الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
طَوَافُ النِّسَاء
(خ) عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي عَطَاءٌ إِذْ مَنَعَ ابْنُ هِشَامٍ (1) النِّسَاءَ الطَّوَافَ مَعَ الرِّجَالِ، قَالَ: كَيْفَ يَمْنَعُهُنَّ (2) وَقَدْ طَافَ نِسَاءُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مَعَ الرِّجَالِ (3)؟، قُلْتُ: أَبَعْدَ الْحِجَابِ أَوْ قَبْلُ؟، قَالَ: إِي لَعَمْرِي، لَقَدْ أَدْرَكْتُهُ بَعْدَ الْحِجَابِ (4) قُلْتُ: كَيْفَ يُخَالِطْنَ الرِّجَالَ؟، قَالَ: لَمْ يَكُنَّ يُخَالِطْنَ، كَانَتْ عَائِشَة رضي الله عنها تَطُوفُ حَجْرَةً (5) مِنْ الرِّجَالِ لَا تُخَالِطُهُمْ ، فَقَالَتْ امْرَأَةٌ: انْطَلِقِي نَسْتَلِمْ يَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ، قَالَتْ: انْطَلِقِي عَنْكِ ، وَأَبَتْ، يَخْرُجْنَ مُتَنَكِّرَاتٍ (6) بِاللَّيْلِ فَيَطُفْنَ مَعَ الرِّجَالِ، وَلَكِنَّهُنَّ كُنَّ إِذَا دَخَلْنَ الْبَيْتَ قُمْنَ حَتَّى يَدْخُلْنَ، وَأُخْرِجَ الرِّجَالُ (7) وَكُنْتُ آتِي عَائِشَةَ أَنَا وَعُبَيْدُ بْنُ عُمَيْرٍ وَهِيَ مُجَاوِرَةٌ فِي جَوْفِ ثَبِيرٍ (8) قُلْتُ: وَمَا حِجَابُهَا؟، قَالَ: هِيَ فِي قُبَّةٍ تُرْكِيَّةٍ (9) لَهَا غِشَاءٌ، وَمَا بَيْنَنَا وَبَيْنَهَا غَيْرُ ذَلِكَ، وَرَأَيْتُ عَلَيْهَا دِرْعًا مُوَرَّدًا (10). (11)
(1)(اِبْن هِشَام) هُوَ إِبْرَاهِيم - أَوْ أَخُوهُ مُحَمَّد - اِبْن إِسْمَاعِيل بْن هِشَام بْن الْوَلِيد بْن الْمُغِيرَة بْن عَبْد الله بْن عُمَر بْن مَخْزُوم الْمَخْزُومِيّ ، وَكَانَا خَالَيْ هِشَام بْن عَبْد الْمَلِك ، فَوَلَّى مُحَمَّدًا إِمْرَة مَكَّة ، وَوَلَّى أَخَاهُ إِبْرَاهِيم بْن هِشَام إِمْرَة الْمَدِينَة وَفَوَّضَ هِشَام لِإِبْرَاهِيم إِمْرَة الْحَجّ بِالنَّاسِ فِي خِلَافَته ، وَظَاهِر هَذَا أَنَّ اِبْن هِشَام أَوَّل مَنْ مَنَعَ ذَلِكَ، لَكِنْ رَوَى الْفَاكِهِيّ مِنْ طَرِيق زَائِدَة عَنْ إِبْرَاهِيم النَّخَعِيِّ قَالَ: نَهَى عُمَر أَنْ يَطُوف الرِّجَال مَعَ النِّسَاء، قَالَ فَرَأَى رَجُلًا مَعَهُنَّ فَضَرَبَهُ بِالدِّرَّةِ، وَهَذَا إِنْ صَحَّ لَمْ يُعَارِض الْأَوَّل لِأَنَّ اِبْن هِشَام مَنَعَهُنَّ أَنْ يَطُفْنَ حِينَ يَطُوف الرِّجَال مُطْلَقًا، فَلِهَذَا أَنْكَرَ عَلَيْهِ عَطَاء وَاحْتَجَّ بِصَنِيعِ عَائِشَة ، وَصَنِيعهَا شَبِيه بِهَذَا الْمَنْقُول عَنْ عُمَر.
(2)
قَوْله: (كَيْفَ يَمْنَعهُنَّ) مَعْنَاهُ أَخْبَرَنِي اِبْن جُرَيْجٍ بِزَمَانِ الْمَنْع قَائِلًا فِيهِ كَيْفَ يَمْنَعهُنَّ.
(3)
قَوْله: (وَقَدْ طَافَ نِسَاء النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم مَعَ الرِّجَال) أَيْ: غَيْر مُخْتَلِطَات بِهِنَّ.
(4)
قَوْله: (لَقَدْ أَدْرَكْته بَعْدَ الْحِجَاب) ذَكَرَ عَطَاءٌ هَذَا لِرَفْعِ تَوَهُّم مَنْ يَتَوَهَّم أَنَّهُ حَمَلَ ذَلِكَ عَنْ غَيْره، وَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ رَأَى ذَلِكَ مِنْهُنَّ، وَالْمُرَاد بِالْحِجَابِ نُزُول آيَة الْحِجَاب وَهِيَ قَوْله تَعَالَى (وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاء حِجَاب) وَكَانَ ذَلِكَ فِي تَزْوِيج النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم بِزَيْنَب بِنْت جَحْش، وَلَمْ يُدْرِك ذَلِكَ عَطَاء قَطْعًا.
(5)
قَوْله: (حَجْرَة) أَيْ: نَاحِيَة، قَالَ الْقَزَّاز: هُوَ مَأخُوذ مِنْ قَوْلهمْ: نَزَلَ فُلَان حَجْرَة مِنْ النَّاس أَيْ مُعْتَزِلًا.
(6)
قَوْله: (مُتَنَكِّرَات) فِي رِوَايَة عَبْد الرَّزَّاق " مُسْتَتِرَات " وَاسْتَنْبَطَ مِنْهُ الدَّاوُدِيُّ جَوَاز النِّقَاب لِلنِّسَاءِ فِي الْإِحْرَام.
(7)
الْمَعْنَى: إِذَا أَرَدْنَ دُخُول الْبَيْت وَقَفْنَ حَتَّى يَدْخُلْنَ حَال كَوْن الرِّجَال مُخْرَجِينَ مِنْهُ.
(8)
قَوْله: (وَهِيَ مُجَاوِرَةٌ فِي جَوْف ثَبِير) أَيْ: مُقِيمَة فِيهِ، وَثَبِير جَبَل الْمُزْدَلِفَة، لَكِنْ بِمَكَّة خَمْسَة جِبَال أُخْرَى يُقَال لِكُلِّ مِنْهَا ثَبِير ، ذَكَرَهَا أَبُو عُبَيْد الْبَكْرِيّ وَيَاقُوت وَغَيْرهمَا، فَيَحْتَمِل أَنْ يَكُون الْمُرَاد لِأَحَدِهَا.
(9)
قَوْله: (تُرْكِيَّة) قَالَ عَبْد الرَّزَّاق: هِيَ قُبَّة صَغِيرَة مِنْ لُبُود تُضْرَب فِي الْأَرْض.
(10)
قَوْله: (دِرْعًا مُوَرَّدًا) أَيْ: قَمِيصًا لَوْنه لَوْن الْوَرْد، وَلِعَبْدِ الرَّزَّاق " دِرْعًا مُعَصْفَرًا وَأَنَا صَبِيّ " ، فَبَيَّنَ بِذَلِكَ سَبَب رُؤْيَته إِيَّاهَا، وَيَحْتَمِل أَنْ يَكُون رَأَى مَا عَلَيْهَا اِتِّفَاقًا.
(11)
(خ) 1539