الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وكان الوادي يمر دونها في موضع المسجد اليوم، وكان على مكة عام عمر المسجد الحرام جعفر بن سليمان
(1)
فتولى بعض عمارته هذه الأولى.
ذكر
زيادة المهدي الثانية في قدومه مكة
وصفة ما زاد وتفسيره
وقال بعض المكيّين: إن المهدي أمير المؤمنين اعتمر في سنة ست وستين ومائة، فدخل مكة في شهر رمضان، فنزل دار الندوة فبينما هو يطوف بالبيت في أيام مقامه إذ عرضت له فاطمة بنت محمد بن عبد الله بن حسن في ستارة، فقالت: يا أمير المؤمنين أمّني وزوجي. فقال لها: من أنت ومن زوجك؟ قالت: أنا فاطمة بنت محمد بن عبد الله بن حسن، وزوجي حسن بن ابراهيم ابن عبد الله. قال: وأين هو؟ قالت: معي في هذه الستارة. قال: قد أمن فليخرج، فخرج فأخذ أمير المؤمنين بيده، فطاف معه حتى قضى طوافه ثم جاء
(2)
سبيله، وأقام أمير المؤمنين حتى حجّ بالناس تلك السنة، فدخل عليه سفيان الثوري بمنى.
1353 -
فحدّثنا محمد بن أبي عمر قال: ثنا سفيان بن عيينة، قال:
أخبرني-يعني الثوري-أنه دخل على [أبي هارون]
(3)
بمنى. قال ابن أبي عمر-يعني المهدي-قال:
(4)
قرأت ورأيت، فقلت أي شيء هذا؟ حجّ
1353 - إسناده صحيح.
(1)
ترجمته في العقد الثمين 419/ 3.
(2)
كذا في الأصل، ولعلّها (خلّى).
(3)
في الأصل (أبي هريرة-رضي الله عنه) وهو تصحيف شنيع، وانما هو: أبي هارون الرشيد، والمهدي، هو: أبو هارون.
(4)
القائل: هو الثوري.
عمر بن الخطاب-رضي الله عنه-فانفق في حجه ستة عشر دينارا
(1)
.وزاد محمد بن أبي عمر: فقال له المهدي يا أبا عبد الله كيف رأيت حجنا؟ فقال لولا ما يصنع هؤلاء-يعني الأعوان-.
ولقد حدّثني أبو عمران أيمن بن نابل، عن قدامة بن عبد الله بن عمار الكلابي، قال: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يرمي الجمرة يوم النحر، لا طرد ولا ضرب ولا اليك اليك
(2)
.وإنّ اعوانك يا أمير المؤمنين هؤلاء قد آذوا الناس وطردهم، فسكت عنه.
وقد كان أمير المؤمنين المهدي أمر بعمارة المسجد الحرام والزيادة فيه في حجته الأولى، فعمر وزيد فيه ما وصفنا، فكان فيه تعويج، فلما قدم في هذه السنة رأى الكعبة في شق من المسجد، فكره ذلك، وأحبّ أن تكون /متوسطة في المسجد. قال: فدعا المهندسين، فشاورهم في ذلك، فقدروا ذلك، وإذا هو لا يستوى لهم من أجل الوادي والسيل، وقالوا: إنّ وادي مكة يسيل أسيالا عظيمة عارمة، وهو واد حدور، ونحن نخاف إن حوّلنا الوادي من مكانه أن لا ينصرف لنا على ما نريد، مع أن [ما وراءه]
(3)
من الدور والمساكن ما تكثر فيه المؤونة، ولعله أن لا يتم، قال: فقال لهم أمير المؤمنين: لا بدّ لي من أن أوسعه حتى أوسط الكعبة في المسجد على كل حال، ولو أنفقت فيه ما في بيوت الأموال. وعظمت في ذلك نيته، واشتدت رغبته، ولهج بعمله، وكان من أكبر همه، فقدر ذلك وهو حاضر، ونصبت الرماح على الدور، من أول موضع الوادي إلى آخره، ثم ذرعوا من فوق الرماح حتى عرفوا ما يدخل في المسجد الحرام من ذلك وما يكون الوادي [فيه]
(4)
(1)
أنظر تاريخ بغداد 160/ 9،وحلية الأولياء 377/ 6.
(2)
رواه أحمد في المسند 413/ 3،والترمذي 136/ 4،والنسائي 270/ 5،وابن ماجه 1009/ 2.
(3)
في الأصل (من ورائه) والتصويب من الأزرقي.
(4)
سقطت من الأصل، وألحقناها من الأزرقي.
منه، فلما نصبوا الرماح على جنبتي الوادي، وعلم ما يدخل في المسجد من ذلك، وزنوه مرة أخرى وقدروا ذلك. فلما أراد أمير المؤمنين الشخوص إلى العراق خلّف أموالا عظيمة فاشتروا من الناس دورهم، وأرغبوهم، فكان ثمن ما دخل في المسجد من ذلك كل ذراع مكسر بخمسة وعشرين دينارا، وعن كل ذراع دخل في الوادي مكسرا خمسة عشر دينارا، وأرسل إلى مصر وإلى الشام، فنقلت له أساطين الرخام في السفن حتى أنزلت بجدة، ثم نقلت على العجل من جدة إلى مكة، ووضعوا أيديهم فهدموا الدور، وبنوا المسجد، وذلك في سنة سبع وستين ومائة، فكان ابتداؤهم فيما ذكروا من أعلى المسجد من باب بني هاشم الذي يستقبل الوادي والبطحاء، ووسع ذلك الباب وجعل بازائه من أسفل المسجد مستقبله بابا آخر، وهو الباب الذي يستقبل فج خط الحزامية، يقال له اليوم: باب البقّالين. فقال المهندسون: إن جاء سيل عظيم فدخل المسجد خرج من ذلك الباب ولم يحمل في شق الكعبة، وهدموا أكثر دار ابن عباد بن جعفر العايدي، وجعلوا المسعى والوادي فيها، وهدموا ما كان بين الصفا والوادي من الدور، ثم حرفوا الوادي في موضع الدور حتى لقوا به الوادي القديم بباب أجياد الكبير بفم خط الحزامية. فالذي زيد في المسجد من شق الوادي تسعون ذراعا من موضع جدر المسجد الأول إلى موضعه اليوم. وإنما كان عرض المسجد الأول من جدر الكعبة اليماني إلى جدر المسجد اليماني الشارع على الوادي الذي يلي باب الصفا تسعة وأربعين ذراعا ونصف ذراع، ثم بنى منحدرا حتى دخلت دار أم هانئ بنت أبي طالب-رضي الله عنها-فيه، وكانت عندها بئر جاهلية، كان قصي بن كلاب حفرها فدخلت تلك البئر في المسجد، فحفر المهدي عوضا منها البئر التي على باب البقّالين في جدر ركن المسجد الحرام اليوم.