المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الإشراك بالله من الكبائر - الجامع الصحيح للسنن والمسانيد - جـ ٤

[صهيب عبد الجبار]

فهرس الكتاب

- ‌مَراتِبُ النَّاسِ فِي الجَنَّةِ وَالنَّارِ بِحَسَبَ أَعْمَالِهِم

- ‌صِفَاتٌ عَامَّةٌ لِلْمُؤْمِن

- ‌شُعَبُ الْإيمَان

- ‌اسْتِشْعَارُ الطَّاعَةِ والذَّنْبِ مِنَ الْإيمَان

- ‌الْمُسَارَعَةُ إلَى التَّوْبَةِ مِنَ الذَّنْبِ مِنَ الْإيمَان

- ‌مِنَ الْإيمَانِ كَرَاهِيَةُ الْكُفْرِ والْعَوْدَةِ إلَيْه

- ‌السَّمَاحَةُ مِنَ الْإيمَان

- ‌الصَّبْرُ مِنَ الْإيمَان

- ‌حُسْنُ الْخُلُقِ مِنَ الْإيمَان

- ‌الْحُبُّ فِي اللهِ وَالْبُغْضُ فِي اللهِ مِنَ الْإيمَان

- ‌حَبُّ آلِ الْبَيْتِ مِنَ الْإيمَان

- ‌حُبُّ الْأَنْصَارِ مِنَ الْإيمَان

- ‌طَاعَةُ الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم مِنَ الْإيمَان

- ‌الصِّدْقُ مِنَ الْإيمَان

- ‌الْوَفَاءُ بِالْوَعْدِ مِنَ الْإيمَان

- ‌أَدَاءُ الْأَمَانَةِ مِنَ الْإيمَان

- ‌الطَّهَارَةُ مِنْ الْإِيمَانِ

- ‌الصَّلَاةُ مِنْ الْإِيمَانِ

- ‌صِيَامُ رَمَضَانَ مِنَ الْإيمَان

- ‌قِيَامُ رَمَضَانَ مِنَ الْإيمَان

- ‌قِيَامُ لَيْلَةِ الْقَدْرِ مِنَ الْإيمَان

- ‌اتِّبَاعُ الْجَنَائِزِ وَالصَّلَاةُ عَلَيْها مِنَ الْإيمَان

- ‌الْأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيُ عَنِ الْمُنْكَرِ مِنَ الْإيمَان

- ‌الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللهِ مِنْ الْإِيمَان

- ‌الِامْتِنَاعُ عَنْ أَذَى النَّاسِ مِنَ الْإيمَان

- ‌اسْتِقَامَةُ اللِّسَانِ مِنَ الْإيمَان

- ‌الِامْتِنَاعُ عَنِ اللَّعْنِ مِنَ الْإيمَان

- ‌الِامْتِنَاعُ عَنِ السَّرِقَةِ مِنَ الْإيمَان

- ‌الِامْتِنَاعُ عَنِ الزِّنَا مِنَ الْإيمَان

- ‌غَضُّ الْبَصَرِ عَنِ الْمُحَرَّمَات مِنَ الْإيمَان

- ‌الِامْتِنَاعُ عَنِ الْخَلْوَةِ بِالْأَجْنَبِيَّة مِنَ الْإيمَان

- ‌الْغَيْرَةُ عَلَى الْعِرْضِ مِنَ الْإيمَان

- ‌دُخُولُ الذَّكَرِ الْحَمَّامَ بِمِئْزَرٍ مِنَ الْإيمَان

- ‌مَنْعُ الْإنَاثِ مِنْ دُخُولِ الْحَمَّامَاتِ الْعَامَّةِ مِنَ الْإيمَان

- ‌امْتِنَاعُ الذَّكَر عَنْ لُبْسِ الْحَرِيرِ وَالذَّهَبِ مِنَ الْإيمَان

- ‌الزَّوَاجُ مِنَ الْإيمَان

- ‌التَّسْلِيمُ عَلَى الْأَهْلِ عِنْدَ الدُّخُولِ عَلَيْهِمْ مِنَ الْإيمَان

- ‌إفْشَاءُ السَّلَامِ مِنَ الْإيمَان

- ‌تَرْكُ الْجِدَالِ مِنَ الْإيمَان

- ‌الِامْتِنَاعُ عَنْ شُرْبِ الْخَمْرِ مِنَ الْإيمَان

- ‌عَدَمُ الْجُلُوسِ مَعَ مَنْ يَشْرَبُهَا مِنَ الْإيمَان

- ‌الِامْتِنَاعُ عَنِ النُّهْبَةِ مِنَ الْإيمَان

- ‌الِامْتِنَاعُ عَنِ الْغُلُولِ مِنَ الْإيمَان

- ‌الِامْتِنَاعُ عَنِ قَتْلِ الْغِيلَةِ مِنَ الْإيمَان

- ‌الِامْتِنَاعُ عَنِ الْحَسَدِ مِنَ الْإيمَان

- ‌إطْعَامُ الْجَارِ الْجَائِعِ مِنَ الْإيمَان

- ‌إكْرَامُ الضَّيْفِ مِنَ الْإيمَان

- ‌الْجُودُ مِنَ الْإيمَان

- ‌حُسْنُ الْعَهْدِ مِنَ الْإيمَان

- ‌الِاهْتِمَامُ بِأُمُورِ الْمُسْلِمِينَ مِنَ الْإيمَان

- ‌أَنْ يُحِبَّ لِلنَّاسِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ مِنَ الْإيمَان

- ‌الْحَيَاءُ مِنَ الْإيمَان

- ‌طِيبَةُ الْقَلْبِ مِنَ الْإيمَان

- ‌الْمُؤْمِنُ كَيِّسٌ فَطِن

- ‌الزُّهْدُ فِي الدُّنْيَا مِنَ الْإيمَان

- ‌الِامْتِنَاعُ عَنْ بَيْعِ الْغَنِيمَةِ قَبْلَ اقْتِسَامِها مِنَ الْإيمَان

- ‌عَدَمُ رَدِّ الدَّابَّةِ فِي الْغَنِيمَةِ بَعْدَ إعْجَافِهَا مِنَ الْإيمَان

- ‌عَدَمُ رَدِّ الثَّوْبِ فِي الْغَنِيمَة بَعْدَ إخْلَاقِهِ مِنَ الْإيمَان

- ‌عَدَمُ وَطْءِ الْحَبَالَى مِنَ السَّبْيِ مِنَ الْإيمَان

- ‌اسْتِبْرَاءُ الثَّيِّبِ مِنَ السَّبْيِ بِحَيْضَةٍ مِنَ الْإيمَان

- ‌إِمَاطَةُ الْأَذَى عَنِ الطَّرِيقِ مِنَ الْإيمَان

- ‌النِّفَاقُ

- ‌النِّفَاقُ ظَاهِرَةٌ قَدِيمَةٌ

- ‌صِفَاتُ الْمُنَافِقِين

- ‌الأَمْنُ مِنْ النِّفَاق

- ‌الْمُنَافِقُ يَظُنُّ نَفْسَهُ مُصْلِحًا ، لَكِنَّهُ فِي الْحَقِيقَةِ مُفْسِد

- ‌الْمُنَافِقُ يَرَى أَهْلَ الْحَقِّ فِي ضَلَال

- ‌الْمُنَافِقُ لَهُ وَجْهَان

- ‌المُنَافِقُ يَرْفُضُ التَّحَاكُمَ إلَى شَرِيعَةِ اللهِ

- ‌مِنْ عَلَامَاتِ النِّفَاقِ نَكْثُ العَهْدِ معَ اللهِ عز وجل وَمعَ النَّاس

- ‌مِنْ عَلَامَاتِ النِّفَاقِ الْكَذِب

- ‌مِنْ عَلَامَاتِ النِّفَاقِ خِيانَةُ الْأَمَانة

- ‌مِنْ عَلَامَاتِ النِّفَاقِ التَّكَاسُلُ عَنْ حُضُورِ الصَّلَاةِ مَعَ الْجَمَاعَة

- ‌مِنْ عَلَامَاتِ النِّفَاقِ التَّكَاسُلُ عَنْ أَدَاءِ الصلَوَاتِ فِي أَوْقَاتِها

- ‌مِنْ عَلَامَاتِ النِّفَاقِ الِاعْتِمَادُ عَلَى مَغْفِرَةِ اللهِ عز وجل مَعَ كَثْرَةِ الذُّنُوبِ وَقِلَّةِ العَمَلِ الصَّالِح

- ‌مِنْ عَلَامَاتِ النِّفَاقِ قِلَّةُ الاسْتِغْفَارِ وَالتَّوْبَة

- ‌مِنْ عَلَامَاتِ النِّفَاقِ قِلَّةُ ذِكْرِ للهِ عز وجل

- ‌مِنْ عَلَامَاتِ النِّفَاقِ الْجَهْلُ بِأَحْكَامِ الشَّرِيعَةِ الْأَسَاسِيَّة

- ‌مِنْ عَلَامَاتِ النِّفَاقِ السُّخْرِيَةُ والِاسْتِهْزَاءُ باللهِ وَرَسُولِهِ وَالْمُؤْمِنِين

- ‌مِنْ عَلَامَاتِ النِّفَاقِ كَرَاهِيَةُ الْأَنصارِ

- ‌مِنْ عَلَامَاتِ النِّفَاقِ الْأَمْرُ بِالْمُنْكَرِ والنَّهْيُ عَنِ الْمَعْرُوف

- ‌مِنْ عَلَامَاتِ النِّفَاقِ الشُّحّ

- ‌مِنْ عَلَامَاتِ النِّفَاقِ مُوَالاةُ الكُفَّارِ مِنْ دِونِ الْمُؤْمِنِين

- ‌المُنَافقُ وَلاؤُهُ لِلْمَالِ

- ‌مِنْ عَلَامَاتِ النِّفَاقِ الْحِرْصُ عَلَى الْمَكَاسِبِ الدُّنْيَوِيَّةِ الْعَاجِلَة وَالزُّهْدُ فِي ثَوَابِ الْآخِرَة

- ‌مِنْ عَلَامَاتِ النِّفَاقِ التَّشْكِيكُ فِي طَهَارَةِ الْمُجْتَمَعِ الْإسْلَامِيّ واتِّهَامُ الْمُؤْمِنِينَ بِالْفَاحِشَة

- ‌مِنْ عَلَامَاتِ النِّفَاقِ الرِّيَاء

- ‌مِنْ عَلَامَاتِ النِّفَاقِ سُهُولَةُ الحَلْفِ

- ‌مِنْ عَلَامَاتِ النِّفَاقِ كَرَاهِيَةُ الْجِهَادِ فِي سَبِيلِ الله ، وَالْخَوْفُ مِنَ الْمَوْتِ أو الْقَتْلِ فِي سَبِيلِ الله

- ‌مِنْ عَلَامَاتِ النِّفَاقِ الْفَرَحُ بِمَصَائِبِ الْمُسْلِمِين

- ‌مِنْ عَلَامَاتِ النِّفَاقِ التَّشْكِيكُ فِي قُوَّةِ الْمُسْلِمِين وَبَثُّ الْأَرَاجِيفِ عَنْ ضَعْفِهِم

- ‌مِنْ عَلَامَاتِ النِّفَاقِ حَسَدُ المُؤمِنِينَ المُلْتَزِمِينَ بِشَرعِ اللهِ عز وجل

- ‌مِنْ عَلَامَاتِ النِّفَاقِ بَذَاءَةُ اللِّسَانِ وَسُوءُ الْخُلُق

- ‌بَعْضُ الْمُنَافِقِينَ كَثِيرُ الْمَالِ وَالْوَلَد

- ‌بَعْضُ الْمُنَافِقِينَ جَمِيلُ الشَّكْلِ ، حَسَنُ الْهَيْئَة

- ‌بعضُ المُنافقين عَالِمٌ بَأَحْكَامِ الشَّرِيَعَة ، لَكِنَّهُ يَلْوِي عُنُقَ النَّصُوصِ

- ‌كَيْفِيَّةُ مَعْرِفَةِ الْمُنافِق

- ‌مَصِيرُ الْمُنَافِقِين

- ‌التَّمَسُّكُ بِالْجَمَاعَة

- ‌لَا طَاعَةَ لِمَخْلُوقٍ فِي مَعْصِيَةِ الْخَالِقِ

- ‌الْأعْمَالُ بِالنِّيَّة

- ‌السِّحْر

- ‌إثْبَاتُ وُجُودِ السِّحْر

- ‌حُكْمُ السِّحْر

- ‌حُكْمُ اَلتَّدَاوِي بِالسِّحْر

- ‌الْكِهَانَة

- ‌حَقِيقَةُ الْكِهَانَة

- ‌حُكْمُ الْكِهَانَة

- ‌حُكْمُ إتْيَانِ الْكُهَّان

- ‌الْحَسَد

- ‌إثْبَاتُ وُجُودِ الْحَسَد

- ‌حُكْمُ الْحَسَد

- ‌مَا شُرِع وِقَايَةً مِنْ الْعَيْن

- ‌سَتْرُ مَحَاسِنِ مَنْ يَخَافُ عَلَيْهِ الْعَيْن

- ‌قِرَاءَةُ الْمُعَوِّذَاتِ صَبَاحًا وَمَسَاءًا

- ‌الرُّقْيَةُ الشَّرْعِيَّة

- ‌مَشْرُعِيَّةُ الرُّقْيَة

- ‌عِلَاجُ الْمَحْسُود

- ‌عِلَاجُ اَلْمَحْسُودِ بِالِاسْتِغْسَال

- ‌عِلَاجُ الْمَحْسُود بِالرُّقْيَةِ الشَّرْعِيَّة

- ‌حُكْمُ الْغِبْطَة

- ‌الطِّيَرَة (التَّشَاؤُم)

- ‌حُكْمُ الطِّيَرَة

- ‌مَا تَجْرِي فِيهِ الطِّيَرَة

- ‌ذَمُّ الطِّيَرَةِ وَمَدْحُ الْفَأل

- ‌الرُّؤْيَا

- ‌حَقِيقَةُ الرُّؤْيَا

- ‌الرُّؤْيَا الصَّالِحَة

- ‌رُؤْيَا الْأَنْبِيَاء

- ‌رُؤْيَا الْمُؤْمِن

- ‌رُؤْيَا الْكَافِر وَالْفَاسِق

- ‌رُؤْيَةُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي الْمَنَام

- ‌آدَابُ الرُّؤْيَا

- ‌رَأَى مَا يُحِبّ

- ‌رَأَى مَا يَكْرَه

- ‌تَعْبِيرُ الرُّؤْيَا

- ‌صِفَاتُ الْمُعَبِّر

- ‌أَفْضَلُ أَوْقَاتِ التَّعْبِير

- ‌بَعْضُ مَا يُعَبَّرُ بِهِ مِنَ الْأَشْيَاء

- ‌الْكَبَائِر

- ‌الْإِشْرَاكُ بِاللهِ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌الِاسْتِهْزَاءُ بِشَيْءٍ مِنَ الْقُرْآنِ أَوْ السُّنَّةِ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌الِاسْتِسْقَاءُ بِالْأَنْوَاءِ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌تَعْلِيقُ التَّمَائِم مِنَ الْكَبَائِر

- ‌السِّحْرُ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌إتْيَانُ الْكُهَّانِ والْعَرَّافِينَ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌الذَّبْحُ لِغَيْرِ اللهِ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌التَّشَبُّهُ بِالْكُفَّارِ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌مُسَاكَنَةُ الْمُشْرِكِينَ مِنَ الْكَبَائِر

- ‌الشِّرْكُ الْأَصْغَرُ (الرِّيَاءُ) مِنَ الْكَبَائِر

الفصل: ‌الإشراك بالله من الكبائر

‌الْإِشْرَاكُ بِاللهِ مِنَ الْكَبَائِر

قَالَ تَعَالَى: {وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللهِ ، إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ} (1)

وَقَالَ تَعَالَى: {وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاءِ ، فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ ، أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ} (2)

وَقَالَ تَعَالَى: {وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ ، وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ ، بَلِ اللهَ فَاعْبُدْ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ} (3)

وَقَالَ تَعَالَى: {إِنَّ اللهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ ، وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ ، وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا (4)} (5)

وَقَالَ تَعَالَى: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا ، أُولَئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ} (6)

وَقَالَ تَعَالَى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللهِ أَنَّى يُصْرَفُونَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِالْكِتَابِ وَبِمَا أَرْسَلْنَا بِهِ رُسُلَنَا فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ ، إِذِ الْأَغْلَالُ فِي أَعْنَاقِهِمْ وَالسَّلَاسِلُ يُسْحَبُونَ ، فِي الْحَمِيمِ ثُمَّ فِي النَّارِ يُسْجَرُونَ ، ثُمَّ قِيلَ لَهُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ تُشْرِكُونَ مِنْ دُونِ اللهِ ، قَالُوا ضَلُّوا عَنَّا ، بَلْ لَمْ نَكُنْ نَدْعُو مِنْ قَبْلُ شَيْئًا ، كَذَلِكَ يُضِلُّ اللهُ الْكَافِرِينَ ، ذَلِكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَفْرَحُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَبِمَا كُنْتُمْ تَمْرَحُونَ ، ادْخُلُوا أَبْوَابَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا ، فَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ} (7)

(1)[لقمان/13]

(2)

[الحج: 31]

(3)

[الزمر: 65، 66]

(4)

فَأصبحَ مَا دُونَ الشِّرْكِ تَحْتَ إِمْكَانِ الْمَغْفِرَة، وَالْمُرَادُ بِالشِّرْكِ فِي هَذِهِ الْآيَة: الْكُفْر؛ لِأَنَّ مَنْ جَحَدَ نُبُوَّةَ مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم مَثَلًا كَانَ كَافِرًا ، وَلَوْ لَمْ يَجْعَلْ مَعَ اللهِ إِلَهًا آخَر، وَالْمَغْفِرَةُ مُنْتَفِيَةٌ عَنْهُ بِلَا خِلَاف.

وَقَدْ يَرِدُ الشِّرْكُ وَيُرَادُ بِهِ مَا هُوَ أَخَصُّ مِنْ الْكُفْر ، كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى:{لَمْ يَكُنْ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْل الْكِتَاب وَالْمُشْرِكِينَ} (فتح - 1/ 127)

(5)

[النساء/48]

(6)

[البينة: 6]

(7)

[غافر: 69 - 76]

ص: 442

(خ م)، وَعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه قَالَ:(قَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللهِ ، أَيُّ الذَّنْبِ أَعْظَمُ عِنْدَ اللهِ؟ ، قَالَ: " أَنْ تَجْعَلَ للهِ نِدًّا (1) وَهُوَ خَلَقَكَ (2)" ، فَقَالَ لَهُ: إِنَّ ذَلِكَ لَعَظِيمٌ ، ثُمَّ أَيٌّ؟ ، قَالَ: " أَنْ تَقْتُلَ وَلَدَكَ خَشْيَةَ أَنْ يَطْعَمَ مَعَكَ (3)" ، قَالَ: ثُمَّ أَيٌّ؟ ، قَالَ: " أَنْ تُزَانِيَ حَلِيلَةَ جَارِكَ (4)) (5)(فَأَنْزَلَ اللهُ عز وجل تَصْدِيقَهَا: {وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللهِ إِلَهًا آخَرَ ، وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ ، وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا (6) يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا} (7) ") (8)

الشرح (9)

(1) أَيْ: مِثْلًا وَنَظِيرًا فِي دُعَائِك أَوْ عِبَادَتِك. عون المعبود (5/ 181)

(2)

أَيْ أَنَّهُ سبحانه وتعالى اِنْفَرَدَ بِخَلْقِك ، فَكَيْف لَكَ اِتِّخَاذُ شَرِيكٍ مَعَهُ ، وَجَعْلِ عِبَادَتِكَ مَقْسُومَةً بَيْنهمَا ، فَإِنَّهُ تَعَالَى مَعَ كَوْنِهِ مُنَزَّهًا عَنْ شَرِيك ، وَكَوْنِ الشَّرِيكِ بَاطِلًا فِي ذَاتِه - لَوْ فُرِضَ وُجُودُ شَرِيكٍ ، نَعُوذُ بِاللهِ مِنْهُ - لَمَا حَسُنَ مِنْكَ اِتِّخَاذُهُ شَرِيكًا مَعَهُ فِي عِبَادَتِكَ ، بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ مَا خَلَقَك ، وَإِنَّمَا خَلَقَكَ اللهُ تَعَالَى مُنْفَرِدًا بِخَلْقِك.

وَفِي الْخِطَابِ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّ الشِّرْكَ مِنْ الْعَالِمِ بِحَقِيقَةِ التَّوْحِيدِ أَقْبَحُ مِنْهُ مِنْ غَيْرِه. شرح سنن النسائي - (ج 5 / ص 394)

(3)

أَيْ: خَشْيَةَ أَنْ يَأكُلَ مَعَكَ ، مِنْ جِهَةِ إِيثَارِ نَفْسِهِ عَلَيْهِ عِنْدَ عَدَمِ مَا يَكْفِي ، أَوْ مِنْ جِهَةِ الْبُخْلِ مَعَ الْوِجْدَان ، وَهُوَ مَعْنَى قَوْله تَعَالَى:{وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادكُمْ خَشْيَة إِمْلَاق} أَيْ: فَقْر. فتح الباري - (ج 13 / ص 276)

(4)

أَيْ: زَوْجَة جَارِك ، وَمَعْنَى " تُزَانِي " أَيْ: تَزْنِي بِهَا بِرِضَاهَا، وَذَلِكَ يَتَضَمَّنُ الزِّنَا ، وَهُوَ مَعَ اِمْرَأَةِ الْجَارِ أَشَدُّ قُبْحًا ، وَأَعْظَمُ جُرْمًا ، لِأَنَّ الْجَارَ يَتَوَقَّعُ مِنْ جَارِه الذَّبَّ عَنْهُ وَعَنْ حَرِيمِه ، وَيَأمَنُ بَوَائِقَهُ ، وَيَطْمَئِنُّ إِلَيْهِ، وَقَدْ أُمِرَ بِإِكْرَامِهِ وَالْإِحْسَانِ إِلَيْهِ ، فَإِذَا قَابَلَ هَذَا كُلَّهُ بِالزِّنَا بِامْرَأَتِهِ وَإِفْسَادهَا عَلَيْهِ مَعَ تَمَكُّنِهِ مِنْهَا عَلَى وَجْهٍ لَا يَتَمَكَّنُ غَيْرُهُ مِنْهُ ، كَانَ فِي غَايَةٍ مِنْ الْقُبْح. شرح النووي (ج 1 / ص 187)

ورَوَى أَحْمَدُ مِنْ حَدِيث الْمِقْدَاد بْن الْأَسْوَد قَالَ: " قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: مَا تَقُولُونَ فِي الزِّنَا؟ ، قَالُوا: حَرَام ، قَالَ: " لَأَنْ يَزْنِيَ الرَّجُلُ بِعَشْرَةِ نِسْوَة ، أَيْسَرُ عَلَيْهِ مِنْ أَنْ يَزْنِيَ بِامْرَأَةِ جَارِه ".فتح الباري - (ج 13 / ص 276)

(5)

(م) 86 ، (خ) 4207

(6)

الأَثَام: العقاب. تفسير الطبري - (ج 19 / ص 303)

(7)

[الفرقان/69]

(8)

(خ) 6468 ، (م) 86

(9)

هَذَا الْحَدِيثُ فِيهِ أَنَّ أَكْبَرَ الْمَعَاصِي الشِّرْك ، وَهَذَا ظَاهِرٌ لَا خَفَاءَ فِيهِ ، وَأَنَّ الْقَتْلَ بِغَيْرِ حَقٍّ يَلِيه، وَكَذَا نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ رضي الله عنه فِي كِتَابِ الشَّهَادَات مِنْ (مُخْتَصَرِ الْمُزَنِيِّ)، وَأَمَّا مَا سِوَاهُمَا مِنْ الزِّنَا ، وَاللِّوَاط ، وَعُقُوقِ الْوَالِدَيْنِ ، وَالسِّحْر ، وَقَذْف الْمُحْصَنَات ، وَالْفِرَار يَوْم الزَّحْف ، وَأَكْل الرِّبَا وَغَيْرُ ذَلِكَ مِنْ الْكَبَائِر ، فَلَهَا تَفَاصِيلُ وَأَحْكَامٌ تُعْرَفُ بِهَا مَرَاتِبُهَا، وَيَخْتَلِفُ أَمْرُهَا بِاخْتِلَافِ الْأَحْوَال ، وَالْمَفَاسِدِ الْمُرَتَّبَةِ عَلَيْهِ. شرح النووي (1/ 187)

ص: 443

(خ م)، وَعَنْ أَبِي بَكْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: (" أَلَا أُنَبِّئُكُمْ بِأَكْبَرِ الْكَبَائِرِ؟ ، أَلَا أُنَبِّئُكُمْ بِأَكْبَرِ الْكَبَائِرِ؟ ، أَلَا أُنَبِّئُكُمْ بِأَكْبَرِ الْكَبَائِرِ؟ " ، فَقُلْنَا: بَلَى يَا رَسُولَ اللهِ ، قَالَ: " الْإِشْرَاكُ بِاللهِ (1) وَعُقُوقُ الْوَالِدَيْنِ (2)) (3)(وَكَانَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مُتَّكِئًا فَجَلَسَ (4) فَقَالَ: أَلَا وَقَوْلُ الزُّورِ ، وَشَهَادَةُ الزُّورِ ، أَلَا وَقَوْلُ الزُّورِ ، وَشَهَادَةُ الزُّورِ (5) ") (6) (قَالَ:" فَمَا زَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يُكَرِّرُهَا "، حَتَّى قُلْنَا: لَيْتَهُ سَكَتَ) (7).

الشرح (8)

(1) يَحْتَمِلُ مُطْلَقَ اَلْكُفْرِ ، وَيَكُونُ تَخْصِيصُهُ بِالذِّكْرِ لِغَلَبَتِهِ فِي الْوُجُودِ ، وَلَا سِيَّمَا فِي بِلَادِ الْعَرَبِ ، فَذَكَرَهُ تَنْبِيهًا عَلَى غَيْرِهِ ، فَبَعْضُ اَلْكُفْرِ - وَهُوَ التَّعْطِيلُ -أَعْظَمُ قُبْحًا مِنْ الْإِشْرَاكِ؛ لِأَنَّهُ نَفْيٌ مُطْلَقٌ ، وَالْإِشْرَاكُ: إِثْبَاتٌ مُقَيَّدٌ ، فَيَتَرَجَّحُ هَذَا الِاحْتِمَال. فتح الباري (ج 8 / ص 164)

(2)

عُقُوقُ الْوَالِدَيْن: صُدُورُ مَا يَتَأَذَّى بِهِ الْوَالِدُ مِنْ وَلَدِهِ مِنْ قَوْلٍ أَوْ فِعْلٍ ، إِلَّا فِي شِرْكٍ أَوْ مَعْصِيَةٍ ، مَا لَمْ يَتَعَنَّتْ الْوَالِدُ، وَضَبَطَهُ اِبْنُ عَطِيَّةَ بِوُجُوبِ طَاعَتِهِمَا فِي الْمُبَاحَاتِ ، فِعْلًا وَتَرْكًا، وَاسْتِحْبَابُهَا فِي الْمَنْدُوبَاتِ ، وَفُرُوضِ الْكِفَايَةِ كَذَلِكَ. تحفة الأحوذي - (ج 5 / ص 121)

(3)

(خ) 2511 ، (م) 87

(4)

قَوْلُهُ: " وَجَلَسَ وَكَانَ مُتَّكِئًا " يُشْعِرُ بِأَنَّهُ اِهْتَمَّ بِذَلِكَ ، حَتَّى جَلَسَ بَعْدَ أَنْ كَانَ مُتَّكِئًا، وَيُفِيدُ ذَلِكَ تَأكِيدَ تَحْرِيمِهِ ، وَعِظَمَ قُبْحِهِ، وَسَبَبُ الِاهْتِمَامِ بِذَلِكَ كَوْنُ قَوْلِ اَلزُّورِ أَوْ شَهَادَة الزُّورِ أَسْهَلُ وُقُوعًا عَلَى النَّاسِ، وَالتَّهَاوُنُ بِهَا أَكْثَر، فَإِنَّ الْإِشْرَاكَ يَنْبُو عَنْهُ قَلْبُ اَلْمُسْلِمِ ، وَالْعُقُوقُ يَصْرِفُ عَنْهُ الطَّبْعُ وَأَمَّا الزُّورُ ، فَالْحَوَامِلُ عَلَيْهِ كَثِيرَة ، كَالْعَدَاوَةِ وَالْحَسَدِ وَغَيْرِهِمَا فَاحْتِيجَ إِلَى الِاهْتِمَامِ بِتَعْظِيمِهِ ، وَلَيْسَ ذَلِكَ لِعِظَمِهَا بِالنِّسْبَةِ إِلَى مَا ذُكِرَ مَعَهَا مِنْ الْإِشْرَاكِ قَطْعًا ، بَلْ لِكَوْنِ مَفْسَدَةِ الزُّورِ مُتَعَدِّيَةٌ إِلَى غَيْرِ الشَّاهِدِ ، بِخِلَافِ الشِّرْكِ ، فَإِنَّ مَفْسَدَتَهُ قَاصِرَةٌ غَالِبًا. فتح الباري (ج8ص 164)

وقَوْلُهُ " وَجَلَسَ وَكَانَ مُتَّكِئًا " استُدِلَّ به على أنه يجوزُ للمحدِّثِ بالعلمِ أن يحدِّثَ بِهِ وهو مُتَّكِئ.

(5)

قَوْلُهُ: " أَلَا وَقَوْلُ الزُّورِ وَشَهَادَةُ الزُّورِ " يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مِنْ الْخَاصِّ بَعْدَ الْعَامِّ ، لَكِنْ يَنْبَغِي أَنْ يُحْمَلَ عَلَى التَّأكِيدِ ، فَإِنَّا لَوْ حَمَلْنَا الْقَوْلَ عَلَى الْإِطْلَاقِ ، لَزِمَ أَنْ تَكُونَ اَلْكِذْبَةُ اَلْوَاحِدَةُ مُطْلَقًا كَبِيرَةً ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ ، وَلَا شَكَّ أَنَّ عِظَمَ الْكَذِبِ وَمَرَاتِبَهُ مُتَفَاوِتَةٌ بِحَسَبِ تَفَاوُتِ مَفَاسِدِهِ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى:{وَمَنْ يَكْسِبْ خَطِيئَةً أَوْ إِثْمًا ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئًا فَقَدْ اِحْتَمَلَ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا} .فتح الباري (8/ 164)

(6)

(خ) 5631 ، (م) 87

(7)

(خ) 5918 ، (م) 87

(8)

" قُلْنَا: لَيْتَهُ سَكَتَ " أَيْ: شَفَقَةً عَلَيْهِ ، وَكَرَاهِيَةً لِمَا يُزْعِجُهُ.

وَفِيهِ مَا كَانُوا عَلَيْهِ مِنْ كَثْرَةِ الْأَدَبِ مَعَهُ صلى الله عليه وسلم وَالْمَحَبَّةِ لَهُ ، وَالشَّفَقَةِ عَلَيْهِ. فتح الباري (8/ 164)

ص: 444

(خ م س د حب طب)، وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ:(سَأَلَ رَجُلٌ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ مَا الْكَبَائِرُ؟ ، فَقَالَ: " هُنَّ تِسْعٌ ")(1)(قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ وَمَا هُنَّ؟ ، قَالَ: " الشِّرْكُ بِاللهِ، وَالسِّحْرُ، وفي رواية: (وَتَعَلُّمُ السِّحْرِ)(2) وَقَتْلُ النَّفْسِ الَّتِي حَرَّمَ اللهُ إِلَّا بِالْحَقِّ، وَأَكْلُ مَالِ الْيَتِيمِ، وَأَكْلُ الرِّبَا، وَالتَّوَلِّي يَوْمَ الزَّحْفِ (3) وَقَذْفُ الْمُحْصِنَاتِ الْغَافِلَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ (4)) (5)(وَالشُّحُّ)(6)(وَعُقُوقُ الْوَالِدَيْنِ الْمُسْلِمَيْنِ ، وَاسْتِحْلَالُ الْبَيْتِ الْحَرَامِ قِبْلَتِكُمْ أَحْيَاءً وَأَمْوَاتًا)(7)(وَالتَّعَرُّبُ بَعْدَ الْهِجْرَةِ (8) ") (9)

(1)(د) 2874

(2)

(حب) 6559 ، (ك) 1447، صححه الألباني في الإرواء: 2198، 2238، وصَحِيح التَّرْغِيبِ وَالتَّرْهِيب: 1341، 2801 ، وصحيح موارد الظمآن: 661

(3)

التَّوَلِّي يَوْم الزَّحْف: الْفِرَار عَنْ الْقِتَالِ يَوْمَ اِزْدِحَامِ الطَّائِفَتَيْنِ.

(4)

الْمُرَاد بِالْمُحْصَنَاتِ هُنَا: الْعَفَائِف، وَبِالْغَافِلَاتِ: الْغَافِلَاتِ عَنْ الْفَوَاحِشِ وَمَا قُذِفْنَ بِهِ ، وَقَدْ وَرَدَ الْإِحْصَانُ فِي الشَّرْعِ عَلَى خَمْسَةِ أَقْسَام: الْعِفَّة، وَالْإِسْلَام، وَالنِّكَاح، وَالتَّزْوِيج، وَالْحُرِّيَّة. شرح النووي (1/ 192)

(5)

(خ) 2615 ، (م) 89

(6)

(س) 3671

(7)

(د) 2875

(8)

قال ابن الأثير في النهاية: " هو أن يعود إلى البادية ، ويقيم مع الأعراب بعد أن كان مهاجرا ، وكان مَنْ رجع بعد الهجرة إلى موضعه من غير عُذْرٍ يَعُدُّونَه كالمرتد.

(9)

(طب) 5636 ، وصححها الألباني في الصَّحِيحَة: 2244

ص: 445

(س حم)، وَعَنْ أَبِي أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيِّ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: (" مَنْ جَاءَ يَعْبُدُ اللهَ وَلَا يُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا ، وَيُقِيمُ الصَلَاةَ ، وَيُؤْتِي الزَّكَاةَ ، وَيَصُومُ رَمَضَانَ ، وَيَجْتَنِبُ الْكَبَائِرَ ، فَإِنَّ لَهُ الْجَنَّةُ ")(1)(فَسَأَلُوهُ عَنِ الْكَبَائِرِ ، فَقَالَ: " الْإِشْرَاكُ بِاللهِ ، وَقَتْلُ النَّفْسِ الْمُسْلِمَةِ ، وَالْفِرَارٌ يَوْمَ الزَّحْفِ ")(2)

(1)(حم) 23549 ، (س) 4009 ، (حب) 3247 ، وقال الشيخ شعيب الأرنؤوط: حديث حسن بمجموع طرقه.

(2)

(س) 4009 ، (حم) 23549 ،

ص: 446

(حم)، وَعَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ حَيْدَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " لَا يَقْبَلُ اللهُ مِنْ أَحَدٍ تَوْبَةً أَشْرَكَ بَعْدَ إِسْلَامِهِ "(1)

وفي رواية: " لَا يَقْبَلُ اللهُ تَوْبَةَ عَبْدٍ كَفَرَ بَعْدَ إِسْلَامِهِ "(2)

الشرح (3)

(1)(حم) 20025 ، وقال الشيخ شعيب الأرناءوط: إسناده حسن.

(2)

(حم) 20032 ، الصَّحِيحَة: 2545 ، وقال الأرناءوط: إسناده حسن.

(3)

قال الألباني في الصَّحِيحَة 2545: الإشكال واردٌ على ظاهرِه، فهو في ذلك كقوله تعالى:{إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بَعْدَ إِيمَانِهِمْ ثُمَّ ازْدَادُوا كُفْرًا لَنْ تُقْبَلَ تَوْبَتُهُمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الضَّالُّونَ} [آل عمران/90] ، ولذلك أشكل على كثير من المفسرين ، لأنه بظاهرها مخالفة لما هو معلوم من الدين بالضرورة من قَبول توبة الكافر، ومن الأدلة على ذلك قوله تعالى قبل الْآية المذكورة:{كَيْفَ يَهْدِي اللهِ قَوْمًا كَفَرُوا بَعْدَ إِيمَانِهِمْ ، وَشَهِدُوا أَنَّ الرَّسُولَ حَقٌّ ، وَجَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ ، وَاللهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ، أُولَئِكَ جَزَاؤُهُمْ أَنَّ عَلَيْهِمْ لَعْنَةَ اللهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ ، خَالِدِينَ فِيهَا لَا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذَابُ وَلَا هُمْ يُنْظَرُونَ ، إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [آل عمران/86 - 89]

فاضطربت أقوال المفسرين في التوفيق بين الآيتين، فمعنى قوله في الحديث:" لَا يَقْبَلُ اللهُ تَوْبَةَ عَبْدٍ كَفَرَ بَعْدَ إِسْلَامِهِ " أَيْ: توبتُه من ذنبٍ في أثناء كفره، لأن التوبةَ من الذنب عمل ، والشِّرك يُحبطه ، كما قال تعالى:{لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ} [الزمر/65] فكذلك قوله تعالى في الْآية: {لَنْ تُقْبَلَ تَوْبَتُهُمْ} أَيْ: من ذنوبِهم، وليس من كفرِهم ، وهذا هو الذي اختاره إمامُ المفسرين ابن جرير رحمه الله فأخرج عن أبي العالية قال: هؤلاء اليهود والنصارى ، كفروا بعد إيمانهم، ثم ازدادوا كفرا بذنوبٍ أذنبوها، ثم ذهبوا يتوبون من تلك الذنوب في كفرهم، فلم تُقبل توبتُهم ، ولو كانوا على الهدى قُبِلَت، ولكنهم على ضلالة. أ. هـ

ص: 447

(ك)، وَعَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: إِذَا أَصْبَحَ إِبْلِيسُ بَثَّ جُنُودَهُ ، فَيَقُولُ: مَنْ أَضَلَّ الْيَوْمَ مُسْلِمًا أَلْبَسْتُهُ التَّاجَ ، فَيَجِيءُ أَحَدُهُمْ فَيَقُولُ: لَمْ أَزَلْ بِهِ حَتَّى عَقَّ وَالِدَهُ فَقَالَ: يُوشِكُ أَنْ يَبَرَّهُ، وَيَجِيءُ أَحَدُهُمْ فَيَقُولُ: لَمْ أَزَلْ بِهِ حَتَّى طَلَّقَ امْرَأَتَهُ ، فَيَقُولُ: يُوشِكُ أَنْ يَتَزَوَّجَ، وَيَجِيءُ أَحَدُهُمْ فَيَقُولُ: لَمْ أَزَلْ بِهِ حَتَّى أَشْرَكَ، فَيَقُولُ: أَنْتَ أَنْتَ، وَيَجِيءُ أَحَدُهُمْ فَيَقُولُ: لَمْ أَزَلْ بِهِ حَتَّى قَتَلَ، فَيَقُولُ: أَنْتَ أَنْتَ، وَيُلْبِسُهُ التَّاجَ " (1)

(1)(ك) 8027 ، (حب) 6189 ، انظر الصَّحِيحَة: 1280 ، وقال الشيخ شعيب الأرنؤوط في (حب): إسناده صحيح.

ص: 448

(ت حم)، وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: (" تَخْرُجُ عُنُقٌ مِنَ النَّارِ (1) يَوْمَ الْقِيَامَةِ، لَهَا عَيْنَانِ تُبْصِرَانِ، وَأُذُنَانِ تَسْمَعَانِ، وَلِسَانٌ يَنْطِقُ (2)) (3) (تَقُولُ: إِنِّي وُكِّلْتُ الْيَوْمَ بِثَلَاثَةٍ (4)) (5)(بِكُلِّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ (6) وَبِكُلِّ مَنْ دَعَا مَعَ اللهِ إِلَهًا آخَرَ ، وَبِالْمُصَوِّرِينَ) (7)(وَبِمَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ ، فَيَنْطَوِي عَلَيْهِمْ، فَيَقْذِفُهُمْ فِي غَمَرَاتِ جَهَنَّمَ ")(8)

(1) الْعُنُقُ: طَائِفَةٌ وَجَانِبٌ مِنْ النَّارِ. تحفة الأحوذي - (ج 6 / ص 368)

(2)

تصديقُه قوله تعالى {إِذَا رَأَتْهُمْ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ سَمِعُوا لَهَا تَغَيُّظًا وَزَفِيرًا} [الفرقان: 12] ، فَهَلْ تَرَاهُمْ إِلَّا بِعَيْنَيْنِ؟.

(3)

(ت) 2574 ، (حم) 8411

(4)

أَيْ: وَكَّلَنِي اللهُ بِأَنْ أُدْخِلَ هَؤُلَاءِ الثَّلَاثَةَ النَّارَ ، وَأُعَذِّبَهُمْ بِالْفَضِيحَةِ عَلَى رُءُوسِ الْأَشْهَادِ. تحفة الأحوذي (ج6ص368)

(5)

(حم) 11372 ، الصَّحِيحَة: 2699 ، صَحِيح التَّرْغِيبِ وَالتَّرْهِيب: 2451

(6)

الْجَبَّارُ: الْمُتَمَرِّدُ الْعَاتِي، وَالْعَنِيدُ: الْجَائِرُ عَنْ الْقَصْدِ، الْبَاغِي الَّذِي يَرُدُّ الْحَقَّ مَعَ الْعِلْمِ بِهِ. تحفة الأحوذي (ج6ص368)

(7)

(ت) 2574 ، (حم) 8411

(8)

(حم) 11372

ص: 449

(خ م حم)، وَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: (" يُؤْتَى)(1)(بِأَهْوَنِ أَهْلِ النَّارِ عَذَابًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ)(2)(فَيَقُولُ اللهُ تَعَالَى لَهُ: يَا ابْنَ آدَمَ ، كَيْفَ وَجَدْتَ مَنْزِلَكَ؟ ، فَيَقُولُ: أَيْ رَبِّ شَرُّ مَنْزِلٍ)(3)(فَيَقُولُ لَهُ: أَرَأَيْتَ لَوْ كَانَ لَكَ مِلْءُ الْأَرْضِ ذَهَبًا ، أَكُنْتَ تَفْتَدِي بِهِ؟)(4)(فَيَقُولُ: نَعَمْ أَيْ رَبِّ، فَيَقُولُ اللهُ تَعَالَى لَهُ: كَذَبْتَ، قَدْ سَأَلْتُكَ مَا هُوَ أَقَلُّ مِنْ ذَلِكَ ، فَلَمْ تَفْعَلْ)(5)(قَدْ أَخَذْتُ عَلَيْكَ وَأَنْتَ فِي ظَهْرِ آدَمَ أَنْ لَا تُشْرِكَ بِي شَيْئًا)(6)(وَلَا أُدْخِلَكَ النَّارَ)(7)(فَأَبَيْتَ إِلَّا أَنْ تُشْرِكَ بِي)(8)(قَالَ: فَيُرَدُّ إِلَى النَّارِ)(9)(فَذَلِكَ قَوْلُهُ: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَمَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْ أَحَدِهِمْ مِلْءُ الْأَرْضِ ذَهَبًا وَلَوِ افْتَدَى بِهِ ، أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ وَمَا لَهُمْ مِنْ نَاصِرِينَ} (10) ") (11)

(1)(حم) 13535 ، وقال الشيخ شعيب الأرنؤوط: إسناده صحيح.

(2)

(خ) 6189

(3)

(حم) 13535 ، (حب) 7350

(4)

(خ) 6173

(5)

(حم) 13535 ، (خ) 3156 ، (م) 53 - (2805)

(6)

(حم) 12311 ، (خ) 3156

(7)

(م) 51 - (2805)

(8)

(خ) 6189 ، (حم) 12311

(9)

(حم) 13535 ، (حب) 7350

(10)

[آل عمران/91]

(11)

(حم) 13312 ، وقال الشيخ شعيب الأرنؤوط: إسناده صحيح.

ص: 450