الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إنك حميد مجيد، اللهم بارك على محمد، وعلى آل محمد؛ كما باركت على [إبراهيم، وعلى] آل إبراهيم إنك حميد مجيد). (البخاري ومسلم).
3 -
اللهم صل على محمد، وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم [وآل إبراهيم]، إنك حميد مجيد، وبارك على محمد، وعلى آل محمد؛ كما باركت على [إبراهيم و] وآل إبراهيم، إنك حميد مجيد). (أحمد والنسائي وأبو يعلى).
4 -
(اللهم صل على محمد [النبي الأمي]، وعلى آل محمد؛ كما صليت على [آل] إبراهيم، وبارك على محمد [النبي الأمي] وعلى آل محمد، كما باركت على [آل] إبراهيم في العالمين، إنك حميد مجيد). (مسلم وأبو عوانة).
5 -
(اللهم صل على محمد عبدك ورسولك؛ كما صليت على [آل] إبراهيم، وبارك على محمد [عبدك ورسولك]، [وعلى آل محمد]؛ كما باركت على إبراهيم [وعلى آل إبراهيم]). (البخاري والنسائي والطحاوي وأحمد).
6 -
(اللهم صل على محمد و [على] أزواجه وذريته؛ كما صليت على [آل] إبراهيم وبارك على محمد و [على] أزواجه وذريته؛ كما باركت على [آل] إبراهيم، إنك حميد مجيد). (البخاري ومسلم).
7 -
(اللهم صل على محمد، وعلى آل محمد، وبارك على محمد، وعلى آل محمد، كما صليت وباركت على إبراهيم وآل إبراهيم، إنك حميد مجيد). (النسائي والطحاوي).
فوائد مهمة في الصلاة على نبي الأمة
الفائدة الأولى: من الملحوظ أن أكثر هذه الأنواع من صيغ الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم ليس فيها ذكر إبراهيم نفسه مستقلًا عن آله، وإنما فيها:(كما صليت على آل إبراهيم)، والسبب في ذلك أن آل الرجل في اللغة العربية يتناول الرجل كما يتناول غيره ممن يؤوله؛ كما في قوله تعالى:(إن الله اصطفى آدم ونوحًا وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين) آل عمران (33)، وقوله:(إلا آل لوط نجيناهم بسحر) القمر (34) ومنه قوله صلى الله عليه وسلم: (اللهم صل على آل أبي أوفى) وكذلك لفظ أهل البيت كقوله تعالى: (رحمت الله وبركاته عليكم أهل البيت) هود (73) فإن إبراهيم داخل فيهم.
قال (شيخ الإسلام): (ولهذا جاء في أكثر الألفاظ: (كما صليت على آل إبراهيم)، و (كما باركت على آل إبراهيم)، وجاء في بعضها:(إبراهيم) نفسه؛ لأنه هو الأصل في الصلاة والزكاة، وسائر أهل بيته إنما يحصل ذلك تبعًا، وجاء في بعضها ذكر هذا وهذا تنبيهًا على هذين).
إذا علمت ذلك؛ فقد اشتهر التساؤل بين العلماء عن وجه التشبيه في قوله: (كما صليت) إلخ؛ لأن المقرر أن المشبه دون المشبه به، والواقع هنا عكسه إذ أن محمدًا صلى الله عليه وسلم أفضل من إبراهيم، وقضية كونه أفضل، أن تكون الصلاة المطلوبة أفضل من كل صلاة حصلت أو تحصل، وأجاب العلماء عن ذلك بأجوبة كثيرة تراها في (الفتح) و (الجلاء).
وقد بلغت نحو عشرة أقوال؛ بعضها أشد ضعفًا من بعض؛ إلا قولًا واحدًا، فإنه قوي واستحسنه شيخ الإسلام وابن القيم، وهو قول من قال:
(عن آل إبراهيم فيهم الأنبياء الذين ليس في آل محمد مثلهم، فإذا طلب للنبي صلى الله عليه وسلم ولآله مثل ما لإبراهيم وآله وفيهم الأنبياء، حصل لآل محمد من ذلك ما يليق بهم، فإنهم لا يبلغون مراتب الأنبياء، وتبقى الزيادة التي للأنبياء -وفيهم إبراهيم- لمحمد صلى الله عليه وسلم فيحصل له من المزية ما لا يحصل لغيره).
قال ابن القيم:
(وهذا أحسن من كل ما تقدم وأحسن منه أن يقال: محمد صلى الله عليه وسلم هو من آل إبراهيم، بل هو خير آل إبراهيم؛ كما روى علي بن طلحة عن ابن عباس رضي الله عنه في قوله تعالى: {إن الله اصطفى آدم ونوحا وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين} [آل عمران: 33]، قال ابن عباس: (محمد من آل إبراهيم)، وهذا نص، إذا دخل غيره من الأنبياء الذين هم من ذرية إبراهيم في؛ آله فدخول رسول الله صلى الله عليه وسلم أولى، فيكون قولنا:(كما صليت على آل إبراهيم) متناولًا للصلاة عليه وعلى سائر النبيين من ذرية إبراهيم، ثم قد أمرنا الله تعالى أن نصلي عليه وعلى آله خصوصًا؛ بقدر ما صلينا عليه مع سائر آل إبراهيم عمومًا وهو فيهم، ويحصل لآله من ذلك ما يليق بهم، ويبقى الباقي كله له صلى الله عليه وسلم، قال: ولا ريب أن الصلاة الخاصة لآل إبراهيم ورسول الله صلى الله عليه وسلم معهم أكمل من الصلاة الحاصلة لهم دونهم، فيطلب له من الصلاة هذا الأمر العظيم الذي هو أفضل مما لإبراهيم قطعًا، ويظهر حينئذٍ فائدة التشبيه وجريه على أصله، وأن المطلوب له من الصلاة بهذا اللفظ أعظم من المطلوب له بغيره فإنه إذا كان المطلوب بالدعاء إنما هو مثل المشبه به، وله أوفر نصيب منه؛ صار له من المشبه المطلوب أكثر مما لإبراهيم وغيره وإنضاف إلى ذلك مما له من المشبه به من الحصة التي لم تحصل لغيره، فظهر بهذا من فضله وشرفه على إبراهيم وعلى كل من آله -وفيهم النبيون- ما هو اللائق به، وصارت هذه الصلاة دالة على هذا التفضيل وتابعة له، وهي من موجباته ومقتضياته، فصلى الله عليه وعلى آله وسلم تسليمًا كثيرًا، وجزاه عنا أفضل ما جزى نبيًا عن أمته، اللهم صل على محمد وعلى آله محمد؛ كما صليت على آل إبراهيم، إنك حميد مجيد، وبارك على محمد وعلى آل محمد، كما باركت على آل إبراهيم، إنك حميد مجيد).
الفائدة الثانية: ويرى القارئ الكريم أن هذه الصيغ على اختلاف أنواعها فيها كلها الصلاة على آل النبي صلى الله عليه وسلم وأزواجه وذريته معه صلى الله عليه وسلم؛ فلذلك فليس من السنة ولا يكون منفذًا للأمر النبوي من اقتصر على قوله: (اللهم صل على محمد) فحسب؛ بل لا بد من الإتيان بإحدى هذه الصيغ كاملة كما جاءت عنه صلى الله عليه وسلم لا فرق في ذلك بين التشهد الأول والآخر، وهو نص الإمام الشافعي في (الأم) (1/ 102) فقال:
(والتشهد في الأولى والثانية لفظ واحد لا يختلف، ومعنى قولي (التشهد) التشهد والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم لا يجزيه أحدهما عن الآخر).
وأما حديث: (كان لا يزيد في الركعتين على التشهد)؛ فهو حديث منكر كما حققته في (الضعيفة)(5186).
وإن من عجائب هذا الزمن، ومن الفوضى العلمية؛ فيه أن يجرؤ بعض الناس -وهو الأستاذ محمد إسعاف النشاشيبي في كتابه:(الإسلام الصحيح) - على إنكار الصلاة على الآل في الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم؛ على الرغم من ورود ذلك في (الصحيحين) وغيرهما عن جمع من الصحابة؛ منهم كعب بن عجرة وأبو حميد الساعدي، وأبو سعيد الخدري وأبو مسعود الأنصاري، وأبو هريرة وطلحة بن عبيد الله، وفي أحاديثهم أنهم سألوا النبي صلى الله عليه وسلم:(كيف نصلي عليك؟) فعلمهم صلى الله عليه وسلم هذه الصيغ، وحجته في الإنكار أن الله تعالى لم
يذكر في قوله: {صلوا عليه وسلموا تسليمًا} مع النبي صلى الله عليه وسلم أحدًا، ثم أنكر وبالغ في الإنكار أن يكون الصحابة قد سألوه صلى الله عليه وسلم ذلك السؤال؛ لأن الصلاة معروفة المعنى عندهم وهو الدعاء، فكيف يسألونه؟! وهذه مغالطة مكشوفة؛ لأن سؤالهم لم يكن على معنى الصلاة عليه حتى يرد ما ذكره، وإنما كان عن كيفية الصلاة عليه؛ كما جاء في جميع الروايات على ما سبقت الإشارة إليه، وحينئذ فلا غرابة؛ لأنهم سألوه عن كيفية شرعية لا يمكنهم معرفتها إلا من طريق الشارع الحكيم العليم، وهذا كما لو سألوه عن كيفية الصلاة المفروضة بمثل قوله تعالى:{وأقيموا الصلاة} ، فإن معرفتهم لأصل معنى الصلاة في اللغة لا يغنيهم عن السؤال عن كيفيتها الشرعية وهذا بين لا يخفى.
وأما حجته المشار إليها فلا شيء؛ ذلك لأنه من المعلوم عند المسلمين أن النبي صلى الله عليه وسلم هو المبين لكلام رب العالمين؛ كما قال تعالى: {وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم} [النحل:44] فقد بين صلى الله عليه وسلم كيفية الصلاة عليه وفيها ذكر الآل، فوجب قبول ذلك منه لقوله تعالى:{وما آتاكم الرسول فخذوه} [الحشر: 7]، وقوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح المشهور:(ألا إني أوتيت القرآن ومثله معه) وهو مخرج في (تخريج المشكاة)(163 و4247).
وليت شعري ماذا يقول النشاشيبي -ومن قد يغتر ببهرج كلامه- فيمن عسى أن ينكر التشهد في الصلاة، أو أنكر على الحائض ترك الصلاة والصوم في حيضها؟! أبدعوى أن الله لم يذكر التشهد في القرآن، وإنما ذكر القيام والركوع والسجود فقط وأنه تعالى لم يسقط في القرآن الصلاة والصوم عن الحائض، فالواجب عليها القيام بذلك فهل يوافقون هذا المنكر في إنكاره؛ أم ينكرون عليه ذلك؟ فإن كان الأول -وذلك مما لا نرجوه- فقد ضلوا ضلالًا بعيدًا، وخرجوا عن جماعة المسلمين، وإن كان الآخر فقد وفقوا وأصابوا، فما ردوا به على المنكر؛ فهو ردنا على النشاشيبي، وقد بينا لك وجه ذلك.
فحذار أيها المسلم أن تحاول فهم القرآن مستقلًا عن السنة، فإنك لن تستطيع ذلك ولو كنت في اللغة سيبويه زمانك، وهاك المثال أمامك؛ فإن النشاشيبي هذا كان من كبار علماء اللغة في القرن الحاضر، فأنت تراه قد ضل حين اغتر بعلمه في اللغة، ولم يستعن على فهم القرآن بالسنة، بل إنه أنكرها كما عرفت، والأمثلة على ما نقول كثيرة جدًا لا يتسع المقام لذكرها، وفيما سبق كفاية. والله الموفق.
الفائدة الثالثة: ويرى القارئ أيضًا أنه ليس في شيء منها لفظ: (السيادة)، ولذلك اختلف المتأخرون في مشروعية زيادتها في الصلوات الإبراهيمية، ولا يتسع المجال الآن لنفصل القول في ذلك، وذكر من ذهب إلى عدم مشروعيتها؛ اتباعًا لتعليم النبي صلى الله عليه وسلم الكامل لأمته حين سئل عن كيفية الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم؟ فأجاب آمرًا بقوله: (قولوا: اللهم صل على محمد
…
) ولكني أريد أن أنقل إلى القراء الكرام هنا رأي الحافظ ابن حجر العسقلاني في ذلك؛ باعتباره أحد كبار علماء الشافعية الجامعين بين الحديث والفقه، فقد شاع لدى متأخري الشافعية خلاف هذا التعليم النبوي الكريم.
فقال الحافظ محمد بن محمد بن محمد الغرابيلي (790 - 835) وكان ملازمًا لابن حجر - قال رحمه ومن خطه نقلت:
وسئل (أي الحافظ ابن حجر) أمتع الله بحياته عن صفة الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في الصلاة أو خارج الصلاة، سواء قيل بوجوبها أو ندبيتها؛ هل يشترط فيها أن يصفه صلى الله عليه وسلم بالسيادة؛ كأن يقول مثلًا: اللهم
صل على سيدنا محمد، أو على سيد الخلق، أو على سيد ولد آدم؟ أو يقتصر على قوله: اللهم صل على محمد؟ وأيهما أفضل: الإتيان بلفظ السيادة لكونها صفة ثابتة له صلى الله عليه وسلم، أو عدم الإتيان به لعدم ورود ذلك في الآثار؟
فأجاب رضي الله عنه: نعم؛ اتباع الألفاظ المأثورة أرجح ولا يقال: لعله ترك ذلك تواضعًا منه صلى الله عليه وسلم؛ كما لم يكن يقول عند ذكره صلى الله عليه وسلم: صلى الله عليه وسلم، وأمته مندوبة إلى أن تقول ذلك كلما ذكر؛ لأنا نقول: لو كان ذلك راجحًا؛ لجاء عن الصحابة ثم عن التابعين، ولم نقف في شيء من الآثار عن أحد من الصحابة ولا التابعين لهم قال ذلك؛ مع كثرة ما ورد عنهم من ذلك، وهذا الإمام الشافعي -أعلى الله درجته وهو من أكثر الناس تعظيمًا للنبي صلى الله عليه وسلم قال في خطبة كتابه الذي هو عمدة أهل مذهبه:(اللهم صل على محمد) إلى آخره ما أداه إليه اجتهاده، وهو قوله: كلما ذكره الذاكرون، وكلما غفل عن ذكره الغافلون، وكأنه استنبط ذلك من الحديث الصحيح الذي فيه:(سبحان الله عدد خلقه)، فقد ثبت أنه صلى الله عليه وسلم قال لأم المؤمنين -ورآها قد أكثرت التسبيح وأطالته-:(لقد قلت بعدك كلمات؛ لو وزنت بما قلت لوزنتهن)، فذكر ذلك وكان صلى الله عليه وسلم يعجبه الجوامع من الدعاء.
وقد عقد القاضي عياض بابًا في صفة الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في كتاب (الشفاء)، ونقل فيها آثارًا مرفوعة عن جماعة من الصحابة والتابعين؛ ليس في شيء منها عن أحد من الصحابة وغيرهم لفظ:(سيدنا).
منها حديث علي أنه كان يعلمهم كيفية الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، فيقول: اللهم داحي المدحوات وباري المسموكات اجعل سوابق صلواتك، ونوامي بركاتك، وزائد تحيتك على محمد عبدك ورسولك، الفاتح لما أغلق.
وعن علي أنه كان يقول: صلوات الله البر الرحيم، والملائكة المقربين، والصديقين والشهداء والصالحين، وما سبح لك من شيء يا رب العالمين على محمد بن عبد الله خاتم النبيين وإمام المتقين .. الحديث.
وعن عبد الله بن مسعود أنه كان يقول: اللهم اجعل صلواتك، وبركاتك ورحمتك على محمد عبدك ورسولك، إمام الخير ورسول الرحمة
…
الحديث.
وعن الحسن البصري أنه كان يقول: من أراد أن يشرب بالكأس الأروى من حوض المصطفى؛ فليقل: اللهم صل على محمد وعلى آله وأصحابه وأزواجه وأولاده وذريته وأهل بيته وأصهاره وأنصاره وأشياعه ومحبيه. فهذا ما أوثره من (الشفاء)؛ مما يتعلق بهيئة الصلاة عليه عن الصحابة ومن بعدهم، وذكر فيه غير ذلك.
نعم؛ ورد في حديث ابن مسعود أنه كان يقول في صلاته على النبي صلى الله عليه وسلم: اللهم اجعل فضائل صلواتك ورحمتك وبركاتك على سيد المرسلين
…
الحديث. أخرجه ابن ماجه؛ ولكن إسناده ضعيف، وحديث علي المشار إليه أولًا أخرجه الطبراني بإسناد ليس له بأس، وفيه ألفاظ غريبة رويتها مشروحة في كتاب (فضل النبي صلى الله عليه وسلم لأبي الحسن بن الفارس وقد ذكر الشافعية أن رجلًا لو حلف ليصلين على النبي صلى الله عليه وسلم أفضل الصلاة؛ فطريق البر أن يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم: اللهم صل على محمد كلما ذكره الذاكرون، وسها عن ذكره الغافلون. وقال النووي: والصواب الذي ينبغي الجزم به أن يقال: اللهم صل على محمد وعلى
آل محمد؛ كما صليت على إبراهيم
…
الحديث.
وقد تعقبه جماعة من المتأخرين؛ بأنه ليس في الكيفيتين المذكورتين ما يدل على ثبوت الأفضلية فيهما من حيث النقل، وأما من حيث المعنى؛ فالأفضلية ظاهرة في الأول.
والمسألة مشهورة في كتب الفقه، والغرض منها أن كل من ذكر هذه المسألة من الفقهاء قاطبة؛ لم يقع في كلام أحد منهم:(سيدنا)، ولو كانت هذه الزيادة مندوبة؛ ما خفيت عليهم كلهم حتى أغفلوها، والخير كله في الاتباع، والله أعلم).
قلت: وما ذهب إليه الحافظ ابن حجر رحمه الله من عدم مشروعية تسويده صلى الله عليه وسلم في الصلاة عليه اتباعًا للأمر الكريم، وهو الذي عليه الحنفية؛ هو الذي ينبغي التمسك به؛ لأنه الدليل الصادق على حبه صلى الله عليه وسلم، {قل إن كنتم تحبوني فاتبعوني يحببكم الله} [آل عمران: 31].
ولذلك قال الإمام النووي في (الروضة)(1/ 265):
(وأكمل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم: اللهم صل على محمد
…
) إلخ وفق النوع الثالث المتقدم فلم يذكر فيه (السيادة).
الفائدة الرابعة: واعلم أن النوع الأول من صيغ الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم -وكذا النوع الرابع- هو ما علمه رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحابه لما سألوه عن كيفية الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم، وقد استدل بذلك على أنها أفضل الكيفيات في الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم، لأنه لا يختار لهم -ولا لنفسه- إلا الأشرف والأفضل، ومن ثم صوب النووي في (الروضة) أنه لو حلف ليصلين عليه صلى الله عليه وسلم أفضل الصلاة لم يبر إلا بتلك الكيفية، ووجه السبكي بأنه من أتى بها فقد صلى على النبي صلى الله عليه وسلم بيقين، وكل من جاء بلفظ غيرها؛ فهو من إتيانه بالصلاة المطلوبة في شك؛ لأنهم قالوا: كيف نصلي عليه قال: (قولوا:
…
) فجعل الصلاة عليه منهم هي قولهم كذا. انتهى.
ذكره الهيثمي في (الدر المنضود)(ق 25/ 2) ثم ذكرا (ق 27/ 1) أن المقصود يحصل بكل من هذه الكيفيات التي جاءت في الأحاديث الصحيحية.
الفائدة الخامسة: واعلم أنه لا يشرع تلفيق صيغة صلاة واحدة من مجموع هذه الصيغ، وكذلك يقال في صيغ التشهد المتقدمة، بل ذلك بدعة في الدين، إنما السنة أن يقول هذا تارة، وهذا تارة؛ كما بينه شيخ الإسلام ابن تيمية في بحث له في التكبير في العيدين (مجموع)(69/ 253/1).
الفائدة السادسة: قال العلامة صديق حسن خان في كتابه (نزل الأبرار بالعلم المأثور من الأدعية والأذكار) بعد أن ساق أحاديث كثيرة في فضل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم والإكثار منها - قال (ص 161).
(لا شك في أن أكثر المسلمين صلاة عليه صلى الله عليه وسلم هم أهل الحديث ورواة السنة المطهرة، فإن من وظائفهم في هذا العلم الشريف الصلاة عليه أمام كل حديث ولا يزال لسانهم رطبًا بذكره صلى الله عليه وسلم، وليس كتاب من كتب السنة، ولا ديوان من دواوين الحديث -على اختلاف أنواعها؛ من (الجوامع) و (المسانيد) و (المعاجم) و (الأجزاء) وغيرها- إلا وقد اشتمل على آلاف الأحاديث حتى إن أخصرها حجمًا كتاب (الجامع الصغير) للسيوطي فيه عشرة آلاف حديث وقس على ذلك سائر الصحف النبوية فهذه العصابة الناجية والجماعة الحديثية أولى الناس برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يوم القيامة، وأسعدهم بشفاعته صلى الله عليه وسلم -بأبي هو وأمي- ولا يساويهم في هذه الفضيلة أحد من الناس إلا من جاء بأفضل مما جاؤوا به، ودونه خرط