الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
من لا يصلي، وهذه لا يجوز. -والله أعلم- وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
رسالة صفة صلاة النبي، ص 29 - 30، ابن عثيمين
هل وجوب الصلاة مع جماعة في المسجد مرتبط بسماع الأذان
السؤال: هل وجوب الصلاة مع جماعة في المسجد مرتبط بسماع الأذان؟
الجواب: من كان قريبًا من المسجد بحيث يسمع النداء بالمؤذن العادي دون وجود مكبرات الصوت وهذا ما يقرب من كيلوين إلى كيلوين ونصف تقريبًا في الزمان الذي ليس فيه رياح متحركة والزمان الساكن، فصوت المؤذن يبلغ ما يقرب من كيلوين ونصف بهذا القدر، من كان على هذه المسافة يلزمه أن يجيب النداء. وأما بالنسبة لما في زماننا فلو سمع بالجهاز المصوت وهو على عشرة كيلو مترات أو ثمانية كيلو مترات في بعض الأحيان تسمع الأذان على ثمانية كيلو وأذكر أننا كنا في المزرعة في خط المطار في المدينة كنا نسمع أذان الحرم ونحن على قرابة من أحد عشر كيلو مترات وهذا في أذان الفجر، كنا نسمعه فمثل هذه المسافة لا يجب فيها إجابة النداء؛ وإنما تجب إجابة النداء فيما يبلغ بالصوت المعتاد وهذا هو الذي قرره العلماء في الزمان الذي لا ضجة فيه ولا لجة مثل شدة النهار كما يقع في الظهر وكما يقع في أوقات النهار التي يكون الناس فيها في أعمالهم ويشغل عن سماع الصوت، إنما يكون في الزمان الهادئ ما بين كيلوين إلى كيلوين ونصف من الأمتار كما يذكر بعض مشايخنا -رحمة الله عليهم- هذا القدر إلى ثلاثة كيلو مترات يحتاط الإنسان ويجيب المسجد، وأما ما زاد على ذلك فلا يجب وقد كان أهل قباء على هذه المسافة وكانت هناك مساجد في المدينة وكانوا يؤذنون ومع ذلك لا يلزموا بالمسجد الأصلي وهو مسجد النبي صلى الله عليه وسلم.
أما لو كان في بناء محكم مصمت يؤذن المؤذن ولا يسمعه فإنه لا يعتد بقضية سماع الصوت ويجب عليه أن يجيب؛ لأنه لو قلنا إن العبرة بسماع الصوت لربما نام واستيقظ فيما بين الأذان والإقامة لم يسمع الأذان، فالعبرة بالمسافة وقد قال صلى الله عليه وسلم كما في الحديث الصحيح أن أعمى جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: يا رسول الله إنه تكون الظلمة والسيل والمطر وليس لي قائد يلاومني، فرخص له أن يدع الصلاة وأن يصلي في بيته، ثم دعاه وقال:"أتسمع النداء"؟ قال: نعم، قال:"أجب فإني لا أجد لك رخصة"(1) هذا نص صريح صحيح يدل على أنه تجب إجابة النداء ما لم يكن الإنسان معذورًا بمرض أو يكون معذورًا بالسلس أو بشيء يحتاج فيه إلى انتظار في الوقت أو يكون مسافرًا .. فإن المسافر ثبت في الصحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه لما صلى بالناس الفجر رأى رجلين لم يصليا في مسجد الخيف فقال: "عَليَّ بهما"، فأُتي بهما ترعد فرائصهما رضي الله عنهما من الخوف فقال:"ما منعكما أن تصليا في القوم" قالا: يا رسول الله صلينا في رحالنا فقال صلى الله عليه وسلم: "إذا صليتما في رحالكما ثم أتيتما المسجد فصليا فإنها لكما نافلة"(2) فلم ينكر عليهما أنهما صليا في رحالهما مع كونهما في الركب ومع رسول الله صلى الله عليه وسلم حجة الوداع وفي منى ومع ذلك لم يلزمهم بالجماعة الأصلية، وهذا أصل عند طائفة من العلماء أنه مستثنى من الواجب من سماع النداء وإجابته، والله -تعالى- أعلم.
موسوعة الفتاوى الإسلامية، الشيخ محمد مختار الشنقيطي
السؤال: يشتكي بعض الآباء من صعوبة إيقاظ أبنائهم في صلاة الفجر -خاصةً أيام
(1) أخرجه أحمد في مسنده (3/ 433)، والطبراني في الصغير (2/ 34).
(2)
أخرجه الترمذي (219).
الإجازات- فهل يلحق الأب إثم إن هو حاول واجتهد مع أبنائه، ولكن دون جدوى؟
الجواب: يجتهد الوالد ولا يعذر في هذا. المسألةُ كلها مسألة إهمال، وتقصير، وتكاسل، ابنك تحت سلطانك وتحت قوتك وقهرك، تعوِّده من الصغر على أن تقيمه للصلاة، ولذلك الأب الذي تجده أن يقيم أبناءه للصلوات، ينشأ أبناؤه من الصغر منذ نعومة أظفارهم على السمع والطاعة، لا تجامل ولا تخف واعلم علم اليقين أن هذا هو نجاتك ونجاة أهلك وأولادك. وكان بعض العلماء يقول لو أن كل والد أعياه ولده وهو يقيمه إلى الصلاة، أو يأمره بحد من حدود الله، تصور أن حية بجوار ابنه أو نارًا تريد أن تأكله، يتصور هذا ويتخيله ويعرف كيف يوقظ ابنه للصلاة ويجعل عنده شعور كأن ابنه يريد أن يحترق، وينظر هل يوقظه أو لا. فتجده يبذل كل ما يستطع لإيقاظه؛ لكن إذا جاء عند الأوامر الشرعية يبحث عن كل عذر، وعن كل فتوى ترخص له في ترك أمر الله، لا والله لا تعذر {قوا أنفسكم وأهليكم نارًا
…
} [التحريم: 6] تقي ابنك من نار الله، أمرك الله أن تأمره وتقول له: قم للصلاة وتقيمه، ولو كان نائمًا ترفعه حتى يقوم للصلاة، المرة الأولى يرى منك القوة والغلظ المرة الثانية يكون أضعف. هكذا يكون صراع الحق والباطل؛ لكن اليوم الأول تأتي وتقول: -يابني- قم للصلاة، بقوة فلا يستجيب لك، فيقوى سلطان الشيطان ويقوى سلطان شيطانه عليه، فإذا جئت في اليوم الثاني تقول: -يا بني- قم إلى الصلاة، إذا بها أضعف من التي قبلها ثم تأتي في اليوم الثالث تمسح برأسه تقول: -أصلحك الله- قم للصلاة، فلا يزال يتخاذل ويتخاذل، حتى يركبه الشيطان -والعياذ بالله-، فيهلك ويهلك أولاده يهلك هو بتضييع أمر الله عز وجل ويهلك أولاده بالتكاسل والتخاذل. مرهم بما أمر الله، وخذ بحجزهم عن نار الله -جل وعلا-، وتصور أن ابنك بين الجنة والنار لا نجاة له إلا أن تقيم عليه ما أمرك الله بإقامته، إذا كان عندك هذا الشعور بالمسئولية تعرف كيف تقيم ابنك، ولو كان وراء ابنك اختبار أو وراءه شيء من أمور الدنيا لعرفت كيف تقيمه، وعندها لا تبالي بكل شيء يحصل؛ ولكن ما أهون الدين على الناس! ما أهون الخالق على المخلوق!:{وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ} [الأنعام: 91] سبحان من يطعمهم ويرزقهم ويكسوهم! وتجد الواحد منهم يقيم ولده للاختبار من الساعات الباكرة، ولا تجد أحدًا يشتكي من إقامة الولد للاختبارات عمركم سألتم وجدتم شخصًا يسأل أنه يجد صعوبة في إقامة أولاده للاختبار، هل وجدتم أحدًا يجد صعوبة في إقامة أولاده وقرابته للدوام وغيره من حظوظ الدنيا؟! أبدًا والله، ولو كان ابنه معه في تجارته أو سوقه لوجدت البيت كله يستنفر فعجبًا والله أن تجد الأم -نسأل الله السلامة والعافية- إذا أمره أن يقوم للصلاة قالت له: إنه متعبٌ لا تعقد الولد، والله إن التعقيد والضياع للذريات والضياع للدين والدنيا والآخرة هو التفريط بحدود الله -جل وعلا-.
كان الناس يظنون أن الأمر بالصلوات والطاعات منذ عشرين سنة حينما دخلت عليهم المدنية الزائفة، كانوا يظنون أن هذا تعقيد، ولما تكاسلوا وتخاذلوا في تربية الأبناء وأصبح الابن يسفه أباه، ويتكلم على أمه في وجهها -نسأل الله السلامة والعافية- لا يرعى لله حرمة ولا يرعى إلًا ولا قرابة عندها عضوا أصابع الندم وتمنوا أن ذلك التعقيد أخذوا منه لصلاح أولادهم وذرياتهم.
التعقيد أن يترك الحبل على الغارب، وأن يؤذن بفريضة الله ويدخل الأب ويخرج ولا يبالي، صلى أبناوه أم لم يصلوا. فاتَّقِ الله عز وجل وأمر بما أمر الله، وخذ بحجزهم عن نار الله، والله يعينك، والله يسددك، والله لا يخيبك، وكم من أب سعى في فكاك أهله وذريته من النار وفقه ربه، ولا يزال لك من الله