المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الحكم الخامس عشر في الذكر بعد الصلاة - الجامع لأحكام الصلاة - عادل بن سعد

[عادل بن سعد]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة

- ‌باب: أسرار الصلاة

- ‌شروط الصلاة تسعة:

- ‌وأما فروضه فستة:

- ‌باب: أحكام الصلاة

- ‌(شروط الصلاة تسعة):

- ‌(أركان الصلاة أربعة عشر ركنًا):

- ‌(مبطلات الصلاة ثمانية):

- ‌(واجبات الصلاة ثمانية):

- ‌(فرائض الوضوء ستة أشياء):

- ‌(شروط الوضوء خمسة):

- ‌(نواقض الوضوء ثمانية):

- ‌أحكام وآداب الحضور إلى المساجد

- ‌المسجد، وفضل بنائه، وما ينبغي فيه

- ‌وجوب صلاة الجماعة والتحذير من التهاون فيها

- ‌أحكام حضور المساجد

- ‌ في أحكام الخروج إلى المسجد

- ‌الحكم الأول الخروج في أحسن هيئة

- ‌أولًا: الزينة الظاهرة، ويراد بها:

- ‌(1) جمال الثياب:

- ‌(2) ستر الفخذين:

- ‌(3) ستر العاتق:

- ‌(4) ستر الرأس:

- ‌(5) لا يغطي فاه في الصلاة:

- ‌ثانيًا: مما يتعلق بحسن الهيئة: الاهتمام بطيب الرائحة

- ‌ثالثًا: السواك

- ‌الحكم الثاني المبادرة بالحضور إلى المسجد

- ‌فضائل المبادرة إلى المسجد وفوائدها

- ‌الاتصاف بصفة من يظلهم الله في ظله:

- ‌أن المبادر في صلاة ما انتظر الصلاة:

- ‌صلاة الملائكة عليه واستغفارهم له:

- ‌المشي إلى المسجد بسكينة:

- ‌دخول المسجد داعيًا:

- ‌تحصيل الصف الأول:

- ‌تحصيل ميمنة الصف:

- ‌الدعاء بين الأذان والإقامة:

- ‌الصلاة قبل الإقامة:

- ‌إدراك تكبيرة الإحرام مع الإمام:

- ‌التأمين مع الإمام:

- ‌الصلاة بخشوع:

- ‌الحكم الثالث الدعاء عند الخروج إلى الصلاة

- ‌الحكم الرابع الذهاب إلى المسجد ماشيًا

- ‌الحكم الخامس المشي بسكينة ووقار

- ‌الحكم السادس لا يشبك بين أصابعه

- ‌الحكم السابع في حضور الصبيان المساجد

- ‌الحكم الثامن في دخول الجنب والحائض المسجد

- ‌أحكام حضور المسجد

- ‌الحكم الأول تعاهد النعلين

- ‌الحكم الثاني تقديم اليمنى عند الدخول

- ‌الحكم الثالث الدعاء عند دخول المسجد

- ‌الحكم الرابع التقدم للصف الأول

- ‌المكان الفاضل في المسجد النبوي:

- ‌الحكم الخامس السلام على من في المسجد

- ‌الحكم السادس صلاة تحية المسجد

- ‌حكم تحية المسجد

- ‌تحية المسجد وقت النهي

- ‌لا صلاة إذا أقيمت الصلاة

- ‌تحية المسجد الحرام

- ‌سقوط تحية المسجد

- ‌الحكم السابع الصلاة إلى سترة

- ‌السترة في المسجد الحرام:

- ‌الحكم الثامن لا يخرج من المسجد بعد الأذان

- ‌الحكم التاسع وظيفة الجالس في المسجد

- ‌قراءة القرآن

- ‌الحذر من الكلام الباطل وما لا فائدة فيه:

- ‌الحذر من رفع الصوت:

- ‌الحذر من البيع والشراء في المسجد:

- ‌الحذر من استدعاء النوم بالنعاس:

- ‌الحكم العاشر تسوية الصفوف وإتمامها

- ‌الحكم الحادي عشر في صلاة المنفرد خلف الصف

- ‌الحكم الثاني عشر الدخول مع الإمام على أي حال

- ‌الحالة الأولى: أن يكون الإمام قائمًا

- ‌الحالة الثانية: أن يكون الإمام راكعًا

- ‌الحالة الثالثة: أن يكون الإمام ساجدًا أو بين السجدتين

- ‌الحالة الرابعة: أن يكون الإمام في التشهد

- ‌الحكم الثالث عشر ما تدرك به الجماعة

- ‌الحكم الرابع عشر في صفة الصلاة

- ‌الحكم الخامس عشر في الذكر بعد الصلاة

- ‌الحكم السادس عشر في الفصل بين الفريضة والنافلة

- ‌الحكم السابع عشر من دخل المسجد وقد فاتته الصلاة فوجد من يصلي صلّى معه

- ‌الحكم الثامن عشر إقامة جماعة غير معتادة لمن فاتتهم الصلاة

- ‌الحكم التاسع عشر من صلى ثم دخل مسجدًا صلى معهم

- ‌الحكم العشرون اختلاف نية الإمام والمأموم

- ‌الحكم الحادي والعشرون إذا صلى المسافر خلف المقيم أتم

- ‌الحكم الثاني والعشرون لا يحجز مكانًا في المسجد

- ‌الحكم الثالث والعشرون لا يهجر المسجد الذي يليه

- ‌الحكم الرابع والعشرون في إيذاء المصلين والتشويش عليهم

- ‌(1) تخطي الرقاب:

- ‌(2) مضايقة المصلين:

- ‌(3) رفع الصوت بالقراءة:

- ‌(4) المرور بين يدي المصلي:

- ‌(5) رفع الصوت بالكلام:

- ‌الحكم الخامس والعشرون في المسألة في المسجد

- ‌الحكم السادس والعشرون في الأكل في المسجد

- ‌أحكام حضور الجمعة

- ‌فضل يوم الجمعة، والتحذير من التهاون بالصلاة

- ‌أحكام الاستعداد للجمعة

- ‌الحكم الأول غسل الجمعة:

- ‌الحكم الثاني حسن اللباس

- ‌الحكم الثالث السواك للجمعة

- ‌الحكم الرابع الطيب يوم الجمعة

- ‌الحكم الخامس المبادرة إلى حضور المسجد:

- ‌الحكم السادس المشي إلى الجمعة

- ‌الحكم السابع في السفر يوم الجمعة

- ‌أحكام حضور مسجد الجمعة

- ‌الحكم الأول الحذر من تخطي الرقاب وأذية الآخرين:

- ‌(1) التفرقة بين اثنين:

- ‌(2) تخطي رقاب المصلين:

- ‌الحكم الثاني القرب من الإمام

- ‌الحكم الثالث التنفل قبل دخول الإمام

- ‌الحكم الرابع الاشتغال بالذكر وتلاوة القرآن

- ‌الحكم الخامس الإنصات والاستماع للخطبة

- ‌الحكم السادس لا يرفع يديه عند الدعاء في الخطبة

- ‌الحكم السابع في تحية المسجد والإمام يخطب

- ‌الحكم الثامن بم تدرك الجمعة

- ‌الحكم التاسع الصلاة بعد الجمعة

- ‌الحكم العاشر إذا اجتمع العيد والجمعة

- ‌أحكام حضور المرأة المسجد

- ‌أولًا: حكم حضور المرأة المسجد:

- ‌ثانيًا: شروط حضور المرأة المسجد:

- ‌أهم الأحكام التي تنفرد بها المرأة عن الرجل في الصلاة

- ‌موقف المرأة خلف الإمام:

- ‌موقف إمامة النساء:

- ‌مرور المرأة بين يدي المصلي:

- ‌باب: صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم من التكبير إلى التسليم

- ‌استقبال الكعبة

- ‌القيام

- ‌صلاة المريض جالسًا

- ‌الصلاة في السفينة

- ‌القيام والقعود في صلاة الليل

- ‌الصلاة في النعال والأمر بها

- ‌الصلاة على المنبر

- ‌السترة ووجوبها

- ‌ما يقطع الصلاة

- ‌الصلاة تجاه القبر

- ‌النية

- ‌التكبير

- ‌رفعُ اليدين

- ‌وضع اليمنى على اليسرى والأمر به

- ‌وضعهما على الصدر

- ‌النظر إلى موضع السجود والخشوع

- ‌أدعية الاستفتاح

- ‌القراءة

- ‌القراءةُ آيةً آيةً

- ‌ركنية (الفاتحة) وفضائلها:

- ‌نسخ القراءة وراء الإمام في الجهرية

- ‌وجوب القراءة في السرية

- ‌التأمين وجهر الإمام به

- ‌قراءته صلى الله عليه وسلم بعد الفاتحة

- ‌جمعه صلى الله عليه وسلم بين النظائر وغيرها في الركعة

- ‌جواز الاقتصار على الفاتحة

- ‌الجهر والإسرار في الصلوات الخمس وغيرها

- ‌الجهر والإسرار في القراءة في صلاة الليل

- ‌ما كان يقرؤه صلى الله عليه وسلم في الصلوات

- ‌1 - صلاة الفجر:

- ‌القراءة في سنة الفجر

- ‌2 - صلاة الظهر:

- ‌قراءته صلى الله عليه وسلم آيات بعدَ الفاتحة في الأخيرتين

- ‌وجوب قراءة الفاتحة في كل ركعة

- ‌3 - صلاة العصر:

- ‌4 - صلاة المغرب:

- ‌القراءة في سنة المغرب

- ‌5 - صلاة العشاء:

- ‌6 - صلاة الليل:

- ‌7 - صلاة الوتر:

- ‌8 - صلاة الجمعة:

- ‌9 - صلاة العيدين:

- ‌10 - صلاة الجنازة:

- ‌ترتيل القرآءة وتحسين الصوت بها

- ‌الفتح على الإمام

- ‌الاستعاذة والتفلُ في الصلاة لدفع الوسوسة

- ‌الركوع

- ‌صفة الركوع

- ‌وجوب الطمأنينة في الركوع

- ‌أذكار الركوع

- ‌إطالة الركوع

- ‌النهي عن قراءة القرآن في الركوع

- ‌الاعتدال من الركوع وما يقول فيه

- ‌إطالة هذا القيام، ووجوب الاطمئنان فيه

- ‌السجود

- ‌الخرور إلى السجود على اليدين

- ‌وجوب الطمأنينة في السجود

- ‌أذكار السجود

- ‌النهي عن قراءة القرآن في السجود

- ‌إطالة السجود

- ‌فضل السجود

- ‌السجود على الأرض والحصير

- ‌الرفع من السجود

- ‌الإقعاء بين السجدتين

- ‌وجوب الاطمئنان بين السجدتين

- ‌الأذكار بين السجدتين

- ‌جلسة الاستراحة

- ‌الاعتماد على اليدين في النهوض إلى الركعة

- ‌وجوب قراءة الفاتحة في كل ركعة

- ‌التشهد الأول

- ‌جلسة التشهد

- ‌تحريك الإصبع في التشهد

- ‌وجوب التشهد الأول ومشروعية الدعاء فيه

- ‌صيغ التشهد

- ‌الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، وموضعها، وصيغها

- ‌فوائد مهمة في الصلاة على نبي الأمة

- ‌القيام إلى الركعة الثالثة ثم الرابعة

- ‌القنوت في الصلوات الخمس للنازلة

- ‌القنوت في الوتر

- ‌التشهد الأخير

- ‌وجوب التشهد

- ‌وجوب الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌وجوب الاستعاذة من أربع قبل الدعاء

- ‌الدعاء قبل السلام وأنواعه

- ‌التسليم:

- ‌وجوب السلام

- ‌باب: سجود السهو

- ‌ الزيادة

- ‌السلام قبل تمام الصلاة

- ‌النقص

- ‌1 - نقص الأركان:

- ‌2 - نقص الواجبات:

- ‌الشك

- ‌سجود السهو على المأموم

- ‌حكم تارك الصلاة

- ‌ما يترتب على الردة بترك الصلاة أو غيرها

- ‌أولًا: من الأحكام الدنيوية:

- ‌ثانيًا: الأحكام الأخروية المترتبة على الردة

- ‌مخالفات الطهارة

- ‌مخالفات الصلاة

- ‌بعض المخالفات المتعلقة بالمساجد

- ‌مخالفات تتعلق بالجمعة

- ‌مخالفات الطهارة

- ‌مخالفات تتعلق بالصلاة

- ‌مخالفات تتعلق بالمساجد

- ‌مخالفات تتعلق بالجمعة

- ‌فتاوى الصلاة وحكم تاركها

- ‌حكم ترك الصلاة عمدًا

- ‌حكم تارك الصلاة

- ‌هل وجوب الصلاة مع جماعة في المسجد مرتبط بسماع الأذان

- ‌صلاة الحارس

- ‌الحركة في الصلاة

- ‌حكم العبث والحركة في الصلاة

- ‌شرود الذهن في الصلاة

- ‌ذكر سجود السهو

- ‌حكم نسيان سجود السهو

- ‌منع السائقين من أداء صلاة الجماعة

- ‌وقت صلاة العشاء

- ‌حكم تأخير الصلاة إلى الليل

- ‌حكم تأخير صلاة الفجر عن وقتها

- ‌حكم التهاون بالصلاة

- ‌المصافحة بعد الصلاة

- ‌قراءة الفاتحة

- ‌صلاة المفترض خلف المتنفل

- ‌إدراك المسبوق للتشهد الأخير

- ‌حكم أخذ المصحف من المسجد ومد الظهر جدا في أثناء السجود، والعبث في الصلاة

- ‌كيفية أداء‌‌ الصلاة في الطائرة

- ‌ الصلاة في الطائرة

- ‌تقسيم الوتر

- ‌الحكمة من إدخال قبر الرسول صلى الله عليه وسلم في المسجد

- ‌حكم الصلاة في مسجد فيه قبر

- ‌حكم الصلاة في المسجد الذي فيه قبر

- ‌وجوب أداء الصلاة في الجماعة

- ‌ترديد الأذان

- ‌من سمع النداء ولم يذهب للمسجد

- ‌فضل الجماعة

- ‌حكم التهاون بصلاة الجماعة

- ‌الصلاة بالثياب الخفيفة الواصفة

- ‌أكل البصل والثوم عند الصلاة

- ‌حكم أكل الكراث والبصل والثوم وإتيان المسجد

- ‌ساعة الإجابة يوم الجمعة

- ‌حكم الذهاب إلى المساجد البعيدة للصلاة خلف القارئ الجيد

- ‌صلاة التراويح

- ‌القرآن يوم الجمعة والابتهالات قبل الفجر

- ‌القراءة قبل صلاة الفجر بمكبرات الصوت

- ‌تنبيه الإمام حتى ينتظر

- ‌انتظار الإمام المأمومين في أثناء الركوع

- ‌المدخنة أمام المصلين

- ‌الصلاة أمام المدفأة

- ‌معيار الإطالة والتخفيف في الصلاة .. السنة وليس الأهواء

- ‌السنة تسوية الصفوف

- ‌استعمال السواك

- ‌المسبوق منفرد فلا يسمح للمار بين يديه

- ‌الإمام حسن الصوت ينشط المصلين

- ‌إمام لا يجيد قراءة القرآن

- ‌حكم إمامة المرأة للنساء

- ‌الصلاة خلف الحليق والمسبل

- ‌حكم إمامة المسبل

- ‌الإطالة في الدعاء

- ‌تتبع الأئمة

- ‌تقليد القراءة في صلاة التراويح

- ‌تغيير الصوت في دعاء القنوت

- ‌دعاء الاستخارة .. متى يكون

- ‌دق جرس الباب وأنا في الصلاة

- ‌أتمم ما نسيت ما دام الوقت قصيرًا

- ‌متابعة الإمام

- ‌السترة أمام المصلي

- ‌الصلاة في الثوب الذي فيه صور

- ‌صلاة الجماعة وتأخير الصلاة

- ‌الصلاة الجهرية والأذان للمنفرد

- ‌لا صلاة لمنفرد خلف الصف

- ‌الائتمام بالمنفرد

- ‌الائتمام بالمنفرد أيضًا

- ‌جلسة الاستراحة ليست واجبة

- ‌الإسراع والركض لإدراك الصلاة

- ‌من أين يبدأ الصف

- ‌المسافر لمدة سنتين هل يقصر الصلاة

- ‌حكم من مات وهو تارك للصلاة والصوم

- ‌مراعاة ترتيب السور عند القراءة

- ‌فعل المكروه وحكم فاعله

- ‌الصلاة جماعة في مبنى منفصل عن الإمام

- ‌ترك النساء الصلاة بحجة العذر كذبًا

- ‌رد السلام أثناء الخطبة

- ‌إذا صلى الإمام وهو جنب

الفصل: ‌الحكم الخامس عشر في الذكر بعد الصلاة

أصل لها في الشرع، مع ما فيها من الإشغال عن الذكر، ولم يفعل ذلك الصحابة رضي الله عنهم ومن سار على نهجهم من سلف هذه الأمة، والمصافحة إنما تشرع عند الملاقاة، لا في أثناء المجالسة.

ومثل ذلك ما يفعله بعض المصلين من الإشارة بالأكف يمنة ويسرة مع التسليم فهو بدعة؛ لأن إحداث هيئة في العبادات لم يرد فيها دليل داخل في مسمى البدعة (1)، والله أعلم.

‌الحكم الخامس عشر في الذكر بعد الصلاة

للذكر بعد الصلاة شأن عظيم، حث عليه النبي صلى الله عليه وسلم، وركب فيه قولًا وفعلًا، وقد دل على ذلك مجمل قوله تعالى:{وَأَدْبَارَ السُّجُودِ} [ق: 40] قال ابن عباس رضي الله عنهما (أمره أن يسبح في أدبار الصلوات كلها)(2).

ولذا قال الإمام النووي رحمه الله: (أجمع العلماء على استحباب الذكر بعد الصلاة، وجاء فيه أحاديث كثيرة صحيحة في أنواع منه متعددة)(3). والذكر بعد الصلاة من المواضع التي يتأكد فيها الذكر (4). فينبغي للمسلم أن يتعلم هذه الأذكار، وأن يحرص على الإتيان بها في مواضعها، وألا تأخذه العجلة، فيتركها، فيفوته خير كثير، كما عليه كثير من الناس اليوم. وسأذكر شيئًا من هذه الأذكار بسياق أحاديثها؛ ليكون المسلم على بصيرة من ذلك -إن شاء الله تعالى- وليحرص على التقيد بالألفاظ الواردة عنه صلى الله عليه وسلم؛ لأن ذلك أكمل في التعبد.

روى ثوبان رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا انصرف من صلاته استغفر ثلاثًا، وقال:"اللهم أنت السلام، ومنك السلام، تباركت ذا الجلال والإكرام"، وفي رواية لحديث عائشة رضي الله عنها:"يا ذا الجلال والإكرام"، قيل للأوزاعي -وهو أحد رواة حديث ثوبان-: كيف الاستغفار؟ قال: تقول: استغفر الله، استغفر الله" (5).

وأما زيادة لفظ (وتعاليت) بعد لفظ تباركت فهي وإن كانت من ألفاظ الثناء على الله تعالى ووردت في أحاديث أخرى، إلا أنه لا أصل لها في هذا الموضع. والله أعلم.

وعن المغيرة بن شعبة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول في دبر كل صلاة مكتوبة: "لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير، اللهم لا مانع لما أعطيت، ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد"(6).

وفى رواية سندها صحيح: "لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد، وهو على كل شيء قدير"، ثلاث مرات (7). وعن أبي الزبير قال: كان ابن الزبير رضي الله عنه يقول في دبر كل صلاة حين يسلم:

(1) انظر: مجموع الفتاوى (23/ 339)، فتاوى العز بن عبد السلام ص (46، 47)، ورسالة:"تمام الكلام في بدعية المصافحة بعد السلام".

(2)

أخرجه البخاري (4852).

(3)

الأذكار ص (66).

(4)

جامع العلوم والحكم لابن رجب ص (421).

(5)

أخرجه مسلم (591)، وحديث عائشة رضي الله عنها (592).

(6)

أخرجه البخاري (844)، ومسلم (593).

(7)

هذه الزيادة عند أحمد (30/ 127)، والنسائي (3/ 71)، وابن خزيمة (1/ 365)، وانظر: فتح الباري (2/ 333)، =

ص: 105

"لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد، وهو على كل شيء قدير، لا حول ولا قوة إلا بالله، لا إله إلا الله، ولا نعبد إلا إياه، له النعمة، وله الفضل، وله الثناء الحسن، لا إله إلا الله، مخلصين له الدين ولو كره الكافرون". وقال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يهلل بهن دبر كل صلاة (1).

فإن كان بعد صلاة المغرب أو الفجر هلّل عشر مرات، لحديث أبي ذر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"من قال دبر صلاة الفجر، وهو ثاني رجليه قبل أن يتكلم: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، يحيي ويميت، بيده الخير وهو على كل شيء قدير، عشر مرات، كتب له عشر حسنات، ومحيت عنه عشر سيئات، ورفع له عشر درجات، وكان يومه ذلك في حرز من كل مكروه وحرس من الشيطان، ولم ينبغ لذنب أن يدركه في ذلك اليوم إلا الشرك بالله"(2). وعن معاذ بن جبل رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذ بيده وقال: "يا معاذ والله إني لأحبك". فقال يا معاذ لا تدعنّ في دبر كل صلاة تقول: "اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك"(3).

وعن سعد بن أبي وقاص أنه كان يعلم بنيه هولاء الكلمات كما يعلم المعلم الغلمان الكتابة، ويقول: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يتعوذ بهن دبر الصلاة. "اللهم إني أعوذ بك من البخل، وأعوذ بك من عذاب القبر"(4). وقد ورد في "الصحيحين" وغيرهما أدعية أخرى. ثم يبدأ المصلي بالتسبيح، وقد ورد في السنة صفات متعددة ومن ذلك:

الصفة الأولى: أن يسبح ثلاثًا وثلاثين، ويحمد ثلاثًا وثلاثين، ويكبر ثلاثًا وثلاثين، ويقول تمام المائة:"لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير".

ودليل ذلك حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من سبح الله في دبر كل صلاة ثلاثًا وثلاثين، وحمد الله ثلاثًا وثلاثين، وكبر الله ثلاثًا وثلاثين فتلك تسعة وتسعون، وقال تمام المائة: لا إله إلا الله وحده لا شريك له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير؛ غفرت له خطاياه وإن كانت مثل

= والسسلة الصحيحة للألباني (196).

(1)

أخرجه مسلم (594).

(2)

أخرجه الترمذي (3474)، والنسائي في "عمل اليوم والليلة"(127)، وهنا لفظ الترمذي، إلا قوله:"بيده الخير" فللنسائي، وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح غريب. ونقله النووي عنه في الأذكار ص (70)، وأقرّه، والحديث رجاله كلهم ثقات، إلا شهر بن حوشب فقد قال عنه الحافظ في التقريب:"صدوق كثير الإرسال والأوهام" ونقل الحافظ في تهذيبه (4/ 325)، عن الترمذي عن البخاري أنه قال: شهر حسن الحديث. وقوّى أمره.

وذكر ابن القطان في "بيان الوهم والإيهام"(3/ 321)، بأنه قد وثقه قوم وضعفه آخرون، ثم قال: ولم أسمع لمضعفيه حجة .. ثم إن الحديث ورد من عدة طرق عن عدد من الصحابة يدل على أنه حفظه.

(3)

أخرجه أبو داود (1522)، والنسائي (3/ 45)، والحاكم (1/ 273)، وهو حديث صحيح كما قال النووي في الأذكار ص (69)، والحافظ ابن حجر في نتائج الأفكار (2/ 297)، وله شواهد تؤيده فانظر (صحيح كتاب الأذكار وضعيفه)، للهلالي (1/ 206).

(4)

أخرجه البخاري (2822)، وهنا على أن المراد بدبر الصلاة: ما بعد السلام، والقول الثاني: أن دبر الصلاة ما قبل السلام. وهذا اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية، كما نقله عنه ابن القيم في (زاد المعاد)، (1/ 305)، وانظر مجموع فتاوى ابن تيمية (22/ 518)، وقال رحمه الله:(المناجاة والدعاء حين الإقبال والتوجه إليه في الصلاة، أما حال الانصراف من ذلك فالثناء والذكر أولى)، وتبعه على ذلك تلميذه ابن القيم كما في الزاد (1/ 257). وانظر فتاوى ابن باز (11/ 194 - 197).

ص: 106

زبد البحر" (1).

الصفة الثانية: ما ورد في حديث كعب بن عجرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "معقبات لا يخيب قائلهن أو فاعلهن دبر كل صلاة مكتوبة: ثلاث وثلاثون تسبيحة، وثلاث وثلاثون تحميدة، وأربع وثلاثون تكبيرة"(2) ومعنى "معقبات": أي: تفعل مرة بعد أخرى في أعقاب الصلاة.

الصفة الثالثة: ما ورد في حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "خلتان لا يحصيهما رجل مسلم إلا دخل الجنة، ألا وهما يسير، ومن يعمل بهما قليل: يسبح الله دبر كل صلاة عشرًا، ويحمده عشرًا، ويكبره عشرًا"، قال: فأنا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يعقدها بيده قال: "فتلك خمسون ومائة باللسان وألف وخمس مائة في الميزان

" الحديث (3).

الصفة الرابعة: أن يسبح خمسًا وعشرين، ويحمد خمسًا وعشرين، ويهلل خمسًا وعشرين، ودليل ذلك حديث زيد بن ثابت رضي الله عنه قال: أمروا أن يسبحوا دبر كلّ صلاة ثلاثًا وثلاثين، ويحمدوا ثلاثًا وثلاثين، ويكبروا أربعًا وثلاثين، فأتي رجل من الأنصار في منامه، فقيل له: أمركم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تسبحوا دبر كل صلاة ثلاثًا وثلاثين، وتحمدوا ثلاثًا وثلاثين، وتكبروا أربعًا وثلاثين؟ قال: نعم. قال: فاجعلوا خمسًا وعشرين، واجعلوا فيها التهليل، فلما أصبح أتى النبي صلى الله عليه وسلم فذكر ذلك له، فقال:"اجعلوها كذلك"(4).

والأفضل أن يأتي المصلي بهذه الصفة تارة، وبهذه تارة أخرى، لما تقدم في العبادات الواردة على صفات متعددة.

والأفضل أن يكون عد التسبيح بالأنامل -وهي الأصابع- لدلالة السنة على ذلك -كما سيأتي إن شاء الله- وقد درج على ذلك الصحابة رضي الله عنهم ومن تبعهم بإحسان إلى يومنا هذا -ولله الحمد- وهو أولى من استعمال السبحة ونحوها، فإنه أقرب إلى الإخلاص، وأبعد عن الرياء، وأدعى إلى حضور القلب. وللمصلي أن يعقد التسبيح بكلتا يديه؛ لما تقدم في حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال:(فأنا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يعقدها بيده) ولفظ، "اليد" للجنس، فيراد به: اليدان، وفى بعض ألفاظ الحديث:(ولقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يعقدها هكذا) وعدّ بأصابعه (5).

(1) أخرجه مسلم (597).

(2)

أخرجه مسلم (596).

(3)

أخرجه البخاري (6329)، بلفظ آخر من طريق سمي عن أبي صالح عن أبي هريرة، وأخرجه بهذا اللفظ أبو داود.

(4)

أخرجه أحمد (5/ 184، 190)، والنسائي (3/ 76)، والحاكم (1/ 253)، وقال: صحيح الإسناد. ووافقه الذهبي، وله شاهد من حديث ابن عمر عند النسائي (3/ 76). وسنده حسن.

(5)

ورد عند أبي داود (1502)، من طريق محمد بن قدامة، حدثنا عثام عن الأعمش عن عطاء بن السائب عن أبيه به، بلفظ:"بيمينه" وهي لفظة تفرد بها محمد بن قدامة -شيخ أبي داود- مخالفًا بذلك بقية الرواة الآخذين عن عثام الذين رووا الحديث بمثل لفظ الجماعة -أقران الأعمش- أمثال: شعبة وسفيان الثوري وإسماعيل بن علية، وغيرهم ممن هم جبال في الحفظ والإتقان، وكلهم لا يذكرون لفظة "بيمينه"، وعليه فهي شاذة غير محفوظة؛ لأن قاعدة المحدثين أنه إذا اتحد مخرج الحديث امتنع الحمل على التعدد، وهذا الحديث متحد المخرج -كما تقدم- ومثل هذه الزيادة لا تقبل إذا خالف الراوي من هم أكثر منه عددًا، أو كان فيهم من هو أحفظ منه، وكلا الأمرين موجود هنا، ولو كانت هذه اللفظة محفوظة لما غفل عنها الجمهور من رواة الحديث، يقول شيخ المفسرين الحافظ محمد بن جرير الطبري رحمه الله:(والحفاظ الثقات إذا تتابعوا على نقل شيء بصفة، فخالفهم واحد منفرد ليس له حفظهم، كانت الجماعة الأثبات أحق بصحة ما نقلوا من الفرد الذي ليس له حفظهم). انظر: رسالة: "لا جديد في أحكام =

ص: 107