المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الحكم الأول غسل الجمعة: - الجامع لأحكام الصلاة - عادل بن سعد

[عادل بن سعد]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة

- ‌باب: أسرار الصلاة

- ‌شروط الصلاة تسعة:

- ‌وأما فروضه فستة:

- ‌باب: أحكام الصلاة

- ‌(شروط الصلاة تسعة):

- ‌(أركان الصلاة أربعة عشر ركنًا):

- ‌(مبطلات الصلاة ثمانية):

- ‌(واجبات الصلاة ثمانية):

- ‌(فرائض الوضوء ستة أشياء):

- ‌(شروط الوضوء خمسة):

- ‌(نواقض الوضوء ثمانية):

- ‌أحكام وآداب الحضور إلى المساجد

- ‌المسجد، وفضل بنائه، وما ينبغي فيه

- ‌وجوب صلاة الجماعة والتحذير من التهاون فيها

- ‌أحكام حضور المساجد

- ‌ في أحكام الخروج إلى المسجد

- ‌الحكم الأول الخروج في أحسن هيئة

- ‌أولًا: الزينة الظاهرة، ويراد بها:

- ‌(1) جمال الثياب:

- ‌(2) ستر الفخذين:

- ‌(3) ستر العاتق:

- ‌(4) ستر الرأس:

- ‌(5) لا يغطي فاه في الصلاة:

- ‌ثانيًا: مما يتعلق بحسن الهيئة: الاهتمام بطيب الرائحة

- ‌ثالثًا: السواك

- ‌الحكم الثاني المبادرة بالحضور إلى المسجد

- ‌فضائل المبادرة إلى المسجد وفوائدها

- ‌الاتصاف بصفة من يظلهم الله في ظله:

- ‌أن المبادر في صلاة ما انتظر الصلاة:

- ‌صلاة الملائكة عليه واستغفارهم له:

- ‌المشي إلى المسجد بسكينة:

- ‌دخول المسجد داعيًا:

- ‌تحصيل الصف الأول:

- ‌تحصيل ميمنة الصف:

- ‌الدعاء بين الأذان والإقامة:

- ‌الصلاة قبل الإقامة:

- ‌إدراك تكبيرة الإحرام مع الإمام:

- ‌التأمين مع الإمام:

- ‌الصلاة بخشوع:

- ‌الحكم الثالث الدعاء عند الخروج إلى الصلاة

- ‌الحكم الرابع الذهاب إلى المسجد ماشيًا

- ‌الحكم الخامس المشي بسكينة ووقار

- ‌الحكم السادس لا يشبك بين أصابعه

- ‌الحكم السابع في حضور الصبيان المساجد

- ‌الحكم الثامن في دخول الجنب والحائض المسجد

- ‌أحكام حضور المسجد

- ‌الحكم الأول تعاهد النعلين

- ‌الحكم الثاني تقديم اليمنى عند الدخول

- ‌الحكم الثالث الدعاء عند دخول المسجد

- ‌الحكم الرابع التقدم للصف الأول

- ‌المكان الفاضل في المسجد النبوي:

- ‌الحكم الخامس السلام على من في المسجد

- ‌الحكم السادس صلاة تحية المسجد

- ‌حكم تحية المسجد

- ‌تحية المسجد وقت النهي

- ‌لا صلاة إذا أقيمت الصلاة

- ‌تحية المسجد الحرام

- ‌سقوط تحية المسجد

- ‌الحكم السابع الصلاة إلى سترة

- ‌السترة في المسجد الحرام:

- ‌الحكم الثامن لا يخرج من المسجد بعد الأذان

- ‌الحكم التاسع وظيفة الجالس في المسجد

- ‌قراءة القرآن

- ‌الحذر من الكلام الباطل وما لا فائدة فيه:

- ‌الحذر من رفع الصوت:

- ‌الحذر من البيع والشراء في المسجد:

- ‌الحذر من استدعاء النوم بالنعاس:

- ‌الحكم العاشر تسوية الصفوف وإتمامها

- ‌الحكم الحادي عشر في صلاة المنفرد خلف الصف

- ‌الحكم الثاني عشر الدخول مع الإمام على أي حال

- ‌الحالة الأولى: أن يكون الإمام قائمًا

- ‌الحالة الثانية: أن يكون الإمام راكعًا

- ‌الحالة الثالثة: أن يكون الإمام ساجدًا أو بين السجدتين

- ‌الحالة الرابعة: أن يكون الإمام في التشهد

- ‌الحكم الثالث عشر ما تدرك به الجماعة

- ‌الحكم الرابع عشر في صفة الصلاة

- ‌الحكم الخامس عشر في الذكر بعد الصلاة

- ‌الحكم السادس عشر في الفصل بين الفريضة والنافلة

- ‌الحكم السابع عشر من دخل المسجد وقد فاتته الصلاة فوجد من يصلي صلّى معه

- ‌الحكم الثامن عشر إقامة جماعة غير معتادة لمن فاتتهم الصلاة

- ‌الحكم التاسع عشر من صلى ثم دخل مسجدًا صلى معهم

- ‌الحكم العشرون اختلاف نية الإمام والمأموم

- ‌الحكم الحادي والعشرون إذا صلى المسافر خلف المقيم أتم

- ‌الحكم الثاني والعشرون لا يحجز مكانًا في المسجد

- ‌الحكم الثالث والعشرون لا يهجر المسجد الذي يليه

- ‌الحكم الرابع والعشرون في إيذاء المصلين والتشويش عليهم

- ‌(1) تخطي الرقاب:

- ‌(2) مضايقة المصلين:

- ‌(3) رفع الصوت بالقراءة:

- ‌(4) المرور بين يدي المصلي:

- ‌(5) رفع الصوت بالكلام:

- ‌الحكم الخامس والعشرون في المسألة في المسجد

- ‌الحكم السادس والعشرون في الأكل في المسجد

- ‌أحكام حضور الجمعة

- ‌فضل يوم الجمعة، والتحذير من التهاون بالصلاة

- ‌أحكام الاستعداد للجمعة

- ‌الحكم الأول غسل الجمعة:

- ‌الحكم الثاني حسن اللباس

- ‌الحكم الثالث السواك للجمعة

- ‌الحكم الرابع الطيب يوم الجمعة

- ‌الحكم الخامس المبادرة إلى حضور المسجد:

- ‌الحكم السادس المشي إلى الجمعة

- ‌الحكم السابع في السفر يوم الجمعة

- ‌أحكام حضور مسجد الجمعة

- ‌الحكم الأول الحذر من تخطي الرقاب وأذية الآخرين:

- ‌(1) التفرقة بين اثنين:

- ‌(2) تخطي رقاب المصلين:

- ‌الحكم الثاني القرب من الإمام

- ‌الحكم الثالث التنفل قبل دخول الإمام

- ‌الحكم الرابع الاشتغال بالذكر وتلاوة القرآن

- ‌الحكم الخامس الإنصات والاستماع للخطبة

- ‌الحكم السادس لا يرفع يديه عند الدعاء في الخطبة

- ‌الحكم السابع في تحية المسجد والإمام يخطب

- ‌الحكم الثامن بم تدرك الجمعة

- ‌الحكم التاسع الصلاة بعد الجمعة

- ‌الحكم العاشر إذا اجتمع العيد والجمعة

- ‌أحكام حضور المرأة المسجد

- ‌أولًا: حكم حضور المرأة المسجد:

- ‌ثانيًا: شروط حضور المرأة المسجد:

- ‌أهم الأحكام التي تنفرد بها المرأة عن الرجل في الصلاة

- ‌موقف المرأة خلف الإمام:

- ‌موقف إمامة النساء:

- ‌مرور المرأة بين يدي المصلي:

- ‌باب: صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم من التكبير إلى التسليم

- ‌استقبال الكعبة

- ‌القيام

- ‌صلاة المريض جالسًا

- ‌الصلاة في السفينة

- ‌القيام والقعود في صلاة الليل

- ‌الصلاة في النعال والأمر بها

- ‌الصلاة على المنبر

- ‌السترة ووجوبها

- ‌ما يقطع الصلاة

- ‌الصلاة تجاه القبر

- ‌النية

- ‌التكبير

- ‌رفعُ اليدين

- ‌وضع اليمنى على اليسرى والأمر به

- ‌وضعهما على الصدر

- ‌النظر إلى موضع السجود والخشوع

- ‌أدعية الاستفتاح

- ‌القراءة

- ‌القراءةُ آيةً آيةً

- ‌ركنية (الفاتحة) وفضائلها:

- ‌نسخ القراءة وراء الإمام في الجهرية

- ‌وجوب القراءة في السرية

- ‌التأمين وجهر الإمام به

- ‌قراءته صلى الله عليه وسلم بعد الفاتحة

- ‌جمعه صلى الله عليه وسلم بين النظائر وغيرها في الركعة

- ‌جواز الاقتصار على الفاتحة

- ‌الجهر والإسرار في الصلوات الخمس وغيرها

- ‌الجهر والإسرار في القراءة في صلاة الليل

- ‌ما كان يقرؤه صلى الله عليه وسلم في الصلوات

- ‌1 - صلاة الفجر:

- ‌القراءة في سنة الفجر

- ‌2 - صلاة الظهر:

- ‌قراءته صلى الله عليه وسلم آيات بعدَ الفاتحة في الأخيرتين

- ‌وجوب قراءة الفاتحة في كل ركعة

- ‌3 - صلاة العصر:

- ‌4 - صلاة المغرب:

- ‌القراءة في سنة المغرب

- ‌5 - صلاة العشاء:

- ‌6 - صلاة الليل:

- ‌7 - صلاة الوتر:

- ‌8 - صلاة الجمعة:

- ‌9 - صلاة العيدين:

- ‌10 - صلاة الجنازة:

- ‌ترتيل القرآءة وتحسين الصوت بها

- ‌الفتح على الإمام

- ‌الاستعاذة والتفلُ في الصلاة لدفع الوسوسة

- ‌الركوع

- ‌صفة الركوع

- ‌وجوب الطمأنينة في الركوع

- ‌أذكار الركوع

- ‌إطالة الركوع

- ‌النهي عن قراءة القرآن في الركوع

- ‌الاعتدال من الركوع وما يقول فيه

- ‌إطالة هذا القيام، ووجوب الاطمئنان فيه

- ‌السجود

- ‌الخرور إلى السجود على اليدين

- ‌وجوب الطمأنينة في السجود

- ‌أذكار السجود

- ‌النهي عن قراءة القرآن في السجود

- ‌إطالة السجود

- ‌فضل السجود

- ‌السجود على الأرض والحصير

- ‌الرفع من السجود

- ‌الإقعاء بين السجدتين

- ‌وجوب الاطمئنان بين السجدتين

- ‌الأذكار بين السجدتين

- ‌جلسة الاستراحة

- ‌الاعتماد على اليدين في النهوض إلى الركعة

- ‌وجوب قراءة الفاتحة في كل ركعة

- ‌التشهد الأول

- ‌جلسة التشهد

- ‌تحريك الإصبع في التشهد

- ‌وجوب التشهد الأول ومشروعية الدعاء فيه

- ‌صيغ التشهد

- ‌الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، وموضعها، وصيغها

- ‌فوائد مهمة في الصلاة على نبي الأمة

- ‌القيام إلى الركعة الثالثة ثم الرابعة

- ‌القنوت في الصلوات الخمس للنازلة

- ‌القنوت في الوتر

- ‌التشهد الأخير

- ‌وجوب التشهد

- ‌وجوب الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌وجوب الاستعاذة من أربع قبل الدعاء

- ‌الدعاء قبل السلام وأنواعه

- ‌التسليم:

- ‌وجوب السلام

- ‌باب: سجود السهو

- ‌ الزيادة

- ‌السلام قبل تمام الصلاة

- ‌النقص

- ‌1 - نقص الأركان:

- ‌2 - نقص الواجبات:

- ‌الشك

- ‌سجود السهو على المأموم

- ‌حكم تارك الصلاة

- ‌ما يترتب على الردة بترك الصلاة أو غيرها

- ‌أولًا: من الأحكام الدنيوية:

- ‌ثانيًا: الأحكام الأخروية المترتبة على الردة

- ‌مخالفات الطهارة

- ‌مخالفات الصلاة

- ‌بعض المخالفات المتعلقة بالمساجد

- ‌مخالفات تتعلق بالجمعة

- ‌مخالفات الطهارة

- ‌مخالفات تتعلق بالصلاة

- ‌مخالفات تتعلق بالمساجد

- ‌مخالفات تتعلق بالجمعة

- ‌فتاوى الصلاة وحكم تاركها

- ‌حكم ترك الصلاة عمدًا

- ‌حكم تارك الصلاة

- ‌هل وجوب الصلاة مع جماعة في المسجد مرتبط بسماع الأذان

- ‌صلاة الحارس

- ‌الحركة في الصلاة

- ‌حكم العبث والحركة في الصلاة

- ‌شرود الذهن في الصلاة

- ‌ذكر سجود السهو

- ‌حكم نسيان سجود السهو

- ‌منع السائقين من أداء صلاة الجماعة

- ‌وقت صلاة العشاء

- ‌حكم تأخير الصلاة إلى الليل

- ‌حكم تأخير صلاة الفجر عن وقتها

- ‌حكم التهاون بالصلاة

- ‌المصافحة بعد الصلاة

- ‌قراءة الفاتحة

- ‌صلاة المفترض خلف المتنفل

- ‌إدراك المسبوق للتشهد الأخير

- ‌حكم أخذ المصحف من المسجد ومد الظهر جدا في أثناء السجود، والعبث في الصلاة

- ‌كيفية أداء‌‌ الصلاة في الطائرة

- ‌ الصلاة في الطائرة

- ‌تقسيم الوتر

- ‌الحكمة من إدخال قبر الرسول صلى الله عليه وسلم في المسجد

- ‌حكم الصلاة في مسجد فيه قبر

- ‌حكم الصلاة في المسجد الذي فيه قبر

- ‌وجوب أداء الصلاة في الجماعة

- ‌ترديد الأذان

- ‌من سمع النداء ولم يذهب للمسجد

- ‌فضل الجماعة

- ‌حكم التهاون بصلاة الجماعة

- ‌الصلاة بالثياب الخفيفة الواصفة

- ‌أكل البصل والثوم عند الصلاة

- ‌حكم أكل الكراث والبصل والثوم وإتيان المسجد

- ‌ساعة الإجابة يوم الجمعة

- ‌حكم الذهاب إلى المساجد البعيدة للصلاة خلف القارئ الجيد

- ‌صلاة التراويح

- ‌القرآن يوم الجمعة والابتهالات قبل الفجر

- ‌القراءة قبل صلاة الفجر بمكبرات الصوت

- ‌تنبيه الإمام حتى ينتظر

- ‌انتظار الإمام المأمومين في أثناء الركوع

- ‌المدخنة أمام المصلين

- ‌الصلاة أمام المدفأة

- ‌معيار الإطالة والتخفيف في الصلاة .. السنة وليس الأهواء

- ‌السنة تسوية الصفوف

- ‌استعمال السواك

- ‌المسبوق منفرد فلا يسمح للمار بين يديه

- ‌الإمام حسن الصوت ينشط المصلين

- ‌إمام لا يجيد قراءة القرآن

- ‌حكم إمامة المرأة للنساء

- ‌الصلاة خلف الحليق والمسبل

- ‌حكم إمامة المسبل

- ‌الإطالة في الدعاء

- ‌تتبع الأئمة

- ‌تقليد القراءة في صلاة التراويح

- ‌تغيير الصوت في دعاء القنوت

- ‌دعاء الاستخارة .. متى يكون

- ‌دق جرس الباب وأنا في الصلاة

- ‌أتمم ما نسيت ما دام الوقت قصيرًا

- ‌متابعة الإمام

- ‌السترة أمام المصلي

- ‌الصلاة في الثوب الذي فيه صور

- ‌صلاة الجماعة وتأخير الصلاة

- ‌الصلاة الجهرية والأذان للمنفرد

- ‌لا صلاة لمنفرد خلف الصف

- ‌الائتمام بالمنفرد

- ‌الائتمام بالمنفرد أيضًا

- ‌جلسة الاستراحة ليست واجبة

- ‌الإسراع والركض لإدراك الصلاة

- ‌من أين يبدأ الصف

- ‌المسافر لمدة سنتين هل يقصر الصلاة

- ‌حكم من مات وهو تارك للصلاة والصوم

- ‌مراعاة ترتيب السور عند القراءة

- ‌فعل المكروه وحكم فاعله

- ‌الصلاة جماعة في مبنى منفصل عن الإمام

- ‌ترك النساء الصلاة بحجة العذر كذبًا

- ‌رد السلام أثناء الخطبة

- ‌إذا صلى الإمام وهو جنب

الفصل: ‌الحكم الأول غسل الجمعة:

إن الاهتمام بالطاعة في هذا اليوم شأن الصالحين من سلف هذه الأمة، وأعني به الاهتمام الذي يتحول إلى واقع عملي يرضى عنه المسلم. وأكثر الناس اليوم يرون أن يوم الجمعة يوم نوم وكسل، ومن آثاره التأخر عن الحضور على الجمعة؛ لأنه مسبوق بليلة سهر على ما حرم الله عند غالب الناس. والله المستعان! ولقد استقر في أذهان الناس عمومًا أن يوم الجمعة أفضل أيام الأسبوع، لكنهم لا يعملون بمقتضى علمهم. إن علينا أن نتأسى بالنبي صلى الله عليه وسلم الذي كان من هديه -كما يقول ابن القيم- تعظيم هذا اليوم وتشريفه وتخصيصه بعبادات يختص بها عن غيره (1)، ومن تعظيم هذا اليوم أن نعمل ما شرع لنا من أحكام، وأن نتأدب ما سنّ لنا من آداب.

وقد ورد النهي الأكيد، والوعيد الشديد في التخلف عن صلاة الجمعة والتهاون بحضورها.

فعن أبي هريرة وابن عمر رضي الله عنهم أنهما سمعا رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول على أعواد منبره: "لينتهينّ أقوام عن ودعهم الجمعات، أو ليختمنّ الله على قلوبهم، ثم ليكونن من الغافلين"(2).

وعن ابن مسعود رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لقوم يتخلفون عن الجمعة: "لقد هممت أن آمر رجلًا، يصلي بالناس، ثم أحرق على رجال يتخلفون عن الجمعة بيوتهم"(3).

وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: من ترك الجمعة ثلاث جمع متواليات فقد نبذ الإسلام وراء ظهره (4).

والأحاديث في هذا كثيرة (5)، وفيها دلالة واضحة على عظيم شأن صلاة الجمعة، وأن من تركها أو تساهل بها فهو على خطر عظيم؛ إنه متوعّد بالختم على قلبه، فلا تغشاه رحمة الله تعالى، ولا ألطافه، فلا يزكيه ولا يطهره، بل ييقى دنسًا، تغشاه ظلمات الذنوب والمعاصي.

فعلى من كان متساهلًا بهذه الفريضة العظيمة إما كسلًا أو خروجًا في نزهة أو صيد أو حضور مباراة أو نحو ذلك من الموانع التي ظهرت في هذا الزمان - أن يبادر بالتوبة النصوح، فيقلع ويندم ويعزم على أن لا يعود، عسى الله أن يتوب عليه.

‌أحكام الاستعداد للجمعة

‌الحكم الأول غسل الجمعة:

يتأكد في حق من أراد حضور الجمعة أن يغتسل سواء كان به رائحة يحتاج إلى إزالتها أو لا، وعليه أن يقصد بذلك الغسل غسل الجمعة لا يقصد به النظافة أو التبرد فحسب، لأجل أن يؤجر على نيته.

وقد تعددت النصوص على بيان أهمية غسل الجمعة ومنزلته في نظر الإسلام، بل أكدت النصوص أهمية الغسل في كل أسبوع مرة، ففي حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"حق على كل مسلم أن يغتسل في كل سبعة أيام يومًا، يغسل فيه رأسه وجسده"(6).

(1) زاد المعاد (1/ 375).

(2)

أخرجه مسلم (865).

(3)

أخرجه مسلم (652).

(4)

أخرجه أبو يعلى (3/ 156) موقوفًا بإسناد صحيح، كما قال المنذري في الترغيب (1/ 511).

(5)

ذكره المنذري في الترغيب (1/ 508).

(6)

رواه البخاري (856)، ومسلم (849).

ص: 132

وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "من جاء منكم الجمعة فليغتسل"(1).

وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "غسل يوم الجمعة واجب على كل محتلم"(2).

وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن هذا يوم عيد جعله الله للمسلمين فمن جاء الجمعة فليغتسل

" الحديث (3).

فهذه النصوص تدل على أن المسلم مطالب بالغسل مرة على الأقل في كل سبعة أيام؛ ليبقى نظيفًا نشيطًا، ولم يترك الإسلام تنظيف الرأس وتنقيته للأهواء والظروف ولا لانتظار الجنابة التي قد يطول أمرها ولا سيما من ليس له زوج، بل أكد ذلك على المسلم وحثه على الإكثار منه، وهذا غسل راتب مسنون للنظافة في كل أسبوع وإن لم يشهد الجمعة (4).

ولا خلاف في استحباب الغسل يوم الجمعة، كما أنه لا خلاف في أن الصلاة جائزة بدونه، وإنما الخلاف في وجوبه.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: (ويستحب الغسل في ذلك اليوم، وعن جماعة يجب، ودليل وجوبه أقوى من دليل وجوب الوتر، ومن الوضوء من مس النساء ومن القهقهة ومن الرعاف ومن الحجامة ومن القيء، ومن دليل وجوب الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم)(5).

وعند تأمل النصوص الواردة في غسل الجمعة يلوح لك رجحان القول بالوجوب، وهو قول الظاهرية وجماعة من الصحابة، وهو رواية عن الإمام أحمد، وحكى عن مالك (6)، فقد ورد في بعض الأحاديث التصريح بالوجوب، وفي بعضها الأمر به وفي بعضها أنه حق على كل مسلم، والوجوب يثبت بأقل من هنا (7).

وأما تأويل لفظ: (واجب وحق) الواردة في بعض النصوص السابقة بتأكيد المشروعية، وحمل الأمر على الندب، جمعًا بين الأحاديث فهو مسلك لا تطمئن إليه النفس، ولا يطلب الجمع بمثل هذا.

والأحاديث القاضية بالغسل فيها حكم زائد على الأحاديث المفيدة لاستحبابه فلا تعارض بينهما، والواجب الأخذ بما تضمن الزيادة (8).

وأوضح دليل القائلين بالاستحباب -وهم الجمهور- حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من توضأ فأحسن الوضوء، ثم أتى الجمعة، فاستمع، وأنصت غفر له ما بينه وبين الجمعة وزيادة ثلاثة أيام، ومن مس الحصا فقد لغا"(9).

قال الحافظ في التلخيص: (إنه من أقوى ما استدل به على عدم فرضية الغسل يوم الجمعة)(10).

(1) رواه البخاري (854)، ومسلم (844).

(2)

رواه البخاري (855)، ومسلم (846).

(3)

رواه ابن ماجه (1098) بإسناد حسن، وانظر الزوائد للبوصيري (1/ 208).

(4)

انظر كتاب (في الصلاة صحة ووقاية) للدكتور: فارس علوان (ص 31)، وانظر مجموع الفتاوى (21/ 307).

(5)

نسبه في كتاب (القول المبين)(ص 352) إلى كتاب: "اقتضاء الصراط المستقيم" ولم أعثر عليه فيه، وانظر زاد المعاد (1/ 386).

(6)

انظر: المغني (3/ 224)، المحلى (2/ 13)، معالم السنن (1/ 211)، فتح الباري (2/ 361).

(7)

نيل الأوطار (1/ 272).

(8)

انظر تمام المنة (ص 120).

(9)

رواه مسلم (857).

(10)

التلخيص الحبير (2/ 72).

ص: 133

قال في فتح الباري: (وأجيب عنه: بأنه ليس فيه نفي الغسل، وقد ورد من وجه آخر في الصحيحين بلفظ "من اغتسل" فيحتمل أن يكون ذكر الوضوء لمن تقدم غسله على الذهاب فاحتاج إلى إعادة الوضوء)(1).

ومنها حديث سمرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من توضأ يوم الجمعة فيها ونعمت، ومن اغتسل فالغسل أفضل"(2).

وهذا الحديث من رواية الحسن عن سمرة، وفي سماعه منه خلاف بين أهل العلم، فلا يقاوم الأحاديث الصحيحة القاضية بالوجوب.

قال ابن حزم بعد أن ساق هذا الحديث وما في معناه: لو صحت لم يكن فيه نص ولا دليل على أن غسل الجمعة ليس بواجب، وإنما فيها أن الوضوء نعم العمل وأن الغسل أفضل، وهذا لا شك فيه، وقد قال الله تعالى:{وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ} [آل عمران: 110].

فهل دل هذا اللفظ على أن الإيمان والتقوى ليس فرضًا؟! -حاشا لله من هذا- ثم لو كان في جميع هذه الأحاديث نص على أن غسل الجمعة ليس فرضًا لما كان في ذلك حجة؛ لأن ذلك كان يكون موافقًا لما كان عليه الأمر قبل قوله عليه الصلاة والسلام: "غسل يوم الجمعة واجب على كل محتلم" و"على كل مسلم".

وهذا القول منه عليه الصلاة والسلام حكم زائد ناسخ للحالة الأولى بيقين لا شك فيه، ولا يحل ترك الناسخ بيقين والأخذ بالمنسوخ) (3). وعلى ما تقدم فالظاهر -إن شاء الله- أن غسل الجمعة واجب، فمن تركه فقد قصّر فيما وجب عليه، وصلاته صحيحة إذا كان طاهرًا، فإن الأصل في الأمر أنه للوجوب، ولا يصرف عنه على الندب إلا بدليل، وقد ورد الأمر بالغسل صريحًا، ثم تأيد في معنى الوجوب بورود النص الصريح الصحيح بأن غسل الجمعة واجب.

ومثل هذا الذي هو قطعي الدلالة والذى لا يحتمل التأويل لا يجوز أن يؤول لأدلة أخرى، بل تؤول الأدلة الأخرى إن كان في ظاهرها المعارضة له، والله أعلم (4).

وقد ورد في بعض النصوص أن الفضل المرتب على التبكير للجمعة لا يحصل إلا لمن اغتسل، وذلك كما في حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من اغتسل يوم الجمعة غسل الجنابة ثم

(1) فتح الباري (2/ 362).

(2)

رواه أبو داود (354)، والترمذي (497) وحسنه، ورواه أحمد (5/ 8، 11، 15، 16، 22) والنسائي (3/ 94)، ورواه ابن ماجه من حديث أنس (1091). قال الحافظ في الفتح (2/ 362): (ولهذا الحديث طرق أشهرها وأقواها: رواية الحسن عن سمرة، أخرجها أصحاب السنن الثلاثة، وابن خزيمة وابن حبان وله علتان: إحداهما: أنه من عنعنة الحسن، والأخرى: أنه اختلف عليه فيه

). لكن من قال: عن الحسن سمع من سمرة؛ صحح الحديث، وعلة الاختلاف في وصله وإرساله منتفية، فقد ورد وصله من طرق صحيحة، فقد ورد من طريق أبان بن يزيد عن قتادة عن الحسن عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلًا. وورد من طريق سعيد الجحدري موصولًا، وتابعه ويزيد بن زريع وهمام بن يحيى، وقد صحح الحديث مرفوعًا الدارقطني وأبو حاتم الرازي وابن خزيمة وابن حجر والألباني.

(3)

المحلى (2/ 14).

(4)

انظر فتح الباري (2/ 360) وما بعدها، ونيل الأوطار (1/ 272)، والرسالة للشافعي وتعليق أحمد شاكر (ص 302) وما بعدها وإحكام الأحكام لابن دقيق العيد بحاشية الصنعاني (3/ 113).

ص: 134