الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الصِّدْقُ مِنَ الْإيمَان
قَالَ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ} (1)
وَقَالَ تَعَالَى: {لِيَجْزِيَ اللهُ الصَّادِقِينَ بِصِدْقِهِمْ ، وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَ إِنْ شَاءَ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ، إِنَّ اللهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا} (3)
(1)[التوبة/119]
(2)
[المائدة: 119]
(3)
[الأحزاب: 24]
(حم)، وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " لَا يُؤْمِنُ الْعَبْدُ الْإِيمَانَ كُلَّهُ (1) حَتَّى يَتْرُكَ الْكَذِبَ فِي الْمُزَاحَةِ، وَيَتْرُكَ الْمِرَاءَ (2) وَإِنْ كَانَ صَادِقًا "(3)
(1) هذه الجملة " الْإِيمَانَ كُلَّهُ " مهمة جداً، لأنها تُبَيِّنُ معنى قولِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم في كل أحاديثه التي قال فيها:" لَا يؤمن أحدكم حتى .. "، فمقصودُه بذلك:" الْإِيمَانَ كُلَّهُ " ، كما ذكر صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث. ع
(2)
أَيْ: الجدال.
(3)
(حم) 8615 ، (طس) 5103 ، صَحِيح التَّرْغِيبِ وَالتَّرْهِيب: 2939
(حم)، وَعَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " اضْمَنُوا لِي سِتًّا مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَضْمَنْ لَكُمْ الْجَنَّةَ: اصْدُقُوا إِذَا حَدَّثْتُمْ
…
" (1)
(1)(حم) 22809 ، (حب) 271 ، انظر صَحِيح الْجَامِع: 1018، الصَّحِيحَة: 1470
(حم)، وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " لَا يَجْتَمِعُ الْإِيمَانُ وَالْكُفْرُ فِي قَلْبِ امْرِئٍ، وَلَا يَجْتَمِعُ الصِّدْقُ وَالْكَذِبُ جَمِيعًا ، وَلَا تَجْتَمِعُ الْخِيَانَةُ وَالْأَمَانَةُ جَمِيعًا "(1)
(1)(حم) 8577 ، انظر الصحيحة: 1050
(خ م)، وَعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: (" أَرْبَعٌ (1) مَنْ كُنَّ فِيهِ كَانَ مُنَافِقًا (2) خَالِصًا) (3)(وَإِنْ صَامَ وَصَلَّى وَزَعَمَ أَنَّهُ مُسْلِمٌ (4)) (5)(وَمَنْ كَانَتْ فِيهِ خَصْلَةٌ مِنْهُنَّ ، كَانَتْ فِيهِ خَصْلَةٌ مِنْ النِّفَاقِ حَتَّى يَدَعَهَا (6) إِذَا حَدَّث كَذَبَ، وَإِذَا اؤْتُمِنَ خَانَ ، وَإِذَا عَاهَدَ غَدَرَ (7)) (8) وفي رواية:(وَإِذَا وَعَدَ أَخْلَفَ (9)) (10)(وَإِذَا خَاصَمَ فَجَرَ (11) ") (12)
(1) أَيْ: خِصَالٌ أَرْبَعٌ. تحفة الأحوذي - (ج 6 / ص 430)
(2)
النِّفَاق لُغَة: مُخَالَفَةُ الْبَاطِنِ لِلظَّاهِرِ، فَإِنْ كَانَ فِي اِعْتِقَادِ الْإِيمَانِ ، فَهُوَ نِفَاقُ الْكُفْر، وَإِلَّا فَهُوَ نِفَاقُ الْعَمَلِ، وَيَدْخُلُ فِيهِ الْفِعْلُ وَالتَّرْكُ ، وَتَتَفَاوَت مَرَاتِبه. (فتح - ج1ص133)
(3)
(خ) 34
(4)
قَالَ النَّوَوِيّ: هَذَا الْحَدِيث عَدَّهُ جَمَاعَةٌ مِنْ الْعُلَمَاء مُشْكِلًا ، مِنْ حَيْثُ أَنَّ هَذِهِ الْخِصَالُ قَدْ تُوجَدُ فِي الْمُسْلِمِ الْمُجْمَعُ عَلَى عَدَمِ الْحُكْمِ بِكُفْرِهِ.
وَلَيْسَ فِيهِ إِشْكَالٌ، بَلْ مَعْنَاهُ صَحِيح.
وَالَّذِي قَالَهُ الْمُحَقِّقُونَ: أَنَّ مَعْنَاهُ أَنَّ هَذِهِ خِصَالُ نِفَاق، وَصَاحِبُهَا شَبِيهٌ بِالْمُنَافِقِينَ فِي هَذِهِ الْخِصَالِ ، وَمُتَخَلِّقٌ بِأَخْلَاقِهِمْ.
قُلْت: وَمُحَصَّلُ هَذَا الْجَوَابِ: الْحَمْلُ فِي التَّسْمِيَةِ عَلَى الْمَجَاز،
أَيْ: صَاحِبُ هَذِهِ الْخِصَالِ كَالْمُنَافِقِ، وَهُوَ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالنِّفَاقِ نِفَاقُ الْكُفْر.
وَقَدْ قِيلَ فِي الْجَوَاب عَنْهُ: إِنَّ الْمُرَادَ بِالنِّفَاقِ: نِفَاقُ الْعَمَلِ ، وَيُؤَيِّدُهُ وَصْفُهُ بِالْخَالِصِ ، بِقَوْلِهِ:" كَانَ مُنَافِقًا خَالِصًا ".
وَقِيلَ: هُوَ مَحْمُولٌ عَلَى مَنْ غَلَبَتْ عَلَيْهِ هَذِهِ الْخِصَالُ ، وَتَهَاوَنَ بِهَا ، وَاسْتَخَفَّ بِأَمْرِهَا، فَإِنَّ مَنْ كَانَ كَذَلِكَ، كَانَ فَاسِد الِاعْتِقَاد غَالِبًا. وَالله أَعْلَم. (فتح - ح33)
(5)
(م) 59 ، (حم) 9147
(6)
أَيْ: يَتْرُكَهَا. تحفة الأحوذي - (ج 6 / ص 430)
(7)
أَيْ: نَقَضَ الْعَهْدَ ، وَتَرَكَ الْوَفَاءَ بِمَا عَاهَدَ عَلَيْهِ.
(8)
(خ) 34 ، (م) 58
(9)
الْمُرَاد بِالْوَعْدِ فِي الْحَدِيث: الْوَعْد بِالْخَيْرِ، وَأَمَّا الشَّرّ، فَيُسْتَحَبُّ إِخْلَافُه وَقَدْ يَجِب ، مَا لَمْ يَتَرَتَّبْ عَلَى تَرْكِ إِنْفَاذِهِ مَفْسَدَة. (فتح - ح34)
وقال صاحب عون المعبود (ج10ص207):
وَأَمَّا الْفَرْقُ بَيْنَ الْوَعْدِ وَالْعَهْدِ ، فَلَمْ أَرَ مَنْ ذَكَرَ الْفَرْقَ بَيْنَهُمَا صَرِيحًا ، وَالظَّاهِر مِنْ صَنِيع الْإِمَام الْبُخَارِيّ رحمه الله أَنَّهُ لَا فَرْق بَيْنهمَا ، بَلْ هُمَا مُتَرَادِفَانِ فَإِنَّهُ قَالَ فِي كِتَاب الشَّهَادَات مِنْ صَحِيحه: بَابُ مَنْ أُمِرَ بِإِنْجَازِ الْوَعْدْ، ثُمَّ اِسْتَدَلَّ عَلَى مَضْمُونِ الْبَابِ بِأَرْبَعَةِ أَحَادِيث:
أَوَّلُهَا: حَدِيثُ أَبِي سُفْيَان بْن حَرْب فِي قِصَّة هِرَقْل ، أَوْرَدَ مِنْهُ طَرَفًا ، " وَهُوَ أَنَّ هِرَقْل قَالَ لَهُ: سَأَلْتُك مَاذَا يَأمُركُمْ ، فَزَعَمْت أَنَّهُ أَمَرَكُمْ بِالصَّلَاةِ وَالصِّدْق وَالْعَفَاف وَالْوَفَاء بِالْعَهْدِ .. الْحَدِيث " ، وَلَوْلَا أَنَّ الْوَعْدَ وَالْعَهْدَ مُتَّحِدَانِ ، لَمَا تَمَّ هَذَا الِاسْتِدْلَال، فَثَبَتَ مِنْ صَنِيعِهِ هَذَا أَنَّهُمَا مُتَّحِدَانِ.
قَالَ الْقُرْطُبِيّ وَالنَّوَوِيّ: حَصَلَ فِي مَجْمُوعِ الرِّوَايَتَيْنِ خَمْسُ خِصَالٍ ، لِأَنَّهُمَا تَوَارَدَتَا عَلَى الْكَذِب فِي الْحَدِيث ، وَالْخِيَانَة فِي الْأَمَانَة ، وَزَادَ الْأَوَّلُ: الْخُلْفُ فِي الْوَعْد ، وَالثَّانِي: الْغَدْرُ فِي الْمُعَاهَدَةِ ، وَالْفُجُورُ فِي الْخُصُومَة.
وَلَعَلَّ الْفَرْقَ هُوَ أَنَّ الْوَعْدَ أَعَمُّ مِنْ الْعَهْدِ مُطْلَقًا، فَإِنَّ الْعَهْدَ هُوَ الْوَعْدُ الْمُوَثَّقُ ، فَأَيْنَمَا وُجِدَ الْعَهْدُ ، وُجِدَ الْوَعْد، مِنْ غَيْرِ عَكْسٍ ، لِجَوَازِ أَنْ يُوجَدَ الْوَعْدُ مِنْ غَيْرِ تَوْثِيق. أ. هـ
قَالَ الْحَافِظ: أَصْلُ الدِّيَانَةِ مُنْحَصِرٌ فِي ثَلَاثٍ: الْقَوْلُ، وَالْفِعْلُ، وَالنِّيَّةُ ، فَنَبَّهَ عَلَى فَسَادِ الْقَوْلِ بِالْكَذِبِ، وَعَلَى فَسَادِ الْفِعْلِ بِالْخِيَانَةِ، وَعَلَى فَسَادِ النِّيَّةِ بِالْخُلْفِ؛ لِأَنَّ خُلْفَ الْوَعْدِ لَا يَقْدَحُ إِلَّا إِذَا كَانَ الْعَزْمُ عَلَيْهِ مُقَارِنًا لِلْوَعْدِ.
أَمَّا لَوْ كَانَ عَازِمًا ، ثُمَّ عَرَضَ لَهُ مَانِعٌ ، أَوْ بَدَا لَهُ رَأيٌ ، فَهَذَا لَمْ تُوجَدْ مِنْهُ صُورَةُ النِّفَاقِ، قَالَهُ الْغَزَالِيّ فِي الْإِحْيَاء. (فتح - ح34)
(10)
(خ) 33 ، (م) 59
(11)
أَيْ: مَالَ عَنْ الْحَقِّ ، وَقَالَ الْبَاطِلَ وَالْكَذِبَ.
وَقَالَ الْقَارِي: أَيْ: شَتَمَ ، وَرَمَى بِالْأَشْيَاءِ الْقَبِيحَةِ. تحفة الأحوذي (6/ 430)
(12)
(خ) 34 ، (م) 58