المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌الْأعْمَالُ بِالنِّيَّة (1) (د) ، عَنْ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رضي الله - الجامع الصحيح للسنن والمسانيد - جـ ٤

[صهيب عبد الجبار]

فهرس الكتاب

- ‌مَراتِبُ النَّاسِ فِي الجَنَّةِ وَالنَّارِ بِحَسَبَ أَعْمَالِهِم

- ‌صِفَاتٌ عَامَّةٌ لِلْمُؤْمِن

- ‌شُعَبُ الْإيمَان

- ‌اسْتِشْعَارُ الطَّاعَةِ والذَّنْبِ مِنَ الْإيمَان

- ‌الْمُسَارَعَةُ إلَى التَّوْبَةِ مِنَ الذَّنْبِ مِنَ الْإيمَان

- ‌مِنَ الْإيمَانِ كَرَاهِيَةُ الْكُفْرِ والْعَوْدَةِ إلَيْه

- ‌السَّمَاحَةُ مِنَ الْإيمَان

- ‌الصَّبْرُ مِنَ الْإيمَان

- ‌حُسْنُ الْخُلُقِ مِنَ الْإيمَان

- ‌الْحُبُّ فِي اللهِ وَالْبُغْضُ فِي اللهِ مِنَ الْإيمَان

- ‌حَبُّ آلِ الْبَيْتِ مِنَ الْإيمَان

- ‌حُبُّ الْأَنْصَارِ مِنَ الْإيمَان

- ‌طَاعَةُ الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم مِنَ الْإيمَان

- ‌الصِّدْقُ مِنَ الْإيمَان

- ‌الْوَفَاءُ بِالْوَعْدِ مِنَ الْإيمَان

- ‌أَدَاءُ الْأَمَانَةِ مِنَ الْإيمَان

- ‌الطَّهَارَةُ مِنْ الْإِيمَانِ

- ‌الصَّلَاةُ مِنْ الْإِيمَانِ

- ‌صِيَامُ رَمَضَانَ مِنَ الْإيمَان

- ‌قِيَامُ رَمَضَانَ مِنَ الْإيمَان

- ‌قِيَامُ لَيْلَةِ الْقَدْرِ مِنَ الْإيمَان

- ‌اتِّبَاعُ الْجَنَائِزِ وَالصَّلَاةُ عَلَيْها مِنَ الْإيمَان

- ‌الْأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيُ عَنِ الْمُنْكَرِ مِنَ الْإيمَان

- ‌الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللهِ مِنْ الْإِيمَان

- ‌الِامْتِنَاعُ عَنْ أَذَى النَّاسِ مِنَ الْإيمَان

- ‌اسْتِقَامَةُ اللِّسَانِ مِنَ الْإيمَان

- ‌الِامْتِنَاعُ عَنِ اللَّعْنِ مِنَ الْإيمَان

- ‌الِامْتِنَاعُ عَنِ السَّرِقَةِ مِنَ الْإيمَان

- ‌الِامْتِنَاعُ عَنِ الزِّنَا مِنَ الْإيمَان

- ‌غَضُّ الْبَصَرِ عَنِ الْمُحَرَّمَات مِنَ الْإيمَان

- ‌الِامْتِنَاعُ عَنِ الْخَلْوَةِ بِالْأَجْنَبِيَّة مِنَ الْإيمَان

- ‌الْغَيْرَةُ عَلَى الْعِرْضِ مِنَ الْإيمَان

- ‌دُخُولُ الذَّكَرِ الْحَمَّامَ بِمِئْزَرٍ مِنَ الْإيمَان

- ‌مَنْعُ الْإنَاثِ مِنْ دُخُولِ الْحَمَّامَاتِ الْعَامَّةِ مِنَ الْإيمَان

- ‌امْتِنَاعُ الذَّكَر عَنْ لُبْسِ الْحَرِيرِ وَالذَّهَبِ مِنَ الْإيمَان

- ‌الزَّوَاجُ مِنَ الْإيمَان

- ‌التَّسْلِيمُ عَلَى الْأَهْلِ عِنْدَ الدُّخُولِ عَلَيْهِمْ مِنَ الْإيمَان

- ‌إفْشَاءُ السَّلَامِ مِنَ الْإيمَان

- ‌تَرْكُ الْجِدَالِ مِنَ الْإيمَان

- ‌الِامْتِنَاعُ عَنْ شُرْبِ الْخَمْرِ مِنَ الْإيمَان

- ‌عَدَمُ الْجُلُوسِ مَعَ مَنْ يَشْرَبُهَا مِنَ الْإيمَان

- ‌الِامْتِنَاعُ عَنِ النُّهْبَةِ مِنَ الْإيمَان

- ‌الِامْتِنَاعُ عَنِ الْغُلُولِ مِنَ الْإيمَان

- ‌الِامْتِنَاعُ عَنِ قَتْلِ الْغِيلَةِ مِنَ الْإيمَان

- ‌الِامْتِنَاعُ عَنِ الْحَسَدِ مِنَ الْإيمَان

- ‌إطْعَامُ الْجَارِ الْجَائِعِ مِنَ الْإيمَان

- ‌إكْرَامُ الضَّيْفِ مِنَ الْإيمَان

- ‌الْجُودُ مِنَ الْإيمَان

- ‌حُسْنُ الْعَهْدِ مِنَ الْإيمَان

- ‌الِاهْتِمَامُ بِأُمُورِ الْمُسْلِمِينَ مِنَ الْإيمَان

- ‌أَنْ يُحِبَّ لِلنَّاسِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ مِنَ الْإيمَان

- ‌الْحَيَاءُ مِنَ الْإيمَان

- ‌طِيبَةُ الْقَلْبِ مِنَ الْإيمَان

- ‌الْمُؤْمِنُ كَيِّسٌ فَطِن

- ‌الزُّهْدُ فِي الدُّنْيَا مِنَ الْإيمَان

- ‌الِامْتِنَاعُ عَنْ بَيْعِ الْغَنِيمَةِ قَبْلَ اقْتِسَامِها مِنَ الْإيمَان

- ‌عَدَمُ رَدِّ الدَّابَّةِ فِي الْغَنِيمَةِ بَعْدَ إعْجَافِهَا مِنَ الْإيمَان

- ‌عَدَمُ رَدِّ الثَّوْبِ فِي الْغَنِيمَة بَعْدَ إخْلَاقِهِ مِنَ الْإيمَان

- ‌عَدَمُ وَطْءِ الْحَبَالَى مِنَ السَّبْيِ مِنَ الْإيمَان

- ‌اسْتِبْرَاءُ الثَّيِّبِ مِنَ السَّبْيِ بِحَيْضَةٍ مِنَ الْإيمَان

- ‌إِمَاطَةُ الْأَذَى عَنِ الطَّرِيقِ مِنَ الْإيمَان

- ‌النِّفَاقُ

- ‌النِّفَاقُ ظَاهِرَةٌ قَدِيمَةٌ

- ‌صِفَاتُ الْمُنَافِقِين

- ‌الأَمْنُ مِنْ النِّفَاق

- ‌الْمُنَافِقُ يَظُنُّ نَفْسَهُ مُصْلِحًا ، لَكِنَّهُ فِي الْحَقِيقَةِ مُفْسِد

- ‌الْمُنَافِقُ يَرَى أَهْلَ الْحَقِّ فِي ضَلَال

- ‌الْمُنَافِقُ لَهُ وَجْهَان

- ‌المُنَافِقُ يَرْفُضُ التَّحَاكُمَ إلَى شَرِيعَةِ اللهِ

- ‌مِنْ عَلَامَاتِ النِّفَاقِ نَكْثُ العَهْدِ معَ اللهِ عز وجل وَمعَ النَّاس

- ‌مِنْ عَلَامَاتِ النِّفَاقِ الْكَذِب

- ‌مِنْ عَلَامَاتِ النِّفَاقِ خِيانَةُ الْأَمَانة

- ‌مِنْ عَلَامَاتِ النِّفَاقِ التَّكَاسُلُ عَنْ حُضُورِ الصَّلَاةِ مَعَ الْجَمَاعَة

- ‌مِنْ عَلَامَاتِ النِّفَاقِ التَّكَاسُلُ عَنْ أَدَاءِ الصلَوَاتِ فِي أَوْقَاتِها

- ‌مِنْ عَلَامَاتِ النِّفَاقِ الِاعْتِمَادُ عَلَى مَغْفِرَةِ اللهِ عز وجل مَعَ كَثْرَةِ الذُّنُوبِ وَقِلَّةِ العَمَلِ الصَّالِح

- ‌مِنْ عَلَامَاتِ النِّفَاقِ قِلَّةُ الاسْتِغْفَارِ وَالتَّوْبَة

- ‌مِنْ عَلَامَاتِ النِّفَاقِ قِلَّةُ ذِكْرِ للهِ عز وجل

- ‌مِنْ عَلَامَاتِ النِّفَاقِ الْجَهْلُ بِأَحْكَامِ الشَّرِيعَةِ الْأَسَاسِيَّة

- ‌مِنْ عَلَامَاتِ النِّفَاقِ السُّخْرِيَةُ والِاسْتِهْزَاءُ باللهِ وَرَسُولِهِ وَالْمُؤْمِنِين

- ‌مِنْ عَلَامَاتِ النِّفَاقِ كَرَاهِيَةُ الْأَنصارِ

- ‌مِنْ عَلَامَاتِ النِّفَاقِ الْأَمْرُ بِالْمُنْكَرِ والنَّهْيُ عَنِ الْمَعْرُوف

- ‌مِنْ عَلَامَاتِ النِّفَاقِ الشُّحّ

- ‌مِنْ عَلَامَاتِ النِّفَاقِ مُوَالاةُ الكُفَّارِ مِنْ دِونِ الْمُؤْمِنِين

- ‌المُنَافقُ وَلاؤُهُ لِلْمَالِ

- ‌مِنْ عَلَامَاتِ النِّفَاقِ الْحِرْصُ عَلَى الْمَكَاسِبِ الدُّنْيَوِيَّةِ الْعَاجِلَة وَالزُّهْدُ فِي ثَوَابِ الْآخِرَة

- ‌مِنْ عَلَامَاتِ النِّفَاقِ التَّشْكِيكُ فِي طَهَارَةِ الْمُجْتَمَعِ الْإسْلَامِيّ واتِّهَامُ الْمُؤْمِنِينَ بِالْفَاحِشَة

- ‌مِنْ عَلَامَاتِ النِّفَاقِ الرِّيَاء

- ‌مِنْ عَلَامَاتِ النِّفَاقِ سُهُولَةُ الحَلْفِ

- ‌مِنْ عَلَامَاتِ النِّفَاقِ كَرَاهِيَةُ الْجِهَادِ فِي سَبِيلِ الله ، وَالْخَوْفُ مِنَ الْمَوْتِ أو الْقَتْلِ فِي سَبِيلِ الله

- ‌مِنْ عَلَامَاتِ النِّفَاقِ الْفَرَحُ بِمَصَائِبِ الْمُسْلِمِين

- ‌مِنْ عَلَامَاتِ النِّفَاقِ التَّشْكِيكُ فِي قُوَّةِ الْمُسْلِمِين وَبَثُّ الْأَرَاجِيفِ عَنْ ضَعْفِهِم

- ‌مِنْ عَلَامَاتِ النِّفَاقِ حَسَدُ المُؤمِنِينَ المُلْتَزِمِينَ بِشَرعِ اللهِ عز وجل

- ‌مِنْ عَلَامَاتِ النِّفَاقِ بَذَاءَةُ اللِّسَانِ وَسُوءُ الْخُلُق

- ‌بَعْضُ الْمُنَافِقِينَ كَثِيرُ الْمَالِ وَالْوَلَد

- ‌بَعْضُ الْمُنَافِقِينَ جَمِيلُ الشَّكْلِ ، حَسَنُ الْهَيْئَة

- ‌بعضُ المُنافقين عَالِمٌ بَأَحْكَامِ الشَّرِيَعَة ، لَكِنَّهُ يَلْوِي عُنُقَ النَّصُوصِ

- ‌كَيْفِيَّةُ مَعْرِفَةِ الْمُنافِق

- ‌مَصِيرُ الْمُنَافِقِين

- ‌التَّمَسُّكُ بِالْجَمَاعَة

- ‌لَا طَاعَةَ لِمَخْلُوقٍ فِي مَعْصِيَةِ الْخَالِقِ

- ‌الْأعْمَالُ بِالنِّيَّة

- ‌السِّحْر

- ‌إثْبَاتُ وُجُودِ السِّحْر

- ‌حُكْمُ السِّحْر

- ‌حُكْمُ اَلتَّدَاوِي بِالسِّحْر

- ‌الْكِهَانَة

- ‌حَقِيقَةُ الْكِهَانَة

- ‌حُكْمُ الْكِهَانَة

- ‌حُكْمُ إتْيَانِ الْكُهَّان

- ‌الْحَسَد

- ‌إثْبَاتُ وُجُودِ الْحَسَد

- ‌حُكْمُ الْحَسَد

- ‌مَا شُرِع وِقَايَةً مِنْ الْعَيْن

- ‌سَتْرُ مَحَاسِنِ مَنْ يَخَافُ عَلَيْهِ الْعَيْن

- ‌قِرَاءَةُ الْمُعَوِّذَاتِ صَبَاحًا وَمَسَاءًا

- ‌الرُّقْيَةُ الشَّرْعِيَّة

- ‌مَشْرُعِيَّةُ الرُّقْيَة

- ‌عِلَاجُ الْمَحْسُود

- ‌عِلَاجُ اَلْمَحْسُودِ بِالِاسْتِغْسَال

- ‌عِلَاجُ الْمَحْسُود بِالرُّقْيَةِ الشَّرْعِيَّة

- ‌حُكْمُ الْغِبْطَة

- ‌الطِّيَرَة (التَّشَاؤُم)

- ‌حُكْمُ الطِّيَرَة

- ‌مَا تَجْرِي فِيهِ الطِّيَرَة

- ‌ذَمُّ الطِّيَرَةِ وَمَدْحُ الْفَأل

- ‌الرُّؤْيَا

- ‌حَقِيقَةُ الرُّؤْيَا

- ‌الرُّؤْيَا الصَّالِحَة

- ‌رُؤْيَا الْأَنْبِيَاء

- ‌رُؤْيَا الْمُؤْمِن

- ‌رُؤْيَا الْكَافِر وَالْفَاسِق

- ‌رُؤْيَةُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي الْمَنَام

- ‌آدَابُ الرُّؤْيَا

- ‌رَأَى مَا يُحِبّ

- ‌رَأَى مَا يَكْرَه

- ‌تَعْبِيرُ الرُّؤْيَا

- ‌صِفَاتُ الْمُعَبِّر

- ‌أَفْضَلُ أَوْقَاتِ التَّعْبِير

- ‌بَعْضُ مَا يُعَبَّرُ بِهِ مِنَ الْأَشْيَاء

- ‌الْكَبَائِر

- ‌الْإِشْرَاكُ بِاللهِ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌الِاسْتِهْزَاءُ بِشَيْءٍ مِنَ الْقُرْآنِ أَوْ السُّنَّةِ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌الِاسْتِسْقَاءُ بِالْأَنْوَاءِ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌تَعْلِيقُ التَّمَائِم مِنَ الْكَبَائِر

- ‌السِّحْرُ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌إتْيَانُ الْكُهَّانِ والْعَرَّافِينَ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌الذَّبْحُ لِغَيْرِ اللهِ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌التَّشَبُّهُ بِالْكُفَّارِ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌مُسَاكَنَةُ الْمُشْرِكِينَ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌الشِّرْكُ الْأَصْغَرُ (الرِّيَاءُ) مِنَ الْكَبَائِر

الفصل: ‌ ‌الْأعْمَالُ بِالنِّيَّة (1) (د) ، عَنْ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رضي الله

‌الْأعْمَالُ بِالنِّيَّة

(1)

(د)، عَنْ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " إِنَّمَا الْأَعْمَالُ (2) بِالنِّيَّاتِ (3) وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى (4) فَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ (5) إلى اللهِ وَرَسُولِهِ، فَهِجْرَتُهُ إلى اللهِ وَرَسُولِهِ (6) وَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ لِدُنْيَا (7) يُصِيبُهَا (8) أَوْ امْرَأَةٍ يَتَزَوَّجُهَا (9) فَهِجْرَتُهُ إِلَى مَا هَاجَرَ إِلَيْهِ "(10)

الشرح (11)

(1) قَالَ النَّوَوِيّ: (النِّيَّة): الْقَصْدُ ، وَهِيَ عَزِيمَةُ الْقَلْبِ.

وَتَعَقَّبَهُ الْكِرْمَانِيُّ بِأَنَّ عَزِيمَةَ الْقَلْبِ قَدْرٌ زَائِدٌ عَلَى أَصْلِ الْقَصْدِ. فتح الباري لابن حجر (1/ 13)

وَقَالَ الْبَيْضَاوِيّ: (النِّيَّة) عِبَارَة عَنْ اِنْبِعَاث الْقَلْب نَحْو مَا يَرَاهُ مُوَافِقًا لِغَرَضٍ ، مِنْ جَلْبِ نَفْعٍ أَوْ دَفْعِ ضُرّ ، حَالًا أَوْ مَآلًا، وَالشَّرْعُ خَصَّصَهُ بِالْإِرَادَةِ الْمُتَوَجِّهَةِ نَحْوَ الْفِعْلِ لِابْتِغَاءِ رِضَاءِ اللهِ ، وَامْتِثَال حُكْمه. (1/ 13)

(2)

لَفْظُ الْعَمَلِ يَتَنَاوَلُ فِعْلَ الْجَوَارِحِ ، حَتَّى اللِّسَانِ ، فَتَدْخُلُ الْأَقْوَالُ.

قَالَ ابنُ دَقِيقِ الْعِيدِ: وَأَخْرَجَ بَعْضُهُمُ الْأَقْوَالَ ، وَهُوَ بَعِيدٌ ، وَلَا تَرَدُّدَ عِنْدِي فِي أَنَّ الْحَدِيثَ يَتَنَاوَلُهَا ، وَأَمَّا التُّرُوكُ ، فَهِيَ وَإِنْ كَانَتْ فِعْلَ كَفٍّ ، لَكِن لا يُطْلَقُ عَلَيْهَا لَفْظُ الْعَمَلِ.

وَقَدْ تُعُقِّبَ عَلَى مَنْ يُسَمِّي الْقَوْلَ عَمَلًا لِكَوْنِهِ عَمَلَ اللِّسَانِ ، بِأَنَّ مَنْ حَلَفَ لَا يَعْمَلُ عَمَلًا ، فَقَالَ قَوْلًا ، لَا يَحْنَثَ.

وَأُجِيبَ: بِأَنَّ مَرْجِعَ الْيَمِينِ إِلَى الْعُرْفِ ، وَالْقَوْلُ لَا يُسَمَّى عَمَلًا فِي الْعُرْفِ وَلِهَذَا يُعْطَفُ عَلَيْهِ ، وَالتَّحْقِيقُ أَنَّ الْقَوْلَ لَا يَدْخُلُ فِي الْعَمَلِ حَقِيقَةً ، وَيَدْخُلُ مَجَازًا ، وَكَذَا الْفِعْلُ ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ} بَعْدَ قَوْلِهِ {زُخْرُفَ الْقَوْلِ} . فتح (1/ 13)

وَنَازَعَ الْكِرْمَانِيُّ فِي إِطْلَاقِ الشَّيْخِ مُحْيِي الدِّينِ كَوْنَ الْمَتْرُوكِ لَا يَحْتَاجُ إِلَى نِيَّةٍ ، بِأَنَّ التَّرْكَ فِعْلٌ ، وَهُوَ كَفُّ النَّفْسِ ، وَبِأَنَّ الْتُّرُوكَ إِذَا أُرِيدَ بِهَا تَحْصِيلُ الثَّوَابِ بِامْتِثَالِ أَمْرِ الشَّارِعِ ، فَلَا بُدَّ فِيهَا مِنْ قَصْدِ التَّرْكِ.

وَتُعُقِّبَ بِأَنَّ قَوْلَهُ " التَّرْكُ فِعْلٌ " مُخْتَلَفٌ فِيهِ ، وَمِنْ حَقِّ الْمُسْتَدِلِّ عَلَى الْمَانِعِ أَنْ يَأتِيَ بِأَمْرٍ مُتَّفَقٍ عَلَيْهِ.

وَأَمَّا اسْتِدْلَالُهُ الثَّانِي ، فَلَا يُطَابِقُ الْمَوْرِدَ ، لِأَنَّ الْمَبْحُوثَ فِيهِ: هَلْ تَلْزَمُ النِّيَّةُ فِي التُّرُوكِ ، بِحَيْثُ يَقَعُ الْعِقَابُ بِتَرْكِهَا؟ ، وَالَّذِي أَوْرَدَهُ: هَلْ يَحْصُلُ الثَّوَابُ بِدُونِهَا؟ ، وَالتَّفَاوُتُ بَيْنَ الْمَقَامَيْنِ ظَاهِرٌ.

وَالتَّحْقِيقُ أَنَّ التَّرْكَ الْمُجَرَّدَ لَا ثَوَابَ فِيهِ ، وَإِنَّمَا يَحْصُلُ الثَّوَابُ بِالْكَفِّ الَّذِي هُوَ فِعْلُ النَّفْسِ ، فَمَنْ لَمْ تَخْطُرِ الْمَعْصِيَةُ بِبَالِهِ أَصْلًا ، لَيْسَ كَمَنْ خَطَرَتْ فَكَفَّ نَفْسَهُ عَنْهَا خَوْفًا مِنَ اللهِ تَعَالَى ، فَرَجَعَ الْحَالُ إِلَى أَنَّ الَّذِي يَحْتَاجُ إِلَى النِّيَّةِ ، هُوَ الْعَمَلُ بِجَمِيعِ وُجُوهِهِ ، لَا التَّرْكُ الْمُجَرَّدُ، وَاللهُ أَعْلَمُ. فتح الباري لابن حجر (1/ 14)

(3)

قَوْلُهُ " إِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ " كَذَا أُورِدَ هُنَا وَهُوَ مِنْ مُقَابَلَةِ الْجَمْعِ بِالْجَمْعِ ، أَيْ: كُلُّ عَمَلٍ بِنِيَّتِهِ.

وَقَالَ الْحَرْبِيُّ: كَأَنَّهُ أَشَارَ بِذَلِكَ إِلَى أَنَّ النِّيَّةَ تَتَنَوَّعُ كَمَا تَتَنَوَّعُ الْأَعْمَالُ ، كَمَنْ قَصَدَ بِعَمَلِهِ وَجْهَ اللهِ ، أَوْ تَحْصِيلَ مَوْعُودِهِ ، أَوْ الِاتِّقَاءَ لِوَعِيدِهِ ، وَوَقَعَ فِي مُعْظَمِ الرِّوَايَاتِ بِإِفْرَادِ النِّيَّةِ ، وَوَجْهُهُ أَنَّ مَحَلَّ النِّيَّةِ الْقَلْبُ ، وَهُوَ مُتَّحِدٌ فَنَاسَبَ إِفْرَادَهَا بِخِلَافِ الْأَعْمَالِ ، فَإِنَّهَا مُتَعَلِّقَةٌ بِالظَّوَاهِرِ ، وَهِيَ مُتَعَدِّدَةٌ فَنَاسَبَ جَمْعَهَا ، وَلِأَنَّ النِّيَّةَ تَرْجِعُ إِلَى الْإِخْلَاصِ ، وَهُوَ وَاحِدٌ لِلْوَاحِدِ الَّذِي لَا شَرِيكَ لَهُ. فتح الباري (1/ 12)

فَتَقْدِيرُ هَذَا الْحَدِيثِ: إِنَّ الْأَعْمَالَ تُحْسَبُ بِنِيَّةٍ، وَلَا تُحْسَبُ إِذَا كَانَتْ بِلَا نِيَّة. شرح النووي على مسلم (13/ 54)

والْحَدِيث مَتْرُوك الظَّاهِر ، لِأَنَّ الذَّوَاتَ غَيْرُ مُنْتَفِيَة، إِذْ التَّقْدِيرُ: لَا عَمَل إِلَّا بِالنِّيَّةِ، فَلَيْسَ الْمُرَادُ نَفْيَ ذَاتِ الْعَمَل ، لِأَنَّهُ قَدْ يُوجَدُ بِغَيْرِ نِيَّة، بَلْ الْمُرَاد: نَفْيُ أَحْكَامِهَا ، كَالصِّحَّةِ وَالْكَمَال، لَكِنَّ الْحَمْلَ عَلَى نَفْيِ الصِّحَّة أَوْلَى ، لِأَنَّهُ أَشْبَهُ بِنَفْيِ الشَّيْءِ نَفْسِهِ. فتح (1/ 13)

وَقَالَ اِبْن السَّمْعَانِيّ فِي أَمَالِيهِ: أَفَادَتْ أَنَّ الْأَعْمَالَ الْخَارِجَةَ عَنْ الْعِبَادَةِ لَا تُفِيدُ الثَّوَاب إِلَّا إِذَا نَوَى بِهَا فَاعِلُهَا الْقُرْبَةَ، كَالْأَكْلِ ، إِذَا نَوَى بِهِ الْقُوَّةَ عَلَى الطَّاعَة. فتح الباري لابن حجر (1/ 14)

ويُستَثنَى مِن عُمُومِ الخَبَرِ ما يَحصُلُ مِن جِهَةِ الفَضلِ الإِلَهِيِّ بِالقَصدِ مِن غَيرِ عَمَلٍ ، كالأَجرِ الحاصِلِ لِلمَرِيضِ بِسَبَبِ مَرَضِهِ عَلَى الصَّبرِ ، لِثُبُوتِ الأخْبارِ بِذَلِكَ ، خِلافًا لِمَن قالَ: إِنَّما يَقَعُ الأَجرُ عَلَى الصَّبرِ وحُصُولِ الأَجرِ بِالوعْدِ الصّادِقِ لِمَن قَصَدَ العِبادَةَ ، فَعاقَهُ عَنْها عائِقٌ بِغَيرِ إِرادَتِهِ ، وكَمَن لَهُ أَورادٌ فَعَجَزَ عَن فِعلِها لِمَرَضٍ مَثَلاً ، فَإِنَّهُ يُكتَبُ لَهُ أَجرُها كَمَنْ عَمِلَها. فتح الباري (12/ 328)

(4)

قَالَ الْقُرْطُبِيُّ: فِيهِ تَحْقِيقٌ لِاشْتِرَاطِ النِّيَّةِ ، وَالْإِخْلَاصِ فِي الْأَعْمَالِ ، فَجَنَحَ إِلَى أَنَّهَا مُؤَكَّدَةٌ.

وَقَالَ غَيْرُهُ: بَلْ تُفِيدُ غَيْرَ مَا أَفَادَتْهُ الْأُولَى ، لِأَنَّ الْأُولَى نَبَّهَتْ عَلَى أَنَّ الْعَمَلَ يَتْبَعُ النِّيَّةَ وَيُصَاحِبُهَا ، فَيَتَرَتَّبُ الْحُكْمُ عَلَى ذَلِكَ ، وَالثَّانِيَةُ أَفَادَتْ أَنَّ الْعَامِلَ لَا يَحْصُلُ لَهُ الا مَا نَوَاه.

وَقَالَ ابن دَقِيقِ الْعِيدِ: الْجُمْلَةُ الثَّانِيَةُ تَقْتَضِي أَنَّ مَنْ نَوَى شَيْئًا يَحْصُلُ لَهُ ، يَعْنِي إِذَا عَمِلَهُ بِشَرَائِطِهِ ، أَوْ حَالَ دُونَ عَمَلِهِ لَهُ مَا يُعْذَرُ شَرْعًا بِعَدَمِ عَمَلِهِ ، وَكُلُّ مَا لَمْ يَنْوِهِ ، لَمْ يَحْصُلْ لَهُ ، وَمُرَادُهُ بِقَوْلِهِ:" مَا لَمْ يَنْوِهِ "، أَيْ: لَا خُصُوصًا ، وَلَا عُمُومًا. فتح الباري لابن حجر (1/ 14)

وَقَالَ اِبْن عَبْد السَّلَام: الْجُمْلَة الْأُولَى: لِبَيَانِ مَا يُعْتَبَرُ مِنْ الْأَعْمَال.

وَالثَّانِيَة: لِبَيَانِ مَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهَا. فتح الباري لابن حجر (1/ 14)

فَمَنْ نَوَى بِعَقْدِ الْبَيْعِ الرِّبَا ، وَقَعَ فِي الرِّبَا ، وَلَا يُخَلِّصُهُ مِنَ الْإِثْمِ صُورَةُ الْبَيْعِ ، وَمَنْ نَوَى بِعَقْدِ النِّكَاحِ التَّحْلِيلَ ، كَانَ مُحَلِّلًا ، وَدَخَلَ فِي الْوَعِيدِ عَلَى ذَلِكَ بِاللَّعْنِ ، وَلَا يُخَلِّصُهُ مِنْ ذَلِكَ صُورَةُ النِّكَاحِ ، وَكُلُّ شَيْءٍ قَصَدَ بِهِ تَحْرِيمَ مَا أَحَلَّ اللهُ ، أَوْ تَحْلِيلَ مَا حَرَّمَ اللهُ ، كَانَ إِثْمًا ، وَلَا فَرْقَ فِي حُصُولِ الْإِثْمِ فِي التَّحَيُّلِ عَلَى الْفِعْلِ الْمُحَرَّمِ بَيْنَ الْفِعْلِ الْمَوْضُوعِ لَهُ ، وَالْفِعْلِ الْمَوْضُوعِ لِغَيْرِهِ ، إِذَا جُعِلَ ذَرِيعَةً لَهُ. فتح (12/ 328)

وَفِي الْجُمْلَةِ ، فَلَا يَلْزَمُ مِنْ صِحَّةِ الْعَقْدِ فِي الظَّاهِرِ ، رَفْعُ الْحَرَجِ عَمَّنْ يَتَعَاطَى الْحِيلَةَ الْبَاطِلَةَ فِي الْبَاطِنِ ، وَاللهُ أَعْلَمُ. فتح الباري (12/ 329)

(5)

الْهِجْرَة: التَّرْك، وَالْهِجْرَةُ إِلَى الشَّيْء: الِانْتِقَالُ إِلَيْهِ عَنْ غَيْره.

وَفِي الشَّرْع: تَرْكُ مَا نَهَى اللهُ عَنْهُ. وَقَدْ وَقَعَتْ فِي الْإِسْلَامِ عَلَى وَجْهَيْنِ: الْأَوَّل: الِانْتِقَالُ مِنْ دَارِ الْخَوْفِ إِلَى دَارِ الْأَمْن - كَمَا فِي هِجْرَتَيْ الْحَبَشَة ، وَابْتِدَاءِ الْهِجْرَةِ مِنْ مَكَّةَ إِلَى الْمَدِينَة -.

الثَّانِي: الْهِجْرَةُ مِنْ دَارِ الْكُفْرِ إِلَى دَارِ الْإِيمَان ، وَذَلِكَ بَعْد أَنْ اِسْتَقَرَّ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم بِالْمَدِينَةِ ، وَهَاجَرَ إِلَيْهِ مَنْ أَمْكَنَهُ ذَلِكَ مِنْ الْمُسْلِمِينَ ، وَكَانَتْ الْهِجْرَةُ إِذْ ذَاكَ تَخْتَصُّ بِالِانْتِقَالِ إِلَى الْمَدِينَة، إِلَى أَنْ فُتِحَتْ مَكَّة، فَانْقَطَعَ الِاخْتِصَاص وَبَقِيَ عُمُومُ الِانْتِقَالِ مِنْ دَارِ الْكُفْرِ لِمَنْ قَدَرَ عَلَيْهِ بَاقِيًا. فتح الباري (1/ 16)

(6)

مَعْنَاهُ: مَنْ قَصَدَ بِهِجْرَتِهِ وَجْهَ اللهِ ، وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللهِ. النووي (13/ 55)

فَإِنْ قِيلَ: الْأَصْلُ تَغَايُرُ الشَّرْطِ وَالْجَزَاء ، فَلَا يُقَال مَثَلًا: مَنْ أَطَاعَ أَطَاعَ ، وَإِنَّمَا يُقَال: مَنْ أَطَاعَ نَجَا، وَقَدْ وَقَعَا فِي هَذَا الْحَدِيث مُتَّحِدَيْنِ، فَالْجَوَاب: أَنَّ التَّغَايُرَ يَقَعُ تَارَةً بِاللَّفْظِ - وَهُوَ الْأَكْثَر - وَتَارَةً بِالْمَعْنَى ، وَيُفْهَمُ ذَلِكَ مِنْ السِّيَاق، وَمِنْ أَمْثِلَتِه قَوْلُه تَعَالَى:{وَمَنْ تَابَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَإِنَّهُ يَتُوب إِلَى الله مَتَابًا} وَهُوَ مُؤَوَّلٌ عَلَى إِرَادَةِ الْمَعْهُودِ الْمُسْتَقِرِّ

فِي النَّفْس، كَقَوْلِهِمْ: أَنْتَ أَنَا ، أَيْ: الصَّدِيقُ الْخَالِص، وَقَوْلهمْ: هُمْ هُمْ أَيْ: الَّذِينَ لَا يُقَدَّرُ قَدْرُهُمْ. فتح (1/ 16)

(7)

قَوْلُهُ " دُنْيَا " هِيَ فُعْلَى مِنَ الدُّنُوِّ ، أَيِ: الْقُرْبِ ، سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِسَبْقِهَا لِلْأُخْرَى. وَقِيلَ: سُمِّيَتْ دُنْيَا لِدُنُوِّهَا إِلَى الزَّوَالِ. فتح الباري (1/ 16)

(8)

" يُصِيبُهَا " أَيْ: يُحَصِّلُهَا؛ لِأَنَّ تَحْصِيلَهَا كَإِصَابَةِ الْغَرَضِ بِالسَّهْمِ ، بِجَامِعِ حُصُولِ الْمَقْصُود. فتح الباري لابن حجر (1/ 16)

(9)

إِنَّمَا ذَكَرَهَا مَعَ كَوْنِهَا مُنْدَرِجَةٌ تَحْت " دُنْيَا " تَعْرِيضًا لِمَنْ هَاجَرَ إِلَى الْمَدِينَة فِي نِكَاحِ مُهَاجِرَة، فَقِيلَ لَهُ: مُهَاجِرُ أُمّ قَيْس.

قَالَ ابن دَقِيقِ الْعِيدِ: نَقَلُوا أَنَّ رَجُلًا هَاجَرَ مِنْ مَكَّةَ إِلَى الْمَدِينَةِ لَا يُرِيدُ بِذَلِكَ فَضِيلَةَ الْهِجْرَةِ ، وَإِنَّمَا هَاجَرَ لِيَتَزَوَّجَ امْرَأَةً تُسَمَّى أُمَّ قَيْسٍ ، فَلِهَذَا خُصَّ فِي الْحَدِيثِ ذِكْرُ الْمَرْأَةِ دُونَ سَائِرِ مَا يُنْوَى بِهِ. انْتَهَى.

وَهَذَا لَوْ صَحَّ لَمْ يَسْتَلْزِمِ الْبَدَاءَةَ بِذِكْرِهِ أَوَّلَ الْهِجْرَةِ النَّبَوِيَّةِ ، وَقِصَّةُ مُهَاجِرِ أُمِّ قَيْسٍ رَوَاهَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ عَنْ عَبْدِ اللهِ بن مَسْعُودٍ قَالَ: مَنْ هَاجَرَ يَبْتَغِي شَيْئًا ، فَإِنَّمَا لَهُ ذَلِكَ ، هَاجَرَ رَجُلٌ لِيَتَزَوَّجَ امْرَأَةً يُقَالُ لَهَا: أُمُّ قَيْسٍ ، فَكَانَ يُقَالُ لَهُ: مُهَاجِرُ أُمِّ قَيْسٍ.

وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ مِنْ طَرِيقٍ أُخْرَى عَنِ الْأَعْمَشِ بِلَفْظِ: " كَانَ فِينَا رَجُلٌ خَطَبَ امْرَأَةً يُقَالُ لَهَا: أُمُّ قَيْسٍ ، فَأَبَتْ أَنْ تَتَزَوَّجَهُ حَتَّى يُهَاجِرَ ، فَهَاجَرَ فَتَزَوَّجَهَا ، فَكُنَّا نُسَمِّيهِ: مُهَاجِرَ أُمِّ قَيْسٍ " ، وَهَذَا إِسْنَادٌ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ ، لَكِنْ لَيْسَ فِيهِ أَنَّ حَدِيثَ الْأَعْمَالِ سِيقَ بِسَبَبِ ذَلِكَ ، وَلَمْ أَرَ فِي شَيْءٍ مِنَ الطُّرُقِ مَا يَقْتَضِي التَّصْرِيحَ بِذَلِكَ. فتح الباري (1/ 10)

(10)

(د) 2201 ، (خ) 1 ، (م) 155 - (1907) ، (ت) 1647 ، (حم) 168

(11)

أَيْ: فَهِجْرَتُهُ مُنْصَرِفَةٌ إِلَى الْغَرَضِ الَّذِي هَاجَرَ إِلَيْهِ ، فَلَا ثَوَابَ لَهُ ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{مَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الْآخِرَةِ ، نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ ، وَمَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيَا ، نُؤْتِهِ مِنْهَا ، وَمَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ نَصِيبٍ} .أَوِ الْمَعْنَى: فَهِجْرَتُهُ مَرْدُودَةٌ ، أَوْ قَبِيحَة. تحفة الأحوذي (5/ 234)

ومَنْ نَوَى بِهِجْرَتِهِ مُفَارَقَةَ دَارِ الْكُفْرِ وَتَزَوُّجِ الْمَرْأَةِ مَعًا ، فَلَا تَكُونُ قَبِيحَةً وَلَا غَيْرَ صَحِيحَة، بَلْ هِيَ نَاقِصَةٌ بِالنِّسْبَةِ إِلَى مَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ خَالِصَة، وَإِنَّمَا أَشْعَرَ السِّيَاقُ بِذَمِّ مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ بِالنِّسْبَةِ إِلَى مَنْ طَلَبَ الْمَرْأَةَ بِصُورَةِ الْهِجْرَةِ الْخَالِصَة، فَأَمَّا مَنْ طَلَبَهَا مَضْمُومَةً إِلَى الْهِجْرَة ، فَإِنَّهُ يُثَابُ عَلَى قَصْد الْهِجْرَة ، لَكِنْ دُونَ ثَوَابِ مَنْ أَخْلَصَ، وَكَذَا مَنْ طَلَبَ التَّزْوِيجَ فَقَطْ لَا عَلَى صُورَةِ الْهِجْرَةِ إِلَى الله؛ لِأَنَّهُ مِنْ الْأَمْرِ الْمُبَاحِ الَّذِي قَدْ يُثَابُ فَاعِلُهُ إِذَا قَصَدَ بِهِ الْقُرْبَة ، كَالْإِعْفَافِ ، وَمِنْ أَمْثِلَةِ ذَلِكَ: مَا وَقَعَ فِي قِصَّةِ إِسْلَامِ أَبِي طَلْحَة فِيمَا رَوَاهُ النَّسَائِيُّ عَنْ أَنَس قَالَ: " تَزَوَّجَ أَبُو طَلْحَة أُمّ سُلَيْمٍ ، فَكَانَ صَدَاق مَا بَيْنهمَا الْإِسْلَام، أَسْلَمَتْ أُمّ سُلَيْمٍ قَبْل أَبِي طَلْحَة ، فَخَطَبَهَا فَقَالَتْ: إِنِّي قَدْ أَسْلَمْتُ، فَإِنْ أَسْلَمْتَ تَزَوَّجْتُك، فَأَسْلَمَ فَتَزَوَّجَتْهُ " ، وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُ رَغِبَ فِي الْإِسْلَام ، وَدَخَلَهُ مِنْ وَجْهِه ، وَضَمَّ إِلَى ذَلِكَ إِرَادَةَ التَّزْوِيجِ الْمُبَاح ، فَصَارَ كَمَنْ نَوَى بِصَوْمِهِ الْعِبَادَةَ وَالْحِمْيَة، أَوْ بِطَوَافِهِ الْعِبَادَةَ وَمُلَازَمَةَ الْغَرِيم.

وَاخْتَارَ الْغَزَالِيُّ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِالثَّوَابِ أَنَّهُ إِنْ كَانَ الْقَصْدُ الدُّنْيَوِيُّ هُوَ الْأَغْلَب لَمْ يَكُنْ فِيهِ أَجْر، أَوْ الدِّينِيُّ ، أُجِرَ بِقَدْرِهِ، وَإِنْ تَسَاوَيَا ، فَتَرَدَّدَ الْقَصْدُ بَيْنَ الشَّيْئَيْنِ ، فَلَا أَجْر.

وَأَمَّا إِذَا نَوَى الْعِبَادَةَ وَخَالَطَهَا بِشَيْءٍ مِمَّا يُغَايِر الْإِخْلَاص ، فَقَدْ نَقَلَ أَبُو جَعْفَر بْن جَرِير الطَّبَرِيّ عَنْ جُمْهُورِ السَّلَفِ أَنَّ الِاعْتِبَارَ بِالِابْتِدَاءِ، فَإِنْ كَانَ اِبْتِدَاؤُهُ للهِ خَالِصًا ، لَمْ يَضُرَّهُ مَا عَرَضَ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ مِنْ إِعْجَابٍ أَوْ غَيْرِه. وَالله أَعْلَم. فتح (1/ 17)

وَقَدْ تَوَاتَرَ النَّقْلُ عَنِ الْأَئِمَّةِ فِي تَعْظِيمِ قَدْرِ هَذَا الْحَدِيثِ ، قَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ: لَيْسَ فِي أَخْبَارِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم شَيْءٌ أَجْمَعَ وَأَغْنَى وَأَكْثَرَ فَائِدَةً مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ. وَاتَّفَقَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ ، وَالشَّافِعِيُّ فِيمَا نَقَلَهُ الْبُوَيْطِيُّ عَنْهُ ، وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ ، وَعَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ ، وَأَبُو دَاوُدَ ، وَالتِّرْمِذِيُّ ، وَالدَّارَقُطْنِيُّ ، وَحَمْزَةُ الْكِنَانِيُّ ، عَلَى أَنَّهُ ثُلُثُ الْإِسْلَامِ ، وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: رُبُعُهُ.

وَاخْتلفُوا فِي تعْيين الْبَاقِي.

وَقَالَ ابن مَهْدِيٍّ أَيْضًا: يَدْخُلُ فِي ثَلَاثِينَ بَابًا مِنَ الْعِلْمِ.

وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: يَدْخُلُ فِي سَبْعِينَ بَابًا. وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرِيدَ بِهَذَا الْعَدَدِ الْمُبَالَغَةَ.

وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ أَيْضًا: يَنْبَغِي أَنْ يُجْعَلَ هَذَا الْحَدِيثُ رَأسَ كُلِّ بَابٍ.

وَوَجَّهَ الْبَيْهَقِيُّ كَوْنَهُ ثُلُثَ الْعِلْمِ بِأَنَّ كَسْبَ الْعَبْدِ يَقَعُ بِقَلْبِهِ وَلِسَانِهِ وَجَوَارِحِهِ فَالنِّيَّةُ أَحَدُ أَقْسَامِهَا الثَّلَاثَةِ وَأَرْجَحُهَا ، لِأَنَّهَا قَدْ تَكُونُ عِبَادَةً مُسْتَقِلَّةً ، وَغَيْرُهَا يَحْتَاجُ إِلَيْهَا ، وَمِنْ ثَمَّ وَرَدَ:" نِيَّةُ الْمُؤْمِنِ خَيْرٌ مِنْ عَمَلِهِ " ، فَإِذَا نَظَرْتَ إِلَيْهَا ، كَانَتْ خَيْرَ الْأَمْرَيْنِ.

وَكَلَامُ الْإِمَامِ أَحْمَدَ يَدُلُّ على أَنه أَرَادَ بِكَوْنِهِ ثُلُثَ الْعِلْمِ أَنَّهُ أَحَدُ الْقَوَاعِد الثَّلَاثِ الَّتِي تُرَدُّ إِلَيْهَا جَمِيعُ الْأَحْكَامِ عِنْدَهُ ، وَهِيَ: هَذَا ، وَمَنْ عَمِلَ عَمَلًا لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ ، والحلال بَيِّنٌ وَالْحَرَامُ بَيِّنٌ ، الْحَدِيثَ. فتح (1/ 11)

ص: 291

(هق)، وَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " لَا أَجْرَ لِمَنْ لَا حِسْبَةَ لَهُ (1) "(2)

(1) أَيْ: لا أجر لمن لم يتقصَّدْ بعمله امتثال أمر الله تعالى ، والتقرُّب به إليه. فيض القدير - (ج 6 / ص 492)

(2)

(هق) 179 ، انظر صَحِيح الْجَامِع: 7164، الصَّحِيحَة: 2415

ص: 292

(م)، وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " إِنَّ اللهَ لَا يَنْظُرُ إِلَى أَجْسَادِكُمْ ، وَلَا إِلَى صُوَرِكُمْ ، وَلَا إِلَى أَمْوَالِكُمْ ، وَلَكِنْ يَنْظُرُ إِلَى قُلُوبِكُمْ وَأَعْمَالِكُمْ (1) وَأَشَارَ بِأَصَابِعِهِ إِلَى صَدْرِهِ (2) "(3)

قَالَ تَعَالَى: {وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ (4)} (5)

(1) انظر كيف قَرَن النِّيَّةَ بالعمل. ع

(2)

أَيْ: فَأَصْلِحُوا أَعْمَالكُمْ وَقُلُوبكُمْ ، وَلَا تَجْعَلُوا هِمَّتَكُمْ مُتَعَلِّقَةً بِالْبَدَنِ وَالْمَال ، وَالْمُرَادُ بِالنَّظَرِ وَعَدَمِهِ: أَنَّهُ عز وجل لَا يَقْبَلُ الْمَرْء ، وَلَا يُقَرِّبهُ بِحُسْنِ الصُّورَة ، وَكَثْرَة الْمَال ، وَلَا يَرُدُّهُ بِضِدِّ ذَلِكَ ، وَإِنَّمَا يَقْبَلُهُ بِحُسْنِ الْعَمَل ، وَخُلُوص الْقَلْب ، وَيَرُدُّهُ بِضِدِّ ذَلِكَ ، وَإِلَّا فَمَا شَيْءٌ لَا يَغِيبُ مِنْ نَظَرِه تَعَالَى ، وَالله أَعْلَم. حاشية السندي على ابن ماجه - (ج 7 / ص 500)

(3)

(م) 2564 ، (جة) 4143

(4)

قَوْله: {بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبكُمْ} أَيْ: بِمَا اِسْتَقَرَّ فِيهَا، وَالْآيَة وَإِنْ وَرَدَتْ فِي " الْأَيْمَان " بِالْفَتْحِ ، فَالِاسْتِدْلَالُ بِهَا فِي " الْإِيمَانِ " بِالْكَسْرِ وَاضِحٌ ، لِلِاشْتِرَاكِ فِي الْمَعْنَى، إِذْ مَدَارُ الْحَقِيقَةِ فِيهِمَا عَلَى عَمَلِ الْقَلْب. فتح (1/ 105)

(5)

[البقرة: 225]

ص: 293

(خ م)، وَعَنْ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " إِنَّ فِي الْجَسَدِ مُضْغَةً (1) إِذَا صَلَحَتْ ، صَلَحَ الْجَسَدُ كُلُّهُ (2) وَإِذَا فَسَدَتْ ، فَسَدَ الْجَسَدُ كُلُّهُ ، أَلَا وَهِيَ الْقَلْبُ"(3)

الشرح (4)

(1)(المُضْغَة): قَدْر مَا يُمْضَغ. (فتح - ح52)

(2)

المقصود بصلاح الجسد: قيامُه بما أمر الله به من فرائض وواجبات ، واجتناب ما نهى عنه من مَعَاصٍ وموبقات. ع

(3)

(خ) 52 ، (م) 107 - (1599)

(4)

سُمِّيَ الْقَلْبُ قَلْبًا لِتَقَلُّبِهِ فِي الْأُمُور، أَوْ لِأَنَّهُ خَالِصُ مَا فِي الْبَدَن، وَخَالِصُ كُلِّ شَيْءٍ قَلْبُهُ ، وَخَصَّ الْقَلْبَ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ أَمِيرُ الْبَدَن، وَبِصَلَاحِ الْأَمِيرِ تَصْلُحُ الرَّعِيَّة، وَبِفَسَادِهِ تَفْسُد ، وَفِيهِ تَنْبِيهٌ عَلَى تَعْظِيمِ قَدْرِ الْقَلْب، وَالْحَثِّ عَلَى صَلَاحِه، وَالْمُرَادُ: الْمُتَعَلِّقُ بِهِ مِنْ الْفَهْمِ الَّذِي رَكَّبَهُ اللهُ فِيهِ.

وَيُسْتَدَلُّ بِهِ عَلَى أَنَّ الْعَقْلَ فِي الْقَلْب، وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى {فَتَكُون لَهُمْ قُلُوب يَعْقِلُونَ بِهَا} ، وَقَوْله تَعَالَى {إِنَّ فِي ذَلِكَ لِذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْب} .

قَالَ الْمُفَسِّرُونَ: أَيْ: عَقْل ، وَعَبَّرَ عَنْهُ بِالْقَلْبِ لِأَنَّهُ مَحَلُّ اِسْتِقْرَاره. (فتح- ح52)

قلت: فَصَلاحُ الجَسَدِ مَنُوطٌ بِصَلاحِ القَلْب ، فمن فَسَدَ ظاهِرُه ، دلَّ هذا على فَسَادٍ في قَلْبِه ، كما قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم:(" أَرْبَعٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ كَانَ مُنَافِقًا خَالِصًا)(وَإِنْ صَامَ وَصَلَّى ، وَزَعَمَ أَنَّهُ مُسْلِمٌ)(إِذَا حَدَّث كَذَبَ، وَإِذَا اؤْتُمِنَ خَانَ ، وَإِذَا عَاهَدَ غَدَرَ)(وَإِذَا خَاصَمَ فَجَر")(خ) 34 ، (م)58.ع

ص: 294

(مسند الشاميين)، وَعَنْ أَبِي عِنَبَةَ الْخَوْلانِيِّ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " إِنَّ للهِ آنِيَةً مِنْ أَهْلِ الْأَرْضِ، وَآنِيَةُ رَبِّكُمْ (1) قُلُوبُ عِبَادِهِ الصَّالِحِينَ (2) وَأَحَبُّهَا إِلَيْهِ (3) أَلْيَنُهَا وَأَرَقُّهَا (4) "(5)

(1) أَيْ: وآنية ربكم في أرضه. فيض القدير - (ج 2 / ص 629)

(2)

أَيْ: القائمين بما عليهم من حقوقٍ للحق وللخلق ، بمعنى أن نورَ معرِفَتِه تملأ قلوبهم ، حتى تفيضَ على الجوارح. فيض القدير (2/ 629)

(3)

أَيْ: أكثرها حبا عنده. فيض القدير - (ج 2 / ص 629)

(4)

فإن القلب إذا لَانَ ورقّ وانجلى ، صار كالمرآة الصقيلة ، فإذا أشرقَتْ عليه أنوار الملكوت ، أضاء الصّدر وامتلأ من شعاعه ، فأبصرتْ عينُ الفؤادِ باطنَ أمرِ الله في خلقِه ، فيؤدِّيه ذلك إلى ملاحظة نور الله تعالى ، فإذا لَاحَظَهُ ، فذلك قلبٌ استكمل الزينة والبهاء ، بما رُزِقَ من الصفاء ، فصار محلَّ نَظَرِ اللهِ من بين خلقه ، فكلما نظرَ إلى قلبِهِ ، زاده به فرحا ، وله حُبًّا وعِزًّا ، واكْتَنَفَهُ بالرحمة ، وأَرَاحَهُ من الزَّحْمَة ، ومَلَأَه من أنوارِ العلوم. فيض القدير - (ج 2 / ص 629)

(5)

(طب) في مسند الشاميين (840)، صَحِيح الْجَامِع: 2163 ، الصَّحِيحَة: 1691

ص: 295

(جة حم)، وَعَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: (" مَثَلُ عَمَلِ أَحَدِكُمْ كَمَثَلِ الْوِعَاءِ)(1)(إِذَا طَابَ أَسْفَلُهُ ، طَابَ أَعْلَاهُ ، وَإِذَا فَسَدَ أَسْفَلُهُ ، فَسَدَ أَعْلَاهُ (2) ") (3)

(1)(حم) 16899 ، وقال الشيخ شعيب الأرناؤوط: إسناده حسن.

(2)

القصد بالتشبيه أن الظاهرَ عُنوانُ الباطِن ، ومن طابَتْ سَريرتُه ، طابَتْ عَلانِيَتُه ، فإذا اقترنَ العملُ بالإخلاصِ القلبيِّ الذي هو شرطُ القبول ، أشرقَ ضياءُ الأنوار على الجوارح الظاهرة ، وإذا اقترنَ برياءٍ أو نحوه ، اكتسب ظُلْمة يُدْرِكُها أهلُ البَصائر وأرْباب السَّرائر، " إن لله عبادا يعرفون الناس بِالتَّوَسُّم " ، فاتقوا فِراسَة المؤمن.

قال الغزالي: للأعمال الظاهرة عَلائِقُ من المساعي الباطنة ، تُصْلِحها وتُفْسِدها ، كالإخلاصِ ، والرياء ، والعجب ، وغيرها ، فمن لم يعرف هذه المساعي الباطنة ووجهَ تأثيرِها في العبادات الظاهرة ، فقلَّما سَلِمَ له عملٌ ظاهر ، فَتَفُوتُه طاعاتُ الظاهر والباطن ، فلا يبقى بِيَدِهِ إلا الشَّقاء والكذب ذلك هو الخسران المبين. فيض القدير - (ج 2 / ص 708)

(3)

(جة) 4199 ، انظر الصَّحِيحَة: 1734

ص: 296

(حم)، وَعَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: (" ثَلَاثُ خِصَالٍ لَا يَغُلُّ عَلَيْهِنَّ قَلْبُ مُسْلِمٍ أَبَدًا (1) إِخْلَاصُ الْعَمَلِ لِلهِ ، وَمُنَاصَحَةُ وُلَاةِ الْأَمْرِ (2) وَلُزُومُ جَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ (3) فَإِنَّ دَعْوَتَهُمْ تُحِيطُ (4) مِنْ وَرَائِهِمْ") (5)

الشرح (6)

(1)(لَا يَغُلّ): مِنْ غَلَّ ، إِذَا خَانَ ، أَوْ مِنْ غَلَّ يَغِلّ ، إِذَا صَارَ ذَا حِقْد وَعَدَاوَة ، أَيْ: دَوَامُ الْمُؤْمِن عَلَى هَذِهِ الْخِصَالِ لَا يُدْخِلُ فِي قَلْبِهِ خِيَانَةً أَوْ حِقْدًا يَمْنَعهُ مِنْ تَبْلِيغِ الْعِلْم ، فَيَنْبَغِي لَهُ الثَّبَاتُ عَلَى هَذِهِ الْخِصَال. حاشية السندي على ابن ماجه - (ج 6 / ص 111)

(2)

أَيْ: إِرَادَةُ الْخَيْرِ وَلَوْ لِلْأَئِمَّةِ ، وَفِيهِ أَنَّ إِرَادَةَ النُّصْحِ لِلْأَئِمَّةِ يَكْفِي فِي إِرَادَتِه لِكُلِّ أَحَدٍ ، لِأَنَّ فَسَادَ الرُّعَاةِ يَتَعَدَّى آثَارُه إِلَيْهِمْ. السندي (1/ 214)

(3)

أَيْ: موافقة المسلمين في الاعتقاد والعمل الصالح ، من صلاة الجمعة والجماعة وغير ذلك. مرقاة المفاتيح - (ج 2 / ص 141)

(4)

أَيْ: تحفظ وتَكْنَفُ.

(5)

(حم) 21630 ، (ت) 2658 ، (جة) 230 ، (حب) 67 ، انظر صَحِيح الْجَامِع: 6676 ، صَحِيح التَّرْغِيبِ وَالتَّرْهِيب: 4

(6)

أَيْ أن دعوة المسلمين قد أحاطت بهم ، فتحرسهم عن كيد الشيطان ، وعن الضلالة ، وفيه تنبيه على أن من خرج عن جماعتهم لم يَنَلْ بركتَهم وبركةَ دعائهم ، لأنه خارجٌ عما أحاطت بهم من ورائهم ، وفيه إيماءٌ إلى تفضيل الخُلطة على العُزلة. مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح (2/ 141)

ص: 297

(ت جة)، وَعَنْ أَبِي كَبْشَةَ الْأَنَمَارِيِّ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: (" إِنَّمَا الدُّنْيَا لِأَرْبَعَةِ نَفَرٍ (1) عَبْدٍ) (2)(آتَاهُ اللهُ مَالًا وَعِلْمًا (3) فَهُوَ يَعْمَلُ بِعِلْمِهِ فِي مَالِهِ) (4)(وَيَصِلُ فِيهِ رَحِمَهُ ، فَهَذَا (5) بِأَفْضَلِ الْمَنَازِلِ (6) وَعَبْدٍ آتَاهُ اللهُ عِلْمًا ، وَلَمْ يُؤْتِهِ مَالًا ، فَهُوَ صَادِقُ النِّيَّةِ ، يَقُولُ (7) لَوْ كَانَ لِي مَالٌ ، لَعَمِلْتُ فِيهِ بِعَمَلِ فُلَانٍ (8) فَهُوَ بِنِيَّتِهِ (9) فَأَجْرُهُمَا سَوَاءٌ (10) وَعَبْدٍ آتَاهُ اللهُ مَالًا ، وَلَمْ يُؤْتِهِ عِلْمًا ، فَهُوَ يَخْبِطُ فِي مَالِهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ (11) لَا يَعْلَمُ لِلهِ فِيهِ حَقًّا ، وَلَا يَصِلُ فِيهِ رَحِمَهُ ، وَلَا يَتَّقِي فِيهِ رَبَّهُ) (12)(وَيُنْفِقُهُ فِي غَيْرِ حَقِّهِ)(13)(فَهَذَا بِأَخْبَثِ الْمَنَازِلِ ، وَعَبْدٍ لَمْ يُؤْتِهِ اللهُ مَالًا وَلَا عِلْمًا ، فَهُوَ يَقُولُ: لَوْ كَانَ لِي مَالٌ لَعَمِلْتُ فِيهِ بِعَمَلِ فُلَانٍ ، فَهُوَ بِنِيَّتِهِ ، فَوِزْرُهُمَا سَوَاءٌ ")(14)

(1) أَيْ: إِنَّمَا حَالُ أَهْلِهَا حَالُ أَرْبَعَة. تحفة الأحوذي (ج 6 / ص 110)

(2)

(ت) 2325

(3)

أَيْ: شَرْعِيًّا نَافِعًا. تحفة الأحوذي - (ج 6 / ص 110)

(4)

(جة) 4228

(5)

أَيْ: هَذَا الْعَبْدُ الْمَوْصُوفُ بِمَا ذَكَرَ.

(6)

أَيْ: بِأَفْضَلِ الدَّرَجَاتِ عِنْدَ اللهِ تَعَالَى. تحفة الأحوذي (6/ 110)

(7)

أَيْ: فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللهِ. تحفة الأحوذي - (ج 6 / ص 110)

(8)

أَيْ: الَّذِي لَهُ مَالٌ يُنْفِقُ مِنْهُ فِي الْبِرِّ. تحفة الأحوذي (6/ 110)

(9)

أَيْ: يُؤْجَرُ عَلَى حَسَبِ نِيَّتِهِ. تحفة الأحوذي - (ج 6 / ص 110)

(10)

أَيْ: فَأَجْرُ مَنْ عَقَدَ عَزْمَهُ عَلَى أَنَّهُ لَوْ كَانَ لَهُ مَالٌ أَنْفَقَ مِنْهُ فِي الْخَيْرِ، وَأَجْرُ مَنْ لَهُ مَالٌ يُنْفِقُ مِنْهُ سَوَاءٌ ، وَيَكُونُ أَجْرُ الْعِلْمِ زِيَادَةً لَهُ. تحفة (6/ 110)

(11)

أَيْ: يَصْرِفُهُ فِي شَهَوَاتِ نَفْسِهِ ، بِأَنْ يُمْسِكَ تَارَةً حِرْصًا وَحُبًّا لِلدُّنْيَا، وَيُنْفِقَ أُخْرَى لِلسُّمْعَةِ وَالرِّيَاءِ وَالْفَخْرِ وَالْخُيَلَاءِ. تحفة الأحوذي (6/ 110)

(12)

(ت) 2325

(13)

(جة) 4228

(14)

(ت) 2325

ص: 298

(طس)، وَعَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ رضي الله عنه قَالَ:(مَرَّ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم رَجُلٌ، فَرَأَى أَصْحَابُ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ جَلَدِهِ وَنَشَاطِهِ مَا أَعْجَبَهُمْ، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ ، لَوْ كَانَ هَذَا فِي سَبِيلِ اللهِ؟)(1)(فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " وَمَا سَبِيلُ اللهِ إِلَّا مَنْ قَتَلَ؟)(2)(إِنْ كَانَ خَرَجَ يَسْعَى عَلَى وَلَدِهِ صِغَارًا ، فَهُوَ فِي سَبِيلِ اللهِ، وَإِنْ كَانَ خَرَجَ يَسْعَى عَلَى أَبَوَيْنِ شَيْخَيْنِ كَبِيرَيْنِ ، فَهُوَ فِي سَبِيلِ اللهِ، وَإِنْ كَانَ يَسْعَى عَلَى نَفْسِهِ يُعِفُّهَا ، فَهُوَ فِي سَبِيلِ اللهِ، وَإِنْ كَانَ خَرَجَ يَسْعَى رِيَاءً وَتَفَاخُرًا ، فَهُوَ فِي سَبِيلِ الشَّيْطَانِ ")(3)

(1)(طس) 6835 ، (هق) 17602 ،صَحِيح الْجَامِع: 1428 ،الصَّحِيحَة: 3248

(2)

(طس) 4214 ، انظر الصحيحة: 2232

(3)

(طس) 6835 ، (هق) 17602 ، صحيح الترغيب والترهيب: 1692

ص: 299

(خ م)، وَعَنْ أَبِي مَسْعُودٍ الْأَنْصَارِيِّ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " إِنَّ الْمُسْلِمَ إِذَا أَنْفَقَ عَلَى أَهْلِهِ نَفَقَةً وَهُوَ يَحْتَسِبُهَا (1) كَانَتْ لَهُ صَدَقَةٌ "(2)

(1) قَوْله " يَحْتَسِبُهَا " قَالَ الْقُرْطُبِيّ: أَفَادَ مَنْطُوقُهُ أَنَّ الْأَجْرَ فِي الْإِنْفَاقِ إِنَّمَا يَحْصُلُ بِقَصْدِ الْقُرْبَة ، سَوَاءٌ كَانَتْ وَاجِبَةً أَوْ مُبَاحَة، وَأَفَادَ مَفْهُومُهُ أَنَّ مَنْ لَمْ يَقْصِدْ الْقُرْبَةَ لَمْ يُؤْجَر، لَكِنْ تَبْرَأُ ذِمَّتُهُ مِنْ النَّفَقَةِ الْوَاجِبَةِ ، لِأَنَّهَا مَعْقُولَةُ الْمَعْنَى، وَأَطْلَقَ الصَّدَقَةَ عَلَى النَّفَقَةِ مَجَازًا ، وَالْمُرَاد بِهَا الْأَجْر. فتح (ح55)

(2)

(م) 48 - (1002) ، (خ) 5036 ، (ت) 1965 ، (س) 2545 ، (حم) 17123

ص: 300

(خ م)، وَعَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ لِي رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " إِنَّكَ لَنْ تُنْفِقَ نَفَقَةً تَبْتَغِي بِهَا وَجْهَ اللهِ (1) إِلَّا أُجِرْتَ عَلَيْهَا) (2) (حَتَّى اللُّقْمَةُ الَّتِي) (3) (تَجْعَلُهَا) (4) (فِي فَمِ امْرَأَتِكَ (5) ") (6)

(1) أَيْ: مَا عِنْدَ اللهِ مِنْ الثَّوَاب. (فتح - ح56)

(2)

(خ) 3056

(3)

(خ) 2591

(4)

(خ) 3721

(5)

قَالَ النَّوَوِيّ: تَمْثِيلُهُ بِاللُّقْمَةِ مُبَالَغَةٌ فِي تَحْقِيقِ هَذِهِ الْقَاعِدَة؛ لِأَنَّهُ إِذَا ثَبَتَ الْأَجْرُ فِي لُقْمَةٍ وَاحِدَةٍ لِزَوْجَةٍ غَيْرِ مُضْطَرَّة ، فَمَا الظَّنُّ بِمَنْ أَطْعَمَ لُقَمًا لِمُحْتَاجٍ، أَوْ عَمِلَ مِنْ الطَّاعَاتِ مَا مَشَقَّتُهُ فَوْقَ مَشَقَّةِ ثَمَنِ اللُّقْمَةِ ، الَّذِي هُوَ مِنْ الْحَقَارَةِ بِالْمَحَلِّ الْأَدْنَى. أ. هـ

وَتَمَامُ هَذَا أَنْ يُقَال: وَإِذَا كَانَ هَذَا فِي حَقِّ الزَّوْجَةِ ، مَعَ مُشَارَكَةِ الزَّوْجِ لَهَا فِي النَّفْعِ بِمَا يُطْعِمُهَا، لِأَنَّ ذَلِكَ يُؤَثِّرُ فِي حُسْنِ بَدَنِهَا، وَهُوَ يَنْتَفِعُ مِنْهَا بِذَلِكَ وَأَيْضًا فَالْأَغْلَبُ أَنَّ الْإِنْفَاقَ عَلَى الزَّوْجَةِ يَقَعُ بِدَاعِيَةِ النَّفْس، بِخِلَافِ غَيْرِهَا فَإِنَّهُ يَحْتَاجُ إِلَى مُجَاهَدَتِهَا. (فتح - ح56)

(6)

(خ) 3056 ، (م) 5 - (1628)

ص: 301

(جة)، وَعَنْ صُهَيْبِ بْنِ سِنَانٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " أَيُّمَا رَجُلٍ تَدَيَّنَ دَيْنًا مِنْ رَجُلٍ وَهُوَ مُجْمِعٌ أَنْ لَا يُوَفِّيَهُ إيَّاه ، لَقِيَ اللهَ سَارِقًا "(1)

(1)(جة) 2410 ، (حم) 18952 ، انظر صَحِيح الْجَامِع: 2720/ 1 ، صَحِيح التَّرْغِيبِ وَالتَّرْهِيب: 1802

ص: 302

(المجروحين)، وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " مَنِ ادَّانَ دَيْنًا وَهُوَ يَنْوِي أَنْ لَا يُؤَدِّيَهُ إِلَى صَاحِبِهِ، فَهُوَ سَارِقٌ"(1)

(1)(حب) في المجروحين: ج2ص261 ، صَحِيح التَّرْغِيبِ وَالتَّرْهِيب: 1806

ص: 303

(س حم)، وَعَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُذَيْفَةَ قَالَ:(كَانَتْ مَيْمُونَةُ)(1)(زَوْجُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم)(2)(تَدَّانُ وَتُكْثِرُ)(3)(فَقِيلَ لَهَا: يَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ ، تَسْتَدِينِينَ وَلَيْسَ عِنْدَكِ وَفَاءٌ؟ ، قَالَتْ: إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: " مَنْ أَخَذَ دَيْنًا وَهُوَ يُرِيدُ أَنْ يُؤَدِّيَهُ ، أَعَانَهُ اللهُ عز وجل)(4)

وفي رواية: (مَنْ اسْتَدَانَ دَيْنًا، يَعْلَمُ اللهُ عز وجل مِنْهُ أَنَّهُ يُرِيدُ أَدَاءَهُ، أَدَّاهُ اللهُ عَنْهُ ")(5)

(1)(س) 4686

(2)

(س) 4687

(3)

(س) 4686

(4)

(س) 4687 ، (طس) 829 ، (مش) 4286

(5)

(حم) 26883 ، (س) 4686 ، (جة) 2408، (مش) 4287 ، انظر صَحِيح الْجَامِع: 5677 ، 5986 ، الصَّحِيحَة: 1029 ، وقال الشيخ شعيب الأرناؤوط: صحيح.

ص: 304

(حم طس)، وَعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ (أَنَّ عَائِشَةَ رضي الله عنها كَانَتْ تَدَّانُ فَقِيلَ لَهَا: مَا يَحْمِلُكِ عَلَى الدَّيْنِ ، وَلَكِ عَنْهُ مَنْدُوحَةٌ (1)؟، قَالَتْ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: " مَا مِنْ عَبْدٍ يَدَّانُ ، وَفِي نَفْسِهِ) (2) (نِيَّةٌ فِي أَدَاءِ دَيْنِهِ، إِلَّا كَانَ لَهُ مِنْ اللهِ عز وجل عَوْنٌ) (3) (وسَبَّبَ اللهُ لَهُ رِزْقًا ") (4)(فَأَنَا أَلْتَمِسُ ذَلِكَ الْعَوْنَ)(5).

(1)(مَنْدُوحَةٌ) أَيْ: سَعَةٌ وَفُسْحَةٌ. المصباح المنير (2/ 597)

(2)

(حم) 26019 ، وقال الشيخ شعيب الأرناؤوط: حسن.

(3)

(حم) 24723، (ك) 2202 ، (طل) 1524 ، (هق) 10740 ، انظر صَحِيح الْجَامِع: 5734 ، وقال الشيخ شعيب الأرناؤوط: حسن.

(4)

(طس) 7608 ، انظر الصَّحِيحَة: 2822

(5)

(حم) 26019، (ك) 2203 ، (مش) 4288 ، (هق) 10741

ص: 305

(خ)، وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " مَنْ أَخَذَ أَمْوَالَ النَّاسِ يُرِيدُ أَدَاءَهَا ، أَدَّى اللهُ عَنْهُ (1) وَمَنْ أَخَذَهَا يُرِيدُ إِتْلَافَهَا ، أَتْلَفَهُ اللهُ (2) "(3)

(1) مَنْ مَاتَ قَبْلَ الْوَفَاءِ بِغَيْرِ تَقْصِير مِنْهُ ، كَأَنْ يُعْسِرَ مَثَلًا ، أَوْ يَفْجَأَهُ الْمَوْت وَلَهُ مَالٌ مَخْبُوءٌ ، وَكَانَتْ نِيَّتُه وَفَاءَ دَيْنِه ، وَلَمْ يُوَفَّ عَنْهُ فِي الدُّنْيَا ، فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا تَبِعَةَ عَلَيْهِ وَالْحَالَةُ هَذِهِ فِي الْآخِرَةِ ، بِحَيْثُ يُؤْخَذُ مِنْ حَسَنَاتِهِ لِصَاحِبِ الدَّيْنِ، بَلْ يَتَكَفَّلُ اللهُ عَنْهُ لِصَاحِبِ الدَّيْنِ كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ الْحَدِيث. فتح الباري (ج 7 / ص 257)

(2)

ظَاهِرُه أَنَّ الْإِتْلَافَ يَقَعُ لَهُ فِي الدُّنْيَا ، وَذَلِكَ فِي مَعَاشِهِ أَوْ فِي نَفْسِهِ. فتح الباري (ج 7 / ص 257)

(3)

(خ) 2257 ، (حم) 8718

ص: 306

(طس)، وَعَنْ أَبِي مَيْمُونٍ (1) رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " أَيُّمَا رَجُلٍ تَزَوَّجَ امْرَأَةً عَلَى مَا قَلَّ مِنَ الْمَهْرِ أَوْ كَثُرَ ، لَيْسَ فِي نَفْسِهِ أَنْ يُؤَدِّيَ إِلَيْهَا حَقَّهَا ، خَدَعَهَا ، فَمَاتَ وَلَمْ يُؤَدِّ إِلَيْهَا حَقَّهَا لَقِيَ اللهَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَهُوَ زَانٍ "(2)

(1) اسمه: جابان الكُردي، وهو صحابي.

(2)

(طس) 1851 ، انظر صَحِيح التَّرْغِيبِ وَالتَّرْهِيب: 1807

ص: 307

(بز)، وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "مَنْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً عَلَى صَدَاقٍ وَهُوَ يَنْوِي أَنْ لَا يُؤَدِّيَهُ، فَهُوَ زَانٍ"(1)

(1) صَحِيح التَّرْغِيبِ وَالتَّرْهِيب: 1806

ص: 308

(د حم)، وَعَنْ يَعْلَى بْنِ مُنْيَةَ رضي الله عنه قَالَ:(" آذَنَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِالْغَزْوِ " وَأَنَا شَيْخٌ كَبِيرٌ لَيْسَ لِي خَادِمٌ ، فَالْتَمَسْتُ (1) أَجِيرًا يَكْفِينِي ، وَأُجْرِي لَهُ سَهْمَهُ (2) فَوَجَدْتُ رَجُلًا ، فَلَمَّا دَنَا الرَّحِيلُ أَتَانِي فَقَالَ: مَا أَدْرِي مَا السُّهْمَانِ (3) وَمَا يَبْلُغُ سَهْمِي ، فَسَمِّ لِي شَيْئًا (4) كَانَ السَّهْمُ أَوْ لَمْ يَكُنْ ، فَسَمَّيْتُ لَهُ ثَلَاثَةَ دَنَانِيرَ ، فَلَمَّا حَضَرَتْ غَنِيمَتُهُ ، أَرَدْتُ أَنْ أُجْرِيَ لَهُ سَهْمَهُ ، فَذَكَرْتُ الدَّنَانِيرَ ، فَجِئْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَذَكَرْتُ لَهُ أَمْرَهُ) (5) (فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:" لَيْسَ لَهُ مِنْ غَزَاتِهِ هَذِهِ) (6) (فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ، إِلَّا دَنَانِيرَهُ الَّتِي سَمَّى (7) ") (8)

(1) أَيْ: طَلَبْت.

(2)

أَيْ: أُعْطِيه نصِيبَهُ من الغنائمِ كَسَائِرِ الْغُزَاة.

(3)

(السُّهْمَان): جَمْع سَهْم.

(4)

(سَمِّ): أَمْرٌ مِنْ التَّسْمِيَة ، أَيْ: عَيِّنْ.

(5)

(د) 2527 ، (حم) 17986

(6)

(حم) 17986 ، (د) 2527

(7)

قال فِي شَرْح السُّنَّة: اِخْتَلَفُوا فِي الْأَجِيرِ لِلْعَمَلِ وَحِفْظِ الدَّوَابِّ يَحْضُر الْوَاقِعَة ، هَلْ يُسْهَمُ لَهُ؟.

فَقِيلَ: لَا سَهْمَ لَهُ ، قَاتَلَ أَوْ لَمْ يُقَاتِل ، إِنَّمَا لَهُ أُجْرَةُ عَمَله، وَهُوَ قَوْلُ الْأَوْزَاعِيِّ ، وَإِسْحَاق ، وَأَحَد قَوْلِيّ الشَّافِعِيّ.

وَقَالَ مَالِك وَأَحْمَد: يُسْهَم لَهُ وَإِنْ لَمْ يُقَاتِلْ إِذَا كَانَ مَعَ النَّاسِ عِنْدَ الْقِتَال. وَقِيلَ: يُخَيَّرُ بَيْن الْأُجْرَةِ وَالسَّهْم. عون المعبود - (ج 5 / ص 423)

(8)

(د) 2527 ، (حم) 17986 ، انظر صَحِيح الْجَامِع: 5511 ، الصَّحِيحَة: 2233

ص: 309

(س)، وَعَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " مَنْ غَزَا فِي سَبِيلِ اللهِ وَلَمْ يَنْوِ إِلَّا عِقَالًا (1) فَلَهُ مَا نَوَى "(2)

(1)(العِقَال): حَبْلٌ يُشَدُّ بِهِ ذِرَاعُ الْبَعِير.

(2)

(س) 3138 ، (حم) 22744

ص: 310

(خ م س د)، وَعَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ رضي الله عنه قَالَ:(جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ ، مَا الْقِتَالُ فِي سَبِيلِ اللهِ؟ ، فَإِنَّ أَحَدَنَا يُقَاتِلُ غَضَبًا، وَيُقَاتِلُ حَمِيَّةً (1)) (2)(وَيُقَاتِلُ لِيُحْمَدَ (3)) (4)(وَيُقَاتِلُ لِيَغْنَمَ (5)) (6)(فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " مَنْ قَاتَلَ لِتَكُونَ كَلِمَةُ اللهِ هِيَ الْعُلْيَا ، فَهُوَ فِي سَبِيلِ اللهِ (7) ") (8)

(1)(الحَمِيَّة): الْأَنَفَة وَالْغَيْرَة ، وَالْمُحَامَاةُ عَنْ عَشِيرَتِه. النووي (6/ 383)

(2)

(خ) 123 ، (م) 1904

(3)

أَيْ: لِيُوصَفَ بِالشُّجَاعَةِ. عون المعبود - (ج 5 / ص 412)

(4)

(د) 2517 ، (خ) 2655

(5)

أَيْ: لِيَحْصُلَ لَهُ غَنِيمَة. شرح سنن النسائي - (ج 4 / ص 409)

(6)

(س) 3136 ، (خ) 2655

(7)

قَالَ الْحَافِظُ: الْمُرَادُ بِكَلِمَةِ اللهِ: دَعْوَةُ اللهِ إِلَى الْإِسْلَامِ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ أَنَّهُ لَا يَكُونُ فِي سَبِيلِ اللهِ إِلَّا مَنْ كَانَ سَبَبُ قِتَالِهِ طَلَبَ إِعْلَاءِ كَلِمَةِ اللهِ فَقَطْ ، بِمَعْنَى أَنَّهُ لَوْ أَضَافَ إِلَى ذَلِكَ سَبَبًا مِنْ الْأَسْبَابِ الْمَذْكُورَةِ أَخَلَّ بِذَلِكَ. تحفة الأحوذي - (ج 4 / ص 321)

(8)

(خ) 123 ، (م) 1904

ص: 311

(د)، وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللهِ، رَجُلٌ يُرِيدُ الْجِهَادَ فِي سَبِيلِ اللهِ ، وَهُوَ يَبْتَغِي عَرَضًا مِنْ عَرَضِ الدُّنْيَا (1) فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:" لَا أَجْرَ لَهُ " فَأَعْظَمَ النَّاسُ ذَلِكَ (2) وَقَالُوا لِلرَّجُلِ: عُدْ لِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَلَعَلَّكَ لَمْ تُفْهِمْهُ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، رَجُلٌ يُرِيدُ الْجِهَادَ فِي سَبِيلِ اللهِ وَهُوَ يَبْتَغِي عَرَضًا مِنْ عَرَضِ الدُّنْيَا ، فَقَالَ:" لَا أَجْرَ لَهُ "، فَقَالُوا لِلرَّجُلِ: عُدْ لِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ لَهُ الثَّالِثَةَ، فَقَالَ لَهُ:" لَا أَجْرَ لَهُ "(3)

(1) أَيْ: مَتَاعِهَا وَحُطَامِهَا. عون المعبود - (ج 5 / ص 411)

(2)

أَيْ: اِسْتَعْظَمُوا. عون المعبود - (ج 5 / ص 411)

(3)

(د) 2516 ، (حم) 7887 ، صَحِيح التَّرْغِيبِ وَالتَّرْهِيب: 1329 ، المشكاة: 3845

ص: 312

(س)، وَعَنْ أَبِي أُمَامَةَ الْبَاهِلِيِّ رضي الله عنه قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: أَرَأَيْتَ رَجُلًا غَزَا يَلْتَمِسُ الْأَجْرَ وَالذِّكْرَ ، مَالَهُ؟ ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:" لَا شَيْءَ لَهُ " ، فَأَعَادَهَا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ ، يَقُولُ لَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:" لَا شَيْءَ لَهُ ، ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: إِنَّ اللهَ لَا يَقْبَلُ مِنْ الْعَمَلِ إِلَّا مَا كَانَ خَالِصًا لَهُ ، وَابْتُغِيَ بِهِ وَجْهُهُ "(1)

(1)(س) 3140 ، انظر صَحِيح التَّرْغِيبِ وَالتَّرْهِيب: 1331

ص: 313

(س)، وَعَنْ شَدَّادِ بْنِ الْهَادِ رضي الله عنه قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ مِنْ الْأَعْرَابِ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَآمَنَ بِهِ وَاتَّبَعَهُ ، ثُمَّ قَالَ: أُهَاجِرُ مَعَكَ ، " فَأَوْصَى بِهِ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بَعْضَ أَصْحَابِهِ ، فَلَمَّا كَانَتْ غَزْوَةٌ ، " غَنِمَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم سَبْيًا ، فَقَسَمَ ، وَقَسَمَ لَهُ ، فَأَعْطَى أَصْحَابَهُ مَا قَسَمَ لَهُ " ، وَكَانَ يَرْعَى ظَهْرَهُمْ (1) فَلَمَّا جَاءَ دَفَعُوهُ إِلَيْهِ ، فَقَالَ: مَا هَذَا؟ ، قَالُوا: قَسْمٌ قَسَمَهُ لَكَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَأَخَذَهُ فَجَاءَ بِهِ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: مَا هَذَا؟ ، قَالَ: " قَسَمْتُهُ لَكَ " ، فَقَالَ: مَا عَلَى هَذَا اتَّبَعْتُكَ ، وَلَكِنِّي اتَّبَعْتُكَ عَلَى أَنْ أُرْمَى بِسَهْمٍ هَاهُنَا - وَأَشَارَ إِلَى حَلْقِهِ - فَأَمُوتَ فَأَدْخُلَ الْجَنَّةَ (2) فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " إِنْ تَصْدُقِ اللهَ يَصْدُقْكَ (3)" ، فَلَبِثُوا قَلِيلًا ، ثُمَّ نَهَضُوا فِي قِتَالِ الْعَدُوِّ ، فَأُتِيَ بِهِ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يُحْمَلُ ، قَدْ أَصَابَهُ سَهْمٌ حَيْثُ أَشَارَ ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " أَهُوَ هُوَ؟ " ، قَالُوا: نَعَمْ ، قَالَ: " صَدَقَ اللهَ فَصَدَقَهُ ، ثُمَّ كَفَّنَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي جُبَّتِهِ ، ثُمَّ قَدَّمَهُ فَصَلَّى عَلَيْهِ ، فَكَانَ فِيمَا ظَهَرَ مِنْ صَلَاتِهِ: اللَّهُمَّ هَذَا عَبْدُكَ ، خَرَجَ مُهَاجِرًا فِي سَبِيلِكَ ، فَقُتِلَ شَهِيدًا ، أَنَا شَهِيدٌ عَلَى ذَلِكَ (4) " (5)

(1) أَيْ: يرعى إبلهم وخيولهم.

(2)

أَيْ: مَا آمَنْتُ بِكَ لِأَجْلِ الدُّنْيَا ، وَلَكِنْ آمَنْتُ لِأَجْلِ أَنْ أَدْخُلَ الْجَنَّةَ بِالشَّهَادَةِ فِي سَبِيلِ اللهِ. شرح سنن النسائي (ج3ص229)

(3)

أَيْ: إِنْ كُنْتَ صَادِقًا فِيمَا تَقُولُ ، وَتُعَاهِدُ اللهَ عَلَيْهِ ، يُجْزِكَ عَلَى صِدْقِكِ بِإِعْطَائِكَ مَا تُرِيدُهُ. شرح سنن النسائي (ج3ص229)

(4)

في الحديث دليل على مشروعية الصلاة على شهيد المعركة. ع

(5)

صححه الألباني في (س) 1953، وصَحِيح التَّرْغِيبِ وَالتَّرْهِيب: 1336

ص: 314

(خ م د حم)، وَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ:(" رَجَعَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ غَزْوَةِ تَبُوكَ، فَلَمَّا دَنَا مِنْ الْمَدِينَةِ)(1)(قَالَ: لَقَدْ تَرَكْتُمْ بِالْمَدِينَةِ رِجالًا)(2)(مَا سِرْتُمْ مَسِيرًا ، وَلَا قَطَعْتُمْ وَادِيًا)(3)(وَلَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ نَفَقَةٍ)(4)(إِلَّا كَانُوا مَعَكُمْ ، وفي رواية: (إِلَّا شَرِكُوكُمْ فِي الْأَجْرِ)(5)" ، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ وَهُمْ بِالْمَدِينَةِ؟ قَالَ: " وَهُمْ بِالْمَدِينَةِ ") (6) (قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ ، وَكَيْفَ يَكُونُونَ مَعَنَا وَهُمْ بِالْمَدِينَةِ؟، قَالَ: " حَبَسَهُمُ الْعُذْرُ (7)) (8) وفي رواية: " حَبَسَهُمْ الْمَرَضُ "(9)

(1)(خ) 4161

(2)

(حم) 12650 ، وقال الشيخ شعيب الأرناءوط: إسناده صحيح.

(3)

(خ) 4161

(4)

(د) 2508

(5)

(م) 1911

(6)

(خ) 4161 ، (جة) 2764

(7)

أَيْ: مَنَعَهُمْ عَنْ الْخُرُوج. عون المعبود - (ج 5 / ص 402)

(8)

(د) 2508 ، (خ) 2684

(9)

(م) 1911 ، (حم) 14246

ص: 315

(حم)، وَعَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ السَّكْسَكِيِّ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا بُرْدَةَ بْنَ أَبِي مُوسَى الأَشْعَرِيِّ وَهُوَ يَقُولُ لِيَزِيدَ بْنِ أَبِي كَبْشَةَ - وَاصْطَحَبَا فِي سَفَرٍ - فَكَانَ يَزِيدُ يَصُومُ فِي السَّفَرِ ، فَقَالَ لَهُ أَبُو بُرْدَةَ: سَمِعْتُ أَبَا مُوسَى مِرَارًا يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " إِنَّ الْعَبْدَ الْمُسْلِمَ إِذَا مَرِضَ أَوْ سَافَرَ ، كَتَبَ اللهُ لَهُ مِنْ الْأَجْرِ كَمَا كَانَ يَعْمَلُ مُقِيمًا صَحِيحًا "(1)

(1)(حم) 19768 ، (خ) 2834 ، (د) 3091 ، (ش) 10805 ، وقال الشيخ شعيب الأرناؤوط: إسناده صحيح.

ص: 316

(م ت حم)، وَعَن سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ قَالَ:(تَفَرَّقَ النَّاسُ عَن أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه فَقَالَ لَهُ قَائِلٌ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ: أَيُّهَا الشَّيْخُ)(1)(أَنْشُدُكَ بِحَقٍّ وَبِحَقٍّ لَمَا حَدَّثْتَنِي حَدِيثًا سَمِعْتَهُ مِنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَقَلْتَهُ وَعَلِمْتَهُ، فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: أَفْعَلُ، لَأُحَدِّثَنَّكَ حَدِيثًا حَدَّثَنِيهِ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَقَلْتُهُ وَعَلِمْتُهُ، ثُمَّ نَشَغَ (2) أَبُو هُرَيْرَةَ نَشْغَةً ، فَمَكَثَ قَلِيلًا ، ثُمَّ أَفَاقَ فَقَالَ: لَأُحَدِّثَنَّكَ حَدِيثًا حَدَّثَنِيهِ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي هَذَا الْبَيْتِ مَا مَعَنَا أَحَدٌ غَيْرِي وَغَيْرُهُ، ثُمَّ نَشَغَ أَبُو هُرَيْرَةَ نَشْغَةً أُخْرَى، ثُمَّ أَفَاقَ فَمَسَحَ وَجْهَهُ فَقَالَ: لَأُحَدِّثَنَّكَ حَدِيثًا حَدَّثَنِيهِ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَأَنَا وَهُوَ فِي هَذَا الْبَيْتِ ، مَا مَعَنَا أَحَدٌ غَيْرِي وَغَيْرُهُ، ثُمَّ نَشَغَ أَبُو هُرَيْرَةَ نَشْغَةً أُخْرَى، ثُمَّ أَفَاقَ وَمَسَحَ وَجْهَهُ فَقَالَ: أَفْعَلُ ، لَأُحَدِّثَنَّكَ حَدِيثًا حَدَّثَنِيهِ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَأَنَا مَعَهُ فِي هَذَا الْبَيْتِ مَا مَعَهُ أَحَدٌ غَيْرِي وَغَيْرُهُ ، ثُمَّ نَشَغَ أَبُو هُرَيْرَةَ نَشْغَةً شَدِيدَةً ثُمَّ مَالَ خَارًّا عَلَى وَجْهِهِ ، فَأَسْنَدْتُهُ عَلَيَّ طَوِيلًا، ثُمَّ أَفَاقَ فَقَالَ:" حَدَّثَنِي رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: إِنَّ اللهَ تبارك وتعالى إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ يَنْزِلُ إِلَى الْعِبَادِ لِيَقْضِيَ بَيْنَهُمْ، وَكُلُّ أُمَّةٍ جَاثِيَةٌ (3) فَأَوَّلُ مَنْ يَدْعُو اللهُ بِهِ) (4) (رَجُلٌ تَعَلَّمَ الْعِلْمَ ، وَعَلَّمَهُ ، وَقَرَأَ الْقُرْآنَ (5)) (6) (وَرَجُلٌ قُتِلَ فِي سَبِيلِ اللهِ ، وَرَجُلٌ كَثِيرُ الْمَالِ، فَيَقُولُ اللهُ لِلْقَارِئِ: أَلَمْ أُعَلِّمْكَ مَا أَنْزَلْتُ عَلَى رَسُولِي؟ ، قَالَ: بَلَى يَا رَبِّ ، قَالَ: فَمَاذَا عَمِلْتَ فِيمَا عُلِّمْتَ؟) (7) (قَالَ: تَعَلَّمْتُ فِيكَ الْعِلْمَ وَعَلَّمْتُهُ، وَقَرَأتُ فِيكَ الْقُرْآنَ) (8) (فَكُنْتُ أَقُومُ بِهِ آنَاءَ (9) اللَّيْلِ وَآنَاءَ النَّهَارِ، فَيَقُولُ اللهُ لَهُ: كَذَبْتَ، وَتَقُولُ لَهُ الْمَلَائِكَةُ: كَذَبْتَ، وَيَقُولُ اللهُ لَهُ: بَلْ) (10) (تَعَلَّمْتَ الْعِلْمَ لِيُقَالَ: هُوَ عَالِمٌ، وَقَرَأتَ الْقُرْآنَ) (11) (لِيُقَالَ: إِنَّ فُلَانًا قَارِئٌ، فَقَدْ قِيلَ ذَاكَ) (12) (ثُمَّ أُمِرَ بِهِ فَسُحِبَ عَلَى وَجْهِهِ حَتَّى أُلْقِيَ فِي النَّارِ) (13) (وَيُؤْتَى بِصَاحِبِ الْمَالِ ، فَيَقُولُ اللهُ لَهُ: أَلَمْ أُوَسِّعْ عَلَيْكَ حَتَّى لَمْ أَدَعْكَ تَحْتَاجُ إِلَى أَحَدٍ؟ ، قَالَ: بَلَى يَا رَبِّ ، قَالَ: فَمَاذَا عَمِلْتَ فِيمَا آتَيْتُكَ؟ ، قَالَ: كُنْتُ أَصِلُ الرَّحِمَ، وَأَتَصَدَّقُ) (14) (وَمَا تَرَكْتُ مِنْ سَبِيلٍ تُحِبُّ أَنْ يُنْفَقَ فِيهَا ، إِلَّا أَنْفَقْتُ فِيهَا لَكَ) (15) (فَيَقُولُ اللهُ لَهُ: كَذَبْتَ، وَتَقُولُ لَهُ الْمَلَائِكَةُ: كَذَبْتَ، وَيَقُولُ اللهُ تَعَالَى: بَلْ أَرَدْتَ أَنْ يُقَالَ: فُلَانٌ جَوَادٌ، فَقَدْ قِيلَ ذَاكَ) (16) (ثُمَّ أُمِرَ بِهِ فَسُحِبَ عَلَى وَجْهِهِ حَتَّى أُلْقِيَ فِي النَّارِ) (17) (وَيُؤْتَى بِالَّذِي قُتِلَ فِي سَبِيلِ اللهِ، فَيَقُولُ اللهُ لَهُ: فِي مَاذَا قُتِلْتَ؟ فَيَقُولُ: أُمِرْتُ بِالْجِهَادِ فِي سَبِيلِكَ، فَقَاتَلْتُ حَتَّى قُتِلْتُ، فَيَقُولُ اللهُ تَعَالَى لَهُ: كَذَبْتَ، وَتَقُولُ لَهُ الْمَلَائِكَةُ: كَذَبْتَ، وَيَقُولُ اللهُ: بَلْ أَرَدْتَ أَنْ يُقَالَ: فُلَانٌ جَرِيءٌ، فَقَدْ قِيلَ ذَاكَ) (18) (ثُمَّ أُمِرَ بِهِ فَسُحِبَ عَلَى وَجْهِهِ حَتَّى أُلْقِيَ فِي النَّارِ) (19) (ثُمَّ ضَرَبَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى رُكْبَتِي فَقَالَ: يَا أَبَا هُرَيْرَةَ، أُولَئِكَ الثَلَاثَةُ ، أَوَّلُ خَلْقِ اللهِ تُسَعَّرُ بِهِمْ النَّارُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ "، قَالَ الْوَلِيدُ أَبُو عُثْمَانَ: فَأَخْبَرَنِي عُقْبَةُ بْنُ مُسْلِمٍ أَنَّ الشَّامِيَّ دَخَلَ عَلَى مُعَاوِيَةَ رضي الله عنه فَأَخْبَرَهُ بِهَذَا عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، فَقَالَ مُعَاوِيَةُ: قَدْ فُعِلَ بِهَؤُلَاءِ هَذَا ، فَكَيْفَ بِمَنْ بَقِيَ مِنَ النَّاسِ؟، ثُمَّ بَكَى مُعَاوِيَةُ بُكَاءً شَدِيدًا حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهُ هَالِكٌ ، وَقُلْنَا: قَدْ جَاءَنَا هَذَا الرَّجُلُ بِشَرٍّ، ثُمَّ أَفَاقَ مُعَاوِيَةُ وَمَسَحَ عَنْ وَجْهِهِ وَقَالَ: صَدَقَ اللهُ وَرَسُولُهُ {مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لَا يُبْخَسُونَ، أُولَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ إِلَّا النَّارُ، وَحَبِطَ مَا صَنَعُوا فِيهَا، وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} (20)) (21).

(1)(م) 1905 ، (س) 3137

(2)

النَّشْغ: الشَّهيق حتى يكاد يَبْلُغُ به الغَشْي. النهاية (ج 5 / ص 132)

(3)

الجاثي: القاعد ، وفي التنزيل العزيز:{وترى كل أُمَّةٍ جاثِيَةً} قال مجاهد: مُستوفِزينَ على الرُّكَب ، قال أَبو معاذ: المُسْتَوْفِزُ: الذي رفع أَلْيَتَيه ووضع ركبتيه. لسان العرب - (ج 14 / ص 131)

(4)

(ت) 2382

(5)

أَيْ: حفظه عن ظهر قلب.

(6)

(م) 1905

(7)

(ت) 2382 ، انظر صَحِيح التَّرْغِيبِ وَالتَّرْهِيب: 22

(8)

(حم) 8260 ، وقال الشيخ شعيب الأرناءوط: إسناده صحيح.

(9)

الآناء: الساعات.

(10)

(ت) 2382

(11)

(حم) 8260

(12)

(ت) 2382

(13)

(م) 1905

(14)

(ت) 2382

(15)

(م) 1905

(16)

(ت) 2382

(17)

(م) 1905

(18)

(ت) 2382

(19)

(م) 1905

(20)

[هود/15]

(21)

(ت) 2382

ص: 317

(ن)، وَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " إنَّ اللهُ ليُؤَيِّدُ هَذَا الدِّينَ بِأَقَوَامٍ لَا خَلَاقَ لَهُمْ (1) "(2)

(1) أَيْ: لَا نَصِيبَ لهم.

(2)

(ن) 8885 ، (حم) 20472 ، (حب) 4517 ، صَحِيح الْجَامِع: 1866 ، الصَّحِيحَة: 1649

ص: 318

(ت)، وَعَنْ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " مَنْ طَلَبَ الْعِلْمَ لِيُجَارِيَ بِهِ الْعُلَمَاءَ (1) أَوْ لِيُمَارِيَ بِهِ السُّفَهَاءَ (2) أَوْ لِيَصْرِفَ وُجُوهَ النَّاسِ إِلَيْهِ (3) أَدْخَلَهُ اللهُ النَّارَ "(4)

(1) أَيْ: يَجْرِي مَعَهُمْ فِي الْمُنَاظَرَةِ وَالْجِدَالِ ، لِيُظْهِرَ عِلْمَهُ فِي النَّاسِ رِيَاءً وَسُمْعَةً. تحفة الأحوذي (ج 6 / ص 454)

(2)

(السُّفَهَاءَ): جَمْعُ السَّفِيهِ ، وَهُوَ قَلِيلُ الْعَقْلِ، وَالْمُرَادُ بِهِ الْجَاهِلُ ، أَيْ: لِيُجَادِلَ بِهِ الْجُهَّالَ، وَالْمُمَارَاةُ مِنْ الْمِرْيَةِ ، وَهِيَ الشَّكُّ ، فَإِنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ الْمُتَحَاجَّيْنِ يَشُكُّ فِيمَا يَقُولُ صَاحِبُهُ ، وَيُشَكِّكُهُ بِمَّا يُورِدُ عَلَى حُجَّتِهِ. تحفة الأحوذي (6/ 454)

(3)

أَيْ: يَطْلُبَهُ بِنِيَّةِ تَحْصِيلِ الْمَالِ وَالْجَاهِ، وَإِقْبَالِ الْعَامَّةِ عَلَيْهِ. تحفة (6/ 454)

(4)

(ت) 2654 ، (جة) 253 ، صَحِيح الْجَامِع: 5930 ، 6158 ، 6382 ، صَحِيح التَّرْغِيبِ وَالتَّرْهِيب: 106 ، 109

ص: 319

(خ)، وَعَنْ مَعْنِ بْنِ يَزِيدَ رضي الله عنهما قَالَ: بَايَعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنَا وَأَبِي وَجَدِّي ، وَكَانَ أَبِي يَزِيدُ أَخْرَجَ دَنَانِيرَ يَتَصَدَّقُ بِهَا ، فَوَضَعَهَا عِنْدَ رَجُلٍ فِي الْمَسْجِدِ ، فَجِئْتُ فَأَخَذْتُهَا ، فَأَتَيْتُهُ بِهَا ، فَقَالَ: وَاللهِ مَا إِيَّاكَ أَرَدْتُ (1) فَخَاصَمْتُهُ إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: " لَكَ مَا نَوَيْتَ يَا يَزِيدُ (2) وَلَكَ مَا أَخَذْتَ يَا مَعْنُ (3) "(4)

(1) أَيْ: لَوْ أَرَدْتُ أَنَّكَ تَأخُذُهَا ، لَنَاوَلْتُهَا لَك ، وَلَمْ أُوَكِّلْ فِيهَا، أَوْ كَأَنَّهُ كَانَ يَرَى أَنَّ الصَّدَقَةَ عَلَى الْوَلَدِ لَا تُجْزِئُ، أَوْ يَرَى أَنَّ الصَّدَقَةَ عَلَى الْأَجْنَبِيِّ أَفْضَل. فتح الباري (ج 5 / ص 20)

(2)

أَيْ: إِنَّك نَوَيْتَ أَنْ تَتَصَدَّقَ بِهَا عَلَى مَنْ يَحْتَاجُ إِلَيْهَا ، وَابْنُكَ يَحْتَاجُ إِلَيْهَا ، فَوَقَعَتْ الْمَوْقِع، وَإِنْ كَانَ لَمْ يَخْطُرْ بِبَالِكَ أَنَّهُ يَأخُذُهَا. فتح (5/ 20)

(3)

أَيْ: لِأَنَّكَ أَخَذْتَهَا مُحْتَاجًا إِلَيْهَا ، وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى أَنَّ لِلمُتَصَدِّقِ أَجْرَ مَا نَوَاهُ ، سَوَاءٌ صَادَفَ الْمُسْتَحِقَّ أَوْ لَا ، وَأَنَّ الْأَبَ لَا رُجُوعَ لَهُ فِي الصَّدَقَةِ عَلَى وَلَدِهِ ، بِخِلَافِ الْهِبَة. فتح الباري (ج 5 / ص 20)

(4)

(خ) 1356 ، (حم) 15898

ص: 320

(س)، وَعَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " مَنْ أَتَى فِرَاشَهُ وَهُوَ يَنْوِي أَنْ يَقُومَ يُصَلِّي مِنْ اللَّيْلِ ، فَغَلَبَتْهُ عَيْنَاهُ حَتَّى أَصْبَحَ ، كُتِبَ لَهُ أَجْرُ مَا نَوَى ، وَكَانَ نَوْمُهُ صَدَقَةً عَلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ عز وجل "(1)

(1)(س) 1787 ، 1785، (د) 1314 ، وصححه الألباني في الإرواء: 454 ، وصَحِيح التَّرْغِيبِ وَالتَّرْهِيب: 602

ص: 321

(م حم حب)، وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: (" مَنْ هَمَّ بِحَسَنَةٍ فَلَمْ يَعْمَلْهَا، كُتِبَتْ لَهُ حَسَنَةً، وَمَنْ هَمَّ بِحَسَنَةٍ فَعَمِلَهَا، كُتِبَتْ لَهُ)(1)(بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا)(2)(إِلَى سَبْعِ مِائَةِ ضِعْفٍ ، وَمَنْ هَمَّ بِسَيِّئَةٍ فَلَمْ يَعْمَلْهَا)(3)(لَمْ تُكْتَبْ عَلَيْهِ، فَإِنْ عَمِلَهَا، كُتِبَتْ عَلَيْهِ سَيِّئَةً وَاحِدَةً ")(4)

(1)(م) 206 - (130) ، (حم) 9314

(2)

(حب) 384 ، (م) 206 - (130)

(3)

(م) 206 - (130) ، (حم) 10471

(4)

(حم) 7195 ، (م) 206 - (130) ، (حب) 384 ، وأخرجه (خ) 6126 ، (م) 207 - (131) ، (حم) 2001 عن ابن عباس

ص: 322

(خ م)، وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: (" قَالَتْ الْمَلَائِكَةُ: رَبِّ ذَاكَ عَبْدُكَ يُرِيدُ أَنْ يَعْمَلَ سَيِّئَةً)(1)(فَقَالَ اللهُ تَعَالَى: إِذَا أَرَادَ عَبْدِي أَنْ يَعْمَلَ سَيِّئَةً ، فلَا تَكْتُبُوهَا عَلَيْهِ حَتَّى يَعْمَلَهَا)(2)(فَأَنَا أَغْفِرُهَا لَهُ مَا لَمْ يَعْمَلْهَا)(3)(فَإِنْ عَمِلَهَا ، فَاكْتُبُوهَا بِمِثْلِهَا، وَإِنْ تَرَكَهَا مِنْ أَجْلِي ، فَاكْتُبُوهَا لَهُ حَسَنَةً، وَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَعْمَلَ حَسَنَةً فَلَمْ يَعْمَلْهَا ، فَاكْتُبُوهَا لَهُ حَسَنَةً فَإِنْ عَمِلَهَا ، فَاكْتُبُوهَا لَهُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا، إِلَى سَبْعِ مِائَةِ ضِعْفٍ ")(4)

الشرح (5)

(1)(م) 129 ، (حم) 8203

(2)

(خ) 7062 ، (م) 128

(3)

(م) 129

(4)

(خ) 7062 ، (م) 128

(5)

مَذْهَبُ الْقَاضِي أَبِي بَكْر بْنِ الطَّيِّبِ أَنَّ مَنْ عَزَمَ عَلَى الْمَعْصِيَةِ بِقَلْبِهِ ، وَوَطَّنَ نَفْسَهُ عَلَيْهَا، أَثِمَ فِي اِعْتِقَادِهِ وَعَزْمِه ، وَيُحْمَلُ مَا وَقَعَ فِي هَذِهِ الْأَحَادِيثِ وَأَمْثَالِهِ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ فِيمَنْ لَمْ يُوَطِّنْ نَفْسَهُ عَلَى الْمَعْصِيَة ، وَإِنَّمَا مَرَّ ذَلِكَ بِفِكْرِهِ مِنْ غَيْرِ اِسْتِقْرَار، وَيُسَمَّى هَذَا هَمًّا، وَيُفَرَّقُ بَيْنَ الْهَمِّ وَالْعَزْم.

قَالَ الْقَاضِي عِيَاض رحمه الله: عَامَّةُ السَّلَفِ وَأَهْلِ الْعِلْمِ مِنْ الْفُقَهَاءِ وَالْمُحَدِّثِينَ عَلَى مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ الْقَاضِي أَبُو بَكْر ، لِلْأَحَادِيثِ الدَّالَّةِ عَلَى الْمُؤَاخَذَةِ بِأَعْمَالِ الْقُلُوب، لَكِنَّهُمْ قَالُوا: إِنَّ هَذَا الْعَزْمَ يُكْتَبُ سَيِّئَةً ، وَلَيْسَتْ السَّيِّئَةُ الَّتِي هَمَّ بِهَا ، لِكَوْنِهِ لَمْ يَعْمَلهَا ، وَقَطَعَهُ عَنْهَا قَاطِعٌ غَيْرُ خَوْفِ اللهِ تَعَالَى وَالْإِنَابَة ، لَكِنَّ نَفْسَ الْإِصْرَارِ وَالْعَزْمِ مَعْصِيَةٌ ، فَتُكْتَبُ مَعْصِيَةً ، فَإِذَا عَمِلَهَا كُتِبَتْ مَعْصِيَةً ثَانِيَة.

فَإِنْ تَرَكَهَا خَشْيَةً لِلهِ تَعَالَى ، كُتِبَتْ حَسَنَة كَمَا فِي الْحَدِيث:" وَإِنْ تَرَكَهَا مِنْ أَجْلِي " ، فَصَارَ تَرْكُهُ لَهَا لِخَوْفِ اللهِ تَعَالَى ، وَمُجَاهَدَتِه نَفْسَهُ الْأَمَّارَةَ بِالسُّوءِ فِي ذَلِكَ ، وَعِصْيَانُهُ هَوَاهُ حَسَنَةً ، فَأَمَّا الْهَمُّ الَّذِي لَا يُكْتَبُ ، فَهِيَ الْخَوَاطِرُ الَّتِي لَا تُوَطَّنُ النَّفْسُ عَلَيْهَا، وَلَا يَصْحَبُهَا عَقْدٌ وَلَا نِيَّةٌ وَلَا عَزْم.

وَقَدْ تَظَاهَرَتْ نُصُوصُ الشَّرْعِ بِالْمُؤَاخَذَةِ بِعَزْمِ الْقَلْبِ الْمُسْتَقِرّ ، وَمِنْ ذَلِكَ قَوْله تَعَالَى:{إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} الْآيَة ، وَقَوْله تَعَالَى:{اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنْ الظَّنِّ ، إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ} .

وَقَدْ تَظَاهَرَتْ نُصُوصُ الشَّرْعِ وَإِجْمَاعُ الْعُلَمَاءِ عَلَى تَحْرِيمِ الْحَسَد ، وَاحْتِقَارِ الْمُسْلِمِينَ ، وَإِرَادَةِ الْمَكْرُوهِ بِهِمْ ، وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ أَعْمَالِ الْقُلُوبِ وَعَزْمِهَا ، وَالله أَعْلَم. شرح النووي على مسلم - (ج 1 / ص 247)

ص: 323

(د)، وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " مَنْ أَتَى الْمَسْجِدَ لِشَيْءٍ (1) فَهُوَ حَظُّهُ (2) "(3)

(1) أَيْ: أَتَى الْمَسْجِدَ لِقَصْدِ حُصُولِ شَيْءٍ أُخْرَوِيٍّ أَوْ دُنْيَوِيّ. عون (2/ 1)

(2)

أَيْ: نَصِيبه. عون المعبود - (ج 2 / ص 1)

(3)

(د) 472 ، (هق) 4770 ، صَحِيح الْجَامِع: 5936 ،المشكاة: 730

ص: 324

(خ م)، وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: (" خَرَجَ ثَلَاثَةُ نَفَرٍ)(1)(مِمَّنْ كَانَ قَبْلَكُمْ)(2)(يَمْشُونَ ، فَأَصَابَهُمْ الْمَطَرُ ، فَدَخَلُوا فِي غَارٍ فِي جَبَلٍ)(3)(فَانْحَطَّتْ عَلَى فَمِ غَارِهِمْ صَخْرَةٌ مِنْ الْجَبَلِ ، فَانْطَبَقَتْ عَلَيْهِمْ)(4)(فَسَدَّتْ عَلَيْهِمْ الْغَارَ)(5)(فَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: وَاللهِ يَا هَؤُلَاءِ ، لَا يُنْجِيكُمْ إِلَّا الصِّدْقُ، فَليَدْعُ كُلُّ رَجُلٍ مِنْكُمْ بِمَا يَعْلَمُ أَنَّهُ قَدْ صَدَقَ فِيهِ)(6)(لَعَلَّ اللهَ يُفَرِّجُهَا عَنْكُمْ (7)) (8)(فَقَالَ رَجُلٌ مِنْهُمْ: اللَّهُمَّ إِنَّهُ كَانَ لِي أَبَوَانِ شَيْخَانِ كَبِيرَانِ ، وَلِي صِبْيَةٌ صِغَارٌ كُنْتُ أَرْعَى عَلَيْهِمْ، فَإِذَا رُحْتُ عَلَيْهِمْ ، حَلَبْتُ فَبَدَأتُ بِوَالِدَيَّ أَسْقِيهِمَا قَبْلَ بَنِيَّ، وَإِنِّي اسْتَأخَرْتُ ذَاتَ يَوْمٍ ، فَلَمْ آتِ حَتَّى أَمْسَيْتُ ، فَحَلَبْتُ كَمَا كُنْتُ أَحْلُبُ)(9)(فَوَجَدْتُهُمَا نَائِمَيْنِ)(10)(فَقُمْتُ عِنْدَ رُءُوسِهِمَا ، أَكْرَهُ أَنْ أُوقِظَهُمَا)(11)(وَالْقَدَحُ عَلَى يَدَيَّ أَنْتَظِرُ اسْتِيقَاظَهُمَا)(12)(وَأَكْرَهُ أَنْ أَسْقِيَ الصِّبْيَةَ، وَالصِّبْيَةُ يَتَضَاغَوْنَ (13) عِنْدَ قَدَمَيَّ) (14)(مِنْ الْجُوعِ، وَكُنْتُ لَا أَسْقِيهِمْ حَتَّى يَشْرَبَ أَبَوَايَ)(15)(فَلَبِثْتُ حَتَّى طَلَعَ الْفَجْرُ)(16)(فَاسْتَيْقَظَا فَشَرِبَا غَبُوقَهُمَا (17) اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتُ فَعَلْتُ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ وَجْهِكَ ، فَفَرِّجْ عَنَّا مَا نَحْنُ فِيهِ مِنْ هَذِهِ الصَّخْرَةِ) (18)(فَفَرَجَ اللهُ مِنْهَا فُرْجَةً ، فَرَأَوْا مِنْهَا السَّمَاءَ)(19)(وَقَالَ الْآخَرُ: اللَّهُمَّ كَانَتْ لِي بِنْتُ عَمٍّ كَانَتْ أَحَبَّ النَّاسِ إِلَيَّ)(20)(وَأَنِّي رَاوَدْتُهَا عَنْ نَفْسِهَا (21)) (22)(فَامْتَنَعَتْ مِنِّي، حَتَّى أَلَمَّتْ بِهَا سَنَةٌ مِنْ السِّنِينَ (23) فَجَاءَتْنِي، فَأَعْطَيْتُهَا عِشْرِينَ وَمِائَةَ دِينَارٍ عَلَى أَنْ تُخَلِّيَ بَيْنِي وَبَيْنَ نَفْسِهَا ، فَفَعَلَتْ) (24) (فَلَمَّا قَعَدْتُ بَيْنَ رِجْلَيْهَا (25)) (26) (قَالَتْ: يَا عَبْدَ اللهِ، اتَّقِ اللهَ وَلَا تَفْتَحْ الْخَاتَمَ (27) إِلَّا بِحَقِّهِ (28) فَقُمْتُ) (29)(فَتَحَرَّجْتُ مِنْ الْوُقُوعِ عَلَيْهَا ، فَانْصَرَفْتُ عَنْهَا وَهِيَ أَحَبُّ النَّاسِ إِلَيَّ، وَتَرَكْتُ الذَّهَبَ الَّذِي أَعْطَيْتُهَا)(30)(اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنِّي فَعَلْتُ ذَلِكَ مِنْ خَشْيَتِكَ)(31)(فَافْرُجْ عَنَّا مَا نَحْنُ فِيهِ، فَانْفَرَجَتْ الصَّخْرَةُ ، غَيْرَ أَنَّهُمْ لَا يَسْتَطِيعُونَ الْخُرُوجَ مِنْهَا)(32)(وَقَالَ الثَّالِثُ: اللَّهُمَّ إِنِّي اسْتَأجَرْتُ أَجِيرًا بِفَرَقِ أَرُزٍّ (33) فَلَمَّا قَضَى عَمَلَهُ قَالَ: أَعْطِنِي حَقِّي، فَعَرَضْتُ عَلَيْهِ ، فَرَغِبَ عَنْهُ (34)) (35) (فَتَرَكَ الَّذِي لَهُ وَذَهَبَ) (36) (فَعَمَدْتُ إِلَى ذَلِكَ الْفَرَقِ فَزَرَعْتُهُ) (37) (فَثَمَّرْتُ أَجْرَهُ حَتَّى كَثُرَتْ مِنْهُ الْأَمْوَالُ (38) فَجَاءَنِي بَعْدَ حِينٍ فَقَالَ: يَا عَبْدَ اللهِ ، أَدِّ إِلَيَّ أَجْرِي ، فَقُلْتُ لَهُ: كُلُّ مَا تَرَى مِنْ الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ وَالْغَنَمِ وَالرَّقِيقِ مِنْ أَجْرِكَ، فَقَالَ: يَا عَبْدَ اللهِ لَا تَسْتَهْزِئْ بِي، فَقُلْتُ: إِنِّي لَا أَسْتَهْزِئُ بِكَ، فَأَخَذَهُ كُلَّهُ فَاسْتَاقَهُ، فَلَمْ يَتْرُكْ مِنْهُ شَيْئًا، اللَّهُمَّ فَإِنْ كُنْتُ فَعَلْتُ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ وَجْهِكَ ، فَافْرُجْ عَنَّا مَا نَحْنُ فِيهِ، فَانْفَرَجَتْ الصَّخْرَةُ ، فَخَرَجُوا يَمْشُونَ ") (39)

(1)(خ) 2102

(2)

(خ) 2152

(3)

(خ) 2102

(4)

(خ) 2208

(5)

(خ) 2152

(6)

(خ) 3278

(7)

اِسْتَدَلَّ أَصْحَابُنَا بِهَذَا عَلَى أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ لِلْإِنْسَانِ أَنْ يَدْعُوَ فِي دُعَاءِ الِاسْتِسْقَاءِ ، وَفِي حَالِ كَرْبِهِ وَغَيْرِهِ بِصَالِحِ عَمَلِه، وَيَتَوَسَّلُ إلى اللهِ تَعَالَى بِهِ لِأَنَّ هَؤُلَاءِ فَعَلُوهُ فَاسْتُجِيبَ لَهُمْ، وَذَكَرَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فِي مَعْرِضِ الثَّنَاءِ عَلَيْهِمْ وَجَمِيلِ فَضَائِلِهمْ. (النووي - ج 9 / ص 106)

(8)

(م) 2743

(9)

(خ) 2208

(10)

(خ) 2152

(11)

(خ) 2208

(12)

(خ) 2152

(13)

أَيْ: يرفعون أصواتهم بالصراخ والعويل.

(14)

(خ) 2208

(15)

(خ) 3278

(16)

(خ) 2102

(17)

الغَبُوق: شُرْبُ اللبن آخِرَ النهار.

(18)

(خ) 2152

(19)

(م) 2743

(20)

(خ) 2152

(21)

كناية عن الزنا.

(22)

(خ) 3278

(23)

أَيْ: وَقَعَتْ فِي سَنَة قَحْط. (النووي - ج 9 / ص 106)

(24)

(خ) 2152

(25)

أَيْ: جَلَسْتُ مَجْلِسَ الرَّجُلِ لِلْوِقَاعِ. (النووي - ج 9 / ص 106)

(26)

(خ) 2102

(27)

الْخَاتَم: كِنَايَةٌ عَنْ بَكَارَتهَا.

(28)

أَيْ: بِنِكَاحٍ لَا بِزِنًا.

(29)

(خ) 2208

(30)

(خ) 2152

(31)

(خ) 3278

(32)

(خ) 2152

(33)

الْفَرَق: إِنَاءٌ يَسَعُ ثَلَاثَةَ آصُع ، والصاع أربعة أمداد ، والمُدّ مِلء الكفين.

(34)

أَيْ: كَرِهَهُ وَسَخِطَهُ وَتَرَكَهُ.

(35)

(خ) 2208

(36)

(خ) 2152

(37)

(خ) 2102

(38)

احْتَجَّ بِهَذَا الْحَدِيثِ أَصْحَابُ أَبِي حَنِيفَةَ وَغَيْرُهُمْ مِمَّنْ يُجِيزُ بَيْعَ الْإِنْسَانِ مَالَ غَيْرِهِ ، وَالتَّصَرُّفِ فِيهِ بِغَيْرِ إِذْنِ مَالِكِهِ ، إِذَا أَجَازَهُ الْمَالِكُ بَعْدَ ذَلِكَ. وَالله أَعْلَم. (النووي - ج 9 / ص 106)

(39)

(خ) 2152

ص: 325

(خ م)، وَعَنْ الْأَحْنَفِ بْنِ قَيْسٍ (1) قَالَ: ذَهَبْتُ لِأَنْصُرَ هَذَا الرَّجُلَ (2) فَلَقِيَنِي أَبُو بَكْرَةَ رضي الله عنه فَقَالَ: أَيْنَ تُرِيدُ؟ قُلْتُ: أَنْصُرُ هَذَا الرَّجُلَ ، قَالَ: ارْجِعْ ، فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:" إِذَا الْتَقَى الْمُسْلِمَانِ بِسَيْفَيْهِمَا ، فَالْقَاتِلُ وَالْمَقْتُولُ فِي النَّارِ (3) "، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ ، هَذَا الْقَاتِلُ ، فَمَا بَالُ الْمَقْتُولِ؟ قَالَ:" إِنَّهُ كَانَ حَرِيصًا عَلَى قَتْلِ صَاحِبِهِ (4) "(5)

(1) الْأَحْنَفُ بْنُ قَيْسٍ: مُخَضْرَمٌ ، وَقَدْ رَأَى النَّبِيَّ ? لَكِنْ قَبْلَ إِسْلَامِهِ ، وَكَانَ رَئِيسَ بَنِي تَمِيمٍ فِي الْإِسْلَامِ، وَبِهِ يُضْرَبُ الْمَثَلُ فِي الْحِلْمِ. (فتح ح31)

(2)

(هَذَا الرَّجُلَ) هُوَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِب ، وَكَانَ الْأَحْنَفُ أَرَادَ أَنْ يَخْرُجَ بِقَوْمِهِ إِلَى عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ لِيُقَاتِلَ مَعَهُ يَوْمَ الْجَمَلِ ، فَنَهَاهُ أَبُو بَكْرَةَ ، فَرَجَعَ ، وَحَمَلَ أَبُو بَكْرَةَ الْحَدِيثَ عَلَى عُمُومِهِ فِي كُلِّ مُسْلِمَيْنِ الْتَقَيَا بِسَيْفَيْهِمَا ، حَسْمًا لِلْمَادَّةِ ، وَإِلَّا فَالْحَقُّ أَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إِذَا كَانَ الْقِتَالُ مِنْهُمَا بِغَيْرِ تَأوِيلٍ سَائِغٍ كَمَا قَدَّمْنَاهُ ، وَيُخَصُّ ذَلِكَ مِنْ عُمُومِ الْحَدِيثِ الْمُتَقَدِّمِ بِدَلِيلِهِ الْخَاصِّ فِي قِتَالِ أَهْلِ الْبَغْيِ ، وَقَدْ رَجَعَ الْأَحْنَفُ عَنْ رَأيِ أَبِي بَكْرَةَ فِي ذَلِكَ ، وَشَهِدَ مَعَ عَلِيٍّ بَاقِيَ حُرُوبِهُ. (فتح - ح31)

(3)

سَمَّاهُمَا (مُسْلِمَيْنِ) مَعَ التَّوَعُّدِ بِالنَّارِ. (فتح - ج1ص128)

(4)

قَالَ الْخَطَّابِيُّ: هَذَا الْوَعِيدُ لِمَنْ قَاتَلَ عَلَى عَدَاوَةٍ دُنْيَوِيَّةٍ ، أَوْ طَلَبِ مُلْكٍ مَثَلًا، فَأَمَّا مَنْ قَاتَلَ أَهْلَ الْبَغْيِ ، أَوْ دَفَعَ الصَّائِلَ فَقُتِلَ ، فَلَا يَدْخُلُ فِي هَذَا الْوَعِيد ، لِأَنَّهُ مَأذُونٌ لَهُ فِي الْقِتَالِ شَرْعًا. (فتح - ح31)

(5)

(خ) 2031 ، (م) 2888

ص: 326

(خ م جة)، وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: (" كَانَ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ رَجُلٌ قَتَلَ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ إِنْسَانًا)(1)(ثُمَّ عَرَضَتْ لَهُ التَّوْبَةُ ، فَسَأَلَ عَنْ أَعْلَمِ أَهْلِ الْأَرْضِ ، فَدُلَّ عَلَى رَاهِبٍ (2) فَأَتَاهُ فَقَالَ: إِنِّي قَتَلْتُ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ نَفْسًا ، فَهَلْ لِي مِنْ تَوْبَةٍ؟ ، فَقَالَ: بَعْدَ تِسْعَةٍ وَتِسْعِينَ نَفْسًا؟) (3)(لَا)(4)(لَيْسَتْ لَكَ تَوْبَةٌ ، فَقَتَلَهُ فَكَمَّلَ بِهِ مِائَةً ، ثُمَّ سَأَلَ عَنْ أَعْلَمِ أَهْلِ الْأَرْضِ ، فَدُلَّ عَلَى رَجُلٍ عَالِمٍ ، فَقَالَ: إِنِّي قَتَلْتُ مِائَةَ نَفْسٍ ، فَهَلْ لِي مِنْ تَوْبَةٍ؟ ، قَالَ: نَعَمْ (5) وَمَنْ يَحُولُ بَيْنَكَ وَبَيْنَ التَّوْبَةِ؟) (6)(اخْرُجْ مِنْ الْقَرْيَةِ الْخَبِيثَةِ الَّتِي أَنْتَ فِيهَا إِلَى الْقَرْيَةِ الصَّالِحَةِ ، قَرْيَةِ كَذَا وَكَذَا)(7)(فَإِنَّ بِهَا أُنَاسًا يَعْبُدُونَ اللهَ ، فَاعْبُدْ اللهَ مَعَهُمْ ، وَلَا تَرْجِعْ إِلَى أَرْضِكَ ، فَإِنَّهَا أَرْضُ سَوْءٍ ، فَانْطَلَقَ)(8)(يُرِيدُ الْقَرْيَةَ الصَّالِحَةَ)(9)(حَتَّى إِذَا نَصَفَ الطَّرِيقَ ، أَتَاهُ الْمَوْتُ ، فَاخْتَصَمَتْ فِيهِ مَلَائِكَةُ الرَّحْمَةِ وَمَلَائِكَةُ الْعَذَابِ ، فَقَالَتْ مَلَائِكَةُ الرَّحْمَةِ: جَاءَ تَائِبًا مُقْبِلًا بِقَلْبِهِ إلى اللهِ ، وَقَالَتْ مَلَائِكَةُ الْعَذَابِ: إِنَّهُ لَمْ يَعْمَلْ خَيْرًا قَطُّ ، فَأَتَاهُمْ مَلَكٌ فِي صُورَةِ آدَمِيٍّ ، فَجَعَلُوهُ بَيْنَهُمْ (10) فَقَالَ: قِيسُوا مَا بَيْنَ الْأَرْضَيْنِ فَإِلَى أَيَّتِهِمَا كَانَ) (11)(أَقْرَبَ ، فَأَلْحِقُوهُ بِأَهْلِهَا)(12)(فَأَوْحَى اللهُ إِلَى هَذِهِ أَنْ تَقَرَّبِي (13) وَأَوْحَى اللهُ إِلَى هَذِهِ أَنْ تَبَاعَدِي (14) فَقَاسُوهُ ، فَوَجَدُوهُ أَقْرَبَ بِشِبْرٍ إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي أَرَادَ ، فَقَبَضَتْهُ مَلَائِكَةُ الرَّحْمَةِ (15) ") (16)

(1)(خ) 3283

(2)

فِيهِ إِشْعَارٌ بِأَنَّ ذَلِكَ كَانَ بَعْدَ رَفْعِ عِيسَى عليه السلام لِأَنَّ الرَّهْبَانِيَّة إِنَّمَا اِبْتَدَعَهَا أَتْبَاعُه ، كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْقُرْآن. فتح الباري (ج 10 / ص 273)

(3)

(جة) 2626 ، (م) 2766

(4)

(خ) 3283 ، (م) 2766

(5)

هَذَا مَذْهَبُ أَهْلِ الْعِلْم، وَإِجْمَاعُهُمْ عَلَى صِحَّةِ تَوْبَةِ الْقَاتِلِ عَمْدًا، وَلَمْ يُخَالِفْ أَحَدٌ مِنْهُمْ إِلَّا اِبْن عَبَّاس ، وَأَمَّا مَا نُقِلَ عَنْ بَعْضِ السَّلَفِ مِنْ خِلَافِ هَذَا ، فَمُرَادُ قَائِلِه الزَّجْرُ عَنْ سَبَبِ التَّوْبَة، لَا أَنَّهُ يَعْتَقِدُ بُطْلَانَ تَوْبَتِه وَهَذَا الْحَدِيثُ ظَاهِرٌ فِيهِ، وَهُوَ إِنْ كَانَ شَرْعًا لِمَنْ قَبْلنَا، وَفِي الِاحْتِجَاجِ بِهِ خِلَاف ، فَلَيْسَ مَوْضِعَ خِلَاف، وَإِنَّمَا مَوْضِعُهُ إِذَا لَمْ يَرِدْ شَرْعُنَا بِمُوَافَقَتِهِ وَتَقْرِيرِه، فَإِنْ وَرَدَ ، كَانَ شَرْعًا لَنَا بِلَا شَكٍّ، وَهَذَا قَدْ وَرَدَ شَرْعُنَا بِهِ ، وَهُوَ قَوْله تَعَالَى:{وَاَلَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ الله إِلَهًا آخَر وَلَا يَقْتُلُونَ} إِلَى قَوْله: {إِلَّا مَنْ تَابَ} الْآيَة.

وَأَمَّا قَوْله تَعَالَى: {وَمَنْ يَقْتُل مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّم خَالِدًا فِيهَا} فَالصَّوَاب فِي مَعْنَاهَا: أَنَّ جَزَاءَهُ جَهَنَّم، وَقَدْ يُجَازَى بِهِ، وَقَدْ يُجَازَى بِغَيْرِهِ ، وَقَدْ لَا يُجَازَى ، بَلْ يُعْفَى عَنْهُ، فَإِنْ قَتَلَ عَمْدًا مُسْتَحِلًّا لَهُ بِغَيْرِ حَقٍّ وَلَا تَأوِيل، فَهُوَ كَافِرٌ مُرْتَدّ، يَخْلُدُ بِهِ فِي جَهَنَّمَ بِالْإِجْمَاعِ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مُسْتَحِلّ ، بَلْ مُعْتَقِدًا تَحْرِيمَه ، فَهُوَ فَاسِقٌ عَاصٍ مُرْتَكِبٌ كَبِيرَة، جَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا، لَكِنْ بِفَضْلِ اللهِ تَعَالَى أَخْبَرَ أَنَّهُ لَا يُخَلَّدُ مَنْ مَاتَ مُوَحِّدًا فِيهَا، فَلَا يَخْلُدُ هَذَا، وَقَدْ يُعْفَى عَنْهُ فَلَا يَدْخُلُ النَّارَ أَصْلًا، وَقَدْ لَا يُعْفَى عَنْهُ، بَلْ يُعَذَّبُ كَسَائِرِ الْعُصَاةِ الْمُوَحِّدِينَ، ثُمَّ يَخْرُجُ مَعَهُمْ إِلَى الْجَنَّة، وَلَا يُخَلَّدُ فِي النَّار، فَهَذَا هُوَ الصَّوَاب فِي مَعْنَى الْآيَة، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ كَوْنِهِ يَسْتَحِقُّ أَنْ يُجَازَى بِعُقُوبَةٍ مَخْصُوصَةٍ أَنْ يَتَحَتَّم ذَلِكَ الْجَزَاء

وَلَيْسَ فِي الْآيَةِ إِخْبَارٌ بِأَنَّهُ يُخَلَّدُ فِي جَهَنَّم، وَإِنَّمَا فِيهَا أَنَّهَا {جَزَاؤُهُ} أَيْ: يَسْتَحِقُّ أَنْ يُجَازَى بِذَلِكَ.

وَقِيلَ: الْمُرَاد بِالْخُلُودِ: طُول الْمُدَّة ، لَا الدَّوَام. شرح النووي (9/ 143)

(6)

(م) 2766 ، (جة) 2626

(7)

(جة) 2626

(8)

(م) 2766

(9)

(جة) 2626

(10)

أَيْ: جَعَلُوهُ بَيْنَهُمْ حَكَمًا.

(11)

(م) 2766

(12)

(جة) 2626

(13)

أَيْ: الْقَرْيَة الَّتِي قَصَدَهَا. فتح الباري (ج 10 / ص 273)

(14)

أَيْ: إِلَى الْقَرْيَة الَّتِي خَرَجَ مِنْهَا. فتح الباري (ج 10 / ص 273)

(15)

فِي الْحَدِيث فَضْلُ التَّحَوُّلِ مِنْ الْأَرْضِ الَّتِي يُصِيبُ الْإِنْسَانُ فِيهَا الْمَعْصِيَة ، لِمَا يَغْلِبُ بِحُكْمِ الْعَادَةِ عَلَى مِثْلِ ذَلِكَ.

وَفِيهِ فَضْلُ الْعَالِمِ عَلَى الْعَابِد ، لِأَنَّ الَّذِي أَفْتَاهُ أَوَّلًا بِأَنْ لَا تَوْبَةَ لَهُ ، غَلَبَتْ عَلَيْهِ الْعِبَادَة ، فَاسْتَعْظَمَ وُقُوعَ مَا وَقَعَ مِنْ ذَلِكَ الْقَاتِل ، مِنْ اِسْتِجْرَائِهِ عَلَى قَتْلِ هَذَا الْعَدَدِ الْكَثِير، وَأَمَّا الثَّانِي فَغَلَبَ عَلَيْهِ الْعِلْم ، فَأَفْتَاهُ بِالصَّوَابِ، وَدَلَّهُ عَلَى طَرِيقِ النَّجَاة، وَفِيهِ أَنَّ لِلْحَاكِمِ إِذَا تَعَارَضَتْ عِنْدَهُ الْأَحْوَالُ ، وَتَعَدَّدَتْ الْبَيِّنَاتُ ، أَنْ يَسْتَدِلَّ بِالْقَرَائِنِ عَلَى التَّرْجِيح. فتح الباري (10/ 273)

(16)

(م) 2766 ، (خ) 3283

ص: 327

(د)، وَعَن أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: كَانَ لِعَمْرِو بْنِ أُقَيْشٍ رِبًا فِي الْجَاهِلِيَّةِ (1) فَكَرِهَ أَنْ يُسْلِمَ حَتَّى يَأخُذَهُ، فَجَاءَ يَوْمَ أُحُدٍ فَقَالَ: أَيْنَ بَنُو عَمِّي؟، قَالُوا: بِأُحُدٍ ، قَالَ: أَيْنَ فُلَانٌ؟ ، قَالُوا: بِأُحُدٍ، قَالَ: فَأَيْنَ فُلَانٌ؟ ، قَالُوا: بِأُحُدٍ، فَلَبِسَ لَأمَتَهُ (2) وَرَكِبَ فَرَسَهُ ثُمَّ تَوَجَّهَ قِبَلَهُمْ، فَلَمَّا رَآهُ الْمُسْلِمُونَ قَالُوا: إِلَيْكَ عَنَّا يَا عَمْرُو، قَالَ: إِنِّي قَدْ آمَنْتُ، فَقَاتَلَ حَتَّى جُرِحَ، فَحُمِلَ إِلَى أَهْلِهِ جَرِيحًا، فَجَاءَهُ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ رضي الله عنه فَقَالَ لِأُخْتِهِ: سَلِيهِ، حَمِيَّةً لِقَوْمِكَ (3) وَغَضَبًا لَهُمْ ، أَمْ غَضَبًا لِلهِ؟، فَقَالَ: بَلْ غَضَبًا للهِ وَلِرَسُولِهِ، فَمَاتَ فَدَخَلَ الْجَنَّةَ ، وَمَا صَلَّى لِلهِ صَلَاةً. (4)

(1) الْجَاهِلِيَّة: مَا قَبْلَ الْإِسْلَام. (فتح - ج1ص127)

(2)

أَيْ: دِرعَه.

(3)

أَيْ: قَاتَلْتُ كُفَّارَ قُرَيْشٍ لِحَمِيَّةِ قَوْمِك. عون المعبود (ج 5 / ص 434)

(4)

(د) 2537 ، (ك) 2533

ص: 328

(جة حم)، وَعَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " مَنْ سَأَلَ اللهَ الشَّهَادَةَ بِصِدْقٍ مِنْ قَلْبِهِ، بَلَّغَهُ اللهُ مَنَازِلَ الشُّهَدَاءِ، وَإِنْ مَاتَ عَلَى فِرَاشِهِ "(1)

وفي رواية: " أَعْطَاهُ اللهُ أَجْرَ شَهِيدٍ ، وَإِنْ مَاتَ عَلَى فِرَاشِهِ "(2)

(1)(جة) 2797 ، (م) 157 - (1909) ، (ت) 1653 ، (د) 1520

(2)

(حم) 22163 ، (حب) 3191، (ك) 2411 ، وقال الشيخ شعيب الأرناؤوط: إسناده حسن.

ص: 329

(م)، وَعَنْ أَنَسٍ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " مَنْ طَلَبَ الشَّهَادَةَ صَادِقًا ، أُعْطِيَهَا ، وَلَوْ لَمْ تُصِبْهُ "(1)

(1)(م) 156 - (1908) ، (يع) 3372

ص: 330

(خ م س)، وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ:(بَيْنَمَا رَجُلٌ وَاقِفٌ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِعَرَفَةَ)(1)(وَهُوَ مُحْرِمٌ)(2)(إِذْ وَقَعَ عَنْ رَاحِلَتِهِ ، فَوَقَصَتْهُ (3)) (4)(فَمَاتَ ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " اغْسِلُوهُ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ ، وَكَفِّنُوهُ فِي ثَوْبَيْنِ)(5) وفي رواية: (وَكَفِّنُوهُ فِي ثَوْبَيْهِ)(6)(وَلَا تُمِسُّوهُ طِيبًا)(7)(وَلَا تُغَطُّوا رَأسَهُ)(8)(وَوَجْهَهُ)(9)(فَإِنَّهُ يُبْعَثُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مُلَبِّيًا)(10)

وفي رواية: " فَإِنَّهُ يُبْعَثُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَهُوَ يُهِلُّ "(11)

(1)(خ) 1751

(2)

(خ) 1753 ، (م) 100 - (1206)

(3)

الوَقْص: كَسْرُ العنق والرقبة.

والوَقَصُ: ما بَيْن الفَرِيضَتَيْن فِي زَكَاةِ الْأَنْعَام، كالزِّيادِة على الخَمْس من الإبل إلى التِّسْع ، وعلى العَشْر إلى أرْبَعَ عَشرة ، والجَمع: أوْقاصٌ.

(4)

(خ) 1206

(5)

(خ) 1209 ، (م) 101 - (1206)

(6)

(خ) 1753 ، (م) 98 - (1206)

(7)

(خ) 1208 ، (م) 99 - (1206)

(8)

(خ) 1742 ، (م) 99 - (1206)

(9)

(س) 2857 ، 2854 ، (م) 102 - (1206) ،

وقال الألباني في الإرواء تحت حديث 1015: إن زيادة الوجه في الحديث ثابتة محفوظة عن سعيد بن جبير من طرق عنه ، فيجب على الشافعية أن يأخذوا بها كما أخذ بها الإمام أحمد في رواية عنه ذكرها المؤلف (ص246) كما يجب على الحنفية أن يأخذوا بالحديث ، ولا يتأولوه بالتآويل البعيدة ، توفيقا بينه وبين مذهب إمامهم. أ. هـ

(10)

(خ) 1206 ، (م) 98 - (1206) ، (ت) 951 ، (س) 2857

(11)

(م) 102 - (1206) ، (خ) 1742 ، (س) 2856 ، (د) 3241

ص: 331

(خ م ت حم)، وَعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ:(" عَبَثَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي مَنَامِهِ (1)" ، فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللهِ ، صَنَعْتَ شَيْئًا فِي مَنَامِكَ لَمْ تَكُنْ تَفْعَلُهُ؟، فَقَالَ: " الْعَجَبُ أَنَّ أُنَاسًا مِنْ أُمَّتِي) (2)(يَؤُمُّونَ (3) هَذَا الْبَيْتَ لِرَجُلٍ مِنْ قُرَيْشٍ ، قَدْ اسْتَعَاذَ (4) بِالْحَرَمِ) (5) وفي رواية:(سَيَعُوذُ بِهَذَا الْبَيْتِ - يَعْنِي الْكَعْبَةَ - قَوْمٌ لَيْسَتْ لَهُمْ مَنَعَةٌ (6) وَلَا عَدَدٌ ، وَلَا عُدَّةٌ ، يُبْعَثُ إِلَيْهِمْ جَيْشٌ ، حَتَّى إِذَا كَانُوا بِبَيْدَاءَ مِنْ الْأَرْضِ) (7) (خُسِفَ بِأَوَّلِهِمْ وَآخِرِهِمْ) (8) (وَلَمْ يَنْجُ أَوْسَطُهُمْ) (9) (فلَا يَبْقَى مِنْهُمْ إِلَّا الشَّرِيدُ الَّذِي يُخْبِرُ عَنْهُمْ ") (10) (فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّ الطَّرِيقَ قَدْ يَجْمَعُ النَّاسَ) (11)(كَيْفَ يُخْسَفُ بِأَوَّلِهِمْ وَآخِرِهِمْ ، وَفِيهِمْ أَسْوَاقُهُمْ (12) وَمَنْ لَيْسَ مِنْهُمْ؟) (13)(قَالَ: " نَعَمْ، فِيهِمْ الْمُسْتَبْصِرُ (14) وَالْمَجْبُورُ (15) وَابْنُ السَّبِيلِ (16) يَهْلِكُونَ مَهْلَكًا وَاحِدًا (17) وَيَصْدُرُونَ مَصَادِرَ شَتَّى ، يَبْعَثُهُمْ اللهُ عَلَى نِيَّاتِهِمْ (18) ") (19)

(1) أَيْ: حَرَّكَ أَطْرَافَهُ كَمَنْ يَأخُذُ شَيْئًا ، أَوْ يَدْفَعهُ. شرح النووي (9/ 261)

(2)

(م) 2884

(3)

أي: يقصدون.

(4)

أي: احتمى.

(5)

(حم) 24782 ، (م) 2884 ، وقال الأرناؤوط: إسناده صحيح.

(6)

أَيْ: لَيْسَ لَهُمْ مَنْ يَحْمِيهِمْ وَيَمْنَعُهُمْ. (النووي - ج 9 / ص 260)

(7)

(م) 2883

(8)

(خ) 2012

(9)

(ت) 2184 ، (جة) 4064

(10)

(جة) 4063

(11)

(م) 2884

(12)

أَيْ: أَهْلُ أَسْوَاقِهِمْ ، أَوْ السُّوقَةُ مِنْهُمْ. فتح الباري (ج 6 / ص 442)

(13)

(خ) 2012

(14)

(الْمُسْتَبْصِر): هُوَ الْمُسْتَبِينُ لِذَلِكَ ، الْقَاصِدُ لَهُ عَمْدًا.

(15)

(الْمَجْبُور): هُوَ الْمُكْرَه، يُقَال: أَجْبَرْتُهُ ، فَهُوَ مُجْبَر.

(16)

(اِبْن السَّبِيل): سَالِكُ الطَّرِيقِ مَعَهُمْ ، وَلَيْسَ مِنْهُمْ.

(17)

أَيْ: يَقَعُ الْهَلَاكُ فِي الدُّنْيَا عَلَى جَمِيعِهِمْ. شرح النووي (9/ 261)

(18)

أَيْ: يُبْعَثُونَ مُخْتَلِفِينَ عَلَى قَدْرِ نِيَّاتِهِمْ، فَيُجَازَوْنَ بِحَسَبِهَا. النووي (9/ 261)

(19)

(م) 2884 ، (خ) 2012

ص: 332

(حب)، وَعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّ اللهَ سُبْحَانَهُ يُنْزِلُ سَطْوَتَهُ بِأَهْلِ الْأَرْضِ ، وَمِنْهُمُ الصَّالِحُونَ ، فَيَهْلِكُونَ بِهَلَاكِهِمْ؟، فَقَالَ:" يَا عَائِشَةُ، إِنَّ اللهَ سُبْحَانَهُ إِذَا أَنْزَلَ سَطْوَتَهُ عَلَى أَهْلِ نِقْمَتِهِ ، فَوَافَت ذَلِكَ آجَالَ قَوْمٍ صَالِحَيْنِ ، أُهْلِكُوا بِهَلَاكِهِمْ، ثُمَّ يُبْعَثُونَ عَلَى نِيَّاتِهِمْ وَأَعْمَالِهِمْ "(1)

(1)(حب) 7314 ، صَحِيح الْجَامِع: 1710 ، والصحيحة: 1622

ص: 333

(خ م)، وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " إِذَا أَنْزَلَ اللهُ بِقَوْمٍ عَذَابًا ، أَصَابَ الْعَذَابُ مَنْ كَانَ فِيهِمْ ، ثُمَّ بُعِثُوا عَلَى أَعْمَالِهِمْ "(1)

(1)(خ) 6691 ، (م) 84 - (2879) ، (حم) 4985

ص: 334

(حب)، وَعَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: " يُبْعَثُ كُلُّ عَبْدٍ عَلَى مَا مَاتَ عَلَيْهِ، الْمُؤْمِنُ عَلَى إِيمَانِهِ، وَالْمُنَافِقُ عَلَى نِفَاقِهِ"(1)

(1)(حب) 7313 ، (حم) 14764 ، (م) 83 - (2878) ، (ك) 7872 ، الصَّحِيحَة: 283

ص: 335

(جة)، وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " إِنَّمَا يُبْعَثُ النَّاسُ عَلَى نِيَّاتِهِمْ "(1)

(1)(جة) 4229 ، (حم) 9079

ص: 336