الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
التَّمَسُّكُ بِالْجَمَاعَة
(ت حم)، وَعَنْ الْحَارِثِ الْأَشْعَرِيِّ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: (" إِنَّ اللهَ أَمَرَ يَحْيَى بْنَ زَكَرِيَّا عليه السلام بِخَمْسِ كَلِمَاتٍ أَنْ يَعْمَلَ بِهَا وَيَأمُرَ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنْ يَعْمَلُوا بِهَا ، وَإِنَّهُ كَادَ أَنْ يُبْطِئَ بِهَا ، فَقَالَ عِيسَى عليه السلام: إِنَّ اللهَ أَمَرَكَ بِخَمْسِ كَلِمَاتٍ لِتَعْمَلَ بِهَا ، وَتَأمُرَ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنْ يَعْمَلُوا بِهَا ، فَإِمَّا أَنْ تَأمُرَهُمْ ، وَإِمَّا أَنْ آمُرَهُمْ ، فَقَالَ يَحْيَى: أَخْشَى إِنْ سَبَقْتَنِي بِهَا أَنْ يُخْسَفَ بِي أَوْ أُعَذَّبَ ، فَجَمَعَ النَّاسَ فِي بَيْتِ الْمَقْدِسِ ، فَامْتَلَأَ الْمَسْجِدُ ، وَتَعَدَّوْا عَلَى الشُّرَفِ (2) فَقَالَ: إِنَّ اللهَ أَمَرَنِي بِخَمْسِ كَلِمَاتٍ أَنْ أَعْمَلَ بِهِنَّ ، وَآمُرَكُمْ أَنْ تَعْمَلُوا بِهِنَّ ، أَوَّلُهُنَّ: أَنْ تَعْبُدُوا اللهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا ، وَإِنَّ مَثَلَ مَنْ أَشْرَكَ بِاللهِ كَمَثَلِ رَجُلٍ اشْتَرَى عَبْدًا مِنْ خَالِصِ مَالِهِ بِذَهَبٍ أَوْ وَرِقٍ (3) فَقَالَ: هَذِهِ دَارِي ، وَهَذَا عَمَلِي ، فَاعْمَلْ وَأَدِّ إِلَيَّ ، فَكَانَ يَعْمَلُ وَيُؤَدِّي إِلَى غَيْرِ سَيِّدِهِ ، فَأَيُّكُمْ يَرْضَى أَنْ يَكُونَ عَبْدُهُ كَذَلِكَ؟) (4)(وَإِنَّ اللهَ عز وجل خَلَقَكُمْ وَرَزَقَكُمْ ، فَاعْبُدُوهُ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا)(5)(وَإِنَّ اللهَ أَمَرَكُمْ بِالصَلَاةِ ، فَإِذَا صَلَّيْتُمْ فلَا تَلْتَفِتُوا ، فَإِنَّ اللهَ يَنْصِبُ وَجْهَهُ لِوَجْهِ عَبْدِهِ فِي صَلَاتِهِ مَا لَمْ يَلْتَفِتْ ، وَآمُرُكُمْ بِالصِّيَامِ ، فَإِنَّ مَثَلَ ذَلِكَ كَمَثَلِ رَجُلٍ فِي عِصَابَةٍ (6) مَعَهُ صُرَّةٌ فِيهَا مِسْكٌ ، فَكُلُّهُمْ يُعْجِبُهُ رِيحُهَا ، وَإِنَّ رِيحَ الصَّائِمِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللهِ مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ ، وَآمُرُكُمْ بِالصَّدَقَةِ ، فَإِنَّ مَثَلَ ذَلِكَ كَمَثَلِ رَجُلٍ أَسَرَهُ الْعَدُوُّ ، فَأَوْثَقُوا يَدَهُ إِلَى عُنُقِهِ ، وَقَدَّمُوهُ لِيَضْرِبُوا عُنُقَهُ) (7) (فَقَالَ: هَلْ لَكُمْ أَنْ أَفْتَدِيَ نَفْسِي مِنْكُمْ؟ ، فَجَعَلَ يَفْتَدِي نَفْسَهُ مِنْهُمْ بِالْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ حَتَّى فَكَّ نَفْسَهُ ، وَآمُرُكُمْ بِذِكْرِ اللهِ كَثِيرًا ، فَإِنَّ مَثَلَ ذَلِكَ) (8)(كَمَثَلِ رَجُلٍ خَرَجَ الْعَدُوُّ فِي أَثَرِهِ سِرَاعًا (9)) (10)(فَأَتَى حِصْنًا حَصِينًا (11) فَتَحَصَّنَ فِيهِ) (12)(فَأَحْرَزَ نَفْسَهُ مِنْهُمْ (13) وَكَذَلِكَ الْعَبْدُ ، لَا يُحْرِزُ نَفْسَهُ مِنْ الشَّيْطَانِ إِلَّا بِذِكْرِ اللهِ ، ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:" وَأَنَا آمُرُكُمْ بِخَمْسٍ ، اللهُ أَمَرَنِي بِهِنَّ: بِالسَّمْعِ وَالطَّاعَةِ (14) وَالْجِهَادِ فِي سَبِيلِ اللهِ ، وَالْهِجْرَةِ (15) وَالْجَمَاعَةِ (16)) (17) (فَإِنَّهُ مَنْ خَرَجَ مِنْ الْجَمَاعَةِ قِيدَ شِبْرٍ (18) فَقَدْ خَلَعَ رِبْقَةَ الْإِسْلَامِ (19) مِنْ عُنُقِهِ ، إِلَّا أَنْ يَرْجِعَ ، وَمَنْ ادَّعَى دَعْوَى الْجَاهِلِيَّةِ (20) فَهُوَ مِنْ جُثَاءِ جَهَنَّمَ (21) ") (22)(فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللهِ ، وَإِنْ صَلَّى وَصَامَ؟)(23)(قَالَ: " وَإِنْ صَلَّى وَصَامَ ، وَزَعَمَ أَنَّهُ مُسْلِمٌ ، فَادْعُوا الْمُسْلِمِينَ)(24)(بِدَعْوَى اللهِ الَّذِي سَمَّاكُمْ: الْمُسْلِمِينَ الْمُؤْمِنِينَ ، عِبَادَ اللهِ عز وجل ")(25)
(1)[آل عمران/103]
(2)
(الشُّرَفِ):جَمْعُ شُرْفَةٍ. تحفة الأحوذي - (ج 7 / ص 183)
(3)
أَيْ: فِضَّة.
(4)
(ت) 2863
(5)
(حم) 17833 ، وقال الشيخ شعيب الأرنؤوط: إسناده حسن.
(6)
العِصَابة: الجماعة من الرجال.
(7)
(ت) 2863
(8)
(حم) 17833
(9)
أَيْ: مُسْرِعِينَ. تحفة الأحوذي - (ج 7 / ص 183)
(10)
(ت) 2863
(11)
الْحِصْنُ: كُلُّ مَكَانٍ مَحْمِيٍّ مَنِيعٍ لَا يُوصَلُ إِلَى جَوْفِهِ.
وَالْحَصِينُ مِنْ الْأَمَاكِنِ: الْمَنِيعُ، يُقَالُ: دِرْعٌ حَصِينٌ: أَيْ: مُحْكَمَةٌ ، وَحِصْنٌ حَصِينٌ: لِلْمُبَالَغَةِ. تحفة الأحوذي - (ج 7 / ص 183)
(12)
(حم) 17833
(13)
أَيْ: حَفِظَهَا مِنْهُمْ.
(14)
أَيْ: السَّمْعُ وَالطَّاعَةُ لِلْأَمِيرِ فِي غَيْرِ الْمَعْصِيَةِ.
(15)
الْهِجْرَةُ: الِانْتِقَالُ مِنْ مَكَّةَ إِلَى الْمَدِينَةِ قَبْلَ فَتْحِ مَكَّةَ، وَمِنْ دَارِ الْكُفْرِ إِلَى دَارِ الْإِسْلَامِ ، وَمِنْ دَارِ الْبِدْعَةِ إِلَى دَارِ السُّنَّةِ، وَمِنْ الْمَعْصِيَةِ إِلَى التَّوْبَةِ لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم:" الْمُهَاجِرُ مَنْ هَجَرَ مَا نَهَى اللهُ عَنْهُ " تحفة الأحوذي (7/ 183)
(16)
الْمُرَادُ بِالْجَمَاعَةِ: الصَّحَابَةُ ، وَمَنْ بَعْدَهُمْ مِنْ التَّابِعِينَ ، وَتَابِعِي التَّابِعِينَ مِنْ السَّلَفِ الصَّالِحِينَ، أَيْ: آمُرُكُمْ بِالتَّمَسُّكِ بِهَدْيِهِمْ وَسِيرَتِهِمْ ، وَالِانْخِرَاطِ فِي زُمْرَتِهِمْ. تحفة الأحوذي (7/ 183)
(17)
(ت) 2863
(18)
الْمُرَاد بِالْخُرُوج: السَّعْيُ فِي حَلِّ عَقْدِ الْبَيْعَةِ الَّتِي حَصَلَتْ لِذَلِكَ الْأَمِيرِ وَلَوْ بِأَدْنَى شَيْء، فَكُنِّيَ عَنْهَا بِمِقْدَارِ الشِّبْر ، لِأَنَّ الْأَخْذَ فِي ذَلِكَ يَئُولُ إِلَى سَفْكِ الدِّمَاءِ بِغَيْرِ حَقٍّ. (فتح) - (ج 20 / ص 58)
(19)
الرِّبْقَةُ فِي الْأَصْلِ: عُرْوَةٌ فِي حَبْلٍ ، يُجْعَلُ فِي عُنُقِ الْبَهِيمَةِ أَوْ يَدِهَا ، تُمْسِكُهَا ، فَاسْتَعَارَهَا لِلْإِسْلَامِ، يَعْنِي: مَا شَدَّ الْمُسْلِمُ بِهِ نَفْسَهُ مِنْ عُرَى الْإِسْلَامِ ، أَيْ: حُدُودِهِ وَأَحْكَامِهِ ، وَأَوَامِرِهِ وَنَوَاهِيهِ. تحفة (7/ 183)
(20)
هذا إِيذَانٌ بِأَنَّ التَّمَسُّكَ بِالْجَمَاعَةِ وَعَدَمَ الْخُرُوجِ عَنْ زُمْرَتِهِمْ مِنْ شَأنِ الْمُؤْمِنِينَ ، وَالْخُرُوجَ مِنْ زُمْرَتِهِمْ مِنْ دَعْوَى الْجَاهِلِيَّةِ ، كَمَا قَالَ صلى الله عليه وسلم:" مَنْ خَلَعَ يَدًا مِنْ طَاعَةٍ ، لَقِيَ اللهَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا حُجَّةَ لَهُ، وَمَنْ مَاتَ وَلَيْسَ فِي عُنُقِهِ بَيْعَةٌ ، مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً " ، فَعَلَى هَذَا يَنْبَغِي أَنْ تُفَسَّرَ دَعْوَى الْجَاهِلِيَّةِ بِسُنَنِهَا عَلَى الْإِطْلَاقِ ، لِأَنَّهَا تَدْعُو إِلَيْهَا. تحفة الأحوذي (ج 7 / ص 183)
وَعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ رضي الله عنهما قَالَ: (غَزَوْنَا مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَقَدْ ثَابَ مَعَهُ نَاسٌ مِنْ الْمُهَاجِرِينَ حَتَّى كَثُرُوا ، وَكَانَ مِنْ الْمُهَاجِرِينَ رَجُلٌ لَعَّابٌ ، فَكَسَعَ أَنْصَارِيًّا ، فَغَضِبَ الْأَنْصَارِيُّ غَضَبًا شَدِيدًا حَتَّى تَدَاعَوْا ، فَقَالَ الْأَنْصَارِيُّ: يَا لَلْأَنْصَارِ ، وَقَالَ الْمُهَاجِرِيُّ: يَا لَلْمُهَاجِرِينَ)(فَسَمِعَ ذَلِكَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم)(فَخَرَجَ فَقَالَ:)(" مَا بَالُ دَعْوَى الْجَاهِلِيَّةِ؟)(دَعُوهَا فَإِنَّهَا مُنْتِنَةٌ ").
(21)
أَيْ: مِنْ جَمَاعَاتِ جَهَنَّمَ ، وجُثَى: جَمْعُ جُثْوَةٍ، كَخُطْوَةٍ ، وَخُطًى ، وَهِيَ الْحِجَارَةُ الْمَجْمُوعَةُ، وَرُوِيَ " مِنْ جُثِيِّ " بِتَشْدِيدِ الْيَاءِ ، جَمْعُ جَاثٍ ، مِنْ جَثَا عَلَى رُكْبَتَيْهِ ، وَقُرِئَ بِهِمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى:{وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيًّا} .فتح الباري (ج13ص 199)
(22)
(حم) 17833
(23)
(ت) 2863
(24)
(حم) 17833
(25)
(ت) 2863 ، صَحِيح الْجَامِع: 1724 ، صحيح الترغيب والترهيب: 552
(س حم)، وَعَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " عَلَيْكُمْ بِالْجَمَاعَةِ (1) فَإِنَّمَا يَأكُلُ الذِّئْبُ الْقَاصِيَةَ (2) "(3)
وفي رواية: " الشَّاذَّةَ "(4)
(1) أَيْ: اِلْزَمْهَا ، فَإِنَّ الشَّيْطَانَ بَعِيدٌ عَنْ الْجَمَاعَة ، وَيَسْتَوْلِي عَلَى مَنْ فَارَقَهَا. عون المعبود - (ج 2 / ص 66)
(2)
الْقَاصِيَة: الشَّاةُ الْمُنْفَرِدَةُ عَنْ الْقَطِيع ، الْبَعِيدَةِ عَنْهُ ، أَيْ أَنَّ الشَّيْطَانَ يَتَسَلَّطُ عَلَى الخَارِجِ عَنْ الْجَمَاعَةِ وَأَهْلِ السُّنَّة. شرح سنن النسائي (2/ 106)
(3)
(س) 847 ، (د) 547 ،صَحِيح التَّرْغِيبِ وَالتَّرْهِيب: 427 ، المشكاة: 1067
(4)
(حم) 27554 ، وقال الشيخ شعيب الأرناؤوط: إسناده حسن.
(حم)، وَعَنْ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " الْجَمَاعَةُ رَحْمَةٌ، وَالْفُرْقَةُ عَذَابٌ "(1)
(1)(حم) 18472 ، انظر صَحِيح الْجَامِع: 3109 ، الصحيحة: 667 ، صَحِيح التَّرْغِيبِ وَالتَّرْهِيب: 976
(خد)، وَعَنْ ثَوْبَانَ رضي الله عنه قَالَ:" قَالَ لِي رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: لَا تَسْكُنِ الْكُفُورَ (1) فَإِنَّ سَاكِنَ الْكُفُورِ كَسَاكِنِ الْقُبُورِ "(2)
(1) الْكُفُورُ: الْقُرَى.
(2)
(خد) 579 ، صَحِيح الْجَامِع: 7326 ، صحيح الأدب المفرد: 452
(خ حم)، وَعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه قَالَ:(" أَقْرَأَنِي رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم سُورَةَ الْأَحْقَافِ ، وَأَقْرَأَهَا رَجُلًا آخَرَ " ، فَخَالَفَنِي فِي آيَةٍ ، فَقُلْتُ لَهُ: مَنْ أَقْرَأَكَهَا؟ ، فَقَالَ: رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، فَأَتَيْتُهُ وَهُوَ فِي نَفَرٍ ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ ، أَلَمْ تُقْرِئْنِي آيَةَ كَذَا وَكَذَا؟ ، فَقَالَ: " بَلَى " ، فَقُلْتُ: فَإِنَّ هَذَا يَزْعُمُ أَنَّكَ أَقْرَأتَهَا إِيَّاهُ كَذَا وَكَذَا)(1)(" فَعَرَفْتُ فِي وَجْهِهِ الْكَرَاهِيَةَ)(2)(فَقَالَ: كِلَاكُمَا مُحْسِنٌ ، لَا تَخْتَلِفُوا)(3)(فَإِنَّمَا أَهْلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ الِاخْتِلَافُ ")(4)
الشرح (5)
(1)(حم) 3992 ، (خ) 2279 ، وقال شعيب الأرناءوط: إسناده حسن
(2)
(خ) 3289
(3)
(خ) 2279
(4)
(حم) 3981 ، ، (خ) 4775
(5)
فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَالَّذِي قَبْلَهُ الْحَضُّ عَلَى الْجَمَاعَةِ وَالْأُلْفَة ، وَالتَّحْذِيرِ مِنْ الْفُرْقَةِ وَالِاخْتِلَاف ، وَالنَّهْيِ عَنْ الْمِرَاءِ فِي الْقُرْآنِ بِغَيْرِ حَقٍّ، وَمِنْ شَرِّ ذَلِكَ: أَنْ تَظْهَرَ دِلَالَةُ الْآيَةِ عَلَى شَيْءٍ يُخَالِفُ الرَّأي ، فَيُتَوَسَّلُ بِالنَّظَرِ وَتَدْقِيقِهِ إِلَى تَأوِيلِهَا ، وَحَمْلِهَا عَلَى ذَلِكَ الرَّأي ، وَيَقَعُ اللِّجَاجُ فِي ذَلِكَ ، وَالْمُنَاضَلَة عَلَيْهِ. فتح الباري (ج 14 / ص 287)
(خ م د عب)، وَعَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ قَالَ:(صَلَّى بِنَا عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ رضي الله عنه بِمِنًى أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ ، فَقِيلَ ذَلِكَ لِعَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه فَاسْتَرْجَعَ ، ثُمَّ قَالَ: صَلَّيْتُ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِمِنًى رَكْعَتَيْنِ ، وَصَلَّيْتُ مَعَ أَبِي بَكْرٍ رضي الله عنه بِمِنًى رَكْعَتَيْنِ ، وَصَلَّيْتُ مَعَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنه بِمِنًى رَكْعَتَيْنِ)(1)(وَمَعَ عُثْمَانَ صَدْرًا مِنْ إِمَارَتِهِ)(2)(ثُمَّ تَفَرَّقَتْ بِكُمْ الطُّرُقُ ، فَلَوَدِدْتُ أَنْ لِي مِنْ أَرْبَعِ رَكَعَاتٍ ، رَكْعَتَيْنِ مُتَقَبَّلَتَيْنِ)(3)(ثُمَّ قَامَ فَصَلَّى أَرْبَعًا ، فَقِيلَ لَهُ: اسْتَرْجَعْتَ ثُمَّ صَلَّيْتَ أَرْبَعًا؟ ، قَالَ: الْخِلَافُ شَرٌّ)(4).
(1)(خ) 1034 ، (م) 19 - (695) ، (س) 1439 ، (حم) 3593
(2)
(د) 1960
(3)
(د) 1960 ، (خ) 1574 ، (م) 19 - (695) ، (حم) 4427
(4)
(عب) 4269 ، (د) 1960 ، (يع) 5377 ، (طس) 6637 ، انظر (صحيح أبي داود - الأم) 6/ 204 ، (أصل صفة صلاة النبي) 1/ 292
(خ) ، وَعَنْ أَيُّوبَ ، عَنْ ابْنِ سِيرِينَ ، عَنْ عَبِيدَةَ ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه قَالَ: اقْضُوا كَمَا كُنْتُمْ تَقْضُونَ ، فَإِنِّي أَكْرَهُ الِاخْتِلَافَ ، حَتَّى يَكُونَ لِلنَّاسِ جَمَاعَةٌ ، أَوْ أَمُوتَ كَمَا مَاتَ أَصْحَابِي ، فَكَانَ ابْنُ سِيرِينَ يَرَى أَنَّ عَامَّةَ مَا يُرْوَى عَنْ عَلِيٍّ الْكَذِبُ. (1)
(1)(خ) 3504 ، (الأموال لأبي عبيد) 850
(صم)، وَعَنْ بَشِيرِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ: شَيَّعْنَا (1) ابْنَ مَسْعُودٍ رضي الله عنه حِينَ خَرَجَ ، فَقُلْنَا لَهُ: اعْهَدْ إلَيْنَا ، فَإِنَّ النَّاسَ قَدْ وَقَعُوا فِي الْفِتَنِ ، وَلَا نَدْرِي هَلْ نَلْقَاك أَمْ لَا ، فَقَالَ: اتَّقُوا اللهَ وَاصْبِرُوا ، حَتَّى يَسْتَرِيحَ بَرٌّ ، أَوْ يُسْتَرَاحَ مِنْ فَاجِرٍ ، وَعَلَيْكُمْ بِالْجَمَاعَةِ ، فَإِنَّ اللهَ لَا يَجْمَعُ أُمَّةَ مُحَمَّدٍ عَلَى ضَلَالَةٍ. (2)
(1) التَّشْيِيعُ: الْخُرُوجُ مَعَ الْمُسَافِرِ لِتَوْدِيعِهِ. نيل الأوطار (12/ 54)
(2)
صححه الألباني في ظلال الجنة: 85
(صم)، وَعَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " إِنَّ اللهَ تَعَالَى قَدْ أَجَارَ أُمَّتِي أَنْ تَجْتَمِعَ عَلَى ضَلَالَةٍ (1) "(2)
(1)(الضلالة) أَيْ: الْكُفْر ، أَوْ الْفِسْق ، أَوْ الْخَطَأ فِي الِاجْتِهَاد ، وَهَذَا قَبْلَ مَجِيءِ الرِّيح. حاشية السندي على ابن ماجه - (ج 7 / ص 320)
وفِي الحديث أَنَّ إِجْمَاعَ أُمَّتِهِ صلى الله عليه وسلم حُجَّة، وَهُوَ مِنْ خَصَائِصهمْ. عون (9/ 293)
وَإِنَّمَا حَمَلَ الْأُمَّةَ عَلَى أُمَّةِ الْإِجَابَةِ ، لِمَا وَرَدَ أَنَّ السَّاعَةَ لَا تَقُومُ إِلَّا عَلَى الْكُفَّارِ ، فَالْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ اِجْتِمَاعَ الْمُسْلِمِينَ حَقٌّ ، وَالْمُرَادُ: إِجْمَاعُ الْعُلَمَاءِ ، وَلَا عِبْرَةَ بِإِجْمَاعِ الْعَوَامِّ ، لِأَنَّهُ لَا يَكُونُ عَنْ عِلْمٍ. تحفة (5/ 458)
قال أحد الدعاة: هذه الأمة إن لم يَجْمَعْهَا الحقُّ ، فَرَّقَها الباطل. ع
(2)
(صم) 79 ، (جة) 3590 ، (ت) 2167 ، صَحِيح الْجَامِع: 1786 ، الصَّحِيحَة: 1331 ، وظلال الجنة: 82
(صم)، وَعَنْ كَعْبِ بْنِ عَاصِمٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " إِنَّ اللهَ تَعَالَى قَدْ أَجَارَ أُمَّتِي مِنْ ثَلَاثٍ: لَا يَجُوعُوا، وَلَا يَجْتَمِعُوا عَلَى ضَلَالَةٍ، وَلَا يُسْتَبَاحُ بَيْضَةُ الْمُسْلِمِينَ (1) "(2)
(1) أَيْ: جَمَاعَتُهُمْ وَأَصْلُهُمْ، وَالْبَيْضَةُ أَيْضًا: الْعِزّ وَالْمُلْك. النووي (9/ 268)
وقَالَ الْجَزَرِيُّ فِي النِّهَايَةِ: أَيْ: مُجْتَمَعُهُمْ وَمَوْضِعُ سُلْطَانِهِمْ، وَمُسْتَقَرُّ دَعْوَتِهِمْ، وَبَيْضَةُ الدَّارِ: وَسَطُهَا وَمُعْظَمُهَا.
أَرَادَ عَدُوًّا يَسْتَأصِلُهُمْ وَيُهْلِكُهُمْ جَمِيعَهُمْ.
قِيلَ: أَرَادَ إِذَا أُهْلِكَ أَصْلُ الْبَيْضَةِ ، كَانَ هَلَاكُ كُلِّ مَا فِيهَا مِنْ طَعِمٍ أَوْ فَرْخٍ وَإِذَا لَمْ يَهْلِكْ أَصْلُ الْبَيْضَةِ ، سَلِمَ بَعْضُ فِرَاخِهَا. تحفة الأحوذي (5/ 468)
(2)
صححه الألباني في ظلال الجنة: 92
(ت)، وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " يَدُ اللهِ مَعَ الْجَمَاعَةِ (1) "(2)
(1) أَيْ أَنَّ سَكِينَتَهُ وَرَحْمَتَهُ مَعَ الْمُتَّفِقِينَ ، وَهُمْ بَعِيدٌ مِنْ الْخَوْفِ وَالْأَذَى وَالِاضْطِرَابِ، فَإِذَا تَفَرَّقُوا ، زَالَتْ السَّكِينَةُ ، وَأُوقِعَ بَأسُهُمْ بَيْنَهُمْ ، وَفَسَدَتْ الْأَحْوَالُ. تحفة الأحوذي - (ج 5 / ص 457)
(2)
(ت) 2166 ، (حب) 4577 ، انظر صَحِيح الْجَامِع: 3621 ، وقال الشيخ شعيب الأرنؤوط في (حب): إسناده صحيح
(ك)، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " يَدُ اللهِ عَلَى الْجَمَاعَةِ ، فَاتَّبِعُوا السَّوَادَ الْأَعْظَمَ، فَإِنَّهُ مَنْ شَذَّ شَذَّ فِي النَّارِ "(1)
(1)(ك) 391 ، 396 ، وقال الألباني في مقدمة الصحيحة (4/ك-ل): رواه ابن أبي عاصم في " السنَّة " ، وإسناده ضعيف كما بينتُه في ظلال الجنة رقم 80 ، ولكنه حسن بمجموع طرقه ، كما شرحته في الصحيحة: 1331 وغيرها ، وانظر (هداية الرواة):171. أ. هـ
(طب)، وَعَنْ سَلْمَانَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " الْبَرَكَةُ فِي ثَلَاثةٍ: فِي الْجَمَاعَةِ، وَالثَّرِيدِ (1) وَالسُّحُورِ "(2)
(1) الثريد: الطعام الذي يُصنع بخلط اللحم والخبز المفتَّت مع المَرَق ، وأحيانا يكون من غير اللحم.
(2)
(طب) ج6/ص251 ح6127 ، (هب) 7520 ، (فر) 2195 ، انظر صَحِيح الْجَامِع: 2882، الصَّحِيحَة: 1045
(حم)، وَعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه قَالَ: مَا رَأَى الْمُسْلِمُونَ حَسَنًا ، فَهُوَ عِنْدَ اللهِ حَسَنٌ ، وَمَا رَأَوْا سَيِّئًا فَهُوَ عِنْدَ اللهِ سَيِّئٌ. (1)
(1)(حم) 3600 ، حسنه الألباني في تخريج الطحاوية ص530 ، وقال الشيخ شعيب الأرنؤوط: إسناده حسن.
(خد م)، وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " إِنَّ اللهَ يَرْضَى لَكُمْ ثَلَاثًا ، وَيَكْرَهُ لَكُمْ ثَلَاثًا: فَيَرْضَى لَكُمْ أَنْ تَعْبُدُوهُ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا ، وَأَنْ تَعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا، وَأَنْ تَنْصَحُوا لِمَنْ وَلَّاهُ اللهُ أَمْرَكُمْ، وَيَكْرَهُ لَكُمْ: قِيلَ وَقَالَ (1) وَكَثْرَةَ السُّؤَالِ (2) وَإِضَاعَةِ الْمَالِ "(3)
الشرح (4)
(1) أَيْ: حِكَايَةُ أَقَاوِيلِ النَّاسِ ، وَالْبَحْثِ عَنْهَا ، فَيَقُول: قَالَ فُلَان كَذَا ، وَقِيلَ كَذَا، وَالنَّهْيُ عَنْهُ إِمَّا لِلزَّجْرِ عَنْ الِاسْتِكْثَارِ مِنْهُ، وَإِمَّا لِشَيْءٍ مَخْصُوص مِنْهُ ، وَهُوَ مَا يَكْرَهُهُ الْمَحْكِيّ عَنْهُ. فتح الباري (17/ 98)
(2)
اخْتُلِفَ فِي الْمُرَادِ مِنْهُ ، هَلْ هُوَ سُؤَالُ الْمَال، أَوْ السُّؤَالُ عَنْ الْمُشْكِلَاتِ وَالْمُعْضِلَات، أَوْ أَعَمُّ مِنْ ذَلِكَ؟ ، وَالْأَوْلَى حَمْلُهُ عَلَى الْعُمُوم وَقَدْ ذَهَبَ بَعْضُ الْعُلَمَاء إِلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ كَثْرَةُ سُؤَالِ إِنْسَانٍ بِعَيْنِهِ عَنْ تَفَاصِيلِ حَاله، فَإِنَّ ذَلِكَ مِمَّا يَكْرَهُهُ الْمَسْئُولُ غَالِبًا ، وَثَبَتَ عَنْ جَمْعٍ مِنْ السَّلَفِ كَرَاهَةُ تَكَلُّفِ الْمَسَائِلِ الَّتِي يَسْتَحِيلُ وُقُوعُهَا عَادَةً أَوْ يَنْدُرُ جِدًّا، وَإِنَّمَا كَرِهُوا ذَلِكَ لِمَا فِيهِ مِنْ التَّنَطُّعِ ، وَالْقَوْلِ بِالظَّنِّ، إِذْ لَا يَخْلُو صَاحِبُهُ مِنْ الْخَطَأ ، وَأَمَّا مَا تَقَدَّمَ فِي اللِّعَان ، فَكَرِهَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم الْمَسَائِلَ وَعَابَهَا، وَكَذَا فِي التَّفْسِيرِ فِي قَوْلِه تَعَالَى:{لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاء إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ} فَذَلِكَ خَاصٌّ بِزَمَانِ نُزُولِ الْوَحْي ، وَيُشِيرُ إِلَيْهِ حَدِيثُ " أَعْظَمُ النَّاسِ جُرْمًا عِنْدَ اللهِ ، مَنْ سَأَلَ عَنْ شَيْءٍ لَمْ يُحَرَّمْ ، فَحُرِّمَ مِنْ أَجْلِ مَسْأَلَتِه " ،
وَثَبَتَ أَيْضًا ذَمُّ السُّؤَالِ لِلْمَالِ ، وَمَدْحِ مَنْ لَا يُلْحِفُ فِيهِ ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى:{لَا يَسْأَلُونَ النَّاس إِلْحَافًا} .
وَفِي صَحِيح مُسْلِم " إِنَّ الْمَسْأَلَة لَا تَحِلّ إِلَّا لِثَلَاثَةٍ: لِذِي فَقْر مُدْقِع، أَوْ غُرْم مُفْظِع، أَوْ جَائِحَة "
وَفِي السُّنَن قَوْلُه صلى الله عليه وسلم لِابْنِ عَبَّاس: " إِذَا سَأَلْتَ فَاسْأَلْ اللهَ ".
وَقَدْ اِخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي ذَلِكَ، وَالْمَعْرُوفُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ أَنَّهُ جَائِز ، لِأَنَّهُ طَلَبٌ مُبَاحٌ ، فَأَشْبَهَ الْعَارِيَّة، وَحَمَلُوا الْأَحَادِيثَ الْوَارِدَةَ عَلَى مَنْ سَأَلَ مِنْ الزَّكَاةِ الْوَاجِبَةِ مِمَّنْ لَيْسَ مِنْ أَهْلِهَا، لَكِنْ قَالَ النَّوَوِيّ فِي " شَرْح مُسْلِم ": اِتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ عَلَى النَّهْيِ عَنْ السُّؤَالِ مِنْ غَيْرِ ضَرُورَة ، قَالَ: وَاخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِي سُؤَالِ الْقَادِرِ عَلَى الْكَسْبِ عَلَى وَجْهَيْنِ ، أَصَحُّهُمَا: التَّحْرِيمُ لِظَاهِرِ الْأَحَادِيث.
وَقَالَ الْفَاكِهَانِيّ: يُتَعَجَّبُ مِمَّنْ قَالَ بِكَرَاهَةِ السُّؤَالِ مُطْلَقًا ، مَعَ وُجُودِ السُّؤَال فِي عَصْر النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم ثُمَّ السَّلَفِ الصَّالِح مِنْ غَيْرِ نَكِير، فَالشَّارِعُ لَا يُقِرُّ عَلَى مَكْرُوه.
قُلْت: يَنْبَغِي حَمْلُ حَالِ أُولَئِكَ عَلَى السَّدَاد، وَأَنَّ السَّائِلَ مِنْهُمْ غَالِبًا مَا كَانَ يَسْأَلُ إِلَّا عِنْدَ الْحَاجَةِ الشَّدِيدَة.
وَفِي قَوْله: " مِنْ غَيْر نَكِير " نَظَر ، فَفِي الْأَحَادِيثِ الْكَثِيرَةِ الْوَارِدَةِ فِي ذَمِّ السُّؤَالِ كِفَايَةٌ فِي إِنْكَارِ ذَلِكَ. فتح الباري (ج 17 / ص 98)
(3)
(خد) 442 ، (م) 1715 ، صحيح الجامع: 1895 ، الصَّحِيحَة: 685
(4)
قَالَ الْجُمْهُور: إِنَّ الْمُرَادَ بِهِ: السَّرَفُ فِي إِنْفَاقِهِ، وَالْأَقْوَى أَنَّهُ مَا أُنْفِقَ فِي غَيْرِ وَجْهِهِ الْمَأذُونِ فِيهِ شَرْعًا ، سَوَاءٌ كَانَتْ دِينِيَّة أَوْ دُنْيَوِيَّة ، فَمَنَعَ مِنْهُ؛ لِأَنَّ الله تَعَالَى جَعَلَ الْمَالَ قِيَامًا لِمَصَالِح الْعِبَاد، وَفِي تَبْذِيرِهَا تَفْوِيتٌ تِلْكَ الْمَصَالِح، إِمَّا فِي حَقِّ مُضَيِّعهَا ، وَإِمَّا فِي حَقِّ غَيْره.
وَيُسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ كَثْرَةُ إِنْفَاقِهِ فِي وُجُوهِ الْبِرِّ لِتَحْصِيلِ ثَوَابِ الْآخِرَة ، مَا لَمْ يُفَوِّتْ حَقًّا أُخْرَوِيًّا أَهَمَّ مِنْهُ.
وَالْحَاصِل فِي كَثْرَة الْإِنْفَاقِ ثَلَاثَةُ أَوْجُه:
الْأَوَّل: إِنْفَاقُهُ فِي الْوُجُوهِ الْمَذْمُومَة شَرْعًا ، فَلَا شَكّ فِي مَنْعِه.
وَالثَّانِي: إِنْفَاقُهُ فِي الْوُجُوهِ الْمَحْمُودَة شَرْعًا ، فَلَا شَكَّ فِي كَوْنِه مَطْلُوبًا بِالشَّرْطِ الْمَذْكُور.
وَالثَّالِث: إِنْفَاقُه فِي الْمُبَاحَاتِ بِالْأَصَالَةِ ، كَمَلَاذِّ النَّفْس، فَهَذَا يَنْقَسِمُ إِلَى قِسْمَيْنِ: أَحَدهمَا: أَنْ يَكُونَ عَلَى وَجْهٍ يَلِيق بِحَالِ الْمُنْفِقِ ، وَبِقَدْرِ مَالِه، فَهَذَا لَيْسَ بِإِسْرَافٍ.
وَالثَّانِي: مَا لَا يَلِيقُ بِهِ عُرْفًا، وَهُوَ يَنْقَسِمُ أَيْضًا إِلَى قِسْمَيْنِ:
أَحَدهمَا: مَا يَكُونُ لِدَفْعِ مَفْسَدَةٍ، إِمَّا نَاجِزَةٍ ، أَوْ مُتَوَقَّعَة، فَهَذَا لَيْسَ بِإِسْرَافٍ.
وَالثَّانِي: مَا لَا يَكُونُ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ ، فَالْجُمْهُورُ عَلَى أَنَّهُ إِسْرَاف. وَجَزَمَ الْبَاجِيّ مِنْ الْمَالِكِيَّة بِمَنْعِ اِسْتِيعَابِ جَمِيعِ الْمَالِ بِالصَّدَقَةِ ، قَالَ:
وَيُكْرَهُ كَثْرَةُ إِنْفَاقِهِ فِي مَصَالِحِ الدُّنْيَا، وَلَا بَأسَ بِهِ إِذَا وَقَعَ نَادِرًا لِحَادِثٍ يَحْدُث ، كَضَيْفٍ ، أَوْ عِيدٍ ، أَوْ وَلِيمَة.
وَمِمَّا لَا خِلَافَ فِي كَرَاهَتِهِ: مُجَاوَزَةُ الْحَدِّ فِي الْإِنْفَاقِ عَلَى الْبِنَاءِ زِيَادَةً عَلَى قَدْر الْحَاجَة، وَلَا سِيَّمَا إِنْ أَضَافَ إِلَى ذَلِكَ الْمُبَالَغَةَ فِي الزَّخْرَفَة ، وَأَمَّا إِضَاعَةُ الْمَالِ فِي الْمَعْصِيَة ، فَلَا يَخْتَصُّ بِارْتِكَابِ الْفَوَاحِش، بَلْ يَدْخُلُ فِيهَا سُوءُ الْقِيَامِ عَلَى الرَّقِيقِ وَالْبَهَائِمِ حَتَّى يَهْلِكُوا، وَدَفْعِ مَالِ مَنْ لَمْ يُؤْنَسْ مِنْهُ الرُّشْدُ إِلَيْهِ، وَقَسْمُهُ مَا لَا يُنْتَفَعُ بِجُزْئِهِ ، كَالْجَوْهَرَةِ النَّفِيسَة.
فَظَاهِرُ قَوْله تَعَالَى: {وَاَلَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا ، وَكَانَ بَيْن ذَلِكَ قَوَامًا} أَنَّ الزَّائِدَ الَّذِي لَا يَلِيقُ بِحَالِ الْمُنْفِقِ إِسْرَافٌ.
قَالَ الطِّيبِيُّ: هَذَا الْحَدِيثُ أَصْلٌ فِي مَعْرِفَةِ حُسْنِ الْخُلُق، فَقَدْ تَتَبَّعَ جَمِيعَ الْأَخْلَاقِ الْحَمِيدَة ، وَالْخِلَالَ الْجَمِيلَة. فتح الباري (ج 17 / ص 98)
(خ م س)، وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: (" مَنْ أَطَاعَنِي فَقَدْ أَطَاعَ اللهَ (1) وَمَنْ عَصَانِي فَقَدْ عَصَى اللهَ، وَمَنْ أَطَاعَ الْأَمِيرَ فَقَدْ أَطَاعَنِي، وَمَنْ عَصَى الْأَمِيرَ فَقَدْ عَصَانِي (2) وَإِنَّمَا الْإِمَامُ جُنَّةٌ (3) يُقَاتَلُ مِنْ وَرَائِهِ (4) وَيُتَّقَى بِهِ (5) فَإِنْ أَمَرَ بِتَقْوَى اللهِ وَعَدَلَ) (6)(كَانَ لَهُ بِذَلِكَ أَجْرٌ (7)) (8)(وَإِنْ أَمَرَ بِغَيْرِ ذَلِكَ ، فَإِنَّ عَلَيْهِ وِزْرًا ")(9)
(1) هَذِهِ الْجُمْلَة مُنْتَزَعَةٌ مِنْ قَوْله تَعَالَى {مَنْ يُطِعْ الرَّسُول فَقَدْ أَطَاعَ الله} أَيْ: لِأَنِّي لَا آمُرُ إِلَّا بِمَا أَمَرَ الله بِهِ، فَمَنْ فَعَلَ مَا آمُرهُ بِهِ ، فَإِنَّمَا أَطَاعَ مَنْ أَمَرَنِي أَنْ آمُرهُ.
وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُون الْمَعْنَى: لِأَنَّ اللهَ أَمَرَ بِطَاعَتِي ، فَمَنْ أَطَاعَنِي فَقَدْ أَطَاعَ أَمْرَ اللهِ لَهُ بِطَاعَتِي، وَفِي الْمَعْصِيَةِ كَذَلِكَ.
وَالطَّاعَةُ: هِيَ الْإِتْيَانُ بِالْمَأمُورِ بِهِ ، وَالِانْتِهَاءُ عَنْ الْمَنْهِيّ عَنْهُ، وَالْعِصْيَانُ بِخِلَافِهِ. فتح الباري (ج 20 / ص 152)
(2)
كُلُّ مَنْ يَأمُرُ بِحَقٍّ ، وَكَانَ عَادِلًا ، فَهُوَ أَمِيرُ الشَّارِع ، لِأَنَّهُ تَوَلَّى بِأَمْرِهِ وَبِشَرِيعَتِهِ، وَيُؤَيِّدُهُ تَوْحِيدُ الْجَوَابِ فِي الْأَمْرَيْنِ ، وَهُوَ قَوْلُه " فَقَدْ أَطَاعَنِي " أَيْ: عَمِلَ بِمَا شَرَعْتُه، وَوَقَعَ عِنْد أَحْمَد وَأَبِي يَعْلَى وَالطَّبَرَانِيِّ مِنْ حَدِيث اِبْن عُمَر قَالَ:" كَانَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فِي نَفَرٍ مِنْ أَصْحَابه ، فَقَالَ: أَلَسْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنَّ مَنْ أَطَاعَنِي فَقَدْ أَطَاعَ الله ، وَإِنَّ مِنْ طَاعَةِ الله طَاعَتِي؟ ، قَالُوا: بَلَى نَشْهَد، قَالَ: فَإِنَّ مِنْ طَاعَتِي أَنْ تُطِيعُوا أُمَرَاءَكُمْ ".
وَالْحِكْمَةُ فِي الْأَمْرِ بِطَاعَتِهِمْ ، الْمُحَافَظَةُ عَلَى اِتِّفَاقِ الْكَلِمَة ، لِمَا فِي الِافْتِرَاقِ مِنْ الْفَسَاد. فتح الباري (ج 20 / ص 152)
(3)
أَيْ: سُتْرَة، لِأَنَّهُ يَمْنَعُ الْعَدُوّ مِنْ أَذَى الْمُسْلِمِينَ ، وَيَكُفُّ أَذَى بَعْضِهِمْ عَنْ بَعْض، وَالْمُرَادُ بِالْإِمَامِ: كُلُّ قَائِمٍ بِأُمُورِ النَّاس. فتح (9/ 134)
(4)
أَيْ: يُقَاتَلُ مَعَهُ الْكُفَّارُ وَالْبُغَاةُ وَالْخَوَارِج ، وَسَائِرُ أَهْلِ الْفَسَادِ وَالظُّلْمِ مُطْلَقًا. شرح النووي على مسلم (ج6 ص 315)
وَقَالَ الْقُرْطُبِيّ: " أَمَامَهُ " ، وَ " وَرَاءَهُ " مِنْ الْأَضْدَاد ، يُقَال بِمَعْنَى خَلْف ، وَبِمَعْنَى أَمَام.
وَقَدْ تَضَمَّنَ هَذَا اللَّفْظُ عَلَى إِيجَازِه أَمْرَيْنِ: أَنَّ الْإِمَامَ يُقْتَدَى بِرَأيِهِ ، وَيُقَاتَلُ بَيْن يَدَيْهِ. شرح سنن النسائي - (ج 5 / ص 488)
(5)
أَيْ: يُلْتَجَأُ إِلَيْهِ مَنْ شَرِّ الْعَدُوِّ وَأَهْلِ الْفَسَادِ وَالظُّلْم. شرح سنن النسائي (ج 5 / ص 488)
(6)
(خ) 2797 ، (م) 1835
(7)
أَيْ: أَجْرٌ عَظِيمٌ ، فَالتَّنْكِير فِيهِ لِلتَّعْظِيمِ. شرح سنن النسائي (5/ 488)
(8)
(م) 1841
(9)
(س) 4196 ، (خ) 2797 ، (م) 1841
(حم)، وَعَنْ رِبْعِيِّ بْنِ حِرَاشٍ قَالَ: انْطَلَقْتُ إِلَى حُذَيْفَةَ رضي الله عنه بِالْمَدَائِنِ لَيَالِيَ سَارَ النَّاسُ إِلَى عُثْمَانَ ، فَقَالَ: يَا رِبْعِيُّ ، مَا فَعَلَ قَوْمُكَ؟ ، قُلْتُ: عَنْ أَيِّ بَالِهِمْ تَسْأَلُ؟ قَالَ: مَنْ خَرَجَ مِنْهُمْ إِلَى هَذَا الرَّجُلِ؟ ، فَسَمَّيْتُ رِجَالًا فِيمَنْ خَرَجَ إِلَيْهِ ، فَقَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: " مَنْ فَارَقَ الْجَمَاعَةَ ، وَاسْتَذَلَّ الْإِمَارَةَ ، لَقِي اللهِ عز وجل وَلَا وَجْهَ لَهُ عِنْدَهُ (1) "(2)
(1) أَيْ: لَا حُجَّةَ لَهُ فِي فِعْلِه، وَلَا عُذْرَ لَهُ يَنْفَعُهُ. النووي (6/ 323)
(2)
(حم) 23331، (ك) 409 ، وقال شعيب الأرناؤوط: إسناده حسن
(م)، وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " مَنْ خَرَجَ مِنْ الطَّاعَةِ ، وَفَارَقَ الْجَمَاعَةَ ، ثُمَّ مَاتَ، مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً (1) "(2)
(1) فِي الْحَدِيثِ حُجَّةٌ فِي تَرْكِ الْخُرُوجِ عَلَى السُّلْطَانِ وَلَوْ جَارَ، وَقَدْ أَجْمَعَ الْفُقَهَاءُ عَلَى وُجُوبِ طَاعَةِ السُّلْطَانِ الْمُتَغَلِّبِ ، وَالْجِهَادِ مَعَهُ ، وَأَنَّ طَاعَتَهُ خَيْرٌ مِنْ الْخُرُوجِ عَلَيْهِ ، لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ حَقْنِ الدِّمَاءِ ، وَتَسْكِينِ الدَّهْمَاء، وَحُجَّتُهُمْ هَذَا الْخَبَرُ وَغَيْرُه مِمَّا يُسَاعِدُهُ.
وَلَمْ يَسْتَثْنُوا مِنْ ذَلِكَ إِلَّا إِذَا وَقَعَ مِنْ السُّلْطَانِ الْكُفْرُ الصَّرِيح ، فَلَا تَجُوزُ طَاعَتُهُ فِي ذَلِكَ ، بَلْ تَجِبُ مُجَاهَدَتُهُ لِمَنْ قَدَرَ عَلَيْهَا. فتح (20/ 58)
(2)
(م) 1848 ، (س) 4114
(حب)، وَعَنْ مُعَاوِيَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " مَنْ مَاتَ وَلَيْسَ لَهُ إِمَامٌ ، مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً (1) "(2)
(1) الْمُرَاد بِالْمِيتَةِ الْجَاهِلِيَّة: حَالَةُ الْمَوْت ، كَمَوْتِ أَهْلِ الْجَاهِلِيَّةِ عَلَى ضَلَال ، وَلَيْسَ لَهُ إِمَامٌ مُطَاع، لِأَنَّهُمْ كَانُوا لَا يَعْرِفُونَ ذَلِكَ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُ يَمُوتُ كَافِرًا ، بَلْ يَمُوتُ عَاصِيًا.
وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ التَّشْبِيهُ عَلَى ظَاهِرِه ، وَمَعْنَاهُ أَنَّهُ يَمُوتُ مِثْلَ مَوْتِ الْجَاهِلِيّ ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ هُوَ جَاهِلِيًّا.
أَوْ أَنَّ ذَلِكَ وَرَدَ مَوْرِد الزَّجْرِ وَالتَّنْفِيرِ ، وَظَاهِرُهُ غَيْر مُرَاد. فتح (20/ 58)
(2)
(حب) 4573 ، (يع) 7375 ، (حم) 16922 ، (طس) 5820 ، حسنه الألباني في ظلال الجنة: 1057، صحيح موارد الظمآن: 1288 وقال الشيخ شعيب الأرناؤوط: صحيح.
(تمام)، وَعَنْ سَعْدِ بْنِ تَمِيمَ رضي الله عنه قَالَ: قِيلَ: يَا رَسُولَ اللهِ ، مَا لِلْخَلِيفَةِ مِنْ بَعْدِكَ؟ ، قَالَ:" مِثْلُ الَّذِي لِيَ (1) إِذَا عَدَلَ فِي الْحُكْمِ ، وَقَسَطَ فِي الْبَسْطِ (2) وَرَحِمَ ذَا الرَّحِمِ فَخَفَّفَ، فَمَنْ فَعَلَ غَيْرَ ذَلِكَ ، فَلَيْسَ مِنِّي ، وَلَسْتُ مِنْهُ "(3)
(1) يُرِيدُ أنَّ لَهُ الطَّاعَةَ فِي الطَّاعَةِ، وَالْمَعْصِيَةَ فِي الْمَعْصِيَةِ.
(2)
أَيْ: عَدَل في العطايا.
(3)
أخرجه البخاري في " التاريخ الكبير "(2/ 2 / 37) ، وتمام في " الفوائد "(ق 175/ 1) ، والسهمي في " تاريخ جرجان "(ص 450 - 451) ، وابن عساكر في " تاريخ دمشق " (3/ 238 / 1
و10/ 24 / 2 و 11/ 37 / 2) والسياق لتمام ، وصححه الألباني في الإرواء تحت حديث: 1241
(خ م)، وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: (" ثَلَاثَةٌ لَا يُكَلِّمُهُمُ اللهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، وَلَا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ، وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ)(1)(رَجُلٌ كَانَ لَهُ فَضْلُ مَاءٍ (2) بِالطَّرِيقِ) (3)(يَمْنَعُ مِنْهُ ابْنَ السَّبِيلِ (4)) (5)(فَيَقُولُ اللهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ: الْيَوْمَ أَمْنَعُكَ فَضْلِي كَمَا مَنَعْتَ فَضْلَ مَا لَمْ تَعْمَلْ يَدَاكَ (6)) (7)(وَرَجُلٌ سَاوَمَ رَجُلًا بِسِلْعَةٍ بَعْدَ الْعَصْرِ)(8)(فَحَلَفَ لَهُ بِاللهِ)(9)(وَهُوَ كَاذِبٌ)(10)(لَأَخَذَهَا بِكَذَا وَكَذَا)(11) وفي رواية: (أُعْطِيتُ بِهَا (12) كَذَا وَكَذَا) (13)(فَصَدَّقَهُ الرَّجُلُ)(14)(فَأَخَذَهَا (15)) (16) وفي رواية: (وَرَجُلٌ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ كَاذِبَةٍ بَعْدَ الْعَصْرِ (17) لِيَقْتَطِعَ بِهَا مَالَ رَجُلٍ مُسْلِمٍ) (18)(ثُمَّ قَرَأَ هَذِهِ الْآية: {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا أُولَئِكَ لَا خَلَاقَ لَهُمْ (19) فِي الْآخِرَةِ ، وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللهُ ، وَلَا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} (20) وَرَجُلٌ بَايَعَ إِمَامًا (21) لَا يُبَايِعُهُ إِلَّا لِدُنْيَا) (22)(فَإِنْ أَعْطَاهُ مِنْهَا)(23)(مَا يُرِيدُ)(24)(وَفَى لَهُ (25) وَإِنْ لَمْ يُعْطِهِ مِنْهَا ، لَمْ يَفِ لَهُ (26)) (27)
وفي رواية: " فَإِنْ أَعْطَاهُ مِنْهَا رَضِيَ، وَإِنْ لَمْ يُعْطِهِ مِنْهَا سَخِطَ"(28)
(1)(م) 108 ، (خ) 2230
(2)
أَيْ: زَائِدًا عَنْ حَاجَته. عون المعبود - (ج 7 / ص 468)
(3)
(خ) 2230
(4)
لَا شَكَّ فِي غِلَظِ تَحْرِيمِ مَا فَعَلَ، وَشِدَّةِ قُبْحِهِ ، فَإِذَا كَانَ مَنْ يَمْنَعُ الْمَاشِيَةَ فَضْلَ الْمَاءِ عَاصِيًا ، فَكَيْفَ بِمَنْ يَمْنَعُهُ الْآدَمِيَّ الْمُحْتَرَم؟ ،
أمَّا إن كَانَ اِبْنُ السَّبِيلِ غَيْرَ مُحْتَرَمٍ ، كَالْحَرْبِيِّ وَالْمُرْتَدِّ ، لَمْ يَجِبْ بَذْلُ الْمَاءِ لَهُما. النووي (ج 1 / ص 220)
(5)
(خ) 2527
(6)
الْمُعَاقَبَة وَقَعَتْ عَلَى مَنْعِهِ الْفَضْلَ ، فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ أَحَقُّ بِالْأَصْلِ، وَيُؤْخَذُ أَيْضًا مِنْ قَوْله:" مَا لَمْ تَعْمَلْ يَدَاك " فَإِنَّ مَفْهُومَهُ أَنَّهُ لَوْ عَالَجَهُ ، لَكَانَ أَحَقَّ بِهِ مِنْ غَيْره.
وَحَكَى اِبْن التِّين عَنْ أَبِي عَبْد الْمَلِك أَنَّهُ قَالَ: هَذَا يَخْفَى مَعْنَاهُ، وَلَعَلَّهُ يُرِيدُ أَنَّ الْبِئْرَ لَيْسَتْ مِنْ حَفْرِه ، وَإِنَّمَا هُوَ فِي مَنْعِهِ غَاصِبٌ ظَالِمٌ، وَهَذَا لَا يَرِدُ فِيمَا حَازَهُ وَعَمِلَهُ.
قَالَ: وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ هُوَ حَفَرَهَا ، وَمَنَعَهَا مِنْ صَاحِب الشَّفَة ، أَيْ: الْعَطْشَان، وَيَكُون مَعْنَى " مَا لَمْ تَعْمَلْ يَدَاك " أَيْ: لَمْ تُنْبِعْ الْمَاءَ ، وَلَا أَخْرَجْتَهُ. فتح الباري (ج7ص231)
(7)
(خ) 7008
(8)
(خ) 2527
(9)
(م) 108
(10)
(خ) 2240
(11)
(م) 108
(12)
أَيْ: بِالسِّلْعَةِ. عون المعبود - (ج 7 / ص 468)
(13)
أَيْ: مِنْ الثَّمَن. عون المعبود - (ج 7 / ص 468)
(14)
(خ) 2230
(15)
أَيْ: اِشْتَرَى السِّلْعَة بِالثَّمَنِ الَّذِي حَلَفَ الْبَائَعُ أَنَّهُ أُعْطِيه ، اِعْتِمَادًا عَلَى حَلْفِه. عون المعبود - (ج 7 / ص 468)
(16)
(خ) 6786
(17)
خَصَّ وَقْتَ الْعَصْرِ بِتَعْظِيمِ الْإِثْمِ فِيهِ - وَإِنْ كَانَتْ الْيَمِينُ الْفَاجِرَةُ مُحَرَّمَةٌ فِي كُلِّ وَقْت - لِأَنَّ اللهَ عَظَّمَ شَأنَ هَذَا الْوَقْت ، بِأَنْ جَعَلَ الْمَلَائِكَةَ تَجْتَمِعُ فِيهِ ، وَهُوَ وَقْتُ خِتَامِ الْأَعْمَالِ، وَالْأُمُورُ بِخَوَاتِيمِهَا، وَكَانَ السَّلَفُ يَحْلِفُونَ بَعْدَ الْعَصْر. فتح الباري (ج 20 / ص 253)
(18)
(خ) 2240 ، (م) 108
(19)
أَيْ: لَا نَصِيبَ لهم.
(20)
[آل عمران/77]
(21)
أَيْ: عَاهَدَ الْإِمَامَ الْأَعْظَم. عون المعبود - (ج 7 / ص 468)
(22)
(خ) 2240
(23)
(م) 108 ، (خ) 2527
(24)
(خ) 2527
(25)
أَيْ: مَا عَلَيْهِ مِنْ الطَّاعَة ، مَعَ أَنَّ الْوَفَاءَ وَاجِبٌ عَلَيْهِ مُطْلَقًا. شرح سنن النسائي - (ج 6 / ص 143)
(26)
فِي الْحَدِيث وَعِيدٌ شَدِيدٌ فِي نَكْثِ الْبَيْعَةِ ، وَالْخُرُوجِ عَلَى الْإِمَام ، لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ تَفَرُّقِ الْكَلِمَة، وَلِمَا فِي الْوَفَاءِ مِنْ تَحْصِينِ الْفُرُوجِ وَالْأَمْوَالِ ، وَحَقْنِ الدِّمَاء، وَالْأَصْلُ فِي مُبَايَعَةِ الْإِمَامِ: أَنْ يُبَايِعَهُ عَلَى أَنْ يَعْمَلَ بِالْحَقِّ وَيُقِيمَ الْحُدُودَ ، وَيَأمُرَ بِالْمَعْرُوفِ ، وَيَنْهَى عَنْ الْمُنْكَرِ، فَمَنْ جَعَلَ مُبَايَعَتَهُ لِمَالٍ يُعْطَاهُ ، دُونَ مُلَاحَظَةِ الْمَقْصُودِ فِي الْأَصْلِ ، فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَانًا مُبِينًا ، وَدَخَلَ فِي الْوَعِيد الْمَذْكُور ، وَحَاقَ بِهِ إِنْ لَمْ يَتَجَاوَزْ اللهُ عَنْهُ.
وَفِيهِ أَنَّ كُلَّ عَمَلٍ لَا يُقْصَدُ بِهِ وَجْهُ اللهِ ، وَأُرِيدَ بِهِ عَرَضُ الدُّنْيَا ، فَهُوَ فَاسِدٌ وَصَاحِبُهُ آثِمٌ. فتح الباري (ج 20 / ص 253)
(27)
(م) 108 ، (خ) 2527
(28)
(خ) 2240
(خ م)، وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: (" مَنْ رَأَى مِنْ أَمِيرِهِ شَيْئًا يَكْرَهُهُ فَلْيَصْبِرْ)(1)(فَإِنَّهُ لَيْسَ أَحَدٌ مِنْ النَّاسِ خَرَجَ مِنْ السُّلْطَانِ شِبْرًا فَمَاتَ عَلَيْهِ ، إِلَّا مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّة (2) ") (3)
(1)(خ) 6724
(2)
فِي الْحَدِيث حُجَّةٌ فِي تَرْكِ الْخُرُوجِ عَلَى السُّلْطَانِ وَلَوْ جَارَ، وَقَدْ أَجْمَعَ الْفُقَهَاءُ عَلَى وُجُوبِ طَاعَةِ السُّلْطَانِ الْمُتَغَلِّبِ ، وَالْجِهَاد مَعَهُ ، وَأَنَّ طَاعَتَهُ خَيْرٌ مِنْ الْخُرُوج عَلَيْهِ ، لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ حَقْنِ الدِّمَاء ، وَتَسْكِين الدَّهْمَاء، وَحُجَّتُهُمْ هَذَا الْخَبَرُ وَغَيْرُهُ مِمَّا يُسَاعِدُهُ، وَلَمْ يَسْتَثْنُوا مِنْ ذَلِكَ إِلَّا إِذَا وَقَعَ مِنْ السُّلْطَان الْكُفْرُ الصَّرِيح ، فَلَا تَجُوزُ طَاعَتُهُ فِي ذَلِكَ، بَلْ تَجِبُ مُجَاهَدَتُهُ لِمَنْ قَدَرَ عَلَيْهَا. (فتح) - (ج 20 / ص 58)
(3)
(م) 1849
(د)، وَعَنْ أَبِي ذَرٍّ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " مَنْ فَارَقَ الْجَمَاعَةَ شِبْرًا، فَقَدْ خَلَعَ رِبْقَةَ الْإِسْلَامِ مِنْ عُنُقِهِ (1) "(2)
(1) الرِّبْقَة: مَا يُجْعَل فِي عُنُق الدَّابَّة كَالطَّوْقِ ، يُمْسِكُهَا لِئَلَّا تَشْرُد.
يَقُول: مَنْ خَرَجَ مِنْ طَاعَةِ إِمَامِ الْجَمَاعَة ، أَوْ فَارَقَهُمْ فِي الْأَمْرِ الْمُجْتَمَعِ عَلَيْهِ ، فَقَدْ ضَلَّ وَهَلَكَ ، وَكَانَ كَالدَّابَّةِ إِذَا خَلَعَتْ الرِّبْقَةَ الَّتِي هِيَ مَحْفُوظَةٌ بِهَا ، فَإِنَّهَا لَا يُؤْمَنُ عَلَيْهَا عِنْدَ ذَلِكَ الْهَلَاكِ وَالضَّيَاع. عون (10/ 280)
(2)
(د) 4758 ، صَحِيح الْجَامِع: 6410 ، المشكاة: 185
(م)، وَعَنْ نَافِعٍ قَالَ: جَاءَ عَبْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ رضي الله عنهما إِلَى عَبْدِ اللهِ بْنِ مُطِيعٍ حِينَ كَانَ مِنْ أَمْرِ الْحَرَّةِ مَا كَانَ زَمَنَ يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ (1) فَقَالَ: قَرِّبُوا إِلَى أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ وِسَادَةً، فَقَالَ: إِنِّي لَمْ آتِكَ لِأَجْلِسَ ، إِنَّمَا أَتَيْتُكَ لِأُحَدِّثَكَ حَدِيثًا سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُهُ ، سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:" مَنْ خَلَعَ يَدًا مِنْ طَاعَةٍ ، لَقِي اللهَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لَا حُجَّةَ لَهُ (2) وَمَنْ مَاتَ وَلَيْسَ فِي عُنُقِهِ بَيْعَةٌ مَنْ مَاتَ مُفَارِقًا لِلْجَمَاعَةِ "(3)
وفي رواية: "مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً "(4)
(1) كَانَتْ وَقْعَة الْحَرَّة فِي سَنَة ثَلَاث وَسِتِّينَ، وَسَبَبُهَا أَنَّ أَهْل الْمَدِينَة خَلَعُوا بَيْعَة يَزِيد بْنِ مُعَاوِيَة لَمَّا بَلَغَهُمْ مَا يَتَعَمَّدُهُ مِنْ الْفَسَاد ، فَأَمَّرَ الْأَنْصَارُ عَلَيْهِمْ عَبْدَ اللهِ بْن حَنْظَلَة بْن أَبِي عَامِر ، وَأَمَّرَ الْمُهَاجِرُونَ عَلَيْهِمْ عَبْدَ اللهِ بْن مُطِيع الْعَدَوِيَّ ، وَأَرْسَلَ إِلَيْهِمْ يَزِيدُ بْن مُعَاوِيَة مُسْلِمَ بْن عَقَبَة الْمُرِّيّ فِي جَيْشٍ كَثِير ، فَهَزَمَهُمْ ، وَاسْتَبَاحُوا الْمَدِينَة ، وَقَتَلُوا اِبْن حَنْظَلَة ، وَقُتِلَ مِنْ الْأَنْصَارِ شَيْءٌ كَثِير جِدًّا. (فتح) - (ج 14 / ص 21)
(2)
أَيْ: لَا حُجَّةَ لَهُ فِي فِعْلِه، وَلَا عُذْرَ لَهُ يَنْفَعهُ. النووي (6/ 323)
(3)
(حم) 5386 ، وقال الشيخ شعيب الأرناءوط: إسناده حسن.
(4)
(م) 1851
(م س حم)، وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: (" مَنْ خَرَجَ مِنْ أُمَّتِي عَلَى أُمَّتِي بِسَيْفِهِ ، يَضْرِبُ بَرَّهَا وَفَاجِرَهَا، وَلَا يَتَحَاشَى (1) مِنْ مُؤْمِنِهَا) (2)(وَلَا يَفِي (3) لِذِي عَهْدِهَا) (4)(بِعَهْدِهِ (5)) (6)(فَلَيْسَ مِنِّي وَلَسْتُ مِنْهُ ")(7)
وفي رواية: " فَلَيْسَ مِنْ أُمَّتِي "(8)
(1) أَيْ: لَا يَكْتَرِث بِمَا يَفْعَلُهُ ، وَلَا يَخَافُ وَبَالَه وَعُقُوبَتَه. النووي (6/ 322)
(2)
(م) 1848
(3)
أَيْ: لا يلتزم بما تعهَّد به ، ولا يؤدِّيه.
(4)
(س) 4114 ، (م) 1848
(5)
أَيْ: لَا يَفِي لِذِمِّيٍّ ذِمَّتَه.
(6)
(حم) 8047 ، وقال الشيخ شعيب الأرناءوط: إسناده صحيح.
(7)
(حم) 7931 ، (م) 1848 ، وقال شعيب الأرناءوط: إسناده صحيح
(8)
(حم) 8047
(خ م)،وَعَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " مَنْ حَمَلَ عَلَيْنَا السِّلَاحَ (1) فَلَيْسَ مِنَّا (2) "(3)
(1) أَيْ: حَمَلَ السِّلَاحَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ لِقِتَالِهِمْ بِهِ بِغَيْرِ حَقّ ، لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ تَخْوِيفِهِمْ ، وَإِدْخَالِ الرُّعْبِ عَلَيْهِمْ، وَكَأَنَّهُ كَنَّى بِالْحَمْلِ عَنْ الْمُقَاتَلَة أَوْ الْقَتْل ، لِلْمُلَازَمَةِ الْغَالِبَة. (فتح) - (ج 20 / ص 74)
(2)
أَيْ: لَيْسَ عَلَى طَرِيقَتنَا، أَوْ لَيْسَ مُتَّبِعًا لِطَرِيقَتِنَا، لِأَنَّ مِنْ حَقِّ الْمُسْلِم عَلَى الْمُسْلِمِ أَنْ يَنْصُرَهُ وَيُقَاتِلَ دُونَهُ ، لَا أَنْ يُرْعِبَهُ بِحَمْلِ السِّلَاحِ عَلَيْهِ ، لِإِرَادَةِ قِتَالِهِ أَوْ قَتْلِه ، وَهَذَا فِي حَقِّ مَنْ لَا يَسْتَحِلُّ ذَلِكَ، فَأَمَّا مَنْ يَسْتَحِلُّهُ ، فَإِنَّهُ يَكْفُرُ بِاسْتِحْلَالِ الْمُحَرَّم ، لَا بمُجَرَّدِ حَمْلِ السِّلَاح.
وَالْأَوْلَى عِنْدَ كَثِيرٍ مِنْ السَّلَفِ إِطْلَاقُ لَفْظِ الْخَبَرِ مِنْ غَيْرِ تَعَرُّضٍ لِتَأوِيلِهِ ، لِيَكُونَ أَبْلَغَ فِي الزَّجْر، وَكَانَ سُفْيَانُ بْن عُيَيْنَةَ يُنْكِرُ عَلَى مَنْ يَصْرِفُهُ عَنْ ظَاهِرِه ، فَيَقُولُ مَعْنَاهُ لَيْسَ عَلَى طَرِيقَتنَا، وَيَرَى أَنَّ الْإِمْسَاكَ عَنْ تَأوِيلِهِ أَوْلَى ، لِمَا ذَكَرْنَاهُ.
وَالْوَعِيدُ الْمَذْكُورُ لَا يَتَنَاوَلُ مَنْ قَاتَلَ الْبُغَاةَ مِنْ أَهْلِ الْحَقّ ، فَيُحْمَلُ عَلَى الْبُغَاةِ ، وَعَلَى مَنْ بَدَأَ بِالْقِتَالِ ظَالِمًا. (فتح) - (ج 20 / ص 74)
(3)
(خ) 6480 ، (م) 101
(ت جة حب)، وَعَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ رضي الله عنه قَالَ:(خَطَبَنَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رضي الله عنه بِالْجَابِيَةِ، فَقَالَ: " إِنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَامَ فِينَا مِثْلَ مُقَامِي فِيكُمْ، فَقَالَ: احْفَظُونِي فِي أَصْحَابِي)(1) وفي رواية: (أُوصِيكُمْ بِأَصْحَابِي، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ يَفْشُو الكَذِبُ ، حَتَّى يَحْلِفَ الرَّجُلُ وَلَا يُسْتَحْلَفُ، وَيَشْهَدَ الشَّاهِدُ وَلَا يُسْتَشْهَدُ)(2)(مَنْ أَرَادَ مِنْكُمْ بُحْبُوحَةَ الْجَنَّةِ (3) فَلْيَلْزَمِ الْجَمَاعَةَ، فَإِنَّ الشَّيْطَانَ مَعَ الْوَاحِدِ، وَهُوَ مِنَ الِاثْنَيْنِ أَبْعَدُ ") (4)
(1)(جة) 2363
(2)
(ت) 2165 ، (جة) 2363 ، (حم) 177 ، (حب) 4576 ، (ن) 9219
(3)
أَيْ: مَنْ أَرَادَ أَنْ يَسْكُنَ وَسَطَ الْجَنَّةِ وَخِيَارَهَا.
(4)
(حب) 4576 ، (ت) 2165 ، (حم) 177 ، (ن) 9219 ، انظر صَحِيح الْجَامِع: 2546 ، الصَّحِيحَة: 430
(خ م س حم حب)، وَعَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ رضي الله عنه قَالَ:(إِنِّي لَمِنْ النُّقَبَاءِ الَّذِينَ بَايَعُوا رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم)(1)(فِي الْعَقَبَةِ الْأُولَى)(2)(وَكُنَّا اثْنَيْ عَشَرَ رَجُلًا ، فَبَايَعْنَا رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى بَيْعَةِ النِّسَاءِ ، وَذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يُفْتَرَضَ الْحَرْبُ)(3) وفي رواية: (كُنَّا عِنْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي مَجْلِسٍ فَقَالَ:)(4)(" أَلَا تُبَايِعُونِي (5) عَلَى مَا بَايَعَ عَلَيْهِ النِّسَاءُ؟ ، أَنْ لَا تُشْرِكُوا بِاللهِ شَيْئًا ، وَلَا تَسْرِقُوا ، وَلَا تَزْنُوا ، وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ) (6) وفي رواية:(وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللهُ إِلَّا بِالْحَقِّ)(7)(وَلَا تَأتُوا بِبُهْتَانٍ (8) تَفْتَرُونَهُ بَيْنَ أَيْدِيكُمْ وَأَرْجُلِكُمْ) (9) وفي رواية: (وَلَا يَعْضَهَ بَعْضُنَا بَعْضًا (10)) (11)(وَلَا نَنْتَهِبَ (12)) (13)(وَلَا تَعْصُونِي فِي مَعْرُوفٍ (14)) (15)(وَقَرَأَ هَذِهِ الْآيَةَ كُلَّهَا)(16)({يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا جَاءَكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ عَلَى أَنْ لَا يُشْرِكْنَ بِاللهِ شَيْئًا وَلَا يَسْرِقْنَ وَلَا يَزْنِينَ وَلَا يَقْتُلْنَ أَوْلَادَهُنَّ وَلَا يَأتِينَ بِبُهْتَانٍ يَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ وَأَرْجُلِهِنَّ وَلَا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ} (17)") (18) (قُلْنَا: بَلَى يَا رَسُولَ اللهِ ، فَبَايَعْنَاهُ عَلَى ذَلِكَ ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:) (19) (" فَمَنْ وَفَى مِنْكُمْ (20) فَأَجْرُهُ عَلَى الله (21)") (22) وفي رواية: (" فَإِنْ وَفَّيْتُمْ فَلَكُمْ الْجَنَّةُ ") (23) وَمَنْ أَصَابَ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا فَعُوقِبَ بِهِ) (24) (فِي الدُّنْيَا (25) فَهُوَ (26) كَفَّارَةٌ لَهُ وَطَهُور (27)) (28) (وَمَنْ أَصَابَ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا فَسَتَرَهُ اللهُ، فَأَمْرُهُ إِلَى اللهِ (29) إِنْ شَاءَ عَاقَبَهُ ، وَإِنْ شَاءَ عَفَا عَنْهُ (30) ") (31) وَ (بَايَعْنَا رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم بَيْعَةَ الْحَرْبِ)(32)(فَكَانَ فِيمَا أَخَذَ عَلَيْنَا: أَنْ بَايَعَنَا عَلَى السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ فِي مَنْشَطِنَا وَمَكْرَهِنَا ، وَعُسْرِنَا وَيُسْرِنَا ، وَأَثَرَةٍ عَلَيْنَا)(33)(وَأَنْ لَا نُنَازِعَ الْأَمْرَ أَهْلَهُ (34) إِلَّا أَنْ تَرَوْا كُفْرًا بَوَاحًا عِنْدَكُمْ مِنْ اللهِ فِيهِ بُرْهَانٌ (35)) (36) وفي رواية: (اسْمَعْ وَأَطِعْ، فِي عُسْرِكَ وَيُسْرِكَ، وَمَنْشَطِكَ وَمَكْرَهِكَ، وَأَثَرَةٍ عَلَيْكَ (37) وَإِنْ أَكَلُوا مَالَكَ، وَضَرَبُوا ظَهْرَكَ، إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَعْصِيَةً) (38)(وَلَا تُنَازِعْ الْأَمْرَ أَهْلَهُ ، وَإِنْ رَأَيْتَ أَنَّ لَكَ (39)) (40)(وَعَلَى أَنْ نَقُولَ بِالْحَقِّ أَيْنَمَا كُنَّا ، لَا نَخَافُ فِي اللهِ لَوْمَةَ لَائِمٍ ")(41)
(1)(م) 44 - (1709) ، (حم) 22794
(2)
(حم) 22752 ، وقال الشيخ شعيب الأرناؤوط: إسناده حسن.
(3)
(حم) 22806 ، وقال الشيخ شعيب الأرناؤوط: إسناده حسن.
(4)
(خ) 6402 ، (م) 41 - (1709) ، (س) 4210 ، (حم) 22730
(5)
الْمُبَايَعَة: عِبَارَةٌ عَنْ الْمُعَاهَدَة، سُمِّيَتْ بِذَلِكَ تَشْبِيهًا بِالْمُعَاوَضَةِ الْمَالِيَّة كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى {إِنَّ الله اِشْتَرَى مِنْ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسهمْ وَأَمْوَالهمْ بِأَنَّ لَهُمْ الْجَنَّة} . (فتح الباري) ح18
(6)
(س) 4162 ، (خ) 18 ، (م) 41 - (1709) ، (ت) 1439 ، (حم) 22720
(7)
(م) 41 - (1709) ، (خ) 3680
(8)
الْبُهْتَان: الْكَذِب ، يَبْهَتُ سَامِعَه.
وَخَصَّ الْأَيْدِي وَالْأَرْجُلَ بِالِافْتِرَاءِ ، لِأَنَّ مُعْظَمَ الْأَفْعَالِ تَقَعُ بِهِمَا، إِذْ كَانَتْ هِيَ الْعَوَامِلُ وَالْحَوَامِلُ لِلْمُبَاشَرَةِ وَالسَّعْي، وَكَذَا يُسَمُّونَ الصَّنَائِع: الْأَيَادِي وَقَدْ يُعَاقَبُ الرَّجُلُ بِجِنَايَةٍ قَوْلِيَّة ، فَيُقَال: هَذَا بِمَا كَسَبَتْ يَدَاك.
وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ قَوْلُه " بَيْن أَيْدِيكُمْ "، أَيْ: فِي الْحَال، وَقَوْلُه "وَأَرْجُلكُمْ" أَيْ: فِي الْمُسْتَقْبَل؛ لِأَنَّ السَّعْي مِنْ أَفْعَالِ الْأَرْجُل.
وَقَيل: أَصْلُ هَذَا كَانَ فِي بَيْعَةِ النِّسَاء، وَكَنَّى بِذَلِكَ عَنْ نِسْبَةِ الْمَرْأَةِ الْوَلَدَ الَّذِي تَزْنِي بِهِ أَوْ تَلْتَقِطُهُ إِلَى زَوْجِهَا ، ثُمَّ لَمَّا اِسْتَعْمَلَ هَذَا اللَّفْظَ فِي بَيْعَةِ الرِّجَال ، احْتِيجَ إِلَى حَمْلِهِ عَلَى غَيْرِ مَا وَرَدَ فِيهِ أَوَّلًا. (فتح الباري) ح18
(9)
(خ) 18 ، (ت) 1439 ، (س) 4162
(10)
العَضْهُ: النميمة والإفساد بين الناس.
(11)
(م) 43 - (1709) ، (حم) 22784
(12)
قوله " وَلَا نَنْتَهِب " مِمَّا يُتَمَسَّكُ بِهِ فِي أَنَّ الْبَيْعَةَ مُتَأَخِّرَة؛ لِأَنَّ الْجِهَادَ عِنْد بَيْعَةِ الْعَقَبَة لَمْ يَكُنْ فُرِضَ.
وَالْمُرَادُ بِالِانْتِهَابِ: مَا يَقَعُ بَعْدَ الْقِتَالِ فِي الْغَنَائِم. (فتح الباري) ح18
(13)
(خ) 3680 ، (م) 44 - (1709)
(14)
الْمَعْرُوف: مَا عُرِفَ مِنْ الشَّارِعِ حُسْنُه ، نَهْيًا وَأَمْرًا.
قَالَ النَّوَوِيّ: يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُون الْمَعْنَى: وَلَا تَعْصُونِي وَلَا أَحَدًا مِنْ أُولِي الْأَمْرِ عَلَيْكُمْ فِي الْمَعْرُوف، فَيَكُونُ التَّقْيِيدُ بِالْمَعْرُوفِ مُتَعَلِّقًا بِشَيْءٍ بَعْدَه. وَقَالَ غَيْرُه: نَبَّهَ بِذَلِكَ عَلَى أَنَّ طَاعَةَ الْمَخْلُوقِ إِنَّمَا تَجِبُ فِيمَا كَانَ غَيْرَ مَعْصِيَةٍ للهِ، فَهِيَ جَدِيرَةٌ بِالتَّوَقِّي فِي مَعْصِيَةِ الله. (فتح الباري) ح18
(15)
(خ) 7030 ، (م) 43 - (1709) ، (س) 4161 ، (حم) 22720
(16)
(خ) 6402 ، (م) 42 - (1709) ، (س) 4210 ، (حم) 22730
(17)
[الممتحنة: 12]
(18)
(م) 42 - (1709) ، (حم) 22730
(19)
(س) 4162 ، (خ) 18
(20)
أَيْ: ثَبَتَ عَلَى الْعَهْد. (فتح الباري) ح18
(21)
فَإِنْ قِيلَ: لِمَ اِقْتَصَرَ عَلَى الْمَنْهِيَّات ، وَلَمْ يَذْكُر الْمَأمُورَات؟
فَالْجَوَاب: أَنَّهُ لَمْ يُهْمِلْهَا، بَلْ ذَكَرَهَا عَلَى طَرِيقِ الْإِجْمَالِ فِي قَوْله:" وَلَا تَعْصُوا " ، إِذْ الْعِصْيَانُ مُخَالَفَةٌ الْأَمْر.
وَالْحِكْمَةٌ فِي التَّنْصِيصِ عَلَى كَثِيٍر مِنْ الْمَنْهِيَّات دُون الْمَأمُورَات ، أَنَّ الْكَفَّ أَيْسَرُ مِنْ إِنْشَاءِ الْفِعْل؛ لِأَنَّ اِجْتِنَابَ الْمَفَاسِدِ مُقَدَّمٌ عَلَى اِجْتِلَابِ الْمَصَالِح، وَالتَّخَلِّي عَنْ الرَّذَائِل ، قَبْل التَّحَلِّي بِالْفَضَائِلِ. فتح - ح18
(22)
(خ) 18 ، (م) 41 - (1709)
(23)
(حم) 22806 ، (خ) 3680 ، (م) 44 - (1709)، وقال الشيخ شعيب الأرناؤوط: إسناده حسن.
(24)
(خ) 6402 ، (م) 43 - (1709) ، (ت) 1439 ، (س) 4161
(25)
قَالَ اِبْن التِّين: يُرِيدُ بِهِ الْقَطْعَ فِي السَّرِقَةِ ، وَالْجَلْدَ أَوْ الرَّجْمَ فِي الزِّنَا ، وَحُكِيَ عَنْ الْقَاضِي إِسْمَاعِيل وَغَيْرُه أَنَّ قَتْلَ الْقَاتِلِ إِنَّمَا هُوَ رَادِعٌ لِغَيْرِهِ، وَأَمَّا فِي الْآخِرَة ، فَالطَّلَبُ لِلْمَقْتُولِ قَائِم؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَصِلْ إِلَيْهِ حَقّ.
قُلْت: بَلْ وَصَلَ إِلَيْهِ حَقٌّ أَيُّ حَقٍّ، فَإِنَّ الْمَقْتُولَ ظُلْمًا تُكَفَّرُ عَنْهُ ذُنُوبُهُ بِالْقَتْلِ كَمَا وَرَدَ فِي الْخَبَر الَّذِي صَحَّحَهُ اِبْن حِبَّانَ:" إِنَّ السَّيْف مَحَّاء لِلْخَطَايَا "، فَلَوْلَا الْقَتْلُ مَا كُفِّرَتْ ذُنُوبه، وَأَيّ حَقٍّ يَصِلُ إِلَيْهِ أَعْظَمُ مِنْ هَذَا؟.
وَلَوْ كَانَ حَدُّ الْقَتْلِ إِنَّمَا شُرِعَ لِلرَّدْعِ فَقَطْ ، لَمْ يُشْرَعْ الْعَفْوُ عَنْ الْقَاتِل.
وَهَلْ تَدْخُلُ فِي الْعُقُوبَةِ الْمَذْكُورَةِ الْمَصَائِبُ الدُّنْيَوِيَّةُ مِنْ الْآلَامِ وَالْأَسْقَامِ وَغَيْرهَا؟.
فِيهِ نَظَر ، وَيَدُلُّ لِلْمَنْعِ قَوْلُه:" وَمَنْ أَصَابَ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا ثُمَّ سَتَرَهُ الله "
فَإِنَّ هَذِهِ الْمَصَائِب لَا تُنَافِي السَّتْر، وَلَكِنْ بَيَّنَتْ الْأَحَادِيثُ الْكَثِيرَةُ أَنَّ الْمَصَائِبَ تُكَفِّرُ الذُّنُوب، فَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرَادَ أَنَّهَا تُكَفِّرُ مَا لَا حَدَّ فِيهِ. (فتح الباري) ح18
(26)
أَيْ: الْعِقَاب. (فتح الباري) ح18
(27)
قَالَ الْقَاضِي عِيَاض: ذَهَبَ أَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ أَنَّ الْحُدُودَ كَفَّارَات ، وَاسْتَدَلُّوا بِهَذَا الْحَدِيث، وَمِنْهُمْ مَنْ تَوَقَّفَ ، لِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَة أَنَّ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قَالَ " لَا أَدْرِي ، الْحُدُودُ كَفَّارَةٌ لِأَهْلِهَا أَمْ لَا ".
وَيُمْكِن - عَلَى طَرِيق الْجَمْع بَيْنهمَا - أَنْ يَكُونَ حَدِيث أَبِي هُرَيْرَة وَرَدَ أَوَّلًا قَبْل أَنْ يُعْلِمَهُ الله، ثُمَّ أَعْلَمَهُ بَعْدَ ذَلِكَ.
لَكِنَّ الْقَاضِي عِيَاض وَمَنْ تَبِعَهُ جَازِمُونَ بِأَنَّ حَدِيثَ عُبَادَةَ هَذَا كَانَ بِمَكَّةَ لَيْلَة الْعَقَبَة ، لَمَّا بَايَعَ الْأَنْصَارُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم الْبَيْعَةَ الْأُولَى بِمِنًى، وَأَبُو هُرَيْرَةَ إِنَّمَا أَسْلَمَ بَعْد ذَلِكَ بِسَبْعِ سِنِينَ عَامَ خَيْبَر، فَكَيْفَ يَكُونُ حَدِيُثه مُتَقَدِّمًا؟.
وَقَالُوا فِي الْجَوَاب عَنْهُ: يُمْكِن أَنْ يَكُونَ أَبُو هُرَيْرَة مَا سَمِعَهُ مِنْ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم وَإِنَّمَا سَمِعَهُ مِنْ صَحَابِيٍّ آخَر كَانَ سَمِعَهُ مِنْ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قَدِيمًا ، وَلَمْ يَسْمَعْ مِنْ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم بَعْد ذَلِكَ أَنَّ الْحُدُودَ كَفَّارَةٌ ، كَمَا سَمِعَهُ عُبَادَةَ.
وَفِي هَذَا تَعَسُّف ، وَيُبْطِلهُ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَة صَرَّحَ بِسَمَاعِهِ، وَأَنَّ الْحُدُودَ لَمْ تَكُنْ نَزَلَتْ إِذْ ذَاكَ.
وَالْحَقُّ عِنْدِي أَنَّ حَدِيثَ أَبِي هُرَيْرَة صَحِيح ، وَتَقَدَّمَ عَلَى حَدِيثِ عُبَادَةَ، وَالْمُبَايَعَةُ الْمَذْكُورَةُ فِي حَدِيثِ عُبَادَةَ عَلَى الصِّفَةِ الْمَذْكُورَةِ لَمْ تَقَعْ لَيْلَةَ الْعَقَبَة، وَإِنَّمَا كَانَ لَيْلَةَ الْعَقَبَة مَا ذَكَرَ اِبْن إِسْحَاق وَغَيْره مِنْ أَهْل الْمَغَازِي أَنَّ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قَالَ لِمَنْ حَضَرَ مِنْ الْأَنْصَار:" أُبَايِعكُمْ عَلَى أَنْ تَمْنَعُونِي مِمَّا تَمْنَعُونَ مِنْهُ نِسَاءَكُمْ وَأَبْنَاءَكُمْ " ، فَبَايَعُوهُ عَلَى ذَلِكَ، وَعَلَى أَنْ يَرْحَلَ إِلَيْهِمْ هُوَ وَأَصْحَابُه. ثُمَّ صَدَرَتْ مُبَايَعَاتٌ أُخْرَى ، مِنْهَا هَذِهِ الْبَيْعَةُ فِي حَدِيثِ الْبَاب ، فِي الزَّجْرِ عَنْ الْفَوَاحِش الْمَذْكُورَة.
وَاَلَّذِي يُقَوِّي أَنَّهَا وَقَعَتْ بَعْد فَتْحِ مَكَّة ، بَعْد أَنْ نَزَلَتْ الْآيَةُ الَّتِي فِي الْمُمْتَحِنَة ، وَهِيَ قَوْلُه تَعَالَى {يَا أَيّهَا النَّبِيّ إِذَا جَاءَك الْمُؤْمِنَات يُبَايِعْنَك} وَنُزُول هَذِهِ الْآيَة مُتَأَخِّرٌ بَعْد قِصَّةِ الْحُدَيْبِيَة بِلَا خِلَاف، وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ مَا عِنْد الْبُخَارِيّ فِي حَدِيثِ عُبَادَةَ هَذَا أَنَّ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم لَمَّا بَايَعَهُمْ قَرَأَ الْآيَةَ كُلَّهَا وَعِنْده فِي تَفْسِير الْمُمْتَحِنَة مِنْ هَذَا الْوَجْه قَالَ:" قَرَأَ آيَة النِّسَاء "، وَلِمُسْلِمٍ:" فَتَلَا عَلَيْنَا آيَة النِّسَاء ، قَالَ: أَنْ لَا تُشْرِكْنَ بِاللهِ شَيْئًا " ، فَهَذِهِ أَدِلَّةٌ ظَاهِرَةٌ فِي أَنَّ هَذِهِ الْبَيْعَةَ إِنَّمَا صَدَرَتْ بَعْد نُزُولِ الْآيَة، بَلْ بَعْدَ صُدُورِ الْبَيْعَة، بَلْ بَعْدَ فَتْحِ مَكَّة، وَذَلِكَ بَعْدَ إِسْلَامِ أَبِي هُرَيْرَة بِمُدَّةٍ ، وَإِنَّمَا حَصَلَ الِالْتِبَاسُ مِنْ جِهَةِ أَنَّ عُبَادَةَ بْن الصَّامِت حَضَرَ الْبَيْعَتَيْنِ مَعًا، وَكَانَتْ بَيْعَةُ الْعَقَبَةِ مِنْ أَجَلِّ مَا يُتَمَدَّح بِهِ، فَكَانَ يَذْكُرُهَا إِذَا حَدَّثَ تَنْوِيهًا بِسَابِقِيَّتِهِ فَلَمَّا ذَكَرَ هَذِهِ الْبَيْعَةَ الَّتِي صَدَرَتْ عَلَى مِثْلِ بَيْعَةِ النِّسَاِء عَقِبَ ذَلِكَ تَوَهَّمَ مَنْ لَمْ يَقِفْ عَلَى حَقِيقَةِ الْحَال أَنَّ الْبَيْعَةَ الْأُولَى وَقَعَتْ عَلَى ذَلِكَ. وَعَلَيْك بِرَدِّ مَا أَتَى مِنْ الرِّوَايَات مُوهِمًا بِأَنَّ هَذِهِ الْبَيْعَة كَانَتْ لَيْلَة الْعَقَبَة إِلَى هَذَا التَّأوِيل الَّذِي نَهَجْتُ إِلَيْهِ ، فَيَرْتَفِع بِذَلِكَ الْإِشْكَال ، وَلَا يَبْقَى بَيْن حَدِيثَيْ أَبِي هُرَيْرَة وَعُبَادَةَ تَعَارُض، وَلَا وَجْهَ بَعْد ذَلِكَ لِلتَّوَقُّفِ فِي كَوْنِ الْحُدُودِ كَفَّارَة.
وَيُسْتَفَادُ مِنْ الْحَدِيثِ أَنَّ إِقَامَةَ الْحَدِّ كَفَّارَةٌ لِلذَّنْبِ ، وَلَوْ لَمْ يَتُبْ الْمَحْدُود، وَهُوَ قَوْل الْجُمْهُور.
وَقِيلَ: لَا بُدَّ مِنْ التَّوْبَة، وَبِذَلِكَ جَزَمَ بَعْضُ التَّابِعِينَ، وَهُوَ قَوْلٌ لِلْمُعْتَزِلَةِ، وَوَافَقَهُمْ اِبْنُ حَزْم ، وَمِنْ الْمُفَسِّرِينَ: الْبَغَوِيّ ، وَطَائِفَة يَسِيرَة، وَاسْتَدَلُّوا بِاسْتِثْنَاءِ مَنْ تَابَ فِي قَوْله تَعَالَى {إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ قَبْل أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ} وَالْجَوَاب فِي ذَلِكَ أَنَّهُ فِي عُقُوبَةِ الدُّنْيَا، وَلِذَلِكَ قُيِّدَتْ بِالْقُدْرَةِ عَلَيْهِ. (فتح الباري) ح18
(28)
(خ) 6416 ، (م) 43 - (1709) ، (س) 4178 ، (حم) 22785
(29)
قَالَ الْمَازِنِيّ: فِيهِ رَدٌّ عَلَى الْخَوَارِجِ الَّذِينَ يُكَفِّرُونَ بِالذُّنُوبِ، وَرَدٌّ عَلَى الْمُعْتَزِلَة الَّذِينَ يُوجِبُونَ تَعْذِيبَ الْفَاسِقِ إِذَا مَاتَ بِلَا تَوْبَة؛ لِأَنَّ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم أَخْبَرَ بِأَنَّهُ تَحْتَ الْمَشِيئَة، وَلَمْ يَقُلْ:" لَا بُدّ أَنْ يُعَذَّبَ ".
وَقَالَ الطِّيبِيّ: فِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى الْكَفّ عَنْ الشَّهَادَةِ بِالنَّارِ عَلَى أَحَدٍ ، أَوْ بِالْجَنَّةِ لِأَحَدٍ ، إِلَّا مَنْ وَرَدَ النَّصُّ فِيهِ بِعَيْنِهِ.
قُلْت: أَمَّا الشِّقّ الْأَوَّلُ فَوَاضِح ، وَأَمَّا الثَّانِي ، فَالْإِشَارَةُ إِلَيْهِ إِنَّمَا تُسْتَفَادُ مِنْ الْحَمْلِ عَلَى غَيْرِ ظَاهِرِ الْحَدِيث ، وَهُوَ مُتَعَيَّن. (فتح الباري) ح18
(30)
يَشْمَل مَنْ تَابَ مِنْ ذَلِكَ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ، وَقَالَ بِذَلِكَ طَائِفَة.
وَذَهَبَ الْجُمْهُورُ إِلَى أَنَّ مَنْ تَابَ ، لَا يَبْقَى عَلَيْهِ مُؤَاخَذَة، وَمَعَ ذَلِكَ ، فَلَا يَأمَنْ مَكْرَ الله ، لِأَنَّهُ لَا اِطِّلَاعَ لَهُ ، هَلْ قُبِلَتْ تَوْبَتُهُ أَوْ لَا.
وَقِيلَ: يُفَرَّقُ بَيْن مَا يَجِبُ فِيهِ الْحَدُّ وَمَا لَا يَجِب.
وَاخْتُلِفَ فِيمَنْ أَتَى مَا يُوجِبُ الْحَدّ.
فَقِيلَ: يَجُوزُ أَنْ يَتُوبَ سِرًّا ، وَيَكْفِيِه ذَلِكَ.
وَقِيلَ: بَلْ الْأَفْضَلُ أَنْ يَأتِيَ الْإِمَامَ وَيَعْتَرِف بِهِ ، وَيَسْأَلَهُ أَنْ يُقِيمَ عَلَيْهِ الْحَدَّ كَمَا وَقَعَ لِمَاعِزٍ وَالْغَامِدِيَّةِ.
وَفَصَلَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ بَيْن أَنْ يَكُونَ مُعْلِنًا بِالْفُجُورِ ، فَيُسْتَحَبُّ أَنْ يُعْلِنَ بِتَوْبَتِهِ ، وَإِلَّا فَلَا. (فتح الباري) ح18
(31)
(خ) 3679 ، (م) 41 - (1709) ، (ت) 1439 ، (س) 4161
(32)
(حم) 22752
(33)
(م) 42 - (1709) ، (خ) 6647 ، (س) 4149 ، (جة) 2866
(34)
أَيْ: الْمُلْكَ وَالْإِمَارَة. فتح الباري (ج 20 / ص 59)
(35)
أَيْ: نَصُّ آيَةٍ ، أَوْ خَبَرٌ صَحِيحٌ لَا يَحْتَمِلُ التَّأوِيل، وَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الْخُرُوجُ عَلَيْهِمْ مَا دَامَ فِعْلُهُمْ يَحْتَمِلُ التَّأوِيل.
قَالَ النَّوَوِيّ: الْمُرَادُ بِالْكُفْرِ هُنَا: الْمَعْصِيَة، وَمَعْنَى الْحَدِيث: لَا تُنَازِعُوا وُلَاةَ الْأُمُورِ فِي وِلَايَتِهِمْ ، وَلَا تَعْتَرِضُوا عَلَيْهِمْ ، إِلَّا أَنْ تَرَوْا مِنْهُمْ مُنْكَرًا مُحَقَّقًا ، تَعْلَمُونَهُ مِنْ قَوَاعِدِ الْإِسْلَام؛ فَإِذَا رَأَيْتُمْ ذَلِكَ ، فَأَنْكِرُوا عَلَيْهِمْ ، وَقُولُوا بِالْحَقِّ حَيْثُمَا كُنْتُمْ.
وَقَالَ غَيْره: الْمُرَادُ بِالْإِثْمِ هُنَا: الْمَعْصِيَةُ وَالْكُفْر، فَلَا يُعْتَرَضُ عَلَى السُّلْطَانِ إِلَّا إِذَا وَقَعَ فِي الْكُفْر الظَّاهِر، وَالَّذِي يَظْهَر ، حَمْلُ رِوَايَةِ الْكُفْرِ عَلَى مَا إِذَا كَانَتْ الْمُنَازَعَةُ فِي الْوِلَايَة ، فَلَا يُنَازِعُهُ بِمَا يَقْدَحُ فِي الْوِلَايَة إِلَّا إِذَا اِرْتَكَبَ الْكُفْر، وَحَمْلُ رِوَايَةِ الْمَعْصِيَةِ عَلَى مَا إِذَا كَانَتْ الْمُنَازَعَةُ فِيمَا عَدَا الْوِلَايَة، فَإِذَا لَمْ يَقْدَحْ فِي الْوِلَايَة ، نَازَعَهُ فِي الْمَعْصِيَة ، بِأَنْ يُنْكِرَ عَلَيْهِ بِرِفْقٍ ، وَيَتَوَصَّلَ إِلَى تَثْبِيتِ الْحَقِّ لَهُ بِغَيْرِ عُنْف، وَمَحَلُّ ذَلِكَ إِذَا كَانَ قَادِرًا.
وَنَقَلَ اِبْنُ التِّين عَنْ الدَّاوُدِيِّ قَالَ: الَّذِي عَلَيْهِ الْعُلَمَاءُ فِي أُمَرَاءِ الْجَوْرِ ، أَنَّهُ إِنْ قَدَرَ عَلَى خَلْعِهِ بِغَيْرِ فِتْنَةٍ وَلَا ظُلْمٍ ، وَجَبَ ، وَإِلَّا ، فَالْوَاجِبُ الصَّبْر وَعَنْ بَعْضِهِمْ: لَا يَجُوزُ عَقْدُ الْوِلَايَةِ لِفَاسِقٍ اِبْتِدَاء.
فَإِنْ أَحْدَثَ جَوْرًا بَعْدَ أَنْ كَانَ عَدْلًا ، فَاخْتَلَفُوا فِي جَوَازِ الْخُرُوجِ عَلَيْهِ، وَالصَّحِيحُ: الْمَنْع ، إِلَّا أَنْ يَكْفُرَ ، فَيُجِبْ الْخُرُوج عَلَيْهِ. فتح (20/ 59)
(36)
(خ) 6647 ، (م) 42 - (1709) ، (حم) 22731
(37)
الأَثَرَة والاستئثار: الانفراد بالشيء دون الآخرين.
(38)
(حب) 4562 ، (حم) 22789 ، صححه الألباني في ظلال الجنة: 1026 صحيح موارد الظمآن: 1284 ، وقال شعيب الأرناؤوط: إسناده حسن
(39)
أَيْ: وَإِنْ اِعْتَقَدْتَ أَنَّ لَكَ فِي الْأَمْرِ حَقًّا ، فَلَا تَعْمَلْ بِذَلِكَ الظَّنّ ، بَلْ اِسْمَعْ وَأَطِعْ إِلَى أَنْ يَصِلَ إِلَيْك بِغَيْرِ خُرُوجٍ عَنْ الطَّاعَة. فتح (20/ 59)
(40)
(حم) 22787 ، وقال الشيخ شعيب الأرناؤوط: إسناده صحيح.
(41)
(م) 41 - (1709) ، (خ) 6774 ، (س) 4149 ، (حم) 15691
(م ت حم)، وَعَنْ عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ الْأَشْجَعِيِّ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: (" أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِخِيَارِ أُمَرَائِكُمْ وَشِرَارِهِمْ؟ ، خِيَارُهُمْ الَّذِينَ تُحِبُّونَهُمْ وَيُحِبُّونَكُمْ (1) وَتَدْعُونَ لَهُمْ، وَيَدْعُونَ لَكُمْ وَشِرَارُ أُمَرَائِكُمْ الَّذِينَ تُبْغِضُونَهُمْ وَيُبْغِضُونَكُمْ ، وَتَلْعَنُونَهُمْ وَيَلْعَنُونَكُمْ (2) ") (3) (قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ ، أَفَلَا نُقَاتِلُهُمْ) (4)(عِنْدَ ذَلِكَ؟ ، قَالَ: " لَا ، مَا أَقَامُوا فِيكُمْ الصَلَاةَ ، لَا ، مَا أَقَامُوا فِيكُمْ الصَلَاةَ (5) وَإِذَا رَأَيْتُمْ مِنْ وُلَاتِكُمْ شَيْئًا تَكْرَهُونَهُ ، فَاكْرَهُوا عَمَلَهُ ، وَلَا تَنْزِعُوا يَدًا مِنْ طَاعَةٍ (6)) (7) وفي رواية:(" أَلَا مَنْ وَلِيَ عَلَيْهِ وَالٍ فَرَآهُ يَأتِي شَيْئًا مِنْ مَعْصِيَةِ اللهِ ، فَلْيَكْرَهْ مَا يَأتِي مِنْ مَعَاصِي اللهِ)(8) وفي رواية: (فَلْيُنْكِرْ مَا يَأتِي مِنْ مَعْصِيَةِ اللهِ)(9)(وَلَا يَنْزِعَنْ يَدًا مِنْ طَاعَةٍ ")(10)
(1) أَيْ: الَّذِينَ عَدَلُوا فِي الْحُكْمِ ، فَتَنْعَقِدُ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مَوَدَّةٌ وَمَحَبَّةٌ. تحفة الأحوذي - (ج 6 / ص 50)
(2)
أَيْ: تَدْعُونَ عَلَيْهِمْ ، وَيَدْعُونَ عَلَيْكُمْ ، أَوْ تَطْلُبُونَ الْبُعْدَ عَنْهُمْ لِكَثْرَةِ شَرِّهِمْ ، وَيَطْلُبُونَ الْبُعْدَ عَنْكُمْ لِقِلَّةِ خَيْرِكُمْ. تحفة الأحوذي (6/ 50)
(3)
(ت) 2264 ، (م) 1855
(4)
(حم) 24045 ، (م) 1855
(5)
فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ لَا تَجُوزُ مُنَابَذَةُ الْأَئِمَّةِ بِالسَّيْفِ مَا كَانُوا مُقِيمِينَ لِلصَّلَاةِ ، وَيَدُلُّ ذَلِكَ بِمَفْهُومِهِ عَلَى جَوَازِ الْمُنَابَذَةِ عِنْدَ تَرْكِهِمْ لِلصَّلَاةِ ، وَحَدِيثُ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ الْمَذْكُورِ فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهَا لَا تَجُوزُ الْمُنَابَذَةُ إلَّا عِنْدَ ظُهُورِ الْكُفْرِ الْبَوَاحِ.
قَالَ الْخَطَّابِيِّ: مَعْنَى قَوْلِهِ: " بَوَاحًا " أَيْ: ظَاهِرًا بَادِيًا ، مِنْ قَوْلِهِمْ: يَبُوحُ بِهِ: إذَا ادَّعَاهُ وَأَظْهَرَهُ. نيل الأوطار - (ج 11 / ص 405)
(6)
فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ مَنْ كَرِهَ بِقَلْبِهِ مَا يَفْعَلُهُ السُّلْطَانُ مِنْ الْمَعَاصِي ، كَفَاهُ ذَلِكَ ، وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ زِيَادَةٌ عَلَيْهِ ، وَفِي الصَّحِيحِ:" مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِهِ ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ ".
وَيُمْكِنُ حَمْلُ حَدِيثِ الْبَابِ وَمَا وَرَدَ فِي مَعْنَاهُ عَلَى عَدَمِ الْقُدْرَةِ عَلَى التَّغْيِيرِ بِالْيَدِ وَاللِّسَانِ، وَيُمْكِنُ أَنْ يُجْعَلَ مُخْتَصًّا بِالْأُمَرَاءِ إذَا فَعَلُوا مُنْكَرًا ، لِمَا فِي الْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ مِنْ تَحْرِيمِ مَعْصِيَتِهِمْ وَمُنَابَذَتِهِمْ، فَكَفَى فِي الْإِنْكَارِ عَلَيْهِمْ مُجَرَّدُ الْكَرَاهَةِ بِالْقَلْبِ ، لِأَنَّ فِي إنْكَارِ الْمُنْكَرِ عَلَيْهِ بِالْيَدِ وَاللِّسَانِ تَظَهُّرٌ بِالْعِصْيَانِ، وَرُبَّمَا كَانَ ذَلِكَ وَسِيلَةً إلَى الْمُنَابَذَةِ بِالسَّيْفِ. نيل الأوطار (ج 11 / ص 406)
(7)
(م) 1855
(8)
(م) 1855 - (66)
(9)
(حم) 24027 ، انظر صَحِيح الْجَامِع: 2599 ، والصحيحة: 907 ، وقال شعيب الأرنؤوط: إسناده جيد.
(10)
(م) 1855 - (66)
(حم)، وَعَنْ أَبِي ذَرٍّ رضي الله عنه قَالَ:" أَتَانِي رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَأَنَا نَائمٌ فِي مَسْجِدِ الْمَدِينَةِ ، فَضَرَبَنِي بِرِجْلِهِ وَقَالَ: أَلَا أَرَاكَ نَائِمًا فِيهِ؟ "، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ غَلَبَتْنِي عَيْنِي ، قَالَ:" كَيْفَ تَصْنَعُ إِذَا أُخْرِجْتَ مِنْهُ؟ "، فَقُلْتُ: آتِي الشَّامِ، الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ الْمُبَارَكَةَ، قَالَ:" كَيْفَ تَصْنَعُ إِذَا أُخْرِجْتَ مِنْهُ؟ "، فَقُلْتُ: مَا أَصْنَعُ يَا رَسُولَ اللهِ؟، أَضْرِبُ بِسَيْفِي؟ ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:" أَلَا أَدُلُّكَ عَلَى خَيْرٍ مِنْ ذَلِكَ وَأَقْرَبَ رُشْدًا؟ ، أَلَا أَدُلُّكَ عَلَى خَيْرٍ مِنْ ذَلِكَ وَأَقْرَبَ رُشْدًا؟ ، تَسْمَعُ وَتُطِيعُ ، وَتَنْسَاقُ لَهُمْ حَيْثُ سَاقُوكَ (1) "(2)
(1) قال الألباني في صحيح موارد الظمآن 1285: وهذا مقيدٌ في غير معصية الله. أ. هـ
(2)
(حم) 21419 ، (حب) 6668 ،صححه الألباني في ظلال الجنة: 1074، وصحيح موارد الظمآن: 1285
(خ م)، وَعَنْ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ (1) قَالَ:(مَرَرْتُ بِالرَّبَذَةِ (2) فَإِذَا أَنَا بِأَبِي ذَرٍّ رضي الله عنه) (3)(فَقُلْتُ لَهُ: مَا أَنْزَلَكَ بِهَذِهِ الْأَرْضِ؟)(4)(فَقَالَ: كُنْتُ بِالشَّامِ (5) فَاخْتَلَفْتُ أَنَا وَمُعَاوِيَةُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللهِ} (6)) (7)(فَقَالَ مُعَاوِيَةُ: مَا نَزَلَتْ هَذِهِ فِينَا ، إِنَّمَا نَزَلَتْ فِي أَهْلِ الْكِتَابِ)(8)(فَقُلْتُ لَهُ: نَزَلَتْ فِينَا وَفِيهِمْ ، فَكَانَ بَيْنِي وَبَيْنَهُ فِي ذَاكَ ، فَكَتَبَ إِلَى عُثْمَانَ رضي الله عنه يَشْكُونِي ، فَكَتَبَ إِلَيَّ عُثْمَانُ أَنْ اقْدَمْ الْمَدِينَةَ ، فَقَدِمْتُهَا ، فَكَثُرَ عَلَيَّ النَّاسُ حَتَّى كَأَنَّهُمْ لَمْ يَرَوْنِي قَبْلَ ذَلِكَ (9) فَذَكَرْتُ ذَاكَ لِعُثْمَانَ ، فَقَالَ لِي: إِنْ شِئْتَ تَنَحَّيْتَ فَكُنْتَ قَرِيبًا ، فَذَاكَ الَّذِي أَنْزَلَنِي هَذَا الْمَنْزِلَ ، وَلَوْ أَمَّرُوا عَلَيَّ حَبَشِيًّا لَسَمِعْتُ وَأَطَعْتُ) (10)(فَإِنَّ خَلِيلِي " أَوْصَانِي أَنْ أَسْمَعَ وَأُطِيعَ ، وَإِنْ كَانَ عَبْدًا حَبَشِيًّا مُجَدَّعَ الْأَطْرَافِ ")(11)
الشرح (12)
(1) هُوَ التَّابِعِيُّ الْكَبِيرُ الْكُوفِيّ ، أَحَد الْمُخَضْرَمِينَ. فتح الباري (4/ 495)
(2)
(الرَّبَذَة) قرية بقرب المدينة على ثلاث مراحل منها، بقرب ذات عِرْق. فيض القدير - (ج 4 / ص 335)
(3)
(خ) 1341
(4)
(خ) 4384
(5)
يَعْنِي بِدِمَشْق، وَمُعَاوِيَةُ إِذْ ذَاكَ عَامِلُ عُثْمَانَ عَلَيْهَا ، وَقَدْ بَيَّنَ السَّبَبَ فِي سُكْنَاهُ الشَّامَ مَا أَخْرَجَهُ أَبُو يَعْلَى بِإِسْنَادٍ فِيهِ ضَعْف عَنْ اِبْن عَبَّاس قَالَ:
" اِسْتَأذَنَ أَبُو ذَرٍّ عَلَى عُثْمَان ، فَقَالَ: إِنَّهُ يُؤْذِينَا، فَلَمَّا دَخَلَ قَالَ لَهُ عُثْمَان: أَنْتَ الَّذِي تَزْعُم أَنَّك خَيْرٌ مِنْ أَبِي بَكْر وَعُمَر؟ ، قَالَ: لَا، وَلَكِنْ سَمِعْت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَقُول: إِنَّ أَحَبَّكُمْ إِلَيَّ وَأَقْرَبكُمْ مِنِّي ، مَنْ بَقِيَ عَلَى الْعَهْد الَّذِي عَاهَدْتُه عَلَيْهِ، وَأَنَا بَاقٍ عَلَى عَهْده "، قَالَ: فَأَمَرَ أَنْ يَلْحَقَ بِالشَّامِ ، فَكَانَ يُحَدِّثُهُمْ وَيَقُول: لَا يَبِيتَنَّ عِنْدَ أَحَدِكُمْ دِينَارٌ وَلَا دِرْهَمٌ إِلَّا مَا يُنْفِقُهُ فِي سَبِيل الله ، أَوْ يُعِدُّهُ لِغَرِيمٍ، فَكَتَبَ مُعَاوِيَةُ إِلَى عُثْمَان: إِنْ كَانَ لَكَ بِالشَّامِ حَاجَةٌ فَابْعَثْ إِلَى أَبِي ذَرّ، فَكَتَبَ إِلَيْهِ عُثْمَانُ أَنْ اِقْدَمْ عَلَيَّ، فَقَدِم. فتح الباري (ج 4 / ص 495)
(6)
[التوبة/34]
(7)
(خ) 1341
(8)
(خ) 4384
(9)
أَيْ: كَثُرُوا عَلَيْهِ يَسْأَلُونَهُ عَنْ سَبَبِ خُرُوجِهِ مِنْ الشَّام، فَخَشِيَ عُثْمَانُ عَلَى أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَا خَشِيَهُ مُعَاوِيَةُ عَلَى أَهْلِ الشَّام. فتح الباري (4/ 495)
(10)
(خ) 1341
(11)
(م) 648
(12)
أَيْ: مَقْطُوعَ الْأَنْفِ وَالْأُذُنِ، وَالْمُجَدَّع: أَرْدَأُ الْعَبِيد ، لِخِسَّتِهِ وَقِلَّةِ قِيمَتِه وَمَنْفَعَتِه ، وَنُفْرَةِ النَّاسِ مِنْهُ.
وَفِي هَذَا الحديثِ الْحَثُّ عَلَى طَاعَةِ وُلَاةِ الْأُمُورِ مَا لَمْ تَكُنْ مَعْصِيَة.
فَإِنْ قِيلَ: كَيْف يَكُونُ الْعَبْدُ إِمَامًا؟ ، وَشَرْطُ الْإِمَامِ أَنْ يَكُونَ حُرًّا قُرَشِيًّا سَلِيم الْأَطْرَاف؟.
فَالْجَوَاب مِنْ وَجْهَيْنِ: أَحَدهمَا: أَنَّ هَذِهِ الشُّرُوطُ وَغَيْرُهَا إِنَّمَا تُشْتَرَطُ فِيمَنْ تُعْقَدُ لَهُ الْإِمَامَةُ بِاخْتِيَارِ أَهْلِ الْحَلِّ وَالْعَقْد، وَأَمَّا مَنْ قَهَرَ النَّاسَ لِشَوْكَتِهِ وَقُوَّةِ بَأسِهِ وَأَعْوَانِه ، وَاسْتَوْلَى عَلَيْهِمْ ، وَانْتَصَبَ إِمَامًا، فَإِنَّ أَحْكَامَهُ تَنْفُذ، وَتَجِبُ طَاعَتُه ، وَتَحْرُمُ مُخَالَفَتُه فِي غَيْرِ مَعْصِيَة ، عَبْدًا كَانَ أَوْ حُرًّا أَوْ فَاسِقًا ، بِشَرْطِ أَنْ يَكُون مُسْلِمًا.
والْجَوَاب الثَّانِي: أَنَّهُ لَيْسَ فِي الْحَدِيثِ أَنَّهُ يَكُونُ إِمَامًا، بَلْ هُوَ مَحْمُولٌ عَلَى مَنْ يُفَوِّضُ إِلَيْهِ الْإِمَامُ أَمْرًا مِنْ الْأُمُور ، أَوْ اِسْتِيفَاءَ حَقٍّ أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ. (النووي - ج 2 / ص 445)
وَقَدْ عَكَسَهُ بَعْضُهُمْ ، فَاسْتَدَلَّ بِهِ عَلَى جَوَازِ الْإِمَامَةِ فِي غَيْرِ قُرَيْش، وَهُوَ مُتَعَقَّبٌ، إِذْ لَا تَلَازُمَ بَيْنَ الْإِجْزَاءِ وَالْجَوَاز، وَاللهُ أَعْلَم. فتح الباري (3/ 32)
وفِي الْحَدِيث مِنْ الْفَوَائِد غَيْر مَا تَقَدَّمَ: مُلَاطَفَةُ الْأَئِمَّةِ لِلْعُلَمَاءِ، فَإِنَّ مُعَاوِيَةَ لَمْ يَجْسُرْ عَلَى الْإِنْكَارِ عَلَيْهِ حَتَّى كَاتَبَ مَنْ هُوَ أَعْلَى مِنْهُ فِي أَمْرِه، وَعُثْمَانُ لَمْ يَحْنَقْ عَلَى أَبِي ذَرٍّ ، مَعَ كَوْنِهِ كَانَ مُخَالِفًا لَهُ فِي تَأوِيلِه ، وَلَمْ يَأمُرْهُ بَعْدَ ذَلِكَ بِالرُّجُوعِ عَنْهُ ، لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا كَانَ مُجْتَهِدًا.
وَفِيهِ التَّحْذِيرُ مِنْ الشِّقَاقِ وَالْخُرُوجِ عَلَى الْأَئِمَّة، وَالتَّرْغِيبِ فِي الطَّاعَةِ لِأُولِي الْأَمْر. وَأَمْرُ الْأَفْضَلِ بِطَاعَةِ الْمَفْضُول ، خَشْيَةَ الْمَفْسَدَة.
وَجَوَازُ الِاخْتِلَافِ فِي الِاجْتِهَاد. وَالْأَخْذُ بِالشِّدَّةِ فِي الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ ، وَإِنْ أَدَّى ذَلِكَ إِلَى فِرَاقِ الْوَطَن. فتح الباري (ج 4 / ص 495)
(خ)، وَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " اسْمَعُوا وَأَطِيعُوا، وَإِنْ اسْتُعْمِلَ عَلَيْكُمْ عَبْدٌ حَبَشِيٌّ ، كَأَنَّ رَأسَهُ زَبِيبَةٌ (1) "(2)
(1) قِيلَ: شَبَّهَهُ بِذَلِكَ لِصِغَرِ رَأسه، وَذَلِكَ مَعْرُوفٌ فِي الْحَبَشَة.
وَقِيلَ: لِسَوَادِهِ. فتح الباري (ج 3 / ص 32)
(2)
(خ) 6723 ، (جة) 2860
(حب)، وَعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنَ الصَّامِتِ قَالَ: قَدِمَ أَبُو ذَرٍّ رضي الله عنه عَلَى عُثْمَانَ رضي الله عنه مِنَ الشَّامِ، فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، افْتَحِ الْبَابَ حَتَّى يَدْخُلَ النَّاسُ، أَتَحْسِبُنِي مِنْ قَوْمٍ يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ لَا يُجَاوِزُ حَنَاجِرَهُمْ، يَمْرُقُونَ (1) مِنَ الدِّينِ مُرُوقَ السَّهْمِ مِنَ الرَّمِيَّةِ (2) ثُمَّ لَا يَعُودُونَ فِيهِ حَتَّى يَعُودَ السَّهْمُ عَلَى فُوقِهِ هُمْ شَرُّ الْخَلْقِ وَالْخَلِيقَةِ؟، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَوْ أَمَرْتَنِي أَنْ أَقْعُدَ لَمَا قُمْتُ، وَلَوْ أَمَرْتَنِي أَنْ أَكُونَ قَائِمًا ، لَقُمْتُ مَا أَمْكَنَتْنِي رِجْلَايَ، وَلَوْ رَبَطْتَنِي عَلَى بَعِيرٍ ، لَمْ أُطْلِقْ نَفْسِي حَتَّى تَكُونَ أَنْتَ الَّذِي تُطْلِقُنِي، ثُمَّ اسْتَأذَنَهُ أَنْ يَأتِيَ الرَّبَذَةَ (3) فَأَذِنَ لَهُ ، فَأَتَاهَا ، فَإِذَا عَبْدٌ يَؤُمُّهُمْ (4) فَقَالُوا: أَبُو ذَرٍّ، فَنَكَصَ الْعَبْدُ (5) فَقِيلَ لَهُ: تَقَدَّمْ، فَقَالَ: أَوْصَانِي خَلِيلِي صلى الله عليه وسلم بِثَلَاثٍ: " أَنْ أَسْمَعَ وَأُطِيعَ، وَلَوْ لِعَبْدٍ حَبَشِيٍّ مُجَدَّعِ الْأَطْرَافِ ، وَإِذَا صَنَعْتَ مَرَقَةً فَأَكْثِرْ مَاءَهَا، ثُمَّ انْظُرْ جِيرَانَكَ ، فَأَنِلْهُمْ مِنْهَا بِمَعْرُوفٍ ، وَصَلِّ الصَلَاةَ لِوَقْتِهَا، فَإِنْ أَتَيْتَ الْإِمَامَ وَقَدْ صَلَّى كُنْتَ قَدْ أَحْرَزْتَ صَلَاتَكَ، وَإِلَّا فَهِيَ لَكَ نَافِلَةٌ (6) "(7)
(1) يمرقون: يجوزون ، ويخرقون ، ويخرجون.
(2)
مُرُوقَ السَّهْمِ مِنَ الرَّمِيَّةِ: اختراقَهُ لها ، وخروجَه من الجانب الآخر بسرعة.
(3)
بَيَّنَ أَبُو ذَرٍّ أَنَّ نُزُولَهُ فِي ذَلِكَ الْمَكَانِ كَانَ بِاخْتِيَارِهِ ، نَعَمْ أَمَرَهُ عُثْمَانُ بِالتَّنَحِّي عَنْ الْمَدِينَة ، لِدَفْعِ الْمَفْسَدَةِ الَّتِي خَافَهَا عَلَى غَيْرِهِ مِنْ مَذْهَبِهِ الْمَذْكُور ، فَاخْتَارَ الرَّبَذَة، وَقَدْ كَانَ يَغْدُو إِلَيْهَا فِي زَمَن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم كَمَا رَوَاهُ أَصْحَاب السُّنَن مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْهُ. فتح الباري (ج 4 / ص 495)
(4)
يؤم: يصلي إماما.
(5)
نكص: رجع وتأخر.
(6)
النافلة: ما كان زيادة على الأصل الواجب.
(7)
(حب) 5964 ، (م) 648 ، (حم) 21465 ،صححه الألباني في ظلال الجنة: 1052، صحيح موارد الظمآن: 1286 ،وقال الأرناءوط: إسناده صحيح
(صم)، وَعَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ رضي الله عنه قَالَ: لَمَّا خَرَجَ أَبُو ذَرٍّ رضي الله عنه إِلَى الرَّبَذَةِ ، لَقِيَهُ رَكْبٌ مِنْ أَهْلِ الْعِرَاقِ ، فَقَالُوا: يَا أَبَا ذَرٍّ، قَدْ بَلَغَنَا الَّذِي صُنِعَ بِكَ، فَاعْقِدْ لِوَاءً يَأتِكَ رِجَالٌ مَا شِئْتَ، فَقَالَ: مَهْلًا يَا أَهْلَ الْإِسْلَامِ، فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:" سَيَكُونُ بَعْدِي سُلْطَانٌ فَأَعْزِرُوهُ (1) مَنِ الْتَمَسَ ذُلَّهُ ، ثَغَرَ ثَغْرَةً فِي الْإِسْلَامِ، وَلَمْ يُقْبَلْ مِنْهُ تَوْبَةٌ حَتَّى يُعِيدَهَا كَمَا كَانَتْ "(2)
(1) التَّعْزِيرُ: التَّأدِيبُ دُونَ الْحَدِّ ، وَالتَّعْزِيرُ فِي قَوْله تَعَالَى {وَتُعَزِّرُوهُ} هو النُّصْرَةُ وَالتَّعْظِيمُ. المصباح المنير في غريب الشرح الكبير
(2)
صححه الألباني في ظلال الجنة: 1079
(م حم)، وَعَنْ عُبَادَة بْنِ الصَّامِتِ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " عَلَيْكَ السَّمْعَ وَالطَّاعَةَ، فِي عُسْرِكَ وَيُسْرِكَ، وَمَنْشَطِكَ (1) وَمَكْرَهِكَ (2) وَأَثَرَةٍ عَلَيْكَ (3) وَلَا تُنَازِعْ الْأَمْرَ أَهْلَهُ (4) وَإِنْ رَأَيْتَ أَنَّ لَكَ (5) "(6)
(1)(الْمَنْشَط): مِنْ النَّشَاط ، وَهُوَ الْأَمْرُ الَّذِي تَنْشَطُ لَهُ ، وَتَخِفُّ إِلَيْهِ وَتُؤْثِر فِعْلَه ، وَهُوَ مَصْدَرٌ بِمَعْنَى: الْمَحْبُوب. شرح سنن النسائي (5/ 458)
(2)
قَالَ الْعُلَمَاء: مَعْنَاهُ تَجِبُ طَاعَةُ وُلَاةِ الْأُمُورِ فِيمَا يَشُقُّ وَتَكْرَهُهُ النُّفُوسُ وَغَيْرُه مِمَّا لَيْسَ بِمَعْصِيَةٍ، فَإِنْ كَانَتْ لِمَعْصِيَةٍ ، فَلَا سَمْعَ وَلَا طَاعَة، كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْأَحَادِيثِ الْبَاقِيَة، فَتُحْمَلُ هَذِهِ الْأَحَادِيثُ الْمُطْلِقَةُ لِوُجُوبِ طَاعَةِ وُلَاةِ الْأُمُورِ عَلَى مُوَافَقَةِ تِلْكَ الْأَحَادِيثِ الْمُصَرِّحَةِ بِأَنَّهُ لَا سَمْعَ وَلَا طَاعَةَ فِي الْمَعْصِيَة. شرح النووي على مسلم - (ج 6 / ص 310)
(3)
(الْأَثَرَة): هِيَ الِاسْتِئْثَار وَالِاخْتِصَاص بِأُمُورِ الدُّنْيَا عَلَيْكُمْ، أَيْ: اِسْمَعُوا وَأَطِيعُوا ، وَإِنْ اِخْتَصَّ الْأُمَرَاءُ بِالدُّنْيَا، وَلَمْ يُوصِلُوكُمْ حَقَّكُمْ مِمَّا عِنْدَهُمْ ، فالْمُرَادُ أَنَّ طَوَاعِيَتَهُمْ لِمَنْ يَتَوَلَّى عَلَيْهِمْ لَا تَتَوَقَّف عَلَى إِيصَالِهِمْ حُقُوقَهُمْ ، بَلْ عَلَيْهِمْ الطَّاعَةُ ، وَلَوْ مَنَعَهُمْ حَقَّهُمْ ، وَهَذِهِ الْأَحَادِيثُ فِي الْحَثِّ عَلَى السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ فِي جَمِيعِ الْأَحْوَال، وَسَبَبُهَا اِجْتِمَاعُ كَلِمَةِ الْمُسْلِمِينَ، فَإِنَّ الْخِلَافَ سَبَبٌ لِفَسَادِ أَحْوَالِهِمْ فِي دِينِهِمْ وَدُنْيَاهُمْ. فتح الباري (ج 20 / ص 59)
(4)
أَيْ: الْمُلْك وَالْإِمَارَة. فتح الباري (ج 20 / ص 59)
(5)
أَيْ: وَإِنْ اِعْتَقَدْتَ أَنَّ لَكَ فِي الْأَمْرِ حَقًّا ، فَلَا تَعْمَلْ بِذَلِكَ الظَّنّ ، بَلْ اِسْمَعْ وَأَطِعْ ، إِلَى أَنْ يَصِلَ إِلَيْكَ بِغَيْرِ خُرُوجٍ عَنْ الطَّاعَة. فتح (20/ 59)
(6)
(حم) 22787 ، (م) 1836
(م ت س حم)، وَعَنْ أُمِّ الْحُصَيْنِ الْأَحْمَسِيَّةِ رضي الله عنها قَالَتْ:(حَجَجْتُ مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم حَجَّةَ الْوَدَاعِ ، فَرَأَيْتُهُ)(1)(" يَخْطُبُ بِعَرَفَاتٍ)(2)(وَمَعَهُ بِلَالٌ وَأُسَامَةُ ، أَحَدُهُمَا يَقُودُ بِهِ رَاحِلَتَهُ ، وَالْآخَرُ رَافِعٌ ثَوْبَهُ عَلَى رَأسِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم)(3)(يُظِلُّهُ مِنْ الْحَرِّ)(4)(وَعَلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم بُرْدٌ قَدْ الْتَفَعَ بِهِ (5) مِنْ تَحْتِ إِبْطِهِ ، قَالَتْ: فَأَنَا أَنْظُرُ إِلَى عَضَلَةِ عَضُدِهِ تَرْتَجُّ (6)) (7)(فَحَمِدَ اللهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ، وَذَكَرَ قَوْلًا كَثِيرًا)(8)(ثُمَّ سَمِعْتُهُ يَقُولُ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا اللهَ ، وَإِنْ أُمِّرَ عَلَيْكُمْ عَبْدٌ حَبَشِيٌّ مُجَدَّعٌ)(9)(يَقُودُكُمْ بِكِتَابِ اللهِ تَعَالَى فَاسْمَعُوا لَهُ وَأَطِيعُوا (10) ") (11)
(1)(م) 311 - (1298)
(2)
(حم) 27310 ، (م) 37 - (1838)، وقال الأرناؤوط: إسناده صحيح.
(3)
(م) 311 - (1298)
(4)
(س) 3060
(5)
أَيْ: اِلْتَحَفَ بِهِ. تحفة الأحوذي - (ج 4 / ص 392)
(6)
أَيْ: تَهْتَزُّ وَتَضْطَرِبُ.
(7)
(ت) 1706
(8)
(س) 3060
(9)
(ت) 1706 ، (حم) 27309
(10)
فِيهِ حَثٌّ عَلَى الْمُدَارَاةِ ، وَالْمُوَافَقَةِ مَعَ الْوُلَاةِ، وَعَلَى التَّحَرُّزِ عَمَّا يُثِيرُ الْفِتْنَةَ ، وَيُؤَدِّي إِلَى اِخْتِلَافِ الْكَلِمَةِ. تحفة الأحوذي (ج 4 / ص 392)
(11)
(م) 311 - (1298) ، (حم) 27310
(ت حم حب طب)، وَعَنْ أَبِي أُمَامَةَ الْبَاهِلِيِّ رضي الله عنه قَالَ:(" سَمِعْتَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَخْطُبُ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ)(1)(وَهُوَ يَوْمَئِذٍ عَلَى الْجَدْعَاءِ (2) وَاضِعٌ رِجْلَيْهِ فِي الْغَرْزِ ، يَتَطَاوَلُ يُسْمِعُ النَّاسَ، فَقَالَ بِأَعْلَى صَوْتِهِ:) (3)(أَيُّهَا النَّاسُ)(4)(أَلَا تَسْمَعُونَ؟ " فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ آخِرِ)(5)(النَّاسِ: يَا رَسُولَ اللهِ مَاذَا تَعْهَدُ إِلَيْنَا؟)(6)(فَقَالَ: " إِنَّهُ لَا نَبِيَّ بَعْدِي ، وَلَا أُمَّةَ بَعْدَكُمْ ، أَلَا فَاعْبُدوا رَبُّكُمْ وَصَلُّوا خَمْسَكُمْ ، وَصُومُوا شَهْرَكُمْ ، وَأَدُّوا زَكَاةَ أَمْوَالِكُمْ ، وَأَطِيعُوا وُلَاةَ أَمْرِكُمْ (7) تَدْخُلُوا جَنَّةَ رَبِّكُمْ ") (8)
(1)(ت) 616
(2)
الجدعاء: اسم ناقة النبي صلى الله عليه وسلم.
(3)
(حم) 22312 ، وقال الشيخ شعيب الأرناءوط: إسناده صحيح.
(4)
(حب) 4563 ، وقال الشيخ شعيب الأرناءوط: إسناده قوي.
(5)
(حم) 22215 ، وقال الشيخ شعيب الأرناءوط: إسناده صحيح.
(6)
(حم) 22312
(7)
أَيْ: كُلَّ مَنْ تَوَلَّى أَمْرًا مِنْ أُمُورِكُمْ ، سَوَاءٌ كَانَ السُّلْطَانَ - وَلَوْ جَائِرًا وَمُتَغَلِّبًا - وَغَيْرَهُ ، مِنْ أُمَرَائِهِ وَسَائِرِ نُوَّابِهِ، إلَّا أَنَّهُ لَا طَاعَةَ لِمَخْلُوقٍ فِي مَعْصِيَةِ الْخَالِقِ، وَلَمْ يَقُلْ:" أَمِيرَكُمْ "، إِذْ هُوَ خَاصٌّ عُرْفًا بِبَعْضِ مَنْ ذُكِرَ وَلِأَنَّهُ أَوْفَقُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{وَأَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ} .تحفة الأحوذي (ج2ص150)
(8)
(طب) 7535 ، (ت) 616 ،الصَّحِيحَة: 3233 ، 867 ،صَحِيح الْجَامِع: 109
(حم)، وَعَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " مَنْ عَبَدَ اللهَ لَا يُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا ، وَأَقَامَ الصَلَاةَ ، وَآتَى الزَّكَاةَ ، وَسَمِعَ وَأَطَاعَ ، فَإِنَّ اللهَ تَعَالَى يُدْخِلُهُ مِنْ أَيِّ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ شَاءَ ، وَلَهَا ثَمَانِيَةُ أَبْوَابٍ ، وَمَنْ عَبَدَ اللهَ لَا يُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا ، وَأَقَامَ الصَلَاةَ ، وَآتَى الزَّكَاةَ ، وَسَمِعَ وَعَصَى ، فَإِنَّ اللهَ تَعَالَى مِنْ أَمْرِهِ بِالْخِيَارِ ، إِنْ شَاءَ رَحِمَهُ ، وَإِنْ شَاءَ عَذَّبَهُ "(1)
(1)(حم) 22820 ، حسنه الألباني في ظلال الجنة: 968 ، وقال الشيخ شعيب الأرنؤوط: إسناده حسن.
(م)، وَعَنْ وَائِلِ بْنِ حُجْرٍ رضي الله عنه قَالَ: سَأَلَ سَلَمَةُ بْنُ يَزِيدَ الْجُعْفِيُّ رضي الله عنه رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: يَا نَبِي اللهِ ، أَرَأَيْتَ إِنْ قَامَتْ عَلَيْنَا أُمَرَاءُ يَسْأَلُونَا حَقَّهُمْ ، وَيَمْنَعُونَا حَقَّنَا ، فَمَا تَأمُرُنَا؟ ، " فَأَعْرَضَ عَنْهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم " ، ثُمَّ سَأَلَهُ ، " فَأَعْرَضَ عَنْهُ "، ثُمَّ سَأَلَهُ الثَّالِثَةَ (1) فَجَذَبَهُ الْأَشْعَثُ بْنُ قَيْسٍ رضي الله عنه فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:" اسْمَعُوا وَأَطِيعُوا ، فَإِنَّمَا عَلَيْهِمْ مَا حُمِّلُوا ، وَعَلَيْكُمْ مَا حُمِّلْتُمْ "(2)
الشرح (3)
(1) سكوتُ النبيّ صلى الله عليه وسلم عن السائل حتى كرّر السؤال ثلاثًا، يُحتمل أن يكون لأنه كان ينتظر الوحي ، أو لأنه كان يستخرج من السائل حرصه على مسألته ، واحتياجه إليها، أو لأنه كره تلك المسألة؛ لأنها لا تصدر في الغالب إلا من قلب فيه تشوُّفٌ لمخالفة الأمراء ، والخروج عليهم. المُفْهِم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم - (ج 12 / ص 101)
(2)
(م) 1846 ، (ت) 2199
(3)
أَيْ أن الله تعالى كلَّف الوُلاة بالعدل ، وحُسْن الرعاية، وكلّف الْمَوْلَّى عليهم بالطاعة وحسن النصيحة ، فأراد أنه إن عصى الأمراءُ اللهَ فيكم ، ولم يقوموا بحقوقكم ، فلا تعصوا اللهَ أنتم فيهم، وقوموا بحقوقهم، فإن اللهَ مُجَازٍ كلَّ واحدٍ من الفريقين بما عمل. المفهم (12/ 101)
(خ م جة حب)، وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: (" إِنَّ بَنِي إِسْرَائِيلَ كَانَتْ تَسُوسُهُمُ الْأَنْبِيَاءُ (1) كُلَّمَا مَاتَ نَبِيٌّ خَلَفَهُ نَبِيٌّ ، وَإِنَّهُ لَا نَبِيَّ بَعْدِي (2) ") (3) (قَالُوا: فَمَا يَكُونُ بَعْدَكَ يَا رَسُولَ اللهِ؟) (4)(قَالَ: " سَيَكُونُ خُلَفَاءُ فَيَكْثُرُونَ "، قَالُوا: فَمَا تَأمُرُنَا يَا رَسُولَ اللهِ؟ ، قَالَ: " أَوْفُوا بِبَيْعَةِ الْأَوَّلِ فَالْأَوَّلِ (5) وَأَعْطُوهُمْ حَقَّهُمْ ، فَإِنَّ اللهَ سَائِلُهُمْ عَمَّا اسْتَرْعَاهُمْ (6)) (7)
وفي رواية: " فَإِنَّ اللهَ سَائِلُهُمْ عَن الَّذِي عَلَيْهِمْ "(8)
وفي رواية: " فَإِنَّ اللهَ سَائِلُهُمْ عَنِ الَّذِي لَكُمْ "(9)
(1) أَيْ: أَنَّهُمْ كَانُوا إِذَا ظَهَرَ فِيهِمْ فَسَادٌ ، بَعَثَ اللهُ لَهُمْ نَبِيًّا لَهُمْ يُقِيم أَمْرَهُمْ وَيُزِيل مَا غَيَّرُوا مِنْ أَحْكَام التَّوْرَاة، وَفِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّهُ لَا بُدَّ لِلرَّعِيَّةِ مِنْ قَائِمٍ بِأُمُورِهَا ، يَحْمِلُهَا عَلَى الطَّرِيق الْحَسَنَة، وَيُنْصِفُ الْمَظْلُومَ مِنْ الظَّالِم. (فتح الباري) - (ج 10 / ص 255)
(2)
أَيْ: لَا نَبِيَّ بَعْدِي فَيَفْعَلُ مَا كَانَ أُولَئِكَ يَفْعَلُونَ.
(3)
(خ) 3268 ، (م) 1842
(4)
(حب) 4555 ، (جة) 2871
(5)
أَيْ: يَجِبُ الْوَفَاءُ بِبَيْعَةِ مَنْ كَانَ أَوَّلًا فِي كُلِّ زَمَان ، وَبَيْعَةُ الثَّانِي بَاطِلَةٌ. حاشية السندي على ابن ماجه (ج5ص482)
(6)
فِي الْحَدِيث تَقْدِيمُ أَمْرِ الدِّينِ عَلَى أَمْرِ الدُّنْيَا ، لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم أَمَرَ بِتَوْفِيَةِ حَقِّ السُّلْطَانِ ، لِمَا فِيهِ مِنْ إِعْلَاءِ كَلِمَةِ الدِّين ، وَكَفِّ الْفِتْنَةِ وَالشَّرّ؛ وَتَأخِيرُ أَمْرِ الْمُطَالَبَةِ بِحَقِّهِ لَا يُسْقِطهُ، وَقَدْ وَعَدَهُ اللهُ أَنَّهُ يُخَلِّصَهُ وَيُوَفِّيهِ إِيَّاهُ ، وَلَوْ فِي الدَّارِ الْآخِرَة. (فتح الباري) - (ج 10 / ص 255)
(7)
(خ) 3268 ، (م) 1842
(8)
(جة) 2871
(9)
(حب) 4555 ، وصححه الألباني في الإرواء تحت حديث: 2473 ، وقال الشيخ شعيب الأرناءوط: إسناده صحيح.
(خ م حم)، وَعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: (" إِنَّكُمْ سَتَرَوْنَ بَعْدِي أَثَرَةً (1) وَأُمُورٌ تُنْكِرُونَهَا (2)) (3)(وَسَيَكُونُ بَعْدِي أُمَرَاءُ يَقُولُونَ مَا لَا يَفْعَلُونَ ، وَيَفْعَلُونَ مَا لَا يُؤْمَرُونَ ")(4)(قَالُوا: فَمَا تَأمُرُنَا يَا رَسُولَ اللهِ؟ ، قَالَ: " أَدُّوا إِلَيْهِمْ (5) حَقَّهُمْ) (6)(الَّذِي عَلَيْكُمْ (7)) (8)(وَسَلُوا اللهَ حَقَّكُمْ)(9)(الَّذِي لَكُمْ ")(10)
الشرح (11)
(1) الأثَرَة: اِسْتِئْثَار الْأُمَرَاء بِأَمْوَالِ بَيْت الْمَال. شرح النووي (6/ 317)
(2)
يَعْنِي مِنْ أُمُورِ الدِّين. فتح الباري (ج 20 / ص 57)
(3)
(خ) 6644 ، (م) 1843
(4)
(حم) 4363 ، وقال الشيخ شعيب الأرناءوط: إسناده قوي.
(5)
أَيْ: إِلَى الْأُمَرَاء. فتح الباري (ج 20 / ص 57)
(6)
(خ) 6644 ، (م) 1843
(7)
سَوَاءٌ كَانَ يَخْتَصُّ بِهِمْ أَوْ يَعُمّ ، كبَذْلِ الْمَالِ الْوَاجِبِ فِي الزَّكَاة ، وَالنَّفْسِ فِي الْخُرُوجِ إِلَى الْجِهَادِ عِنْدَ التَّعْيِين ، وَنَحْوِ ذَلِكَ. فتح (20/ 57)
(8)
(خ) 3408
(9)
(خ) 6644 ، (م) 1843
(10)
(خ) 3408
(11)
فِيهِ الْحَثُّ عَلَى السَّمْعِ وَالطَّاعَة، وَإِنْ كَانَ الْمُتَوَلِّي ظَالِمًا عَسُوفًا، فَيُعْطَى حَقَّهُ مِنْ الطَّاعَةِ ، وَلَا يُخْرَجُ عَلَيْهِ ، وَلَا يَخْلَع ، بَلْ يَتَضَرَّعُ إِلَى اللهِ تَعَالَى فِي كَشْفِ أَذَاهُ، وَدَفْعِ شَرِّهِ وَإِصْلَاحِه. شرح النووي (6/ 317)
(صم)، وَعَنْ الْمِقْدَامِ بْنِ مَعْدِيكَرِبَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " أَطِيعُوا أُمَرَاءَكُمْ مَهْمَا كَانَ، فَإِنْ أَمَرُوكُمْ بِشَيْءٍ مِمَّا لَمْ آتِكُمْ بِهِ فَهُوَ عَلَيْهِمْ ، وَأَنْتُمْ مِنْهُ بَرَاءٌ ، وَإِنْ أَمَرُوكُمْ بِشَيْءٍ مِمَّا جِئْتُكُمْ بِهِ ، فَإِنَّهُمْ يُؤْجَرُونَ عَلَيْهِ ، وَتُؤْجَرُونَ عَلَيْهِ، ذَلِكُمْ بِأَنَّكُمْ إِذَا لَقِيتُمْ رَبَّكُمْ قُلْتُمْ: رَبَّنَا لَا ظُلْمَ؟، فَيَقُولُ: لَا ظُلْمَ، فَتَقُولُونَ: رَبَّنَا، أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رُسَلًا فَأَطَعْنَاهُمْ، وَاسْتَخْلَفْتَ عَلَيْنَا خُلَفَاءَ فَأَطَعْنَاهُمْ وَأَمَّرْتَ عَلَيْنَا أُمَرَاءَ فَأَطَعْنَاهُمْ، فَيَقُولُ: صَدَقْتُمْ، هُوَ عَلَيْهِمْ ، وَأَنْتُمْ مِنْهُ بَرَاءٌ "(1)
(1) صححه الألباني في ظلال الجنة: 1048
(خ م س د جة)، وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه قَالَ:(" كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَخْرُجُ يَوْمَ الْفِطْرِ وَالْأَضْحَى إِلَى الْمُصَلَّى ، فَأَوَّلُ شَيْءٍ يَبْدَأُ بِهِ الصَّلَاةُ)(1)(فَإِذَا جَلَسَ فِي الثَّانِيَةِ وَسَلَّمَ ، قَامَ فَاسْتَقْبَلَ النَّاسَ بِوَجْهِهِ وَالنَّاسُ جُلُوسٌ)(2)(عَلَى صُفُوفِهِمْ ، فَيَعِظُهُمْ ، وَيُوصِيهِمْ ، وَيَأمُرُهُمْ ، فَإِنْ كَانَ يُرِيدُ أَنْ يَقْطَعَ بَعْثًا قَطَعَهُ)(3) وفي رواية: (فَإِنْ كَانَ لَهُ حَاجَةٌ بِبَعْثٍ ذَكَرَهُ لِلنَّاسِ ، أَوْ كَانَتْ لَهُ حَاجَةٌ بِغَيْرِ ذَلِكَ أَمَرَهُمْ بِهَا ، وَكَانَ يَقُولُ: تَصَدَّقُوا ، تَصَدَّقُوا ، تَصَدَّقُوا " ، وَكَانَ أَكْثَرَ مَنْ يَتَصَدَّقُ النِّسَاءُ ، " ثُمَّ يَنْصَرِفُ ")(4)(قَالَ أَبُو سَعِيدٍ: فَلَمْ يَزَلْ النَّاسُ عَلَى ذَلِكَ حَتَّى خَرَجْتُ مَعَ مَرْوَانَ - وَهُوَ أَمِيرُ الْمَدِينَةِ - فِي أَضْحًى أَوْ فِطْرٍ ، فَلَمَّا أَتَيْنَا الْمُصَلَّى ، إِذَا مِنْبَرٌ بَنَاهُ كَثِيرُ بْنُ الصَّلْتِ)(5)(مِنْ طِينٍ وَلَبِنٍ)(6)(فَإِذَا مَرْوَانُ يُرِيدُ أَنْ يَرْتَقِيَهُ قَبْلَ أَنْ يُصَلِّيَ ، فَجَبَذْتُ بِثَوْبِهِ ، فَجَبَذَنِي ، فَارْتَفَعَ فَخَطَبَ قَبْلَ الصَّلَاةِ ، فَقُلْتُ لَهُ: غَيَّرْتُمْ وَاللهِ)(7)(فَقَالَ مَرْوَانُ: لَا يَا أَبَا سَعِيدٍ ، قَدْ تُرِكَ مَا تَعْلَمُ ، فَقُلْتُ: كَلَّا وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ ، لَا تَأتُونَ بِخَيْرٍ مِمَّا أَعْلَمُ - ثَلَاثَ مِرَارٍ -)(8)(فَقَالَ: إِنَّ النَّاسَ لَمْ يَكُونُوا يَجْلِسُونَ لَنَا بَعْدَ الصَّلَاةِ ، فَجَعَلْتُهَا قَبْلَ الصَّلَاةِ)(9).
وفي رواية: (فَقَالَ رَجُلٌ: يَا مَرْوَانُ خَالَفْتَ السُّنَّةَ ، أَخْرَجْتَ الْمِنْبَرَ فِي هَذَا الْيَوْمِ ، وَلَمْ يَكُنْ يُخْرَجُ ، وَبَدَأتَ بِالْخُطْبَةِ قَبْلَ الصَّلَاةِ ، وَلَمْ يَكُنْ يُبْدَأُ بِهَا)(10)(فَقَالَ أَبُو سَعِيدٍ: مَنْ هَذَا؟ ، قَالُوا: فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ ، فَقَالَ: أَمَّا هَذَا فَقَدْ قَضَى مَا عَلَيْهِ ، سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: " مَنْ رَأَى مُنْكَرًا فَاسْتَطَاعَ أَنْ يُغَيِّرَهُ بِيَدِهِ ، فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ ، فَبِلِسَانِهِ ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ ، وَذَلِكَ أَضْعَفُ الْإِيمَانِ ")(11)
(1)(خ) 913 ، (م) 9 - (889) ، (س) 1576
(2)
(س) 1576
(3)
(خ) 913
(4)
(م) 9 - (889) ، (خ) 913 ، (س) 1576 ، (جة) 1288
(5)
(خ) 913 ، (م) 9 - (889)
(6)
(م) 9 - (889)
(7)
(خ) 913
(8)
(م) 9 - (889) ، (خ) 913
(9)
(خ) 913
(10)
(جة) 4013 ، (د) 1140 ، (م) 78 - (49) ، (ت) 2172
(11)
(د) 1140 ، (جة) 4013 ، (م) 78 - (49) ، (ت) 2172
(حم)، وَعَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " إِنَّ السَّامِعَ الْمُطِيعَ لَا حُجَّةَ عَلَيْهِ ، وَإِنَّ السَّامِعَ الْعَاصِي لَا حُجَّةَ لَهُ "(1)
(1)(حم) 16921 ، وصححه الألباني في ظلال الجنة: 1056 ، وقال الشيخ شعيب الأرنؤوط: إسناده صحيح.
(صم)، وَعَنْ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ رضي الله عنه قَالَ: قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللهِ، لَا نَسْأَلُكَ عَنْ طَاعَةِ مَنِ اتَّقَى وَأَصْلَحَ، وَلَكِنْ مَنْ فَعَلَ وَفَعَلَ - يَذْكُرُ الشَّرَّ - فَقَالَ:" اتَّقُوا اللهَ ، وَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا "(1)
(1) صححه الألباني في ظلال الجنة: 1069
(صم)، وَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ: نَهَانَا كُبَرَاؤُنَا مِنْ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم قَالَ: " لَا تَسُبُّوا أُمَرَاءَكُمْ ، وَلَا تَغُشُّوهُمْ، ولا تُبْغِضُوهم (1) وَاتَّقُوا اللهَ وَاصْبِرُوا، فَإِنَّ الْأَمْرَ قَرِيبٌ "(2)
(1) البُغْض: عكس الحُب ، وهو الكُرْهُ والمَقْت.
(2)
صححه الألباني في ظلال الجنة: 1015 ، (هب) 7523