المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌مساكنة المشركين من الكبائر - الجامع الصحيح للسنن والمسانيد - جـ ٤

[صهيب عبد الجبار]

فهرس الكتاب

- ‌مَراتِبُ النَّاسِ فِي الجَنَّةِ وَالنَّارِ بِحَسَبَ أَعْمَالِهِم

- ‌صِفَاتٌ عَامَّةٌ لِلْمُؤْمِن

- ‌شُعَبُ الْإيمَان

- ‌اسْتِشْعَارُ الطَّاعَةِ والذَّنْبِ مِنَ الْإيمَان

- ‌الْمُسَارَعَةُ إلَى التَّوْبَةِ مِنَ الذَّنْبِ مِنَ الْإيمَان

- ‌مِنَ الْإيمَانِ كَرَاهِيَةُ الْكُفْرِ والْعَوْدَةِ إلَيْه

- ‌السَّمَاحَةُ مِنَ الْإيمَان

- ‌الصَّبْرُ مِنَ الْإيمَان

- ‌حُسْنُ الْخُلُقِ مِنَ الْإيمَان

- ‌الْحُبُّ فِي اللهِ وَالْبُغْضُ فِي اللهِ مِنَ الْإيمَان

- ‌حَبُّ آلِ الْبَيْتِ مِنَ الْإيمَان

- ‌حُبُّ الْأَنْصَارِ مِنَ الْإيمَان

- ‌طَاعَةُ الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم مِنَ الْإيمَان

- ‌الصِّدْقُ مِنَ الْإيمَان

- ‌الْوَفَاءُ بِالْوَعْدِ مِنَ الْإيمَان

- ‌أَدَاءُ الْأَمَانَةِ مِنَ الْإيمَان

- ‌الطَّهَارَةُ مِنْ الْإِيمَانِ

- ‌الصَّلَاةُ مِنْ الْإِيمَانِ

- ‌صِيَامُ رَمَضَانَ مِنَ الْإيمَان

- ‌قِيَامُ رَمَضَانَ مِنَ الْإيمَان

- ‌قِيَامُ لَيْلَةِ الْقَدْرِ مِنَ الْإيمَان

- ‌اتِّبَاعُ الْجَنَائِزِ وَالصَّلَاةُ عَلَيْها مِنَ الْإيمَان

- ‌الْأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيُ عَنِ الْمُنْكَرِ مِنَ الْإيمَان

- ‌الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللهِ مِنْ الْإِيمَان

- ‌الِامْتِنَاعُ عَنْ أَذَى النَّاسِ مِنَ الْإيمَان

- ‌اسْتِقَامَةُ اللِّسَانِ مِنَ الْإيمَان

- ‌الِامْتِنَاعُ عَنِ اللَّعْنِ مِنَ الْإيمَان

- ‌الِامْتِنَاعُ عَنِ السَّرِقَةِ مِنَ الْإيمَان

- ‌الِامْتِنَاعُ عَنِ الزِّنَا مِنَ الْإيمَان

- ‌غَضُّ الْبَصَرِ عَنِ الْمُحَرَّمَات مِنَ الْإيمَان

- ‌الِامْتِنَاعُ عَنِ الْخَلْوَةِ بِالْأَجْنَبِيَّة مِنَ الْإيمَان

- ‌الْغَيْرَةُ عَلَى الْعِرْضِ مِنَ الْإيمَان

- ‌دُخُولُ الذَّكَرِ الْحَمَّامَ بِمِئْزَرٍ مِنَ الْإيمَان

- ‌مَنْعُ الْإنَاثِ مِنْ دُخُولِ الْحَمَّامَاتِ الْعَامَّةِ مِنَ الْإيمَان

- ‌امْتِنَاعُ الذَّكَر عَنْ لُبْسِ الْحَرِيرِ وَالذَّهَبِ مِنَ الْإيمَان

- ‌الزَّوَاجُ مِنَ الْإيمَان

- ‌التَّسْلِيمُ عَلَى الْأَهْلِ عِنْدَ الدُّخُولِ عَلَيْهِمْ مِنَ الْإيمَان

- ‌إفْشَاءُ السَّلَامِ مِنَ الْإيمَان

- ‌تَرْكُ الْجِدَالِ مِنَ الْإيمَان

- ‌الِامْتِنَاعُ عَنْ شُرْبِ الْخَمْرِ مِنَ الْإيمَان

- ‌عَدَمُ الْجُلُوسِ مَعَ مَنْ يَشْرَبُهَا مِنَ الْإيمَان

- ‌الِامْتِنَاعُ عَنِ النُّهْبَةِ مِنَ الْإيمَان

- ‌الِامْتِنَاعُ عَنِ الْغُلُولِ مِنَ الْإيمَان

- ‌الِامْتِنَاعُ عَنِ قَتْلِ الْغِيلَةِ مِنَ الْإيمَان

- ‌الِامْتِنَاعُ عَنِ الْحَسَدِ مِنَ الْإيمَان

- ‌إطْعَامُ الْجَارِ الْجَائِعِ مِنَ الْإيمَان

- ‌إكْرَامُ الضَّيْفِ مِنَ الْإيمَان

- ‌الْجُودُ مِنَ الْإيمَان

- ‌حُسْنُ الْعَهْدِ مِنَ الْإيمَان

- ‌الِاهْتِمَامُ بِأُمُورِ الْمُسْلِمِينَ مِنَ الْإيمَان

- ‌أَنْ يُحِبَّ لِلنَّاسِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ مِنَ الْإيمَان

- ‌الْحَيَاءُ مِنَ الْإيمَان

- ‌طِيبَةُ الْقَلْبِ مِنَ الْإيمَان

- ‌الْمُؤْمِنُ كَيِّسٌ فَطِن

- ‌الزُّهْدُ فِي الدُّنْيَا مِنَ الْإيمَان

- ‌الِامْتِنَاعُ عَنْ بَيْعِ الْغَنِيمَةِ قَبْلَ اقْتِسَامِها مِنَ الْإيمَان

- ‌عَدَمُ رَدِّ الدَّابَّةِ فِي الْغَنِيمَةِ بَعْدَ إعْجَافِهَا مِنَ الْإيمَان

- ‌عَدَمُ رَدِّ الثَّوْبِ فِي الْغَنِيمَة بَعْدَ إخْلَاقِهِ مِنَ الْإيمَان

- ‌عَدَمُ وَطْءِ الْحَبَالَى مِنَ السَّبْيِ مِنَ الْإيمَان

- ‌اسْتِبْرَاءُ الثَّيِّبِ مِنَ السَّبْيِ بِحَيْضَةٍ مِنَ الْإيمَان

- ‌إِمَاطَةُ الْأَذَى عَنِ الطَّرِيقِ مِنَ الْإيمَان

- ‌النِّفَاقُ

- ‌النِّفَاقُ ظَاهِرَةٌ قَدِيمَةٌ

- ‌صِفَاتُ الْمُنَافِقِين

- ‌الأَمْنُ مِنْ النِّفَاق

- ‌الْمُنَافِقُ يَظُنُّ نَفْسَهُ مُصْلِحًا ، لَكِنَّهُ فِي الْحَقِيقَةِ مُفْسِد

- ‌الْمُنَافِقُ يَرَى أَهْلَ الْحَقِّ فِي ضَلَال

- ‌الْمُنَافِقُ لَهُ وَجْهَان

- ‌المُنَافِقُ يَرْفُضُ التَّحَاكُمَ إلَى شَرِيعَةِ اللهِ

- ‌مِنْ عَلَامَاتِ النِّفَاقِ نَكْثُ العَهْدِ معَ اللهِ عز وجل وَمعَ النَّاس

- ‌مِنْ عَلَامَاتِ النِّفَاقِ الْكَذِب

- ‌مِنْ عَلَامَاتِ النِّفَاقِ خِيانَةُ الْأَمَانة

- ‌مِنْ عَلَامَاتِ النِّفَاقِ التَّكَاسُلُ عَنْ حُضُورِ الصَّلَاةِ مَعَ الْجَمَاعَة

- ‌مِنْ عَلَامَاتِ النِّفَاقِ التَّكَاسُلُ عَنْ أَدَاءِ الصلَوَاتِ فِي أَوْقَاتِها

- ‌مِنْ عَلَامَاتِ النِّفَاقِ الِاعْتِمَادُ عَلَى مَغْفِرَةِ اللهِ عز وجل مَعَ كَثْرَةِ الذُّنُوبِ وَقِلَّةِ العَمَلِ الصَّالِح

- ‌مِنْ عَلَامَاتِ النِّفَاقِ قِلَّةُ الاسْتِغْفَارِ وَالتَّوْبَة

- ‌مِنْ عَلَامَاتِ النِّفَاقِ قِلَّةُ ذِكْرِ للهِ عز وجل

- ‌مِنْ عَلَامَاتِ النِّفَاقِ الْجَهْلُ بِأَحْكَامِ الشَّرِيعَةِ الْأَسَاسِيَّة

- ‌مِنْ عَلَامَاتِ النِّفَاقِ السُّخْرِيَةُ والِاسْتِهْزَاءُ باللهِ وَرَسُولِهِ وَالْمُؤْمِنِين

- ‌مِنْ عَلَامَاتِ النِّفَاقِ كَرَاهِيَةُ الْأَنصارِ

- ‌مِنْ عَلَامَاتِ النِّفَاقِ الْأَمْرُ بِالْمُنْكَرِ والنَّهْيُ عَنِ الْمَعْرُوف

- ‌مِنْ عَلَامَاتِ النِّفَاقِ الشُّحّ

- ‌مِنْ عَلَامَاتِ النِّفَاقِ مُوَالاةُ الكُفَّارِ مِنْ دِونِ الْمُؤْمِنِين

- ‌المُنَافقُ وَلاؤُهُ لِلْمَالِ

- ‌مِنْ عَلَامَاتِ النِّفَاقِ الْحِرْصُ عَلَى الْمَكَاسِبِ الدُّنْيَوِيَّةِ الْعَاجِلَة وَالزُّهْدُ فِي ثَوَابِ الْآخِرَة

- ‌مِنْ عَلَامَاتِ النِّفَاقِ التَّشْكِيكُ فِي طَهَارَةِ الْمُجْتَمَعِ الْإسْلَامِيّ واتِّهَامُ الْمُؤْمِنِينَ بِالْفَاحِشَة

- ‌مِنْ عَلَامَاتِ النِّفَاقِ الرِّيَاء

- ‌مِنْ عَلَامَاتِ النِّفَاقِ سُهُولَةُ الحَلْفِ

- ‌مِنْ عَلَامَاتِ النِّفَاقِ كَرَاهِيَةُ الْجِهَادِ فِي سَبِيلِ الله ، وَالْخَوْفُ مِنَ الْمَوْتِ أو الْقَتْلِ فِي سَبِيلِ الله

- ‌مِنْ عَلَامَاتِ النِّفَاقِ الْفَرَحُ بِمَصَائِبِ الْمُسْلِمِين

- ‌مِنْ عَلَامَاتِ النِّفَاقِ التَّشْكِيكُ فِي قُوَّةِ الْمُسْلِمِين وَبَثُّ الْأَرَاجِيفِ عَنْ ضَعْفِهِم

- ‌مِنْ عَلَامَاتِ النِّفَاقِ حَسَدُ المُؤمِنِينَ المُلْتَزِمِينَ بِشَرعِ اللهِ عز وجل

- ‌مِنْ عَلَامَاتِ النِّفَاقِ بَذَاءَةُ اللِّسَانِ وَسُوءُ الْخُلُق

- ‌بَعْضُ الْمُنَافِقِينَ كَثِيرُ الْمَالِ وَالْوَلَد

- ‌بَعْضُ الْمُنَافِقِينَ جَمِيلُ الشَّكْلِ ، حَسَنُ الْهَيْئَة

- ‌بعضُ المُنافقين عَالِمٌ بَأَحْكَامِ الشَّرِيَعَة ، لَكِنَّهُ يَلْوِي عُنُقَ النَّصُوصِ

- ‌كَيْفِيَّةُ مَعْرِفَةِ الْمُنافِق

- ‌مَصِيرُ الْمُنَافِقِين

- ‌التَّمَسُّكُ بِالْجَمَاعَة

- ‌لَا طَاعَةَ لِمَخْلُوقٍ فِي مَعْصِيَةِ الْخَالِقِ

- ‌الْأعْمَالُ بِالنِّيَّة

- ‌السِّحْر

- ‌إثْبَاتُ وُجُودِ السِّحْر

- ‌حُكْمُ السِّحْر

- ‌حُكْمُ اَلتَّدَاوِي بِالسِّحْر

- ‌الْكِهَانَة

- ‌حَقِيقَةُ الْكِهَانَة

- ‌حُكْمُ الْكِهَانَة

- ‌حُكْمُ إتْيَانِ الْكُهَّان

- ‌الْحَسَد

- ‌إثْبَاتُ وُجُودِ الْحَسَد

- ‌حُكْمُ الْحَسَد

- ‌مَا شُرِع وِقَايَةً مِنْ الْعَيْن

- ‌سَتْرُ مَحَاسِنِ مَنْ يَخَافُ عَلَيْهِ الْعَيْن

- ‌قِرَاءَةُ الْمُعَوِّذَاتِ صَبَاحًا وَمَسَاءًا

- ‌الرُّقْيَةُ الشَّرْعِيَّة

- ‌مَشْرُعِيَّةُ الرُّقْيَة

- ‌عِلَاجُ الْمَحْسُود

- ‌عِلَاجُ اَلْمَحْسُودِ بِالِاسْتِغْسَال

- ‌عِلَاجُ الْمَحْسُود بِالرُّقْيَةِ الشَّرْعِيَّة

- ‌حُكْمُ الْغِبْطَة

- ‌الطِّيَرَة (التَّشَاؤُم)

- ‌حُكْمُ الطِّيَرَة

- ‌مَا تَجْرِي فِيهِ الطِّيَرَة

- ‌ذَمُّ الطِّيَرَةِ وَمَدْحُ الْفَأل

- ‌الرُّؤْيَا

- ‌حَقِيقَةُ الرُّؤْيَا

- ‌الرُّؤْيَا الصَّالِحَة

- ‌رُؤْيَا الْأَنْبِيَاء

- ‌رُؤْيَا الْمُؤْمِن

- ‌رُؤْيَا الْكَافِر وَالْفَاسِق

- ‌رُؤْيَةُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي الْمَنَام

- ‌آدَابُ الرُّؤْيَا

- ‌رَأَى مَا يُحِبّ

- ‌رَأَى مَا يَكْرَه

- ‌تَعْبِيرُ الرُّؤْيَا

- ‌صِفَاتُ الْمُعَبِّر

- ‌أَفْضَلُ أَوْقَاتِ التَّعْبِير

- ‌بَعْضُ مَا يُعَبَّرُ بِهِ مِنَ الْأَشْيَاء

- ‌الْكَبَائِر

- ‌الْإِشْرَاكُ بِاللهِ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌الِاسْتِهْزَاءُ بِشَيْءٍ مِنَ الْقُرْآنِ أَوْ السُّنَّةِ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌الِاسْتِسْقَاءُ بِالْأَنْوَاءِ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌تَعْلِيقُ التَّمَائِم مِنَ الْكَبَائِر

- ‌السِّحْرُ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌إتْيَانُ الْكُهَّانِ والْعَرَّافِينَ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌الذَّبْحُ لِغَيْرِ اللهِ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌التَّشَبُّهُ بِالْكُفَّارِ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌مُسَاكَنَةُ الْمُشْرِكِينَ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌الشِّرْكُ الْأَصْغَرُ (الرِّيَاءُ) مِنَ الْكَبَائِر

الفصل: ‌مساكنة المشركين من الكبائر

‌مُسَاكَنَةُ الْمُشْرِكِينَ مِنَ الْكَبَائِر

(د)، عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " مَنْ جَامَعَ (1) الْمُشْرِكَ (2) وَسَكَنَ مَعَهُ (3) فَإِنَّهُ مِثْلُهُ "(4)

الشرح (5)

(1) أَيْ: اِجْتَمَعَ مَعَهُ وَوَافَقَهُ. عون المعبود - (ج 6 / ص 242)

(2)

الْمُرَاد: الْكُفَّار، وَنَصَّ عَلَى الْمُشْرِكِ لِأَنَّهُ الْأَغْلَبُ حِينَئِذٍ ، وَالْمَعْنَى: مَنْ اِجْتَمَعَ مَعَ الْمُشْرِكِ ، وَوَافَقَهُ وَرَافَقَهُ ، وَمَشَى مَعَهُ. عون المعبود (6/ 242)

(3)

(وَسَكَنَ مَعَهُ) أَيْ: فِي دِيَارِ الْكُفْر.

(4)

(د) 2787 ، (طب) 7ص251ح7023 ، صَحِيح الْجَامِع: 6186، الصَّحِيحَة: 2330

(5)

أَيْ: مِثْلُه مِنْ بَعْضِ الْوُجُوه ، لِأَنَّ الْإِقْبَالَ عَلَى عَدُوِّ اللهِ وَمُوَالَاتِه تُوجِبُ إِعْرَاضَهُ عَنْ الله، وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْهُ ، تَوَلَّاهُ الشَّيْطَان ، وَنَقَلَهُ إِلَى الْكُفْر ، فَزَجَرَ الشَّارِعُ عَنْ مُخَالَطَتِهِ بِهَذَا التَّغْلِيظِ الْعَظِيم ، حَسْمًا لِمَادَّةِ الْفَسَاد ، {يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا الَّذِينَ كَفَرُوا يَرُدُّوكُمْ عَلَى أَعْقَابكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خَاسِرِينَ} ، وَلَمْ يَمْنَعْ مِنْ صِلَةِ أَرْحَامِ مَنْ لَهُمْ مِنْ الْكَافِرِينَ ، وَلَا مِنْ مُخَالَطَتِهِمْ فِي أَمْرِ الدُّنْيَا بِغَيْرِ سُكْنَى فِيمَا يَجْرِي مَجْرَى الْمُعَامَلَةِ ، مِنْ نَحْوِ بَيْعٍ وَشِرَاءٍ ، وَأَخْذٍ وَعَطَاء ، وَفِي الزُّهْدِ لِأَحْمَدَ عَنْ اِبْن دِينَار " أَوْحَى اللهُ إِلَى نَبِيٍّ مِنْ الْأَنْبِيَاء: قُلْ لِقَوْمِكِ لَا تَدْخُلُوا مَدَاخِلَ أَعْدَائِي ، وَلَا تَلْبَسُوا مُلَابِسَ أَعْدَائِي ، وَلَا تَرْكَبُوا مَرَاكِبَ أَعْدَائِي ، فَتَكُونُوا أَعْدَائِي كَمَا هُمْ أَعْدَائِي ". كَذَا فِي فَتْح الْقَدِير.

وَقَالَ الْعَلْقَمِيُّ فِي (الْكَوْكَبِ الْمُنِير شَرْح الْجَامِع الصَّغِير): وَفِيهِ وُجُوبُ الْهِجْرَةِ عَلَى مَنْ قَدَرَ عَلَيْهَا ، وَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى إِظْهَارِ الدِّينِ ، أَسِيرًا كَانَ أَوْ حَرْبِيًّا، فَإِنَّ الْمُسْلِمَ مَقْهُورٌ مُهَانٌ بَيْنَهُمْ، وَإِنْ اِنْكَفُّوا عَنْهُ ، فَإِنَّهُ لَا يَأمَنُ بَعْدَ ذَلِكَ أَنْ يُؤْذُوهُ ، أَوْ يَفْتِنُوهُ عَنْ دِينِه ، وَحَقٌّ عَلَى الْمُسْلِم أَنْ يَكُونَ مُسْتَظْهِرًا بِأَهْلِ دِينِه ، وَفِي حَدِيثِ عِنْدَ الطَّبَرَانِيِّ " أَنَا بَرِيءٌ مِنْ كُلِّ مُسْلِمٍ مَعَ مُشْرِك " وَفِي مَعْنَاهُ أَحَادِيث. اِنْتَهَى كَلَامُه.

قَالَ الْإِمَامُ اِبْن تَيْمِيَة: الْمُشَابَهَةُ وَالْمُشَاكَلَةُ فِي الْأُمُورِ الظَّاهِرَة ، تُوجِبُ مُشَابَهَةً وَمُشَاكَلَةً فِي الْأُمُورِ الْبَاطِنَة، وَالْمُشَابَهَةُ فِي الْهَدْيِ الظَّاهِر ، تُوجِبُ مُنَاسَبَةً وَائْتِلَافًا ، وَإِنْ بَعُدَ الزَّمَانُ وَالْمَكَان، وَهَذَا أَمْرٌ مَحْسُوس، فَمُرَافَقَتُهُمْ وَمُسَاكَنَتُهُمْ وَلَوْ قَلِيلًا ، سَبَبٌ لِنَوْعٍ مَا مِنْ اِنْتِسَابٍ لِأَخْلَاقِهِمْ الَّتِي هِيَ مَلْعُونَة، وَمَا كَانَ مَظِنَّةً لِفَسَادٍ خَفِيّ غَيْرِ مُنْضَبِط ، عُلِّقَ الْحُكْمُ بِهِ وَأُدِيرَ التَّحْرِيمُ عَلَيْهِ، فَمُسَاكَنَتُهُمْ فِي الظَّاهِرِ ، سَبَبٌ وَمَظِنَّة لِمُشَابَهَتِهِمْ فِي الْأَخْلَاقِ وَالْأَفْعَالِ الْمَذْمُومَة ، بَلْ فِي نَفْسِ الِاعْتِقَادَات، فَيَصِيرُ مُسَاكِنُ الْكَافِرِ مِثْلَه.

وَأَيْضًا ، الْمُشَارَكَةُ فِي الظَّاهِرِ تُورِثُ نَوْعَ مَوَدَّةٍ وَمَحَبَّةٍ وَمُوَالَاةٍ فِي الْبَاطِن، كَمَا أَنَّ الْمَحَبَّةَ فِي الْبَاطِنِ تُورِثُ الْمُشَابَهَةَ فِي الظَّاهِر، وَهَذَا مِمَّا يَشْهَدُ بِهِ الْحِسُّ، فَإِنَّ الرَّجُلَيْنِ إِذَا كَانَا مِنْ بَلَدٍ ، وَاجْتَمَعَا فِي دَارِ غُرْبَة ، كَانَ بَيْنَهُمَا مِنْ الْمَوَدَّةِ وَالِائْتِلَافِ أَمْرٌ عَظِيمٌ بِمُوجِبِ الطَّبْع ، وَإِذَا كَانَتْ الْمُشَابَهَةُ فِي أُمُورِ دُنْيَوِيَّةٍ تُورِثُ الْمَحَبَّةَ وَالْمُوَالَاة ، فَكَيْف بِالْمُشَابَهَةِ فِي الْأُمُورِ الدِّينِيَّة؟ ، فَالْمُوَالَاةُ لِلْمُشْرِكِينَ تُنَافِي الْإِيمَانَ ، قال تعالى:{وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ} اِنْتَهَى كَلَامُه.

وَقَالَ ابْنُ الْقَيِّم فِي كِتَاب (الْهَدْي النَّبَوِيّ): وَمَنَعَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم مِنْ إِقَامَةِ الْمُسْلِمِ بَيْنَ الْمُشْرِكَيْنِ إِذَا قَدَرَ عَلَى الْهِجْرَةِ مِنْ بَيْنِهِمْ ، وَقَالَ:" أَنَا بَرِيء مِنْ كُلِّ مُسْلِمٍ يُقِيمُ بَيْنَ أَظْهُرِ الْمُشْرِكِينَ "، قِيلَ: يَا رَسُولِ الله وَلِمَ؟ ، قَالَ: لَا تَرَاءَى نَارَاهُمَا " ، وَقَالَ: " مَنْ جَامَعَ الْمُشْرِكَ وَسَكَنَ مَعَهُ فَهُوَ مِثْلُه ". عون المعبود - (ج 6 / ص 242)

ص: 474

(س جة)، وَعَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ حَيْدَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: (" لَا يَقْبَلُ اللهُ مِنْ مُشْرِكٍ بَعْدَمَا أَسْلَمَ عَمَلًا)(1)(حَتَّى يُفَارِقَ الْمُشْرِكِينَ إِلَى الْمُسْلِمِينَ ")(2)

(1)(س) 2568

(2)

(جة) 2536 ، وحسنه الألباني في الإرواء تحت حديث: 1207

ص: 475

(س حم)، وَعَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ الْبَجَلِيِّ رضي الله عنه قَالَ:(أَتَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ يُبَايِعُ ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ ، ابْسُطْ يَدَكَ حَتَّى أُبَايِعَكَ ، وَاشْتَرِطْ عَلَيَّ ، فَأَنْتَ أَعْلَمُ)(1)(فَقَالَ: " تَعْبُدُ اللهَ لَا تُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا ، وَتُصَلِّي الصَلَاةَ الْمَكْتُوبَةَ ، وَتُؤَدِّي الزَّكَاةَ الْمَفْرُوضَةَ (2) وَتَنْصَحُ) (3)(الْمُسْلِمِينَ ، وَتُفَارِقُ الْمُشْرِكِين ")(4)

(1)(س) 4177

(2)

قَالَ النَّوَوِيُّ: إِنَّمَا اِقْتَصَرَ عَلَى الصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ لِكَوْنِهِمَا أُمَّيْ الْعِبَادَاتِ الْمَالِيَّةِ وَالْبَدَنِيَّةِ، وَهُمَا أَهَمُّ أَرْكَانِ الْإِسْلَامِ بَعْدَ الشَّهَادَتَيْنِ وَأَظْهَرُهَا ، وَلَا يُقَالُ: لَعَلَّ غَيْرَهُمَا مِنْ الصَّوْمِ وَالْحَجِّ لَمْ يَكُونَا وَاجِبَيْنِ حِينَئِذٍ ، لِأَنَّهُ أَسْلَمَ عَام تُوُفِّيَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم. تحفة الأحوذي - (ج 5 / ص 149)

قَالَ الْقَاضِي عِيَاض: اِقْتَصَرَ عَلَى الصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ لِشُهْرَتِهِمَا، وَلَمْ يَذْكُرْ الصَّوْمَ وَغَيْرَه لِدُخُولِ ذَلِكَ فِي السَّمْعِ وَالطَّاعَة. (فتح - ح57)

قَالَ الْقُرْطُبِيّ: كَانَتْ مُبَايَعَةُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لِأَصْحَابِهِ بِحَسَبِ مَا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ مِنْ تَجْدِيدِ عَهْدٍ ، أَوْ تَوْكِيدِ أَمْرٍ، فَلِذَلِكَ اِخْتَلَفَتْ أَلْفَاظهمْ.

(3)

(حم) 19188 ، (خ) 3157

(4)

(س) 4177 ، (حم) 19205

ص: 476

(طب هق)، وَعَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ الْبَجَلِيِّ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: (" مَنْ أَقَامَ مَعَ الْمُشْرِكِينَ)(1)(فِي دِيَارِهِمْ)(2)(فَقَدْ بَرِئَتْ مِنْهُ الذِّمَّةُ ")(3)

(1)(هق) 17528 ، (طب) 2261

(2)

(طب) 2262

(3)

(هق) 17528، (طب) 2261 ، صَحِيح الْجَامِع: 2718 ، 6073 الصَّحِيحَة: 768

ص: 477

(د)، وَعَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ الْبَجَلِيِّ رضي الله عنه قَالَ:" بَعَثَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم سَرِيَّةً إِلَى خَثْعَمٍ " ، فَاعْتَصَمَ نَاسٌ بِالسُّجُودِ (1) فَأَسْرَعَ فِيهِمْ الْقَتْلَ ، فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ:" أَنَا بَرِيءٌ مِنْ كُلِّ مُسْلِمٍ يُقِيمُ بَيْنَ أَظْهُرِ الْمُشْرِكِينَ (2) "، فَقَالُوا: وَلِمَ يَا رَسُولَ اللهِ؟ ، قَالَ:" لَا تَرَاءَى نَارَاهُمَا "(3)

الشرح (4)

(1) أَيْ: نَاسٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ السَّاكِنِينَ فِي الْكُفَّارِ ، سَجَدُوا بِاعْتِمَادِ أَنَّ جَيْشَ الْإِسْلَامِ يَتْرُكُونَنَا عَنْ الْقَتْلِ حَيْثُ يَرَوْنَنَا سَاجِدِينَ ، لِأَنَّ الصَّلَاةَ عَلَامَةُ الْإِيمَانِ. تحفة الأحوذي - (ج 4 / ص 276)

(2)

أَيْ: بَيْنَهُمْ.

(3)

(د) 2645 ، (ت) 1604 ، (س) 4780 ، وصححه الألباني في الإرواء: 1207

(4)

مِنْ الرُّؤْيَةِ، يُقَالُ: تَرَاءَى الْقَوْمُ: إِذَا رَأَى بَعْضُهُمْ بَعْضًا، تَرَاءَى الشَّيْءُ: أَيْ ظَهَرَ حَتَّى رَأَيْتُه.

قَالَ فِي النِّهَايَةِ: أَيْ: يَلْزَمُ الْمُسْلِمَ وَيَجِبُ أَنْ يَتَبَاعَدَ مَنْزِلُهُ عَنْ مَنْزِلِ الْمُشْرِكِ، وَلَا يَنْزِلُ بِالْمَوْضِعِ الَّذِي إِنْ أُوقِدَتْ فِيهِ نَارُهُ ، تَلُوحُ وَتَظْهَرُ لِلْمُشْرِكِ إِذَا أَوْقَدَهَا فِي مَنْزِلِهِ، وَلَكِنَّهُ يَنْزِلُ مَعَ الْمُسْلِمِينَ، وهُوَ حَثٌّ عَلَى الْهِجْرَةِ. تحفة الأحوذي - (ج 4 / ص 276)

ص: 478