الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
توطئة
في تعريف (الزنى) في اللسانين اللغة والشرع.
تعريفه لغة: (1)
فيه لغتان:
الأولى: أنه اسم ممدود فيقال: الزناء. وهي لغة أهل نجد، وقيل [لبني] (*) تميم منهم خاصة ومنه:
أما الزناء فإني لست قاربه
…
والمال بيني وبين الخمر نصفان
الثانية: أنه اسم مقصور، فيقال: الزنى. وهي لغة أهل الحجاز. وبها ورد القرآن الكريم.
والأصل أن تكتب هكذا (الزنى) بألف مقصورة. وعليه جرى الرسم في القرآن في قوله تعالى (3)(ولا تقربوا الزنى) الآية.
(1) انظر: معجم مقاييس اللغة 3/16- 17. واللسان لابن منظور 14/360. ومقصد النبيه للنووي ص/139. والمفردات للراغب ص/215، والمطلع على أبواب المقنع ص/ 370.
(2)
من الآية رقم 32 سورة الإسراء.
(*) قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: في المطبوع (لنبي)
ويجوز لغة أن تكتب هكذا (الزنا) بألف.
وعلى كلا اللغتين: القصر والمد: فهو مصدر، زنى يزنى زناء بالمد أو زنى بالقصر والنسبة إليه: زنوى.
وجعه: زناة.
واسم الفاعل منه: زان.
؟ يقال للرجل (زاني) وللمرأة (زانية) ومنه قوله تعالى (1)(الزانية والزاني فاجلدوا كلّ واحد منهما مائة جلدة) الآية.
هذه هي المادة من حيث تصريفها اللغوي أما من حيث معناها في لغة العرب فهي تطلق على معان:
الأول: الزنى بمعنى: الضيق (3) .
ومنه قيل للحاقن (زناء) بوزن (جبان) لأنه يضيق ببوله.
ومنه أيضاً، يقال زنأ في الجبل يزنأ إذا صعد لأنه يضيق بذلك نفسه.
الثاني: يطلق (الزنى) على ما دون مباشرة المرأة الأجنبية من غير عقد شرعي. فزنا العين: النظر.
وزنا اللسان: النطق.
وزنا اليد: اللمس.
َهكذا.
كما في حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (كتب على
(1) من الآية رقم 2 سورة النور.
(2)
انظر: المفردات ص/315، ومختار الصحاح ص/375.
ابن آدم نصيبه من الزنى لا محالة العينان: زناهما النظر، والأذنان: زناها الاستماع، واللسان زناه الكلام، واليد: زناها البطش، والرجل: زناها الخطى، والقلب يهوى؟ يتمنى، ويصدق ذلك الفرج أو يكذبه) رواه مسلم (1) .
الثالث: الزنى، بمعنى: وطء المرأة من غير عقد شرعي (2) .
وهذا هو المعنى المراد منه في القرآن الكريم كما في قوله تعالى (3) (يا أيها النبي
إذا جاءك المؤمنات يبايعنك على أن لا يشركن بالله شيئاً ولا يسرقن ولا يزنين) الآية.
وقوله تعالى (4)(ولا تقربوا الزنى أنه كان فاحشة) الآية.
وعلى هذا المعنى عامة نصوص الوعيد على الزنى في السنة المشرفة (5) وهو المعنى المراد عند أهل العلم من المحدثين والفقهاء في قولهم (باب حد الزنى) أو (باب الزنى) .
تعريفه في الاصطلاح:
وهذا التعريف: اللغوي لماهية الزنى من أنه (وطء المرأة من غير عقد شرعي) . هو أصل في تعاريف أهل الاصطلاح.
والاختلاف الحاصل في التعاريف إنما هو من حيث القيود الواردة شرعاً فمنها
ما هو مطلوب التحقق في الفاعل ومنها ما هو مطلوب تحققه في الفعل نقسه. ومن
(1) انظر: صحيح مسلم بشرح النووي 16/205، ورواه البخاري مختصراً: انظر: الترغيب والترهيب للمنذري 3/ 36 ط الثالثة سنة 1388 هـ في بيروت.
(2)
انظر: المفردات ص/315. والمطلع ص/370- 371
(3)
الآية رقم 12 سورة الممتحنة.
(4)
من الآية رقم 32 سورة الإسراء.
(5)
ومنه حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا يزنى الزاني حين يزني وهو مؤمن الحديث (انظر: صحيح البخاري مع شرحه فتح الباري 12/58 - 59) .
حيث أيضاً شموله للوطء في الدبر من رجل أو امرأة أو عدم شموله. إذا علم ذلك فهذا طرف من التعريفات المذهبية للزنى:
الحنفية:
قال ابن الهمام (1) :
(الزنا: إدخال المكلف الطائع قدر حشفة، قبل مشتهاة حالاً أو ماضياً بلا ملك وشبهته، أو تمكينه من ذلك أو تمكينها) .
وقال الجرجاني (3) :
(الزنا: الوطء في قبل خال عن ملك وشبهة)
المالكية:
قال خليل (3) :
(الزنا: وطء مكلف مسلم فرج آدمي لا ملك له فيه باتفاق تعمداً) .
وقال ابن عرفة (4) :
(الزنا:- الشامل للواط - مغيب حشفة آدمي في فرج آخر دون شبهة حله عمداً) .
(1) انظر: فتح القدير 9/134.
(2)
انظر: التعريفات ص/ 101.
(3)
انظر مختصر خليل مع شرحه جواهر الإكليل 3/383. وخليل: هو الشيخ خليل بن إسحاق بن موسى الجندي المالكي المتوفى سنة 776 هـ. (انظر: الدرر الكامنة 2/86، والأعلام 2/364) .
(4)
انظر: الحدود له مع شرحه للرصاع التونسي ص/492. وابن عرفة: هو أبو عبد الله محمد بن محمد بن عرفة المالكي التونسي توفي سنة 803 هـ. وسنة وفاته توافق بالأبجد شهرته (ابن عرفة)(انظر ترجمته آخر الشرح ص/540- 543، الأعلام 7/272) .
الشافعية:
قال النووي (1) :
(إيلاج الذكر بفرج محرم لعينه خال من الشبهة مشتهى طبعاً) .
الحنابلة
قال المجد ابن تيمية (2) :
(الزنا: هو تغييب حشفة في قبل أو دبر حراماً محصناً) .
الترجيح:
وهذه التعاريف لدى المالكية والشافعية والحنابلة تشمل الوطء في الدبر (اللواط) وسيأتي في أخريات المباحث إن شاء الله تعالى أن الوطء في الدبر لا يسمى زنى، وأن حكمه مغاير لحكم الزنى فهو (القتل بكل حال) .
وعليه فإن أقرب التعاريف لحد الزنى من حيث المصادر (لحد الزنى شرعاً)
هو تعريف الحنفية كما ذكره ابن الهمام والجرجاني وأولى التعريفين تعريف الجرجاني لأن الزوائد في تعريف ابن الهمام من باب الشروط والشروط لا دخل لها في التعاريف.
فتحرر إذاً أن أمثل التعاريف للزنى هو أن يقال:
(الزنى: هو الوطء في قبل خال عن ملك وشبهة) والله أعلم.
(1) انظر: المنهاج مع شرحه نهاية المحتاج للرملي 7/402 نشر المكتبة الإسلامية بيروت.
(2)
انظر: المحرر 2/53 ط سنة 1369 بمطبعة أنصار السنة بمصر. والمجد: هو مجد الدين أبو البركات عبد السلام بن عبد الله بن الخضر النمَيري جد شيخ الإسلام أحمد بن عبد الحليم بن عبد السلام ابن تيمية رحمهم الله تعالى توفي سنة 652 هـ. (انظر: جلاء العينين للألوسي ص/ 18، والأعلام 4/130) .
مباحِث ابن القيم في الزّنى
جرت عادة العلماء بحث أحكام اللواط ووطء البهيمة في باب حد الزنى بجامع الوطء المحرم في كلّ منها.
وبالتتبع حصل أن مباحث ابن القيم رحمه الله تعالى في هذا على ما يلي:
المبحث الأول: في الاعتراض على عقوبة الزنى ورده.
المبحث الثاني: حكمة التشريع في تحريم الزنى.
المبحث الثالث: سد الذرائع الموصلة إلى الزنى.
المبحث الرابع: في خصائص حد الزنى.
المبحث الخامس: حكمة تحصين الرجل بالحرة دون الأمة.
المبحث السادس: في اشتراط الإسلام في الإحصان.
المبحث السابع: في عقوبة الزاني المحصن.
المبحث الثامن: في عقوبة من زنى بجارية امرأته.
المبحث التاسع: في عقوبة من زنى بذات محرمة.
المبحث العاشر: في إقامة حد الزنى بالقرينة الظاهرة.
المبحث الحادي عشر: في ذكر حيل لإبطال حد الزنى وإبطالها.
المبحث الثاني عشر: في ذكر حيلة جائزة لإبطال الشهادة على الزنى.
المبحث الرابع عشر: في مفاسد اللوطية الصغرى.
المبحث الخامس عشر: في مفاسد اللواط وإن مفسدته أعظم من كلّ ذنب بعد الشرك.
المبحث السادس عشر: في عقوبة اللواط.
المبحث السابع عشر: في عقوبة من وطئ بهيمة.