الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
روى الإمام أحمد، وأبو داود، والنسائي، وابن ماجه، والحاكم، عن عبد الرحمن بن شبل -رضي الله تعالى عنه-، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن أن يوطن الرجل المكان في المسجد كما يوطن البعير.
قال ابن القيم -رحمه الله تعالى- في بدائع ما نصه:
قال المروزي: كان أبو عبد الله يقوم خلف الإمام فجاء يومًا وقد تجافى الناس أن يصلي أحد في ذلك الموضع فاعتزل وقام في طرف الصف، وقال: نهي أن يتخذ الرجل مصلاه مثل مربض البعير. (انتهى من البدائع 3 ص 82).
فانظر رحمك الله، يتجافى عن مكان قد أخلي له، واليوم يضيق بعضهم ذرعًا إذا سبقه أحد إلى مكانه.
13 -
ومن المخالفات أيضًا: حجز مكان في المسجد بسجادة أو نحوها.
قال شيخ الإسلام -رحمه الله تعالى-: وأما ما يفعله كثير من الناس من تقديم مفارش إلى المسجد يوم الجمعة أو غيرها قبل ذهابهم إلى المسجد فهذا منهي عنه باتفاق المسلمين بل محرم؛ لأنه غصب بقعة في المسجد بفرش ذلك المفروش فيها، ومنع غيره من المصلين الذين يسبقونه إلى المسجد أن يصلي في ذلك المكان.
ثم قال -رحمه الله تعالى-: والمأمور به أن يسبق الرجُل بنفسه إلى المسجد فإذا قدم المفروش وتأخر هو فقد خالف الشريعة من وجهين: من جهة تأخره وهو مأمور بالتقدم، ومن جهة غصبه لطائفة من المسجد ومنعه السابقين إلى المسجد أن يصلوا فيه وأن يتموا الصف الأول فالأول ثم أنه يتخطى الناس إذا حضروا.
وهنا فتوى عن حجز الأماكن للشيخ ابن سعدي -رحمه الله تعالى-:
سئل -رحمه الله تعالى- عن حكم التحجير في المسجد؟
فأجاب -رحمه الله تعالى- بقوله: اعلموا رحمكم الله أن التحجر في المساجد ووضع العصا والإنسان متأخر في بيته أو سوقه عن الحضور، لا يحل ولا يجوز لأن ذلك مُخالف للشرع ومُخالف لما كان عليه الصحابة والتابعون لهم بإحسان، فإن النبي صلى الله عليه وسلم حث الناس على التقدم للمساجد والقرب من الإمام بأنفسهم وحث على الصف الأول وقال:"لو يعلم الناس ما في النداء والصف الأول -يعني من الأجر العظيم- ثم لم يجدوا إلا أن يستهموا عليهم لاستهموا".
ولا يحصل هذا الامتثال وهذا الأجر العظيم إلا لمن تقدم وسبق بنفسه، وأما من وضع عصاه ونحوه، وتأخر عن الحضور فإنه مُخالف لما حث عليه الشارع غير مُمتثل لأمره فمن زعم أنه يُدرك فضيلة التقدم وفضيلة المكان الفاضل بتحجره مكانًا فيه وهو متأخر فهو كاذب بل من فعل هذا فاته الأجر وحصل له الإثم والوزر. اهـ مختصرًا. الفتاوى السعدية (ص 182).
مخالفات تتعلق بالجمعة
1 -
ومن المخالفات في يوم الجمعة: ترك الاغتسال.
وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم "غسل يوم الجمعة واجب على كل محتلم". أخرجه السبعة عن أبي سعيد الخدري -رضي الله تعالى عنه-.
وعن عبد الله بن عمر -رضي الله تعالى عنهما- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا جاء أحدكم الجمعة فليغتسل". رواه الجماعة.
ولمسلم: "إذا أراد أحدكم أن يأتي الجمعة فليغتسل".
وعن أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه-، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"حق على كل مسلم أن يغتسل في كل سبعة أيام يومًا يغسل فيه رأسه وجسده". متفق عليه.
2 -
ومن المخالفات أيضًا في يوم الجمعة: تخطي رقاب الناس ويكون هذا غالبًا في أثناء الخطبة.
عن عبد الله بن بُسر -رضي الله تعالى عنه- قال: جاء رجل يتخطى رقاب الناس يوم الجمعة، والنبي صلى الله عليه وسلم يخطب، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"اجلس، فقد آذيت وآنيت".
وقد اختلف أهل العلم في حكم التخطي يوم الجمعة:
فقال الترمذي حاكيًا عن أهل العلم: أنهم كرهوا تخطي الرقاب يوم الجمعة وشددوا في ذلك، وحكى أبو حامد في تعليقه عن الشافعي التصريح بالتحريم.
واختار النووي، وأبو المعالي والشيخ -يعني شيخ الإسلام- وغيرهم تحريمه، وقال: ليس لأحد أن يتخطى رقاب الناس ليدخل في الصف إذا لم يكن بين يديه فُرجة لا يوم الجمعة ولا غيره لأنه من الظلم والتعدي لحدود الله. اهـ (من حاشية الروض المربع 2/ 480).
3 -
ومن المخالفات أيضًا: الاحتباء يوم الجمعة والخطيب يخطب. عن معاذ بن أنس -رضي الله تعالى عنه- قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن الحبوة يوم الجمعة والإمام يخطب. (رواه أحمد وأبو داود والترمذي والحاكم. قال الترمذي: هذا حديث حسن. وقال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه. ووافقه الذهبي 1/ 289).
قال ابن الأثير في النهاية: الاحتباء هو أن يضم الإنسان رجليه إلى بطنه بثوب يجمعهما به مع ظهره ويشده عليها، وقد يكون الاحتباء باليدين عوض الثوب، ثم قال: ومنه الحديث: "أنه نهى عن الحبوة يوم الجمعة والإمام يخطب". نهى عنها لأن الاحتباء يجلب النوم فلا يسمع الخطبة ويعرض طهارته للانتقاض. اهـ (من النهاية لابن الأثير).
ويُضاف إلى ما سبق أن الاحتباء يُسبب كشف العورة أحيانًا خاصة إذا كان ما تحت ثوبه من الملابس القصيرة.
4 -
ومن المخالفات أيضًا المتعلقة بيوم الجمعة: اعتقاد بعض الناس وجوب قراءة (آلم تنزيل السجدة، وهل أتى على الإنسان) فجر يوم الجمعة. وهذا اعتقاد خاطئ فالذي ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه كان يقرأ في الجمعة (آلم تنزيل السجدة)، و (هل أتى على الإنسان). أخرجه البخاري عن أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه- وكونه يقرأ في الجمعة لا يلزم منه المداومة.
قال ابن دقيق العيد: وليس في الحديث ما يقتضي فعل ذلك دائمًا اقتضاءً قويًا على كل حال فهو مُستحب. انتهى (عمدة الأحكام 2/ 120).
وقد سئل شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله تعالى- عن الصلاة يوم الجمعة بالسجدة هل تَجب المداومة عليها أم لا؟
فأجاب -رحمه الله تعالى- بقوله:
الحمد لله. ليست قراءة (ألم تنزيل) التي في السجدة ولا غيرها من ذوات السجود واجبة في فجر
الجمعة باتفاق الأئمة، ومن اعتقد ذللك واجبًا أو ذم من ترك ذلك فهو ضال مُخطئ يجب عليه أن يتوب من ذلك باتفاق الأئمة. ثم قال: لا ينبغي المداومة عليها بحيث يتوهم الجهال أنها واجبة وأن تاركها مسيء بل ينبغي تركها أحيانًا لعدم وجوبها. والله أعلم (24/ 204، 205).
وقال شيخ الإسلام: النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ السورتين كلتاهما، فالسنة قراءتهما بكمالهما.
5 -
ومن المخالفات أيضًا: الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم والترضي عن الصحابة -رضي الله تعالى عنهم- والإمام يخطب في يوم الجمعة سئل الشيخ عبد الرحمن بن حسن آل شيخ -رحمة الله تعالى- عمن يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم ويترضى عن الصحابة رضي الله عنهم جهرًا والإمام يخطب يوم الجمعة؟
الجواب: الجهر بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، والترضي حال الخطبة من غير الخطيب بدعة مُخالفة للشريعة منع منها طوائف من العلماء سلفًا وخلفًا، ولهم فيها مأخذان:
الأول: أنه من مُحدثات الأمور التي لم تفعل في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا عهد أصحابه، ولا في عهد التابعين، ولو كان خيرًا لسبقونا إليه.
الثاني: أن الأحاديث ثبتت بالأمر بالإنصات للخطبة، فقد صح من حديث أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:"إذا قلت لصاحبك والإمام يخطب يوم الجمعة: أنصت، فقد لغوت".
قال في كتاب الباعث على إنكار البدع والحوادث: إن الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم إنما هي دعاء، وجميع الأدعية السنة فيها الإسرار دون الجهر غالبًا.
قلت: وهذا مأخذ ثالث للمنع.
6 -
أن بعض الناس: إذا دخل المسجد الجامع لأداء صلاة الجمعة ووجد المؤذن يؤذن الأذان الثاني أخذ في متابعة الأذان، ثم إذا فرغ من المتابعة شرع في أداء تحية المسجد وقد شرع الخطيب في ابتداء الخطبة.
وهذا بفعله ذاك قد حصر على تحصيل السُّنة لكنه فرط في استكمال الواجب على وجهه مع قدرته عليه، وذلك أن متابعة الأذان سُنَّة، واستماع الخطبة واجب.
ومما يؤكد ذلك -أي أن الداخل إلى الجامع مأمور بأن يتفرغ لسماع الخطبة ما أمكنه- قوله صلى الله عليه وسلم:
"إذا جاء أحدكم يوم الجمعة والإمام يخطب فليركع ركعتين وليتجوز فيهما". رواه مسلم، وأحمد، وأبو داود.
قال الشوكاني -رحمه الله تعالى- "وليتجوز فيهما": فيه مشروعية التخفيف لتلك الصلاة ليتفرغ لسماع الخطبة. انتهى (النيل 3/ 293).
7 -
ومن المخالفات أيضًا المتعلقة يوم الجمعة:
وصل صلاة الجمعة بصلاة بعدها دون أن يفصل بينهما بكلام أو نحوه.
ويدل لذلك ما ورد عن السائب ابن أخت نمر أنه قال: صليتُ مع معاوية الجمعة في المقصورة فلما سلّم الإمام قمتُ في مقامي فصليتُ فلما دخل -رضي الله تعالى عنه- أرسل إلي فقال: لا تعد لما فعلت إذا صليت الجمعة فلا تصلها بصلاة حتى تكلم أو تخرج. فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرنا بذلك أن لا نُوصل صلاة بصلاة حتى نتكلم أو نخرج أخرجه الإمام مسلم في صحيحه.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله تعالى-: والسنة أن يفصل بين الفرض والنفل في الجمعة