المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من الإيمان - الجامع الصحيح للسنن والمسانيد - جـ ٤

[صهيب عبد الجبار]

فهرس الكتاب

- ‌مَراتِبُ النَّاسِ فِي الجَنَّةِ وَالنَّارِ بِحَسَبَ أَعْمَالِهِم

- ‌صِفَاتٌ عَامَّةٌ لِلْمُؤْمِن

- ‌شُعَبُ الْإيمَان

- ‌اسْتِشْعَارُ الطَّاعَةِ والذَّنْبِ مِنَ الْإيمَان

- ‌الْمُسَارَعَةُ إلَى التَّوْبَةِ مِنَ الذَّنْبِ مِنَ الْإيمَان

- ‌مِنَ الْإيمَانِ كَرَاهِيَةُ الْكُفْرِ والْعَوْدَةِ إلَيْه

- ‌السَّمَاحَةُ مِنَ الْإيمَان

- ‌الصَّبْرُ مِنَ الْإيمَان

- ‌حُسْنُ الْخُلُقِ مِنَ الْإيمَان

- ‌الْحُبُّ فِي اللهِ وَالْبُغْضُ فِي اللهِ مِنَ الْإيمَان

- ‌حَبُّ آلِ الْبَيْتِ مِنَ الْإيمَان

- ‌حُبُّ الْأَنْصَارِ مِنَ الْإيمَان

- ‌طَاعَةُ الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم مِنَ الْإيمَان

- ‌الصِّدْقُ مِنَ الْإيمَان

- ‌الْوَفَاءُ بِالْوَعْدِ مِنَ الْإيمَان

- ‌أَدَاءُ الْأَمَانَةِ مِنَ الْإيمَان

- ‌الطَّهَارَةُ مِنْ الْإِيمَانِ

- ‌الصَّلَاةُ مِنْ الْإِيمَانِ

- ‌صِيَامُ رَمَضَانَ مِنَ الْإيمَان

- ‌قِيَامُ رَمَضَانَ مِنَ الْإيمَان

- ‌قِيَامُ لَيْلَةِ الْقَدْرِ مِنَ الْإيمَان

- ‌اتِّبَاعُ الْجَنَائِزِ وَالصَّلَاةُ عَلَيْها مِنَ الْإيمَان

- ‌الْأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيُ عَنِ الْمُنْكَرِ مِنَ الْإيمَان

- ‌الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللهِ مِنْ الْإِيمَان

- ‌الِامْتِنَاعُ عَنْ أَذَى النَّاسِ مِنَ الْإيمَان

- ‌اسْتِقَامَةُ اللِّسَانِ مِنَ الْإيمَان

- ‌الِامْتِنَاعُ عَنِ اللَّعْنِ مِنَ الْإيمَان

- ‌الِامْتِنَاعُ عَنِ السَّرِقَةِ مِنَ الْإيمَان

- ‌الِامْتِنَاعُ عَنِ الزِّنَا مِنَ الْإيمَان

- ‌غَضُّ الْبَصَرِ عَنِ الْمُحَرَّمَات مِنَ الْإيمَان

- ‌الِامْتِنَاعُ عَنِ الْخَلْوَةِ بِالْأَجْنَبِيَّة مِنَ الْإيمَان

- ‌الْغَيْرَةُ عَلَى الْعِرْضِ مِنَ الْإيمَان

- ‌دُخُولُ الذَّكَرِ الْحَمَّامَ بِمِئْزَرٍ مِنَ الْإيمَان

- ‌مَنْعُ الْإنَاثِ مِنْ دُخُولِ الْحَمَّامَاتِ الْعَامَّةِ مِنَ الْإيمَان

- ‌امْتِنَاعُ الذَّكَر عَنْ لُبْسِ الْحَرِيرِ وَالذَّهَبِ مِنَ الْإيمَان

- ‌الزَّوَاجُ مِنَ الْإيمَان

- ‌التَّسْلِيمُ عَلَى الْأَهْلِ عِنْدَ الدُّخُولِ عَلَيْهِمْ مِنَ الْإيمَان

- ‌إفْشَاءُ السَّلَامِ مِنَ الْإيمَان

- ‌تَرْكُ الْجِدَالِ مِنَ الْإيمَان

- ‌الِامْتِنَاعُ عَنْ شُرْبِ الْخَمْرِ مِنَ الْإيمَان

- ‌عَدَمُ الْجُلُوسِ مَعَ مَنْ يَشْرَبُهَا مِنَ الْإيمَان

- ‌الِامْتِنَاعُ عَنِ النُّهْبَةِ مِنَ الْإيمَان

- ‌الِامْتِنَاعُ عَنِ الْغُلُولِ مِنَ الْإيمَان

- ‌الِامْتِنَاعُ عَنِ قَتْلِ الْغِيلَةِ مِنَ الْإيمَان

- ‌الِامْتِنَاعُ عَنِ الْحَسَدِ مِنَ الْإيمَان

- ‌إطْعَامُ الْجَارِ الْجَائِعِ مِنَ الْإيمَان

- ‌إكْرَامُ الضَّيْفِ مِنَ الْإيمَان

- ‌الْجُودُ مِنَ الْإيمَان

- ‌حُسْنُ الْعَهْدِ مِنَ الْإيمَان

- ‌الِاهْتِمَامُ بِأُمُورِ الْمُسْلِمِينَ مِنَ الْإيمَان

- ‌أَنْ يُحِبَّ لِلنَّاسِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ مِنَ الْإيمَان

- ‌الْحَيَاءُ مِنَ الْإيمَان

- ‌طِيبَةُ الْقَلْبِ مِنَ الْإيمَان

- ‌الْمُؤْمِنُ كَيِّسٌ فَطِن

- ‌الزُّهْدُ فِي الدُّنْيَا مِنَ الْإيمَان

- ‌الِامْتِنَاعُ عَنْ بَيْعِ الْغَنِيمَةِ قَبْلَ اقْتِسَامِها مِنَ الْإيمَان

- ‌عَدَمُ رَدِّ الدَّابَّةِ فِي الْغَنِيمَةِ بَعْدَ إعْجَافِهَا مِنَ الْإيمَان

- ‌عَدَمُ رَدِّ الثَّوْبِ فِي الْغَنِيمَة بَعْدَ إخْلَاقِهِ مِنَ الْإيمَان

- ‌عَدَمُ وَطْءِ الْحَبَالَى مِنَ السَّبْيِ مِنَ الْإيمَان

- ‌اسْتِبْرَاءُ الثَّيِّبِ مِنَ السَّبْيِ بِحَيْضَةٍ مِنَ الْإيمَان

- ‌إِمَاطَةُ الْأَذَى عَنِ الطَّرِيقِ مِنَ الْإيمَان

- ‌النِّفَاقُ

- ‌النِّفَاقُ ظَاهِرَةٌ قَدِيمَةٌ

- ‌صِفَاتُ الْمُنَافِقِين

- ‌الأَمْنُ مِنْ النِّفَاق

- ‌الْمُنَافِقُ يَظُنُّ نَفْسَهُ مُصْلِحًا ، لَكِنَّهُ فِي الْحَقِيقَةِ مُفْسِد

- ‌الْمُنَافِقُ يَرَى أَهْلَ الْحَقِّ فِي ضَلَال

- ‌الْمُنَافِقُ لَهُ وَجْهَان

- ‌المُنَافِقُ يَرْفُضُ التَّحَاكُمَ إلَى شَرِيعَةِ اللهِ

- ‌مِنْ عَلَامَاتِ النِّفَاقِ نَكْثُ العَهْدِ معَ اللهِ عز وجل وَمعَ النَّاس

- ‌مِنْ عَلَامَاتِ النِّفَاقِ الْكَذِب

- ‌مِنْ عَلَامَاتِ النِّفَاقِ خِيانَةُ الْأَمَانة

- ‌مِنْ عَلَامَاتِ النِّفَاقِ التَّكَاسُلُ عَنْ حُضُورِ الصَّلَاةِ مَعَ الْجَمَاعَة

- ‌مِنْ عَلَامَاتِ النِّفَاقِ التَّكَاسُلُ عَنْ أَدَاءِ الصلَوَاتِ فِي أَوْقَاتِها

- ‌مِنْ عَلَامَاتِ النِّفَاقِ الِاعْتِمَادُ عَلَى مَغْفِرَةِ اللهِ عز وجل مَعَ كَثْرَةِ الذُّنُوبِ وَقِلَّةِ العَمَلِ الصَّالِح

- ‌مِنْ عَلَامَاتِ النِّفَاقِ قِلَّةُ الاسْتِغْفَارِ وَالتَّوْبَة

- ‌مِنْ عَلَامَاتِ النِّفَاقِ قِلَّةُ ذِكْرِ للهِ عز وجل

- ‌مِنْ عَلَامَاتِ النِّفَاقِ الْجَهْلُ بِأَحْكَامِ الشَّرِيعَةِ الْأَسَاسِيَّة

- ‌مِنْ عَلَامَاتِ النِّفَاقِ السُّخْرِيَةُ والِاسْتِهْزَاءُ باللهِ وَرَسُولِهِ وَالْمُؤْمِنِين

- ‌مِنْ عَلَامَاتِ النِّفَاقِ كَرَاهِيَةُ الْأَنصارِ

- ‌مِنْ عَلَامَاتِ النِّفَاقِ الْأَمْرُ بِالْمُنْكَرِ والنَّهْيُ عَنِ الْمَعْرُوف

- ‌مِنْ عَلَامَاتِ النِّفَاقِ الشُّحّ

- ‌مِنْ عَلَامَاتِ النِّفَاقِ مُوَالاةُ الكُفَّارِ مِنْ دِونِ الْمُؤْمِنِين

- ‌المُنَافقُ وَلاؤُهُ لِلْمَالِ

- ‌مِنْ عَلَامَاتِ النِّفَاقِ الْحِرْصُ عَلَى الْمَكَاسِبِ الدُّنْيَوِيَّةِ الْعَاجِلَة وَالزُّهْدُ فِي ثَوَابِ الْآخِرَة

- ‌مِنْ عَلَامَاتِ النِّفَاقِ التَّشْكِيكُ فِي طَهَارَةِ الْمُجْتَمَعِ الْإسْلَامِيّ واتِّهَامُ الْمُؤْمِنِينَ بِالْفَاحِشَة

- ‌مِنْ عَلَامَاتِ النِّفَاقِ الرِّيَاء

- ‌مِنْ عَلَامَاتِ النِّفَاقِ سُهُولَةُ الحَلْفِ

- ‌مِنْ عَلَامَاتِ النِّفَاقِ كَرَاهِيَةُ الْجِهَادِ فِي سَبِيلِ الله ، وَالْخَوْفُ مِنَ الْمَوْتِ أو الْقَتْلِ فِي سَبِيلِ الله

- ‌مِنْ عَلَامَاتِ النِّفَاقِ الْفَرَحُ بِمَصَائِبِ الْمُسْلِمِين

- ‌مِنْ عَلَامَاتِ النِّفَاقِ التَّشْكِيكُ فِي قُوَّةِ الْمُسْلِمِين وَبَثُّ الْأَرَاجِيفِ عَنْ ضَعْفِهِم

- ‌مِنْ عَلَامَاتِ النِّفَاقِ حَسَدُ المُؤمِنِينَ المُلْتَزِمِينَ بِشَرعِ اللهِ عز وجل

- ‌مِنْ عَلَامَاتِ النِّفَاقِ بَذَاءَةُ اللِّسَانِ وَسُوءُ الْخُلُق

- ‌بَعْضُ الْمُنَافِقِينَ كَثِيرُ الْمَالِ وَالْوَلَد

- ‌بَعْضُ الْمُنَافِقِينَ جَمِيلُ الشَّكْلِ ، حَسَنُ الْهَيْئَة

- ‌بعضُ المُنافقين عَالِمٌ بَأَحْكَامِ الشَّرِيَعَة ، لَكِنَّهُ يَلْوِي عُنُقَ النَّصُوصِ

- ‌كَيْفِيَّةُ مَعْرِفَةِ الْمُنافِق

- ‌مَصِيرُ الْمُنَافِقِين

- ‌التَّمَسُّكُ بِالْجَمَاعَة

- ‌لَا طَاعَةَ لِمَخْلُوقٍ فِي مَعْصِيَةِ الْخَالِقِ

- ‌الْأعْمَالُ بِالنِّيَّة

- ‌السِّحْر

- ‌إثْبَاتُ وُجُودِ السِّحْر

- ‌حُكْمُ السِّحْر

- ‌حُكْمُ اَلتَّدَاوِي بِالسِّحْر

- ‌الْكِهَانَة

- ‌حَقِيقَةُ الْكِهَانَة

- ‌حُكْمُ الْكِهَانَة

- ‌حُكْمُ إتْيَانِ الْكُهَّان

- ‌الْحَسَد

- ‌إثْبَاتُ وُجُودِ الْحَسَد

- ‌حُكْمُ الْحَسَد

- ‌مَا شُرِع وِقَايَةً مِنْ الْعَيْن

- ‌سَتْرُ مَحَاسِنِ مَنْ يَخَافُ عَلَيْهِ الْعَيْن

- ‌قِرَاءَةُ الْمُعَوِّذَاتِ صَبَاحًا وَمَسَاءًا

- ‌الرُّقْيَةُ الشَّرْعِيَّة

- ‌مَشْرُعِيَّةُ الرُّقْيَة

- ‌عِلَاجُ الْمَحْسُود

- ‌عِلَاجُ اَلْمَحْسُودِ بِالِاسْتِغْسَال

- ‌عِلَاجُ الْمَحْسُود بِالرُّقْيَةِ الشَّرْعِيَّة

- ‌حُكْمُ الْغِبْطَة

- ‌الطِّيَرَة (التَّشَاؤُم)

- ‌حُكْمُ الطِّيَرَة

- ‌مَا تَجْرِي فِيهِ الطِّيَرَة

- ‌ذَمُّ الطِّيَرَةِ وَمَدْحُ الْفَأل

- ‌الرُّؤْيَا

- ‌حَقِيقَةُ الرُّؤْيَا

- ‌الرُّؤْيَا الصَّالِحَة

- ‌رُؤْيَا الْأَنْبِيَاء

- ‌رُؤْيَا الْمُؤْمِن

- ‌رُؤْيَا الْكَافِر وَالْفَاسِق

- ‌رُؤْيَةُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي الْمَنَام

- ‌آدَابُ الرُّؤْيَا

- ‌رَأَى مَا يُحِبّ

- ‌رَأَى مَا يَكْرَه

- ‌تَعْبِيرُ الرُّؤْيَا

- ‌صِفَاتُ الْمُعَبِّر

- ‌أَفْضَلُ أَوْقَاتِ التَّعْبِير

- ‌بَعْضُ مَا يُعَبَّرُ بِهِ مِنَ الْأَشْيَاء

- ‌الْكَبَائِر

- ‌الْإِشْرَاكُ بِاللهِ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌الِاسْتِهْزَاءُ بِشَيْءٍ مِنَ الْقُرْآنِ أَوْ السُّنَّةِ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌الِاسْتِسْقَاءُ بِالْأَنْوَاءِ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌تَعْلِيقُ التَّمَائِم مِنَ الْكَبَائِر

- ‌السِّحْرُ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌إتْيَانُ الْكُهَّانِ والْعَرَّافِينَ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌الذَّبْحُ لِغَيْرِ اللهِ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌التَّشَبُّهُ بِالْكُفَّارِ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌مُسَاكَنَةُ الْمُشْرِكِينَ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌الشِّرْكُ الْأَصْغَرُ (الرِّيَاءُ) مِنَ الْكَبَائِر

الفصل: ‌الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من الإيمان

(خ)، وَعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " بَلِّغُوا عَنِّي وَلَوْ آيَةً (1) وَحَدِّثُوا عَنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلَا حَرَجَ (2) وَمَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأ مَقْعَدَهُ مِنْ النَّارِ (3) "(4)

(1) أَيْ: لِيُسَارِعْ كُلُّ سَامِعٍ إِلَى تَبْلِيغِ مَا وَقَعَ لَهُ مِنْ الْآيِ وَلَوْ قَلَّ ، لِيَحْصُلَ بِذَلِكَ نَقْلُ جَمِيعِ مَا جَاءَ بِهِ صلى الله عليه وسلم. فتح الباري (ج 10 / ص 261)

(2)

أَيْ: لَا ضِيقَ عَلَيْكُمْ فِي الْحَدِيثِ عَنْهُمْ ، لِأَنَّهُ كَانَ تَقَدَّمَ مِنْهُ صلى الله عليه وسلم الزَّجْرُ عَنْ الْأَخْذِ عَنْهُمْ ، وَالنَّظَر فِي كُتُبهمْ ، ثُمَّ حَصَلَ التَّوَسُّعُ فِي ذَلِكَ، وَكَأَنَّ النَّهْيَ وَقَعَ قَبْلَ اِسْتِقْرَارِ الْأَحْكَام الْإِسْلَامِيَّة وَالْقَوَاعِدِ الدِّينِيَّة ، خَشْيَة الْفِتْنَة، ثُمَّ لَمَّا زَالَ الْمَحْذُور ، وَقَعَ الْإِذْن فِي ذَلِكَ ، لِمَا فِي سَمَاعِ الْأَخْبَار الَّتِي كَانَتْ فِي زَمَانِهمْ مِنْ الِاعْتِبَار.

وَقِيلَ: مَعْنَى قَوْله " لَا حَرَج " أَيْ: لَا تَضِيقُ صُدُورُكُمْ بِمَا تَسْمَعُونَهُ عَنْهُمْ مِنْ الْأَعَاجِيب ، فَإِنَّ ذَلِكَ وَقَعَ لَهُمْ كَثِيرًا.

وَقِيلَ: لَا حَرَج فِي أَنْ لَا تُحَدِّثُوا عَنْهُمْ ، لِأَنَّ قَوْله أَوَّلًا:" حَدِّثُوا " صِيغَة أَمْرٍ تَقْتَضِي الْوُجُوب ، فَأَشَارَ إِلَى عَدَم الْوُجُوب ، وَأَنَّ الْأَمْرَ فِيهِ لِلْإِبَاحَةِ بِقَوْلِهِ:" وَلَا حَرَج "، أَيْ: فِي تَرْكِ التَّحْدِيثِ عَنْهُمْ.

وَقِيلَ: الْمُرَادُ رَفْعُ الْحَرَجِ عَنْ حَاكِي ذَلِكَ ، لِمَا فِي أَخْبَارِهِمْ مِنْ الْأَلْفَاظ الشَّنِيعَة ، نَحْوَ قَوْلِهمْ {اِذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلَا} ، وَقَوْلهمْ:{اِجْعَلْ لَنَا إِلَهًا} .

وَقَالَ مَالِك: الْمُرَاد: جَوَازُ التَّحَدُّثِ عَنْهُمْ بِمَا كَانَ مِنْ أَمْرٍ حَسَن، أَمَّا مَا عُلِمَ كَذِبُه فَلَا.

وَقَالَ الشَّافِعِيّ: مِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم لَا يُجِيزُ التَّحَدُّثَ بِالْكَذِبِ، فَالْمَعْنَى: حَدِّثُوا عَنْ بَنِي إِسْرَائِيل بِمَا لَا تَعْلَمُونَ كَذِبَه، وَأَمَّا مَا تُجَوِّزُونَهُ فَلَا حَرَجَ عَلَيْكُمْ فِي التَّحَدُّثِ بِهِ عَنْهُمْ.

وَقِيلَ: الْمُرَاد: جَوَازُ التَّحَدُّثِ عَنْهُمْ بِأَيِّ صُورَةٍ وَقَعَتْ مِنْ اِنْقِطَاعٍ أَوْ بَلَاغ لِتَعَذُّرِ الِاتِّصَالِ فِي التَّحَدُّثِ عَنْهُمْ، بِخِلَافِ الْأَحْكَامِ الْإِسْلَامِيَّة ، فَإِنَّ الْأَصْلَ فِي التَّحَدُّثِ بِهَا الِاتِّصَال، وَلَا يَتَعَذَّرُ ذَلِكَ ، لِقُرْبِ الْعَهْد. فتح الباري (10/ 261)

(3)

أَيْ: فَلْيَتَّخِذْ لِنَفْسِهِ مَنْزِلًا، يُقَالُ: تَبَوَّأَ الرَّجُلُ الْمَكَانَ: إِذَا اِتَّخَذَهُ مَسْكَنًا وَهُوَ أَمْرٌ بِمَعْنَى الْخَبَرِ ، أَوْ بِمَعْنَى التَّهْدِيدِ ، أَوْ دُعَاءٍ عَلَى فَاعِلِ ذَلِكَ ، أَيْ: بَوَّأَهُ اللهُ ذَلِكَ. تحفة الأحوذي - (ج 6 / ص 43)

(4)

(خ) 3274 ، (ت) 2669

ص: 75

(الإيمان)، وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " إِنَّ لِلْإِسْلامِ صُوًى (1) وَمَنَارًا كَمَنَارِ الطَّرِيقِ، مِنْهَا: الْأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيُ عَنِ الْمُنْكَرِ "(2)

(1)(الصُّوَى) جمع " صُوَّة "، وهي أعلامٌ من حجارة منصوبة في الفيافي والمفازة المجهولة، يُستدل بها على الطريق وعلى طرفيها.

أراد أنَّ للإسلام طَرَائقَ وأعْلاماً يُهْتَدَى بها. النهاية (ج 3 / ص 127)

(2)

أخرجه أبو عبيد القاسم بن سلام في " كتاب الإيمان "(رقم الحديث 3 بتحقيق الألباني)، انظر صَحِيح الْجَامِع: 2162 ، الصَّحِيحَة: 333

ص: 76

(م)، وَعَنْ تَمِيمٍ الدَّارِيِّ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " الدِّينُ النَّصِيحَةُ (1) "، فَقُلْنَا: لِمَنْ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: " لِلهِ (2) وَلِكِتَابِهِ (3) وَلِرَسُولِهِ (4) وَلِأَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ (5) وَعَامَّتِهِمْ (6) "(7)

(1) أَيْ: عِمَادُ الدِّين وَقِوَامُهُ النَّصِيحَة ، كَقَوْلِهِ:" الْحَجُّ عَرَفَة " أَيْ: عِمَادُهُ وَمُعْظَمُهُ عَرَفَة. شرح النووي (ج1ص144)

قَالَ الْخَطَّابِيُّ: النَّصِيحَةُ كِلْمَةٌ جَامِعَة ، مَعْنَاهَا: حِيَازَةُ الْحَظِّ لِلْمَنْصُوحِ لَهُ، وَهِيَ مِنْ وَجِيز الْكَلَام، بَلْ لَيْسَ فِي الْكَلَامِ كِلْمَةٌ مُفْرَدَةٌ تُسْتَوْفَى بِهَا الْعِبَارَةُ عَنْ مَعْنَى هَذِهِ الْكَلِمَة.

وَهَذَا الْحَدِيثُ مِنْ الْأَحَادِيثِ الَّتِي قِيلَ فِيهَا إِنَّهَا أَحَدُ أَرْبَاعِ الدِّين.

وَقَالَ النَّوَوِيّ: بَلْ هُوَ وَحْدَهُ مُحَصِّلٌ لِغَرَضِ الدِّينِ كُلِّه؛ لِأَنَّهُ مُنْحَصِرٌ فِي الْأُمُورِ الَّتِي ذَكَرَهَا. (فتح - ج1ص202)

(2)

النَّصِيحَة للهِ تَعَالَى: مَعْنَاهَا مُنْصَرِفٌ إِلَى الْإِيمَانِ بِهِ، وَنَفْيِ الشَّرِيكِ عَنْهُ ، وَتَرْكِ الْإِلْحَادِ فِي صِفَاته ، وَوَصْفِهِ بِصِفَاتِ الْكَمَالِ وَالْجَلَالِ كُلِّهَا، وَتَنْزِيهِهِ سبحانه وتعالى مِنْ جَمِيع النَّقَائِص، وَالْقِيَامِ بِطَاعَتِهِ، وَاجْتِنَابِ مَعْصِيَتِه، وَالْحُبِّ فِيهِ، وَالْبُغْضِ فِيهِ، وَمُوَالَاةِ مَنْ أَطَاعَهُ، وَمُعَادَاةِ مَنْ عَصَاهُ، وَجِهَادِ مَنْ كَفَرَ بِهِ، وَالِاعْتِرَافِ بِنِعْمَتِهِ، وَشُكْرِه عَلَيْهَا، وَالْإِخْلَاصِ فِي جَمِيعِ الْأُمُور، وَالدُّعَاءِ إِلَى جَمِيعِ الْأَوْصَافِ الْمَذْكُورَة، وَالْحَثِّ عَلَيْهَا، وَالتَّلَطُّفِ فِي جَمْعِ النَّاس، أَوْ مَنْ أَمْكَنَ مِنْهُمْ عَلَيْهَا.

قَالَ الْخَطَّابِيُّ: وَحَقِيقَةُ هَذِهِ الْإِضَافَة رَاجِعَةٌ إِلَى الْعَبْدِ فِي نُصْحِه نَفْسِهِ، فَاللهُ تَعَالَى غَنِيٌّ عَنْ نُصْحِ النَّاصِح. شرح النووي (ج 1 / ص 144)

(3)

النَّصِيحَة لِكِتَابِ اللهِ: تَعَلُّمه، وَتَعْلِيمُه، وَإِقَامَةُ حُرُوفِه فِي التِّلَاوَة، وَتَحْرِيرُهَا فِي الْكِتَابَة، وَتَفَهُّمُ مَعَانِيه، وَحِفْظُ حُدُودِه، وَالْعَمَلُ بِمَا فِيهِ، وَذَبُّ تَحْرِيفِ الْمُبْطِلِينَ عَنْهُ. (فتح - ج1ص202)

(4)

النَّصِيحَة لِرَسُولِهِ: تَعْظِيمه، وَنَصْرُه حَيًّا وَمَيِّتًا، وَإِحْيَاءُ سُنَّتِه ، بِتَعَلُّمِهَا وَتَعْلِيمُهَا، وَالِاقْتِدَاءُ بِهِ فِي أَقْوَالِه وَأَفْعَالِه، وَمَحَبَّتُهُ وَمَحَبَّةُ أَتْبَاعِه. فتح (1/ 202)

(5)

النَّصِيحَةُ لِأَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ: إِعَانَتُهُمْ عَلَى مَا حُمِّلُوا الْقِيَامَ بِهِ، وَتَنْبِيهُهُمْ عِنْدَ الْغَفْلَة، وَسَدُّ خُلَّتِهِمْ عِنْد الْهَفْوَة، وَجَمْعُ الْكَلِمَةِ عَلَيْهِمْ، وَرَدُّ الْقُلُوبِ النَّافِرَةِ إِلَيْهِمْ، وَمِنْ أَعْظَمِ نَصِيحَتِهِمْ: دَفْعُهُمْ عَنْ الظُّلْمِ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَن.

وَمِنْ جُمْلَةِ أَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ: أَئِمَّة الِاجْتِهَاد، وَتَقَعُ النَّصِيحَةُ لَهُمْ بِبَثِّ عُلُومِهِمْ، وَنَشْرِ مَنَاقِبهِمْ، وَتَحْسِينِ الظَّنِّ بِهِمْ. (فتح - ج1ص202)

(6)

النَّصِيحَة لِعَامَّةِ الْمُسْلِمِينَ: الشَّفَقَةُ عَلَيْهِمْ، وَالسَّعْيُ فِيمَا يَعُودُ نَفْعُهُ عَلَيْهِمْ، وَتَعْلِيمُهُمْ مَا يَنْفَعُهُمْ، وَكَفُّ وُجُوهِ الْأَذَى عَنْهُمْ، وَأَنْ يُحِبَّ لَهُمْ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ، وَيَكْرَهُ لَهُمْ مَا يَكْرَهُ لِنَفْسِهِ.

وَفِي الْحَدِيث فَوَائِد أُخْرَى ، مِنْهَا: أَنَّ الدِّينَ يُطْلَق عَلَى الْعَمَلِ ، لِكَوْنِهِ سَمَّى النَّصِيحَةَ دِينًا. (فتح - ج1ص202)

(7)

(م) 95 - (55) ، (س) 4197 ، (ت) 1926 ، (حم) 7941

ص: 77

(م حب)، وَعَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ قَالَ:(سَمِعْتُ ابْنَ مَسْعُودٍ رضي الله عنه يَقُولُ)(1)(قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " مَا مِنْ نَبِيٍّ بَعَثَهُ اللهُ فِي أُمَّةٍ قَبْلِي إِلَّا كَانَ لَهُ مِنْ أُمَّتِهِ حَوَارِيُّونَ (2) وَأَصْحَابٌ ، يَهْتَدُونَ بِهَدْيِهِ (3) وَيَسْتَنُّونَ بِسُنَّتِهِ ، ثُمَّ إِنَّهَا تَخْلُفُ مِنْ بَعْدِهِمْ خُلُوفٌ (4) يَقُولُونَ مَا لَا يَفْعَلُونَ ، وَيَفْعَلُونَ مَا لَا يُؤْمَرُونَ ، فَمَنْ جَاهَدَهُمْ بِيَدِهِ فَهُوَ مُؤْمِنٌ ، وَمَنْ جَاهَدَهُمْ بِلِسَانِهِ فَهُوَ مُؤْمِنٌ وَمَنْ جَاهَدَهُمْ بِقَلْبِهِ فَهُوَ مُؤْمِنٌ ، وَلَيْسَ وَرَاءَ ذَلِكَ مِنْ الْإِيمَانِ حَبَّةُ خَرْدَلٍ ") (5) (قَالَ عَطَاءٌ: فَحِينَ سَمِعْتُ الْحَدِيثَ مِنْهُ انْطَلَقْتُ بِهِ إِلَى عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما فَأَخْبَرْتُهُ، فَقَالَ: أَنْتَ سَمِعْتَ ابْنَ مَسْعُودٍ يَقُولُ هَذَا؟، فَقُلْتُ: هُوَ مَرِيضٌ ، فَمَا يَمْنَعُكَ أَنْ تَعُودَهُ؟ ، قَالَ: فَانْطَلِقْ بِنَا إِلَيْهِ، فَانْطَلَقَ وَانْطَلَقْتُ مَعَهُ، فَسَأَلَهُ عَنْ شَكْوَاهُ، ثُمَّ سَأَلَهُ عَنِ الْحَدِيثِ ، فَخَرَجَ ابْنُ عُمَرَ وَهُوَ يُقَلِّبُ كَفَّهُ وَيَقُولُ: مَا كَانَ ابْنُ أُمِّ عَبْدٍ يَكْذِبُ عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم) (6).

(1)(حب) 177 ، انظر صحيح موارد الظمآن: 1298 ، وقال الشيخ شعيب الأرناءوط: إسناده جيد.

(2)

الْحَوَارِيُّونَ الْمَذْكُورُونَ اخْتُلِفَ فِيهِمْ ، فَقَالَ الْأَزْهَرِيُّ وَغَيْره: هُمْ خُلْصَان الْأَنْبِيَاء وَأَصْفِيَاؤُهُمْ ، وَالْخُلْصَانُ: الَّذِينَ نُقُّوا مِنْ كُلّ عَيْب.

وَقَالَ غَيْره: أَنْصَارُهمْ ، وَقِيلَ: الْمُجَاهِدُونَ ، وَقِيلَ: الَّذِينَ يَصْلُحُونَ لِلْخِلَافَةِ بَعْدهمْ. (النووي - ج 1 / ص 132)

(3)

أَيْ: يَهْتَدُونَ بِطَرِيقَتِهِ وَسَمْتِهِ.

(4)

(الْخُلُوف) بِضَمِّ الْخَاء ، جَمْع خَلْف ، بِإِسْكَانِ اللَّام ، وَهُوَ الْخَالِفُ بِشَرٍّ. شرح النووي على مسلم - (ج 1 / ص 132)

(5)

(م) 50 ، (حم) 4379

(6)

(حب) 177

ص: 78

(م)، وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ (1) فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِهِ ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ (2) وَذَلِكَ أَضْعَفُ الْإِيمَانِ (3) "(4)

(1) قَوْله صلى الله عليه وسلم: (فَلْيُغَيِّرْهُ) أَمْرُ إِيجَابٍ بِإِجْمَاعِ الْأُمَّة ، وَقَدْ تَطَابَقَ عَلَى وُجُوب الْأَمْر بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْي عَنْ الْمُنْكَر الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ وَإِجْمَاعُ الْأُمَّة ، وَهُوَ أَيْضًا مِنْ النَّصِيحَةِ الَّتِي هِيَ الدِّين.

وَلَمْ يُخَالِف فِي ذَلِكَ إِلَّا بَعْضُ الرَّافِضَة، وَلَا يُعْتَدُّ بِخِلَافِهِمْ كَمَا قَالَ أَبُو الْمَعَالِي إِمَام الْحَرَمَيْنِ: لَا يُكْتَرَث بِخِلَافِهِمْ فِي هَذَا، فَقَدْ أَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَيْهِ قَبْلَ أَنْ يَنْبُغَ هَؤُلَاءِ ، وَوُجُوبُهُ بِالشَّرْعِ لَا بِالْعَقْلِ ، خِلَافًا لِلْمُعْتَزِلَةِ.

وَأَمَّا قَوْل الله عز وجل: {عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ ، لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اِهْتَدَيْتُمْ} فَلَيْسَ مُخَالِفًا لِمَا ذَكَرْنَاهُ ، لِأَنَّ الْمَذْهَبَ الصَّحِيحَ عِنْدَ الْمُحَقِّقِينَ فِي مَعْنَى الْآيَة: أَنَّكُمْ إِذَا فَعَلْتُمْ مَا كُلِّفْتُمْ بِهِ ، فَلَا يَضُرُّكُمْ تَقْصِيرُ غَيْركُمْ ، مِثْل قَوْلِه تَعَالَى:{وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ ، فَمِمَّا كُلِّفَ بِهِ: الْأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ ، وَالنَّهْيُ عَنْ الْمُنْكَر، فَإِذَا فَعَلَهُ وَلَمْ يَمْتَثِلْ الْمُخَاطَبُ ، فَلَا عَتْبَ بَعْد ذَلِكَ عَلَى الْفَاعِل ، لِكَوْنِهِ أَدَّى مَا عَلَيْهِ ، فَإِنَّمَا عَلَيْهِ الْأَمْرُ وَالنَّهْي ، لَا الْقَبُول.

ثُمَّ إِنَّ الْأَمْرَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيَ عَنْ الْمُنْكَر فَرْضُ كِفَايَة ، إِذَا قَامَ بِهِ بَعْضُ النَّاسِ ، سَقَطَ الْحَرَجُ عَنْ الْبَاقِينَ، وَإِذَا تَرَكَهُ الْجَمِيعُ ، أَثِمَ كُلُّ مَنْ تَمَكَّنَ مِنْهُ بِلَا عُذْرٍ وَلَا خَوْف.

ثُمَّ إِنَّهُ قَدْ يَتَعَيَّنُ ، كَمَا إِذَا كَانَ فِي مَوْضِعٍ لَا يَعْلَمُ بِهِ إِلَّا هُوَ ، أَوْ لَا يَتَمَكَّنُ مِنْ إِزَالَتِه إِلَّا هُوَ، وَكَمَنْ يَرَى زَوْجَتَه أَوْ وَلَدَه أَوْ غُلَامَه عَلَى مُنْكَرٍ أَوْ تَقْصِيرٍ فِي الْمَعْرُوف.

قَالَ الْعُلَمَاء رضي الله عنهم: وَلَا يَسْقُطُ عَنْ الْمُكَلَّفِ الْأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيُ عَنْ الْمُنْكَرِ لِكَوْنِهِ لَا يُفِيدُ فِي ظَنِّهِ ، بَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ فِعْلُهُ ، {فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ} . وَقَدْ قَدَّمْنَا أَنَّ الَّذِي عَلَيْهِ هُو الْأَمْرُ وَالنَّهْي ، لَا الْقَبُول ، وَكَمَا قَالَ الله عز وجل:{مَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ} .

وَمَثَّلَ الْعُلَمَاءُ هَذَا بِمَنْ يَرَى إِنْسَانًا فِي الْحَمَّامِ أَوْ غَيْرِهِ مَكْشُوفَ بَعْضِ الْعَوْرَةِ وَنَحْو ذَلِكَ.

قَالَ الْعُلَمَاء: وَلَا يُشْتَرَطُ فِي الْآمِرِ وَالنَّاهِي أَنْ يَكُونَ كَامِلَ الْحَال ، مُمْتَثِلًا مَا يَأمُر بِهِ ، مُجْتَنِبًا مَا يَنْهَى عَنْهُ، بَلْ عَلَيْهِ الْأَمْرُ وَإِنْ كَانَ مُخِلًّا بِمَا يَأمُر بِهِ، وَعَلَيْهِ النَّهْيُ وَإِنْ كَانَ مُتَلَبِّسًا بِمَا يَنْهَى عَنْهُ؛ فَإِنَّهُ يَجِب عَلَيْهِ شَيْئَانِ: أَنْ يَأمُرَ نَفْسَهُ وَيَنْهَاهَا، وَيَأمُرَ غَيْرَهُ وَيَنْهَاهُ، فَإِذَا أَخَلَّ بِأَحَدِهِمَا ، كَيْف يُبَاحُ لَهُ الْإِخْلَالُ بِالْآخَرِ؟.

قَالَ الْعُلَمَاء: وَلَا يَخْتَصُّ الْأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيُ عَنْ الْمُنْكَرِ بِأَصْحَابِ الْوِلَايَات ، بَلْ ذَلِكَ جَائِز لِآحَادِ الْمُسْلِمِينَ.

قَالَ إِمَام الْحَرَمَيْنِ: وَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ إِجْمَاعُ الْمُسْلِمِينَ؛ فَإِنَّ غَيْرَ الْوُلَاةِ فِي الصَّدْرِ الْأَوَّلِ وَالْعَصْرِ الَّذِي يَلِيه ، كَانُوا يَأمُرُونَ الْوُلَاة بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَهُمْ عَنْ الْمُنْكَر، مَعَ تَقْرِير الْمُسْلِمِينَ إِيَّاهُمْ، وَتُرِكَ تَوْبِيخُهُمْ عَلَى التَّشَاغُل بِالْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ ، وَالنَّهْي عَنْ الْمُنْكَر مِنْ غَيْر وِلَايَة ، ثُمَّ إِنَّهُ إِنَّمَا يَأمُرُ وَيَنْهَى مَنْ كَانَ عَالِمًا بِمَا يَأمُرُ بِهِ وَيَنْهَى عَنْهُ؛ وَذَلِكَ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الشَّيْء؛ فَإِنْ كَانَ مِنْ الْوَاجِبَاتِ الظَّاهِرَة، وَالْمُحَرَّمَاتِ الْمَشْهُورَة ، كَالصَّلَاةِ ، وَالصِّيَام ، وَالزِّنَا ، وَالْخَمْر ، وَنَحْوهَا، فَكُلُّ الْمُسْلِمِينَ عُلَمَاءٌ بِهَا، وَإِنْ كَانَ مِنْ دَقَائِق الْأَفْعَالِ وَالْأَقْوَال ، وَمِمَّا يَتَعَلَّقُ بِالِاجْتِهَادِ ، لَمْ يَكُنْ لِلْعَوَامِّ مَدْخَلٌ فِيهِ، وَلَا لَهُمْ إِنْكَارُه، بَلْ ذَلِكَ لِلْعُلَمَاءِ.

ثُمَّ الْعُلَمَاءُ إِنَّمَا يُنْكِرُونَ مَا أُجْمِعَ عَلَيْهِ ، أَمَّا الْمُخْتَلَف فِيهِ ، فَلَا إِنْكَارَ فِيهِ ، لِأَنَّ عَلَى أَحَدِ الْمَذْهَبَيْنِ: كُلُّ مُجْتَهِدٍ مُصِيبٌ ، وَهَذَا هُوَ الْمُخْتَارُ عِنْد كَثِيرِينَ مِنْ الْمُحَقِّقِينَ أَوْ أَكْثَرهمْ.

وَعَلَى الْمَذْهَبِ الْآخَر: الْمُصِيبُ وَاحِدٌ وَالْمُخْطِئُ غَيْرُ مُتَعَيَّنٍ لَنَا، وَالْإِثْمُ مَرْفُوعٌ عَنْهُ.

لَكِنْ إِنْ نَدَبَهُ عَلَى جِهَةِ النَّصِيحَة إِلَى الْخُرُوجِ مِنْ الْخِلَاف ، فَهُوَ حَسَنٌ مَحْبُوبٌ مَنْدُوبٌ إِلَى فِعْلِهِ بِرِفْقٍ؛ فَإِنَّ الْعُلَمَاء مُتَّفِقُونَ عَلَى الْحَثِّ عَلَى الْخُرُوج مِنْ الْخِلَافِ إِذَا لَمْ يَلْزَمْ مِنْهُ إِخْلَالٌ بِسُنَّةٍ، أَوْ وُقُوعٍ فِي خِلَافٍ آخَر وَذَكَرَ أَقْضَى الْقُضَاة أَبُو الْحَسَن الْمَاوَرْدِيُّ الْبَصْرِيُّ الشَّافِعِيُّ فِي كِتَابِه " الْأَحْكَام السُّلْطَانِيَّةُ " خِلَافًا بَيْن الْعُلَمَاء فِي أَنَّ مَنْ قَلَّدَهُ السُّلْطَانُ الْحِسْبَة ، هَلْ لَهُ أَنْ يَحْمِلَ النَّاسَ عَلَى مَذْهَبِهِ فِيمَا اِخْتَلَفَ فِيهِ الْفُقَهَاءُ إِذَا كَانَ الْمُحْتَسِبُ مِنْ أَهْل الِاجْتِهَاد ، أَمْ لَا يُغَيِّرُ مَا كَانَ عَلَى مَذْهَبِ غَيْره؟ ، وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يُغَيِّرُ ، لِمَا ذَكَرْنَاهُ

وَلَمْ يَزَل الْخِلَافُ فِي الْفُرُوع بَيْن الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ فَمَنْ بَعْدَهُمْ رضي الله عنهم أَجْمَعِينَ ، وَلَا يُنْكِرُهُ مُحْتَسِبٌ وَلَا غَيْرُه عَلَى غَيْرِه.

وَكَذَلِكَ قَالُوا: لَيْسَ لِلْمُفْتِي وَلَا لِلْقَاضِي أَنْ يَعْتَرِضَ عَلَى مَنْ خَالَفَهُ إِذَا لَمْ يُخَالِفْ نَصًّا ، أَوْ إِجْمَاعًا ، أَوْ قِيَاسًا جَلِيًّا.

وَاعْلَمْ أَنَّ بَابَ الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْي عَنْ الْمُنْكَر قَدْ ضُيِّعَ أَكْثَرُه مِنْ أَزْمَانٍ مُتَطَاوِلَة، وَلَمْ يَبْقَ مِنْهُ فِي هَذِهِ الْأَزْمَان إِلَّا رُسُومٌ قَلِيلَة جِدًّا ، وَهُوَ بَابٌ عَظِيم ، بِهِ قِوَامُ الْأَمْرِ وَمِلَاكُهُ ، وَإِذَا تُرِكَ عَمَّ الْعِقَابُ الصَّالِحَ وَالطَّالِحَ وَإِذَا لَمْ يَأخُذُوا عَلَى يَدِ الظَّالِم ، أَوْشَكَ أَنْ يَعُمَّهُمْ الله تَعَالَى بِعِقَابِهِ {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} فَيَنْبَغِي لِطَالِبِ الْآخِرَة، وَالسَّاعِي فِي تَحْصِيل رِضَا الله عز وجل أَنْ يَعْتَنِيَ بِهَذَا الْبَاب، فَإِنَّ نَفْعَهُ عَظِيم ، لَا سِيَّمَا وَقَدْ ذَهَبَ مُعْظَمُهُ، وَيُخْلِصُ نِيَّتَه، وَلَا يُهَادِنُ مَنْ يُنْكِرُ عَلَيْهِ لِارْتِفَاعِ مَرْتَبَتِه؛ فَإِنَّ الله تَعَالَى قَالَ:{وَلَيَنْصُرَنَّ اللهُ مَنْ يَنْصُرُهُ} ، وَقَالَ تَعَالَى:{وَمَنْ يَعْتَصِمْ بِاللهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} ، وَقَالَ تَعَالَى:{وَاَلَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا} ، وَقَالَ تَعَالَى:{أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ ، وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ ، فَلَيَعْلَمَنَّ اللهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ} وَاعْلَمْ أَنَّ الْأَجْرَ عَلَى قَدْرِ النَّصَب.

وَلَا يُتَارِكُهُ أَيْضًا لِصَدَاقَتِهِ وَمَوَدَّتِهِ وَمُدَاهَنَتِه ، وَطَلَبِ الْوَجَاهَة عِنْدَه ، وَدَوَامِ الْمَنْزِلَةِ لَدَيْهِ؛ فَإِنَّ صَدَاقَتَهُ وَمَوَدَّتَهُ تُوجِبُ لَهُ حُرْمَةً وَحَقًّا، وَمَنْ حَقِّهِ أَنْ يَنْصَحَهُ وَيَهْدِيَهُ إِلَى مَصَالِحِ آخِرَتِه، وَيُنْقِذُهُ مِنْ مَضَارِّهَا ، وَصَدِيقُ الْإِنْسَان وَمُحِبُّهُ هُوَ مَنْ سَعَى فِي عِمَارَةِ آخِرَتِهِ ، وَإِنْ أَدَّى ذَلِكَ إِلَى نَقْصٍ فِي دُنْيَاهُ ، وَعَدُوُّهُ مَنْ يَسْعَى فِي ذَهَابِ أَوْ نَقْصِ آخِرَتِه ، وَإِنْ حَصَلَ بِسَبَبِ ذَلِكَ صُورَةُ نَفْعٍ فِي دُنْيَاهُ ، وَإِنَّمَا كَانَ إِبْلِيس عَدُوًّا لَنَا لِهَذَا ، وَكَانَتْ الْأَنْبِيَاء صَلَوَات الله وَسَلَامه عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ أَوْلِيَاءَ لِلْمُؤْمِنِينَ لِسَعْيِهِمْ فِي مَصَالِحِ آخِرَتِهِمْ وَهِدَايَتهمْ إِلَيْهَا، وَنَسْأَل الله الْكَرِيم تَوْفِيقنَا وَأَحْبَابنَا وَسَائِر الْمُسْلِمِينَ لِمَرْضَاتِهِ، وَأَنْ يَعُمَّنَا بِجُودِهِ وَرَحْمَته.

وَيَنْبَغِي لِلْآمِرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهِي عَنْ الْمُنْكَر أَنْ يَرْفُق ، لِيَكُونَ أَقْرَبَ إِلَى تَحْصِيلِ الْمَطْلُوب ، فَقَدْ قَالَ الْإِمَام الشَّافِعِيُّ رضي الله عنه:" مَنْ وَعَظَ أَخَاهُ سِرًّا فَقَدْ نَصَحَهُ وَزَانَهُ، وَمَنْ وَعَظَهُ عَلَانِيَة ، فَقَدْ فَضَحَهُ وَشَانَهُ ".

وَمِمَّا يَتَسَاهَلُ أَكْثَرُ النَّاسِ فِيهِ مِنْ هَذَا الْبَاب: مَا إِذَا رَأَى إِنْسَانًا يَبِيعُ مَتَاعًا مَعِيبًا أَوْ نَحْوَه ، فَإِنَّهُمْ لَا يُنْكِرُونَ ذَلِكَ، وَلَا يُعَرِّفُونَ الْمُشْتَرِي بِعَيْبِهِ، وَهَذَا خَطَأٌ ظَاهِرٌ ، وَقَدْ نَصَّ الْعُلَمَاء عَلَى أَنَّهُ يَجِب عَلَى مَنْ عَلِم ذَلِكَ أَنْ يُنْكِر عَلَى الْبَائِع، وَأَنْ يُعْلِم الْمُشْتَرِي بِهِ. شرح النووي (ج 1 / ص 131)

(2)

أَيْ: فَلْيَكْرَهْهُ بِقَلْبِهِ ، وَلَيْسَ ذَلِكَ بِإِزَالَةٍ وَتَغْيِيرٍ مِنْهُ لِلْمُنْكَرِ ، وَلَكِنْ هَذَا الَّذِي فِي وُسْعِهِ. شرح النووي على مسلم - (ج 1 / ص 131)

(3)

أَيْ: أَقَلُّهُ ثَمَرَة، قَالَ الْقَاضِي عِيَاض رحمه الله: هَذَا الْحَدِيثٌ أَصْلٌ فِي صِفَةِ التَّغْيِير ، فَحَقُّ الْمُغَيِّرِ أَنْ يُغَيِّرَهُ بِكُلِّ وَجْهٍ أَمْكَنَهُ زَوَالُه بِهِ ، قَوْلًا كَانَ أَوْ فِعْلًا فَيَكْسِرُ آلَاتِ الْبَاطِل، وَيُرِيقُ الْمُسْكِرَ بِنَفْسِهِ، أَوْ يَأمُرُ مَنْ يَفْعَلُهُ، وَيَنْزِعُ الْغُصُوبَ وَيَرُدَّهَا إِلَى أَصْحَابِهَا بِنَفْسِهِ، أَوْ بِأَمْرِهِ إِذَا أَمْكَنَهُ ، وَيَرْفُقُ فِي التَّغْيِيرِ جَهْدَهُ بِالْجَاهِلِ ، وَبِذِي الْعِزَّةِ الظَّالِمِ الْمَخُوفِ شَرُّه؛ إِذْ ذَلِكَ أَدْعَى إِلَى قَبُولِ قَوْلِه ، كَمَا يُسْتَحَبُّ أَنْ يَكُونَ مُتَوَلِّي ذَلِكَ مِنْ أَهْلِ الصَّلَاحِ وَالْفَضْلِ لِهَذَا الْمَعْنَى ، وَيُغْلِظُ عَلَى الْمُتَمَادِي فِي غَيِّه، وَالْمُسْرِفُ فِي بَطَالَتِه؛ إِذَا أَمِنَ أَنْ يُؤَثِّرَ إِغْلَاظُه ، مُنْكَرًا أَشَدَّ مِمَّا غَيَّرَهُ ، لِكَوْنِ جَانِبِه مَحْمِيًّا عَنْ سَطْوَةِ الظَّالِم.

فَإِنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّ تَغْيِيرَهُ بِيَدِهِ يُسَبِّبُ مُنْكَرًا أَشَدُّ مِنْهُ ، مِنْ قَتْلِهِ أَوْ قَتْلِ غَيْرِه بِسَبَبٍ ، كَفَّ يَدَهُ، وَاقْتَصَرَ عَلَى الْقَوْلِ بِاللِّسَانِ وَالْوَعْظِ وَالتَّخْوِيف ، فَإِنْ خَافَ أَنْ يُسَبِّبَ قَوْلُهُ مِثْل ذَلِكَ ، غَيَّرَ بِقَلْبِهِ، وَكَانَ فِي سَعَة، وَهَذَا هُوَ الْمُرَاد بِالْحَدِيثِ إِنْ شَاءَ الله تَعَالَى.

وَإِنْ وَجَدَ مَنْ يَسْتَعِينُ بِهِ عَلَى ذَلِكَ اِسْتَعَانَ ، مَا لَمْ يُؤَدِّ ذَلِكَ إِلَى إِظْهَارِ سِلَاحٍ وَحَرْبٍ، وَلْيَرْفَع ذَلِكَ إِلَى مَنْ لَهُ الْأَمْرُ إِنْ كَانَ الْمُنْكَرُ مِنْ غَيْرِه، أَوْ يَقْتَصِرُ عَلَى تَغْيِيرِه بِقَلْبِهِ ، هَذَا هُوَ فِقْهُ الْمَسْأَلَة، وَصَوَاب الْعَمَلِ فِيهَا عِنْد الْعُلَمَاء وَالْمُحَقِّقِينَ ، خِلَافًا لِمَنْ رَأَى الْإِنْكَارَ بِالتَّصْرِيحِ بِكُلِّ حَالٍ ، وَإِنْ قُتِلَ ، وَنِيلَ مِنْهُ كُلُّ أَذَى ، هَذَا آخِر كَلَام الْقَاضِي رحمه الله.

قَالَ إِمَام الْحَرَمَيْنِ رحمه الله: وَيَسُوغُ لِآحَادِ الرَّعِيَّةِ أَنْ يَصُدَّ مُرْتَكِبَ الْكَبِيرَة ، وَإِنْ لَمْ يَنْدَفِعْ عَنْهَا بِقَوْلِهِ ، مَا لَمْ يَنْتَهِ الْأَمْرُ إِلَى نَصْبِ قِتَالٍ وَشَهْرِ سِلَاح ، فَإِنْ اِنْتَهَى الْأَمْرُ إِلَى ذَلِكَ ، رَبَطَ الْأَمْر بِالسُّلْطَانِ.

قَالَ: وَإِذَا جَارَ وَالِي الْوَقْت، وَظَهَرَ ظُلْمُهُ وَغَشْمُهُ، وَلَمْ يَنْزَجِرْ حِين زُجِرَ عَنْ سُوءِ صَنِيعِهِ بِالْقَوْلِ، فَلِأَهْلِ الْحَلِّ وَالْعَقْدِ التَّوَاطُؤ عَلَى خَلْعِهِ ، وَلَوْ بِشَهْرِ الْأَسْلِحَة ، وَنَصْبِ الْحُرُوب ، هَذَا كَلَامُ إِمَام الْحَرَمَيْنِ.

وَهَذَا الَّذِي ذَكَرَهُ مِنْ خَلْعِهِ غَرِيبٌ، وَمَعَ هَذَا فَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إِذَا لَمْ يُخَفْ مِنْهُ إِثَارَةُ مَفْسَدَةٍ أَعْظَم مِنْهُ.

قَالَ: وَلَيْسَ لِلْآمِرِ بِالْمَعْرُوفِ الْبَحْثُ وَالتَّنْقِيرُ وَالتَّجَسُّس ، وَاقْتِحَامُ الدُّور بِالظُّنُونِ، بَلْ إِنْ عَثَرَ عَلَى مُنْكَرٍ غَيَّرَهُ جُهْدَه ، هَذَا كَلَام إِمَام الْحَرَمَيْنِ. وَقَالَ أَقْضَى الْقُضَاة الْمَاوَرْدِيُّ: لَيْسَ لِلْمُحْتَسِبِ أَنْ يَبْحَثَ عَمَّا لَمْ يَظْهَرْ مِنْ الْمُحَرَّمَات ، فَإِنْ غَلَبَ عَلَى الظَّنِّ اِسْتِسْرَارُ قَوْم بِهَا لِأَمَارَةٍ وَآثَارٍ ظَهَرَتْ، فَذَلِكَ ضَرْبَانِ ، أَحَدهمَا: أَنْ يَكُون ذَلِكَ فِي اِنْتَهَاكِ حُرْمَةٍ يَفُوتُ اِسْتِدْرَاكُهَا، مِثْل أَنْ يُخْبِرَهُ مَنْ يَثِقُ بِصِدْقِهِ أَنَّ رَجُلًا خَلَا بِرَجُلٍ لِيَقْتُلهُ ، أَوْ بِامْرَأَةِ لِيَزْنِيَ بِهَا ، فَيَجُوز لَهُ فِي مِثْل هَذَا الْحَالِ أَنْ يَتَجَسَّسَ، وَيُقْدِمَ عَلَى الْكَشْفِ وَالْبَحْثِ ، حَذَرًا مِنْ فَوَاتِ مَا لَا يُسْتَدْرَك ، وَكَذَا لَوْ عَرَفَ ذَلِكَ غَيْرُ الْمُحْتَسِبِ مِنْ الْمُتَطَوِّعَة جَازَ لَهُمْ الْإِقْدَامُ عَلَى الْكَشْفِ وَالْإِنْكَار. الضَّرْب الثَّانِي: مَا قَصُرَ عَنْ هَذِهِ الرُّتْبَة ، فَلَا يَجُوز التَّجَسُّس عَلَيْهِ، وَلَا كَشْفُ الْأَسْتَارِ عَنْهُ ، فَإِنْ سَمِعَ أَصْوَاتَ الْمَلَاهِي الْمُنْكَرَةِ مِنْ دَارٍ أَنْكَرَهَا خَارِج الدَّار ، وَلَمْ يَهْجُم عَلَيْهَا بِالدُّخُولِ ، لِأَنَّ الْمُنْكَرَ ظَاهِرٌ ، وَلَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يَكْشِفَ عَنْ الْبَاطِن.

وَبَسَطْتُ الْكَلَامَ فِي هَذَا الْبَابِ لِعِظَمِ فَائِدَتِه، وَكَثْرَةِ الْحَاجَةِ إِلَيْهِ، وَكَوْنِهِ مِنْ أَعْظَمِ قَوَاعِدِ الْإِسْلَام. وَالله أَعْلَم. شرح النووي على مسلم (1/ 131)

(4)

(م) 49 ، (ت) 2172

ص: 79

(خ م س حم)، وَعَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ الْبَجَلِيِّ رضي الله عنه قَالَ:(أَتَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ يُبَايِعُ ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ ، ابْسُطْ يَدَكَ حَتَّى أُبَايِعَكَ ، وَاشْتَرِطْ عَلَيَّ ، فَأَنْتَ أَعْلَمُ)(1)(فَقَالَ: " تَعْبُدُ اللهَ لَا تُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا ، وَتُصَلِّي الصَلَاةَ الْمَكْتُوبَةَ ، وَتُؤَدِّي الزَّكَاةَ الْمَفْرُوضَةَ (2) وَتَنْصَحُ) (3)(الْمُسْلِمِينَ ، وَتُفَارِقُ الْمُشْرِكِين ")(4)(فَقُلْتُ: أُبَايِعُكَ عَلَى الْإِسْلَامِ)(5)(وَالسَّمْعِ وَالطَّاعَةِ ، " فَلَقَّنَنِي: فِيمَا اسْتَطَعْتُ (6) وَالنُّصْحِ لِكُلِّ مُسْلِمٍ (7)) (8)

وفي رواية: (فَشَرَطَ عَلَيَّ: وَالنُّصْحِ لِكُلِّ مُسْلِمٍ ")(9)

(1)(س) 4177

(2)

قَالَ النَّوَوِيُّ: إِنَّمَا اِقْتَصَرَ عَلَى الصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ لِكَوْنِهِمَا أُمَّيْ الْعِبَادَاتِ الْمَالِيَّةِ وَالْبَدَنِيَّةِ، وَهُمَا أَهَمُّ أَرْكَانِ الْإِسْلَامِ بَعْدَ الشَّهَادَتَيْنِ وَأَظْهَرُهَا ، وَلَا يُقَالُ: لَعَلَّ غَيْرَهُمَا مِنْ الصَّوْمِ وَالْحَجِّ لَمْ يَكُونَا وَاجِبَيْنِ حِينَئِذٍ ، لِأَنَّهُ أَسْلَمَ عَامَ تُوُفِّيَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم. تحفة الأحوذي - (ج 5 / ص 149)

قَالَ الْقَاضِي عِيَاض: اِقْتَصَرَ عَلَى الصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ لِشُهْرَتِهِمَا، وَلَمْ يَذْكُرْ الصَّوْمَ وَغَيْرَه لِدُخُولِ ذَلِكَ فِي السَّمْعِ وَالطَّاعَة. (فتح - ح57)

قَالَ الْقُرْطُبِيّ: كَانَتْ مُبَايَعَةُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لِأَصْحَابِهِ بِحَسَبِ مَا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ مِنْ تَجْدِيدِ عَهْدٍ ، أَوْ تَوْكِيدِ أَمْرٍ، فَلِذَلِكَ اِخْتَلَفَتْ أَلْفَاظهمْ.

(3)

(حم) 19188 ، (خ) 3157

(4)

(س) 4177 ، (حم) 19205

(5)

(خ) 3158

(6)

قَوْله: " فِيمَا اسْتَطَعْت " الْمَقْصُود بِهَذَا: التَّنْبِيهُ عَلَى أَنَّ اللَّازِمَ مِنْ الْأُمُورِ الْمُبَايَعِ عَلَيْهَا هُوَ مَا يُطَاقُ، كَمَا هُوَ الْمُشْتَرَطُ فِي أَصْلِ التَّكْلِيف، وَيُشْعِرُ الْأَمْرُ بِقَوْلِ ذَلِكَ اللَّفْظِ حَالَ الْمُبَايَعَةِ بِالْعَفْوِ عَنْ الْهَفْوَةِ ، وَمَا يَقَع عَنْ خَطَأ وَسَهْوٍ. وَالله أَعْلَم. (فتح - ح57)

(7)

التَّقْيِيدُ بِالنُّصْحِ للْمُسْلِمِ في الْأَغْلَبِ، وَإِلَّا فَالنُّصْحُ لِلْكَافِرِ مُعْتَبَرٌ ، بِأَنْ يُدْعَى إِلَى الْإِسْلَامِ ، وَيُشَارُ عَلَيْهِ بِالصَّوَابِ إِذَا اِسْتَشَارَ.

وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي الْبَيْعِ وَنَحْوِ ذَلِكَ ، فَجَزَمَ أَحْمَدُ أَنَّ ذَلِكَ يَخْتَصُّ بِالْمُسْلِمِينَ ، وَاحْتَجَّ بِهَذَا الْحَدِيث. (فتح - ح58)

(8)

(خ) 6778 ، (م) 56

(9)

(خ) 58

ص: 80

(حم)، وَعَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ حَيْدَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " أَلَا إِنَّ رَبِّي دَاعِيَّ ، وَإِنَّهُ سَائِلِي: هَلْ بَلَّغْتَ عِبَادِي؟ ، وَإِنِّي قَائِلٌ لَهُ: رَبِّ قَدْ بَلَّغْتُهُمْ ، أَلَا فَلْيُبَلِّغْ الشَّاهِدُ مِنْكُمْ الْغَائِبَ "(1)

(1)(حم) 20049 ، 20055 ، انظر الصَّحِيحَة: 1721، وقال الشيخ شعيب الأرنؤوط: إسنادهما حسن.

ص: 81

(جة)، وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " لِيُبَلِّغْ شَاهِدُكُمْ غَائِبَكُمْ "(1)

(1)(جة) 235 ، (د) 1278

ص: 82

(خ جة)، وَعَنْ أَبِي بَكْرَةَ نُفَيْعِ بْنِ الْحَارِثِ رضي الله عنه قَالَ:(" خَطَبَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ النَّحْرِ فَقَالَ:)(1)(لِيُبْلِغْ الشَّاهِدُ مِنْكُمُ الْغَائِبَ)(2)(فَرُبَّ مُبَلَّغٍ أَوْعَى مِنْ سَامِع (3) ") (4)

(1)(جة) 233

(2)

(خ) 105 ، (م) 29 - (1679) ، (حم) 20402

(3)

الْمُرَاد: رُبَّ مُبَلَّغ عَنِّي أَوْعَى - أَيْ: أَفْهَم - لِمَا أَقُولُ مِنْ سَامِعٍ مِنِّي. وَصَرَّحَ بِذَلِكَ أَبُو الْقَاسِم بْن مَنْدَهْ فِي رِوَايَته مِنْ طَرِيق هَوْذَة عَنْ اِبْن عَوْن وَلَفْظه: " فَإِنَّهُ عَسَى أَنْ يَكُونَ بَعْضُ مَنْ لَمْ يَشْهَدْ ، أَوْعَى لِمَا أَقُولُ مِنْ بَعْضِ مَنْ شَهِدَ ".فتح الباري (ح7078)

(4)

(خ) 1654 ، (م) 29 - (1679) ، (حم) 20402

ص: 83

(حم)، وَعَنْ أَبِي عَامِرٍ الْأَشْعَرِيِّ رضي الله عنه قَالَ: كَانَ رَجُلٌ قُتِلَ مِنَّا بِأَوْطَاسٍ ، فَقَالَ لِي رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:" يَا أَبَا عَامِرٍ ، أَلَا غَيَّرْتَ؟ "، فَتَلَوْتُ هَذِهِ الْآية:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ ، لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ} (1)" فَغَضِبَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَقَالَ: أَيْنَ ذَهَبْتُمْ؟ ، إِنَّمَا هِيَ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ- مِنْ الْكُفَّارِ- إِذَا اهْتَدَيْتُمْ} "(2)

(1)[المائدة/105]

(2)

(حم) 17205 ، انظر الصَّحِيحَة: 2560

ص: 84

(خ)، وَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " أُنْصُرْ أَخَاكَ ظَالِمًا أَوْ مَظْلُومًا "، فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولُ اللهِ ، أَنْصُرُهُ إِذَا كَانَ مَظْلُومًا، أَفَرَأَيْتَ إِذَا كَانَ ظَالِمًا؟ ، كَيْفَ أَنْصُرُهُ؟ قَالَ:" تَحْجُزُهُ أَوْ تَمْنَعُهُ مِنَ الظُّلْمِ، فَإِنَّ ذَلِكَ نَصْرُهُ (1) "(2)

(1) أَيْ: عَلَى شَيْطَانِهِ الَّذِي يُغْوِيهِ ، أَوْ عَلَى نَفْسِهِ الَّتِي تُطْغِيهِ. تحفة (6/ 41)

(2)

(خ) 6552 ، (ت) 2255

ص: 85

(ت حم)، وَعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه قَالَ:(" جَمَعَنَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَنَحْنُ أَرْبَعُونَ رَجُلًا)(1)(فِي قُبَّةٍ حَمْرَاءَ مِنْ أَدَمٍ (2)) (3)(فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: إِنَّكُمْ مَنْصُورُونَ (4) وَمُصِيبُونَ (5) وَمَفْتُوحٌ لَكُمْ (6) فَمَنْ أَدْرَكَ ذَلِكَ مِنْكُمْ فَلْيَتَّقِ اللهَ ، وَلْيَأمُرْ بِالْمَعْرُوفِ ، وَلْيَنْهَ عَنْ الْمُنْكَرِ ") (7)

(1)(حم) 3694 ، وقال الشيخ شعيب الأرناءوط: إسناده حسن.

(2)

أَيْ: من جِلْد.

(3)

(حم) 3801 ، وقال الشيخ شعيب الأرناؤوط: إسناده حسن.

(4)

أَيْ: عَلَى الْأَعْدَاءِ. تحفة الأحوذي - (ج 6 / ص 43)

(5)

أَيْ: لِلْغَنَائِمِ. تحفة الأحوذي - (ج 6 / ص 43)

(6)

أَيْ: الْبِلَادُ الْكَثِيرَةُ.

(7)

(ت) 2257 ، (حم) 3694

ص: 86

(حم)، وَعَنْ يَزِيدَ بْنِ أَسَدٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ لِي رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " أَتُحِبُّ الْجَنَّةَ؟ "، فَقُلْتُ: نَعَمْ ، قَالَ:" فَأَحِبَّ لِلنَّاسِ مَا تُحِبُّ لِنَفْسِكَ "(1)

(1)(حم) 16706 ، انظر الصَّحِيحَة: 72

ص: 87

(جة حم حب)، وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه قَالَ:" قَامَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم خَطِيبًا ، فَكَانَ فِيمَا قَالَ ، أَلَا لَا يَمْنَعَنَّ) (1) (أَحَدَكُمْ مَخَافَةُ النَّاسِ أَنْ يَقُولَ بِالْحَقِّ) (2) (إِذَا رَآهُ) (3) (أَوْ عَرَفَهُ ") (4)(فَبَكَى أَبُو سَعِيدٍ وَقَالَ: قَدْ وَاللهِ رَأَيْنَا أَشْيَاءَ فَهِبْنَا (5)) (6)(فَمَا زَالَ بِنَا الْبَلَاءُ حَتَّى قَصَّرْنَا ، وَإِنَّا لَنُبَلِّغُ فِي السِّرِّ)(7).

الشرح (8)

(1)(جة) 4007

(2)

(حم) 11810 ، وقال الشيخ شعيب الأرناءوط: إسناده صحيح.

(3)

(حم) 11849 ، وقال الشيخ شعيب الأرناءوط: صحيح.

(4)

(حب) 278 ، وقال الشيخ شعيب الأرناءوط: إسناده صحيح.

(5)

أَيْ: مَنَعَتْنَا هَيْبَةُ النَّاسِ أَنْ نَتَكَلَّمَ فِيهَا. تحفة الأحوذي (5/ 480)

(6)

(جة) 4007 ، (ت) 2191

(7)

(حم) 11887 ، صَحِيح التَّرْغِيبِ وَالتَّرْهِيب:2751 ، الصَّحِيحَة: 168 ، وقال الشيخ شعيب الأرناءوط: إسناده صحيح.

(8)

قال الألباني في الصَّحِيحَة: 168: وفي الحديث النهيُ المؤكَّد عن كِتمان الحق خَوفا من الناس، أو طمعا في المَعاش ، فكلُّ من كتمه مَخافة إيذائهم إياه بنوع من أنواع الإيذاء ، كالضرب ، والشتم ، وقطع الرزق، أو مخافة عدم احترامهم إياه ونحو ذلك، فهو داخلٌ في النهي ، ومخالفٌ للنبي صلى الله عليه وسلم. أ. هـ

ص: 88

(حم حب)، وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: (" إِنَّ اللهَ لَيَسْأَلُ الْعَبْدَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، حَتَّى إِنَّهُ لَيَقُولُ لَهُ)(1)(مَا مَنَعَكَ أَنْ تُنْكِرَ الْمُنْكَرَ إِذْ رَأَيْتَهُ؟ ، فَمَنْ لَقَّنَهُ اللهُ حُجَّتَهُ قَالَ: يَا رَبِّ ، رَجَوْتُكَ وَخِفْتُ مِنْ النَّاسِ ")(2)

(1)(حب) 7368 ، وقال الشيخ شعيب الأرناءوط: إسناده قوي.

(2)

(حم) 11230 ، 11263 ، (جة) 4017 ، انظر الصَّحِيحَة: 929، وهداية الرواة: 5081 ، وقال الشيخ شعيب الأرناؤوط: إسناده حسن

ص: 89