المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌حكم تحية المسجد - الجامع لأحكام الصلاة - عادل بن سعد

[عادل بن سعد]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة

- ‌باب: أسرار الصلاة

- ‌شروط الصلاة تسعة:

- ‌وأما فروضه فستة:

- ‌باب: أحكام الصلاة

- ‌(شروط الصلاة تسعة):

- ‌(أركان الصلاة أربعة عشر ركنًا):

- ‌(مبطلات الصلاة ثمانية):

- ‌(واجبات الصلاة ثمانية):

- ‌(فرائض الوضوء ستة أشياء):

- ‌(شروط الوضوء خمسة):

- ‌(نواقض الوضوء ثمانية):

- ‌أحكام وآداب الحضور إلى المساجد

- ‌المسجد، وفضل بنائه، وما ينبغي فيه

- ‌وجوب صلاة الجماعة والتحذير من التهاون فيها

- ‌أحكام حضور المساجد

- ‌ في أحكام الخروج إلى المسجد

- ‌الحكم الأول الخروج في أحسن هيئة

- ‌أولًا: الزينة الظاهرة، ويراد بها:

- ‌(1) جمال الثياب:

- ‌(2) ستر الفخذين:

- ‌(3) ستر العاتق:

- ‌(4) ستر الرأس:

- ‌(5) لا يغطي فاه في الصلاة:

- ‌ثانيًا: مما يتعلق بحسن الهيئة: الاهتمام بطيب الرائحة

- ‌ثالثًا: السواك

- ‌الحكم الثاني المبادرة بالحضور إلى المسجد

- ‌فضائل المبادرة إلى المسجد وفوائدها

- ‌الاتصاف بصفة من يظلهم الله في ظله:

- ‌أن المبادر في صلاة ما انتظر الصلاة:

- ‌صلاة الملائكة عليه واستغفارهم له:

- ‌المشي إلى المسجد بسكينة:

- ‌دخول المسجد داعيًا:

- ‌تحصيل الصف الأول:

- ‌تحصيل ميمنة الصف:

- ‌الدعاء بين الأذان والإقامة:

- ‌الصلاة قبل الإقامة:

- ‌إدراك تكبيرة الإحرام مع الإمام:

- ‌التأمين مع الإمام:

- ‌الصلاة بخشوع:

- ‌الحكم الثالث الدعاء عند الخروج إلى الصلاة

- ‌الحكم الرابع الذهاب إلى المسجد ماشيًا

- ‌الحكم الخامس المشي بسكينة ووقار

- ‌الحكم السادس لا يشبك بين أصابعه

- ‌الحكم السابع في حضور الصبيان المساجد

- ‌الحكم الثامن في دخول الجنب والحائض المسجد

- ‌أحكام حضور المسجد

- ‌الحكم الأول تعاهد النعلين

- ‌الحكم الثاني تقديم اليمنى عند الدخول

- ‌الحكم الثالث الدعاء عند دخول المسجد

- ‌الحكم الرابع التقدم للصف الأول

- ‌المكان الفاضل في المسجد النبوي:

- ‌الحكم الخامس السلام على من في المسجد

- ‌الحكم السادس صلاة تحية المسجد

- ‌حكم تحية المسجد

- ‌تحية المسجد وقت النهي

- ‌لا صلاة إذا أقيمت الصلاة

- ‌تحية المسجد الحرام

- ‌سقوط تحية المسجد

- ‌الحكم السابع الصلاة إلى سترة

- ‌السترة في المسجد الحرام:

- ‌الحكم الثامن لا يخرج من المسجد بعد الأذان

- ‌الحكم التاسع وظيفة الجالس في المسجد

- ‌قراءة القرآن

- ‌الحذر من الكلام الباطل وما لا فائدة فيه:

- ‌الحذر من رفع الصوت:

- ‌الحذر من البيع والشراء في المسجد:

- ‌الحذر من استدعاء النوم بالنعاس:

- ‌الحكم العاشر تسوية الصفوف وإتمامها

- ‌الحكم الحادي عشر في صلاة المنفرد خلف الصف

- ‌الحكم الثاني عشر الدخول مع الإمام على أي حال

- ‌الحالة الأولى: أن يكون الإمام قائمًا

- ‌الحالة الثانية: أن يكون الإمام راكعًا

- ‌الحالة الثالثة: أن يكون الإمام ساجدًا أو بين السجدتين

- ‌الحالة الرابعة: أن يكون الإمام في التشهد

- ‌الحكم الثالث عشر ما تدرك به الجماعة

- ‌الحكم الرابع عشر في صفة الصلاة

- ‌الحكم الخامس عشر في الذكر بعد الصلاة

- ‌الحكم السادس عشر في الفصل بين الفريضة والنافلة

- ‌الحكم السابع عشر من دخل المسجد وقد فاتته الصلاة فوجد من يصلي صلّى معه

- ‌الحكم الثامن عشر إقامة جماعة غير معتادة لمن فاتتهم الصلاة

- ‌الحكم التاسع عشر من صلى ثم دخل مسجدًا صلى معهم

- ‌الحكم العشرون اختلاف نية الإمام والمأموم

- ‌الحكم الحادي والعشرون إذا صلى المسافر خلف المقيم أتم

- ‌الحكم الثاني والعشرون لا يحجز مكانًا في المسجد

- ‌الحكم الثالث والعشرون لا يهجر المسجد الذي يليه

- ‌الحكم الرابع والعشرون في إيذاء المصلين والتشويش عليهم

- ‌(1) تخطي الرقاب:

- ‌(2) مضايقة المصلين:

- ‌(3) رفع الصوت بالقراءة:

- ‌(4) المرور بين يدي المصلي:

- ‌(5) رفع الصوت بالكلام:

- ‌الحكم الخامس والعشرون في المسألة في المسجد

- ‌الحكم السادس والعشرون في الأكل في المسجد

- ‌أحكام حضور الجمعة

- ‌فضل يوم الجمعة، والتحذير من التهاون بالصلاة

- ‌أحكام الاستعداد للجمعة

- ‌الحكم الأول غسل الجمعة:

- ‌الحكم الثاني حسن اللباس

- ‌الحكم الثالث السواك للجمعة

- ‌الحكم الرابع الطيب يوم الجمعة

- ‌الحكم الخامس المبادرة إلى حضور المسجد:

- ‌الحكم السادس المشي إلى الجمعة

- ‌الحكم السابع في السفر يوم الجمعة

- ‌أحكام حضور مسجد الجمعة

- ‌الحكم الأول الحذر من تخطي الرقاب وأذية الآخرين:

- ‌(1) التفرقة بين اثنين:

- ‌(2) تخطي رقاب المصلين:

- ‌الحكم الثاني القرب من الإمام

- ‌الحكم الثالث التنفل قبل دخول الإمام

- ‌الحكم الرابع الاشتغال بالذكر وتلاوة القرآن

- ‌الحكم الخامس الإنصات والاستماع للخطبة

- ‌الحكم السادس لا يرفع يديه عند الدعاء في الخطبة

- ‌الحكم السابع في تحية المسجد والإمام يخطب

- ‌الحكم الثامن بم تدرك الجمعة

- ‌الحكم التاسع الصلاة بعد الجمعة

- ‌الحكم العاشر إذا اجتمع العيد والجمعة

- ‌أحكام حضور المرأة المسجد

- ‌أولًا: حكم حضور المرأة المسجد:

- ‌ثانيًا: شروط حضور المرأة المسجد:

- ‌أهم الأحكام التي تنفرد بها المرأة عن الرجل في الصلاة

- ‌موقف المرأة خلف الإمام:

- ‌موقف إمامة النساء:

- ‌مرور المرأة بين يدي المصلي:

- ‌باب: صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم من التكبير إلى التسليم

- ‌استقبال الكعبة

- ‌القيام

- ‌صلاة المريض جالسًا

- ‌الصلاة في السفينة

- ‌القيام والقعود في صلاة الليل

- ‌الصلاة في النعال والأمر بها

- ‌الصلاة على المنبر

- ‌السترة ووجوبها

- ‌ما يقطع الصلاة

- ‌الصلاة تجاه القبر

- ‌النية

- ‌التكبير

- ‌رفعُ اليدين

- ‌وضع اليمنى على اليسرى والأمر به

- ‌وضعهما على الصدر

- ‌النظر إلى موضع السجود والخشوع

- ‌أدعية الاستفتاح

- ‌القراءة

- ‌القراءةُ آيةً آيةً

- ‌ركنية (الفاتحة) وفضائلها:

- ‌نسخ القراءة وراء الإمام في الجهرية

- ‌وجوب القراءة في السرية

- ‌التأمين وجهر الإمام به

- ‌قراءته صلى الله عليه وسلم بعد الفاتحة

- ‌جمعه صلى الله عليه وسلم بين النظائر وغيرها في الركعة

- ‌جواز الاقتصار على الفاتحة

- ‌الجهر والإسرار في الصلوات الخمس وغيرها

- ‌الجهر والإسرار في القراءة في صلاة الليل

- ‌ما كان يقرؤه صلى الله عليه وسلم في الصلوات

- ‌1 - صلاة الفجر:

- ‌القراءة في سنة الفجر

- ‌2 - صلاة الظهر:

- ‌قراءته صلى الله عليه وسلم آيات بعدَ الفاتحة في الأخيرتين

- ‌وجوب قراءة الفاتحة في كل ركعة

- ‌3 - صلاة العصر:

- ‌4 - صلاة المغرب:

- ‌القراءة في سنة المغرب

- ‌5 - صلاة العشاء:

- ‌6 - صلاة الليل:

- ‌7 - صلاة الوتر:

- ‌8 - صلاة الجمعة:

- ‌9 - صلاة العيدين:

- ‌10 - صلاة الجنازة:

- ‌ترتيل القرآءة وتحسين الصوت بها

- ‌الفتح على الإمام

- ‌الاستعاذة والتفلُ في الصلاة لدفع الوسوسة

- ‌الركوع

- ‌صفة الركوع

- ‌وجوب الطمأنينة في الركوع

- ‌أذكار الركوع

- ‌إطالة الركوع

- ‌النهي عن قراءة القرآن في الركوع

- ‌الاعتدال من الركوع وما يقول فيه

- ‌إطالة هذا القيام، ووجوب الاطمئنان فيه

- ‌السجود

- ‌الخرور إلى السجود على اليدين

- ‌وجوب الطمأنينة في السجود

- ‌أذكار السجود

- ‌النهي عن قراءة القرآن في السجود

- ‌إطالة السجود

- ‌فضل السجود

- ‌السجود على الأرض والحصير

- ‌الرفع من السجود

- ‌الإقعاء بين السجدتين

- ‌وجوب الاطمئنان بين السجدتين

- ‌الأذكار بين السجدتين

- ‌جلسة الاستراحة

- ‌الاعتماد على اليدين في النهوض إلى الركعة

- ‌وجوب قراءة الفاتحة في كل ركعة

- ‌التشهد الأول

- ‌جلسة التشهد

- ‌تحريك الإصبع في التشهد

- ‌وجوب التشهد الأول ومشروعية الدعاء فيه

- ‌صيغ التشهد

- ‌الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، وموضعها، وصيغها

- ‌فوائد مهمة في الصلاة على نبي الأمة

- ‌القيام إلى الركعة الثالثة ثم الرابعة

- ‌القنوت في الصلوات الخمس للنازلة

- ‌القنوت في الوتر

- ‌التشهد الأخير

- ‌وجوب التشهد

- ‌وجوب الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌وجوب الاستعاذة من أربع قبل الدعاء

- ‌الدعاء قبل السلام وأنواعه

- ‌التسليم:

- ‌وجوب السلام

- ‌باب: سجود السهو

- ‌ الزيادة

- ‌السلام قبل تمام الصلاة

- ‌النقص

- ‌1 - نقص الأركان:

- ‌2 - نقص الواجبات:

- ‌الشك

- ‌سجود السهو على المأموم

- ‌حكم تارك الصلاة

- ‌ما يترتب على الردة بترك الصلاة أو غيرها

- ‌أولًا: من الأحكام الدنيوية:

- ‌ثانيًا: الأحكام الأخروية المترتبة على الردة

- ‌مخالفات الطهارة

- ‌مخالفات الصلاة

- ‌بعض المخالفات المتعلقة بالمساجد

- ‌مخالفات تتعلق بالجمعة

- ‌مخالفات الطهارة

- ‌مخالفات تتعلق بالصلاة

- ‌مخالفات تتعلق بالمساجد

- ‌مخالفات تتعلق بالجمعة

- ‌فتاوى الصلاة وحكم تاركها

- ‌حكم ترك الصلاة عمدًا

- ‌حكم تارك الصلاة

- ‌هل وجوب الصلاة مع جماعة في المسجد مرتبط بسماع الأذان

- ‌صلاة الحارس

- ‌الحركة في الصلاة

- ‌حكم العبث والحركة في الصلاة

- ‌شرود الذهن في الصلاة

- ‌ذكر سجود السهو

- ‌حكم نسيان سجود السهو

- ‌منع السائقين من أداء صلاة الجماعة

- ‌وقت صلاة العشاء

- ‌حكم تأخير الصلاة إلى الليل

- ‌حكم تأخير صلاة الفجر عن وقتها

- ‌حكم التهاون بالصلاة

- ‌المصافحة بعد الصلاة

- ‌قراءة الفاتحة

- ‌صلاة المفترض خلف المتنفل

- ‌إدراك المسبوق للتشهد الأخير

- ‌حكم أخذ المصحف من المسجد ومد الظهر جدا في أثناء السجود، والعبث في الصلاة

- ‌كيفية أداء‌‌ الصلاة في الطائرة

- ‌ الصلاة في الطائرة

- ‌تقسيم الوتر

- ‌الحكمة من إدخال قبر الرسول صلى الله عليه وسلم في المسجد

- ‌حكم الصلاة في مسجد فيه قبر

- ‌حكم الصلاة في المسجد الذي فيه قبر

- ‌وجوب أداء الصلاة في الجماعة

- ‌ترديد الأذان

- ‌من سمع النداء ولم يذهب للمسجد

- ‌فضل الجماعة

- ‌حكم التهاون بصلاة الجماعة

- ‌الصلاة بالثياب الخفيفة الواصفة

- ‌أكل البصل والثوم عند الصلاة

- ‌حكم أكل الكراث والبصل والثوم وإتيان المسجد

- ‌ساعة الإجابة يوم الجمعة

- ‌حكم الذهاب إلى المساجد البعيدة للصلاة خلف القارئ الجيد

- ‌صلاة التراويح

- ‌القرآن يوم الجمعة والابتهالات قبل الفجر

- ‌القراءة قبل صلاة الفجر بمكبرات الصوت

- ‌تنبيه الإمام حتى ينتظر

- ‌انتظار الإمام المأمومين في أثناء الركوع

- ‌المدخنة أمام المصلين

- ‌الصلاة أمام المدفأة

- ‌معيار الإطالة والتخفيف في الصلاة .. السنة وليس الأهواء

- ‌السنة تسوية الصفوف

- ‌استعمال السواك

- ‌المسبوق منفرد فلا يسمح للمار بين يديه

- ‌الإمام حسن الصوت ينشط المصلين

- ‌إمام لا يجيد قراءة القرآن

- ‌حكم إمامة المرأة للنساء

- ‌الصلاة خلف الحليق والمسبل

- ‌حكم إمامة المسبل

- ‌الإطالة في الدعاء

- ‌تتبع الأئمة

- ‌تقليد القراءة في صلاة التراويح

- ‌تغيير الصوت في دعاء القنوت

- ‌دعاء الاستخارة .. متى يكون

- ‌دق جرس الباب وأنا في الصلاة

- ‌أتمم ما نسيت ما دام الوقت قصيرًا

- ‌متابعة الإمام

- ‌السترة أمام المصلي

- ‌الصلاة في الثوب الذي فيه صور

- ‌صلاة الجماعة وتأخير الصلاة

- ‌الصلاة الجهرية والأذان للمنفرد

- ‌لا صلاة لمنفرد خلف الصف

- ‌الائتمام بالمنفرد

- ‌الائتمام بالمنفرد أيضًا

- ‌جلسة الاستراحة ليست واجبة

- ‌الإسراع والركض لإدراك الصلاة

- ‌من أين يبدأ الصف

- ‌المسافر لمدة سنتين هل يقصر الصلاة

- ‌حكم من مات وهو تارك للصلاة والصوم

- ‌مراعاة ترتيب السور عند القراءة

- ‌فعل المكروه وحكم فاعله

- ‌الصلاة جماعة في مبنى منفصل عن الإمام

- ‌ترك النساء الصلاة بحجة العذر كذبًا

- ‌رد السلام أثناء الخطبة

- ‌إذا صلى الإمام وهو جنب

الفصل: ‌حكم تحية المسجد

أن يكون المراد باليد الإصبع؛ حملًا للمطلق على المقيد) (1).

كما ورد الرد إيماء بالرأس، وذلك في حديث ابن مسعود:(فأومأ برأسه)، وفي رواية:(فقال برأسه، يعني: الرد)(2).

قال في نيل الأوطار: (ويجمع بين الروايات أنه صلى الله عليه وسلم فعل هذا مرة وهذا مرة فيكون جميع ذلك جائزًا)(3) والله أعلم.

‌الحكم السادس صلاة تحية المسجد

ومن آداب حضور المساجد -وهي بيوت الله تعالى وأمكنة عبادته- أن يصلي الداخل ركعتين تعظيمًا لله تعالى، وإكرامًا لموضع العبادة. وهذه الصلاة هي تحية المسجد؛ لأن الداخل يبتدئ بهما كما يبتدئ الداخل على القوم بالتحية.

وقد دلّ على مشروعية تحية المسمجد حديث أبي قتادة السلمي رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يصلي ركعتين". وفي رواية: "فيركع ركعتين قبل أن يجلس"(4).

‌حكم تحية المسجد

جمهور العلماء على أن تحية المسجد من السنن المندوب إليها وليست واجبة. قال في فتح الباري: (اتفق أئمة الفتوى على أن الأمر في ذلك للندب)(5). وقال ابن دقيق العيد: (وجمهور العلماء على عدم الوجوب لهما)(6). وقال النووي: (إنه إجماع المسلمين)(7). ولكن نقل الإجماع فيه نظر، فقد نقل ابن بطال عن أهل الظاهر قولهم بالوجوب (8). وحكى ذلك القاضي عياض عن داود وأصحابه (9)، والذي صرح به ابن حزم خلافه (10)، وعمدة الجمهور في عدم الوجوب:

حديث عبد الله بن بسر رضي الله عنه قال: جاء رجل يتخطى رقاب الناس يوم الجمعة والنبي صلى الله عليه وسلم يخطب.

فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اجلس فقد آذيت" ولني رواية: "وآنيت"(11). أي: أبطأت وتأخرت.

ووجه الدلالة: أن الرسول صلى الله عليه وسلم أمره بالجلوس ولم يأمره بتحية المسجد فدل على أنها غير واجبة.

حديث أنس بن مالك رضي الله عنه في قصة الأعرابي، وهو ضمام بن ثعلبة لما سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عما يجب

(1) نيل الأوطار (2/ 370).

(2)

أخرجه البيهقي (2/ 260)، من طريق محمد بن الصلت التوزي، وقد تفرد به، قال البيهقي وقاله عنه الحافظ في التقريب: صدوق يهم. اهـ وعلى هنا ففي ثبوت هذه الصفة نظر، والأولى الاقتصار على الصفتين الأوليين، والله أعلم.

(3)

نيل الأوطار (2/ 371)، وانظر في موضوع السلام على المصلي "زاد المعاد"(2/ 413).

(4)

أخرجه البخاري (433)، ومسلم (714).

(5)

فتح الباري (1/ 537).

(6)

إحكام الأحكام (2/ 467).

(7)

شرح مسلم (5/ 233).

(8)

شرح ابن بطال على صحيح البخاري (2/ 93).

(9)

شرح القاضي عياض على صحيح مسلم (3/ 49).

(10)

المحلى (2/ 231).

(11)

أخرجه أبو داود (3/ 467)، والنسائي (3/ 103)، وأحمد (4/ 188). والزيادة له، والحديث إسناده حسن، وله شواهد، وصححه ابن خزيمة (3/ 156).

ص: 69

عليه من الصلاة فأجابه صلى الله عليه وسلم: الصلوات الخمس، فقال: هل علي غيرها؛ قال: "لا، إلا أن تطوّع"(1).

ومن قال بالوجوب استدل ما يلي:

حديث أبي قتادة المذكور، وقد ورد بلفظ الأمر "فليركع ركعتين" وبلفظ النهي "فلا يجلس"، والأمر عند الإطلاق للوجوب، والنهي عند الإطلاق للتحريم؛ وحديث أنس في قصة الأعربي لا يصلح أن يكون صارفًا كما سيأتي إن شاء الله.

حديث جابر رضي الله عنه قال: دخل رجل يوم الجمعة ورسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب فقال: "أصليت؛ " قال: لا. قال: "فصلّ ركعتين". والرجل هو: سليك الغطفاني، كما وقع مسمى عند مسلم (2).

ووجه الدلالة: أن الرسول صلى الله عليه وسلم أمر سليكًا بتحية المسجد بعدما جلس، وقطع الخطبة لأجل سؤاله وأمره بالصلاة. وهذا من مؤكدات الايجاب. ولو سقطت التحية في حال لكان هذا الحال أولى بها؛ فإنه مأمور باستماع الخطبة، فلما ترك لها استماع الخطبة دل على تأكدها.

وقد أجاب القائلون بالوجوب عن أدلة الأولين ما يلي:

أما حديث "اجلس فقد آذيت" فلا دلالة فيه صريحة على عدم الوجوب؛ لاحتمال أن المراد "اجلس" أي: لا تتخط. ولم يقصد ترك التحية، أو أن المراد: اجلس بشرط الجلوس المفهوم من قوله: "قال يجلس حتى يصلي ركعتين"، ولاحتمال أن يكون هذا الصحابي صلّى التحية في جانب من المسجد قبل وقوع التخطي منه، أو أنه كان ذلك قبل الأمر بها والنهي عن تركها، وإذا وجد الاحتمال بطل الإستدلال، لا سيما والحديث معارض بمثل حديث جابر في قصة سليك وحديث في قتادة، ودلالتهما أصرح (3).

وأما حديث أنس في قصة الأعرابي فعنه ثلاثة أجوبة:

إن التعاليم الواقعة في مبادئ الشريعة لا تصلح لصرف ما تجدد من الأوامر عن الوجوب؛ لأن الشريعة كانت شيئًا فشيئًا وإلا لزم على ذلك أن واجبات الشريعة هي ما ذكر في حديث أنس في قصة ضمام بن ثعلبة من الشهادتين والصوم والحج والزكاة، وعلى ما قُرِّرَ يكون له:"إلا أن تطوع" حصرًا باعتبار وقت السؤال، ولم يقل: إنه لا يجب عليه ما يوجبه الله على عباده بعد ذلك، بل ما أوجبه الله وجب. ولا ريب أن واجبات الشريعة قد بلغت أضعاف أضعاف تلك الأمور.

إن قوله: "إلا أن تطوع" ينفي وجوب الواجبات ابتداء لا الواجبات بأسباب يختار المكلف فعلها، كتحية المسجد -مثلًا-.

إن جماعة من المتمسكين بحديث ضمام بن ثعلبة في صرف الأمر عن الوجوب في حديث أبي قتادة قالوا بوجوب صلوات خارجة عن الخمس، كالجنازة وركعتي الطواف والعيدين. فما أجابوا به عن إيجاب هذه الصلوات هو جواب الموجبين لتحية المسجد، والله أعلم (4).

قال ابن دقيق العيد على حديث أبي قتادة: (ولا شك أن ظاهر الأمر الوجوب وظاهر النهي التحريم،

(1) أخرجه البخاري (46)، ومسلم (11).

(2)

أخرجه البخاري (930)، ومسلم (875).

(3)

انظر فتح الباري (9/ 402).

(4)

انظر نيل الأوطار (3/ 79).

ص: 70