داود عامله على مكة ومخاليفها وعلى جميع أعمالها بعمل مأثرة-أيده الله، ومآثرا بآية زمزم هزمة جبريل-صلوات الله على محمد وعليه وسلم-وسقاية خليله ونبيه ابراهيم وذبيحه اسماعيل-صلى الله عليهما وسلّم-ومأثرة العباس بن عبد المطلب رضي الله عنه-عم رسول الله صلى الله عليه وسلم وبقية آبائه ووارثه دون جميع خلقه وعباده وأبي الخلفاء، فأطال الله بقاء أمير المؤمنين [
…
]
(4)
من الله-عز وجل -ومن رسوله، فأجزل الله أجرهما ومثوبتهما وأدام عمارة الإسلام ومآثره بهما انه على كل شيء قدير.
(1)
أنظر هذه الأخبار عند الأزرقي 61/ 2 - 62.وابن رسته ص:42 - 43.
(2)
أنظر ترجمته في العقد الثمين 22/ 2.
(3)
ذكره الفاسي في العقد الثمين 23/ 2 نقلا عن الفاكهي.
(4)
بياض في الأصل.