الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
درجة هذا الحديث:
هذا الحديث من زوائد ابن ماجة في سننه (1) رواه بسنده إلى ابن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم. وهو حديث حسن بمجموع طرقه. كما حكم بذلك الحافظان ابن حجر (2) ، والسخاوي (3) .
وجه الاستدلال منه:
ووجه الاستدلال منه هو أن يقال: أن الحديث يفيد بمنطوقه، أن التائب من الذنب يساوي الذي لا ذنب له، والذي لا ذنب له لا عقاب عليه، فلا عقاب إذا على التائب مما يوجب حداً إذا تاب قبل القدرة عليه لتمحض صدقه في توبته والله أعلم.
4-
استدلاله بقياس الأولى:
قال ابن القيم رحمه الله تعالى (4) .
(نص الشارع، على اعتبار توبة المحارب قبل القدرة عليه، من باب التنبيه على اعتبار توبة غيره قبل القدرة عليه، بطريق الأولى، فإنه إذا دفعت عنه توبته حد حرابة مع شدة ضررها وتعديه، فلأن تدفع التوبة عنه ما دون حد الحرابة بطريق الأولى والأحرى وقد قال الله تعالى (قل للذين كفروا إن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف) .
وقال أيضاً (5) : (وقد نص الله على سقوط الحد عن المحاربين بالتوبة التي
(1) انظر: سنن بن ماجة 2/1420.
(2)
انظر: فيض القدير للمناوي 3/276، والزوائد على سنن بن ماجة 2/ 1420.
(3)
انظر: المرجعين السابقين 3/ 276.
(4)
انظر أعلام الموقعين 2/78.
(5)
انظر: أعلام الموقعين 3/19
وقعت قبل القدرة عليهم مع عظيم جرمهم، وذلك للتنبيه على سقوط ما دون حد الحراب بالتوبة الصحيحة بطريق الأولى) .
وهذا قياس واضح الأولوية جلي الدلالة: فإنه ذكر الفرع المقيس: وهو توبة غير المحارب قبل القدرة عليه. وذكر الأصل المقيس عليه: وهو توبة المحارب قبل القدرة عليه. وذكر العلة الجامعة: وجود التوبة قبل القدرة وإزالتها للجريمة. وذكر الحكم: وهو: سقوط الحد.
وبين أنه قياس الأولى: لأن الحرابة أشد ضرراً من سائر الحدود وقد قبلت وقد أسقطت توبة المحارب حد الحرابة عنه. والضرر في سائر الحدود عدا الحرابة أقل منها ضرراً والله أعلم.
القول الثاني: أن توبة غير المحارب قبل القدرة عليه لا تسقط الحد عنه. وبه قال: أبو حنيفة، ومالك، والشافعي في أحد قوليه، وأحمد في إحدى الروايتين عنه (1) .
أدلته:
استدل لهذا القول بأدلة أهمها ما يلي:
1-
من القرآن الكريم:
استدل بعموم آيات إقامة الحدود في القرآن نحو قوله تعالى (2)(الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة) الآية وقوله تعالى (3)(والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما) وقوله تعالى (4) (والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة
(1) انظر: المغني مع الشرح الكبير 10/316- 317.
(2)
من الآية رقم 2 سورة النور.
(3)
من الآية رقم 38 سورة المائدة.
(4)
من الآية رقم 4 سورة النور.
شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة) . فهذه الآيات عامة في التائبين وغيرهم، إذا فالتوبة قبل القدرة لا تسقط الحد عن التائب والله أعلم (1) .
مناقشة هذا الدليل:
وهذا الدليل مناقش بأن هذا من العموم المخصّص، وقد قام الدليل على المخصّص من السنة بسقوط الحد عن التائب قبل القدرة عليه والله أعلم. 2- من السنة (2) :
واستدل من السنة بأحاديث الذين جاءوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم تائبين يطلبون التطهير بإقامة الحد كماعز (3) رضي الله عنه والغامدية رضي الله عنها [فأقام](*) صلى الله عليه وسلم عليهم الحد وهم تائبون قبل القدرة عليهم فلو كانت التوبة قبل القدرة مسقطة للحد لم يحدهم صلى الله عليه وسلم.
مناقشة هذا الاستدلال:
وقد ناقش ابن القيم رحمه الله تعالى هذا الاستدلال وبين ضعف هذا المسلك في فهم أحاديث هؤلاء، وأن كلّ واقعة منها لا تدل إلا على أن النبي صلى الله عليه وسلم حد صاحبها باختياره حيث اختار التطهير بالحد، ولم يكتف بالتطهير بالتوبة. فالحد غير. متعين والحالة هذه، ولو كان متعيناً لما قال في حق ماعز (هلاّ تركتموه) . وفي بيان هذا يقول رحمه الله تعالى (4) : (فإن قيل: فماعز جاء تائباً، والغامدية جاءت تائبة، وأقام عليهم الحد.
(1) انظر: المغنى مع الشرح الكبير 10/316- 317.
(2)
انظر: المغني مع الشرح الكبير 10/316، وأعلام الموقعين 2/79. (3) هو: ماعز بن مالك الأسلمي رضي الله عنه (انظر: الإصابة 3/317) . (4) انظر: أعلام الموقعين 2/79.
(*) قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: في المطبوع (فأثام)