الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وذروة سنامه الجهاد" (1) ولقوله صلى الله عليه وسلم: "إن بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة" (2) ولقوله عليه الصلاة والسلام: "العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر"، (3) ولأن الجاحد لوجوبها مكذب لله ولرسوله ولإجماع أهل العلم والإيمان، فكان كفره أكبر وأعظم من كفر تاركها تهاونًا. وعلى كلا الحالين فالواجب على ولاة الأمور من المسلمين أن يستتيبوا تارك الصلاة، فإن تاب وإلا قتل: للأدلة الواردة في ذلك. والواجب هجر تارك الصلاة، ومقاطعته، وعدم إجابة دعوته حتى يتوب إلى الله من ذلك، مع وجوب مناصحته، ودعوته إلى الحق، وتحذيره من العقوبات المترتبة على ترك الصلاة في الدنيا والآخرة؛ لعله يتوب، فيتوب الله عليه.
كتاب الدعوة، ص 93، ابن باز
حكم تارك الصلاة
السؤال: ماذا يفعل الرجل إذا أمر أهله بالصلاة ولكنهم لم يستمعوا إليه، أيسكن معهم ويخالطهم أم يخرج من البيت؟.
الجواب: إذا كان الأهل لا يصلون أبدًا فإنهم كفار، مرتدون، خارجون عن الإسلام، ولا يجوز أن يسكن معهم، ولكن يجب عليه أن يدعوهم ويلح ويكرر لعل الله يهديهم؛ لأن تارك الصلاة كافر -والعياذ بالله- بدليل الكتاب والسنة، وقول الصحابة، والنظر الصحيح.
- أما من القرآن: فقوله تعالى عن المشركين: {فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ} [التوبة: 11] مفهوم الآية أنهم إذا لم يفعلوا ذلك فليسوا إخوانًا لنا ولا تنتفي الأخوة الدينية بالمعاصي وإن عظمت، ولكن تنتفي عند الخروج عن الإسلام.
-أما من السنة: فقول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة"(4).
وقوله في حديث بريدة رضي الله عنه في السنن: "العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر". (5) -ثابت في صحيح مسلم-.
- أما أقوال الصحابة: قال أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه: (لا حظ في الإسلام لمن ترك الصلاة)(6). والحظ: النصيب، وهو هنا نكرة في سياق النفي فيكون عامًا لا نصيب لا قليل ولا كثير - وقال عبد الله بن شقيق: كان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم لا يرون شيئًا من الأعمال تركه كفر غير الصلاة.
* أما من جهة النظر الصحيح فيقال: هل يعقل أن رجلًا في قلبه حبة خردل من إيمان يعرف عظمة الصلاة وعناية الله بها ثم يحافظ على تركها؟ هذا شيء لا يمكن، وقد تأملت الأدلة التي استدل بها من يقول أنه لا يكفر، فوجدتها لا تخرج عن أحوال خمسة:
1 -
إما أنها دليل فيها أصلًا.
2 -
أو أنها قيدت بحال أو وصف يمتنع معه ترك الصلاة.
(1) أخرجه أحمد (5/ 231) والترمذي (2616)، وابن ماجه في الفتن (2973). بإسناد صحيح.
(2)
أخرجه مسلم في صحيحه في الإيمان (82).
(3)
أخرجه أحمد (5/ 346)، والترمذي (2621)، والنسائي (1/ 232)، وابن ماجه (1079).
(4)
أخرجه مسلم في الإيمان (82).
(5)
أخرجه أحمد (5/ 346)، والترمذي (2641)، والنسائي (1/ 232)، وابن ماجة (1079).
(6)
أخرجه مالك (84).
3 -
أو أنها قيدت بحال يعذر فيها من ترك الصلاة.
4 -
أو أنها عامة فتخصص بأحاديث كفر تارك الصلاة.
5 -
أو أنها ضعيفة لا تقوم بها حجة.
وإذا تبين أن تارك الصلاة كافر؛ فإنه يترتب عليه أحكام المرتدين -وليس في النصوص أن تارك الصلاة مؤمن، أو أنه يدخل الجنة، أو ينجو من النار ونحو ذلك مما يحوجنا إلى تأويل الكفر الذي حكم به على تارك الصلاة بأنه كفر نعمة أو كفر دون كفر- ومنها:
أولًا: أنه لا يصح أن يزوج، فإن عقد له وهو لا يصلي فالنكاح باطل، ولا تحل له الزوجة به، لقوله تعالى عن المهاجرات:{فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلَا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ لَا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ} [الممتحنة: 10].
ثانيًا: أنه إذا ترك الصلاة بعد أن عقد له فإن نكاحه ينفسخ، ولا تحل له الزوجة .. للآية التي ذكرناها سابقًا، على حسب التفصيل المعروف عند أهل العلم بين أن يكون ذلك قبل الدخول أو بعده.
ثالثًا: أن هذا الرجل الذي لا يصلي إذا ذبح لا تؤكل ذبيحته لماذا؟ لأنها حرام، ولو ذبح يهودي أو نصراني فذبيحته يحل لنا أن نأكلها، فيكون -والعياذ بالله- ذبحه أخبث من ذبح اليهود والنصارى.
رابعًا: أنه لا يحل أن يدخل مكة أو حدود حرمها لقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلَا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ إِنْ شَاءَ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} [التوبة: 28].
خامسًا: أنه لو مات من أقاربه فلا حق له في الميراث، فلو مات رجل عن ابن له لا يصلي الرجل مسلم يصلي والابن لا يصلي وعن ابن عم له بعيد (عاصب)، من الذي يرثه؟ ابن عمه البعيد دون ابنه لقول النبي صلى الله عليه وسلم في حديث أسامة:"لا يرث المسلم الكافر ولا الكافر المسلم"(1) - متفق عليه.
ولقوله صلى الله عليه وسلم: "ألحقوا الفرائض بأهلها فما بقي فهو لأولى رجل ذكر"(2) وهذا مثال ينطبق على جميع الورثة.
سادسًا: أنه إذا مات لا يغسل ولا يكفن ولا يصلي عليه ولا يدفن مع المسلمين، إذًا ماذا نصنع به؟ نخرج به إلى الصحراء ونحفر له وندفنه بثيابه لأنه لا حرم له.
وعلى هذا فلا يحل لأحد مات عنده ميت وهو يعلم أنه لا يصلي أن يقدمه للمسلمين يصلون عليه.
سابعًا: أنه يحشر يوم القيامة مع فرعون وهامان وقارون وأُبي بن خلف، أئمة الكفر -والعياذ بالله- ولا يدخل الجنة، ولا يحل لأحد من أهله أن يدعو له بالرحمة والمغفرة، لأنه كافر لا يستحقها لقوله تعالى:{مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ} [التوبة: 113].
فالمسألة يا إخواني خطيرة جدًا .. ومع الأسف فإن بعض الناس يتهاونون في الأمر، ويقرون في البيت
(1) أخرجه البخاري في الفرائض (6464)، ومسلم في الفرائض (1614).
(2)
أخرجه البخاري في الفرائض (6732)، ومسلم في الفرائض (1615).