الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
هذه النجاسة عن بدنه أو ثوبه ويصلي بوضوئه ولا حرج عليه في ذلك" (1). اهـ.
- بعض النساء إذا كانت في وقت النفاس تمتنع عن الصيام والصلاة مدة أربعين يومًا وقد تطهر قبل ذلك، ولكن مع ذلك تمتنع عن أداء الصلاة والصيام حتى نهاية الأربعين.
وهذا فهم خاطئ بل عليها أن تصوم وتصلي متى ما طهرت ولو كان ذلك قبل تمام الأربعين.
سئل سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز -حفظه الله تعالى- عن هذا المبحث، وهذا نص السؤال: هل يجوز للمرأة النفساء أن تصوم وتُصلي وتَحج قبل أربعين يومًا إذا طهرت؟.
فأجاب -حفظه الله- بقوله: نعم، يجوز لها أن تصوم وتُصلي وتَحج وتعتمر ويَحل لزوجها وطؤها في الأربعين إذا طهرت فلو طهرت لعشرين يومًا اغتسلت وصلت وصامت وحلت لزوجها.
والصواب: أنه لا حرج في ذلك إذا طهرت قبل الأربعين يومًا فإن طهرها صحيح فإن عاد عليها الدم في الأربعين فالصحيح أنها تعتبره نفاسًا في مدة الأربعين ولكن صومها في حال الطهارة وصلاتها وحجها كله صحيح لا يعاد شيء من ذلك ما دام وقع في الطهارة. انتهى (2) والله أعلم.
- ومن المخالفات أيضًا: أن بعض الناس إذا خشي أن تفوته الجماعة ولم يكن متوضئًا أو كان جنبًا عمد إلى التيمم وترك الوضوء أو الاغتسال خشية أن تفوته الجماعة، وفعله هذا مخالف لقوله تعالى:{فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا} [النساء: 43].
جاء في فتاوى اللجنة الدائمة حول هذا المبحث ما نصه:
"يجب عليه أن يغتسل ويتوضأ وضوء الصلاة ويُصلي ولو فاتته الجماعة ولا يجزئه التيمم وكون الجماعة تفوته إذا اغتسل لا يجيز له التيمم".
- بعض الناس تُدركه الصلاة وهو في إحدى الحدائق العامة وغالبًا ما تُسقى هذه الحدائق بمياه لها رائحة كريهة.
قال سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز -حفظه الله تعالى-:
"ما دامت تنبعث منها الرائحة الكريهة فالصلاة فيها غير صحيحة لأن من شروط صحة الصلاة طهارة البقعة التي يصلي عليها المسلم فإن وضع عليها حائلًا صفيقًا طاهرًا صحت الصلاة عليه
…
" (3).
مخالفات تتعلق بالصلاة
- في بعض المساجد الكبيرة يدخل بعض المسبوقين فيحدث صفًا جديدًا، وقد يكون الصف الذي أمامه لم يكتمل في الجهة الأخرى، ولكن بعد المسافة أو طمعًا في إدراك الركعة جعله يتكاسل عن إتمام الصف من الجهة الأخرى.
وفعله ذاك يحدث خللًا في إتمام الصفوف لأنه أنشأ صفًا والصف الذي أمامه لم يكمل. وأيضًا فربما يأتي بعده مسبوقون فيفعلون كما فعل فتبقى الصفوف مقطوعة من الجانبين وهذا لا يجوز لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "ومن قطع صفًا قطعه الله عز وجل". رواه أحمد، وأبو داود، والنسائي.
(1) فتاوى نور على الدرب. الفوزان "الحلقة الأولى": (ص: 107).
(2)
كتاب الدعوة (ص: 43، 44)
(3)
مجلة الدعوة. عدد 1270 في 26/ 5/1411 هـ. (ص: 13).
وكذلك حديث: "أقيموا صفوفكم أو ليخالفن الله بين قلوبكم". رواه أبو داود، وابن حبان.
- بعض الأئمة في أثناء تسوية الصفوف يقول للمصلين إذا رأى في الصف عوجًا: "إن الله لا ينظر إلى الصف الأعوج". وأحيانًا يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، فيذكره.
وهذا الحديث معروف عند كثير من الناس، ولكن بعد طول بحث وسؤال كثير من أهل العلم لم يعرف في أي كتاب ورد، ولا أحد تكلم عنه -وهذا كله حسب البحث-.
ويقال لمن استشهد: عليك التثبيت وعدم التكلم به إلا بعد التأكد من صحته.
ثم هناك من الأحاديث الصحيحة عن النبي صلى الله عليه وسلم ما يُغني عنه، ومن ذلك على سبيل المثال لا على سبيل الحصر:
قوله صلى الله عليه وسلم: "سووا صفوفكم". رواه البخاري، ومسلم.
وقوله صلى الله عليه وسلم: "أحسنوا إقامة الصفوف في الصلاة". رواه أحمد في المسند.
وقوله صلى الله عليه وسلم: "رصوا صفوفكم وقاربوا بينها"(1).
- يلحظ على بعض المصلين أنه إذا رفع من الركوع رفع يديه على هيئة الدعاء. وهذا الفعل خلاف السنة الثابتة عنه صلى الله عليه وسلم، فإنه كان يرفع يديه إلى حذو منكبيه، وتاره إلى أطراف أُذنيه وليس على هيئة الدعاء.
- بعض المرضى الذين يفوتهم عدد من الصلوات، لا يصلونها إلا في أوقاتها من الغد، وهذا خطأ واضح.
والواجب على أولئك أن يصلوا ما فاتهم من الصلوات فور تذكرهم لها لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "من نسي صلاة أو نام عنها فكفارتها أن يصليها إذا ذكرها"(2).
- في أثناء صلاة الكسوف أو الخسوف يدخل بعض الناس بعد رفع الإمام من الركوع الأول فإذا سلم الإمام من الصلاة سلم معه لأنه يعتقد أنه بإدراكه الثاني قد أدرك الركعة كما في الصلوات الأخرى.
وهذا خطأ فإن صلاة الكسوف والخسوف في كل ركعة ركوعان أو أكثر، ولا تدرك الركعة إلا بإدراك الركوع الأول فيها، أما الصلوات الأخرى ففي كل ركعة ركوع واحد.
وقد ورد سؤال إلى اللجنة الدائمة نصه:
هل صحيح أن الركوع الثاني من صلاة الكسوف سُنة لا يعتد به المسبوق بحيث يأتي المسبوق بالركوع الأول بركعة كاملة بركوعين بعد تسليم الإمام أم أن الركوع الثاني يقوم مقام الأول؟
فأجابت اللجنة بما نصه:
"الصحيح أن من فاته الركوع الأول من الكسوف لا يعتد بهذه الركعة، وعليه أن يقضي مكانها ركعة أخرى بركوعين لأن صلاة الكسوف عبادة والعبادات توقيفية، فيقتصر فيها على ما ثبت من كيفيتها في
(1) رواه أحمد وأبو داود، وانظر للفائدة رسالة:"تسوية الصفوف وأثرها في حياة الأمة" حسين العوايشة.
(2)
رواه البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي والترمذي بألفاظ متقاربة.
تنبيه: ورد عند مسلم: "فمن فعل ذلك -أي نام عن الصلاة- فليصلها حين ينتبه لها، فإذا كان من الغد فليصلها عند وقتها".
قال النووي -رحمه الله تعالى-: معناه أنه إذا فاته صلاة فقضاها لا يتغير وقتها ويتحول في المستقبل بل يبقى كما كان، فإذا كان الغد صلى صلاة الغد في وقتها المعتاد ويتحول، وليس معناه أن يقضي الفائتة مرتين مرة في الحال ومرة في الغد، وإنما معناه ما قدمناه، فهذا هو الصواب في معنى هذا الحديث. انتهى مختصرًا. شرح النووي (5/ 187).
النصوص الصحيحة" (1). انتهى.
- بعض المأمومين إذا قام الإمام إلى الركعة الأخرى مكث جالسًا فترة من الزمن بحيث يأخذ الإمام وقتًا من الركعة التي هو فيها وذاك لا يزال جالسًا.
وهذا خلاف السنة؛ لأن الواجب عليه متابعة الإمام؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: "إنما جعل الإمام ليؤتم به". الحديث رواه البخاري ومسلم.
قال الشيخ محمد بن إبراهيم -رحمه الله تعالى-: "الغالب على أكثرهم بطلان صلاته إلا أن الذي يفعل هذا جاهل في الغالب فأنه ترك ركن إنما يتركونه تكاسلًا عن الصلاة فيما يتبقى فينبغي تنبيه من يفعله"(2).
- بعض المصلين ينظر إلى موضع سجوده -وقد أصاب السنة- لكن إذا قرأ الإمام {غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ} رفع ذلك المأموم رأسه قليلًا وقال: آمين، واعتياد هذا الرفع عند كل تأمين لا يجوز لأنه محدث.
- اعتياد بعض الناس أن يرفع صوته بتكبيرة الإحرام رفعًا واضحًا يختلف عن باقي التكبيرات وسواء كان في ذلك مأمومًا أو منفردًا.
وإفراد هذه التكبيرة -تكبيرة الإحرام- برفع الصوت دون غيرها يحتاج إلى دليل. قال صلى الله عليه وسلم: "صلوا كما رأيتموني أصلي"، والذين نقلوا عنه صلاته لم يذكروا أنه خص تكبيرة الإحرام برفع الصوت، وهذا حسب البحث، والله تعالى أعلم.
- في بعض البلاد عندما تُقضى الصلاة يقوم شخص بقراءة الفاتحة ثم يقول بعد ذلك: إلى حضرة النبي.
وهذا جواب فضيلة الشيخ ابن عثيمين -حفظه الله تعالى-:
حكم هذا أنه بدعة من البدع التي لم تكن معهودة في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وخلفائه وكل ما ابتدع في الدين، فإنه لا ينفع صاحبه بل يضره
…
كما قال النبي صلى الله عليه وسلم محذرًا من ذلك: "إياكم ومُحدثات الأمور، فإن كل بدعة ضلالة".
وهذا العمل الذي يكون بعد الصلاة وهو قراءة الفاتحة أو آية الكرسي بصوت مرتفع يستمع إليه الحاضرون لا شك أنه من البدع التي ينهى عنها، ويؤمر الناس بدلًا عنها بأن يقوموا بما وردت به السنة من الأذكار التي تكون أدبار الصلوات انتهى مختصرًا (3).
- بعض الناس إذا كان يصلي منفردًا ودخل معه أحد في صلاته رد ذاك الداخل بيده يأمره بالانصراف عنه وخاصة إذا كان يُصلي نفلًا يظن أنه لا يجوز أن يصلي إمامًا وهو مُتنفل بآخر مفترض، وهذا فهم خاطئ، والصواب جواز ذلك.
ورد سؤال إلى اللجنة الدائمة هذا نصه:
إذا كان أحد المصلين يصلي منفردًا ودخل معه آخر مقتديًا به فهل ذلك جائز أم لا؟ وهل في ذلك فرق بين الفرض والنفل؟
(1) مجلة البحوث الإسلامية: (13/ 98، 23/ 93).
(2)
فتاوى الشيخ محمد بن إبراهيم: (2/ 292).
(3)
فتاوى نور على الدرب (ص: 40).
فأجابت اللجنة الدائمة: "يجوز ذلك سواء كان فرضًا أم نفلًا"(1).
وفي جواب آخر للجنة: "يجوز ذلك سواء مُفترض بمتنفل لقصة معاذ كان يصلي مع النبي صلى الله عليه وسلم ثم يرجع فيصلي بقومه تلك الصلاة" متفق عليه.
- في أثناء الصلاة على الجنازة يقوم بعض الناس بإنشاء صف عن يمين الإمام وقد يكون عدد المصلين في ذلك الصف قليلًا بحيث لا يبلغ نهاية الصف، والذي يعتاد أيضًا أن غالب من يصف عن يمين الإمام هم قرابة الميت، وهذا يحتاج أيضًا إلى دليل.
فيقال: الصواب أن يقف الجميع في صفوف تامة خلف الإمام لعموم الأحاديث الواردة في تسوية وإكمال الصفوف في الصلاة، فهي لم تفرق بين صلاة وصلاة.
ومن تلك الأحاديث قوله صلى الله عليه وسلم: "لتسون صفوفكم أو ليُخالفن الله بين وجوهكم". أخرجه البخاري، ومسلم.
وقوله: "سووا صفوفكم فإن تسوية الصف من تمام الصلاة". رواه البخاري، ومسلم.
- ينكر بعض المأمومين على إمامهم إذا قدم سورة على سورة خلاف ترتيب المصحف، وبعضهم يبالغ في الإنكار كأن الإمام فعل محرمًا.
وهذا جهل منهم، فإن ترتيب السور في القرآن الكريم فيه خلاف بين العلماء، وهل هو توقيفي أم اجتهادي من الصحابة رضي الله تعالى عنهم.
وقد ذهب شيخ الإسلام ابن تيمية، وابن كثير وغيرهما إلى أن ترتيب السور اجتهاد من الصحابة رضي الله عنهم.
ورد إلى اللجنة الدائمة سؤال عن: رجل صلى إمامًا بجماعة فقرأ في الركعة الأولى بعد الفاتحة سورة "تبت" ثم قرأ في الركعة الثانية سورة "الفيل" وذلك في صلاة العشاء.
فهل يجوز قراءة سورة بعد سورة أقدم منها في الكتاب أم لا؟
وكان الجواب ما نصه: "إذا كان الأمر كما ذكر فليس في ذلك شيء ولكن الأولى أن تكون السورة التي في الركعة الثانية بعد السورة التي في الركعة الأولى حسب ترتيب المصحف وبالله التوفيق"(2).
- يُلاحظ على بعض الناس إذا صلى إمامًا ومعه مأموم واحد كما يحصل لبعض من فاتتهم الصلاة -يلاحظ- أن الإمام يتقدم يسيرًا عن المأموم، والأصل في هذا أن يكون المأموم مُحاذيًا لإمامه دون تقدم أو تأخر.
قال البخاري -رحمه الله تعالى-: "باب: يقوم عن يمين الإمام بحذائه سواء إذا كانا اثنين". ثم ذكر حديث ابن عباس عندما بات عند خالته ميمونة، وفي الحديث: أنه صلى الله عليه وسلم نام ثم قام، قال ابن عباس: فقمتُ عن يساره فجعلني عن يمينه .... ". الحديث (فتح الباري 2/ 190).
قال ابن حجر -رحمه الله تعالى-: قوله: "سواء" أي لا يتقدم ولا يتأخر، وذكر عن ابن جريج قال: قلتُ لعطاء: الرجُل يصلي مع الرجُل أين يكون منه؟ قال: على شقه الأيمن. قلت: أيحاذي به حتى يصف معه لا يفوت أحدهما الآخر؟ قال: نعم، قلت: أتُحب أن يساويه حتى لا تكون بينهما فُرجة؟ قال:
(1) مجلة البحوث: (23/ 94).
(2)
مجلة البحوث الإسلامية: (19/ 148).
نعم. (الفتح 2/ 191، 190).
- كثير من الناس يدخل والإمام راكع ومع تكبيرته للدخول في الصلاة قال الإمام: سمع الله لمن حمده، ومع ذلك فيعتدون بتلك الركعة. وهذا جهل منهم، وإلا ففي مثل هذه الحالة لا يُعتبر مُدركًا للركعة لأنه لم يشترك مع الإمام في شيء من الركوع.
ورد في فتاوى اللجنة الدائمة ما نصه: "من كبر تكبيرة الإحرام حال رفع الإمام من الركوع لا يعتد بهذه الركعة وكذا من كبر تكبيرة الإحرام ثم كبر تكبيرة الركوع وركع حال رفع الإمام من الركوع لا يُعتد بهذه الركعة لأنه فاته الاشتراك مع الإمام في الركوع بقدر يكفي للاعتداد بهذه الركعة وعليه أن يأتي بعدها ركعة بدلها بعد سلام الإمام، ومن كبر تكبيرة الإحرام ثم أدرك الإمام وهو راكع فركع معه قدر يُحقق الطمأنينة اعتد بهذه الركعة عند جمهور العلماء لحديث: "إذا جئتم إلى الصلاة ونحن سجود فاسجدوا، ولا تعدوها شيئًا ومن أدرك الركعة فقد أدرك الصلاة". رواه أبو داود، وابن خزيمة، والحاكم في المستدرك.
والحديث: "من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك الصلاة". رواه الشيخان (1).
- بعض الناس إذا أحدث في صلاته أو تذكر أنه دخل فيها بدون وضوء سلم عن يمينه وشماله -سواء كان قائمًا فيها أو قاعدًا- ثم خرج منها.
والخطأ هنا: سلامه، فليس هذا موضع السلام، فالسلام ختام الصلاة، وهو عندما تذكر أنه على غير وضوء أو في أئناء إحداثه انفصل عن الصلاة ولم يعد باقيًا، فعليه أن يخرج من الصلاة دون تسليم؛ لأن التسليم خاص بختام الصلاة كما ورد في الحديث:"تحريمها التكبير وتحليلها التسليم". رواه أحمد، وأبو داود والترمذي، وابن ماجه.
- يلاحظ على بعض المصلين أنه يُطيل السجدة الثانية من الركعة الأخيرة إطالة واضحة بل أن بعضهم يُطيلها حتى تكون قدر ركعة أو ما يُقاربها وهذا خلاف السنة.
والذى ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه كان يجعل سجوده قريب من الركوع في الطول .. وربما بالغ في الإطالة لكن لأمر عارض، كما ورد عن بعض الصحابة أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى صلاة فسجد فيها فأطال السجدة فقال الناس: يا رسول الله، إنك سجدت بين ظهراني صلاتك هذه سجدة أطلتها حتى ظننا أنه قد حدث أمر أو أنه يوحى إليك. قال:"كل ذلك لم يكن، ولكن ابني ارتحلني -أي اتخذني راحلة بالركوب على ظهري- فكرهت أن أعجله حتى يقضي حاجته"(2).
فهذه حالة عارضة، أما أن يجعل المصلي دائمًا السجدة الأخيرة من الركعة الأخيرة أطول سجدة في الصلاة فهذا أمر لا يجوز لأنه خلاف السنة.
- بعض الناس إذا قام يقضي ما فاته مع الإمام ثم جاء آخر ليدخل معه دفع المسبوق ورده عن الدخول معه، بل إن بعض من يراه من المصلين ينكر دخوله مع المسبوق. وهذا الإنكار في غير محله.
ورد سؤال إلى اللجنة الدائمة ما نصه:
شخص لحق الجماعة في بعض الصلاة ثم أتى شخص آخر ليصلي ووجد الشخص قد قام لإتمام
(1) مجلة البحوث الإسلامية. المجلد الثاني، العدد الأول:(ص: 288).
(2)
انظر/صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم: (ص: 157).
صلاته فهل يجوز للشخص الأخير الإتمام والاقتداء بالشخص الأول؟
الجواب: نعم، يجوز للشخص الذي جاء متأخرًا أن يقتدي بالشخص الذي لحق الجماعة في بعض الصلاة ثم قام ليتم ما بقي من صلاته بعد سلام الإمام.
والأصل في ذلك: ما أخرجه أبو داود، والترمذي، وحسنه ابن خزيمة وصححه، وابن حبان، والحاكم، أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى رجلًا يصلي وحده فقال:"ألا رجل يتصدق على هذا فيصلي معه".
وبما رواه الجماعة، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: بت عند خالتي ميمونة فقام النبي صلى الله عليه وسلم من الليل فقمت أصلي معه فقمت عن يساره فأخذ برأسي وأقامني عن يمينه.
هذه الأدلة وردت في جواز انتقال المنفرد إلى الإمامة في أثناء الصلاة، والأصل عدم الفرق بين الفرض إلا بدليل يقتضي التخصيص وكونه مسبوقًا لا يمنع اقتداء غيره به فيما بقي عليه ليحصل على فضل الجماعة في أصح قول العلماء. انتهى.
- في حالة قيام الإمام سهوًا إلى الإتيان بركعة زائدة كخامسة في الرباعية أو ثالثة في الفجر أو رابعة في المغرب، يقوم بعض المصلين لمتابعته، مع علمهم بأنه يُصلي ركعة زائدة وهذا جهل منهم، فلا ينبغي لهم متابعته في مثل هذا.
والمصلون في هذه الحالة مع إمامهم على أقسام:
فقسم منهم: يتابع الإمام ظنًا منهم أن الإمام مُصيب في فعله، وهؤلاء لا شيء عليهم.
وقسم ثان: يعلم أن الإمام قد زاد ركعة ويُسبح له فإذا استمر الإمام في فعله لم يتابعه بل بقي جالسًا حتى يسلم الإمام فيسلم معه، وهذا صلاته صحيحة.
وقسم ثالث: مثل الذي قبله، لكنه يسلم من صلاته ولا ينتظر الإمام، وصلاته صحيحة، لكن الذي سلم مع الإمام أحسن منه.
وقسم رابع: يتابع الإمام عالمًا بأنه يُصلي ركعة زائدة، وهذا هو الخطأ.
ورد في فتاوى اللجنة الدائمة: إذا قام الإمام في الصلاة الرباعية إلى الخامسة ونُبه واستمر وجب على كل من علم خطأه مفارقته ويسلم لنفسه أو ينتظر ويسلم معه.
وقد سئل شيخ الإسلام أحمد بن تيمية -رحمه الله تعالى- عن هذه المسألة؟
فقال: لا ينبغي لهم أن يتابعوه بل ينتظرونه حتى يسلم بهم أو يسلموا قبله والانتظار أحسن. مجموع الفتاوى. اهـ.
لكن من تابعه جاهلًا بالحكم الشرعي فصلاته صحيحة كمن تابعه جاهلًا بأنها زائدة. وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه. (مجلة البحوث 15/ 87).
- أحيانًا تدرك الصلاة بعض الناس وهم في إحدى الحدائق العامة فيصلي فيها ويترك الصلاة في المسجد.
وعن هذه المسألة أجاب سماحة الشيخ ابن باز -حفظه الله تعالى- بقوله:
"ولا يجوز للمسلم أن يُصلي في الحدائق ولو على حائل صفيق طاهر (1)، بل الواجب عليه أن يُصلي مع إخوانه المسلمين في بيوت الله المساجد التي قال فيها سبحانه: {فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ
(1) لأن بعض الحدائق تُسقى بمياه فيها رائحة كريهة.
فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ (36) رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ (37) لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ} [النور: 36 - 38].
ولقول النبي صلى الله عليه وسلم: "من سمع النداء فلم يأت، فلا صلاة له إلا من عُذر". رواه ابن ماجه، والدارقطني، وابن حبان، والحاكم وإسناده على شرط مسلم (1).
وسأله رجل أعمى فقال: يا رسول الله، ليس لي قائد يُلازمني إلى المسجد، فهل لي من رُخصة أن أصلي في بيتي؟ فقال له النبي صلى الله عليه وسلم:"هل تسمع النداء بالصلاة؟ " قال: نعم. قال: "فأجب". أخرجه مسلم في صحيحه.
- بعض الأئمة يمد السلام بل قد يُبالغ في مده من جهة اليمين واليسار. ويتسبب بفعله ذلك في وقوع بعض المأمومين في موافقته أو مسابقته بالسلام.
ورد سؤال إلى اللجنة الدائمة هذا نصه:
ما حُكم متابعة المأموم الإمام في التسليمتين، هل هذا جائز أم يحين الانتظار حتى ينتهي الإمام من التسليمة الثانية؟
الجواب: روى الشيخان في صحيحيهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إنما جعل الإمام ليؤتم به، فإذا كبر
فكبروا، وإذا ركع فاركعوا، وإذا سجد فاسجدوا".
والمذهب: أن التسليمتين أحد أركان الصلاة، وفي تسليم المأموم التسليمة الأولى قبل تسليم الإمام التسليمة الثانية مُخالفة للإتمام وهذا غير جائز (2).
- ومن ذلك الدعاء بعد الصلاة جماعة:
سئل الشيخ محمد بن عثيمين عن هذا الموضوع، وهذا نص السؤال:
إمام يدعو بعد الصلاة دعاء جماعي، فهل هذا جائز؟
الجواب: إن هذا من البدع التي لم ترد عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولا عن أصحابه، والمشروع للمصلين بعد الصلاة أن يذكروا الله تعالى كل يذكر الله تعالى وحده بما جاء به رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويكون ذلك جهرًا كما في صحيح البخاري من حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال:"كان رفع الصوت بالذكر حين ينصرف الناس من المكتوبة على عهد النبي صلى الله عليه وسلم"(3).
- اعتاد بعض المصلين أن يُشير بسبابته كلما قرأ الإمام آيات تتحدث عن أسماء الله وصفاته مثل قوله تعالى: {هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ} [الحشر: 22].
وهذه الإشارة بأصبعه فعل زائد في الصلاة يحتاج إلى دليل، فالذين نقلوا صلاته صلى الله عليه وسلم لم ينقلوا أنه كان يحرك سبابته، ولم يذكر ذلك أحد من أهل العلم حسب البحث والسؤال.
- ومن المخالفات أيضًا: ما يحدث من بعض المأمومين وذلك أن الإمام إذا كبر للإحرام فقال: "الله
(1) ابن ماجه: (1/ 260)، والدارقطني:(1/ 420)، والحاكم:(1/ 245).
(2)
مجلة البحوث الإسلامية 12: (ص: 91).
(3)
فتاوى نور على الدرب للشيخ ابن عثيمين، الحلقة الأولى:(ص: 120).
أكبر" قالوا: عز وجل، ثم كبروا للإحرام، وهذا من الأمور المُحدثة المُخالفة لهدي النبي صلى الله عليه وسلم، فلم يأمر صلى الله عليه وسلم من وراءه أن يقولوا ذلك بل أمرهم بقوله: "إنما جُعل الإمام ليؤتم به، فإذا كبر فكبروا
…
". الحديث. رواه البخاري، ومسلم.
- ومما يلاحظ أيضًا في بعض المساجد: أنهم يجعلون لصغار السن صفًا مستقلًا في آخر المسجد ليس في الصف الأخير من الصفوف بل في آخر المسجد.
هذا من الجهل لأمرين:
الأول: أنهم جعلوا الصغار جميعًا في صف واحد، وهذا يحتاج إلى دليل شرعي، فإن كان القصد يشغلون المصلين إذا كانوا بينهم، فمن باب أولى جمعهم في صف واحد فإن في ذلك أكثر إشغالًا من كونهم متفرقين.
الأمر الثاني: أن تأخيرهم في آخر المسجد فيه مُخالفة للأمر بتراص الصفوف وإكمالها.
- ومما يشاهد من بعض الناس: أنه في أثناء سجوده يسجد وأصابع كفه مجموعة (على هيئة القبضة) وهذا خلاف الحديث الصحيح: "أمرت أن أسجد على سبعة أعظم". البخاري ومسلم عن ابن عباس رضي الله عنهما.
وكان صلى الله عليه وسلم يعتمد على كفيه -يعني في السجود- ويبسطهما. (رواه أبو داود، والحاكم وصححه ووافقه الذهبي). ويضم أصابعهما. (ابن خزيمة، والبيهقي، والحاكم، وصححه، ووافقه الذهبي). ويوجههما قبل القبلة (البيهقي، وابن أبي شيبة)(1).
- يقع بعض الناس في خطأ كبير في صلاتهم: ومنشأ الخطأ العجلة في الغالب أو الجهل أو عدم الانتباه لإمامه.
وهذا الخطأ هو: أن بعض الناس يكبر للإحرام قبل تكبيرة إمامه، وهنا بحد ذاته مُبطل للصلاة فضلًا عن ترتيب الإثم على فعله لأنه سابق إمامه ومسابقة الإمام حرام لما ورد في ذلك النصوص المحذرة من هنا العمل.
قال الشيخ ابن عثيمين -حفظه الله تعالى-:
إذا سبق المأموم إمامه في الصلاة فإن كان سبقه إياه بتكبيرة الإحرام فصلاة المأموم غير منعقدة وعليه أن يُعيد الصلاة، ودليل ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم:"إنما جُعل الإمام ليؤتم به، فلا تختلفوا عليه فإذا كبر فكبروا".
فقال عليه الصلاة والسلام: "إذا كبر فكبروا
…
" فأمر بالتكبير بعد تكبيرة الإمام، فإذا كبر المأموم تكبيرة الإحرام قبل إمامه فقد فعل فعلًا ليس عليه أمر الله ورسوله. وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "من عمل عملًا ليس عليه أمرنا فهو رد".
وإن سبق المأموم إمامه بغير تكبيرة الإحرام كان يكون سبقه في الركوع فإن سبقه إلى الركوع بأن ركع قبل إمامه قلنا له: يلزمك أن ترجع فتركع بعد إمامك أي بعد أن يركع فإن لم يفعل ولم يرجع فإن كان لا يعلم أن السبق إلى الركن حرام فقد اختلف العلماء في صحة صلاته.
فمنهم من قال: إنها لا تصح وهو القول الصحيح؛ لأنه ارتكب أمرًا محرمًا في صلاته فبطلت كسائر المحرمات في العبادة إذا ارتكبها الإنسان.
(1) انظر/صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم: (ص: 123).
وأما من قال: إن صلاته تصح فيقول: إنه آثم ولا تلزمه الإعادة. (فتاوى نور على الدرب ص 16).
- ومن الأخطاء: ما يسمع من بعض الناس من الخطأ المتكرر في بعض الآيات وخاصة في الفاتحة مثل قراءة بعضهم: {أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ} (أنعمتُ عليهم). أو (إيَّاك نعبدْ)، والصواب:{إِيَّاكَ نَعْبُدُ} بالضم.
- بعض المصلين لا يُحرك لسانه في جميع الصلاة:
فيبقى مطبق الشفتين من أول صلاته إلى آخرها وهؤلاء ليسوا كثيرًا. لكن الكثير منهم يبقى صامتًا في أثناء قيامه فيقرأ الفاتحة في نفسه ولا يُحرك لسانه أبدًا حتى يركع وهذا خطأ واضح.
ومما يدل على خلافه ما أخرجه البخاري، عن أبي معمر قال: سألنا خبابًا: أكان النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ في الظهر والعصر؟ قال: نعم. قلنا: بأي شيء كنتم تعرفون؟ قال: باضطراب لحيته. (فتح الباري 2/ 244، 245).
قال شيخ الإسلام رحمه الله كعالى-: يجب أن يحرك لسانه بالذكر الواجب في الصلاة من القراءة ونحوها مع القدرة.
- ومن ذلك: أن بعض المصلين إذا وضع يمينه على شماله وضعهما جميعًا على جهة الصدر اليُسرى وبالتحديد فوق القلب.
وبعضهم يقول: إن هذا من أسباب الخشوع لأن القلب هو مركز الحركة في البدن، وهو المحور للبدن، فإذا وضعت اليدان فوق سكن عن السرحان والتفكير وأيضًا هذه الهيئة فيها نوع من الانكسار بين يدي الله عز وجل. هذا ملخص كلامهم.
والصواب: أن يُقال خير الهدي هدي مُحمد صلى الله عليه وسلم، وتحصيل الخشوع لا يتم إلا بتطبيق صلاة النبي صلى الله عليه وسلم التي كان يصليها ويأمر أصحابه أن يتعلموها ويصلوا مثلها كما قال صلى الله عليه وسلم:"صلوا كما رأيتموني أصلي" رواه البخاري.
وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا صلى يضع يده اليمنى على ظهر كفه اليسرى والرسغ والساعد وكان أحيانًا يقبض اليمنى على اليسرى وكان يضعهما على الصدر (1).
- يدخل بعض الناس إلى المسجد فيجد الصف قد اكتمل ويلتفت يمنة ويسرة يبحث عن أحد ليصف معه حتى لا يقع في النهي "لا صلاة لفرد خلف الصف"(2). فإذا لم يأت أحد توسط في الصف ثم سحب من أمامه وأرجعه معه حتى يصف معه، وهذا هرب من شيء لكنه وقع في أشياء، هرب من صلاته مُنفردًا خلف الصف لكنه أحدث بفعله أمورًا:
الأول: تسبب في قطع الصف، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول:"من وصل صفًا وصله الله، ومن قطع صفًا قطعه الله". رواه أحمد، وأبو داود.
الثاني: أنه أشغل جميع المصلين وذلك لأنهم سيتقاربون إلى بعض لسد تلك الفرجة.
الثالث: أنه أخل بخشوع ذلك المصلي الذي جذبه إليه وحرمه مكانًا فاضلًا إلى آخر مفضولًا.
ويختار شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله تعالى- أنه إذا تعذر للمصلي أن يجد مكانًا في الصف أنه
(1) رواه أبو داود وغيره. وانظر/صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم: (ص: 79).
(2)
ابن خزيمة ولفظه: "استقبل صلاتك، فلا صلاة لفرد خلف الصف".
يقوم وحده ويصلي مع الجماعة ولا حرج عليه.
وهذا القول وسط بين الأقوال، كما قال فضيلة الشيخ محمد بن عثيمين -حفظه الله تعالى- (1).
- ومن المخالفات أيضًا: ما يعتقده بعض الناس -في الصلاة الجهرية- من أن المأموم لا يجوز له أن يشرع في قراءة الفاتحة حتى ينتهي الإمام منها.
وهذا يحتاج إلى دليل صحيح صريح.
بل ألفاظ الأحاديث الواردة في الباب -حسب البحث- مطلقة لم تجعل لقراءة المأموم وقتًا مُحددًا مع إمامه بل غاية ما فيها أن المأموم يقرأ الفاتحة. فمن ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: "لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب". رواه البخاري، ومسلم.
وقوله: "من صلى صلاة لم يقرأ فيها بأم القرآن فهي خداج فهي خداج فهي خداج غير تمام". رواه مسلم.
وقوله: "لا تنازعوني إلا بأم القرآن
…
" إلى غير ذلك من الأحاديث والآثار.
وقد سئل عن ذلك -قراءة المأموم الفاتحة قبل إمامه- سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز -حفظه الله تعالى-؟
فأجاب: بأنه لا مانع من ذلك.
- ومن المخالفات: أن بعض الناس يدخل المسجد والإمام مثلًا في حالة قيام إلى الركعة الثانية أو الثالثة مثلًا فيكبر المسبوق تكبيرة الإحرام ويستفتح الصلاة والإمام لم يستكمل قيامه بعد.
وهذا بفعله يُعتبر مسابقًا لإمامه لأنه شرع في الركعة قبل دخول إمامه فيها، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول:"أيها الناس إني إمامكم فلا تسبقوني بالركوع ولا بالسجود ولا بالقيام ولا بالقعود ولا بالانصراف". رواه أحمد، ومسلم، فمثل هذا يتريث حتى يستتم الإمام قائمًا ثم يدخل بعده حتى لا تحصل المسابقة.
- بعض المرضى إذا عجز عن الصلاة مضطجعًا أشار بأصبعه.
قال الشيخ ابن عثيمين -حفظه الله تعالى-: "وأما الإشارة بالأصبع كما يفعله بعض المرضى فليس صحيح ولا أعلم له أصلًا في الكتاب والسنة ولا من أقوال أهل العلم"(2).
- يدخل بعض الناس إلى المسجد وهم لم يصلوا العشاء، والجماعة قد شرعوا في صلاة التراويح، فيعتزل أولئك المسبوقون في جهة من جهات المسجد فيصلون العشاء ثم يدخلون مع الإمام، ويعتقدون أن صلاتهم خلف الإمام في صلاة التراويح لا تجوز. وهذا اعتقاد خاطئ، والصواب جواز ذلك.
سئلت اللجنة الدائمة للبحوث عن هذه المسألة، وإليك السؤال والجواب:
سؤال: هل يجوز أن يُصلي الفريضة شخص خلف من يُصلي التراويح أم لا؟
الجواب: نعم، يجوز أن يُصلي الفريضة خلف من يصلي التراويح لورود الأدلة الدالة على جواز اقتداء المفترض للمتُنفل، ومن ذلك ما رواه البخاري ومسلم عن جابر رضي الله عنه، أن معاذًا كان يصلي مع النبي صلى الله عليه وسلم العشاء
(1) دروس فتاوى في الحرم المكي لابن عثيمين: (ص: 90).
(2)
من رسالة طهارة المريض وصلاته.
الآخرة ثم يرجع إلى قومه فيُصلي بهم تلك الصلاة. وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم (1).
- بعض الناس إذا مات لهم ميت يقوم بعضهم ببعض الأعمال الصالحة التي تنفع الميت كالحج والعمرة والدعاء له.
وهذا مشروع كما دلت على ذلك النصوص الصحيحة.
لكن الخطأ الذي يقع فيه بعضهم: أنهم يقومون بالصلاة على بعض الأموات في كل يوم أو في كل أسبوع بركعات معدودة.
في جواب اللجنة الدائمة للبحوث العلمية عن امرأة توفي ابن لها فأخذت تصلي له في كل جمعة ركعتين؟
قالت اللجنة: "وأما ما تقوم به أمه من صلاة ركعتين لابنها بعد كل صلاة جمعة فلا يجوز؛ لأن الله لم يشرع ذلك بل هو بدعة وإنما شرع لها الدعاء له والصدقة عنه"(2).
- كثير من النساء يقرأن سرًا في الصلاة الجهرية، وتتحاشى أن تسمع نفسها، وهذا خلاف السنة، فإن الجهر في الصلوات الجهرية هو السنة الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم.
قال الشيخ صالح الفوزان -حفظه الله تعالى- بعد كلام له:
"وأما القراءة السرية والجهرية فهي كذلك لا فرق بين الرجل والمرأة، صلاة الليل جهرية وصلاة النهار سرية، إلا أن المرأة إذا كان عندها من يسمع صوتها من الرجال فإنها تسر به ولا ترفعه خشية الافتتان بها، أما إذا كانت ليست بحضرة رجال فلا بأس أن تجهر في صلاة الليل"(3).
- بعضهم إذا أقيمت الصلاة ثم أشغلهم أمر عن الشروع في الصلاة وطال الوقت قليلًا أعاد للإقامة مرة ثانية.
وهذا خطأ منهم، والصواب عدم الإقامة مرة ثانية والاكتفاء بالإقامة الأولى. ودليل ذلك: ما رواه البخاري في صحيحه وبوب عليه: "الإمام تعرض له الحاجة بعد الإقامة" ثم ساق حديث أنس قال: "أقيمت الصلاة والنبي صلى الله عليه وسلم يناجي رجلًا في جانب المسجد فما قام إلى الصلاة حتى نام القوم". (فتح الباري 2/ 124).
- بعض المصلين في أثناء صلاة الجنازة يصمت بعد التكبيرة الرابعة ثم يُسلم ويظن أن الصواب هو الصمت.
والصواب: أن المصلي يدعو بعد التكبيرة الرابعة، لحديث عبد الله بن أبي أوفى أنه صلى على ابنه له فكبر عليها أربعًا ثم قام بعد الرابعة قدر ما بين التكبيرتين يدعو، ثم قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصنع في الجنازة هكذا (4).
وفي لفظ: ثم قام بعد الرابعة قليلًا.
- يعتقد بعض المصلين أن المساواة في الصفوف تكون بأطراف الأصابع، وهذا خلاف السنة فإن
(1) مجلة البحوث الإسلامية: (15/ 79).
(2)
مجلة البحوث الإسلامية: (14/ 120).
(3)
فتاوى نور على الدرب للفوزان. الحلقة الأولى: (ص: 20).
(4)
أخرجه أحمد والبيهقي. انظر: أحكام الجنائز للشيخ الألباني (ص: 126)، ومسند عبد الله بن أبي أوفى (ص: 129) تحقيق الشيخ سعيد الحميد.
الوارد في السنة المصافة بالأكعب والمناكب.
عن النعمان بن بشير -رضي الله تعالى عنه- قال: أقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم على الناس بوجهه فقال: "أقيموا صفوفكم -ثلاثًا- والله لتقيمن صفوفكم أو ليخالفن بين قلوبكم". أخرجه أحمد، وأبو داود، وابن حبان.
قال النعمان: فرأيت الرجل يلصق منكبه بمنكب صاحبه، وركبته بركبة صاحبه، وكعبه بكعبه.
وسئل الشيخ ابن عثيمين -حفظه الله تعالى-: عن الأصح في تسوية الصفوف، هل هو مساواة الأقدام برءوس الأصابع فقط، أم بمحاذاة الكعبين؟
فأجاب -حفظه الله تعالى- بقوله:
"الصحيح أن المعتمد في تسوية الصف مُحاذاة الكعبين بعضهما بعضًا لا رءوس الأصابع وذلك لأن البدن مركب على الكعب، والأصابع تختلف الأقدام فيها، فقدم طويل وآخر صغير، فلا يُمكن ضبط التساوي إلا بالكعبين، وأما إلصاق الكعبين بعضهما ببعض فلا شك أنه وارد عن الصحابة رضي الله عنهم فإنهم كانوا يسوون الصفوف بإلصاق الكعبين بعضهما ببعض أن كل واحد منهم يُلصق كعبه بكعب جاره لتحقيق المساواة، ولهذا إذا تمت الصفوف وقام الناس ينبغي لكل واحد أن يُلصق كعبه بكعب صاحبه لتحقيق المساواة فقط، وليس معنى ذلك أنه يلازم هنا الإلصاق وييقى ملاصقًا له في جميع الصلاة"(1).
- يجهر بعض الناس بقراءته في السنن القبلية أو البعدية "باستثناء قيام الليل" فمثلًا يجهر بقراءته في نافلة الظهر والمغرب وهذا الجهر بالقراءة يحتاج إلى دليل ثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم.
- يقول بعض المصلين في التحيات: اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد كما صليت على
…
إلخ.
يزيد لفظ "سيدنا". وهو صلى الله عليه وسلم سيدنا، ولنا الشرف والفخر بذلك، بل سيد الناس جميعًا.
قال صلى الله عليه وسلم "أنا سيد الناس يوم القيامة
…
" رواه البخاري، ومسلم.
وقال صلى الله عليه وسلم "أنا سيد ولد آدم يوم القيامة
…
" رواه مسلم، وأبو داود.
ولكنه صلى الله عليه وسلم أمرنا أن نُصلي كما كان يصلي، فقال:"صلوا كما رأيتموني أصلي". رواه البخاري.
وقد ذكر بعض العلماء المحققين أن لفظة السيادة في التحيات لم تثبت عنه صلى الله عليه وسلم، على رغم ورود عدة ألفاظ وصيغ للتشهد.
وللشيخ صالح الفوزان -حفظه الله تعالى- جواب سؤال حول هذا المبحث، قال فيه: "لا يُنكر عاقل أن محمدًا صلى الله عليه وسلم سيد ولد آدم، فإن كل عاقل مؤمن يؤمن بذلك، وأن النبي صلى الله عليه وسلم سيد البشر، والسيد له الشرف والطاعة والإمرة، وطاعة النبي صلى الله عليه وسلم من طاعة الله سبحانه وتعالى:{مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ} [النساء: 80].
ونحن وغيرنا من المؤمنين لا نشك أن نبينا صلى الله عليه وسلم سيدنا وخيرنا وأفضلنا عند الله سبحانه وتعالى وأنه المطاع فيما يأمر به صلوات الله وسلامه عليه، ومن مُقتضى اعتقادنا أنه السيد المطاع عليه الصلاة والسلام أن لا نتجاوز ما شرع لنا من قول أو فعل أو عقيدة، ومما شرعه لنا في كيفية الصلاة عليه في التشهد أن نقول:
(1) دروس فتاوى في الحرم المكي لابن عثيمين: (ص: 75).
"اللهم صل على محمد وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد". أو نحوها من الصفات الواردة في كيفية الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم، ولا أعلم أن صفة وردت بالصورة التي ذكرها السائل وهو:"اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد". وإذا لم ترد هذه الصيغة عن النبي عليه الصلاة والسلام، فإن الأفضل أن لا نُصلي على النبي بها وإنما نصلي عليه بالصيغة التي علمنا إياها.
(اهـ مُختصرًا. فتاوى نور على الدرب للشيخ الفوزان ص 13، 14).
- ومن المخالفات العظيمة كون بعض الناس يحرص على الصيام وهو تارك للصلاة.
قال الشيخ ابن عثيمين -حفظه الله تعالى- في أثناء كلام له:
"وإنه ليحدث للإنسان العجب الذي لا ينقضي أن تجد بعض الناس يحرصون غاية الحرص على الصيام، ولكنهم لا يحرصون على الصلاة، حتى إنه قيل لي: إن بعض الناس يصوم ولا يُصلي. وإنني أشهد أن هذا الذي يصوم ولا يُصلي أن صومه باطل غير مقبول منه بما أعلمه من دلالة الكتاب والسنة وأقوال الصحابة والنظر الصحيح من أن تارك الصلاة كافرًا كفرًا مُخرجًا عن الملة، وإذا كان كافرًا كفرًا مخرجًا عن الملة لم ينفعه صومه ولا صدقته ولا حجه ولا أي عمل صالح، يقول الله تبارك وتعالى:{وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا} [الفرقان: 23].
ويقول تعالى: {وَمَا مَنَعَهُمْ أَنْ تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَاتُهُمْ إِلَّا أَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَبِرَسُولِهِ} [التوبة: 54].
والنفقات التي نفعها متعدي لا تقبل إذا صدرت من كافر مع أن نفعها متعدي فكيف بالعبادات القاصرة كالصوم؟ نعم فإنه لا يقبل من باب أولى" (1).
- يسافر بعض الناس في الطائرة، ويدخل وقت الصلاة أو الصلاتين اللتين تجمع ويخرج وقت الصلاة خاصة إذا كانت الرحلة طويلة أو كانت وقت الصلاة قصيرًا كالفجر مثلًا.
ويظن أنه والحالة هذه أن الحرج مرفوع عنه. وهذا خطأ، فعليه في مثل هذه الحالة أن يؤدي الصلاة حسب قدرته.
ورد سؤال إلى اللجنة الدائمة هذا نصه:
سؤال: إذا كنت مسافرًا في طائرة وحان وقت الصلاة هل يجوز أن نُصلي في الطائرة أم لا؟
فأجابت اللجنة بما نصه: "الحمد لله، إذا حان وقت الصلاة والطائرة مستمرة في طيرانها ويخشى فوات وقت الصلاة قبل هبوطها في أحد المطارات فقد أجمع أهل العلم على وجوب أدائها بقدر الاستطاعة ركوعًا وسجودًا واستقبالًا للقبلة، لقوله تعالى:{فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} [التغابن: 16].
ولقوله صلى الله عليه وسلم: "وإذا أمرتُكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم".
أما إذا علم أنها ستهبط قبل خروج وقت الصلاة بقدر يكفي لأدائها أو أن الصلاة مما يجمع مع غيره كصلاة الظهر مع العصر وصلاة المغرب مع العشاء أو علم أنها ستهبط قبل خروج وقت الثانية بقدر يكفي لأدائهما فقد ذهب جمهور أهل العلم إلى جواز أدائها في الطائرة لوجود بأدائها بدخول وقتها .. انتهى مُختصرًا.
- عندما تفوت صلاة جهرية ثم لا يذكرها صاحبها إلا بعد طلوع الشمس فإنه يسر بالقراءة ولا
(1) دروس وفتاوى في الحرم المكي (ص: 35).
يجهر، ويظن أن الجهر فات محله. بل إن بعضهم ينكر على من جهر.
ْوالصواب في ذلك: أن يجهر في صلاته إذا كانت جهرية ولو قضاها نهارًا لنوم أو نسيان، وكذلك عليه أن يُسر في السرية ولو قضاها ليلًا.
لعموم الحديث: "من نام عن صلاة أو نسيها فليصلها متى ذكرها، لا كفارة لها إلا ذلك".
- يتهاون بعض الناس ويتعمد تأخير الصلاة عن وقتها بلا عذر، ويظن أن قضاءها بعد الوقت يخرجه عن دائرة الإثم، وهذا جهل عظيم ومنكر كبير.
قال الشيخ محمد بن عثيمين -حفظه الله تعالى-: "ولو أن أحد أخر الصلاة عن وقتها بلا عذر شرعي فلا تصح صلاته".
كما لو تعمد رجل أن لا يصلي الفجر إلا بعد طلوع الشمس، وصلى الفجر فإن الصلاة لا تقبل منه، ولا يُشرع له قضاؤها لأنه لا فائدة له من القضاء، وعليه التوبة إلى الله عز وجل، فإن التوبة تجب ما قبلها.
وهذا هو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله "بأن الإنسان إذا تعمد تأخير الصلاة عن وقتها لم تُقبل منه، وإن صلاها ألف مرة". اهـ مختصرًا (1).
- ومما يُلاحظ على بعض الناس أيضًا: كونُهم يصلون في مكاتبهم مع قرب المسجد.
وأسوق هنا فتوى اللجنة الدائمة حول هذا الموضوع، وخلاصة السؤال قبل ذلك: ما حُكم الصلاة داخل المكتب بحيث إذا وجب وقت الظهر أقام رجل ثقة قارئ عليه سيما الخير ثم اجتمعنا وصلينا خلفه بمكان مستقل ومفروش وتهيأنا للصلاة وصلى معنا من يحضر من المراجعين مع العلم أنه يوجد مساجد قريبة إلا أن الصلاة جماعة بها قد تفوتنا وكذلك كثير من المراجعين والموظفين لما تكون الصلاة بالمسجد قد يتخلفون بحجة أنهم يصلون في أمكنة أخرى، أما صلاتنا بالمكتب فيحصل بها اجتماعنا واجتماع المراجعين معنا.
فأجابت اللجنة بما نصه:
"إذا كان الواقع كما ذكر أنه يوجد مساجد قريبة من المكتب وجب عليكم أن تخرجوا إلى أحدها وتصلوا مع الناس لعموم أدلة وجوب صلاة الجمعة، وأدائها في المساجد ولما ورد في حق المتخلف عن الصلاة في المساجد من وعيد. وكون صلاتكم في المكتب تُحقق مصلحة للعمل وتُحافظ على وجود الموظفين بالمكتب وقت صلاة الظهر ليس عُذرًا لكم في ذلك". اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء (2).
- ومن المخالفات: ما يعتقده بعض الناس من أن وجوب الصلاة مع الجماعة خاص في الحضر دون السفر.
قال الشيخ محمد بن إبراهم -رحمه الله تعالى-: "وجوبها لا يختص بالحضر، والنبي صلى الله عليه وسلم حافظ عليها حضرًا وسفرًا، ولا أخل بها في السفر أبدًا ثم الأدلة بعمومها تتناول السفر كما تتناول الحضر ولا فرق، فإذا كانوا مسافرين اثنين فأكثر فيصلون جماعة ولا يجوز صلاة الواحد منهم منفردًا عن رفيقه في السفر أو جماعة".
(1) دروس فتاوى في الحرم المكي لابن عثيمين: (ص: 37، 38).
(2)
فتوى رقم (3383) بتاريخ 11/ 1/1401 هـ.
ثم قال أيضًا: وهنا مسألة وهي أن المسافر يأتي المسجد وهو من أهل الركعتين بعض الأحيان تجب عليه الأربع وذلك إذا دخل المسجد ولا رفقة له فيتعين عليه فعلها مع الجماعة.
فإن الواجب مقدم على السنة، فلا ينفرد ويصلي ركعتين، فإن الله فرض الجماعة حضرًا وسفرًا، وعلى القول الآخر إنها شرط فيكون آكد وأبلغ" (1).
- ومن أعظم الأخطار وأهمها وقد تساهل فيها بعض من الناس، وهو كون أحد الزوجين لا يصلي أبدًا وقد أقيمت عليه الحجة وتعمد الإصرار على عدم الصلاة بالكلية دون عذر.
قال سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز -حفظه الله تعالى- في جواب سؤال عن تارك الصلاة: الذي يترك الصلاة متعمدًا كافر كفرًا أكبر في أصح قولي العلماء إذا كان مقرًا بوجوبها، فإن كان جاحدًا لوجوبها فهو كافر عند جميع أهل العلم، لقول النبي صلى الله عليه وسلم "رأس الأمر الإسلام وعموده الصلاة وذروة سنامه الجهاد في سبيل الله" أخرجه الإمام أحمد والترمذي بإسناد صحيح "العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر". أخرجه الإمام أحمد، وأهل السنن بإسناد صحيح.
ولأن الجاحد لوجوبها مكذب لله ورسوله ولإجماع أهل العلم والإيمان، فكان كفره أكبر وأعظم من كفر تاركها تهاونًا.
وعلى كلا الحالين: فالواجب على ولاة الأمور من المسلمين أن يستتيبوا تارك الصلاة، فإن تاب وإلا قتل للأدلة الواردة في ذلك.
والواجب: هجر تارك الصلاة، ومقاطعته وعدم إجابة دعوته حتى يتوب إلى الله من ذلك، مع وجوب مناصحته، ودعوته إلى الحق، وتحذيره من العقوبات المترتبة على ترك الصلاة في الدنيا والآخرة؛ لعله يتوب فيتوب الله عليه. (كتاب الدعوة ص 93).
- عندما يقول المؤذن في أذانه: "الصلاة خير من النوم" يقول بعض من يتابعه: صدقت وبررت.
والسنة أن يقول كما يقول المؤذن، لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: "إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول
…
" إلخ. إلا في قوله: "حي على الصلاة - حي على الفلاح " قيقول: "لا حول ولا قوة إلا بالله"، كما ورد في نص الحديث الصحيح.
وعلى هذا فيقول المتابع للمؤذن: الصلاة خير من النوم، كما يقول المؤذن.
- ومما يتعلق بالإقامة أيضًا: أن بعض الناس إذا قام للصلاة قال: "قائمين لله طائعين" وهذا خلاف السنة.
والسنة المتابعة للمقيم في إقامته كما يتابع الأذان ثم يقول بعدها كما يقول بعد الأذان؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم سمى الإقامة أذانًا بقوله: "بين كل أذانين صلاة".
- ومن المخالفات المتعلقة بالأذان أيضًا: أن بعضهم عندما يسمع أول الأذان يقول: "حي الله ذكر الله".
والسنة في ذلك أن يتابع المؤذن في أذانه ويقول عند الحيعلتين "لا حول ولا قوة إلا بالله".
ثم يقول بعد فراغ المؤذن: "اللهم رب هذه الدعوة التامة
…
إلخ".
- ومن المخالفات في الأذان: أن بعض المؤذنين يقول بعد الحيعلتين: حي على خير العمل، حي
(1) فتاوى محمد بن إبراهيم: (2/ 265، 266).
على خير العمل.
وهذه الزيادة من البدع المُحدثة التي لا تثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم في تعليمه للمؤذنين.
قال البيهقي -رحمه الله تعالى-: "وهذه اللفظة -حي على خير العمل- لم تثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما علم بلالًا وأبا محذورة، ونحن نكره الزيادة فيه، وبالله التوفيق". سنن البيهقي الكبرى (1/ 425).
- يُسمع من بعض الناس إذا أقيمت الصلاة قوله: "اللهم أحسن وقوفنا بين يديك". بل إن بعضهم إذا لم يقلها في أثناء الإقامة قالها قبل التكبير. وهذا خلاف السنة.
بل السنة أن يتابع المقيم في إقامته، فإذا فرغ قال:"اللهم رب هذه الدعوة التامة والصلاة القائمة آت محمدًا الوسيلة والفضيلة وابعثه مقامًا محمودًا الذي وعدته".
- السنة لمن سمع النداء: أن يتابع المؤذن في آذانه ويقول: "اللهم رب هذه الدعوة التامة والصلاة القائمة، آت محمدًا الوسيلة والفضيلة، وابعثه مقامًا محمودًا الذي وعدته".
لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "من قال حين يسمع النداء: اللهم رب هذه الدعوة التامة
…
إلخ، حلت له شفاعتي يوم القيامة". أخرجه البخاري.
هذه هي السنة في الدعاء، لكن يزيد بعض الناس على هذا الحديث زيادات لا تصح عن النبي صلى الله عليه وسلم، فمن تلك الزيادات:
أولًا: يقول بعضهم: "اللهم أني أسالك بحق هذه الدعوة"(1).
والسنة "اللهم رب هذه الدعوة التامة".
ثانيًا: يقول بعضهم: "آت سيدنا محمدًا"(2).
والسنة: "آت محمدًا
…
".
ثالثًا: يقول بعضهم: "آت محمدًا الوسيلة والفضيلة والدرجة العالية الرفيعة"(3).
والسنة: دون ذكر الدرجة العالية الرفيعة.
رابعًا: يزيد بعضهم في آخر الدعاء: إنك لا تخلف الميعاد (4).
والسنة: تركها؛ لأنها لم تثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم.
خامسًا: يزيد بعضهم في آخر الدعاء: "يا أرحم الراحمين" وهذه الزيادة ليست في شيء من طرق الحديث (5) فالسنة تركها.
- بعض المؤذنين حينما ينتهي من أذان الفجر، وبعد ما يدعو الدعاء المأثور يقول في الميكرفون:"صلوا هداكم الله" فما حكم ذلك؟
وقد أجابت اللجنة الدائمة على هذا السؤال فيما نصه:
(1) أخرجها البيهقي، وهي شاذة، انظر/إرواء الغليل:(1/ 261).
(2)
شاذة ومدرجة. انظر/إرواء الغليل (1/ 261).
(3)
جاء في السنن والمبتدعات أن هذه الزيادة بدعة (ص: 50) انظر/إرواء الغليل: (1/ 261).
(4)
انظر/إرواء الغليل: (1/ 260).
(5)
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى: وزاد الرافعي في المحرر في آخره: يا أرحم الراحمين، وليست أيضًا في شيء من طرقه. التخليص الحبير:(1/ 210).
ينبغي الاقتصار في الأذان على ما ثبت شرعًا في صفة الأذان، وأن الزيادة على ذلك من قبيل الابتداع. اهـ مختصرًا. والله أعلم (1).
- كثير من الناس إذا قال المؤذن في آخر الإقامة: "لا إله إلا الله" قالوا: حقًا لا إله إلا الله.
والسنة: أن يُقال مثل ما يقول المؤذن في أذانه وإقامته ثم يقول بعد ذلك: "اللهم رب هذه الدعوة التامة، والصلاة القائمة، آت محمدًا الوسيلة والفضيلة وابعثه مقامًا محمودًا الذي وعدته"(2).
جاء في فتاوى اللجنة الدائمة ما نصه: "السنة أن المستمع للإقامة يقول كما يقول المقيم لأنها أذان ثان فتجاب كما يُجاب الأذان، ويقول المستمع عند قول المقيم "حي على الصلاة حي على الفلاح": لا حول ولا قوة إلا بالله. ويقول عند قوله: قد قامت الصلاة مثل قوله. ولا يقول: أقامها الله وأدامها؛ لأن الحديث في ذلك ضعيف، وقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: "إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول".
وهذا نحو الأذان والإقامة لأن كلًا منهما يسمى أذانًا، ثم يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم بعد قول المقيم: لا اله إلا الله. ويقول: اللهم رب هذه الدعوة التامة، والصلاة القائمة
…
إلخ. كما يقول بعد الأذان.
ولا نعلم دليلًا يصح يدل على ذكر شيء من الأدعية بين انتهاء الإقامة وقبل تكبيرة الإحرام سوى ما ذكر. وبالله التوفيق. وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه.
- رفع الصوت بالدعاء في أثناء القنوت وغيره.
ومثال ذلك: أن يدعو الإنسان في قنوته ثم يرفع صوته في بعض الجمل الدعائية، والسنة عدم الرفع.
قال تعالى: {ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ} [الأعراف: 55].
قال ابن كثير -رحمه الله تعالى-: "
…
قال ابن جريج: يُكره رفع الصوت والنداء والصياح في الدعاء ويأمر بالتضرع والاستكانة، ثم روى عن عطاء الخراساني عن ابن عباس في قوله:{إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ} [الأعراف: 55] في الدعاء ولا في غيره تفسير ابن كثير. (2/ 239) اهـ.
وعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكنا إذا أشرقنا على واد هللنا وكبرنا وارتفعت أصواتنا، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"يا أيها الناس أربعوا على أنفسكم، فإنكم لا تدعون أصمًا ولا غائبًا، إنه معكم، إنه سميع قريب". أخرجه البخاري.
قال الحافظ ابن حجر -رحمه الله تعالى-: قال الطبري فيه: كراهية رفع الصوت بالدعاء والذكر، وبه قال عامة السلف من الصحابة والتابعين. فتح الباري (6/ 135).
- ومن المخالفات أيضًا: ما يحدث من بعض الأئمة في أثناء دعاء القنوت من تخصيص نفسه لنفسه أو التكلم بضمير المتكلم مثل: "حسبي به كفيلًا" أو"حسبي به وكيلًا" أو يخص نفسه بالدعاء دون الآخرين.
قال الإمام البغوي -رحمه الله تعالى-: "
…
وإن كان إمامًا فيذكر بلفظ الجمع: اللهم اهدنا وعافنا وتولنا، وبارك لنا، وقنا، ولا يخص نفسه بالدعاء". اهـ (شرح السنة 3/ 129).
وقال الشيخ ابن باز -حفظه الله تعالى- في جواب له: "يدعو بصيغة الجمع، فيقول: اللهم اهدنا
(1) انظر/السؤال والجواب في مجلة البحوث: (17/ 57، 58).
(2)
مجلة البحوث الإسلامية: (6/ 248، 249).
فيمن هديت
…
إلخ. لأنه يدعو لنفسه وللمأمومين. (ص 41 من رسالة صلاة التراويح).
- ومن المخالفات أيضًا: ما يحصل من بعض الأئمة من إطالتهم الدعاء في القنوت إطالة واضحة، وهنا تكون المشقة فيحصل الضرر والحرج.
وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم مراعاة حال المصلين، فقال:"إذا صلى أحدكم للناس فليخفف، فإن فيهم الضعيف والسقيم والكبير، وإذا صلى أحدكم لنفسه فليطول ما شاء". رواه البخاري ومسلم.
وورد في الحديث: "إني لأدخل في الصلاة وأنا أريد أن أطيلها، فأسمع بكاء الصبي فأتجوز في صلاتي مما أعلم من شدة وجد أمه عليه". رواه البخاري ومسلم.
وضابط التخفيف: هو مراعاة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم، فإنه أكمل الناس صلاة.
قال النووي -رحمه الله تعالى-: "يكره إطاله القنوت
…
" (المجموع 3/ 441).
- ما يفعله بعض الناس بعد فراغهم من الدعاء من مسح الوجه في القنوت وغيره، فهذا المسح يحتاج إلى دليل صحيح صريح عن النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في جواب في: "وأما رفع النبي صلى الله عليه وسلم يديه في الدعاء فقد جاء فيه أحاديث كثيرة صحيحة، وأما مسح وجهه بيديه فليس عنه فيه إلا حديث أو حديثان لا يقوم بهما حجة، والله أعلم".
- بعض الناس إذا ركع صوب نظره إلى موضع قدميه وبعضهم إذا جلس في صلاته صوب نظره إلى حجره.
وهذا خلاف السنة، وقد ثبت عن النبي أنه ينظر في صلاته إلى موضع سجوده، إلا إن كان في التشهد فله الخيار إن شاء نظر إلى موضع سجوده وإن شاء نظر إلى سبابته.
- إن بعض المصلين إذا سلم في صلاته وشرع في الأذكار التي تقال عقب الصلاة يزيد كلمة "وتعاليت" فيقول تباركت وتعاليت يا ذا الجلال والإكرام، والثابت عن المصطفى صلى الله عليه وسلم "تباركت يا ذا الجلال والإكرام"(1).
- ومن الأمور التي يعتقدها بعض الناس سنة:
ما يحصل من بعضهم عندما يشرع في الأذكار التي تقال دبر الصلاة، فإنه إذا قرأ آية الكرسى: {الله لا إله إلا هو الحي القيوم
…
} قرأ الآيتين التي بعدها، ويظن أنهما تابعتان لآية الكرسى، وبعضهم يعرف أن الكرسي آية مستقلة، لكن اعتاد على زيادة الآيتين التي بعدها.
والسنة في ذلك: الاقتصار على آية الكرسي وحدها لحديث أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من قرأ آية الكرسي في دبر كل صلاة لم يحل بينه وبين دخول الجنة إلا الموت"(2).
- ومن الزيادات التي يقع فيها بعض الناس: قولهم دبر الصلاة: أستغفر الله، أستغفر الله -خمس مرات- وقد تزيد، ثم يقول بعد ذلك مرة سادسة: أستغفر الله العظيم الجليل التواب الرحيم، ويستمر
(1) قال العجلوني في (كشف الخفا) عند كلامه عن الحديث: قال الإمام النجم: والناس يزيدون فيه، "وتعاليت" اهـ. كشف الخفا:(1/ 186).
(2)
رواه الطبراني وابن حبان وغيرهما، وانظر الفائدة: السلسلة الصحيحة حديث رقم (972).
أولئك على هذه الألفاظ طيلة أعمارهم.
وهنا يُقال: إن ذكر الله محمود دائمًا، وصاحبه مأجور، وقد جعل الله الذكر سببًا لطمأنينة القلوب:{الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ} [الرعد: 28]. وقد حث النبي صلى الله عليه وسلم أمته على كثرة الذكر فقال لأحدهم: "لا يزال لسانك رطبًا من ذكر الله"(1).
لكن مع هذا كله، فأفضل الذكر ما كان موافقًا لهدي النبي صلى الله عليه وسلم مكانًا وزمانًا، لأنه قدوتنا وأسوتنا {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا} [الأحزاب: 21].
وبناء على ما سبق فيقال: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا انصرف من صلاته استغفر الله ثلاثًا، ثم قال:"اللهم أنت السلام، ومنك السلام، تباركت يا ذا الجلال والإكرام" وفي لفظ: "ذا الجلال والإكرام".
أما الاستغفار فقد وصفه راويه الإمام الأوزاعي بقوله: أستغفر الله، أستغفر الله. (مسلم 1/ص 414).
- بعض الناس إذا انصرف من صلاته وقال الدعاء المأثور عن النبي صلى الله عليه وسلم: "اللهم أنت السلام منك السلام تباركت يا ذا الجلال والإكرام" يزيد في آخره: "وإليك يعود السلام أو وإليك السلام".
وقد أجابت اللجنة الدائمة عن ذلك، وجاء في جوابها: أن الأصل في الأذكار وسائر العبادات الوقوف عند ما ورد من عبارتها وكيفياتها فلا ينقص منها ولا يزاد عليها ولا يغير في كيفياتها، والذي ثبت في كتب السنة من الذكر بهذه الصيغة:"اللهم أنت السلام ومنك السلام تباركت يا ذا الجلال والإكرام"(2).
وفي راوية: "تباركت ذا الجلال والإكرام". سنن البيهقي الكبرى.
- بعض الناس يرفع صوته بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، إذا فرغ من الصلاة فريضة كانت أو نافلة، وبعضهم يخص ذلك بصلاة الفجر.
وفي جواب للجنة الإفتاء:
الأصل في العبادات التوقيف، فلا يجوز لأحد أن يتعبد بما لم يشرعه الله لقوله سبحانه:{أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ} [الشورى: 21].
ولقول النبي صلى الله عليه وسلم: "من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد". رواه البخاري ومسلم.
وفي لفظ مسلم: "من عمل عملًا ليس عليه أمرنا فهو رد".
والصلاة والسلام على النبي صلى الله عليه وسلم من أفضل العبادات ولكنها بالهيئة وبالطريقة التي ذكرت في السؤال لم يعملها النبي صلى الله عليه وسلم، ولا خلفاؤه الراشدون ولا بقية أصحابه رضي الله عنهم بعد صلاتهم لا الفجر ولا غيرها، والخير كله في اتباعهم.
وبذلك يعلم أن هذا العمل بدعة، فلا يجوز فعله ولا المشاركة فيه (3). اهـ مختصرًا.
- ومما يتعلق بالمرضى: أن بعضهم إذا عجز عن الوضوء والتيمم ترك الصلاة، ويقول: أصلي بعد ما يعافيني الله؛ لأنه يظن أن الصلاة والحالة هذه لا تجوز في حقه.
(1) أحمد: (4/ 188 - 190)، والترمذي في الدعوات عن عبد الله بن بسر رضي الله تعالى عنه.
(2)
صحيح مسلم: (1/ 414)، ترتيب محمد فؤاد عبد الباقي.
(3)
مجلة البحوث الإسلامية 17: (ص: 70).
قال الشيخ ابن عثيمين: كثير من المرضى لا يستطيعون الوضوء، وليس عندهم تراب، ولا يستطعون التيمم، وربما على ثيابهم نجاسة، فتجد الواحد منهم يقول: أصبر حتى يعافيني الله عز وجل، وأتوضأ وأغسل ثيابي وما أشبه ذلك.
نقول لهذا: إن تأخير الصلاة حرام عليك، وما يدريك فلعلك تموت من هذا المرض قبل أن تصلي؟
فالواجب أن تُصلي على حسب حالك ولو كان عليك نجاسة لا تستطيع إزالتها، ولو لم يكن عندك ماء تتوضأ به ولا يمكن أن تتيمم (1).
- ومن الأمور التي يقع فيها بعض الناس: أمر الوسوسة -عافانا الله وإياكم- ونظرًا لخطورة هذا الأمر على صلاة المسلم وعظم أثره على نفسية المسلم أحببتُ أن أنقل كلامًا لأهل العلم حول هذا المبحث.
وقد ساق ذلك كله الشيخ محمد بن إبراهيم -رحمه الله تعالى- في جواب سؤال عن هذا الأمر.
قال -رحمه الله تعالى-: وأما السؤال عن الوسوسة في الصلاة هل كانت موجودة في عهد النبي صلى الله عليه وسلم أم لا؟ وهل تبطل الصلاة؟ وهل يعتبر ما يوحيه الشيطان إلى المبتلى بها من أن الذهاب إلى المساجد رياء؟ هل يعتبر مبررًا للتخلف عن الجماعة؟ وكيف التوصل إلى الخلاص من الوسوسة في الصلاة؟
فالجواب عنه: من ناحية وجود الوسوسة في الصلاة وعدم وجودها في عهد النبي صلى الله عليه وسلم أنها بالوصف الذي ذكرته في خطابك لم توجد في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، ولا في عهد أصحابه رضي الله عنهم، كما صرح به الإمامان موفق الدين بن قدامة في كتابه "ذم الموسوسين" وشيخ الإسلام ابن تيمية في ما روى عنه تلميذه ابن القيم.
وأما السؤال عن الوسوسة هل تبطل الصلاة؟
فالجواب عنه: أن منها ما يُفسد الصلاة، قال ابن قدامة في "ذم الموسوسين": من أصناف الوسواس ما يُفسد الصلاة مثل تكرير بعض الكلمات، كقوله في التحيات: أت أت التحي التحي، وفي السلام: أس أس السلام. وفي التكبير: أكككبر. وفي إياك: إياككك.
فهذا تكرير الكلمات غير معاني القراءة. وأخرج اللفظ عن وضعه من غير ضرورة، فهذا الظاهر بطلان الصلاة به، وربما كان إمامًا فأفسد صلاة المأمومين، وصارت الصلاة التي هي أكبر الطاعات أعظم إبعادًا له عن الله من الكبائر، وما كان من ذلك لا يبطل الصلاة فهو مكروه، وإخراج القراءة عن كونها على الوجه المشروع عدول عن السنة، ورغبة عن طريق رسول الله صلى الله عليه وسلم، وصحابته.
وربما رفع صوته بذلك فآذى سامعيه وأغرى الناس بذمه والوقيعة فيه، وجمع على نفسه طاعة إبليس، ومُخالفة السنة، وارتكاب شر الأمور ومُحدثاتها، وتعذيب نفسه، وإضاعة الوقت، وآذى نفسه، وآذى المصلين، وهتك عرضه. انتهى المراد منه.
وأما السؤال عن اعتبار ما يوحيه الشيطان إلى بعض المبتلين بالوسوسة من أن الصلاة في الجماعة رياء؟
فالجواب عنه: أن ذلك لا يجوز اعتباره، ولا يُبيح التخلف عن الجماعة، بل إنما هو من دعوة
(1) دروس وفتاوى في الحرم المكي لابن عثيمين: (ص: 41).